موضوع مميز ¨°o.O(«« عبقات وقطوف رمضانية <<اليوم التاسع عشر >>*** << أبو عمار >>»»)O.o°¨ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

¨°o.O(«« عبقات وقطوف رمضانية <<اليوم التاسع عشر >>*** << أبو عمار >>»»)O.o°¨

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-07-06, 00:46   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي ¨°o.O(«« عبقات وقطوف رمضانية <<اليوم التاسع عشر >>*** << أبو عمار >>»»)O.o°¨

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا .
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأ شهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه .
" يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَا ته ولاتموتن إلا وأنتم مُسلمُون"
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً".
" أ يها الذين آ منوا اتقوا الله وقولوا قَو لاً سَديداً يُصلح لَكُم أَ عما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُو بَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً "
أ ما بعد

إخواني: لقد أظَلَّنَا شهرٌ كريم، وموسمٌ عظيم، يُعَظِّمُ اللهُ فيه الأجرَ ويُجْزلُ المواهبَ، ويَفْتَحُ أبوابَ الخيرِ فيه لكلِ راغب، شَهْرُ الخَيْراتِ والبركاتِ، شَهْرُ المِنَح والْهِبَات " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ " [البقرة: 185]، شهرٌ مَحْفُوفٌ بالرحمةِ والمغفرة والعتقِ من النارِ، أوَّلُهُ رحمة، وأوْسطُه مغفرةٌ، وآخِرُه عِتق من النار. اشْتَهَرت بفضلِهِ الأخبار، وتَوَاتَرَت فيه الاثار، ففِي الصحِيْحَيْنِ: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: « إذَا جَاءَ رمضانُ فُتِّحَت أبوابُ الجنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبوابُ النار، وصُفِّدتِ الشَّياطينُ ». وإنما تُفْتَّحُ أبوابُ الجنة في هذا الشهرِ لِكَثْرَةِ الأعمالِ الصَالِحَةِ وتَرْغِيباً للعَاملِينْ، وتُغَلَّقُ أبوابُ النار لقلَّة المعاصِي من أهل الإِيْمان، وتُصَفَّدُ الشياطينُ فَتُغَلُّ فلا يَخْلُصونُ إلى ما يَخْلُصون إليه في غيرِه.
وَرَوَى الإِمامُ أحمدُ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمسَ خِصَال في رمضانَ لم تُعْطهُنَّ أمَّةٌ من الأمَم قَبْلَها؛ خُلُوف فِم الصائِم أطيبُ عند الله من ريح المسْك، وتستغفرُ لهم الملائكةُ حَتى يُفطروا، ويُزَيِّنُ الله كلَّ يوم جَنتهُ ويقول: يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُواْ عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتُصفَّد فيه مَرَدةُ الشياطين فلا يخلُصون إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غيرهِ، ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة، قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ القَدْرِ؟ قال: لاَ ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه»[1].

[1] المصدر المجلس الأول للشيخ العثيمين في مجالس رمضان و الحديث رواه البزار والبيهقي في كتاب الثواب وإسناده ضعيف جداً، لكن لبعضه شواهد صحيحة.








 


آخر تعديل ابو اكرام فتحون 2015-07-06 في 00:50.
رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 00:54   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

التوحيد و أنواعه :

قبل أن نبدأ الكلام على هذه الرسالة العظيمة نحب أن نبين أن جميع رسالات الرسل، من أولهم نوح عليه الصلاة والسلام، إلى آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ، كلها تدعو إلى التوحيد.
قال الله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) ( الأنبياء:25 )
وقال تعالى: ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) ( النحل: من الآية36 )
وذلك أن الخلق خلقوا لواحد وهو الله عز وجل، خلقوا لعبادته، لتتعلق قلوبهم به تألهاً وتعظيماً، وخوفاً ورجاء وتوكلاً ورغبة ورهبة، حتى ينسلخوا عن كل شيء من الدنيا لا يكون معيناً لهم على توحيد الله عز وجل في هذه الأمور، لأنك أنت مخلوق، لابد أن تكون لخالقك، قلباً وقالباً في كل شيء.
ولهذا كانت دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى هذا الأمر الهام العظيم، عبادة الله وحده لا شريك له.
ولم يكن الرسل الذين أرسلهم الله عز وجل إلى البشر يدعون إلى توحيد الربوبية كدعوتهم إلى توحيد الألوهية، ذلك أن منكري توحيد الربوبية قليلون جداً وحتى الذين ينكرونه هم في قرارة نفوسهم لا يستطيعون أن ينكروه، اللهم إلا أن يكونوا قد سلبوا العقول المدركة أدنى إدراك، فإنهم قد ينكرون هذا من باب المكابرة.
وقد قسم العلماء رحمهم الله التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: توحيد الربوبية:
وهو "إفراد الله سبحانه وتعالى في أمور ثلاثة، في الخلق والملك والتدبير".
دليل ذلك قوله تعالى: ( ألا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) ( الأعراف: من الآية54 ) ووجه الدلالة من الآية: أنه قدم فيها الخبر الذي من حقه التأخير، والقاعدة البلاغية: أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر. ثم تأمل افتتاح هذه الآية بـ ( أَلا ) الدالة على التنبيه والتوكيد: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) ( لأعراف: من الآية54 ) ، لا لغيره، فالخلق هذا هو، والأمر هو التدبير.
أما الملك، فدليله مثل قوله تعالى: ( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) ( الجاثـية: من الآية27 ) ، فإن هذا يدل على انفراده سبحانه وتعالى بالملك، ووجه الدلالة من هذه الآية كما سبق تقديم ما حقه التأخير.
إذاً، فالرب عز وجل منفرد بالخلق والملك والتدبير.









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 01:00   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

فإن قلت: كيف تجمع بين ما قررت وبين إثبات الخلق لغير الله مثل قوله تعالى: ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ )( المؤمنون: من الآية14 ) ، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في المصورين: "يقال لهم أحيوا ما خلقتم(1 ) ومثل قوله تعالى في الحديث القدسي: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي( 2)، فكيف تجمع بين قولك: أن الله منفرد بالخلق، وبين هذه النصوص؟.
فالجواب أن يقال: إن الخلق هو الإيجاد، وهذا خاص بالله تعالى، أما تحويل الشيء من صورة إلى أخرى، فإنه ليس بخلق حقيقة، وإن سمي خلقاً باعتبار التكوين، لكنه في الواقع ليس بخلق تام، فمثلا: هذا النجار صنع من الخشب باباً، فيقال: خلق باباً لكن مادة هذه الصناعة الذي خلقها هو الله عز وجل، لا يستطيع الناس كلهم مهما بلغوا في القدرة أن يخلقوا عود أراك أبداً، ولا أن يخلقوا ذرة ولا أن يخلقوا ذباباً.
واستمع إلى قول الله عز وجل: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) ( الحج:73 ) .
[الذين]: اسم موصول يشمل كل ما يدعى من دون الله من شجر وحجر وبشر وملك وغيره، كل الذين يدعون من دون الله ( لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُُ ) ( الحج:73 ) ولو انفرد كل واحد بذلك، لكان، عجزه من باب أولى ،( إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ) [ الحج:73 ] ، حتى الذين يدعون من دون الله لو سلبهم الذباب شيئاً، ما استطاعوا أن يستنقذوه من هذا الذباب الضعيف، ولو وقع الذباب على أقوى ملك في الأرض، ومص من طيبه، لا يستطيع هذا الملك أن يستخرج الطيب من هذا الذباب، وكذلك لو وقع على طعامه، فإذاً الله عز وجل هو الخالق وحده.


فإن قلت: كيف تجمع بين قولك: إن الله منفرد بالملك وبين إثبات الملك للمخلوقين
مثل قوله تعالى: ( أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَه ) ( النور: من الآية61 ) ( إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم ) ( المؤمنون: من الآية6 )


فالجواب: أن الجمع بينهما من وجهين:
الأول: أن ملك الإنسان للشيء ليس عاماً شاملاً، لأنني أملك ما تحت يدي، ولا أملك ما تحت يدك والكل ملك الله عز وجل، فمن حيث الشمول: ملك الله عز وجل أشمل وأوسع، وهو ملك تام.
الثاني: أن ملكي لهذا الشيء ليس ملكاً حقيقياً أتصرف فيه كما أشاء، وإنما أتصرف فيه كما أمر الشرع، وكما أذن المالك الحقيقي، وهو الله عز وجل، ولو بعت درهماً بدرهمين، لم أملك ذلك، ولا يحل لي ذلك، فإذا ملكي قاصر ، وأيضاً لا أملك فيه شيئاً من الناحية القدرية، لأن التصرف لله، فلا أستطيع أن أقول لعبدي المريض: ابرأ فيبرأ، ولا أستطيع أن أقول لعبدي الصحيح الشحيح: امرض فيمرض، لكن التصرف الحقيقي لله عز وجل، فلو قال له: ابرأ، برأ، ولو قال: امرض. مرض، فإذا لا أملك التصرف المطلق شرعاً ولا قدراً، فملكي هنا قاصر من حيث التصرف، وقاصر من حيث الشمول والعموم، وبذلك يتبين لنا كيف كان انفراد الله عز وجل بالملك.
وأما التدبير، فللإنسان تدبير، ولكن نقول: هذا التدبير قاصر، كالوجهين السابقين في الملك، ليس كل شيء أملك التدبير فيه وإنما أملك تدبير ما كان تحت حيازتي وملكي وكذلك لا أملك تدبيره إلا على وفق الشرع الذي أباح لي هذا التدبير.
وحينئذ يتبين أن قولنا: "إن الله عز وجل منفرد بالخلق والملك والتدبير": كلية عامة مطلقة، لا يستثنى منها شيء، لأن كل ما أوردناه لا يعارض ما ثبت لله عز وجل من ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1 ) - لما رواه البخاري (5961) ومسلم (2107) عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم
(2) رواه البخاري (5053) ومسلم (2111) عن أبي هريرة رضي الله عنه .









آخر تعديل ابو اكرام فتحون 2015-07-06 في 01:17.
رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 01:05   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


القسم الثاني: توحيد الألوهية:

وهو إفراد الله عز وجل بالعبادة، بألا تكون عبداً لغير الله، لا تعبد ملكاً ولا نبياً ولا ولياً ولا شيخاً ولا أماً ولا أباً، لا تعبد إلا الله وحده، فتفرد الله عز وجل وحده بالتأله والتعبد، ولهذا يسمى: توحيد الألوهية، ويسمى: توحيد العبادة، فباعتبار إضافته إلى الله هو توحيد ألوهية، وباعتبار إضافته إلى العابد هو توحيد عبادة.
والعبادة مبنية على أمرين عظيمين، هما المحبة والتعظيم، الناتج عنهما: ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَبا ) ( الأنبياء: من الآية90 ) ، فبالمحبة تكون الرغبة، وبالتعظيم تكون الرهبة والخوف.
ولهذا كانت العبادة أوامر ونواهي: أوامر مبنية على الرغبة وطلب الوصول إلى الآمر، ونواهي مبنية على التعظيم والرهبة من هذا العظيم.
فإذا أحببت الله عز وجل، رغبت فيما عنده ورغبت في الوصول إليه، وطلبت الطريق الموصل إليه، وقمت بطاعته على الوجه الأكمل، وإذا عظمته خفت منه، كلما هممت بمعصية، استشعرت عظمة الخالق عز وجل، فنفرت، )وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء ) ( يوسف: من الآية24 ) ، فهذه من نعمة الله عليك، إذا هممت بمعصية، وجدت الله أمامك، فهبت وخفت وتباعدت عن المعصية، لأنك تعبد الله رغبة ورهبة.
فما معنى العبادة؟
العبادة: تطلق على أمرين، على الفعل والمفعول.
تطلق على الفعل الذي هو التعبد، فيقال: عبد الرجل ربه عبادة وتعبداً وإطلاقها على التعبد من باب إطلاق اسم المصدر على المصدر، ونعرفها باعتبار إطلاقها على الفعل بأنها: "التذلل لله عز وجل حباً وتعظيماً، بفعل أوامره واجتناب نواهيه". وكل من ذل لله عز بالله ، ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِه ) ( المنافقون: من الآية8 ) .
وتطلق على المفعول، أي: المتعبد به وهي بهذا المعنى تعَّرف بما عرفها به شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال رحمه الله: "العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة( ).
هذا الشيء الذي تعبدنا الله به يجب توحيد الله به، لا يصرف لغيره، كالصلاة والصيام والزكاة والحج والدعاء والنذر والخشية والتوكل.. إلى غير ذلك من العبادات.
فإن قلت: ما هو الدليل على أن الله منفرد بالألوهية؟
فالجواب: هناك أدلة كثيرة، منها:
قوله تعالى: )وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) ( الأنبياء:25 ) .
( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت ) ( النحل: من الآية36 ) .
وأيضاً قوله تعالى: )شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ) ( آل عمران: من الآية18 ) ، لو لم يكن من فضل العلم إلا هذه المنقبة، حيث إن الله ما أخبر أن أحداً شهد بألوهيته إلا أولو العلم، نسأل الله أن يجعلنا منهم: ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ ) ، بالعدل، ثم قرر هذه الشهادة بقوله: ( لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ، فهذا دليل واضح على أنه لا إله إلا الله عز وجل، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنتم تشهدون أن لا إله إلا الله . هذه الشهادة الحق .
إذا قال قائل: كيف تقرونها مع أن الله تعالى يثبت آلهة غيره، مثل قوله تعالى: )وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَر ) ( القصص: من الآية88 ) ، ومثل قوله: )وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِه ) ( المؤمنون: من الآية117 ) ، ومثل قوله فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْء ) ( هود: من الآية101 ) ، ومثل قول إبراهيم: )أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ ) ( الصافات:86 ) .. إلى غير ذلك من الآيات، كيف تجمع بين هذا وبين الشهادة بأن لا إله إلا الله ؟
فالجواب: أن ألوهية ما سوى الله ألوهية باطلة، مجرد تسمية، )إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان ) ( لنجم: من الآية23 ) ، فألوهيتها باطلة، وهي وإن عبدت وتأله إليها من ضل، فإنها ليست أهلا لأن تعبد، فهي آلهة معبودة، لكنها آلهة باطلة، )ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ ) ( لقمان: من الآية30 ) .
وهذا النوعان من أنواع التوحيد لا يجحدهما ولا ينكرهما أحد من أهل القبلة المنتسبين إلى الإسلام، لأن الله تعالى موحد بالربوبية والألوهية، لكن حصل فيما بعد أن من الناس من ادعى ألوهية أحد من البشر، كغلاة الرافضة مثلاً، الذين يقولون: إن علياً إليه، كما صنع زعيمهم عبد الله بن سبأ، حيث جاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال له: أنت الله حقاً‍ لكن عبد الله بن سبأ أصله يهودي دخل في دين الإسلام بدعوى التشيع لآل البيت، ليفسد على أهل الإسلام دينهم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: "إن هذا صنع كما صنع بولص حين دخل في دين النصارى ليفسد دين النصارى"( ). هذا الرجل عبد الله بن سبأ قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الله حقاً وعلي ابن أبي طالب لا يرضى أن أحداً ينزله فوق منزلته هو حتى إنه رضي الله عنه من إنصافه وعدله وعلمه وخبرته كان يقول على منبر الكوفة: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر( )، يعلن ذلك في الخطبة، وقد تواتر النقل عنه بذلك رضي الله عنه، والذي يقول هكذا ويقر بالفضل لأهله من البشر كيف يرضي أن يقول له قائل: إنك أنت الله؟‍ ولهذا عزرهم أبشع تعزير، أمر بالأخاديد فخدت، ثم ملئت حطباً وأوقدت، ثم أتى بهؤلاء فقذفهم في النار وأحرقهم بها، لأن فريتهم عظيمة ـ والعياذ بالله ـ وليست هينة، ويقال: إن عبد الله بن سبأ هرب ولم يمسكوه المهم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحرق السبئية بالنار، لأنهم ادعوا فيه الألوهية.
فنقول: كل من كان من أهل القبلة لا ينكرون هذين النوعين من التوحيد: وهما: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وإن كان يوجد في بعض أهل البدع من يؤله أحداً من البشر.









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 01:11   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

لكن الذي كثر فيه النزاع بين أهل القبلة هو:

القسم الثالث وهو توحيد الأسماء والصفات:

هذا هو الذي كثر فيه الخوض، فانقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام، وهم: ممثل، ومعطل، ومعتدل، والمعطل: إما مكذب أو محرف.
وأول بدعة حدث في هذه الأمة هي بدعة الخوارج، لأن زعيمهم خرج على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذو الخويصرة من بني تميم، حين قسم النبي صلى الله عليه وسلم ذهيبة جاءت فقسمها بين الناس، فقال له هذا الرجل: يا محمد‍ اعدل( )! فكان هذا أول خروج خُِرج به على الشريعة الإسلامية،
ثم عظمت فتنتهم في أواخر خلافة عثمان وفي الفتنة بين علي ومعاوية، فكفروا المسلمين واستحلوا دماءهم.
ثم حدثت بدعة القدرية مجوسي هذه الأمة الذين قالوا: إن الله سبحانه وتعالى لم يقدر أفعال العباد وليست داخلة تحت مشيئته وليست مخلوقة له، بل كان زعماؤهم وغلاتهم يقولون: إنها غير معلومة لله، ولا مكتوبة في اللوح المحفوظ، وأن الله لا يعلم بما يصنع الناس، إلا إذا وقع ذلك ويقولون: إن الأمر أنف، أي: مستأنف وهؤلاء أدركوا آخر عصر الصحابة، فقد أدركوا زمن عبدالله بن عمر رضي الله عنه وعبادة بن الصامت وجماعة من الصحابة، لكنه في أواخر عصر الصحابة.
ثم حدثت بدعة الإرجاء وأدركت زمن كثير من التابعين، والمرجئة هم الذين يقولون: إنه لا تضر مع الإيمان معصية ! المعصية مع الإيمان تزني وتسرق وتشرب الخمر، وتقتل ما دمت مؤمنا، فأنت مؤمن كامل الإيمان وإن فعلت أنت مؤمن تقول: نعم . يقول لك لا تضرك كل معصية‍.
لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن كلام القدرية والمرجئة حين رده بقايا الصحابة كان في الطاعة والمعصية والمؤمن والفاسق، لم يتكلموا في ربهم وصفاته.
فجاء قوم من الأذكياء! ممن يدّعون أن العقل مقدم على الوحي، فقالوا قولا بين القولين ـ قول المرجئة وقول الخوارج ـ قالوا: الذي يفعل الكبيرة ليس بمؤمن كما قاله المرجئة، وليس بكافر كما قاله الخوارج، بل هو في منزلة بين منزلتين، كرجل سافر من مدينة إلى أخرى فصار في أثناء الطريق، فلا هو في مدينته ولا في التي ساف إليها، بل في منزلة بين منزلتين، هذا في أحكام الدنيا، أما في الآخرة، فهو مخلد في النار، فهم يوافقون الخوارج في الآخرة، لكن في الدنيا يخالفونهم.
ظهرت هذه البدعة وانتشرت، ثم حدثت بدعة الظلمة والجهمية ، وهي بدعة جهم بن صفوان وأتباعه، ويسمون الجهمية، حدثت هذه البدعة، وهي لا تتعلق بمسألة الأسماء، والأحكام، مؤمن أم كافر أم فاسق، ولم في منزلة بين منزلتين، بل تتعلق بذات الخالق. انظر كيف تدرجت البدع في صدر الإسلام، حتى وصلوا إلى الخالق جل وعلا، وجعلوا الخالق بمنزلة المخلوق، يقولون كما شاءوا، فيقولون: هذا ثابت لله، وهذا غير ثابت، هذا يقبل العقل أن يتصف الله به، وهذا لا يقبل العقل أن يتصف به، فحدثت بدعة الجهمية والمعتزلة، فانقسموا في أسماء الله وصفاته إلى أقسام متعددة:
1- قسم قالوا: لا يجوز أبداً أن نصف الله لا بوجود ولا بعدم، لأنه إن وصف بالوجود، أشبه الموجودات، وإن وصف بالعدم، أشبه المعدومات، وعليه يجب نفي الوجود والعدم عنه، وما ذهبوا إليه، فهو تشبيه للخالق بالممتنعات والمستحيلات، لأن تقابل العدم والوجود تقابل نقيضين، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، وكل عقول بني آدم تنكر هذا الشيء ولا تقبله، فانظر كيف فروا من شيء فوقعوا في أشر منه!
2- وقسم آخر قالوا: نصفه بالنفي ولا نصفه بالإثبات، يعني: أنهم يجوِّزون أن تسلب عن الله سبحانه وتعالى الصفات لكن لا تثبت، يعني: لا نقول: هو حي، وإنما نقول ليس بمبيت ولا نقول عليم، بل نقول: ليس بجاهل... وهكذا. قالوا: لو أثبت له شيئاً شبهته بالموجودات، لأنه على زعمهم كل الأشياء الموجودة متشابهة، فأنت لا تثبت له شيئاً، وأما النفي، فهو عدم، مع أن الموجود في الكتاب والسنة في صفات الله من الإثبات أكثر من النفي بكثير.
قيل لهم: إن الله قال عن نفسه: ( سميع بصير ).
قالوا: هذا من باب الإضافات، بمعنى: نُسـب إليه السمع لا لأنه متصف به، ولكن لأن له مخلوقا يسمع، فهو من باب الإضافات، فـ( سميع )، يعني: ليس له سمع، لكن له مسموع.
وجاءت طائفة ثانية، قالوا: هذه الأوصاف لمخلوقاته، وليست له، أما هو، فلا يثبت له صفة.
3- وقسم قالوا: يثبت له الأسماء دون الصفات، وهؤلاء هم المعتزلة أثبتوا أسماء الله، قالوا: إن الله سميع بصير قدير عليم حكيم... لكن قدير بل قدرة، سميع بلا سمع بصير بلا بصر، عليم بلا علم، حكيم بلا حكمة.
4- وقسم رابع قالوا: نثبت له الأسماء حقيقة، ونثبت له صفات معينة دل عليها العقل وننكر الباقي، نثبت له سبع صفات فقط والباقي ننكره تحريفاً لا تكذيباً، لأنهم لو أنكروه تكذيباً، كفروا، لكن ينكرونه تحريفاً وهو ما يدعون أنه "تأويل".
الصفات السبع هي مجموعة في قوله:
لـه الحياة والكلامُ والبصر سمـع إرادةُ وعلم واقتدر
فهذه الصفات نثبتها لأن العقل دل عليها وبقية الصفات ما دل عليها العقل، فنثبت ما دل عليه العقل، وننكر ما لم يدل عليه العقل وهؤلاء هم الأشاعرة، آمنوا بالبعض، وأنكروا البعض.
فهذه أقسام التعطيل في الأسماء والصفات وكلها متفرعة من بدعة الجهم، "ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"


المصدر شرح العقيدة الواسطية للشيخ العثيمين رحمه الله









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 01:20   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

شروط قبول العمل

أيُّها الناس، قال الله تعالىوَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، بين سبحانه وتعالى الحكمة من خلق بني آدم من خلق الجن والإنس الثقلين، أنهم خلقهم لعبادته لا لشيءٍ آخر، وأن عبادته عبادتهم له يرجع أجرها وخيرها إليهم، والله جلَّ وعلا غني عنهم وعن عبادتهم كما قال سبحانه وتعالىوَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ)،(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، فنفع العبادة راجعٌ إلى الخلق، وأمَّا الله فهو غنيٌ عنها، ولكنه أمرهم بها رحمةً بهم، أمرهم بها لفائدتهم هم لأجل أنت تكون صلةً بينهم وبين ربهم سبحانه وتعالىيَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)، وفي الحديث القدس أن الله جلَّ وعلا قال:"يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زاد ذلك من ملكي شيئا، ولو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحد منكم ما نقص ذلك من مُلكي شيئا، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياَّها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد شراً، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنا إلى نفسه"، وعبادة الله هي التذلل والخضوع له والتقرب إليه بما شرعه لبعاده، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، والعبادة تكون على اللسان، وذلك بذكر الله والتسبيح والتهليل والدعاء وتلاوة القرآن، وتكون بالأعمال كالصلاة والصيام والحج والعمرة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من الأعمال الظاهرة، وتكون الأعمال بالقلب كالخوف من الله، والخشية والرغبة والرهبة التوكل على الله سبحانه وتعالى، فالعبادة اسم جامع يجمع ما على اللسان، وما على القلب، وما على الجوارح، مطلوب من المسلم أن يخلص عبادته لله، فلا يشرك به شيئا، لأن العبادة تنبني على أصلين عظيمين الإخلاص لله ، فلا يكون فيها شرك، ولا يكون فيها رياء ولا سمعة، فإن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأبطلها قال تعالىوَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وقال سبحانه وتعالىوَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ)، قال تعالىوَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً)، فلابد أن تكون العبادة خالصةً لوجه الله، لا يدخلوها شرك أكبر ولا أصغر وإلا أن دخلها شركٌ فوجودها كعدمها، بل عدمها قد يكون أحسن من وجودها، العالم الإسلامي اليوم وقبل اليوم لكن الشر يزيد، العالم الإسلامي اليوم عجوا فيه من الشرك بجميع أنواعه يتمثل هذا في عبادة القبور بالطواف حولها والذبح لها والنذر لها والاستغاثة بالأموات وهذا ظاهر وواضح في كثير من الأبصار إلا من رحم الله، وإذا نهو عن ذلك قال هذا ليس من الشرك إنما نحن نتقرب من الله بواسطة هؤلاء الصالحين، ليشفعوا لنا عند الله، ويقربونا إلى الله، وهذه مقالة المشركين الأولين، سواء بسوء قال تعالىوَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)، فجعل هذا العمل شركاً ونزه نفسه سبحانه وتعالى، وقال تعالىأَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)، فسمى عملهم هذا كذباً وكفراً وهم يقولونمَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)اعترفوا أنهم يعبدونهم ومن عبد غير الله فهو مشرك وهم يقولونمَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) نفس الحكاية اليوم عند كثير ممن يدعون الإسلام وهذا يكون بسبب الجهلِ، وبسبب التقليد الأعمى، وبسبب دعاة الضلال من شياطين الإنس والجن الذين يدعون الناس إلى هذا الشرك ويزينهم لهم، ومن قلة الدعاة المصلحين والعلماء الصالحين الذين ينهون عن الشرك وينهون عن الفساد في الأرض، فلا حول ولا قوة إلا بالله،
الشرط الثاني من شروط قبول العبادة: أن تكون صواباً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله إنما بعث رسوله ومن قبله من النبيين ليبينوا للناس، كيف يعبدون الله ليس كل أحد يعبد الله بهواه أو بما يستحسنه أو بما وجد عليه آباءه وأجداده، وإنما يعبد الله على الطريق الصحيح الذي شرعه وأنزل به كتبه، وأرسل به رسله ليبينه للناس، فلا تصح العبادة إلا إذا خلت من البدعة والمحدثات ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" أي مردود عليه لا يقبله الله، وفي راوية:"من عمل عملا حتى ولو لم يحدثه هو إذا عمل بما أحدثه غيره فإنه مردود عليه"، فالبدعة مردود لا تقبل مهما اجتهدا صاحبها ومهما أخلص نيته وقصده فيها فإنها مردودٌ على صاحبها وقال صلى الله عليه وسلم:"من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا بها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وفي رواية:"وكل ضلالة في النار"، من العجب أنه وجد من دعاة الضلال من يقول هناك بدعة حسنة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"وكل بدعة ضلالة" وهذا يقول لا هناك بدع حسنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقال سبحانه وتعالىالَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)، قيل للفضيل بن عياض رحمه الله ما معنى (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)؟ قال: أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي وما أخلصه وأصوبه؟ قال: أخلصه أني يكون خالصاً لوجه الله، وأصوبه أن يكون صواباً على سنة رسول الله، فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، حتى يكون خالصاً صوابا، قال الله تعالىبَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)هذا هو الإخلاص، أخلص وجهه أي نيته وقصده لله في عمله وهو محسن متبع للرسول صلى الله عليه وسلم فهذان شرطتان أساسان في العبادة، لا تقبل إلا بهما.

فتقوا الله عباد الله، وأحسنوا عملكم، فإن العبرة بحسن العمل لا بكثرة العمل، إنما العبرة بحسن العمل بأن يكون خالصاً لوجه لله صواباً على سنة رسول الله وهذا يحتاج منا إلى تعلم العلم النافع، إلى تعلم أمور ديننا حتى نؤديه على بصيرة ولا نكون مقلدينا، ولا نكون مقلدينا على جهل وضلال، ولا نتبع دعاة الضلال بل نكون على بصيرةٍ من أمرنا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيميَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.


المصدر خطبة للشيخ الفوزان حفظه الله بعنوان شروط قبول العمل .









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 01:27   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

في الاجتْهاد في العشر الأواخر ولَيْلَة القدر

الحمدُ لله عالمِ السِّر والجهر، وقاصِمِ الجبابرةِ بالعزِّ والقهر، مُحْصِي قطراتِ الماءِ وهو يَجْرِي في النَّهْر، وباعثِ ظلامِ الليلِ ينسخُه نورُ الفجر، موِفِّر الثواب للعابدِينَ ومكملِّ الأجْر، العَالمِ بخَائَنَةِ الأعينِ وخافية الصدر، شَمل برزقِه جميعَ خلقِه فلَم يْترُكِ النملَ في الرَّمْلِ ولا الفرخَ في الْوَكر، أغنى وأفْقَرَ وبحِكْمَتِهِ وقوع الغِنَى والفَقر، وفَضَّل بعضَ المخلوقاتِ على بعض حتى أوقاتَ الدَّهر، لَيلةُ القدْر خيرٌ مِنْ ألفِ شهر، أحمدُه حمداً لا مُنتَهى لعَدَدِه، وأشكره شكراً يسْتجلِبُ المزيدَ من مَددِه، وأشهد أنْ لا إِلهَ إِلاَّ الله وحده لا شريكَ له شهادةَ مخْلِص في مُعْتَقَده، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه الَّذِي نَبع الماءُ منْ بينَ أصابع يدِه صلى الله عليه وسلّم وعلى أبي بكرٍ صاحبه في رخائِه وشدائده، وعلى عمرَ بن الخطاب كهْفِ الإِسلامِ وعَضُدِه، وعلى عثمانَ جامِع كتاب الله ومُوحِّدِه، وعلى عليٍّ كافي الحروبِ وشجعَانِها بِمُفْرَدِه، وعلى آلِهِ وأصحابِه المحسنِ كلٌ منهمْ في عملِه ومقصِده، وسلَّم تسليماً.
إخواني: في هذِه العشرِ المباركة ليلةُ القَدْرِ الَّتِي شرَّفها الله على غيرها، ومَنَّ على هذه الأمة بجزيل فضلها وخيرها، أشادَ الله بفضلها في كتابة المبين فقال تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7) لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ } [الدخان: 3- 8]. وصفَها الله سبحانَه بأنها مباركةٌ لكَثْرةِ خيرِها وبَركتِها وفضلها، فمِن بركتها أنَّ هذا القرآنَ المباركَ أُنْزِلَ فيها ووصَفَها سبحانَه بأنه يُفْرَقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيم، يعني يفصَل من اللوح المحفوظِ إلى الْكَتَبةِ ما هو كائنٌ مِنْ أمرِ الله سبحانَه في تلك السنةِ من الأرزاقِ والآجالِ والخير والشرِّ وغير ذلك من كلِّ أمْرٍ حكيمٍ من أوامِر الله المُحْكَمَةِ المتْقَنَةِ التي ليس فيها خَلَلٌ ولا نقصٌ ولا سَفَهٌ ولا باطلٌ ذلك تقديرُ العزيز العليم. وقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِي حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } [القدر: 1- 5]. الْقَدرُ بمعنَى الشرفِ والتعظيم أوْ بمعنى التقديرِ والقضاءِ؛ لأنَّ ليلةَ القدر شريفةٌ عظيمةٌ يقدِّر الله فيها ما يكون في السنةِ ويقضيهِ من أمورِهِ الحكيمةِ {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } يعني في الفضل والشرفِ وكثرةِ الثواب والأجر ولذلك كانَ مَنْ قامَهَا إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه. {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} الملائكة عبادٌ من عباد الله قائمون بعبادته ليلاً ونهار {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } [الأنبياء: 19، 20] يتنزلون في ليلة القدر إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة {وَالرُّوحُ} هو جبريل عليه السلام خصَّه بالذكر لشرفه وفضله. {سَلامٌ هِي} يعني أن ليلة القدر ليلةُ سلامَ للمؤمنين من كل مخوف لكثرة من يعتقُ فيها من النار، ويَسْلمُ مِنْ عذابِها. {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } يعني أن ليلة القدرِ تنتهي بطلوعِ الفجرِ لانتهاءِ عملِ الليلِ به، وفي هذه السورةِ الكريمةِ فضائلُ متعددةٌ لليلةِ القدرِ:
الفضيلةُ الأولى: أن الله أنزلَ فيها القرآنَ الَّذِي بهِ هدايةُ البشرِ وسعادتُهم في الدُّنَيا والآخرِهِ.
الفضيلةُ الثانيةُ: ما يدُل عليه الاستفهامُ من التفخيم والتعظيم في قولِه: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ }.
الفضيلةُ الثالثةُ: أنَّها خيرٌ مِنْ ألفِ شهرٍ.
الفضيلةُ الرابعةُ: أنَّ الملائكةَ تتنزلُ فيها وهُمْ لاينزلونَ إلاَّ بالخيرِ والبركةِ والرحمةِ.
الفضيلةُ الخامسةُ: أنها سَلامٌ لكثرةِ السلامةِ فيها من العقابِ والعذابِ بما يقوم به العبدُ من طاعةِ الله عزَّ وجلَّ.
الفضيلة السادسةُ: أنَّ الله أنزلَ في فضِلِها سورةٌ كاملةً تُتْلَى إلى يومِ القيامةِ.
ومن فضائل ليلةِ القدرِ ما ثبتَ في الصحيحين من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: «من قَامَ ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه»، فقوله إيماناً واحتساباً يعني إيماناً بالله وبما أعدَّ اللهُ من الثوابِ للقائمينَ فيهَا واحتساباً للأجرِ وطلب الثواب. وهذا حاصلٌ لمنْ علِمْ بها ومَنْ لم يعلَمْ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم لَمْ يَشْترطِ العلمَ بهَا في حصولِ هذا الأجر.
وليلةُ القدرِ في رمضانَ، لأنَّ الله أنزلَ القرآنَ فيهَا وقد أخْبَرَ أنَّ إنزالَه في شهرِ رمضانَ، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القدر:1]، وقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } [البقرة:185]. فبهذا تَعَيَّن أنْ تكونَ ليلةُ القدرِ في رمضانَ، وهي موجودةٌ في الأمَم وفي هذه الأمةِ إلى يومِ القيامةِ لما روى الإِمامُ أحْمَدُ والنسائيُّ عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه أنه قال: «يا رسولَ الله أخْبرنِي عن ليلةِ القَدْرِ أهِي في رمضانَ أمْ في غيرهِ؟ قال: بلْ هِي في رمضانَ. قال: تكونُ مع الأنبياءِ ما كانُوا فإذا قُبِضُوا رُفِعَتْ أمْ هي إلى يومِ القيامةِ؟ قال: بل هي إلى يوم القيامة»[52] (الحديث). لَكِنْ فضلُها وأجْرُها يختَصُّ والله أعَلْمُ بهذه الأمةِ كما اختصتْ هذه الأمة بفضيلة يوم الجمعة وغيرها من الفضائل ولله الحمدِ.
وليلةُ القَدْر في العشر الأواخر من رمضانَ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلّم: «تَحَرِّوا ليلةَ القدرِ في العشرِ الأواخر من رمضانَ»، متفقٌ عليه. وهي في الأوْتار أقْرب من الأشفاعِ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم: «تحروا ليلةَ القدرِ في الْوِترِ من العشرِ الأواخر من رمضان»، رواه البخاري. وهي في السَّبْعِ الأواخرِ أقْرَبٌ، لحديث ابنِ عمر رضي الله عنهما أنَّ رجالاً من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أُرُوا ليلةَ القدرِ في المنام في السبعِ الأواخر فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «أرَى رُؤياكُمْ قد تواطأت (يعني اتفقت) في السبعِ الأواخرِ فمن كانَ مُتَحرِّيَها فَلْيتحَرَّها في السبعِ الأواخرِ»، متفق عليه. ولمسلم عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «التمِسُوَها في العشر الأواخر (يعني ليلةَ القدْرِ) فإن ضعف أحدُكم أو عجز فلا يُغْلَبَنَّ على السبعِ البواقِي». وأقربُ أوْتارِ السبعِ الأواخرِ ليلةُ سبعٍ وعشرينَ لحديثِ أبيِّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال: «والله لأعلم أيُّ ليلةٍ هي الليلةُ التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقيامِها هي ليلةُ سبعٍ وعشرينَ»، رواه مسلم. ولا تَخْتَصُّ ليلةُ القدرِ بليلةٍ معينةٍ في جميعِ الأعوامِ بل تَنتَقِّلُ فتكونُ في عامٍ ليلةَ سبع وعشرينَ مثلاً وفي عام آخرَ ليلة خمسٍ وعشرينَ تبعاً لمشيئةِ الله وحكمتِه، ويدُلُّ على ذلك قولُه صلى الله عليه وسلّم: «الُتمِسُوها في تاسعةٍ تبقى في سابعةٍ تبقَى في خامسةٍ تبقَى»، رواه البخاري. قال في فتح الباري: أرجح الأقوال أنها في وترٍ من العشرِ الأخيرِ وأنها تَنْتَقِلُ. أهـ.
وقد أخُفَى الله سبحَانه عِلْمَها على العبادِ رحمةً بهم ليَكْثُر عملُهم في طلبها في تلك الليالِي الفاضلةِ بالصلاةِ والذكرِ والدعاءِ فيزدادُوا قربةً من الله وثواباً، وأخفاها اختباراً لهم أيضاً ليتبينَ بذلك مَنْ كانَ جادَّاً في طلبها حريصاً عليها مِمَّنْ كانَ كسلانَ متهاوناً، فإنَّ مَنْ حرصَ على شيءٍ جدَّ في طلبِه وهانَ عليه التعبُ في سبيلِ الوصولِ إليهِ والظَفر به، وربَّما يظهرُ اللهُ عِلْمَهَا لبعضِ الْعبَادِ بأماراتٍ وعلاماتٍ يرَاهَا كما رأى النَبيُّ صلى الله عليه وسلّم علامتَها أنه يسجُدُ في صبيحتِها في ماءٍ وطينٍ فنزل المطرُ في تلك الليلةِ فسجد في صلاةِ الصبحِ في ماءٍ وطينٍ.
إخواني: ليلةُ القدرِ يُفْتح فيها الْبَاب، ويقرَّبُ فيها الأحْبَابُ، ويُسْمَع الخطابُ، ويردُّ الجواب، ويُكْتَبُ للعاملينَ فيها عظيمُ الأجرِ، ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألف شَهْر، فاجتهدُوا رحمكم الله في طلبِها، فهذَا أوانُ الطَّلب، واحذَرَوا من الغفلةِ ففي الغفلة العَطَب.
تَوَلَّى العُمُر في سهو وفي لَهْوٍ وفي خُسْر
فيا ضيعةَ ما أَنْفَقْـ ـتُ في الأيام من عُمْري
وما لِي في الَّذِي ضيَّعْـ ـتُ من عمريَ من عُذْرِ
فما أغْفَلَنَا عن واجبـ ـاتِ الحمدِ والشكرِ
أمَا قد خَصَّنا اللهُ بشهرٍ أيِّما شهرِ
بشهرٍ أنْزَلَ الرحمـ ـنُ فيهِ أشرفَ الذِّكْرِ
وهل يُشبِهُه شهرٌ وفيه ليلةُ القدرِ
فكمْ مِنْ خَبرٍ صَحَّ بما فِيها من الخير

رَوَيْنَا عن ثقاتٍ أنَّهـ ـا تُطْلَبُ في الوِتر
فطُوبى لأمْرىءٍ يطلُـ ـبُهَا في هِذِه العَشرِ
فَفِيْهَا تنزلُ الأملاكُ بالأنوار والبرِ
وقد قَالَ سلامٌ هيَ حتى مَطْلعِ الفجرِ
ألاَ فادَّخِروها إنِّـ ـها من أنْفَسِ الذُّخر
فكمْ مِنْ مُعْتَقٍ فيها من النارِ ولا يَدْرِي
اللَّهُمَّ اجْعلْنَا ممن صامَ الشهر، وأدركَ ليلةَ القدرِ، وفاز بالثوابِ الجزيلِ الأجرِ.
اللَّهُمَّ اجْعلْنَا من السابقينَ إلى الخيراتِ، الهاربينَ عن المنكَرات، الآمنينَ في الغرفات، مع الَّذِينَ أنعمتَ عليهم وَوَقَيْتَهُمْ السيئاتِ، اللَّهُمَّ أعِذْنا من مُضلاَّتِ الفتنِ، وجنبنا الفواحشَ ما ظهَرَ منها وما بطَن.
اللَّهُمَّ ارزُقْنَا شكرَ نعمتِك وحسنَ عبادتكَ، واجْعلْنَا من أهل طاعتِك وولايتك، وآتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنَا عذَابَ النار، واغفر لنَا ولوالِدِينا ولِجميعِ المسلمينَ برحمتك يا أرحمَ الرَّاحمين وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبه أجمعين.
---------------------
[52] رواه أيضا الحاكم وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ونقل عن الذهبي أنه أقره. والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 01:33   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

في زكاة الفطر


الحمدُ لله العليم الحكيم، العليِّ العظيم، خلقَ كلَّ شَيْءٍ فقَدَّره تقديراً، وأحْكَمَ شرائعَه ببالغِ حكمتِهِ بياناً للْخَلق وتَبْصيراً، أحمدُه على صفاتِه الكامِلة، وأشكرُه على آلائِه السابغة، وأشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وحده لا شريكَ له لَهُ الملكُ وله الحمدُ وهوَ على كلِّ شَيْء قدير، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه البشيرُ النذير، صلَّى الله عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِه والتابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ المآبِ والمصِير، وسلَّم تسليماً.
إخواني: إن شهرَكُمُ الكريمَ قد عزَم على الرحيل، ولم يبقَ منه إلاَّ الزمنُ القليلُ، فمَنْ كان منكم محسِناً فليحمدِ اللهَ على ذلك ولْيَسْألْه القَبولَ، ومَنْ كان منكم مهملاً فلْيتبْ إلى اللهِ ولْيَعْتَذِرْ من تقصيرِه فالعذرُ قبْلَ الموتِ مَقْبولٌ.
إخواني: إن الله شرعَ لكم في ختامِ شهرِكم هذا أنْ تؤَدُّوا زكاةَ الفطر قبْلَ صلاةِ العيدِ، وسنتكلم في هذا المجلسِ عن حُكْمِها وحكمتِها وجنسِها ومقدارِها ووقتِ وجوبِها ودفعِها ومكانِها.
فأما حكمُها فإنها فريضةٌ فرضَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم على المسلمينَ، وما فرضَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم أوْ أمَرَ به فلَهُ حكمُ ما فرضَه الله تعالى أو أمَرَ به. قال الله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} [النساء: 80]، وقال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً} [النساء: 115]، وقال تعالى: {وَمَآ ءَاتَـاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ} [الحشر: 7]. وهيَ فريضةٌ على الكبيرِ والصغيرِ والذكرِ والأُنثى والحرِّ والعَبْدِ من المسلمينَ. قال عبدُالله ابنُ عَمرَ رضي الله عنهما: فرض رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم زكاة الفطر من رمضانَ صاعاً من تَمْرٍ أو صاعاً من شعيرٍ على العبدِ والحرِّ والذكر والأنثى والصغيرِ والكبيرِ من المسلمين. متفق عليه.
ولا تجبُ عن الحمل الذي في البطن إلاَّ أنْ يتطوعَ بها فلا بأسَ، فقدْ كانَ أميرُ المؤمنينَ عثمانُ رضي الله عنه يخرجُها عن الحمل. ويجبُ إخراجُها عن نفسِه وكذلك عمن تَلْزَمُه مَؤُونَتُه من زوجةٍ أو قريبٍ إذا لم يستطيعوا إخراجَها عن أنفسِهم. فإن استطاعوا فالأولى أن يخرجُوهَا عن أنفسِهم لأنَّهُم المخاطَبُون بها أصْلاً، ولا تَجِبُ إلاَّ على مَنْ وَجَدَها فاضلةً زائدةً عما يحتاجُه من نفقةِ يومِ العيدِ وليلتِه. فإنْ لم يجد إلاَّ أقلَّ من صاعٍ أخْرَجَه لقولِه تعالى: {فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [التغابن: 16]، وقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم: «إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتُوا منه ما استطعتم»، متفق عليه.
وأما حِكمتُها فظاهرةٌ جدّاً ففيها إحسانٌ إلى الفقراءِ وكفٌّ لهم عن السؤالِ في أيام العيدِ ليُشَاركوا الأغنياءَ في فرحِهم وسرورِهم بِه ويكونَ عيداً للجميع. وفيها الاتصافُ بخلق الكرمِ وحبِّ المواساة وفيها تطهيرُ الصائمِ مما يحصلُ في صيامِه من نقصٍ ولَغْوٍ وإثْمٍ، وفيها إظهارُ شكرِ نعمةِ الله بإتْمامِ صيامِ شهرِ رمضانَ وقيامِه وفعلِ ما تَيَسَّرَ من الأعمالِ الصالحةِ فيه.
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: فرضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم زكاةَ الفطرِ طُهرةً للصائمِ من اللغوِ والرفثِ وطعمةً للمساكين، فمن أدَّاها قبل الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعدَ الصلاةِ فهي صدقةٌ من الصدقاتِ. رواه أبو داودَ وابنُ ماجة[66].
وأمَّا جنسُ الواجبِ في الفطرةِ فهو طعامُ الادميين من تمرٍ أوْ بُرِّ أوْ رزٍّ أو زبيبٍ أوْ أقِطٍ أو غيرها من طعامِ بِني آدمَ، ففي الصحيحين من حديث ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: فرضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم زكاةَ الفطر من رمضانَ صاعاً من تمرٍ أوْ صاعاً من شعيرٍ. وكانَ الشَّعيرُ يومَذَاك مِنْ طعامِهم كما قال أبو سعيدٍ الخدريُّ رضي الله عنه. كنا نُخْرِجُ يومَ الفطرِ في عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم صاعاً من طعامٍ وكان طعامُنَا الشعيرَ والزبيبَ والأقِطَ والتمرَ. رواه البخاري.
فلا يُجزِئُ إخراجُ طعامِ البهائمِ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فرضَها طعمةً للمساكين لا للبهائم.
ولا يجزئُ إخراجُها من الثياب والفُرُش والأواني والأمتعةِ وغيرِهَا مما سوى طعام الآدميين لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فرضَها من الطعامِ فلا يُتَعَدَّى ما عيَّنَه الرسولُ صلى الله عليه وسلّم.
ولايُجزِئُ إخراجُ قيمةِ الطعامِ لأنَّ ذلك خلافُ ما أَمَرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم. وقد ثبتَ عنه صلى الله عليه وسلّم أنه قالَ: «مَنْ عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ»، وفي روايةٍ: «من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ»، رواه مسلم. وأصلُه في الصحيحين ومعنى رَدٌّ مردودٌ. ولأنَّ إخراجَ القيمةِ مخالف لعمل الصحابة رضي الله عنهم حيث كانوا يخرجونَها صاعاً من طعامٍ، وقد قال النَبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «عليكم بسُنَّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعْدِي»] ولأن زكاةَ الفطرِ عبادةٌ مفروضةٌ مِن جنسٍ مُعيَّن فلا يجزئُ إخراجها من غير الجنسِ المعيَّن كما لا يُجْزئُ إخراجها في غير الوقتِ المعيَّنِ. ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عيَّنَها من أجناسٍ مختلفةٍ وأقْيامُها مختلَفةٌ غالباً. فلو كانت القيمةُ معتبرةً لكان الواجبُ صاعاً من جنسٍ وما يقابلُ قيمتَه من الأجناس الأخْرَى. ولأنَّ إخراج القيمةِ يُخْرِجُ الفطرةَ عن كَوْنِها شعيرةً ظاهرةً إلى كونها صدقةً خفيةً فإن إخراجَها صاعاً من طعامٍ يجعلُها ظاهرَةً بين المسلمينَ معلومةً للصغير والكبير يشاهدون كَيْلها وتوزِيعَها ويتعارفونها بينهم بخلاف ما لو كانت دراهم يُخْرِجها الإِنسانُ خفية بينه وبين الآخذ.
وأما مقدارُ الفطرةِ فهو صاعٌ بصاعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم الَّذِي يبلغُ وَزْنُه بالمثاقيلِ أربعَمائةٍ وثمانينَ مِثقالاً مِن الْبُرِّ الْجيِّد وبالغرامات كِيْلوَين اثنين وخْمُسَيْ عُشْر كِيْلو من البرِّ الجيِّد، وذلك لأنَّ زنَةَ المثقالِ أربعةُ غراماتٍ ورُبُعٌ فيكون مبلغُ أربعمائةٍ وثمانين مثقالاً ألْفَيْ غرام وأربعين غراماً. فإذا أراد أن يعرفَ الصاع النبويَّ فلْيزن كيلوينِ وأربعين غِراماً من البُرِّ الجيِّد ويضعها في إناءٍ بقدرِها بحيثُ تَملَّؤُه ثم يَكيلُ به.
وأما وقتُ وجوبِ الفطرةِ فهو غروبُ الشمسِ ليلةَ العيدِ، فمن كان مِنْ أهلِ الوجوبِ حينذَاك وجبتْ عليه وإلاَّ فلا. وعلى هذا فإذا مات قبلَ الغروب ولو بدقائقَ لم تجب الفطرةُ. وإن ماتَ بعدَه ولو بدقائقَ وجبَ إخراجُ فطرتِه، ولَوْ وُلِدَ شخصٌ بعدَ الغروب ولو بدقائقَ لم تجبْ فطرتُه، لكنْ يسن إخراجُها كما سبقَ وإن وُلِدَ قبل الغروبِ ولو بدقائقَ وجب إخراج الفطرةِ عنه.
وإنما كان وقتُ وجوبها غروبَ الشمس من ليلةِ العيدِ لأنَّه الوقت الذي يكونُ به الفطرُ من رمضان وهي مضافَةٌ إلى ذلك فإنه يقالُ: زكاةُ الفطرِ من رمضانَ فكانَ مناط الحكم ذلك الوقتُ.
وأمَّا زمنُ دفعِها فله وقتانِ: وقتُ فضيلةٍ ووقتُ جوازٍ. فأمَّا وقتُ الفضيلةِ: فهو صباحُ العيدِ قبلَ الصلاةِ لما في صحيح البخاريِّ من حديثِ أبي سعيدٍ الخدرِيِّ رضي الله عنه قال: «كنَّا نُخْرِجُ في عهدِ النبي صلى الله عليه وسلّم يومَ الفطرِ صاعاً من طعامٍ»، وفيه أيضاً من حديثِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم أمَرَ بزكاةِ الفطر أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاةِ»، ورواه مسلم وغيره.
ولذلك كان من الأفضل تأخيرُ صلاةِ العيد يومَ الفطرِ ليتسعَ الوقتُ لإِخراج الفطرةِ. وأمَّا وقتُ الجوازِ فهو قبْل العيدِ بيوم أو يومين. ففي صحيح البخارَيِّ عن نافع قال: كانَ ابنُ عمرَ يعْطِي عن الصغير والكبير حتى وإنْ كانَ يعطِي عن بَنِيَّ، وكان يُعْطِيها الَّذِين يَقْبلونَها، وكانُوا يُعْطَون قبْلَ الفطرِ بيومٍ أو يومين.
ولا يجوزُ تأخيرُها عن صلاةِ العيدِ فإنْ أخَّرها عن صلاةِ العيدِ بلا عُذرٍ لم تُقْبَلْ منه لأنه خلافُ ما أمَرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم، وقد سبق من حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ مَنْ أدَّاها قبْلَ الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِنَ الصدقاتِ أمَّا إن أخَّرها لعذرٍ فلا بأسَ، مثلُ أن يصادفَه العيدُ في الْبَرِّ ليس عنده ما يدفعُ منه أو ليسَ عنده مَنْ يدفُع إليه، أو يأتَي خبرُ ثبوتِ العيدِ مفاجِئاً بحيثُ لا يَتَمَكَّنُ مِن إخراجها قبْلَ الصلاةِ أو يكون معتمداً على شخصٍ في إخراجها فينسى أنْ يُخْرِجَهَا فلا بأسَ أن يخرجها ولو بعدَ العيدِ لأنَّه معذورٌ في ذلك.
والواجبُ أنْ تصلَ إلى مستحقِّها أو وكيْلِهِ في وقتِها قبلَ الصلاةِ، فلو نَوَاها لشخصٍ ولم يصادفْه ولا وكِيْلَه وقتَ الإِخراجِ فإنه يدفعها إلى مستحق آخرَ ولا يؤخِّرُها عن وقتِهَا.
وأما مكانُ دفِعها فتدفعُ إلى فقراءِ المكانِ الَّذِي هو فيه وقت الإِخراج سواءٌ كانَ محل إقامتِهِ أو غَيرَه من بلادِ المسلمينَ لا سيَّما إن كانَ مكاناً فاضلاً كَمكَّة، والمدينةِ، أو كانَ فقراؤه أشدَّ حاجةً. فإن كان في بلدٍ ليس فيه مَنْ يدفعُ إليه أو كانَ لا يعرفُ المستحِقينَ فيه وكَّلَ من يدفعها عنه في مكانٍ فيه مستَحِقٌ.
والمستحِقُون لزكاةِ الفطرِ هُمْ الفقراءُ ومَنْ عليهم ديونٌ لا يستطيعونَ وفاءَها فيُعْطَون منها بقدر حاجتِهم. ويجوزُ توزيعُ الفطرةِ على أكثرَ من فقيرٍ. ويجوزُ دفعُ عددٍ من الْفِطَر إلى مسكينٍ واحدٍ، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قَدَّر الواجبَ ولم يقدِّر مَنْ يدفعُ إليهِ، وعلى هذا لو جَمَعَ جماعةٌ فطرَهم في وعاءٍ واحدٍ بعدَ كيلها وصارُوا يدفُعون منه بلا كيلٍ ثانٍ أجْزَأهم ذلك، لكنْ ينبَغِي إخبار الفقِير بأنَّهم لا يعلمُون مقدارَ ما يدفعون إليه لئَلاَّ يَغْتَرَّ به فيدفعه عن نفسه وهو لا يدري عن كيلِه. ويجوز للفقير إذا أخَذَ الفطرةَ من شخصٍ أن يدفَعَهَا عن نفسِه أو أحدٍ من عائلتِهِ إذا كالَهَا أو أخبرَه دافعها أنَّها كاملةٌ ووَثِقَ بِقَوْلِه.
اللَّهُمَّ وفِّقْنا للقيام بطاعتِك على الوجهِ الَّذِي يرضيكَ عنَّا، وَزَكِّ نفوسَنا وأقوالَنا وأفعالَنَا وطهِّرنَا من سوءِ العقيدةِ والقولِ والعملِ إنك جوادٌ كريمٌ. وصلَّى الله وسلَّم على نبيَّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين.
-----------------------------









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 01:39   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

في التوبة

الحمدُ لله الَّذِي نَصب من كلِّ كائنٍ على وَحْدانيتِه بُرهاناً، وتصرَّفَ في خليقَتِه كما شاءَ عزّاً وسُلطاناً، واختارَ المتقينَ فوَهبَ لهم أمناً وإيماناً، وعمَّ المذنبينَ بحلْمِه ورحمتِه عفْواً وغُفراناً، ولم يَقطعْ أرزاقَ أهلِ معصيتِه جوداً وامتناناً، روَّح أهلَ الإِخلاصِ بنسيم قربه، وحذَّر يومَ الحساب بجسيمِ كربِه، وحفظ السالكَ نحوَ رضاه في سِرْبه، وأكرَمَ المؤمنَ إذْ كتب الإِيمانَ في قلبِه. حَكَمَ في بَرِيَّتِه فأمَر ونَهَى، وأقام بمعونتِهِ ما ضَعُفَ ووَهىَ، وأيْقَظَ بموْعظتِهِ مَنْ غفَل وَسَها، ودَعَا المُذْنِبَ إلى التوبةِ لغفرانِ ذنبه، ربٌّ عظيمٌ لا يماثل الأنام، وغنيٌّ كريمٌ لا يحتاجُ إلى الشرابِ والطعام، الْخَلْقُ مفتقرونَ إليه وعلى الدوام، ومضْطرُّون إلى رحمتِهِ في الليالي والأيام.
أحمدُه حمدَ عابدٍ لربه، معتذرٍ إليه من تقصيرِهِ وذنبِه، وأشهدُ أن لا إِلهَ إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له شهادةَ مُخلِصٍ من قلبِه، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه المصطفى من حِزبه، صلَّى الله عليه وعلى أبي بكرٍ خيرِ صحبِه، وعلى عمرَ الَّذِي لا يسِيرُ الشيطانُ في سِرْبِه، وعلى عثمانَ الشهيد لا في صفِّ حَرْبِه،وعلى عليٍّ مُعينِه في حَرْبه، وعلى آلِهِ وأصحابِه ومن اهتدى بهدْيِه، وسلَّم تسليماً.
إخواني: اختمُوا شهرَ رمضانَ بالتوبةِ إلى الله من معاصِيْه، والإِنابةِ إليهِ بفعل ما يُرْضيه، فإنَّ الإِنسانَ لا يخلُو من الْخَطأ والتقصير، وكلُّ بنِي آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون، وقد حثَّ الله في كتابه وحثَّ النبي صلى الله عليه وسلّم في خطابه على استغفار الله تعالى والتوبة إليه، فقال سبحانه: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } [هود: 3]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلاهُكُمْ إِلاهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت: 6]، وقال تعالى: {وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهاَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 31]، وقال سبحانه: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَـاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَـارُ} [التحريم: 8]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [البقرة: 222]. والآياتُ في ذكر التوبةِ عديدة.
وأما الأحاديثُ فمنها: عن الأغَرِّ بنِ يَسَار المُزنيِّ رضي الله عنهُ قال: قالَ النبي صلى الله عليه وسلّم: «يا أيها الناسُ توبُوا إلى الله واستغفروه فإني أتوبُ في اليوم مئةَ مرة»، رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إني لأستغفر اللهَ وأتوبُ إليه في اليوم أكثرَ من سبعين مرة»، رواه البخاري. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «للهُ أشدُ فرَحاً بتوبةِ عبدِه حين يتوبُ إليهِ من أحدِكم كان على راحلتِه بأرضٍ فلاةٍ فانفلتت منُه وعليها طعامُه وشرابُه فأيس منها، فأتى شجرةً فاضطجعَ في ظلِّها وقد أيِس من راحلتِه، فبينما هُو كذَلِكَ إذْ هو بها قائمةً عندَه، فأخذَ بخِطامِها، ثم قالَ من شدَّةِ الفرحِ: اللَّهُمَّ أنتَ عبِدي وأنا ربُّك أخطأ من شدَّةِ الفرحِ»، رواه مسلم. وإنما يفرحُ سبحانَه بتوبةِ عبدِه لمحبَّتِه للتوبةِ والعفْوِ ورجوعِ عبدِه إليه بعد هَربِه منه، وعن أنس وابن عباسٍ رضي الله عنهم أنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لو أن لابن آدم وادياً من ذهبٍ أحبَّ أن يكونَ له وادِيَانِ ولن يملأ فَاه إِلاَّ الترابُ ويتوبُ الله على مَن تابَ»، متفق عليه.
فالتوبةُ هي الرجوعُ من معصية الله إلى طاعتِه لأنَّه سبحانه هو المعبودُ حقاً، وحقيقةُ العُبوديةِ هي التذللُ والخضوعُ للمعبودِ محبةً وتعظيماً، فإذا حصلَ مِنَ العبدِ شرودٌ عن طاعةِ ربِّه فتوبتُه أن يرْجعَ إليه ويقفَ ببابِه موقفَ الفقيرِ الذليلِ الخائف المنكسرِ بينَ يديِه.
والتوبةُ واجبةٌ على الفَوْرِ لا يجوزُ تأخيرُها ولا التسويفُ بها، لأنَّ الله أمَرَ بها ورسولُه، وأوَامِرُ الله ورسولِهِ كلُّها على الفورِ والمبادرةِ لأنَّ العبدَ لا يدري ماذا يحصلُ له بالتأخيرِ، فلعلَّهُ أن يفجأه الموتُ فلا يستطيعُ التوبةَ، ولأنَّ الإِصرارَ على المعصيةِ يوجبُ قَسْوةَ القلب وبُعْدَه عن الله عزَّ وجلَّ وضعفَ إيمانه، فإنَّ الإِيمانَ يزيْد بالطاعاتِ وينقصُ بالعصيانِ، ولأنَّ الإِصرارَ على المعصيةِ يوجبُ إلْفَهَا والتَّشبُّثَ بها، فإنَّ النفسَ إذا اعتادتْ على شيء صعُب عليها فِراقُه وحيئنذٍ يعسرُ عليه التخلصُ من معصيتِه ويفتحُ عليه الشيطانُ بابَ معاصٍ أخرى أكبرَ وأعظمَ مما كانَ عليه. ولِذَلِكَ قال أهلُ العلم وأربابُ السلوكِ: إن المعاصيَ بَرِيدُ الكفر ينتقلُ الإِنسانُ فيها مرحلةً مرحلةً حتى يزيغَ عن دينِه كلِّه نسأل الله العافيةَ والسلامةَ.
والتوبةُ التي أمر الله بها هي التوبةُ النصوحُ التي تشتمِلُ على شرَائطِ التوبةِ وهي خمسةٌ:
الأولُ: أن تكونَ خالِصةً لله عزَّ وجلَّ بأن يكونَ الباعِثُ لها حبَّ الله وتعظيمَه ورجاءَ ثوابِه والخوفَ من عقابِه، فلا يريدُ بها شيئاً من الدَنيا ولا تزَلُّفاً عند مخلوقٍ، فإن أراد هذَا لم تقبلْ توبتُه لأنَّه لم يَتُبْ إلى الله وإنما تابَ إلى الغرضَ الَّذِي قصدَه.
الثاني: أن يكونَ نادماً حزِناً على ما سلفَ من ذنبه يتمنَّى أنه لم يحصلْ منه لأجلِ أن يُحدثَ له ذلكَ الندمُ إنابةً إلى الله وانكساراً بينَ يديه ومَقْتاً لنفسه التي أمَرَتْه بالسوءِ فتكونُ توبتُه عن عقيدةٍ وبصيرةِ.
الثالثُ: أنْ يُقْلِعَ عن المعصيةِ فوراً، فإن كانتِ المعصيةُ بفعلِ محرمٍ تَرَكَهُ في الحالِ، وإن كانتْ المعصيةُ بتركِ واجبٍ فَعَله في الحالِ إنْ كان مما يمكن قضاؤه كالزكاةِ والحجِّ، فلا تصحُّ التوبةُ مع الإِصرارِ على المعصيةِ فلو قال: إنه تابَ من الرِّبا مثلاً وهو مستمرٌ على التعامُل به لم تصحَّ توبتُه ولم تكنْ هذه إلاَّ نَوْعَ استهزاءٍ بالله وآياتِه لاتزيدُه مِنَ الله إِلاَّ بُعداً. ولو تابَ من تركِ الصلاةِ مع الجماعةِ وهو مستمرٌ على تركِها لم تصح توبتُه.
وإذا كانتِ المعصيةُ فيما يتعلقُ بحقوقِ الخلقِ لم تصحَّ التوبةُ منها حتى يتخلَّصَ من تلك الحقوقِ، فإذا كانتْ معصيتُه بأخذِ مالٍ للغيرِ أو جحدِه لم تصح توبتُه حتى يؤدِّيَ المالَ إلى صاحبِه إن كان حيَّاً أو إلى ورثتِه إن كان ميتاً، فإن لم يكنْ له ورثةٌ أدَّاهُ إلى بيت المالِ، وإن كانَ لا يدري مَنْ صاحبُ المالِ تصدَّقَ به له والله سبحانَه يعلمُ بِه، وإن كانتْ معصيتُه بغِيْبَةِ مسلم وجبَ أن يَسْتحلَّهُ من ذلك إن كانَ قد علمَ بِغيبتِه إيَّاه أو خافَ أن يَعلَمَ بِها وإِلاَّ استغفَرَ له وأثْنَى عليهِ بصفاتِه المحمودةِ في المجلسِ الَّذِي اغتابَه فيه فإن الحسناتِ يُذْهِبْن السيئاتِ.
وتصحُّ التوبةُ من ذنبٍ مَعَ الإِصرارِ على غيرِه، لأنَّ الأعمال تتبعَّضُ والإِيمانَ يتفاضلُ، لكن لا يستحقُّ الوصفَ المطلقَ للتوبةِ وما يستحقُّه التائبون على الإِطلاقِ من الأوصافِ الحميدةِ والمنازلِ العاليةِ حتى يتوبَ إلى الله من جميع الذنوبِ.
الرابعُ: أن يعزمَ على أن لا يعودَ في المستقبل إلى المعصيةِ؛ لأنَّ هذه ثمرةُ التوبةِ ودليلُ صِدْقِ صاحبِها. فإن قالَ: إنه تائبٌ وهو عازمٌ أو متردِّدٌ في فعلِ المعصيةِ يوماً مَّا لم تصح توبتُه لأنَّ هذه توبةٌ مُؤقَّتةٌ يتحَّينُ فيها صاحبُها الْفُرَصَ المناسبةَ ولا تدل على كراهيتِهِ للمعصيةِ وفرارِه منها إلى طاعةِ الله عزَّ وجلَّ.
الخامسُ: أن لا تكونَ بَعْدَ انتهاءِ وقتِ قبولِ التوبةِ. فإن كانتْ بعد انتهاءِ وقتِ القبولِ لم تُقْبَلْ.
وانتهاءُ وقتِ القبولِ نوعانِ. عامٌ لكلِّ أحدٍ وخاصٌ لكلِّ شخصٍ بنفسِه.
فأما العامُّ: فهو طلوعُ الشمسِ من مغربها، فإذا طلعتْ الشمسُ من مغربها لم تنفع التوبةُ. قال الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِى بَعْضُ ءَايَـاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَـانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] والمرادُ ببعضِ الآيات طلوعُ الشمس من مغربها فسَّرَها بذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلّم، وعن عبدالله بن عَمْرو بن العاصِ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تزال التَّوبَةُ تُقْبَلُ حَتَّى تطلعَ الشَّمسُ من مغربها، فإذا طلعتْ طُبعَ على كلِّ قلبٍ بِما فيهِ وكفَى الناسَ العملُ». قال ابنُ كثيرٍ: حسنُ الإِسنادِ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «مَنْ تابَ قبلَ أن تطلُعَ الشمس مِنْ مغربِها تاب الله عليه»، رواه مسلم.
وأما الخاصُّ: فهو عندَ حضورِ الأجلِ فمتَى حضر أجلُ الإِنسانِ وعاينَ الموتَ لم تنفعْه التوبةُ ولم تُقْبلْ منه. قال الله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء: 18] وعن عبدِالله بن عمرَ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنهما، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «إن الله يَقْبَلُ تَوبةَ العبدِ ما لَمْ يُغرغِرْ» يعني بِرُوحِه، رواه أحمدُ والترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.

وَمَتَى صحَّتِ التوبةُ باجتماع شروطِها وقُبِلتْ محا الله بها ذَلِكَ الذَّنْبَ الَّذِي تابَ منه وإنْ عَظُمَ. قال الله تعالى: {قُلْ يعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر: 35].
وهذه الآيةُ في التائبينَ المنيبينَ إلى ربِّهم المسلِمين لَهُ. قال الله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } [النساء: 110].
فبادِرُوا رَحِمَكم الله أعماركم بالتوبةِ النصوحِ إلى ربِّكم قبل أن يفجأكم الموتُ فلا تستطِيعون الخلاص.
اللَّهُمَّ وفقْنَا للتوبةِ النصوحِ التي تمْحُو بها ما سلَفَ من ذنوبنا ويسِّرْنَا لليُسْرى، وجنِّبْنَا العسرى، واغفرْ لنا ولوالِدِينا ولجميع المسلمينَ في الآخِرةِ والأولى، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ. وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ وآلِهِ وصحبِه أجمعين.









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 01:48   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

في ختام الشهر

الحمدُ لله الواسعِ العظيم، الجوادِ البَرِّ الرَّحِيم، خلقَ كلَّ شَيْء فقدَّره، وأنزلَ الشرعَ فَيَسَّره وهو الحكيمُ العليم، بدأ الخلقَ وأنهاه، وسيَّر الفَلَكَ وأجراه، {وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرجُونِ الْقَدِيمِ * لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تدْرِكَ القَمَرَ وَلاَ الَّليْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [يس: 38-40].
أحمدُهُ على ما أوْلى وهدَى، وأشكرهُ على ما وهبَ وأعطَى، وأشهدُ أنه لا إِله إِلاَّ هو الملك العليُّ الأعلى، الأولُ الَّذِي ليس قَبْلَه شَيْء، والآخِرُ الَّذِي ليس بَعْدَه شيء، والظاهرُ الَّذِي ليس فوقَه شيء، والباطِنُ الَّذِي ليس دونَه شيء، وهو بكلِّ شيء عليم، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه المصطفى على المرسلين، صلَّى الله عليه وعلى صاحبِه أبي بكر أفضل الصِّدِّيقين، وعلى عمرَ المعروفِ بالقوةِ في الدِّين، وعلى عثمانَ المقتولِ ظلماً بأيدي المجرمين، وعلى عليٍّ أقربِهم نسباً على الْيقين، وعلى جميعِ آلِهِ وأصحابِه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلَّم تسليماً.
إخواني: إن شهرَ رمضانَ قَرُبَ رحيلُه وأزِفَ تحويلُه، وإنه شاهدٌ لكم أو عليكم بما أودعتموه من الأعمال، فمن أودعه عملاً صالحاً فليحمد الله على ذلك وليَبْشِر بِحُسْنِ الثوابِ، فإن الله لا يضيعُ أجرَ مَنْ أحسنَ عملاً، ومن أودَعه عملاً سيئاً فَليتُبْ إلى ربِّه توبةً نصوحاً فإن الله يتوبُ على من تاب، ولَقَدْ شرعَ الله لكم في خِتامِ شهرِكم عباداتٍ تزيدُكم من الله قُرْباً وتزيدُ في إيمانكم قُوَّةً وفي سِجلِّ أعمالِكم حسنات، فشرعَ الله لكم زكاةَ الفطرِ وتقدَّم الكلامُ عليها مفصَّلاً، وشرع لكم التكبيرَ عند إكْمالِ الْعِدَّةِ من غروبِ الشمس ليلة العيدِ إلى صلاةِ العيدِ. قال الله تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [البقرة: 185] وصِفتُهُ أنْ يقولَ الله أكبر الله أكبر لا إِله إِلاَّ الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، ويُسَنُّ جهرُ الرجالِ به في المساجدِ والأسواقِ والبيوتِ إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادتِه وشكرِه ويُسِرُّ به النساءُ لأنهن مأموراتٌ بالتَستُّر والإِسرار بالصوتِ، ما أجملَ حالَ الناسِ وهُمْ يكبِّرون الله تعظيماً وإجلاَلاً في كلِّ مكانٍ عندَ انتهاء شهرِ صومِهم يملؤون الآفاق تكبيراً وتحميداً وتهليلاً يرجون رحمةَ اللهِ ويخافون عذابَه. وشرَع الله سُبحانه لعبادِه صلاةَ العيدِ يومَ العيد وهي من تمام ذكر الله عزَّ وجلَّ، أمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم بها أمَّتَه رجالاً ونساءً، وأمْرُه مطاعٌ لقولِه تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَالَكُمْ } [محمد: 33]. وقد أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم النساءَ أن يَخْرُجنَ إلى صلاةِ العيد، مع أنَّ البيوتَ خيرٌ لهن فيما عدَا هذه الصلاة.
وهذا دليلٌ على تأكيدها، قالت أمُّ عطيةَ رضيَ الله عنها: أمَرَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أن نُخرجهُن في الْفِطْرِ والأضحى؛ العَوَاتِقَ والحُيَّضَ وذواتِ الخُدورِ، فأمَّا الحيَّضُ فيعتزِلْنَ المُصَلَّى ويشهدنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين. قلتُ: يا رسولَ الله إحْدانَا لا يكونُ لها جِلبابٌ، قال: «لِتُلْبِسْها أختُها مِنْ جلبابِها». متفق عليه. الجلبابُ لباسٌ تلتحفُ فيه المرأة بمنزلةِ العباءةِ.
ومن السُّنَّة أنْ يأكُلَ قبلَ الخروجِ إلى الصلاة في عيدِ الفطرِ تَمَرَاتٍ وتراً ثلاثاً أوْ خمساً أو أكثرَ من ذلك يَقْطَعُها على وِترٍ لقولِ أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لا يَغْدُو يومَ الفطرِ حتى يأكل تمراتٍ ويأكلُهن وِتراً»، رواه أحمد والبخاري. ويخرُجُ ماشياً لاَ راكباً إلا مِنْ عذرٍ كعَجْزٍ وبُعْدٍ لقولِ عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه: «من السنةِ أن يخرُجَ إلى العيدِ ماشياً»، رواه الترمذيُّ وقال: حديث حسن[68]. ويسنُّ للرجلِ أنْ يتجَمَّل ويلبسَ أحسنَ ثيابِه لما في صحيح البخاري عن عبدالله بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: أخَذَ عُمَرُ جبةً من إسْتَبرقٍ ـ أي حريرٍ ـ تباعُ في السوقِ فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالَ: يا رسولَ الله ابْتَعْ هذِه يعني اشتَرِها تجمَّلُ بها للعيدِ والوفودِ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنما هذِهِ لباسُ مَنْ لا خلاقَ له»، وإنما قالَ ذلك لكونها حريراً. ولا يجوزُ للرجل أن يلبسَ شيئاً من الحريرِ أو شيئاً من الذهب لأنهما حرامٌ على الذكورِ من أمَةِ محمد صلى الله عليه وسلّم. وأما المرأةُ فتَخرجُ إلى العيدِ غير متجمِّلةً ولا متطيِّبةً ولا متبرجةً ولا سافرةً لأنها مأمورةٌ بالتَّسَتر منهِيةٌ عن التبُّرِجِ بالزينةِ وعن التطيُّبِ حالَ الخروجِ.
ويُؤَدي الصلاةَ بخشوعٍ وحضورِ قلبٍ، ويكثرُ من ذكرِ الله ودعائِه ويرجو رحمتَه، ويخافُ عذابَه، ويتذكرُ باجتماع الناس في الصلاةِ على صعيد المسجدِ اجتماعَ الناسِ في المَقَام الأعظمِ بينَ يدي الله عزَّ وجلَّ في صعيدِ يومِ القيامةِ، ويَرى إلى تفَاضِلِهم في هذا المجتمع فيتذكر به التفاضلَ الأكبرَ في الآخرةِ، قال الله تعالى: {انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَـاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } [الإِسراء: 21]. ولْيكُنْ فَرحاً بنعمةِ الله عليه بإدراكِ رمضانَ وعمل ما تَيَسَّرَ فيه من الصلاةِ والصيام والقراءةِ والصدقةِ وغير ذلك من الطاعاتِ فإنَّ ذلك خيرٌ من الدنيا وما فيها {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [يونس: 58] فإنَّ صيامَ رمضانَ وقيامَه إيماناً واحتساباً من أسباب مغفرةِ الذنوبِ والتخلصِ من الآثام. فالمؤمِنُ يفرحُ بإكمالِه الصومَ والقيام، لتَخلُّصِه به من الآثام، وضعيفُ الإِيمانِ يفرحُ بإكمالِه لتَخلُّصِه من الصيامِ الَّذِي كان ثقيلاً عليه ضائقاً به صدرُه، والْفَرقَ بين الفرحين عظيم.
إخواني: إنه وإن انْقَضَى شهرُ رمضانَ فإن عمل المؤمنِ لا ينقضِي قبْلَ الموت. قال الله عزَّ وجلَّ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99]، وقال تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } [آل عمران: 102]، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «إذا مات العبدُ انقطعَ عملُه»، فلم يَجْعلْ لانقطاع العملِ غايةً إلاّ الموتَ، فلئِن انقضى صيامُ شهرِ رمضانَ فإن المؤمنَ لن ينقطعَ من عبادةِ الصيام بذلك، فالصيام لا يزالُ مشروعاً ولله الحمد في العام كلِّه.
ففي صحيح مسلمٍ من حديثِ أبي أيوبَ الأنصاريِّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «من صامَ رمضانَ ثم أتْبَعه ستاً من شوالٍ كان كصيام الدهرِ». وصيامُ ثلاثةِ أيام من كلِّ شهرٍ قال فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله»، رواه أحمد ومسلم. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: أوصانِي خَلِيلي صلى الله عليه وسلّم بثلاثٍ وذكر منها صيام ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهر.
والأوْلَى أن تكونَ أيامَ الْبِيض وهي الثالث عشرَ والرابعَ عشرَ والخامسَ عشرَ،لحديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «يا أبا ذرٍّ إذا صمت من الشهر ثلاثةً فصُم ثلاثَ عشرةَ وأربعَ عشرةَ وخمسَ عشرةَ»، رواه أحمد والنسائي في الصحيح.
وفي صحيح مسلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سُئِلَ عن صومِ يومِ عرفة فقال: «يُكَفِّرُ السنةَ الماضيةَ والباقيةَ». وسُئِلَ عن صيامِ عاشُورَاءَ فقال: «يُكَفِّر السنةَ الماضيةَ». وسُئِلَ عن صومِ يوم الاثنين فقال: «ذَاكَ يومٌ وُلِدتُ فيه ويومٌ بُعِثْتُ فيه أوْ أُنزِلَ عَلَيَّ فيه». وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم سُئِلَ: أيُّ الصيامِ أفضلُ بَعْد شهرِ رمضانَ؟ قال: «أفضلُ الصيامِ بعد شهرِ رمضانَ صيامُ شهر الله المحَرَّمِ».
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: «ما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم اسْتَكْمَل شهراً قطُّ إِلاَّ شهرَ رمضانَ. وما رأيتُه في شهرٍ أكثرَ صياماً منه في شعبانَ». وفي لفظ: «كان يصومُه إِلاَّ قليلاً». وعنها رضي الله عنها قالتْ: «كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يتَحَرَّى صيامَ الاثنين والخميس»، رواه الخمسة إلاَّ أبا داودَ فَهُوَ له من حديثِ أسامةَ بن زيدٍ. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «تُعْرَضُ الأعمالُ يومَ الاثنينِ والخميسِ فأحبُّ أن يُعْرَضَ عملِي وأنا صائمٌ»، رواه الترمذيُّ
ولئِن انقَضَى قيامُ شهرِ رمضانَ فإنَّ القيامَ لا يزالُ مشروعَاً ولله الحمدُ في كلِّ ليلةٍ من ليالِي السَّنَةِ ثابتاً من فعلِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم وقولِه، ففي صحيح البخاري عن المغيرةِ بن شعبةَ رضي الله عنه قال: إن كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لَيَقُومُ أو لَيُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدمَاه، فيقالُ لَهُ فيقولُ: «أفَلاَ أكونُ عبداً شكوراً؟»، وعن عبدِالله بن سَلاَم رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «أيُّها الناسُ أفْشُوا السَّلامَ وأطِعموا الطعامَ وصِلُوا الأرحامَ وصَلُّوا بالليل والناسُ نيامٌ تَدْخلوا الجنةَ بسَلامِ»، رواه الترمذيُّ وقال: حسن صحيح[70].

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «أفضلُ الصلاةِ بعد الفريضة صلاة الليل». وصلاة الليل تشمل التطوع كلَّه والوتر فيصلِّي مَثْنَى مثنى فإذا خَشِيَ الصبحَ صلَّى واحدةً فأوتَرَت ما صَلَّى، وإن شاءَ صلَّى على صفةِ ما سبقَ في المجلس الرابعِ.
وفي الصحيحين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «يَنْزلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلِّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا حينَ يبقى ثلثُ الليل الآخِرُ فيَقولُ: مَنْ يدعونِي فأسْتجِيبَ له؟ مَن يسألُني فأعطيه؟ من يستغفَرُني فأغفرَ له؟».
والرواتبُ التابعَةُ للفرائِض اثنتَا عشْرةَ ركعةً: أربعٌ قبل الظهرِ وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاةِ الفجرِ، فَعَنْ أمِّ حبيبةَ رضي الله عنها قالتْ: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يقولُ: «ما من عبدٍ مسلمٍ يصلَّي لله تعالى كلَّ يومٍ ثِنْتَيْ عَشْرة ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة»، وفي لفظ: «من صلَّى ثِنْتَي عشرةَ ركعةً في يومٍ وليلة بُنِي له بهن بيتٌ في الجنة»، رواه مسلم.
والذِّكرُ أدْبارَ الصلواتِ الخمس أمرَ اللهُ به في كتابه وحثَّ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103].
وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إذا سلَّم استغفرَ ثلاثاً وقال: «اللَّهُمَّ أنتَ السلامُ ومنكَ السلامُ تباركتَ يا ذَا الجلالِ والإِكرام»، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «من سبَّح الله في دُبُرِ كلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثينَ وحمدَ اللهَ ثلاثاً وثلاثين وكبَّرَ ثلاثاً وثلاثين فتلك تِسْعةٌ وتسعون، ثم قالَ تمام المئةِ لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ لهُ، لهُ الملكِ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثلَ زَبَد البحرِ»، رواه مسلم.
فاجتهدُوا إخوانِي في فعلِ الطاعاتِ، واجتنبُوا الخطايَا والسيئاتِ، لتفوزُوا بالحياةِ الطيبةِ في الدنيا والأجْرِ الكثير بعد المَمَات قال الله عزَّ وجلَّ: {مَنْ عَمِلَ صَلِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ طَيِّبَةً} [النحل: 97].
اللَّهُمَّ ثبِّتنا على الإِيمانِ والعملِ الصالحِ، وأحينَا حياةً طيبةً، وألْحِقْنَا بالصَّالحين، والحمد لله ربِّ العالمينَ وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين.
وإلى هنا انتهى ما أردنا كتابته في هذا، نسألُ الله أن يجعلَ عملنَا خالصاً لوجهه ومقرباً إليه ونافعاً لعباده، وأن يتولانا في الدنيا والآخرةِ ويهدينَا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.


المصدر مجالس العلامة العثيمين الرمضانية .









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 01:56   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

هذا ما تيسر جمعه بفضل الله ومنه و كرمه ، و إن كُنتُ أود إخراجه في أحسن صورة مع بعض الإضافات لولا أنني واجهت مشكلة تقنية تتعلق بالمتصفح لم أعلم سببها لحد الآن ، جعلتني أجد صعوبة كبيرة في فتح الموضوع و تنسيقه و ترتيبه .

لهذا أنا أعتذر ، و أسأل الله العلي القدير باسمائه الحسنى و صفاته العلى أن يوفقنا للخير كله عاجله و آجله ، و أن يجنبنا الشر كله عاجله و آجله ، إنّه ولي ذلك و القادر عليه
وسبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك .

القَوْلُ السَّدِيد في الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَنكَرَ تَقْسِيمَ التَّوْحِيد









آخر تعديل عمي صالح 2015-07-07 في 17:59.
رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 04:27   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي

اللَّهُمَّ وفقْنَا للتوبةِ النصوحِ التي تمْحُو بها ما سلَفَ من ذنوبنا ويسِّرْنَا لليُسْرى، وجنِّبْنَا العسرى، واغفرْ لنا ولوالِدِينا ولجميع المسلمينَ في الآخِرةِ والأولى، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ وآلِهِ وصحبِه أجمعين.

جزاك الله خيرا وبارك فيك
موفق بإذن الله










رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 09:22   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
عثمان الجزائري.
مؤهّل منتدى الأسرة والمجتمع
 
الصورة الرمزية عثمان الجزائري.
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم بلغنا ليلة القدر و أغفر لنا و أرحمنا و عافنا و أعف عنا بمنك و جودك و كرمك يا أرحم الراحمين
جزاك الله خيرا و نفع بك









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 12:30   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
موسى عبد الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية موسى عبد الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا و نفع بك

بارك الله فيك على حسن الاختيار
فاولا العلم فالعلم بالتوحيد؛ بأن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة وحده،


[
والعلم أقسام ثلاث مالها °°°°°°° من رابع والحق ذو تبيانِ
علم بأوصاف الإله وفعله °°°°°°° وكذلك الأسماء للديانِ


]









رد مع اقتباس
قديم 2015-07-06, 15:24   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
oum salim
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية oum salim
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا و نفع بك و جعل ما قدمت في ميزان حسناتك

تقبل الله منا و منكم صالح الاعمال و الطاعات










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
عمار


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc