معوقات الزواج

الجليس الصلح · 2013-02-22, 18:43

إن الزواج سنة المرسلين، وفعل عباد الله الصالحين،
وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
قال عز وجل ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزوجا وذرية)0
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم ومن كان ذا طول فلينكح ومن لم يجد فعليه بالصيام فإن الصوم له وجاء ).
وقد جأر الأخيار إلى ربهم أن يرزقهم من فضله الزوجة الصالحة والولد الصالح0
قال الله تعالى مخبرا عن إبراهيم الخليل واجعل لي لسان صدق في الآخرين)0
وقال والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين )0
قالت أم سليم يا رسول الله خادمك أنس أدع الله له فقال اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته)0
وقال صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين)0 خرجه البخاري ومسلم 0
الأخبار في هذا المعنى كثيرة تحث على طلب الولد وتندب إليه لما يرجوه الإنسان من نفعه في حياته وبعد موته قال صلى الله عليه وسلم إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث فذكر أو ولد صالح يدعو له )ولو لم يكن إلا هذا الحديث لكان فيه كفاية0
ولما كان الأنبياء أكمل الناس رجولة، وأعلاهم فتوة، كانوا لهم النصيب الأوفر من سنة النكاح0
يقول عمر لقبيصة رضي الله عنهما: (ما يمنعك عن الزواج إلا عجز أو فجور) [3]، ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: (لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، ولي طول على النكاح لتزوجت، كراهية أن ألقى الله عزبًا) [4]0
ويقول الإمام أحمد رحمه الله: "ليست العزوبة من الإسلام في شيء، ومن دعاك إلى غير الزواج دعاك إلى غير الإسلام" [5].
عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "" يا علي ثلاث لا تؤخرها الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفؤا "" . رواه الترمذي . وحسنه الألباني في المشكاة

والمجتمع اليوم يعيش مشكلة وهي ظاهرة تأخير الزواج، أو العزوف عنه،وما يترتب عليه من طوام وبلايا وذلك لأسباب كثيرة منها:
أسباب ذاتية نفسية تعود إلى الشاب نفسه ، منها شعوره بالعجز والضعف، وعدم اكتمال معاني الرجولة فيه التي تجعله يتحمل المسؤولية نتيجة للتربية ،فتجده في التاسعة عشرة أو العشرين لكنك لا تلمح إلا خيالا، ولا تجد إلا تمثالا، لحم في ثياب، تعود أن يقوم الآخرون بالمسؤولية نيابة عنه، فعالة في طعامه وشرابه وثيابه، ويريد أن يكون كذلك في زواجه، فلا يحرك ساكنا، ولا ينبس بشفة، حتى يعرض عليه النكاح عرضا ، ويقال له يا فلان هل تريد أن نزوجك، فأين رجولته التي تجعله يبذل للمرأة أسبابها، ويطرق للعفة أبوابها،أين همم الرجال، التي تتقحم صم الجبال، وتركب الأهوال، أين الشاب الفحل الصمصامة، الذي يركب الصعب والذلول حتى يبلغ غايته، ويحقق مراده، ويشعر بعزة الانتصار، وفرحة الوصول على جسور التعب والنصب0
ولذا كان من شيم العرب أن يعرفوا فروسية الرجل من صبره وبلوغ مراده من المرأة التي يريدها، وينتزعها من فك الأسد، وينكحها بالزواج وليس بالمعاكسات والترقيم، والتطفل على الحريم0
يقول الأول يصف ما لقيه من الهول وقد لقيه الأسد في طريقه لجمع مهر ابنة عمه
أفاطم لو شهدت ببطن خبت وقد لاقى الهزبر أخاك بشرا
ثم يقول يخاطب الأسد
وقلبي مثل قلبك ليس يخشى مصاولة فكيف يخاف ذعرا
وأنت تروم للأشبال قوتا وأطلب لابنة الأعمام مهرا
مشى ومشيت من أسدين راما مراما كان إذ طلباه وعرا
هززت له الحسام خلت أني سللت به لدى الظلماء فجرا
وأطلقت المهند من يميني فقد له من الأضلاع عشرا
نعم هذه نخوة الرجال،هذا موسى بن عمران،النبي المكلم ، من أولي العزم من الرسل، يرعى الغنم عشر سنين، لإعفاف نفسه، فلله تلك الهمم العاليات0
(قال إني أريد أنكحك إحدى ابنتي هاتين علىأن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشر فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين، فال ذلك بيني وبينك أيما الاجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل)
فيا ليت شعري كم من غدوة وروحة ثلاثة آلاف وخمسمائة وأربعون يوما يخرج الرسول المكلم عليه الصلاة والسلام بالغنم،خمسة وثلاثون ألف ساعة عمل، من أجل العفاف0

اسمع قصة الشاب الهاشمي أبي الحسن علي بن أبي طالب ، النسيب الحسيب، ذروة الشرف، وسنام العز اسمعه إليه وهو يحدث عن سعيه لنكاحه قال رضي الله عنه: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفا من الخمس يومئذ؛ فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر ، أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي ، فبينا أنا أجمع لشارفي متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال ، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار ، أقبلت حين جمعت ما جمعت ، فإذا بشارفي قد اجتبت أسنمتهما وبقرت خواصرهما ، وأخذ من أكبادهما ، فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر ، فقلت: من فعل هذا ؟ قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب ، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار غنته قينة وأصحابه ، فقالت في غنائها: ألا ياحمز للشرف النواء
فوثب إلى السيف ، فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما ، وأخذ من أكبادهما ، قال علي: فانطلقت حتى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" مالك ؟ "" قال: قلت: يارسول الله ، ما رأيت كاليوم ، عدا حمزة على ناقتي ، فاجتب أسنمتهما وبقر خواصرهما ، وها هو ذا في بيت معه شرب ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ، فارتداه ، ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة فاستأذن ، فأذن له ، فإذا هم شرب فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل ، فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه ، فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم صعد النظر فنظر إلى ركبتيه ، ثم صعد النظر فنظر إلى سرته ، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه ، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبلي ؟ فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل ، فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه القهقرى ، فخرج وخرجنا معه)0 .
ومن الأسباب النفسية، ضعف التوكل على الله عز وجل ، وسوء الظن بالله سبحانه والله تعالى يقولوَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَـٰمَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّـٰلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ [النور:32
يقول أبو بكر رضي الله عنهما يقول: (أطيعوا الله فيما أمركم من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى) [10]، ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: (التمسوا الغنى في النكاح) [11].
نعم هناك أسباب وعوائق كثيرة وعراقيل جمة تواجه الشاب سيأتي الكلام على شئ منها، لكن العقبة الكأداء هو الشاب نفسه، ولو أن كل شاب توكل على الله ودعاه، وأخذ بالأسباب، وجد في الطلب، وصبر على الضنى والتعب لبلغ مراده بإذن الله0
وبعضهم يرى الماجنات المائلات المميلات على الشاشات والقنوات، فيرسم للمرأة صورة في ذهنه ويريد أن تكون زوجته مثل إولئك الغواني الذين لعبت بوجوههم أيدي الرجال، وعاثت عليها بالأصباغ أصابع الأنذال، متعلقا بجمال زائف خداع، وجوه حسان على طباع قبيحة، ورذائل شنيعة، فكأن الغاية من الزواج فقط هو النظر في الجمال،أتريد امرأة تأمنها إن خرجت من بيتك، وتثق بها ولو غبت السنوات، امرأة تقدر المسؤولية، وتربي الأبطال، وتخرج الأجيال، وتقيم بيوت الشرف، أم تريد وجه تحرسه، وجمالا تحوطه، وشكا يقتلك،ووساوس تذبحك0
قال صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك )0متفق عليه 0
وهناك أسباب خارجية وهي كثيرة متعددة ، يجمعها سبب واحد فقدان النضج الاجتماعي، وعدم الوعي بخطورة المشكلة، وفقدان التفكير بالعواقب،والتخلي عن المسؤولية الشرعية، وغياب الشعور بالتغير الذي حدث للمجتمع، وانفتاح أبواب الفتن على مصارعها، فشباب اليوم يواجهون نيران الشهوة الحمراء في صورة لا يعرف التاريخ لها مثيلا في مجتمعاتنا من قبل0
ولذا فالأب يتحمل مسؤولية عظيمة تجاه ابنه في زواجه،وقد نص العلماء على أنه يجب عليه شرعا أن يزوجه عند عدم قدرة الابن على ذلك وعند حاجته إلى النكاح0
والله تعالى يقول وعلى الوارث مثل ذلك )0
أما أن يملك مئات الألوف ثم يتنصل من مسؤوليته تجاه أبنائه وعفافهم ، ويتركهم يتقلبون على فرش الحسرات، وأشواك الشهوات، ويتعرضون للفتن المذهبة للدين والخلق القويم، فحرام عليه0
ومن العقبات : العوائد والتقاليد الاجتماعية التي ما أنزل الله بها من سلطان،تلك التكاليف المرهقة، والنفقات الباهظة، على توافه الأمور في استنزاف مرير للأموال، وإتلاف متعمد للخيرات0
حفلات تكلف الآلاف، وتثقل الكواهل بالنفقات، تجعل من يفكر في الزواج يحجم ألف مرة وهو يرى كم يحتاج إليه ليفعل ما يفعل الناس0
إنها مسؤولية مشتركة فالأزواج من جهة يبالغون في المظاهر، ويشددون على أمور كأنها من أركان النكاح ، فلا بد من قصر للأفراح، ولا بد من عشرات الذبائح، ولا بد سفر ونزهات وفنادق ، في تشبع بما لم يعط، يتطاول إلى حال الأغنياء وهو مديون فقير، والزوجة وأهلها يضعون خنادق الشروط، وعوائق الطلبات،ومميزات للقبول، وشروط للرضا،وسكن خاص، ثم بعد ذلك كأن الزوج عدو لدود يريدون الحصول على أكبر قدر من المكاسب في المفاوضات معه، وغالبا ما تؤول مفاوضات السلام إلى استسلام الزوج، ورضوخه وقبوله على مضض، فيذهب للمعارض يخرج السيارات، ويركب عنقه الديون الباهظات0
والأمر أيسر من ذلك، فلا بد للبنات أن يتنازلن عن كثير من شروطهن في فارس الأحلام، فالوظيفة ليست شرطا للرجولة، والغنى ليس مقياسا للسعادة في الزواج، فكم من امرأة بارك الله لها في زوجها الفقير، وكم من فتاة ذاقت الحسرات من تعلقها بالغنى، وغرورها بالأشباح والألواح،يجب أن نتنازل ونقنع بناتنا بالتنازل، نتنازل عن القصر المنيف، والشقة الفارهة ، والأثاث الجميل، فالظروف تغيرت، والأحوال تبدلت، ولكل مقام مقال، والعفاف والشرف والأعراض ينبغي التضحية من أجلها والحفاظ عليها بكل غال ونفيس، والسعي من أجل حراستها ، والحذر من أن يكون المسلم ممن يسن سنة السوء، فيتبعه الإمعات، ويبوء بإثم ضعاف الشخصيات0
وخلاصة القول، أنه يجب تضافر جهود الجميع في المجتمع من القبائل والأفراد، والدعاة والمصلحين،والتجار والمستثمرين، يجب أن يسعوا بكل طاقاتهم لتسهيل أمر الزواج والدعوة إليه، والتقليل من نفقاته، واستشعار المصاعب الاقتصادية التي يعاني منها الشباب، ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة0
ينبغي أن يقام مؤسسة في داخل مجتمعنا وبلدنا لإعانة الراغبين في الزواج يساهم فيها الأخيار والمصلحون ولا شك أن ذلك من أعظم القربات، وأحب النفقات 0
اللهم استر عوراتنا
منقول

هدى الجيجلية · 2013-02-23, 16:49

المشاكل الإقتصادية
والشروط التعجيزية
هي التي
حالت
لعدم الزواج

موضوع يستحق الرد عليه
لانه يخدم الأسرة والمجتمع
بارك الله فيك
سدد الله خطاك بكل ما تحبه وترضاه

arbodar · 2013-02-23, 20:41

ظروف المعيشة اصبحت صعبة و هي من اهم المعوقات
فان الشاب اليوم يجد امامه حواجز كثيرة عليه ان يقفز عليها قبل ان يصبح قادرا على الزواج
كانهاء الدراسة و الخدمة العسكرية و ايجاد عمل و توفير مال و غير ذلك من الامور المعروفة
الله ييسر امر كل من ابتغى الحلال ان شاء الله

الجليس الصلح · 2013-02-24, 16:43

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدى الجيجلية

المشاكل الإقتصادية
والشروط التعجيزية
هي التي
حالت
لعدم الزواج

موضوع يستحق الرد عليه
لانه يخدم الأسرة والمجتمع
بارك الله فيك
سدد الله خطاك بكل ما تحبه وترضاه

السلام عليكم ورحمة الله
شكرا على مرورك أختي هدى على الموضوع
بارك الله فيك

ABDOU ELE · 2013-02-24, 17:35

البطالة وازمة السكن سببان رئيسيان
اهل الفتاة هم دائما السبب في في عدم اكمال المشروع بشروطهم التعجيزية
ربي يهدينا اجمعين

الجليس الصلح · 2013-02-26, 06:29

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة arbodar

ظروف المعيشة اصبحت صعبة و هي من اهم المعوقات
فان الشاب اليوم يجد امامه حواجز كثيرة عليه ان يقفز عليها قبل ان يصبح قادرا على الزواج
كانهاء الدراسة و الخدمة العسكرية و ايجاد عمل و توفير مال و غير ذلك من الامور المعروفة
الله ييسر امر كل من ابتغى الحلال ان شاء الله

السلام عليكم ورحمة الله
هي معوقات نفسية أكثر منها مادية هي الهروب للوراء
هي المبررات الواهية التي تورطنا في دهاليز الحياة
شكرا بارك الله فيك