البيروني وحساب محيط الأرض الكروية .

[الألمعي]

أبو الريحان البيروني يحسب محيط الأرض.

لا يكاد العجب ينقضي من أصحاب التشكيك في حقيقة كروية الأرض ، اعتقادا منهم أن هذه المسألة من تلفيقات " وكالة ناسا " كأنهم لم يعرفوا أن مسألة كروية الأرض من المسائل المجمع عليها عند المسلمين سواء من علماء الشريعة أو من علماء الطبيعة والهيأة منذ فجر الإسلام ، وكأنهم لم يطرق سمعهم أن الكنيسة كانت تعتقد سطحية الأرض .

في هذا الموضوع سنعرض الطريقة التي ابتكرها العلامة الموسوعي البيروني لحساب محيط الأرض بدقة عالية اعتمادا على براعته في علم "حساب المثلثات" :




انطلاقا من شغفه بالعلوم واعتقاده أن الأرض كروية الشكل ، قام الخليفة العباسي المأمون بإرسال بعثات من علماء الفلك المسلمين في البلدان لقياس محيط الأرض ، وقد اعتمد الفلكيون في ذلك على طريقة الفلكي اليوناني "إيرتوستينس" ، ورغم أنها حققت نتائج باهرة إلا أن هذه الطريقة صعبة عمليا.

بعد وفاة الخليفة المأمون بقرنين ، جاء عالم موسوعي يدعى البيروني قام بقياس محيط الأرض معتمدا على براعته في حساب المثلثات ، وقد كانت دقة قياسه مقارنة بالحاضر تساوي الواحد بالمائة.

أبو الريحان محمد بن أحمد البَيْرُوني (2 ذو الحجة 362هـ /5 سبتمبر 973م- 5 رجب 440هـ/13 ديسمبر 1048م) هو باحث مسلم كان رحّآلةً وفيلسوفًا وفلكيًا وجغرافيًا وجيولوجيًا ورياضياتيًا وصيدليًا ومؤرخًا ومترجمًا لثقافات الهند. وصف بأنه من بين أعظم العقول التي عرفتها الثقافة الإسلامية، وهو أول من قال إن الأرض تدور حول محورها، صنف كتباً تربو عن المائة والعشرين (*).

ذكر البيروني تجربته لقياس محيط الأرض في كتابه "القانون المسعودي":

(( وفي معرفة ذلك طريق قائم في الوهم صحيح بالبرهان, والوصول إلى عمله صعب لصغر الإسطرلاب وقلة مقدار الشئ الذي يبنى عليه فيه, وهو أن تصعد جبلاً مشرفاُ على بحر أو برية ملساء, وترصد غروب الشمس, فتجد ماذكرناه فيه من الانحطاط, ثم تعرف مقدار عمود ذلك الجبل وتضربه في الجيب المستوي لتمام الانحطاط الموجود, وتقسم المجتمع على الجيب المنكوس لذلك الانحطاط نفسه,ثم تضرب ما خرج من القسمة في اثنين وعشرين, وتقسم المبلغ على سبعة, فيخرج مقدار إحاطة الأرض بالمقدار الذي به قدرت عمود الجبل )).

شرح الطريقة :

قام البيروني بقياس ارتفاع الجبل بالنسبة لسطح البحر (المُعتبَر مسطحاً محليًّا) ، فاختار موضعين قرب الجبل ،المسافة بينهما معلومة حيث أن هذين الموضعين على مستوى سطح البحر . وقام بقياس الزاويتين المتشكلتين من سطح البحر وقمة الجبل باستعمال الإسطرلاب. ومن ثم فقد تمكن من قياس علو الجبل بمعرفته لبعد الموضعين وقيس الزاوتين مستخدما حساب المثلثات.

لدينا :

بالتعويض نحصل على :

ومنه تحصل البيروني على العلاقة المثلثية لحساب علو الجبل وهي :

بعد قياس علو الجبل قام بقياس نصف قطر الارض ثم حساب محيط الارض:

فرض البيروني - كما في الصورة المرفقة – أن نقطة a قمة جبل ما ، والخط amهو ارتفاع الجبل وهو خط يصل امتداده الى النقطة c والتي هي مركز الأرض ، ثم رسم خط pq عموديا على ac موازيا لأفق قمة الجبل a ، ورسم أيضا خط المماس لمحيط الدائرة عند النقطة d وهي وقت غروب الشمس ، وحيث أن ad هو مماس للدائرة ، إذن يكون cd عموديا على ad (من نظريات الهندسة المستوية) وبذلك يكون المثلث adc قائم الزاوية في d وتسمى الزاوية pad زاوية انخفاض الشمس وقت الغروب ولنفرض أن قيمتها x درجة ومن الرسم يتبين لنا أن هذه الزاوية تتمم الزاوية dac ، وحيث أن الزاوية dca هي أيضا متممة للزاوية dac في المثلث adc القائم الزاوية اذن زاوية adc تساوي x درجة أيضا فإذا أشرنا لنصف القطر بالحرف R وبحرف H إلى ارتفاع الجبل ينتج من تطبيق قواعد حساب المثلثات المعروفة في أيام البيروني أن :

ومنه تحصل على العلاقة التالية ثم ضربها في 22/7 =3.14 :

وقام البيروني بالتجربة عملياً في منطقة ناندانا في إقليم جبلي على نحو 100 كيلومتر من مدينة إسلام آباد عاصمة باكستان الحالية, وانتهى إلى إيجاد نصف قطر الأرض 6338.80 كيلومتر والقياس الحقيقي لنصف قطر الأرض المعروف حالياً هو في المتوسط 6370.98 كيلومتر وعند ناناندا يكون نصف القطر 6353.41 كيلومتر أي بفارق لا يتعدى 2 من عشرة في المائة عن قياس البيروني الذي تم قبل حوالي ألف سنة من الآن.

(*) من الويكيبيديا.

**********

فيديو من وثائقي "العلوم والإسلام" ،يشرح فيها البروفيسور جيم الخليلي طريقة البيروني المبتكرة.



https://safeyoutube.net/w/A7Eq