أديان - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أديان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-08-30, 19:16   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 أديان

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته






تقدمت مواضيع

أصول عقيدة أهل السنة والجماعة


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153427

الولاء والبراء

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153762

الشرك وأنواعه

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153606

السياسة الشرعية تعريف وتأصيل


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2155782

الأنكحة الباطلة


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156187

مذاهب و فرق

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156742
.....


هل يجب الكفر بكل دين سوى الإسلام وبكل شريعة سوى شريعته؟

السؤال

ما معنى جملة الكفر بكل دين سوى الإسلام هل تعني أن يكفر المرء بكل دين محرف ، مثل : النصرانية ، أم يكفر بالأديان الوضوعية فقط ؟ فالذي فهمته أن الأديان مثل النصرانية محرفة ومنسوخة

فلابد للمسلم أن يكفر بها ، فهل يكفر بها ؛ لأنها محرفة ومنسوخة ، أم يكفر بها لأنها محرفة فقط ؟

ومالواجب نحو الشرائع الأخرى كيف يكون الإيمان بها ؟ والأديان الحقة التي نزلت على الأنبياء مالواجب نحوها ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا:

أوجب الله على عباده المؤمنين أن يؤمنوا بأنبياء الله ورسله جميعا ، فمن عرفهم بأمره ، وجب عليهم الإيمان به تفصيلا ، فيما فصل لهم ، وإجمالا ، فيمن أجمل ذكره .

قال الله تعالى : (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة/135-136

وقال تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة/285

وفي حديث جبريل المشهور ، لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِيمَانُ؟

قَالَ: ( الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِر ) ..

رواه البخاري (4777) ومسلم (9) من حديث أبي هريرة .

وحذر عباده من الكفر ببعض أنبيائه ورسله ، بين لهم أن هذا هو الكفر حقا ، وما كفر كثير من أهل الكتاب إلا بمثل ذلك .
قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) النساء/150-152

وينظر للفائدة جواب الاسئلة الاربعه القادمه

ثانيا :

الواجب على العبد أن يعلم أن دين الله واحد وهو الإسلام، كما قال تعالى: ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/19 ، وقال : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85

ولم يأت نبي بغير دين الإسلام، الذي هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.

قال الله عن نوح عليه السلام : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) يونس/72.

وقال عن إبراهيم : ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) آل عمران/67.

وقال : ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) الحج/78

وقال عن موسى ( يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ) يونس/84.

وقال عن يوسف : ( تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) يوسف/101.

فالإسلام هو عبادة الله وحده لا شريك له ، والإيمان بما جاء من عنده ، وهذا قدر مشترك متفق عليه بين جميع الأنبياء ، ثم يقع التمييز بينهم في تفاصيل الشرائع

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ) رواه البخاري ( 3443).

والإخوة لعلات : هم الإخوة لأب .

والمراد : أن أصل دينهم واحد ، وإن اختلفت فروع شرائعهم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-08-30, 19:17   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا:

يجب الإيمان بأن الله تعالى أرسل الرسل ، وأنزل الكتب ، وشرع الشرائع لأنبيائه ورسله، وأن شرائعهم حق من عند الله ، يجب العمل بها في وقتها، ولا يجوز العمل بما نسخ منها، فضلا عما بدل وغير.

كما يجب الإيمان بأن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم نَسَخَت ما قبلها من الشرائع، فليس لأحد أن يعمل بشريعة التوراة لو فرض بقاؤها دون تحريف، إذا جاء في شريعتنا ما يخالفها.

قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) المائدة /48

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/ 130):

" ثم إنه تعالى ندبهم إلى المسارعة إلى الخيرات والمبادرة إليها، فقال: {فاستبقوا الخيرات} وهي طاعة الله ، واتباع شرعه الذي جعله ناسخا لما قبله، والتصديق بكتابه القرآن الذي هو آخر كتاب أنزله" انتهى.

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ ، فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ وَقَالَ:

" أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي " .

رواه أحمد في مسنده (15156) وحسنه الألباني في "الإرواء" .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فإن قيل فقد قال تعالى {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وقال تعالى { كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }

وهذا ذم لليهودية والنصرانية ، وما كان عليه موسى والمسيح لا يُذم ؟

قيل : الذم يلزم من أمر باتباع ما اختص به اليهود والنصارى من الشرع المنسوخ ، وذم من اتبع ذلك المنسوخ من حين بُعث محمد.

وكان هؤلاء يقولون نحن على ملة إبراهيم دون محمد ؛ فبين الله كذبهم في ذلك ، ولم يكونوا مُبَدِّلين؛ فكيف مع التبديل والنسخ ؟!

فإن إبراهيم كان قبل التوراة والإنجيل . وما كان عليه أهل التوراة والإنجيل اختص به أهل التوراة ، ولم يكن إبراهيم عليه ، بل ولا كان يجوز لإبراهيم أن يتبعه ، ولم يشرعه الله له ...

فامتنع أن يكون إبراهيم يهوديًّا أو نصرانيًّا ، بوجه من الوجوه ؛ بل كان حنيفًا مسلمًا وهو الذي يعبد الله وحده لا شريك له ، بما أمر به ، فيعبده في كل زمان ، بما أمر به في ذلك الزمان.

فأهل التوراة والإنجيل قبل النسخ والتبديل : مسلمون حنفاء ، على ملة إبراهيم ، كما قال تعالى {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ *

وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ...

فالحنيفية ، ملة إبراهيم : تتناول كل من عبد الله وحده بما أمره به ، كما قال تعالى {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *

بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } .

فكل الأنبياء الذين يعيشون بعد إبراهيم ، وأتباعُهم : على ملة إبراهيم . لكنْ محمد صلى الله عليه وسلم أولاهم به ، وشرعه أقرب إلى شرع إبراهيم من وجوهٍ متعددةٍ

كأمره بحج البيت وغيره ، فإنه سبحانه جعل في ذرية إبراهيم الكتاب والحكم والنبوة ...

وأما اليهودية والنصرانية المتضمنة للمنسوخ المبدل ، وهي التي عليها اليهود والنصارى الذين كذبوا محمدًا : فهذه ليست دين أحدٍ من الأنبياء ؛ لا موسى ، ولا عيسى ، ولا غيرهما !!

فإذا قال أهل الكتاب للمسلمين {كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} ، فقد أمرهم الله أن يقولوا : {بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} !!

فلا يجوز لنا اتباع ما اختُصَّ به أهلُ التوراة والإنجيل ، من الشرع المنسوخ ؛ فكيف بالمبدل ؟!

بل نتبع ملة إبراهيم ، وهي عبادة الله وحده بما أمر به ، وهي التي كان عليها موسى وعيسى ؛ لكن كان لهم شرع اختصوا به دون إبراهيم

وكان من الدين في حق أولئك الذين أمروا به خاصة ، وإبراهيم ومن كان قبله لم يُؤمروا به .

وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم ومن آمن به : لم يؤمروا بتلك الآصار والأغلال ؛ بل رفعت عنهم ، كما كانت مرفوعة عن إبراهيم ، ولهذا قال عليه السلام : ( بُعِثت بالحنيفية السمحة ) . وقال : ( لا رهبانية في الإسلام ) ...

فقد تبين أن اليهود والنصارى : فيهم سعيد ، وهم المتبعون شرع التوراة والإنجيل ، قبل النسخ والتبديل . وفيهم من هو مستحق العذاب .

ومع هذا نحن منهيون أن نتبع اليهودية والنصرانية مطلقًا :

فإن ما اختُصَّ به السعداء منهم : قد نسخ .

وأما ما اختُصَّ به الأشقياء : فهو مبدل ، أو منسوخ تمسكوا به بعد النسخ .

وما كان مشروعًا : كان داخلًا في مسمى الإسلام والحنيفية ، لما كان مشروعًا .

فلما نسخ : لم يبق داخلًا في الإسلام ، ولا في الحنيفية ، ملة إبراهيم ؛ والمُبَدَّل بطريق الأولى!!

ولهذا قال الله تعالى : { وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا } ، إلى قوله : { وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } ، وقال : { أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى } .

فلم ينكر أن يكون موسى وهارون من اليهود ، ولا أن يكون المسيح والحواريون نصارى .

لكن : نهى عن اتباع ما تختص به اليهودية والنصرانية ، مطلقًا ، وأمر باتباع ملة إبراهيم ؛ لأن ما تختص به : إما منسوخ ، وإما مبدل .

والذي لا يجوز نسخه : ملة إبراهيم ، وهو عبادة الله وحده بما أمر به ؛ ففي كل زمان يعبده بما أمر به في ذلك الزمان ، وهذا هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله لا من الأولين ولا من الآخرين دينًا سواه

وعليه الأنبياء جميعهم ، وأتباعهم ، وهذا العمل هو العمل الصالح المذكور في قوله { بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } ، وقد قال { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } الآية.

والصلاة إلى بيت المقدس كانت من الإسلام ، ومن الحنيفية ملة إبراهيم ، لما كانت مشروعة ؛ فلما نهوا عن ذلك ، وأمروا بالصلاة إلى المسجد الحرام :

صارت الصلاة إليه هي المشروعة الداخلة في الإسلام ، وملة إبراهيم ؛ فإن جماع ملة إبراهيم : عبادة الله وحده ، بما أمر به.." .

انتهى، من "تفسير آيات أشكلت" (1/278-287) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-30, 19:18   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعا :

الشرائع السابقة على ثلاثة أنواع:

الأول: شرائع مبدلة مغيرة، وهذه يجب الكفر بها، بمعنى البراءة منها وإنكار كونها من عند الله، وإنكار العمل بها مطلقا.

الثاني: شرائع منسوخة، بشريعتنا، وهذه يجب اعتقاد بطلان العمل بها والرجوع إليها بعد النسخ، ولو سمي هذا كفرا بها فلا حرج، مع بيان أنها من عند الله، وأنها كانت صالحة في وقتها.

الثالث: ما لم يحرف، ولم يرد في شرعنا ما يخالفه، كالنكاح بلفظ الإجارة كما في زواج موسى عليه السلام من ابنة صالح مدين، فهذه التي اختلف فيها أهل الأصول: هل شرع من قبلنا شرع لنا أم لا؟ والجمهور على أنه شرع لنا.

وهذا القسم قليل أو محصور في مسائل معينة.

ولهذا يطلق كثير من العلماء أن شريعة الإسلام ناسخة لما قبلها من الشرائع- كما تقدم في كلام ابن كثير- مراعاة لأن غالب هذه الشرائع منسوخ أو مبدل.

كما يجب الاعتقاد بأن جميع الأديان منسوخة بالإسلام، وأنه يجب الكفر بها، أي اعتقاد بطلان اتباعها، سواء اتبعها على تحريفها، أو على ما قبل التحريف، فليس لأحد أن يقول:

أنا أتبع الدين الذي جاء بها إبراهيم أو موسى أو عيسى عليهم السلام، ويقصد شرائعهم الخاصة، أو الوقوف عندها وعدم الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، فكل ذلك باطل

ولا إيمان ولا نجاة بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلا لمن آمن به واتبعه.

وفي صحيح مسلم (153) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فمن حين بعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لم يكن الإسلام إلا ما أَمَر به ، لأن الإسلام : أن يستسلم العبد لله رب العالمين ، لا لغيره .

فمن استسلم له ولغيره ، فجعل له ندا : فهو مشرك . قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} البقرة/165

ومن استكبر عن عبادة الله ، فلم يستسلم له : فهو معطل لعبادته ، وهو شر من المشركين ، كفرعون وغيره . قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} غافر/60

والإسلام : إنما يكون بأن تعبد الله وحده لا شريك له ، وإنما يُعبد بما أمر به .

فكل ما أمر به ، فهو ، حين أمر به : من دين الإسلام .

وحين نهى عنه : لم يبق من دين الإسلام .

كما كانت الصخرة أولا من دين الإسلام ، ثم لما نهى عنها : لم تبق من دين الإسلام .

فلهذا صار المتمسك بالسبت وغيره من الشرائع المنسوخة : ليس من دين الإسلام؛ فكيف بالمبدل.

والله تعالى قط لم يرض له دينا غير الإسلام ، ولا أحد من رسله ، لا سيما خاتم الأنبياء : فإنه لم يرض من أحد إلا بدين الإسلام ، لا من المشركين ولا من الذين أوتوا الكتاب .

وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} إلى آخرها ، وهي كلمة تقتضي براءته من دينهم ؛ وأن ديني لي ، وأنتم بريئون منه ، ودينكم لكم ، وأنا بريء منه..."

انتهى ، من " الصفدية" (2/314-315) .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (12/ 275) :

" أولاً: أن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون: أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان

وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يَبْق على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]

والإسلام بعد بعثة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان.

ثانياً: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام: أن كتاب الله تعالى: (القرآن الكريم) هو آخر كتب الله نزولاً وعهداً برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل، من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها

ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب منزل يُتعبد الله به سوى: (القرآن الكريم) قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 48]

ثالثاً: يجب الإيمان بأن (التوراة والإنجيل) قد نسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان، كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم،

منها: قول الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 155]

وقوله جل وعلا: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]

وقوله سبحانه: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78] .

ولهذا: فما كان منها صحيحاً فهو منسوخ بالإسلام .

وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل .

وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام: "أ

في شك أنت يا ابن الخطاب؟! ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي» رواه أحمد والدارمي وغيرهما" انتهى.

وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله:

" فمن لم يؤمن بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبيا ورسولا، وأنه خاتم الأنبياء والرسل، وأن شريعته ناسخة لجميع ما قبلها، وأنه لا يسع أحدا من أهل الأرض اتباع غير شرعه: فهو كافر مخلد في النار

كمن كفر بالله ، وجحده ربا معبودا" انتهى من "الإبطال لنظرية الخلط بين الأديان" ص85

والحاصل :

أن من أركان الإيمان : أن يؤمن العبد برسل الله ، وأنبيائه جميعا ، وأن يؤمن بما أنزل الله عليهم من الكتب ، وما جاؤوا به من الشرائع .

ومن حين جاء النبي صلى الله عليه وسلم : لم يبق شرع واجب الاتباع على الناس جميعا : إلا شرعه الذي جاء به ؛ وما سواه : فإما شرع صحيح في أصله ، غير أنه نسخ بشرعه . أو شرع مبدل ، لم يشرعه الله لعباده أصلا .

فما علمنا أنه شرع مبدل ، لم يشرع أصلا : كفرنا به ، كلية .

وما لم نعلم أنه بعينه من جملة ما بُدل ، وحُرِّف : لم نصدق به ، لاحتمال أن يكون محرفا مبدلا ، ولم نكذبه ، لاحتمال أنه من جملة الشرع المنزل في أصله .

وبكل حال : لا يحل لأحد اتباع غير شرع النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء به .

قال الله تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ

وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/48-50 .

والله أعلم
.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-30, 19:22   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حقيقة الإيمان بالرسل

السؤال


ما المقصود بالإيمان بالرسل ؟.

الجواب

الحمد لله

وبعد : فالإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور :

الأول : التصديق الجازم بأن الله تعالى بعث في كل أمة رسولا منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه ، وأنهم جميعا صادقون مصدقون بارون راشدون أتقياء أمناء

وأنهم بلغوا جميع ما أرسلهم الله به ، لم يكتموا ولم يغيروا ، ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفا ولم ينقصوه ( فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ) ( النحل : 35) .

- وأن دعوتهم اتفقت من أولهم إلى آخرهم على أصل العبادة وأساسها ، وهو التوحيد بأن يُفرد الله تعالى بجميع أنواع العبادة ، اعتقادا وقولا وعملا ، ويُكفر بكل ما يعبد من دونه

والدليل على ذلك قوله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء/25 ) وقوله تعالى : ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) الزخرف/45 وغيرها من الآيات وهي كثيرة جدا .

وأما الفروض المتعبد بها وفروع التشريع فقد يُفرض على هؤلاء من الصلاة والصوم ونحوها ما لا يُفرض على الآخرين ، ويُحرم على هؤلاء ما يحل للآخرين امتحانا من الله ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) الملك/2

والدليل على ذلك قوله تعالى : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) المائدة/48 قال ابن عباس رضي الله عنهما : سبيلا وسنة ومثله قال مجاهد وعكرمة وجماعات من المفسرين .

وفي صحيح البخاري ( 3443) ومسلم ( 2365 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " َالأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ "

أي أن الأنبياء متحدون في الأصل وهو التوحيد الذي بعث الله به كل رسول أرسله، وضمنه كل كتاب أنزله ،وشرائعهم مختلفة في الأوامر والنواهي والحلال والحرام لأن الأخوة لعلات أبوهم واحد وأمهاتهم متفرقات .

- و من كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع كما قال تعالى: ( كذبت قوم نوح المرسلين ) الشعراء/105 فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذبوه .

الثاني : الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ومن ذُكر منهم إجمالا ولم نعلم اسمه وجب علينا الإيمان بهم إجمالا

كما قال تعالى : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) البقرة/285

وقال : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر/78

ونؤمن بأن خاتمهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده كما قال تعالى : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) الأحزاب/40 .

وفي البخاري ( 4416 ) ومسلم ( 2404 )

عن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا فَقَالَ أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ قَالَ : " أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي "

وأن الله فضله واختصه عن غيره من الأنبياء بخصائص عظيمة منها :

1- أن الله بعثه إلى جميع الثقلين الإنس والجن وكان النبي قبله يبعث في قومه خاصة .

2- أن الله نصره على أعدائه بالرعب مسيرة شهر.

3- وأن الأرض جُعلت له مسجدا وطهورا .

4- وأحلت له الغنائم ولم تحل لأحد قبله .

5- الشفاعة العظمى . وغيرها كثير من خصائصه عليه الصلاة والسلام .

الثالث : التصديق بما صح عنهم من أخبارهم .

الرابع : العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس .

قال الله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء/65 .

وليعلم أن للإيمان بالرسل ثمرات جليلة منها :

1- العلم برحمة الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهم الرسل ليهدوهم إلى صراط الله تعالى ، ويبينوا لهم كيف يعبدون الله لأن العقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك .

2- شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى .

3- محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم ِِِ، والثناء عليهم بما يليق بهم لأنهم رسل الله تعالى ، ولأنهم قاموا بعبادته وتبليغ رسالته ، والنصح لعباده . والله أعلم .

يراجع ( أعلام السنة المنشورة 97- 102 )

و ( شرح الأصول الثلاثة للشيخ ابن عثيمين 95 ، 96 ).

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-30, 19:25   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

حقيقة الإيمان بالكتب

السؤال

ما معنى الإيمان بالكتب ؟.


الجواب


الحمد لله

وبعد : فالإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور :

الأول : التصديق الجازم بأن جميعها منزَّل من عند الله ، وأن الله تكلم بها حقيقة فمنها المسموع منه تعالى من وراء حجاب بدون واسطة الرسول الملكي

ومنها ما بلغه الرسول الملكي إلى الرسول البشري ، ومنها ما كتبه الله تعالى بيده كما قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) الشورى/51

وقال تعالى : ( وكلم الله موسى تكليما ) النساء/164

وقال تعالى في شأن التوراة : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) الأعراف/145 .

الثاني : ما ذكره الله من هذه الكتب تفصيلا وجب الإيمان به تفصيلا وهي الكتب التي سماها الله في القرآن وهي ( القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى ).

وما ذكر منها إجمالا وجب علينا الإيمان به إجمالا فنقول فيه ما أمر الله به رسوله : ( وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب ) الشورى/15 .

الثالث : تصديق ما صح من أخبارها ، كأخبار القرآن ، وأخبار ما لم يُبَدل أو يُحَرف من الكتب السابقة .

الرابع : الإيمان بأن الله أنزل القرآن حاكما على هذه الكتب ومصدقا لها

كما قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) المائدة/48

قال أهل التفسير : مهيمنا : مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب ، ومصدقا لها يعني : يصدق ما فيها من الصحيح ، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ، ويحكم عليها بنسخ

أي رفع وإزالة ـ أحكام سابقة ، أو تقرير وتشريع أحكام جديدة ؛ ولهذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة ممن لم ينقلب على عقبيه

كما قال تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُون . وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) القصص/52 :53 .

- وأن الواجب على جميع الأمة اتباع القرآن ظاهراً وباطناً والتمسك به ، والقيام بحقه كما قال تعالى : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا ) الأنعام/155

ومعنى التمسك بالكتاب والقيام بحقه : إحلال حلاله ، وتحريم حرامه ، والانقياد لأوامره والانزجار بزوا جره والاعتبار بأمثاله

والاتعاظ بقصصه ، والعلم بمحكمه ، والتسليم بمتشابهه والوقوف عند حدوده والذب عنه مع حفظه وتلاوته وتدبر آياته والقيام به آناء الليل والنهار ، والنصيحة له بكل معانيها ، والدعوة إلى ذلك على بصيرة .

وهذا الإيمان يثمر للعبد ثمرات جليلة أهمها :

1- العلم بعناية الله بعباده حيث أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به .

2- العلم بحكمة الله تعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم كما قال الله تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )

3- القيام بواجب شكر الله على هذه النعمة العظيمة .

4- أهمية العناية بالقرآن العظيم ، بقراءته وتدبره وتفهم معانيه والعمل به .

والله أعلم .

انظر ( أعلام السنة المنشورة 90 – 93 )

و ( شرح الأصول الثلاثة للشيخ ابن عثيمين 91 ، 92 ).

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-09, 02:10   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




الإيمان بالكتب والرسل


السؤال

من هم الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى ؟

وما هي الكتب التي أنزلها معهم ؟.


الجواب

الحمد لله

حين أهبط الله آدم إلى الأرض وانتشرت ذريته لم يتركهم هملاً بل أوجد لهم الرزق وأنزل عليه وعلى أبنائه الوحي فمنهم من آمن ومنهم من كفر :

( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقت عليه الضلالة ) النحل/36 .

والكتب السماوية التي أنزلها اللّه أربعة وهي التوراة والإنجيل والزبور والقرآن : ( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل ) آل عمران/3 .

وقال تعالى : ( وآتينا داود زبوراً ) الإسراء/55 .

والأنبياء والرسل كثيرون ولا يعلم عددهم إلا اللّه منهم من قص اللّه علينا ومنهم من لم يقصه علينا : ( ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك ) النساء/164 .

يجب الإيمان بجميع الكتب التي أنزلها اللّه وجميع الأنبياء والرسل الذين أرسلهم اللّه

كما قال سبحانه : ( يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا باللّه ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً ) النساء/136 .

الرسول والنبي اسمان لمسمى واحد هو من بعثه اللّه ليدعو الناس إلى عبادة اللّه وحده من الأنبياء والرسل الذين اصطفاهم اللّه وأرسلهم إلى عباده يبلغون دينه

: ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على اللّه حجة بعد الرسل ) النساء/162 .

والأنبياء والرسل كثيرون وقد ذكر اللّه منهم في القرآن خمسة وعشرين فيجب الإيمان بهم جميعاً وهم ، آدم ، إدريس ، نوح ، هود ، صالح ، إبراهيم ، لوط ، إسماعيل

إسحاق ، يعقوب ، يوسف ، شعيب ، أيوب ، ذو الكفل ، موسى ، هارون ، داوود ، سليمان ، إلياس ، اليسع ، يونس ، زكريا ، يحيى ، عيسى ، محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين .

والقرآن الكريم أعظم الكتب السماوية وآخرها وهو ناسخ لما قبله من الكتب ومهيمن عليه فيجب العمل به , وترك ما سواه : ( وأنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ) المائدة/48 .
وقد اصطفى الله من بني آدم رسلاً وأنبياء وبعثهم في كل أمة , وأمرهم بالدعوة إلى عبادة الله وحده وبيان الشرائع التي فيها سعادة الدنيا والآخرة والبشرى بالجنة لمن آمن والإنذار بالنار لمن كفر

: ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ) النحل/36 .

وقد فضل الله بعض الأنبياء والرسل على بعض فأفضلهم أولوا العزم وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد

وأفضل أولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة وهو آخر الأنبياء والرسل وأفضلهم

كما قال الله عنه : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) سبأ/28 .

والأنبياء والرسل اصطفاهم الله وجعلهم قدوة لأممهم رباهم وأدبهم وكرمهم بالرسالة وعصمهم من الوقوع في المعاصي وأيدهم بالمعجزات فهم أكمل البشر خَلقاً وخُلقاً وأفضلهم علماً وأصدقهم قولاً وأعطرهم سيرة

قال الله عنهم : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) الأنبياء/73 .

ولما كان الأنبياء والرسل بهذه المنزلة العالية من الطاعة وحسن الخلق أمرنا الله بالاقتداء بهم فقال : ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) الأنعام/90 .

وقد اجتمعت في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جميع صفات الأنبياء والرسل وأكرمه الله بالأخلاق العظيمة لذا أمر الله بالاقتداء به في كل أحواله :

( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) الأحزاب/21 .

الإيمان بجميع الأنبياء والرسل من أركان العقيدة الإسلامية التي لا يتم إيمان المسلم إلا بها لأنهم يدعون إلى عقيدة واحدة هي الإيمان بالله

قال تعالى : ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) البقرة/136 .

من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-09, 02:18   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل زاردشت كان نبيا ؟

السؤال :

قرأت عن زاردشت وقصته وقصته كالأنبياء أنه ولد ورموه في النار ولم يحدث له شيء وأنهم وضعوه بين ذئاب ولم يحدث شيء وأنه في يوم من الأيام نزلت ملائكة عليه بينما كان واقفا على النهر يتأمل

هل من الممكن ان يكون زاردشت نبياً ؟

وهل الزاردشتية دين سماوي ولكن تم إدخل لها البدع والتخاريف لأنهم يؤمنون بإله خير وإله للشر وهكذا تحولت من دين سماوي إلي دين باطل .


الجواب :


الحمد لله

نص القرآن الكريم على أنه ما من أمة إلا قد جاءها نذير .

قال الله تعالى :

( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر /24 .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ) أي: وما من أمة خلت من بني آدم إلا وقد بعث الله إليهم النذر، وأزاح عنهم العلل، كما قال تعالى: ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )

وكما قال تعالى: ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ )، والآيات في هذا كثيرة " انتهى، من "تفسير ابن كثير" (6 / 543) .

ولم يخبرنا الله عز وجل عن جميع الرسل ، بل أخبرنا عن بعضهم فقط.

قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) غافر /78 .

ثانيا :

لكن وجود رسل سابقين لا نعلمهم لا يلزم منه أن نفتح باب احتمال نبوة كل صاحب ديانة اشتملت معتقداته على شيء مما جاء به الإسلام.

فوجود بعض ما يوافق الإسلام في الزرادشتية ، مثلا ، لا يقوي احتمال كون صاحبها نبيا، فاحتمال نبوته ليس أولى من احتمال أنه تعمد تلبيس الحق بالباطل ، وأنه أخذ ما وصله من أنبياء سابقين فنسبه إلى نفسه .

ورد في "تاريخ الطبري" (1 / 540):

" وفي زمان بشتاسب ظهر زرادشت، الذي تزعم المجوس أنه نبيهم، وكان زرادشت- فيما زعم قوم من علماء أهل الكتاب- من أهل فلسطين، خادما لبعض تلامذة إرميا النبي خاصا به، أثيرا عنده، فخانه فكذب عليه

فدعا الله عليه، فبرص فلحق ببلاد أذربيجان، فشرع بها دين المجوسية، ثم خرج منها متوجها نحو بشتاسب، وهو ببلخ، فلما قدم عليه وشرح له دينه أعجبه

فقسر الناس على الدخول فيه، وقتل في ذلك من رعيته مقتلة عظيمة، ودانوا به " انتهى.

ثم إن حقيقة زرادشت غائبة عنا فلا يُعرف عن حاله إلا القليل، وهذا القليل لا يمكن الثقة به لبعد العهد به، وعدم وجود ما يدل على صدقه، حتى إن بعض الباحثين يرى شخصية زرادشت مجرد شخصية أسطورية لا حقيقة لها

فلهذا لا حاجة إلى أن نتكلف الكلام حوله، ويكفينا أن نرى ما ينسب إليه من دين فيحكم عليه.

ودين زرادشتية دين وثني بني على زعم أن هناك إلهين؛ إله للخير وإله للشر .

جاء في "الموسوعة العربية المعاصرة" (17 / 182):

" قام زرادشت الذي عاش خلال الفترة ما بين القرنين الخامس عشر والحادي عشر قبل الميلاد بإدخال تعديلات في عقيدة الفرس المجوسية، التي تعتمد

- كما في كتابهم الزندأفستا - على وجود معبودين

أهورامازدا (إله الخير) وأهريمان (إله الشَّر). وقد حث زرادشت النّاس على التمتع بمباهج الحياة المادية وحضهم على الأخلاق الفاضلة لينصروا أهورامازدا، على أهريمان فينصرهم في صراعه الدائم معه.

نشر أتباع زرادشت، تدريجيًا، هذا المعتقد في كل أنحاء فارس" انتهى .

كما تقدس الزرادشتية النار وتتجه إليها في العبادة.

جاء في "الموسوعة العربية" (11 / 545):

" أمر زرادشت أتباعه بالصلاة أمام النار التي هي رمز للنظام والعدل في معتقدهم. وقد يمثلونها بنار دنيوية أو بالشمس أو بالقمر " انتهى.

فهذه الديانة ديانة شركية لا يعلم لها أصلٌ من كتاب سابق، وهذا ما يشير إليه دين الإسلام؛ لأن المجوسية -

لما جاء الإسلام – كان من أهم مكوناتها الزرادشتية. ولم يشر الوحي إلى أنهم من أهل الكتاب رغم الحاجة إلى معرفة ذلك.

قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:

" فالجزية يجب أخذها من المجوس للأخبار التي جاءت في ذلك، ولأني لا أعلم في ذلك اختلافاً، ولا يصح أن المجوس أهل الكتاب، لأني لا أعلم حجة تدل عليه

وإنما أخذت الجزية منهم لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفعل الخلفاء بعده"

انتهى، من "الإشراف" (4 / 40).

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" والجزية قد أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من المجوس ، وهم عباد النار لا فرق بينهم وبين عبدة الأوثان، ولا يصح أنهم من أهل الكتاب، ولا كان لهم كتاب، ولو كانوا أهل كتاب عند الصحابة رضي الله عنهم

لم يتوقف عمر رضي الله عنه في أمرهم، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : ( سنوا بهم سنة أهل الكتاب )، بل هذا يدل على أنهم ليسوا أهل كتاب .

وقد ذكر الله سبحانه أهل الكتاب في القرآن في غير موضع، وذكر الأنبياء الذين أنزل عليهم الكتب والشرائع العظام ، ولم يذكر للمجوس - مع أنها أمة عظيمة

من أعظم الأمم شوكة وعددا وبأسا - كتابا ولا نبيا، ولا أشار إلى ذلك، بل القرآن يدل على خلافه كما تقدم "

انتهى. "أحكام أهل الذمة" (1 / 89 - 90) .

وقد استخرج بعض أهل العلم من القرآن ما يشير إلى أنهم ليسوا من أهل الكتاب .

لأن الله تعالى لما ذكر أنه سيفصل بين أتباع الأديان يوم القيامة ، ذكر المجوس بينهم .

قال الله تعالى:

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج /17.

لكن؛ لما ذكر من سُيجزى على إيمانه وعمله للصالحات ، لم يذكر المجوس من ضمنهم ، وهذا فيه إشارة إلى أنهم لم يكونوا في أي وقت من الأوقات على الحق.

قال الله تعالى:

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة /62.

وقال الله تعالى:

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة /69.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

"فَذَكَرَ الْمِلَلَ السِّتَّ [يعني : في سورة الحج]

وَذَكَرَ أَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْمِلَلَ الَّتِي فِيهَا سَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ قَالَ: (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا) فِي مَوْضِعَيْنِ

فَلَمْ يَذْكُرْ الْمَجُوسَ وَلَا الْمُشْرِكِينَ ؛ فَلَوْ كَانَ فِي هَاتَيْنِ الْمِلَّتَيْنِ سَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ ، كَمَا فِي الصَّابِئِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى : لَذَكَرَهُمْ .

فَلَوْ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ ، لَكَانُوا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ عَلَى هُدًى؛ وَكَانُوا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إذَا عَمِلُوا بِشَرِيعَتِهِمْ ، كَمَا كَانَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ

فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ الْمَجُوسَ فِي هَؤُلَاءِ ، عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ؛ بَلْ ذَكَرَ الصَّابِئِينَ دُونَهُمْ ، مَعَ أَنَّ الصَّابِئِينَ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ ، إلَّا أَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ. وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَجُوسَ أَبْعَدُ عَنْ الْكِتَابِ مِنْهُمْ"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/188) .

فالحاصل؛

أن زرادشت لم يصل إلى الناس تاريخه على وجه يوثق به ، وإنما وصلت ديانته ، وهي ديانة وثنية ، وما خالطها مما يشبه ما في الإسلام لا يرجح احتمال نبوته؛ لأن هناك احتمالات عدة لدخول هذه المعتقدات في الزرادشتية .

ومما يبعد احتمال نبوته أن الوحي يشير إلى أن المجوس ليسوا من أهل الكتاب ، والزرادشتية كانت المكون الأهم للمجوسية.

وينظر للفائدة جواب السؤال القادم

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-09, 02:23   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إبراهيم الخليل عليه السلام أفضل الأنبياء بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو بريء من كل المشركين

السؤال:

متى بدأت الديانة الهندوسية؟

فقد سمعت أنه بعد اختفاء النبي إدريس، قام الشيطان بصنع تمثال لزوجته وابنائه وأخبرهم أن يعبدوه ، ومنذ ذلك الوقت وعدد المشركين في ازدياد...

فهل هذه القصة صحيحة؟ وهل هناك أي علاقة بين البراهمة والنبي إبراهيم؟

هل صحيح أن النبي إبراهيم عليه السلام يعتبر أفضل الخلق بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟


الجواب:


الحمد لله


أولا :

الهندوسية : هي " اسم يطلق على تراث ديني شديد التنوع ، نشأ في الهند على مدى الثلاث آلاف سنة الأخيرة

ويمثل حاليا : عقائد وممارسات ما يزيد على 500 مليون هندوسي ، يعيش أغلبهم في الهند ، ويمثلون 80% من مجموع السكان .

والتنوع هو المدخل لفهم الحياة الدينية للهندوس ؛ لأن الهندوسية ليست واحدة ، وليس لها مؤسس ، ولا عقيدة واحدة ، ولا كتاب ديني واحد يقبله الجميع ، ولا قانون أخلاقي واحد

أو نظام لاهوتي واحد ، ولا مفهوم موحد للإله ترتكز عليه ، وإنما هي مجموعة تقاليد ، تضم قدرا هائلا من الأوضاع الدينية .. " .

انتهى ، من "معجم الأديان" تحرير: جون ر. هينليس ، (306) وما بعدها .

وينظر للاستزادة حول الهندوسية ، وعقائدها :

"موسوعة الأديان الحية" زينر ، الجزء الثاني : الأديان غير السماوية (2/51) وما بعدها ، وأيضا : "أديان الهند الكبرى" ، د. أحمد شلبي .

ثانيا :

وقد استمدت "البرهمية" هذه التسيمة من أمرين :

الأول : نسبة إلى "براهمان" ، إلههم الذي يعبدونه ، وهو القوة العليا ، والحقيقة النهائية لهذا الكون .

الثاني : وضع طبقة الكهنة " البراهمة" ، وهم أعلى طبقة اجتماعية في الهندوسية .

ينظر : "المعتقدات الدينية عند الشعوب" ، جفري بارندر (385-386) .

ولا علاقة بين خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام وبين البراهمة الهندوس ، أو غيرهم من أهل الشرك ، فإن "الهندوسية" ديانة وضعية ، بشرية ، ولهذا فإنها تصنف ضمن دائرة "الأديان غير السماوية" .

ينظر : موسوعة الأديان الحية ، ر.س. زينر، الجزء الثاني .

والحاصل : أن هذه الديانة : لا تؤمن بأن الله هو رب العالمين ، ولا أنه أنزل كتبا إلى الناس ، ولا أرسل إليهم رسلا ، لا إبراهيم عليه السلام ولا غيره ؛ فكيف تنسب إلى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام .

ثم إن النسبة إلى "لفظ" إبراهيم : "إبراهيمي" ، وليس "برهمي" .

فتبين بطلان هذه النسبة ، من حيث المعنى ، وتاريخ الديانة ، أولا ، ثم من حيث اللفظ والوضع اللغوي ، كذلك .

وقد نبه الشهرستاني رحمه الله من قديم إلى ذلك ، فقال :

" من الناس من يظن أنهم سموا براهمة لانتسابهم إلى إبراهيم عليه السلام، وذلك خطأ، فإن هؤلاء القوم هم

المخصوصون بنفي النبوات أصلا ورأسا، فكيف يقولون بإبراهيم عليه السلام؟.."

انتهى من "الملل والنحل" (2/1270) ط فتح الله بدران .

وقد صان الله نبيه إبراهيم عليه السلام عن أن يَنتسب هؤلاء المشركون إليه ، أو يُنسب إليهم ، ولو كذبا ، كما برأه من ملل الكفر كلها ، واصطفاه خليلا لنفسه ، عليه السلام .

قال تعالى : (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/ 67

وقال عز وجل : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة/ 4

ثالثا :

ما ذكره السائل من أن نبي الله إدريس عليه السلام اختفى ، وأن الشيطان قام بصنع تمثال له ، وأمر زوجته وأولاده أن يعبدوه : كلام لا أصل له ، فيما نعلم .

ولم يذكر لنا القرآن الكريم تفصيل رسالة إدريس عليه السلام ولا سيرته ، وإنما ذكر أنه نبي من أنبياء الله ، وقد لقيه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به في السماء الرابعة

وقال تعالى : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) مريم/ 56، 57

والمعروف أن أول ما وقع الشرك في الأرض كان في قوم نوح عليه السلام

فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قول الله تعالى عن قوم نوح : ( وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) نوح / 23

قال :

" هذه أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ " .

رواه البخاري (4920).

أما ما ذكره السائل : فلا نعلم له أصلا .

رابعا :

إبراهيم عليه السلام هو أفضل الأنبياء والرسل بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ " كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهُ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ).

وَكَذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: مِنْهُمْ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْم قَالَ: " لَا أُفَضِّلُ عَلَى نَبِيِّنَا أَحَدًا، وَلَا أُفَضِّلُ عَلَى إبْرَاهِيمَ بَعْدَ نَبِيِّنَا أَحَدًا " انتهى .

مجموع الفتاوى (4/ 317)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-09, 02:33   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما المقصود بتثليث النصارى الذي أبطله القرآن ؟

السؤال

جاء في أكثر من موضع في القرآن الكريم ذم النصارى لقولهم أن الله ثالث ثلاثة مثل الآية 171 من سورة النساء والآية 73 من سورة المائدة وعندما أقرأ هذه الآيات افترض أنها تتحدث

عن عقيدة التثليث عند النصارى (الأب، الابن، والروح القدس) ولكن تفسير ابن كثير يذكر أن المقصود بهذه الآيات هو قول النصارى أنّ الله ثلاث ثلاثة هم عيسى عليه السلام ومريم عليها السلام...فهل هذا صحيح؟

وإن كان ذلك صحيحًا، فهل كانت الآيات تشير إلى طائفة معينة من النصارى كون الأمر نفسه عندما يتحدث عن اليهود الذين ذكروا أن عزير هو ابن الله؟

وهل جاء في القران أو السنة ذم عقيدة التثليث التي يؤمن بها معظم النصارى (الأب والابن والروح القدس)؟

أعلم أن النصوص الشرعية تطرقت لاعتقاد النصارى بألوهية عيسى عليه السلام ولكن هل هناك شيء بخصوص ما يعتقدون في حق الروح القدس؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

قال الله تعالى :

( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة /73.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" والصحيح : أنها أنزلت في النصارى خاصة ، قاله مجاهد وغير واحد .

ثم اختلفوا في ذلك فقيل : المراد بذلك كفارهم في قولهم بالأقانيم الثلاثة ، وهو أقنوم الأب ، وأقنوم الابن ، وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن ، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا ...

وقال السُّدِّي وغيره : نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله ، فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار

قال السدي : وهي كقوله تعالى في آخر السورة: ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ ) .

وهذا القول هو الأظهر ، والله أعلم "

انتهى . " تفسير ابن كثير " (3 / 158) .

وهذا التفسير الذي اختاره ابن كثير رحمه الله تعالى هو الأظهر للآتي :

1- استأنس فيه ببعض الروايات عن السلف الصالح والتي نهجوا فيها تفسير القرآن بالقرآن وهو من أولى وأحسن طرق تفسير القرآن الكريم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير ؟ فالجواب : أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن ؛ فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر وما اختصر من مكان فقد بسط في موضع آخر "

انتهى . " مجموع الفتاوى " (13 / 363) .

وهؤلاء السلف رأوا أن جملة ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) يفسرها قول الله تعالى :

( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ

مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المائدة (116 - 1–7) .

2- يشهد لهذا التفسير ما جاء بعد الآية من بيان عدم ألوهية مريم عليها السلام ؛ حيث قال الله تعالى :

( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ ) ثم جاء بعدها ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المائدة (75) .

فبيّنت الآية عدم ألوهية مريم عليها السلام من وجهين :

الأول أن مرتبتها هي الصديقية ، وهي مرتبة من مراتب العبودية لله تعالى .

والوجه الثاني : أنها كانت تأكل الطعام ، وهذه صفة المخلوق المحتاج ، لا صفة الإله الغني المستغني عن مخلوقاته .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وأما حكايته عنهم أنهم قالوا : ( إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) فالمفسرون يقولون : الله والمسيح وأمه ، كما قال تعالى : ( يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ )

ولهذا قال في سياق الكلام : ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ) أي غاية المسيح : الرسالة ، وغاية أمه : الصديقية ، لا يبلغان إلى اللاهوتية ؛ فهذا حجة هذا . وهو ظاهر "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (2 / 444) .

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" وقوله: ( كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ) أي : يحتاجان إلى التغذية به ، وإلى خروجه منهما ، فهما عبدان كسائر الناس وليسا بإلهين كما زعمت فرق النصارى الجهلة ، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (3 / 159) .

3- الوحي جاء لكشف الضلال والكفر ، وبيان سبيل الهداية ، ولم يأت لضبط مصطلحات الكفار ، وتثليث الأقانيم الذي يقول به كفرة النصارى ، على اختلافهم في تفسيره

فإنما حقيقته وأساسه : غلوهم في عيسى عليه السلام وأمه ، فهدم هذا الأساس ، هو هدم لفكرة الأقانيم من أساسها ، وهدم لكفرهم المشترك على اختلاف طوائفهم

فلهذا كان القول بأن الآية نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله تعالى ، لا يناقض واقع النصارى ، بل هو بيان لحقيقة كفرهم الذي تشترك فيه جميع طوائفهم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في معرض كلامه عن الآيات التي ترد على كفر النصارى :

" فقوله تعالى: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة} [المائدة: 75] عقب قوله: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} [المائدة: 73] :

يدل على أن التثليث الذي ذكره الله عنهم : اتخاذ المسيح ابن مريم وأمه إلهين .

وهذا واضح على قول من حكى من النصارى أنهم يقولون بالحلول في مريم ، والاتحاد بالمسيح، وهو أقرب إلى تحقيق مذهبهم.

وعلى هذا فتكون كل آية مما ذكره الله من الأقوال تعم جميع طوائفهم ، وتعم أيضا قولهم بتثليث الأقانيم ، وبالاتحاد والحلول ، فتعم أصنافهم وأصناف كفرهم ، ليس يختص كل آية بصنف

كما قال من يزعم ذلك ، ولا تختص آية بتثليث الأقانيم ، وآية بالحلول والاتحاد ، بل هو سبحانه ذكر في كل آية كفرهم المشترك ، ولكن وصف كفرهم بثلاث صفات وكل صفة تستلزم الأخرى : أنهم يقولون المسيح هو الله

ويقولون هو ابن الله ، ويقولون إن الله ثالث ثلاثة ، حيث اتخذوا المسيح وأمه إلهين من دون الله ، هذا بالاتحاد ، وهذا بالحلول ، وتبين بذلك إثبات ثلاثة آلهة منفصلة غير الأقانيم . وهذا يتضمن جميع كفر النصارى "

انتهى من " الفتاوى الكبرى " (6 / 589 – 590) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-09, 02:34   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا :

قول الله تعالى :

( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ) النساء (171) .

فقوله تعالى : ( وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ) لفظة " ثَلَاثَةٌ " هي خبر لمبتدأ محذوف يصلح أن يقدر بأي لفظ يدل على تثليث النصارى ، ولهذا تنوعت أقوال أهل العلم في تقدير هذا المبتدأ .

قال القرطبي رحمه الله تعالى :

" أي : ( وَلَا تَقُولُوا ) آلهتنا " ثَلَاثَةٌ " عن الزجاج .

قال ابن عباس : يريد بالتثليث : الله تعالى وصاحبته وابنه .

وقال الفراء وأبو عبيد : أي لا تقولوا هم ثلاثة ...

قال أبو علي : التقدير :

ولا تقولوا هو ثالث ثلاثة ؛ فحذف المبتدأ والمضاف . والنصارى مع فرقهم مجمعون على التثليث "

انتهى . " تفسير القرطبي " (7/233) .

فلهذا يصلح أن تعمّ هذه الآية كل تثليث للنصارى .

قال الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى :

" والمخاطب بقوله : ( وَلَا تَقُولُوا ) خصوص النصارى .

و " ثَلَاثَةٌ " خبر مبتدأ محذوف ، كان حذفه ليصلح لكل ما يصلح تقديره من مذاهبهم من التثليث ، فإن النصارى اضطربوا في حقيقة تثليث الإله كما سيأتي

فيقدر المبتدأ المحذوف على حسب ما يقتضيه المردود من أقوالهم في كيفية التثليث ، مما يصحّ الإخبار عنه بلفظ " ثَلَاثَةٌ " من الأسماء الدالة على الإله، وهي عدة أسماء ...

والتثليث أصل في عقيدة النصارى كلهم ، ولكنهم مختلفون في كيفيته "

انتهى من " التحرير والتنوير " (6 / 54) .

وإذا فسرت على ما نسبه القرطبي لابن عباس رضي الله عنه ، بأن المقصود بها تثليث الله تعالى وصاحبته وابنه ؛ فهذا التفسير له ما يؤيده من آيات القران التي سبق ذكرها في النقطة الأولى .

وعلى هذا القول تكون الآية تنهى عن غلو النصارى في عيسى عليه السلام وأمه ، وهذا أصل تثليثهم المشتهر بينهم ، ففي إبطال غلوهم ابطال لتثليثهم هذا .

ثالثا :

كفرة النصارى وإن كان المشهور عنهم عدم عدّ مريم عليها السلام ضمن الأقانيم الثلاثة التي يؤمنون بها ؛ إلا أن هذا لا ينفي حقيقة تأليههم لها .

واتخاذهم لمريم إلها ، إما على وجه التصريح منهم بألوهيتها ، وهذا نسب إلى بعض فرق النصارى القديمة ، وإما لسلوك النصارى المنتشر بينهم إلى يومنا هذا ، من صرفهم لبعض العبادات إلى مريم

كدعائها والاستغاثة بها ، والسجود لصورتها ، ومن عبد شيئا فقد اتخذه إلها، وإن لم يصرّح بذلك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وذكر مريم مع المسيح ؛ لأن من النصارى من اتخذها إلها آخر ، فعبدها كما عبد المسيح .

والذين لا يقولون بهذا : كثير منهم يطلب منها كل ما يطلب من الله ، حتى يقول لها: اغفري لي وارحميني ، وغير ذلك ، بناء على أنها تشفع في ذلك إلى ابنها .

فتارة يقولون : يا والدة الإله ، اشفعي لنا إلى الإله ، وتارة يسألونها الحوائج التي تطلب من الله ولا يذكرون شفاعة ، وآخرون يعبدونها كما يعبدون المسيح .

وقد ذكر سعيد بن البطريق هذا عنهم ، لما ذكر اجتماعهم عند " قسطنطين " بـ " نيقية " .

قال : وكانوا مختلفي الآراء ، مختلفي الأديان .

فمنهم من يقول : المسيح وأمه إلهان من دون الله ، وهم المريمانيون ، ويسمون المريمانية "

انتهى من " الجواب الصحيح " (4 / 255 – 256) .

وقد سبق بسط وشرح هذه المسألة في فتوى سابقة في الموقع برقم (220391) فراجعها للأهمية .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-09, 02:36   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

رابعا :

لفظة " روح القدس " جاءت في نصوص الوحي والمراد بها جبريل عليه السلام .

كما في قوله تعالى :

( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل (102).

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

" وروح القدس : جبريل ، ومعناه الروح المقدس ، أي : الطاهر من كل ما لا يليق .

وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة ، كقوله: ( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) "

انتهى من " اضواء البيان " (3 / 442) .

قال الطبري رحمه الله تعالى :

" وإنما سمى الله تعالى جبريل " روحا " وأضافه إلى " القدس " ؛ لأنه كان بتكوين الله له روحا من عنده من غير ولادة والد ولده ، فسماه من أجل ذلك " روحا " ، وأضافه إلى " القدس "

والقدس : هو الطهر ، كما سمي عيسى ابن مريم " روح لله " ، من أجل تكوينه له روحا من عنده من غير ولادة والد ولده . وقد بينا فيما مضى من كتابنا هذا أن معنى التقديس: التطهير، والقدس: الطهر من ذلك "

انتهى من " تفسير الطبري " (2 / 224) .

وقد جاء في كتب النصارى في قصة حمل مريم بعيسى عليه السلام ، أنه كان من طريق روح القدس ، وهذا يوافق ما جاء به ديننا بأن الله أرسل إليها ملكا وهو جبريل فنفخ فيها فحملت بعيسى عليه السلام .

قال الله تعالى :

( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ، فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ، قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ) مريم (16 – 19) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" فهم يذكرون في الأمانة أن المسيح تجسد من مريم ، ومن روح القدس ، وهذا يوافق ما أخبر الله به ، من أنه أرسل روحه الذي هو جبريل ، وهو روح القدس ، فنفخ في مريم ، فحملت بالمسيح

فكان المسيح متجسدا مخلوقا من أمه ، ومن ذلك الروح ، وهذا الروح ليس صفة لله ، لا حياته ولا غيرها ، بل روح القدس قد جاء ذكرها كثيرا في كلام الأنبياء

ويراد بها إما الملك ، وإما ما يجعله الله في قلوب أنبيائه وأوليائه من الهدى والتأييد ونحو ذلك "

انتهى من " الجواب الصحيح " (2 / 186) .

لكن النصارى في مسيرة تحريفهم لدينهم رأوا أنه لا يمكنهم تثبيت بنوة عيسى لله ، تعالى عن ذلك، إلا بتفسير روح القدس الذي أرسله الله إلى مريم عليها السلام ، بأنه ما هو إلا صفة الله القائمة به وهي الحياة الخالقة .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" فكان لهم مجمع ثالث بعد ثمان وخمسين سنة من المجمع الأول بنيقية ، فاجتمع الوزراء والقواد إلى الملك ، وقالوا : إن مقالة الناس قد فسدت ، وغلبت عليهم مقالة آريوس ومقدونيوس

فاكتب إلى جميع الأساقفة والبتاركة أن يجتمعوا ويوضحوا دين النصرانية . فكتب الملك إلى سائر بلاده ، فاجتمع في قسطنطينية مائة وخمسون أسقفا

فنظروا وبحثوا في مقالة أريوس ، فوجدوها : أن روح القدس مخلوق ، ومصنوع وليس بإله .

فقال بترك الإسكندرية : ليس روح القدس عندنا غير روح الله ، وليس روح الله غير حياته ، وإذا قلنا: روح الله مخلوق ، فقد قلنا إن حياته مخلوقة ، وإذا قلنا : حياته مخلوقة ، فقد جعلناه غير حي ، وذلك كفر به .

فلعنوا جميعهم من يقول بهذه المقالة ... وبينوا أن روح القدس خالق غير مخلوق ، إله حق من أله حق من طبيعة الأب والابن ، جوهر واحد وطبيعة واحدة ... "

انتهى من " هداية الحيارى " (ص 410) .

وستروا تحريفهم وضلالهم هذا بتحريف بعض الألفاظ التي يروونها في كتبهم عن عيسى عليه السلام .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وهكذا عند أهل الكتاب أنه تجسد من مريم ومن روح القدس ، لكن ضلالهم حيث يظنون أن روح القدس حياة الله ، وأنه إله يخلق ويرزق ويعبد

. وليس في شيء من الكتب الإلهية ولا في كلام الأنبياء أن الله سمى صفته القائمة به روح القدس

ولا سمى كلامه ولا شيئا من صفاته ابنا، وهذا أحد ما يثبت به ضلال النصارى ، وأنهم حرفوا كلام الأنبياء وتأولوه على غير ما أرادت الأنبياء .

فإن أصل تثليثهم مبني على ما في أحد الأناجيل من أن المسيح عليه السلام قال لهم : " عمدوا الناس باسم الآب والابن وروح القدس " .

فيقال لهم : هذا إذا كان قد قاله المسيح ، فليس في لغة المسيح ولا لغة أحد من الأنبياء ، أنهم يسمون صفة الله القائمة به ، ولا كلمته ، ولا حياته : لا ابنا ، ولا روح قدس ، ولا يسمون كلمته ابنا ، ولا يسمونه نفسه ابنا ولا روح قدس ...

وإذا كان كذلك ، كان في هذا ما يبين أنه ليس المراد بالابن كلمة الله القديمة الأزلية ، التي يقولون إنها تولدت من الله عندهم ، مع كونها أزلية ، ولا بروح القدس حياة الله ، بل المراد بالابن ناسوت المسيح

وبروح القدس ما أنزل عليه من الوحي ، والملك الذي نزل به ، فيكون قد أمرهم بالإيمان بالله وبرسوله ، وبما أنزله على رسوله ، والملك الذي نزل به ، وبهذا أمرت الأنبياء كلهم "

انتهى من " الجواب الصحيح " (2 / 152 – 153) .

فيظهر مما سبق بسطه أن قول النصارى بالأقنوم الثالث : روح القدس ، ليست مسألة مستقلة بذاتها ، وإنما هي مسألة تابعة لقولهم ببنوة عيسى لله تعالى عن ذلك ، فسقوط عقيدة البنوة ، يبطل أصل مقالتهم بالأقنوم الثالث .

ولهذا كانت نصوص الوحي التي تنص على أن الله واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ، وكل النصوص التي تبطل القول بالتثليث

وبألوهية عيسى عليه السلام ؛ كل هذه النصوص هي كافية للرد على القول بأقنوم روح القدس الذي يقول به كفرة النصارى ؛ ولعله لهذا لم يخص الوحي هذا الأقنوم برد مستقل .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-11, 18:04   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



اليهود في جزيرة العرب زمنَ النبي صلى الله عليه وسلم .

السؤال:

-أريد أن أعرف الأماكن التي كان يوجد فيها اليهود في أرض الحجاز في حياة النبي صلى الله عليه وسلم غير المدينة المنورة ؟ وكم كان عددهم ؟ وهل كانوا بالعشرات أم بالمئات ؟

2-أريد أيضا أن أعرف كم كان عدد اليهود في المدينة المنورة ؟ هل كانوا بالعشرات أم بالمئات أم بالآلاف ؟

3- هل كانت المدينة المنورة هي المكان الذي يوجد فيه أكبر عدد لليهود ؟


الجواب:

الحمد لله

أولا :

كان يهود المدينة ثلاث طوائف : بني قينقاع ، وبني النضير ، وبني قريظة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" صَالَحَ النبي صلى الله عليه وسلم يَهُودَ الْمَدِينَةِ ، وَكَتَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ كِتَابَ أَمْنٍ ، وَكَانُوا ثَلَاثَ طَوَائِفَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ : بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَبَنِي النَّضِيرِ، وَبَنِي قُرَيْظَةَ

فَحَارَبَتْهُ بَنُو قَيْنُقَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ، ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ بَنُو النَّضِيرِ ، وَأَمَّا قُرَيْظَةُ ، فَكَانَتْ أَشَدَّ الْيَهُودِ عَدَاوَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَغْلَظَهُمْ كُفْرًا ، وَلِذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَى إِخْوَانِهِمْ " .

انتهى باختصار من " زاد المعاد " (3/ 114-117) .

وكان عددهم بالنساء والذرية عدة آلاف

قال ابن القيم :

" غَزَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بَنِي قَيْنُقَاعَ ، وَكَانُوا مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ ... وَكَانُوا سَبْعَمِائَةِ مُقَاتِلٍ ، وَكَانُوا صَاغَةً وَتُجَّارًا "

انتهى من " زاد المعاد "(3/ 170) .

أما بنو قريظة : فقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" اخْتَلَفَ فِي عدتهمْ: فَعِنْدَ ابن إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ كَانُوا سِتَّمِائَةٍ ، وَعِنْدَ ابن عَائِذٍ مِنْ مُرْسَلِ قَتَادَةَ كَانُوا سَبْعَمِائَةٍ .

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ الْمُكْثِرُ يَقُولُ إِنَّهُمْ مَا بَيْنَ الثَّمَانِمِائَةٍ إِلَى التِّسْعِمِائَةٍ ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيّ وابن حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَمِائَةِ مُقَاتِلٍ .

فَيحْتَمَلُ ـ فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ ـ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ البَاقِينَ كَانُوا أتباعا .

وَقد حكى ابن إِسْحَاقَ أَنَّهُ قِيلَ : إِنَّهُمْ كَانُوا تِسْعَمِائَةٍ "

انتهى من " فتح الباري " (7/ 414) .

أما بنو النضير : فكانوا بالمئات أيضا

قال ابن سعد رحمه الله :

" حملوا النساء والصبيان وتحملوا عَلَى ستمائة بعير "

انتهى من " الطبقات الكبرى " (2/ 44) .

ثانيا :

كان هناك من اليهود من يسكن جزيرة العرب في غير المدينة :

فكانت منهم طائفة بـ " فدك " وهو حصن قريب من خيبر على ست ليال من المدينة ، و" تيماء " وهي قرية على ثمان مراحل من المدينة ، و" وادي القرى " وهو واد بين الشام والمدينة

و " دُومة الجندل " وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة ، و" خيبر" وهي مدينة عظيمة ذات حصون ومزارع ، على ثمانية بُرُد من المدينة إلى جهة الشام.

انظر : " دلائل النبوة " - للبيهقي (4/ 270)

" زاد المعاد " (3/ 314) ، " تاريخ الخميس "

(2/59) ، " الرحيق المختوم " (ص 345-347) .

وكان عددهم بالآلاف في تلك المناطق ، وخاصة في خيبر ، فإن عددهم فيها كان كبيرا ، قيل : كانوا عشرة آلاف مقاتل .

انظر : "المغازي" للواقدى (1/373)

"إمتاع الأسماع" للمقريزي (1/306) .

ثالثا :

كان كثير من اليهود أول الأمر بجزيرة العرب يسكنون المدينة ، وسبب ذلك أنهم كانوا يعرفون من كتبهم بقرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يعرفون أن المدينة هي مهاجره

وكانوا يطمعون أن يكون منهم ، وليس من العرب ، فارتحلوا من الشام وغيرها إلى المدينة .

قال ابن إسحاق رحمه الله :

وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمر بْنِ قَتَادَةَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قريظة قال:

قَالَ لِي: " هَلْ تَدْرِي عمَّ كَانَ إسْلَامُ ثعلبة بن سَعْية وأسِيد بن سَعْية وأسد بْنِ عُبَيْدٍ نَفَرٍ مِنْ بَنِي هَدْل ، إخْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، كَانُوا مَعَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ ثُمَّ كانوا ساداتهم في الإسلام ؟

قال: قلت: لا .

قَالَ: فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ يَهُودَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الهيَبان، قَدِم عَلَيْنَا قُبَيْل الْإِسْلَامِ بِسِنِينَ، فَحَلَّ بينَ أَظْهُرِنَا ، لَا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا قَطْ لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ أفضلَ مِنْهُ ، فَأَقَامَ عِنْدَنَا ، فَكُنَّا إذَا قحَط عنا المطر قلنا له: اخرج يابن الهيِّبان

فَاسْتَسْقِ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا وَاَللَّهِ ، حَتَّى تُقدِّموا بَيْنَ يدَيْ مخرجِكم صَدَقَةً، فَنَقُولُ لَهُ : كَمْ؟ فَيَقُولُ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ مُدَّيْن مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ: فَنُخْرِجُهَا

ثُمَّ يَخْرُجُ بِنَا إلَى ظَاهِرِ حَرَّتنا، فَيَسْتَسْقِي اللَّهُ لَنَا، فَوَاَللَّهِ ما يبرح مجلسه ، حتى تمرَّ السحابةُ ونُسْقَى، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غيرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ.

قَالَ: ثُمَّ حَضَرَتْهُ الوفاةُ عندَنا، فلما عَرَف أنه ميِّت ، قال: أيا مَعْشَرَ يَهُودَ، مَا ترونَه أَخْرَجَنِي مِنْ أرضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالْجُوعِ ؟

قَالَ: قُلْنَا: إنَّكَ أَعْلَمُ .

قَالَ: فَإِنِّي إنَّمَا قَدِمْتُ هَذِهِ الْبَلْدَةَ أتوكَّف خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أظلَّ زَمَانُهُ ، وَهَذِهِ الْبَلْدَةُ مُهاجَرُه ، فكنتُ أَرْجُو أَنْ يُبْعث، فَأَتَّبِعَهُ، وَقَدْ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ ، فَلَا تُسْبَقُنَّ إلَيْهِ يَا مَعْشَرَ يَهُود َ

فَإِنَّهُ يُبعث بِسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَسَبْيِ الذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ مِمَّنْ خَالَفَهُ، فَلَا يَمْنَعْكُمْ ذَلِكَ مِنْهُ .

فَلَمَّا بُعث رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَاصَرَ بَنِي قُرَيْظة، قَالَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةُ، وَكَانُوا شَبَابًا أَحْدَاثًا: يَا بَنِي قُرَيْظَةَ، وَاَللَّهِ إنَّهُ لِلنَّبِيِّ الَّذِي كَانَ عَهِدَ إلَيْكُمْ فِيهِ ابْنُ الهيِّبان ؟

قَالُوا: لَيْسَ بِهِ، قَالُوا: بَلَى وَاَللَّهِ ، إنَّهُ لَهُوَ بِصِفَّتِهِ، فَنَزَلُوا وَأَسْلَمُوا، وَأَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ "

انتهى من " سيرة ابن هشام " (1/ 196) .

وانظر: " الطبقات الكبرى " (1/127)

" دلائل النبوة " للبيهقي (2/80)

" سير أعلام النبلاء " (1/197)

" البداية والنهاية " (3/404) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-11, 18:12   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تعريف موجز بديانة الهندوس

السؤال:

هل يمكن تزويدي ببعض الحقائق عن الهندوسية ؟

الجواب:

الحمد لله


أولا : التعريف .

الهندوسية : ويطلق عليها أيضاً البرهمية ، ديانة وثنية ، يعتنقها معظم أهل الهند ، وهي مجموعة من العقائد والعادات والتقاليد التي تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر

حيث كان هناك – في القرن الخامس عشر قبل الميلاد - سكان الهند الأصليون من الزنوج الذين كانت لهم أفكار ومعتقدات بدائية

ثم جاء الغزاة الآريون مارّين في طريقهم بالإيرانيين فتأثرت معتقداتهم بالبلاد التي مروا بها

ولما استقروا في الهند حصل تمازج بين المعتقدات تولدت عنه الهندوسية كدين فيه أفكار بدائية من عبادة الطبيعة والأجداد والبقر بشكل خاص

وفي القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الهندوسية عندما وُضع مذهب البرهمية ، وقالوا بعبادة براهما .

ولا يوجد للديانة الهندوسية مؤسس معين ، ولا يعرف لمعظم كتبها مؤلفون معينون ، فقد تمّ تشكُّل الديانة وكذلك الكتب عبر مراحل طويلة من الزمن .

ثانيا : الأفكار والمعتقدات .

نستطيع فهم الهندوسية من خلال كتبها ، ونظرتها إلى الإله ، ومعتقداتها ، وطبقاتها ، إلى جانب بعض القضايا الفكرية والعقائدية الأخرى .

أ- كتبها :

للهندوسية عدد هائل من الكتب عسيرة الفهم ، غريبة اللغة ، وقد أُلّفت كتب كثيرة لشرحها ، وأخرى لاختصار تلك الشروح ، وكلها مقدسة عندهم ، وأهمها :

1- " الفيدا " (veda) : وهي كلمة سنسكريتية ، معناها الحكمة والمعرفة ، وتصور حياة الآريين، ومدارج الارتقاء للحياة العقلية من السذاجة إلى الشعور الفلسفي

وفيه أدعية تنتهي بالشك والارتياب ، كما أن فيه تأليهاً يرتقي إلى وحدة الوجود ، وهي تتألف من أربعة كتب .

2- مها بهارتا : ملحمة هندية تشبه الإلياذة والأوديسة عند اليونان ، ومؤلفها " وياس " ابن العارف " بوسرا " الذي وضعها سنة 950 ق.م ، وهي تصف حرباً بين أمراء من الأسر المالكة، وقد اشتركت الآلهة في هذه الحرب.

ب- نظرة الهندوسية إلى الآلهة :

- التوحيد : لا يوجد توحيد بالمعنى الدقيق ، لكنهم إذا أقبلوا على إله من الآلهة أقبلوا عليه بكل جوارحهم حتى تختفي عن أعينهم كل الآلهة الأخرى ، وعندها يخاطبونه برب الأرباب ، أو إله الآلهة .

- التعدد : يقولون بأن لكل طبيعة نافعة أو ضارة إلهاً يُعبد : كالماء والهواء والأنهار والجبال.. وهي آلهة كثيرة يتقربون إليها بالعبادة والقرابين.

- التثليث : في القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد أخرج العالم من ذاته وهو الذي أسموه : 1- براهما : من حيث هو موجود . 2- فشنو : من حيث هو حافظ . 3- سيفا : من حيث هو مهلك

. فمن يعبد أحد الآلهة الثلاثة فقد عبدها جميعاً أو عبد الواحد الأعلى ولا يوجد أي فارق بينها ، وهم بذلك قد فتحوا الباب أمام النصارى للقول بالتثليث .

- يلتقي الهندوس على تقديس البقرة وأنواع من الزواحف كالأفاعي وأنواع من الحيوان كالقردة ، ولكن تتمتع البقرة من بينها جميعاً بقداسة تعلو على أي قداسة

ولها تماثيل في المعابد والمنازل والميادين ، ولها حق الانتقال إلى أي مكان ، ولا يجوز للهندوكي أن يمسها بأذى أو بذبحها ، وإذا ماتت دفنت بطقوس دينية .

- - يعتقد الهندوس بأن آلهتهم قد حلت كذلك في إنسان اسمه كرشنا ، وقد التقى فيه الإله بالإنسان ، أو حل اللاهوت في الناسوت ، وهم يتحدثون عن كرشنا كما يتحدث النصارى عن المسيح

وقد عقد الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله مقارنة بينهما مظهراً التشابه العجيب ، بل التطابق ، وعلق في آخر المقارنة قائلاً : " وعلى المسيحيين أن يبحثوا عن أصل دينهم " .

ج- الطبقات في المجتمع الهندوسي:

- منذ أن وصل الآريون إلى الهند شكَّلوا طبقات ما تزال قائمة إلى الآن ، ولا طريق لإزالتها ؛ لأنها تقسيمات أبدية من خلق الله كما يعتقدون .

- وردت الطبقات في قوانين منو على النحو التالي :

- 1- البراهمة : وهم الذين خلقهم الإله براهما من فمه : منهم المعلم ، والكاهن ، والقاضي ، ولهم يلجأ الجميع في حالات الزواج والوفاة ، ولا يجوز تقديم القرابين إلا في حضرتهم.

2- الكاشتر : وهم الذين خلقهم الإله من ذراعيه : يتعلمون ويقدمون القرابين ويحملون السلاح للدفاع

. 3- الويش : وهم الذين خلقهم الإله من فخذه : يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال وينفقون على المعاهد الدينية

4- الشودر : وهم الذين خلقهم الإله من رجليه ، وهم مع الزنوج الأصليين يشكلون طبقة " المنبوذين " ، وعملهم مقصور على خدمة الطوائف الثلاث السابقة الشريفة ، ويمتهنون المهن الحقيرة والقذرة .

- يلتقي الجميع على الخضوع لهذا النظام الطبقي بدافع ديني .

- يجوز للرجل أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته ، ويجوز أن يتزوج من طبقة أدنى ، على أن لا تكون الزوجة من طبقة الشودر الرابعة ، ولا يجوز للرجل من طبقة الشودر أن يتزوج من طبقة أعلى من طبقته بحال من الأحوال .

- البراهمة هم صفوة الخلق ، وقد ألحقوا بالآلهة ، ولهم أن يأخذوا من أموال عبيدهم " شودر " ما يشاؤون .

- البرهمي الذي يكتب الكتاب المقدس هو رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه .

- لا يجوز للملك - مهما اشتدت الظروف - أن يأخذ جباية أو إتاوة من البرهمي .

- إن استحق البرهمي القتل لم يجز للحاكم إلا أن يحلق رأسه ، أما غيره فيقتل .

- البرهمي الذي هو في العاشرة من عمره يفوق الشودري الذي ناهز المائة ، كما يفوق الوالد ولده .

- لا يصحُّ لبرهمي أن يموت جوعاً في بلاده .

- المنبوذون أحط من البهائم وأذل من الكلاب بحسب قانون منو .

- من سعادة المنبوذين أن يخدموا البراهمة وليس لهم أجر أو ثواب .

- إذا مدّ أحد المنبوذين إلى برهمي يداً أو عصاً ليبطش به قطعت يده ، وإذا رفسه فُدِعت رجله .

- إذا هَمَّ أحد من المنبوذين بمجالسة برهمي فعلى الملك أن يكوي استه وينفيه من البلاد .

- إذا ادّعى أحد المنبوذين أنه يعلِّم برهمياً فإنه يسقى زيتاً مغليًّا .

- كفارة قتل الكلب والقطة والضفدعة والوزغ والغراب والبومة ورجل من الطبقة المنبوذة سواء .

- ظهر مؤخراً بعض التحسن البسيط في أحوال المنبوذين خوفاً من استغلال أوضاعهم ودخولهم في أديان أخرى لا سيما النصرانية التي تغزوهم أو الشيوعية التي تدعوهم من خلال فكرة صراع الطبقات

ولكن كثيراً من المنبوذين وجدوا العزة والمساواة في الإسلام فاعتنقوه.

د- معتقداتهم:

تظهر معتقداتهم في " الكارما " ، وتناسخ الأرواح ، والانطلاق ، ووحدة الوجود :

1- " الكارما " : قانون الجزاء ، أي أن نظام الكون إلهي قائم على العدل المحض ، هذا العدل الذي سيقع لا محالة ، إما في الحياة الحاضرة

أو في الحياة القادمة ، وجزاء حياةٍ يكون في حياة أخرى ، والأرض هي دار الابتلاء ، كما أنها دار الجزاء والثواب .

2- تناسخ الأرواح : إذا مات الإنسان يفنى منه الجسد ، وتنطلق منه الروح لتتقمص وتحل في جسد آخر بحسب ما قدم من عمل في حياته الأولى ، وتبدأ الروح في ذلك دورة جديدة .

3- الانطلاق : صالح الأعمال وفاسدها ينتج عنه حياة جديدة متكررة لتثاب فيها الروح أو لتعاقب على حسب ما قدمت في الدورة السابقة .

- من لم يرغب في شيء ولن يرغب في شيء وتحرر من رق الأهواء ، واطمأنت نفسه ، فإنه لا يعاد إلى حواسه ، بل تنطلق روحه لتتحد بالبراهما .

4- وحدة الوجود : التجريد الفلسفي وصل بالهنادكة إلى أن الإنسان يستطيع خلق الأفكار والأنظمة والمؤسسات ، كما يستطيع المحافظة عليها أو تدميرها

وبهذا يتحد الإنسان مع الآلهة ، وتصير النفس هي عين القوة الخالقة .

أ - الروح كالآلهة أزلية سرمدية ، مستمرة ، غير مخلوقة .

ب - العلاقة بين الإنسان والآلهة كالعلاقة بين شرارة النار والنار ذاتها ، وكالعلاقة بين البذرة وبين الشجرة .

ت - هذا الكون كله ليس إلا ظهوراً للوجود الحقيقي ، والروح الإنسانية جزء من الروح العليا .

ه- أفكار ومعتقدات أخرى :

- الأجساد تحرق بعد الموت لأن ذلك يسمح بأن تتجه الروح إلى أعلى ، وبشكل عمودي ، لتصل إلى الملكوت الأعلى في أقرب زمن ، كما أن الاحتراق هو تخليص للروح من غلاف الجسم تخليصاً تاماً .

- عندما تتخلص الروح وتصعد يكون أمامها ثلاثة عوالم :

1- إما العالم الأعلى : عالم الملائكة . 2- وإما عالم الناس : مقر الآدميين بالحلول . 3- وإما عالم جهنم : وهذا لمرتكبي الخطايا والذنوب .

- ليس هناك جهنم واحدة ، بل لكل أصحاب ذنب جهنم خاصة بهم .

- البعث في العالم الآخر إنما هو للأرواح لا للأجساد .

- المرأة التي يموت عنها زوجها لا تتزوج بعده ، بل تعيش في شقاء دائم ، وتكون موضعاً للإهانات والتجريح ، وتكون في مرتبة أقل من مرتبة الخادم

ولذلك قد تحرق المرأة نفسها إثر وفاة زوجها تفادياً للعذاب المتوقع الذي ستعيش فيه ، وقد حرم القانون هذا الإجراء في الهند الحديثة.

ثالثا : الانتشار ومواقع النفوذ .

كانت الديانة الهندوسية تحكم شبه القارة الهندية وتنتشر فيها على اختلاف في التركيز ، ولكن البون الشاسع بين المسلمين والهندوس في نظرتيهما إلى الكون والحياة

وإلى البقرة التي يعبدها الهندوس ويذبحها المسلمون ويأكلون لحمها ؛ كان ذلك سبباً في حدوث التقسيم ، حيث أُعلن عن قيام دولة الباكستان بجزأيها الشرقي والغربي والتي معظمها من المسلمين

وبقاء دولة هندية معظم سكانها هندوس والمسلمون فيها أقلية كبيرة .

هذا التعريف مأخوذ من " الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة " (2/724-731) مع شيء من الاختصار والتصرف اليسير.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-11, 18:19   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هندوسي يتساءل : أيهما أفضل الهندوسية أم الإسلام ، ولماذا ؟

السؤال:

أنا من موريشيوس ، بلدة من بلاد المحيط الهندي ، من فضلك أخبرني ما هو أفضل الأديان ، ولماذا ، الهندوسية أم الإسلام . أنا هندوسي ؟


الجواب :


الحمد لله

أفضل الأديان هو الدين الذي يملك الإثبات على أنه الدين الذي يرتضيه الخالق جل وعلا ، وأنزله نورا للبشرية يسعدهم في حياتهم الدنيا ، وينجيهم في حياتهم الأخرى

والإثبات أو الدليل لا بد أن يكون ناصعا ظاهرا لا يرتاب فيه الناس ، وليس لهم طاقة بمثله ، فالله عز وجل يعلم ما يورده الدجالون من أدلة ساقطة واهية على كذبهم

لهذا اختار سبحانه أن يؤيد رسله وأنبياءه بالمعجزات المحيطة الشاملة ، وبالعلامات الظاهرة ، التي تؤكد للناس صدق هذا الرجل الموحَى إليه من ربه ، فيؤمنون به ويتبعونه .

وهكذا جاء رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الباهرات ، وهي كثيرة جدا ألفت فيها المؤلفات الضخام ، ولكن أجلّها وأعظمها هذا القرآن العظيم

الذي تحدَّى العربَ أن يأتوا بمثله في جميع جوانب كماله ، إذ فيه الإعجاز البلاغي فلم يتمكن فصحاء قريش – وقد بلغوا قمة الفصاحة بشهادة جميع المؤرخين – أن تنطق ألسنتهم بمثاله

وفيه الإعجاز العلمي ، حيث يشتمل القرآن الكريم – وكذلك السنة النبوية – على سوابق علمية لا يمكن لبشر أن يأتي بمثلها في ذلك الزمان إلا أن يكون يوحى إليه

وفيه الإعجاز الغيبي حيث حدَّث بتاريخ الأولين والآخرين ، ولم يكن لمحمد عليه الصلاة والسلام أي علم مسبق بالتاريخ ولم يكن في تلك البلاد من يملك هذا العلم أصلا إلا بقايا من أهل الكتاب

وفيه الإعجاز التشريعي المتمثل في منظومة متكاملة تبدأ من الأخلاق والآداب الشخصية ، وأحكام الأسرة والأحوال الشخصية ، وتنظم العلاقات الدولية ، والأحكام المجتمعية

وتؤسس مبادئ العدالة والحرية بين بني البشر ، وتقرر مفاهيم الدنيا والغيب والآخرة ، ومفاهيم السعادة والشقاء ، كل ذلك يصدر عن رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب

ولكن يشهد أعداؤه له بالصدق والأمانة قبل أصدقائه ، ويحمل هذا القرآن ليؤسس به الحضارة الإسلامية الهائلة التي تمتد عبر أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان .

وأفضل الأديان في نظرنا هو الدين الذي يربطك بقوة واحدة ، هي القوة التي خلقتك وأنعمت عليك وتملك مقاليد السماوات والأرض ، هي القوة التي سترحمك وتكون معك في حياتك الأخرى إذا آمنت بها وعملت صالحا

وهو الله سبحانه وتعالى ، الأحد الفرد الصمد ، ولا يربطك بشيء مما سواه ، فكل ما سواه مخلوق ضعيف فقير إليه سبحانه ، وبذلك يتحرر الإنسان من كل قيود العبودية إلا للحق سبحانه

ويتخلص من روابط الأرض التي تسبب للبشرية الذل والظلم والاضطهاد والتسلط ، كل ذلك باسم الدين الباطل الذي يقر الطبقية -

انظر مبحث " الطبقات في المجتمع الهندوسي " من كتاب الدكتور الأعظمي " دراسات " (ص/565) -

ويقر العبودية لغير الله تعالى ، بل يقر العبودية للحيوانات كالأبقار وغيرها ، فيغدو الإنسان الذي أكرمه الله بالعقل والروح التي هي من روحه عز وجل

يغدو أسيرا لما يقدسه ويبجله ويعظمه من تلك الدواب ، وهي لا تملك له نفعا ولا ضرا ، بل لا تملك لنفسها فضلا عن غيرها .

وخير الأديان هو الدين الذي يملك المنظومة المتكاملة التي تهدي الإنسان إلى معالم السعادة في الدنيا والآخرة ؛ لأن غاية الأديان تحقيق السعادة ، ولا يمكن تحقيقها بغير هداية من الله سبحانه وتعالى

وفي الإسلام كل الهداية في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأسرية والنفسية لتحقيق هذه السعادة المتكاملة ، ولما أخذ المسلمون بها في الزمان الأول

عمروا الأرض بكل خير وعدل وإنصاف ، وحين تخلوا عنها ، تخلت عنهم مكاسبهم التي منحهم الله إياها.

وأفضل الأديان ما جاء أخيرا في الترتيب الزماني ، مصدقا لما سبقه من الديانات الحقة ، وناسخا لبعض الشرائع السابقة التي نزلت تناسب الزمان والمكان الذي انتشرت فيه

ومؤكدا للبشارات الواردة في تلك الأديان ، تخبر عن نبي يبعث في آخر الزمان ، وتذكر من علامته وصفته ، فقد أخبرنا القرآن الكريم أن جميع الرسل والأنبياء السابقين يعلمون بنبي يبعث في آخر الزمان

اسمه محمد ، يختم الله عز وجل به الرسالات ، فقال تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران/81.

ولهذا نجد في البقايا التي لم تحرف من الديانات السابقة بشارات صريحة بهذا النبي الكريم ، فالتوراة والإنجيل مليئة بها ، ولكن لا حاجة لذكرها هنا ، وإنما الذي يهمنا ما ورد في الكتب المقدسة في الهندوسية

من البشارات الصريحة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، تلك البشارات لا تدل على سلامة جميع هذه الكتب بالضرورة ، وصدقها

وإنما تدل على نزر من الحق ثابت فيها ، مأخوذ عن الرسل والأنبياء الذين أرسلوا في العصور الضاربة في القدم .

وقد نقل هذه النصوص فضيلة الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي ، في كتابه القيّم " دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند " (ص703-746)

خاصة وأن المؤلف الدكتور من الهند ، ويتقن القراءة في تلك الكتب التي لم تترجم إلى العربية على حد علمنا .

1. " في ذلك الوقت في قرية (شامبهل) [بمعنى البلد الأمين] عند رجل اسمه (وشنوياس) [عبد الله] صاحب قلب رقيق ، يولد في بيته (كالكي) [مطهر من الذنوب والآثام] " [البهكفت بران] (2/18) .

ومعلوم أن اسم والد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو ( عبد الله )، ومكة سميت في القرآن الكريم ( البلد الأمين )

2. " يولد (كالكي) في بيت (وشنوياش) من زوجته (سومتي) [صاحبة السلامة والأمن ، آمنة]" [كلكي بران 2/11] .

ومعلوم أيضا أن اسم أم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو آمنة بنت وهب .

3. " إنه يولد في الثاني عشر من ظهور القمر في شهر اسمه (مادوه) [تعني الشهر المحبب إلى النفوس ، وهو شهر الربيع]" [كلكي بران 2/15] .

وكتب السيرة النبوية طافحة ببيان تاريخ مولده عليه الصلاة والسلام ، وأنه في الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، على اختلاف بين العلماء .

4. "(كالكي) يكون متصفا بصفات ثمانية : (pragya) [يخبر عن المستقبل]، (culinata) [من أشرف قومه]، (indridaman) [الغالب على نفسه]، (shrut) [يوحى إليه]، (prakram) [قوي البنية]، (abhu bhashita) [قليل الكلام]، (dan) [كريم]، (kritagyata) [معترف بالجميل]"

وكلها نزر يسير من صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي يعترف بها من عرفه من جميع العرب ، سواء دخلوا في الإسلام أم بقوا على كفرهم .

5. " يركب على الحصان ، ويخرج منه النور ، ولا يضاهيه أحد في رعبه وجماله ، ويكون مختونا ، ويعدم مئات الألوف من الظلمة والكفرة " [البهكفت بران 12-2-20] .

والختان لا يمارس لدى الهندوس ، وإنما هو واجب إسلامي على الذكور من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

6. " بمساعدة أربعة من أصحابه يهلك الشيطان ، وأن الملائكة تنزل على الأرض لمساعدته في حروبه " [كلكي بران 2/5-7] .

أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم الأربعة هم الخلفاء الراشدون الذين حكموا من بعده ، واتفق علماء الإسلام على أنهم أفضل البشر بعد نبينا صلى الله عليه وسلم .

7. " بعد ولادته يتوجه إلى الجبال ليتعلم من (برش رام) [تعني المعلم الأكبر] ثم يذهب إلى الشمال ، ثم يعود إلى مولده " [كلكي بران] .

وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يختلي في غار حراء حتى نزل عليه جبريل بالوحي ، ثم هاجر إلى الشمال إلى المدينة المنورة ، ثم عاد إلى مكة فاتحا .

8. "الناس يسحرون من عبقه الذي يخرج من جسمه ، وإن عبق جسمه الطاهر يختلط بالهواء ، ويلطف الأرواح والنفوس" [البهكفت بران 2/2/21] .

9. " أول من ذبح وضحى هو أحمدو فصار كالشمس " [سام فيدا 3/6/8] .

10. " سوف يأتي معلم روحاني مع رفقائه الكرام ، ويشتهر بين الناس باسم (محامد)، ويستقبله الأمير قائلا : يا ساكن الصحراء ، هازم الشيطان ، صاحب المعجزات

بريئا من كل شر ، قائما على الحق ، خبيرا في معرفة الله ، ومحبا له ، سلام عليك ، أنا عبدك ، أعيش تحت قدميك " [بهاوشيا بران 3/3/5-8] .

11. " وفي هذه الأدوار ، إذا جاء وقت ظهور الخير الجماعي للإنسان ، فإنه يرعف الحق ، وبظهور (محمد) تنتهي الظلمات ، ويطلع نور الفهم والحكمة " [البهكفت بران 2/76] .

وهذه النصوص صريحة في ذكر اسمه ( محمد ) أو ( أحمد ) وكلها من أسمائه عليه الصلاة والسلام . قال تعالى : ( وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) الصف/6.

12. " أكنى ديوي صاحب الشريعة الغراء ، جعلناك فوق سرة الأرض لتقديم القرابين " [ريج فيدا 3/29/4] .

13. وقد ورد في [آتور فيدا] ، و[ريج فيدا] - في صفحات عدة ومتفرقة - التبشير بـ (نراشسنس) [تعني الإنسان المحمود]،

وجاء في وصفه أنه : " أجمل من في الأرض ، نوره يدخل بيتا بيتا ، يطهر الناس من الذنوب والآثام ، يركب الإبل ، له اثنتا عشرة زوجة...اسمعوا أيها الناس ! إن (نراشسنس) يرتفع ذكره...إن (نراشسنس) يحمد

وإنه يهاجر من بين ستين ألفا وتسعين...وقد أعطيت (مامح) مائة دينار خالص ، وعشر تسبيحات ، وثلاثمائة فرس " .
وفي السيرة النبوية تعداد أسماء زوجاته عليه الصلاة والسلام بالعدد المذكور .

14. " إن رجلا ذا سيرة طيبة جاء إلى الملك (بهوج) ملك السند في ظلمات الليل ، وقال له : أيها الملك ! إن دينك (آريا دهرم) يفوق جميع الأديان في الهند ، ولكن بحكم الإله الأكبر ، إني أظهر دين رجل يأكل كل شيء من الطيبات

وهو مختون ، ولا يكون على رأسه ضفيرة مدلاة ولا معقوصة ، وله لحية طويلة ، ويحدث انقلابا عظيما ، ويؤذن في الناس

ويأكل من كل شيء من الطيبات ما عدا لحم الخنزير ، ودينه ينسخ جميع الأديان ، وسميناهم المسلي ، والإله الأكبر هو الذي أوحى إليه هذا الدين " [بهاوشيا بران 3/3/3/23-27] .

ونحن نقول إن الأذان للصلاة واجتناب لحم الخنزير من أبرز خصائص الشريعة الإسلامية ، وأتباعها يسمون ( مسلمين ) وليس ( مسلي )، ولكنها ألفاظ قريبة ذات أصل واحد .

ونقول لك أيضا ، إن مقتضى كلام منظري الهندوسية يسمح لك باعتقاد عقائد الإسلام ، والديانة بما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك أن الهندوسية – في نظرهم – تمتاز بعدم التعصب ، والبحث عن الحق

ولا يضر هندوسيتك سواء آمنت بالله أم لم تؤمن ، المهم أن تستمر في بحثك عن الحق .

يقول الزعيم الهندي "غاندي":

" من حظ الديانة الهندوسية أنها ليست لها عقيدة رئيسة ، فإذا سئلت عنها فأقول : إن عقيدتها هي عدم التعصب والبحث عن الحق بطرق حسنة ، وأما الاعتقاد بوجود الخالق وعدمه فكلاهما سواء

ولا يلزم لأي رجل من الرجال الهندوس أن يؤمن بالخالق ، فهو هندوسي ، سواء آمن أم لم يؤمن " .

ويقول أيضا :

" من حسن حظ الديانة الهندوسية أنها تخلت عن كل عقيدة ، ولكنها محيطة بجميع العقائد الرئيسية ، والجواهر الأساسية للأديان الأخرى "

انتهى من كتابه " هِندو دَهَرَم " (hindu dharm). نقلته من كتاب الدكتور الأعظمي " دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند " (ص/529-530).

فلِمَ لا تجعل ذلك منطلقك في دراسة الإسلام ، والنظر في محاسنه وفضائله ، والبحث في مزاياه على سائر الأديان ، لكونه الدين الناسخ لجميع ما سبقه

ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو بشارة جميع الرسل والأنبياء من قبله ، والأمر جليل وخطير ، ذلك أن القرآن الكريم يحصر طريق النجاة في طريق الإسلام ، ديانة التوحيد

فيقول سبحانه وتعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85.

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-11, 19:02   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
بسمة ღ
مشرفة عـامّة
 
الصورة الرمزية بسمة ღ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مواضيعك اخي الكريم دائما في القمة
بوركت
جزاك الله خيرا
جعلها الله في ميزان حسناتك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:34

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc