باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين..ابن باز - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين..ابن باز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-09-29, 13:21   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ام مصعب111
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين..ابن باز

باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين
(2/183)
باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين
63 - تعريف الولي
س: يسأل عن الأولياء في بلدهم وعن طرقهم، ويرجو التوجيه من سماحة الشيخ؟ (1)
ج: الأولياء هم المؤمنون، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأتباعهم بإحسان هم الأولياء هم أهل التقوى هم أهل الصلاح المطيعون لله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله سواء كانوا عربا أو عجما بيضا أو سودا، أغنياء أو فقراء، حكاما أو محكومين، هم أولياء الله، قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم من سورة يونس: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2) {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (3) هؤلاء هم أولياء الله الذين أطاعوا الله ورسوله واتقوا غضبه فأدوا حقه، وابتعدوا عما نهى عنه سبحانه وتعالى، هؤلاء هم الأولياء، وهم المسلمون الصالحون، وهم المهتدون، وهم أهل الإيمان والتقوى،
__________
(1) السؤال الثاني من الشريط، رقم82.
(2) سورة يونس الآية 62
(3) سورة يونس الآية 63
(2/185)
ليسوا أهل الشعوذة ودعوى الخوارق الشيطانية، أو الكرامات المكذوبة، لا. هم المؤمنون، سواء أعطوا كرامة، أو ما أعطوا كرامة، أكثر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهم أتقى الناس، وأفضل الناس بعد الأنبياء وهم أولياء الله ليس لهم كرامات خارقة؛ لأن إيمانهم قوي لا يحتاجون معه إلى خوارق، فليس من شرط الولاية أن يعطى خارقا يخرق العادة بأن يعطى طعاما من طريق لا يعرف أو شرابا من طريق لا يعرف أو أموالا أو غير ذلك لا، العلامة والصفة هي تقوى الله والإيمان بالله هذا هو الولي، إذا اتقى الله جل وعلا وأطاع أوامره وترك نواهيه، هؤلاء هم أولياء الله.
وقال سبحانه وتعالى في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (1) إن نافية معناه: ما أولياؤه إلا المتقون، هؤلاء هم أولياء الله أهل التقوى، الذين وحدوا الله وأخلصوا له العبادة، وآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبسائر المرسلين وصدقوا بكل ما أخبر به الله ورسوله، وانقادوا لشرع الله فأدوا ما فرض عليهم، وتركوا ما حرم عليهم، هؤلاء هم أولياء الله، ولكن مع ذلك ليس لأحد أن يعبدهم مع الله، فهم مخلوقون، ليس لهم تصرف في الكون، بل هم عبيد من عبيد الله كالملائكة كما قال سبحانه في الملائكة: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} (2) هؤلاء كذلك من الإنس عباد مكرمون، لا يجوز أن يعبدوا مع الله، فلا ينذر لهم ولا يتمسح بقبورهم ولا يطاف بهم، ولا يدعون مع الله، كأن يقول: يا سيدي
__________
(1) سورة الأنفال الآية 34
(2) سورة الأنبياء الآية 26
(2/186)
اشفع لي أو اشف مريضي، أو أنا في حسبك، أو أنا بالله وبك أو ما أشبه ذلك، أو يقول: المدد المدد عندما يقف على قبره أو من بعيد ويتوجه إلى جهة بلده ويقول: المدد المدد يا سيدي، أو يا فلان كل هذا من الشرك الأكبر، لا يجوز لأي إنسان أن يعبد الأولياء، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يطلب منهم المدد والعون والغوث، هذا لا يجوز، هذا لله وحده سبحانه وتعالى، يطلب من الله ويجوز طلبه من المخلوق الحي القادر لا بأس يكون حيا حاضرا قادرا، تقول يا أخي أغثني في هذا الأمر، أنا عندي عائلة كبيرة، وعلي دين أغثني بقرض أقرضني بكذا وكذا، أو ساعدني بكذا وكذا أو ساعدني على إصلاح السيارة تعطلت السيارة ساعدني إذا كان عنده قطع غيار، عنده معرفة يساعدك في إصلاحها، أو في المزرعة يساعدك على حصد أو على بذر، أو في عمارة بيت يساعدك على تعمير بيتك، وما أشبه ذلك من الأمور الحسية فلا بأس بهذا كان الصحابة يتعاونون يستغيث بعضهم ببعض في الحرب، يقول: أعني على كذا إذا تجمع عليهم جند من المشركين، تجمعوا وتعاونوا بصده، هكذا يتعاونون فيما ينوبهم من الحاجات والديون والحاجات الأخرى، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (1) » هكذا يقول صلى الله عليه وسلم
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإكراه، باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه برقم 6951، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم برقم 2580.
(2/187)
في الحديث الصحيح المتفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الآخر: «كان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (1) » أخرجه الإمام مسلم في صحيحه؛ فالتعاون بين المسلمين أمر مطلوب كما قال الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (2) هذا ليس من الشرك أما إذا دعوت الميت أو الغائب الذي تعتقد أن فيه سرا أو الجبل أو الصنم أو الشجر أو الملائكة أو إنسانا حيا، ولكن تعتقد فيه أن له تصرفا ليس من جهة الأمور الحسية لا؛ وأنك لو دعوته ولو في ظهر الغيب، سمع كلامك ونفعك، وأن له خصوصية في قضاء الحاجات وأنه يعلم الغيب وأن له سرا يقضي به الحاجات، هذا هو الشرك الأكبر، هذا اعتقاد أهل الشرك في معبوداتهم من دون الله.
فالواجب التنبه لهذا الأمر، وأن يكون المؤمن عنده ميزة، عنده فرق يفرق بين حال الميت وبين حال الحي، حال الشجرة والحجر والصنم، وحال الحي القادر الذي يسمع كلامك، أو تكاتبه مكاتبة، أو تكلمه بالهاتف تقول: ساعدني على كذا، أو بالتلكس من هذه الوسائل الجديدة، كأنه حاضر، أما أن تقول للميت أو للشجر أو للحجر أو
__________
(1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم 2699.
(2) سورة المائدة الآية 2
(2/188)
للجن، وتطلبهم وتسألهم هذا هو شرك المشركين، هذا لا يجوز؛ لأنه يقع عن اعتقاد وعن سر فيهم، ترى أنهم أهل لأن يتصرفوا في الكون وأنه عندهم مزية خاصة يستطيعون بها كذا وكذا، وإن لم تباشرهم بالكلام وإن لم يحصل لهم قوة حسية، هذا يقع لكثير من المشركين يعتقدون في معبوداتهم أنها تتصرف في الكون، وأن لها كرامات بحيث تقضي لهم حوائجهم وتسعفهم بطلباتهم، وإن كانوا أمواتا وإن كانوا غائبين لا يسمعون ولا يعون، وهذا من الشرك الأكبر، الذي قال الله فيه سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) ، وقال فيه سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2) ، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (4) ، تبين أن دعاء الأموات من دون الله ودعاء الأصنام ودعاء الأشجار والأحجار كله شرك وفي الآية الأخرى قال كفر: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (5) .
__________
(1) سورة الجن الآية 18
(2) سورة المؤمنون الآية 117
(3) سورة فاطر الآية 13
(4) سورة فاطر الآية 14
(5) سورة المؤمنون الآية 117
(2/189)
فوجب على كل من له أدنى بصيرة، وكل مكلف وكل عاقل أن يحذر الشرك بالله بجميع أنواعه وصوره وألا يدعو إلا ربه سبحانه وتعالى، ويخصه بالعبادة دون سواه جل وعلا، وأما الأمور العادية التي تقع بين الناس من طريق الأسباب الحسية، فقد عرفت أيها المستمع أن هذه لا حرج فيها، هذه أمور حسية تقع بين الناس، في أمور يحتاجون إليها، فيقول الإنسان لأخيه، وهو يسمع كلامه، يقول: يا أخي أقرضني كذا، ساعدني على كذا، أو يكتب له أو يكلمه هاتفيا أنك تساعدني بكذا أو تشتري لي كذا، هذه أمور عادية حسية لا حرج فيها.
(2/190)
64 - مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء
س: هناك بعض من الناس لا يعترفون بكرامة الأولياء، فهل من توجيه حولهم جزاكم الله خيرا، وكيف يكون الاعتراف بكرامة الأولياء؟ (1)
ج: الأولياء هم أهل الإيمان، هم المؤمنون بالله ورسوله، والرسل وأتباعهم هم أولياء الله؛ قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2) ثم قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (3) ، فأولياء الله هم أحباؤه، هم الرسل وأتباعهم
__________
(1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 341.
(2) سورة يونس الآية 62
(3) سورة يونس الآية 63
(2/190)
المستقيمون على الحق، ولهم كرامات هي في حق الأنبياء تسمى معجزات، وفي حق الأولياء تسمى كرامات، يعني خرقا للعادة لحجة أو حاجة، إما لإقامة حجة لإظهار الحق، وإما لحاجة أصابتهم لفقر أو غيره، فيسهل الله لهم ما يعينهم بأسباب خارقة للعادة، مثل قصة أهل الكهف لما أنامهم الله النومة الطويلة ثم أحياهم، وكفاهم شر أعدائهم، ومثل عباد بن بشر وأسيد بن حضير، لما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، ثم خرجا منه في ليلة ظلماء أضاءت لهما أسواطهما نورا، حتى وصلا إلى بيوتهما هذه من آيات الله. وقصة الطفيل بن عمرو الدوسي، لما أسلم وطلب من النبي آية لقومه لعلهم يهتدون دعا الله له، وجعل الله له آية، نورا بين عينيه، فقال يا رب في غير هذا فجعله الله في سوطه، إذا رفعه صار له نور عظيم، آية لقومه لعلهم يهتدون، فهداهم الله بأسبابه ولهذا أمثال.
س: هذا السائل يقول: هل صحيح أن الأولياء تحدث لهم كرامات خارقة للعادة، كالمشي على الماء، والمكاشفات كالنظر إلى اللوح، وظهور الملائكة وغير ذلك؟ (1)
ج: نعم الأولياء لهم كرامات خرقا للعادة، إذا كانوا مستقيمين على طاعة الله ورسوله، قد تقع لهم كرامات عند حاجتهم، أو عند
__________
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 401.
(2/191)
إقامة الحجة على غيرهم، قد يخرق الله لهم العادة بكرامة، ومن ذلك ما وقع لعباد بن بشر، وأسيد بن حضير، كانا زارا النبي في ليلة مظلمة، فلما خرجا من عنده أضاءت لهما أسواطهما كالسراج في الطريق حتى وصلا إلى أهلهما، كرامة من الله لهما، ومن هذا قصة الطفيل الدوسي رئيس دوس، لما أسلم وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له آية حتى يصدقه قومه، فصار له نور في وجهه مثل السراج لما أتى أهله، فقال يا ربي في غير وجهي فجعلها الله في سوطه، إذا رفعه استنار كالسراج، فأسلم قومه على يديه، وهداهم الله بأسبابه، وهناك وقائع أخرى لأولياء الله، عند الشدائد مثل ما وقع لجريج، لما ظلمته البغي، قالت: إنه زنى بها وأنها حملت منه، وهي كاذبة، فجاءه أهل بلده، وهدموا عليه صومعته، فقال: ما بالكم؟ قالوا: زنيت بهذه، فقال: سبحان الله ما زنيت بها، هاتوا الغلام؟ فجاءوا بالغلام، ووضع إصبعه على الغلام، وهو لتوه مولود، فقال: من أبوك يا هذا؟ فقال: أبي فلان الراعي، الذي زنى بالمرأة، فلما أنطقه الله وهو صغير، قالوا: نعيد لك صومعتك من الذهب؟ فقال: لا، ردوها طينا كحالها الأولى، المقصود براءتي مما رميتموني به، الحمد لله؛ والقصص كثيرة في هذا.
(2/192)
س: ماذا عن الكرامات التي وهبها الله سبحانه وتعالى لأوليائه الصالحين، وهل هناك ما يثبت أن لبعض الناس كرامة معينة، وأن هناك أدلة تثبت أن لهذا المرء كرامة وإلا لما حصل ما هو كذا وكذا؟ (1)
ج: الكرامات للأولياء ثابتة عند أهل السنة والجماعة، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء وأنها حق، وهي خوارق العادات التي يخرقها الله لبعض أوليائه إما لحاجة أو لإقامة حجة على أعداء الله، لنصر الدين وإقامة أمر الله عز وجل، فتكون لأولياء الله المؤمنين، تارة لحاجتهم كأن يسهل الله له طعاما عند جوعه، أو شرابا عند ظمئه، لا يدري من أين أتى، أو في محل بعيد عن الطعام والشراب أو نحو ذلك، أو بركة في طعام تكون واضحة، أو غير ذلك من الخوارق للعادة، والميزان في ذلك أن يكون مستقيما على الكتاب والسنة لا تكون كرامة خارقة إلا إذا كان الشخص معروفا بالاستقامة على دين الله ورسوله، أما إذا كان منحرفا عن الشريعة فليست كرامة، ولكنها من خوارق الشياطين، ومن فتن الشياطين، وإنما تكون الكرامة لأولياء الله المؤمنين، الذين عرفوا بالاستقامة على دين الله، واتباع شريعته، فما خرق الله لهم من العادات تسمى كرامة، ومن ذلك قصة الصديق، والطعام الذي قدمه لأضيافه، فصاروا كلما أخذوا لقمة ربا
__________
(1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 304.
(2/193)
من تحتها ما هو أكثر منها، حتى فرغوا من الأكل، وبقي الطعام أكثر مما كان، فهذا من آيات الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك ما جرى لعباد بن بشر، وأسيد بن الحضير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لما خرجا من عنده في ليلة ظلماء، أضاءت لهما أسواطهما في الظلمة، فلما انصرف كل واحد منهما إلى بيته، أضاء له سوطه حتى وصل إلى بيته، فهذا من كرامات الله لأوليائه سبحانه وتعالى، وهكذا ما أشبه ذلك مما يقع لأولياء الله.
س: السائل: أ. أ. من السودان يقول: هل هناك أشخاص يعلمون الغيب بعد ارتضاء الله لهم غير الرسل والأنبياء؟ وما الفرق بين ذلك؟ وأيضا عن كرامات الأنبياء التي يجريها الله عز وجل على ألسنتهم، وهي في الحقيقة غائبة عن النظر، كتلك التي قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " يا سارية الجبل " وغير ذلك؟ (1)
ج: الغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه الرسل ولا غيرهم، وإنما يعلم الرسول ما أوحي إليه، قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (2) ، وقال: عالم {الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (3) {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (4)
__________
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط، رقم 396.
(2) سورة النمل الآية 65
(3) سورة الجن الآية 26
(4) سورة الجن الآية 27
(2/194)
فقد يخبره بعض المغيبات، كما أخبر الله نبينا عن أشراط الساعة، وعن بعض أمور الجنة والنار إلى غير ذلك، فالغيب لا يعلمه إلا الله، لكنه سبحانه يطلع بعض أنبيائه ورسله على بعض الغيب، والأنبياء لهم معجزات وهي كرامات ومعجزات تدل على صدقهم وأنهم رسل الله كالعصا لموسى واليد التي أظهرها موسى لفرعون تخرج يده بيضاء من غير سوء والعصا، بينما هي عصا صارت حية تسعى، آيتان من آيات الله، ومعجزتان لموسى على أنه نبي عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك ما وقع لنبينا عليه الصلاة والسلام، ينبع الماء بين أصابعه يراه الناس في الإناء ويشربون ويأخذون في أوعيتهم، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم تبوك وكانت العين تبض ماء قليلا، فتوضأ وصب الماء، رمى سهمه في البئر حتى جاشت بالماء عليه الصلاة والسلام.
كل هذه من معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والأولياء الصالحون لهم كرامات، أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لهم كرامات يكرمهم الله بها، تخرق العادة، لكنها ليست معجزة إنما هي كرامة للولي الذي هو من الصالحين، وليس نبيا، كما جرى لعباد بن بشر وأسيد بن حضير في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لما سريا من عند النبي في آخر الليل، قاما من عنده صلى الله عليه وسلم بعد ما سمرا عنده، وخرجا على بيوتهما في
(2/195)
ليلة مظلمة، فأضاءت لهما أسواطهما كالسراج كل واحد سوطه صار سراجا له، هذه من آيات الله ومن كرامات أوليائه، وهكذا الطفيل الدوسي لما طلب من النبي آية يدعو بها قومه، سأل الله أن يعطيه آية، فصار نور له في جبهته في وجهه، فقال: يا رب في غير وجهي، فجعله الله في سوطه، إذا رفعه استنار فدعا قومه، فأسلموا.
(2/196)
65 - أولياء الله هم أهل التقوى
س: هناك بعض الذين يدعون أنهم أولياء، وهم يقومون بأعمال غريبة، وبعض الناس يصدقونهم، فأرجو منكم توضيح حقيقتهم؟ (1)
ج: ولي الله هو المؤمن الذي يطيع الله ورسوله، هذا هو ولي الله، يقول الله سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (2) ، ثم قال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (3) ، هؤلاء هم أولياء الله، وقال سبحانه في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (4) ، فأولياء الله هم أهل التقوى، أهل
__________
(1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 299.
(2) سورة يونس الآية 62
(3) سورة يونس الآية 63
(4) سورة الأنفال الآية 34
(2/196)
طاعة الله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله، أما الخرافيون المشعوذون، الذين يأتون بالمعاصي أو يلبسون على الناس بأنهم أولياء، بأشياء مبتدعة أو بدعوة أصحاب القبور، أو بالصلاة عند القبور وما أشبه ذلك، هؤلاء ليسوا من الأولياء، أولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، المطيعون لله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله.
أما أهل الخرافات والشرك بالله، وأهل البدع أو المتصوفة الذين يأتون بالبدع المخالفة لشرع الله، هؤلاء ليسوا بأولياء الله؛ إنما أولياء الله الملتزمون بطاعة الله ورسوله، التاركون لما حرم الله ورسوله من البدع والمعاصي.
س: هناك من يخلط بين الكرامة وشعوذة المشعوذين ومعجزات الأنبياء، فهل من توجيه في هذا، بارك الله فيكم؟ (1)
ج: القاعدة لا تكون كرامة إلا إذا كان العبد مستقيما على دين الله معروفا بالخير والاستقامة على طاعة الله، وطاعة رسوله ومن أهل التوحيد والإيمان، فهذه كرامة وإلا فهي من الشعوذة ومن تزيين الشيطان، ومن أعمال الشياطين يغر بها الناس، فإذا كان الرجل غير مستقيم فهذه علامة أن ما جرى على يديه من الشعوذة وليست بكرامة.
__________
(1) السؤال الثلاثون من الشريط، رقم 341.
(2/197)
66 - حكم التقرب للأولياء بالذبائح
س: هل يصح زيارة الولي في المسجد للرجل أو للمرأة؟ وحينئذ يكون هناك شرك بالله، إذا وضعت أو حملت له في مرة قادمة خروفا لهذا الولي ومبلغا معينا من المال؟ (1)
ج: الولي علمه عند الله عز وجل، والمؤمنون كلهم أولياء الله، فما يظنه بعض الخرافيين من أن الولي يكون له صفة أخرى زائدة على صفات أهل الإيمان، من بعض الخرافات وخرق العادات ونحو ذلك، فهذا ليس بصحيح، فكثير من الأولياء لا يجري على أيديهم خرق للعادات، فأولياء الله هم أهل الإيمان، وإن لم توجد لهم كرامات خاصة، قال الله جل وعلا: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (2) .
فالمؤمن ولي الله، سواء كان عربيا أو عجميا، ذكرا أو أنثى، عالما أو غير عالم، فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى؛ فزيارتهم في الله للمحبة في الله في المسجد، أو في بيوتهم، التزاور بين المؤمنين سنة، قربة وطاعة. جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله عز وجل: وجبت محبتي للمتزاورين في والمتجالسين في
__________
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط، رقم 176.
(2) سورة يونس الآية 63
(2/198)
والمتحابين في والمتباذلين في (1) » ، ويقول صلى الله عليه وسلم: «يقول الله جل وعلا يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (2) » .
فالمؤمن يزوره أخوه في الله في بيته أو في المسجد، وتزوره أخته في بيته أو في المسجد، وتزوره أخته في الله إذا كانت الزيارة ليس فيها ريبة، كأن تزور أخاها أو عمها أو خالها أو قريبا لها أو جارا لها مريضا تعوده، أو تسأله عن علم، مع التحجب ومع عدم الخلوة، لا بأس بذلك. فالمؤمن يزوره إخوانه المؤمنون وتزوره أخته المؤمنة، على وجه شرعي ليس فيه ريبة ولا فتنة، مع التستر والحجاب وعدم الخلوة لمصلحة شرعية من عيادة مريض أو سؤاله عن علم أو غير هذا من المقاصد الشرعية.
أما أن يذبح له من دون الله، أو يدعى من دون الله، لظن بعض الخرافيين أنه يتصرف في الكون، هذا باطل، هذا من الشرك الأكبر سواء كان حيا أو ميتا، فالذي يتقرب لقبور الأولياء يزعم أنهم يقضون حوائجه أو أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يتصرفون في الكون هذا شرك أكبر، حتى ولو ما تقرب لهم، هذا الاعتقاد نفسه شرك
__________
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه برقم 21497.
(2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: في فضل الحب في الله، برقم 2566.
(2/199)
أكبر، نسال الله العافية، فإذا ذبح لهم إبلا أو بقرا أو غنما أو دجاجا أو غير ذلك، هذا شرك أكبر أيضا، وإذا استغاث بهم، قال: يا سيدي فلان المدد أو اشفع لي، أو اقض حاجتي أو أغثني، يقوله عند قبره أو بعيدا عنه، كل هذا من الشرك الأكبر، أما إذا كان يقول لحي حاضر قادر، يقول: ساعدني على كذا، اشفع لي عند فلان، أو ساعدني على قضاء ديني، أو ساعدني على كف شر فلان ابن فلان، حتى يشفع له، حتى يتصل به، ويقول له: دع فلانا لا يؤذ فلانا، هذه أمور عادية لا بأس بها كما قال الله جل وعلا في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1) .
فالناس ما داموا أحياء فيما بينهم يطلب بعضهم من بعض الرفد أو العون أو المساعدة، بالمشافهة أو بالمكاتبة أو من طريق الهاتف أو من طريق البرق " البرقية " أو ما أشبهه، لا بأس بهذا. أما أنه يدعوه من دون الله، يعتقد أنه ولي لله وأنه يتصرف في الكون، يدعوه من بعيد أو يدعوه عند قبره، أو يقدم له الذبائح، أو يستغيث به أو ينذر له وهو ميت أو غائب هذا شرك أكبر؛ فيجب الحذر من هذه الأمور التي يقع فيها العامة لجهلهم، أما الأمور الحسية العادية التي يفعلها الناس فيما بينهم، كأن تقول لأخيك الحاضر: يا فلان أقرضني كذا أو ساعدني على كذا أو عاوني في إصلاح سيارتي أو في بناء بيتي، وهو حاضر
__________
(1) سورة القصص الآية 15
(2/200








 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الصالحين..ابن, الغلو, قبور


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:33

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc