ونسيت أنها أنثى - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > قسم الإبداع > قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية

قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء في كتابة القصص والرّوايات والمقامات الأدبية.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ونسيت أنها أنثى

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-10-27, 17:50   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
صبرينة لوتس
عضو محترف
 
الصورة الرمزية صبرينة لوتس
 

 

 
إحصائية العضو










Rosiecheeks ونسيت أنها أنثى

كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، عندما عادت " أمل" رفقة أخيها تحمل ابنها الرضيع ذو التسعة أشهرنائما بين ذراعيها ، بعدما زالت عنه الحمى حيث عولج بالمستشفى لمدة 24 ساعة .
دخلت "أمل "غرفتها في الطابق الأرضي وصعد أخوها الطابق العلوي وقدماه لا تكاد تلامس البلاط لكي لا يتسبب في إيقاظ عائلته.
لكنه لم يتوقع وجود زوجته في انتظاره على غير عادتها وهي تستقبله بصراخها المزعج عند باب غرفة الاستقبال قائلة : " ما بك ؟ ما الذي أصابك ؟ ....انظر كم الساعة ....هل نسيت أن لك عائلة ؟....أختك ....أختك ....دائما أختك.....وأنا وأولادك أليس لنا نصيب ؟....سئمت منك ومن تصرفاتك ...سئمت ....سئمت ..."
اختار أحمد الصمت بدل الرد على تذمرها وهو ينزع معطفه الشتوي ويدخل غرفة النوم ويغلق بابها وارتمى على فراشه من فرط التعب الذي أنهكه من شدة الركض في المستشفى .
هو لايمتلك نفس طاقة زوجته المولوعة بالثرثرة والصراخ لأبسط الأمورومشاهدة المسرحيات التافهة على أنغام طرطقة فقاعات اللبان وهي تحركه بين فكيها .
اخترقت ذبذبات صوتها غرفة أحمد واضطر أن يغطي رأسه بوسادته ليتمكن من النوم بسلام .
سكون الليل ضاعف من ذبذبات هذا الصوت المزعج ، فكانت الكلمة بكلمتين والصرخة بصرختين حيث ملأ أرجاء المسكن كله .
اختارت هذه الذبذبات أن تستقر في غرفة "أمل "التي لم تخلد بعد للنوم وهي تتفقد درجة حرارة جسم رضيعها بين الحين والآخر .
مرّ صراخ زوجة أخيها عبر فؤادها وهو يشقه شقا كسكين حادة .
بقي الصوت بأذنيها يرن ويرن فحاولت أن تسكته براحة يديها واضعة إياها على أذنيها لكن الصوت أبى أن يفعل .
استلقت إلى جانب ابنها ، احتضنته وضمته إلى صدرها فنزلت دموعها كحبات مطر على وجهه الجميل البريء .
تمنت "أمل" في هذه اللحظة وجود أبويها إلى جانبها لكنهما توفيا ولم يبق لها منهما
سوى الذكرى ورائحتهما بهذا المسكن الذي تقطنه مع أخيها ، حيث ورثته عن أبيها وهي تعيش فيه بعد طلاقها من زوجها قبل أشهر .
كان زواجها من ذلك الشاب خطأ عمرها الذي ارتكبته ، وهي تدفع ثمنه بالثانية والدقيقة .
بعد مرور شهر من زواجها ، اكتشفت "أمل " أن زوجها ليس بالرجل المناسب لها
كان اختلافها معه في النظرة للحياة في حد ذاتها ، في استهتاره وعدم تحمله للمسؤولية ، وساعده في ذلك " الأورو " الذي يضخ إليه من أبيه المهاجر بفرنسا فيملأ قلبه قبل رصيده .
وهي حامل بابنه في شهرها الخامس ، استمعت بالصدفة لحديثه مع احدى صديقاته
وهو يكلمها عبر الهاتف في انسجام تام بينهما .
فضلت يومها الصمت ، لكن الأمر تكرر مرارا بلا مبلاة أو مراعاة لمشاعرها فقررت مواجهته بالأمرومصارحته .
فكان جوابه أكثر استهتارا من تصرفاته وأجابها صارخا في وجهها : "....أنا حر أفعل ما أريد ....ولا أريدك أن تتدخلي في أموري الخاصة هل فهمت ....إن لم يعجبك الوضع عليك بالرحيل.... بيت أهلك في انتظارك ....."
كان وقع هذه الكلمات كالصاعقة عليها ، سقطت" أمل" مغشيا عليها ولم تستفق إلا والطبيبة والممرضات حولها، سألت عن زوجها فردت عليها إحداهن قائلة : ......"زوجك رحل منذ ساعة تقريبا " ، اتصلت بأخيها فقام بإخراجها من المستشفى نحو بيته .
مرّالشهر الأول فالثاني ولا أثر لزوجها ، انتظرت أن يتصل بها ليسأل عنها ويعيدها لبيت الزوجية لكنه لم يفعل ، وبعد فترة وصلتها وثيقة من المحكمة تنبؤها ببدء إجراءات الطلاق .
مرّهذا الشريط على ذاكرتها وهي تضع يدها على قاطعة النور لتطفئه استعدادا للنوم .

***

بزغ فجر يوم جديد ، و"أمل" تجهز ابنها لتأخذه عند جارتها التي اعتادت الاهتمام به في أوقات دوامها.
تناولت فطورها بسرعة البرق كي لاتصل متأخرة لعملها .
"......لاتنسي....انتبهي.....قسي درجة حرارة جسمه من وقت لآخر .......إن لاحظت أن حالته بدأت تسوء اهتفي .....إلى اللقاء ......لاتنسي آ....."
وهي تودع جارتها قالت كل هذه الكلمات في ثانية واحدة لأن قلب الأم الذي تحدث وليس لسانها ، وما كان على جارتها سوى الإيماء لها بالإيجاب بتحريك رأسها تارة
وإجابتها تارة أخرى قائلة : "اطمئني ....سأفعل ......لاعليك.......فهمت ...."
خرجت مسرعة لتصل قبل بداية الدوام لكنها وصلت متأخرة قليلا ، ألقت السلام على زميلاتها الثلاث اللواتي يقاسمنها نفس المكتب .
وضعت حقيبتها الصغيرة على مكتبها ، وشرعت في نزع معطفها وما إن استدارت ورفعت رأسها حتى وجدته واقفا أمامها رافعا صوته : " ألم أقل لك أن التأخر عن الدوام غير مسموح به يا سيدة......."
لم تأخذ "أمل " راحتها يوما مع مديرها هذا الذي لا يجد عملا سوى اقتناص أخطائها.
ردت عليه بهدوء : " ...كان ابني مريضا و...."
قاطع كلامها وهو عائد باتجاه مكتبه قائلا : " أنتم النساء ....اليوم ابني مريض وغدا أنا حامل وبعد غد عندي وليمة ......"
بعد أن تأكدت من اختفائه عن الأنظار، ارتمت على مقعدها وتنفست الصعداء وهي ترمق زميلاتها اللواتي يراقبنها في صمت .
وجاء الآن دورها لتصرخ هي الأخرى بالضرب على مكتبها براحة يديها رافعة صوتها موجهة صراخها نحو زميلاتها : " مابه ......ما الذي يريده مني ....سأترك يوما هذه الوظيفة بسببه .....تعبت ...تعبت...."
صرختها هذه هي في حد ذاتها تنفيس عن همومها وعن الضغوطات التي تتلقاها يوميا .
بعد أن هدأت نطقت إحدى زميلاتها مازحة تريد التخفيف عنها : " لو قبلت عزومته ذلك اليوم وقبلت مكالماته الهاتفية بعد منتصف الليل لكنت الآن الأميرة علينا "
نظرت إليها والشرر يتطاير من عينيها ولم تجد سوى كومة من ورق على مكتبها فقذفتها بها وتناثرت الأوراق حول زميلتها وانفجر الكل ضاحكا .
امتلأت الغرفة ضحكا لكن ضحكات " أمل " تحولت إلى هستيريا الضحك لتنسيها همومها و بعضا من آلامها .
بعد نهاية الدوام فضلت أن تشتري بعض الهدايا لزوجة أخيها وأبناءه حتى تخفف من حدة تذمرها .

***

مرت الأيام والسنين سريعة سارقة من عمرها ومن شبابها ، لم تشعر"أمل " بمرور الزمن وحتى إلى حين ذلك الصباح الخريفي وهي توصي ابنها في أول يوم له في المدرسة قائلة له : " كن مأدبا....لاتنسى أن تلقي السلام على معلمتك ...."
عادت أدراجها بعدما اطمأنت عليه وهو داخل القسم .
دخلت غرفتها لتسترخي قليلا وما إن جلست على مقعدها حتى قابلتها مرآتها وهي تعكس صورتها .
انتبهت ، اقتربت منها وأناملها تلامس وجهها متفقدة ما تركته الثلاثون سنة التي مرت عليه، بعد أن فضلت البقاء وحيدة حتى نسيت أنها أنثى ، لكن كل ما فيها
كان ينطق بالأنثى وهي تداري أنوثتها مقابل أن تربي ابنها في أمان وسلام ، مانعة قلبها من الخفقان وروحها من الطيران .
كسر صوت زوجة أخيها هدوءها وهي تدخل غرفتها حيث لاتترك فرصة إلا استغلتها لصالحها قائلة : " عشائنا اليوم عندك عزيزتي بمناسبة اليوم الأول لدخول ابنك إلى المدرسة "
ردت عليها بروح صبورة : " لك ما تريدين على الرحب والسعة " .

***

في عطلة الأسبوع اختارت " أمل " أن تخرج في فسحة مع ابنها باحدى الحدائق
فضل ابنها اللعب بالأرجوحة مباشرة بعد وصولهما إلى هناك ، وهي تأرجحه سرحت بفكرها قليلا إذ بصوت ابنها : " هيا أمي ادفعي بقوة ...أقوى ...أقوى ..."
دفعته دفعة قوية وقبل أن تعود الأرجوحة إلى نقطة البداية سألت نفسها "ترى كم من الزمن يجب ان أدفعه حتى أرى ابني رجلا " .
عاد ذهنها من الشرود على صوت صخب يحدثه رجل في الأربعين من عمره ، وهو يلعب كرة القدم مع طفل يقارب العاشرة من عمره .
أوقفت الأرجوحة وطلبت من ابنها ان لايتحرك من مكانه إلى حين عودتها واتجهت نحوهما بخطى متسارعة ، اقتربت وهي تقول في غضب : " ألا يمكنكما اللعب بهدوء أنتما تحدثان ضجة كبيرة "
قذف الرجل بالكرة فحملها الطفل بين يديه سائلا ألا نواصل اللعب يا أبي "
أشار الأب لابنه بيده طالبا منه الانتظار ورد على" أمل " : " من الأدب إلقاء السلام قبل الحديث إلينا أيتها السيدة المحترمة "
أجابته وهي تغلي كالبركان : "وهل تركتما لنا عقلا من فرط هذه الضجة "
رد قائلا : "يا سيدتي هذه حديقة عامة والكل هنا يلعب كما يحلو له "
ردت بسخرية : " يا سلام ..... الكل يلعب كما يحلو له ...طيب "
اقتربت أكثر نحو الطفل ونزعت منه الكرة وقذفتها بعيدا وقالت : إلحق بها إذن أيها المغرور "
رد عليها بابتسامة عريضة : " أنا مغرور ...سأقبلها فقط لأنها جاءت من سيدة رقيقة مثلك "
عادت أدراجها وهي تردد :" ما هذا ؟؟....... مغرور ووقح أيضا ....."
لكنها لم تكن تدري أن ذلك المغرور والوقح أيضا هو قدرها الذي اختارها .

انتهى

بقلم قطرات قطر الندى ( قصة خيالية )









 


آخر تعديل لوز رشيد 2016-02-14 في 19:32.
 

الكلمات الدلالية (Tags)
أوتي, منها, ونصيب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:25

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc