ثانيا :
ثم السؤال الثاني هو أن الحقائق العلمية المكتشفة اليوم تقول بأن مني الرجل يصنع في الخصية التي تحتوي على الخلايا المهيئة لذلك ، وليس في منطقة الظهر أو الصدر
فكيف يصف القرآن خروج الماء الدافق بأنه من بين الصلب والترائب ؟
والجواب : أن هذا من الإعجاز العلمي لهذا الكتاب العظيم ، فقد اكتشف الطب الحديث أن هذا المكان –
بين الصلب والترائب - هو مكان نشوء الخلايا الأولى للخصية التي تنزل بعد مرحلة من تخلق الجنين إلى كيس الصفن أسفل البطن .
يقول الدكتور محمد دودح :
" والحقيقة العلمية هي أن الأصول الخلوية للخصية في الذكر أو المبيض في الأنثى تجتمع في ظهر الأبوين خلال نشأتهما الجنينية
ثم تخرج من الظهر من منطقة بين بدايات العمود الفقري وبدايات الضلوع ليهاجر المبيض إلى الحوض بجانب الرحم ، وتهاجر الخصية إلى كيس الصفن حيث الحرارة أقل
وإلا فشلت في إنتاج الحيوانات المنوية ، وتصبح معرضة للتحول إلى ورم سرطاني إذا لم تُكمل رحلتها .
والتعبير ( يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ ) يفي بوصف تاريخ نشأة الذرية ، ويستوعب كافة الأحداث الدالة على سبق التقدير والاقتدار والإتقان والإحكام في الخلق
منذ تكوين البدايات في الأصلاب وهجرتها خلف أحشاء البطن
ابتداءً من المنطقة بين الصلب والترائب إلى المستقر ,
وحتى يولد الأبوان ويبلغان ويتزاوجان وتخلق الذرية مما يماثل نطفة ماء في التركيب عديمة البشرية من المني لكنها حية تتدفق ذاتياً لتندمج مع نطفة نظير ، فتتكون النطفة الأمشاج من الجنسين .
( خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ . يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ ) ..
حقائق علمية تأخر العلم بها والكشف عن معرفتها وإثباتها ثلاثة عشر قرنًا , بيان هذا أن صلب الإنسان هو عموده الفقري (سلسلة ظهره) وترائبه هي عظام صدره.
. وإذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا في منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب .. ، فكل من الخصية والمبيض في بد
تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب
أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريباً ، ومقابل أسفل الضلوع .
. فإذا كانت الخصية والمبيض في نشأتهما وفي إمدادهما بالدم الشرياني وفي ضبط شئونهما بالأعصاب قد اعتمدتا في ذلك كله على مكان في الجسم يقع بين الصلب والترائب
فقد استبان صدق ما نطق به القرآن الكريم وجاء به رب العالمين
ولم يكشفه العلم إلا حديثاً بعد ثلاثة عشر قرناً من نزول ذلك الكتاب , هذا وكل من الخصية والمبيض بعد كمال نموه يأخذ في الهبوط إلى مكانه المعروف ؛ فتهبط الخصية حتى تأخذ مكانها في الصفن
ويهبط المبيض حتى يأخذ مكانه في الحوض بجوار بوق الرحم , وقد يحدث في بعض الأحيان ألا تتم عملية الهبوط هذه فتقف الخصية في طريقها ولا تنزل إلى الصفن فتحتاج إلى عملية جراحية " انتهى .
نقلا عن موقع الإسلام اليوم .
ويقول الدكتور محمد علي البار حفظه الله :
" تقول الآية الكريمة أن الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب , ونحن قد قلنا أن هذا الماء ( المني ) إنما يتكون في الخصية وملحقاتها ,
كما تتكون البويضة في المبيض لدى المرأة , فكيف تتطابق الحقيقة العلمية مع الحقيقة القرآنية ؟
إن الخصية والمبيض إنما يتكونان من الحدبة التناسلية بين صلب الجنين وترائبه , والصلب هو العمود الفقري والترائب هي الأضلاع , وتتكون الخصية والمبيض في هذه المنطقة بالضبط
أي بين الصلب والترائب , ثم تنزل الخصية تدريجيا حتى تصل إلى كيس الصفن (خارج تجويف البطن) في أواخر الشهر السابع من الحمل ، بينما ينزل المبيض إلى حوض المرأة ..
, ومع هذا فإن تغذية الخصية والمبيض بالدماء والأعصاب واللمف تبقى من حيث أصلها ، أي من بين الصلب والترائب , فشريان الخصية أو المبيض يأتي من الشريان الأبهر ( الأورطي البطني ) من بين الصلب والترائب ,
كما أن وريد الخصية يصب في نفس المنطقة ، أي بين الصلب والترائب
, كما أن الأعصاب المغذية للخصية أو للمبيض تأتي من المجموعة العصبية الموجودة تحت المعدة من بين الصلب والترائب , وكذلك الأوعية اللمفاوية تصب في نفس المنطقة ، أي بين الصلب والترائب .
فهل يبقى بعد كل هذا شك أن الخصية أو المبيض إنما تأخذ تغذيتها ودماءها وأعصابها من بين الصلب والترائب !!
فالحيوانات المنوية لدى الرجل أو البويضة لدى المرأة إنما تستقي مواد تكوينها من بين الصلب والترائب
, كما أن منشأها ومبدأها هو من بين الصلب والترائب ,
والآية الكريمة إعجاز كامل ، حيث تقول : ( مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ ) , ولم تقل من الصلب والترائب , فكلمة " بَيْنِ " ليست بلاغية فحسب ، وإنما تعطي الدقة العلمية المتناهية.
والعلم الحديث يقرر أن الماء الذي لا يقذف ولا يندفع وإنما يسيل.. إنما هو إفرازات المهبل وغدد بارثولين المتصلة به ، وأن هذه الإفرازات ليس لها دخل في تكوين الجنين ، وإنما وظيفتها ترطيب المهبل.
. ولكن العلم الحديث يكشف شيئا مذهلا ؛ أن الحيوانات المنوية يحملها ماء دافق هو ماء المني , كذلك البويضة في المبيض تكون في حويصلة " جراف " محاطة بالماء
فإذا انفجرت الحويصلة تدفق الماء..
وتلقفت أهداب البوق البويضة لتدخلها إلى قناة الرحم حيث تلتقي بالحيوان المنوي لتكون النطفة الأمشاج.. هذا الماء يحمل البويضة تماما كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية
, كلاهما يتدفق , وكلاهما يخرج من بين الصلب والترائب : من الغدة التناسلية ؛ الخصية أو المبيض .
وتتضح مرة أخرى معاني الآية الكريمة في إعجازها العلمي الرائع : ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية , وماء دافق من حويصلة " جراف " بالمبيض يحمل البويضة " انتهى .
"خلق الإنسان بين الطب والقرآن" (ص/114-124) .
والله أعلم