|
قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
مواقف أم سليم الأنصارية مفخرة لكل مسلم ومسلمة
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2015-09-10, 22:14 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
مواقف أم سليم الأنصارية مفخرة لكل مسلم ومسلمة
اسمها ونسبها:
|
||||
2015-09-10, 22:18 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
الموقف الأول: أم سليم الأنصارية والزواج: |
|||
2015-09-10, 22:21 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
زواجها في الإسلام ([1]): |
|||
2015-09-11, 14:20 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
الموقف الثاني: أم سليم الأنصارية مع ابنها أنس بن مالك في تربيته: |
|||
2015-09-11, 14:24 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
الموقف الثالث: أم سليم الأنصارية والتسليم بقضاء الله وقدره: |
|||
2015-09-11, 14:31 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
الموقف الرابع: أم سليم الأنصاري والتفقه في دين الله |
|||
2015-09-12, 21:13 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
الموقف الخامس: أم سليم الأنصارية وشدة حرصها على التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم: والبركة في اللغة هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء ([1]).والمقصود به هنا «هو طلب البركة من الزيادة في الخير والأجر وكل ما يحتاجه العبد في دينه ودنياه بسبب ذات النبي صلى الله عليه وسلم بشرطين: أن تكون هذه البركة قد ثبتت بسبب شرعي، وأن تكون الكيفية ثابتة عن المعصوم صلى الله عليه وسلم»([2]). وقد تقدم في الموقف الرابع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزورها كثيرًا ويدخل بيتها وينام على فراشها في غيابها وكانت حريصة كل الحرص على التبرك به صلى الله عليه وسلم في طعامه وشرابه وعرقه وشعره كيف لا تكون كذلك؟ وقدد رأت بعينها معجزاته تظهر في طعامها مرات عديدة كما سيأتي. فعن أنس رضي الله عنه: «أن أم سليم رضي الله عنها كانت تبسط للنبي صلى الله عليه وسلم نطعًا (بساط من الجلد) فيقيل عندها على ذلك النطع، قال: فإذا نام النبي صلى الله عليه وسلم أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ثم جمعته في سك (أي من طيب مركب) وهو نائم» (قال الراوي) فلما حضر أنس بن مالك الوفاة أوصى إلى أن يجعل في حنوط من ذلك السك فجعل في حنوطه ([3]). وفي رواية عند مسلم قال أنس رضي الله عنه: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندها (أي من القيلولة) فعرق وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين ؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب([4]). ولكن ينبغي أن يعلم أنه لا يجوز التبرك بأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت ذل عن أحد من الصحابة ولا التابعين وهم أحرص الناس على فعل الخير ولما لم يفعل ذلك أحد منهم دل ذلك على أن التبرك خاص به صلى الله عليه وسلم. وكانت أم سليم تسعى لأن تشمل هذه البركة كل أفراد أسرتها لعلمها بما يرجع عليها وعلى أسرتها من النفع الكثير من أثر ذلك التبرك ولذا كانت حريصة إذا جاءها مولود أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من يحنكه قال أنس رضي الله عنه: «لما ولدت أم سليم قالت لي: يا أنس، انظر هذا الغلام فلا يصيبن شيئًا حتى تغدو به إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحنكه، فغدوت به فإذا هو في حائطه، وعليه خميصة حريثية (نسبة إلى رجل اسمه حارث) وهو يسمُ ( من الوسم) الظهر الذي قدم عليه الفتح ([5])». فمن شدة حرصها على التبرك به صلى الله عليه وسلم تعجب النبي صلى الله عليه وسلم حتى سألها عن ذلك فقالت: يا رسول الله نرجو بركته فقال النبي صلى الله عليه وسلم مقرًّا لها على فعلها: «أصبتِ». وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف حرص أم سليم على ذلك ويقدر لها ذلك ويمكنها من التبرك به صلى الله عليه وسلم كلما أمكن، ولذا فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما حلق شعره يوم النحر «أشار بيده إلى الجانب الأيمن هكذا، فقسم شعره بين من يليه، ثم أشار إلى الحلاق وإلى الجانب الأيسر فحلقه فأعطاه أم سليم»([6]). فهكذا ساوى النبي صلى الله عليه وسلم أم سليم بالناس حين أعطاها وحدها نصف شعر الرأس، وأعطى بقية الناس النصف الآخر، وما ذاك إلا تقدير منه صلى الله عليه وسلم لأم سليم على اعتنائها الشديد بتتبع آثاره، وهو دليل على حبها الشديد للنبي صلى الله عليه وسلم وقربها منه صلى الله عليه وسلم. ([1]) المفردات في غريب القرآن للأصفهاني صفحة (44). ([2]) قاله علي بن نفيع العلياني في كتابه ( التبرك المشروع والتبرك الممنوع) ص (21، 22). ([3]) رواه البخاري في الاستئذان باب من زار قومًا فقال عندهم (11/ 70/ 6281). ([4]) في صحيح مسلم في الفضائل باب طيب عرق النبي والتبرك به (4/ 1815/ 2331). ([5]) رواه البخاري في اللباس باب الخميصة السوداء (10/ 279 برقم (5824). ([6]) رواه مسلم في الحج باب بيان أن السنة يوم النحر ... (2/ 947/ برقم (1305). |
|||
2015-09-12, 21:18 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
الموقف السادس: أم سليم والجهاد في سبيل الله الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام ولن يكون لأهله عز في الدنيا ولا رفعه في الآخرة إلا به، وقد شرعه الله لنشر الإسلام وإعلاء كلمته وإقامة شرعه والقضاء على الفتنة قال تعالى: }وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ{([1]).ولم يوجب الإسلام على النساء الجهاد في سبيل الله أي: المقاتلة، وقد سئل صلى الله عليه وسلم: هل على النساء جهاد فقال: «عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة»([2]) وفي رواية عند البخاري قالت عائشة رضي الله عنها: نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد قال: «لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور»([3]). وهو حكم متفق عليه لدى فقهاء الأمصار جميعًا، وذلك لما يحتاج إليه الجهاد من الشدة والغلظة والمصابرة، وهو غير متوفر في النساء لضعف خلقتهن ورقة قلوبهن وقد اقتضت حكمة الله في التشريع وهو الحكيم العليم أن كلف كلا من الصنفين ما يليق بحالة جسمًا وعقلاً وروحًا. إذن فخروج النساء مع المجاهدين في سبيل الله لمعنى آخر غير القتال وهو مساعدة الرجال فيما يحتاجون إليه من طبخ الطعام وسقاية المجاهدين ومداواة الجرحى ومناولة السهام قال إبراهيم النخعي: «كان النساء يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد ويسقين المقاتلة ويداوين الجرحى»([4]) وبمثله قال الزهري. ولم تكن أم سليم تتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته إلا في النادر، وكان زوجها أبو طلحة من أقوى الرماة بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين انهزم الناس يدافع عنه رضي الله عنه وأرضاه، وقد أدت أم سليم رضي الله عنها في ذلك اليوم العصيب دورًا عظيمًا قال أنس رضي الله عنه: «لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم رضي الله عنهما وإنهما لمشمرتان - أي قدم سوقهن - تنقزان (وقال غيره: تنقلان) القرب على متونهما ( أي ظهورهما) ثم تفرغانه في أفواه القوم فتملآنها ثم تجيئان فتفرغان في أفواه القوم»([5]). الله أكبر لقد ثبتت أم سليم وعائشة رضي الله عنهما حين انهزم معظم الرجال تقومان فيه بالإسعافات الأولية للجرحى وتساعدان من بقي من الرجال في المعركة. قال ابن حجر - وهو من المحققين المعروفين بالاستقصاء -: «ولم أر في شيء من ذلك التصريح بأنهن قاتلن»([6])، وفي هذا رد على الذين يريدون أن يُقحموا المرأة في كل الميادين انطلاقًا من قاعدة مساواة المرأة بالرجل بلا استثناء فإذا عثروا على مثل هذه النصوص من خروج المرأة مع المجاهدين نادوا بملء أفواههم قائلين: إن في هذا دليلاً على أن المرأة تجاهد مع الرجال جنبًا إلى جنب إلى غير ذلك من المقولات المغرضة التي يرددها بعض من يسمون بالمفكرين الإسلاميين الذين انهزموا نفسيًا وثقافيًا أمام وهج الحضارة الغربية، فلا يهدأ لهم بال حتى يجعلوا المرأة المسلمة صورة للمرأة الغربية التي وصلت إلى درجة أحط قدرًا من المرأة في الجاهلية بكثير بل نزلت عن درجة البهائم ومع ذلك تجد من ينتسب إلى الإسلام من ينظر إليها نظرة إعجاب، ولقد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم، قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال: فمن»([7]). ولما كان يوم حنين - وكانت معركتها بعد فتح مكة - وكان عدد المسلمين أكثر بكثير من عدوهم إذ كان العدو من قبيلة هوازن، وكان حال كل من الفريقين ما ذكره الله في كتاب: }وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ{([8]). فانهزم الناس وبقي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه عدد قليل من أصحابه لا يتجاوز عددهم اثني عشر رجلاً، فكانت أم سليم مع من بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف الحرج فعند مسلم نم حديث أنس رضي الله عنه أن أم سليم رضي الله عنها اتخذت خنجرًا يوم حنين فقالت: اتخذته إن دنا مني أحدٌ من المشركين بقرت به بطنه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ... ([9])، بل إن أم سليم لم تستسغ هذا الموقف، ولم تجد عذرًا لبعض من انهزموا عن النبي صلى الله عليه وسلم من مسلمة الفتح فقالت قولتها المشهورة: «يا رسول الله اقتل من بعدنا من الطلقاء ([10]) انهزموا بك ([11]) فقال رسول الله: يا أم سليم: إن الله قد كفى وأحسن»([12]). وهكذا سطرت أم سليم في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم صفحات من نور، وضربت في ذلك أروع الأمثلة للمرأة المسلمة في التضحية والإخلاص وستبقى هذه المواقف لأم سليم رضي الله عنها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ([1]) سورة الأنفال الآية (39). ([2]) رواه بهذا اللفظ أحمد في المسند (6/ 165) وابن ماجه برقم 2901. ([3]) في صحيحه في الحج باب فضل الحج المبرور (3/ 381) برقم (1520). ([4]) رواه عبد الرزاق في مصنفه في الجهاد باب جهاد النساء (5/ 298 برقم (9673). ([5]) رواه البخاري (6/ 78 ح 2880 ) وأيضًا (7/ 361 ح 128) ومسلم في الجهاد باب غزوة النساء (3/1443 ح 1811). ([6]) الفتح (6/ 78). ([7]) رواه البخاري في صحيحه في الاعتصام باب قول النبي لتتبعن سنن من كان قبلكم (13/ 300 برقم 5320) ومسلم في العلم باب اتباع سنن اليهود والنصارى (4/ 2054 برقم 6669). ([8]) سورة التوبة الآية (25). ([9]) في الجهاد باب غزوة النساء (3/ 1443/ 1811). ([10]) قولها من الطلقاء هم الذين أسلموا من أهل مكة يوم الفتح سموا بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم من عليهم وأطلقهم وكان في إسلامهم ضعف فاعتقدت أم سليم أنهم منافقون استحقوا القتل بانهزامهم وغيره قاله الإمام النووي في شرح مسلم (12/ 188). ([11]) قولها (انهزموا بك) الباء في بك هنا بمعنى (عن) أي انهزموا عنك على حد قوله تعالى: }فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا{ أي عنه. ([12]) رواه مسلم في صحيحه باب غزوة النساء (3/ 1443 برقم (1811). |
|||
2015-09-12, 21:32 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
الموقف السابع: أم سليم الأنصارية والوفاء بالعهد: الوفاء بالعهد سمة من سمات الإيمان بالله تبارك وتعالى بل هو من أهم مقتضياته وإن الإخلال به يدخل المرء في شعب النفاق يعرضه للطعن في عدالته ومن أجل ذلك حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإخلال بالوفاء بالعهد فقال: «أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعا إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فاجر»([1]).وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ على النساء بالبيعة في ترك خصال من الكبائر كن يرتكبنها أو بعضهن في الجاهلية فقال جل ثناؤه: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{([2]). وإنما نهاهن الله تعالى عن تلك الأمور لما فيها من مخالفة ما التزمن به من الإسلام الذي يحرم على المرأة المسلمة ارتكاب أية واحدة منهن وإن اختلفت جهتها وتعددت أسبابها. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ على النساء بالبيعة في مناسبات متعددة وكانت البيعة تقع أحيانًا على أمور غير المذكورات في الآية لأهميتها أيضًا وكثرة وقوعها من النساء. قالت أم عطية رضي الله عنها: «أخذ علينا النبي صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح، فما وفت منا امرأة غير خمسة نسوة - أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سيرة امرأة معاذ وامرأتين أو ابنة أبي سيرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى»([3]). قال ابن حجر نقلاً عن القاضي عياض: «معنى الحديث لم يف ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم مع أم عطية في الوقت الذي بايعت فيه إلا المذكورات لا أنه لم يترك النياحة من المسلمات غير خمسة»([4]). ومهما يكن الأمر فإن أم سليم رضي الله عنها جاءت في الصدارة فيمن وفى من النساء بما أخذ عليهن في تلك البيعة من عدم النياحة على الميت بل كيف يعقل أن تنوح أم سليم على ميت، وهي التي حينما مات ابنها جهزته ووضعته في جانب من البيت ثم تزينت لزوجها حتى واقعها ولم يظهر منها أي جزع فضلاً عن البكاء كما تقدم في الموقف الثالث ؟ وهكذا صارت أم سليم نموذجًا رائعًا ومثلاً حيًّا لكل المؤمنين والمؤمنات في هذا الموقف وغيره من المواقف السابقة. ([1]) رواه البخاري في الإيمان باب علامات المنافق (31). ([2]) سورة الممتحنة الآية (12). ([3]) رواه البخاري في صحيحه مع الفتح (3/ 176/ 1306) ومسلم في الجنائز باب التشديد في النياحة (2/ 645/ 2936). ([4]) الفتح (3/177). |
|||
2015-09-12, 21:52 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
الموقف الثامن: كرم أم سليم الأنصارية وحسن ضيافتها وظهور معجزة النبي صلى الله عليه وسلم في طعامها: إن الجود من مكارم الخلاق وقد جاءت الشريعة بالحث عليه وهو أيضًا من التكافل الاجتماعي الذي لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض ويسود الوئام بين أفراده إلا به، والصدقة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم برهان أي علامة دالة على إيمان صاحبه لأنه ( أي الإيمان) هو الباعث الحقيقي على البذل في وجوه الخير لما يرجو صاحبه من ثواب الله له على ذلك في يوم هو أحوج ما يكون إليه ولثقته بوعد الله بأن يخلف له خيرًا مما أنفقه قال تعالى:}وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ{([1]).كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية }لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ{([2]) قام أبو طلحة رضي الله عنه وهو زوج أم سليم الأنصارية - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الله تعالى يقول: }لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ{وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت؛ وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه»([3]). وأما أم سليم الأنصارية رضي الله عنها فكانت من أسرع الناس إلى البذل في وجوه الخير بما تجود به نفسها، ومواقفها في ذلك كثيرة لا تكاد تحصى. ولكن من أبرز تلك المواقف وأعجبها ما كان في طعامها من ظهور معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي - قال أنس رضي الله عنه: «قال أبو طلحة لأم سليم رضي الله عنها: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفًا أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء ؟ قالت: نعم، فأخرجت أقراصًا من شعير ثم أخرجت خمارًا لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت يدي وردتني ببعضه ثم أرسلتني إلى رسول الله قال: فذهبتُ به فوجدت رسول الله في المسجد، ومعه الناس فقمت عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأنس): أرسلك أبو طلحة؟ قال: فقلت: نعم، فقال: أَلِطَعَامٍ؟ فقلت: نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: قوموا قال: فانطلق ، وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله بالناس، وليس عندنا ما يطعمهم فقالت: الله ورسوله أعلم([4])، قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه حتى دخلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هلمي ما عندك يا أم سليم» فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله ففت وعصرت عليه أم سليم عكة ([5]) لها فَأَدَمَتْه، ثم قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء أن يقول ثم قال: «ائذن لعشرة»، فأذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال: «ائذن لعشرة» فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال: «ائذن لعشرة» حتى أكل القوم كلهم حتى شبعوا والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً»([6]). فهذا الفضل وإن شاركها فيه زوجها أو طلحة صاحب الفكرة وهو أبو الأسرة إلا أن لأم سليم الأنصارية الفضل أيضًا في إظهار ما عندها من الطعام ولو كان يسيرًا، فلو أنها قالت لزوجها حين سألها عما عندها ليس عندي شيء وتعني بذلك ما يصلح لأن يكون طعامًا للنبي صلى الله عليه وسلم لكانت صادقة ولكن رغبتها الشديدة فيما عند الله وإيثارها النبي صلى الله عليه وسلم على نفسها وعيالها جعلها تخرج ما كان في بيتها من طعام وإن قل قدره وضعفت نوعيته ولذا كافأها الله بسبب إخلاصها في حبها للنبي صلى الله عليه وسلم وحسن نيتها بأن بارك الله في ذلك الطعام القليل ببركة النبي صلى الله عليه وسلم حتى أكل منه العدد الكثير. قد تكررت هذه المواقف النبيلة من أم سليم دون مشاركة زوج أو ابن مع ظهور معجزة النبي صلى الله عليه وسلم في كل مرة، فقد روى البخاري من حديث أنس بن مالك قال الراوي: مر بنا (أي أنس) في مسجد بني رفاعة فسمعته يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بجنبات أم سليم دخل عليها، فسلم عليها، ثم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عروسًا بزينب فقالت أم سليم: لو أهدينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فقلت لها: افعلي فعمدت إلى تمر وسمن وأقط فاتخذت حيسة ([7]) في برمة فأرسلت بها معي إليه فانطلقت بها إليه فقال لي: «ضعها» ثم أمرني فقال: «ادع لي رجالاً سماهم، وادع لي من لقيت» قال: ففعلت الذي أمرني فرجعت فإذا البيت غاص بأهله فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يديه على تلك الحيسة، وتكلم بها ما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه يقول لهم: «اذكروا اسم الله، وليأكل كل رجل مما يليه» ثم تصدعوا (تفرقوا) كلهم عنها ([8]). وفي رواية لمسلم «تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بأهله فصنعت أم سليم حيسًا فجعلته في تور ([9]) فقالت: يا أنس اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل: بعثت بهذا إليك أمي، وهي تقرأ عليك السلام، وتقول: إن هذا لك منا قليل يا رسول الله، قال: فذهبت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت: إن أمي تقرأ عليك السلام فذكر الحديث إلى أن قال: فدعوت من سمى ومن لقيت قال: قلت لأنس: كم كانوا ؟ قال: زهاء (أي قدر) ثلاثمائة وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أنس هات التور» قال: فدخلوا حتى امتلأت الصفة والحجرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليتحلق عشرة عشرة، وليأكل كل إنسان مما يليه» قال: فأكلوا حتى شبعوا قال: فخرجت طائفة ودخلت طائفة حتى أكلوا كلهم فقال لي : «يا أنس ارفع» قال: فرفعت فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت»([10]). وهكذا حازت أم سليم على هذا الشرف العظيم والفضل الجسيم بظهور معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم مرارًا في طعامها وحلول بركة النبي صلى الله عليه وسلم فيه، وكم كانت فرحتها حين يكون طعامها القليل الذي يسعه التور يشبع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم ثلاثمائة وفيهم من أضناهم الجوع ولم يكن يجد ما يسد به جوعته في غالب أيامه. فأم سليم رضي الله عنها دفعت في هذا قليلاً من الطعام وأُجِرَت عليه كثيرًا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من رؤية الجميع لهذه المعجزة النبوية في طعامها التي ازدادوا بها إيمانًا على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم فرضي الله عن أم سليم فقد كانت سباقة إلى كل خير حريصة على اغتنام الفرصة وإيصاله في الوقت المناسب. ([1]) سورة سبأ الآية (39). ([2])سورة آل عمران الآية (92). ([3]) رواه البخاري في صحيحه في الزكاة باب الزكاة على الأقارب (3/ 325 برقم 1461) ومسلم في الزكاة باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين (2/ 693 برقم 998). ([4]) قال ابن حجر في الفتح(6/ 586): قولها الله ورسوله أعلم كأنها عرفت أنه فعل ذلك عمدًا ليظهر الكرامة في تكثير الطعام في تكثير الطعام ودل ذلك على فطنة أم سليم ورجحان عقلها. ([5]) العكة وعاء صغير من جلد للسمن خاصة. ([6]) رواه البخاري في المناقب باب علامات النبوة في الإسلام (6/ 586/ برقم 3587) ومسلم في الأشربة باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه لذلك (3/ 1612/ 2040). ([7]) هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن قاله في النهاية في غريب الحديث (1/ 467). ([8]) رواه البخاري في النكاح باب الهدية للعروس (9/226/ 5163). ([9]) وهو إناء من صفر أو حجارة كالإجانة وقد يتوضأ منه قاله في النهاية (1/ 199). ([10]) في صحيحه في النكاح باب زواج زينب بنت جحش (2/ 1051/ برقم 94). |
|||
2015-09-12, 21:58 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
أم سليم الأنصارية وبشارتها بالجنة: كان عاقبة ذلك النضال وتلك التضحيات من أم سليم الأنصارية محمودة وقد تقبل الله منها تلك المواقف قبولاً حسنًا فسعدت به دنيا وأخرى فهي ممن يقال لها يوم القيامة إن شاء الله تعالى: }كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ{([1]).وغاية ما يتمنى المرء في هذه الدنيا أن يبشر بالجنة ونعيمها، وهو على قيد الحياة من قبل من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فتلك سعادة لا تدانيها أية سعادة، وقد أعطى الله أم سليم رضي الله عنها هذا الفضل العظيم بمنه وكرمه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم. فقد روى البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء ([2]) امرأة أبي طلحة وسمعت خشفة ([3]) فقلت: من هذا ؟ فقال: بلال، ورأيت قصرًا بفنائه جارية فقلت لمن؟ فقال: لعمر فأردت أن أدخله، فأنظر إليه فذكرت غيرتك فقال عمر بأبي وأمي يا رسول الله: أعليك أغار»([4]). وإنما قلت في حال حياتها لأنها توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم في حدود الأربعين من الهجرة كما سيأتي. وفي رواية لمسلم: «فسمعت خشفة فقلت: من هذه؟ قالوا هذه الغميضاء بنت ملحان أم أنس بن مالك»([5]). وهكذا صارت أم سليم في مستقر رحمة الله في جنة عرضها السموات والأرض بجوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. فيا لها من سعادة أبدية فهنيئًا لأم سليم رضي الله عنها بهذا الفضل العظيم وهنيئًا لها ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم لها بالجنة. تلك هي أم سليم الأنصارية وما تركته لنا من مواقف هي في الحقيقة بطولات في ميادين المنافسة بضروب من الطاعات ومشاهد من التضحيات مع ثبات على المبدأ في السراء والضراء والأخذ بالعزيمة على النفس في المنشط والمكره وهذه المواقف عدة للصابرين وزاد يتزود بها السالك في درب الخير. وفاة أم سليم الأنصارية: توفيت في حدود الأربعين في خلافة معاوية فرضي الله عن أم سليم وأرضاها.([1]) سورة الحاقة الآية (24). ([2]) قال ابن حجر في شرحه للحديث في الفتح: هي أم سليم والرميصاء بالتصغير صفة لرمص كان بعينها، وقال ابن عبد البر: أم سليم هي الرميصاء والغميضاء والمشهور فيه الغين وأختها الرميصاء ومعناهما متقارب والغمض والرمص قذى يابس وغير يابس يكون في أطراف العين. ([3]) حركة المشي وصوته انظر في النهاية (2/ 24). ([4]) رواه البخاري في فضائل الصحابة باب مناقب عمر بن الخطاب (7/ 40 برقم 3679). ([5]) في صحيح مسلم في فضائل الصحابة باب من فضائل أم سليم أم أنس وبلال (4/ 1908/ 2456). |
|||
2015-09-12, 22:17 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
الخاتمة
تبين لنا من خلال ما تقدم أن أم سليم الأنصارية قد أسهمت في بناء المجتمع بكل ما تقدر عليه من التضحية بالنفس والمال في سبيل الدعوة وحازت بذلك مناقب جمة أورثتها ذكرًا حسنًا في الدنيا عند المؤمنين وتنال بها الأجر والمثوبة عند الله يوم القيامة كما أخبر عنها بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم. وأعطت بذلك صورة مشرقة عن المرأة المسلمة وكيف أنها تستطيع أن تؤدي دورها المنوط بها في المجتمع كامرأة مع المحافظة على القيم والتعاليم الإنسانية. أفلا يجدر بالمرأة المسلمة أن تتخذ بأم سليم وغيرها من الصحابيات قدوة لها دون أن تغتر بدعوات المغرضين الذين يتخذون المرأة وسيلة لتحقيق أهدافهم في المجتمع باسم الحرية والمساواة. وحتى لا تقع المرأة المسلمة فريسة لكل الأهواء لا بد أن تتفقه في دين الله لتكون على بصيرة من أمرها حينها تستطيع أن تؤدي رسالتها على الوجه المطلوب بعيدة كل البعد عن كل ما يخدش كرامتها ويسيء إلى سمعتها كمسلمة. والله نسأل أن يوفق الجميع لما فيه خير هذه الأمة دنيا وأخرى إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. تقديم عمر ايمان ابو بكر |
|||
2016-12-21, 23:30 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
جزاك الله خيرا ع معلومات مفيدة بوركت |
|||
2017-01-07, 14:19 | رقم المشاركة : 14 | |||
|
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
|
|||
2017-01-22, 09:07 | رقم المشاركة : 15 | |||
|
بارك الله فيك
|
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
مسلم, مفخرة, مواقف, الآنصارية, سليم, ومسلمة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc