الأخلاق - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الأخلاق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-07-30, 16:22   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرق بين الحمد والشكر

السؤال

هل هناك فرق بين الحمد والشكر؟

الجواب


الحمد لله

اختلف أهل العلم في الحمد والشكر هل بينهما فرق ؟

على قولين :

القول الأول : أن الحمد والشكر بمعنى واحد ، وأنه ليس بينهما فرق ، واختار هذا ابن جرير الطبري وغيره .

قال الطبري رحمه الله :

" ومعنى( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) : الشكر خالصًا لله جل ثناؤه ، دون سائر ما يُعبد من دونه .... "

ثم قال رحمه الله بعد ذلك : " ولا تَمانُع [ أي : اختلاف ] بين أهل المعرفة بلغات العرب من الحُكْم لقول القائل : "الحمد لله شكرًا " بالصحة ، فقد تبيّن - إذْ كان ذلك عند جميعهم صحيحًا - أنّ الحمد لله قد يُنطق به في موضع الشكر

وأن الشكر قد يوضع موضعَ الحمد ؛ لأن ذلك لو لم يكن كذلك ، لما جاز أن يُقال : " الحمد لله شكرًا " "

انتهى من "تفسير الطبري" (1/138) .

القول الثاني : أن الحمد والشكر ليسا بمعنى واحد ، بل بينهما فروق ، ومن تلك الفروق :

1. أن الحمد يختص باللسان ، بخلاف الشكر ، فهو باللسان والقلب والجوارح .

2. أن الحمد يكون في مقابل نعمة ، ويكون بدونها ، بخلاف الشكر لا يكون ، إلا في مقابل نعمة .

قال ابن كثير رحمه الله –

في معرض رده على كلام ابن جرير السابق – (1/32) :

" وهذا الذي ادعاه ابن جرير فيه نظر ؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء من المتأخرين : أن الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية

والشكر لا يكون إلا على المتعدية ، ويكون بالجنان واللسان والأركان ، كما قال الشاعر :

أفادتكم النعماءُ مني ثلاثةً ... يدي ولساني والضميرَ المُحَجَّبا

ولكنهم اختلفوا أيهما أعمّ الحمد ، أو الشكر على قولين ، والتحقيق أن بينهما عموماً وخصوصاً ، فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه ؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية

تقول حمدته لفروسيته ، وحمدته لكرمه . وهو أخص لأنه لا يكون إلا بالقول ، والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه ؛ لأنه يكون بالقول والفعل والنية

كما تقدم . وهو أخص ؛ لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية : لا يقال شكرته لفروسيته ، وتقول شكرته على كرمه وإحسانه إليّ ، هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين والله أعلم " انتهى .

وعلى ذلك بنى أبو هلال العسكري تفريقه بين الأمرين ، قال رحمه الله :

" الفرق بين الحمد والشكر: الحمد هو الثناء باللسان على الجميل ، سواء تعلق بالفضائل كالعلم ، أم بالفواضل كالبر .

والشكر: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لأجل النعمة ، سواء أكان نعتا باللسان ، أو اعتقادا ، أو محبة بالجنان ، أو عملا وخدمة بالأركان .

وقد جمعها الشاعر في قوله .. [ فذكر البيت السابق ]

فالحمد أعم مطلقا، لانه يعم النعمة وغيرها، وأخص موردا إذ هو باللسان فقط ، والشكر بالعكس، إذ متعلقه النعمة فقط، ومورده اللسان وغيره .

فبينهما عموم وخصوص من وجه ، فهما يتصادقان في الثناء باللسان على الإحسان ، ويتفارقان في صدق الحمد فقط على النعت بالعلم مثلا ، وصدق الشكر فقط على المحبة بالجنان لأجل الإحسان " .

انتهى . " الفروق اللغوية" (201-202) .

وقال ابن القيم رحمه الله "مدارج السالكين" (2/246)

: " والفرق بينهما : أن الشكر أعم من جهة أنواعه وأسبابه ، وأخص من جهة متعلقاته ، والحمد أعم من جهة المتعلقات ، وأخص من جهة الأسباب .

ومعنى هذا : أن الشكر يكون : بالقلب خضوعا واستكانة ، وباللسان ثناء واعترافاً ، وبالجوارح طاعة وانقيادا .

ومتعلقه : النعم دون الأوصاف الذاتية ، فلا يقال : شكرنا الله على حياته وسمعه وبصره وعلمه ، وهو المحمود عليها كما هو محمود على إحسانه وعدله .

والشكر يكون على الإحسان والنعم ، فكل ما يتعلق به الشكر يتعلق به الحمد من غير عكس ، وكل ما يقع به الحمد يقع به الشكر من غير عكس ، فإن الشكر يقع بالجوارح والحمد يقع بالقلب واللسان " انتهى .

والله أعلم









 


آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-07-30 في 16:23.
رد مع اقتباس
قديم 2019-07-30, 16:31   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

أخذ المساعدة وطلبها من الدولة ومن الكنيسة

السؤال

أنا أعيش في أمريكا ونأخذ بعض الخدمات المجانية خصوصًا أننا نعتبر من محدودي الدخل ولكن بعض هذه الخدمات كالأكل مثلا ممكن نأخذها من الكنائس ، هل هذا يجوز؟

الجواب

الحمد لله


لا حرج في قبول المساعدة من الدولة أو الجهات القائمة على التبرعات ولو كانت الكنيسة

ما لم يدع ذلك إلى التنازل عن شيء من الدي

، أو الإقرار لشيء من المنكر

أو التأثير على الأولاد ونحوهم

لكن التعفف عن ذلك والاستغناء عنه أولى

فإن اليد العليا خير من اليد السفلى

لا سيما في الأخذ من الكنيسة التي لها مآربها المشبوهة فيما تعطيه للمسلمين غالبا .

روى البخاري (1428)

عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ) .

وروى البخاري (1429) ومسلم (1033)

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ وَالْمَسْأَلَةَ : (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى ، فَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ ، وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ) .

وطلب الصدقة من الناس مذموم ، ولو كان السؤال لمسلم ، إلا إذا كان السائل مضطرا للسؤال

لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنْ الْمَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا ، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ ) وصححه الترمذي والألباني في صحيح الترمذي .

ورواه أبو داود (1639) بلفظ : (الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ ، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا) .

قال في "سبل السلام" (1/548) :

"(كدٌّ) أي : خدش وهو الأثر ، وأما سؤاله من السلطان فإنه لا مذمة فيه ; لأنه إنما يسأل مما هو حق له في بيت المال ، ولا منّة للسلطان على السائل ; لأنه وكيل ، فهو كسؤال الإنسان وكيله أن يعطيه من حقه الذي لديه" انتهى .

وروى البخاري (1475) ومسلم (1040)

عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ) .

وروى مسلم (1041)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ) .

ومعنى : (مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا) أي : أنه يسأل الناس ليجمع المال الكثير من غير أن يكون محتاجاً إليه .

وفي هذه الأحاديث زجر بليغ ، وتنفير واضح عن المسألة ، إلا المضطر الذي لا يجد بداً من السؤال .

وعليه ؛ فما لم تكونوا بحاجة ماسة للمساعدة فتعففوا عن طلبها ، وإذا كنتم في حاجة إليها فلا حرج عليكم من طلبها وأخذها .

ونسأل الله أن يغنيكم من فضله .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-31, 14:01   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تفصيل القول في هجاء المسلم والكافر والمبتدع

السؤال

ما حكم هجاء المشركين والفسَّاق ؟

أرجو التفصيل ، فقد أعجبني تفصيلكم في سؤال عن حكم الرثاء في الإسلام ، فقد كانت إجابة شافية ، ومؤصلة ، ومعزوة . وشكراً .


الجواب


الحمد لله

أولاً :

" الهجاء " ضد " المدح " ، وقد اتفق الفقهاء على أن الأصل في عرض المسلم أنه مصون ، وأنه لا يجوز هجوه من غير أن يكون مستحقّاً لذلك .

ففي " الموسوعة الفقهية " ( 42 / 159 ، 160 ) :

"وقد استدل الفقهاء على عدم جواز هجو المسلم

بقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) الأحزاب/ 58

وَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) الحجرات/ 11

وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ) – متفق عليه -

وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ بِاللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيءِ ) –

رواه الترمذي ، وصححه الألباني –" انتهى .

ثانياً :

ذهب الشافعية إلى جواز هجو المبتدع ، والمعلن بفسقه ، وذهب الحنفية إلى جواز هجو المنافق .

قال الشربيني الشافعي رحمه الله :

"ومثله في جواز الهجو : المبتدع ، كما ذكره الغزالي في " الإحياء " ، والفاسق المعلِن ، كما قاله العمراني ، وبحَثه الإسنوي" انتهى .

"مغني المحتاج" (4/430) .

وفي "الموسوعة الفقهية" (42/159) :

"ذهب الفقهاء إلى عدم جواز هجو المسلم ، واستثنى الشافعية المبتدع ، والفاسق المعلِن بفسقه ، فيجوز هجوهم ، وعند الحنفية : يجوز هجو المسلم المنافق" انتهى .

وكلما ازداد قبح البدعة ، وبُعدها عن الصراط المستقيم : تحتم على أهل السنَّة كشف عوارها ، وتبيين ضلالها ، وهو من الجهاد في سبيل الله باللسان .

قال ابن القيم رحمه الله في بيان شرِّ بدعة التعطيل ، والتأويل ، وذم أهليهما - :

"فكشْف عورات هؤلاء ، وبيان فضائحهم ، وفساد قواعدهم : مِن أفضل الجهاد في سبيل الله

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : (إِنَّ رُوحَ القُدُسِ مَعَكَ مَا دُمْتَ تُنَافِحُ عَنْ رَسُولِهِ)

وقال : (أُهْجُهُم - أَوْ هَاجِهِم - وَجِبْرِيلُ معك)

وقال : (اللهمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ مَا دَامَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِكَ)

وقال عن هجائه لهم : (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ فِيهم من النَّبْل)

وكيف لا يكون بيان ذلك من الجهاد في سبيل الله : وأكثر هذه التأويلات المخالفة للسلف الصالح من الصحابة ، والتابعين

وأهل الحديث قاطبة ، وأئمة الإسلام الذين لهم في الأمَّة لسان صدق : يتضمن من عبث المتكلم بالنصوص ، وسوء الظن بها من جنس ما تضمنه طعن الذين يلمزون الرسول ، ودينه ، وأهل النفاق

والإلحاد ؛ لما فيه من دعوى أن ظاهر كلامه إفك ، ومحال ، وكفر ، وضلال ، وتشبيه ، وتمثيل ، أو تخييل ، ثم صرْفها إلى معانٍ يعلم أن إرادتها بتلك الألفاظ من نوع الأحاجي

والألغاز ، لا يصدر ممن قصْدُه نصح ، وبيان ، فالمدافعة عن كلام الله ورسوله ، والذب عنه : من أفضل الأعمال ، وأحبها إلى الله ، وأنفعها للعبد" انتهى .

"الصواعق المرسلة" (1/301 ، 302) .

ثالثاً :

أما الكافر ، والمشرك ، والمرتد : فظاهر النصوص تدل على جواز هجائهم ، بل قد دلَّت سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم على أن ذلك من الجهاد في سبيل الله .

عَنْ أَنَس بن مالك أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ) . رواه أبو داود (2504) والنسائي (3069) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"عيب ديننا ، وشتم نبيِّنا : مجاهدة لنا ، ومحاربة ، فكان نقضاً للعهد ، كالمجاهدة ، والمحاربة بالأَوْلى .

يبين ذلك : أن الله سبحانه قال في كتابه : (وَجَاهِدُوا بِأَمْوالِكم وَأَنْفِسكم فِي سَبيلِ الله) التوبة/41

والجهاد بالنفس : يكون باللسان ، كما يكون باليد ، بل قد يكون أقوى منه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (جَاهِدُوا المُشْرِكين بِأَيْدِيكُم وَأَلْسِنَتِكُم وَأَمْوالِكُم) رواه النسائي وغيره

وكان صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت : (أهْجُهُم وَهَاجِهِم) ، (وكان يُنصب له منبر في المسجد ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعره ، وهجائه للمشركين) –

رواه البخاري تعليقا ، ورواه أبو داود والترمذي متصلاً ، وحسنه الألباني -

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهمَّ أَيِّدْهُ بِرُوح القُدُس) – متفق عليه -

وقال : (إِنَّ جِبرائيلَ مَعَكَ مَا دُمْتَ تُنَافِحُ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم) – وهو الحديث قبل السابق - ، وقال : (هِيَ أَنْكَى فِيهُم مِن النَّبْل) – رواه مسلم – " انتهى .

"الصارم المسلول" (1/213) .

وينبغي أن يكون ذلك ردّاً على هجاء أولئك الكفار للإسلام ، أو لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وقد دلَّ النص القرآني على عدم جواز ابتدائهم بالسب

والهجاء ؛ خشيةً من تعرضهم لله تعالى ، أو لدينه ، أو لرسوله صلى الله عليه وسلم ، بالسب والشتم

فقال الله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام/ 108 .

ومما يدل على جواز هجاء الكفار والمشركين ردّاً عليهم : ما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت رضي الله عنه : (اهْجُهُمْ - أَوْ قَالَ : هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ) رواه البخاري (5801) ومسلم (2486) .

قال العيني رحمه الله :

"قوله (اهجهم) : أمرٌ مِن هجا ، يهجو ، هجواً ، وهو نقيض المدح .

قوله (أو هاجهم) : شك من الراوي ، من المهاجاة ، ومعناه : جازهم بهجوهم .

قوله (وجبريل معك) : يعني : يؤيدك ، ويعينك عليه" انتهى .

"عمدة القاري" (15/134) .

وفي "مغني المحتاج" (4/430) :

"محل تحريم الهجاء إذا كان لمسلم فإن كان لكافر أي غير معصوم جاز ، كما صرح به الروياني وغيره ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر حسَّان بهجو الكفار ، بل صرح الشيخ أبو حامد بأنه مندوب .

وظاهر كلامهم : جواز هجو الكافر غير المحترم [يعني غير المعصوم] المعين" انتهى .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (42/160) :

"ذهب الفقهاء إلى جواز هجو الكافر غير المعصوم ، وكذا المرتد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حسان بن ثابت رضي الله عنه بهجو الكفار" انتهى .

وفي ذِكر جبريل عليه السلام في الحديث دون غيره من الملائكة حكمة بالغة .

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

"وإنما خصَّ النبي صلى الله عليه وسلم جبريل ، وهو روح القدس ، بنصرة من نصره ، ونافح عنه ؛ لأن جبريل صاحب وحي الله إلى رسله ، وَهُوَ يتولى نصر رسله

وإهلاك أعدائهم المكذبين لهم ، كما تولى إهلاك قوم لوط ، وفرعون ، في البحر .

فمَن نصر رسول الله ، وذب عنه أعداءه ، ونافح عنه : كان جبريل معه ، ومؤيِّداً له ، كما قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) التحريم/4" انتهى .

"فتح الباري" لابن رجب (2/509) .

وبالتأمل في سبب ورود الحديث : يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حسان بن ثابت بهجاء المشركين ردّاً على طعنهم ، لا أن ذلك كان ابتداءً .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

"وفي الحديث : جواز سب المشرك ، جواباً عن سبه للمسلمين , ولا يعارض ذلك مطلق النهي عن سب المشركين لئلا يسبوا المسلمين : لأنه محمول على البداءة به , لا على من أجاب منتصراً" انتهى .

"فتح الباري" (10/547) .

وفي "حاشية السندى على صحيح البخارى" (4/141) :

"وقوله : (بِرُوحِ القُدُس) هو جبريل ، في ذلك إشارة إلى أن هجو الكفار من أفضل الأعمال ، ومحله : إذا كان جواباً ، كما هنا ، وإلا فهو منهي عنه لآية : (وَلاَ تَسُبُّوا الذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دِونِ اللهِ)" انتهى .

فالخلاصة :

1. تحريم هجاء المسلم من حيث الأصل .

2. جواز هجاء الكافر ، والمشرك ، والمرتد .

3. مراعاة أن يكون هجاء الكافر ردّاً عليه ، لا ابتداء من المسلم .

4. أن يكون الناظم للهجاء على قدر من البلاغة والفصاحة ؛ لاختيار النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت دون غيره ، ولما قد يسببه نظم الجاهل والضعيف من سخرية الشعراء والفصحاء .

5. جواز ابتداء المبتدع ، والمعلِن بفسقه ، بالهجاء .

6. مراعاة عدم الشطط في الهجاء ، وعدم التعدي على العرض ، وعدم القذف .

7. من هجا مسلماً بغير حق : فإنه يستحق التعزير .

ففي "الموسوعة الفقهية" (42/162) :

"للإمام أن يعزِّر مَن يهجو الناس بغير حق ؛ وذلك لأن هذا النوع من الهجاء محرم ، وفعله معصية ، وكل معصية ليس فيها حد : وجب فيها التعزير" انتهى .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-31, 14:12   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عند كثرة الأعراس هل يلزمه إجابة كل دعوة؟

السؤال

كثرت الأعراس والاحتفالات فهل يجب علي إجابة الدعوة ، علماً أن الرجال فيهم المسبل والحليق ، وأحيانا بعض المدخنين ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

من حق المسلم على المسلم إجابة دعوته

لما روى البخاري ( 1164 ) ومسلم ( 4022 )

عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ : رَدُّ السَّلَامِ ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ ) .

وظاهر السنة وجوب إجابة دعوة المسلم إلى وليمته ، وإلى ذلك ذهب جماهير أهل العلم ، وبهذا تعلم أنه إذا وجهت لك دعوة خاصة وجب عليك الحضور ، ولم يجز لك التخلف إلا لعذر شرعي يبيح لك ذلك

كأن تكون مريضا أو محتاجا لسفر أو ملازمة أهل ، أو أن يكون في محل الدعوة منكر لا تقدر على إزالته

أو كان الداعي المجاهر بالمعصية كحلق اللحية والتدخين يتأثر بعدم حضورك ويدعوه ذلك للتوبة ، وأما إن كان غيابك وهجرك لا يؤثر فيه ، فيلزمك الحضور ، أداء للواجب الشرعي
..

و سوف انشر ذلك بالتفصيل في موضوع

الاخلاق المحموده


ثانيا :

ما ذكره السائل من أن هذه الأعراس يوجد فيها المسبل والحليق ، وأحيانا بعض المدخنين ،

لا يظهر لنا أنه مانع من إجابة الدعوة ؛ فإن هذه المعاصي ليس لها تعلق بمكان الإجابة ، أو بنفس الدعوة .

وهناك فرق بين أن تكون الدعوة في المكان المعد للمعصية ، أو المكان الذي يوجد فيه هذا الفعل المحرم ، كالمقهى ، ومكان القمار ، والمكان الذي تحلق فيه اللحى

ونحو ذلك ، وبين أن تكون الدعوة في مكان يوجد فيه بعض العصاة أو الفساق .

وليُعلم أن هذه المعاصي عم بها البلاء في كل مكان ، ولا نعلم أحدا من أهل العلم قال بمشروعية الابتعاد عن الحليق أو المسبل في وسائل المواصلات ، والمحلات ، وأماكن الدارسة ...
.
قال المرداوي رحمه الله في الإنصاف (8/318-319) :

" وَمَنَعَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ إجَابَةِ ظَالِمٍ وَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ , وَمُفَاخِرٍ بِهَا , أَوْ فِيهَا , وَمُبْتَدِعٍ يَتَكَلَّمُ بِبِدْعَتِهِ إلَّا لِرَادٍّ عَلَيْهِ . وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهَا مُضْحِكٌ بِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ كَثِيرٍ فِيهِنَّ , وَإِلَّا أُبِيحَ إذَا كَانَ قَلِيلًا .

وَقِيلَ : يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَخُصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءَ , وَأَنْ لَا يَخَافَ الْمَدْعُوُّ الدَّاعِيَ , وَلَا يَرْجُوهُ , وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَحَلِّ مَنْ يَكْرَهُهُ الْمَدْعُوُّ , أَوْ يَكْرَهَ هُوَ الْمَدْعُوَّ .

قَالَ فِي التَّرْغِيبِ , وَالْبُلْغَةِ : إنْ عَلِمَ حُضُورَ الْأَرَاذِلِ , وَمَنْ مُجَالَسَتُهُمْ تُزْرِي بِمِثْلِهِ : لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ .

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ [ ابن تيمية ] رحمه الله , عَنْ هَذَا الْقَوْلِ : لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا

قَالَ : وَقَدْ أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله الْوُجُوبَ . وَاشْتَرَطَ الْحِلَّ , وَعَدَمَ الْمُنْكَرِ .

فَأَمَّا هَذَا الشَّرْطُ : فَلَا أَصْلَ لَهُ كَمَا أَنَّ مُخَالَطَةَ هَؤُلَاءِ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ لَا تُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ . وَفِي الْجِنَازَةِ : لَا تُسْقِطُ حَقَّ الْحُضُورِ . فَكَذَلِكَ هَاهُنَا . وَهَذِهِ شُبْهَةُ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ . هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّكَبُّرِ , فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ .

نَعَمْ , إنْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ : فَقَدْ اشْتَمَلَتْ الدَّعْوَةُ عَلَى مُحَرَّمٍ . وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا : فَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَكْرُوهٍ . وَأَمَّا أنْ كَانُوا فُسَّاقًا , لَكِنْ لَا يَأْتُونَ بِمُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ , لِهَيْبَتِهِ فِي الْمَجْلِسِ :

فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَحْضُرَ , إذَا لَمْ يَكُونُوا مَنْ يُهْجَرُونَ , مِثْلَ الْمُسْتَتِرِينَ . أَمَّا إنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ مَنْ يُهْجَرُ : فَفِيهِ نَظَرٌ . وَالْأَشْبَهُ : جَوَازُ الْإِجَابَةِ , لَا وُجُوبُهَا . انْتَهَى .

وانظر : الفروع ، لابن مفلح (5/297) .

وحتى التدخين الذي يصل ضرره إلى غير المدخن ، بالإمكان منعه وقت العرس ، أو منعه حيث يجتمع الناس

ويمكن للمدعو أن ينتحي جانبا عن المدخن . فإن تأذى بذلك ، ولم يستطع أن يبتعد عنه ، وهو أمر بعيد نوعا ما ، أمكنه الانصراف ، مع إعلام صاحب العرس بعذره .

ثالثا :

ما ذكره السائل من كثرة الأعراس ، فلا يظهر لنا أنه عذر يبيح التخلف ؛ فمن المعلوم أن هذه الكثرة ليست مما يبلغ ـ عادة ـ حدة المشقة الموجبة للعذر

وغايتها أن تكثر ـ نسبيا ـ في موسم معين ، كالصيف مثلا ، ولا يظهر لنا أن دعوتين وثلاث دعوات ، ونحوا من ذلك ، في أسبوع مما يشق على الإنسان تلبيته

ما دام ذلك أمرا طارئا ، وليس ذلك مما يضر به في طلب معاشه أو معاده .

وإنما يُتصور المشقة في كثرة الدعوات : إن كان المدعو قاضيا ، أو حاكما ، أو عالما ، أو داعية ، أو نحو ذلك ، مما تتوجه إليه أنظار عامة الناس

ويكون محلا لدعوتهم [ وهو ما يعرف بالشخصيات العامة ] ، حتى لو لم يكن بينه وبين من يدعوه حرمة ، أو صلة نسب ، أو جوار ، بل ولو لم يكن يعرفه المدعو أصلا ؛ فعادة كثير من الناس ـ حينئذ

أن يدعو أمثال هؤلاء ؛ إما محبة لأن يشاركوه عرسه ، خاصة إن كانوا من أهل الخير والصلاح ، أو تباهيا بوجودهم عنده ، كما هو الواقع كثيرا .

وفي مثل هذه الحال : لا يتحتم على المدعو أن يجيب الدعوة ، خاصة إن شغلته عما هو أولى به من العلم أو الحكم أو الدعوة .

قال ابن مفلح ـ رحمه الله ـ في آداب القاضي :

" وَيَعُودُ الْمَرْضَى , وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ . وَفِي التَّرْغِيبِ : وَيُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ , وَهُوَ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ , وَلَا يُجِيبُ قَوْمًا وَيَدَعُ قَوْمًا بِلَا عُذْرٍ , ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ,

وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ يُكْرَهُ لَهُ مُسَارَعَتُهُ إلَى غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ , وَيَجُوزُ : وَفِي التَّرْغِيبِ : يُكْرَهُ , وَقَدَّمَ : لَا يَلْزَمُهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ عُرْسٍ , وَذَكَرَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ : إنْ كَثُرَتْ الْوَلَائِمُ صَانَ نَفْسَهُ "

انتهى . الفروع (6/451) .

وانظر : الإنصاف ، للمرداوي (11/215) .

وقال البهوتي رحمه الله :

" ( وَلَهُ حُضُورُ الْوَلَائِمِ ) كَغَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِحُضُورِهَا (

فَإِنْ كَثُرَتْ الْوَلَائِمُ تَرَكَهَا ) كُلَّهَا , ( وَاعْتَذَرَ إلَيْهِمْ ) وَسَأَلَهُمْ التَّحْلِيلَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِذَلِكَ عَنْ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ ( وَلَا يُجِيبُ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ )

; لِأَنَّ ذَلِكَ كَسْرٌ لِقَلْبِ مَنْ لَا يُجِيبُهُ ( إلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بَعْضَهَا بِعُذْرٍ يَمْنَعُهُ , مِثْل أَنْ يَكُونَ فِي إحْدَاهُمَا مُنْكَرٌ , أَوْ فِي مَكَان بَعِيدٍ أَوْ يَشْتَغِلُ بِهَا زَمَنًا طَوِيلًا , وَالْأُخْرَى بِخِلَافِهَا فَلَهُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا لِظُهُورِ عُذْرِهِ ) "

انتهى . كشاف القناع ( 6/318 ) .

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله :

" وَلَهُ تَخْصِيصُ إجَابَةِ مَنْ اعْتَادَ تَخْصِيصَهُ ، وَيُنْدَبُ إجَابَةُ غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ إنْ عَمَّمَ الْمُولِمُ النِّدَاءَ لَهَا وَلَمْ يَقْطَعْهُ كَثْرَةُ الْوَلَائِمِ عَنْ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَيَتْرُكُ الْجَمِيعَ "

انتهى . مغني المحتاج (4/392) .

بل في بعضها يترجح عليه أن يترك الإجابة ، لا سيما إن غلب على ظنه قصد المفاخرة والمباهاة فيها ، كما سبق لصاحب الإنصاف نقله عن ابن الجوزي .

قال الحطّاب رحمه الله :

" قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يُفْعَلُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ فِي بَعْضِ الْأَعْرَاسِ أَوْ الْوَلَائِمِ أَوْ الْأَعْيَادِ مِنْ طَعَامٍ رَفِيعٍ أَوْ حَلَاوَةٍ ، وَقَصْدِ بَعْضِ النَّاسِ بِهَا الْمُفَاخَرَةَ وَعَرْضِهِ فَقَطْ

لَا أَكْلِهِ : فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْضُرَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ أَكْلِهِ "

انتهى . مواهب الجليل (4/6) .

وقال الملا علي القاري ، رحمه الله :

" وقد دعي بعض العلماء فلم يجب فقيل له أن السلف كانوا يدعون فيجيبون قال كان ذلك منهم للموافاة والمواساة وهذا منكم للمكافأة والمباهاة "

انتهى . مرقاة المفاتيح (10/166) .

والحاصل أن إجابة دعوة المسلم واجبة ، ما دامت لم تشتمل على معصية ، أو مانع من الحضور ، على ما سبق تفصيله ، وأن وجود بعض العصاة في الدعوات ليس مانعا من الإجابة

وهذا شأن عامة مجتمعات الناس ، وما يحصل من التكرار عادة : ليس مانعا من الإجابة ، إلا أن يكون الشخصية له خصوصية تجعله محلا للدعوة من عامة الناس ، بما يشق عليه

أو يشغله عما هو أولى به من أمر معاشه ومعاده : فهنا يباح له التخلف عن الإجابة ، ولو قدم عذره لصاحب الدعوة : كان أحسن، وأصلح لذات البين.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-31, 14:21   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما مدى أهمية إظهار التعاطف مع المسلمين ؟

السؤال

ما مدى أهمية إظهار التعاطف مع المسلمين ؟

الجواب


الحمد لله


أولاً:

ختم الله تعالى الرسالات بدين الإسلام ، فجاءت أحكامه وتشريعاته غاية في الحكمة ، ومصلحة للفرد والمجتمعات إلى قيام الساعة .

ومن أبرز ما جاءت به الشريعة المطهرة : العلاقة بين المسلمين بعضهم مع بعض

فجاءت التشريعات واضحة بينة تقوي تلك العلاقة ، وتحرِّم كل ما يفسدها ويدنسها ، ومن تلك التشريعات الربانية في تقوية العلاقات بين المسلمين بعضهم مع بعض : وجوب التواد والتراحم والتعاطف بينهم .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

" ومن هدي القرآن للتي هي أقوم : هديه إلى أن الرابطة التي يجب أن يُعتقد أنها هي التي تربط بين أفراد المجتمع ، وأن يُنادى بالارتباط بها دون غيرها :

إنما هي دين الإسلام

لأنه هو الذي يربط بين أفراد المجتمع ، حتى يصير بقوة تلك الرابطة جميع المجتمع الإسلامي كأنه جسد واحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .

فربْط الإسلام لك بأخيك : كربط يدك بمعصمك ، ورِجلك بساقك

كما جاء في الحديث عن النَّبي صلى الله عليه وسلم : ( إن مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم وتوادهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )

ولذلك يكثر في القرآن العظيم إطلاق النفس وإرادة الأخ ؛ تنبيهاً على أن رابطة الإسلام تجعل أخا المسلم كنفسه

كقوله تعالى : ( وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ) البقرة/84 ، الآية

أي : لا تخرجون إخوانكم

وقوله : ( لولا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المؤمنون والمؤمنات بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً ) النور/ 12

أي : بإخوانكم ، على أصح التفسرين ، وقوله : ( وَلاَ تلمزوا أَنفُسَكُمْ ) الحجرات/11 ، الآية

أي : إخوانكم ، على أصح التفسرين ، وقوله : ( وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ ) البقرة/ 188 ، الآية

أي : لا يأكل أحدكم مال أخيه ، إلى غير ذلك من الآيات ، ولذلك ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) " انتهى .

" أضواء البيان " ( 3 / 130 ، 131 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-31, 14:21   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ثانياً:

من الأهمية بمكان إظهار ذلك التعاطف مع المسلمين ، ومشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم ، ولهذا الإظهار فوائد شتَّى ، منها :

1. أن ذلك يعتبر من كمال الإيمان الواجب .

عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ) رواه البخاري ( 467 ) ومسلم ( 2585 ) .

وبوب عليه النووي بقوله : بَاب تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ .

قال النووي – رحمه الله - :

" قوله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضاً )

وفي الحديث الآخر ( مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم ) إلى آخره : هذه الأحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض ، وحثهم على التراحم ، والملاطفة ، والتعاضد

في غير إثم ، ولا مكروه ، وفيه جواز التشبيه وضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأفهام .

قوله صلى الله عليه وسلم ( تداعى لها سائر الجسد ) أي : دعا بعضه بعضاً إلى المشاركة في ذلك ، ومنه قولهم " تداعت الحيطان " أي : تساقطت ، أو قربت من التساقط " انتهى .

" شرح مسلم " ( 16 / 139 ، 140 ) .

وعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )

رواه البخاري ( 5665 ) ومسلم ( 2586 ) .

قال المناوي – رحمه الله - :

" قال ابن أبي جمرة : الثلاثة وإن تفاوت معناها : بينها فرق لطيف

فالمراد بالتراحم : أن يرحم بعضهم بعضاً لحلاوة الإيمان ، لا لشيء آخر ، وبالتواد : التواصل الجالب للمحبة كالتهادي ، وبالتعاطف : إعانة بعضهم بعضاً " انتهى .

" فيض القدير " ( 5 / 656 ) .

وفي رواية – عند مسلم - : ( الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ ) .

وفي رواية : ( الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنْ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَإِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

" ولهذا كان المؤمن يُسرُّه ما يُسرُّ المؤمنين ، ويسوؤه ما يسوؤهم ، ومَن لم يكن كذلك : لم يكن منهم ! فهذا الاتحاد الذي بين المؤمنين : ليس هو أن ذات أحدهما هي بعينها ذات الآخر ، ولا حلت فيه بل

هو توافقهما ، واتحادهما في الإيمان بالله ورسوله ، وشُعَب ذلك : مثل محبة الله ورسوله ، ومحبة ما يحبه الله ورسوله " انتهى .

" مجموع الفتاوى " ( 2 / 373 ، 274 ) .

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في " فتح الباري شرح صحيح البخاري "

: " وهذا التشبيك من النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : كان لمصلحة ، وفائدة

لم يكن عبثاً؛ فإنه لما شبَّه شد المؤمنين بعضهم بعضاً بالبنيان : كان ذلك تشبيهاً بالقول ، ثم أوضحه بالفعل ، فشبَّك أصابعه بعضها في بعض ؛ ليتأكد بذلك المثال الذي ضربه لهم بقوله ، ويزداد بياناً وظهوراً .

ويفهم من تشبيكه : أن تعاضد المؤمنين بينهم كتشبيك الأصابع بعضها في بعض ، فكما أن أصابع اليدين متعددة : فهي ترجع إلى أصل واحد

ورجُل واحد ، فكذلك المؤمنون وإن تعددت أشخاصهم : فهم يرجعون إلى أصل واحد ، وتجمعهم أخوة النسب إلى آدم ونوح ، وأخوة الإيمان .." انتهى .

2. ومنها - أي : من فوائد إظهار التعاطف مع المسلمين - إزالة الحواجز التي وُجدت من رواسب الجاهلية ، أو الاستعمار ، من عصبية للغة ، أو لون ، أو جنس .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

" ولا ريب أيضا أن الدعوة إلى القومية تدعو إلى البغي والفخر ; لأن القومية ليست ديناً سماويّاً يمنع أهله من البغي والفخر ,

وإنما هي فكرة جاهلية ، تحمل أهلها على الفخر بها ، والتعصب لها على من نالها بشيء , وإن كانت هي الظالمة ، وغيرها المظلوم , فتأمل أيها القارئ ذلك يظهر لك وجه الحق .

ومن النصوص الواردة في ذلك : ما رواه الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله قد أذهب عنكم عصبية الجاهلية وفخرها بالآباء

إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي ، الناس بنو آدم ، وآدم خلق من تراب ، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى )

وهذا الحديث يوافق قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )

أوضح سبحانه بهذه الآية الكريمة أنه جعل الناس شعوباً وقبائل للتعارف ، لا للتفاخر والتعاظم , وجعل أكرمهم عنده هو أتقاهم , وهكذا يدل الحديث المذكور على هذا المعنى ، ويرشد إلى سنة الجاهلية : التكبر

والتفاخر بالأسلاف ، والأحساب , والإسلام بخلاف ذلك , يدعو إلى التواضع ، والتقوى

والتحاب في الله , وأن يكون المسلمون الصادقون من سائر أجناس بني آدم , جسداً واحداً , وبناءً واحداً ، يشد بعضهم بعضاً , ويألم بعضهم لبعض " انتهى .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 1 / 290 ، 291 ) .

3. ومنها : القيام على الضعَفة والعجَزة والمساكين ، رعايةً ، وعنايةً .

وفي " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 20 / 348 ) :

" ومن ذلك : تولِّي اليتامى ، والمساكين ، والعجزة عن الكسب

ومن لا يُعرف لهم آباء ، بالقيام عليهم ، وتربيتهم ، والإحسان إليهم ؛ حتى لا يكون في المجتمع بائس ، ولا مهمل ؛ خشية أن تصاب الأمة بغائلة سوء تربيته ، أو تمرده ، لما أحس به من قسوة المجتمع عليه

وإهماله " انتهى .

5. ومنها : نصرة المظلوم من المسلمين في كل مكان ، وإعانته بما يُستطاع ، قتالاً معه ضد الظالم المغتصب ، أو إعانته بالمال ، ومن عجز عن ذلك ، فلن يعجز عن دعاء لهم بالنصر والتثبيت والتأييد .

" ولقد قرر العلماء رحمهم الله : أنه لو أصيبت امرأة مسلمة في المغرب بضيمٍ : لوجب على أهل المشرق من المسلمين نصرتها , فكيف والقتل ، والتشريد

والظلم ، والعدوان، والاعتقالات بغير حق , كل ذلك يقع بالمئات الكثيرة من المسلمين فلا يتحرك لهم إخوانهم ، ولا ينصرونهم ، إلا ما شاء الله من ذلك ! ... " انتهى .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 2 / 163 - 165 ) .

6. ومنها : قطع طمع أعدائهم بهم .

فلو علم الأعداء من الكفار أن المسلمين يد واحدة ، حزنهم واحد ، وسرورهم واحد : لما اعتدى ظالم فاجر على مسلم ، فضلاً أن يُعتدى على بلدٍ مسلم ، تستباح أعراض نسائه ، وتُنهب أمواله ، ويشرَّد رجاله .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -

: " فهذه الأحاديث وما جاء في معناها : تدل دلالة ظاهرة على وجوب التضامن بين المسلمين , والتراحم والتعاطف , والتعاون على كل خير , وفي تشبيههم بالبناء الواحد , والجسد الواحد

: ما يدل على أنهم بتضامنهم ، وتعاونهم ، وتراحمهم : تجتمع كلمتهم , وينتظم صفهم , ويسلمون من شر عدوهم " انتهى .

فتاوى الشيخ ابن باز " ( 2 / 200 ، 201 ) .

ثالثاً:

قد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في التطبيق العملي للتعاطف والتراحم :

1. عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : ( قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، فَآخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ

فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ ، دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ ) رواه البخاري ( 3937 ) .

ولا ندري أيهما أعجب : الكرم والإيثار من سعد بن الربيع أم عزة النفس والرغبة في الاكتساب بجهد اليد من عبد الرحمن بن عوف ، رضي الله عنهم .

2. عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه – أيضاً - قَالَ : قَالَ الْمُهَاجِرُونَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قَوْمٍ قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ مُوَاسَاةً فِي قَلِيلٍ وَلَا أَحْسَنَ بَذْلًا فِي كَثِيرٍ

لَقَدْ كَفَوْنَا الْمَئُونَةَ ، وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَإِ ، حَتَّى لَقَدْ حَسِبْنَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ ، قَالَ : ( لَا ، مَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ ، وَدَعَوْتُمْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ )

رواه أحمد برقم (12662) ، والترمذي برقم (2487)

وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " مشكاة المصابيح " (2/185) .

وللفائدة انظر جواب السؤال القادم

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-31, 14:30   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم التعاون بين المسلمين ، وأوجه ذلك ، وكيف يتحقق ذلك التعاون

السؤال

قال تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى )

فكيف يكون التعاون بين المسلمين في ظل هذه الآية ؟

وكيف يمكن في غياب وجود عمل منظم لمن يرغب في العمل المنظم أن يعمل في ظل الظروف والفرص المتاحة له ؟


الجواب

الحمد لله

أولاً:

خلق الله تعالى الإنسان ضعيفاً

وهو يحتاج ليستمر في حياته أن يتعاون مع غيره

وهذا واضح في أمور الدنيا

فالإنسان يحتاج لمن يزرع له

ولمن يحصد له

ويحتاج لمن يصنع الآلات

ولمن يسوق البضاعة

ولمن يشتري

وبالجملة : فلا تقوم حياة الناس إلا بتعاونهم فيما بينهم .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ التسعينية (1/251) ـ :

" حياة بني آدم وعيشهم في الدنيا لا يتم إلا بمعاونة بعضهم لبعض في الأقوال ، أخبارها وغير أخبارها ، وفي الأعمال أيضا .. " اهـ .

وأما في مسائل الدين والشرع : فالأمر كذلك ، فلم يقم نبي من الأنبياء بالدعوة إلا واحتاج من يعينه على تحقيق التوحيد ، ودحر الشرك

وفي الجهاد يظهر أثر ذلك جليّاً ، وقل مثل ذلك في التعليم ، ورعاية المساكين ، والقيام على الأرامل والأيتام .

قال الله تعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران:146)

وفي صحيح مسلم (50) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ ؛ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ...) الحديث .

والمسلمون يحتاج بعضهم بعضاً في شئونهم الدنيوية والدينية ، ولذلك كان التعاون بين المسلمين أمراً جللاً

وقد أوجبه الله تعالى ، وجعل به قيام دين الناس ودنياهم ، وقد جاء وصف المسلمين – إن هم حققوا هذا التعاون – بأنهم بنيان مرصوص

وأنهم جسد واحد ، وكل ذلك يؤكد على أن التعاون بينهم والتضامن والتكاتف أمر لا بدَّ منه ، وهو يشمل جوانب كثيرة في حياة المسلمين يجمعها كلمتا " البر " و " التقوى "

كما قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/ من الآية 2

وهما كلمتان جامعتان لجميع خصال الخير ، من الاعتقاد ، والسلوك ، والأحكام ، وغيرها

كما قال الله تعالى – في بيان معنى " البر " - : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى

وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) البقرة/ 177.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

ومن المعلوم أنه لا يتم أمر العباد فيما بينهم , ولا تنتظم مصالحهم ، ولا تجتمع كلمتهم , ولا يهابهم عدوهم , إلا بالتضامن الإسلامي

الذي حقيقته التعاون على البر والتقوى , والتكافل ، والتعاطف ، والتناصح , والتواصي بالحق ,

والصبر عليه , ولا شك أن هذا من أهم الواجبات الإسلامية , والفرائض اللازمة , وقد نصت الآيات القرآنية , والأحاديث النبوية , على أن التضامن الإسلامي بين المسلمين - أفراداً وجماعات ,

حكوماتٍ وشعوباً - من أهم المهمات , ومن الواجبات التي لا بد منها لصلاح الجميع , وإقامة دينهم وحل مشاكلهم , وتوحيد صفوفهم , وجمع كلمتهم ضد عدوهم المشترك

والنصوص الواردة في هذا الباب من الآيات والأحاديث كثيرة جدّاً , وهي وإن لم ترد بلفظ التضامن : فقد وردت بمعناه ، وما يدل عليه عند أهل العلم , والأشياء بحقائقها ومعانيها

لا بألفاظها المجردة , فالتضامن معناه : التعاون والتكاتف , والتكافل ، والتناصر ، والتواصي , وما أدى هذا المعنى من الألفاظ , ويدخل في ذلك الأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر

, والدعوة إلى الله سبحانه , وإرشاد الناس إلى أسباب السعادة والنجاة , وما فيه إصلاح أمر الدنيا والآخرة , ويدخل في ذلك تعليم الجاهل , وإغاثة الملهوف , ونصر المظلوم , ورد الظالم عن ظلمه , وإقامة الحدود , وحفظ الأمن ,

والأخذ على أيدي المفسدين المخربين , وحماية الطرق بين المسلمين داخلاً وخارجاً , وتوفير المواصلات البرية والبحرية والجوية , والاتصالات السلكية واللاسلكية بينهم ,

لتحقيق المصالح المشتركة الدينية والدنيوية , وتسهيل التعاون بين المسلمين في كل ما يحفظ الحق , ويقيم العدل , وينشر الأمن والسلام في كل مكان .

ويدخل في التضامن أيضاً : الإصلاح بن المسلمين , وحل النزاع المسلح بينهم , وقتال الطائفة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله , عملا

بقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) الأنفال/ 1

وقوله سبحانه : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ .

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الحجرات/ 9 ، 10 .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 2 / 192 ، 193 ) .

وقال – رحمه الله - :

ومما ورد من الأحاديث الشريفة في التضامن الإسلامي ، الذي هو التعاون على البر والتقوى :

قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ، قيل : لمن يا رسول الله ؟

قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) أخرجه مسلم في صحيحه ,

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه ) – متفق عليه -

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما .

هذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل دلالة ظاهرة على وجوب التضامن بين المسلمين , والتراحم والتعاطف , والتعاون على كل خير ,

وفي تشبيههم بالبناء الواحد , والجسد الواحد , ما يدل على أنهم بتضامنهم وتعاونهم وتراحمهم تجتمع كلمتهم , وينتظم صفهم , ويسلمون من شر عدوهم ,

وقد قال تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران/ 104

وإمام الجميع في هذه الدعوة الخيرة وقدوتهم في هذا السبيل القيم , هو نبيهم وسيدهم وقائدهم الأعظم , نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ,

فهو أول من دعا هذه الأمة إلى توحيد ربها , والاعتصام بحبله , وجمع كلمتها على الحق , والوقوف صفا واحدا في وجه عدوها المشترك , وفي تحقيق مصالحها وقضاياها العادلة ,

عملا بقوله تعالى خطابا له : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل/ 125

وقوله عز وجل : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) يوسف/ 108

وقد سار على نهجه القويم , صحابته الكرام , وأتباعهم بإحسان رضي الله عنهم وأرضاهم فنجحوا في ذلك غاية النجاح , وحقق الله لهم ما وعدهم به من عزة وكرامة ونصر .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 2 / 200 ، 201 ) .

فتحصل من هذا كله : وجوب التعاون بين المسلمين على البر والتقوى ، وعلى المسلمين أن يبذلوا من الوسائل ما يمكنهم من تحقيق هذه الأوجه من التعاون

من تأسيس جمعيات ، أو هيئات ، أو مراكز دعوية ، أو حلقات قرآنية ، وغير ذلك ، مما يساهم في تجميع الجهود ، وترتيبها

وعلى المسلمين أن يمدوا لهم يد العون ، ويبذلوا من أوقاتهم وأموالهم ما يساهم في بناء صروح التعاون على البر والتقوى ، ولا يعدم المسلم أن يجد شيئا يقدمه لإخوانه ، ويعينهم على ما يحتاجونه لدينهم ودنياهم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-31, 14:31   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)



ثانياً:

يستطيع المسلم أن يخدم الإسلام ، ويعمل لأجل إعلاء كلمة الله تعالى من غير أن ينتظم في حزب أو جماعة

وعلماؤنا وأئمتنا في هذا الزمن لهم خدمات جليلة للإسلام ، ولا يكاد توجد بقعة في الأرض إلا ووصل لها من علمهم ، ولم يكونوا في عمل منظَّم ، ولا كانوا تبعاً لجماعات وأحزاب .

وإذا أردت – أخي السائل – أن تخدم الإسلام وتعمل له : فقم بذلك بنفسك بما تستطيعه

من خطبة ، أو درس ، أو دعوة في القرى والمحافظات ، أو توزيع كتب وأشرطة ، أو ادعم ماليا من يقوم بتلك الأمور ، ويمكنك التعاون مع الجماعات والجمعيات السنيَّة بما يخدم الإسلام .

وأما الفرق والجماعات والأحزاب التي تتبنى اعتقاداً مخالفاً لاعتقاد السلف

أو منهجاً مضاداً لمنهج أهل السنة والجماعة : فلا خير فيهم

ولا ينبغي أن يتعاون معهم المسلم في شيء ينصر اعتقادهم ومنهجهم ، وأما الجماعات التي تدعو إلى الإسلام ، وعندها مخالفات شرعية : فهذه يتعاون معها المسلم فيما يتوافق مع الشرع .

قال علماء اللجنة الدائمة :

" كل فِرقة من هؤلاء فيها خطأ وصواب ، فعليك بالتعاون معها فيما عندها من الصواب ، واجتناب ما وقعت فيه من أخطاء ، مع التناصح ، والتعاون على البر والتقوى " .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 237 ، 238 ) .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :

هل تعتبر قيام جماعات إسلامية في البلدان الإسلامية لاحتضان الشباب وتربيتهم على الإسلام من إيجابيات هذا العصر ؟ .
فأجاب :

وجود هذه الجماعات الإسلامية فيه خير للمسلمين ، ولكن عليها أن تجتهد في إيضاح الحق مع دليله وأن لا تتنافر مع بعضها ، وأن تجتهد بالتعاون فيما بينها ، وأن تحب إحداهما الأخرى

وتنصح لها وتنشر محاسنها ، وتحرص على ترك ما يشوش بينها وبين غيرها ، ولا مانع أن تكون هناك جماعات إذا كانت تدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 272 ) .

وأما في حال غياب العمل المنظم من أصله ، أو غياب العمل الذي يغلب خيرُه شرَّه ، وحيث لا يتمكن الإنسان من تعاون منظم مع غيره ، فإن ذلك لا يمنع من أن يتعاون المرء مع نفر ممن حوله ، يصطفيهم

ويلتقي معهم على التناصح والتذاكر في العلم النافع والعمل الصالح ، ونشر الخير بين المسلمين

وهذا كله من أعظم مقاصد التعاون مع الجماعات الإسلامية ، وعلى ذلك ينبغي أن يحمل الأمر بالتعاون على البر والتقوى

لا على خصوص الانضمام إلى جماعة من الجماعات ، أو الانتماء إلى حزب من الأحزاب ، فالأمر بالتعاون أعم من ذلك كله .

فإن عدم الإنسان ذلك ، ولا يكاد يعدمه ـ إن شاء الله ـ ؛ فليكن بنفسه داعية إلى الخير

إماما في الهدى لمن حوله ، وهكذا بدأت دعوات كثير من المصلحين والدعاة ، وليلزم ذلك ، ولو لم يجد من يعينه عليه ؛ فمن الأنبياء من يأتي يوم القيامة ، وليس معه أحد !!

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-02, 05:47   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



اكتساب الأخلاق الفاضلة

السؤال

كيف أكتسب الأخلاق الحسنة ؟

الجواب

الحمد لله


أولا :

الخلق الحسن صفة سيد المرسلين وأفضل أعمال الصديقين ، وهو - على التحقيق - شطر الدين وثمرة مجاهدة المتقين ورياضة المتعبدين ، والأخلاق السيئة هي السموم القاتلة والمخازي الفاضحة .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّمَا بُعِثتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخلَاقِ ) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (273) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (45)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ ؟ فَقَالَ : ( تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ )

رواه الترمذي (2004) وقال صحيح غريب . وصححه الألباني في صحيح الترمذي

لذلك كانت العناية بضبط قوانين العلاج لأمراض القلوب وطرق اكتساب الأخلاق الفاضلة من أهم الواجبات

إذ لا يخلو قلبٌ من القلوب من أسقام لو أُهلمت تَراكمت وترادفت ، ولا تخلو نفس من أخلاق لو أطلقت لساقت إلى الهلكة في الدنيا والآخرة .

وهذا النوع من الطب يحتاج إلى تأنُّقٍ في معرفة العلل والأسباب ، ثم إلى تشمير في العلاج والإصلاح ، كي ينال الفلاح والنجاح ، يقول تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ) الشمس/9

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بحسن الخلق ويقول : ( الَّلهُمَّ حَسَّنتَ خَلْقِي فَحَسِّن خُلُقِي )

رواه ابن حبان في صحيحه (3/239) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (75)

ثانيا :

إذا عرف العبد عيوب نفسه أمكنه العلاج ، ولكنَّ كثيرا من الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم ، يرى أحدُهم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه ، فمن أراد أن يعرف عيوب نفسه فله أربعة طرق :

الأول : أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس ، مُطَّلعٍ على خفايا الآفات يأخذ عنه العلم والتربية والتوجيه معاً .

الثاني : أن يطلب صديقا صدوقا بصيرا متدينا ، فينصبه رقيبا على نفسه ليلاحظ أحواله وأفعاله

فما كره من أخلاقه وأفعاله وعيوبه الباطنة والظاهرة ينبهه عليه ، فهكذا كان يفعل الأكياس والأكابر من أئمة الدين ، كان عمر رضي الله عنه يقول : رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي .

الطريق الثالث : أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من ألسنة أعدائه

فإن عين السخط تبدي المساويا ، ولعل انتفاع الإنسان بعدو مُشاحن يذكِّرُهُ عيوبَه أكثرُ من انتفاعه بصديقٍ مداهنٍ يُثنى عليه ويمدحه ويخفى عنه عيوبه .

الطريق الرابع : أن يخالط الناس ، فكل ما رآه مذموما فيما بين الخلق فليطالب نفسه به وينسبها إليه

فإن المؤمن مرآة المؤمن ، فيرى من عيوب غيره عيوب نفسه ، قيل لعيسى عليه السلام : مَن أدَّبك ؟ قال : ما أدبني أحد ، رأيت جهل الجاهل شَينًا فاجتنبته .

ثالثا :

والخُلُق عبارة عن هيئة النفس وصورتها الباطنة ، وكما أن حسن الصورة الظاهرِ مطلقا لا يتم بحسن العينين دون الأنف والفم والخد

بل لا بد من حسن الجميع ليتم حسنُ الظاهر ، فكذلك في الباطن أربعة أركان لا بد من الحسن في جميعها حتى يتم حسن الخلق ، فإذا استوت الأركان الأربعة واعتدلت وتناسبت حصل حسن الخلق

وهو :قوة العلم ، وقوة الغضب ، وقوة الشهوة . وقوة العدل بين هذه القوى الثلاث .

أما قوة العلم فحسنها وصلاحها في أن تصير بحيث يسهل بها إدراك الفرق بين الصدق والكذب في الأقوال ، وبين الحق والباطل في الاعتقادات

وبين الجميل والقبيح في الأفعال ، فإذا صلحت هذه القوة حصل منها ثمرة الحكمة ، والحكمة رأس الأخلاق الحسنة .

وأما قوة الغضب : فحسنها في أن يصير انقباضها وانبساطها على حد ما تقتضيه الحكمة .

وكذلك الشهوة : حسنها وصلاحها في أن تكون تحت إشارة الحكمة ، أعني إشارة العقل والشرع .

وأما قوة العدل : فهو ضبط الشهوة والغضب تحت إشارة العقل والشرع .

فالعقل مثاله مثال الناصح المشير . وقوة العدل هي القدرة ، ومثالها مثال المنفذ الممضي لإشارة العقل ، والغضب هو الذي تنفذ فيه الإشارة .

فمن استوت فيه هذه الخصال واعتدلت فهو حسن الخلق مطلقا ، وعنها تصدر الأخلاق الجميلة كلها .

ولم يبلغ كمال الاعتدال في هذه الأربع إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناس بعده متفاوتون في القرب والبعد منه ، فكل من قرب منه في هذه الأخلاق فهو قريب من الله تعالى بقدر قربه من رسول الله .

رابعا :

وهذا الاعتدال يحصل على وجهين :

أحدهما : بجود إلهي وكمال فطري .

والوجه الثاني : اكتساب هذه الأخلاق بالمجاهدة والرياضة ، وأعني به حمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتوق الشر يوقه ) رواه الخطيب وغيره من حديث أبي الدرداء ، وحسنه الألباني .

فمن أراد مثلا أن يحصل لنفسه خلق الجود ، فطريقه أن يتكلَّفَ تعاطيَ فعل الجواد ، وهو بذل المال ، فلا يزال يطالب نفسه ويواظب عليه تكلفا مجاهدا نفسه فيه حتى يصير بذلك طبعا ، ويتيسر عليه فيصير به جوادا .

وكذا من أراد أن يحصل لنفسه خلق التواضع ، وقد غلب عليه الكبر ، فطريقُهُ أن يواظب على أفعال المتواضعين مدة مديدة وهو فيها مجاهد نفسه ومتكلف إلى أن يصير ذلك خلقا له وطبعا فيتيسر عليه .

وجميع الأخلاق المحمودة شرعا تحصل بهذا الطريق ، ولن ترسخ الأخلاق الدينية في النفس

ما لم تتعود النفس جميع العادات الحسنة ، وما لم تترك جميع الأفعال السيئة ، وما لم تواظب عليه مواظبة من يشتاق إلى الأفعال الجميلة ويتنعم بها ، ويكره الأفعال القبيحة ويتألم بها .









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-02, 05:48   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ويعرف ذلك بمثال :

وهو أن من أراد أن يصير الحذق في الكتابة له صفةً نفسية حتى يصيرَ كاتبًا بالطبع فلا طريق له إلا أن يتعاطى بجارحة اليد ما يتعاطاه الكاتب الحاذق ويواظب عليه مدة طويلة يحاكي الخط الحسن

فيتشبه بالكاتب تكلفا ، ثم لا يزال يواظب عليه حتى يصير صفةً راسخةً في نفسه فيصدر منه في الآخر الخط الحسن طبعا .

وكذلك مَن أراد أن يصير فقيهَ النفس ، فلا طريق له إلا أن يتعاطى أفعالَ الفقهاء وهو التكرار للفقه ، حتى تنعطف منه على قلبه صفةُ الفقه فيصيرَ فقيهَ النفس .

وكذلك من أراد أن يصير سخيًّا عفيفَ النفسِ حليما متواضعا ، فيلزمه أن يتعاطى أفعال هؤلاء تكلفا حتى يصير ذلك طبعا له ؛ فلا علاج له إلا ذلك .

وكما أن طالب فقه النفس لا ييأس من نيل هذه الرتبة بتعطيل ليلة ولا ينالها بتكرار ليلة

فكذلك طالب تزكية النفس وتكميلها وتحليتها بالأعمال الحسنة لا ينالها بعبادة يوم ولا يحرم عنها بعصيان يوم ، ولكن العطلة في يوم واحد تدعو إلى مثلها ، ثم تتداعى قليلا قليلا حتى تأنس النفس بالكسل .

خامسا :

مثال النفس في علاجها بمحو الرذائل والأخلاق الرديئة عنها وجلب الفضائل والأخلاق الجميلة إليها مثالُ البدن في علاجه بمحو العلل عنه وكسب الصحة له وجلبها إليه .

وكما أن الغالب على أصل المزاج الاعتدال ، وإنما تعتري المعدة المضرة بعوارض الأغذية والأهوية والأحوال

فكذلك كل مولود يولد معتدلا صحيح الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، أي بالاعتياد والتعليم تكتسب الرذائل .

وكما أن البدن في الابتداء لا يخلق كاملا وإنما يكمل ويقوى بالتنشئة والتربية بالغذاء ، فكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال ، وإنما تكمل بالتربية وتهذيب الأخلاق والتغذية بالعلم .

وكما أن البدن إن كان صحيحا فشأن الطبيب تمهيد القانون الحافظ للصحة

وإن كان مريضا فشأنه جلب الصحة إليه ، فكذلك النفس منك إن كانت زكية طاهرة مهذبة فينبغي أن تسعى لحفظها وجلب مزيد قوة إليها واكتساب زيادة صفائها

وإن كانت عديمة الكمال والصفاء فينبغي أن تسعى لجلب ذلك إليها .

وكما أن العلة المغيرة لاعتدال البدن الموجبة المرض لا تعالج إلا بضدها ، فإن كانت من حرارة فبالبرودة ، وإن كانت من برودة فبالحرارة

فكذلك الرذيلة التي هي مرض القلب علاجها بضدها ، فيعالج مرض الجهل بالتعلم ، ومرض البخل بالتسخي ، ومرض الكبر بالتواضع ، ومرض الشره بالكف عن المشتهى تكلفا .

وكما أنه لا بد من الاحتمال لمرارة الدواء وشدة الصبر عن المشتهيات لعلاج الأبدان المريضة

فكذلك لا بد من احتمال مرارة المجاهدة والصبر لمداواة مرض القلب ، بل أولى ، فإن مرض البدن يخلص منه بالموت ، ومرض القلب - والعياذ بالله تعالى - مرض يدوم بعد الموت أبد الآباد .

فهذه الأمثلة تُعَرِّفُك طريق معالجة القلوب ، وتُنبهك على أن الطريق الكلي فيه سلوك مسلك المضاد لكل ما تهواه النفس وتميل إليه

وقد جمع الله ذلك كله في كتابه العزيز في كلمة واحدة ، فقال تعالى : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) النازعات/40-41

وأخيرا :

الأصل المهم في المجاهدة الوفاء بالعزم ، فإذا عزم على ترك شهوة فينبغي أن يصبر ويستمر

فإنه إن عَوَّدَ نفسه ترك العزم أَلِفَت ذلك ففسدت ، وإذا اتفق منه نقضُ عزمٍ فينبغي أن يُلزِمَ نفسه عقوبةً عليه ، وإذا لم يخوف النفس بعقوبة غلبته وحسنت عنده تناول الشهوة فتفسد بها الرياضة بالكلية .

هذه المباحث مستخلصة من كتاب "إحياء علوم الدين" للغزالي (3/62-98) مع تصرف وزيادة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-02, 05:56   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هي حالات إخلاف الوعد ؟

السؤال

نعلم أن إخلاف الوعد من صفات المنافقين ، لكن إذا لم يتمكن المسلم من الوفاء بوعده لسبب خارج عن إرادته ، فهل يعتبر فعل أمراً محرماً واتصف من صفات المنافقين ، أو يكون معذوراً ..

الجواب

الحمد لله

لا شك أن الوفاء بالوعد والعهد من صفات المؤمنين

وأن إخلافهما من صفات المنافقين

كما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

" أربع مَن كنَّ فيه كان منافقاً ، ومن كانت فيه خصلة من أربعة : كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدَّث كذب ، وإذا وعد أخلفَ ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر –

رواه البخاري ( 2327 ) ومسلم ( 58 ) - .

والمؤمن الذي يواعد الناس ويخلف وعده إما أن يكون معذوراً أو لا يكون كذلك ، فإن كان معذوراً فلا إثم عليه ، وإن لم يكن معذوراً : كان آثماً .

ولم يأتِ نصٌّ – فيما نعلم – يجمع ما استثني من تحريم إخلاف الوفاء بالوعد والعهد ، لكن يمكن أن يكون إخلاف الوعد أو العهد في حالات يُعذر فيها المؤمن ، منها :

أ‌. النسيان .

وقد عفا الله تعالى عن النسيان في ترك واجب أو فعل محرَّم

كما قال الله تعالى : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال الله تعالى : " نعم " –

رواه مسلم ( 125 ) من حديث أبي هريرة - ، وفي رواية : " قد فعلت " – رواه مسلم ( 126 ) من حديث ابن عباس - .

فمن واعد شخصاً ثم نسي الوعد أو نسي وقته : فلا حرج عليه .

ب‌. الإكراه على إخلاف الوعد .

والإكراه : أحد الموانع التي تجيز للمسلم التخلف عن الموعد

كمن حُبس أو مُنع من الوفاء بالوعد أو هُدّد بعقوبة تؤلمه .

فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " .

رواه ابن ماجه ( 2045 ) ، وللحديث شواهد كثيرة

وقد صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 1836 ) .

ج‌. الوعد على فعل محرَّم أو ترك واجب .

فمن وعد شخصاً على أن يفعل له محرماً ، أو يترك واجباً فإنه لا يجوز الوفاء به .

ويمكن الاستدلال بحديث عائشة – ويُسمَّى حديث بريرة – وهو في الصحيحين

- وقد وعدت عائشة – رضي الله عنها – أهل بريرة على أن يكون ولاء بريرة لهم على حسب طلبهم مع أن عائشة – رضي الله عنها – هي التي ستعتقها

ولم تفِ بهذا الوعد ؛ لأنهم خالفوا الشرع وهم يعلمون أن " الولاء لمن أعتق " ، فكيف تعتقها عائشة ويكون ولاء بريرة لهم ؟ .

قال الشافعي :

... فلما بلغهم هذا : كان مَن اشترط خلاف ما قضى الله ورسوله عاصياً ، وكانت في المعاصي حدود وآداب ، وكان من آداب العاصين : أن تعطل عليهم شروطهم لينكلوا عن مثلها ، وينكل بها غيرهم ، وكان هذا من أحسن الأدب .

" اختلاف الحديث " ( ص 165 ) .

د‌. حصول طارئ مع صاحب الموعد من مرض أو وفاة قريب أو تعطل وسيلة النقل ... الخ .

وهي أعذار كثيرة ، تدخل في قوله تعالى لا يكلف الله نفساً إلا وسعها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-02, 06:01   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحذر من الإشاعات وقت الأزمات

السؤال

يوجد بعض الكتَّاب وخاصة في الإنترنت ينشرون أخباراً بلا تثبت ، مما يتسبب في ربكة المسلمين ، وإدخال الوهن إلى قلوبهم ..

كادعاء سقوط مدينة من مدن المسلمين أو قتل قائدٍ من قادتهم أو غير ذلك مما يُسبب الإحباط ويفت في العزيمة ... وكل ذلك بلا تثبت ولا تأكد من صحة الخبر .. بل إن بعضهم يكتب في نهاية مقاله :

" هكذا بلغني ولكني لست متأكداً من صحة الخبر " !!

فما نصيحتكم لهؤلاء .


الجواب


الحمد لله


لا شك أنه في وقت الفتن تنشط الدعاية وتكثر الإِثارة وهنا يأتي دور الإِشاعة .

ومن المعلوم أن التثبت مطلب شرعي لقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) . وفي قراءة أخرى ( فتثبتوا )

وقد حذر الشارع أشد التحذير من نقل الشخص لكل ما يسمعه فعن حفص بن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) رواه مسلم في المقدمة 6 صحيح الجامع 4482 .

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع ) السلسلة الصحيحة 2025.

"قَالَ النَّوَوِيّ : فَإِنَّهُ يَسْمَع فِي الْعَادَة الصِّدْق وَالْكَذِب فَإِذَا حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ فَقَدْ كَذَبَ لإِخْبَارِهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ , وَالْكَذِب الإِخْبَار عَنْ الشَّيْء بِخِلَافِ مَا هُوَ وَلا يُشْتَرَط فِيهِ التَّعَمُّد " .

وعن المغيرة بن شعبة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال )

رواه البخاري 2231.

قال الحافظ ابن حجر :

(قَوْله : ( وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ ) . . . قَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ : . . . وفي معني الحديث ثلاثة أوجه :

أولها : الإِشَارَة إِلَى كَرَاهَة كَثْرَة الْكَلام لأَنَّهَا تُؤَوِّل إِلَى الْخَطَأ . . .

ثَانِيهَا : إِرَادَة حِكَايَة أَقَاوِيل النَّاس وَالْبَحْث عَنْهَا لِيُخْبِر عَنْهَا فَيَقُول : قَالَ فُلان كَذَا وَقِيلَ كَذَا , وَالنَّهْي عَنْهُ إِمَّا لِلزَّجْرِ عَنْ الاسْتِكْثَار مِنْهُ , وَإِمَّا لِشَيْءٍ مَخْصُوص مِنْهُ وَهُوَ مَا يَكْرَههُ الْمَحْكِيّ عَنْهُ .

ثَالِثهَا : أَنَّ ذَلِكَ فِي حِكَايَة الاخْتِلاف فِي أُمُور الدِّين كَقَوْلِهِ : قَالَ فُلان كَذَا وَقَالَ فُلان كَذَا , وَمَحَلّ كَرَاهَة ذَلِكَ أَنْ يُكْثِر مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لا يُؤْمَن مَعَ الإِكْثَار مِنْ الزَّلَل

, وَهُوَ مَخْصُوص بِمَنْ يَنْقُل ذَلِكَ مِنْ غَيْر تَثَبُّت , وَلَكِنْ يُقَلِّد مَنْ سَمِعَهُ وَلا يَحْتَاط لَهُ . قُلْت : وَيُؤَيِّد ذَلِكَ الْحَدِيث الصَّحِيح (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّث بِكُلِّ مَا سَمِعَ ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم ) اهـ بتصرف يسير .

وعن أبي قلابة قال : قال أبو مسعود لأبي عبد الله أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في زعموا ؟

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بئس مطية الرجل زعموا " السلسلة الصحيحة 866 .

قال العظيم آبادي : " ( بِئْسَ مَطِيَّة الرَّجُل ) : الْمَطِيَّة بِمَعْنَى الْمَرْكُوب (زَعَمُوا) :

الزَّعْم قَرِيب مِنْ الظَّنّ أَيْ أَسْوَأ عَادَة لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَّخِذ لَفْظ زَعَمُوا مَرْكَبًا إِلَى مَقَاصِده فَيُخْبِر عَنْ أَمْر تَقْلِيدًا مِنْ غَيْر تَثَبُّت فَيُخْطِئ وَيُجَرَّب عَلَيْهِ الْكَذِب قَالَهُ الْمَنَاوِيُّ .

ولذلك حرص سلفنا الصالح على التثبت والحذر من الإشاعات :

قال عمر رضي الله عنه : ( إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف ).

ولقد سطَّر التاريخ خطر الإِشاعة إذا دبت في الأمة وإليك أمثلة من ذلك :

1- لما هاجر الصحابة من مكة إلى الحبشة وكانوا في أمان ، أُشيع أن كفار قريش في مكة أسلموا فخرج بعض الصحابة من الحبشة وتكبدوا عناء الطريق

حتى وصلوا إلى مكة ووجدوا الخبر غير صحيح ولاقوا من صناديد قريش التعذيب . وكل ذلك بسبب الإِشاعة .

2- في غزوة أحد لما قتل مصعب بن عمير أُشيع أنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل : قُتل رسول الله فانكفأ جيش الإِسلام بسبب الإِشاعة ، فبعضهم هرب إلى المدينة وبعضهم ترك القتال .

3- إشاعة حادثة الإِفك التي اتهمت فيها عائشة البريئة الطاهرة بالفاحشة وما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه من البلاء، وكل ذلك بسبب الإِشاعة .

إذاً ما هو المنهج الشرعي في التعامل مع الأخبار ؟

هناك ملامح في التعامل مع الأخبار نسوقها باختصار :

1) التأني والتروي :

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (التأني من الله و العجلة من الشيطان) السلسلة الصحيحة 1795.

قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل

2) التثبت في الأخبار :

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين َ) وفي قراءة (فتثبتوا)

سبب نزول الآية :

أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات، وأنه لما أتاهم الخبر فرحوا ، وخرجوا ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله : إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة .

فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك غضباً شديداً، فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد ،

فقالوا : يا رسول الله : إنا حُدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق ، وإنا خشينا أن يكون إنما رده كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله !

وأن رسول الله استعتبهم ، وهمّ بهم ، فأنزل الله عز وجل عذرهم في الكتاب : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين الحجرات/6 .

أنظر السلسلة الصحيحة (3085) .

معنى التثبت : تفريغ الوسع والجهد لمعرفة حقيقة الحال ليعرف أيثبت هذا الأمر أم لا .

والتبين : التأكد من حقيقة الخبر وظروفه وملاباساته .

يقول الحسن البصري : "المؤمن وقاف حتى يتبين" .

وختاماً : نوصي الجميع بالتثبت وعدم التسرع في نقل الأخبار حتى يتأكد من صحتها ، حتى لو كان الخبر ساراً ، لأنه إذا تبين خطأ الناقل فستسقط عدالته عند الناس ...

ويكون عرضة للاستخفاف ممن له هوى في نفسه ... وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-02, 06:04   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

نشر رسائل الآخرين وأحاديثهم

السؤال

فما حكم من يقوم بنشر أغراض الآخرين (الشخصية) سواءا أكانت مذكرات أو رسائل أو حديث دار معه في مجلس ... الخ .

فيقوم بنشرها أمام الناس أو أمام فئة معينة دون إذن من صاحبها ؟.


الجواب

الحمد لله


إذا استودعه إياها على أنها سر فلا يجوز له إفشاؤها لقوله صلى الله عليه وسلم "المجالس بالأمانة "

وكذلك إذا كان يترتب على نشرها ضررٌ على أخيه المسلم فلا يجوز ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم

"" لا ضرر ولا ضرار " وكذلك إذا كان نشرها يترتب عليه فضيحة لأخيه المسلم العاصي المستتر بستر الله فلا يجوز نشرها أيضاً

وأما إذا كان يترتب على نشرها مصلحة شرعية ومنفعة لصاحبها أو للناس ولم يشترط صاحبها كتمانها فلا بأس بنشرها حينئذٍ بل قد يؤجر على ذلك .

: الشيخ محمد صالح المنجد


اخوة الاسلام

تمت مقدمة سلسلة الاخلاق

و اخيرا

و اسالكم الدعاء بظهر الغيب









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-08-02 في 06:06.
رد مع اقتباس
قديم 2019-08-06, 12:40   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
Walid allouche
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيراااا










رد مع اقتباس
قديم 2019-09-29, 13:39   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
Ahmad Osman
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله تعالى كل خير










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc