شرح كتاب التوحيد : باب ما جاء في الذَّبح لغير الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها ..

قسم الكتب و المتون العلمية و شروحها .. يعنى بجميع المتون من نظم و قصائد و نثر و كذا الكتب و شروحاتها في جميع الفنون على منهج أهل السنة و الجماعة ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شرح كتاب التوحيد : باب ما جاء في الذَّبح لغير الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-05-14, 16:43   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبوإبراهيــم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي شرح كتاب التوحيد : باب ما جاء في الذَّبح لغير الله

وقول الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162- 163].

وقوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2].

عن علي بن أبي طالبٍ  قال: حدَّثني رسولُ الله ﷺ بأربع كلمات: لعن الله مَن ذبح لغير الله، لعن الله مَن لعن والديه، لعن الله مَن آوى مُحْدِثًا، لعن الله مَن غيَّر منار الأرض رواه مسلم.

وعن طارق بن شهابٍ: أن رسول الله ﷺ قال: دخل الجنة رجلٌ في ذبابٍ، ودخل النارَ رجلٌ في ذبابٍ، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟! قال: مرَّ رجلان على قومٍ لهم صنم لا يجوزه أحدٌ حتى يُقرِّب له شيئًا، فقالوا لأحدهما: قرِّب. قال: ليس عندي شيء أُقرب. قالوا له: قرِّب ولو ذبابًا. فقرَّب ذبابًا، فخلّوا سبيله؛ فدخل النار. وقالوا للآخر: قرِّب. فقال: ما كنتُ لأُقرب لأحدٍ شيئًا دون الله، فضربوا عنقه؛ فدخل الجنة رواه أحمد.



الشيخ: يقول رحمه الله: "باب ما جاء في الذبح لغير الله"، والمؤلف رحمه الله أدرك في هذه الجزيرة في القرن الثاني عشر مَن يذبح لغير الله، ويتقرب للجنِّ، ويتقرب لغيرهم بالذبح وغيره، ويعبد الأشجار والأحجار والقبور؛ فلهذا ألَّف هذا الكتاب "كتاب التوحيد" تنبيهًا للأمة على ما وقعت فيه من الشرك، ومن ذلك هذا الباب: "باب ما جاء في الذبح لغير الله" يعني: من الوعيد والتَّفصيل، سواء كان الذبح للملائكة أو للجنِّ أو للأنبياء أو للأصنام أو للكواكب أو لغير هذا، الذبح عبادة لله، قربة، فإذا ذبح لغير الله وصرف لغير الله صار كالصلاة لغير الله، قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي يعني: ذبحي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162- 163] يعني: قل يا محمد للناس، قل يعني: يا محمد للناس قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي يعني: ذبحي وجميع عبادتي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، فدلَّ على أن الذبح لغير الله كالصلاة لغير الله شرك به سبحانه وتعالى.

وقال تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۝ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:1- 2] يعني: صلِّ له واذبح له، فدلَّ على أنَّ الذبح عبادة، ولا يجوز التقرب بالذبائح للجنِّ أو للأصنام أو للكواكب أو للغائبين أو للملائكة أو لغيرهم، فهذا من الشرك الأكبر، كالصلاة لغير الله.

وهكذا ما يفعله بعضُ الناس عند قدوم السلاطين إلى بلدٍ -السلاطين أو رؤساء القبائل أو غيرهم من الكُبراء- يستقبلونه بالذبح في الطُّرقات، يذبحون لهم في الطرقات ذبائح تعظيمًا لهم، هذا من الذبح لغير الله، كما أفتى علماء بخارى بأنَّ هذا من الشرك، ما يُتقرب به للسلاطين عند قدوم البلد، أو عند قدوم الأمراء، أو شيوخ القبائل، يذبحون في الطُّرقات لهم تعظيمًا لهم هذا من الشرك الأكبر.

عن عليٍّ ، هو علي بن أبي طالبٍ الخليفة الراشد الهاشمي، رابع الخلفاء الراشدين، زوج فاطمة الزهراء بنت النبي عليه الصلاة والسلام، المتوفى سنة 40 من الهجرة النبوية شهيدًا ، قتله الخوارج، يقول : حدَّثني رسولُ الله ﷺ بأربع كلماتٍ -يعني: أربع جمل: لعن الله مَن ذبح لغير الله هذه واحدة لعن الله مَن لعن والديه هذه الثانية لعن الله مَن آوى مُحْدِثًا الثالثة لعن الله مَن غيَّر منار الأرض رواه مسلم في الصحيح.

أربع جمل لعن الرسولُ أهلها: الأولى: لعن الله مَن ذبح لغير الله فدلَّ على أنَّ الذبح لله عبادة، والذبح لغير الله شرك يستحق صاحبه اللعنة، سواء كان الذبح لغير الله من الأصنام، أو من الجنِّ، أو من السلاطين، أو من أصحاب القبور، أو ما أشبه ذلك، كما لو أتى صاحبَ القبر وذبح له؛ ولهذا في الحديث الصحيح: لا عقر في الإسلام، كانوا في الجاهلية إذا مروا على قبر الجواد العظيم عقروا عنده وقالوا: نعقر له كما كان يعقر في حياته!

لعن الله مَن ذبح لغير الله سواء ذبح شاةً أو بعيرًا أو بقرةً أو دجاجةً أو عصفورًا أو ذبابًا، ما دام يتقرب لغير الله دخل في اللَّعن، أما ما يُذبح لوليمةٍ؛ عزيمة زيد أو عمرو يذبح في الوليمة، يذبح العقيقة لا بأس، هذا يذبح لأجل الشرع، طاعةً للشرع، أو للضيف يذبح لإكرام الضيف لا بأس، أما الذبح للتعظيم في الطرقات عند مقابلة السلاطين أو الأمراء أو رؤساء القبائل هذا هو من جنس عمل الجاهلية.

الثانية: لعن الله مَن لعن والديه نعوذ بالله، لعن الوالدين من أقبح الكبائر، في الحديث الآخر؛ في حديث عبدالله بن عمرو في "الصحيحين" يقول النبيُّ ﷺ: من الكبائر شتم الرجل والديه، قيل: يا رسول الله، وهل يسبّ الرجلُ والديه؟! يعني: هذا مُستنكر، حتى الكفرة يستنكرون هذا: وهل يسب الرجل والديه؟! قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه يعني: إذا كان سبَّابًا للناس سبُّوا والديه، إذا كان يلعن الناس لعنوا والديه، فصار لاعنًا لوالديه؛ لأنه مُتسبب، فهكذا مَن لعنهما مباشرةً يكون أقبح، مَن لعنهما مباشرةً يعني: باشر لعن والديه أو أحدهما، هذا أقبح في الإثم، وأشد في الكبيرة، نسأل الله العافية، سواء كان أباه وأمه أو جَدًّا وجدَّةً، كلهم آباء وأمهات.

الثالثة: لعن الله مَن آوى مُحدثًا إنسان يأتي بمعصيةٍ فيها حدٌّ فيُؤويه ألا يُقام عليه الحد، يعني: زانٍ يمنعه أن يُقام عليه الحدُّ، سارق يمنع أن يُقام عليه الحد، وما أشبه ذلك، أو إنسان أحدث بدعةً يُؤويه ويمنع البدعة؛ ولهذا في الرواية الأخرى: مَن آوى مُحْدَثًا يعني: بدعة.

فالواجب التعاون على إقامة الحدود ومنع البدع، وعدم إيواء أهلها، يعني: عدم حمايتهم، فمَن فعل ما يُوجب الحدَّ وجب التَّمكين من إقامة الحدِّ عليه؛ ردعًا له ولأمثاله؛ ولهذا يقول ﷺ في المدينة: مَن أحدث فيها حدثًا أو آوى مُحْدِثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا، فالأحداث تشمل المعاصي والشرك، والمؤوي لها: الناصر لها، والحامي لها.

الرابعة: لعن الله مَن غيَّر منار الأرض منار الأرض: مراسيمها وحدودها يُغيِّرها؛ يُعطي هذه زيادة، ويأخذ من هذا، سواء له وإلا لغيره ملعون؛ لأنه ظالم مُسبب للفتن، يأتي الحدود ويُغير المراسيم، يُعطي هذا من حقِّ هذا، أو يأخذ لنفسه، هذا ملعون لما يترتب على فعله من الظلم والفساد، وقد تقع بسببه مشاكل وفتن بسبب تغيير الحدود، والشاهد قوله: لعن الله مَن ذبح لغير الله هذا الشاهد من الترجمة.

والحديث الثاني من حديث طارق بن شهاب، يقول ﷺ: مرَّ رجلٌ على قومٍ لهم صنم، يقول: دخل الجنةَ رجلٌ في ذبابٍ، ودخل النارَ رجلٌ في ذبابٍ، تعجب الصحابة: كيف يصير هذا يا رسول الله؟! قال: مرَّ رجلان على قومٍ لهم صنم، والصنم: ما نُحت على صورةٍ وعُبِدَ من دون الله يُقال له: صنم، كصورة للأنبياء أو للجنِّ أو للمُعظَّمين أو لأسودٍ أو نمورٍ تُعبَد، تُسمَّى: صنمًا، ويُطلق عليه: وثن أيضًا.

مرَّ رجلان على قومٍ لهم صنم، لا يجوزه أحدٌ حتى يُقرب له شيئًا ما يتعداه أحدٌ، عنده السدنة، ما يتعداه أحدٌ، يقولون له: قرِّب، قرِّب عصفورًا، قرِّب شاةً، قرِّب دجاجةً، قرِّب حمامةً، الذي يصير، قال أحدهما: ما عندي شيء أُقَرِّب، تعذر، ما عنده شيء، قالوا: قرِّب ولو ذبابًا، فقرَّب ذبابًا، فخلوا سبيله، المهم الموافقة؛ أنه يُوافق على الشرك، لما وافق عليه ولو بالذباب كفى، تكفي الموافقة، وقالوا للآخر: قرِّب، فقال: ما كنتُ لأُقرب شيئًا من دون الله، يعني: ما يمكن أن أُقرب ذبيحةً لغير الله، لا يمكن أن أذبح لغير الله، لا يمكن أن أتقرب للأصنام، فضربوا عنقه فدخل الجنة.

هذا يدل على أنه لا يجوز التقريب للأصنام، ولو عصفورًا، ولو ذبابًا، ولو دجاجةً، ولو حمامةً، فكيف بمن يُقرب الإبل والبقر والغنم؟! يكون شركه أكبر، سواء للأصنام أو للنجوم أو للجن أو للسلاطين أو الأمراء عند قدوم البلاد تعظيمًا لهم، أو ما أشبه ذلك.

وفي هذا التَّحذير من التَّساهل بأمور الشرك، وأن الواجب على المؤمن أن يتعلم ويتفقه في الدين حتى لا يقع فيما يضره ولا ينفعه وهو لا يدري؛ ولهذا يقول ﷺ: مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين متفق على صحَّته، ويقول ﷺ: مَن دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله، ويقول ﷺ: مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، فينبغي بل يجب على كل مُكلَّفٍ أن يتعلم ما لا يسعه جهله، سواء من الرجال أو النساء، الواجب التعلم والسؤال عما يلزمه في دينه؛ حتى لا يقع فيما حرَّم الله، وحتى لا يترك ما أوجب الله.

وفَّق الله الجميع.









 


رد مع اقتباس
قديم 2019-05-14, 16:45   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبوإبراهيــم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

فيه مسائل:
الأولي: تفسير {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} 1.
الثانية: تفسير {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} 2.
الثالثة: البداءة بلعنة من ذبح لغير الله.
الرابعة: لعن من لعن والديه، ومنه أن تلعن والدي الرجل فيلعن والديك.
الخامسة: لعن من آوى محدثا، وهو الرجل يحدث شيئا يجب فيه حق الله، فيلتجئ إلى من يجيره من ذلك.
السادسة: لعن من غير منار الأرض، وهي المراسيم التي تفرق بين حقك وحق جارك، فتغيرها بتقديم أو تأخير.
السابعة: الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم.










رد مع اقتباس
قديم 2019-05-14, 16:46   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبوإبراهيــم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الثامنة: هذه القصة العظيمة، وهي قصة الذباب.
التاسعة: كونه دخل النار بسبب ذلك الذباب الذي لم يقصده، بل فعله تخلصا من شرهم.
العاشرة: معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين، كيف صبر ذلك على القتل ولم يوافقهم على طلبتهم، مع كونهم لم يطلبوا إلا العمل الظاهر.
الحادية عشرة: أن الذي دخل النار مسلم. لأنه لو كان كافرا لم يقل: "دخل النار في ذباب".
الثانية عشرة: فيه شاهد للحديث الصحيح: "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك" 1.
الثالثة عشرة: معرفة أن عمل القلب هو المقصود الأعظم، حتى عند عبدة الأوثان.










رد مع اقتباس
قديم 2019-09-08, 17:24   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
mahdi-49
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شُــكرًا..










رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc