[align=center]- 2-كيف دخل الفساد إلى مدارس البنات ؟ :
إن للأعراض لصوصاً كما أن للأموال لصوصاً , ولصوص المال أخف شراء ، وأقل ضراً من لصوص الأعراض, وهم يحومون دائماً حول بناتنا ، ولكنهم لا يستطيعون أن يقتحموا علينا بيوتنا ، إلا إذا صار الأمر فوضى ، وصار « حاميها حراميها » وعـاد الناس كوحش الغاب , ففكروا وقدروا ، واستوحوا شياطينهم ، فوصلوا إلى الرأي : وهو أن يدخلوا علينا من طريق المدارس ، فكيف دخلوا من طريق المدارس ؟ إن لذلك قصة طويلة الذيول ، عريضة الحواشي ، أعرفها كلها ، ولكن لا أستطيع الآن أن أرويها كلها ، لذلك أسرد اليوم العناوين وأعود يوماً إلى المضامين .
بدؤوا بـإدخال المدرسين من الرجال على البنات ، بحجة فقد المدرسات القادرات ، وكان المدرسون أولاً من أمثال الشيخ محيي الدين الخاني ، والأستاذ أديب التقي البغدادي ، والأستاذ محمد علي السراج وممن درس فيها حيناً شيخنا الشيخ بهجة البيطار ، وأنا .
ثم فتح الباب للشباب ، ومن الشباب قلة هم أصلح وأتقى لله من الشيوخ الكبار , وأكثر الشباب من المستورين الذين لا يعرف عنهم إقبال على المعصية ولا تمسك قوي في الدين , ومنهم من هو فاسق يخفي فسوقه , ومنهم من يجاهر به ويعلنه ويجد من الناس من يعجب بهذه المجاهرة ويصفق لهذا الإعلان , ثم احتجوا بالرياضة فكشفوا من أجلها العورات ، واستباحوا المحرمات
.
ثم اتخذوا الحفلات السنوية طريقاً إلى ما يريدون ، يصنعون فيها ما لا يجرؤون عليه في غيرها .
ولما كنت أدرس في ثانوية البنات سنة 1949 م دعيت إلى هذه الحفلة السنوية ، فلم أذهب ، وكانت الطالبات وكلهن بالغات كبيرات ، يأتين المدرسة بالثوب الرسمي الساتر ، وكن يحتجبن في درسي ودرس الشيخ بهجة ، فلما كان يوم الحفلة وقد جئت المدرسة لبعض المعاملات رأيت الطالبات في الثياب العادية أي التي يذهب بها إلى الأعراس ، أي أنني رأيتهن متكشفات بأبهى زينة ، فنصحت من سلمت علي ، وانصرفت عائداً فلما انقضت الحفلة ومرت عليها أيام ، أهدت إلي إحدى الطالبات ظرفاً كبيراً فيه أكثر من ثمانين صورة ملونة أخذت في الحفلة , والذي صورها رجل أجنبي عنهن ، ليس أباهن ولا أخاهن , ثم رأيت هذه الصور في محل هذا المصور ، ومحله على طريقي الذي اجتازه كل يوم ، معروضة في واجهة المحل .
ثم اخترعوا نظام المرشدات وهو مثل نظام الكشفية للأولاد ، وصرن يذهبن في رحلات قصيرة في قرى دمشق .
ثم جاءت المصيبة التي أنست ما قبلها من المصائب ، وهي نظام الفتوة، أي إلباس الطـالبات لباس الجند ، وتـدريبهن على حمل السلاح ، لماذا؟
وهل انقرض الرجال حتى نقاتل بربات الحجال ؟ ولمن تترك إدارة البيوت وتربية الأطفال ؟ لماذا والشباب يتسكعون في الطرقات ويزدحمون على أبواب السينمات فندع الشباب لهذا ونقاتل أعداءنا بالبنات ؟
قالوا : أنتم رجعيون متأخرون جامدون , ألا ترون اليهود كذلك يصنعون ؟ أتكون الفتاة اليهودية أشجع من العربية ؟
ولو أنهم قرؤوا مـا نقله الدكتور محمد علي البار جزاه الله خيراً « في كتابه» عن النساء المجندات في الجيش والشرطة ، في أمريكا وأوربا ، لعضوا الأنامل ندماً ، وبكوا بدل الدموع دماء على أنهم جعلوا أئمتهم اليهود , تقول العوام ، وفي بعض ما يقولون حكمة بالغة ، وحق بين يقولون : « المال الداشر يعلم الناس السرقة » , ذلك لأن كل نفس تميل إلى المال ، وأكثر وأقوى من الميل إلى المال الميل إلى الجمال , وهؤلاء الذين سلمناهم بناتنا ، ومنهم من لا تعصمه زوجة ، ولا يردعه دين ، ولا يمسكه خوف من الله والدار الآخرة ، هؤلاء تدفعهم غرائزهم إلى هذا الذي فعلوا ، ولا يزالون دائبين ليصلوا لأكثر مما نالوا . (ذكريات 5/ 268-274) [/align]
وللموضوع تتمة