البناء الفوضوي في الجزائر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

البناء الفوضوي في الجزائر

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-11, 20:25   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 البناء الفوضوي في الجزائر

تمـهــيـد:

- يعتبر العقار محور كل سياسة تنموية في الدولة، فهو أساس الإستقرار و التعامل و التصرفات بين الناس من جهة، و هو مصدر لصراعات كانت و لا تزال مستمرة بين البشر.
- هـذا العقـار الذي تعرفه المادة 683 من القانون المدني الجزائري، بأنه '' كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه و لا يمكن نقله منه دون تلف فهو عقار، و ما عدا ذلك فهو منقول، غير أن المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله يعتبر عقارا بالتخصيص""
فهذا التعريف ينصرف إلى الأراضي و المباني و الأشجار و الطرق و المناجم... كما ينصرف إلى المنقولات بطبيعتها و التي رصدت لخدمة العقار كالجرار بالنسبة للأرض و الأبواب و النوافذ بالنسبة للمسكن و هكذا دواليك.
إلا أن موضوع بحثنا هذا يدعونا إلى التركيز على شيئين أساسا من عناصر المفهوم السابق و هما المباني و الأراضي، و إنطلاقا من هذا نقول أن الدولة الجزائرية الفتية قد ورثت غداة إستقلالها الفتية تركة عقارية مثقلة بالمشاكل تلخصها الإحصائيات التالية:
1- الأراضي المفرنسة بسندات = 4.969.102 هكتار.
2- أراضي من نوع ملك بدون سندات = 4.406.356 هكتار.
3- أراضي عرش بدون سندات = 2.071.582 هكتار.
4- أمـلاك الدولـة = 4.694.214 هكتار.
5- أمـلاك البلديـة = 4.117.905 هكتار.
و من بين هذه الأراضي هناك حوالي 11.447.040 هكتار تعود ملكيتها للخواص و منها 9.200.000 هكتار يحوزها جزائريون و 2.247.040 هكتار بيد الأوروبيين الذين كانوا يتواجدون بالجزائر .
- إن هذه الإحصائيات تبرز شيئين أساسيين، فهي تبرز من جهة تنوع الأنظمة القانونية المطبقة آنذاك على العقار، كما تبرز من جهة أخرى حجم المشاكل التي يمكن أن تعترض الجزائر غداة إستقلالها في تنظيم العقار و التحكم فيه.
- و إذا عدنا بالزمن إلى ما قبل ذلك حتى تتضح الصورة أكثر، فإننا نجد أن الأراضي قبل العهد العثماني في الجزائر كانت تخضع في نظامها لأحكام الشريعة الإسلامية لاسيما ما تعلق بمبدأ الأحياء و لبعض الأعراف المحلية كذلك كالشهرة و نظام الجماعة. و على هذا فقد كانت الأراضي آنذاك تتصنف إلى أراضي ملك للأفراد أو العائلات على الشيوع، و أراضي حبس حبست على جهات خيرية أو على الأهل من أولاد و تسلهم، بالإضافة إلى أراض تستغل جماعيا من طرف عرش أو قبيلة تسمى أراضي العرش، و إن كان البعض يقول بأن أرض العرش هو في الأصل مصطلح مستحدث و غريب عن التنظيم العقاري المحلي و أنه لم يكن معروفا قبل الإحتلال الفرنسي، لأن أساس هذا التنظيم هو التملك الفردي. و الإقامة المؤقتة للقبائل ببعض المناطق، لا تعني تملكهم لها حيث أن معيشتهم أصلا تعتمد على الحل و الترحال مثلما يذكر إبن خلدون في مقدمته الشهيرة
- و لم يتأثر التنظيم العقاري بمجيء الأتراك للجزائر نظرا لإشتراكهم في العقيدة، و إنما تغيرت فقط بعض المصطلحات المتعلقة بهذه الأموال و المستلهمة من اللغة التركية و من بينها ملكية البايلك التي توافق مفهوم الملكية العامة، و نظام العزالة المستخدم في إستغلال المراعي بينما بقيت باقي التسميات على حالها، و ظهرت إضافة لذلك الملكيات الخاصة برجال الحكم في مختلف مراتبهم من الداي فالباي إلى الباشا و القياد و الشيوخ على المستوى المحلي

- و مع مجيء الإستعمار الفرنسي، كشف النقاب عن وجهه الإستيطاني و ذلك لإنشغاله منذ الوهلة الأولى بالتراث العقاري المحلي. و كانت أولى الإجراءات المتخذة من قبل الإدارة الإستعمارية البدء بمصادرة العقارات المملوكة للإدارة التركية بما فيها أملاك الدايات و البايات بناءا على الأمر الذي أصدرته بتاريخ 08/09/1930، رغم وجود معاهدة مبرمة بين الطرفين مؤرخة في 04/07/1830 تتعهد بمقتضاها الإدارة الفرنسية حسب نص المادة الثانية منها بعدم المساس بالأملاك العقارية للداي. كما تمت مصادرة الأملاك التابعة للمؤسسات الوقفية ذات الطابع الديني قياسا على الأملاك الموقوفة لصالح الكنيسة في أوربا، حيث أن الإدارة الإستعمارية أعتبرت نفسها ممثلا للكنيسة لإضفاء الشرعية في مصادرة هذه الأملاك و الإشراف عليها، و عمدت بعدها بإصدار مرسوم 10/06/1933 تلغي بموجبه نظام الحبوس نهائيا و إدراج كافة الأراضي المنضوية تحت نطاقه ضمن الدومين العام الفرنسي. و قبل هذا التاريخ في 31/12/1830 أصدرت أمرا مكملا للأمر الصادر بتاريخ 08/09/1930 يقضي بمصادرة أراضي الأهالي المتهمين بالإشتراك في المقاومة.
- أما بخصوص الملكية الخاصة للأهالي، فقد أنشأت الإدارة الإستعمارية بتاريخ01/03/1833 لجنة خاصة كلفتها بفحص سندات الملكية التي يتوفر عليها الأهالي لفترة ما قبل الإحتلال، و أمهلت اللجنة الأهالي ثلاثة أيام فقط لتقديمها و إلا ستصادر أراضيهم بعد تصنيفها ضمن دائرة الأملاك الشاغرة و بالموازاة مع هذه الإجراءات قامت في 27/09/1836 بتوزيع أولى الحصص العقارية على المستوطنيـن الجـدد القادمين من فرنسا و مختلف مناطق أوربا، و التي بلغت في المرحلة الأولى 173 قطعة لترتفع في السنة الموالية لها إلى 249 تجزئة عقارية ذات طابع فلاحي، انتزعت أغلبها من ملاكها الأصليين .
و في 01/10/1844 صدر الأمر الذي أضفى الشرعية على العقود الممنوحة للمستوطنين من قبل الإدارة الإستعمارية، كما ابتكر مبدأ يفتح الباب أمام مزيد من المصادرات، فحواه أن عدم إستغلال الأراضي يعتبر في نظر القانون سببا كافيا لنزع الملكية. كما قلل هذا الأمر من حجية العقود الشرعية التي كان يحررها القضاة الشرعيون وفق الشريعة الإسلامية حتى ذلك الوقت، إذ اشترط في بنوده أن تتم المصادقة الرسمية على جميع العقود الشرعية من قبل الإدارة الإستعمارية و إلا كانت باطلة بما يجعل الأرض المتعلقة بها شاغرة يجوز للدولة إدماجها ضمن أملاكها طبقا للمادة 713 من القانون الفرنسي آنذاك.كما أن هذا الأمر منح الإختصاص للمحاكم الفرنسية دون غيرها بالنظر في الإعتراضات المتعلقة بأموال الحبوس و كل النزاعات المتعلقة بها تمهيدا للإستيلاء عليها، لكون أغلب المواطنين لا يملكون حينها عقود ملكية.
- عقب هذا إزداد الطابع التحكمي لنزع الملكية العقارية مع صدور الأمر المؤرخ في 02/07/1846 الذي تضمن مبدأ تحديد ملكية الأهالي بالقدر الذي يضمن لهم العيش في حدود ثلاثة هكتارات على الأكثر. و بموجب المرسوم المؤرخ في 11/06/1858 تم إدخال حالة الطوارىء كسبب إضافي لنزع الملكية .
- بعد كل هذا ركز المستعمر على أراضي العرش حيث إعترف بها في البداية كملكية مشتركة بين أفراد العرش، بموجب الأمر المؤرخ في 02/07/1846 لينتقل في مرحلة لاحقة لإصدار قانون سيناتوس كونسيلت بتاريخ 21/04/1863 الذي قضى بتقسيم أراضي العرش بين أفراد العرش أو القبيلة في حدود ثلاثة هكتارات لتصبح بذلك ملكيات فردية قابلة لكافة أنواع التصرف، و هذا بالطبع لتسهيل التنازلات الفردية بشأنها لصالح المعمرين ليصدر بعد كل هذه الترتيبات القانون المسمى بقانون فارني بتاريخ 26/07/1873 الذي قضى بخضوع كل الأراضي الجزائرية للنظام الفرنسي و ألغى بذلك القوانين الإسلامية التي كانت تحكم العقارات في الجزائر.
- و لكون هذا القانون الأخير أدى إلى تناقض في سندات الملكية فقد تم تعديله بموجب قانون 16/02/1897 الذي أنشأ ما يسمى بنظام تصفية التملك عن طريق التحقيقات من قبل الدولة أو الخواص (المحقق الباحث)، و قد عدل هذا القانون و تم بموجب قانون 04/08/1926 لاحقا. و يمس التحقيق كافة العقارات أيا كان نوعها عرشية أو ملكية على أن يكون هذا التحقيق إجماليا تقوم به الإدارة من تلقاء نفسها لتحديد الطبيعة القانونية للأرض إذا لم يتقدم أصحابها بطلبات التمليك، لتصبح الأرض في الأخير خاضعة لأحكام التشريع العقاري الفرنسي مع تغيير طبيعتها القانونية إلى ملكية خاصة قابلة لكل التصرفات. أو يكون هذا التحقيق جزئيا بناءا على طلب يرفعه شاغل الأرض إلى عامل العمالة (الوالي) للحصول على سند تمليك و يتضمن كافة بيانات العقار. يتولى بعدها الوالي إصدار قرار إداري يحدد فيه يوم إنتقال المحقق الباحث لعين المكان، إذا استوفى الطلب المقدم شروطه، و يتلقى كافة الوثائق و المستندات و يستمع للملاك المجاورين فإن لم يكن لأي أحد إعتراض يسلم للمطالب سند ملكية من طرف مصلحة أملاك الدولة بعد إنتهاء التحقيق و صدور قـرار الإعتمـاد (L’homologation) من طرف الحاكم العام الفرنسي بالجزائر .
و الملاحظ أن كثيرا من العقود المحررة من قبل القضاة الشرعيين و الموثقين خلال تلك الفترة ترتكز في مضمونها لقانون 16/02/1897المتمم بالقانون المؤرخ في 04/08/1926 الذي أسس هو الآخر لنظام " البيع الواقف على شرط الإيجار" الذي يعني أن المشتري لا يتملك العقار بصفة نهائية إلا بعد إستكمال إجراءات التحقيق الخاصة بالتمليك من قبل الإدارة الإستعمارية، و إلى غاية ذلك يظل المشتري يقوم بإستغلال العقار على وجه الإيجار الدائم لأجل غير محدد ينتهي بالحصول على سند الملكية. لكن بعد إستقلال الجزائر بقيت كثير من أراضي العرش دون سندات ملكية لعدم إستكمال إجراءات التحقيق و البحث مما رفع النزاعات بشأنها لاحقا .
- نقول كل هذا لنؤكد ما ذكرناه في البداية بشأن أهمية العقار في كل سياسة حتى و لو كانت إستعمارية، و لنبين من جهة حجم المشاكل التي ورثتها الجزائر المستقلة عن المستعمر بشأن الوعاء العقاري.
- لهذا بادرت الجزائر في: 24/08/1962 بإصدار الأمر 62/02 لمعالجة الفراغ التشريعي في تلك الفترة و تحافظ على الأملاك الشاغرة التي تركها الأجانب الذين غادروا أرض الوطن قبل أن تقرر في 23/10/1962 إبطال جميع المعاملات العقارية المبرمة في الفترة من 05/07/1962 إلى أكتوبر 1962 بموجب المرسوم 62/03، أما بشأن الأراضي الفلاحية فقد أقر مرسوم 63/65 المؤرخ في 22/03/1963 أسلوب التسيير الذاتي بشأنها ريثما يتفرغ المشرع لتنظيمها جذريا، كما أن المرسوم 64/283 المؤرخ في: 17/09/1964 تولى تنظيم أملاك الحبس العام.
- و يصدر قانون التوثيق بموجب الأمر 70/91 المؤرخ في 15/12/1970 الذي بدأ سريانه إبتداءا من 01/01/1971 أصبح الموثق مكلفا بالإشراف على المعاملات العقارية في حين أن إثبات الملكية الخاصـة يخضـع لأحكــام المرسـوم 73/32 المؤرخ فـي 05/01/1973. و حـاول الأمر رقم 74/26 المؤرخ في 20/04/1974 تكوين إحتياطات عقارية لصالح البلديات بغرض إستغلالها فـي النشاطـات التنمويـة مستقبـلا. ليتـوج هـذا النشـاط التشريعـي الـدؤوب بصـدور الأمـر 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري.
- يحق بعد كل هذا الإسهاب لكل واحد أن يتساءل عن علاقة هذا الجانب التاريخي بموضوع بحثنا؟ و له طبعا كل الحق في ذلك. أما الإجابة عن هذا السؤال فتكمن في أن بعض المشاكل تقتضي منا أن نعود في الزمن أبعد ما يكون لنستوعب مسبباتها و نحصر حجمها و من ثمة نحاول البحث عن حلول جذرية لها. من خلال هذه النظرة التاريخية نسجل كيف سعت الإدارة الإستعمارية للإستيلاء على العقار بكل الطرق، و كيف تريد الجزائر المستقلة بسط القانون على كل شبر أرض، إلا أن عوائق شتى ما تزال تحول دون ذلك.
- فالعائق الأول يتمثل فيما خلفه المستعمر من تغيير للطبيعة القانونية لعدة أنماط من الملكية من جهة و لوجود عدة أراض دون سندات ملكية من جهة أخرى، أما العائق الثاني فيتمثل في تعثر عملية المسح العام للأراضي. فهذه العملية التي كان مقررا لها أن تنطلق مع صدور قانون الثورة الزراعية بموجب الأمر 71/73 المؤرخ في 08/11/1971 . تأخر إنطلاقها إلى غاية صدور الأمر المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري في 12/11/1975، و أكثر من هذا فإن هذا المسح الذي لم يغطي كل تراب الوطن بسبب مشاكل مالية و تقنية، أصبح مهددا بالتقهقر حيث أن إحصائيات سنة 2000 تشير إلى أنه من ضمن 761 بلدية التي تم مسحها من مجمل بلديات الوطن البالغ عددها 1541 فإن 334 بلدية فقط سلمت فيها الدفاتر العقارية .
- و العائق الأكبر الذي يكاد ينسف كل الجهود هو مشكل البناء الفوضوي، حيث في الوقت الذي كانت الجهود تبذل للمحافظة على الوعاء العقاري و تنظيمه قانونا، كان هناك مشكل بدأ يطفو إلى السطح و يستنزف الوعاء العقاري المرصود للمشاريع التنموية، و من خلال هذا البحث المتواضع نحاول الوقوف على أسباب هذا المشكل و الجهود التي بذلت لمعالجته، عسى أن نخرج في الأخير ببعض المقترحات في هذا الشأن غير أن تركيزنا كل التركيز سيقتصر على دراسة هذا المشكل من زاوية قانونية بحتة، ليبقى للمختصين في علم النفس و علم الإجتماع و السياسة، كل بحسب مستواه و نظرته للمظاهرة، دراسة هذا المشكل من الجوانب الأخرى المتبقية.
- و للولوج في دراسة هذا الموضوع لابد أن نقف كذلك عند ضبط المصطلح الذي سنستعمله، و مضمونه في نظرنا من الناحية القانونية، ذلك أن التعبير عن موضوع دراستنا قد استغرق مصطلحات متعددة نتناولها بالمناقشة تباعـا:

1/ السكـن القصـديـري (Les Bidons Villes) :

- ربما يكون هذا المصطلح هو المصطلح الأكثر عفوية الذي استعمل للدلالة على شكل بدأ يظهر و يتفاقم خاصة بمحيط المناطق الحضرية. و عفوية هذا المصطلح تظهر في أنه اقتبس من تكوين المسمى إسما له. ذلك أن الأفراد إتجهوا إلى إنشاء بنايات و سكنوها، و كانت مواد بنائها تتشكل أساسا من صفائح القصدير التي كانت تبدو لهم عملية للإسراع في إنشاء مثل هذه السكنات و الإستقرار بهـا.
- و هذا أصبح مصطلح السكنات القصديرية هو المصطلح المعروف بالمفهوم الشعبي، كما أن وسائل الإعلام تبنت هذا الإسم و أصبحت تشير لمثل هذه البنايات بهذا الإسم لإيصال المعنى.
- غير أن تمحيص هذا المصطلح من الناحية القانونية يجرده من كل معنى، فالذي يهمنا كقانونيين أن يعكس المصطلح الطبيعة القانونية لمثل هذه البنايات. و طبعا فمصطلح السكن القصديري لا يفي بهذا الغرض، فالسكن القصديري لا يوضح وضعية العقار الذي بني عليه و لا وضعية مالكه، فالفرد حـر في أن يبني على أرضه بمختلف مواد البناء ما لم يكن في ذلك ضرر بالآخرين، و بهذا يظهر قصـور المصطلح في التفرقة بين الساكن في سكن قصديري بطريقة لا تتعارض مع القانون من غيره في الحالة العكسية.




2/ البنـاء الفـوضـوي (La Construction Désorganisée) :

- يعتبر هذا المصطلح أكثر شمولا مبدئيا من مصطلح السكن القصديري، كما أنه يحمل في طياته مقاربة من الجانب القانوني أو الوضعية القانونية لهذا السكن. و مصطلح البناء الفوضوي يرسم في الفكر مباشرة تصورا أوليا بشأن هذا النوع من السكن، حيث يتبادر للذهن مباشرة تصور في شكل عدة مباني متناثرة حول المناطق الحضرية دون إنسجام يتماشى و المقاييس العمرانية التي تؤهلها لتكوين مدينة أو قرية .

- أو يتبادر للذهن تصور مساكن متلاصقة فيما بينها لا تحترم فيها الإرتفاقات الخاصة بالطريق أو الإصطفاف في أشكال هندسية منسجمة تمكن من ربطها بشبكات الخدمة القاعدية من كهرباء، و ماء و صرف صحي.
- و في كلتا الحالتين يكون تصورنا صحيحا، لكنه يبقى قاصرا رغم ذلك عن تحديد الوضع القانوني للأراضي التي أنشئت عليها مثل هذه المساكن.

3/ البنـاء المحظـور (La Construction Illicite) :

- الحظر مفهوم قانوني معروف و بالأخص في قانون الجمارك حيث تصنف البضائع إلى بضائع محظورة و أخرى غير محظورة، بالإضافة لبضائع محظورة حظرا مطلقا و أخرى محظورة حظرا مؤقتا، كما قد يتعلق الأمر بحظر بعض البضائع ذات المنشأ المعين لدواعي أمنية و سياسية أو حظـر بضائع ذات مصدر معين للحفاظ على الصحة العامة.
- و بهذا فمفهوم الحظر يقتضي تدخل المشرع لتحديد المعايير القانونية المعتمدة لحظر البناء و بشكل معين أو في مكان معين بالإضافة للشروط المطلوبة و الإجراءات المتبعة و الجهات المختصة بمتابعة عملية الحظر و كل هذه الأمور إيجابية .
- إلا أن كلمة المحظور قد توحي بمنح البناء تماما بينما الغرض هو الوصول إلى تنظيم عملية البناء بالإضافة إلى أن الحظر يقترب من المفهوم الديني المتمثل في التحريم و يبتعد بهذا عن المجال القانوني الصرف.

4/ البنـاء غيـر القـانـونـي (La Construction Illégale) :

- يأخذ هذا المصطلح في الإعتبار القانون كمعيار لتحديد طبيعة البناء، و يقصد بالقانون في هذا الإطار جملة القوانين المتصلة بالبناء و التعمير التي تفرض شروطا يجب مراعاتها أو الإجراءات يتحتم إتباعها. و يترتب عن عدم إحترام شرط أو إجراء اعتبار البناء الذي تم مخالفا له، بأنه بناء غيـر قانوني .
- و لا يتسع المقام هنا للخصوص في مسألة التفرقة بين مصطلح غير القانوني و غير الشرعي كذلك، طالما أن الشرعية في نهاية المطاف تستلهم أصولها من القانون و مبادئه.
- و بهذا فإننا سنعتمد في هذا البحث المتواضع مصطلح البناء غير القانوني لنحاول البحث في هذا الشكل و أسبابه و طرق معالجته، و سنتبع في ذلك الخطة التالية:


خــطـــة البحـــث


المبحـث الأول: أشكال البنـاء غيـر القانوني و أسبابـه.
المطلـب الأول: أشكـال البنـاء غيـر القانونـي:
الفـــرع الأول: البنـاء بدون رخصـة.
الفـــرع الثانـي: تجـاوز حـدود الرخصـة.
المطلـب الثـانـي: الأسبـاب القانونيـة للبنـاء غير القانونـي:
الفـــرع الأول: قصـور النصـوص القانونيـة.
الفـــرع الثانـي: ضعـف وسائـل الرقـابـة.
الفـــرع الثـالث: تـردد القضـاء.
الفـــرع الرابـع: غيـاب الـردع (الجزاءات الضعيفـة).

المبحـث الثـانـي: الحلـول القانونيـة و دور القـاضـي فيهـا.
المطلـب الأول: الحلول القانونية و تقديرهــا:
الفـــرع الأول: قوانين تسوية الوضعية.
الفـــرع الثانـي: عرض بدائـل قانونيـة.
الفـــرع الثـالث: تشديـد الرقابـة.
الفـــرع الرابـع:تعديـل قانـون للتهيئـة و التعميـر.
المطلـب الثـانـي: دور القـاضـي ضمـن الحلـول القانونيـة:
الفـــرع الأول: دور القاضي الجـزائـي.
الفـــرع الثانـي: دور القـاضـي العـادي (المدنـي).
الفـــرع الثـالث: دور القـاضـي الإداري.

الخـاتمـــة:



المبحـث الأول: أشكـال البنـاء غير القـانونـي و أسبـابـه:

- سبق و اعتمدنا مصطلح البناء غير القانوني لإستعماله في هذا البحث، و من ثم يكون لـزامـا علينا تبيان جملة القوانين التي سنعتمد عليها لتحليل هذا المشكل و تحديد أسبابه من الوجهة القانونية البحتة.
- لهذا وجب التوضيح أن جملة القوانين المعتمدة في هذا البحث هي القوانين الخاصـة بالتهيئــة و التعمير أساسا بالإضافة إلى القانون المتعلق بالغابات و قانون المياه و القوانين المنظمة للعقـار الفلاحي بالإضافة إلى قوانين متصلة بالسياحة و الثقافة و تتدخل بشكل غير مباشر في تنظيم التعاملات العقارية.

المطلـب الأول: أشكـال البنـاء غير القـانونـي:

- رغم الإنتشار الكبير للبناء غير القانوني في عدة أماكن بالوطن فإنه و برده للمعيار القانوني بطبيعة الحال لا يمكن أن يخرج عن أحد شكلين: إما بناء بدون رخصة و إما بناء يجاوز حدود الرخصة.
- و بهذا تظهر الرخصة في مجال البناء كوسيلة فنية لتنظيم البناء، و كوثيقة تحدد مدى احترام البناء لمختلف الشروط و الإجراءات القانونية كذلـك.

الـفـرع الأول: البناء بـدون رخصـة:

- لقد عمد المشرع الجزائري في بداية الأمر إلى إصدار القانون 82/02 المؤرخ في 06/02/1982 و المتعلق بتنظيم إجراءات منح رخصة البناء و رخصة التجزئة. و الملاحظ أن هذا القانون جاء متسرعا لتنظيم مسألة جزئية في مجال التعمير و لكنها ملحة، و هذا قصد التحكم نسبيا في الوعاء العقاري.
- و مع صـدور القـانـون 85/08 المؤرخ في 12/11/1985 المتضمن الموافقة على الأمر 85/01 المؤرخ في 13/08/1985 الذي يحدد انتقاليا قواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليها و حمايتها، بدأ يظهر إتجاه المشرع الجزائري إلى تنظيم قطاع البناء، بشكل أكثر شمولا مما كان عليه في القانون 82/02.
- و قد تأكد هذا المسعى بصدور قانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري الذي عني بتصنيف الأراضي و خص الأراضي العامرة و القابلة للتعمير بالفصل الثاني، حيث ركزت المادة 66 منه على أن أدوات التهيئة و التعمير ستكون المرجع في تحديد طبيعة الأراضي و من ثم التحكم العقلاني في إستغلال الوعاء العقاري و حثت المادة 67 منه الأجهزة المؤهلة التابعة للدولة و الجماعات المحلية على إتخاذ كل التدابير اللازمة لتعد أو تكلف من يعد أدوات التهيئة و التعمير المنصوص عليها، مع الحرص على أن تكون هذه الأدوات محل إشهار واسع ليحتج بها في مواجهة المواطنين، مع إتاحة فرصة لهؤلاء للتدخل و التشاور الفعلي بشأنها كما تؤكد ذلك المادة 70 من نفس القانون.
- ثم أخيرا و بعد طول إنتظار جاء القانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 لينظم بشكل تــام و شامل مجال التهيئة و التعمير، الذي ركز على أن كل تشييد لبناية أو تحويل يتطلب الحصول على رخصة طبقا للمواد 49، 52 و 55 منه.
- و في هذا الإطار جاء المرسوم التنفيذي 91/176 المؤرخ في 28/05/1991 ليحدد كيفية تحضير رخصة البناء و تسليمها و ألغى بحكم المادة 79 منه كل الأحكام المخالفة بالإجراءات الجديدة.


I – المقصـود برخصـة البنـاء:

- تعد رخصة البناء وسيلة إستحدثها المشرع لبسط رقابة الإدارة على المجال العمراني و ذلك بإلزام كل من يريد القيام بالبناء أو التعلية أو إعادة البناء و غيرها من الأشغال المرتبطة، أن يتحصل من الإدارة المختصة على رخصة تبيح له ذلك. و الغرض من هذه الرخصة هو مراقبة مدى مطابقة أعمال البناء لما ينص عليه القانون أو ما يتطلبه السير الحسن لإنجاز المباني في إطار التهيئة العمرانية الشاملة، و هكذا يكون مخالفا للقانون الشروع في البناء من أجل تشييد البنايات الجديدة مهما كان إستعمالها أو صاحبها و لم يستثنى من هذا الشرط إلا البنايات التي لها طابع سري و هي تلك المتعلقة بالدفاع الوطني، على أن يكون على عاتق صاحب المشروع في هذه الحالة الإستثنائية السهر على مطابقة هذه البنايات مع الأحكام التشريعية و التنظيمية في مجال البناء و التعمير حسب ما تؤكد على ذلك المادة 53 من القانون السابق.
- و تعرف رخصة البناء على أنها: (( ترخيص مسبق من البلدية التي سوف تجري فيها أشغال البناء، و ذلك بعد قيام المعني بالأمر بتقديم ملف يتضمن كافة الوثائق التي تثبت إحترام قواعد تنظيم المدن و البناء)) .
- غير أن هذا التعريف يبدو ناقصا لأنه لا يبين المختص بمنح رخصة البناء بشكل دقيق، ذلك أن الإختصاص بمنح رخصة البناء يتوزع بين رئيس المجلس الشعبي في حالة وجود مخطط بلدي لشغل الأراضي (P0S) و الوالي إذا لم يكن مخطط شغل الأراضي بالبلدية منجزا، و الوزير المكلف بالتعمير في الحالات التي يشترطها القانون.
- و على هذا يكون الأجدر بنا أن نعرف رخصة البناء بأنها: (( قرار إداري تصدره جهة مختصة بتنظيم المباني تأذن فيه بإجراء معين يتعلق بالمبنى الذي يصدر بشأنه)) و بهذا فهي في نظر التشريع العمراني الجزائري عبارة عن قرار إداري تصدره جهة إدارية مختصة و محددة قانونا في شخص رئيس المجلس الشعبي البلدي، الوالـي، أو الوزير المكلف بالتعمير كل في حدود إختصاصه .
- و ينبغي أن يتقدم بطلب رخصة البناء و التوقيع عليه من قبل المالك أو موكله أو المستأجر لديه المرخص له قانونا أو الهيئة أو المصلحة المخصصة لها قطعة الأرض أو البناية .
- و هكذا فقد ربطت المادة 52 من قانون التعمير 90/29 مسألة حق البناء بالرخصة، فلا يحق لأي كان أن يقوم بتشييد مبنى بدون ترخيص إداري مكتوب و إلا اعتبر بناؤه غير قانوني.

II – أصنـاف رخصـة البنـاء :

* يمكن أن تصنف رخص البناء إلى صنفين أساسييـن:

أ/ رخصـة بنـاء عـاديـة: تكون في شكل قرار إداري وحيد من الجهة المختصة بمنح رخصة البناء وفق القانون، و هي الشكل الغـالـب في الميدان العملـي.

ب/ رخصـة البنـاء الإستثنائيـة: و نعني بها تلك الحالات التي يشترط فيها القانون الحصول على ترخيص خاص من إحدى الجهات المعنية قانونا قبل الموافقة على منح الرخصة العادية، و تختص هذه الرخصة بمناطق معينة كان قد وضعها المشرع تحت وصاية إحدى الوزارات غالبا نظرا لطبيعتها الإستراتيجية في التنمية أو نظرا لإشتمالها على مناطق أثرية أو لغير ذلك من الأسباب، و من بين هذا نذكـر:
1) في مجـال الغابـات:

- نظـرا للدور المتزايد و الفوائد الجمة للغابة و تعدد وظائفها الإقتصادية و البيئية و الإجتماعية، فقد تزايد إهتمام المشرع بها من أجل حمايتها، و قد جاء القانون 84/12 المؤرخ في 23/07/1984 المتضمن النظام العام للغابات ليترجم هذا الإهتمام بالغابة و أعقبه القانون 91/20 المـــؤرخ في 02/12/1991 من أجل تعديله و تتميمه.
- و قد عرفت المادة 08 من القانون 84/12 الغابة و فصلت المادة 09 ذلك على النحو التالي: (( يقصد بالغابات جميع الأراضي المغطاة بأنواع غابية على شكل تجمعات غابية في حالة عادية.
و يقصد بالتجمعات الغابية في حالة عادية كل تجمع يحتوي على الأقل على:
- مـائـة (100) شجرة في الهكتار الواحد في حالة نضج، في المناطق الرطبة و شبه الجافة.
- ثلاثمائة (300) شجرة في الهكتار الواحد في حالة نضج، في المناطق الرطبة و شبه الرطبة)).
- أما الأراضي ذات الطابع الغابي فيقصد بها حسب المادة 10 من ذات القانون: (( جميع الأراضي المغطاة بالمشاجر و أنواع غابية ناتجة عن تدهور الغابة، و التي لا تستجيب للشروط المحددة في المادتين 8، 9 من هذا القانون. و كذا جميع الأراضي التي لأسباب بيئوية و إقتصادية، يتركز إستعمالها الأفضل على إقامة غابة بها)).
- في حين أن المادة 11 من القانون السابق تلحق مفهوم التكوينات الغابية الأخرى الذي يقصد به كل النباتات على شكل أشجار المكونة لتجمعات أشجار و شرائط و مصدات للريح و حواجز مهما كانت حالتها.
- و هكذا فالقانون 84/12 يبسط حمايته على كل الأملاك الغابية الوطنية بالأصناف التي ذكرناها من غابات و أراضي ذات طابع غابي إلى التكوينات الغابية الأخرى .
- و بهذا فإنه لا يمكن القيام بتعرية الأراضي الغابية دون الحصول على رخصة مسبقة من الوزير المكلف بالغابات بعد أخذ أي المجموعات المحلية المعنية و معاينة وضعية الأماكن .
- و إذا كانت الرخصة ضرورية من الوزير المختص للقيام بتعرية الأراضي الغابية مع العلم أن عملية التعرية قد تدعو لها الحاجة لأوعية عقارية من أجل إنجاز مشاريع تنموية عامة، فإنه يكون من باب أولى إلا يستمر أي بناء في أملاك غابية إلا بعد الحصول على رخصة.
- و هذا ما تؤكده المادة 29 من القانون 84/12 حيث تنص: (( لا يجوز إقامة أي خيمة أو خص أو كوخ أو حضيرة أو مساحة لتخزين الخشب داخل الأملاك الغابية و على بعد اقل من 500 متر منها بدون رخصة من رئيس المجلس الشعبي البلدي بعد إستشارة إدارة الغابات طبقا للتنظيم الجاري به العمل)).
و تضيف المادة 31 من نفس القانون دائما: (( يتم البناء و الأشغال في الأملاك الغابية الوطنية بعد ترخيص من الوزارة المكلفة بالغابات و طبقا للتنظيم الجاري به العمل)).
- من خلال هذا نلحظ أن المشرع بسط حمايته على الغابة و حتى محيطهـا علـى حدود 500 متر، و هذا أمر منطقي من أجل تفادي أخطار الحرائق. و بقي أن نبين أن المشرع إذ يذكر أن البناء في الغابة لا يتم إلا برخصة من إدارة الغابات مسبقا، فإن البناء الذي يرخص به في الغابة عموما هو ذلك البناء المخصص لإقامة أعوان الغابات حتى يكونوا قريبين للتدخل في حالة وجود خطر يتهدد الغابة، أو ذلك البناء المخصص لإقامة مركز دراسات بيئية أو ما شابه، أما الترخيص بإنشاء بناية من أجل السكن فهذا أمر مستبعد، و إذا تم هذا البناء دون الحصول على الرخص المذكورة فإنه يكون بناءا غير قانوني.


2) فـي المجـال السيـاحـي:

- جاء القانون 02/02 المؤرخ في 05/02/2002 المتعلق بحماية الساحل و تنميته، ليقيد البناء في المناطق التي صنفها كمناطق سياحية بشكل يضمن الإستغلال العقلاني للعقار السياحي الموجه للإستثمار و يحافظ على التوازن البيئي حيث فرض قيود خاصة تتعلق بالنشاطات التي يمكن السماح بممارستها في هذه المناطق و كيفية البناء فيها. و أعقبه صدور القانونين 03/01 و 03/02 بنفس التاريخ في 17/02/2003 حيث تعلق الأول منهما بالتنمية السياحية المستدامة و نص على المخطط التوجيهي للتنمية السياحية، فيما تعلق الثاني بتحديد القواعد العامة للإستعمال و الإستغلال السياحيين للشواطيء ووضع قيود تضبط دفتر الشروط التي يلتزم بها كل من يشغل جزء من الشاطيء أو يزاول نشاطا معينا فيه.
- غير أن أهم قانون يتصل بالتهيئة و التعمير في هذا الجانب هو القانون 03/03 المؤرخ في 17/02/2003 الذي يتعلق بمناطق التوسع السياحي و المواقع السياحية، حيث ضبط شروط حماية المناطق السياحية و مناطق التوسع السياحي، و فرض قيودا على إستغلال الأراضي في هذه المناطق و أخضع منح رخصة البناء داخل هذه المناطق إلى رأي مسبق إجباري من الوزارة المكلفة بالسياحـة، بالإضافة إلى رأي مسبق من الوزارة المكلفة بالثقافة إذا إشتملت المناطق المصنفة مناطقا سياحية على مناطق مصنفة كمعالم أثرية .
- و في نفس الإطار فرض القانون 99/01 المؤرخ في 05/01/1999 المحدد للقواعد المتعلقة بالفندقة في المادة 46 منه و ما يليها، على كل شخص يريد الحصول على رخصة بناء أو تعديل أو تهيئة أو تهديم مؤسسة فندقية أن يحصل على الموافقة القبلية لمصالح وزارة السياحة، كما اعتبـر سكوت الإدارة موافقة ضمنية بعد مرور شهرين من إستلام الطلب المرفق بالملف التقني.

3) فـي المساحـات المحميـة:

- منح القانون 91/24 المؤرخ في 06/12/1991 المتعلق بالأنشطة المنجمية المعدل و المتمم بالقانون 01/10 المؤرخ في 03/07/2001، و بموجب المادة 58 منه للوالي إمكانية إنشاء مساحات محمية حول المناطق العمرانية و الأراضي الزراعية و المغروسة و المواقع التاريخية و الجيولوجية و الأثرية و مصادر المياه و الأماكن الخاصة للعبادة و المقابر. فإذا تم إنشاء هذه المساحات، التي يجب أن يصدر و بشأنها قرار من الوالي المختص إقليميا، أصبحت هذه المساحات محمية من كل أنواع الإستغلال. و تنص المادة 179 على وجوب أخذ الرأي المسبق للوكالة الوطنية للجيولوجيا و المراقبة المنجمية قبل أي شغل للأراضي الواقعة في المناطق المذكورة .
- وفي إطار القانون 83/03 المؤرخ في 05/02/1983 المتضمن قانون حماية البيئة فإن المشرع قد يلجأ إلى إنشاء ما يعرف بالخطائر الوطنية و هذا سعيا منه للمحافظة على أنواع حيوانية و نباتية أو على التربة و المحيط الحيوي و المياه، و بصفة عامة عندما ينطوي وسط طبيعي على فائدة خاصة يتعين صيانته من كل أثر من آثار التدهور و وقايته من كل عمل غير طبيعي يشوهه حسبما تنص عليه المادة 17 من القانون 83/03.
-و يتم إنشاء أي حظيرة بناءا على إتباع إجراءات التصنيف التي تصدر بمرسوم بناءا على تقرير وزير البيئة أو الفلاحة حسب الحالة بعد إستشارة الجماعات المحلية المعنية، و الحظيرة الوطنية هي هيئة إدارية خاضعة لوصاية وزارة الفلاحة و على المستوى الوطني يخضع تنظيم الحظائر الوطنية للمرسوم 83/458 المؤرخ في 23/07/1983 المتضمن القانون النموذجي للحظائر و القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 09/08/1989 المتضمن القانون الداخلي للحظائر و تتوزع كالتالي:
1/ المرسوم 83/459 المؤرخ في 23/07/1983 خاص بالحظيرة الوطنية بثنية الحد ولاية تيسيمسيلت.
2/ المرسوم 83/460 المؤرخ في 23/07/1983 خاص بالحظيرة الوطنية لجرجرة ولاية تيزي وزو.
3/ المرسوم 83/461 المؤرخ في 23/07/1983 خاص بحظيرة الشريعة ولاية البليدة.
4/ المرسوم 83/462 المؤرخ في 23/07/1983 خاص بحظيرة القالة ولاية الطارف.
5/ المرسوم 84/426 المؤرخ في 03/11/1984 يتعلق بحظيرة لبلزمة ولاية باتنة.
6/ المرسوم 84/327 المؤرخ في 03/11/1984 يتعلق بحظيرة لقورايا بولاية بجاية.
7/ المرسوم 84/328 المؤرخ في 03/11/1984 يتعلق بإنشاء الحظيرة الوطنية لتازة بجيجل.
8/ المرسوم 93/117 المؤرخ في 12/05/1993 يتعلق بحظيرة تلمسان الوطنية بولاية تلمسان.
9/ المرسوم 87/89 المؤرخ في 21/04/1987 المتعلق بإنشاء حظيرة الطاسلي بولاية إليزي.

- الشيء الذي يهمنا في كل هذا أن آثار تصنيف الحظيرة تسري على الأرض المصنفة أيا كان الطرف الذي تؤول له الملكية و يتعين على كل من يبيع أو يتنازل أو يؤجر أن يعلم المتعاقد الآخر بوجود التصنيف لأنه لا يمكن إدخال أي تغيير بعد التصنيف على حالة الأماكن أو مظهرها دون ترخيص خاص من الوزير المكلف بحماية البيئة . مهما كان المالك، لأن الأنظمة القانونية للأراضي قد تتنوع داخل الحظيرة الواحدة من أراضي خواص، أملاك بلديات، أملاك ولايات، أراضي وقفية، أملاك وطنية عامة و خاصة.
- و نشير في الأخير إلى أن عدم إستكمال البناء في الآجال المحددة في رخصة البناء يتطلب الحصول على رخصة جديدة عند معاودة إستئناف الأشغال تحت طائلة البناء بدون رخصة .

الـفرع الثـانـي: تجـاوز حـدود الرخصـة:

- تمنح رخصة البنـاء في إطار مراعاة أدوات التعمير لاسيما المخطط التوجيهــي للتهيئـة و التعميـر (P.D.A.U) و مخطط شغل الأراضي اللذان يضبطان حدود البناء حسب موقع كل قطعة أرضية بما ينسجم و المحيط العمراني و كذا طبيعة الأرض الجيولوجية.
- و على هذا فإن رخصة البناء حسب المادة 46 من المرسوم 91/176 يجب أن تشمل على الإلتزامات و الخدمات التي ينبغي على الباني أن يحترمها، عندما تقتضي البناءات تهيئة و خدمة بالموقع العمومي أو الخدمات الخاصة.

- على أن يتجاوز حدود رخصة البناء يتم في إحدى شكلين:

أ/ الشكــل الأول:

- هو أن يتجاوز الباني حدود الرخصة بتعلية البناء أو تغيير الواجهة أو التصميم عما هو وارد في مخطط البناء الذي قدمه في ملف الحصول على الرخصة.

ب/ الشكـل الثانـي:

- ألا يحترم الباني الحدود و الإرتفاقات المحددة بمقتضى الرخصة فيعتدي على ملك مجاور أو على ممر أو طريق.
- بهذا فإن المشرع بمقتضى المادة 56 من القانون 90/29 الخاص بالتهيئة و التعمير قد جعل على عاتق المالك أو صاحب المشروع واجب المبادرة بإعلام المجلس الشعبي البلدي عند الإنتهاء من أشغال البناء حتى تسلم له شهادة المطابقة، وهذا في أجل 30 يوما من تاريخ الإنتهاء من الأشغال.
- غير أن جعل المبادرة لصاحب المشروع أو المالك في طلب شهادة المطابقة قد قلل من فعاليتها و شوه النسيج العمراني، نقول هذا طبعا في إطار القانون السابق 82/02 المؤرخ في 06/02/1982 المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأراضي، و القانون 85/01 المؤرخ في 13/08/1985 الذي يحدد إنتقاليا قواعد شغل الأراضي.
- و نعود لنؤكد في الأخير أنه مهما تعدد البناء غير القانوني فإنه لا يخرج عندما نرده إلى الأصل عن أحد الشكلين اللذين ذكرناهما، و معيارنا دائما هو قانون التهيئة و التعمير بوسائله الفنية في ذلك و على الخصوص رخصة البناء و شهادة المطابقة.

المطلـب الثـانـي: الأسبـاب القانونيـة للبنـاء غير القانونـي:

- قد يبدو هذا العنوان غريبـا، و قد يثير التساؤل عن كيفية إرجاع البناء غير القانوني لأسباب قانونية؟ و على هذا نرد بأن القصد من هذا العنوان هو البحث من جهة نظر قانونية في مختلف النصوص القانونية و مختلف المنطلقات أو الثغرات القانونية التي أدت لظهور البناء غير القانوني أو على الأقل ساهمت في تفاقم هذا المشكل.

الـفــرع الأول: قصـور النصـوص القانونيـة:

- كثيرة هي النصوص القانونية التي جاءت لتنظيم المجال العقاري، غير أننا سنركز على أهم النصوص القانونية التي حركت مشكل البناء غير القانوني حسب التسلسل التاريخي لها:

I – قـانـون الثـورة الزراعيـة 71/73 المؤرخ في 08/11/1971:

- لأن الأرض كانت محور صراع مرير ضد المستعمر الفرنسي، فقد جعلت الجزائر غداة الإستقلال هذه الأرض في صلب إهتماماتها لأنها محور كل تنمية، و كانت الأراضي الفلاحية ضمن أولى الأولويات.
- و قد ظهر في البداية أسلوب التسيير الذاتي كطريقة عفوية لإدارة الأملاك الشاغرة التي تركها المعمرون حيث تولى هذه المهمة نفر من عمال المزارع و بشكل تلقائي. و أمام هذا الوضع لم تجد الدولة آنذاك بدا من الإعتراف المؤقت بهذا النوع من التسيير بمقتضى المرسوم 62/02 المؤرخ في 22/10/1962 حيث منح لاولئك العمال الحق في إستعمال و إستغلال العقارات الفلاحية التي استولوا عليها عقب رحيل المعمرين، و حتى لا تستغل هذه العقارات في عملية المضاربة أصدرت الدولة المرسوم 62/103 المؤرخ في 23/10/1962 الذي منع بيع الأملاك الشاغرة و اعتبر جميع المعاملات العقارية المبرمة في هذا الشأن من تاريخ الإستقلال إلى يوم صدوره باطلة.
- و في 23،22،18 مارس 1963 صدرت المراسيم تباعا لضبط قواعد التسيير الذاتي بشكل قانوني أكثر تنظيما و بينت الأجهزة المكلفة بعملية التسيير الذاتي و علاقتها بالإدارة المركزية كما تم بمقتضى المرسوم 63/90 المؤرخ في 18/03/1963 إنشاء الديوان الوطني للإصلاح الزراعي (O.N.R.A) كهيأة وصاية على المزارع المسيرة ذاتيا.
- و حيث أن الإزدواجية في تنظيم المزارع المسيرة ذاتيا، بوجود مدير معين من طرف الوصاية إلى جنب أجهزة مزارع التسيير الذاتي، قد كرس التبعية البيروقراطية لجهة الوصاية و أفقد أجهزة التسيير بالمزارع حرية المبادرة و سرعة إتخاذ القرار، فإنه حمل بذور فشل هذا النظام، حيث انخفضت مردودية المزارع المسيرة ذاتيا بشكل كبير، و دفع الدولة للبحث عن حل بديل .
- و هكذا و على أنقاض نظام التسيير الذاتي تم بعث قانون الثورة الزراعية الذي جاء حاملا في مادته الأولى شعار الأرض لمن يخدمها. و هدفه تحديث الفلاحة و تحجيم دور البرجوازية المحلية و القضاء على إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان عن طريق ما عرف في عهد الإستعمار بنظام " الخماسة" بإعادة توزيع الأراضي على الفلاحين المعدمين مع توطينهم في قرى إشتراكية.
- و في سبيل تحقيق هذه الأهداف تم إنشاء صندوق الثورة الزراعية بموجب نفس الأمر 71/73 لتدمج فيه الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية آليا، في حين يتم الإعتماد على أداة التأميم لإدماج أجزاء معينة من الملكيات الخاصة. فمبدأ الأرض لمن يخدمها يرتبط مباشرة بالإستغلال الشخصي المباشر للعقار الفلاحي، و على هذا الأساس تكون الحيازة غير كافية حسب هذا المبدأ للمحافظة على حق الملكية بل لا بد من ممارسة فعلية للإنتفاع، فالإهمال المتعمد من المالك الأصلي للأرض أو التغيب عنها ينجز عنه سقوط حق الملكية كما تسقط الملكية في حال تأميم الجزء الفائض عن قدرات المالك الأصلي و حاجاته.
- و نتوقف في البداية عند مشروعية التأميم في حد ذاته المستند للأمر 71/73 خاصة في ظل غياب دستور يرخص بذلك في تلك الفترة؟ و في هذا الإطار يرى بعض الكتاب بإمكانية إستناد مشروعية التأميم إلى أحكام الأمر رقم 65/182 المؤرخ في 10/07/1965 و الذي هو بمثابة دستور مصغر للسلطة آنذاك يفوض رئيس مجلس الثورة سلطة التشريع عن طريق الأوامر.
- كما نتوقف عند المعايير التي اعتمدها قانون الثورة الزراعية في تأميم الفائض عن الملكية الخاصة و تحجيمها حتى لا تتحول إلى ملكية استغلالية حسب المنطق السائد آنذاك، حيث تم تبني ثلاثة معيير يعلق عليها الاستاذ عمر صدوق في مؤلف الفلاحة و التنمية في الجزائر للأستاذ بن عمران كمايلـي:

1/ المعيــار الأول: معيـار القـدرة علـى العمـل:

- نصت عليه المادة 02 من الأمر 71/73 و يعني ألا تتجاوز مساحة الملكية، الطاقة، الشخصية للمالك أو لعائلته. و هذا المعيار غير دقيق لأن قدرات العمل تتفاوت من شخص لآخر حسب الحالة الفيزيولوجية و الفنية و حسب التجهيزات المستعملة.

2/ المعيــار الثـاني: معيـار الدخـل الكافـي للمالـك و أسرتـه:

- بحيث يؤمم الجزء الفائض من هذا الدخل. و هذا المعيار الآخر يعتبر بدوره غامضا و غير عادل لأن معيار الدخل مرتبط بمؤشرات محيطية مثل الضرائب و الأسعار و القروض أكثر من ارتباطه بالإنتاجية و الأرض و الفلاح.

3/ المعيــار الثـالـث: يعتمد على نوعيـة الأرض من حيث الجـودة و المردوديـة:

- حيث يتم تأميم الأراضي الخصبة ذات المردودية العالية بغرض تحقيق توازن معيشي بين كبـار الملاك و صغار المنتجين. لكن إذا تفحصنا المادة 65 من الأمر 71/73 نجد أنها تتبنى فكرة الدمج ما بين المعايير على أساس ربط تحديد الملكية الخاصة بالدخل الأدنى لعائلة متوسطة العدد تعيش فقط من هذه الملكية في حدود قصور تعادل ثلاثة أمثال دخل عامل يشتغل في القطاع المسير ذاتيا لمدة 25 يوما فلاحيا .
- و قد استثنى قانون الثورة الزراعية طائفة من الأشخاص من نطاق تطبيق التأميم على أراضيهم و هم كبار السن، و أعضاء جيش التحرير المعاقين بنسبة 60%، أرامل الشهداء غير المتزوجات، أصول و فروع الشهداء من الدرجة الأولى و اليتامى و القصر و المعاقين بنسبة أكثر من 60% بالإضافة للمالك الذي ترك أرضه لظروف قاهرة كحالة الأراضي الحدودية المزروعة بالألغام و حالة العمال المهاجرين و الغائبين مؤقتا عن أراضيهم و حالة المجندين في الخدمة الوطنية، بحيث يجب على هؤلاء تقديم تصريح بذلك إلى المصالح الإدارية في اجل سنة من صدور الأمر و إلا تعرضت عقاراتهم للتأميم .
- على أن الشخص الذي أممت أراضيه يتلقى تعويضا معادلا للمساحة المؤممة يحدد حسب نص المادتين 8 و 9 من الأمر 71/73 على أساس الضريبة العقارية المفروضة على كل هكتار من الأرض حسب طبيعتها و قد جاء المرسوم 73/64 المؤرخ في 03/04/1973 ببيان كيفية منح التعويض، حيث يتكون التعويض عن التأميم من جزأين:
جزء نقدي يعادل 20% من المبلغ الإجمالي و الباقي 80% عبارة عن سندات صادرة عن الخزينة العمومية بنسبة فائدة 6% تغطي 5 سنوات تضاف إلى المبلغ الأصلي للتعويض. و يخضع تقدير التعويض لإمكانية الطعن فيه أمام اللجان الولائية أو اللجنة الوطنية أو أمام مصلحة متابعة التعويضات التابعة لوزارة المالية أو المنشأة على مستوى كل ولاية .
- و هكذا فرغم أن دستور 1976 اعترف بالملكية الخاصة فإن قانون الثورة الزراعية حاول تحجيمها، و أنشأت هيئات لا مركزية لتذليل جميع الصعوبات التقنية و القانونية و السياسية في سبيل ذلك و نعني بها المجالس البلدية الموسعة (C.C.E) و ذلك بمقتضى المادة 177 من الأمر 71/73. و يلاحظ أن هذه المجالس غير منسجمة مع تدابير الأمر 18/01/1967 المتعلق بالقانون البلدي بل تتناقض معها، و لم يلتفت المشرع إلى هذه المسألة القانونية طوال فترة تنفيذ الثورة الزراعية . الشيء الإيجابي في المسألة هو صدور المرسوم 73/32 المؤرخ في 05/01/1973 الذي حاول إرساء قواعد متعلقة بإثبات الملكية الخاصة و اعترف بحجية السندات المحررة من موظفين عموميين أو قضائيين بالإضافة لذلك المحررات المسلمة من إدارة أملاك الدولة تنفيذا للتشريعات العقارية. كما مدد ذات المرسوم صلاحية العقود العرفية غير المسجلة و كذا تلك المحررة من قضاة شرعيين و غير المسجلة بفهرس المحافظة العقارية، إلا أنه في حالة نزاع حول العقار فلا تثبت الملكية إلا إذا كانت العقود المتعلقة بها مصحوبة بالإشهارات الخاصة في تاريخ لم يمض عليه أكثر من (03) ثلاثة أشهر من يوم الشروع في تطبيق الثورة الزراعية في تراب البلدية، كما ألزمت المادة 07 من المرسوم الأخير جميع الملاك الخواص بتقديم تصريح بأملاكهم إلى المجلس البلدي الموسع قصد تجنب إجراءات التأميم لحالة الغياب.
- أما في حالة عدم حيازة المالك لأية وثيقة تثبت ملكيته للأرض فيتعين عليه تقديم تصريح بالحيازة إلى المجلس البلدي الموسع حسب تدابير المادة 12 من هذا المرسوم رفقة جميع المعلومات الضرورية. ليتولى المجلس إحالة التصريح فور تسلمه على اللجنة التقنية للدائرة التي تتولى التحقيق في صحته .
- فإذا ثبت ملكية الحائز للأرض منذ أكثر من 17 سنة قبل صدور الأمر 71/73 فإنه يحرر محضر إثبات الملكية و يوجه إلى الوالي، و الذي يصدر قرار إداري يكلف بمقتضاه مصلحة أملاك الدولة بتحرير سند الملكية و تسليمه إلى المالك المعترف له بهذا الحق .
- من كل هذا يظهر لنا أن قانون الثورة الزراعية ساهم في جانب منه في تطهير الجانب العقاري عندما خص المجلس البلدي الموسع و اللجنة التقنية للدائرة بمتابعة الوضعية القانونية للعقارات التي ليس لها سندات ملكية و إجراء تحقيق في ذلك غير أن الجانب الآخر للثورة الزراعية يبدو سيئا حيث فشلت الثورة الزراعية في تحقيق أهدافها بدليل أن القطاع الخاص بقي مهيمنا على58,9 % من المساحة الكلية للزراعة حسب إحصائيات أجريت في سنة 1978. و من ناحية أخرى فإن المعايير الفضفاضة التي جاء بها قانون الثورة الزراعية لتحجيم الملكية الخاصة و ربط ذلك بالقضاء على الإقطاع الذي لا يجد له محلا من الإعراب في الجزائر، كل هذا جعل القطاع الخاص يقاوم إجراءات التأميم بكافة السبل القانونية منها و غير القانونية . و اضطر الكثير من الخواص إلى القيام ببيوع صورية لتفادي التأميم أو اللجوء إلى بيوع عرفية نظرا لقلة التعويض الممنوح في حالة التأميم، و من هنا اكتسب عدة أفراد عقارات فلاحية بعقود عرفية فمنهم من استمر في فلاحتها و منهم من حولها عن مقصدها أو أهملها حتى صارت بور لبيعها مرة أخرى كأرض للبناء أو يسكنها بنفسه، و كانت هذه هي البدايات الأولى من الناحية القانونية لظهور بنايات خارج سلطة القانون.

II – قـانـون الإحتيـاطـات العقاريـة 74/26 المؤرخ في 20/02/1974 :

- صدر الأمر 74/26 ثم جاءت المراسيم المطبقة له في سنة 1976 تحت الأرقـــام 76/27،76/28،76/29. و قد أحدث الأمر 74/26 تغييرات جوهرية في الملكية العقارية بالمناطق الحضرية عندما تم العمل به إبتداءا من 05/03/1974، حيث أوجب هذا الأمر تحويل الأراضي الواقعة في المدن و المناطق العمرانية أو القابلة للتعمير إلى البلديات عبر إتباع إجراءات أساسية، تتمثل في مسح العقارات التي تدخل ضمن الإحتياطات العقارية للبلدية و تخصيص مساحات ضمن هذه الإحتياطات للتوسعات العمرانية الضرورية في المدى القريب و المتوسط بالإضافة للمشاريع المرتقب إنجازها مستقبلا في الأمد البعيد حتى حدود 25 سنة أخذا في الحسبان بمدى توسع كل مدينة و حجم السكان المرتقب في تلك الفترة.
- ثم تقوم مصلحة أملاك الدولة بتقدير مبلغ التعويض عن كل أرض قد تدمج ضمن الإحتياطات العقارية. بعد هذا يتوجب على المجلس الشعبي البلدي التداول بشأن العقارات التي تقرر إدماجها، و تحال المداولة على الوالي للمصادقة عليها بإعتباره السلطة الوصية.
- بعد كل هذه الإجراءات يصدر قرار الدمج ضمن الإحتياطات العقارية و يحدد فيه التعويض المقدر لذلك، ثم يتم تسجيل ذلك القرار و شهره في مصلحة الشهر العقاري. بعد كل هذه الإجراءات تنتقل ملكية العقارات المدمجة في الإحتياطات العقارية إلى البلدية التي توجد في نطاقها، و يكون لهذه الأخيرة أن تقوم ببيعها إلى مؤسسات عامة أو لصالح الخواص حسبما تقضيه مصالح التنمية في كل فترة .
- و لا يتم البيع في كل أحوال إلا بعد تهيئة الأرض و تجزئتها إلى قطع للبناء و تحديد الأسعار. كما أن كل عملية بيع يجب أن يتم بشأنها إجراء مداولات حسبما نصت عليه المادة 11 من المرسوم 76/27. حيث أوجبت أن يكون كل بيع موضوع مداولة من المجلس الشعبي البلدي الذي يبدي رأيه حول: مبدأ نقل ملكية الأرض، العناصر المكونة لملف نقل الملكية و لاسيما ثمن البيع، المخطط، و دفتر الشروط الذي يحتوي لزوما على التصاريح بالمقرر الذي رخص بموجبه نقل الملكية و كذا الشروط المتعلقة بالإشهار، بيان نوع و حالة الأملاك و أصل الملكية و غيرها من البيانات.
- و جدير بالذكر أن المرسوم 76/27 أخضع عمليات البيع إلى قواعد الإشهار الإداري، أما الإشهار العقاري لهذه التصرفات فقد نص عليه المرسوم 75/74 المتعلق بتأسيس السجل العقاري بالإضافة لقانون التوثيق و القانون المدني، بالإضافة لنصوص أخرى أوجبت الرسمية و الشهر في نقل الملكية العقارية. و عليه ففي كل الأحوال فإن كل تصرف في مثل هذه العقارات دون مراعاة قواعد الشهر العقاري يعتبر باطلا و لا يرتب أي أثر بخصوص نقل الملكية العقارية.
- و أهم اثر قانوني رتبه القانون 74/26 يتمثل في تجميد حق التصرف بالأراضي التي تدمج ضمن الإحتياطات العقارية، حيث أنه بمجرد إتمام إجراءات الدمج تغل يد مالكها في نقل ملكيتها بأي كيفية كانت ماعدا عن طريق الإرث.
- و نشير إلى المادة 6 من الأمر 74/26 تنص على أن الأراضي من كل نوع لتي يملكها الأفراد و التي تقع داخل المنطقة العمرانية المحددة في المادة 2 من المرسوم، تخصص بالدرجة الأولى لسد الحاجيات العائلية لمالكيها فيما يخص البناء، أما المساحة الزائدة فتدرج في الإحتياطات العقارية، و لا يكون لمالكها أن يبيعها، إلا لصالح البلدية المعنية وفق السعر المحدد من طرف مصالح أملاك الدولة، مما يعني أن العقود المخالفة لهذا الأمر تعتبر باطلة و لا ترتب إلا آثار شخصية بين المتعاقدين خاصة إذا علمنا أن المادة 168 من ذات الأمر منعت التصرف كذلك في الأراضي الزراعية و القابلة للزراعة الداخلة في المحيط العمراني إلا في حال البيع لصالح البلدية التي يقع بدائرة اختصاصها العقار .
- و هكذا نلاحظ أن قانون الإحتياطات العقارية وقع في نفس الإشكال الذي وقع فيه قانون الثورة الزراعية من حيث تحديد التعويض المترتب عن الأراضي وفق سعر رسمي تحدده مصالح أملاك الدولة. هذا التعويض الذي بدأ مجحفا لدى كثير من المواطنين مقارنة بسعر السوق، إضافة إلى غل يدهم ببيع الأرض لغير البلدية دفع بالكثير منهم للتحايل على القانون بإبرام عقود بيع عرفية. و من ثمة بدأت تظهر بنايات جديدة في أراضي الإحتياطات العقارية بشكل غير قانوني إلى الحد الذي كادت أن تلتهم فيه كل المساحات. هذا يكاد يتفق الكثير من الكتاب على أن مساوىء قانون الإحتياطات العقارية كانت أكبر من منافعه .
- حيث كان من المفروض أن يتم دمج الأراضي الزائدة عن الإحتياجات العائلية في الإحتياطات العقارية البلدية و بيعها وفقا للإجراءات القانونية للمساهمة في تنظيم و تسوية وضعية الملكية العقارية، إلا أن الملاحظ أن الكثير من البلديات لم تراع في كثير من الحالات ما أوجبه القانون فقامت ببيع أراضي المواطنين من أجل البناء قبل إدماجها في الإحتياطات العقارية البلدية و دون تبليغ مالكيها أو تعويضهم، كما باعت للمواطنين قطعا أرضية للبناء دون أن تسلم لهم العقود الرسمية للملكية و دون القيام بإجراءات التسجيل و الشهر مما عرقل تطور البناء و أثر على التهيئة و التعمير .
- و قد غدى قانون الإحتياطات العقارية الأطماع، حيث كان رؤساء المجالس الشعبية هم المخولين بتحرير العقود الإدارية بالنسبة للعقارات المدمجة في الإحتياطات العقارية البلدية إلى غاية صدور قانون التوجيه العقاري 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 حيث استحدث في مادته 73 ما يعرف بالوكالة العقارية و منحها الإختصاص لوحدها بتسيير المحفظة العقارية البلدية و هكذا لم يبق لرؤساء المجالس الشعبية البلدية سوى تحرير عقود التصرف في الملكية العقارية البلدية للأشخاص المعنوية ليس إلا .
- غير أن المندوبيات التنفيذية للبلديات فترة التسعينات بقيت تحرر عقودا خارج نطاق إختصاصها و تبيع الأراضي للمواطنين مقابل قرارات إستفادة، و الأخطر من ذلك أنها استولت على مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية و قامت بتجزئتها و بيعها للخواص من أجل البناء خارج أدوات التعمير أو في غيابها . فضلا عن أن البلدية لا تملك حق التصرف في هذه الأراضي التابعة للدولة و ليس لها أي تخويل من المشرع للتدخل فيها. و لهذا فهذه التصرفات في نظر الإجتهاد القضائي. بمثابة تصرف في ملك الغير كون أن الأراضي الفلاحية أو ذات الوجهة الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية الخاصة هي ملك للدولة بحكم المادة 18 من القانون 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 المتضمن قانون الأملاك الوطنية .
- و هكذا نلاحظ كيف فجر قانون الإحتياطات العقارية الفوضى في القطاع العقاري في الوقت الذي كان ينتظر منه أن ينظم التحكم أكثر في الوعاء العقاري، حيث ترتب عن ذلك استنزاف كبير في الأوعية العقارية الخاصة بالبناء لاسيما في المحيط الحضري، و أمتد الاستنزاف حتى إلى الأراضي الفلاحية الخصبة التي بدأ يغزوها الإسمنت المسلح و مازالت آثار هذا الإجرام ماثلة في سهول المتيجة.

III – قـانـون المستثمـرات الفلاحيـة 87/19 المؤرخ في 08/12/1987 :

- جاء القانون 87/19 ليبين كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية في إطار قانون 84/16 المؤرخ في 30/06/1984 المتعلق بالأملاك الوطنية الذي كان ساري المفعول آنذاك و في ظل دستور 1976 كذلك و قد تضمن هذا القانون عدة ثغرات قانونية، سنعود لنستعرضها بعد أن نلقي نظرة مقاربة على القانون 83/18 الصادر بتاريخ 13/08/1983 المتعلق باستصلاح الأراضي.
- مع ظهور دلائل فشل قانون الثورة الزراعية في الوصول إلى غاياته بترقية القطاع الفلاحي أصبح التفكير من قبل الدولة في إعادة هيكلة القطاع الفلاحي و هذا برد الإعتبار للقطاع الخاص و ترقية و حمايـة الملكـيـة الخـاصـة و قد جاء في لائحة تبنتها اللجنة المركزية للحزب في 24/12/1984 : (( التوصية على جعل أراضي القطاع الخاص تستفيد أكثر من أعمال الإستصلاح التي تتكفل بها الدولة)) .
- و ترجمة لهذا التوجه جاء القانون 83/18 المؤرخ في 13/08/1983 الذي أتاح لكل شخص جزائري الجنسية أن يتملك أرضا تابعة للأملاك العامة إذا قام باستصلاحها ضمن الآجال المحددة في المادة 11 منه و المقدرة بخمس (05) سنوات مع إمكانية تمديد المهلة إذا اعترضت المستصلح قوة قاهرة حالت دون بلوغ غايات الإستصلاح، و تقدر الإدارة في هذه الحالة المدة التي يمكن أن تمنحها كفترة إضافية لإستدراك التأخر .
- و حسب المرسوم 83/724 المؤرخ في 10/12/1983 الذي جاء لتوضيح كيفية تطبيق القانون 83/18 فإن لجنة خاصة تضم ممثلين عن البلدية، الوالي، مصالح الفلاحة و أملاك الدولة هي التي تتولى معاينة الأشغال و تحرير تقارير بشأنها، فإذا كان التقرير إيجابيا فإن الوالي بعد أن يرفع له رئيس المجلس الشعبي البلدي هذا التقرير في أجل لا يتعدى 15 يوما تاريخ تسلمه للتقرير. يقوم بإصدار قرار موجه لمصالح أملاك الدولة يتضمن الموافقة على رفع الشرط الفاسخ المتضمن في قانون 83/18 و من ثمة تحرير عقد ملكية للمستصلح.
- نشير إلى مسألة قانونية هامة في هذا السياق، تتمثل في إنقسام الفقهاء بشأن شرعية قانون 83/18 في حد ذاته لكونه يتعارض مع أحكام المادة 14 من دستور1976 التي تنص على أصناف الأراضي التي تعتبر ملكا خالصا للدولة و لا رجعة فيها، ((الأراضي الرعوية، الأراضي المؤممة، و الأراضي الزراعية أو القابلة للزراعة و الغابات و المياه)) في حين أن المادة 04 من القانون 83/18 تشير إلى أن الإستصلاح ينصب على أراض تابعة للملكية العامة و الواقعة في المناطق الصحراوية أو المناطق المنطوية على مميزات مماثلة ( و يقصد بذلك أراضي الهضاب العليا و السهوب) . و هذا ما يشكل تراجعا عن ملكية الدولة بأن تصبح قابلة للتنازل لصالح الخواص كما أن مصطلح "الملكية العامة" الذي جاءت به المادة 04 من القانون 83/18 يعتبر تسمية متناقضة مع أحكام دستور 1976 الذي يطلق مصطلح "ملكية الدولة" و ربما تكون هذه التسمية الواردة في قانون 83/18 مناورة ذكية للتخلص من مصطلحات العهد الإشتراكي التي لم تعد تتلاءم مع أهداف قانون الحيازة العقارية المستغل من طرف السلطة كمدخل أولي لخوصصة ملكية الدولة .
- و مهما يكن من أمر و بغض النظر عن مدى شرعية قانون 83/18 فإننا نسجل قصوره من حيث الآليات المتعلقة بالرقابة و فتحه المجال لإمكانية تحويل الأراضي الفلاحية عن مقصدها إلى أراض للبناء غير القانوني، و تلمس ذلك من خلال المادة 09 منه التي تنص: (( يمكن أن يرفق استصلاح الأراضي بإنجاز محلات ذات الإستعمال السكني مخصصة للمزارع و عائلته و بنايات الإستغلال و كل ملحق عادي في مزرعة)) فالسماح بالبناء على الأراضي المستصلحة يفتح الباب لبيعها خاصة بعد أن تنقل الملكية للمستصلح بالدينار الرمزي كما تنص على ذلك المادة 06 من القانون 83/18 في الوقت الذي تنعدم فيه الوسيلة القانونية الكفيلة بمراقبة مدى الحفاظ على طبيعة هذه الأرض لاحقا، و ماعدا نص المادة 18 من نفس القانون على أنه: (( لا يجوز أن تحيد الأراضي موضوع نقل الملكية عن مآلها الزراعي إلا في الشروط المحددة في التشريع و التنظيم الجاري بهما العمل)) فإنه لا يوجد ما يمنع إعادة بيع الأرض بعد استصلاحها إلا الوازع الديني و الأخلاقي خاصة و أن المادة 19 من القانون 83/18 ألغت حق الشفعة الذي كان معترفا به للدولة في قانون الثورة الزراعية 71/73 بمقتضى المواد من 158 إلى 165 إذا عاينت إهمال الأرض أو عدم استغلاها .
- و على أثر القانون 83/18 جاء القانون 87/19 بتاريخ 08/12/1987 ليكرس وحدة نظام إستغلال الأراضي الفلاحية التابعة للدولة و ألغى بموجب المادة 47 منه النصوص المتعلقة بالتسيير الذاتي للمزارع خاصة الأمر رقم 68/653 المـؤرخ فـي 30/12/1968 كما ألغى المواد من 858 إلى 866 من القانون المدني. و ما يلفت الإنتباه أن السلطات العمومية بدأت عملية تنظيم المستثمرات الفلاحية قبل ثلاثة أشهر من صدور القانون 87/19 و ذلك بمقتضى المنشور الوزاري المشترك المؤرخ في 30/08/1987 حيث اعتبر ذلك المرسوم آنذاك مخالفا لقانون الثورة الزراعية من جهة، و للقانون المدني من جهة أخرى و انتهاكا صارخا لمبدأ تدرج القوانين .
- و بمقتضى قانون 87/19 فصل بين حق الملكية الرقبة الذي يبقى للدولة و حق الإنتفاع الدائم الذي يرجع للفلاح أو المنتج كما سمته المادة 06 من ذات القانون، و بالرجوع للمادة 04 من ذات القانون يمكن أن نحدد نطاق تطبيقه بالشكل التالي:





أ/ الأراضـي التابعـة للصندوق الوطني للثورة الزراعيـة:

- و التي تتألف بدورها من أربعة أنواع: الأراضي الزراعية أو المعدة للزراعة التابعة للدولة أو للجماعات المحلية، الأراضي التي لا مالك لها أو بدون وارث التي ظهرت بعد الإنتهاء من عمليات الثورة الزراعية في البلديات التي توجد بها هذه الأملاك.

ب/ الأراضـي التابعـة لنظـام التسييـر الذاتـي:

- المقنتة بموجب المرسوم 62/02 المؤرخ في 22/10/1962 و كذا المرسوم 68/653 المؤرخ في 30/12/1968. و يلاحظ أن تطبيق القانون 87/19 عمليا لم يستثن الأراضي التي كانت تابعة للنظام التعاوني بموجب الأمر 72/23 المؤرخ في 07/06/1972 و المرسوم 72/106 المؤرخ في نفس اليوم، و هذا رغم سكوت نص القانون 87/19 عن ذكر ذلك صراحة.
- يبقى أن نسجل أن القانون 87/19 قد أخرج بعض الأراضي من نطاقه بحكم المادة 04 منه و هي تلك الأراضي المخصصة للمزارع النموذجية التي بقيـت خاضعـة للمــرسوم 82/19 المؤرخ في 16/01/1982.
بالإضافة للمزارع التابعة لمؤسسات التكوين و البحث العلمي أو تلك التابعة لمعاهد التنمية، و إلى جانب هذه الاستثناءات الصريحة يمكن إضافة الأراضي المنجزة في إطار القانون 83/18 المؤرخ في 23/08/1983 الخاص بعمليات نقل الملكية العقارية عن طريق الاستصلاح حيث تتغير الطبيعة القانونية للأرض عقب الانتهاء من الاستصلاح من مال عام إلى ملكية خاصة. كما نستثني الأراضي الوقفية فلا يسري عليها القانون87/19 و نعني بها تلك الأملاك الوقفية التي لم تدمج في صندوق الثورة الزراعية حتى لو كانت أراضي زراعية أو صالحة للزراعة حيث أن القانون 90/25 الصادر لاحقا في 18/11/1990 صنفها في مادته 23 كصنف خاص من الأملاك العقارية فيما عرفتها المادة 31 منه و أحالت المادة 32 إلى قانون خاص سيصدر لاحقا لتنظيمها .
تنشأ المستثمرة الفلاحية بعقد إداري تعده الإدارة المكلفة بأملاك الدولة حسب المادة 02 من المرسوم التنفيذي 90/50 المؤرخ في 06/02/1990 يجب أن يشهر في المحافظة العقارية لتنتقل للمستثمرة ملكية الوسائل و كذا الممتلكات المكونة لذمة المستثمرة وفق أحكام المادة 07 من القانون 87/19، بالإضافة إلى حق الانتفاع الدائم لموجب المادة 06 من ذات القانون و بهذا تظهر المستثمرة الفلاحية كشركة مدنية متكاملة لأركان من حيث تعدد الشركاء ( المادة 416 مدني )، تقديم الحصص، نية المشاركة مع اقتسام الأرباح و الخسائر، و لكن مع وجود فارق بسيط هو أنه لا يمكن أن يقل عدد الشركاء عن ثلاثة حسبما تقتضيه أحكام المادة 11 من القانون 87/19 .
و يتميز حق الانتفاع الدائم الممنوح في إطار القانون 87/19 بأنه حق دائم قابل للتنازل و النقل و الحجز عليه و يمنح لأعضاء المستثمرة على الشيوع و يمنع تجزئة الأرض حسب المادة 23 من القانون 87/19، إلا أنه يمكن أن يمنح هذا الحق بصفة فردية على الأراضي الفائضة على المستثمرات الفلاحية التي يتعذر تصنيفها كمستثمرة أو لعدم إمكانية دمجها ضمن مستثمرة أخرى بسبب عزلتها أو بعدها حسبما نصت عليه المادة من 37 من نفس القانون. و حق الإنتفاع الدائم هو حق بمقابل يتمثل في رفع إتاوة من المستفيدين منه يحدد وعاؤها في قانون المالية. و قد تم تحديد تلك الإتاوة لأول مرة في القانون 88/33 المؤرخ في 31/12/1988 المتضمن قانون المالية لسنة 1989 .
و لا يجوز التنازل عن حق الانتفاع خلال الخمس سنوات الأولى ابتداءا من تكوين المستثمرة إلا في حالة وفاة أحد الأعضاء وفقا لأحكام المادتين 23 و 26 من القانون 87/19.
الشيء الذي يهمنا في كل هذا القانون أنه فتح الباب للتنازل عن حق الانتفاع لكل شخص شرط أن يكون عاملا في القطاع الفلاحي كأولية و أن يقبل به باقي الشركاء حسبما تقتضيه المادتين 24 و 25 من القانون 87/19.
هذا المجال المقترح حق الانتفاع مع تقييده باحترام شروط خاصة بالمشتري أدى إلى رجوع ظاهرة العقود العرفية ليتم التنازل رغما عن باقي الشركاء. و حتى و إن كانت المادتين 28 و 29 من ذات القانون قد منحتا للشركاء التي قد تؤدي سبيل دعوى للمطالبة بإسقاط حق الانتفاع عن العضو المخل بالتزاماته طبقا لمرسوم 89/51 المؤرخ في 18/04/1989 الذي أوضح مختلف الإجراءات و أباحت المادة 30 منه للقاضي أن يخرج عن حياده و يتخذ كل إجراء يراه كفيلا بحماية المستثمرة ، و حتى لو جاء المروسوم 90/51 المؤرخ في 06/02/1990 ليبين في مادته 04 جملة الأسباب التي قد تؤدي إلى إسقاط حق الانتفاع لاسيما تخصيص مباني الاستعمال الفلاحي بالمستثمرة لأغراض لا صلة لها بالفلاحة و تحويل الأرض عن وجهتها الفلاحية، فإنه برغم كل هذا تبدو الإجراءات المنصوص عليها في المرسوم 90/51 إجراءات بطيئة و تستغرق وقتا طويلا يجعل من البناء الذي يتم مخالفة للقانون في هذه الحالة أمرا واقعا لاسيما و أن تجريد العضو المخل بالتزاماته بعضو آخر لا تكون إلا بعد أن يصير الحكم نهائيا حسب المادة 09 من المرسوم 90/51 بالإضافة إلى أن عدم استخلاف العضو المجرد من حقه من قبل الأعضاء الباقين في مهلة ثلاثة (03) أشهر يؤدي إلى حل المستثمرة بقوة القانون ما لم تستخدم الدولة حقها الشفعة و هذا بمقتضى المواد 24 و 39 من القانون 87/19 و بمقتضى أحكام المرسوم 89/51.
و هذا في نظرنا قصور في النص في حد ذاته ذلك أن رفع دعوى لضمان استمرار المستثمرة من قبل أعضائها ضد الشريك الذي أخل بالتزاماته قد يؤدي إلى نتيجة عكسية و هذا بحل المستثمرة إذا لم يتفق الشركاء الباقون على شريك جديد أو لم تتدخل الدولة لتستعمل حق الشفعة.
و بمناسبة الحديث عن حق الدولة في الشفعة، نقول أن المادة 48 في قانون التوجيه العقاري قد اعتبرت أن عدم استغلال الأراضي الفلاحية يشكل تعسفا في استعمال الحق، نظار للأهمية الاقتصادية والوظيفة الاجتماعية المنوطة بهذه الأراضي و بالتالي فقد أضحى استغلال الأرض الفلاحية في النطاق المحدد لها التزاما قانونيا و يمثل في نفس الوقت قيد ا على ممارسة حق الملكية العقارية . و يشكل المفهوم الجديد التي جاءت به المادة 48 من قانون التوجيه العقاري مفهوما مغايرا لنظرية التعسف في استعمال الحق المنصوص عليها في المادة 124 مكرر مدني يمكن أن نرجع أساسها و ركيزتها إلى الحالات التي ذكرتها المادة 124 مكرر مدني حيث تكون الغاية أساسا الإضرار بالغير و الحصول على فائدة غير مشروعة و أن يكون المالك يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة بالنظر للضرر الذي يسبه للغير، و هذا الموقف أملته الوظيفة الاجتماعية للأراضي الفلاحية .
فإذا ثبت عدم استثمار أرض فلاحية ينذر المستثمر ليستأنف استغلاله خلال مدة ستة (06) أشهر، فإذا بقيت الأرض غير مستثمرة لدى انتهاء أجل جديد مدته سنة (01) واحدة يمنح من طرف لجنة إثبات عدم استغلال الأراضي الفلاحية المشكلة طبقا للمرسوم 97/484 المؤرخ في 15/12/1997 فإنها تقوم بإبلاغ الديوان الوطني للأراضي الفلاحية بغرض تطبيق التدابير المقررة في المادة 51 من القانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 مع مراعاة أحكام المادة السابعة (07) من المرسوم 97/484 في حالة بقاء الأرض بدون استغلال من جديد.
و قد ذهب المشرع أبعد من ذلك عندما ألزم المالك الجديد للعقار الفلاحي طبقا للمادة 55 من قانون التوجيه العقاري 90/25 بعدم الأضرار بقابلية الأرض للاستثمار و عدم تغيير وجهتها الفلاحية و كذا عدم تجزئتها بحيث تتعارض مع المقاييس المحددة للمساحة المرجعية الدنيا طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 97/490 المؤرخ في 20/12/1997 الذي يحدد شروط تجزئة الأراضي الفلاحية، و بهذا فإنه يكون على المالك الجديد للعقار الفلاحي أن يلتزم باستغلال ملكيته في النشاط الفلاحي و هذا يعتبر في حد ذاته ركنا جديدا يضاف إلى الأركان العامة المعروفة للعقد من تراضي و محل و سبب و شكل .
كل هذه الإجراءات التي تعرضنا لها تبدو جيدة و إيجابية غير أن المشكل يكمن في أن إنشاء لجنة إثبات عدم الاستغلال للأراضي الفلاحية و كذا الديوان الوطني للأراضي الفلاحية تأخر رغم النص عليها قانونا و بقيت هذه الآلية نظرية و استمر هذا الفراغ مع ما يمكن أن نتصوره خلال هذه الفترة من تنامي لظاهرة تحويل الأراضي الفلاحية عن مقصدها إلى غاية صدور التعليمة الوزارية المشتركة رقم 07 المؤرخة في 15/07/2000 عن وزيري الفلاحة و المالية التي ضبطت كيفية ممارسة الدولة لحق الشفعة في الأراضي الفلاحية حيث ألزمت الموثقين قبل تحرير عقد التنازل عن حق الانتفاع الدائم في مستثمرة فلاحية بإبلاغ مدير أملاك الدولة للولاية لتمكينه من ممارسة حق الشفعة لفائدة الدولة، و منحت لها الأخير مهلة شهر (01) يسري ابتداءا من تاريخ استلامه التبليغ من الموثق لممارسة حق الشفعة أو السماح بالتنازل.
المشكل الآخر يكمن في أن القانون 87/19 المؤرخ في 08/12/1987 قد أغفل الحديث عن الأرض التي تفقد طابعها الفلاحي بفعل أدوات التعمير، حيث يمكن بموجب المادة 36 من القانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري أن يرخص بتحويل أراضي فلاحية إلى أراضي قابلة للتعمير بعد إتباع الإجراءات القانونية و أكدت التعليمة الرئاسية رقم 05 المؤرخة في 14/03/1995 على هذا و على احترام الإجراءات القانونية بكل صرامة و دقة و تجسيدها ميدانيا هذا الفراغ ترك مجالا للمناورة كذلك و بيع الأراضي الفلاحية التي أعيد تصنيفها بفعل أدوات التعمير إلى أراضي قابلة للتعمير، حيث استغل المستفيدون الفرصة لبيع الأراضي بأثمان باهضة بعد ارتفاع أثمانها بسبب إعادة التصنيف القانونية ، و كل هذا بطبيعة الحال بربطه بموضوعنا و تنامي البناءات القانونية.
و قد تدارك المشرع هذا الفراغ القانوني بموجب المادة 53 من القانون 97/02 المؤرخ في 31/12/1997 المتضمن قانون المالية لسنة 1998 بحيث نصت على إجراءات تمكن الدولة من ممارسة حق استرجاع الأرض مع منح قطعة فلاحية أخرى للمستفيدين أو تعويضهم عن ذلك نقدا، و أعقب ذلك صدور المرسوم التنفيذي 03/313 المؤرخ في 16/09/2003 الذي حدد شروط و كيفيات استرجاع الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية المدمجة في قطاع عمراني .
يشارك كذلك أن تعديل المادة 78 من قانون التوجيه العقاري 90/25 بموجب الأمر رقم 95/26 المؤرخ في 25/12/1995 قد خول لوالي حق إسقاط استفادة كل عضو يخل بإلتزاماته في المستثمرة بناءا على قرار إداري بإلغاء الإستفادة دون اللجوء للقضاء. مع العلم أن هذه المادة المعدلة تطبق في حالة إعادة إدماج المستفيدين غي مستثمرة جديدة بعد ان تم إرجاع الأراضي التي كانت ممنوحة لهم لملاكها الأصلين، غير أن مجلس الدولة في اجتهاداته الأخيرة اعتبر أن هذا الحق مخول للإدارة في سحب قرار الإستفادة و إسقاط العضوية بإرادتها المنفردة إذا لم يتم تحريرالعقد الإداري و إشهاره .

IV- قانـون التهيئـة و التعميـر 90/29 المؤرخ فـي 01/12/1990 :

- جاء القانون 90/29 محاولا سد الثغرات القانونية التي كان يتضمنها القانون 82/02 المؤرخ في 06/02/1982 المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأراضي للبناء، حيث كان هذا الأخير يعتبر سكوت الإدارة عن البث في تسليم رخصة البناء خلال أجل 60 يوما المحددة قانونا يعتبر بمثابة قبول ضمني بمنح الرخصة (المادة 13).
و هكذا فإن الرخصة الضمنية المستخلصة من سكوت الإدارة تنتج نفس الآثار التي تنتجها الرخصة الصريحة، و هذا مما قلل من أهمية الحصول على الرخصة من الناحية الواقعية و أدى للعزوف عن طلبها من قبل المواطنين. بما لهذه الرخصة من أهمية في مراقبة مدى الانسجام مع النسق العمراني في إطار المخطط الوطني للتهيئة و التعمير و على الوجه الجمالي للمناطق الحضرية على العموم، حيث كانت الرخصة و لا تزال وسيلة هامة تمكن الإدارة المختصة بمنحها من بسط الرقابة بشأن الالتزام بقواعد التعمير.
و إذا كان يجب أن يقدم طلب رخصة البناء حسب المادة 34 من المرسوم التنفيذي 91/176 المؤرخ في 28/05/1991،المالك أصلا أو موكله أو المستأجر لديه المرخص له قانونا بذلك مع وجوب إرفاق الطلب بنسخة من عقد الملكية أو شهادة الحيازة، أو التوكيل، أو العقد الإداري الذي قضى بتخصيص الأرض أو النيابة. فإنه في ظل تساهل القانون 82/02 كانت تمنح الرخصة حتى في حال تقديم عقد عرفي .
و على العموم فقد تفادى القانون 90/29 هذا الإشكال حيث نص على وجوب أن يكون القبول أو الرفض في كليهما بطريقة صريحة و بقرار مكتوب يبلغ لصاحب الطلب ضمن الآجال المنصوص عليها في المادة 43 من المرسوم التنفيذي 91/176 المؤرخ في 28/05/1991، و هكذا لم يعد سكوت الإدارة عن الرد على طلب الرخصة بأنه قبول ضمني بل أصبح سكوت الإدارة عن الرد يعتبر رفض لمنح الرخصة يخول لصاحب الطلب حق الطعن في القرار أمام القاصي إداري في إطار دعوى الإلغاء .

الفـرع الثانـي : ضعــف وسائـل الرقـابـة:

- أنشأت مختلف القوانين الصادرة المتصلة بالمجال العمراني عدة أجهزة للرقابة في مجال البناء قصد التحكم في الوعاء العقاري و لتفادي ظاهرة البناءات غير القانونية التي أضحت محط انشغال الدولة منذ الثمانينات. و في هذا الصدد و من أجل المحافظة على الجانب الجمالي و الحضاري و هندستها و توحيد الهندسة العمرانية مع المحيط الاجتماعي والبيئي جاء القانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة والتعمير، ثم أعقبته المراسيم التنفيذية المطبقة له 91/175، 91/176، 91/177، 91/178 و يمكن تصنيف هذه الآليات إلى وسائل رقابة قبلية على البناء و وسائل أخرى بعدية.

I – وسائـل الرقـابـة القبليـة:

- هذه الوسائل تمكن الإدارة من ضبط التوجه العام في مجال البناء و التحكم في الوعاء العقاري بشكل عقلاني و تشمل:

1/المخطـط التوجيهـي للتهيئـة و التعميـر PDAU:

- يعتبر المخطط التوجيهي أداة تسيير و تخطيط للعمران حيث تضبط فيه التوجهات الكبرى للسياسة العمرانية و يضبط التوقعات المستقبلية للتعمير في ظل ترشيد استعمال الأراضي و قد نص عليه القانون 90/29 في المواد من 24 إلى 30 فيما تولى المرسوم 91/177 المؤرخ في 08/05/1991 ضبط كيفية إعادة و المصادقة عليه و قد عرف هذا المرسوم تعديلا في 10/09/2005 بالمرسوم التنفيذي 05/317.
و يتعين وجوبا أن يتم تغطية كل بلدية بمخطط توجيهي للتهيئة و التعمير بناءا على مبادرة من رئيس المجلس الشعبي البلدي أو رؤساء المجالس البلدية إذا كل هذا المخطط يغطي أكثر من بلدية و يشمل المخطط التوجيهي على العناصر التالية وفقا لنص المادة 17 من المرسوم التنفيذي 91/177:

أ‌- تقـريـر تـوجيـهـي :

- يكون بمثابة تقديم للمخطط التوجيهي و تحدد فيه التوجهات العامة للسياسة العمرانية و نمط التهيئة المقترح في ظل الاحتمالات الرئيسية للتنمية بمراعاة التطور الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السكاني.

ب/نظـام :

- تضبط فيه القواعد المطبقة على كل منطقة من المناطق التي تم تقسيمها حسب الأولويات ( مناطق عامرة،مناطق قابلة للتعمير، مناطق غير قابلة للتعمير، مناطق مبرمجة للتعمير المستقبلي ). كما تضبط في هذا النظام مختلف الارتفاقات، البناءات الممنوعة، كثافة التعمير حسب المناطق، المناطق المخصصة لإنجاز المنشآت الكبرى و المساحات التي يشملها مخطط شغل الأراضي و كذا المخاطر المرتبطة بالأرض كالانزلاقات و الزلازل.

ج- الوثائـق البيـانيـة :

- تشمل مختلف المستندات و المخططات البيانية التي تجسد بشكل تقني ما جاء في النظام من مناطق و ارتفاقات و طرق و شبكات قاعدية مختلفة.
المخطط التوجيهي يكون محل إشهار واسع قبل الموافقة عليه و يصدر بعد تمام إجراءاته في شكل قرار من الوالي المختص أو الوزير المكلف بالتعمير أو بمرسوم من مجلس الوزراء حسب الكثافة السكانية للمنطقة التي يغطيها وفق أحكام المادة 27 من القانون 90/29.
والذي يرتبط بموضوعنا في هذا الصدد هو ما ذكرته المادة 30 من القانون 90/29 حيث تنص أن رئيس المجلس الشعبي البلدي يملك اتخاذ كل إجراء ضروري لحسن سير المخطط مستقبلا و ذلك خلال الفترة التي يستغرقها إعداد المخطط، و بهذا فرئيس المجلس الشعبي البلدي يبدأ منذ اقتراح المخطط بالعمل على ألا يخرج نمط البناء عن المخطط المقترح في حال الموافقة عليه.
2/ مخطـط شغـل الأراضــي POS :

- يعتبر هذا المخطط أداة هامة من أدوات التعمير، و هو يغطي في الغالب تراب بلدية كاملة، كما يمكن أن يشمل كذلك تراب عدة بلديات، هذا المخطط يأتي ليوضح بصورة تفصيلا ما جاء في المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير، و يوضح استعمال الأرض و كيفيات البناء حسب كل منطقة و يضبط الحقوق و الارتفاقات المختلفة.
و قد أشارت المادة 31 و ما يليها من القانون 90/29 لهذا المخطط فيما جاء المرسوم التنفيذي رقم 91/178 المؤرخ في 08/05/1991 لضبط كيفية إعداد هذا المخطط و المصادقة عليه و تم تعديل ذلك وتتميمه بالمرسوم التنفيذي 05/318 المؤرخ في 10/09/2005.
هذا المخطط يتم بمبادرة كذلك من رئيس المجلس الشعبي البلدي بالبلدية المعنية و يكون محل إشهار واسع و استقصاء للآراء بشأنه قبل الموافقة عليه، حيث يأتي مشتملا على العناصر التالية ( حسب المادة 18 من المرسوم 91/178).

أ‌- مذكـرة تقيـيــم :

- تبز فيها مطابقة ما يتضمنه مخطط شغل الأراضي مع الضوابط التي رسمها المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير، و برنامج التنمية المزمع إنجازه بالبلدية أو البلديات.

ب‌- نظـام تفصيـلـي :

- يحد حقوق البناء في كل منطقة و كيفية استخدام الأرض في كل منطقة في إطار الشكل العمراني، كما يوضح الأخطار الطبيعية و الجيولوجية المرتبطة بكل منطقة .

ج‌- الوثـائـق البيانيـة :

- و هي تجسيد تقنيا ما تضمنه النظام من قواعد و أحكام عبر رسوم بيانية و مخططات.
- قانون التهيئة و التعمير الذي حدد إجراءات إعداد أدوات البناء و أخضعها لاستشارة واسعة يتم من خلالها اشتراك كل الهيئات و المؤسسات العمومية و الخاصة و كذا المواطنين لتمكينهم من التعبير عن انشغالاتهم و إدراج اقتراحاتهم في هذا الصدد قبل المصادقة عليها طبقا للقانون، لأنه بعد المصادقة على هذه الأدوات تصبح ملزمة للجميع بما فيها الهيئات الإدارية التي أعدتها و صادقت عليها و كذا الإدارة المكلفة بمتابعتها.
و بالإضافة للالتزام القانوني فإنه و نظرا للإشهار الواسع لهذه الأدوات و فتح سجلات خاصة لاستقصاء آراء المواطنين على مختلف شرائحهم بشأنها، فإنه ينتظر من هذه الأدوات الالتزام التلقائي بأحكامها، و مع ذلك تبدو هذه الأدوات قاصرة ذلك أنه يصعب إلزام الملاك بإحترام الوجهة التي حددت لأراضيهم وفق المخطط، فإذا نصت أدوات التعمير على أن منطقة معينة سوف تخصص لإنجاز مشاريع عمومية فهذا يعني بالضرورة أن الأملاك الموجودة بتلك المنطقة سيشملها نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية، و ليس أصعب على الملاك من هذا لذا يتوجب حسب الأستاذ أحمد حماني إقناعهم بكل الوسائل المشروعة .
و إلى جانب أدوات التعمير هناك رقابة عن طريق الرخص و الشهادات المختلفة في مجال التعمير.
3/ شهـادة التعميـر Le Certificat d’urbanisme :

- نصت عليها المادة 51 من القانون 90/29 و جاء المرسوم التنفيذي 91/176 المؤرخ في 28/05/1991 ليفصل شروط منحها ثم جاء المرسوم 06/03 المؤرخ في 07/01/2006 الذي بين الملف الواجب تقديمه لطلب كل شهادة أو رخصة و الجهة المختصة بمنحها. و في حال شهادة التعمير فإن مصلحة التعمير بالبلدية هي المختصة بدراستها. و الشيء الإيجابي في هذه الشهادة تمنح لكل ذي مصلحة يطلبها، و يتحدد فيها حقوق البناء و الارتفاقات المرتبطة بقطعة الأرض و وضعية مختلف الشبكات القاعدية و طبيعة الأرضية الجيولوجية و المشاريع المرتقب إنجازها بالمنطقة، و هكذا يكون لمن يطلبها دراية كافية بكل الجوانب إذا أراد البناء في المنطقة و لن يتعرض طلبه لرخصة البناء للبحث في توافقه مع أدوات التعمير من جديد إذا تقدم به خلال فترة سنة و هي مدة شهادة صلاحية شهادة التعمير و إذا لم يبلغ الرد عن طلب الشهادة في أجل شهرين فيمكن للمعني أن يطعن فيذلك أمام القضاء.

4/ شهـادة التقسيـم Le Certificat de Morcellement :

- نصت عليها المادة 59 من القانون 90/29 و فصل شروطها المرسوم 91/176 و تخص الشهادة العقارات المبنية فقط، و تسلم هذه الشهادة من رئيس المجلس الشعبي البلدي لمالك العقار المبني عندما يريد تقسيم الملكية العقارية إلى قسمين أو أكثر، و غالبا ما تطلب من الورثة من أجل تقسيم عقار موروث، فهذه الشهادة لا تغير حقوق البناء المتعلقة بالعقار لأن العقار أساسا مبني، و هذه الشهادة من حيث مدة صلاحيتها و تاريخ تبليغها تطابق مدة وصلاحية شهادة التعمير، الفائدة العملية لهذه الشهادة أنها تسهل للورثة قسمة العقار المبني وتمكن البلدية من مراقبة مدى تأثير قسمة العقار المبني على المحيط العمراني و إمكانية ذلك غير أن البلدية في هذه الحالة لا تملك غير القبول أو الرفض لمنح الشهادة.

5/ رخصـة التجـزئـة Permis de lotir :

- نص عليها القانون 90/29 في المادتين 57 و 58 منه و أتى المرسوم 91/176 ببيان شروطها، و يظهر من تسميتها بالرخصة أن الجهة التي تمنحها تملك كل التقدير في منحها. و رخصة التجزئة تطلب عندما يريد المالك أو موكله تجزئة أرض عارية إلى قطعتين أو أكثر قصد البناء على قطعة منها أو على كل القطع، و لا تطلب رخصة التجزئة في العقارات الفلاحية ، و ينجم عن رخصة التجزئة المتبوعة بشهادة تنفيذ الأشغال تغيير في طبيعة قطعة الأرض التي كانت عبارة عن وحدة عقارية واحدة بأن تتحول إلى وحدتين عقاريتين أو أكثر لكل منها حقوق بناء معينة و ارتفاقات و حدود و شكل و مساحة. و نظرا لهذا الأثر القانوني لرخصة التجزئة يتوجب شهر رخصة التجزئة في المحافظة العقارية تطبيقا لأحكام المادة 23 من المرسوم 91/176.
مدة صلاحية رخصة التجزئة (03) سنوات تعتبر بعدها الرخصة لاغية إذا لم تنطلق الأشغال في هذه الفترة و رغم أهمية رخصة التجزئة فإن أجال البث في طلبها طويلة نوعا ما، حيث يتوجب تبليغ المقرر المتضمن رخصة التجزئة للطالب في حدود (03) أشهر إذا كان تسليمها من اختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي و أربعة (04) أشهر في غير ذلك من الحالات، و يمكن أن يتم تأجيل منع الرخصة إلى غاية سنة حسب المادة 19 من ذات المرسوم إذا لم تكن أدوات التعمير جاهزة و هذا يعرقل استقرار المعاملات العقارية.

6/ رخصـة البنـاء Permis de Construire :

- نص عليها القانون 90/29 في المواد من 50 إلى 56 و نظمها المرسوم 91/176 و تكون هذه الرخصة مطلوبة كما أشرنا سابقا في حال البناء الجديد أو التعديلات و الترميمات على بنايات قديمة بما في ذاك بناء الأسوار و رخصة البناء و تعتبر في الحقيقة من أكثر الوسائل الفنية فعالية لتنظيم البناء فهي بالإضافة للوثائق التي تقدم في ملحق طلبها، تمكن الإدارة من استشارة كافة المصالح المعنية من خلال لجنة دراسة الطلب، كما يمكن للإدارة أن تضمن الرخصة المنوحة كافة الالتزامات و الخدمات التي ينبغي على الباني أن يحترمها، كما تحدد في الرخصة الآجال المحددة لاستكمال البناء.

7/ رخصـة الهـدم Permis Démolir :

- تشترط هذه الرخصة حسب المادة 60 من القانون 90/29 من المرسوم 91/176 في كل عملية هدم كلي أو جزئي لبناء قصد ضمان إنجاز الهدم في ظروف أمنية و تقنية جيدة علما أن المرسوم 91/176 نص في المادة 75 و ما يليها إجراءات خاصة يتوجب إتباعها من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا في حال البناءات الآلية للسقوط باعتباره المسؤول عن سلامة و أمن الأشخاص.

II- وسائـل الرقـابـة البعـديـة :

* يمكن أن نجملها أساسـا في نقطتيــن:

1- شهـادة المطـابقـة Certificat de Conformité :

- أشارت لها المادة 75 من القانون 90/29 و نظم أحكامها المرسوم 91/176 و هي أهم وسيلة من وسائل الرقابة البعدية تمكن الإدارة من مراقبة مدى احترام البناء عند إنجازه للرخصة الممنوحة بالبناء حتى تمكن بواسطتها الترخيص بفتح الأماكن للجمهور و السكن و قد ألزم المشروع الإدارة ممثلة في لجنة مراقبة المطابقة بالانتقال لمعاينة البناء المنجز و مدى احترامه لحدود الرخصة الممنوحة كما نصت على ذلك المادة 58 من المرسوم السابق ذكره، و على الإدارة أن تمنح لطالب الشهادة موافقتها أو تبليغه بتحفظاتها في أجل (03) ثلاثة أشهر من تقديم الطلب، و إلا فإنه يرفع طعنا سلميا في حال السكوت، و إذا لم ترد السلطة السلمية على طلبه في أجل (01) واحد شهر فإن سكوت الإدارة يعتبر بمثابة موافقة ضمنية على منح شهادة المطابقة . و بهذا فإن إشكالية اعتبار السكوت الضمني يعتبر موافقة ما زالت قائمة مع ما يمثله ذلك من خطورة خاصة إذا كان عدم الرد نتيجة تهاون و إهمال حيث يصبح استقبال الجمهور في مبنى لم يمنح له شهادة المطابقة أمرا يقلل من أهمية هذه الشهادة و في نفس الوقت يشكل خطرا على الجمهور.


2- المراقبـة المستمـرة :

- أعطت المادة 74 من القانون 90/29 الحق للجمعيات التي يتضمن قانونها الأساسي المحافظة على المحيط العمراني أن تطالب بالحقوق كطرف مدني في المخالفات المرتبطة بقانون التعمير و لكن تأسس هذه الجمعيات كطرف مدني لا يعول عليه في مراقبة إنجاز بناءات غير قانونية خاصة مع قلة إمكانيات الجمعيات. في حين أن المادة 73 من القانون 90/29 خولت الوالي و رئيس المجلس الشعبي البلدي الانتقال دوريا لتفقد البنايات و معاينة كل الوثائق المتعلقة بالبناء، و يكاد يبدو هذا الحق شرفيا أكثر منه فعليا نظرا لكثرة مهام كل منهما. يبقى فقط أن يعول على مراقبة الأعوان المحلفين المفوضين حسبما نصت المادة لتفعيل الرقابة البعدية أمثال أعوان الغابات طبقا للقانون 91/20 المؤرخ في 02/12/1991 أو أعوان المصالح التقنية الفلاحية المعينين من قبل الوالي طبقا لمرسوم التنفيذي 90/51 المؤرخ في 06/02/1990 مع الإشارة إلى أن المادة 52 من المرسوم التنفيذي 91/176 المؤرخ في 28/05/1991 قد أشارت إلى أن وصل البناء بشبكة الخدمات لا يتم إلا باستظهار رخصة البناء مما قد يساعد كذلك على المراقبة، التي تبقى رقم كل ذلك ضعيفة في ظل القانون 90/29 عن التحكم في عدم ظهور بناءات خارج القانون.
و تجدر الإشارة إلى أن القانون 82/02 المؤرخ في 06/02/1982 المتعلق برخصة البناء و رخصة التجزئة كان قد نص في المادة 47 منه على جملة أعون المكلفين بمعاينة المخالفات لأحكام القانون المذكور، و يتمثلون في أعوان الأمن العمومي، و كذا كل موظفي و أعون مصالح الدولة، و المجموعات المحلية المحلفين أو المفوضين لهذا الغرض.
إلا أن المادة 80 من القانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 جاءت و ألغت القانون 82/02 و بالتالي يكون من المنطقي تبعا لذلك أن ترفع صفة الضبطية عن الأعوان الذين كانوا يتمتعون بها في ظل القانون 82/02، في حين أن وسائل المراقبة هي القانون 90/29 لم تكن كافية ما ترك نقصا فادحا في الرقابة البعدية على عمليات الإنجاز لمباني دون رخصة أو مخالفة للتشريع المعمول به في مجال التهيئة و التعمير.

الفـرع الثـالـث: تـردد القضـــاء :

- كان تنتظر من القضاء في ضوء قصور النصوص القانونية كما أشرنا أن يبــادر في الاجتهــاد و محاولة القيام بدوره الطبيعي في التنسيق بين النصوص القانونية من أجل الوصول إلى حلول لبعض المشاكل التي كانت مطروحة أمامه بشدة، و لكن القضاء بقي مترددا في اتخاذ اجتهاد قضائي موحد بخصوص العديد من المسائل التي لها ارتباط مباشر بتنامي البناءات غير القانونية، و ذلك ما سنستعرضه من خلال أهم الأوجه التي بدا فيها هذا التردد.

1- بخصـوص أراضـي العـرش :

- يرى بعض الكتاب أن مصطلح أرض العرش مصطلح مستحدث و أن هذا التنظيم غريب عن التنظيم العقاري المحلي و لم يكن معروفا قبل الاستعمار الفرنسي لأن منطق القبائل المستوطنة بالجزائر كان يقوم على الترحال الشيء الذي يجعل تملكهم للأراضي مستبعدا و يستند في هذا الرأي لمقدمة ابن خلدون في معاينته تلك الأوضاع.
و على العكس من ذلك يرى جانب آخر أن أراضي العروش هي تلك الأراضي التي منحت من قبل الدايات الأتراك أثناء العهد العثماني للقبائل و العروش الذين كانوا موالين لهم على سبيل الانتفاع الجماعي . و مهما يكن من أمر فإن أراضي العرش لم تكن خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية كما يتصور البعض، و إنما طبقت بشأنها أحكام عرفية خاصة كانت تختلف من منطقة لأخرى، و كانت المنازعات بشأنها من اختصاص ما يعرف بالجماعة آنذاك أو موظفي البايلك حسب المنطقة، و يتم في كل الأحوال الفصل في النزاع وفق الأعراف المحلية . و القاعدة التي كانت تجري على هذه الأراضي هي أن كل فرد من أفراد القبيلة الذكور فقط يكون له حق الانتفاع بالمساحة التي يستطيع استغلالها و خدمتها، و يمنع عليه أن يقوم بإيجار للأرض أو رهنها أو بيعها أو قسمتها، و في حال عدم استغلال الأرض و تركها بورا فإن الجماعة لها الحق باسترجاعها منه و منحها ثانية لمن يستحقها و يتعهد بخدمتها. أما في حال وفاة مستغل الأرض فإن حقه ينتقل للورثة الذكور على عمود النسب، في حين يبقى للإناث المطالبة بضروريات المأكل و الملبس و المشرب من المسؤول عن العائلة التي انتقل له حق الانتفاع.
في الفترة الاستعمارية عرف هذا النوع من الأراضي عدة محاولات للاستيلاء عليها، و تم في سبيل ذلك التدرج قانونيا بعدة مراسيم من أجل تحويل الطبيعة القانونية لهذه الأراضي إلى ملكيات فردية خاصة قابلة للتصرف، و أهم تلك المراسيم مرسوم سيناتوس كوتسيلت في 21/04/1863، مرسوم فارني 26/07/1873 الذي تم تعديله بالمرسوم المؤرخ في 16/02/1897، الذي تمم بالقانون المؤرخ في 04/08/1926. و يعتبر هذا المرسوم الأخير سبب كل النزاعات المتعلقة بأرض العرش حيث جاء بنظام تصفية التملك عن طريق إجراء التحقيق في سندات الملكية أو مقوماتها، و ينتهي هذا التحقيق بتسليم سند للملكية بعد أن يصادق عليه الحاكم العام للجزائر آنذاك. و يترتب عن إجراء التحقيق أن تطهر الأرض من كافة الديون و الرهون في حين تتغير طبيعتها من أرض عرش إلى ملكية خاصة لأحكام القانون الفرنسي و قابلة لكل أنواع التصرف و قابلة للإرث لكل الورثة بما فيهم النساء و اللواتي كن محرومات من هذا الحق بموجب الأعراف المحلية في أراضي العرش، فسند الملكية المسلم يعد التحقيق كان يسمى لدى العامة بعقد الصفاء نظرا لكونه كان يصفي العقار من جميع الحقوق.
هذا المرسوم الذي تحدثنا عنه ساهم في شق منه بتطهير الملكية العقارية و تسليم سندات لإثباتها و لكنه في المقابل زرع في نفوس المواطنين الشعور بأحقيتهم في تملك أراضي العرش، و هذا ما أدى إلى عدة نزاعات بشأنها بعد الاستقلال. يضاف إلى ذلك أن بعض العقود الشرعية المحررة عهد الاستعمار قد استندت في مضمونها للقانون المؤرخ في 04/08/1926 و بهذا ظهر مفهوم البيع الواقف مع شرط الإيجار حيث لا يتم تثبيت الملكية لمشتري العقار إلا بعد استكمال إجراءات التحقيق بشأن الملكية و إلى ذلك الحين يقوم البائع للعقار بالتنازل للمشتري عن حقه في الاستغلال على وجه الإيجار إلى غاية الحصول على سند الملكية مقابل دفع مبلغ يتفق عليه، و هكذا و بعد الاستقلال فإن كثيرا من الأراضي لم يستكمل بشأنها التحقيق و لم يسلم لأصحابها سندات ملكية و لم يصدر بشأنها قرار الاعتماد من الحاكم العام للجزائر و هذا الغموض في الوضعية القانونية لأراضي العرش أثقل كاهن القضاء بالنزاعات المرتبطة بها لاسيما دعاوى الملكية و حمايتها و دعاوى القسمة، و كان لزاما على القضاء أن يجتهد في تحديد الوضع القانوني لمثل هذه الأراضي حتى يفصل في تلك الدعاوى.
يضاف إلى ذلك أن بعض شاغلي أراضي العرش اطمأنوا للمحاضر الإدارية عن المعاينة الأولية التي قام بها المحقق الباحث في إطار قانون 04/08/1926 و اعتبروها بمثابة سند يثبت ملكيتهم و من ثم قاموا بالبناء فوق تلك الأراضي و التصرف بالبيع لأشخاص أخرين بعقود عرفية تولوا كذلك إنشاء بنايات على تلك الأراضي.
في حين أن باقي شاغلي أراضي العرض الذين لم يشملهم التحقيق في إطار قانون 04/08/1926 و ليس لهم سند يمنحهم حق شغل تلك الأراضي فإنهم صاروا يواجهون الفرق التقنية الميدانية المكلفة بإنجاز عمليات المسح العقاري المنصوص عليها بموجب الأمر 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 و يحاولون إقناعهم بأنهم مالكين لتلك الأراضي أبا عن جد من دون أن يقدموا أي سند يدعم أقوالهم .
و زاد الأمور غموضا أن المشرع الجزائري غداة الاستقلال أصدر الأمر 62/157 المؤرخ في 31/12/1962 مدد فيه العمل بالقوانين الفرنسية ما عدا ما يمس منها بالسيادة، و لم يتبعه أي قانون ينظم أراضي العرش، و أمام هذا الفراغ التشريعي واصل شاغلوا أراضي العرش الانتفاع بها مما ولد لهم اعتقادا بأنها ملك لهم، حيث استمر الوضع إلى غاية صدور القانون 71/73 المؤرخ في 08/11/1971 المتضمن قانون الثور ة الزراعية الذي أنشأ بمقتضى المادة 22 منه و ما يليها صندوق الثورة الزراعية و صب فيه أراضي العرش و بذلك أصبحت ملكا من أملاك الدولة .
و إذا كان قانون الثورة الزراعية قد فصل في الطبيعة القانونية لأراضي العرش بأن أصبحت ملكا للدولة، فإنه كان على القضاء ألا يتردد في البحث قبل ذلك عن حل للمسألة، و الحل القانوني المرجو هو وجوب اعتبار الأراضي العرشية التي لم تستكمل إجراءات البحث فيها ملكا من الأملاك الوطنية الخاصة للدولة، و لا يكون لشاغلي هذه الأرض الإدعاء بملكيتها مادامت سندات الملكية لم يصادق عليها كمن طرف الإدارة الاستعمارية آنذاك .
و مع صدور القانون 87/19 في 08/12/1987 عاد الجدل من جديد حول الوضع القانوني لأراضي العرش، ذلك أن المادة 47 من هذا القانون نصت على إلغاء جميع النصوص القانونية المخالفة لاسيما المواد من 858 إلى 866 من القانون المدني و الأمر 68/653 المؤرخ في 30/12/1968 المتعلق بالتسيير الذاتي و تم التساؤل إن كان هذا الإلغاء يطال قانون الثورة الزراعية كذلك نظرا للاختلافات الجوهرية بينهما ؟.
حيث أن القول بإلغاء قانون الثورة الزراعية سوف يعيد لأصحابها حق تملكها و استغلالها و يهمنا هنا أراضي العرش. و هكذا انقسم الرأي إلى قائل بإلغاء الثورة الزراعية و مخالف لذلك، و أثر ذلك على تذبذب أحكام القضاء بخصوص ذلك إلا أن الرأي الغالب ذهب إلى تفسير أحكام المادة 47 من القانون 87/19 على أنها مجرد إلغاء جزئي لقانون الثورة الزراعية بحيث تتعلق فقط بتلك الأحكام التي لم تعد تتلاءم و للقانون الجديد للاستغلال الزراعي، أما بقية الأحكام فتظل سارية المفعول، و هذا ما أخذت به التطبيقات القضائية في مجال المنازعات المتصلة بالعقار الفلاحي .
و بعد مجيء قانون التوجيه العقاري 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 تجدد النزاع أكثر حدة، ذلك أنه ألغى في مادته 75 صراحة قانون الثورة الزراعية 71/73 و قضى بإرجاع الأراضي المؤممة لأصحابها الأصليين. ا ما دفع الأشخاص الذين كانوا يشغلون تلك الأراضي المعروفة بأراضي العرش إلى المطالبة من جديد بها، و صدرت بهذا الخصوص قرارات قضائية متناقضة بشأنها نظرا لغموض الوضع القانوني لها آنذاك . إلى أن جاء الأمر 95/26 المؤرخ في 25/09/1995 الذي عدل بموجب المادة 13 ما كان قد جاء في المادة 85 من القانون 90/25 و نص صراحة على بقاء أراضي العرش ضمن الأملاك الخاصة للدولة . و مع ذلك فإن المرسوم 83/352 المؤرخ في 21/05/1983 المتعلق بعقد الشهرة قد أثار الجدل بشأن إمكانية شموله لأراضي عروشية حيث نصت المادة الأولى منه:" كل شخص يحوز على عقار من نوع الملك حيازة مستمرة غير متقطعة، و لا متنازع عليها، و علانية و ليست مشوبة بلبس طبقا لأحكام المادة 827 من القانون المدني يمكن له أن يطلب من الموثق إعداد عقد شهرة يتضمن الاعتراف بالملكية، كما أن مصطلح الملك (Melk) الذي ورد في نص المادة هو مصطلح ابتكره المشروع الفرنسي عهد الاستعمار ليميز بين أراضي العرش و نظام الملك الذي كان يعني في نظره آنذاك الملكيات الخاصة الخاضعة للتصرف وفق أحكام الشريعة الإسلامية لهذا فإن غرض المشروع الجزائري من استعمال هذا المصطلح حسب رأي فقهي، يرمي أساسا إلى ضبط النظام القانوني للعقارات الموجودة في حيازة الخواص بدون سندات ملكية، كما يهدف بمفهوم المخالفة إلى استبعاد الأراضي التابعة لملكية الدولة أو تلك المدمجة ضمن نظام الحبوس من نطاق هذا المرسوم حيث لا يمكن تملكها بالتقادم حسب نص المادة 689 مدني مهما بلغت آجال الحيازة . و لهذا يكون لمديرية أملاك الدولة أن ترفع دعوى المطالبة ببطلان هذه العقود أمام القاضي العقاري حتى خارج الآجال المنصوص عليها في المادتين 06 و 07 من المرسوم 83/352 و يؤكد هذا قـرار لمجلس الدولة بتاريخ 11/02/2002 تحت رقم 5763. في حين اختلف القضاء في إمكانية التمسك بالحيازة في مواجهة الدولة حيث كان قد صدر عن الغرفة المدنية للمحكمة العليا قرارا بتاريخ 07/12/1994 رقم 11365 اعتبرت فيه '' أراضي العرش هي ملك للعرش كلهم '' و أجازت الغرفة العقارية للمحكمة العليا في قرار رقم 196049 بتاريخ 26/04/2000 إمكانية ممارسة دعوى الحيازة على أراض عروشية. و بهذا يظهر التناقض بين رأي المحكمة العليا و مجلس الدولة بشأن ممارسة الحيازة في أرض عروشية. و في هذا يتجه رأي إلى اعتبار إن المادة 04 من القانون 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 المتضمن الأملاك الوطنية لم يعترف بالحماية التقليدية بعدم جواز التصرف و الحجر عليها أو اكتسابها بالتقادم إلا على الأملاك الوطنية العمومية و ما دام أن أراضي العرش قد صنفت حسب الأمر 95/26 المؤرخ في 25/09/1995 كأملاك وطنية خاصة فإنها بالنتيجة لا تخصع لتلك الحماية الممنوحة للأملاك الوطنية العامة، و بالتالي يجوز التمسك بحيازتها حتى في مواجهة الدولة نفسها .
بقي أن نقول في الأخير أن أراضي العرش لم يعدلها وجود من الناحية القانونية إذ تم إدراجها بموجب الأمر 95/26 صراحة في الأملاك الوطنية الخاصة،و مع ذلك بقيت الذاكرة الشعبية محتفظة بهذا المفهوم و يحاول الكثير ممارسته من حيث الواقع بإبقاء سيطرتهم الفعلية على أراضي يعتبرونها ملكا لهم و تنشب بشأنها عدة نزاعات بين الفينة و الأخرى في عدة مناطق من الوطن، و لذا يكون على القضاء ألا يتأثر بما يحاول البعض فرضه من جديد في الواقع و أن يوحد الاجتهاد بما يتوافق مع صلب القانون في عدم الاعتراف بأراض عروشية و عدم الاعتراف بأي حماية قانونية لمن يحاول الإدعاء بامتلاكها عبر الأجيال.

2- بخصـوص أراضـي الوقـف :









 


قديم 2011-02-11, 20:27   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اضافة

- وجد القضاء نفسه في حيرة بشأن الوضع القانوني للوقف، ذلك أن الاستعمار كما ذكرنا في تمهيد البحث نصب نفسه وصيا على الأملاك الوقفية و استولى عليها، و مع ذلك بقيت بعض الأملاك الوقفية التي أبقاها المستعمر لفائدة الزوايا و المساجد عموما نظرا لقلة أهميتها أو لاعتبارات سياسية تجنبه ثورة الأهالي حيث كانت الإدارة الفرنسية قد أصدرت المرسوم المؤرخ في 10/06/1833 الذي ألغت بموجبه نظام الحبوس، و أدمجت مختلف أراضي ضمن الأملاك العامة الفرنسية إلا أنها و قصد زرع التفرقة بين الأهالي قامت في 09/12/1947 بإصدار قانون يخضع المعاملات العقارية بمنطقة القبائل إلى نظام خاص بمبرر وجود أعراف محلية بهذه المنطقة يتوجب مراعاتها و تقنينها لضمان السير الحسن للمبادلات العقارية ،أما بعد الاستقلال فقد شهدت أراضي الوقف فوضى عارمة ذلك أن كثير من الأملاك الوقفية لم يكن لها سندات ثبوتية مما دفع بالبعض للتراجع عن وقفه و خاصة من الورثة و تم التصرف في أراضي أخرى بالبيع، في حين ظلت أراضي الوقف الأخرى تسير من طرف لجان المساجد أو من طرف شيوخ الزوايا والمتطوعين أو من الواقفين أنفسهم لفائدة الجهات الموقوف عليها. و قد حاول المرسوم 63/168 المؤرخ في 09/05/1963 تدارك الأمر بوضع بعض الأملاك العقارية تحت حماية الدولة .
و كنا قد أشرنا في السابق إلى أن تمديد العمل بالنصوص الفرنسية غداة الاستقلال عمق هذا الغموض في الوضعية القانونية للأوقاف، وأعقب ذلك أن قانون الثورة الزراعية قد أدمج كثيرا من أراضي الوقف في صندوق الثورة الزراعية أما لكونها غير مستغلة أو لانعدام سندات ملكيتها و اعتبارها بدون مالك أو بغير ذلك من الأسباب ، فيما بقيت البقية خاضعة لقواعد الشريعة الإسلامية و العرف إلى أن جاء القانون 84/11 المؤرخ في 09/06/1984 لتنظم في المواد من 213 إلى 220 منه أحكام الوقف. ثم جاء القانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 الذي ألغى بموجب المادة 75 منه أحكام الأمر 71/73 المتضمن قانون الثورة الزراعية و قضى بإرجاع الأراضي التي كانت مدمجة في صندوق الثورة الزراعية لأصحابها الأصليين أو الذين لهم حق ثابت يسند عليها و هكذا أتمت المادة 83 من القانون 90/25 بأن الأراضي التي لم يمكن إتمام إجراءات إرجاعها لأصحابها تظل ملكا للدولة خاضعة لقانون الأملاك الوطنية و القوانين الخاصة بطرق استغلالها و حقوق من تخصص لهم و إلتزاماتهم. لهذا فإن أراضي الوقف التي كانت في صندوق الثورة الزراعية أعيدت لأصحابها سواء لموقوف عليهم إذا كان لهم سند أو للواقف و ورثته إذا احتفظوا بعقودها، في حين أنه يظل لمديرية الأوقاف حق المطالبة باسترجاع الأرض الموقوفة إذا كان الوقف عاما، و هذا ما استغل من طرف الأفراد حيث انتقلوا البناء و السكن في الأراضي التي يعلمون بأنها موقوفة و بطريفة غير قانونية كمن أجل الاستيلاء عليها.
المهم أن قانون 90/25 قد اعترف بالأملاك الوقفية في مادته 23 و هذا يفترض بداهة أن تكون محمية من طرف القانون، و قد ألمحت المادة 32 منه إلى قانون خاص سينظمها لاحقا. و بالفعل فقد جاء القانون 91/10 المؤرخ في 27/04/1991 المتعلق بالأوقاف و قد نص في مادته (03) الثالثة على أن الوقف هو حبس العين عن التملك على وجه التأبيد و التصدق بالمنفعة على الفقراء أو على وجه من وجوه البر و الخير. و أضافت المادة 16 منه '' يجوز للقاضي أن يلغي أي شرط من الشروط التي يشترطها الواقف في وقفه إذا كان منافيا لمقتضى حكم الوقف الذي هو اللزوم أوضار بمحل الوقف أو بمصلحة الموقوف عليه '' و في هذه النقطة بالذات يلاحظ أن المشروع الجزائري قد خرج في قانون الأوقاف عن المذهب المالكي و أخذ برأي الجمهور في مسالة لزوم الوقف و هذا أمرا لا غبار عليه من الناحية الفقهية إلا أنه أثر في أحكام القضاء أن المذهب المالكي السائد في البلد الذي يرى أن الملك يبقى على ذمة صاحبه و يتصدق بالانتفاع منه، و ما دام مبنيا على أساس التصدق فيمكن الرجوع فيه في أي وقت من الواقف. و هذا يظهر على سبيل المثال في قرار للغرفة العقارية بالمحكمة العليا مؤرخ في 29/12/2001 تحت رقم 223224 نقض قرار قضاة الموضوع الذين أجازوا تراجع الواقف عن وقفه . و قد جاء في اجتهاد المحكمة العليا في قصية حبس شخص على زوجته ثم طلقها و أراد الرجوع في وقفه.، أن ذلك ممكن لأن شخصية الموقوف عليه في نظره كانت محل اعتبار كونها زوجته، و هذا ربما تأثر من المحكمة العليا بقواعد القانون المدني، كون الرجوع في الوقف غير جائز حسب رأي الجمهور الذي أخذ به قانون الأوقاف .
الشيء الأكثر تناقضا بشأن الوقف أن الغرفة العقارية بالمحكمة العليا ذهبت في قرارها رقم 216 394 المؤرخ في 29/12/2001 إلى إمكانية التمسك بالتقادم في الحبس الأهلي وفقا لأحكام القانون المدني في حين أن قرارا صادرا عن المحكمة العليا في 13/01/1986 تحت رقم 39360 يقول بعدم إمكانية التمسك بالتقادم المكسب في أرض محبسة، و هذا التناقض بين الأحكام فتح المجال للاستحواذ على الأملاك الوقفية أو البناء فيها والدفع بالتقادم رغم الثابت أن الوقف يتمتع بالشخصية المعنوية فلا يمكن وضع اليد عليه .
و قد يكون لهذا التناقص في أحكام القضاء و مبرر ربما من حيث أن تعديل قانون الأوقاف بمقتضى القانون 02/10 المؤرخ في 14/12/2002 قد أحدث اللبس بشأن حماية القانون للحبس الخاص لأنه ألغى المواد 6، 7، 19، 22، 47 التي كانت تنص على الحبس الخاص، كما ذكر القانون بأنه يطبق على الحبس العام و أن الوقف الخاص يخضع للتشريعات المعمول بها. و لما كان القانون 02/10 قد ألغى التشريعات المعمول بها من حيث المواد المتعلقة بالوقف الخاص في قانون الأسرة و قانون الأوقاف 91/10 فقد فسر هذا على أنه تخلي من المشرع عن حماية الوقف الخاص، و قد جاء في عرض أسباب القانون أن هناك انحراف و صعوبة سيطرة على الحبس الخاص و كذا صعوبة في إثبات وضعيته القانونية نظرا لتشابكها لذا فوزارة الشؤون الدينية غير قادرة على تسييره و تكتفي بتسيير الحبس العام .
إلا أن القضاء عليه أن يعمل النص الذي يحيل إلى التشريعات المعمول بها، و في هذا الإطار يقترح رأي أن يتم وفقا للمادة 02 من القانون 91/10 الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية لتنظيم الوقف الخاص مع الاستعانة بعقد الوقف لمعرفة المذهب الذي اختاره الواقف، و هذا بطبيعة الحال أفضل من إهماله أو تركه للبناء و الضياع أو المضاربة .

3/ بخصـوص سنـدات إثبـات الملكيـة:

- تثبت الملكية العقارية بسندات توثيقية و سندات قضائية و سندات إدارية و سندات عرفية ، و سنركز حديثنا على هذه الأخيرة لان القضاء بقي متذبذبا في تقدير قيمتها القانونية في إثبات الملكية هذا من جهة و من جهة أخرى لان للسندات العرفية ارتباطا وثيقا بموضوع بحثنا فكما لاحظنا أن الدولة قد بذلت جهودا جبارة في سبيل سن قوانين لتطهير الملكية العقارية ، ولكن هذه الجهود بقيت منقوصة حيث لم تتكاثف بمجهود موازي من القضاء لتحديد موقف موحد اتجاه السندات العرفية، ومن جهة أخرى فقد لاحظنا أن السندات العرفية كانت دائما ملجأ الذي يلجأ إليه أفراد للتحايل على القوانين كما كان ذلك أثناء فترة سن قانون الاحتياطات العقارية . و إذا كان القانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة و التعمير، قد حاول سد الطريق في وجه السندات العرفية عن طريق الربط بين طلب رخصة البناء و السند المثبت للملكية، كما أكد ذلك المرسوم التنفيذي 91/176 المؤرخ في 28/05/1991 حيث يجب أن يقدم طلب رخصة البناء من المالك أو موكله أو المستأجر لديه المرخص له بذلك مرفوق بعقد الملكية أو شهادة الحيازة أو توكيل صحيح أو العقد الإداري، وهي الوثائق المحصورة بالذات في نص المادة 34 من المرسوم التنفيذي. و هكذا لا يبقى أمام الأفراد في حال عدم وجود هذه الوثائق إلا سلوك سبيل البناء بدون رخصة أو اللجوء للقضاء للاعتراف بصحة العقد العرفي.
و نظرا لما للقضاء من دور في تساهله للاعتراف بالمحررات العرفية، و ما يؤدي له بطبيعة الحال في حال البناء على الأراضي المتعامل فيها بسندات عرفية قد تتعرض للإبطال في أي وقت بما يجعل البناء عليها خارج القانون، سنحاول لكن هذا التركيز على كيفية تعامل القضاء مع السندات العرفية.
فالعقود العرفية هي تلك المحررات التي يقوم بإعدادها الأطراف بأنفسهم أو بواسطة كاتب من اجل إثبات تصرف قانوني، و يتم توقيعها من قبل المتعاقدين و حدهم، و الشهود إن وجدوا، من دون تدخل موظف عام أو ضابط عمومي مختص و لا يغير التصديق في البلدية من طبيعة المحرر العرفي أو يصبغه بالرسمية و إنما غاية ما في الأمر أنه يمنحه تاريخا ثابتا ابتداءا من يوم التصديق عليه.
ووفقا للمادتين 327 و 328 من القانون المدني الجزائري يكون المحرر العرفي حجة على أطرافه و صحيحا .بما جاء فيه مواجهتهم ما لم ينكروا صراحة ما هو وارد فيه بإنكار خطهم عليه أو إمضائهم، غير أن الإقرار الصريح أو الضمني للمحرر العرفي لا يؤثر باي حال في أوجه الدفوع الشكلية أو الموضوعية التي يكون لمن أقر بالورقة العرفية أن يتمسك بها كالدفع بالبطلان لعدم إتباع الشكلية المطلوبة أما بالنسبة للغير فلا يكون للسند العرفي حجية في مواجهة إلا من يوم يكون له تاريخ ثابت .
و يصبح تاريخ المحرر العرفي ثابتا إما من يوم تسجيله لدى مصلحة الضرائب ، أو ثبوت مضمونة في عقد أخر رسمي أو التأشير عليه من ضابط عام مختص ، أو من يوم وفاة أحد الذين كان لهم على المحرر خط أو إمضاء .
وقد مرت المحررات العرفية بمراحل ففي البداية جاء المرسوم 80/210 المؤرخ في 13/09/1980 الذي عدل المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري حيث أعتبر جميع السندات العرفية التي اكتسبت تاريخا ثابتا قبل 01/03/1961 شرعية معفاة من الشهر، تم صدر القانون الخاص بالتوثيق بالآمر رقم 70/91 المؤرخ في 15/12/1970 حيث اشترط الرسمية في العقود الواردة على حقوق عينية عقارية و هذا في المادة 12 منه ، غير أن المحررات العرفية بقيت مستعملة بكثرة نظرا لتساهل القضاء في الحكم بصحتها و هكذا جاء المرسوم 93/123 المؤرخ في 19/05/1993 ليعدل و يتمم المرسوم 76/63 من جديد و مدد فترة صحة المحررات العرفية من 01/03/1961 إلى 01/01/1971 تاريخ بداية سريان قانون التوثيق، و بهذا تصبح كل المحررات العرفية الثابتة التاريخ قبل هذا اليوم رسمية دون حاجة للجوء للقضاء . ولكن بالنسبة للتصرفات الواردة بين 1964 إلى 01/01/1971 فيجب على أطراف المحررات في استظهار الرخصة الإدارية المسلمة لهم من طرف الوالي إضافة للسند، عملا بالمرسوم 64/15 المؤرخ في 20/01/1964 المتعلق بحرية المعاملات .
و إلى غاية هذه الفترة يمكن القول أن المشروع قد خفق عن المنازعات على القضاء و سوى وضعية المحررات العرفية، ولكن بعد 01/01/1971 كان يفترض بالقضاء يتشدد في الرسمية و لكن شيئا من ذلك لم يحدث و ظلت الأمور على حالها و ازداد اللجوء إلى المحررات العرفية مع صدور قانون الاحتياطات العقارية الذي بدأ العمل به في 05/03/1974 بعد أن صدر بالأمر 74/26 في 20/02/1974. لهذا جاء المنشور الرئاسي المؤرخ في 30/06/1976 ليس إجراءات خاصة لتصحيح السندات العرفية المبرمة قبل 05/03/1974 و هذا عبر التحقق من تاريخها، لكن المحاكم تجاهلته لوروده في شكل مرسوم، ولا يلزم القاضي على الأخذ به كما أن المرسوم في حد ذاته لم يحدد للأفراد مدة لتصحيح السندات العرفية وهكذا ظلوا يلجؤون للقضاء من أجل تصحيحها و حتى بعد تعديل القانون المدني بموجب القانون 88/14 في 03/05/1988 أين بدا التأكد ثانية في المادة 324 مكرر 1 على المضمون الذي كان قد جاء في المادة 12 من قانون التوثيق 70/91 ، ظل القضاء مستنكفا عن اشتراط الرسمية مفسرا الكتابة المطلوبة على أنها وسيلة للإثبات فحسب .
و هكذا ظلت قرارات متناقضة تصدر على شاكلة القرار رقم 180 110 المؤرخ في 25/07/1995 الذي جاء في حيثياته : " من المقرر قانونا و قضاءا ، أن البيع إذا اكتملت أركانه و شروطه ، جاز للقاضي أن يوجه الأطراف أمام الموثق لا فراغه في شكل رسمي "
ولما كان الثابت في قضية الحال، أن قضاة الموضوع بإحالتهم لطرفي الدعوى أمام الموثق لا تمام البيع فإنهم طبقوا القانون تطبيقا سليما لأنه لا يمكن الاحتجاج بخرق المادة 12 من الأمر 70/91 التي جاءت لصالح الخزينة العمومية و الشهر العقاري فقط"، قرار عن الغرفة المدنية للمحكمة العليا. في حين جاء قرار أخر في نفس الفترة عن غرفة الأحوال الشخصية رقم 103656 في 09/11/1994 مخالفا للأول وفيه: " يشترط في العقود المتضمنة نقل الملكية العقارية أن تحرر في الشكل الرسمي و إلا وقعت تحت طائلة البطلان " .
و تنص المادة 206 من قانون الأسرة، أن الهبة تنعقد بالإيجاب و القبول مع مراعاة قانون التوثيق في العقارات، لذا فإن الهبة باطلة لعد استيفاء الشروط الجوهرية ".
و نظرا لهذا التضارب في الأحكام اضطرت المحكمة العليا بغرفها المجتمعة توحيد الاجتهاد و أكدت في قرارها رقم 136156 المؤرخ في 18/02/1997 على وجوب الرسمية في المعاملات الواردة في المادة 324 مكرر1 مدني و منها المعاملات العقارية . و بذلك أوصد الباب في وجه تصحيح المحررات العرفية، و لكن بعد فترة دامت أكثر من 27 سنة، و يمكن مع طول هذه الفترة تصور أوضاع البناء غير القانونية و التي استغلت هذا التردد للقضاء للتزايد.

4/ بخصـوص قبـول الدعـوى :

- ظل القضاء متردد بشأن قبول الدعوى في حال الاعتداء على الحيازة العقارية على المستثمرة الفلاحية بناءا على نص المادة 386 من قانون العقوبات. فالرأي الأول كان يرفض قبول الدعوى بناء على أن المادة تحمي المالك و ليس الحائز و في هذا الاتجاه جاء القرار 75919 في 05/11/1991 الصادر عن غرفة الجنح و المخالفات بالمحكمة العليا: " أن المادة 386 من قانون العقوبات تقتضي أن يكون العقار مملوكا للغير. و من ثمة فإن قضاة الموضوع الذين أدانوا الطاعنين في قضية الحال بجنحة التعدي على الملكية العقارية، دون أن يكون الشاكي مالكا حقيقيا للعقار يكونون قد أخطئوا في تطبيق القانون "
في حين يذهب الرأي الثاني إلى أن المشرع لا يقصد بعبارة المملوك للغير الملكية الحقيقية للعقار فحسب و إنما يقصد بها أيضا الملكية الفعلية، و هو ملخص قرار ذات الغرفة في 21/05/1995 تحت رقم 17996 .
و إذا كان الرأي الثاني اكثر تماشيا مع غرض المشرع من الحماية العقارية فإن الرأي الأول يبدو غالبا من حيث الواقع و في هذا فإن نيابة الجمهورية بعدة محاكم تقوم بحفظ الشكاوي المرفوعة من المنتجين الفلاحين في إطار القانون 87/19 المؤرخ في 08/12/1987 بخصوص الاعتداء على حقهم في الانتفاع و من ذلك البناء الغير المرخص، و إذا تمت المتابعة فغن المحاكم تحكم بالبراءة تأسيسا على أن الشكوى يجب أن تقدم من مديرية أملاك الدولة كممثل للدولة التي تعود لها ملكية الرقبة.وهذا المسلك محل نظر ولا يساهم في رد الاعتداء على المستثمرات، في حين أن المنتج الفلاحي يملـك حـق عيينـي عقـاريـا دائم قابل لكل أنواع التصرف ، و أن القانون المدني خوله كل الحق في الدفاع عنه .

الفـرع الـرابـع : غيـاب الـردع :

- جاء القانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 لينص في المادة 76 منه على انه في حال الانتهاك الخطير لأحكام هذا القانون ترفع السلطة الإدارية دعوى استعجاليه للمطالبة بوقف الأشغال طبق لقواعد الإجراءات المدنية، في حين تبين المادة 77 الغرامات المرتقب توقيعها من القاضي الجزائي و تتراوح بين 3000 دج إلى 300.000 دج فالإدارة في حالة معاينة بناء بدون رخصة فإنها تلجا لقاضي الاستعجال الذي يكون له بمقتضى المادة 78 أن يأمر بوقف الأشغال أو هدم البناء إذا تطلبت ذلك الإدارة، وكذا الشأن في حالة عدم المطابقة حيث يلزم الشخص باحترام رخصة البناء أو هدم الأشغال الغير مطابقة .
غير أن تقاعس الإدارة عن متابعة بالإضافة لبطء إجراءات التقاضي كثيرا ما يجعل البناء يفرض كآمر واقع إذا رفعت الدعوى متأخرة للقضاء.
ويشار إلى أن المادة 77 قد رفعت العقوبة في حال العود إلى الحبس من شهر إلى 06 أشهر المؤرخ غير أن المادة 77 عامة شملت مختلف الجرائم دون تمييز و لذا جاء المرسوم التشريعي 94/07 المؤرخ في 18/05/1994 ليوضح غموض المادة 77 من القانون 90/29 ، غير أنه جاء بمادة وحيدة كذلك هي المادة 50 في هذا الصدد حيث ربطت الغرامة بطبيعة الأرض ، فتكون العقوبة غرامة تعادل 2500 دج إذا تم البناء دون رخصة على أرض تابعة للأملاك العمومية و 1500 دج إذا كان في أرض خاصة للغير أو من الأملاك الخاصة الوطنية و 1000 دج إذا تم تشييد البناية في ارض خاصة بدون الحصول على رخصة.
ويلاحظ أن هذه التفرقة من حيث طبيعة الأرض التي جاء بها الشرع لا مبرر لها طالما أن الانتهاك ينصب على عدم الحصول على رخصة البناء و هو واحد في مختلف الصور .
- كما أن المادة السابقة تكلمت عن فعل تشييد بناية بدون رخصة فقط ، و لم تتكلم عن الأفعال الأخرى كالبناء خارج حدود الرخصة أو عدم تجديد الرخصة بعد انقضاء أجلها ، و هذا يشكل إجحافا لأنه سيؤدي إلى نتيجة غير عادلة حيث يكون الشخص الذي تحصل على رخصة بناء ثم تجاوز حدودها أسوأ وضعا من ذلك الذي لم يستصدر الرخصة أصلا ، حيث يخضع الأول للأحكام العامة الواردة في المادة 77 من القانون 90/29 نظرا لعدم النص على هذا الفعل في المادة 50 من المرسوم 94/07 وحينها فإنه سيتابع تحت وصف جنحة و سيدفع غرامة مشددة و قد يتعرض للحبس إذا كان عائدا ، في حين أن الذي لم يستصدر رخصة فإنه سيتابع تحت وصف مخالفة و يعاقب بغرامة لا تتجاوز في آسوا الأحوال 2000 دج،و هذا ما يشجع عدم الاكتراث بالحصول على رخصة البناء و يؤدي إلى عدم فعاليتها في مراقبة البناءات، الأمـر الـذي يؤدي إلى فوضى وغياب تـام لـلذوق الجمالـي العمراني .
- في حين ان تطابق البناء مع الرخصة يقاس بمدى التجاوز فمإذا كان تجاوز معامل شغل الأرضية أقل من نسبة
10% كانت الغرامة 400 دج و إذا تجاوزت ذلك كانت 900 دج. في حين يغرم المخالف 900 دج عن كل مستوى في الارتفاع غير مرخص به و 300 دج عن كل متر يتجاوز الحد المرخص به .
- أما في حال الاستيلاء على ملكية الغير فيعاقب المخالف بغرامة قدرها 800 دج ، و فيها حالة تعديل الواجهة يعاقب بغرامة 500 دج ، أما لو تعلق الأمر بفتح منفذ فالغرامة تكون في حدود 700 دج.
- كذلك جرم المشروع فعل عدم القيام بإجراءات التصريح و الإشهار ، و يتم ذلك بوضع لافتة عند ورشة البناء تبيين جميع مراجع البناء طبقا للرخصة ، كما يتوجب إخطار رئيس المجلس الشعبي البلدي بفتح ورشة و كذا بإتمام الأشغال عند الإنجاز ، وفي حالة عدم القيام بهذه الإجراءات يعاقب المخالف بغرامة في حدود 200 دج عن كل مخالفة.
- و يتوجب الإشارة إلى أن هذه الغرامات تدفع للخزينة الولائية في أجل 30يوما من يوم تبليغ محضر المخالفة ، حيث يتم تبليغ المحضر في عين المكان لصاحب المشروع ، و في حال غيابه للمهندس المعماري أو المقاول أو إلى الشخص الذي يتولى تسيير الأشغال في الأيام السبع ( 07) الموالية لتاريخ معاينة المخالفة .
ويلاحظ أن قانون الغابات 84/12 المؤرخ في 23/07/1984 يعاقب في مادته 77 على البناء غير القانوني في الأملاك الغابية أو على مسافة أقل من 500 متر من محيطها بغرامة 1000 دج إلى 50.000 دج وفي حال العود يمكن الحكم على المخالف بعقوبة الحبس من شهر (01) إلى (06) أشهر، دون الإخلال بإلزامه بإعادة الأماكن إلى حالها الأصلي.
وبهذا يظهر أن الغرامات المقررة كعقوبة سواء في قانون التعمير أو في قانون الغابات غير كافية لتحقيق الردع ، وفي هذه النقطة بالذات يرى الأستاذ نصر الدين هنوني أن هذه العقوبات المقررة تكاد تكون بسيطة مقارنة بجسامة و خطورة الضرر، و عليه يجب (إعادة النظر) في هذه الجزاءات حتى يساهم الجانب الردعي في حماية العقار عامة .

المبحـث الثـانـي : الحلـول القانـونيـة و دور القـاضـي :

- حاولنا في المبحث الأول أن نحصر الأشكال التي يكون عليها البناء غير القانوني، و انتهينا في هذا إلى أن البناء غير قانوني إذا تم إنجازه بدون رخصة أساسا أو انه تم الحصول على رخصة و لكن تم تجاوز نطاقها فيما تشترطه قواعد التهيئة و التعمير. كما حاولنا في المبحث السابق أن نحصر أهم الأسباب التي تكون في نظرنا قد أدت لانتشار البناء الغير قانوني، والبناء الفوضوي حسب اللفظ الشائـع، أو على الأقل الأسباب التي ساهمت في ذلك. وفي هذا المبحث نحاول أن نقف على الحلول القانونية التي جاء بها المشرع لسد الباب في وجه هذا المشكل، كما نحاول أن نقدر مدى نجاعة هذه الحلول نظريا و عمليـا، قبل أن نصل إلى الدور المبتغى من القاضي أن يتولى القيام به تدعيما لكل تلك الحلول التشريعية.

المطلـب الأول : الحلـول القـانونيـة و تقـديـرهـا :

- لم يبقى المشرع الجزائري مكتوف اليدين إزاء انتشار البناء غير القانوني و توسعه، إنما سعى لاستدراك النقائص المحتملة في النصوص القانونية، بالإضافة لابتكار قواعد قانونية جديدة تواكب المشكلة، و هذا ما نقف عليه في هذا المطلب.

الفـرع الأول : قـوانيـن تسويـة الوضعيـة :

- في إطار الحلول التي جاء بها المشرع للقضاء على البناءات غير القانونية، هناك جملة من القوانين التي يمكن القول أنها جاءت لتسوية وضعية البناءات غير القانونية و محاولة تكييفها مع قواعد التهيئة و التعمير و إنقاذ ما يمكن إنقاذه. وفي هذا الإطار جاء الأمر رقم 85/01 المؤرخ في 13/01/1985 الذي يحدد بصفة انتقالية قواعد شغل الأرض قصد المحافظة عليها و حمايتها، وقد وافق المجلس الشعبي الوطني آنذاك على هذا القانون بموجب القانون
85/08 المؤرخ في 12/11/1985.
- و قد تضمن هذا القانون القواعد الأساسية التي تمثل ذلك الحد الأدنى من المعايير التي ينبغي الالتزام بها عند منح رخصة البناء ، من حيث وجوب ترك مسافة معينة على الطريق الرئيسي و مسافة معينة كذلك متروكة للطرق الفرعية ، مع حظر البناء تحت خطوط الكهرباء أو فوق منطقة تعبرها أنابيب غاز المدينة ذات الضغط المرتفع ، أو فوق شبكة الصرف الصحي. فهذه المبادئ الدنيا يتوجب مراعاتها في كل تجمع سكاني حتى يتسنى ربطه بمختلف الخدمات و الشبكات مع ترك منافذ و طرق لكل سكن. ويمكن القول أن هذا القانون كما يبدو من تسميته انه جاء بصفة انتقالية لتنظيم مجال السكن و العمران في انتظار إصدار قانون عام يخص التهيئة و التعمير.
- فهدف هذا القانون الذي ذكرناه هو حماية الملكية العقارية و التعمير و ذلك بمنع الأشخاص من إقامة بناءات كيفما كان نوعها أو شكلها أو موقعها ، إلا بعد حصولهم على رخصة بناء تسلمها لهم السلطة المختصة ، و لا يتم منح هذه الرخصة طبعا إلا إذا تبينت السلطة المختصة أن الحد الأدنى من شروط العمران قد احترمت و من جهة أخرى فإن هذا القانون ، كان يهدف أيضا إلى القضاء على البناء غيـر القانوني و ذلك بتسوية أوضاع الشاغلين لعقارات مبينة أو قطع أراضى معدة للبناء اشتروها بعقود مخالفة للقوانين أو حاوزها بطرق مخالفة للقوانين .
- و بموجب هذا القانون و لاسيما المادتين 13 و 14 منه شرعت الجهات الإدارية المختصة و هي البلديات و الولايات بتسوية أوضاع الذين يشغلون فعلا أراضى عمومية أو خاصة ، كانت محل عقود غير مطابقة للقواعد المعمول بها ، و إقرار حقوقهم في تملك ذلك العقار. و كذلك جعل البنايات المشيدة مطابقة للحد الأدنى من قواعد التعمير و مقاييس البناء ، بإدخال الإصلاحات عليها مثل الطرق و مجاري المياه و الكهرباء.
- وقد جاء المرسوم رقم 85/212 المؤرخ في 13/08/1985 ليحدد شروط تسوية أوضاع الذين يشغلون فعلا أراضي عمومية أو خاصة كانت محل عقود أو مباني غير مطابقة للقواعد المعمول بها ، و من البديهي أن التسوية في إطار هذا المرسوم تتم بناءا على مداولات الهيئات المختصة من مجالس بلدية و ولائية حسب الحالة يعقبها صدور قرارات بتسوية الوضعيات، تم تسليم العقود الإدارية مقابل دفع مبالغ بسيطة. و قد حدد المرسوم السابق ذكره، شروط و كيفيات إعداد العقد المتضمن بيع عقار في إطار تسوية البناءات غير القانونية حيث نصت المادة 12 منه:" يعد في إطار هذا المرسوم عقد الملكية حسب الشكل الإداري وتسلم رخصة البناء أو رخصة تجزئة الأرض للبناء مع عبارة تسوية الوضعية "
- و الجدير بالذكر أن العقود المنصبة على نقل الحقوق العينية العقارية و التي تكون مخالفة للقوانين المعمول بها مثل العقود العرفية التي لم تكتسب تاريخا تابعا قبل 01/01/1971 و التي يتم تصحيحها قضائيا قبل 05/03/1975 حيث تكون باطلة ، الأمر 85/01 المؤرخ في 13/08/1985 جاء بإجراءات تتمثل في حلول البلدية بقوة القانون محل أطراف صفقة نقل الملكية غير القانونية و هذا في ملكية العقار دون رد الثمن المدفوع ، و من غير دفع المصاريف و التعويضات كما نصت على ذلك المادة 13 من الأمر 85/01 بالقول: " أن كل نقل ملكية مخالف لأحكام المادتين 8 و 9 أعلاه ، و أي نقل ملكية يتم بما يخالف القوانين المعمول بها ينجر عنه بقوة القانون حلول البلدية محل أطراف صفقة النقل غير القانونية في حق الملكية " . ومن ثم تدمج هذه العقارات التي حلت البلدية في حق ملكيتها في الملك الخاص للبلدية بقوة القانون حسبما تنص عليه المادة 2 من نفس الأمر. و بعد دمج العقارات التي كانت محل عقود باطلة في الأملاك الوطنية التابعة للبلدية، تقوم هذه الأخيرة بإجراءات تثبيت الشاغلين الذين يشغلون فعلا هذه الأراضي التي أدمجت على هذا النحو، في حقوقهم الحيازية و السكنية، عن طريق التنازل لهم عنها بعوض أو بالتراضي، متى كانت المباني التي شيدوها أو اعتزموا تشيدها تتوفر فيها الشروط التي يتطلبها التنظيم الجاري به العمل .
- و يتعين على المالك الذي انتزع منه حق الملكية وفقا لأحكام هذا الأمر ان يدفع رسما قدره 50 % من قيمة العقار للخزينة العامة، و ذلك بقطع النظر عن الادعاءات التي أن يثيرها الغير ضد المالك الذي تصرف في العقار بطرق غير قانونية .
- وعلى ضوء هذا يمكن القول أن الأمر 85/01 و المرسوم 85/212 لم يأتيا بحل جذري لمشكل البناء غير القانوني بل حاولا فقط تكييف البناءات غير القانونية مع القانون في إطار تسوية الوضعية كاجراء مؤقت، و كحل وسط بين تطبيق القانون بحذافيره و بين سياسة الواقع التي فرضها وجود آلاف من البنايات غير القانونية عبر مختلف أنحاء الوطن، و مع ذلك فهي خطوة جريئة من المشرع كانت ستثمر اكثر لولا المنازعات التي ولدتها بين الشاغلين و الإدارة من جهة و بين المالكين و الإدارة من جهة أخرى و ذلك لسببين :

الأول : هو أن الإدارة تقاسعـت في إتمام إجراءات التسوية الإدارية و إدماج العقارات حسبما ينص عليه القانون في امتلاك البلدية و تسليم العقود للشاغلين في حينها ، و استمرت في تسليم العقود الإدارية بعد إلغاء هذا الآمر بموجب المادة 80 من القانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 ، و دون أن توضح الإدارة الإجراءات التي سبقت تحرير العقد و تاريخ القيام بها ، مع وجود نوع من التقصير في الدفاع عن حقوقها أمام القضاء.

الثـانـي : أن البلديات قامت في المقابل بتسوية العديد من الملفات و سلمت عقود إدارية مشهرة أو موضوعة لدى مصلحة الشهر العقاري ، للشاغلين الذين اشتروا عقارات بعقود عرفية ، إلا أن بعض الجهات القضائية لم تراع الحجية المطلقة للعقود الإدارية المشهرة و أحكام المادتين 13 و14 من الأمر 85/01 و كذلك أحكام المادة 79 من القانون 90/29 التي تقضي بأن يستمر تطبيق أدوات التهيئة و التعمير المصادق عليها في إطار الإجراءات السابقة إلى تاريخ صدور هذا القانون عندما تكون أحكامها غير مخالفة لأحكام القانون 90/29 ، على أن يعمل في جميع الحالات على توفيقها معها بالتدريج . وهذا ما أدى على صدور أحكام تقضي بإبطال العقود الإدارية و إلزام المشترين بإخلاء العقارات و إعادة الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها من قبل دون مراعاة حجية العقود الإدارية التي حررت في إطار التسوية الإدارية، و بالرغم من انه يستحيل إعادة الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها من قبل باعتبار العقارات محل هذه العقود أصبحت ملك للدولة، و البائع في هذه الحالات مطالب بدفع رسم قدره 50% من قيمة العقار و تعويض المشتري في بعض الحالات و ليس العكس كما كانت تأتى به بعض الأحكام، فضلا على أن البائع أصبح غير مالك و ليس له صفة التقاضي. و حتى في حالة إنكار البيع أو بيع المشاع من الغير فيجب اتباع إجراءات إبطال العقد الإداري المشهر و إثبات ذلك بالطرق القانونية، قبل الفصل في دعوى إبطال العقد العرفي و استرجاع العقار و إخلائه لأنه لا يمكن إشهار الحكم المتعلق بنفس العقار المشهر بعقد إداري إلا بعد إلغاء هذا العقد و شطب شهره الأول
* هكذا و رغم كل شيء فإن الأمر 85/01 كان سيساهم على الأقل في تنظيم وضعية تلك البنايات المعتبرة في وضعية غير قانونية، لولا أن أجهضه تقاعس الإدارة و تضارب أحكام القضاء.

الفـرع الثـانـي : عـرض بـدائـل قـانـونيـة :

- الملاحظة أن أغلب البناءات غير القانونية أن تم نقل كلها كانت من اجل السكن فيها، و هذا ما دفع المشرع للتفكير في بدائل قانونية تكون بمثابة قنوات جديدة يمكن أن توجه لها الأفراد بدل البناء غير القانوني و في هذا الإطار جاءت القوانين التالية:

I- قـانـون التـرقيـة العقـاريـة :

- بتاريخ 04/03/1986 أصدر المشرع الجزائري القانون 86/07 المتعلق بالترقية و ضبط القواعد الخاصة بعملياتها، من الاكتتاب إلى شراء القطـع الأرضيــة بعقـد إداري و إنجـاز البنـأيـات و شروط التمويل و إعادة بيع السكنات المنجزة بعقود توثيقيـة للمشترين. وقد بينت المادة 02 من القانون سابق الذكر، أهداف الترقية العقارية الوطنية بتكييفها حسب الحاجات الاجتماعية في مجال السكن، و يتمثل في بناء عمارات أو مجموعات تستعمل في السكن أساسا و بصفة ثانوية على محلات ذات طابع مهني أو تجاري، تقام على ارض خاصة أو مقتنيات عادية أو مهنية واقعة ضمن الأنسجة الحضرية الموجودة في إطار إعادة الهيكلة و التجديد .
و يمكن أن تخصص العمارات أو المجموعات المبنية في هذا الإطار لسد الحاجات العائلية الذاتية أو للبيع أو للإيجار و قد أعقب هذا القانون صدور خمس مراسيم تنفيذية ابتداء من مرسوم 86/38 إلى مرسوم 86/42 .
وفي 01/03/1993 جاء المرسوم التشريعي 93/03 ليرفع احتكار الدولة في مجـال إنجاز السكـن و الاستفادة من قدرات القطاع الخاص للإسراع في وتيرة إنجاز المساكن الاجتماعية اللائقة بما يتلاءم و ضروريات العيش الكريم و يخفف من وطأة البناء غير القانوني.هذا المرسوم فتح للاستثمار في مجال الترقية العقارية و إنجاز مساكن مخصصة للبيع أو الإيجار، و لتسهيل هذه العملية تبنى فكرة البيع على التصاميم حسب المادتين 9 و 10 منه و نصت المادة 29 منه على إلغاء القانون 86/07 الذي بدا قاصرا عن مواكبة التطورات الحاصلة في ميدان السكن، مع استثناء الحقوق المكتسبة عن هذا الأخير و العمليات التي شرع فيها طبقا لأحكامه .
- و لاستغلال آلاف السكنات التي كانت مغلقة عبر أنحاء الوطن نتيجة تخوف الأشخاص من حق بقاء في الأمكنة التي كان للمستأجر أن يتمسك به وفق أحكام القانون المدني ، فإن المادة 20 من المرسوم التشريعي 93/03 ألغت جميع المواد المتعلقة بحق البقاء في الأمكنة المنصوص عليها في القانون المدني ، حيث لم يعد جائزا التمسك به عدا في تلك العقود المبرمة قبل صدور هذا المرسوم.

Ii. قـانـون التـوجيـه العقـاري :

- بمقتضى المادة 73 من القانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 المتعلق بالتوجيه العقاري تم النص على هيئات خاصة ستتولى تسيير المحفظة العقارية لكل بلدية و تتولى القيام بجميع التصرفات لفائدة أشخاص القانون الخاص، في حين يظل للبلديات حق التصرف لأشخاص القانون العام فقط.
وقد تم بموجب المرسوم 90/405 المؤرخ 22/12/1990 تحديد قواعد أحداث الوكالات المحلية للتسيير و التنظيم العقاريين الحضريين، وتتم في 05/12/2003 تعديل المرسوم السابق و تتميمه بالمرسوم التنفيذي 03/408 و هكذا و بمقتضى هذه التعديلات يمكن القول أن المحفظة العقارية للبلديات أصبحت تخضع لتحكم أكبر و رقابة اكبر و ضمانات اكبر، في عدم تكرار ما وقع من فوضى و تصرفات غير قانونية في حق الاحتياطات العقارية البلدية بعد صدور القانون 74/26 المؤرخ 20/02/1974 المتعلق بالاحتياطات العقارية البلدية.

الفـرع الثـالـث : تشـديـد الـرقـابـة:

- نظرا لعدم كفاية وسائل الرقابة في ظل القانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 اضطر المشرع للتدخل بموجب الأمر 94/07 في 18/05/1994 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري و ممارسة مهنة المهندس المعماري، وهكذا من اجل خلق آليات جديدة للرقابة تدعم تلك التي كانت موجودة في ظل قانون التهيئة و التعمير 90/29
- فالمراقبة في ظل القانون 90/29 كانت من صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي و الوالي.
و الجمعيات التي يربط نشاطها بمجال التهيئة العمرانية وفقا لأحكام المادتين 73و 74 من القانون90/29 و كانت المادة 73 من ذات القانون قد أشارت إلى أعوان المحلفين المفوضين " بمعاينة المخالفات المرتكبة في مجال التعمير، و لكن عبارة الأعوان المحلفين جاءت غامضة و لم توضح طبيعة هؤلاء الأعوان و لا كيفية قيامهم بالمهام المنوطة بها، وقد أشرنا سابقا لهذه المسألة و انتهينا إلى ضعف وسائل الرقابة آنذاك .
- ولهذا جاء المرسوم التشريعي 94/07 المؤرخ في 18/05/1994 محاولا تفادي الثغرات القانونية التي تضمنها قانون التهيئة و التعمير ليجعل تدخل الإدارة أكثر فعالية و نجاعة في مراقبة الاحترام التام لقواعد التهيئة و التعمير ، كما انه دعم وسائل الرقابة بإنشاء شرطة خاصة بالعمران و أوضح بالتفصيل الأشخاص الذين يمكن أن تضفي عليهم صفة الضبطية القضائية لمعاينة كافة المخالفات المرتبطة بمجال التهيئة و التعمير.
- في ظل القانون 90/29 كان للإدارة أن تلجأ حال معاينتها لبناء دون رخصة أو مخالف للرخصة ، إلى قاضي الاستعجال من اجل الأمر بوقف الأشغال مؤقتا لكي يتسنى للإدارة رفع دعوى في الموضوع أمام القاضي الجزائي أو القاضي الإداري حسب الحالة ، و تطالب بهدم البناء الذي تم بدون رخصة أو الإلزام بمطابقة البناء مع الرخصة إذا كانت موجودة ، و يبقى للقاضي الجزائي إضافة لهذا توقيع الغرامات المقررة قانونيا طبقا لأحكام المواد 76، 77، 78 من القانون 90/29.
نشير كذلك إلى أن المتابعة في ظل القانون 90/29 كانت تتم بناء على شكوى من الإدارة ممثلة في رئيس المجلس البلدي المختص أو الوالي المختص، كما يمكن أن تتم على شكوى كل من له مصلحة بما في ذلك الجمعيات التي أدرجت ضمن أهدافها حماية البيئة و المحيط و التهيئة العمرانية. غير أن هذه الأحكام لم تطبق بالسرعة المطلوبة و بالصرامة المطلوبة كذلك من طرف الإدارة و القضاء معا، و كثيرا ما تتم فرض سياسة الأمر الواقع خاصة إذا رفعت الدعوى متأخرة للقضاء و كان البناء غير القانوني قد اكتمل إنجازه .
- لهذا السبب جاء المرسوم 94/07 المؤرخ في 18/05/1994 و ألغى أحكام المادتين 76 و 78 من القانون 90/29 بمقتضى المادة 59 منه ، و ركز على آن جميع المخالفات المرتبطة بقواعد البناء بمحاضر محررة من الأعوان المؤهلين ، تكون لها حجية فيما تم معاينته ماديا إلى أن يثبت العكس حسب نص المادة 51 من ذات المرسوم ، وهي ذات المادة التي رفعت الغموض عما ورد في النص 73 من القانون 90/29 بخصوص الأعوان المحلفين المفوضين لإجراء المعاينة و التحقيقات بشأن جميع الخروقات لقانون التهيئة و التعمير. حيث أوضحت المادة 51 من المرسوم 94/07 على أن المقصود بالأعوان المحلفين المفوضين زيادة على ضباط الشرطة و أعوانها المنصوص عليهم في القانون الإجراءات الجزائية: مفتشو التعمير، المهندسون المعماريون، المتصرفون الإداريون، و التقنيون السامون الذين هم في حالة خدمة لدى الإدارة المركزية بالوزارة المكلفة بالهندسة المعمارية و التعمير أو مصالح الهندسة المعمارية و التعمير بالولاية، حيث يكون لكل هؤلاء القيام بتقصي مخالفة أحكام قانون التهيئة و التعمير بعد أن يؤدوا اليمين القانون أمام المحكمة الموجودة في مقر إقامتهم الإدارية بالصيغة الواردة في ذات المادة.
- و قد صدر المرسوم التنفيذي 95/318 في 14/10/1995 ليحدد بكل دقة شروط تعيين الأعوان المؤهلين لتقصي مخالفات التشريع و التنظيم و معاينتها في مجال الهندسة المعمارية و التعمير ، و طبيعة المحاضر التي يتولون تحريرها وفقا للشكل التنظيمي المحدد بالنماذج الملحقة بالمرسوم و تشمل محضر معاينة المخالفة ، محضر الأمر بتحقيق المطابقة (محضر الأمر بتوقيف الأشغال، محضر معاينة استئناف الأشغال بعد الأمر بتوقيفها، شهادة التسديد و المطابقة) و هذا حسبما نصت عليه المادة 04 من المرسوم السابق.
- في حين أن المادة 02 من نفس المرسوم التنفيذي كانت قد حددت الأعوان المفوضين بتحرير هذه المحاضر و هم:
مفتشو التعمير عامة، مهندسو الدولة و المهندسون المعماريون الذين لهم خبرة سنتين (02) على الأقل في مجال التعمير، مهندسو التطبيق الذين لهم خبرة ثلاث (03) سنوات على الأقل، المتصرفون الإداريون الذين لهم خبرة (09) تسع سنوات على الأقل، التقنيون السامون الذين لهم خبرة أربع (04) سنوات على الأقل، التقنيون الذين لهم خبر خمس (05) سنوات على الأقل، و يعين هؤلاء كلهم من بين الموظفين العاملين في الإدارة المركزية بوزارة السكن و مصالحها غير المركزيـة. على أن الشروط الواجب توافرها في ضباط الشرطة القضائية و أعوانها بالمفهوم المعروف تقليديا في قانون الإجراءات الجزئية تبقى خاضعة لهذا الاخير في المواد: 15 و ما يليها منه. و اتبع المرسوم 95/318 مرسوم تنفيذي اخر في 15/01/1997 تحت رقم 67/36 لتدعيم الرقابة.
- و وفقا للإجراءات الجديدة التي جاء بها المرسوم التشريعي 94/07 فإن إثبات المخالفة يتم في البداية بواسطة محضر معاينة الذي يحرر من طرف العون المؤهل لذلك كما أشرنا سابقا و تحدد في المحضر الغرامة المالية التي يتوجب دفعها من طرف المخالف (خزينة الولاية في أجل 30 يوما من تاريخ تبليغ المحضر و إلا تعرض المخالف للمتابعة الجزئية على ان تبليغ المحضر يكون في عين المكان لصاحب المشروع ، و في حالة غيابه يكون التبليغ للمهندس المعماري القائم متابعة المشروع أو للمقاول او للشخص الذي يتولى تسيير الأشغال في أجل 07 أيام الموالية لمعاينة المخالفة .
- و بناءا على محضر المعاينة يتم تحرير محضر الأمر بتحقيق المطابقة مع الأحكام التشريعية و التنظيمية و قفا لما تم معاينته في محضر المعاينة ، و يترك للمخالف مهلة تتراوح بين يومين (02) إلى خمسة عشرة (15) يوما حسب خطورة المخالفة المرتكبة ليقوم بالمطابقة.
- في حالة رفض المخالف لتحقيق المطابقة في الآجال المنوه بها في محضر الأمر بتحقيق المطابقة فإن العون المؤهل يتولى تحرير محضر الأمر بتوقيف الأشغال و يبلغه إلى الوالي و رئيس المجلس الشعبي البلدي و مدير التعمير. ويقوم رئيس المجلس الشعبي البلدي بعهد تبلغيه بالمحضر الأخير بإخطار الجهة القضائية المختصة حسب الطرق الاستعجالية من اجل تثبيت أمر وقف الأشغال و تحقيق مطابقة البنايات لرخصة البناء أو هدم البناء حسبما تتطلبه الحالة.
و يبلغ أمر تثبيت وقف الأشغال إلى المخالف في أجل أقصاه سبعة(07) أيام
- و في حالة استمرار المخالف في الأشغال رغم تبلغيه بأمر تثبيت وقف الأشغال فإنه يتم تحرير محضر معاينة استئناف الأشغال بعد الأمر بتوقيفها ، و يبلغ إلى الوالي و رئيس مجلس الشعبي البلدي و مدير التعمير بالولاية ، و عندها يمكن للسلطة الإدارية المختصة و يقصد بها في هذه الحال رئيس المجلس الشعبي البلدي أ ن يقوم بهدم القسم من الأشغال المرتبط بموضوع الأمر بالتوقيف دون حاجة للجوء إلى القضاء إعمالا لنص المادة 53 من المرسوم التشريعي 94/07 ، و يكون الهدم بتكليف من يقوم بذلك على نفقة المخالف.
- أما إذا التزم المخالف في الحالة العكسية بتسديد الغرامة المالية المقدرة في محضر المعاينة منذ البداية وفي الآجال القانونية و قام بمطابقة الأماكن في الآجال الممنوحة له فإنه يستلم شهادة تثبيت قيامه بذلك تسمى شهادة تسديد و تحقيق المطابقة ، و عندها يسمح له بمواصلة الأشغال حسبما جاء في رخصة البناء
- وهكذا نلاحظ أن المرسوم 94/07 قد أتاح للإدارة التنفيذ المباشر للهدم في الحالة المنصوص عليها في المادة 53 من المرسوم94/07 و هذا شيء إيجابي يعطي السرعة المطلوبة في مكافحة البناءات غير القانونية و يتجاوز مشكل البطء في قرار الهدم في ظل القانون 90/29 ، لكن هذا الإجراء الجديد يبدو قاصرا رغم ذلك لأنه لا يتيح للإدارة اللجوء إلى الهدم التلقائي للبناء المخالف لقواعد التعمير إلا بعد تثبيت معاينة المخالفة و الأمر بتثبيت وقف الأشغال من طرف قاضي الاستعجال ، أو في حالة التعدي على جزء من الأملاك الوطنية العمومية ، لان الإدارة تملك صلاحيات الضبطية الإدارية في مجال المحافظة عليها و حمايتها حسبما جاء في قرار المجلس الدولة مؤرخ في 03/05/1999 تحت رقم 164638
- ورغم أن المرسوم 94/07 حاول اختصار الوقت من اجل تنفيذ عملية الهدم حتى لا يصطدم قرار الهدم لاحقا بالأمر الواقع بعد إتمام إنجاز البناء ، إلا أن الإجراءات المنصوص عليها في المادة 52 من المرسوم التشريعي 94/07 التي يتوجب مراعاتها و تحرير محاضر بشأنها تعتبر في حد ذاتها إجراءات بطيئة و تتطلب وقتا ، ذلك أنه بعملية حسابية بسيطة لجميع الفترات التي يمكن أن تمنح كأجل للمطابقة بالإضافة لآجال تبليغ كل محضر من محضر المعاينة إلى محضر الأمر بتوقيف الأشغال. نجد أن هذه الفترات قد تستغرق في مجملها ما بين الشهر إلى 45 يوما كمتوسط، و هي بذلك مدة طويلة إذا أخذنا بعين الاعتبار الطرق و الكيفيات السريعة التي يتم بها إنشاء بنايات غير قانونية بل و السكن فيها أيضا، و لهذا يرى البعض أن المادة 52 من المرسوم التشريعي 94/07 تعتبر إجراءا يعرقل سياسة الدولة في مكافحة البناءات الفوضوية.
- يبقى الشيء الإيجابي في مرسوم 94/07 انه دعم وسائل الرقابة بإنشائه لشرطة مختصة في مجال العمران تساهم عن طريق المحاضر التي تحررها في بسط الرقابة الإدارية في مجال العمران بشكل استباقي كما إنها تكرس الرقابة البعدية التي كانت مقتصرة على شهادة المطابقة فقط في ظل القانون 90/29 .
- و قد جاء المرسوم التنفيذي 06/55 في 30/01/2006 و ألغي بمقتضى المادة 20 منه أحكام المرسوم التنفيذي 95/318 المؤرخ في 14/10/1995 الذي كان يحدد شروط تعيين الأعوان المؤهلين لتقصي المخالفات المتعلقة بالقانون التهيئة و التعمير . المرسوم التنفيذي الجديد 06/55 حصر المحاضر التي تحرر بشأن مخالفة قواعد التهيئة و التعمير في ثلاث أصناف فقط: محضر أشغال بدون رخصة، محضر أشغال غير مطابقة لأحكام رخصة البناء و محضر أشغال بدون رخصة هدم . و قد الزم المرسوم التنفيذي الأخير رئيس المجلس الشعبي البلدي و كذا الأعوان المؤهلين قانونا بزيارة كل البنايات في طور الإنجاز و القيام بكافة المعاينات التي يرونها ضرورية و طلب الوثائق التقنية الخاصة بها لمعرفة مدى تطابقها مع القانون، ويكون لهم القيام بمثل هذه الزيارات في أي وقت ، ليلا أو نهارا و حتى أثناء أيام الراحة و العطل حسبما تنص على ذلك المادة 08 من المرسوم التنفيذي الجديد 06/55 و يمكن أن يتم الإعلان عن الزيارة مسبقا كما يمكن أن تتم بصورة مفاجئة .
- و يلاحظ أن المرسوم التنفيذي الجديد 06/55 قد عدل في قائمة الأشخاص الذين يمكن لهم الاضطلاع بمهام الضبطية في إطار قانون التهيئة و التعمير ، حيث نزع صفة الضبطية عن المتصرفين الإداريين و منحها للمهندسين في الهندسة المدنية و الأعوان بمصلحة التعمير على مستوى البلدية شرط توافرهم على فترة خبرة دنيا على الأقل كم توضح ذلك أحكام المادة رقم (02) من ذات المرسوم . و يمكن حسب نص المادة 12 من المرسوم ذاته لهؤلاء الأعوان تسخير القوة العمومية في حالة عرقلة مهامهم. وعلى أن رئيس المجلس الشعبي البلدي يجب عليه أن يكون مرفوقا بأعوان مؤهلين قانونيا أثناء قيامه بالمراقبة حسب المادة 07 من نفس المرسوم دائما .
- و وفقا للمادتين 17 و 18 من المرسوم 06/55 فقد حاول المشرع تقليص الآجال ، حيث ألزم العون المؤهل عند تحريره محضر معاينة أشغال شرع فيها بدون رخصة أن يرسل نسخة إلى الوالي و رئيس المجلس الشعبي البلدي في أجل لا يتعدى 72 ساعة و نسخة لوكيل الجمهورية في نفس الآجال إذا تعلق الأمر بعدم مطابقة الأشغال لأحكام الرخصة الممنوحة يتولى كل في حدود اختصاصه متابعة القضية .
- في 05/01/1999 جاء القانون 99/01 المتعلق بقواعد الفندقة الذي خول الأعوان السياحة و مفتشيها صفة الضبطية القضائية في مراقبة مدى الالتزام بقواعد البناء الخاصة بالفنادق و تحرير محاضر بشأن المخالفات المحتملة. وفي 17/02/2003 جاء القانون 03/03 الذي يحدد مناطق التوسع السياحي و وسع صفة الضبطية القضائية إلى أعوان حماية البيئة لمعاينة المخالفات المرتكبة على مستوى الشريط الساحلي و خاصة ما يتعلق منها بالبناء غير المرخص. وتجد الإشارة إلى أن المادة 51 من القانون 99/ 01 كانت قد خولت لوزير السياحة إصدار قرار بالتوقيف الفوري للأشغال المخالفة للقانون في حالة الاستعجال لتفادي فرض الأمر الواقع و إشعار قاضي الاستعجال بذلك خلال 48 ساعة و هذا شيء إيجابي .
- في حين أن القانون 03/02 المؤرخ في 17/02/2003 كذلك قد جاء ليحدد القواعد العامة للاستعمال و الاستغلال السياحيين للشواطئ حيث لا تتم ذلك إلا برخصة من الوالي أو الوزير المكلف بالسياحة حسب الحالة ، على أن تكون هذه الرخصة مرتبطة بدفتر شروط يتوجب احترام شروطه حرفيا ، و تسهر شرطة السياحة في هذا الصدد على التأكد من ذلك ، و هذا كله لمحاربة استغلال الشواطئ أو شغل أماكن منها بطريقة غير قانونية .
- بقي أن نسجل أخيرا (أن القانون) قد دعم وسائل الرقابة لاسيما البعدية منها و منح صفة الضبطية القضائية لعدة أصناف من الأعوان بغرض تكريس قواعد التهيئة و التعمير ميدانيا.

الفـرع الـرابـع : تعـديـل قـانـون التـهيئـة و التعميــر:

- رغم الحلول القانونية التي جاء بها المشرع للقضاء على البناء غير القانوني أو التقليل منه على الأقل إلا أن زلزال 21 ماي 2003 قد أظهر محدودية تلك الوسائل ، مما جعل المشرع يتدخل من جديد ليعدل أحكام القانون 90/29 و المرسوم 94/07 بموجب 04/05 المؤرخ في 15/08/2004 ، و هذا لفرض قواعد أكثر فعالية .
- و من أهم التعديلات التي تتصل مباشرة بموضوع بحثنا ، من حيث الإجراءات الكفيلة بمكافحة البناء غير القانوني ، نسجل في التعديل الأخير 04/05 انه قد ألغى تلك الأحكام التي جاء بها المرسوم 94/07 و تم إدراج مضمونها بعد تعديله بما يتلائم و المستجدات في مواد التعديل الجديد لقانون التهيئة و التعمير.
- و هكذا فقط شددت المادة 76 من القانون 04/05 على منع الشروع في أي أشغال بناء بدون رخصة أو بدون احترام المخططات البيانية التي سمحت بالحصول على رخصة البناء. أما في مجال المراقبة و معاينة المخالفات المرتبطة بالقانون الجديد فقد أصبغ التعديل الجديد صفة الضبطية القضائية على أعوان البلدية المكلفين بالتعمير في المادة 76 مكرر منه و أتاح للأعوان المؤهلين بتقصي المخالفات أن يستعينوا بالقوة العمومية إذا اعترض سبيل تنفيذ مهامهم أي طارئ و أكد هذا المرسوم 06/55 المؤرخ في 30/01/2006.
- الشيء الجديد في التعديل كذلك انه حدد بدقة في المادة 76 مكرر 3 منه كيفية معاينة المخالفات المرتكبة و ما يجب أن يتضمنه المحضر بدقة و توقيعه من طرف العون المؤهل لذلك قانونا و الشخص المخالف و يكون هذا المحضر صحيحا إلى أن يثبت العكس حتى إذا رفض المخالف توقيعه بموجب تحقيق قضائي.
- و لتفادي كافة الثغرات القانونية السابقة ، فقد تم النص صراحة على هدم كل بناء يتم تشييده أو الشروع في بناءه بدون رخصة ، و يتم الهدم في هذه الحالات دون حاجة للجوء إلى القضاء ، و حتى إذا رفعت الدعوى فإنها لا تؤثر على سير عملية الهدم و لا توقف قرار الهدم الذي يصدر عن رئيس المجلس الشعبي البلدي أو الوالي حسب الحالة وفقا لأحكام المادة 76 مكرر 4 من القانون 04/05 .
- من الناحية الإجرائية يكون على العون المؤهل قانونا الذي يعاين أثناء قيامه بالمراقبة الدورية إنجاز أو الشروع في إنجاز البناء بدون رخصة ، أن يرسل المحضر إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي و الوالي المختص في أجل 72 ساعة على أقصى تقدير.
- وفضلا عن المتابعة الجزائية في هذا الصدد ، يصدر رئيس المجلس الشعبي البلدي قرار هدم البناء في اجل (08) ثمانية أيام من يوم استلام المحضر إثبات مخالفة البناء بدون رخصة . و إذا حدث و أن تقاعس رئيس المجلس الشعبي البلدي في إصدار قرار الهدم في الآجال المحددة له قانونا ، فإن الوالي المختص يحل محله بعد انقضاء مهلة الثمانية أيام السابق ذكرها ، ويكون للوالي عندها أن يصدر قرار الهدم في أجل لا يتعدى ثلاثون (30) يوما.
- أما بخصوص تنفيذ عملية الهدم فإنها من حيث المبدأ تتم بوسائل البلدية ، و إذا كانت و سائلها غير كافية فإنه تتم عملية الهدم بواسطة الوسائل المسخرة من الوالي بناءا على طلب رئيس المجلس الشعبي البلدي. وقد نصت المادة 76 مكرر 4 من القانون 04/05 ان تكاليف الهدم يتحملها المخالف في كل الأحوال و تكون على نفقته، و بهذا يكون لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يحصل تلك المبالغ المترتبة عن عملية الهدم بكل الطرق القانونية المتاحة .
- و قد ميز التعديل الأخير بين إجراءات المتبعة في حال البناء بدون رخصة أين يتم الهدم مباشرة من طرف الإدارة دون حاجة للجوء إلى القضاء ، وحال عدم مطابقة البناء المنجز برخصة البناء أين يتوجب اتباع بعض الإجراءات. ففي حال البناء بدون رخصة نجد القانون لا يعترف بالمخالف بأية حقوق و يتم الهدم على نفقته على أساس انه لا يمكن أن تنشأ أي حقوق مكتسبة للمخالف خارج قواعد و أدوات التعمير. أما في حالة تجاوز حدود الرخصة فقد اشترط المشرع اتباع بعض الإجراءات، و هذا يفيد أن المشرع قد اعترف للمخالف بتجاوز الرخصة ببعض الحقوق الواجب مراعاتها ، و هذا أمر منطقي فلا يعقل أن يكون الشخص الذي تحصل على رخصة بناء بطريقة قانونية ثم خالف بعض أو كل أحكامها ، في مركز أسوأ من ذلك الذي لم يتحصل على رخصة البناء بتاتا .
- و عله فإن المادة 76 مكرر من القانون 04/05 قد نصت على أن يحرر العون المؤهل قانونا محضر معاينة عن مخالفة عدم مطابقة الرخصة و يرسله إلى الجهة القضائية المختصة و يقصد بها الجهة القضائية الجزائية في هذا المقام ، كما يرسل نسخة عنه إلى كل من رئيس المجلس الشعبي البلدي و الوالي المختصين في أجل لا يتعدى 72 ساعة من معاينة المخالفة.
- و إذا صدرت الجهة القضائية حكمها و لم يتمثل له المخالف فإنه يكون لرئيس المجلس الشعبي البلدي أو الوالي عند تقاعس رئيس البلدية أن يقوم بشكل تلقائي بتنفيذ الأشغال المقررة في الحكم على نفقة المخالف .
- و هكذا يلاحظ التعديل 04/05 المؤرخ في 14/08/2004 المتعلق بالتهيئة و التعمير قد جاء بإجراءات صارمة لتغطية جميع الثغرات التي كانت تستغل في تشييد بنايات مخالفة لقواعد التعمير، و قد حاول هذا التعديل تكريس آليات أكثر فعالية و تدعيم الرقابة البعدية من أجل تفادي سياسة أمر الواقع ، و هي مجملها إجراءات جريئة و إيجابية ، و يبقى أن ينتظر فعاليتها في ميدان التطبيق ، ذلك أن الميدان التطبيقي هو المحك الحقيقي لنجاعة أي إجراء جديد.
- و لا يفوتنا أن نسجل في هذا السياق صدور القانون 06/06 المؤرخ في 20/02/2006 المتضمن القانون التوجيهي للمدينة الذي جاء لضبط قواعد إنشاء مدن جديدة و تم في إنشاء هيئات خاصة مثل المرصد الوطني للمدينة الذي يتولى إعداد تقارير استشارية و توجيهية لتطوير المدينة ، على أن تشكل هيئات خاصة في كل مدينة جديدة ( سيدي عبد الله ، بوينان، بوغزول، حاسي مسعود) تتولى الإشراف على عمليات تهيئة الأراضي و بيعها و منح رخص البناء من اجل الأحكام في النسق العمراني العام للمدينة .
- و رغم أن هذا النص الأخير لم يأت بصفة خاصة للقضاء على البناء غير القانوني فإنه يحمل في طياته توجيهات تساعد على توحيد الجهود من اجل سد الطريق أمام ظاهرة البناء غير القانوني حيث تنص المادة 06 من هذا القانون على أن سياسة المدينة تهدف إلى تقليص الفوارق بين الأحياء و ترقية التماسك الاجتماعي، و تهدف في المجال الحضري و الثقافي في حسب نص المادة 09 منه إلى المحافظة على الأراضي الفلاحية و المناطق الساحلية و المناطق المحمية. في حين تؤكد المادة 17 منه على وجوب إشراك المواطنين في البرنامج المتعلقة بتسيير إطارهم المعيشي، و تسهر الدولة على توفير الشروط و الآليات الكفيلة بالاشتراك الفعلي للمواطن في البرنامج و الأنشطة المتعلقة بسياسة المدينة.
- هكذا نلاحظ أن القانون التوجيهي للمدينة قد جاء بعدة أفكار قد تساهم بطريقة أو بأخرى في تنظيم المدينة و الحد من البناء غير القانوني ، و تبقى الحاجة لمراسيم تنفيذية تكفل تنفيذ هذه الأفكار بشكل ملموس.

المطلـب الثـانــي : دور القاضـي ضمـن الحلـول القـانـونيـة :

* يمكن النظر إلى دور القاضي في أي حل قانوني من زاويتين:

أ‌) مـن وجهـة نظـر عامـة :

- نقصد بها تلك النظرة لتعامل القاضي مع المادة القانونية بصرف النظر عن موضوعها. و من هذه الزاوية نجد أن القاضي يحاول فهم القاعدة القانونية و حدود تطبيقها، كما يجتهد في الاستعانة بالمبادئ المستقر عليها لتفسير النصوص الغامضة و سد الثغرات القانونية المحتمل و جودها نتيجة قصور النصوص القانونية.

ب‌) مـن زاويـة خـاصـة :

- ننظر من خلالها للحيز المتروك للقاضي ليعمل فيه سلطته التقديرية بخصوص النزاعات التي تعرض عليه و ترتبط أساسا بموضوع هذا البحث ، أي بمخالفات قواعد التهيئة و التعمير.
و قبل هذا كله وجب التساؤل، من هو القاضي المختص الذي نتحدث عنه ، و ما هي حدود اختصاصه؟ و إجابة عن هذا السؤال نقول أن القضاة الذين يمكن أن يتدخلوا بحكم اختصاصهم في المنازعات المرتبطة بالمخالفات المرتكبة خرقا لقواعد التهيئة و التعمير : القاضي الجزائي ، القاضي العــادي (المدني) و القاضي الإداري .و سنتناول دور كل منهم تباعا في فرع مستقبل .

الفـرع الأول : دور القـاضـي الجـزائـي :

- بقي دور القاضي الجزائي في المخالفات المرتبطة بقانون التهيئة و التعمير يتراوح بين المد و الجزر، حيث كان يتسع أحيانا و يضيق أحيانا وهذا وفقا للتعديلات المختلفة التي تعاقبت لتنظيم مجال التعمير:

I- في ظل القانون 82/02 المؤرخ في 06/02/1982 المتعلق برخصة البناء و رخصة التجزئة :

- ينعقد اختصاص القاضي الجزائي عموما بالنظر في الجريمة و توقيع العقاب بناءا على محضر معاينة المخالفة. إذا نظرنا لتدخل القاضي الجزائي من حيث الكم في هذه الفترة فيمكن القول أنه كان قليلا مقارنة بالفترات اللاحقة له، ذلك أن المادة 47 من القانون 82/02 كانت تقصر صلاحيات معاينة المخالفات على أعوان الأمن العمومي و موظفي مصالح الدولة و المجموعات المحلية المحلفين و المفوضين لهذا الغرض. و من خلال التمعن في هذه الأصناف يتبين أنها لا تملك الكفأة التقنية لمعاينة المخالفات، كما أن رخصة البناء لم تكن مشترطة في المراكز الحضرية فان سكوت الإدارة لمدة 60 يوما عن الطلب يعد قبولا ضمنيا منها.
- لهذا فإن دور القاضي في ظل هذا القانون كان يتمثل في توقيع الجزاء في حال مواصلة أشغال غير مطابقة للرخصة رغم صدور قرار بمنع ذلك من رئيس المجلس الشعبي البلدي و عن طريق حكم قضائي حيث كان يحكم على المخالف بغرامة 3000 دج إلى 300.000 دج و بالحبس من خمسة عشرة يوما إلى ثلاثة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين . و يعاقب على البناء بدون رخصة بنفس الغرامة دون الحبس و بهذا يبقى نص المادة 52 من هذا القانون متناقضا مع نص المادة 51 منه، حيث يعاقب على عدم المطابقة بالغرامة و الحبس أو بإحداهما في حين يعاقب على البناء بدون رخصة بغرامة فقط حتى لو كانت في وقتها ذات قيمة على أنه قد يوقع على العائدين في حال البناء بدون رخصة عقوبة الحبس من شهر إلى ستة أشهر إضافة للغرامة السابق ذكرها.
- و الملاحظ أن رئيس المجلس الشعبي البلدي كان يملك كافة الصلاحيات لتقدير ملائمة المتابعة ، فله أن يأمر بإيقاف الأشغال أو الأمر بإجراء تحفظي و له أن يرسل الملف للنيابة للمتابعة.
إلا أنه إذا تمت المتابعة فيمكن للقاضي الجزائي وفق للمادة 53 من القانون أعلاه، أن يأمر بمطابقة المكان أو الأشغال مع رخصة البناء، أو الأمر بهدم البنايات و إعادة تخصيص الأرض قصد إرجاعها إلى حالها الأول. كما يملك القاضي الجزائي إذا تعلقت المتابعة بعدم المطابقة لرخصة التجزئة أو رخصة البناء وفقا للمادة 55 من القانون 82/02 أن يمنح مهلة يقدرها حسب حجم المخالفة ليقوم المخالف فيها بمطابقة الأشغال مع وضعه تحت طائلة غرامة ( سماها النص تلجئة) من 50 دج إلى 500 دج عن كل يوم تأخير بعد المهلة الممنوحة إلى أن يستكمل الأشغال نهائيا.
- و يكون للقاضي الجزائي بعد انتهاء الأشغال أن يرخص بان يعاد للمخالف مقدار من غرامة التأخير التي دفعها إذا أثبت المخالف أن ظروفا خارجية عن إرادته منعته من إتمام الأشغال في المهلة الممنوحة له و لذا يظهر أن صلاحيات القاضي الجزائي من حيث النوعية كانت واسعة في ظل القانون 82/02 .

Ii- في ظل القانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة و التعمير :

- أجازت المادة 78 من القانون 90/29 للقاضي الجزائي في حالة الإدانة أن يحكم بهدم البناء غير القانوني أو أعادت المواقع إلى ما كانت عليه أو هدم الأشغال غير المطابقة أو إلزام المحكوم عليه باحترام رخصة البناء.
- و يتصل القاضي الجزائي بالدعوى في هذه الحالة إثر متابعة عن طريق شكوى من الإدارة أو من كل ممن له مصلحة بما في ذلك الجمعيات التي أدرجت ضمن أهدافها حماية البيئة و العمران ، حيث يكون لها حق الإدعاء المدني. و هكذا يلاحظ أن دور القاضي الجزائي بقي واسعا و لكنه تقلص مقارنة بما كان عليه في القانون 82/02 حيث كان القاضي أن يمنح مهلة تحت طائلة غرامات تحسب عن كل يوم تأخير و يكون له أن يقدر جدية السبب الذي يدفع به للمخالفة لتبرير تأخره في استكمال أشغال المطابقة في المهلة التي منحها له.

Iii- في ظـل القانـون 94/07 المـؤرخ في 18/05/1994 المتعلـق بشـروط الإنتـاج المعمـاري و ممارسـة مهنـة المهنـدس المعمـاري :

- يمكن القول أن دور القضاء عموما تراجع في ظل القانون على حساب الصلاحيات التي منحت للإدارة في المقابل و بهذا بقي دور القاضي الجزائي مقتصرا على توقيع غرامات مالية فقط بعد أن حذفت العقوبات السالبة للحرية، كما أن المتابعة القضائية قلت على الأقل من الناحية النظرية ، كون المخالف أصبح ملزما بدفع الغرامة المحددة في المحضر لدى الخزينة الولائية في اجل 30 يوما مباشرة و دون حاجة للجوء إلى القضاء إلا في حالة امتناعه عن التسديد وفقا لنص المادة 50 ، 53 من القانون 94/07 .
- في ظل القانون 04/05 المؤرخ في 14/08/2005 المتعلق بالتهيئة و العمران:iv

- منح المشرع من جديد القاضي الجزائي أن يأمر بمطابقة البناء للرخصة في اجل معين، أو الأمر بهدمه جزئيا أو كليا بما يحقق مطابقة البناء مع تضمنته رخصة البناء ، بينما لا يكون للقاضي الجزائي في حال البناء دون رخصة إلا توقيع الجزاء لان الإدارة تتولى القيام بالهدم على نفقة المخالف دون اللجؤ للقضاء .
- بينما تتم المتابعة ةفقا للقواعد العامة من طرف النيابة العامة او من أي جهة مخولة قانونا عن طريق الإدعاء المدني.

الفـرع الثـانـي : دور القـاضـي العـادي (المـدنــي):

- في البداية نقول أننا نقصد بالقاضي المدني قاضي الشريعة العامة وفق مفهوم التقليدي المعروف منذ عهد الرومان و ليس القاضي المدني المترأس للفرع، فالقاضي المدني هو القاضي الذي يتولى الفصل في الشؤون المتصلة بالقانون الخاص بغض النظر عن التقسيم الإداري المتبع حاليا بين الفروع في الحكم بغية تسهيل العمل، و هذا هو القاضي الذي نحاول أن نقف على دوره في مكافحة البناء غير القانوني.
- يعرف القاضي المدني منذ القديم بأنه قاضي الملكية نظرا للدور الجوهري الذي كانت ولا تزال تحتله الملكية العقارية خاصة في مختلف النواحي الاجتماعية و التنموية وغيرها، و لا أدل على ذلك من أن القانون المدني ما يزال يضعها في صلب مواضيعه، و قد أفرد القانون المدني الجزائري لها الكتاب الثالث بأكمله من القانون المدني.

* و في هذا الصدد إلـى نقول أن الدعوى التي تحمي الملكية في القانون المدني ثلاث:

1/ دعــوى الاستـحقــاق :
- و ترفع الدعوى من طرف المالك للمطالبة بملكيته التي تكون تحت يد الغير الذي ينازعه فيه . و يطالب بموجب هذه الدعوى بتثبيت ملكيته ملكيته على العقار محل المطالبة القضائية، و هي دعوى لا تسقط أبدا بالتقادم .

2/ دعـوى منـع التعـرض للملكيــة :
- وترفع في حالة تعرض الغير للمالك و حرمانه من ممارسة سلطاته الثلاث كمالك ( سلطة استعمال، سلطة استغلال، سلطة تصرف ) على ملكيته. كمحاولة منع المالك في حرث أرضه أو استعمالها أو البناء عليها.

3/ دعـوى وقـف الأعمـال علـى الملكيـة :
- و هي ترفع في حال تهديد الملكية، بمعنى الشروع في أعمال من شأنها حرمان المالك من ملكيته. كقيام شخص أجنبي بتشجير و غرس أرض دون إذن من صاحبها أو قيامه بتشييد مباني أو منشأت عليها دون ترخيص له بذلك من المالك
* كما أن القانون المدني يحمي حتى الحيازة القانونية بعدة دعاوي هي:
1/ دعـوى استـرداد الحيـازة :
- ترفع هذه الدعوى لاسترداد الحيازة من الغير الذي استولى عليها بالقوة أو في غفلة من الحائز القانوني على أنه يجب أن ترفع هذه الدعوى في اجل سنة من تاريخ فقد الحيازة أو من تاريخ العلم بذلك حسب الحالة.

2/ دعـوى منـع التعـرض للحيـازة :
- ترفع هذه الدعوى من الحائز لعقار المدة سنة على الأقل حيازة قانونية إذا نازعه الغير في حيازته.

3/ دعـوى وقـف الأعمـال الجـديـدة :
- ترفع من الحائز لعقار لمدة سنة على الأقل ضد الغير الذي يقوم بأعمال مادية تهدد الحائز في التمتع بحيازته .
على إن دعاوى الحيازة كلها يتوجب رفعها في أجل سنة وفقا للمادة 817 مدني و ما يليها، كون لا يجوز الجمع بين دعوى الملكية و دعوى الحيازة في نفس الدعوى طبقا لأحكام المادتين 416 ، 418 من قانون الإجراءات المدنية .
و يكون من نافل القول أن الذي يحوز عقار ولديه شهادة حيازة مسلمة من رئيس المجلس الشعبي البلدي طبقا للمادة 39 من القانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 المتعلق بالتوجيه العقاري و المرسوم 91/254 المؤرخ في 27/06/1991 الذي يحدد كيفيات إعداد شهادة الحيازة و تسليمها، يملك كافة الحقوق على العقار الذي يحوزه مثل المالك و يكون له أن يحصل على رخصة بناء و أن يرد أي اعتداء على العقار الذي يحوزه باللجوء للقضاء .
أمام كل هذا الذي قلناه نربط الأمر بموضوع بحثنا، ونقول أن القاضي المدني ينعقد اختصاصه في جانب من الجوانب المتصلة بقانون التهيئة و التعمير و ذلك عندما يكون النزاع بين أشخاص القانون الخاص على أساس تجاوز أحدهم في البناء لحدود الرخصة الممنوحة له و الاعتداء بهذا على الملكية أو الحيازة القانونية لجاره حسب الحالة.
و يكون في كل الأحوال لقاضي الأمور المستعجلة ( العادي) أن يأمر بوقف الأشغال مؤقتا إذا لاحظ أن الأمر لا يمكن تداركه لاحقا إذا تواصلت الأشغال، و هذا بناءا على محضر إثبات حالة يحرره المحضر القضائي. و يكون كذلك لمن له شهادة حيازة أن يلجا لقاضي الاستعجال لوقف الأعمال التي تهدد حيازته و هذا وفقا لأحكام المواد 172 ، 173 و من 183 إلى 190 من قانون الإجراءات المدنية.
على انه لا يكون للحائز بدون سند أن يلجا لقاضي الاستعجال، و إذا لجأ لقاضي الاستعجال فإن هذا الأخير يكون غير مختص بالفصل فيها لان دعاوى الحيازة تتطلب الدخول في الموضوع للبحث عن صفة واضع اليد، و عناصر الحيازة و شروطها و مدتها و هي جميعا مسائل موضوعية يؤدي الخوض فيها حتما إلى المساس بأصل الحق .
- و نظرا لهذا الدور المحوري للقاضي المدني في حماية الملكية فهو لم تتغير بتغيير النصوص القانونية المتصلة بمجال التهيئة و التعمير ، مع الإشارة إلى أن الإدارة تملك صنف الضبطية الإدارية في مجال المحافظة على الأملاك الوطنية العمومية و بالتالي يجوز لها هدم البنايات المخالفة للقانون دون اللجوء للقضاء.
- أما بخصوص قاضي الموضوع المدني فإنه ينظر للنزاعات المرتبطة بالبناء غير القانوني الذي يتم على ارض خاصة مملوكة لغير المخالف أو البناء الذي يتجاوز الرخصة الممنوحة ولا يطابقها و يتعدى على ملكية الغير و هذا بناءا على أحكام المواد من 778 إلى 790 من القانون المدني.


الفــرع الثـالــث: دور القـاضـي الإداري:

- سبق و أن عرفنا رخصة البناء و على أنها" قرار إداري تصدره جهات إدارية مختصة..." و بما أنها عبارة عن قرار إداري يكون من الطبيعي أن أي نزاع يتصل برفض منح الرخصة ، أو منحها بطرق مخالفة للقانون أو معاينة الإدارة لمخالفة الرخصة و ما شابه ذلك ، يكون نزاعا إداريا يختص به القاضي الإداري طبقا للقواعد العامة المعروفة حسب المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية.

I - في ظل القانون 82/02 المؤرخ في 06/02/1982 المتعلق برخصة البناء و شهادة التجزئة :

- كان للمخالف وفقا للمادة 49 أن يلجا إلى الجهة القضائية المختصة لرفع دعوى استعجاليه و المطالبة بإلغاء قرار رئيس المجلس الشعبي البلدي بوقف الأشغال. وطبعا الجهة المختصة قضائيا تكون هنا القاضي الاستعجالي الإداري لأن البلدية كشخص إداري هي مصدر القرار و هي بذلك الخصم في القضية. وكان حينها للقاضي الإداري الاستعجالي تقدير استمرار الإجراءات المتخذة من قبل الإدارة أو الحكم بإلغائها، حيث يسقط مفعول قرار رئيس المجلي الشعبي البلدي فور صدور القرار القضائي حسبما تنص على ذلك المادة 50 من ذات القانون

- كما يجوز للإدارة أن تلجأ للقاضي الإداري في الموضوع وفقا للمادة 53 من نفس القانون في حالة عدم مطابقة الأشغال للرخصة و يكون القاضي الإداري حيينها أن يأمر بمطابقة المكان و الأشغال في مهلة يحددها ، و إما الأمر بهدم البنايات المخالفة و إعادة تخصيص الأرض قصد إرجاعها إلى حالها الأول.

Ii –في ظل القانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة و التعمير:

- يكون لقاضي الإستعجال الإداري إذا رفعت له الدعـوى من الإدارة أن يحكم بهدم البناء إذا تم بدون رخصة طبقا لأحكام المادة 78 من القانون 90/29 أما في حالة عدم تطابق البناء مع الرخصة فيحق لرئيس المجلس الشعبي البلدي أو الوالي أن يرفع دعوى أمام قاضي الإستعجال الإداري للحصول على أمر بتوقيف البناء. و في حالة تأكد القاضي من عدم المطابقة يكون له أن يأمر المخالف بمطابقة المواقع لرخصة البناء و بمنحه مهلة لذلك، أو يأمر بهدم الأشغال غير المطابقة و إعادة المواقع إلى ما كانت عليه من قبل.
- و بمقارنـة بسيطة بين صلاحيات القاضي الإداري في ظل القانون 90/29 و القانون 82/02 نلاحظ أن صلاحيات القاضي الإداري بقيت واسعة.

Iii – في ظل القانون 94/07 المؤرخ في 18/05/1994 المتعلق بالمهندس و الإنتاج المعماري:

- تراجعت صلاحيات القاضي الإداري نوعا ما أمام تزايد صلاحيات الإدارة، حيث بقي لقاضي الإداري الاستعجالي حال اللجوء إليه أن يتحقق من احترام الإجراءات و الأشكال المطلوبة في كل محضر يحرره الأعوان المؤهلون ليقوم بتثبيت أمر توقيف الأشغال و الأمر بتحقيق مطالبة الأماكن أو البنايات لرخصة البناء أو الأمر بهدم البنايات المخالفة للقانون و إعادة تخصيص الأرضيات قصد إعادتها إلى حالتها الأولى.
غير أن القاضي الإداري فقد جزءا من صلاحياته بشأن حالات البناء بدون رخصة حيث أصبح للإدارة الحق في اللجوء إلى الهدم دون الحاجة إلى استصدار قرار من القاضي الإداري، إذ اللجوء إلى القاضي لا يكون إلا في حالة رفض مطابقة الأشغال المنجزة لرخصة البناء .
كما أن الإدارة تملك أن تقوم بهدم لتكليف من تقوم بذلك على نفقة المخالف إذا استمر في الأشغال رغم تبليغه بتثبيت أمر توقيف الأشغال، و ذلك دون حاجة للجوء للقضاء مجددا.

Iv – في ظل القانون 04/05 المؤرخ في 14/08/2004 المعدل لقانون التهيئة و التعمير:

- تقلصت صلاحيات القاضي الإداري بشكل كبير ذلك أن المادة 76 مكرر من القانون 04/05 أعطت للإدارة حق هدم إي بناء يتم دون رخصة دون اللجوء إلى القضاء و حتى إذا رفعت دعوى قضائية من طرف المخالف فإنها لا توقف قرار الهدم الذي يصدر عن رئيس المجلس الشعبي البلدي أو الوالـي، و بهذا لم يعد للقاضي الإداري بخصوص قرارات الهدم إلا النظر في التعويض إذ بداله لاحقا عدم مشروعية قرار الهدم، كما الجهة القضائية الجزائية هي التي أضحى لها الاختصاص الأصيل في النظر في إمكانية القيام بالمطابقة أو الأمر بالهدم الكلي أو الجزئي للبناء في حالة عدم المطابقة فقط.


























الخــــــــاتمــــة:

- بعد هذا البحث المتواضع يمكن القول أن موضوعا بحجم موضوع بحثنا يحتاج إلى دراسة متأنية و معمقة و أكثر شمولا للإلمام بمشكلة البناء غير القانوني من جميع جوانبها.ذلك أن النظر إلى مشكلة البناء غير القانوني من ناحية قانونية صرفة تبدو غير كافية لوحدها ما لم ترافقها وجهات نظر و دراسة للمشكلة من مختلف الزوايا.
لهذا وجب القول أننا حاولنا أن نلامس في بحثنا هذا أهم الأسباب القانونية التي ولدت مشكلة البناء الفوضوي، فإذا لم نتمكن من الوصول إلى حصر جميع الأسباب القانونية أو التعمق فيها فإننا نأمل على الأقل أن يستفز هذا البحث قرائح الباحثين للتعمق أكثر في دراسة الظاهرة.و رغم الاعتراف بأن محاولة الوقوف على أسباب البناء الفوضوي من ناحية قانونية فقط تبدو غير كافية، فإننا نستغرب أن موضوعا بحجم البناء الفوضوي لم يرحك ملكة البحث عند كثير من المفكرين.
إن الموضوع واسع و متشابك، و يتطلب تكاثف الجهود الفكرية و الإبداعية لدراسة من مختلف الجوانب و من هنا فإننا نأمل أن يتدارك الباحثون في مختلف التخصصات هذه المسألة، حتى يساهم الباحث في علم الاجتماع من جانبه،و يدلي الباحث في علم النفس بدلوه كذلك، و هكذا دواليك للباحث غي علم الاقتصاد و السياسة و غيرهما، ليتم الإلمام بأصول المشكلة من مختلف جوانبها و هكذا يسهل على الدولة في هذا المجال أعداد سياسات دقيقة و هادفة تمكن في الأخير من حصر المشكلة و القضاء على أسبابها، سيما و أن هذه المشكلة قد طال أمدها لعدة عقود من الزمن.
-كما تجدر الإشارة إلى تفاؤلنا بأن يؤدي التعديل الأخير لقانون التهيئة و التعمير 04/05 المؤرخ في 14/08/2004 إلى الحد من مشكلة البناء غير القانوني، و يبقى الأمر بحاجة لبعض الوقت لمعاينة مدى نجاعته في الميدان باعتبار هذا الأخير هو المحك الحقيقي لفعالية الأدوات القانونية.
على ضوء ما سبق ذكره و مساهمة منا في إثراء الموضوع نفضل أن نختم ذا البحث ببعض الاقتراحات التي بدالنا أنها ستدعم تلك الجهود المبذولة للقضاء على البناء الفوضوي، ومن هنا نذكـر:

1- الإسـراع بإتمـام عمليـة مسـح الأراضـي :

- تظهر أهمية الإسراع بعملية مسح الأراضي على مستوى التراب الوطني في أنها تؤدي عند إتمامها إلى تحديد الأصناف القانونية المختلفة للأراضي من أراضي أملاك وطنية إلــى أراضـي خاصـة و أراضي حبس، إضافة إلى تحديد حقوق الملكية تبعا لذلك حسب الطبيعة القانونية لكل أرض و الأهم من كل هذا أن لجان المسح سوف تدقق في السندات المقدمة لإثبات الملكية في كل أرض ثم تساهم بعد دراستها في تحديد مالك الأرض.
و ترتبط عملية المسح بمكافحة البناء غير القانوني ذلك أن تحديد الملاك سوف يدفع كل مالك بطبيعة الحال إلى استعمال كافة حقوقه القانونية للحفاظ على ملكيته من كافة أشكال التعدي سواء عن طريق دعاوى حماية الملكية المعروفة في القانون المدني لاسيما دعوى وفق الأعمال و دعوى منع التعرض وفقا للمواد 674 و ما يليها من القانون المدني، او عن طريق الشكوى أو الادعاء المدني في حال سلوك طريق الحماية الجزائية المقررة للملكية العقارية طبقا للمادة 386 من قانون العقوبات.
للأسف فإن عملية مسح الأراضي التي كان من المقرر لها تنطلق بمجرد الانتهاء من العمليات المشروع فيها برسم الثورة الزراعية حسب كل بلدية وفقا لما ينص عليه القانون 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 المتعلق بإعداد المسح العام للأراضي و تأسيس السجل العقـاري ، قد عرفت تذبذبا و تأخيرا كبيرا في الانتهاء منها نظرا لظروف التي عاشتها البلاد بالإضافة إلى تكاليفهــا الباهضـة و عدم توفر القدر الكافي من المتخصصين في عملية و عدم توفر القدر الكافي من المتخصصين في عملية المسح و أسباب أخرى. لهذا فإنه بعد أكثر من عشرين سنة بعد إصدار الأمر 75/74 فغن عملية المسح قد شملت أكثر من 500 بلدية من مجموع 1541 بلدية على مستوى الوطن و لكن بصفة غير مكتملة .
و حسب تقرير أعده المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي سنة 1998 بخصوص إشكالية العقار الفلاحي في الجزائر فإن مسح الأراضي يتطلب حسب المصالح المختصة 15 سنة أخرى للانتهاء منه بإنجاز ما يعادل 30.000 مخطط خاص بالأراضي الفلاحية فقط التي تم تغطيتها بنسبة 40% حتى تاريخ صدور هذا التقرير.
و حتى سنة 2000 وصل عددا للبلديات الممسوحة إلى 761 بلدية كما ذكرنا سابقا، إلا أن الدفاتر العقارية تأخر تسليمها في غالب البلديات و لم تسلم سوى في 334 بلدية بسبب عدم متابعة الأشغال من قبل البلديات و المحافظات العقارية حسب الأمين العام للنقابة الوطنية لمسح الأراضي .
بعد سنة 2000 عرفت عملية المسح انطلاقة جديدة بفصل الراحة المالية للميزانية العامة و تم لأول مرة الاستعانة بالوكالة القضائية الجزائرية للإسراع في إتمام العملية و هذا باستعمال صور القمر الصناعي الجزائري ألسات1. الذي دخل الخدمة لتقديم صور أفضل للأرض تقلل من تكاليف المسـح، و في هذه النقطة بالذات فإنه يمكن الاستعانة بالصور الجوية عبر القمر الصناعي إذا كانت بالدقة المطلوبة لمراقبة التوسع العمراني للمدينة و حصر بؤر البناءات غير القانونية.

2- ترسيـخ قـواعـد الشهـر العيـنـي :

- يعرف الشهر العقاري بأنه نظام قانوني له مجموعة من القواعد و الإجراءات التي يضمن بها حق الملكية العقارية و الحقوق العينية الأخرى و جميع العلميات القانونية الواردة على العقارات. و يعتمد النظام على نوعين أقرهما المشرع الجزائري.

أ‌- نظـام الشهـر الشخصـي:
- يعتمد في إعلان التصرفات على أسماء الأشخاص القائمين بها، و يتم ذلك حسب سجل يمسكه المحافظ العقاري وفق الترتيب الأبجدي و سجل آخر يمسك على أساسا الترتيب الزمني لتقديم التصرفات المراد شهرها، فهو يعتمد على أسماء الأشخاص و ليس المـادة 27 من الأمـر 75/74 و المواد 113 114 من المرسوم التنفيذي 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 و لكن ذلك لا يمنع أن تتبع بعض الإجراءات الصارمة في هذا النظام و منها قاعدة الرسمية و قاعدة الأثر النسبي للشهر .

ب‌- نظـام الشهـر العيـنـي:
- يرتكز شهر التصرفات فيه على العين ذاتها أي العقار محل التصرف و لهذا تخصص لكل عقار بطاقة عقارية تحدد فيها بيانات العقار و حدوده بدقة و يدون فيها كافة التصرفات التي وردت على هذا العقار و الملاك الذين تداولوا عليها. هذا النظام يتطلب مرافقته بعملية المسح الشامل للأراضي و في ظل تأخر عملية المسح فإن نظام الشهر العقاري الحالي للجزائر يزاوج بين الشهر الشخصي و الشهر العيني حيث يمسك المحافظ العقاري بطاقات عينية للعقار الموجود في أراضي ممسوحة و سجلين خاصين بالشهر الشخصي كما ذكرنا سابقا إضافة لبطاقة تحمل اسم المالك للعقار وفق هذا النظام الأخير. و يفترض أن يكون للشهر العيني في الأراضي الممسوحة قوة ثبوتية مطلقة لأنه يخضع لتحريات دقيقة حول كل الوثائق المثبتة للملكية،و من ثم يكون الشهر العيني حجة على الكافة.
إلا أنه و بالرجوع لنظام الشهر العيني المتبع في الجزائر فإن الأمر محل نظر، ذلك أن البعض يرى أنه نظام شهر عيني بأتم معنى الكلمة ، في حين يرى اتجاه آخر عكس ذلك حيث يفترض في نظام الشهر العيني أن يتولى مهمة الشهر قاض يتولى البحث في توافر شروط العقد و له أن يرفض شهر العقد المعيب، أما إذا قام شهر العقد فإن هذا العقد يتحصـن قبل كل الدعاوى لاحقا و هذا ما هو متبع ألمانيـا و سويسرا. كما أن نظام الشهر العيني لا يعترف بالتقادم المكسب فلو كان للعقار عقد مشهر فلا يمكن مهما طالت مدة وضع اليد عليه إكتسابه و بإسقاط ما قلناه على نظام الشهر العيني الجزائري نجد أن القائم بعملية الشهر في الجزائر هو موظف إداري ( المحافظ العقاري ) كما أن المادة 397 مدني جزائري تنص على أن بيع الغير يكون قابلا للإبطال حتى و لو تم إعلان البيع و قد قصد المشرع بالإعلان في هذه المادة الشهر ، و من ثم يتجلى لنا أن المشرع الجزائري لا يعطي للشهر حجية مطلقة مما يؤكد أن هذا النظام أقرب للشهر الشخصي منه إلى الشهر العيني. بالإضافة إلى الجدل القائم بين القضاة بشأن إمكانية التمسك بالتقادم المكسب استنادا للمادة 827 مدني في مواجهة المالك بعقد مشهر؟ ففي حين درجت الغرفة المدنية بالمحكمة العليا على الاستناد للمادة 827 مدني للاعتراف بالتقادم المكسب حتى في حال وجود عقد مشهر فإن الغرفة الإدارية ذهبت عكس ذلك في قراراتها. لذا يفصل أن تستقر المحكمة العليا بغرفها المجتمعة على رأي واحد حتى لا تبقى قرارات الغرف متناقصة و يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
الذي يهمنا في كل هذا أنه لو تم العمل على تكريس الشهر العيني بالشكل المفترض قانونا ساهم إلى حد بعيد في القضاء على المعاملات العرفية التي ساهمت بشكل غير مباشر كما ذكرنا في إذكاء مشكلة البناء الفوضوي.

Iii – تقليص آجال منح الرخص و تبسيط إجراءاتها:

- ما زالت الآجال المقررة لمنح رخصة البناء أو رخصة المطابقة و باقي الرخص و الشهادات طويلة نسبيا حيث تتراوح على العموم في حدود شهرين من يوم الطلب وفقا للقانون 04/05. على أن سكوت الإدارة عن طلب منح رخصة البناء خلال الأجل المتروك لها لدراسة الملف و اتخاذ القرار أصبح بعد تعديل 04/05 المتعلق بالتهيئة والتعمير يعتبر بمثابة رفض ضمني و عندها يتوجب اتباع طريق القضاء الإداري للطعن في القرار الضمني للبلدية برفض منح رخصة البناء.
و من هنا يتجلى طول الوقت الذي سيستغرقه تسلم الرخصة لو سهت الإدارة عن دراسة الملف المرفق بطلب الرخصة في الأجل المحدد قانونا حيث سيكون على طالب الرخصة إتباع طريق القضاء الإداري مع ما ستستغرقه الإجراءات في هذه الحالة من زمن، و هذا في مجمله منطق لا يتماشى مع الحركية الاجتماعية و الاقتصادية، و لذا فالأفضل أن تدعم الإدارة بالوسائل المعلوماتية الحديثة حتى يتسنى لها دراسة طلبات الرخص المختلفة في آجال معقولة مع وجوب تخفيض الأجل المتروك لها إلى النصق أي في حدود شهر على أقصى تقدير.
و طبعا بتقليص آجال منح الرخص و الشهادات المتعلقة بالتعمير بالإضافة إلى تبسيط إجراءاتها بإتباع نظام الشباك الوحيد، و تقليص الوثائق المطلوب إرفاقها بطلب الرخصة إلى الوثائق الضرورية فقـط، و إخضاع هذه الوثائق بدورها لنظام موحد، فإن ذلك سيشجع الأفراد على طلب الرخص المطلوبة قانونا لمباشرة إنجاز البناء أو لمطابقته للمخططات البيانية و حدود الرخصة.



Iv – تدعيم عمل شرطة العمران :

- مراقبة تزايد البناءات الفوضوية تتطلب عملا جبارا و كما بشريا هاما للتمكن من ذلك، و رغم أن التعديلات التي شملت قوانين التهيئة والتعمير قد وسعت صفة الضبطية القضائية إلى عدة فئات لمعاينة المخالفات المرتكبة خرقا للقانون، فإن الحاجة تبقى قائمة لتدعيم شرطة العمران بعناصر أخرى. نقول هذا لأنه لا يمكن من الناحية الفعلية الاستفادة من الضبطية القضائية التقليدية المعروفة في قانون الإجراءات الجزائية في مراقبة تطور العمران نظرا لعدم التخصص من جهة و لانشغالها بمكافحة الإجرام المتزايد في باقي القضايا الأخرى.
لهذا نقترح أن يتم في هذا الإطار تفعيل لجان الحي باعتبارها الأقرب للحي و سكانه و خباياه، كما تعرف الوافدين الجدد عليه الذين يمكن أن يستغلوا غياب الرقابة في أي وقت لبناء بناءات غير قانونية و فرض سياسة الأمر الواقع.

و نسجل في هذا الإطار أن الشرطة البلدية المنشأة في إطار قانون البلدية الأول 67/24 المؤرخ في 18/01/1967 كانت تقوم بدور مهم في مجال الضبطية المتعلقة بالبناء و تعمل تحت إشراف رئيس المجلس الشعبي البلدي مباشرة وفق للمادة 235 من القانون المذكور. و بعد تعديل قانون البلدية في 07/04/1990 بالقانون 90/08 فقد جاء المرسوم التنفيذي 93/207 المؤرخ في 22/09/1993 ليرتقي بعمل الشرطة البلدية و ينظمها بشكل أفضل.
و بموجب المرسوم التنفيذي 96/265 المؤرخ في 03/08/1996 المتضمن إنشاء سلك الحرس البلدي، تم إلغاء المرسوم التنفيذي 93/207 السابق ذكره، و ورث الحرس البلدي مهام الشرطة الإدارية العامة و السهر على تطبيق القوانين و التنظيمات المتخذة في هذا المجال وفقا لما تنص عليه المادتين 4 و 5 من مرسوم إنشائه. و كان لهذا السلك الجديد أن يلعب دورا محوريا في مكافحة البناء غير القانوني نظرا لتشكيلته الفعلية من أبناء المنطقة التي تشكل فصائله على مستواها إضافة للإشراف المباشر لرئيس المجلس الشعبي البلدي عليه بما له من دور في مراقبة قواعد التعمير غير أن إنشغال سلم الحرس البلدي في فترة التسعينات بالمهام الأمنية بالدرجة الأولى إضافة لباقي القوى المسخرة في هذا المجال، قد أعاق قيامه بمهام الضبطية في مجال التعمير، لهذا نقترح بعد استتباب الأمن أن يتفرغ هذا السلك للقيام بمهام الضبطية في مجال التعمير، و ستكون له بدون شك فعالية في هذا الإطار.

V – تعديل أحكام القانون المدني :

- و نخص بالذكر في هذا الصدد المواد من 782 إلى 791 مدني على وجه الخصوص، ذلك أن هذه المواد أصبحت تتناقض مع التشدد الذي جاء به تعديل قانون التهيئة و التعمير 04/05. ففي الوقت الذي أصبح بمقدور الإدارة اللجوء لهدم البناء الذي تم دون رخصة مباشرة دون حاجة اللجوء إلى القضاء خاصة إذا تم هذا البناء على أرض من الأملاك الوطنية العمومية حيث تملك الإدارة صلاحيات الضبطية الإدارية في مجال المحافظة عليها و حمايتها ، فإن المواد التي أشرنا لها من القانون المدني تتساهل في التعامل مع البناء على أرض خاصة مملوكة لغير.
و إذا كانت مواد القانون المدني لا تركز على إن كان هذا البناء برخصته أو بدونها فإنها تركز على النية و كفى من حيث سوئها أو حسنها كما جاء في المادتين 784 و 785 مدني، و أكثر من هذا فإنها تقلص من سلطة المالك الحقيقي للأرض حيث تترك له الخيار في أجل سنة من يوم علمه بإقامة لبناء على أرضه و هو أجل قصير في أن يطلب إزالة البناء أو استبقاءه مقابل قيمة ما زاده اقتصاديا في الأرض من قيمة.
الشيء المستغرب أن المادة 785 مدني تؤكد على أنه في حال البناء على أرض مملوكة للغير بحسن نية فإنه لا يكون لصاحب الأرض أن يطلب إزالة البناء المنجز و يبقى له فقط أن يدفع إحدى القيمتين إما قيمة المواد المستعملة في الإنجاز إضافة لأجرة العمل أو يدفع مبلغا مساويا لما زاد في الأرض من قيمته بسبب هذا البناء.
فبالإضافة لصعوبة إثبات حسن النية في هذه الحالة فإن الفقرة الأخيرة من المادة 785 مدني تهدد ملكية المالك الأصلي، حيث لو أن المنشآت المنجزة على أرضه بلغت حدا من الأهمية أصبح معه تسديد قيمتها مرهقا لصاحب الأرض فإنه يجوز له أن يطلب تمليك الأرض لمن أقام المنشآت نظير تعويض عادل.
و هذا لعمري سيشجع على البناء على أرض الغير مهما كان التعويض العادل الذي سيحكم به للمالك الحقيقي طالما أن الذي قام ببناء المنشآت سيمتلك الأرض و المنشآت معا، و لهذا ينبغي إعادة النظر في أحكام هذه المواد بما يتماشى و التوجه العام في محاربة البناء غير القانوني.
































قـائمـة المـراجـع المعتمـدة فـي البحــث:

أولا المؤلفـــات:

1- الفاضل خمار: الجرائم الواقعة على العقار. دار هومة / بوزريعة /الجزائر: الطبعة الثانية لسنة 2006.
2- أ- حمدي باشا عمر: حماية الملكية العقارية الخاصة. دار هومة / بوزريعة /الجزائر: طبعة 2004.
3- المستشار عبد الحفيظ بن عبيدة: إثبات الملكية العقارية و الحقوق العينية العقارية (في التشريع الجزائري). دار هومة / بوزريعة /الجزائر: طبعة 2004
4- أ-عجة الجيلالي: أزمة العقار الفلاحي و مقترحات تسويتها – دار الخلدونية /القبة /الجزائر
5- أ- حمدي باشا عمر: عقود التبرعات. دار هومة / بوزريعة /الجزائر: طبعة 2004.
6- أ- حمدي باشا عمر– ليلى زروقي: المنازعات العقارية. دار هومة / بوزريعة /الجزائر: الطبعة الثانية لسنة 2006.
7- أ- حمدي باشا عمر: نقل الملكية العقارية. دار هومة / بوزريعة /الجزائر: طبعة 2004
8- أ- حمدي باشا عمر: القضاء العقاري. دار هومة / بوزريعة /الجزائر: الطبعة السادسة لسنة 006 .
9- أ-نصر الدين هنوني: الوسائل القانونية والمؤسساتية لحماية الغابات في الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية: الجزائر طبعة 2001.
10- أ- ليلى زروقي: التقنيات العقارية (العقار الفلاحي): ديوان الأشغال التربوية: الجزائر: طبعة 2001
11- أ-بوجردة مخلوف: العقار الصناعي: دار هومة / الجزائر: الطبعة الأولى لسنة 2006.
12- أ- حمدي باشا عمر: دراسات قانونية مختلفة. دار هومة / بوزريعة /الجزائر: طبعة 2006
13- أ- حمدي باشا عمر: مجمع النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالعقار. دار هومة / بوزريعة /الجزائر: طبعة 2005.
14- المستشار قدور بشير: النظام القانوني للملكية العقارية في الجزائر: الديوان الوطني للأشغال التربوية / الجزائر: الطبعة الثانية لسنة 2004.

ثانيـــا : النصـوص القـانـونيـة:

1- القانون 98/04 المؤرخ في 05/06/1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي.
2- القانون 02/02 المؤرخ في 05/02/2002 المتعلق بحماية الساحل و تنميته.
3- القانون 03/03 المؤرخ في 17/02/2003 المتعلق بمناطق التوسع السياحي
4- القانون 04/05 المؤرخ في 14/08/2004 المعدل و المتمم للقانون 90/29 المؤرخ في 01/12/1990 المتلق بالتهيئة والتعمير
5- المرسوم التنفيذي 06/03 المؤرخ في 07/01/2006 المتعلق بوثائق التعمير
6- القانون 06/06 المؤرخ في 20/02/2006 المتضمن القانون التوجيهي للمدينة
7- المرسوم التنفيذي 07/23 المؤرخ في 28/01/2007 المحدد لكيفيات إعادة بيع الأراضي الواقعة داخل مناطق التوسع السياحي أو منح حق الامتياز عليها.

ثالثـا : الـدراسـات و المحـاضـرات:

1- محاضرات الدكتورة سعاد بن جاب الله لطلبة المدرسة العليا للقضاء / في القانون العقاري لسنة 2005.
2- محاضرات المستشار سلايـم عبد الله لطلبة المدرسة العليا للقضاء بخصوص القانون المدنـي و قواعد الشهر لسنة 2005
3- محاضرات الأستاذة ليلىزروقي لطلبة المدرسة العليا للقضاء المتعلقة بالتهيئة والتعمير لسنة 2007.
4- محاضرات الأستاذ محمـد طرفاني لطلبة المدرسة العليا للقضاء بخصوص المواريث و عقود التبرعات لسنة 2007.










قديم 2011-02-11, 20:29   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
amine hemicj arba
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية amine hemicj arba
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-02-13, 20:18   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-02-16, 13:56   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك جزيل الشكر و العرفان على هذا الموضوع










قديم 2011-11-21, 09:56   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

في حكم البناء الفوضوي




السـؤال:

لا يخفى عليكم, أزمة السكن التي تمر بها البلاد, فما حكم بناء سكن فوضوي في أرض هي ملك للدولة بالنسبة للمضطرّ؟ وبارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالأصلُ في الاستيلاء على مال الغير علانيةً بغير وجهِ حقٍّ على سبيل المجاهرة يُعَدُّ غَصْبًا، والغَصْبُ اعتداءٌ وظلمٌ على مال الغير سواءٌ أكان شخصًا طبيعيًّا أو اعتباريًّا معنويًّا -كالدولة ومؤسّساتها والمنشئاتِ وغيرها-، والغصبُ محرَّمٌ في الجملة وهو معدودٌ من الباطل المشمولِ بقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وقولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(١- أخرجه أحمد: (20172)، وأبو يعلى في «مسنده»: (1570)، والبيهقي: (11740)، من حديث حنيفة الرقاشي رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «الإرواء»: (1459)، وفي «صحيح الجامع»: (7539))، والعُدوان على مال الغير لا يكون سببًا للتملّك، والواجب ردُّ المغصوب إلى صاحبه والخروجُ منه، ويكفي الإذنُ والترخيصُ من الجهة العمومية المسئولة في جواز الانتفاع به، وانتفاءِ صفة العدوان والغصب عنه.
أمّا المضطرّ اضطرارًا قائمًا بالفعل لا متوقََّّعًا ولا متوهَّمًا، الذي يخشى عن نفسه تضييع مصالحه الضرورية وليس له وسيلةٌ يدفع بها ضرورتَه إلاّ بارتكاب المحرّم، فإنّ الضرورةَ الملجئةَ من أسباب الترخيص في حدود مقدار ما يدفع الضرورةَ، ويسقط عنه الإثم في حقّ الله تعالى بالنسبة لأحكام الآخرة رفعًا للحَرَجِ عنه، فإن ألحق بفعله أضرارًا بالغير نتيجةَ غَصْبِهِ لَزِمَهُ تعويضُها؛ لأنّ الضرورةَ لا تُسقِطُ حقَّ الآخرين في أحكام الدنيا، ولا تجعلُ المضطرَّ في حِلٍّ منها رفعًا للحَرَج عنهم أيضًا.
هذا، وشأن القائم بالحكم والولاية العامّة الابتعادُ عن الحيف والجَور، وإقامةُ العدل بين الناس بإعطاء كلّ ذي حقٍّ حقَّهُ وما يستحقّه، فلا يميلُ به هوًى ولا تجرفه شهوةٌ أو دنيا، وقد أخبر رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن حبّ الله تعالى للمقسطين وكرامتهم عنده سبحانه، فقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا»(٢- أخرجه مسلم في «الإمارة»: (4721)، والنسائي كتاب «آداب القضاة» من سننه: (5379)، وأحمد: (6469)، والحاكم: (7084)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما)، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: ِإمَامٌ عَادِلٌ…»(٣- أخرجه البخاري في «الزكاة»: (1423)، ومسلم في «الزكاة»: (2380)، والترمذي في «الزهد»: (2391)، وأحمد (9526)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


الجزائر في: 3 صفر 1428ﻫ
الموفق ﻟ: 21 فبراير 2007م


١- أخرجه أحمد: (20172)، وأبو يعلى في «مسنده»: (1570)، والبيهقي: (11740)، من حديث حنيفة الرقاشي رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «الإرواء»: (1459)، وفي «صحيح الجامع»: (7539).



۲- أخرجه مسلم في «الإمارة»: (4721)، والنسائي كتاب «آداب القضاة» من سننه: (5379)، وأحمد: (6469)، والحاكم: (7084)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.



٣- أخرجه البخاري في «الزكاة»: (1423)، ومسلم في «الزكاة»: (2380)، والترمذي في «الزهد»: (2391)، وأحمد (9526)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.




https://www.ferkous.com/rep/Bq86.php










قديم 2011-11-21, 09:57   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

في حكم البناء الفوضوي




السـؤال:

لا يخفى عليكم, أزمة السكن التي تمر بها البلاد, فما حكم بناء سكن فوضوي في أرض هي ملك للدولة بالنسبة للمضطرّ؟ وبارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالأصلُ في الاستيلاء على مال الغير علانيةً بغير وجهِ حقٍّ على سبيل المجاهرة يُعَدُّ غَصْبًا، والغَصْبُ اعتداءٌ وظلمٌ على مال الغير سواءٌ أكان شخصًا طبيعيًّا أو اعتباريًّا معنويًّا -كالدولة ومؤسّساتها والمنشئاتِ وغيرها-، والغصبُ محرَّمٌ في الجملة وهو معدودٌ من الباطل المشمولِ بقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وقولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(١- أخرجه أحمد: (20172)، وأبو يعلى في «مسنده»: (1570)، والبيهقي: (11740)، من حديث حنيفة الرقاشي رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «الإرواء»: (1459)، وفي «صحيح الجامع»: (7539))، والعُدوان على مال الغير لا يكون سببًا للتملّك، والواجب ردُّ المغصوب إلى صاحبه والخروجُ منه، ويكفي الإذنُ والترخيصُ من الجهة العمومية المسئولة في جواز الانتفاع به، وانتفاءِ صفة العدوان والغصب عنه.
أمّا المضطرّ اضطرارًا قائمًا بالفعل لا متوقََّّعًا ولا متوهَّمًا، الذي يخشى عن نفسه تضييع مصالحه الضرورية وليس له وسيلةٌ يدفع بها ضرورتَه إلاّ بارتكاب المحرّم، فإنّ الضرورةَ الملجئةَ من أسباب الترخيص في حدود مقدار ما يدفع الضرورةَ، ويسقط عنه الإثم في حقّ الله تعالى بالنسبة لأحكام الآخرة رفعًا للحَرَجِ عنه، فإن ألحق بفعله أضرارًا بالغير نتيجةَ غَصْبِهِ لَزِمَهُ تعويضُها؛ لأنّ الضرورةَ لا تُسقِطُ حقَّ الآخرين في أحكام الدنيا، ولا تجعلُ المضطرَّ في حِلٍّ منها رفعًا للحَرَج عنهم أيضًا.
هذا، وشأن القائم بالحكم والولاية العامّة الابتعادُ عن الحيف والجَور، وإقامةُ العدل بين الناس بإعطاء كلّ ذي حقٍّ حقَّهُ وما يستحقّه، فلا يميلُ به هوًى ولا تجرفه شهوةٌ أو دنيا، وقد أخبر رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن حبّ الله تعالى للمقسطين وكرامتهم عنده سبحانه، فقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا»(٢- أخرجه مسلم في «الإمارة»: (4721)، والنسائي كتاب «آداب القضاة» من سننه: (5379)، وأحمد: (6469)، والحاكم: (7084)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما)، وقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: ِإمَامٌ عَادِلٌ…»(٣- أخرجه البخاري في «الزكاة»: (1423)، ومسلم في «الزكاة»: (2380)، والترمذي في «الزهد»: (2391)، وأحمد (9526)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


الجزائر في: 3 صفر 1428ﻫ
الموفق ﻟ: 21 فبراير 2007م


١- أخرجه أحمد: (20172)، وأبو يعلى في «مسنده»: (1570)، والبيهقي: (11740)، من حديث حنيفة الرقاشي رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «الإرواء»: (1459)، وفي «صحيح الجامع»: (7539).



۲- أخرجه مسلم في «الإمارة»: (4721)، والنسائي كتاب «آداب القضاة» من سننه: (5379)، وأحمد: (6469)، والحاكم: (7084)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.



٣- أخرجه البخاري في «الزكاة»: (1423)، ومسلم في «الزكاة»: (2380)، والترمذي في «الزهد»: (2391)، وأحمد (9526)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.




https://www.ferkous.com/rep/Bq86.php










قديم 2011-11-21, 09:58   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

في حكم البناء الفوضوي



الفتوى رقم: 595
الصنف: فتاوى متنوعة

في مدى دخولِ البناء الفوضوي ضِمْنَ إحياء الموَات

السؤال: ما المقصود بالأرض الميتة في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم:«مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ»؟ وهل البناء الفَوْضَوِيُّ يدخل ضمن إحياء الأرض الميتة؟

الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالمرادُ بالمَوَاتِ في قولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ»(١- أخرجه أبو داود في «الخراج» باب في إحياء الموات: (3073)، والترمذي في «الأحكام» باب ما ذكر في إحياء أرض الموات: (1378)، والبيهقي: (11878)، من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه، وأخرجه الترمذي في «الأحكام» باب ما ذكر في إحياء أرض الموات: (1379)، وابن حبان: (5205)، وأحمد: (14347)، من حديث جابر رضي الله عنه. قال ابن كثير في «إرشاد الفقيه»: (2/69): «إسناده على شرط الشيخين»، والحديث صحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير»: (7/57)، والألباني في «الإرواء»: (1550))، وفي رواية: «مَنْ عَمَّرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا»(٢- أخرجه البخاري في «المزارعة» باب من أحيا أرضًا مواتَا…: (2298)، وأحمد: (24490)، والبيهقي: (11877)، من حديث عائشة رضي الله عنها) هي الأرض المُعطَّلة التي لا مالكَ لها ولا ينتفع بها أحدٌ، وإحياؤُها عمارتها بالغَرْسِ والبناءِ أو بالحفر أو التحجير وإجراء المياه عليها.
غير أنّ الأراضي الشاغرة والمعطَّلة والخفيفة: ظاهرُها وباطنُها يدخل في أملاك الدولة فلا يسعه أن ينتفع بها إلاَّ بإذن أصحاب الولايات العامَّة (البلدية أو الولاية..).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.


الجزائر في 20من ذي الحجة 1427ﻫ
الموافق ﻟ: 9 يناير 2007م

١- أخرجه أبو داود في «الخراج» باب في إحياء الموات: (3073)، والترمذي في «الأحكام» باب ما ذكر في إحياء أرض الموات: (1378)، والبيهقي: (11878)، من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه، وأخرجه الترمذي في «الأحكام» باب ما ذكر في إحياء أرض الموات: (1379)، وابن حبان: (5205)، وأحمد: (14347)، من حديث جابر رضي الله عنه. قال ابن كثير في «إرشاد الفقيه»: (2/69): «إسناده على شرط الشيخين»، والحديث صحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير»: (7/57)، والألباني في «الإرواء»: (1550).

٢- أخرجه البخاري في «المزارعة» باب من أحيا أرضًا مواتَا…: (2298)، وأحمد: (24490)، والبيهقي: (11877)، من حديث عائشة رضي الله عنها.




https://www.ferkous.com/rep/Bq55.php










قديم 2012-01-10, 19:10   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
lwiza2000
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية lwiza2000
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يا اخي
اتمنى ان تقول لي باختصار ماهي عقوبة من يبني من دون رخصة بناء في بلدية الرخص فيها مجمدة منذ 2004










قديم 2012-01-10, 19:11   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
lwiza2000
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية lwiza2000
 

 

 
إحصائية العضو










Icon24

يا اخي
اتمنى ان تقول لي باختصار ماهي عقوبة من يبني من دون رخصة بناء في بلدية الرخص فيها مجمدة منذ 2004










قديم 2012-02-02, 07:26   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
عادل بومهدي
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية عادل بومهدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا بارك الله فيك










 

الكلمات الدلالية (Tags)
البناء, الجزائر, الفوضوي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc