|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الجن وصفاتهم وسبل الوقاية منهم
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2015-03-05, 20:00 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
الجن وصفاتهم وسبل الوقاية منهم
تعريف الجن: لغة واصطلاحًا الجن لغة: اسم جنس جمعي، واحده جني، وهو مأخوذ من الاجتنان، وهو التستر والاستخفاء. وقد سموا بذلك لاجتنانهم من الناس فلا يرون([1])، والجمع جنان، وهم الجنة([2]). وكل شيء وقيت به نفسك، واستترت به فهو جنة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري في كتاب الصوم: «والصيام جنة» أي وقاية، حيث يقي صاحبه من المعاصي. وسمي الجنين جنينًا لاستتاره في بطن أمه، ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ}([3])([4]). وسميت الجنة – بفتح الجيم – بذلك لكثرة شجرها، بحيث يستر بعضها بعضًا([5]). وأما الجن اصطلاحًا فهم: نوع من الأرواح العاقلة المريدة المكلفة على نحو ما عليه الإنسان، مجردون عن المادة، مستترون عن الحواس، لا يرون على طبيعتهم وصورتهم الحقيقية، يأكلون ويشربون ويتناكحون، ولهم ذرية، محاسبون على أعمالهم في الآخرة([6]). فإن قال قائل: وما الفرق بين الجن والشياطين؟ فالجواب: أن الشياطين هم مردة الجن، ومنه قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ...} الآية ([7]). وواحد الشياطين شيطان، مأخوذ من شطن بمعنى بعد ولا يقتصر هذا اللفظ على مردة الجن فقط، بل يطلق كذلك على كل عارم ومؤذ من الجن والإنس، قال الله تعالى: {شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ}([8])، وقال سبحانه عن المنافقين: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ}([9]) أي إلى أصحابهم من الجن والإنس([10]). حكم الإيمان بوجود الجن إن قال قائل: وما حكم الإيمان والاعتراف بوجود الجن؟ وهل على من أنكر وجودهم ذنب؟ فالجواب أن يقال: قد دل الكتاب العزيز والسنة المطهرة على وجودهم – كما سيأتي- ودل عليه كذلك الإجماع، وعليه فإنه لا يجوز لأي أحد من الناس إنكارهم، ولذا قال جمع من أهل العلم: إنه يكفر من أنكرهم، ففي كتاب «الفصل في الملل والأهواء والنحل»([11]) لابن حزم قوله: «وأجمع المسلمون كلهم على ذلك – أي على وجود الجن وأنهم خلق من خلق الله – نعم والنصارى والمجوس والصابئون وأكثر اليهود حاشا السامرة فقط، فمن أنكر الجن أو تأول فيهم تأويلاً يخرجهم به عن هذا الظاهر, فهو كافر مشرك حلال الدم والمال». وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا في أن الله أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم إليهم، وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن، أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرون بهم كإقرار المسلمين، وإن وجد فيهم من ينكر ذلك كما يوجد في طوائف المسلمين كالجمهية والمعتزلة من ينكر ذلك، وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرين بذلك؛ وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترًا معلومًا بالاضطرار، ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون، ليسوا صفات وأعراضًا قائمة بالإنسان أو غيره كما يزعم بعض الملاحدة، فلما كان أمر الجن متواترًا عن الأنبياء تواترًا ظاهرًا، تعرفه العامة والخاصة لم يمكن طائفة كبيرة من الطوائف المؤمنين بالرسل أن تنكرهم، كما لم يمكن لطائفة كبيرة من الطوائف المؤمنين بالرسل إنكار الملائكة، ولا إنكار معاد الأبدان، ولا إنكار عبادة الله وحده لا شريك له، ولا إنكار أن يرسل الله رسولاً من الإنس إلى خلقه، ونحو ذلك مما تواترت به الأخبار عن الأنبياء تواترًا تعرفه العامة والخاصة، كما تواتر عند العامة والخاصة مجيء موسى إلى فرعون، وغرق فرعون، ومجيء المسيح إلى اليهود وعداوتهم له، وظهور محمد صلى الله عليه وسلم بمكة وهجرته إلى المدينة، ومجيئه بالقرآن والشرائع الظاهرة، وجنس الآيات الخارقة التي ظهرت على يديه، كتكثير الطعام والشراب، والإخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة التي لا يعلمها بشر إلا بإعلام الله وغير ذلك ([12]). * * * * ([1]) أي لا يرون على طبيعتهم وصورتهم الحقيقة كما سيأتي في تعريفهم، وبذلك يعلم عدم التعارض بين هذا القول، وما ورد أنهم يتشكلون في صور البشر، والحيات والكلاب وغير ذلك وبذلك يفهم قول الشافعي: «من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته» أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (9/141) فإنه يريد على طبيعتهم وصورتهم الحقيقية. ([2]) انظر «القاموس المحيط» ص1532، مادة (جنن)، و «لسان العرب» (13/95). ([3]) سورة النجم: 32. ([4]) انظر «المفردات» ص98. ([5]) انظر «تهذيب اللغة» للأزهري (10/499). ([6]) انظر «الفصل في الملل والأهواء والنحل» لابن حزم (5/12)، و «فتح الباري» (6/344)، و «فيض القدير» (1/113) ([7]) سورة البقرة: 102. ([8]) سورة الأنعام: 112. ([9]) سورة البقرة: 14. ([10]) المفردات للراغب الأصفهاني، وانظر «فتح الباري» (6/344). ([11]) (5/12). ([12]) «مجموع الفتاوى» (19/10، 11).
|
||||
2015-03-05, 20:24 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
صفات الجن إن الناظر في عالم الجن الكبير لا يمكنه معرفتهم معرفة جيدة حتى يدرس أوصافهم التي وردت في الكتاب العزيز وفي السنة الصحيحة، ولذا كان لابد من الحديث عن أوصافهم بوضوح، وأنا مبين ذلك في الأمور التالية: 1- أنهم خلقوا من نار، قال الله عز وجل: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ}([1])، وقال: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}([2]). وأخرج مسلم في كتاب الزهد والرقاق من صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم». 2- أنهم أقدم خلقًا من الإنس، قال الألوسي في تفسيره «روح المعاني»([3]) عند قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ}([4]): «وتقديم الجن؛ لأنهم أعرف من الإنس، وأكثر عددًا، وأقدم خلقًا». 3- أنهم يأكلون ويشربون، ودليل ذلك ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب الأشربة من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله». وثبت في سنن أبي داود، كتاب الطهارة، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «قدم وفد الجن على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، انهَ أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة، فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقًا، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك». والحممة: الفحمة. وقد قيل: إن طعام المؤمنين منهم ما ذكر اسم الله عليه، وطعام الكفار ما لم يذكر اسم الله عليه، قاله عماد الدين العامري في كتابه «بهجة المحافل». وقال ابن عبد البر معلقًا على ما ذكر في السنة من أن طعام الجن العظم والروثة، وشرابهم الجدف، وهي الرغوة والزبد , هذه أشياء لا تدرك بعقل، ولا تقاس على أصل، وإنما فيه التسليم لمن آتاه الله من العلم ما لم يؤتنا وهو نبينا صلى الله عليه وسلم وقال: «ويحتمل أن الجن كلهم يأكلون ويشربون ويحتمل أن يكون بعضهم»([5]). وجاء في شرح الزرقاني: وقال ابن العربي: «من نفى عن الجن الأكل والشرب فقد وقع في حبالة إلحاد وعدم رشاد، بل الشيطان وجميع الجان يأكلون ويشربون وينكحون ويولد لهم، ويموتون، وذلك جائز عقلاً، وورد به الشرع، وتظافرت به الأخبار فلا يخرج عن هذا المضمار إلى حمار، ومن زعم أن أكلهم شم فما شم رائحة العلم، وقال صاحب آكام المرجان: «العمومات تقتضي أن كل أصناف الجن يأكلون ويشربون». اهـ. 4- أنهم يتناكحون ويتناسلون، ولهم ذرية. قال الله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي}([6])، قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: «وذرية إبليس: الشياطين الذين يغرون بني آدم»([7])، وأخرج بسنده عن مجاهد {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي} قال: ذريته: هم الشياطين»([8]). ومما يستدل به على أن الجن يتناكحون ويتناسلون ما ثبت في الصحيحين وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي وأبي داود، عن أنس بن مالك رضي الله عنهقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» قال في «عون المعبود شرح سنن أبي داود»([9]): «قال الخطابي: الخبث الشياطين وإناثهم الخبث بضم الباء جماعة الخبيث، والخبائث جمع خبيثة، يريد ذكران الشياطين وإناثهم». اهـ. وإن قال قائل: هل يمكن التناكح بين الإنس والجن؟ قيل: الجواب ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: «وقد يتناكح الإنس والجن، ويولد بينهما ولد، وهذا كثير معروف»([10]). اهـ. قلت: ويمكن الاستدلال على ذلك بقوله تعالى عن الحور: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ}([11])، قال ابن الجوزي في «زاد المسير»([12]). «وفي الآية دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنسي». اهـ. 5- أنه يرحم بعضهم بعضًا. ودليل ذلك ما أخرجه مسلم في كتاب التوبة من صحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها وأخر الله تسعًا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة». 6- أنهم مكلفون. قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}([13]). قال ابن القيم يرحمه الله: «أخبر سبحانه أنه إنما خلقهم للعبادة، وكذلك إنما أرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه ليعبدوه، فالعبادة هي الغاية التي خلقوا لها، ولم يخلقوا لمجرد الترك فإنه أمر عدمي لا كمال فيه من حيث هو عدم، بخلاف امتثال المأمور؛ فإنه أمر وجودي، مطلوب الحصول»([14]). ا هـ. وثبت في سنن الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنهt أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فضلت على الأنبياء بست» وذكر منها قوله: «وأرسلت إلى الخلق كافة» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. والمراد من قوله صلى الله عليه وسلم: «وأرسلت إلى الخلق كافة» أي جنهم وإنسهم كما أخرج ما يشهد لذلك الدارمي في المقدمة من سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له: فما فضله على الأنبياء؟ أي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عباس: قال الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}([15])، وقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ}([16]) فأرسله إلى الجن والإنس. وقال ابن حجر: «وإذا تقرر كونهم مكلفين فهم مكلفون بالتوحيد وأركان الإسلام وأما ما عداه من الفروع فاختلف فيه لما ثبت من النهي عن الروث والعظم وأنهما زاد الجن»([17]). 7- أن منهم المسلم والكافر، والصالح والفاسد. قال الله تعالى مخبرًا عن الجن قولهم: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}([18])، قال البغوي في تفسيره «معالم التنزيل»([19]): قوله: {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} أي دون الصالحين. {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} أي جماعات متفرقين وأصنافًا مختلفة، والقدة: القطعة من الشيء، يقال: صار القوم قددًا إذا اختلفت حالاتهم، وأصلها من القد وهو القطع. قال مجاهد: يعنون: مسلمين وكافرين. وقيل ذوو أهواء مختلفة. وقال الحسن والسدي: الجن أمثالكم فمنهم قدرية، ومرجئة ورافضة. وقال ابن كيسان: شيعًا وفرقًا لكل فرقة هوى كأهواء الناس. وقال سعيد بن جبير: ألوانًا شتى، وقال أبو عبيدة: أصنافًا. اهـ. وقال سبحانه مخبرًا عنهم كذلك: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}([20])، والقاسطون: الكافرون. ومما يشهد لوجود المسلمين الصادقين من الجن قوله سبحانه: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}([21]). وهذا فيه إشارة عميقة إلى مدى التأثر الكبير الذي وقع لهؤلاء المؤمنين من الجن بالقرآن الذي استمعوا إليه، ويكشف عن تلك الميزة العظيمة التي اتسموا بها، عندما أصبحوا دعاة لقومهم إلى الإيمان والإسلام، وهي لحظات تجلب للقلب الخشوع واليقين، وفي الوقت نفسه تنذر وتهدد كل معرض عن القرآن والإيمان به أنه إن لم يخضع لخطاب هذا الكتاب، ويستسلم لمنزله فليس له جزاء إلا النار، وبئس القرار: {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا}([22])، وهي كذلك تحفز نفوس المؤمنين إلى الجد في تبليغ الإسلام، ودعوته إلى الناس: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}([23]). ومما يستدل به كذلك على أن من الجن مسلمين مؤمنين ما أخرجه مسلم في كتاب الصلاة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن وما رآهم. انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ([24])، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء. وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب. قالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث. فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها. فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة، وهو بنخل ([25])، عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له. وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء. فرجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا! إنا سمعنا قرآنا عجبًا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدًا. فأنزل الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}. ومما يستدل به كذلك على وجود المسلمين من الجن ما أخرجه مسلم كذلك في كتاب التفسير من صحيحه عن عبد الله ([26]): {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}([27]) قال: كان نفر من الإنس يعبدون نفرًا من الجن، فأسلم النفر من الجن، واستمسك الإنس بعبادتهم، فنزلت: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}. وللمسلمين من الجن أعمال طيبة، وأفعال حسنة مثل ما ورد في شعب الإيمان للبيهقي أنهم يأمرون بالخير، ويكفون عن الكذب والشر، ومثل ما جاء في معجم الطبراني الكبير أن منهم من ينبه العبد إلى التوحيد ويحذره من الشرك ([28])، ومثل ما جاء في مسند البزار أن منهم من يصلي مع المؤمن إذا صلى، ويقرأ بقراءته ويستمع إليه([29])، ونحو ما ورد من بكاء نفر منهم على قتل عمر كما في مصنف ابن أبي شيبة([30])، والسنة للخلال([31])، وبكائهم كذلك على قتل عثمان كما في السنة للخلال كذلك([32]) وبكائهم على قتل الحسين([33]). وإن قال قائل: هل في الجن من يعد صحابيًا؟ فيقال له: قال ابن حجر وهو يتحدث عن قول البخاري في تفسير الصحابي بأنه من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين: «وهل يختص ذلك بجميع بني آدم أو يعم غيرهم من العقلاء؟ محل نظر، أما الجن فالراجح دخولهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليهم قطعًا، وهم مكلفون، فيهم العصاة والطائعون، فمن عرف اسمه منهم لا ينبغي التردد في ذكره في الصحابة وإن كان ابن الأثير عاب على أبي موسى ([34]) فلم يستند في ذلك إلى حجة»([35]) اهـ. 8- محاولة الشياطين منهم استراق السمع ليعينوا من يطيعهم من شياطين الإنس من السحرة وغيرهم. ويشهد لذلك ما أخرجه مسلم في كتاب السلام من صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلةً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بنجم فاستنار، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماذا كنتم تقولون في الجاهلية، إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. كنا نقول: ولد الليل رجل عظيم، ومات رجل عظيم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته. ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمرًا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال. قال: فيستخبر بعض أهل السموات بعضًا حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا فتخطف الجن السمع، فيقذون إلى أوليائهم، ويرمون به، فما جاءوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون». قال النووي: ومعنى يقرفون: يخلطون فيه الكذب. والشاهد قوله: فتخطف الجن السمع، فيقذفون إلى أوليائهم، ويرمون به، ويوضح ذلك رواية أخرى في كتاب السلام كذلك من صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليسوا بشيء» قالوا: يا رسول الله! فإنهم يحدثون أحيانًا الشيء يكون حقًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تلك الكلمة من الجن، يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة». قال الخطابي وغيره: معناه أن الجني يقذف الكلمة إلى وليه الكاهن فتسمعها الشياطين، كما تؤذن الدجاجة بصوتها صواحباتها فتتجاوب. اهـ. وفي هذا دليل على تحريم الكهانة وإتيان الكهان وحث على منع ذلك كما قال الماوردي في الأحكام السلطانية: «ويمنع المحتسب الناس من التكسب بالكهانة واللهو ويؤدب عليه الآخذ والمعطي». اهـ. 9- أن الشياطين منهم من يكذب الكذب العظيم، وقد دل على ذلك الحديثان السابقان. 10- أن المردة منهم يشدون ويوثقون بالأغلال عند دخول رمضان بحيث لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن والذكر([36])، ويشهد لذلك ما أخرجه الترمذي في كتاب الصوم من سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم تفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار» هذا لفظ الترمذي، ورواه بنحوه البخاري ومسلم. قال في «تحفة الأحوذي»([37]): «وأما ما يوجد خلاف ذلك في بعضهم فإنها تأثيرات من تسويلات الشياطين أغرقت في عمق تلك النفوس وباضت في رءوسها». اهـ. 11- أنهم لا يعلمون الغيب كغيرهم من المخلوقين. قال الله تعالى عند ذكر موت نبيه سليمان عليه الصلاة والسلام: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}([38]). قال القرطبي: «قيل كان رؤساء الجن سبعة، وكانوا منقادين لسليمان عليه السلام وكان داود عليه السلام أسس بيت المقدس، فلما مات أوصى إلى سليمان في إتمام مسجد بيت المقدس، فأمر سليمان الجن به، فلما دنت وفاته قال لأهله: لا تخبرهم بموتي حتى يتمنوا بناء المسجد، وكان بقي لإتمامه سنة. وفي الخبر أن ملك الموت كان صديقه، فسأل عن آية موته، فقال: أن تخرج من موضع سجودك شجرة يقاتل لها: الخرنوبة، فلم يكن يوم يصبح فيه إلا تنبت في بيت المقدس شجرة، فيسألها: ما اسمك؟ فتقول الشجرة: اسمي كذا وكذا، فيقول: ولأي شيء أنت؟ فتقول: لكذا وكذا، فيأمر بها فتقطع، ويغرسها في بستان له، ويأمر بكتب منافعها ومضارها، واسمها وما تصلح له في الطب، فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة نبتت بين يديه، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة، قال: ولأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا المسجد، فقال سليمان: ما كان الله ليخربه وأنا حي، أنت الذي على وجهك هلاكي وهلاك بيت المقدس! فنزعها وغرسها في حائطه، ثم قال: اللهم عم عن الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب. وكانت الجن تخبر الإنس أنهم يعلمون من الغيب أشياء، وأنهم يعلمون ما في غد، ثم لبس كفنه، وتحنط، وخل المحراب، وقام يصلي واتكأ على عصاه على كرسيه، فمات ولم تعلم الجن إلى أن مضت سنة، وتم بناء المسجد. قال أبو جعفر النحاس: وهذا أحسن ما قيل في الآية، ويدل على صحته الحديث المرفوع، روى إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه، فيسألها ما اسمك؟ فإن كانت لغرس غرست، وإن كانت لدواء كتبت، فبينما هو يصلي ذات يوم إذا شجرة نابتة بين يديه، قال: ما اسمك؟ قالت: الخرنوبة، فقال: لأي شيء أنت؟ فقالت: لخراب هذا البيت، فقال: اللهم عمِّ عن الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنحتها عصا، فتوكأ عليها حولاً لا يعلمون، فسقطت، فعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنظروا مقدار ذلك، فوجدوه سنة». وقال القرطبي كذلك: وفي التفسير بالأسانيد الصحاح عن ابن عباس، قال: أقام سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام حولاً لا يعلم بموته وهو متكئ على عصاه، والجن منصرفة فيما كان أمرها به، ثم سقط بعد حول، فلما خر تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ([39]). والحديث أخرجه الحاكم في مستدركه، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ([1])سورة الحجر: 27. ([2])سورة الرحمن: 15. وانظر «الإحكام» لابن حزم (2/166). ([3])(9/119). ([4])سورة الأعراف: 179. ([5])«التمهيد» (11/116). ([6])سورة الكهف: 50. ([7])«جامع البيان» (8/237). ([8])المرجع السابق. ([9])للإمام العظيم آبادي (1/12)، وانظر «فيض القدير» للمناوي (1/99). ([10])«مجموع الفتاوى» (19/39)، وانظر «حاشية ابن القيم» (14/8). ([11])سورة الرحمن: 56. ([12])(7/315). ([13])سورة الذاريات: 56-58. ([14])بدائع التفسير الجامع لتفسير ابن القيم (4/248). ([15])سورة إبراهيم: 4. ([16])سورة سبأ: 28. ([17])سورة الجن: 11. ([18])(8/240). ([19])«فتح الباري» (6/345)، وانظر «التمهيد» لابن عبد البر (11/117). ([20])سورة الجن: 14، 15. ([21])سورة الأحقاف: 29-32. ([22])سورة الجن: 17، ومعنى (صعدًا) أي شاقًا. ([23])سورة فصلت: 33. ([24])موضع قرب مكة. ([25])قال النووي: الصواب «بنخلة» مكان معروف. ([26])هو ابن مسعود t. ([27])سورة الإسراء: 57. ([28])انظر «معجم الطبراني الكبير» (4/211). ([29])انظر «مسند البزار» (7/97) برقم (2655)، وانظر «حلية الأولياء» (6/245)، وانظر «الإرشاد» لأبي يعلي (2/187). ([30])(6/357). ([31])(2/316). ([32])(2/339). ([33])قال في مجمع الزوائد (9/199): «رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه»، وانظر «فيض القدير» (1/205). ([34])لم أقف عليه. ([35])«فتح الباري» (7/4)، وانظر «لسان الميزان» (7/301). ([36])انظر «فتح الباري» (4/114)، وانظر «تحفة الأحوذي» للمبارك فوري (3/291). ([37])(3/291). ([38])سورة سبأ: 14. ([39])«الجامع لأحكام القرآن» (14/179، 180). |
|||
2015-03-05, 20:39 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
|
|||
2015-03-06, 22:26 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
فصل في إيذاء الجن للإنس وكيفية ذلك لشياطين الجن بخاصة تأثير على الإنس إذا شاء الله تعالى ذلك؛ إذ إن منهم من يؤذي الإنسي بقتله، أو وخزه لينتج عن ذلك مرض الطاعون، أو بصرعه، إو إصابته بالعين، أو خطفه، أو إيذائه في نومه وجلب الفزع إليه، أو قطع صلاته. ومنهم من يسترق السمع لإفادة أعوانه من الكهنة والمشعوذين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون. وفي السطور التالية أذكر عددًا من صور الشر عند هؤلاء، فمن ذلك: 1- قتلهم للإنسي، ويشهد لذلك ما أخرجه مسلم في كتاب السلام من صحيحه أن أبا السائب دخل على أبي سعيد الخدري t في بيته، قال: فوجدته يصلي، قال: فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت تحريكًا في عراجين ([1]) في ناحية البيت، فالتفت فإذا حية، فوثبت لأقتلها، فأشار إلي أن اجلس، فجلست، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار، فقال: أترى هذا البيت؟ فقلتُ: نعم. قال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس. قال: فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار، فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يومًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك قريظة»، فأخذ الرجل سلاحه، ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائمة، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به، وأصابته غيرة، فقالت له: اكفف عليك رمحك، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني. فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج، فركزه بالدار، فاضطربت عليه، فما يدرى أيهما كان أسرع موتًا: الحية أم الفتى؟ قال: فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، وقلنا: ادع الله يحييه لنا، فقال: استغفروا لصاحبكم، ثم قال: «إن بالمدينة جنًا قد اسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان». فدل هذا الحديث على أن الفتى قتل بسبب تلك الحية التي تمثل واحدًا من الجن، وسيأتي مزيد كلام على هذه الحادثة عند ذكر السبل التي تعين على دفع شر الجن بإذنه تعالى. 2- وخزهم للإنس؛ لينتج عن ذلك مرض الطاعون. والطاعون: ورم ينشأ عن هيجان الدم، أو انصباب الدم إلى عضو فيفسده ([2]). والدليل على أنه من وخز الجن ما ثبت في الأحاديث الواردة في ذلك، مثل ما أخرجه أحمد من حديث أبي موسى رفعه: «فناء أمتي بالطعن والطاعون. قيل: يا رسول الله: هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟قال: وخز أعدائكم من الجن، وفي كل شهادة». وعن أحمد والحاكم وصححه من رواية عاصم الأحول عن كريب بن الحارث عن أبي بدرة بن قيس أخي أبي موسى الأشعري رفعه: «اللهم اجعل فناء أمتي قتلاً في سبيلك بالطعن والطاعون». قال ابن حجر: «ومما يؤيد أن الطاعون إنما يكون من طعن الجن وقوعه غالبًا في أعدل الفصول، وفي أصح البلاد هواء، وأطيبها ماء، ولأنه لو كان بسبب فساد الهواء لدام في الأرض لأن الهواء يفسد تارة، ويصح أخرى، وهذا يذهب أحيانًا ويجئ أحيانًا على غير قياس ولا تجربة، فربما جاء سنة على سنة، وربما أبطأ سنين، وبأنه لو كان كذلك لعم الناس والحيوان، والموجود بالمشاهدة أنه يصيب الكثير، ولا يصيب من هم بجانبهم مما هو في مثل مزاجهم، ولو كان كذلك لعم جميع البدن، وهذا يختص بموضع الجسد ولا يتجاوزه، ولأن فساد الهواء يقتضي تغير على أنه من طعن الجن»([3]). وقد ثبت في سنن ابن ماجه ومستدرك الحاكم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا عليهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا»، وأخرج الحاكم كذلك: «إذا كثر الزنا كثر القتل، ووقع الطاعون» فبين في هذين الحديثين أن من أسباب الطاعون انتشار الفاحشة والرذيلة في المجتمع الذي ينشر فيه أسباب الفسق والفاحشة من دعوة للتبرج والسفور، وإعلان الصور الفاضحة والمسلسلات الخليعة التي تخدش الحياء، وتنفر منها الطباع، وتدعو الناس إلى احتذاء سير أصحابها وتقليدهم في فحشهم وفجورهم، ومن ثم كانت عقوبتهم أن يسلط الله عز وجل عليهم الطاعون، الذي يفتك بأجسامهم حتى يموتوا، وقد علق الشيخ المناوي على الحديث المتقدم: «إذا كثر الزنا كثر القتل، ووقع الطاعون» بقوله: «وذلك لأن حد الزنا القتل فإذا لم يقم الحد فيهم سلط الله عليهم الجن فقتلوهم»([4]). اهـ. وكلامه هذا خاص بالزاني المحصن، لأن عقوبته الرجم، وفي تفسيره هذا نظر، ويكفي أن يقال: إن الطاعون عقوبة لأهل الفسق والإجرام كغيره من العقوبات مثل التي ذكرها الله عز وجل في القرآن، مما جازى به سبحانه أهل الزيغ والفساد كما قال جل شأنه: {فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}([5]). ولا يتعارض هذا مع ما ورد أن الطاعون شهادة كما أخرج البخاري في كتاب الطب أنه صلى الله عليه وسلم قال: «الطاعون شهادة لكل مسلم». وما ورد كذلك أن الطاعون رحمة من الله عز وجل كما أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه ([6]) وعبد بن حميد في مسنده ([7])، والطبراني في معجمه الكبير([8]) ولفظه مختصرًا عن الحارث بن عميرة الزبيدي قال: وقع الطاعون بالشام، فقام معاذ فخطبهم بحمص فقال: إن هذا الطاعون رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم.. قال ابن حجر بعد إيراده بعض الأحاديث التي تفيد أن الطاعون قد يقع عقوبة بسبب المعصية: «ففي هذه الأحاديث أن الطاعون قد يقع عقوبة بسبب المعصية، فكيف يكون شهادة؟ ويحتمل أن يقال: بل تحصل له درجة الشهادة لعموم الأخبار الواردة.. ولا يلزم من حصول درجة الشهادة لمن اجترح السيئات مساواة المؤمن الكامل في المنزلة، ولأن درجات الشهداء متفاوتة كنظيره من العصاة إذا قتل مجاهدًا في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا مقبلاً غير مدبر. ومن رحمة الله بهذه الأمة المحمدية أن يعجل لهم العقوبة في الدنيا، ولا ينافي ذلك أن يحصل لمن وقع به الطاعون أجر الشهادة، ولا سيما وأكثرهم لم يباشر تلك الفاحشة وإنما عمهم والله أعلم لتقاعدهم عن إنكار المنكر...»([9]). فإن قال قائل: وهل الإصابة بالطاعون في كل بلد؟ قيل: لا؛ لأن الدليل قد جاء باستثناء مكة والمدينة كما أخرج عمر بن شبة في تاريخ مكة بسند صحيح([10]) عن أبي هريرة t مرفوعًا: «المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة على كل نقب([11]) منهما ملك فلا يدخلهما الدجال ولا الطاعون». وفي حديث أنس عند البخاري في الفتن: «فتجد الملائكة يحرسونها- يعني المدينة- فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله تعالى». وقد اختلف في هذا الاستثناء فقيل: للتبرك، فيشملها، وقيل: للتعليق، وأن مقتضاه جواز دخول الطاعون المدينة([12])، والأول أولى؛ لحديث أبي هريرة المتقدم، والله أعلم. 3- أن منهم من يصرع الإنسي، ويؤثر فيه. وذلك أن من كفرة الجن من يتسلط على عقل الإنسي وجسمه، فيتخبط المصاب في تحركاته وتصرفاته، وقد يصيب الجني جسم الإنسي دون عقله، وكل ذلك من ابتلاء الله تعالى لعباده، كما قال سبحانه: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}([13]). فإن قيل: ولم يصرع الجني الإنسي؟ قيل: الجواب: إما أن يكون ذلك عن عشق وشهوة وهوى، أو أن يكون عن بغض ومجازاة؛ مثل أن يؤذيهم بعض الإنس، أو يظنوا أنهم يتعمدون أذاهم: إما ببول على بعضهم، وإما بصب ماء حار، وإما بقتل بعضهم، وإن كان الإنسي لا يعرف ذلك – وفي الجن جهل وظلم – فيعاقبونه بأكثر مما يستحقه، وقد يكون عن عبث منهم، وشر بمثل سفهاء الإنس. وفعل الجن في الأمرين السابقين يحتاج إلى بيان؛ وهو أن يقال: ما كان من الأمر الأول فهو من الفواحش المحرمة، ويعرف الجن بذلك، ويعلمون أنه يحكم فيهم بحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله إلى جميع الثقلين الجن والإنس. وأما ما كان من الأمر الثاني: فإن كان الإنسي لم يعلم فيخاطب الجن بأن هذا لم يعلم، ومن لم يتعمد الأذى لا يستحق العقوبة، وإن كان قد فعل ذلك في داره وملكه عرفوا بأن الدار ملكه فله أن يتصرف فيها بما يجوز، وأنه ليس للجن أن يمكثوا في ملك الإنس بغير إذنهم، بل لهم ما ليس من مساكن الإنس؛ كالخراب والفلوات، ولهذا يوجدون كثيرًا في الخراب والفلوات، ويوجدون في مواضع النجاسات؛ كالحمامات، والحشوش، والمزابل، والقمامين، والمقابر، والشيوخ الذين تقترن بهم الشياطين، وتكون أحوالهم شيطانية لا رحمانية، يأوون كثيرًا إلى هذه الأماكن التي هي مأوى الشياطين ([14]). وإن قال قائل: وهل يقع الصرع من النفوس الخبيثة وغير الخبيثة. قيل: قد أجاب ابن حجر على لك، فقال: «قد يكون الصرع من الجن، ولا يقع إلا من النفوس الخبيثة منهم...» ثم ذكر سبب الصرع على نحو مما تقدم([15])، ولأبي جعفر أحمد بن محمد الطبيب بن أبي الأشعث (ت: 360) كتاب عن الصرع، ذكره في كشف الظنون([16]). 4- أن منهم من يصيب الإنسي بالعين، قال ابن حجر معلقًا على ما أخرجه البخاري في الطب من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة ([17])، فقال: «استرقوا لها فإن بها النظرة». قال: «واختلف في المراد بالنظرة، فقيل: عين من نظر الجن، وقيل من الإنس، والأولى أنها أعم من ذلك»([18]). 5- أن من الجن من يخطف الإنسي، وشاهد ذلك ما أخرجه مالك في الموطأ، والشافعي، وعبد الرزاق، وأبو عبيد، والبيهقي، وابن أبي شيبة ([19])، وابن أبي الدنيا، ولفظه: عن عبد الرحمن بن أبي ليلة أن رجلاً من قومه خرج ليصلي مع قومه صلاة العشاء، ففقد، فانطلقت امرأته إلى عمر بن الخطاب، فحدثته بذلك، فسأل عن ذلك قومها، فصدقوها، فأمرها أن تتربص أربع سنين، فتربصت، ثم أتت عمر، فأخبرته بذلك، فسأل عن ذلك قومها، فصدقوها، فأمرها أن تتزوج، ثم إن زوجها الأول قدم، فارتفعوا إلى عمر بن الخطاب، فقال عمر: يغيب أحدكم الزمان الطويل لا يعلم أهله حياته؟ قال: إن لي عذرًا، قال: فما عذرك؟ قال: خرجت أصلي مع قومي صلاة العشاء، فسبتني الجن – أو قال: أصابتني الجن، فكنت فيهم زمانًا، فغزاهم جن مؤمنون، فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، فكنت فيمن أصابوا، فقالوا: ما دينك؟ قلت: مسلم، قالوا: أنت على ديننا، لا يحل لنا سبيك، فخيروني بين المقام وبين القفول، فاخترت القفول، فأقبلوا معي بالليل، يسير يحدو بي وبالنهار – إعصار ريح اتبعها -، قال: فما كان طعامك؟ قال: الفول وما لم يذكر اسم الله عليه، فما كان شرابك؟ قال: الجدف، قال قتادة: الجدف: ما لم يخمر من الشراب، قال: فخيره عمر بين المرأة والصداق. قال ابن عبد البر رحمه الله في كتابه «التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» عن الأثر السابق: «هذا خبر صحيح من رواية العراقيين والمكيين مشهور...»([20]). ([1]) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: أراد بها الأعواد التي في سقف البيت. ([2]) «فتح الباري» (10/180). ([3]) المرجع السابق (10/181). ([4]) «فيض القدير» (1/266). ([5]) سورة العنكبوت: 40. ([6]) (6/161). ([7]) (1/74). ([8]) (20/116). ([9]) «فتح الباري (10/193). ([10]) انظر «شرح الزرقاني» (4/299). ([11]) النقب: الثقب، قاله في القاموس. ([12]) «شرح الزرقاني» (4/299). ([13]) سورة الملك: 2. ([14]) «مجموع الفتاوى» (19/39-41). ([15]) انظر «فتح الباري» (10/114). ([16]) انظر «كشف الظنون» (2/1422). ([17]) أي إن في وجهها موضعًا على غير لونه الأصلي، انظر «فتح الباري» (10/202). ([18]) «فتح الباري» (10/202). ([19]) انظر «تلخيص الحبير» (3/235). ([20]) «التمهيد» (12/184)، وانظر «الدراية في تخريج أحاديث الهداية» (2/142). |
|||
2015-03-06, 22:34 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
|
|||
2015-03-07, 12:06 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
شكرا جزيلا اخي الكريم |
|||
2015-03-07, 12:27 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
سبل الوقاية من شر شياطين الجن إن مما يميز دين الإسلام ويجعله شامخًا عزيزًا، قدرته بإذن الله تعالى على الوقوف أمام الشدائد والمحن، وإعطاؤه للمسلم الطرق والسبل التي تعينه على العيش في أجواء مطمئنة، بعيدة عن الاضطراب والقلق، ومن ذلك ما ورد في السنة الشريفة من بيان الطرق والأساليب التي يستطيع المرء المسلم – بإذنه تعالى – إذا اتبعها والتزم بها أن يدفع عنه شر شياطين الجن، الذين يسعون بلا شك إلى إيصال الضرر إليه بكل ما يستطيعون من وسائل، وقد أبانت السنة المطهرة جميع الطرق التي تعين المسلم على دفع شر شياطين الجن عنه في جميع المجالات، وهذا بيان تفصيلي بذلك. في مجال الأذكار 1- قراءة القرآن، ويشهد لذلك أدلة كثيرة، منها ما أخرجه ابن ماجه في كتاب الطب عن ابن أبي ليلى، عن أبيه أبي ليلى قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي، فقال: إن لي أخًا وجعًا، قال: ما وجع أخيك؟ قال: به لَمم. قال: اذهب فأتني به، قال: فذهب، فجاء به، فأجلسه بين يديه، فسمعته عوذه بفاتحة الكتاب، وأربع آيات من أول البقرة، وآيتين من وسطها {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}، وآية الكرسي، وثلاث آيات من خاتمتها، وآية من آل عمران، أحسبه قال: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} وآية من الأعراف {إن ربكم الذي خلق} الآية، وآية من المؤمنين: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ}، وآية من الجن {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَخَّذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا}، وعشر آيات من أول الصافات، وثلاث آيات من آخر الحشر، {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، والمعوِّذتين، فقام الأعرابي قد برأ ليس به بأس. قوله: به لَممٌ: طرف من الجنون يلم بالإنسان. وفي كتاب فضائل القرآن من سنن الدارمي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لقي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الجن فصارعه فصرعه الإنسي، فقال له الإنسي: إني لأراك ضئيلاً شَخِيتًا كأن ذريعتيك ذُريِّعتا كلب، فكذلك أنتم معشر الجن، أم أنت من بينهم كذلك، قال: لا والله إني منهم لضليع، ولكن عاودني الثانية، فإن صرعتني علمتك شيئًا ينفعك، قال: نعم. قال: تقرأ {اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} قال: نعم، قال: فإنك لا تقرؤها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج كخبج الحمار، ثم لا يدخله حتى يصبح، قال أبو محمد: الضئيل: الدقيق، والشخيت: المهزول، والضليع: جيد الأضلاع، والخبج: الريح. 2- التعوذ بالله تعالى من الشيطان عند الغضب، والحرص على الوضوء، ودليل ذلك ما أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة من حديث سليمان بن صرد قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما تحمر عيناه، وتنتفخ أوداجه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»، فقال الرجل: وهل ترى بي من جنون؟ قال ابن العلاء، فقال: وهل ترى ولم يذكر الرجل. فهذا دليل الاستعاذة من الشيطان عند الغضب. وأما دليل الوضوء فهو ما أخرجه أبو داود في كتاب الأدب عن أبي وائل القاص، قال: دخلنا على عروة بن محمد السعدي فكلمه رجل، فأغضبه، فقام فتوضأ، ثم رجع وقد توضأ، فقال: حدثني أبي عن جدي عطية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ». 3- التعوذ كذلك بالله تعالى من الشيطان عند شراء البعير، ودليل ذلك ما أخرجه مالك في كتاب النكاح من الموطأ عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تزوج أحدكم المرأة أو اشترى الجارية فليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة، وإذا اشترى البعير فليأخذ بذروة سنامه، وليستعذ بالله من الشيطان». قال في «فيض القدير» بعد أن ذكر ما في الحديث من الحث على الاستعاذة من الشيطان عند شراء البعير: «لأن الإبل من مراكب الشيطان، فإذا سمع الاستعاذة فر... ويحتمل أن الأمر بالاستعاذة إنما هو لما في الإبل من العز والفخر والخيلاء كما يأتي إن شاء الله تعالى؛ فهو استعاذة من شر ذلك الذي يحبه الشيطان، ويأمر به، ويحث عليه»([1]). اهـ. 4- التعوذ بالله تعالى من الشيطان والتفل يسارًا عند وسوسته في الصلاة، ودليل ذلك ما أخرجه مسلم في كتاب السلام من صحيحه عن أبي العلاء أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثًا»، قال: ففعلت ذلك، فأذهبه الله عني. 5- التعوذ بالله تعالى من الشيطان عند دخول المسجد، ويشهد لذلك ما أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة من سننه عن حيوة بن شريح قال: لقيت عقبة بن مسلم، فقلت له: بلغني أنك حدثت عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، قال: أقط، قلت: نعم، قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم. قوله: أقط أي فقط وحسب. 6- التعوذ بالله تعالى من الخبث والخبائث عند دخول الخلاء، ويشهد له ما أخرجه أبو داود في الطهارة بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» والمراد: ذكور الشياطين وإناثهم، قاله في عون المعبود. 7- البسملة عند الأكل، ودليل ذلك ما أخرجه مسلم في كتاب ألشربة من صحيحة عن حذيفة رضي الله عنه قال: كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده، وإنا حضرنا معه مرةً طعامًا، فجاءت جارية كأنها تدفع، فذهب لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي، كأنما يدفع، فأخذ بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها، فجاءت بهذا الأعرابي ليستحل به، فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها». 8- التسمية وذكر الله عند الجماع، ويشهد لذلك ما أخرجه مسلم كذلك في كتاب النكاح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله، قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدًا». 9- ذكر الله تعالى عند دخول المنزل، ودليل ذلك ما أخرجه مسلم في كتاب الأشربة من صحيحه عن جابر بن عبد الله أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء». ووقع في سنن أبي داود ذكر الدعاء الذي يقال عند دخول البيت، وهو ما رواه في كتاب الأدب من حديث أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ولج الرجل بيته فليقل: الهم إني أسألك خير المولج، وخير المخرج، بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلم على أهله». 10- التسمية عند عثور الدابة وغيرها، كما أخرج أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن أبي المليح عن رجل قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثرت دابة، فقلت: تعس الشيطان، فقال: «لا تقل: تعس الشيطان فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت، ويقول: بقوتي، ولكن قل: بسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر الشيطان حتى يكون مثل الذباب». 11- ذكر الله تعالى عند الخروج من البيت، ويشهد لذلك ما أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: يعني إذا خرج من بيته: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت ووقيت، وتنحى عنه الشيطان» قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. 12- الحرص على ذكر الله عند النوم، والحذر من ضد ذلك. ودليل ذلك ما أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، ألا وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل، يسبح الله دبر كل صلاة عشرًا، ويحمده عشرًا، ويكبره عشرًا» قال: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده، قال: فتلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمس مائة في الميزان، وإذا أخذت مضجعك تسبحه، وتكبره، وتحمده مائة، فتلك مائة باللسان، وألف في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمس مائة سيئة، قالوا: فكيف لا يحصيها؟ قال: يأتي أحدكم الشيطان وهو في صلاته، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، حتى ينفتل، فلعله لا يفعل، ويأتيه وهو في مضجعه، فلا يزال ينومه حتى ينام. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. والحديث كذلك أخرجه الطبري في تفسيره سورة المزمل، وابن حبان في صحيحه([2])، وابن ماجه في سننه ([3])، كلهم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. ([1]) «فيض القدير» (1/282). ([2]) (5/350). ([3]) (1/299). |
|||
2015-03-07, 13:14 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
|
|||
2015-03-11, 20:44 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
في مجال التعامل مع الآخرين |
|||
2015-03-11, 22:17 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
بارك الله فيك موضوع قيم |
|||
2015-03-13, 20:08 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
في مجال التجارة والدخول إلى الأسواق |
|||
2015-03-13, 20:48 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
بارك الله فيك بارك الله فيك |
|||
2015-03-13, 21:40 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ...} الآية ([7]).
كيف كانت الشياطين تعلم الناس السحر و تقول لمن تعلمه إنما نحن فتنة فلا تكفر وهم مجرد أرواح لا ترى كما تقول ؟؟؟؟ لعل هذا إثبات أخر على تمثل الجن في صور البشر و قدرتهم على التكلم مع الإنس وربما معاشرتهم كانهم منهم,,, أم أن للأمر معنى أخر ,, الله أعلم أفيدونا بالقيم من الكلم فقد مللنا من نقل و نقل و نقل من دون فهم و لا عقل,,, الشيطان هي صفة وليس كائنا بل صفة تطلق على كائن إتصف بها,,, الشيطان قد يكون من الإنس و قد يكون من الجن,, شيطان = كلُّ متمرِّد مفسد من إنس أو جنّ :- { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ } |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
منهم, امين, الوقاية, وسبم, وصفاتهم |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc