شروح الأحاديث - الصفحة 15 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-01, 03:32   رقم المشاركة : 211
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تسأل عن حديث (لا طلاق في إغلاق) .

السؤال:

أريد تفسيرا واضحا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا طلاق في إغلاق ) .


الجواب :

الحمد لله

أخرج ابن ماجه (2046) ، وأحمد في مسنده (26360) ، وأبو يعلى في مسنده (4444)

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ) وحسنه الألباني في " صحيح وضعيف سنن ابن ماجة "(2046) .

وقد اختلف العلماء في تفسير معنى الإغلاق : فبعضهم فسره بالإكراه

قال الخطابي " معنى الإغلاق: الإكراه ، وكان عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم لا يرون طلاق المكرَه طلاقاً

وهو قول شريح وعطاء وطاوس وجابر بن زيد والحسن وعمر بن عبد العزيز والقاسم وسالم ، وإليه ذهب مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه"

انتهى من " معالم السنن "(3 / 242) .

وفي " التيسير بشرح الجامع الصغير " (2 / 501) :

"( لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ ) أي : إكراه ؛ لأن المكره يغلق عليه الباب ، ويُضيق عليه غالبا ، فلا يقع طلاقه عند الأئمة الثلاثة . وأوقعه الحنفية" انتهى.

وفسره بعض العلماء بأنه :

" نهي عن إيقاع الطلقات الثلاث دفعة واحدة ، فيغلق عليه الطلاق حتى لا يبقى منه شيء ، كغلق الرهن ، حكاه أبو عبيد الهروي "

انتهى من " زاد المعاد في هدي خير العباد " (5 / 195) .

وبعض العلماء فسره بالجنون ، وبعضهم فسره بالغضب الشديد

جاء في "نيل الأوطار " (6 / 279):

"قوله: (في إغلاق) .. فسره علماء الغريب بالإكراه ، روي ذلك في التلخيص عن ابن قتيبة والخطابي وابن السيد وغيرهم ، وقيل : الجنون ، واستبعده المطرزي

وقيل: الغضب ، وقع ذلك في سنن أبي داود ، وفي رواية ابن الأعرابي ، وكذا فسره أحمد ، ورده ابن السيد فقال : لو كان كذلك ، لم يقع على أحد طلاق لأن أحدا لا يطلق حتى يغضب " انتهى .

وفي " إعلام الموقعين عن رب العالمين " (3 / 47) :" وقال الإمام أحمد في رواية حنبل: هو الغضب، وكذلك فسره أبو داود ، وهو قول القاضي إسماعيل بن إسحاق أحد أئمة المالكية ومقدم فقهاء أهل العراق منهم

وهي عنده من لغو اليمين أيضا ، فأدخل يمين الغضبان في لغو اليمين ، وفي يمين الإغلاق ، وحكاه ابن بزيزة الأندلسي عنه ، قال : وهذا قول علي وابن عباس وغيرهما من الصحابة

: أن الأيمان المنعقدة كلها في حال الغضب لا تلزم ، وفي سنن الدارقطني بإسناد فيه لين من حديث ابن عباس يرفعه: «لا يمين في غضب ، ولا عتاق فيما لا يملك» وهو وإن لم يثبت رفعه

فهو قول ابن عباس، وقد فسر الشافعي: «لا طلاق في إغلاق» بالغضب ، وفسره به مسروق ؛ فهذا مسروق والشافعي وأحمد وأبو داود والقاضي إسماعيل، كلهم فسروا الإغلاق بالغضب

وهو من أحسن التفسير ؛ لأن الغضبان قد أغلق عليه باب القصد بشدة غضبه ، وهو كالمكره ، بل الغضبان أولى بالإغلاق من المكرَه ؛ لأن المكرَه قد قصد رفع الشر الكثير بالشر القليل الذي هو دونه

فهو قاصد حقيقة ، ومن هنا أوقع عليه الطلاق من أوقعه ، وأما الغضبان فإن انغلاق باب القصد والعلم عنه ، كانغلاقه عن السكران والمجنون، فإن الغضب غول العقل

يغتاله كما يغتاله الخمر ، بل أشد ، وهو شعبة من الجنون ، ولا يشك فقيه النفس في أن هذا لا يقع طلاقه" انتهى .

والراجح في تفسير الحديث : أن الإغلاق يشمل الإكراه والجنون والعَتَه والغضب الشديد ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " قال شيخنا [يعني : شيخ الإسلام ابن تيمية] : وحقيقة الإغلاق أن يُغلَق على الرجل قلبه

فلا يقصد الكلام ، أو لا يعلم به ، كأنه انغلق عليه قصده وإرادته ، قلت: قال أبو العباس المبرد: الغلق : ضيق الصدر ، وقلة الصبر بحيث لا يجد مخلصا، قال شيخنا: ويدخل في ذلك طلاق المكره والمجنون

ومن زال عقله بسكر أو غضب ، وكل من لا قصد له ، ولا معرفة له بما قال .

والغضب على ثلاثة أقسام :

أحدها : ما يزيل العقل ، فلا يشعر صاحبه بما قال ، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع.

والثاني : ما يكون في مباديه ، بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده ، فهذا يقع طلاقه . الثالث: أن يستحكم ويشتد به، فلا يزيل عقله بالكلية

ولكن يحول بينه وبين نيته ، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال ، فهذا محل نظر، وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه" انتهى من "

زاد المعاد في هدي خير العباد " (5 / 195).

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:39   رقم المشاركة : 212
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما الحكمة من سؤال الله الملائكة عن أحوال عباده وهو أعلم بهم منهم ؟

السؤال:

ما هي الفائدة التي نستنبطها من بعض النصوص التي يسأل الله فيها عباده ، كسؤاله جبريل ماذا يرجون ؟


الجواب :

الحمد لله

روى البخاري (6408) ، ومسلم (2689) - واللفظ له – عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً فُضُلًا ، يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ

فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ ، قَالَ : فَيَسْأَلُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ

مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الْأَرْضِ ، يُسَبِّحُونَكَ ، وَيُكَبِّرُونَكَ ، وَيُهَلِّلُونَكَ ، وَيَحْمَدُونَكَ ، وَيَسْأَلُونَكَ ، قَالَ : وَمَاذَا يَسْأَلُونِي ؟ ، قَالُوا : يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ

قَالَ : وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا : لَا ، أَيْ رَبِّ ، قَالَ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي ؟ ، قَالُوا : وَيَسْتَجِيرُونَكَ ، قَالَ : وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي ؟ قَالُوا : مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ ، قَالَ : وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا : لَا ، قَالَ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟

قَالُوا : وَيَسْتَغْفِرُونَكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا ، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا ،. قَالَ : فَيَقُولُونَ : رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ ، فَيَقُولُ : وَلَهُ غَفَرْتُ ، هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ) .

وفي رواية البخاري : ( فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ؟ ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً ، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا )

وروى مسلم (1348) عن عَائِشَة أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ )

وفي رواية : ( هَؤُلَاءِ عِبَادِي جَاءُوا شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ، يَرْجُونَ رَحْمَتِي وَيَخَافُونَ عَذَابِي، وَلَمْ يَرَوْنِي، فَكَيْفَ لَوْ رَأُونِي ؟ ) .

رواه عبد الرزاق (8830) ، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (1360) .

ومن حكم سؤال الله تعالى ملائكته عن أحوال عباده ، وما ورد بمعنى ذلك في الأحاديث ، والله أعلم :

- أنه سبحانه يريد أن يبين تفضله عليهم برحمته ومغفرته ، وقضائه حاجاتهم ، جزاء عملهم الصالح ، وحسن رغبتهم في فضل ربهم ؛ حتى يتعرف الخلق على الله تعالى بأسمائه وصفاته ، وما يتفضل به على عباده الصالحين .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح حديث فضل الوقوف بعرفة المتقدم :

" يقول سبحانه وتعالى: "ما أراد هؤلاء؟ " يعني : أي شيء أرادوا من مجيئهم إلى هذا المكان ؟ يريد بذلك أن يتفضل عليهم بالرحمة والمغفرة ، وإعطائهم سؤلهم " .

انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (23/ 26) .

- أن يبين فضل هؤلاء الطائعين الصالحين ؛ حيث رجوه وخافوه بالغيب ، ولم يروه.

- أن يبين تعالى لملائكته سبب مباهاته بهم وكرامته لهم ؛ حيث يقررهم بأن عباده جاءوه شعثا غبرا راجين راغبين ، ويتبين ذلك أيضا بقوله

: ( ... فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ ) إلى آخر الحديث ؛ فيقر لهم الملائكة بالطاعة والاستقامة بالغيب ، بخلاف حال إبليس الذي استكبر وأبى .

وأسلوب التقرير بالسؤال والجواب يقع أيضا مع الكافر ، فيقع مع المؤمن إظهارا لشرفه ، وإظهارا لنعمة الله عليه وفضله ، ويقع مع الكافر تقريعا وإذلالا له

وإقامة للحجة عليه ؛ كما في حديث أبي هريرة في محاسبة الكافر يوم القيامة : ( ... فَيَلْقَى الْعَبْدَ، فَيَقُولُ : أَيْ فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ ، وَأُسَوِّدْكَ ، وَأُزَوِّجْكَ ، وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ ؟

فَيَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ) رواه مسلم (2968) .

- فيه إشارة إلى جواب الملائكة عن قولهم : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك )

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" فِيهِ أَنَّ السُّؤَال قَدْ يَصْدُر مِنْ السَّائِل ، وَهُوَ أَعْلَم بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ مِنْ الْمَسْئُول ؛ لِإِظْهَارِ الْعِنَايَة بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ ، وَالتَّنْوِيَة بِقَدْرِهِ ، وَالْإِعْلَان بِشَرَفِ مَنْزِلَته ، وَقِيلَ إِنَّ فِي خُصُوص سُؤَال اللَّه الْمَلَائِكَة عَنْ أَهْل الذِّكْر : الْإِشَارَة إِلَى قَوْلهمْ (

أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا وَيَسْفِك الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّح بِحَمْدِك وَنُقَدِّس لَك ) ؛ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ : اُنْظُرُوا إِلَى مَا حَصَلَ مِنْهُمْ مِنْ التَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس

مَعَ مَا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ مِنْ الشَّهَوَات ، وَوَسَاوِس الشَّيْطَان , وَكَيْف عَالَجُوا ذَلِكَ ، وَضَاهَوْكُمْ فِي التَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس
.
وَقِيلَ إِنَّهُ يُؤْخَذ مِنْ هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الذِّكْر الْحَاصِل مِنْ بَنِي آدَم أَعْلَى وَأَشْرَف مِنْ الذِّكْر الْحَاصِل مِنْ الْمَلَائِكَة لِحُصُولِ ذِكْر الْآدَمِيِّينَ مَعَ كَثْرَة الشَّوَاغِل وَوُجُود الصَّوَارِف وَصُدُوره فِي عَالَم الْغَيْب , بِخِلَافِ الْمَلَائِكَة فِي ذَلِكَ كُلّه ".

انتهى "فتح الباري" (11/213) .

وينظر : "عمدة القاري" ، للعيني (23/ 28) ، " دليل الفالحين" (7/ 247) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:45   رقم المشاركة : 213
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تسمية البعوض بــ " الناموس " مع إطلاق ذلك على ملك الوحي ؟

السؤال:

هل يجوز تسمية الحشرة المعروفة باسم (الناموس) بذلك الاسم ؟

فهل يجوز ذلك ، مع أنه قد ورد في صحيح البخاري : ( هذا الناموس الذي نزل الله على موسى ) ، وقد قرأت أن المقصود بالناموس في الحديث الذي في صحيح البخاري

هو جبريل. فهل يعد تسمية الحشرة المعروفة باسم الناموس بذلك الاسم محرما ؟


الجواب :

الحمد لله

مما تتسم به لغتنا العربية : اتساع ألفاظها لكثير من المعاني ، فتجد للكلمة الواحدة أكثر من معنى ، فيكون معنى الكلمة بحسب ورودها في الجملة التي سيقت فيها

فيتنوع المعنى والكلمة واحدة ، وهذا ما يسمى بالاشتراك اللفظي ، فالمشترك اللفظي هو: اللفظ الواحد الدال على معنين مختلفين فأكثر، دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة .

انظر " تاج العروس" (1/25).

فمن ذلك : لفظ " العين" ، يطلق على : عين المال ، والعين التي يبصر بها، وعين الماء، وعين الشيء إذا أردت حقيقته .

ومن ذلك الباب : كلمة : " الناموس " فلها عدة معان ، فتأتي بمعنى المكر ، وبمعنى وعاء العلم ، وبمعنى صاحب السر ، وبمعنى النمام ، وبمعنى بيت الراهب ، وغير ذلك من المعاني .

قال الزبيدي رحمه الله في " تاج العروس" (16/ 580-581):

" النَّامُوسُ: صَاحب السِّرِّ، أَي سِرِّ المَلك ، وأَهْلُ الكِتابِ يُسَمُّون جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : النّامُوسَ الأَكْبَرَ، هُوَ المُرَادُ فِي حَدِيثِ المَبْعَثِ ، فِي قولِ وَرَقَةَ ، لأَنَّ اللهَ تَعَالَى خَصَّه بالوَحْيِ والغَيْبِ الَّذي لَا يَطَّلِع عليهِمَا غيرُه

والنّامُوسُ: الحَاذِقُ الفَطِنُ ، والنّامُوسُ: مَنْ يَلْطُفُ مَدْخَلُه، فِي الأُمُورِ بِلُطْفِ إحْتِيَالٍ ، والنَّامُوسُ: الشَّرَكُ ، لأَنّه يُوَارَى تَحْتَ الأَرْضِ ، والنّامُوسُ: النَّمَّامُ، كالنِّمَّاسِ

وَقد نَمَسَ ، إِذا نَمَّ . والنَّامُوسُ: عِرِّيسَةُ الأَسَدِ ، شُبِّه بمَكْمَنِ الصّائِدِ ، والنِّمْسُ: دُوَيْبَّةٌ عَرِيضَةٌ كَأَنَّهَا قِطْعَةُ قَدِيدٍ ، تكون بِمِصْرَ ونَوَاحِيها، وَهِي من أَخْبَث السِّبَاعِ .

والنّامُوسُ : المَكْرُ والخِداعُ ، يُقَال: فُلانٌ صاحبُ نامُوسٍ ونَوَامِيسَ وَمِنْه نَوامِيسُ الحُكَمَاءِ ، والنّامُوسُ: بَيْتُ الرّاهِبِ. والنَّامُوسُ: وَعَاءُ العِلْمِ. والنّامُوسُ: السِّرُّ " انتهى .

وينظر : " لسان العرب" (6/ 243) .

وقد ثبت إطلاق " الناموس" على ملك الوحي – جبريل – عليه السلام ، في قول ورقة بن نوفل رضي الله عنه ، في قصة بدء الوحي : " هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه البخاري (3) ، ومسلم (160) .

فالمقصود به هنا : جبريل عليه السلام

قال النووي رحمه الله :

" اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُسَمَّى النَّامُوسَ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا، قَالَ الْهَرَوِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ بِالْغَيْبِ وَالْوَحْيِ " انتهى .

وكذلك : حشرة البعوض ، تسمى أيضا بـ"الناموس" ، وهي تسمية قديمة ، ليست محدثة ولا دارجة .

قال النويري رحمه الله في " نهاية الأرب " (10/ 301) :

" البعوض صنفان: صنف يشبه القراد ، لكن أرجله خفيّة ورطوبته ظاهرة ، يسمّى بالعراق والشأم : الجرجس والفسافس، وبمصر: البقّ ، ويشمّ رائحة الإنسان ويتعلّق به ، وله لسع شديد

ولدمه إذا قتل رائحة كريهة ، وهذا الصنف ليس من الطير. والصنف الثانى: طائر ويسمّيه أهل العراق: البقّ والبعوض، ويسمّيه أهل مصر: الناموس "

انتهى ، وينظر : "حياة الحيوان الكبرى" (1/ 468) .

وجاء في "المعجم الوسيط" (1/ 63):

" (البعوض) جنس حشرات مضرَّة من ذَوَات الجناحين ، وَهُوَ (الناموس) " انتهى .

والحاصل : أنه لا حرج في إطلاق اسم الناموس على حشرة البعوض ، وأنه هذا من قبيل المشترك اللفظي .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 03:52   رقم المشاركة : 214
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

صحة حديث (وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات)

السؤال:

ما صحة هذا الحديث : قال صلى الله عليه وسلم : " شر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات ، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم " سنن البيهقي ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

أخرج البيهقي في " السنن الكبرى " (13478) بسنده عن أبي أذينة الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية

إذا اتقين الله ، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات ، وهن المنافقات ، لا يدخل الجنة منهن ، إلا مثل الغراب الأعصم ) .

وهذا الحديث : اختلف أهل العلم في شأنه ، فذهب غير واحد من أهل العلم إلى عدم صحته ، منهم ابن القطان الفاسي في كتاب " النظر في أحكام النظر" (177) ، ومال السيوطي إلى إرساله ، وسبقه إلى ذلك البيهقي .

وصححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير " برقم : (3330) , وفي " السلسلة الصحيحة " برقم: (1849).

ثانيا :

جاء في " التيسير بشرح الجامع الصغير " (1 / 532) :

" (خير نِسَائِكُم الْوَلُود) أَي الْكَثِيرَة الْولادَة (الْوَدُود) أَي المتحببة إِلَى زَوجهَا (المواسية المواتية) أَي الْمُوَافقَة للزَّوْج (إذا اتقين الله)

أَي خفنه فأطعنه (وَشر نِسَائِكُم المتبرجات) أَي المظهرات زينتهن للأجانب (المتخيِّلات) أَي المعجبات المتكبرات (وَهنَّ المنافقات) أَي يشبهنهن (لَا يدْخل الْجنَّة مِنْهُنَّ إِلَّا مثل الْغُرَاب الأعصم) الأبيض الجناحين

أو الرجلين أَرَادَ قلَّة من يدْخل الْجنَّة مِنْهُنَّ لَأن هَذَا النَّعْت فِي الْغرْبَان عَزِيز" انتهى.

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 18:31   رقم المشاركة : 215
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام : ( من غشنا فليس منا ) ؟

السؤال:

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من غشنا فليس منا ) ، فهل يعني ذلك أنّ الشخص الذي يغش أو يكذب كثيراً ، يعتبر كافراً ، حتى لو كان مؤمناً بالله واليوم الآخر ؟

الجواب :

الحمد لله

حديث : ( من غشنا فليس منا ) أخرجه مسلم في صحيحه (146) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ

فَلَيْسَ مِنَّا ، وَمَنْ غَشَّنَا ، فَلَيْسَ مِنَّا ) ، وفي رواية أخرى لمسلم (147) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه – أيضاً - ، وفيه : ( مَنْ غَشَّ ، فَلَيْسَ مِنِّي ) .

والمقصود من الحديث ذم الغاش ، وأنه ليس على سنن وطريقة وصفات المسلمين ، والتي منها : النصح والصدق مع الآخرين ، وعدم غشهم ، ولا يدل الحديث على كفر الغاش .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" النَّقْصُ عَنْ الْوَاجِبِ نَوْعَانِ :

نَوْعٌ يُبْطِلُ الْعِبَادَةَ ، كَنَقْصِ أَرْكَانِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ .

وَنَقْصٌ لَا يُبْطِلُهَا ، كَنَقْصِ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَرْكَانِ ؛ وَنَقْصِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ إذَا تَرَكَهَا سَهْوًا ...

وَبِهَذَا تَزُولُ الشُّبْهَةُ فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ ، وَخِلَافُ الْمُرْجِئَةِ وَالْخَوَارِجِ ؛ فَإِنَّ الْإِيمَانَ وَإِنْ كَانَ اسْمًا لِدِينِ اللَّهِ الَّذِي أَكْمَلَهُ بِقَوْلِهِ : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ، وَهُوَ اسْمٌ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَلِلْبِرِّ وَلِلْعَمَلِ الصَّالِحِ .. فَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ التَّامُّ .

وَكَمَالُهُ نَوْعَانِ : كَمَالُ الْمُقَرَّبِينَ ، وَهُوَ الْكَمَالُ بِالْمُسْتَحَبِّ .

وَكَمَالُ الْمُقْتَصِدِينَ ، وَهُوَ الْكَمَالُ بِالْوَاجِبِ فَقَطْ .

وَإِذَا قُلْنَا فِي مِثْلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) و ( لَا إيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ )

وَقَوْلِهِ : ( إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) الْآيَةَ ..

إذَا قَالَ الْقَائِلُ فِي مِثْلِ هَذَا : لَيْسَ بِمُؤْمِنِ كَامِلِ الْإِيمَانِ ؛ أَوْ نَفَى عَنْهُ كَمَالَ الْإِيمَانِ ، لَا أَصْلَهُ ؛ فَالْمُرَادُ بِهِ كَمَالُ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ ، لَيْسَ بِكَمَالِ الْإِيمَانِ الْمُسْتَحَبِّ ، كَمَنْ تَرَكَ رَمْيَ الْجِمَارِ ، أَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ غَيْرَ الْوَطْءِ ..

. وَكَذَا الْمُؤْمِنُ الْمُطْلَقُ : هُوَ الْمُؤَدِّي لِلْإِيمَانِ الْوَاجِبِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ إيمَانِهِ نَاقِصًا عَنْ الْوَاجِبِ : أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا حَابِطًا .. ، وَلَا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ كَمَا تَقُولُهُ الْمُرْجِئَةُ

وَلَا أَنْ يُقَالَ : وَلَوْ أَدَّى الْوَاجِبَ لَمْ يَكُنْ إيمَانُهُ كَامِلًا ، فَإِنَّ الْكَمَالَ الْمَنْفِيَّ هُنَا الْكَمَالُ الْمُسْتَحَبُّ .

فَهَذَا فُرْقَانٌ يُزِيلُ الشُّبْهَةَ فِي هَذَا الْمَقَامِ ، وَيُقَرِّرُ النُّصُوصَ كَمَا جَاءَتْ .

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ) وَنَحْوُ ذَلِكَ ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ : لَيْسَ مِنْ خِيَارِنَا ، كَمَا تَقُولُهُ الْمُرْجِئَةُ ، وَلَا أَنْ يُقَالَ : صَارَ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَيَكُونُ كَافِرًا ، كَمَا تَقُولُهُ الْخَوَارِجُ .

بَلْ الصَّوَابُ : أَنَّ هَذَا الِاسْمَ الْمُضْمَرَ يَنْصَرِفُ إطْلَاقُهُ إلَى الْمُؤْمِنِينَ الْإِيمَانَ الْوَاجِبَ الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقُّونَ الثَّوَابَ بِلَا عِقَابٍ ، وَلَهُمْ الْمُوَالَاةُ الْمُطْلَقَةُ وَالْمَحَبَّةُ الْمُطْلَقَةُ

وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِهِمْ دَرَجَاتٌ فِي ذَلِكَ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ ؛ فَإِذَا غَشَّهُمْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ حَقِيقَةً ؛ لِنَقْصِ إيمَانِهِ الْوَاجِبِ الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقُّونَ الثَّوَابَ الْمُطْلَقَ بِلَا عِقَابٍ ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ مُطْلَقًا

بَلْ مَعَهُ مِنْ الْإِيمَانِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ مُشَارَكَتَهُمْ فِي بَعْضِ الثَّوَابِ ، وَمَعَهُ مِنْ الْكَبِيرَةِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعِقَابَ ..."

انتهى مختصرا من " مجموع الفتاوى " (19/292-294) .

وقال محمد شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله :

" ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ ) : قَالَ الْخَطَّابِيّ : مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى سِيرَتنَا وَمَذْهَبنَا , يُرِيد أَنَّ مَنْ غَشَّ أَخَاهُ وَتَرَكَ مُنَاصَحَته ، فَإِنَّهُ قَدْ تَرَكَ اِتِّبَاعِي وَالتَّمَسُّك بِسُنَّتِي .

وَقْد ذَهَبَ بَعْضهمْ : إِلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَه عَنْ الْإِسْلَام , وَلَيْسَ هَذَا التَّأْوِيل بِصَحِيحٍ , وَإِنَّمَا وَجْهُه مَا ذَكَرْت لَك , وَهَذَا كَمَا يَقُول الرَّجُل لِصَاحِبِهِ أَنَا مِنْك وَإِلَيْك , يُرِيد بِذَلِكَ الْمُتَابَعَة وَالْمُوَافَقَة ,

وَيَشْهَد لِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّك غَفُور رَحِيم ) اِنْتَهَى . وَالْحَدِيث دَلِيل عَلَى تَحْرِيم الْغِشّ ، وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ "

انتهى من " عون المعبود شرح سنن أبي داود " (9/231) .

وينظر : " فتح الباري " (3/163) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 18:37   رقم المشاركة : 216
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بعض جوانب العشرة الزوجية الحميدة التي يدل عليها حديث أم زرع

السؤال:

قرأت حديثاً في صحيح البخاري ، في الكتاب السابع والستين ، حديث رقم 123 . وهو حديث طويل عن 11 امرأة تتحدث كل واحدة منهن عن زوجها ، وعندي بعض الأسئلة حول هذا الحديث :

- ما الصفات التي كان يقصدها النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال " أنا لك كأبي زرع لأم زرع " ؟

- لماذا طلّق أبو زرع أمَ زرع ؟

- ما الخصال الجيدة للزوج التي يشير إليها الحديث ؟ -

هل يُفهم من الحديث أن أبا زرع كان زوجاً جيداً ؟


الجواب :


الحمد لله


روى البخاري (5189) ، ومسلم (2448) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً ، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا

قَالَتِ الأُولَى : زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ : لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ ... الحديث ، وفيه : قَالَتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ : زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ

وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ

أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، طَوْعُ أَبِيهَا

وَطَوْعُ أُمِّهَا ، وَمِلْءُ كِسَائِهَا ، وَغَيْظُ جَارَتِهَا ، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ، وَلاَ تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا ، قَالَتْ : خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ

فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا ، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا ، رَكِبَ شَرِيًّا ، وَأَخَذَ خَطِّيًّا ، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا ، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا

وَقَالَ : كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ ، قَالَتْ : فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ . قَالَتْ عَائِشَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ ) .

شرح الحديث :

( أُنَاس مِنْ حُلِيّ أُذُنَيّ ) أي أتاني بالحلي في أذني فهو يتدلى منها .

( وَمَلَأَ مِنْ شَحْم عَضُدِي ) مَعْنَاهُ أَسْمَنَنِي .

( وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ) مَعْنَاهُ وَعَظَّمَنِي فَعَظُمْت عِنْد نَفْسِي . يُقَالُ : فُلَانٌ يَتَبَجَّحُ بِكَذَا أَيْ يَتَعَظَّمُ وَيَفْتَخِرُ .
( وَجَدَنِي فِي أَهْل غُنَيْمَة بِشِقٍّ

, فَجَعَلَنِي فِي أَهْل صَهِيل وَأَطِيط وَدَائِس وَمُنَقٍّ ) أَرَادَتْ أَنَّ أَهْلهَا كَانُوا أَصْحَاب غَنَم لَا أَصْحَاب خَيْل وَإِبِل , وَالْعَرَب لَا يعظمون أَصْحَاب الْغَنَم , وَإِنَّمَا يعظمون أَهْل الْخَيْل وَالْإِبِل .

وَأَمَّا قَوْلهَا : ( بِشِقِّ ) يحتمل أنه اسم مكان ، ويحتمل أن مرادها أَيْ بِشَظَفٍ مِنْ الْعَيْش وَجَهْدٍ . وَقَوْلهَا : ( وَدَائِس ) هُوَ الَّذِي يَدُوسُ الزَّرْع فِي بَيْدَرِهِ . يُقَالُ : دَاس الطَّعَام دَرَسَهُ .

قَوْلهَا : ( وَمُنَقٍّ ) الْمُرَاد بِهِ الَّذِي يُنَقِّي الطَّعَام أَيْ يُخْرِجُهُ مِنْ قُشُوره ، وَالْمَقْصُود أَنَّهُ صَاحِب زَرْع , وَيَدُوسُهُ وَيُنَقِّيهِ .

قَوْلهَا ( فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّح ) مَعْنَاهُ لَا يُقَبِّح قَوْلِي فَيَرُدُّ , بَلْ يَقْبَلُ مِنِّي .

وَمَعْنَى ( أَتَصَبَّحُ ) أَنَام الصُّبْحَة , وَهِيَ بَعْد الصَّبَاح , أَيْ أَنَّهَا مَكْفِيَّة بِمَنْ يَخْدُمُهَا فَتَنَام .

وَقَوْلهَا : ( فَأَتَقَنَّح ) مَعْنَاهُ أُرْوَى حَتَّى أَدَعَ الشَّرَاب مِنْ الشِّدَّة الرِّي .

قَوْلهَا : ( عُكُومُهَا رَدَاح ) الْعُكُوم هي الْأَوْعِيَة الَّتِي فِيهَا الطَّعَام وَالْأَمْتِعَة , وَرَدَاح أَيْ عِظَام كَبِيرَة .

قَوْلهَا : ( وَبَيْتهَا فَسَاح ) أَيْ وَاسِع .

قَوْلهَا : ( مَضْجَعه كَمَسَلِّ شَطْبَة ) مُرَادهَا أَنَّهُ خَفِيف اللَّحْم ، وَهُوَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ الرَّجُل .

قَوْلهَا : ( وَتُشْبِعُهُ ذِرَاع الْجَفْرَة ) الْجَفْرَة وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ أَوْلَاد الْمَعْزِ , وَهِيَ مَا بَلَغَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَفُصِلَتْ عَنْ أُمِّهَا . وَالْمُرَاد أَنَّهُ قَلِيل الْأَكْل , وَالْعَرَب تَمْدَحُ بِهِ .

قَوْلهَا : ( طَوْع أَبِيهَا وَطَوْع أُمّهَا ) أَيْ مُطِيعَة لَهُمَا مُنْقَادَة لِأَمْرِهِمَا .

قَوْلهَا : ( وَمِلْء كِسَائِهَا ) أَيْ مُمْتَلِئَة الْجِسْم سَمِينَة .

قَوْلهَا : ( وَغَيْظ جَارَتهَا ) قَالُوا : الْمُرَاد بِجَارَتِهَا ضَرَّتهَا , يَغِيظهَا مَا تَرَى مِنْ حَسَنهَا وَجَمَالهَا وَعِفَّتهَا وَأَدَبهَا .

قَوْلهَا : ( لَا تَبُثُّ حَدِيثنَا تَبْثِيثًا ) أَيْ لَا تُشِيعُهُ وَتُظْهِرُهُ , بَلْ تَكْتُمُ سِرَّنَا وَحَدِيثنَا كُلّه .

قَوْلهَا : ( وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتنَا تَنْقِيثًا ) الْمِيرَة الطَّعَام الْمَجْلُوب , وَمَعْنَاهُ لَا تُفْسِدُهُ , وَلَا تُفَرِّقُهُ , وَلَا تَذْهَب بِهِ وَمَعْنَاهُ وَصْفُهَا بِالْأَمَانَةِ .

قَوْلهَا : ( وَلَا تَمْلَأُ بَيْتنَا تَعْشِيشًا ) أَيْ لَا تَتْرُكُ الْكُنَاسَة وَالْقُمَامَة فِيهِ مُفَرَّقَة كَعُشِّ الطَّائِر , بَلْ هِيَ مُصْلِحَة لِلْبَيْتِ , مُعْتَنِيَة بِتَنْظِيفِهِ .

قَوْلهَا : ( وَالْأَوْطَاب تُمْخَض ) هُوَ جَمْع وَطْب وَهِيَ سَقِيَّة اللَّبَن الَّتِي يُمْخَض فِيهَا .

قَوْلهَا : ( يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْت خَصْرهَا بِرُمَّانَتَيْنِ ) الْمُرَاد بِالرُّمَّانَتَيْنِ هُنَا ثَدْيَاهَا .

قَوْلهَا : ( فَنَكَحْت بَعْده رَجُلًا سِرِّيًّا رَكِبَ شَرِيًّا ) (سِرِّيًّا) مَعْنَاهُ سَيِّدًا شَرِيفًا , وَقِيلَ : سَخِيًّا , (شَرِيًّا) هُوَ الْفَرَس الْفَائِق الْخِيَار .
قَوْلهَا : ( وَأَخَذَ خَطِّيًّا ) هو الرمح .

قَوْلهَا : ( وَأَرَاحَ عَلَيَّ نِعَمًا ثَرِيًّا ) أَيْ أَتَى بِهَا إِلَى مَوْضِع مَبِيتهَا . وَالنَّعَم الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم .

وَالثَّرِيّ الْكَثِير مِنْ الْمَال وَغَيْره .

قَوْلهَا : ( وَأَعْطَانِي مِنْ كُلّ رَائِحَة زَوْجًا ) فَقَوْلهَا ( مِنْ كُلّ رَائِحَة ) أَيْ مِمَّا يَرُوح مِنْ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم وَالْعَبِيد .

وَقَوْلهَا ( زَوْجًا ) أَيْ اِثْنَيْنِ , وَيَحْتَمِل أَنَّهَا أَرَادَتْ صِنْفًا , وَالزَّوْج يَقَع عَلَى الصِّنْف .

قَوْله : ( مِيرِي أَهْلك ) أَيْ أَعْطِيهِمْ وَافْضُلِي عَلَيْهِمْ وَصِلِيهِمْ .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 18:37   رقم المشاركة : 217
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




قال الحافظ رحمه الله :

" زَادَ فِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدَيٍّ : ( فِي الْأُلْفَةِ وَالْوَفَاءِ لَا فِي الْفُرْقَةِ وَالْجَلَاءِ ) . وَزَادَ الزُّبَيْرُ - يعني ابن بكار - فِي آخِرِهِ : ( إِلَّا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنِّي لَا أُطَلِّقُكِ ) .

وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ وَالطَّبَرَانِيِّ : قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي زَرْعٍ .

وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ تَطْيِيبًا لَهَا وَطُمَأْنِينَةً لِقَلْبِهَا وَدَفْعًا لِإِيهَامِ عُمُومِ التَّشْبِيهِ بِجُمْلَةِ أَحْوَالِ أَبِي زَرْعٍ ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَذُمُّهُ النِّسَاءُ سِوَى ذَلِكَ ، وَأَجَابَتْ هِيَ عَنْ ذَلِكَ جَوَابَ مِثْلِهَا فِي فَضْلِهَا وَعِلْمِهَا "

انتهى من " فتح الباري " (9/275) .

وقال أيضا :

" التَّشْبِيهَ لَا يَسْتَلْزِمُ مُسَاوَاةَ الْمُشَبَّهِ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ ) وَالْمُرَادُ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ فِي الْأُلْفَةِ إِلَى آخِرِهِ

لَا فِي جَمِيعِ مَا وُصِفَ بِهِ أَبُو زرع من الثروة الزَّائِدَةِ وَالِابْنِ وَالْخَادِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَمَا لَمْ يذكر من أُمُور الدّين كلهَا "

انتهى من " فتح الباري " (9/277) .

وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ رحمه الله :

" قَوْله : (كنت لَك) مَعْنَاهُ أَنا لَك ، وَهَذَا نَحْو قَوْله عز وَجل : ( كُنْتُم خير أمة ) أَي أَنْتُم خير أمة "

انتهى من " عمدة القاري " (20/178) .

فمقصوده صلى الله عليه وسلم بقوله : ( كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ ) يعني في حسن العشرة ، وكرم الصحبة ، ودوام المحبة والألفة ، وأكد ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِلَّا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنِّي لَا أُطَلِّقُكِ ) .

ثانيا :

سبب طلاق أبي زرع أم زرع ، أن هذه المرأة التي لقيها فأعجبته وتزوجها على أم زرع ، ألحت عليه في طلاق أم زرع - وكان يهواها ويحبها أكثر من محبته أم زرع - فطلقها .

قال الحافظ :

" قَوْلُهُ : ( فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا ) فِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ : ( فَأَعْجَبَتْهُ فَطَلَّقَنِي ) ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ : ( فَخَطَبَهَا أَبُو زَرْعٍ ، فَتَزَوَّجَهَا

فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ أُمَّ زَرْعٍ ) ، فَأَفَادَ السَّبَبَ فِي رَغْبَةِ أَبِي زَرْعٍ فِيهَا ثُمَّ فِي تَطْلِيقِهِ أُمَّ زَرْعٍ "

انتهى من " فتح الباري " (9/274) .

ثالثا :

تضمن هذا الحديث بعض الخصال الحسنة التي ينبغي أن يكون عليها الزوج تجاه زوجته ، فمن ذلك :

- حسن العشرة بالتأنيس والمحادثة .

- المباسطة بالمداعبة والمزاح في غير تعد .

- إتحافها بالهدايا والألطاف .

- إكرامها بحسن الإنفاق عليها وعدم البخل حتى إنها ذكرت أن زوجها الثاني كان كريما معها ومع ذلك قالت : ( لَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ ) .

- عدم استهجانها أو الاستخفاف بعقلها إذا تكلمت أو فعلت شيئا .

- إمساكها بمعروف وعدم تطليقها حيث كانت عفيفة دينة ، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ ، إِلَّا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنِّي لَا أُطَلِّقُكِ ) .

- رعاية أولادها وحسن تربيتهم وتأديبهم ، فإن ذلك من تمام حسن عشرتها .

- حسن اختيار الزوج للجارية التي تخدم في البيت ، فتصلح ولا تفسد ، وتروج للخير وتسكت عن الشر ، وذلك أيضا من تمام حسن عشرته لزوجته .

وقد جاء أن أبا زرع ندم بعد ذلك على طلاقها .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَقَعَ فِي بعض طرق الحديث إِشَارَة إِلَى أَنَّ أَبَا زَرْعٍ نَدِمَ عَلَى طَلَاقِهَا ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا "

انتهى من " فتح الباري " (9/277) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 18:39   رقم المشاركة : 218
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما المقصود بقوله عليه الصلاة والسلام : ( لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ) ؟

السؤال:


ما المقصود بسجود المرأة لزوجها المذكور في الحديث هل هو على الحقيقة أم المجاز ، ففي باكستان يعتقد الكثير بسجود المرأة للرجل ؟

الجواب:


الحمد لله


السجود لا يكون إلا لله وحده ، فلا يجوز السجود لغير الله . وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم من السجود له ، فالمنع من السجود لغيره أولى .

أما قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ) رواه ابن ماجة (1853) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجة " .

فالمقصود بالسجود هنا : حقيقة السجود ، ومعنى الحديث : أن السجود لغير الله لو كان جائزا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة أن تسجد لزوجها ؛ وذلك لعظم حقه عليها .

والحديث رواه الإمام أحمد (12614) بلفظ : ( لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا ) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (7725) .

وهذا الأسلوب في اللغة العربية يدل على أن سجود البشر لبشر ممنوع ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة أن تسجد لزوجها ، ولذلك تسمى ( لو ) في هذا السياق : حرف امتناع لامتناع .

أي : امتنع جوابها الذي هو ( لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) لامتناع شرطها الذي هو ( جواز السجود لبشر ) ، وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم امتنع أن يأمر المرأة بالسجود لزوجها .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

عن امرأة يأمرها زوجها بالسجود له في حالة دخوله المنزل وخروجه عملاً بالحديث الذي يزعم أنه روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أوجب السجود على المرأة لزوجها

فهل هو محق في ذلك أم لا وهل هذا الحديث صحيح أم لا ؟

فأجاب :

" أما أمره إياك بالسجود له فلا سمع له ولا طاعة في ذلك ، وهو أمر بالكفر والشرك ، وأما قوله إن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر أن تسجد المرأة لزوجها فقد كذب في هذا

بل قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) من حقه عليها ، وهو كاذب فيما قاله ، وفيما نسبه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام " انتهى .

" فتاوى نور على الدرب " لابن عثيمين .

يعني : أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة أن تسجد لزوجها ، وذلك لأن السجود لمخلوق ممنوع شرعا .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 18:44   رقم المشاركة : 219
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الإحسان إلى أهل المعاصي بالمال والطعام ينافي قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) ؟

السؤال:


ورد في الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) فكيف يكون فقه هذا الحديث باعتبار حالتي التالية

: في بعض الأحيان يكون هناك بعض المسلمين الذي يتعاملون بالمحرمات مثل شرب الخمر أو الزنا وما إلى ذلك من معاصي ، فهل يجوز أن أعطيهم المال أو الطعام أو المأوى في حال كانوا بحاجة إلى ذلك

وفي نفس الوقت أقوم بدعوتهم ومحاولة إصلاحهم ؟ وإن كان الجواب أنه يجوز فإلى متى يمكنني الاستمرار في مساعدتهم ؟


الجواب :

الحمد لله


قوله عليه الصلاة والسلام : ( لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا ، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ ) المقصود منه : المصاحبة والمخالطة والمؤاكلة المجردة التي لا يقصد من ورائها مصلحة شرعية

أو لم تقتضها حاجة ؛ لما في مصاحبة أهل المعاصي والفسق ، من أثر على دين العبد وخلقه ، وكما يقال : الصاحب ساحب ، إما إلى خير أو إلى شر ، وفي الحديث الذي رواه البخاري (5534)

ومسلم (2628) قال عليه الصلاة والسلام : ( مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ : إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ

وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الْكِيرِ : إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ) .

لكن إذا قصد المسلم بمخالطة أهل المعاصي ودعوتهم إلى طعامه ، أن يتألف قلوبهم ويستميلهم إليه ؛ لأجل دعوتهم ونصحهم ، فلا حرج في ذلك .

وكذلك الحال في الإحسان إلى أهل المعاصي بالمال والطعام والمسكن ؛ بقصد دفع حاجتهم ، فهذا لا حرج فيه أيضاً ، ويؤجر عليه الشخص ، بل إن المسلم يجوز له أن يحسن إلى غير المسلم

كما سبق بيان ذلك في جواب السؤالين القادمين فإحسانه إلى أخيه المسلم ، ولو كان من أهل المعاصي من باب أولى .

قال الخطابي رحمه الله – معلقاً على الحديث -

: " هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاجة ؛ وذلك أن الله سبحانه قال : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ) [الإنسان : 8] ، ومعلوم أن أسراهم كانوا كفاراً غير مؤمنين ولا أتقياء .

وإنما حذر من صحبة من ليس بتقي ، وزجر عن مخالطته ومؤاكلته ؛ فإن المطاعمة توقع الألفة والمودة في القلوب "

انتهى من " معالم السنن " (4/115) .

وقال المناوي رحمه الله :

" ( ولا يأكل طعامك إلا تقي ) لأن المطاعمة توجب الألفة ، وتؤدي إلى الخلطة ، بل هي أوثق عرى المداخلة ، ومخالطة غير التقي تخل بالدين ، وتوقع في الشبه والمحظورات

فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار ؛ إذ لا تخلو عن فساد : إما بمتابعة في فعل ، أو مسامحة في إغضاء عن منكر ، فإن سلم من ذلك ، ولا يكاد ، فلا تخطئه فتنة الغير به

وليس المراد حرمان غير التقي من الإحسان ؛ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أطعم المشركين ، وأعطى المؤلفة المئين بل يطعمه ولا يخالطه "

انتهى من " فيض القدير " (6/404) .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" ليس الأكل مع الكافر حراما ، إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، أو المصلحة الشرعية , لكن لا تتخذهم أصحابا ، فتأكل معهم من غير سبب شرعي أو مصلحة شرعية ، ولا تؤانسهم , وتضحك معهم

, ولكن إذا دعت إلى ذلك حاجة ، كالأكل مع الضيف ، أو ليدعوهم إلى الله ، ويرشدهم إلى الحق ، أو لأسباب أخرى شرعية ، فلا بأس .

وإباحة طعام أهل الكتاب لنا ، لا تقتضي اتخاذهم أصحابا وجلساء ، ولا تقتضي مشاركتهم في الأكل والشرب من دون حاجة ولا مصلحة شرعية "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (9/329) .

وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله :

" وقوله : ( ولا يأكل طعامك إلا تقي ) أي : صاحبٌ تقى ، والمقصود من ذلك : أن الإنسان لا يدعو إلا أناساً طيبين ، ولا يدعو أناساً ليسوا أتقياء

إلا إذا كان يريد من وراء ذلك استمالتهم وتوجيههم ، ودعوتهم وإصلاحهم ونصحهم ، فإذا كان ذلك لهذه المصلحة ، فلا بأس في ذلك

وإلا فإن الأصل أن الإنسان تكون مجالسته ومخالطته ومؤاكلته مع أناس طيبين ، وأما إذا كان يخالط أناساً فيهم سوء ، ولا يكترث بذلك فإن ذلك يؤثر عليه

ولكن إذا كان من أجل أن يدعوهم ، وينبههم ، ويستميلهم ، ويذكرهم ، ويسعى لإصلاحهم ، فهذا مقصد طيب .

وقوله : ( لا يأكل طعامك إلا تقي ) : المقصود بذلك أن يدعوه ، وأما أن يحسن الإنسان إلى غيره ، ممن هو بحاجة إلى الإحسان

فإنه يحسن إلى التقي وغير التقي ، لاسيما إذا كان هذا الإحسان يؤثر في غير التقي " انتهى من " شرح سنن أبي داود " لـلشيخ عبد المحسن العباد .

والإحسان إلى الآخرين ومساعدتهم ، ليس له زمن ولا وقت محدد ، فهو مستمر وباقٍ ببقاء حاجة الفقير والمحتاج إلى من يساعده .

وإما إلى متى تحسن إلى مثل هؤلاء ؛ فيختلف الأمر ، فإن كان الإحسان لأجل الحاجة ، فبقدر ما تندفع حاجته .
وأما الإحسان بغرض استصلاحه

وتألف قلبه ، ودعوته ، فبقدر ما يغلب على الظن حصول المصلحة الشرعية من ذلك ، أو الإياس منه ، وعدم استجابته ، أو رغبته في إصلاح نفسه ، وتزكيتها .

على أن ينبغي أن ينتبه هنا : إلى أنه لا يعطى ولا يملك من المال ، ما يستعين به على معصيته ، إما بإنفاق أموال الصدقات في معاصيه ، إن كان يُعطَى مالا

أو حتى بأن يوفر ماله هو لإنفاقه في المعاصي ، اعتمادا على أن حاجته ، من طعام وكساء ونحو ذلك ، تأتيه من المساعدات والصدقات ، كما قد يصنع كثير منهم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 18:48   رقم المشاركة : 220
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إعطاء الصدقة لغير المسلم

السؤال :

1- هل يجوز إعطاء الصدقة لغير المسلمين خصوصا في هذا البلد (أمريكا).

2- شخص ما ( أظنه مسلم ) يتسول ويطلب مبلغا معين من المال فكيف نتصرف في مثل هذه الحالة ؟

أرجو أن تشرح أيضا إذا كان المتسول غير مسلم.

3- هل ينطبق الحكم في السؤالين الماضيين إذا كان المتسول يتعاطى المخدرات أو مدمن خمر ؟

لأنه يمكن أن يستعمل المال في شراؤها.


الجواب :

الحمد لله

1- يجوز إعطاء الصدقة - غير المفروضة - للفقراء من غير المسلمين وخصوصا إذا كانوا من الأقارب ، بشرط أن لا يكونوا من المحاربين لنا

وأن لا يكون وقع منهم اعتداء يمنع الإحسان إليهم

لقوله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) الممتحنة / 8- 9 .

ولحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : " قَدِمَتْ عَلَيّ أمي وهي مشركة - في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومُدَّتِهم - مع أبيها

فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغبةٌ - تطلب العون - أفأصلها ؟ قال : نعم صِلِيْها " رواه البخاري برقم 2946 .

وعن عائشة رضي الله عنها : " أن امرأة يهودية سألتها فأعطتها ، فقالت لها أعاذك الله من عذاب القبر ، فأنكرت عائشة ذلك ، فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم قالت له ، فقال : لا

قالت عائشة : ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك " إنه أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم " مسند أحمد برقم 24815 . فدل هذان الحديثان على جواز إعطاء الكافر من الصدقة .

ولا يجوز إعطاء فقراء الكفار من الزكاة ، لأن الزكاة لا تعطى إلا للمسلمين في مصرف الفقراء والمساكين المذكورين في آية الزكاة .

قال الإمام الشافعي :

" ولا بأس أن يتصدق على المشرك من النافلة ، وليس له في الفريضة من الصدقة حق , وقد حمد الله تعالى قوماً فقال ( ويطعمون الطعام ) الآية " كتاب الأم /ج 2 .

و صرف الصدقة إلى فقراء المسلمين أفضل وأولى ; لأن الصرف إليهم إعانة لهم على طاعة الله عز وجل ، وتكون عوناً لهم على أمور دينهم ودنياهم ،

وفيه يتحقق الترابط المسلمين ، وخصوصاً أن فقراء المسلمين اليوم أكثر من الأغنياء والله المستعان .

2- إذا كان الذي يطلب المال مسلماً ، وكان محتاجاً ، وتأكدت حاجته فيعطى ما تيسر من الصدقة . وكذلك إن كان غير مسلم . ولكن الأفضل للمحتاجين المسلمين ترك التسول في الطرق

- وإن كان ولا بد - فعليهم الذهاب إلى الجمعيات الخيرية الإسلامية التي تتبنى إيصال الصدقات إلى الفقراء المحتاجين ، وكذلك يستعين من يريد التصدق بتنلك الجمعيات الخيرية المأمونة ، لإيصال صدقته إلى من يستحقها .

3- أما إذا كان الشخص الذي يطلب المال - سواءً كان مسلماً أو كافراً - يطلبه لفعل معصية وشراء شيء محرم أو الاستعانة بالمال على فعل أمر محرم فلا يجوز إعطاؤه من تلك الصدقة

لأن في ذلك إعانة له على فعل الحرام . وقد قال الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )

. والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 18:50   رقم المشاركة : 221
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا حرج من الإحسان إلى غير المسلمين إذا لم يكونوا يقاتلوننا

السؤال :


أنا امرأة تعمل وأريد أن أعرف ما إذا كان يجوز لي أن أعطي الماء أو الطعام لغير المسلمين؟

يوجد غلام يهودي في عملي ، وعندما أخرج أو أذهب لأحضر الماء، فإنه يطلب مني أن أحضر له الماء أيضا، فهل يجوز لي ذلك ؟


الجواب :

الحمد لله


لا حرج من الإحسان إلى غير المسلمين بشرط ألا يكونوا معروفين بعداء المسلمين ، أو مساعدة أعدائنا علينا

قال الله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ

قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) الممتحنة/8 ، 9 .

قال ابن كثير رحمه الله :

"أي : لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين ، كالنساء والضعفة منهم ، (أَنْ تَبَرُّوهُمْ) أي : تحسنوا إليهم (وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) أي : تعدلوا (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)" انتهى .

"تفسير ابن كثير" (4/446) .

وقال الشيخ ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة (2/294) :

"وأما الكافر فلا بأس من بره ، والإحسان إليه بشرط أن يكون ممن لا يقاتلوننا في ديننا ، ولم يخرجونا من ديارنا ؛ لقوله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ

فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)" انتهى .

ويثاب المسلم على إحسانه إلى هؤلاء ، وله على ذلك أجر ، فقد ذكر الله تعالى من صفات الأبرار الذين هم أهل الجنة : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) والأسير لا يكون إلا كافراً .

قَالَ قَتَادَةَ رحمه الله ، قَوْلُهُ : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) . قَالَ : لَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالأُسَرَاءِ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْهِمْ ، وَإِنَّ أَسْرَاهُمْ يَوْمَئِذٍ لِأَهْلُ الشِّرْكِ .

انظر : تفسير الطبري (10/8364) .

وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/237) :

"فلو تصدق على فاسق أو على كافر من يهودي أو نصراني أو مجوسي جاز , وكان فيه أجر في الجملة . قال صاحب البيان : قال الصيمري : وكذلك الحربي , ودليل المسألة :

قول الله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ومعلوم أن الأسير حربي" انتهى .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 18:56   رقم المشاركة : 222
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أجر الصوم يضاعف أكثر من سبعمائة ضعف

السؤال:

هل معنى الحديث أن الحسنات في الصيام تتضاعف أكثر من سبعمائة ضعف ؛ لقوله تعالى : ( الصوم لي وأنا أجزي به ) ؟

الجواب
:

الحمد لله

ثبت في الحديث ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ) رواه مسلم (1151) .

وقد قرر العلماء في شرحهم لهذا الحديث أن مقتضى ذلك : مضاعفة أجر الصيام أكثر من سبعمائة ضعف ، ونحن ننقل هنا شيئا من تقريراتهم الكثيرة :

قال أبو الوليد الباجي رحمه الله (ت474هـ) :

" فضل تضعيف الصيام ، فأضاف الجزاء عليه إلى نفسه تعالى ، وذلك أنه يقتضي أنه يزيد على السبعمائة ضعف "

انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (2/74) .

وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله (ت505هـ) :

" وقد قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) ، والصوم نصف الصبر ، فقد جاوز ثوابُه قانون التقدير والحساب "

انتهى من " إحياء علوم الدين " (1/231) .

وقال ابن العربي رحمه الله (ت543هـ) :

" فأعلمنا ربنا تبارك وتعالى أن ثواب الأعمال الصالحة مقدر من حسنة إلى سبعمائة ضعف ، وخبأ قدر الصبر منها تحت علمه ، فقال : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) [الزمر/10]

ولما كان الصوم نوعا من الصبر ، حين كان كفا عن الشهوات ، قال تعالى : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي ، وأنا أجزي به ) قال أهل العلم : كل أجر يوزن وزنا ، ويكال كيلا

إلا الصوم ، فإنه يحثي حثيا ، ويغرف غرفا ؛ ولذلك قال مالك : هو الصبر على فجائع الدنيا وأحزانها ؛ فلا شك أن كل من سلم فيما أصابه

وترك ما نهى عنه ، فلا مقدار لأجره ، وأشار بالصوم إلى أنه من ذلك الباب ، وإن لم يكن جميعه "

انتهى من " أحكام القرآن " (4/77) .

وقال القاضي عياض رحمه الله (ت544هـ) :

" ثم يتفضل الله على من يشاء بما يشاء بالزيادة عليها إلى سبعمائة ضعف ، وإلى ما لا يأخذه حساب ، كما قال تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )

وقال : ( إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أجزي به ) بعدما ذكر نهاية التضعيف إلى سبعمائة "

انتهى من " إكمال المعلم بفوائد مسلم " (8/ 184) .

وقال ابن رجب رحمه الله (ت795هـ) :

" فعلى الرواية الأولى [ يعني المذكورة أول الجواب ] : يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة ، فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلا الصيام

فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد ، بل يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة بغير حصر عدد ، فإن الصيام من الصبر ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [الزمر: 10]

ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر .

وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال : ( الصوم نصف الصبر ) خرجه الترمذي .

والصبر ثلاثة أنواع : صبر على طاعة الله ، وصبر عن محارم الله ، وصبر على أقدار الله المؤلمة . وتجتمع الثلاثة في الصوم "

انتهى من " لطائف المعارف " لابن رجب (ص/150) .

وقال ابن الملقن رحمه الله (ت804هـ) :

" وقيل : في قوله تعالى : ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) [السجدة: 17] أن عملهم الصيام ، فيفرغ لهم الجزاء إفراغًا من غير تقدير ، فخص الصيام بالتضعيف عَلَى سبعمائة ضعف في هذا الحديث "

انتهى من " التوضيح لشرح الجامع الصحيح " (13/28) .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله (ت1376هـ) :

" استثنى في هذا الحديث الصيام ، وأضافه إليه ، وأنه الذي يجزى به بمحض فضله وكرمه ، من غير مقابلة للعمل بالتضعيف المذكور الذي تشترك فيه الأعمال . وهذا شيء لا يمكن التعبير عنه

بل يجازيهم بما لا عين رأت ، ولا أُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .

وفي الحديث : كالتنبيه على حكمة هذا التخصيص ، وأن الصائم لما ترك محبوبات النفس التي طبعت على محبتها ، وتقديمها على غيرها ، وأنها من الأمور الضرورية

فقدم الصائم عليها محبة ربه ، فتركها لله في حالة لا يطلع عليها إلا الله ، وصارت محبته لله مقدمة وقاهرة لكل محبة نفسية ، وطلب رضاه وثوابه مقدماً على تحصيل الأغراض النفسية

فلهذا اختصه الله لنفسه ، وجعل ثواب الصائم عنده ، فما ظنك بأجر وجزاء تكفل به الرحمن الرحيم الكريم المنان ، الذي عمت مواهبه جميع الموجودات

وخصّ أولياءه منها بالحظ الأوفر ، والنصيب الأكمل ، وقدر لهم من الأسباب والألطاف التي ينالون بها ما عنده على أمور لا تخطر له بالبال . ولا تدور في الخيال . فما ظنك أن يفعل الله بهؤلاء الصائمين المخلصين .

وهنا يقف القلم ، ويسيح قلب الصائم فرحاً وطرباً بعمل اختصه الله لنفسه ، وجعل جزاءه من فضله المحض ، وإحسانه الصرف . وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم "

انتهى باختصار من " بهجة قلوب الأبرار " (ص/94-95) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (ت1421هـ) :

" العبادات ثوابها الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، إلا الصوم ، فإن الله هو الذي يجزي به ، ومعنى ذلك أن ثوابه عظيم جداً .

قال أهل العلم :

لأنه يجتمع في الصوم أنواع الصبر الثلاثة ، وهي : الصبر على طاعة الله ، وعن معصية الله ، وعلى أقداره ، فهو صبر على طاعة الله لأن الإنسان يصبر على هذه الطاعة ويفعلها

وعن معصيته لأنه يتجنب ما يحرم على الصائم ، وعلى أقدار الله لأن الصائم يصيبه ألم بالعطش والجوع والكسل وضعف النفس ، فلهذا كان الصوم من أعلى أنواع الصبر

لأنه جامع بين الأنواع الثلاثة ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [الزمر: 10] "

انتهى من " الشرح الممتع " (6/458) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 19:03   رقم المشاركة : 223
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

لا يلزم إذا فعل العبد سيئة أن يعاقب عليها في الدنيا أو الآخرة .

السؤال :


لا أستطيع التوفيق بين الحديث الذي رواه مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ -رضي الله عنه- قال : " لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ". مما يعني أنه سيكون هنالك نوع من العقاب

إذا لمس أحد امرأة سواء كان ذلك بشهوة أو بدون شهوة . وبين الحديث الذي رواه عبدالله ابن مسعود - رضي الله عنه- : "أنّ رجلاً قال: " يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا"

أي أن الرجل قد فعل كل شيء معها إلا أن يجامعها ؛ وفي الحديث جاء ذكر الآية رقم 22 من سورة هود

والحديث يدل على انتفاء العقاب !! فكيف نجمع بين الحديثين ؟

لقد كنت أظن أنّه حتى لو عفا الله عن شخص ما ، فإنه سيعاقب ، أو أن الله سيبتلي كل من يعصيه متعمداً ، لذا أرجو توضيح المسألة .


الجواب
:

الحمد لله


أولا :

روى الطبراني في " المعجم الكبير" (486)

والروياني في "مسنده" (1283) عن مَعْقِل بْن يَسَارٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ ) .

وجوّد الشيخ الألباني رحمه الله إسناده في "الصحيحة" (226) ، وضعفه غيره .

وروى مسلم (2763) عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود قَالَ :

" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ ، وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا ، فَأَنَا هَذَا ، فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَكَ اللهُ ، لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ ؟

قَالَ : فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ ، فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا دَعَاهُ ، وَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ :

( أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) هود/ 114 ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللهِ هَذَا لَهُ خَاصَّةً ؟ قَالَ: ( بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً ) " .

ورواه البخاري (526) ، ومسلم (2763) ولفظه :

" أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ، إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) هود/ 114

فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِي هَذَا ؟ قَالَ: ( لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ ) ".

ولفظ مسلم :

" فَقَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ( لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي ) " .

ثانيا :

وجه الجمع بين الحديثين : أن الحديث الأول فيه الترهيب من مس المرأة الأجنبية ، وأن الرجل لو طعن في رأسه بمخيط من حديد : فهو خير له وأهون عليه من أن يمس امرأة لا يحل له مسها

قال المناوي رحمه الله :

" ( خير لَهُ من أَن يمس امْرَأَة لَا تحل لَهُ ) : أَي لَا يحل لَهُ نِكَاحهَا ، وإذا كَانَ هَذَا فِي مُجَرّد الْمس ؛ فَمَا بالك بِمَا فَوْقه من نَحْو قبْلَة ومباشرة ؟ "

انتهى من "التيسير" (2/ 288) .

وقال الألباني رحمه الله :

" في الحديث : وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له " .

انتهى من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 448) .

فورد الحديث مورد الزجر ، مع الإشارة إلى ما يستحقه مَن مس الأجنبية من النكال .

لكن ليس فيه أنه يعاقب بذلك في الدنيا ، ولا في الآخرة ؛ بل عقاب من فعل ذلك مسكوت عن قدره ، وصفته ؛ وإن كان المفهوم من الحديث أن عقاب من فعل ذلك : أشد عليه من أن يضرب بمخيط في رأسه .

وأما الحديث الآخر : فورد لبيان واسع رحمة الله ، وعظيم فضله على التائبين ، وبيان فضل التوبة ، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وأن الحسنات يذهبن السيئات

ولذلك جاء في الحديث الصحيح : ( وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا ) رواه الترمذي (1987) ، وصححه ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع" (97) .

فالأول في بيان عظيم الجرم ، والثاني في بيان فضل الله على عباده ، وأن العبد إذا استوجب العقاب بالذنب الموجب للعقاب والنكال ، ثم تاب ، وأتبع السيئة التي عملها بحسنة ماحية : تاب الله عليه ، ومحا عنه سيئته .

والعبد المسلم إذا أذنب فهو في مشيئة الله :

- فإن شاء عفا عنه لأول وهلة ، فالله يرحم من يشاء ويعذب من يشاء .

- وإن شاء آخذه بذنبه وعاقبه عليه .

- وإن شاء محاه عنه بالتوبة ، أو بحسنات ماحية ، أو برحمة أرحم الراحمين ، أو بغير ذلك من أسباب رحمة الله لعبيده ، وعفوه عنهم ، وكرمه وتفضله عليهم .

- وإن شاء كفره عنه بالبلاء من مرض أو فقر أو غير ذلك .

فلا يلزم إذا فعل العبد سيئة أن يعاقب عليها ، أو يبتلى ، فقد يفعلها ويتوب ، فيتوب الله عليه ولا يؤاخذه بها ، وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: (التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) رواه ابن ماجة (4250) وحسنه الألباني في " صحيح ابن ماجة " .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:32   رقم المشاركة : 224
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



شرح حديث (يابن آدم لَا تَعْجِزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ)

السؤال:

الأربعة الذي قال فيهن الله عز وجل في الحديث القدسي : ( يَا ابْنَ آدَم اكْفِنِي أرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أكْفِكَ آخِرَهُ )، هل هن صلاة الضحى أم ماذا ؟

ومتى موعدهن وكيفيتهن ؟


الجواب :

الحمد لله


روى أحمد (22469) ، وأبو داود (1289) عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ ، لَا تَعْجِزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ ).

وأخرجه الترمذي (475) من حديث أبي الدرداء ، وأبي ذر رضي الله عنهما بلفظ: ( ابْنَ آدَمَ ، ارْكَعْ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ ) وحسنه الذهبي في "السير" (8/323)

وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4339).

وقد اختلف أهل العلم في المراد بهذه الصلاة ، فذهب بعضهم إلى أن المراد بها صلاة الضحى ، منهم: أبوداود ، والترمذي ، والعراقي ، وابن رجب الحنبلي ، وغيرهم .

وذهب البعض الآخر إلى أن المراد بها صلاة الصبح وسنتها، ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى .

قال ابن القيم : " سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذه الأربع عندي هي الفجر وسنتها "

انتهى من " زاد المعاد في هدي خير العباد " (1/ 348).

وقال الشوكاني :

" قيل: يحتمل أن يراد بها فرض الصبح وركعتا الفجر ؛ لأنها هي التي في أول النهار حقيقة ، ويكون معناه: كقوله صلى الله عليه وسلم : (من صلى الصبح فهو في ذمة الله).

[أي: في عهده وأمانه] قال العراقي : وهذا ينبني على أن النهار هل هو من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس ؟

والمشهور الذي يدل عليه كلام جمهور أهل اللغة وعلماء الشريعة أنه من طلوع الفجر .

وقال ( يعني : العراقي) : وعلى تقدير أن يكون النهار من طلوع الفجر فلا مانع من أن يراد بهذه الأربع الركعات بعد طلوع الشمس

لأن ذلك الوقت ما خرج عن كونه أول النهار ، وهذا هو الظاهر من الحديث وعمل الناس ، فيكون المراد بهذه الأربع ركعات صلاة الضحى ".

انتهى من " نيل الأوطار" (3/79).

والحاصل : أنه يحتمل أن يكون المراد بهذه الصلاة صلاة الصبح وسنتها ، ويحتمل أن تكون صلاة الضحى ، فينبغي للمسلم أن يحافظ على أربع ركعات في الضحى مع محافظته على صلاة الفجر وسنتها ليحصل له هذا الفضل .

ومعنى قوله : ( أَكْفِكَ آخِرَهُ ) أي : أنه يكون في حفظ الله تعالى ، فيحفظه من شر ما يقع في آخر هذا اليوم مما يضره في دينه أو دنياه .

قال العراقي :

" يحتمل كفايته من الآفات أو من الذنوب " .

انتهى من " قوت المغتذي على جامع الترمذي" (1/ 202).

وقال العظيم آبادي :

" يحتمل أن يراد كفايته من الآفات والحوادث الضارة ، وأن يراد حفظه من الذنوب والعفو عما وقع منه في ذلك ، أو أعم من ذلك ، قاله السيوطي ".

انتهى من " عون المعبود " (4/ 118).

وقال المناوي في " فيض القدير" (4/615) :

"(أكفك آخره) أي : شر ما يُحدثه تعالى في آخر ذلك اليوم من المحن والبلايا ، فأمره تعالى بفعل شيء أو تركه إنما هو لمصلحة تعود على العبد ، وأما هو فلا تنفعه الطاعة ، ولا تضره المعصية " انتهى .

أما بالنسبة لموعد الصلاة وكيفيتها:

فإذا كان المقصود بذلك صلاة الصبح وسنتها فوقتها معروف ، من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس

وانظر جواب السؤال القادم

وأما صلاة الضحى فوقتها من بعد شروق الشمس وارتفاعها [ بعد شروق الشمس بحوالي ربع ساعة ] إلى قبيل وقت صلاة الظهر.

وانظر جواب السؤال بعد القادم

وتكون هذه الصلاة ركعتين ركعتين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) ، رواه الترمذي ( 597 ) ، وأبو داود ( 1295 )

والنسائي ( 1666 ) ، وابن ماجه ( 1322 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " تمام المنَّة " ( ص 240 ) .

وانظر جواب السؤال الثالث

والله تعالى أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:34   رقم المشاركة : 225
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تأخير صلاة الفجر قرب شروق الشمس

السؤال

ما حكم تأخير إقامة صلاة الفجر حتى قرب الشروق وليس في وقتها ؟.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الصلوات الخمس لها وقت محدد : أوله وآخره ، يجب أداء الصلاة فيه ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء/103 .

" أي مفروضاً في وقته .

فدل ذلك على فرضيتها وأن لها وقتاً لا تصح إلا به ، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : (صلوا كما رأيتموني أصلي ) "

انتهى من تفسير السعدي (ص 204) .

وتأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر من الكبائر ، وقد توعد الله تعالى عليه بقوله : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/4، 5 .

قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : الذين يؤخرونها عن أوقاتها . انظر تفسير القرطبي (20/211) .

ثانياً :

وقد سبق في جواب السؤال (9940) بيان أوقات الصلوات الخمس .

ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَوَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ ) . رواه مسلم (612) .

فإذا صلاها في هذا الوقت فقد صلاها في وقتها ، وعلى هذا ، فما جاء في السؤال من أن الصلاة قرب الشروق لا تكون في وقتها ليس صحيحاً ، بل وقت صلاة الصبح ممتد إلى شروق الشمس .

ثانياً :

قد يكون السائل أراد الإشارة إلى بعض الناس الذين يؤخرون صلاة الفجر حتى يتيقنوا أو يغلب على ظنهم دخول وقتها ، وذلك نظراً لما قيل من خطأ التقاويم الموجودة الآن في تحديد وقت صلاة الفجر .

غير أن هذا الخطأ لا يصل إلى هذا الحد ، بل قدره بعض العلماء بـ (20) إلى (30) دقيقة .

ثالثاً :

كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصلي الفجر قبل ظهور ضوء النهار ، وقد دل على ذلك عدة أحاديث .

1- روى البخاري (560) ومسلم (646) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ .

2- وروى البخاري (872) ومسلم (645) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ أَوْ لا يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا .

" الغَلَس : ظلمة آخر الليل ، كما في القاموس ، وهو أول الفجر " انتهى من "سبل السلام" .

وقال النووي :

" قَوْله : ( مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَس ) هُوَ بَقَايَا ظَلام اللَّيْل . قَالَ الدَّاوُدِيّ : مَعْنَاهُ مَا يُعْرَفْنَ أَنِسَاء هُنَّ أَمْ رِجَال " انتهى من شرح مسلم للنووي .

3- وروى ابن ماجه (671) عن مُغِيث بْن سُمَيٍّ قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ ، فَقُلْتُ :

مَا هَذِهِ الصَّلاةُ ! قَالَ : هَذِهِ صَلاتُنَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ .

صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

فهذه الأحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الصبح في أول وقتها .

وقال ابن قدامة في "المغني" (1/540) :

" وَأَمَّا صَلاةُ الصُّبْحِ فَالتَّغْلِيسُ بِهَا أَفْضَلُ , وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ " انتهى .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:32

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc