إلى المتعصبين لأقوال من يعظِّمون - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

إلى المتعصبين لأقوال من يعظِّمون

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-11-22, 03:57   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي إلى المتعصبين لأقوال من يعظِّمون

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه وصيَّة نافعة من الإمام ابن تيميَّة رحمه الله في الكلام على تفاضل العلماء وغيرهم
وسبب نقلي لها أن كثيرا من المبتدئين في طلب العلم أو العوام الذين يحبُّون بعض المشايخ وطلبة العلم يرفعونهم فوق منزلتهم ويغمطون من هم أكثر منهم علما وأولى بالتَّقديم والاتِّباع ولا أود الإطالة لأنَّ كلام الإمام رحمه الله يغني عن كلماتي وتحليلاتي ، وهذا ليس خاصّا بمن يفضَّل أحدا على أحد في علم بعينه بل هو شامل لكل العلوم ، فرحم الله ابن تيمية ووفقنا لفهم هذه الوصيَّة وامتثال ما جاء فيها .

قال رحمه الله في الجواب الصَّحيح على من بدَّل دين المسيح (5/131)

يمتنع مع العلم والعدل في كل اثنين أحدهما أكمل من الآخر في فن أنْ يُقَرَّ بِمَعْرِفَةِ ذلكَ الفَنِّ للمفضولِ دون الفاضلِ وقولنا مع العلمِ والعدلِ لأنَّ الظالمَ يفضلُ المفضولَ مع علمهِ بأنه مفضولٌ ، والجاهلُ قد يعرفُ المفضولَ ولا يعرفُ الفاضلَ
فإن كثيرا من الناس يعلمون فضيلة متبوعهم إما في العلم أو العبادة ولا يعرفون أخبار غيره حتى يوجد أقوام يعظمون بعض الأتباع دون متبوعه الذي هو أفضل منه عند التابع وغيره لا يعرفونه فهؤلاء ليس عندهم علم ولهذا تجد كثيرا من هؤلاء يرجح المفضول لعدم علمه بأخبار الفاضل وهذا موجود في جميع الأصناف حتى في المدائن يفضل الإنسان مدينة يعرفها على مدينة هي أكمل منها لكونه لا يعرفها
والحكم بين الشيئين بالتماثلِ أو التفاضلِ يستدعي معرفة كل منهما ومعرفة ما اتَّصَفَ به من الصِّفاتِ التي يقعُ بها التماثلُ والتفاضلُ كمن يريد أن يعرف أن البخاري أعلم من مسلم وكتابه أصح أو أن سيبويه أعلم من الأخفش ونحو ذلك
وقد فضل الله بعض النبيين على بعض كما قال تعالى ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض

وقال تعالى { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض }
والكلام في شيئين :
أحدهما في كون المفضول يستحق تلك المنزلة دون الفاضل وهذا غاية الجهل والظلم كقول الرافضة الذين يقولون إن عليا كان إماما عالما عادلا والثلاثة لم يكونوا كذلك
وكذلك اليهود والنصارى الذين يقولون إن موسى كان رسولا ومحمد لم يكن كذلك فإن هذا في غاية الجهل والظلم بخلاف من اعترف باستحقاق الاثنين للمنزلة ولكن فضل المفضول فهذا أقل جهلا وظلما...
وهو ضمن كلام نافع جدا من (5/117 _ 145 )
قال ابن القيِّم رحمه الله تعالى في كتابه القيِّم " الصَّواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة "
السبب الثَّالث : ( من أسباب قبول التَّأويل ) وإن كان كلامه رحمه الله عن أهل التَّجهم والتَّحريف للآيات ، إلا أنَّه ينطبق على كثير من البدع والضَّلالات والأخطاء التي ينشرها البعض ، فيبدأ بعض الجهَّال من المتعصبين بالانتصار لها لأن ذلك الملبِّس أورد اسم الشَّيخ المعظَّم فيها لييبهر به أعينهم .

قال رحمه الله ، السبب الثالث :
أن يعزو المتأول تأويله وبدعته إلى جليل القدر نبيه الذكر من العقلاء أو من آل البيت النبوي أو من حل له في الأمة ثناء جميل ولسان صدق ليحليه بذلك في قلوب الأغمار والجهال فإن من شأن الناس تعظيم كلام من يعظم قدره في نفوسهم وأن يتلقوه بالقبول والميل إليه وكلما كان ذلك القائل أعظم في نفوسهم كان قبولهم لكلامه أتم حتى إنهم ليقدمونه على كلام الله ورسوله ويقولون هو أعلم بالله ورسوله منا
وبهذه الطريق توصل الرافضة والباطنية والإسماعيلية والنصيرية إلى تنفيق باطلهم وتأويلاتهم حتى أضافوها إلى أهل بيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما علموا أن المسلمين متفقون على محبتهم وتعظيمهم وموالاتهم وإجلالهم فانتموا إليهم وأظهروا من محبتهم وموالاتهم واللهج بذكرهم وذكر مناقبهم ما خيل إلى السامع أنهم أولياؤهم وأولى الناس بهم ثم نفقوا باطلهم وإفكهم بنسبته إليهم فلا إله إلا الله كم من زندقة وإلحاد وبدعة وضلالة قد نفقت في الوجود بنسبتها إليهم وهم براء منها براءة الأنبياء من التجهم والتعطيل وبراءة المسيح من عبادة الصليب والتثليث وبراءة رسول الله من البدع والضلالات
وإذا تأملت هذا السبب رأيته هو الغالب على أكثر النفوس وليس معهم سوى إحسان الظن بالقائل بلا برهان من الله ولا حجة قادتهم إلى ذلك وهذا ميراث بالتعصيب من الذين عارضوا دين الرسل بما كان عليه الآباء والأسلاف فإنهم لحسن ظنهم بهم وتعظيمهم لهم آثروا ما كانوا عليه على ما جاءتهم به الرسل وكانوا أعظم في صدورهم من أن يخالفوهم ويشهدوا عليهم بالكفر والضلال وإنهم كانوا على الباطل وهذا شأن كل مقلد لمن يعظمه فيما خالف فيه الحق إلى يوم القيامة









 


آخر تعديل جواهر الجزائرية 2011-11-22 في 06:45.
رد مع اقتباس
قديم 2011-11-22, 06:43   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي إلى المتعصبين لأقوال من يعظِّمون

قال ابن الجوزي رحمه الله

في " صيد الخاطر " ،


في كلام له عن انحراف الصُّوفيَّة ( ص 54 _ 60 ) ت : الطنطاوي
وقد نقلت مواضع منه
قال رحمه الله :
1-
فجاء أقوام، فأظهروا التزهد ، وابتكروا طريقة زينها لهم الهوى ، ثم تطلبوا لها الدليل .
وإنما ينبغي للإنسان أن يتبع الدليل لا أن يتبع طريقاً ويطلب دليلها.

ثم انقسموا: فمنهم، متصنع في الظاهر، ليث الشرى في الباطن.
يتناول في خلواته الشهوات، وينعكف على اللذات. ويري الناس بزيه أنه متصوف متزهد، وما تزهد إلا القميص وإذا نظر إلى أحواله فعنده كبر فرعون.
ومنهم: سليم الباطن، إلا أنه في الشرع جاهل.
ومنهم: من تصدر، وصنف، فاقتدى به الجاهلون في هذه الطريقة، وكانوا كعمي اتبعوا أعمى.
ولو أنهم تلمحوا للأمر الأول ، الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم ، لما ذلوا .
ولقد كان جماعة من المحققين ، لا يبالون بمعظم في النفوس إذا حاد عن الشريعة ، بل يوسعونه لوماً.
فنقل عن أحمد أنه قال له المروزي: ما تقول في النكاح ؟
فقال: سنة النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: فقد قال إبراهيم. قال: فصاح بي وقال: جئتنا ببنيات الطريق ؟
وقيل له: إن سريا السقطي قال: لما خلق الله تعالى الحروف، وقف الألف وسجدت الباء .
فقال: نَفِّرُوا الناسَ عَنْهُ.
واعلم أن المحقق لا يهوله اسم معظم
كما قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أتظن أنا نظن أن طلحة والزبير ، كانا على الباطل ؟
فقال له: إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله.

ولعمري إنه قد وقر في النفوس تعظيم أقوام ، فإذا نقل عنهم شيء فسمعه جاهل بالشرع قبله ، لتعظيمهم في نفسه.
كما ينقل عن أبي يزيد رضي الله عنه، أنه قال: تراعنت علي نفسي فحلفت لا أشرب الماء سنة.
وهذا إذا صح عنه، كان خطأ قبيحا ً، وزلة فاحشة ، لأن الماء ينفذ الأغذية إلى البدن ، ولا يقوم مقامه شيء ، فإذا لم يشرب فقد سعى في أذى بدنه ، وقد كان يستعذب الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أفترى هذا فعل من يعلم أن نفسه ليست له، وأنه لا يجوز التصرف فيها إلا عن إذن مالكها...

2-
واسمع مني بلا محاباة ، لا تحتجن علي بأسماء الرجال، فتقول: قال بشر، وقال إبراهيم بن أدهم، فإن من احتج بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه - رضوان الله عليهم - أقوى على أن لأفعال أولئك وجوهاً نحملها عليهم بحسن الظن ...

3-
ومن تأمل هذه الأشياء، علم أن فقيهاً واحداً - وإن قل أتباعه ، وخفت إذا مات أشياعه - أفضل من ألوف تتمسح العوام بهم تبركاً ، ويشيع جنائزهم ما لا يحصى .
وهل الناس إلا صاحب أثر نتبعه ، أو فقيه يفهم مراد الشرع ويفتي به ؟.
نعوذ بالله من الجهل، وتعظيم الأسلاف تقليداً لهم بغير دليل !.
فإن من ورد المشرب الأول، رأى سائر المشارب كدرة ، والمحنة العظمى مدائح العوام، فكم غرت ... !!.
كما قال علي رضي الله عنه: ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئاً.










آخر تعديل جواهر الجزائرية 2011-11-22 في 06:49.
رد مع اقتباس
قديم 2011-11-22, 06:56   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قَالَ الإِمَامُ ابْنُ قُتَيْبَةَ رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ
( إِصْلاَحُ غَلَطِ أَبِيْ عُبَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ )

(( وَقَدْ يَتَعَثَّرُ فِي الرَّأْي جِلَّةُ أَهْلِ النَّظَرِ ، وَالْعُلَمَاءُ الْمُبَرِّزُوْنَ ، وَالْخَائِفُوْنَ للَّهِ الْخَاشِعُوْنَ ، فَهَؤُلاَءِ صَحَابَةُ رَسُوْلِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ -وَهُمْ قَادَةُ الأَنَامِ ، وَمَعَادِنُ الْعِلْمِ ، وَيَنَابِيْعُ الْحِكْمَةِ ، وَأَوْلَى الْبَشَرِ بِكُلِّ فَضِيْلَةٍ ، وَأَقْرَبُهُمْ مِنَ التَّوْفِيْقِ وَالْعِصْمَةِ - لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ بِرَأْيِهِ فِي الْفِقْهِ ، إِلاَّ وَفِي قَوْلِهِ مَا يَأْخُذُ بِهِ قَوْمٌ ، وَفِيْهِ مَا يَرْغَبُ عَنْهُ آخَرُوْنَ ، وَكَذَلِكَ التَّابِعُوْنَ .

وَالنَّاسُ يَخْتَلِفُوْنَ فِي الْفِقْهِ ، وَيَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فِي الْحَلاَلِ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ ، وَفِي الْحَرَامِ أَنَّهُ حَلاَلٌ ، وَهَذَا طَرِيْقُ النَّجَاةِ أَوِ الْهَلَكَةِ ، لاَ كَالْغَرِيْبِ ، وَالنَّحْوِ ، وَالْمَعَانِي ، الَّتِيْ لَيْسَ عَلَى الْهَافِي بِهَا كَبِيْرُ جُنَاحٍ ، كَالشَّافِعِيِّ يَرُدُّ عَلَى الثَّوْرِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ، وَعَلَى مُعَلِّمِهِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَأَبُوْ عُبَيْدٍ يَخْتَارُ مِنْ أَقَاوِيْلِ السَّلَفِ فِي الْفِقْهِ وَمِنْ قِرَاءَتِهِمْ ، وَيُرَذِّلُ مِنْهَا ، وَيَدُلُّ عَلَى عَوْرَاتِ بَعْضِهَا ، بِالْحُجَجِ الْبَيِّنَةِ ، وَعُلَمَاءُ اللُّغَةِ يَخْتَلِفُوْنَ ، وَيُنَبِّهُ بَعْضُهُمْ عَلَى زَلَلِ بَعْضٍ ، وَالْفَرَّاءُ يَرُدُّ عَلَى إِمَامِهِ الْكِسَائِيِّ ، وَهِشَامٌ يَرُدُّ عَلَى الْفَرَّاءِ ، وَالأَصْمَعِيِّ يُخَطِّىءُ الْمُفَضَّلَ ، وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحَاطَ بِهِ ، أَوْ يُوْقَفُ مِنْ وَرَائِهِ .


وَلاَ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْطَى أَحَداً مِنَ الْبَشَرِ مَوْثِقاً مِنَ الْغَلَطِ ، وَأَمَاناً مِنَ الْخَطَإِ فَنَسْتَنْكِفُ لَهُ مِنْهَا ، بَلْ وَصَلَ عِبَادَهُ بِالْعَجْزِ ، وَقَرَنَهُمْ بِالْحَاجَةِ ، وَوَصَفَهُمْ بِالضَّعْفِ وَالْعَجَلَةِ ، فَقَالَ { وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } ، وَ {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } وَ { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } ، وَلاَ نَعْلَمَهُ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْماً دُوْنَ قَوْمٍ ، وَلاَ وَقَفَهُ عَلَى زَمَنٍ دُوْنَ زَمَنٍ ، بَلْ جَعَلَهُ مُشْتَرَكاً ، مَقْسُوْماً بَيْنَ عِبَادِهِ ، فَتَحَ لِلآخِرِ مِنْهُ مَا أَغْلَقَهُ عَنِ الأَوَّلِ ، وَيُنَبِّهُ الْمُقِلِّ مِنْهُ عَلَى مَا أَغْفَلَ عَنْهُ الْمُكْثِرَ ، وَيُحْيِيْهِ بِمُتَأَخِّرٍ ، يَتَعَقَّبُ قَوْلَ مُتَقَدِّمٍ ، وَتَالٍ يَعْتَبِرُ عَلَى مَاضٍ .

وَأَوْجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ شَيْئاً مِنَ الْحَقِّ أَنْ يُظْهِرَهُ ، وَيَنْشُرَهُ ، وَجَعَلَ ذَلِكَ زَكَاةَ الْعِلْمِ ، كَمَا جَعَلَ الصَّدَقَةَ زَكَاةَ الْمَالِ ، وَقَدْ قِيْلَ : " اتَّقُوْا زَلَّةَ الْعَالِمِ " ، وَزَلَّةُ الْعَالِمِ لاَ تُعْرَفُ حَتَّى تُكْشَفَ ، وَإِنَ لَمْ تُعْرَفْ هَلَكَ بِهَا الْمُقَلِّدُوْنَ ، لِأَنَّهُمْ يَتَلَقُّوْنَهَا مِنَ الْعَالِمِ بِالْقَبُوْلِ ، وَلاَ يَرْجِعُوْنَ إِلاَّ بِالإِظْهَارِ لَهَا ، وَإِقَامَةِ الدَّلاَئِلِ عَلَيْهَا وَإِحْضَارِ الْبَرَاهِيْنِ .

وَقَدْ يَظُنُّ مَنْ لاَ يَعْلَمُ مِنَ النَّاسِ ، وَلاَ يَضَعُ الأُمُوْرَ مَوَاضِعَهَا ، أَنَّ هَذَا اغْتِيَابٌ لِلْعُلَمَاءِ ، وَطَعْنٌ عَلَى السَّلَفِ ، وَذِكْرٌ لِلْمَوْتَى ، وَكَانَ يُقَالُ " اعْفْ عَنْ ذِيْ قَبْرٍ " ، وَلَيْسَ ذَاكَ كَمَا ظَنُّوْا ، لأَنَّ الْغِيْبَةَ : سَبُّ النَّاسِ بِلَئِيْمِ الأَخْلاَقِ ، وَذِكْرُهُمْ بِالْفَوَاحِشِ وَالشَّائِنَاتٍ ، وَهَذَا هُوَ الأَمْرُ الْعَظِيْمُ ، الْمُشَبَّهُ بِأَكْلِ اللُّحُوْمِ الْمَيْتَةِ ، فَأَمَّا هَفْوَةٌ فِيْ حَرْفٍ ، أَوْ زَلَّةٌ فِيْ مَعْنَىً ، أَوْ إِغْفَالٌ ، أَوْ وَهَمٌ ، أَوْ نِسْيَانٌ ، فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا مِنَ ذَلِكَ البَابُ ، أَوْ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ مُشَاكِلاً أَوْ مُقَارِباً ، أَوْ يَكُوْنُ الْمُنَبِّهُ عَلَيْهِ آثِماً ، بَلْ يَكُوْنُ مَأْجُوْراً عِنْدَ اللَّهِ ، مَشْكُوْراً عِنْدَ عِبَادِهِ الصَّالِحِيْنَ ، الَّذِيْنَ لاَ يَمِيْلُ بِهِمْ هَوَىً ، وَلاَ تَدْخُلُهُمْ عَصَبِيَّةٌ ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ تَحَزُّبٌ ، وَلاَ يَلْفُتُهُمْ عَنِ اسْتِنَابِةِ الْحَقِّ حَسَدٌ .


وَقَدْ كُنَّا زَمَاناً نَعْتَذِرُ مِنَ الْجَهْلِ ، فَقَدْ صِرْنَا الآنَ نَحْتَاجُ إِلَى الاعْتِذَارِ مِنَ الْعِلْمِ ، وَقَدْ كُنَّا نُؤَمِّلُ شُكْرَ النَّاسِ بِالتَّنْبِيْهِ وَالدَّلاَلَةِ ، فَصِرْنَا نَرْضَى بِالسَّلاَمَةِ ، وَلَيْسَ هَذَا بِعَجِيْبٍ ، مَعَ انْقِلاَبِ الأَحْوَالِ ، وَلاَ يُنْكَرُ مَعْ تَغَيُّرِ الزَّمَانِ ، وَفِي اللَّهِ خَلَفٌ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ .

وَنَذْكُرُ الأَحَادِيْثَ الَّتِيْ خَالَفْنَا الشَّيْخَ أَبَا عُبَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ فِيْ تَفْسِيْرِهَا ، عَلَى قِلَّتِهَا فِي جَنْبِ صَوَابِهِ ، وَشَكَرْنَا مَا نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ مِنْ عِلْمِهِ ، مُعْتَدِّيْنَ فِيْ ذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ :

أَحَدِهِمَا : مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ عَلِمَ فِيْ عِلْمِهِ
وَالآخَرِ :
أَلاَّ يَقِفَ نَاظِرٌ فِيْ كُتُبِنَا عَلَى حَرْفٍ خَالَفْنَاهُ فِيْهِ ، فَيَقْضِيَ عَلَيْنَا بِالْغَلَطِ ، وَنَحْنُ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ سَالِمُوْنَ ، وَمَا أَوْلاَكَ رِحِمَكَ اللَّهُ بِتَدَبُّرِ مَا نَقُوْلُ ، فَإِنْ كَانَ حَقًّا ، وَكُنْتَ لِلَّهِ مُرِيْداً أَنْ تَتَلَقَّاهُ بِقَلْبٍ سَلِيْمٍ ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً أَوْ كَانَ فِيْهِ شَيْءٌ ذَهَبَ عَنَّا ، أَنْ تَرُدَّنَا عَنْهُ بِالاحْتِجَاجِ وَالْبُرْهَانِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فَي النُّصْرَةِ ، وَأَوْجَبُ لِلْعُذْرِ وَأَشْفَى لِلْقُلُوْبِ ) اهـ


فَرَحِمَهُ اللهُ عَلَى هَذِهِ الدُّرَةِ النَّافِعَةِ ، ونَفَعَ الْمُتَعَصِّبِيْنَ بِهَا

منقول

__________________









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-22, 07:00   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب ( القواعد الكليَّة ) المسمى النورانية ص 210 ، ت : محيسن المحيسن


القاعدة الأولى في " صفة العقود "
القول الأول : أن الأصل هو اللفظ ، ويستثنون في بعضها لأمور ذكرها .
القول الثاني : أنها تصح بالأفعال
القول الثالث : أنها تصح بكل ما يدل على مقصودها سواء كان قولا أو فعلا ، ولا يجب على الناس التزام نوع معين الاصطلاحات في المعاملات
... ولم يشترط لفظا معينا ولا فعلا معينا يدل على التَّراضي وعلى طيب النَّفس ، ونحن نعلم بالاضطرار من عادات النَّاس ، في أقوالهم وأفعالهم أنَّهم يعلمون التَّراضي وطيب النَّفس بطرق متعددة من الأقوال والأفعال ، فنقول : قد وجد التَّراضي وطيب النَّفس ، والعلم به ضروري في غالب ما يعتاد من العقود ، وهو ظاهر في بعضها ، وإذا وجد تعلَّق الحكم به بدلالة القرآن .
فهذه الأمور التي اعتبرها الشَّارع في الكتاب والسُّنَّة والآثار حكمتها بيِّنَةٌ ، وهذه القاعدة الجامعة التي ذكرناها ، من
أنَّ العقود تصحُّ بكل ما دلَّ على مقصودها من قول أو فعل ، هي التي تدلُّ عليها أصول الشَّريعة ، وهي التي تعرفها القلوب ...
وبعض النَّاس يحملة اللدد في نصره لقول معيَّنٍ ، على أن يجحد ما يعلمه النَّاس من التَّراضي وطيب النَّفس ، فلا عبرة بجحد مثل هذا ، فإنَّ جحد الضروريات يقع كثيرا عن مواطأة وتلقين في الأخبار والمذاهب ، فالعبرة بالفطرة التي لم يعارضها ما يُغَيِّرها ...
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه"
موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول" : " فدين المسلمين مبني على اتباع كتاب الله وسنة رسوله وما اتفقت عليه الأمة فهذه الثلاثة هي أصول معصومة وما تنازعت فيه الأمة ردوه إلى الله والرسولوليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو الى طريقته ويوالي عليها ويعادي غير النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينصب لهم كلاماً يوالى عليه ويعادي غير كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وما اجتمعت عليه الأمة بل هذا فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً او كلاماً يفرقون به بين الأمة يوالون على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون " درء تعارض العقل والنقل 1/272

وقال رحمه الله في منهاج السنة النبوية :"وكثير من الناس فيهم من الغلو في شيوخهم من جنس ما في الشيعة من الغلو في الأئمة" 6/430 ـ 431










آخر تعديل جواهر الجزائرية 2011-11-22 في 07:03.
رد مع اقتباس
قديم 2011-11-22, 07:21   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال الشيخ حفظه الله [ ربيع المدخلي ]

مفاسد التعصب

نصوص كثيرة ردت وهي في غاية الوضوح ... من أجل ماذا ؟ وما الذي حملهم على ردها أو تأويلها أو تحريفها ؟ إنما هو ذلكم الداء المقيت داء التعصب والعصبية العمياء ، والعياذ بالله وقد ذكر بعض العلماء ومنهم ابن القيم المفاسد التي تردى فيها المتعصبون للمذاهب فقال منها :

أولا: مخالفة النصوص الثابتة من الكتاب والسنة تعصبا للمذاهب ، وتقديم الرأي المحض أحيانا عليها .
ثانيا : كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة والاحتجاج بها واستنباط الأحكام منها، حملهم التعصب وبعضهم يكذب ويفتري نصرة لمذهبه ، وكتب مصطلح الحديث فيها أمثلة من هذه النماذج لهؤلاء المتعصبين .
ثالثا : تقديم أقوال العلماء المتأخرين على أقوال الأئمة المتقدمين ، وقد أنحى أبو شامة في كتابه المؤمل باللائمة على أهل مذهبه الشافعية ، قال : إن الشافعية الأولين كانوا يتعصبون لأقوال أئمتهم لكن يأخذون من قول المزني وقول غيره وقد يردون أقوال بعض الصحابة وبعض التابعين ثم جاء المتأخرون فردوا كلام المزني وغيره وتعلقوا بكلام الغزالي وأمثاله وأنحى عليهم باللائمة في الكتاب وبين ما تردت إليه أوضاعهم وأحوالهم التي جرهم إليها التعصب الأعمى، والعياذ بالله.
رابعا : الانحباس في مذهب واحد وعدم الاستفادة من علم المذاهب الأخرى وجهود رجالها وكتبها تعصبا لمذهب معين .
خامسا: خلو كثير من الكتب المذهبية من الأدلة الشرعية ، ورغبة كثير عن دراسة الكتاب والسنة الى هذه الكتب .
سادسا: شيوع التقليد والجمود وإقفال باب الاجتهاد .
وقد اختلفت دعوى إقفال باب الاجتهاد متى كان هذا الإقفال
؟
فمنهم من يقول على رأس المائتين أغلق باب الاجتهاد ، ومنهم من يقول على رأس الأربعمائة ، ومنهم من يقول أغلق باب الاجتهاد على أحمد بن حنبل ، إلى آخر الأقوال القائمة على الجهل والهوى والتي دفع إليها التعصب الأعمى ، وإلا فكتاب الله هذا الكتاب الخالد كيف يقصر فهمه على أناس معينين وتقصر فائدته إلى أمد قصير ؟ ثم تعطل العقول ويضرب الله عليها الأقفال حتى لا يفهم الناس شيئا من دين الله تبارك وتعالى .
هذه دعوى إغلاق باب الاجتهاد مآلها أن حطم العقل الإسلامي ووقف سير المد الإسلامي في الفتوحات وفي العلوم الإسلامية نفسها وجنى على الأمة الإسلامية جناية خطيرة مما جعلها في مؤخرة الأمم .
إن أعداء الإسلام قد سخروا هذا الطاقات العقلية في مصالحهم فاخترعوا من المخترعات ما تعرفونه وما هو موجود الآن بين أيدينا ، فمنها السيارات ومنها الصواريخ ومنها آلات الزراعة وآلات الصناعة وآلات الحرب وأشياء لا حد لها، كيف يمنح الله أعداء الإسلام من يهود ونصارى وشيوعيين هذه العقول الجبارة فتخترع هذه الاختراعات المذهلة ثم يغلق الله على قلوبنا ويجعل عليها أقفالاً فلا نفهم كتاب الله ولا نفهم سنة رسول الله ولا نفهم شيئاً من أمور الحياة ؟ .
إنها لجناية كبيرة على الأمة الإسلامية سببت من الآثار الخطيرة المدمرة في حياة المسلمين ما يعيشونه الآن من تخلف فكري وعقلي في ميادين الدين والدنيا، نسأل الله تبارك وتعالى أن ينجد المسلمين ، وأن يغيثهم من هذه الكبوة وهذه الهوة التي وقعوا فيها ، وأن يهيئ لهم دعاة مخلصين لينقذوهم من هذا البلاء المدمر الذي ما هو إلا ثمرة من ثمار التعصب الأعمى والجمود أدى بهم إلى أشياء مضحكة كأن يتمسك الإنسان بجملة من النص ويحتج بها ويكون في الحديث جملة أخرى تدل على شيء يخالف مذهبه فيأخذ بما يوافق مذهبه من هذا النص المعين ويرد من هذا النص ما يخالف مذهبه .

سابعا : التشدد في بعض المسائل مما فيه عنت كبير على الناس ومما يجر عليهم وسوسة وما شابه ... تجدون ذلك في النية مثلاً.
حتى إنك لتقف في كثير من المساجد فلا تهنأ بالصلاة ولا تستحضر عظمة الله ولا تستطيع الخشوع فيها لأن بجانبك من يوسوس "الله أكبر ... الله أكبر ـ يزيد التكبير عشرات المرات ـ نويت نويت نويت" فهذه المذهبية والتعصب العقائدي والتعصب المذهبي ولهم ردود ومؤلفات كثيرة وممن تكلم عن هذا البلاء الخطير وعما انحدر عليه المتعصبون للمذاهب الفخر الرازي عند تفسير قوله تعالى
(( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون )) (1).
قال عند تفسير هذه الآية عن أحد شيوخه المحققين "قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله في بعض المسائل وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات .. فلم يلتفتوا إلهيا وبقوا ينظرون إلي كالمتعجب ، يعنى كيف يمكن العمل بظاهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت بخلافها(2).
هذه من أئمة الشافعية يشهد على أناس من أهل المذاهب أنهم يردون آيات قرآنية وإذا احتج الإنسان بالآيات يبهتون ويقفون مشدوهين كيف يمكن العمل بهذه الآيات وهي تخالف مذهبنا ؟ فهذا الرازي منتم لمذهب الشافعي لكن لا ينحدر به التعصب الأعمى إلى المنحدر الذي يهوى إليه كثير من المتعصبين . كذلك أبو شامة والنووي وابن حجر يعالجون بعض هذه القضايا .
أما ابن القيم رحمه الله وغيره فقد كتبوا في ذلك المؤلفات ، وما كتاب (إعلام الموقعين) للإمام ابن القيم ـ في أربعة مجلدات ـ إلا علاج لهذا البلاء الخطير ، بلاء التعصب الأعمى والتقليد الأعمى .
قال الفخر الرازي : (ولو تأملت حق التأمل لوجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثر من أهل الدنيا داء التعصب للمذاهب وللرأي وللفكر وللسياسة وللحزب سار في أكثر الناس ـ وكيف لو رأى وعايش وعاصر هذا الوقت ورأى فيه العجائب مما هو أدهى وأمر مما كان حاصلاً في عهده ؟
وقال بعد ذلك : ليس المراد من الآيات أنهم اعتقدوا فيهم أنهم آلهة العالم ، بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم ، ثم ذكر أوجهاً ثلاثة أخرى وقال : وكل هذه الوجوه الأربعة مشاهد وواقع في هذه الأمة) (3) أهـ .
وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال لعدي بن حاتم حينما دخل عليه وهو يتلو :
(( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ….)) الآية فقال يا رسول الله : (لسنا نعبدهم ، قال : أليس يحلون لكم ما حرم الله فتحلونه ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه ؟ قال : بلى ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فتلك عبادتهم(4).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى قوله تعالى :
((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله)) وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين :
الأول : أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على هذا التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهو كفر ، وقد جعله الله ورسوله شركاً ، وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم فكان من أتبع غيره في خلاف الدين ، مع علمه أنه خلاف للدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله ، مشركا مثل هؤلاء .
الثاني : أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحرام وتحليل الحلال ثابتاً . لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب ، كما قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إنما الطاعة في المعروف)(5).
ثم ذلك المحرم للحلال والمحلل للحرام إن كان مجتهداً قصده اتباع الرسل لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر وقد اتقى الله ما استطاع فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه .
ولكن من علم أن هذا أخطأ فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه الله ، لاسيما إن اتبع في ذلك هواه ونصره باليد واللسان ، مع علمه أنه مخالف للرسول صلى الله عليه وسم فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه .
ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يجوز له تقليد أحد في خلافه ، وإنما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على الاستدلال وإن كان عاجزاً عن إظهار الحق الذي يعلمه فهذا يكون كمن عرف أن دين الإسلام حق وهو بين النصارى فإذا فعل ما يقدر عليه من الحق لا يؤاخذ بما عجز عنه وهؤلاء كالنجاشي وغيره.
وأما من قلد شخصاً دون نظيره بمجرد هواه ، ونصره بيده ولسانه من غير علم أن معه الحق فهذا من أهل الجاهلية ، وإن كان متبوعه مصيباً لم يكن عمله صالحاً ، وإن كان متبوعه مخطئاً كان آثماً . أهـ .
يعنى حتى لو كان متبوعه على الحق وهو تابعه بغير حجة ولا برهان فقط لأنه فلان . هذا آثم وإن كان متبوعه على الحق
فيجب أن يتجرد الإنسان لله ويبحث عن الحق ويتبع أهله وينصر هذا الحق وينصر أهله ، هذا هو المطلوب من المؤمن .
وقد شاع التفرق والتحزب في هذا العصر المليء بالفتن والمكتظ بالكوارث وهو أمر خطير على الأمة في دينها ودنياها
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا مايلقي بينهم العداوة والبغضاء بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى كما قال تعالى :
((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) (6). وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهداً بموافقته على كل ما يريده وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه، بل من فعل هذا كان من جنس جنكيز خان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقا ولياً ومن خالفهم عدواً بغيضاً . بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله ويفعلوا ما أمر الله به ورسوله ويحرموا ما حرم الله ورسوله ويرعوا حقوق المعلمين كما أمر الله ورسوله ، فإن كان أستاذ أحد مظلوماً نصره وإن كان ظالما لم يعاونه على الظلم بل يمنعه منه ، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (انصر أخاك ظالما أو مظلوما)(7).
وهذا يكاد ينعدم الآن في الجماعات الإسلامية ينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً على المنهج والطريق الجاهلي مع الأسف الشديد ! وهذا أمر معروف لاشك ، ولكن علينا أن نتوب إلى الله تبارك وتعالى ونرجع إلى هذا الحق الذي ربانا عليه رسول الله ، والذي يريده الله تباك وتعالى لنا أن نكون محبين للحق مناصرين له ، ثم قال بعد ذلك : فإن وقع بين معلم ومعلم وتلميذ وتلميذ ومعلم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق ، فلا يعاونه بجهل ولا بهوى بل ينظر في الأمر فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل سواء كان المحق من أصحابه أو أصحاب غيره ، وسواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره ، فيكون المقصود عبادة الله وحده وطاعة رسوله واتباع الحق قال تعالى
( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)) (8). يقال : لوى يلوي لسانه فيخبر بالكذب ، والإعراض أن يكتم الحق فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس ، ومن مال مع صاحبه سواء كان الحق له أو عليه فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله .
والواجب على جميعهم أن يكونوا يداً واحدة مع المحق على المبطل فيكون المعظم عندهم من عظمه الله ورسوله ، ويكون المقدم عندهم من قدمه الله ورسوله ، والمحبوب عندهم من أحبه الله ورسوله ، والمهان عندهم من أهانه الله ورسوله ، بحسب ما يرضى الله ورسوله لا بحسب الأهواء ، فإنه من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه .
فهذا هو الأصل الذي عليه الاعتماد وحينئذ فلا حاجة إلى تفرقهم وتشيعهم ، قال تعالى :
((إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)) (9). وقال تعالى ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات )) (10) أهـ كلام ابن تيمية رحمه الله(11).
فيجب على كل مسلم أن يفتش نفسه فقد يميل إنسان إلى صاحب الحق لهوى ، فقبل أن يتبين له الحق يتمنى أن يكون فلان هو المنتصر بالحجة أو غيرها فتميل نفسه لأنه فلان ، ولو كان على الحق لا يجوز أن يوجد هذا الميل، فيقول: إذا وجد هذا الميل ولو مع صاحب الحق يكون من حكم الجاهلية ، وهذا أمر لا يخطر بالبال عند كثير من الناس .
فيجب على المسلم أن يراقب الله في القضايا المختلف فيها ، وأن يكون قصده فقط معرفة الحق سواء مع هذا أو مع ذاك
.
ومن هنا يقول الشافعي : "إذا دخلت في مناظرة لا أبالي إذا كان الحق مع صاحبي أو معي" فلا يبالي ولا يتمنى أن يكون الحق معه بل يتمنى أن يكون مع صاحبه وأن تكون النصرة له ، هذا هو الخلق العالي وهذا هو الدين المستقيم .
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هذه النوعيات المنصفة الباحثة عن الحق، البعيدة عن الهوى وعن أساليب الجاهلية .
فالذي يلزمنا معشر الإخوة أن نفتش أنفسنا فمن وجد في نفسه شيئا من هذا المرض فعليه أن يتدارك نفسه ويقبل على العلاج الناجع ويبحث دائما على الحق لينجو بنفسه من وهدة التعصب الأعمى الذي قد يؤدي إلى الشرك بالله تبارك وتعالى أو يؤدي إلى الضلال الخطير .

هذه لمحات موجزة عن التعصب وما أدى ويؤدي إليه من نتائج وخيمة كفى الله الأمة الإسلامية شرها ووفقها للعودة إلى كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم ومنهج سلفها الصالح ، وأخذ بناصيتها إلى كل خير ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


___________

(1) التوبة آية 31.
(2) التفسير الكبير : (16/39).
(3) التفسير الكبيرة : (16/39).
(4) رواه الترمذي : كتاب التفسير (3095) ، وحسنه الشيخ الألباني في غاية المرام ص (20).
(5) البخاري (7145) ، ومسلم (1840) .
(6) المائدة آية 2.
(7) البخاري (2444).
(8) النساء آية 135.
(9) الأنعام آية 159.
(10) آل عمران آية 105.
(11) انظر مجموع الفتاوى (28/15 ـ 17).











رد مع اقتباس
قديم 2012-01-22, 21:05   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
بصمة قلم
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية بصمة قلم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يُثبت الموضوع الى حين
بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-23, 17:53   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
khalil83
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية khalil83
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا
رفع الله قدرك موضوع مهم وجيد وخاصة في هذا الوقت
اللهم ارزقنا الاتباع وجنبنا التعصب والابتداع ..امين










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-24, 03:52   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khaoula23 مشاهدة المشاركة
يُثبت الموضوع الى حين
بارك الله فيكم
شكرا لك أخية وبارك الله فيك
ان شاء الله يكون التثبيت في القلوب









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-24, 03:54   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khalil83 مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
رفع الله قدرك موضوع مهم وجيد وخاصة في هذا الوقت
اللهم ارزقنا الاتباع وجنبنا التعصب والابتداع ..امين
بارك الله فيك اخي الفاضل
اللهم آمين









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-24, 07:43   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
محمد 1392
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية محمد 1392
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا
و من نكت تعريف التعصب هو وضع عصابة لكي لا يرى .
و رحم الله أئمة الهدى و مصابيح الدجى و على رأسهم الرحمة المهداة ، فقد كانوا أوابين للحق . بل يحبونه من غيرهم . لأنهم يحبون الخير لإخوانهم . و من الأنوار التى يحتذى قول الإمام الشافعي رحمه الله (كلما جادلت أحدا إلا و تمنيت أن يكون الحق على لسانه.) لكن للأسف يأتي أشباح ــ لا أتباع ــ يتعصبون لأقوال البشر و إن خالفت المحجة البيضاء فالله المستعان.










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-24, 07:50   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
محب السلف الصالح
عضو فضي
 
الصورة الرمزية محب السلف الصالح
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-24, 07:52   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
محب السلف الصالح
عضو فضي
 
الصورة الرمزية محب السلف الصالح
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khaoula23 مشاهدة المشاركة
يُثبت الموضوع الى حين
بارك الله فيكم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khalil83 مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
رفع الله قدرك موضوع مهم وجيد وخاصة في هذا الوقت
اللهم ارزقنا الاتباع وجنبنا التعصب والابتداع ..امين

بارك الله فيك أختي الفاضلة وثبتك الله على الحق

ورفع الله قدرك في الدنيا والآخرة

وبارك الله في أختنا أم منير









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-24, 08:51   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عياد محمد العربي مشاهدة المشاركة

بارك الله فيك أختي الفاضلة وثبتك الله على الحق

ورفع الله قدرك في الدنيا والآخرة

وبارك الله في أختنا أم منير
وفيك بارك الله اخي عياد
وثبتنا جميعا على قول الحق
واتباعه والموت دونه









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-24, 08:56   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
جواهر الجزائرية
عضو متألق
 
الصورة الرمزية جواهر الجزائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

[/QUOTE]

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد 1392 مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا
و من نكت تعريف التعصب هو وضع عصابة لكي لا يرى .
و رحم الله أئمة الهدى و مصابيح الدجى و على رأسهم الرحمة المهداة ، فقد كانوا أوابين للحق . بل يحبونه من غيرهم . لأنهم يحبون الخير لإخوانهم . و من الأنوار التى يحتذى قول الإمام الشافعي رحمه الله (كلما جادلت أحدا إلا و تمنيت أن يكون الحق على لسانه.) لكن للأسف يأتي أشباح ــ لا أتباع ــ يتعصبون لأقوال البشر و إن خالفت المحجة البيضاء فالله المستعان.
بارك الله فيك اخي الفاضل على الرد الطيب
في سيرة النبي نجد أنه جادل فريقا من المشركين ، وقاتل فريقا منهم وأعرض عن فريق منهم ، ونجد أبا بكر قاتل أهل الردة ولم يجادلهم ، وعمر لما جاءه صبيغ بالشبهات ضربه على رأسه حتى قال خرجت البدعة من رأسي ولم يجادله ، بينما ناظر علي وابن عباس الخوارج .
وكذلك تعددت مناهج الأئمة في هذا الموضوع ، فالإمام أبو حنيفة ناظر بعض أهل الأهواء ، بينما الإمام مالك مثلا كان إذا جاءه أحد من أهل الأهواء يناقشه في شبهة يقول له : ( أما أنا فإني على بينة من ربي وديني ، وأما أنت فشاكّ ، فاذهب إلى شاكّ مثلك فحاججه . )
والله تعالى يؤتي الحكمة من يشاء .









رد مع اقتباس
قديم 2012-04-29, 15:30   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

لرفع
..............................................










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الله, العملاء, الإمام, الكلام, تيميَّة, تفاضل, رحمه, نافعة, وصيَّة, وغيرهم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc