مناقب التاريخ الاسلامي - الصفحة 10 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مناقب التاريخ الاسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-11-19, 14:37   رقم المشاركة : 136
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وقال ابن حبان :

كان من علماء الناس بالقرآن والفقه وكان من حفاظ أهل زمانه .

انتهى من"الثقات" (5 /322)

وقال الذهبي : حافظ العصر ، قدوة المفسرين والمحدثين ، كان من أوعية العلم ، وممن يضرب به المثل في قوة الحفظ .

انتهى من"سير أعلام النبلاء" (5 /270)

وكان رحمه الله ورعا في دينه محتاطا لأمره معظما للعلم وأهله :

قال أبو هلال : سألت قتادة عن مسألة ، فقال : لا أدري ، فقلت : قل فيها برأيك ، قال : ما قلت برأي منذ أربعين سنة ، وكان يومئذ له نحو من خمسين سنة .

قال الذهبي : فدل على أنه ما قال في العلم شيئا برأيه .

وقال رحمه الله : باب من العلم يحفظه الرجل لصلاح نفسه وصلاح من بعده أفضل من عبادة حول . وقال أيضا : لقد كان يستحب أن لا تقرأ الأحاديث التي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة .

انتهى من"سير أعلام النبلاء" (5 /275)

قال قتادة :

" أتيت سعيد بن المسيب وقد ألبس تبان شعر وأقيم في الشمس (لما ابتلي في أيام عبد الملك بن مروان) فقلت لقائدي : أدنني منه فأدناني منه فجعلت أسأله خوفا من أن يفوتني وهو يجيبني حسبة والناس يتعجبون " .

انتهى من"حلية الأولياء" (2 /171)

كما كان عالما بالعربية وأنساب العرب ، قال الذهبي :

" كان قتادة أيضا رأسا في العربية والغريب وأيام العرب ، وأنسابها . ونقل القفطي في "تاريخه" أن الرجلين من بني أمية كانا يختلفان في البيت من الشعر ، فيُبردان [أي: يرسلان] بريدا إلى العراق يسألان قتادة عنه " .

انتهى من"سير أعلام النبلاء" (5 /277)

وقال أبو عمرو : كان قتادة من أنسب الناس [يعني: أعلمهم بالأنساب] .

انتهى من"وفيات الأعيان" (4 /85)

وقد عيب عليه رحمه الله التدليس في الحديث والكلام في القدر ، والله يغفر له ويرحمه ، فما من أحد إلا ويؤخذ منه ويرد عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم .

قال الذهبي رحمه الله :

" هو حجة بالإجماع إذا بين السماع ، فإنه مدلس معروف بذلك ، وكان يرى القدر ، نسأل الله العفو . ومع هذا فما توقف أحد في صدقه ، وعدالته

وحفظه ، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه ، وبذل وسعه ، والله حكم عدل لطيف بعباده ، ولا يسأل عما يفعل .

ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه ، وعلم تحريه للحق ، واتسع علمه ، وظهر ذكاؤه ، وعرف صلاحه وورعه واتباعه ، يغفر له زلـله ، ولا نضلله ونطرحه ، وننسى محاسنه

نعم : ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ، ونرجو له التوبة من ذلك " انتهى ."

انتهى من"سير أعلام النبلاء" (5 /271)

ولد رحمه الله سنة (61) ومات سنة (117) وقال أبو حاتم : توفي بواسط في الطاعون وهو ابن ست أو سبع وخمسين سنة بعد الحسن بسبع سنين .

انتهى من"تهذيب التهذيب" (8 /318)

ولم يكن قتادة رحمه الله من تلاميذ ابن عباس كما يقول السائل ؛ فإنه لم يسمع منه ، بل لم يسمع من كثير من أصحابه

وقد قال الإمام أحمد

: ما أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن أنس رضي الله عنه . قيل فابن سرجس ؟ فكأنه لم يره سماعا.

انتهى من"المراسيل" لابن أبي حاتم (ص 29)

وقال الحاكم في علوم الحديث : لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس .

انتهى من"تهذيب التهذيب" (8 /319)

وراجع :

"التاريخ الكبير" (7 /186) -

"الطبقات الكبرى" (7 /230)

– "حلية الأولياء" (2/170)

هذا .. وفي الصحابة من اسمه قتادة ، وهو قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر الأنصاري الظفري أبو عبد الله الصحابي المشهور ، شهد بدرا والمشاهد كلها

وهو الذي رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم عينه بعد أن سقطت يوم بدر أو أحد .

راجع : "تهذيب التهذيب" (8 /320)

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-11-19, 14:42   رقم المشاركة : 137
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل كان ابن حزم رحمه الله من أهل السنة ؟

السؤال

هل كان ابن حزم من أهل السنة ؟

الجواب

الحمد لله

أبو محمد علي بن أحد بن سعيد بن حزم الفارسي الأصل ، ثم الأندلسي القرطبي رحمه الله ، صاحب التصانيف .

لا يشك من له أدنى دراية بالعلم وأهله في فرط ذكائه وحدة خاطرة وتعظيمه للسنة والأثر ، لكن الكمال عزيز ، وما من أحد إلا ويؤخذ من قوله ويترك .

قال رحمه الله مبينا سلوكه مسلك السلف في الجملة ونبذه لأهل البدع :

" وإنما نعني بقولنا العلماء من حفظ عنه الفتيا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وعلماء الأمصار وأئمة أهل الحديث ومن تبعهم رضي الله عنهم أجمعين

ولسنا نعني أبا الهذيل ولا ابن الأصم ولا بشر بن المعتمر ولا إبراهيم بن سيار ولا جعفر بن حرب ولا جعفر بن مبشر ولا ثمامة ولا أبا غفار ولا الرقاشي ولا الأزارقة والصفرية ولا جهال الأباضية ولا أهل الرفض

فإن هؤلاء لم يتعنوا من تثقيف الآثار ومعرفة صحيحها من سقيمها ولا البحث عن أحكام القرآن لتمييز حق الفتيا من باطلها بطرف محمود ، بل اشتغلوا عن ذلك بالجدال في أصول الاعتقادات ولكل قوم علمهم " انتهى .

"مراتب الإجماع" (ص 12-15)

وعلى الرغم من تعظيم الإمام ابن حزم للسنة وأهلها ، وتبحره في الحديث وعلومه ، وسعة حفظه ، وعظيم معارفه ، قد وقعت له أمور من المخالفات للسنة وأهلها ، في مسائل معروفة من الأصول والفروع .

قال الذهبي رحمه الله في ترجمته من "السير" (18/186-187) :

" نشأ في تنعم ورفاهية ، ورزق ذكاء مفرطا ، وذهنا سيالا ، وكتبا نفيسة كثيرة ، وكان والده من كبراء أهل قرطبة ، عمل الوزارة في الدولة العامرية ، وكذلك وزر أبو محمد في شبيبته

وكان قد مهر أولا في الأدب والأخبار والشعر ، وفي المنطق وأجزاء الفلسفة ، فأثرت فيه تأثيرا ليته سلم من ذلك ، ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق

ويقدمه على العلوم ، فتألمت له ، فإنه رأس في علوم الاسلام ، متبحر في النقل ، عديم النظير ؛ على يُبْس فيه ، وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول .

قيل : إنه تفقه أولا للشافعي ، ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه ، والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث ، والقول بالبراءة الأصلية ، واستصحاب الحال

وصنف في ذلك كتبا كثيرة ، وناظر عليه ، وبسط لسانه وقلمه ، ولم يتأدب مع الائمة في الخطاب ، بل فجَّج العبارة ، وسب وجدَّع ، فكان جزاؤه من جنس فعله ، بحيث إنه أعرض

عن تصانيفه جماعة من الائمة ، وهجروها ، ونفروا منها ، وأحرقت في وقت ، واعتنى بها آخرون من العلماء ، وفتشوها انتقادا واستفادة

وأخذا ومؤاخذة ، ورأوا فيها الدر الثمين ممزوجا في الرصف بالخرز المهين ، فتارة يطربون ، ومرة يعجبون ، ومن تفرده يهزؤون .

وفي الجملة فالكمال عزيز ، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكان ينهض بعلوم جمة ، ويجيد النقل ، ويحسن النظم والنثر .

وفيه دين وخير ، ومقاصده جميلة ، ومصنفاته مفيدة ، وقد زهد في الرئاسة ، ولزم منزله مكبا على العلم ، فلا نغلو فيه ، ولا نجفو عنه ، وقد أثنى عليه قبلنا الكبار " انتهى .

وترجم له في "السير" (18/184-212) ترجمة وافية .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَإِنْ كَانَ " أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ " فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ وَالْقَدَرِ أَقْوَمَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَعْلَمَ بِالْحَدِيثِ وَأَكْثَرَ تَعْظِيمًا لَهُ وَلِأَهْلِهِ مَنْ غَيْرِهِ ، لَكِنْ قَدْ خَالَطَ مِنْ أَقْوَالِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ مَا صَرَفَهُ عَنْ مُوَافَقَةِ

أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَذْهَبِهِمْ فِي ذَلِكَ ، فَوَافَقَ هَؤُلَاءِ فِي اللَّفْظِ وَهَؤُلَاءِ فِي الْمَعْنَى . وَبِمِثْلِ هَذَا صَارَ يَذُمُّهُ مَنْ يَذُمُّهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِين وَعُلَمَاءِ الْحَدِيثِ بِاتِّبَاعِهِ لِظَاهِرِ لَا بَاطِنَ لَهُ .

كَمَا نَفَى الْمَعَانِيَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالِاشْتِقَاقِ ، وَكَمَا نَفَى خَرْقَ الْعَادَاتِ وَنَحْوَهُ مِنْ عِبَادَاتِ الْقُلُوبِ . مَضْمُومًا إلَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْوَقِيعَةِ فِي الْأَكَابِرِ وَالْإِسْرَافِ فِي نَفْيِ الْمَعَانِي

وَدَعْوَى مُتَابَعَةِ الظَّوَاهِرِ . وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ وَالْعُلُومِ الْوَاسِعَةِ الْكَثِيرَةِ مَا لَا يَدْفَعُهُ إلَّا مُكَابِرٌ ؛ وَيُوجَدُ فِي كُتُبِهِ مِنْ كَثْرَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْأَقْوَالِ

وَالْمَعْرِفَةِ بِالْأَحْوَالِ ، وَالتَّعْظِيمِ لِدَعَائِمِ الْإِسْلَامِ ، وَلِجَانِبِ الرِّسَالَةِ : مَا لَا يَجْتَمِعُ مِثْلُهُ لِغَيْرِهِ .

فَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا حَدِيثٌ ، يَكُونُ جَانِبُهُ فِيهَا ظَاهِرَ التَّرْجِيحِ . وَلَهُ مِنْ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَعْرِفَةِ بِأَقْوَالِ السَّلَفِ مَا لَا يَكَادُ يَقَعُ مِثْلُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (4 /19-20)

وقال شيخ الإسلام رحمه الله أيضا :

" وكذلك أبو محمد بن حزم مع معرفته بالحديث وانتصاره لطريقة داود وأمثاله من نفاة القياس أصحاب الظاهر قد بالغ في نفي الصفات وردها إلى العلم

مع أنه لا يثبت علما هو صفة ويزعم أن أسماء الله كالعليم والقدير ونحوهما لا تدل على العلم والقدرة ، وينتسب إلى الإمام أحمد وأمثاله من أئمة السنة

ويدعي أن قوله هو قول أهل السنة والحديث ، ويذم الأشعري وأصحابه ذما عظيما ، ويدعي أنهم خرجوا عن مذهب السنة والحديث في الصفات .

ومن المعلوم الذي لا يمكن مدافعته أن مذهب الأشعري وأصحابه في مسائل الصفات أقرب إلى مذهب أهل السنة والحديث من مذهب ابن حزم وأمثاله في ذلك " انتهى .

"درء تعارض العقل والنقل" (3 /24)

وقال شيخ الإسلام أيضا :

" وزعم ابن حزم أن أسماء الله تعالى الحسنى لا تدل على المعاني ، وهذا يشبه قول من يقول بأنها تقال بالإشتراك اللفظي

وأصل غلط هؤلاء شيئان : إما نفى الصفات والغلو في نفى التشبيه

وإما ظن ثبوت الكليات المشتركة في الخارج ، فالأول هو مأخذ الجهمية ومن وافقهم على نفى الصفات ، قالوا إذا قلنا عليم يدل على علم وقدير يدل على قدرة لزم من إثبات الأسماء إثبات الصفات .

وهذا مأخذ ابن حزم ؛ فإنه من نفاة الصفات مع تعظيمه للحديث والسنة والإمام أحمد ، ودعواه أن الذي يقوله في ذلك هو مذهب أحمد وغيره

وغلطه في ذلك بسبب أنه أخذ أشياء من أقوال الفلاسفة والمعتزلة عن بعض شيوخه ، ولم يتفق له من يبين له خطأهم ، وَنَقَل المنطق بالإسناد عن متى الترجمان " انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (2 /353)

وقال ابن كثير رحمه الله :

" كان كثير الوقيعة في العلماء بلسانه وقلمه ، فأورثه ذلك حقدا في قلوب أهل زمانه ، وما زالوا به حتى بغضوه إلى ملوكهم ، فطردوه عن بلاده

حتى كانت وفاته في قرية له في شعبان من هذه السنة ، وقد جاوز التسعين .

والعجب كل العجب منه أنه كان ظاهريا حائرا في الفروع ، لا يقول بشئ من القياس لا الجلي ولا غيره ، وهذا الذي وضعه عند العلماء

وأدخل عليه خطأ كبيرا في نظره وتصرفه . وكان مع هذا من أشد الناس تأويلا في باب الأصول ، وآيات الصفات وأحاديث الصفات ؛ لأنه كان أولا قد تضلع من علم المنطق

أخذه عن محمد بن الحسن المذحجي الكناني القرطبي ، ذكره ابن ماكولا وابن خلكان ، ففسد بذلك حاله في باب الصفات " انتهى .

"البداية والنهاية" (12 /113) .

وينظر : "طبقات علماء الحديث" لابن عبد الهادي (3/349).

وقال علماء اللجنة الدائمة :

" من العلماء المبرزين في الأصول ، والفروع ، وفي علم الكتاب والسنة ، إلا أنه خالف جمهور أهل العلم في مسائل كثيرة أخطأ فيها الصواب ؛ لجموده على الظاهر

وعدم قوله بالقياس الجلي المستوفي للشروط المعتبرة ، وخطأه في العقيدة بتأويل نصوص الأسماء والصفات أشد وأعظم " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (12 /223)

وبالجملة : فقد خالف رحمه الله أهل السنة في كثير من القضايا والمسائل الكبار ، في الأصول والفروع ، مما جعل كثير من أهل العلم يتنقصه ويغمزه في عقيدته – كما تقدم -

والحاصل :

أن الإمام أبا محمد ابن حزم رحمه الله ، من أهل العلم الكبار ، وحفاظ الحديث ، والمعظمين للسنة وأهلها ، والطالبين لها ، الحريصين عليها وعلى اتباعه

لكن وقع في قلبه أصول من أصول الفلاسفة وأهل البدعة ، أورثته مقالات خالف بها أهل الحديث والسنة في باب الأسماء والصفات خاصة

وفي مسائل أخرى من الأصول والفروع ، ولذلك لا يقال عنه إنه من أهل السنة بإطلاق ، في أبواب الصفات خاصة . وإن كان أيضا لا يخرج من السنة وأهلها بالكلية

ولا يعد من أهل البدع ، لتعظيمه للسنة وطريقه ، وحضها على اتباعها وترك ما خالفها ، وإن كان قد أخطأ بعض تفاصيلها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-19, 14:48   رقم المشاركة : 138
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته

السؤال

أريد نبذة عن حياة الإمام محمد بن عبد الوهاب ودعوته .

الجواب

الحمد لله

أولاً:

1. هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي .

2. ولد عام ألف ومائة و خمس عشرة للهجرة ( 1115 هـ ) في مدينة " العيينة " من نجد في الجزيرة العربية ، في بيت علم وفضل .

3. حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة ، وقرأ على أبيه الفقه ، وكان ذكيّاً كثير المطالعة .

4. رحل الشيخ إلى مكة والمدينة والبصرة غير مرة ، طلباً للعلم .

5. التقى بمدينة " الدرعية " بالأمير محمد بن سعود وحصلت بينهما البيعة على نشر التوحيد وإقامة حكم الله في الأرض
.
6. اشتغل بالدعوة إلى الله ولاقى الصعاب في ذلك ، ومن ذلك إخراج أهل " البصرة " له بعد إنكاره عليهم بدعهم وضلالهم ، وإنكاره على علمائهم سكوتهم ، فخرج ماشياً باتجاه " الزبير "

7. ألَّف كتباً عظيمة النفع ، ومن أهمها " كتاب التوحيد " ، وكتاب " القواعد الأربع " .

8. توفي الشيخ رحمه الله في عام ست ومئتين وألف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم (1206 هـ ) .

ثانياً:

الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( توفي 1206 هـ ) يعدُّ من أكثر الشخصيات الإسلامية تعرضاً للطعن والتشويه والكذب عليه وعلى دعوته ، وقد كان هذا بسبب أمور كثيرة ، منها :

1. طبيعة دعوته وحقيقة منهجه ، فقد جاء بالإسلام الصافي الخالي من الشوائب ، وقد كان ذلك مخالفاً لما اعتاده الناس في زمانه

ولو أنه كان عابداً لحجر أو معظماً لشجر أو مقدِّساً لبشر لكان رأساً من رؤوس ذلك الزمان ، ولما تعرَّض لطعن في دينه وكذب على منهجه ، فقد بدأ الإسلام غريباً ، وقد كان غريباً في زمان الشيخ رحمه الله .

2. قلة أهل السنة وكثرة أهل البدعة ، وإذا كان الإمام سفيان الثوري ( توفي 261 هـ ) قد قال : سفيان الثوري إذ يقول :

" إذا سمعت برجل من أهل السنة بالشرق وأنت بالغرب فأقرئه السلام فإن أهل السنة قليل " فماذا يقول الشيخ في زمانه ؟! .

وكان الحسن البصري رحمه الله ( توفي 110 هـ ) يقول لأصحابه :

" يا أهل السنة تربطوا رحمكم الله فإنكم أقل الناس " ، و قال يونس بن عبيد رحمه الله ( توفي 134 هـ ) : " ليس شيئاً أغربُ من السنَّة ، وأغرب منها من يعرفها " .

3. تيسر سبل الطباعة والسفر والاتصال ، وهي وسائل ساهمت - بقوة - في انتشار المطاعن في الشيخ ودعوته .

4. استغلال مواسم الحج للقاء الحجاج من كل مكان وبث الكذب على الشيخ ودعوته في صفوفهم ، كما تمَّ توزيع كتبٍ كثيرة عليهم ، فسمع الناس وقرؤوا وبلغوا من خلفهم في ديارهم ، فساهم ذلك في انتشار المطاعن والكذب .

5. تولِّي رموزٍ مشهورة لهذه الحملة الظالمة على الشيخ ، فاستغلوا شهرتهم ومنصبهم للطعن والتقول ، ومن أبرز هؤلاء : مفتي الشافعية في مكة " أحمد زيني دحلان "

كما ساهم سليمان بن عبد الوهاب أخو الشيخ محمد في هذه الحملة ، وإن كان نطاق تشويهه أقل من الأول









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-19, 14:49   رقم المشاركة : 139
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثاً:

لم يكن الشيخ – رحمه الله - يدعو إلى مذهب خاص أو طريقة مبتدعة ، بل كان متبعاً للكتاب والسنَّة على فهم خير القرون .

قال – رحمه الله - :

وأما ما ذُكر لكم عني : فإني لم آته بجهالة ، بل أقول ولله الحمد والمنة وبه القوة : إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيَما ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين

ولست - ولله الحمد - أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم ، والذهبي ، وابن كثير ، أو غيرهم .

بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له ، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم ، وأرجو ألا أرد الحق إذا أتاني

بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلنها على الرأس والعين ، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي ، حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقول إلا الحق .

" الدرر السنية " ( 1 / 37 ، 38 ) .

وقال – رحمه الله - :

عقيدتي وديني الذي أدين به : مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة .

" الدرر السنية " ( 1 / 64 ) .

ثالثاً:

ردَّ الشيخ – رحمه الله – بنفسه على جملة من الافتراءات عليه من قبل خصومه وأعدائه تنفيراً منه ومن دعوته .

قال – رحمه الله - :

" إذا تبين هذا فالمسائل التي شنع بها منها : ما هو من البهتان الظاهر :

1. وهي قوله : إني مبطل كتب المذاهب .

2. وقوله : إني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء .

3. وقوله إني أدَّعى الاجتهاد .

4. وقوله : إني خارج عن التقليد .

5. وقوله إني أقول : إن اختلاف العلماء نقمة .

6. وقوله إني أكفر من توسل بالصالحين .

7. وقوله : إني أكفر البوصيري لقوله " يا أكرم الخلق " .

8. وقوله إني أقول لو أقدر على هدم حجرة الرسول لهدمتها .

9. ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزاباً من خشب.

10. وقوله إني أنكر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم .

11. وقوله إني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهم .

12. وإني أكفر من يحلف بغير الله .

فهذه اثنتا عشرة مسألة جوابي فيها أن أقول : ( سُبْحَانَكَ هَذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) .

" الرسائل الشخصية " ( ص 64 ) .

ونسأل الله تعالى أن يُعظم أجر الشيخ وأن يجعله مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء ، فقد نفع الله تعالى بدعوته ، وقد عمَّ آثارها العالَم بطوله وعرضه

فكم أنقذ الله تعالى بهذه الدعوة مبتدعاً إلى السنَّة ، وكم هدى ضالاًّ إلى الهُدى ، وها هي الآثار تُرى وتشاهد ، ولا يُنكر ذلك إلا جاهل أو جاحد ، ولا يُحارب هذه الدعوة إلا جاهل أو حاقد .

وينظر – للمزيد- جوابا السؤالين القادمين

وينظر الدراسة المهمة لسليل بيت الشيخ ، الدكتور عبد العزيز عبد اللطيف حفظه الله ، بعنوان : "دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب" .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-20, 17:37   رقم المشاركة : 140
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل خرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الخلافة العثمانية وكان سبباً في سقوطها


السؤال

بعض الناس يقعون في محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) . إنهم يتهمونه أنه حارب ضد الخلافة الإسلامية العثمانية وضد خليفة المسلمين . ولذلك , فإنه عدو للمسلمين .

وجدالهم يدور حول هذه المسألة, فهل هذا صحيح؟

كيف يمكن أن يقاتل شخص ما أمير المسلمين , مع أن الخليفة يصلي ويؤدي الزكاة وما إلى ذلك ؟

إنهم يقولون أيضا أنه اتفق مع الجيش الإنكليزي ، وأنه قاتل معهم ضد المسلمين .

أرجو أن تعطيني جواب مفصل حول هذه المسألة التاريخية , وأن توضح لي الحقيقة . من نصدق ؟.


الجواب

الحمد لله

ما من رجل يجيء إلى الدنيا بالخير إلا وكان له أعداء من الإنس والجن ، حتى أنبياء الله تعالى لم يسلموا من ذلك .

وكان عداء الناس للعلماء قديماً لا سيما أصحاب الدعوة الحق فقد لقوا من الناس العداء الشديد

ومثال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فقد لاقى من بعض الحسَّاد مَن استحل دمه ومن رماه بالضلال والخروج من الدين والردة .

وما كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلا رجلا من هؤلاء العلماء المظلومين الذين قال الناس فيهم ما لم يعلموا ابتغاء الفتنة

وما حملهم على ذلك إلا الحسد والبغضاء مع رسوخ البدعة في نفوسهم أو الجهل وتقليد أصحاب الهوى .

وإليك عرض بعض الشبه التي قيلت في الشيخ والرد عليها :

يقول الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف :

ادعى بعض خصوم الدعوة السلفية أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب قد خرج على دولة الخلافة العثمانية ففارق بذلك الجماعة وشق عصا السمع والطاعة .

" دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب " ( ص 233 ) .

وقال :

ويدَّعي " عبد القديم زلُّوم " أن الوهابيين بظهور دعوتهم قد كانوا سببا في سقوط دولة الخلافة

يقول : وكان قد وجد الوهابيون كياناً داخل الدولة الإسلامية بزعامة محمد بن سعود ثم ابنه عبد العزيز فأمدتهم إنجلترا بالسلاح والمال واندفعوا على أساس مذهبي للاستيلاء على البلاد الإسلامية الخاضعة لسلطان الخلافة

أي رفعوا السيف في وجه الخليفة وقاتلوا الجيش الإسلامي جيش أمير المؤمنين بتحريض من الإنجليز وإمداد منهم .

" كيف هدمت الخلافة " ( ص 10 ) .

وقبل أن نورد الجواب على شبهة خروج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة فإنه من المناسب أن نذكر ما كان عليه الشيخ الإمام من اعتقاد

وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله لأن الطاعة إنما تكون في المعروف .

يقول الشيخ الإمام في رسالته لأهل القصيم : وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله ومن ولي الخلافة واجتمع

عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه .

" مجموعة مؤلفات الشيخ " ( 5 / 11 ) .

ويقول أيضا :

الأصل الثالث : أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا ولو كان عبداً حبشيّاً .."

مجموعة مؤلفات الشيخ ( 1 / 394 ) بواسطة " دعاوى المناوئين " ( 233 – 234 ) .

ويقول الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف :

وبعد هذا التقرير الموجز الذي أبان ما كان عليه الشيخ من وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله : فإننا نشير إلى مسألة مهمة جوابا عن تلك الشبهة فهناك سؤال مهم هو: هل كانت

" نجد " موطن هذه الدعوة ومحل نشأتها تحت سيطرة دولة الخلافة العثمانية ؟ .

يجيب الدكتور صالح العبود على هذا فيقول :

لم تشهد " نجد " على العموم نفوذا للدولة العثمانية فما امتد إليها سلطانها ولا أتى إليها ولاة عثمانيون ولا جابت خلال ديارها حامية تركية في الزمان الذي سبق ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

ومما يدل على هذه الحقيقة التاريخية استقرار تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية فمن خلال رسالة تركية عنوانها : " قوانين آل عثمان مضامين دفتر الديوان"، يعني : "

قوانين آل عثمان في ما يتضمنه دفتر الديوان " ، ألّفها يمين علي أفندي الذي كان أمينا للدفتر الخاقاني سنة 1018 هجرية الموافقة لسنة 1609م من خلال هذه الرسالة يتبين أنه منذ

أوائل القرن الحادي عشر الهجري كانت دولة آل عثمان تنقسم إلى اثنتين وثلاثين ايالة منها أربع عشرة ايالة عربية وبلاد نجد ليست منها ما عدا الإحساء إن اعتبرناه من نجد
.

" عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي " – غير منشور – ( 1 / 27) .

ويقول الدكتور عبد الله العثيمين :

ومهما يكن فإن " نجداً " لم تشهد نفوذاً مباشراً للعثمانيين عليها قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما أنها لم تشهد نفوذاً قويّاً يفرض وجوده على سير الحوادث داخلها لأية جهة كانت

فلا نفوذ بني جبر أو بني خالد في بعض جهاتها ولا نفوذ الأشراف في بعض جهاتها الأخرى أحدث نوعاً من الاستقرار السياسي فالحروب بين البلدان النجدية ظلت قائمة والصراع بين قبائلها المختلفة استمر حادّاً عنيفاً .

" محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره " ( ص 11 ) بواسطة " دعاوى المناوئين " ( 234 – 235 ) .

واستكمالا لهذا المبحث نذكر جواب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على ذلك الاعتراض قول رحمه الله :

لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية فيما أعلم وأعتقد فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى متناثرة وعلى كل بلدة أو قرية - مهما صغرت -

أمير مستقل… وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة وإنما خرج على أوضاع فاسدة

في بلده فجاهد في الله حق جهاده وصابر وثابر حتى امتد نور هذه الدعوة إلى البلاد الأخرى…

" ندوة مسجلة على الأشرطة " بواسطة " دعاوى المناوئين " ( ص 237 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-20, 17:37   رقم المشاركة : 141
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

و قال الدكتور عجيل النشمي :

….. لم تحرك دولة الخلافة ساكنا ولم تبدر منها أية مبادرة امتعاض أو خلاف يذكر رغم توالي أربعة من سلاطين آل عثمان في حياة الشيخ ...

" مجلة المجتمع " ( عدد 510 ) .

إذا كان ما سبق يعكس تصور الشيخ لدولة الخلافة فكيف كانت صورة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة ؟

يقول د.النشمي مجيباً على هذا السؤال :

لقد كانت صورة حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة صورة قد بلغت من التشويه والتشويش مداه فلم تطلع دولة الخلافة إلا على الوجه المعادي لحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سواء

عن طريق التقارير التي يرسلها ولاتها في الحجاز أو بغداد أو غيرهما ..أو عن طريق بعض الأفراد الذين يصلون إلى الأستانة يحملون الأخبار .

" المجتمع " ( عدد 504 ) بواسطة " دعاوى المناوئين " ( ص 238 – 239 ) .

وأما دعوى " زلوم " أن دعوة الشيخ أحد أسباب سقوط الخلافة وأن الإنكليز ساعدوا الوهابيين على إسقاطها : فيقول محمود مهدي الاستانبولي جوابا على هذه الدعوى العريضة :

قد كان من واجب هذا الكاتب أن يدعم رأيه بأدلة وإثباتات وقديما قال الشاعر:

وإذا الدعاوى لم تقم بدليلها بالنص فهي على السفاه دليل

مع العلم أن التاريخ يذكر أن هؤلاء الإنكليز وقفوا ضد هذه الدعوة منذ قيامها خشية يقظة العالم الإسلامي .

" الشيخ محمد عبد الوهاب في مرآة الشرق والغرب " ( ص 240 ) .

ويقول :

والغريب المضحك المبكي أن يتهم هذا الأستاذ حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنها من عوامل هدم الخلافة العثمانية مع العلم أن هذه الحركة قامت حوالي عام 1811 م وأن الخلافة هدمت حوالي 1922 م .

" المرجع السابق " ( ص 64 ) .

ومما يدل على أن الإنكليز ضد الحركة الوهابية أنهم أرسلوا الكابتن فورستر سادلير ليهنئ إبراهيم باشا على النجاح الذي حققه ضد الوهابيين -

إبان حرب إبراهيم باشا للدرعية - وليؤكد له أيضا مدى ميله إلى التعاون مع الحركة البريطانية لتخفيض ما أسموه بأعمال القرصنة الوهابية في الخليج العربي.

بل صرحت هذه الرسالة بالرغبة في إقامة الاتفاق بين الحكومة البريطانية وبين إبراهيم باشا بهدف سحق نفوذ الوهابيين بشكل كامل .

ويقول الشيخ محمد بن منظور النعماني :

لقد استغل الإنجليز الوضع المعاكس في الهند للشيح محمد بن عبد الوهاب ورموا كل من عارضهم ووقف في طريقهم ورأوه خطرا على كيانهم بالوهابية ودعوهم وهابيين

… وكذلك دعا الإنجليز علماء ديوبند - في الهند - بالوهابيين من أجل معارضتهم السافرة للإنجليز وتضييقهم الخناق عليهم …

" دعايات مكثفة ضد الشيخ محمد عبد الوهاب " ( ص 105 – 106 ) .

وبهذه النقول المتنوعة ينكشف زيف هذه الشبهة وتهافتها أمام البراهين العلمية الواضحة من رسائل الشيخ الإمام ومؤلفاته كما يظهر زيف الشبهة أمام الحقائق التاريخية التي كتبها المنصفون.

" دعاوى المناوئين " ( 239 ، 240 ) .

وأخيرا ننصح كل من أطال لسانه بحق الشيخ أن يكفه عنه وأن يتقي الله تعالى في أمره كله عسى الله تعالى أن يتوب عليه وأن يهديه سواء السبيل .

والله أعلم .










رد مع اقتباس
قديم 2018-11-20, 17:44   رقم المشاركة : 142
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أثر شيخ الإسلام ابن تيمية في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

السؤال

هل الشيخ ابن تيميه رحمه الله شيخ الإسلام هل كانت له علاقة بالحركة الوهابية ؟


الجواب

الحمد لِلَّه

أولا :

لا بد من التنبيه بداية على أن إطلاق اسم "الوهابية" على دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب إنما بدأه أعداء هذه الدعوة بقصد التنفير عنها وتحذير الناس منها

يحاولون إظهارها مظهر الدعوة المنفردة بآرائها الشاذة ، المتحيزة إلى أفكار إمامها ، المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة .

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/255) :

" الوهابية : لفظة يطلقها خصوم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على دعوته إلى تجريد التوحيد من الشركيات ونبذ جميع الطرق إلا طريق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم

ومرادهم من ذلك : تنفير الناس من دعوته ، وصدهم عما دعا إليه ، ولكن لم يضرها ذلك

بل زادها انتشارًا في الآفاق وشوقًا إليها ممن وفقهم الله إلى زيادة البحث عن ماهية الدعوة وما ترمي إليه وما تستند عليه من أدلة الكتاب والسنة الصحيحة

فاشتد تمسكهم بها ، وعضوا عليها ، وأخذوا يدعون الناس إليها ولله الحمد " انتهى .

ويقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله "البيان لأخطاء بعض الكتاب" (70) :

" فهذه التسمية خطأ من ناحية اللفظ ، ومن ناحية المعنى :

أما الخطأ من ناحية اللفظ ، فلأن الدعوة لم تنسب في هذا اللقب إلى من قام بها - وهو الشيخ محمد - ، وإنما نسبت إلى عبد الوهاب - الذي ليس له أي مجهود فيها -

فهي نسبة على غير القياس العربي ، إذ النسبة الصحيحة أن يقال : ( الدعوة المحمدية ) .

لكن الخصوم أدركوا أن هذه النسبة نسبة حسنة لا تنفر عنها ، فاستبدلوها بتلك النسبة المزيفة.

وأما الخطأ من ناحية المعنى

فلأن هذه الدعوة لم تخرج عن منهج مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم

فكان الواجب أن يقال : الدعوة السلفية ؛ لأن القائم بها لم يبتدع فيها ما نسب إليه كما ابتدع دعاة النحل الضالة من الإسماعيلية والقرمطية

إذ هذه النحل الضالة لو سميت سلفية لأبى الناس والتاريخ هذه التسمية ؛ لأنها خارجة عن مذهب السلف ، ابتدعتها من قام بها .

فالنسبة الصحيحة لفظًا ومعنى لدعوة الشيخ محمد عبد الوهاب أن يقال " الدعوة المحمدية " ، أو " الدعوة السلفية " .
لكن لما كانت هذه النسبة تغيظ الأعداء حرفوها

ولذلك لم تكن الوهابية معروفة عند أتباع الشيخ ، وإنما ينبزهم بها خصومهم ، بل ينبزون بها كل من دان بمذهب السلف ، حتى ولو كان في الهند أو مصر وإفريقية وغيرها

والخصوم يريدون بهذا اللقب عزل الدعوة عن المنهج السليم , فقد أخرجوها من المذاهب الأربعة , وعدُّوها مذهبًا خامسًا ( حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ) " انتهى .

ثانيا :

كانت دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر امتدادا لدعوة شيخ الإسلام ابن تيمية التي ظهرت في القرنين السابع والثامن .

وقد تأثر بها الإمام لموافقتها أصول الإسلام في العقائد والأحكام ، ومن هذه الأصول :

1- اعتماد القرآن الكريم والسنة الصحيحة مصادر التشريع الأولى
.
2- الحرص على التمسك بمنهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم .

3- الدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك .

4- إثبات ما أثبته الله لنفسه ونفي ما نفاه عن نفسه في باب الأسماء والصفات .

5- نبذ التعصب للأئمة المتبوعين والدعوة إلى اتباع الحق بالدليل .

6- الدعوة إلى السنة ومحاربة البدعة .

وقد كان الكتاب هو حلقة الوصل بين الإمامين ، فقد اعتنى الإمام محمد بن عبد الوهاب بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم اعتناء بالغا
.
يقول عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ "مشاهير علماء نجد وغيرهم" (18)
:
" وقد كتب بخط يده كثيرا من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية ، لا يزال بعضها موجودا بالمتحف البريطاني بلندن " انتهى .

ولقد أبرز الكتاب المسلمون وغيرهم من المستشرقين في كتاباتهم صلةَ الإمام ابن عبد الوهاب بدعوة شيخ الإسلام بأهمية بالغة .

ذكر العلامة الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي في كتابه "الشيخ محمد بن عبد الوهاب" تصريحات كثير منهم :
قال عبد المتعال الصعيدي في كتابه "المجددون في الإسلام" :

" ..أخذ يدعو مثل ما دعا إليه ابن تيمية قبله ، من التوحيد بالعبادة لله وحده "

وقال الأمير شكيب أرسلان في الجزء الرابع من "حاضر العالم الإسلامي" تحت عنوان : "تاريخ نجد الحديث" :

" وتَشَرَّبَ مبادئ الحافظ حجة الإسلام ابن تيمية .. وأخذ يفكر في إعادة الإسلام لنقاوته الأولى.. ولا أظنه أورد ثمة شيئا غير ما أورده ابن تيمية " انتهى .

وقال حافظ وهبة في كتابه "جزيرة العرب" :

" وتكاد تكون تعاليمهم مطابقة تمام المطابقة لما كتبه ابن تيمية وتلاميذه في كتبهم ، وإن كانوا يخالفونهم في مسائل معدودة في فروع الدين " انتهى .

وقال منهج هارون في الرد على الكاتب الإنجليلزي ( كونت ويلز ) :

" ..كل ما قاله الشيخ ابن عبد الوهاب قال به غيره ممن سبقه من الأئمة والأعلام ومن الصحابة الكرام ، ولم يخرج في شيء عما قاله الإمام أحمد وابن تيمية رحمهما الله " انتهى .

وقال محمد ضياء الدين الريس :

" ..وابن تيمية هو الأستاذ المباشر لابن عبد الوهاب ، وإن فصل بينهما أربعة قرون ، فقد قرأ كتبه ، وتأثر كل التأثر بتعاليمه " انتهى .

وقال بروكلمان في "تاريخ الشعوب الإسلامية" :

" وفي بغداد درس محمد فقه أحمد بن حنبل ..ثم إنه درس مؤلفات أحمد ابن تيمية الذي كان قد أحيا في القرن الرابع عشر [ يقصد الميلادي ] تعاليم ابن حنبل

والواقع أن دراسته لآراء هذين الإمامين انتهت به إلى الإيقان من أن الإسلام في شكله السائد في عصره ، وبخاصة بين الأتراك ، شُرِّبَ بالمساوئ التي لا تمت إلى الدين الصحيح بنسب " انتهى .

وقال أحمد أمين :

" ...اقتفى في دعوته وتعاليمه عالما كبيرا ظهر في القرن السابع الهجري في عهد السلطان الناصر ، هو ابن تيمية...وهو كان يقول بالاجتهاد

وكان حر التفكير في حدود الكتاب والسنة..فيظهر أن محمد بن عبد الوهاب عرف ابن تيمية..فكان إمامه ، ومرشده ، وباعث تفكيره ، والموحي إليه بالاجتهاد ، والدعوة إلى الإصلاح " انتهى .

انظر "أثر دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية في الحركات الإسلامية المعاصرة" (1/136-138) لصلاح الدين مقبول ، ومنه استفدت هذه النقول .

ثالثا :

ولكن ، ومع هذه الصلة القوية بين فكر الإمامين ، إلا أن الإمام محمد بن عبد الوهاب كان متبعا للدليل ولم يكن مقلدا للأشخاص

فقد كان يدرك أن شيخ الإسلام ابن تيمية أحد أئمة الإسلام العظام ، إلا أن الخطأ جائز على جميع البشر ، ويدرك أن ابن تيمية رحمه الله لم يكن مستحدثا لدعوة مبتدعة غريبة عن الإسلام

إنما كان متبعا نهج السلف الصالحين ، والاتِّبَاعُ يجب أن يكون للدليل وما أجمعت عليه الأئمة ، ولا ينبغي أن يقدس الإمام مهما بلغت رتبته في العلم ، بل كلٌّ يُؤخَذُ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم .

يقول الشيخ الفوزان حفظه الله في "البيان بالدليل" (150) في الرد على دعوى أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يكن إلا نسخة مكررة من ابن تيمية :

" هكذا قال عن مرتبة الشيخ محمد بن عبد الوهاب العلمية : أنه لم يدرس إلا مؤلفات ابن تيمية ! وكأنه لم يقرأ ترجمة الشيخ وسيرته ، ولم يعرف شيئا عن تحصيله العلمي

أو أنه عرف ذلك وكتمه بقصد التقليل من شأنه ، والتغرير بمن لم يعرف شيئا عن الشيخ .

ولكن هذا لا يستر الحقيقة ، ولا يحجب الشمس في رابعة النهار

فقد كتب المنصفون عن الشيخ - رحمه الله

- مؤلفات كثيرة انتشرت في الأقطار ، وعرفها الخاص والعام ، وأنه - رحمه الله - تعمق في دراسة الفقه والحديث والأصول وكتب العقيدة التي من جملتها مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم

وقد تخرج على أيدي علماء أفذاذ وأئمة كبار في مختلف الفنون في بلاد نجد والحجاز والإحساء والبصرة ، وقد أجازوه في مروياتهم وعلومهم

وقد ناظر ودرس وأفتى وألف في الفقه والحديث والعقيدة حتى نال إعجاب من اجتمع به أو استمع إلى دروسه ومناظراته ، أو قرأ شيئا من مؤلفاته

ومؤلفاته تدل على سعة أفقه وإدراكه في علوم الشريعة ، وسعة اطلاعه وفهمه ، ولم يقتصر فيما ذكر في تلك المؤلفات على كتب ابن تيمية - كما يظن الجاهل أو المتجاهل -

بل كان ينقل آراء الأئمة الكبار في الفقه والتفسير والحديث ؛ مما يدل على تبحره في العلوم ، وعمق فهمه ، ونافذ بصيرته ، وها هي كتبه المطبوعه المتداولة شاهد بذلك والحمد لله

ولم يكن رحمه الله يأخذ من آراء شيخ الإسلام ابن تيمية ولا من آراء غيره إلا ما ترجح لديه بالدليل ، بل لقد خالف شيخ الإسلام في بعض الآراء الفقهية " انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-20, 17:50   رقم المشاركة : 143
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ترجمة مختصرة لأبي إسحاق السبيعي

السؤال

هناك أحاديث يرويها أبو إسحاق الهمداني ، فمن هو أبو إسحاق الهمداني هذا ، وما هي إسهاماته في الأحاديث ، وما صحة أحاديثه ؟

الجواب

الحمد لله

أبو إسحاق الهمداني هو عمرو بن عبد الله بن ذي يحمد ، المشهور بـ " أبي إسحاق السبيعي " نسبة إلى " سبيع " جده البعيد

من أكابر حفاظ مدينة الكوفة في العراق ، ومن أعظم علمائها الذين رووا الحديث ، وأفنوا أعمارهم في سبيله .

وهو من الطبقة الوسطى من التابعين ، فقد ولد في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وبالتحديد سنة (34 أو 35هـ) فأدرك بذلك كثيرا من الصحابة الحفاظ المكثرين من الرواية ، كابن عباس

والبراء بن عازب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وزيد بن أرقم ، وأسامة بن زيد ، وغيرهم كثير ، حيث بلغ تعدادهم ثمانية وثلاثين صحابيا من شيوخ أبي إسحاق

بل ورد عنه أنه قال : " رأيت علي بن أبي طالب يخطب "، ولكنه لم يدرك الرواية عنه .

ولا شك أن إدراك هذا العدد من محدثي الصحابة دافع عظيم للاجتهاد في سماع الحديث وروايته والعمل به ، فهم خير القرون ، وسادة الناس ، وأصحاب الأثر العظيم في قلوب طلابهم ومتبعيهم .

لهذا تأثرت شخصية أبي إسحاق السبيعي بأئمة الهدى والدين ، فاجتهد في طلب العلم والأخذ عن الشيوخ ، وكثر شيوخه الذين روى عنهم حتى بلغوا العشرات

بل قال علي بن المديني رحمه الله

: " روى أبو إسحاق عن سبعين رجلا أو ثمانين لم يرو عنهم غيره ، وأحصيت مشيخته نحوا من ثلاث مائة شيخ "، وكان منهم كبار التابعين كعلقمة بن قيس

ومسروق بن الأجدع ، والضحاك بن قيس ، وعمرو بن شرحبيل الهمداني ، وعبد الله بن عتبة بن مسعود ، وعمرو بن ميمون ، وشريح القاضي ، وخلق كثير من كبراء التابعين كما قال الإمام الذهبي رحمه الله .

وأخذ الفقه عن كبار شيوخ مدرسة الكوفة التي اتبعت في منهجها العام الفقه المروي عن عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما

وبرز أبو إسحاق في حفظه فقهَ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، حتى كان يقال : " من جالس أبا إسحاق فقد جالس عليا رضي الله عنه ".

قال علي بن المديني رحمه الله

: " حفظ العلم على الأمة ستة : فلأهل الكوفة : أبو إسحاق والأعمش ، ولأهل البصرة : قتادة ويحيى بن أبي كثير . ولأهل المدينة : الزهري ، ولأهل مكة عمرو بن دينار " .

فلم يكن أهل العلم يقدمون على أبي إسحاق أحدا من أهل طبقته .

واشتهر أبو إسحاق بالإمامة في الدين ، والتقوى والزهد والعبادة ، فكان يختم القرآن الكريم في كل ثلاثة أيام مرة ، فقد أخذ القرآن عن أبي عبد الرحمن السلمي

حتى صار إماما في القراءة أيضا ، وهو أكبر شيوخ القارئ المعروف حمزة بن حبيب الزيات ، ولم يشغله العلم عن الجهاد في سبيل الله

فاشترك في غزو الروم زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، وأخبر عن نفسه أنه اشترك في ست غزوات أو سبع غزوات زمن زياد بن أبيه .

وكان صواما قواما لا ينام من الليل إلا قليلا ، وقد حكى ذلك عن نفسه رحمه الله فقال : " ما أقلت عيني غمضا منذ أربعين سنة "، وحكى ابنه يونس – الحافظ الكبير – عن أبيه أنه كان يقرأ كل ليلة ألف آية .

وأوصى مرة معشر الشباب فقال لهم : " يا معشر الشباب ، اغتنموا – يعني قوَّتكم – قلما مرت بي ليلة إلا وأنا أقرأ فيها ألف آية ، وإني لأقرأ البقرة في ركعة

وإني لأصوم الأشهر الحرم ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والاثنين والخميس " .

وتحلى بالأخلاق العظيمة ، بالكرم والسماحة والوفاء والمروءة ، فما سُمع يَعيبُ أحدا قط ، ولا يتفاخر على الناس بعلمه ، بل يتواضع ويقول : "وددت أني أنجو من علمي كفافا "

وهكذا عرف بالعبادة والتقوى حتى قال من أدركه في زمانه : " كنت إذا رأيت أبا إسحاق ذكرت به الضرب الأول "، يعني الصحابة رضوان الله عليهم .

ومن كان هذا حاله في العلم والعبادة حري أن يكون إمام هدى يقصده طلبة العلم من كل حدب وصوب ، فأخذ عنه أئمة علم الحديث كشعبة وسفيان الثوري –

وكانا أوثق أصحابه في الرواية عنه – وكان من تلاميذه أيضا ، منصور

والأعمش ، وزكريا بن أبي زائدة ، وولده يونس ، وحفيده إسرائيل ، وزائدة بن قدامة ، وجرير بن حازم ، وزهير بن معاوية ، وخلق كثيرون آخرون يشق تعدادهم وحصرهم .

واستمر عطاء أبي إسحاق السبيعي في العلم والعمل على مدى ثلاث وتسعين سنة ، حتى كبر في آخر عمره ، وضعفت قوته ، وابتلي بفقد البصر حتى كان يستعين بأبنائه في هداية الطريق

ومع ذلك بقي حافظا للحديث ، مثابرا في تعليمه ، ولم يأخذ عليه العلماء اضطرابا أو اختلاطا فاحشا ، وإنما كما قال الإمام الذهبي رحمه الله : "

هو ثقة حجة بلا نزاع...كبر وتغير حفظه تغير السن ، ولم يختلط "، وإن كان ذهب بعض أهل العلم أيضا إلى وقوع الاختلاط في حديثه ، لكنه محصور وقليل ، كما أخذ عليه العلماء

وقوع التدليس أحيانا عند إسناده بالعنعنة ، حتى سماه الحافظ ابن حجر في "المرتبة الثالثة" في كتاب "

مراتب المدلسين " (رقم/91)، ولكن ذلك لا يضعف ما يصرح فيه بالتحديث ( حدثنا ، أخبرنا ، سمعت .. ) ، لكن يوجب التحري فيما يرويه بصيغة العنعنة ( عن فلان ) من الأحاديث .

وكانت وفاته سنة (127هـ)، وخرج الناس في جنازته بالمئات ، وألقى الله على جنازته المهابة ، حتى قال أمير الكوفة حين رأى كثرة الخلق المشيعين : " كأن هذا فيهم رباني ".

تنبيه: المعلومات الواردة في هذه الترجمة المختصرة

تجدها في كتاب

: " سير أعلام النبلاء " (5/392-401)

وكتاب " تهذيب التهذيب " (8/65)

والله أعلم
.









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-20, 17:52   رقم المشاركة : 144
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إذا خلط ماء زمزم بغيره كان للخليط من بركة زمزم بحسب مقداره منه

السؤال

هل يجوز خلط ماء زمزم بغيره من الماء العادي؟

وهل يظل له نفس القدسية والبركة حتى بعد أن يُخلط؟


الجواب

الحمد لله

إذا خلط ماء زمزم بغيره من الماء كان للخليط من بركة ماء زمزم بمقداره ؛ ذلك أن الشارب من الخليط لا يعدم شرب بعض ماء زمزم المخلوط بغيره ، وبذلك يصدق عليه أنه شارب له.

قال الكاساني رحمه الله :

" وَلَوْ حَلَفَ عَلَى مَاءٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ شَيْئًا فَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ مِنْ غَيْرِهِ كَثِيرًا حَتَّى صَارَ مَغْلُوبًا فَشَرِبَهُ يَحْنَثُ "

انتهى من "بدائع الصنائع" (3/63) .

وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :

إذا خلط ماء زمزم بماء عادي هل يثبت حكم ماء زمزم ؟

فأجاب :

" الأفضل أن يُشرب ماء زمزم وحده ، فإن خُلط بغيره بقي له حُكم الفضل وجواز التداوي به ، وإن كان ذلك أنقص مما إذا كان خالصًا وحده " ا

نتهى من "موقع الشيخ ابن جبرين" .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-20, 17:58   رقم المشاركة : 145
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

نبذة عن القاضي عياض رحمه الله .

السؤال


من هو القاضي عياض؟

مؤلف كتاب الشفا..


الجواب

الحمد لله

هو عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض بن محمد اليحصبي أبو الفضل القاضي المحدث الحافظ ، ولد في "سبتة" من بلاد المغرب الأقصى ، وسمع من مشيختها

وتفقه ببعضهم ، ورحل إلى الأندلس فأخذ بقرطبة عن أبي الحسين بن سراج وأبي عبد الله بن حمدين وأبي القاسم بن النخاس وابن رشد ، وغيرهم ,

ورحل منها إلى مرسية فقدمها في غرة صفر سنة 508 ، فتفقه ودرس وتعلم وناظر حتى فاق أقرانه وذاع صيته .

كانت له اليد الطولى في كافة العلوم ، من الحديث والفقه والأصول واللغة وغيرها ، وله المصنفات العديدة ، التي انتفع بها الناس
.
قال الفقيه أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكول رحمه الله :

" قدم الأندلس طالبا للعلم ، وأخذ بقرطبة عن القاضي أبي عبد الله مج بن علي ، وغيرهم ، وأجاز له أبو علي الغساني ما رواه ، وأخذ بالمشرق عن القاضي علي حسين بن محمّد الصدفر كثيرا ، وعن غيره

وعني بلقاء الشيوخ ، والأخذ عنهم ، وجمع من الحديث كثيرا ، وله عناية كبيرة بهم ، واهتم بجمعه وتقييده ، وهو من أهل التفنن في العلم ، والذكاء واليقظة الفهم

واستقضى ببلده مدة طويلة ، فحمدت سيرته فيها ، ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة ، فلم يطل أمده بها ، وقدم علينا قرطبة في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة ، وأخذنا عنه بعض ما عنده " انتهى .

"الصلة" (ص 146) – "أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض" (ص 240)

وقال ابن الأبار رحمه الله :

" كان لا يُدرك شأْوُه ، ولا يُبلغ مداه في العناية بصناعة الحديث ، وتقييد الآثار ، وخدمة العلم مع حسن التفنن فيه ، والتصرف الكامل في فهم معانيه

إلى اضطلاعه بالآداب ، وتحققه بالنظم والنثر ، ومهارته في الفقه ، ومشاركته في اللغة والعربية .

وبالجملة : فكان جمال العصر ، ومفخر الأفق ، وينبوع المعرفة ، ومعدن الإفادة ، وإذا عدت رجالات المغرب ـ فضلا عن الأندلس ـ حسب فيهم صدرا ، وله تواليف مفيدة كتبها الناس وانتفعوا بها وكثر استعمال كل طائفة لها .

وولي قضاء بلده مدة طويلة

ثم نقل إلى قضاء غرناطة فلم يطل مقامه بها ، وأعيد إلى سبتة ثانية ، ومنها أشخص إلى مراكش وفيها توفي مغربا عن وطنه يوم الجمعة السابع من جمادى الآخرة سنة 544

ودفن بباب إيلان داخل المدينة ومولده منتصف شعبان سنة 476 "انتهى.

"المعجم في أصحاب القاضي الصدفي" (ص 295-296)

وقال الذهبي رحمه الله في ترجمته من "السير" (39/205-206) :

" الإِمَامُ العَلاَّمَةُ الحَافِظُ الأَوْحَدُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ القَاضِي أَبُو الفَضْلِ عِيَاضُ بنُ مُوْسَى بنِ عِيَاضِ بنِ عَمْرِو بنِ مُوْسَى بنِ عِيَاضٍ اليَحْصَبيُّ الأَنْدَلُسِيُّ ثُمَّ السَّبْتِيُّ المَالِكِيُّ .

وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ .

تَحَوَّل جَدّهُم مِنَ الأَنْدَلُس إِلَى فَاس ، ثُمَّ سَكَنَ سَبْتَة .

لَمْ يَحمل القَاضِي العِلْم فِي الحدَاثَة ، وَأَوّل شَيْء أَخَذَ عَنِ الحَافِظ أَبِي عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ إِجَازَة مُجرَّدَة

رحل إِلَى الأَنْدَلُسِ سَنَة بِضْع وَخَمْس مائَة ، وَرَوَى عَنِ القَاضِي أَبِي عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَةَ الصَّدَفِيّ وَلاَزمه ، وَعَنْ أَبِي بَحْر بن العَاصِ ، وَمُحَمَّد بن حمدين ، وَأَبِي الحُسَيْنِ سرَاج الصَّغِيْر

وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَتَّابٍ ، وَهِشَامِ بنِ أَحْمَدَ ، وَعِدَّةٍ .

وَتَفَقَّهَ بِأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى التَّمِيْمِيِّ ، وَالقَاضِي مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ المَسِيْلِيِّ .

وَاستبحر مِنَ العُلُوْم ، وَجَمَعَ ، وَأَلَّفَ ، وَسَارَتْ بِتَصَانِيْفِهِ الرُّكبَانُ ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ فِي الآفَاق .

وَقَالَ الفَقِيْه مُحَمَّد بن حَمَّاده السَّبْتِيُّ : جلس القَاضِي لِلمُنَاظَرَةِ وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً ، وَوَلِيَ القَضَاءَ وَلَهُ خَمْس وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً ، كَانَ هَيِّناً مِنْ غَيْرِ ضَعفٍ ، صَلِيْباً فِي الحَقِّ

وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِسَبْتَةَ فِي عصرٍ أَكْثَرَ تَوَالِيفَ مِنْ تَوَالِيْفِهِ ، لَهُ كِتَاب ( الشفَا فِي شرف المُصْطَفَى ) مُجَلَّد ، وَكِتَاب ( تَرْتِيْب المدَارك وَتَقْرِيْب المسَالك فِي ذكرِ فُقَهَاء مَذْهَب مَالِك ) فِي مُجَلَّدَات

وَكِتَاب ( العقيدَة ) ، وَكِتَاب ( شرح حَدِيْث أُمِّ زرع ) ، وَكِتَاب ( جَامِع التَّارِيْخ ) الَّذِي أَربَى عَلَى جَمِيْع المُؤلفَات ، جَمعَ فِيْهِ أَخْبَار مُلُوْك الأَنْدَلُس وَالمَغْرِب

وَاسْتَوْعَبَ فِيْهِ أَخْبَار سَبتَةَ وَعُلَمَاءهَا ، وَلَهُ كِتَاب ( مشَارقِ الأَنوَار فِي اقتفَاء صَحِيْح الآثَارِ ) إِلَى أَنْ قَالَ :

وَحَاز مِنَ الرِّئَاسَة فِي بلدِه وَالرّفعَة مَا لَمْ يَصل إِلَيْهِ أَحَد قَطُّ مِنْ أَهْلِ بلده ، وَمَا زَاده ذَلِكَ إِلاَّ تَوَاضعاً وَخَشْيَة للهِ تَعَالَى ، وَلَهُ مِنَ المُؤلفَات الصّغَار أَشيَاءُ لَمْ نَذكرهَا .

قَالَ القَاضِي شَمْس الدِّيْنِ فِي ( وَفِيَات الأَعيَان ) : هُوَ إِمَام الحَدِيْث فِي وَقْتِهِ، وَأَعْرفُ النَّاس بِعُلُوْمِهِ ، وَبِالنَّحْوِ ، وَاللُّغَةِ ، وَكَلاَمِ العَرَبِ ، وَأَيَّامهِم ، وَأَنسَابِهِم ، وَكُلّ تَوَالِيْفِهِ بَدِيْعَة ، وَلَهُ شعر حسن .

قُلْتُ – أي الذهبي - : تَوَالِيفه نَفِيْسَة ، وَأَجَلهَا وَأَشرفهَا كِتَاب ( الشفَا ) لَوْلاَ مَا قَدْ حشَاه بِالأَحَادِيْث المفتعلَة ، عَمَلَ إِمَامٍ لاَ نَقد لَهُ فِي فَن الحَدِيْث وَلاَ ذوق ، وَاللهُ يُثيبه عَلَى حسن قصدهِ

وَيَنْفَع بِـ ( شِفَائِهِ ) وَقَدْ فَعَلَ

وَكَذَا فِيْهِ مِنَ التَّأْوِيْلاَت البعيدَة أَلوَان ، وَنبينَا - صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِ وَسلاَمه - غنِيٌّ بِمدحَة التنزِيل عَنِ الأَحَادِيْث ، وَبِمَا تَوَاتر مِنَ الأَخْبَار عَنِ الآحَاد

وَبِالآحَاد النّظيفَة الأَسَانِيْد عَنِ الوَاهيَات ، فَلِمَاذَا يَا قَوْم نَتشبع بِالمَوْضُوْعَات ؟ فَيتطرق إِلَيْنَا مَقَالُ ذَوِي الغل وَالحسد ، وَلَكِن مَنْ لاَ يَعلم معذور .

وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ القَاضِي خلق مِنَ العُلَمَاءِ ، مِنْهُم : الإِمَام عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الأَشِيْرِيّ ، وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ القَصِيْر الغَرْنَاطِي ، وَالحَافِظ خَلَف بن بَشْكُوَال

وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الحَجْرِيّ ، وَمُحَمَّد بن الحَسَنِ الجَابِرِي ، وَوَلَده القَاضِي مُحَمَّد بن عِيَاضٍ قَاضِي دَانِيَة " انتهى .

وينظر للاستزادة : "تذكرة الحفاظ" (4 / 68)

- "تاريخ قضاة الاندلس" (ص 101)

"طبقات النسابين" (ص 20) – "وفيات الأعيان" (3 / 483) .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 14:54   رقم المشاركة : 146
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


حكم تخصيص علي بن أبي طالب بقولنا: عليه السلام

السؤال

لي أقارب مبتدعة ، وقد وفقني الله لدعوتهم ، وأجد فيهم استجابة ، وأشكل علي انتقاد إحدى الداعيات لي أني عندما أخاطبهم أقول لهم في كلامي عن فاطمة أو علي أو الحسنين : " عليهم السلام " .

علما أن هذه اللفظة مما يستبشر بها أهلي الذين هم على غير السنة ، وقد تكون باب هداية لهم ، حيث حبهم الشديد لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم

فهل يجوز لي استخدام قول "عليه السلام" من باب تأليف قلوبهم ودعوتهم ؟


الجواب


الحمد لله


اختلف العلماء في الصلاة أو السلام على غير الأنبياء استقلالا ، فكره ذلك أبو حنيفة ومالك وجماعة من السلف ، ورخص فيه أحمد وغيره .

وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام على هذه المسألة في كتابه "جلاء الأفهام" ص 465- 482

ولخص السفاريني رحمه الله كلامه فقال :

" مطلب : هل تجوز الصلاة والسلام على غير الأنبياء استقلالا أم لا ؟

( تنبيهات ) : الأول : اختلف العلماء في الصلاة على غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هل تجوز استقلالا أم لا ؟

فقال ابن القيم في جلاء الأفهام :

" هذه المسألة على نوعين , أحدهما أن يقال اللهم صل على آل محمد , فهذا يجوز ، ويكون صلى الله عليه وسلم داخلا في آله ؛ فالإفراد عنه وقع في اللفظ لا في المعنى .

( الثاني ) أن يفرد واحدا بالذكر ، كقوله اللهم صل على عليٍّ ، أو حسن ، أو أبي بكر ، أو غيرهم من الصحابة ومن بعدهم , فكره ذلك مالك

, قال : لم يكن ذلك من عمل من مضى , وهو مذهب أبي حنيفة وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وبه قال طاوس . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لا تنبغي الصلاة إلا على النبي صلى الله عليه وسلم

ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار , وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز . روى ابن أبي شيبة عن جعفر بن برقان قال : كتب عمر بن عبد العزيز : ( أما بعد

فإن ناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة ، وإن من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم

فإذا جاء كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ، ودعاؤهم للمسلمين عامة ) .

وهذا مذهب أصحاب الشافعي

. ولهم ثلاثة أوجه : أنه منع تحريم ، أو كراهة تنزيه ، أو من باب ترك الأولى ، وليس بمكروه , حكاها النووي في الأذكار .

وقالت طائفة من العلماء :

تجوز الصلاة على غير النبي استقلالا . قال القاضي أبو حسين الفراء

من أئمة أصحابنا [ يعني : الحنابلة ] في رءوس مسائله : وبذلك قال الحسن البصري وحصيف ومجاهد ومقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان وكثير من أهل التفسير ,

وهو قول الإمام أحمد رضي الله عنه ، نص عليه في رواية أبي داود ، وقد سئل : أينبغي أن يصلى على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أليس قال علي لعمر : صلى الله عليك ؟

قال القاضي : وبه قال إسحاق بن راهويه وأبو ثور ومحمد بن جرير الطبري , واحتج هؤلاء بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على جماعة من أصحابه ممن كان يأتيه بالصدقة .

واختار ابن القيم الجواز ما لم يتخذه شعارا ، أو يخص به واحدا إذا ذكر دون غيره ولو كان أفضل منه , كفعل الرافضة مع علي دون غيره من الصحابة فيكره , ولو قيل حينئذ بالتحريم لكان له وجه , هذا ملخص كلامه .

الثاني : هل السلام كالصلاة ، خلافا ومذهبا ، أو ليس إلا الإباحة ؛ فيجوز أن يقول السلام على فلان ، وفلان عليه السلام ؟

أما مذهبنا فقد علمت جوازه من جواز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم استقلالا بالأولى . وأما الشافعية فكرهه منهم أبو محمد الجويني فمنع أن يقال فلان عليه السلام . وفرق آخرون بينه وبين الصلاة فقالوا

: السلام يشرع في حق كل مؤمن حي وميت حاضر وغائب , فإنك تقول بلغ فلانا مني السلام , وهو تحية أهل الإسلام ، بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم

ولهذا يقول المصلي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .

الثالث : الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والمرسلين والملائكة جائزة بطريق التبعية بلا خلاف , مثل أن يقول : اللهم صل على سيدنا محمد وعلى صاحبه في الغار

, وعلى الفاروق ممصر الأمصار , وعلى عثمان ذي النورين الذي بايع عنه النبي صلى الله عليه وسلم باليسار , وعلى علي الكرار , وعلى السبطين خلاصة الأنوار ,

وعلى العمين لا سيما أسد الله من فرج الكرب عن وجه النبي المختار "

انتهى من "غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" (1/ 32) .

وقال النووي رحمه الله في "الأذكار" ص 118 :

" قال أصحابنا : والمعتمد في ذلك أن الصلاة صارت مخصوصة في لسان السلف بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، كما أن قولنا

: عز وجل ، مخصوص بالله سبحانه وتعالى ، فكما لا يقال : محمد عز وجل - وإن كان عزيزا جليلا - لا يقال : أبو بكر أو علي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان معناه صحيحا.

وأما السلام ، فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا : هو في معنى الصلاة ، فلا يستعمل في الغائب ، فلا يفرد به غير الأنبياء ، فلا يقال : علي عليه السلام ، وسواء في هذا الأحياء والأموات" انتهى مختصرا .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب أن يُفرد علي رضي الله عنه بأن يقال " عليه السلام " من دون سائر الصحابة أو " كرم الله وجهه " ، وهذا وإن كان معناه صحيحا ، لكن ينبغي أن يسوى بين الصحابة في ذلك

فإن هذا من باب التعظيم والتكريم ، والشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه رضي الله عنهم "

انتهى من" تفسير ابن كثير " ( 3 / 517).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

" أثناء اطلاعي على موضوعات كتاب : ( عقد الدرر في أخبار المنتظر ) ، في بعض الروايات المنقولة عن علي بن أبي طالب أجدها على النحو التالي

: عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج رجل من أهل بيتي في تسع رايات ما حكم النطق بهذا اللفظ أعني ( عليه السلام ) ، أو ما يشابهه لغير الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

فأجاب : لا ينبغي تخصيص علي رضي الله عنه بهذا اللفظ ، بل المشروع أن يقال في حقه وحق غيره من الصحابة : رضي الله عنه

أو رحمهم الله ؛ لعدم الدليل على تخصيصه بذلك ، وهكذا قول بعضهم : كرم الله وجهه ، فإن ذلك لا دليل عليه ولا وجه لتخصيصه بذلك

والأفضل أن يعامل كغيره من الخلفاء الراشدين ، ولا يخص بشيء دونهم من الألفاظ التي لا دليل عليها "

انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (6/ 399).

فتحصّل من هذا أنه لا ينبغي تخصيص علي رضي الله عنه أو أحد من الصحابة بالصلاة أو السلام عليه عند ذكره ، وذلك لأمور :

الأول : عدم الدليل على التخصيص .

الثاني : أنه يوحي بأفضليته على غيره ، وقد يوجد من هو أفضل منه كما هو الحال مع علي وأبي بكر وعمر ، فإنهما أفضل منه اتفاقا .

الثالث : أن التخصيص أصبح شعارا لأهل البدع ، فلا ينبغي مشابهتهم فيه .

لكن إذا دعت إلى ذلك مصلحة ، كدعوة من يرجى هدايته واستقامته ، فلا حرج في ذلك ، فإن معناه صحيح ، كما سبق في كلام النووي وابن كثير رحمهما الله ، وإنما كره لما ذكرنا من الأمور العارضة .

ومن المفضل في مثل هذه الحال أن يذكر لفظ التسليم ـ أحيانا على الأقل ـ في حق أبي بكر ، أو عمر ، أو عائشة ، أو غيرهم من الصحابة الكرام

إذا ورد ذكرهم في الكلام ، خروجا من المشابهة لأهل البدع ، وإقرارا لتعظيمهم وإكرامهم أيضا .

نسأل الله أن يوفقك ويعينك ويجري الخير على يديك .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 15:01   رقم المشاركة : 147
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن الإمام أحمد بن حنبل

السؤال

نريد نبذة عن حياة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، وإذا كان بالإمكان ترجمتها إلى الفرنسية لتعميم الفائدة .

الجواب

الحمد لله


ولد الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله - في المشهور المعروف - في ربيع الأول من سنة (164هـ)، ولد ببغداد

وقد جاءت أمه حاملا به من "مرو" التي كان بها أبوه ، أبوه شيباني ، وأمه كذلك ، فلم يكن أعجميا ولا هجينا ، بل كان عربياً خالصاً ، أصل أسرته من البصرة

وكان جده والياً على سرخس ، ولما ظهرت الدعوة العباسية قام معها فقُتِل في ذلك ، وكان أبوه جندياً قائداً ، مات وهو صغير .

اجتمع لأحمد خمسة أمور لم تجتمع لشخص إلا سارت به إلى العلا والسمو النفسي ، والبعد عن سفساف الأمور ، والاتجاه إلى معاليها ، تلك الأمور هي : شرف النسب والحسب

واليتم الذي يُنَشِّئُه منذ فجر الصبا معتمدا على نفسه ، وحالٌ من الفقر غير المدقع ، لا تستخذي به النفس ، فلا يبطرها النعيم ، ولا تذلها المتربة

ومع هذه الخصال قناعةٌ ونزوعٌ إلى العلا الفكري بتقوى الله تعالى ، والْتَقَى كل ذلك بعقل ذكي وفكر ألمعي .

نشأ الإمام أحمد ببغداد ، وتربى بها تربيته الأولى ، وقد كانت تموج بالناس الذين اختلفت مشاربهم ، وتخالفت مآربهم ، وزخرت بأنواع المعارف والفنون

فيها القراء والمحدثون والمتصوفة وعلماء اللغة والفلاسفة ، فقد كانت حاضرة العالم الإسلامي ، رادَ فِقهَ الرأي في صدر حياته ، بدليل أنه تلقَّى أول الحديث عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة

وهو قد كان من فقهاء الرأي ذوي القدم الثابتة فيه ، ثم اتجه إلى الحديث ، وعندما اعتزم في مستهل شبابه طلب الحديث كان لا بد أن يأخذ عن كل علماء الحديث في العراق والشام والحجاز

ولعله أولُ محدِّث قد جمع الأحاديث من كل الأقاليم ودوَّنها ، فمسنده شاهد صادق الشهادة بذلك ، فهو قد جمع الحديث الحجازي والشامي والبصري والكوفي جمعا متناسبا .

لزم في بداية طلبه إماما من أئمة الحديث في بغداد ، واستمر يلازمه نحو أربع سنوات

فلم يتركه حتى بلغ العشرين من عمره ، ذلك الإمام هو هشيم بن بشير الواسطي (ت 183هـ)، ثم في سنة (186هـ) ابتدأ رحلاته ليتلقى الحديث ، فرحل إلى البصرة ، وإلى الحجاز

ورحل إلى اليمن ، ورحل إلى الكوفة ، وكان يود أن يرحل إلى الريّ ليسمع من جرير بن عبد الحميد ولم يكن قد رآه قبل في بغداد ، ولكن أقعده عن الرحلة إليه عظيمُ النفقة عليه في هذا السبيل .

رحل إلى الحجاز خمس مرات ، أولاها سنة (187هـ)، وفي هذه الرحلة الْتَقَى مع الشافعي ، وأخذ مع حديث ابنِ عيينة فقهَ الشافعي وأصولَه وبيانَه لناسخ القرآن ومنسوخه

وكان لقاؤه بالشافعي بعد ذلك في بغداد عندما جاء الشافعي إليها وفي جعبته فقهه وأصوله محررة مقررة.

خرج إلى الحج خمس مرات ، ثلاثة منها حج فيها ماشيا ، وضل في إحداها عن الطريق ، وكان يستطيب المشقة في رحلة العبادة وطلب الحديث

حتى إنه نوى سنة (198هـ) أن يذهب إلى الحج هو ورفيقه يحيى بن معين ، وبعد الحج يذهبان إلى عبد الرزاق بن همام بصنعاء اليمن ، وبينما هما يطوفان طواف القدوم إذا عبد الرزاق يطوف

فرآه ابن معين وكان يعرفه ، فسلم عليه ، وقال له : هذا أحمد بن حنبل أخوك ، فقال حياه الله وثبته ، فإنه يبلغني عنه كل جميل . قال : نجيئ إليك غدا إن شاء الله حتى نسمع ونكتب

. فلما انصرف قال أحمد معترضا : لم أخذت على الشيخ موعدا ؟ قال : لنسمع منه ، قد أراحك الله مسيرة شهر ، ورجوع شهر ، والنفقة . فقال أحمد : ما كنت لأفسد نيتي بما تقول

نمضي ونسمع منه ، ثم مضى بعد الحج حتى سمع بصنعاء ، وفي الطريق انقطعت به النفقة حتى أكرى نفسه من بعض الحمالين ، ورفض كل مساعدة من غيره .

واستمر جِدُّه في طلب الحديث وروايته حتى بعد أن بلغ مبلغ الإمامة

حتى لقد رآه رجل من معاصريه والمحبرة في يده يكتب . فقال له : يا أبا عبد الله ، أنت قد بلغت هذا المبلغ وأنت إمام المسلمين ؟

فقال : مع المحبرة إلى المقبرة . وكان رحمه الله تعالى يقول : أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر .

وهكذا كان أحمد يسير على الحكمة المأثورة : لا يزال الرجل عالما ما دام يطلب العلم ، فإذا ظن أنه علم ، فقد جهل . نطق بها عمله ، ونطق بها لسانه في تلك الكلمات .

وكان رحمه الله يطلب فيما يطلب علم الفقه والاستنباط مع الرواية ، وتلقى ذلك عن الشافعي وغيره ، بل إننا لننتهي إلى نقبل ما قيل عنه من أنه كان يحفظ كتب أهل الرأي

ولكن لا يأخذ بها ، فقد قال تلميذه الخلال : " كان أحمد قد كَتَب كُتب الرأي وحفظها، ثم لم يلتفت إليها"

قال ابن الجوزي

: إن أحمد لم ينصب نفسه للحديث والفتوى إلا بعد أن بلغ الأربعين

وبعد أن ذاع ذكره في الآفاق الإسلامية ، فازدحم الناس على درسه شديدا ، حتى ذكر بعض الرواة أن عدة من كانوا يستمعون إلى درسه نحو خمسة آلاف

وأنه كان يكتب منهم نحو خمسمائة فقط ، والباقي يتعلمون من خلقه وهديه وسمته ، وكان مجلسه بعد العصر ، تسوده الهيبة والتعظيم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد جاء في " تاريخ الذهبي " عن المروذي صاحب أحمد في وصف مجالسه : " لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس أبي عبد الله

كان مائلا إليها ، مقصرا عن أهل الدنيا ، وكان فيه حلم ، ولم يكن بالعجول ، بل كان كثير التواضع ، تعلوه السكينة والوقار ، وإذا جلس مجلسه بعد العصر لم يتكلم حتى يسأل "

وكان لا يحدث إلا من كتبه ، زيادة في التوثيق والتأكيد ، حتى قال ولده عبد الله : " ما رأيت أبي حَدَّثَ مِن حفظه من غير كتاب ، إلا بأقل من مائة حديث " .

ويجدر بنا أن نشير إلى أمر ذي بال ، وهو أن أحمد رضي الله عنه كان يحيا حياة سلفية خالصة

تجرَّد فيها من ملابسات العصر ومناحراته ، وما يجري من منازلات فكرية وسياسية واجتماعية وحربية ، واختار أن يحلق بروحه في جو الصحابة والصفوة من التابعين ومن جاء بعدهم

ممن نهج نهجهم واختار سبيلهم ، لذلك كان علمه وفقهه هو السنة وفقهها ، لا يخوض في أمر إلا إذا علم أن الصحابة خاضوا فيه ، فإن علم ذلك اتبع رأيهم ونفى غيره .

كان أحمد يعيش من غلة عقار تركه له أبوه ، يتعفف بكرائها عن الناس ، ولا يقبل عطية من أحد ، وكان عن عطايا الخلفاء أعف ، حتى عرض عليه الإمام الشافعي مرة أن يتولى قضاء اليمن بطلب من " الأمين "

فقال أحمد للشافعي : " يا أبا عبد الله ! إن سمعت منك هذا ثانيا لم ترني عندك "

يروي حرملة بن يحيى تلميذُ الشافعي أنه قال : " خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدا أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل ".

وقال علي بن المديني :

" أعرف أبا عبد الله منذ خمسين سنة وهو يزداد خيرا ".

وقال يحيى بن معين :

" والله لا نقوى على ما يقوى عليه أحمد ، ولا على طريقة أحمد ".

يقول إسحاق بن راهويه :

" كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأصحابنا ، فكنا نتذكر الحديث من طريق وطريقين وثلاثة ، فأقول : ما مراده ؟ ما تفسيره ؟ ما فقهه ؟ فيقفون كلهم ، إلا أحمد بن حنبل ".

تعرض الإمام إلى محنة عظيمة بسبب دعوة المأمون الفقهاء والمحدثين أن يقولوا بمقالته في خلق القرآن ، فحبس وضرب وتوالى ثلاثة من الخلفاء على ذلك : المأمون ، والمعتصم ، والواثق .

عُرف الإمام أحمد بالصبر والقوة والجلد ، ويذكر أهل السير في ذلك خبرا ، أنه أدخل على الخليفة في أيام المحنة وقد هولوا عليه لينطق بما ينجيه ويرضيهم

وقد ضرب عنق رجلين في حضرته ، ولكنه في وسط ذلك المنظر المروع وقع نظره أيضا على بعض أصحاب الشافعية ، فسأله : وأي شيء تحفظ عن الشافعي في المسح على الخفين

فأثار ذلك دهشة الحاضرين وراعهم ذلك الجنان الثابت الذي ربط الله على قلب صاحبه ، حتى لقد قال خصمه أحمد بن أبي دؤاد متعجبا :

انظروا لرجل هو ذا يقدم لضرب عنقه فيناظر في الفقه . ولكنها الإرادة القوية والإيمان العميق والنفس المفوضة المسلمة لقضاء الله .

توفي هذا الإمام العظيم ضحوة نهار الجمعة ، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، سنة إحدى وأربعين ومائتين ببغداد .

وفي سيرة هذا الإمام الكثير من العبر والعظات ، رحم الله الإمام أحمد وجميع أئمة المسلمين .

وينظر كتاب " أحمد بن حنبل : حياته وعصره، آراؤه وفقهه " للشيخ محمد أبو زهرة .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 15:07   رقم المشاركة : 148
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن الإمام مالك

السؤال

نريد نبذة عن حياة الإمام مالك ، وإذا كان بالإمكان ترجمتها إلى الفرنسية لتعميم الفائدة .

الجواب

الحمد لله

ولد مالك بن أنس رحمه الله – كما عند أكثر العلماء – سنة (93هـ) بالمدينة المنورة

فرأى آثار الصحابة والتابعين ، كما رأى آثار النبي صلى الله عليه وسلم والمشاهد العظام ، فكان لذلك أثر في فكره وفقهه وحياته ، فالمدينة مبعث النور ومهد العلم ومنهل العرفان .

ينتهي نسبه إلى قبيلة يمنية هي " ذو أصبح "، وأمه اسمها العالية بنت شريك الأزدية ، فأبوه وأمه عربيان يمنيان .
نشأ في بيت اشتغل بعلم الأثر

وفي بيئة كلها للأثر والحديث ، فجدُّهُ مالك بن أبي عامر من كبار التابعين ، روى عن عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله

وعائشة أم المؤمنين ، وقد روى عنه بنوه أنس أبو مالك الإمام ، وربيع ، ونافع المكنى بأبي سهيل ، ولكن يبدو أن أباه أنسًا لم يكن مشتغلا بالحديث كثيرا

ومهما يكن حاله من العلم ففي أعمامه وجدِّه غناء ، ويكفي مقامهم في العلم لتكون الأسرة من الأسر المشهورة بالعلم ، ولقد اتجه من قبل مالك من إخوته أخوه النضر ، فقد كان ملازما للعلماء يتلقى عليهم .

حفظ الإمام مالك القرآن الكريم في صدر حياته - كما هو الشأن في أكثر الأسر الإسلامية -، ثم اتجه إلى حفظ الحديث ، فوجد من بيئته محرِّضًا ، ومن المدينة مُوعزا ومُشجعا ، لمَّا ذكر لأمه أنه يريد أن يذهب فيكتب العلم

ألبسته أحسن الثياب ، وعمَّمَته ، ثم قالت : " اذهب فاكتب الآن "، وكانت تقول : " اذهب إلى ربيعة فتعلم أدبه قبل علمه ".

"المدارك" (ص/115)

جالس ابن هرمز سبع سنين في بداية نشأته ، أخذ عنه اختلاف الناس ، والرد على أهل الأهواء ، وتأثر بهديه وسمته ، حتى قال

: " سمعت ابن هرمز يقول : ينبغي أن يورث العالم جلساءه قول : لا أدري ، حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه ، فإذا سئل أحدهم عما لا يدري قال لا أدري ..

.قال ابن وهب : كان مالك يقول في أكثر ما يسأل عنه لا أدري ".

ولازم نافعا مولى ابن عمر ، وكان يقول : " كنت آتي نافعا نصف النهار وما تظلني الشجرة من الشمس ، أَتَحَيَّنُ خروجَه ، فإذا خرج أدَعُهُ ساعة كأني لم أره

ثم أتعرض له فأسلم عليه وأدعه ، حتى إذا دخل أقول له : كيف قال ابن عمر في كذا وكذا ، فيجيبني ، ثم أحبس عنه ، وكان فيه حدة ".

"الديباج المذهب" (ص/117)

وأخذ عن الإمام ابن شهاب الزهري ، وروي عنه أنه قال :

" شهدت العيد ، فقلت : هذا يوم يخلو فيه ابن شهاب ، فانصرفت من المصلى حتى جلست على بابه ، فسمعته يقول لجاريته : انظري مَن في الباب . فنظرت ، فسمعتها تقول :

مولاك الأشقر مالك . قال : أدخليه . فدخلت ، فقال : ما أراك انصرفت بعد إلى منزلك ! قلت : لا . قال : هل أكلت شيئا . قلت : لا . قال : اطعم . قلت : لا حاجة لي فيه

. قال : فما تريد ؟ قلت : تحدثني . قال لي : هات. فأخرجت ألواحي فحدثني بأربعين حديثا . فقلت : زدني . قال : حسبك إن كنت رويت هذه الأحاديث فأنت من الحفاظ . قلت : قد رويتها .

فجبذ الألواح من يدي ثم قال : حَدِّث . فحدثته بها . فردها إلي وقال : قم فأنت من أوعية العلم .

قال بعض علماء الأثر :

" كان إمام الناس بعد عمر زيد بن ثابت ، وبعده عبد الله بن عمر ، وأخذ عن زيد واحد وعشرون رجلا ، ثم صار علم هؤلاء إلى ثلاثة : ابن شهاب

وبكير بن عبد الله ، وأبي الزناد ، وصار علم هؤلاء كلهم إلى مالك بن أنس ."

"المدارك" (68)

كان شديد التعظيم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى " سئل مالك : أسمعت عن عمرو بن دينار . فقال : رأيته يحدث والناس قيام يكتبون ، فكرهت أن أكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قائم " .

وكما لم يدخر جهدا في حفظ الحديث ومجالسة العلماء ، لم يدخر مالا في سبيل ذلك ، حتى قال ابن القاسم : " أفضى بمالك طلب العلم إلى أن نقض سقف بيته ، فباع خشبه ، ثم مالت عليه الدنيا من بعد ."

"المدارك" (ص/115)

بعد أن اكتملت دراسة مالك للآثار والفتيا اتخذ له مجلسا في المسجد النبوي لتعليم الناس – وفي بعض الروايات أنَّ سِنَّه كان ذلك في السابعة عشرة

- ولقد قال رحمه الله في هذا المقام ، وفي بيان حاله عندما نزعت نفسه إلى الدرس والإفتاء - :

" ليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل ، فإن رأوه لذلك أهلا جلس ، وما جلست حتى شهد لي سبعون شيخا من أهل العلم أني موضع لذلك "

. "المدارك" (ص/127)

كان الإمام رحمه الله يتزين لمجلس الحديث ، ويضفي عليه من الهيبة والجلالة ما لم يكن لغيره ، حتى قال الواقدي : " كان مجلسه مجلس وقار وعلم

وكان رجلا مهيبا نبيلا ، ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ، ولا رفع صوت ، وإذا سئل عن شيء فأجاب سائله لم يقل له من أين هذا "

ولإخلاصه في طلب العلم التزم أمورا وابتعد عن أمور ، فالتزم السنة والأمور الظاهرة الواضحة البينة ، ولذلك كان يقول : " خير الأمور ما كان منها واضحا بَيِّنًا ، وإن كنت في أمرين أنت منهما في شك ، فخذ بالذي هو أوثق "

والتزم الإفتاء فيما يقع من المسائل دون أن يفرض رأيه، خشية أن يضل وأن يبعد عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والتزم الأناة في الإفتاء ، وكان يفكر التفكير الطويل العميق ، ولا يسارع إلى الإفتاء ، فإن المسارعة قد تجر إلى الخطأ ، ويقول ابن القاسم تلميذه :

" سمعت مالكا يقول : إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة ، ما اتفق لي فيها رأي إلى الآن "

وكان يقول : " من أحب أن يجيب عن مسألة فليعرض نفسه على الجنة والنار ، وكيف يكون خلاصه في الآخرة ".

"الديباج المذهب" (ص/23)

ولقد سأله سائل مرة وقال : مسألة خفيفة . فغضب وقال : مسألة خفيفة سهلة !! ليس في العلم شيء خفيف ، أما سمعت قول الله تعالى : ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) فالعلم كله ثقيل ، وخاصة ما يسأل عنه يوم القيامة

. "المدارك" (162)

ومع بُعدِ هذا الإمام عن الثورات والتحريض عليها ، واشتغاله بالعلم ، نزلت به محنة في العصر العباسي في عهد أبي جعفر المنصور

سنة (146هـ) ، وقد ضرب في هذه المحنة بالسياط ، ومدت يده حتى انخلعت كتفاه ، والسبب المشهور أنه كان يحدث بحديث : ( ليس على مستكره طلاق )

وأن مروجي الفتن اتخذوا من هذا الحديث حجة لبطلان بيعة أبي جعفر المنصور ، وأن هذا ذاع وشاع في وقت خروج محمد بن عبد الله بن الحسن النفس الزكية بالمدينة

وأن المنصور نهاه عن أن يحدث بهذا الحديث ، ثم دس إليه من يسأله عنه ، فحدث به على رؤوس الناس ، فضربه والي المدينة جعفر بن سليمان ، وفي بعض الروايات أن أبا جعفر المنصور اعتذر للإمام مالك بعد ذلك بأن ما وقع لم يكن بعلمه .

قال أبو يوسف صاحب أبي حنفية :

" ما رأيت أعلم من ثلاثة : مالك ، وابن أبي ليلى ، وأبي حنيفة "

وقال عبد الرحمن بن مهدي :

" أئمة الحديث الذين يقتدى بهم أربعة : سفيان الثوري بالكوفة ، ومالك بالحجاز ، والأوزاعي بالشام ، وحماد بن زيد بالبصرة "

وقال سفيان بن عيينة : " ما نحن عند مالك ! إنما كنا نتبع آثار مالك ، وننظر الشيخ إذا كتب عنه مالك كتبنا عنه ... وما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موت مالك بن أنس "

وقال الشافعي : " إذا جاءك الأثر عن مالك فشد به ...وإذا جاء الخبر فمالك النجم ، وإذا ذكر العلماء فمالك النجم ، ولم يبلغ أحد في العلم مبلغ مالك لحفظه وإتقانه وصيانته ، ومن أراد الحديث الصحيح فعليه بمالك "

وقال أحمد بن حنبل :

" مالك سيد من سادات أهل العلم ، وهو إمام في الحديث والفقه ، ومَن مثل مالك ! متبع لآثار من مضى مع عقل وأدب "

قال القاضي عياض رحمه الله :

"عاش نحو تسعين سنة ، كان فيها إماما يروي ويفتي ، ويسمع قوله نحو سبعين سنة ، تنتقل حاله كل حين زيادة في الجلال ، ويتقدم في كل يوم علوه في الفضل والزعامة

، حتى مات ، وقد انفرد منذ سنين ، وحاز رياسة الدنيا والدين دون منازع ."

"المدارك" (111)

أكثر الرواة على أنه مات سنة (179هـ).

رحم الله الإمام مالكا وجميع أئمة المسلمين .

وينظر كتاب " مالك حياته وعصره، آراؤه وفقهه " للشيخ محمد أبو زهرة .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 15:14   رقم المشاركة : 149
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

منزلة محمد بن إسحاق راوي المغازي عند علماء الحديث

السؤال


ما رأيكم في ابن إسحاق ، فقد سمعت أنه ليّن وغير دقيق في روايته للحديث ، مما جعل العلماء لا يقبلون أي رواية مِن قِبَله ، فهل هذا صحيح ؟.


الجواب


الحمد لله

الكلام في ترجمة العلامة محمد بن إسحاق يندرج في المطالب الآتية :

المطلب الأول : اسمه ونسبه ومولده

هو محمد بن إسحاق بن يسار ، كان جده يسار من موالي قيس بن مخرمة بن المطلب

فهو القرشي المطلبي مولاهم ، كنيته : أبو بكر ، وقيل : أبو عبد الله ، ولد سنة ثمانين للهجرة في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام

ثم ما لبث أن سافر منها لطلب العلم وسماع الحديث ، حتى استقر به المقام في بغداد ، حيث بقي هناك حتى توفي رحمه الله .

المطلب الثاني : طلبه للعلم على المشايخ .

نشأته العلمية المبكرة كانت في أعظم حواضر العلم والمعرفة ، وهي المدينة النبوية الشريفة ، فتعلَّم على عُلمائها ، وأخذ عن فقهائها ، وسمع من محدثيها

فنال بذلك أسمى مراتب التعليم ، حتى قيل : إنه رأى الصحابي الجليل أنس بن مالك ، ورأى سيد التابعين سعيد بن المسيب .

وكان من أشهر شيوخه : سعيد المقبري ، وعبد الرحمن بن هرمز ، وعمرو بن شعيب ، ومحمد بن إبراهيم التيمي ، وأبو جعفر الباقر ، والزهري ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ، ومحمد بن المنكدر ، وغيرهم كثير .

ورحل في طلب العلم في مقتبل عمره إلى الجزيرة ، والكوفة ، والريّ ، وبغداد ، بل وصل الإسكندرية في رحلاته سنة خمس عشرة ومائة

وروى عن جماعة من أهل مصر ، وقد قال ابن سعد رحمه الله : خرج من المدينة قديما ، فلم يرو عنه أحد منهم غير إبراهيم بن سعد ، وكان مع العباس بن محمد بالجزيرة

وأتى أبا جعفر بالحيرة ، فكتب له المغازي ، فسمع منه أهل الكوفة بذلك السبب ، وسمع منه أهل الريّ ، فرواته من هؤلاء البلدان أكثر ممن روى عنه من أهل المدينة .

المطلب الثالث : منزلته العلمية

حظي ابن إسحاق بمنزلة رفيعة بين علماء عصره

وذلك لسعة معارفه ، وكثير اطلاعه ، حتى قال عنه الإمام الذهبي : أول من دون العلم بالمدينة ، وذلك قبل مالك وذويه ، وكان في العلم بحرا عجاجا ، ولكنه ليس بالمجود كما ينبغي .

ولذلك ما زال ثناء العلماء عليه عاطرا من قديم الزمان :

قال علي بن المديني رحمه الله : مدار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة : - فذكرهم - ثم قال : فصار علم الستة عند اثني عشر : أحدهم محمد بن إسحاق .

وقال الإمام الزهري : لا يزال بالمدينة علم جم ما دام فيهم ابن إسحاق .

المطلب الرابع : تبحُّره في علم المغازي والسير

اشتهر محمد بن إسحاق باهتمامه البالغ في علم المغازي ، حتى كان أول من جمع المغازي في مصنف كامل

وقال فيه الإمام الشافعي رضي الله عنه : من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق

. وقال ابن عدي : لو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء ، إلى الاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه

ومبتدأ الخلق ، لكانت هذه فضيلة سبق بها . وقال الإمام الذهبي: قد كان في المغازي علامة .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-21, 15:15   رقم المشاركة : 150
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلب الخامس : مؤلفاته

مؤلفه الذي اشتهر به – ولم نقف له على غيره – هو كتابه المشهور بـ " المغازي "، ولم يظهر حتى الآن كاملا ، وإنما طبع قسم منه بتحقيق الدكتور محمد حميد الله

وطبع أيضا القسم نفسه بتحقيق الدكتور سهيل زكار ، ونرجو أن يظهر قريبا كاملا بإذن الله ، غير أن الكتاب حفظ لنا من خلال اختصار ابن هشام له ،

فيما يعرف بـ " السيرة النبوية " لابن هشام الذي روى مغازي ابن إسحاق عن تلميذ ابن إسحاق زياد البكائي المتوفى سنة (183هـ).

المطلب السادس : ثناء أهل العلم على حديثه

قال عنه شعبة بن الحجاج : أمير المؤمنين في الحديث .

وقال فيه أبو معاوية الضرير : كان ابن إسحاق من أحفظ الناس ، فكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر ، فاستودعها عند ابن إسحاق ، قال : احفظها علي ، فإن نسيتها ، كنت قد حفظتها علي .

وقال سفيان الثوري : جالست ابن إسحاق منذ بضع وسبعين سنة ، وما يتهمه أحد من أهل المدينة ، ولا يقول فيه شيئا .
وقال علي بن عبد الله : نظرت في كتب ابن إسحاق ، فما وجدت عليه إلا في حديثين ، ويمكن أن يكونا صحيحين .

المطلب السابع : الجواب عن كلام مَن قدح فيه

القدح في ابن إسحاق يتلخص في ثمان قضايا :

القدح الأول : اتهامه بالقدرية حتى ذُكر أنه جلد بسببه .

القدح الثاني : اتهامه بالتشيع .

وهذان الأمران – إن ثبتا عنه – فلا يؤثران في حديثه ، إذ ما زال العلماء يأخذون عن القدرية والشيعة إذا ثبت صدقهم وحفظهم .

القدح الثالث : اتهامه بالتدليس .

ذكره ابن حجر في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين (ص/51) وقال : مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم ، وَصَفَه بذلك أحمد والدارقطني وغيرهما .

وهذا لا يعتبر قدحا مطلقا في حديثه أيضا ، فالمدلس المكثر من التدليس يُقبَل حديثه إذا صرح بالسماع ، وإنما يُرَدُّ ما رواه بالعنعنة .

القدح الرابع : اتهامه بالكذب .

وهي تهمة باطلة لا تثبت عليه ، وإن اتهمه بها هشام بن عروة (ت146هـ)، ومالك بن أنس (ت179هـ)، ويحيى القطان (ت198هـ)

أما اتهام هشام بن عروة له بالكذب – وأخذها عنه يحيى القطان - فسببه أنه قال : يحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر ، والله إن رآها قط .

وهذا السبب لا يكفي لاتهام علامة كابن إسحاق بالكذب ، إذ يحتمل أن يكون سمع منها من وراء حجاب ولم يرها ، ويحتمل أن يكون سمع منها قبل زواجها بهشام بن عروة

بل قال الذهبي : يحتمل أن تكون إحدى خالات ابن إسحاق من الرضاعة ، فدخل عليها ، وما علم هشام بأنها خالة له أو عمة .

قال سفيان الثوري : أخبرني – يعني ابن إسحاق - أنها حدثته ، وأنه دخل عليها .

قال الذهبي : هو صادق في ذلك بلا ريب...وهشام صادق في يمينه ، فما رآها ، ولا زعم الرجل أنه رآها ، بل ذكر أنها حدثته

وقد سمعنا من عدة نسوة ، وما رأيتهن ، وكذلك روى عدة من التابعين عن عائشة ، وما رأوا لها صورة أبدا .

قال عبد الله بن أحمد : فحدثت أبي بحديث ابن إسحاق ، فقال : ولِمَ يُنكِرُ هشام ؟ لعله جاء فاستأذن عليها فأذنت له – يعني : ولم يعلم -.

وأما تكذيب الإمام مالك له ، وقوله عنه : دجَّال من الدجاجلة :

فلم يقبله العلماء منه ؛ إذ لم يذكر دليلا على تكذيبه

وقد كان بين مجموعة من العلماء : كابن إسحاق ، وابن أبي ذئب

وابن الماجشون شقاق ونفرة مع الإمام مالك ، فلم يقبل العلماء المتأخرون كلام بعضهم في بعض لما عرف من عداوتهم ، كما لم يقبلوا قول ابن إسحاق في الإمام مالك : ائتوني ببعض كتبه حتى أبين عيوبه ، أنا بيطار كتبه .

وقال يعقوب بن شيبة : سألت عليا – يعني المديني - : كيف حديث ابن إسحاق عندك ، صحيح ؟

فقال : نعم ، حديثه عندي صحيح .

قلت : فكلام مالك فيه ؟

قال : مالك لم يجالسه ، ولم يعرفه ، وأي شيء حدث به ابن إسحاق بالمدينة ؟!

قلت : فهشام بن عروة ، قد تكلم فيه ؟

فقال علي : الذي قال هشام ليس بحجة ، لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها ، إن حديثه ليتبين فيه الصدق ، يروي مرة : حدثني أبو الزناد

ومرة : ذكر أبو الزناد ، ويروي عن رجل ، عمن سمع منه يقول: حدثني سفيان بن سعيد ، عن سالم أبي النضر ، عن عمير : ( صوم يوم عرفة )

وهو من أروى الناس عن أبي النضر، ويقول: حدثني الحسن بن دينار ، عن أيوب ، عن عمرو بن شعيب : ( في سلف وبيع )، وهو من أروى الناس عن عمرو .

وقال الإمام الذهبي رحمه الله : لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر ، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينهم وبينه شحناء وإحنة ، وقد علم أن كثيرا من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر

لا عبرة به ، ولا سيما إذا وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الإنصاف ، وهذان الرجلان – يعني مالكا وابن إسحاق - كل منهما قد نال من صاحبه

لكن أثر كلام مالك في محمد بعض اللين ، ولم يؤثر كلام محمد فيه ولا ذرة ، وارتفع مالك ، وصار كالنجم ، والآخر – يعني ابن إسحاق - فله ارتفاع بحسبه ، ولا سيما في السير .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:22

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc