الحديث وعلومه - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-07-06, 05:07   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

في تحرير وقت نزول أوائل سورة الروم ، وبحث الروايات المتعارضة ظاهرا في ذلك

السؤال :

أخرج الترمذي في سننه روايتين ظاهرهما التعارض حيث تشير الرواية إلى أن سورة الروم نزلت بمكة ، وفي الرواية الأخرى أنها نزلت بعد غزوة بدر، فكيف التوفيق بينهما؟

الرواية الأولى هي من رواية أبو سعيد الحديث رقم : (3186 ) ، والرواية الثانية من طريق سعيد بن جبير حديث رقم :
(3497) .
الجواب :

الحمد لله


أولا :

قبل الجواب على السؤال ينبغي التنبيه على أن بعض الآيات قد تنزل مرة واحدة ، وبعض الآيات قد تنزل مرتين أو أكثر ، أي يتكرر نزولها

وفي ذلك يقول الزركشي في "البرهان في علوم القرآن" (1/29)

:" وقد ينزل الشيء مرتين ، تعظيما لشأنه ، وتذكيرا به عند حدوث سببه ؛ خوفَ نسيانه ". انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (13/340)

:" وَإِذَا ذَكَرَ أَحَدُهُمْ لَهَا سَبَبًا نَزَلَتْ لِأَجْلِهِ ، وَذَكَرَ الْآخَرُ سَبَبًا ؛ فَقَدْ يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا ، بِأَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ عَقِبَ تِلْكَ الْأَسْبَابِ ، أَوْ تَكُونَ نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ ، مَرَّةً لِهَذَا السَّبَبِ وَمَرَّةً لِهَذَا السَّبَبِ ". انتهى

وبناء على ذلك : فإذا وردت الآثار بأسباب مختلفة لنزول آية واحدة ، فعلينا أن نبحث أولا عن صحة السند ، فإن صح السند فهنا احتمالان :

الأول : تكرر النزول .

الثاني : أن يكون قول الصحابي عن الآية : نزلت في كذا ، يكون معناه : أن الآية تتضمن هذا الحكم .

قال الزركشي في "البرهان في علوم القرآن" (1/31) : "

وقد عرف من عادة الصحابة والتابعين ، أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا ، فإنه يريد بذلك أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم ، لا أن هذا كان السبب في نزولها .

وجماعة من المحدِّثين : يجعلون هذا من المرفوع المسند ، كما في قول ابن عمر في قوله تعالى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}.

وأما الإمام أحمد : فلم يدخله في المسند ، وكذلك مسلم وغيره ؛ وجعلوا هذا مما يقال بالاستدلال وبالتأويل ؛ فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية ، لا من جنس النقل لما وقع ". انتهى

. وهذا الأمر يعرف بالقرائن ، وجمع الروايات والآثار .

ثانيا :

أما بالنسبة للنقطة محل السؤال ، وهي ما ورد بشأن نزول أوائل سورة الروم في قوله تعالى : ( الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) . الروم/1 – 5 .

فقد ذكر السائل أنه قد ورد فيها روايتان متعارضتان ظاهرا : الأولى أنها نزلت بمكة والثانية أنها نزلت بالمدينة ، فما هو الصحيح من ذلك ؟

والجواب على ذلك : أن الصحيح أن سورة الروم مكية ، وأن هذه الآيات نزلت بمكة وليست بالمدينة ، وبيان ذلك كما يلي :

أولا : تخريج الروايتين :

الأولى

: أخرجها الترمذي في "سننه" (2935)

والطبري في "تفسيره" (18/457)

والواحدي في "أسباب النزول" (ص344)

جميعا من طريق سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَطِيَّةَ العوفي ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَنَزَلَتْ {الم غُلِبَتِ الرُّومُ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} قَالَ: فَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ بِظُهُورِ الرُّومِ عَلَى فَارِسَ.

وهذه الرواية ضعيفة لا تصح ، لأجل عطية بن سعد العوفي ، وبيان ذلك من وجوه :

أنه ضعيف باتفاق

قال الذهبي في "ديوان الضعفاء" (2843)

:" مجمع على ضعفه ". انتهى

أنه مدلس

قال ابن حجر في "التقريب" (4616)

:" وكان شيعيا مدلسا ". انتهى

وقد عنعن الحديث عن شيخه ، فلا تقبل روايته إلا إذا صرح بالتحديث . أن روايته هنا عن أبي سعيد ، وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أن عطية العوفي كان يدلس اسم الكلبي إذا روى عنه في التفسير فيقول

: قال أبو سعيد ، ويقصد به الكلبي

قال الإمام أحمد كما في العلل (1/548)

:" بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير ، وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول قال أبو سعيد " . انتهى

وقال الثوري : سمعت الكلبي

قال كناني عطية أبا سعيد ".

كذا في "العلل ومعرفة الرجال" للإمام أحمد (1307)

وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/176)

:" سمع من أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَحَادِيث ، فَلمَا مَاتَ أَبُو سعيد ، جعل يُجَالس الْكَلْبِيّ ويحضر قصصه ، فَإِذا قَالَ الْكَلْبِيّ : قَالَ رَسُول الله بِكَذَا ، فيحفظه ، وكناه أَبَا سعيد ، ويروي عَنهُ . فَإِذا قيل لَهُ من حَدثَك بِهَذَا ؟

فَيَقُول : حَدثنِي أَبُو سعيد . فيتوهمون أَنه يُرِيد أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْكَلْبِيّ ، فَلَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ ، وَلَا كِتَابَة حَدِيثه إِلَّا عَلَى جِهَة التَّعَجُّب ". انتهى . والكلبي هذا هو محمد بن السائب بن بشر الكلبي ، وهو كذاب ، قال أَحْمد بن هَارُون سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل عَن تَفْسِير الْكَلْبِيّ فَقَالَ : كذب . قلت : يحل النّظر فِيهِ ؟ قَالَ : لَا

. كذا في "المجروحين" لابن حبان (2/254).

ولذا فهذه الرواية واهية ، لا تقوم بها حجة .

قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (8/207)

تعليقا على هذه الرواية :" وَفِي عَطِيَّةَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ مُدَلِّسٌ ، وَالثَّانِي أَنَّهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ ضَعِيفٌ ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ التَّفْسِيرَ عَنِ الْكَلْبِيِّ وَيُكَنِّيه بِأَبِي سَعِيدٍ ، فَيَقُولُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، يُوهِمُ أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَحَدِيثُهُ هَذَا ضَعِيفٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ ، وَفِي قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ نَظَرٌ ". انتهى








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-06, 05:08   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

الثانية :

أخرجها الترمذي في "سننه" (3093)

وأحمد في "المسند" (2495)

والنسائي في "السنن الكبرى" (11325)

جميعا من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ} [الروم: 2] قَالَ: غُلِبَتْ وَغَلَبَتْ ، كَانَ المُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يَظْهَرَ أَهْلُ فَارِسَ عَلَى الرُّومِ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ ، فَذَكَرُوهُ لِأَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" أَمَا إِنَّهُمْ سَيَغْلِبُونَ "

فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ ، فَقَالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ أَجَلًا ، فَإِنْ ظَهَرْنَا كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا ، وَإِنْ ظَهَرْتُمْ كَانَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا ، فَجَعَلَ أَجَلًا خَمْسَ سِنِينَ ، فَلَمْ يَظْهَرُوا ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

قَالَ:" أَلَا جَعَلْتَهُ إِلَى دُونَ " - قَالَ: أُرَاهُ العَشْرَ ، قَالَ سَعِيدٌ: وَالْبِضْعُ مَا دُونَ العَشْرِ - قَالَ: ثُمَّ ظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدُ. قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 1]- إِلَى قَوْلِهِ - {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ} [الروم: 4] قَالَ سُفْيَانُ: «سَمِعْتُ أَنَّهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ ".

وهذا الحديث صحيح ، وقد صححه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (7/365)

في أثناء تخريجه لحديث برقم (3354)

فتبين بذلك أن الصحيح من الناحية الحديثية أن نزول سورة الروم كان بمكة ، وليس بالمدينة .

ثانيا : اتفق المفسرون على أن سورة الروم مكية

حيث قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (14/1)

:" سُورَةُ الرُّومِ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ ". انتهى .

وقال ابن عطية في تفسيره "المحرر الوجيز" (4/327)

:" هذه السورة مكية ، ولا خلاف أحفظه في ذلك ". انتهى .

وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" (3/415)

:" وهي مكّيّة كلّها بإجماعهم ". انتهى .

فتبين بذلك أن اتفاق المفسرين على كونها مكية : دليل على عدم التفاتهم للرواية التي تقول إنها نزلت بالمدينة بعد غزوة بدر ، ولذا علق الطاهر بن عاشور على تلك الرواية فقال في "التحرير والتنوير" (12/39) :" وهي مكية كلها بالاتفاق ، حكاه ابن عطية والقرطبي ، ولم يذكرها صاحب ( الإتقان ) في السور المختلف في مكيتها

ولا في بعض آيها . وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري : أن هذه السورة نزلت يوم بدر فتكون عنده مدنية . قال أبو سعيد : لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين وفرحوا بذلك فنزلت ) آلم غُلِبت الرُّوم ( إلى قوله ) بِنَصْرِ الله ( ( الروم : 1 5 ) وكان يقرؤها ) غَلَبت ( بفتح اللام ) ، وهذا قول لم يتابعه أحد ". انتهى .

وقد تبين من التخريج السابق : أن هذا القول : لم يصح عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه.

ثالثا : أن هذه الرواية التي ذكرها السائل والتي تفيد بنزول سورة الروم بالمدينة ، جاء فيها القراءة على هذا النحو " :" الم (1) غَلَبَتْ الرُّومُ (2) . هكذا بفتح الغين ، قال الترمذي بعد روايته الحديث :" هَكَذَا قَرَأَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ: غَلَبَتْ ". انتهى .
وهذه القراءة شاذة ، خلاف إجماع القراء

حيث قال الطبري في "تفسيره" (18/446)

:" وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ {الم. غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 1] بِضَمِّ الْغَيْنِ ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ ". انتهى .

وإذا تبين شذوذها قراءةً

فهي كذلك مخالفة في المعنى لأن قوله تعالى :" وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ". قرأ القراء جميعا " سَيَغْلِبُونَ " بفتح السين والياء ، وهكذا يكون المعنى غَلَبَت الروم فارس وهم من بعد غلبهم لفارس سيَغلبون ، فهكذا يكون المعنى فاسدا ، وإنما حتى يصح المعنى لابد من أن تقرأ الكلمة هكذا " سَيُغْلَبُون " ولا أحد يقرأ بهذا

ولذا قال الطبري في "تفسيره" (18/459) :

" وَأَمَّا قَوْلُهُ: {سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 3] فَإِنَّ الْقُرَّاءَ أَجْمَعِينَ عَلَى فَتْحِ الْيَاءِ فِيهَا ، وَالْوَاجِبُ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: (الم غَلَبَتِ الرُّومُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ ، أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ: (سَيُغْلَبُونَ) بِضَمِّ الْيَاءِ ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبَتِهِمْ فَارِسَ سَيَغْلِبُهُمُ الْمُسْلِمُونَ ، حَتَّى يَصِحَّ مَعْنَى الْكَلَامِ ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَامِ كَبِيرُ مَعْنًى إِنْ فُتِحَتِ الْيَاءُ ، لِأَنَّ الْخَبَرَ عَمَّا قَدْ كَانَ ، يَصِيرُ إِلَى الْخَبَرِ عَنْ أَنَّهُ سَيَكُونُ ، وَذَلِكَ إِفْسَادُ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ بِالْآخَرِ ". انتهى

رابعا : أن حدوث نصر الروم في يوم بدر لا يلزم منه نزول السورة ، بل لزاما أن يسبق نزول السورة على موعد نصر الروم ، فيكون المعنى أن فارس غلبت الروم ، وفي بضع سنين سيغلب الروم فارس ، وحينئذ يفرح المؤمنون ، فكيف تنزل آيات الإعلام بالهزيمة والبشارة بالنصر ، يوم النصر ؟!

خامسا : أن تاريخ انتصار الروم على فارس مختلف فيه أصلا على ثلاثة أقوال ، قال الماوردي في "النكت والعيون" (4/298) :" واختلف في السنة التي غلبت الروم أهل فارس على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها عام بدر ظهر الروم على فارس فيه ، وظهر المسلمون على قريش فيه ، قاله أبو سعيد ، قال: فكان يوم بدر.

الثاني: أن ظهور فارس على الروم كان قبل الهجرة بسنتين ، وظهور المسلمين على قريش كان في عام بدر بعد الهجرة بسنتين ، ولعله قول عكرمة.

الثالث: عام الحديبية ظهرت الروم على فارس ، وكان ظهور المسلمين على المشركين في الفتح بعد مدة الحديبية ، قاله عبيد الله بن عبد الله ". انتهى .

والذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الجواب الصحيح" (1/278)

أنه يوم الحديبية ، حيث قال :" وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْخَبَرَ جَاءَ بِظُهُورِ الرُّومِ عَلَى فَارِسَ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَذَهَبَ آخَرُونَ أَنَّهُ يَوْمُ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ". انتهى

وخلاصة ما سبق : أن الرواية الصحيحة هي الواردة بإثبات نزول سورة الروم في العهد المكي ، وأن الرواية الأخرى التي تفيد نزولها بالعهد المدني لا تصح ، وأن سورة الروم مكية باتفاق أهل العلم .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 11:23   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
suzuki19
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية suzuki19
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 15:30   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة suzuki19 مشاهدة المشاركة
جزاكم الله كل خير
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

ادام الله الخير بجودك

بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 15:38   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



الرد على من استدل بحديث سبيعة الأسلمية على جواز خروج المرأة سافرة متجملة

السؤال :


هناك من احتج بحديث سبيعة رضي الله عنها المخرج في كتاب البخاري : حدثني عبيدالله أن أباه كتب إلى عمر بن عبدالله يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها

وعما قال لها رسول الله حين استفتته ، فكتب عمر بن عبدالله إلى عبدالله بن عقبة يخبره أن سبيعة أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة ـ وهو في بني عامر بن لؤي

وكان ممن شهد بدراً ـ ، وتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل ، وقال لها : مالي أراك تتجملين ؟

لعلك ترجين النكاح ، إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشرا ، قالت سبيعَة : فلما قال لي ذلك : جمعت علي ثيابي حين أمسيت ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك

فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي ، وأمرني بالتزوج إن بدى لي ... الحديث ، بتحليل كشف الوجة مع المكياج ، أريد شرحاً للحديث ، ورداً على هذا التأويل .


الجواب :

الحمد لله


الحديث الذي أورده السائل الكريم متفق عليه

أخرجه البخاري (3991)

ومسلم (1484)

من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ: يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا ، وَعَنْ مَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ. فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ

إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا ، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ

فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا ، تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ، فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ ، تُرَجِّينَ النِّكَاحَ؟

فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ « فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي ، وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي » .

وفي لفظ عند أحمد في المسند (26715)

وصححه الشيخ الألباني في "التعليقات الحسان" (4283) :

" وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ ، فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا شَابٌّ ، وَالْآخَرُ كَهْلٌ ، فَحَطَّتْ إِلَى الشَّابِّ ، فَقَالَ الْكَهْلُ: لَمْ تَحْلُلْ ، وَكَانَ أَهْلُهَا غَيْبًا ، وَرَجَا إِذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: «قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ ".

ومعنى الحديث إجمالا :

أن سُبيعة بنت الحارث الأسلمية تُوفي عنها زوجها وهي حامل ، فما هي إلا أيام ووضعت حملها ، فرأت أن العدة قد انتهت ، وأرادت أن تتزوج ، فتجملت للخطاب ، واكتحلت ، فخطبها اثنان :

أحدهما أبو السنابل وكان كهلا ، وآخر شاب ، فرغبت في الشاب ، ولم ترغب في أبي السنابل ، فلما علم بذلك أبو السنابل

أفتاها أن عدتها لم تنته بعد ، وأنه لا يحل لها الزواج الآن ، وكان أهلها غائبين ، فرجا أبو السنابل أن يعودوا فيوافقوا على زواجه

فلما سمعت سُبيعة فتوى أبي السنابل لها ، ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستفتيه ، فأخبرها أن عدتها انتهت بوضع حملها ، وأن لها أن تتزوج إن أرادت.

أما ما جاء في السؤال

من أن البعض يستدل بحديث سُبيعة هذا على جواز أن تخرج المرأة إلى الشوارع سافرة الوجه ، واضعة على وجهها المساحيق: فهذا الاستدلال فاسد ولا يصح، وبيان ذلك كما يلي:

أولا : أنه لم يرد قط في أي رواية للقصة أن سُبيعة خرجت إلى الشارع سافرة ، أو أن أبا السنابل رآها في الشارع سافرة ، بل لفظ الرواية :" فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ ".

ثانيا : أنه لم يرد قط في الرواية أنها كشفت وجهها في بيتها أمام أبي السنابل، بل الذي ورد ما يلي:

في رواية البخاري ومسلم " تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ " في رواية عبد الرزاق في المصنف (11723)

:" وَقَدِ اكْتَحَلَتْ وَلَبِسَتْ " في رواية ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3277)

" وَقَدْ تَهَيَّأْتُ لِلنِّكَاحِ وَتَخَضَّبْتُ ". قال ابن حجر في "الفتح" (9/475)

:"وفِي رِوَايَة الْأَسْوَدَ فَتَطَيَّبَتْ وَتَصَنَّعَتْ ". انتهى ، ولم أقف عليها مسندة .

فمما سبق تنحصر الروايات في كونها اكتحلت وتخضبت ولبست ، ومعلوم أنها كانت معتدة ، فرأت أن عدتها قد انقضت بوضعها جنينها ، فقامت فلبست ثوب زينة ، وتكحلت في عينها ، وخضبت كفيها ، فتركت حال المعتدة ، والمحادَّة ، وعادت إلى شأن المرأة ، وما تعتاده من زينة بيتها .

وغاية ما هنالك أن يكون أبو السنابل رآى عينيها مكتحلة وكفيها مخضبة ، وعليها ثوب غير ثياب العدة ، وليس في أي رواية أنه رأى وجهها .

ثالثا : أن أبا السنابل إنما كان من الخطاب الذين أرادوا خطبتها

ويدل على ذلك رواية البخاري (5318)

من طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ ، قَالَ:

أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ ، أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهَا سُبَيْعَةُ ، كَانَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا ، تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ حُبْلَى

فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ ، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَهُ ، فَقَالَ:" وَاللَّهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ تَنْكِحِيهِ حَتَّى تَعْتَدِّي آخِرَ الأَجَلَيْنِ " .

وهنا ذكر أنه خطبها فأبت أن تتزوجه ، وبذلك يتبين أنها عندما اكتحلت وخضبت كفيها ، ولبست ثيابا غير ثياب الإحداد : كان ذلك منها إعلاما للخطاب أنها انتهت عدتها ، وأنها لا مانع يمنعها من الزواج . ومن هؤلاء الذين رغبوا بها فدخل عليها خاطبا أبو السنابل .

ولذا قال ابن العطار في "العدة في شرح العمدة" (3/1337) :

" وفي الحديث أحكام: .

... ومنها: جواز تجمل المرأة للخطاب ، بشرط ألَّا يكون فيه زور في ملبس أو خَلْق ؛ من تفليج سن ، أو وصل شعر ، أو تحمير وجنة ، أو كثرة مال ، أو غير ذلك مما يُرَغِّب في نكاحها عادة ؛ فإنه كذب وغش، والله أعلم ". انتهى .

وقال ابن حجر في "الفتح" (9/475) :

" وفِيهِ جَوَازُ تَجَمُّلِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِمَنْ يَخْطُبُهَا ، لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الَّتِي فِي الْمَغَازِي : فَقَالَ مَالِي أَرَاك تجملت للخطاب . وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ : فَتَهَيَّأَتْ لِلنِّكَاحِ وَاخْتَضَبَتْ .

وَفِي رِوَايَةِ مُعَمِّرٍ عَنِ الزُّهْرِي عِنْدَ أَحْمَدَ : فَلَقِيَهَا أَبُو السَّنَابِلِ وَقد اكتحلت". انتهى .

فإذا ثبت أن أبا السنابل جاء يخطبها ، وأنها تجملت للخطاب ، وهو منهم ، فحتى لو ثبت أنها كشفت وجهها أمامه ، مكتحلة ، وقد خضبت كفيها : فهذا لا مانع من إظهاره للخاطب .

رابعا : مما يؤكد على كون ذلك التجمل كان في بيتها للخطاب :

أنها عندما أرادت الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لسؤاله واستفساره ، تهيأت لحال الخروج من البيت ؛ فجمعت عليها ثيابها وذهبت ليلا

فقد جاء في رواية البخاري :" قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ".

قال ابن حجر في "الفتح" (9/475)

:" وفيه الرجوع في الوقائع إلى الأعلم ، ومباشرة المرأة السؤال عما ينزل بها ولو كان مما يستحي النساء من مثله . لكن خروجها من منزلها ليلا ، يكون أستر لها، كما فعلت سُبيعة ". انتهى

والله أعلم
.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 15:46   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المقصود بالحديث الصحيح الذي ليس عليه العمل

وكيف يكون صحيحا وليس عليه العمل ؟


السؤال :

إذا ثبتت صحة الحديث ، ولم ير فيه علة ، أو نسخ ، أو ماشابه من القوادح في السند ، أو المتن ، فهل يجوز إهماله وعدم العمل به ؟ وقد تخالف بعض المذاهب أحاديث في الصحيحين

فيقولون : حديث ليس عليه عمل ، فما معنى ذلك وما حكمه ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

قد تواترت الأدلة على وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ووجوب تقديم قوله على قول غيره

فقال الله تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) . النساء/65

وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) الحجرات/1 .

والانقياد للسنة واجب محتم ، فلا تعارض السنة الصحيحة بقول أحد كائنا من كان ، قال الزهري : « سَلِّمُوا لِلسُّنَّةَ وَلَا تُعَارِضُوهَا » .

كذا في "الفقيه والمتفقه" (1/385)

للخطيب البغدادي بإسناد صحيح .

وهكذا كان دأب الأئمة جميعا لا يقدمون شيئا على قول النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ يقول سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ ، وَسَأَلَهُ ، رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ ، فَقَالَ: يُرْوَى فِيهَا كَذَا وَكَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَقُولُ بِهِ؟ فَرَأَيْتُ الشَّافِعِيَّ أَرْعَدَ وَانْتَقَصَ

فَقَالَ: « يَا هَذَا ، أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي ، وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي ، إِذَا رَوَيْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَلَمْ أَقُلْ بِهِ؟ نَعَمْ عَلَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ ، نَعَمْ عَلَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ» .

كذا في "الفقيه والمتفقه" للخطيب (1/389) .

ثانيا :

يجب التنبه إلى أنه لا يجوز لأي أحد الهجوم على النص النبوي ثم الاستنباط منه والاحتجاج به دون جمع باقي الأدلة في المسألة محل البحث ، وذلك لأن الوارد المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم منه الصحيح ومنه الضعيف

والصحيح أنواع ، فمنه ما هو محكم لم ينسخ ، ومنه ما هو منسوخ ، ومنه ما هو عام بقي على عمومه

ومنه ما دخله التخصيص ، ومنه العام المخصوص ، ومنه كذلك ما انعقد الإجماع على عدم العمل به ، وهذا ما عناه السائل بالذكر .

فمن الأحاديث الصحيحة ما انعقد الإجماع على ترك العمل بها ، أي اتفق الصحابة أو التابعون على ترك العمل بها ، وما كان كذلك فلا يجوز العمل به إن تحقق الإجماع ، وهذا منهج متفق عليه بين أهل العلم .

فقد نقل القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (1/45)

:" قال مالك: وقد كان رجال من أهل العلم من التابعين يحدثون بالأحاديث ، وتبلغهم عن غيرهم ، فيقولون : ما نجهل هذا ؛ ولكن مضى العمل على غيره ". انتهى .

وقال ابن رجب في رسالته "فضل علم السلف على علم الخلف" (ص83) :

"فأما الأئمة وفقهاء أهل الحديث : فإنهم يتبعون الحديث الصحيح حيث كان ، إذا كان معمولا به عند الصحابة ومن بعدهم ، أو عند طائفة منهم .

فأما ما اتفق على تركه : فلا يجوز العمل به ، لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه لا يعمل به ". انتهى .

أي ما كان للصحابة ومن بعدهم أن يتفقوا على ترك العمل بحديث ما ، إلا عن علم بلغهم .

ولذا فإنه من الخطر العظيم الإقدام على الحديث دون معرفة وجهه ، وخارجه ، وتفقه السلف والماضين من أهل العلم فيه .
والحديث ، الذي لا يكون عليه العمل ، مع صحته سندا : يعد من قبيل الشاذ الغريب المطروح

. قال ابن رجب في "شرح علل الترمذي" (2/624) :

" ومن جملة الغرائب المنكرة : الأحاديث الشاذة المطرحة ، وهي نوعان:

ما هو شاذ الاسناد ، وسيذكر الترمذي فيما بعد بعض أمثلته. وما هو شاذ المتن، كالأحاديث التي صحت الأحاديث بخلافها ، أو أجمعت أئمة العلماء على القول بغيرها ". انتهى

ولذا كان العمل بالحديث قيدا مهما في الأخذ به ، فهذا ابن القاسم سئل

كما في "المدونة الكبرى" (2/117)

في أثناء جوابه عن النكاح بلا ولي :" قُلْتُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ حِينَ زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أَلَيْسَ قَدْ عَقَدَتْ عَائِشَةُ النِّكَاحَ؟

قَالَ: لَا نَعْرِفُ مَا تَفْسِيرُهُ ؛ إلَّا أَنَّا نَظُنُّ أَنَّهَا قَدْ وَكَّلَتْ مَنْ عَقَدَ نِكَاحَهَا .

قُلْتُ: أَلَيْسَ ، وَإِنْ هِيَ وَكَّلَتْ ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَاسِدًا ، وَإِنْ أَجَازَهُ وَالِدُ الْجَارِيَةِ؟

قَالَ: قَدْ جَاءَ هَذَا ، وَهَذَا حَدِيثٌ ؛ لَوْ كَانَ صَحِبَهُ عَمَلٌ ، حَتَّى يَصِلَ ذَلِكَ إلَى مَنْ عَنْهُ حَمَلْنَا وَأَدْرَكْنَا ، وَعَمَّنْ أَدْرَكُوا ؛ لَكَانَ الْأَخْذُ حَقًّا ، وَلَكِنَّهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ ، مِمَّا لَا يَصْحَبُهُ عَمَلٌ ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ

- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الطِّيبِ فِي الْإِحْرَامِ ، وَفِيمَا جَاءَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ) ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ حَدَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَقَطَعَهُ عَلَى الْإِيمَانِ .

وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ أَشْيَاءُ ، ثُمَّ لَمْ يَسْتَنِدْ ، وَلَمْ يَقْوَ ، وَعُمِلَ بِغَيْرِهَا ، وَأَخَذَ عَامَّةُ النَّاسِ وَالصَّحَابَةُ بِغَيْرِهَا ؛ فَبَقِيَ غَيْرَ مُكَذَّبٍ بِهِ ، وَلَا مَعْمُولٍ بِهِ .

وَعُمِلَ بِغَيْرِهِ ، مِمَّا صَحِبَتْهُ الْأَعْمَالُ ، وَأَخَذَ بِهِ تَابِعُو النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَأُخِذَ مِنْ التَّابِعِينَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ ، مِنْ غَيْرِ تَكْذِيبٍ وَلَا رَدٍّ لِمَا جَاءَ وَرُوِيَ .

فَيُتْرَكُ مَا تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ ، وَلَا يُكَذَّبُ بِهِ . وَيُعْمَلُ بِمَا عُمِلَ بِهِ ، وَيُصَدَّقُ بِهِ .

وَالْعَمَلُ الَّذِي ثَبَتَ ، وَصَحِبَتْهُ الْأَعْمَالُ : قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:" لَا تَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِوَلِيٍّ " ، وَقَوْلُ عُمَرَ لَا تَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِوَلِيٍّ ، وَأَنَّ عُمَرَ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ، زَوَّجَهَا غَيْرُ وَلِيٍّ ". انتهى

فتأمل كيف علق الأمر على العمل ، فقال : فيترك ما ترك العمل به ، ولا يكذب به ، ويعمل بما عمل به ، ويصدق به .

وهذا منهج مطرد بين العلماء ، وعلى ذلك أمثلة كثيرة ، منها :

مثال (1) حديث سلمة بن المحبِّق : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في رجل وقع على جارية امرأته : إن كان استكرهها، فهي حرة، وعليه لسيدتها مثلها. وإن طاوعته فهي له، وعليه لسيدتها مثلها".

فهذا الحديث علق عليه الإمام الخطابي في "معالم السنن" (3/331)

قال :" لا أعلم أحداً من الفقهاء يقول به ، وفيه أمور تخالف الأصول ، منها إيجاب المثل في الحيوان ، ومنها استجلاب المُلك بالزنا ، ومنها إسقاط الحد عن البدن، وايجاب العقوبة في المال .

وهذه كلها أمور منكرة لا تخرج على مذهب أحد من الفقهاء ، وخليق أن يكون الحديث منسوخاً إن كان له أصل في الرواية ". انتهى

مثال (2) حديث :" من قتل عبده قتلناه

" : هذا الحديث أورده ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (1/342) ثم قال : " وقد طعن فيه الإمام أحمد وغيره ، وقد أجمعوا على أنَّه لا قصاص بين العبيدِ والأحرار في الأطراف ، وهذا يدلُّ على أنَّ هذا الحديث مطَّرَحٌ لا يُعمل به ". انتهى

مثال (3) حديث عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مُضْطَجِعَةٌ فِي خَمِيصَةٍ ، إِذْ حِضْتُ ، فَانْسَلَلْتُ ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي ، قَالَ: «أَنُفِسْتِ» قُلْتُ: نَعَمْ ، فَدَعَانِي ، فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ ".

فقد علق ابن رجب في "فتح الباري" (2/24)

في أثناء شرحه لهذا الحديث فقال:" وقد اعتمد ابن حزم على هَذا الحديث ، في أن الحائض والنفاس مدتهما واحدة ، وأن أكثر النفاس ، كأكثر الحيض ، وَهوَ قول لَم يسبق إليه ، ولو كانَ هَذا الاستنباط حقاً لما خفي علي أئمة الإسلام كلهم إلى زمنه ". انتهى









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 15:48   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا :

قد يقول قائل ما هو الشيء الذي عارض الحديث فجعله لا يحتج به مع صحته ؟

والجواب : إنه الإجماع الثابت أن الصحابة ومن بعدهم تركوا العمل به ، وهذا إجماع ، وما كان لهم مع سعة علمهم ودينهم وورعهم أن يتركوا العمل بالحديث المعين

إلا لعلة أخرى راجحة ، قد تكون في الحديث نفسه ، أو في غيره ، والأمة لا تجتمع على ضلالة ، ولا يجوز أن تتفق الأمة على ترك الحق ، وهذا هو وجه الاستدلال في هذه القضية .

قال الإمام الشاطبي رحمه الله في "الموافقات" (3/252 ، 280 )

:" كُلُّ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا بِهِ فِي السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِينَ ، دَائِمًا ، أَوْ أَكْثَرِيًّا ، أَوْ لَا يَكُونُ مَعْمُولًا بِهِ إِلَّا قَلِيلًا ، أَوْ فِي وَقْتٍ مَا ، أَوْ لَا يَثْبُتُ بِهِ عَمَلٌ ؛ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ ...

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَثْبُتَ عَنِ الْأَوَّلِينَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ عَلَى حَالٍ ؛ فَهُوَ أَشَدُّ مِمَّا قَبْلَهُ ، وَالْأَدِلَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ جَارِيَةٌ هُنَا بِالْأَوْلَى .
وَمَا تَوَهَّمَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى مَا زَعَمُوا : لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ ؛ إِذْ لَوْ كَانَ دَلِيلًا عَلَيْهِ؛ لَمْ يَعْزُبْ عَنْ فَهْمِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، ثُمَّ يَفْهَمُهُ هَؤُلَاءِ .

فَعَمَلُ الْأَوَّلِينَ - كَيْفَ كَانَ - مُصَادِمٌ لِمُقْتَضَى هَذَا الْمَفْهُومِ ، وَمُعَارِضٌ لَهُ ، وَلَوْ كَانَ تَرْكَ الْعَمَلِ؛ فَمَا عَمِلَ بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ : مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْأَوَّلِينَ ؛ وَكُلُّ مَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ ؛ فَهُوَ مُخْطِئٌ .

وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَة ، فَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ ؛ فَهُوَ السُّنَّةُ وَالْأَمْرُ الْمُعْتَبَرُ ، وَهُوَ الْهُدَى ، وَلَيْسَ ثَمَّ إِلَّا صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ ؛ فَكُلُّ مَنْ خَالَفَ السَّلَفَ الْأَوَّلِينَ فَهُوَ عَلَى خَطَأٍ ، وَهَذَا كافٍ ". انتهى .

وقال الجويني في "البرهان" (2/761)

إن تحققنا بلوغ الخبر طائفة من أئمة الصحابة ، وكان الخبر نصا لا يطرق إليه تأويل ، ثم ألفيناهم يقضون بخلافه ، مع ذكره والعلم به = فلسنا نرى التعلق بالخبر ، إذ لا محمل لترك العمل بالخبر إلا الاستهانة والإضراب

وترك المبالاة ، أو العلم بكونه منسوخا ، وليس بين هذين التقديرين لاحتمال ثالث مجال .

وقد أجمع المسلمون قاطبة على وجوب اعتقاد تبرئتهم عن القسم الأول ؛ فيتعين حمل عملهم، مع الذكر والإحاطة بالخبر، على العلم بورود النسخ .

وليس ما ذكرنا تقديما لأقضيتهم على الخبر ، وإنما هو استمساك بالإجماع على وجوب حمل عملهم على وجه يمكن من الصواب ، فكأنا تعلقنا بالإجماع في معارضة الحديث .

وليس في تطريق إمكان النسخ إلى الخبر : غض من قدره عليه السلام ، وحط من منصبه ، وقد قدمنا في كتاب الإجماع : أن الإجماع في نفسه ليس بحجة ، ولكن إجماع أهله يشعر بصدر ما أجمعوا عليه عن حجة ". انتهى

رابعا :

يجب التنبه إلى أمر مهم ، متعلق بتحقق الإجماع على ترك العمل ، إذ إنه كثيرا ما يُنقل الإجماع على أمر ما ويكون الإجماع منتقدا ، ويثبت أن الحديث معمول به ، وأن غاية الأمر عند من نقل الإجماع ، هو عدم العلم بالمخالف .

وهذا ابن حزم قد صنف كتاب مراتب الإجماع ، وهو من أقوى الكتب في بابه كما هو معلوم ، إلا أنه قد تتبعه شيخ الإسلام ، فوافقه على كثير وعارضه في بعضها .

وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "نقد مراتب الإجماع" (ص302)

:" وقد ذكر رحمه الله تعالى إجماعاتٍ من هذا الجنس في هذا الكتاب ، ولم يكن قصدنا تتبع ما ذكره من الإجماعات التي عُرف انتقاضها ، فإن هذا يزيد على ما ذكرناه. مع أن أكثر ما ذكره من الإجماع هو كما حكاه ، لا نعلم فيه نزاعا

وإنما المقصود : أنه مع كثرة اطلاعه على أقوال العلماء ، وتبرزه في ذلك على غيره ، واشتراطه ما اشترطه في الإجماع الذي يحكيه = يظهر فيما ذكره في الإجماع نزاعات مشهورة

وقد يكون الراجح في بعضها خلاف ما يذكره في الإجماع .

وسبب ذلك: دعوى الإحاطة بما لا يمكن الإحاطة به ، ودعوى أنَّ الإجماع الإحاطي هو الحجة لا غيره .

فهاتان قضيتان لا بد لمن ادعاهما من التناقض ، إذا احتج بالإجماع ". انتهى

خامسا :

فإن قال قائل : فإن لم يكن قد جرى العمل بهذا الحديث فلماذا رواه أهل السنن ؟

وجواب ذلك ما ذكره القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (1/45)

عن ابن الماجشون أحد أكابر علماء المالكية ، فقال :" قال ابن المعذَّل : سمعت إنساناً سأل ابن الماجشون : لمَ رويتم الحديث ثم تركتموه؟ قال: ليُعْلَم أنا على علم تركناه ". انتهى

سادسا :

يتعلق بهذه المسألة خطأ شائع عند بعض طلاب العلم، من العمل بالحديث فور ثبوته عندهم حتى لو لم يقفوا على عمل أحد من أهل العلم به قبلهم ، وهذا غلط .

فهذا الإمام الذهبي ذكر في "سير أعلام النبلاء" (16/405)

في ترجمة الدَّارَكِي عَبْد العَزِيْزِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ قال :" قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ يُتَّهَمُ بِالاِعْتِزَالِ ، وَكَانَ رُبَّمَا يَخْتَارُ فِي الفَتْوَى ، فيُقَال لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَيَقُوْلُ: وَيْحَكمْ! حَدَّثَ فُلاَنٌ عَنْ فُلاَنٍ

عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا وَكَذَا ، وَالأَخْذُ بِالحَدِيْثِ أَوْلَى مِنَ الأَخْذِ بِقَولِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيْفَةَ .

قُلْتُ ( أي الذهبي ) : هَذَا جَيِّدٌ . لَكِنْ بِشَرْطِ :

أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ بِذَلِكَ الحَدِيْثِ إِمَامٌ مِنْ نُظَرَاءِ الإِمَامَيْنِ مِثْلُ مَالِكٍ ، أَوْ سُفْيَانَ ، أَوِ الأَوْزَاعِيِّ

وَبأَنْ يَكُونَ الحَدِيْثُ ثَابِتاً سَالِماً مِنْ عِلَّةٍ .

وَبأَنْ لاَ يَكُونَ حُجَّةُ أَبِي حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيِّ حَدِيْثاً صحيحاً معَارضاً للآخَرِ.

أَمَّا مَنْ أَخَذَ بِحَدِيْثٍ صَحِيْحٍ ، وَقَدْ تنكَّبَهُ سَائِرُ أَئِمَّةِ الاِجتهَادِ : فَلاَ .

كَخَبَرِ:" فَإِنْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ " ، وَكَحَدِيْثِ :" لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ ". انتهى

وختاما :

رحم الله الإمام أحمد بن حنبل عندما قال ناصحا أحد طلابه :" إِيَّاكَ أَنْ تَتَكلّمَ فِي مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لَكَ فِيْهَا إِمَامٌ ".

انظر "سير أعلام النبلاء" (11/296) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 16:05   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حول صحة حديث عن الدجال

السؤال :

اطلعت على حديث طويل فى أحد المواقع الإسلامية ونسب لمسند أبي شيبة ، قال عثمان أبى العاص : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

: ( يكون للمسلمين ثلاثة أمصار : مصر بملتقى البحرين ، ومصر بالجزيرة ، ومصر بالشام ، فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال .....

الحديث هل صح ثبوت هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

وماهو معناه على فرضية عدم صحته ؟

وهل صحت أقوال عن السلف فى ثبوت والدين للدجال غير أحادبث بن صياد ؟

وانتشر فى مواقع التواصل أن الدجال عينة كأنها نخأمة على حائط مخصص ، فهل ثبت هذا الوصف ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

المسيح الدجال من أعظم الفتن التي تكون آخر الزمان ، وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله منها

وقد جاء في السنة الأحاديث الكثيرة الصحيحة في وصفه وصفا دقيقا ، وهناك أحاديث أخرى ضعيفة ومنها الموضوع المكذوب في شأنه أيضا ، ومن أراد الازدياد فليرجع إلى كتاب "قصة المسيح الدجال" للشيخ الألباني رحمه الله فإنه نافع في بابه .

أما الحديث الذي أورده السائل فهو ضعيف

ولم يخرجه ابن أبي شيبة في مسنده

وإنما أخرجه أحمد في "مسنده" (17900)

والطبراني في "المعجم الكبير" (9/60)

وابن أبي شيبة في "مصنفه" (37478)

وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (1/197)

من طريق حماد بن سلمة عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، قَالَ:

أَتَيْنَا عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ لِنَعْرِضَ عَلَيْهِ مُصْحَفًا لَنَا عَلَى مُصْحَفِهِ ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ أَمَرَنَا فَاغْتَسَلْنَا ، ثُمَّ أُتِينَا بِطِيبٍ فَتَطَيَّبْنَا ، ثُمَّ جِئْنَا الْمَسْجِدَ ، فَجَلَسْنَا إِلَى رَجُلٍ ، فَحَدَّثَنَا عَنِ الدَّجَّالِ ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ ، فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَجَلَسْنَا ، فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

( يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةُ أَمْصَارٍ: مِصْرٌ بِمُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ ، وَمِصْرٌ بِالْحِيرَةِ ، وَمِصْرٌ بِالشَّامِ ، فَيَفْزَعُ النَّاسُ ثَلَاثَ فَزَعَاتٍ ، فَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ ، فَيَهْزِمُ مَنْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ .

فَأَوَّلُ مِصْرٍ يَرِدُهُ الْمِصْرُ الَّذِي بِمُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ ، فَيَصِيرُ أَهْلُهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ تَقُولُ: نُشَامُّهُ ، نَنْظُرُ مَا هُوَ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بالْأَعْرَابِ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْمِصْرِ الَّذِي يَلِيهِمْ ، وَمَعَ الدَّجَّالِ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ السِّيجَانُ ، وَأَكْثَرُ تَبَعِهِ الْيَهُودُ وَالنِّسَاءُ .

ثُمَّ يَأْتِي الْمِصْرَ الَّذِي يَلِيهِ فَيَصِيرُ أَهْلُهُ ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ تَقُولُ: نُشَامُّهُ وَنَنْظُرُ مَا هُوَ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بالْأَعْرَابِ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالْمِصْرِ الَّذِي يَلِيهِمْ بِغَرْبِيِّ الشَّامِ .

وَيَنْحَازُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَقَبَةِ أَفِيقٍ ، فَيَبْعَثُونَ سَرْحًا لَهُمْ ، فَيُصَابُ سَرْحُهُمْ ، فَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَتُصِيبُهُمْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ ، وَجَهْدٌ شَدِيدٌ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُحْرِقُ وَتَرَ قَوْسِهِ فَيَأْكُلُهُ ،

فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّحَرِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَتَاكُمُ الْغَوْثُ ، ثَلَاثًا ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ هَذَا لَصَوْتُ رَجُلٍ شَبْعَانَ ، وَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، فَيَقُولُ لَهُ أَمِيرُهُمْ: يا رُوحَ اللهِ ، تَقَدَّمْ صَلِّ ، فَيَقُولُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَرَاءُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَيَتَقَدَّمُ أَمِيرُهُمْ فَيُصَلِّي ، فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ ، أَخَذَ عِيسَى حَرْبَتَهُ

فَيَذْهَبُ نَحْوَ الدَّجَّالِ ، فَإِذَا رَآهُ الدَّجَّالُ ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ ، فَيَضَعُ حَرْبَتَهُ بَيْنَ ثَنْدُوَتِهِ ، فَيَقْتُلُهُ وَيَنْهَزِمُ أَصْحَابُهُ ، فَلَيْسَ يَوْمَئِذٍ شَيْءٌ يُوَارِي مِنْهُمْ أَحَدًا ، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَقُولُ يَا مُؤْمِنُ ، هَذَا كَافِرٌ وَيَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُؤْمِنُ هَذَا كَافِرٌ ". انتهى

وإسناده ضعيف

لأجل علي بن زيد بن جدعان

فقد ضعفه أحمد وابن معين والنسائي

انظر "تهذيب الكمال" (20/437)

وقال ابن سعد في "الطبقات" (7/252)

:" كَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ ، وَفِيهِ ضَعْفٌ ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ "

وقال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" (6/187)

:" ليس بقوي يكتب حديثه ولا يحتج به "

. وقال ابن حبان في "المجروحين" (673) :

" وَكَانَ يهم فِي الْأَخْبَار ويخطئ فِي الْآثَار حَتَّى كثر ذَلِك فِي أخباره وَتبين فِيهَا الْمَنَاكِير الَّتِي يَرْوِيهَا عَن الْمَشَاهِير فَاسْتحقَّ ترك الِاحْتِجَاج بِهِ "

وقال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (428) :

" وهو ضعيف عند المحدثين ".

والحديث ضعفه البوصيري في "إتحاف الخيرة" (8/141)

فقال :" رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَأَبُو يَعْلَى ، وَمَدَارُ أَسَانِيدِهِمْ عَلَى ابْنِ جُدْعَانَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ". انتهى .

وقال الشيخ الألباني في "قصة المسيح الدجال" (ص96)

:" ورجاله ثقات رجال مسلم غير علي بن زيد - وهو ابن جدعان - وهو ضعيف ". انتهى

وقد وردت متابعة له لكنها لا تصح

من طريق أيوب السختياني

أخرجها الحاكم في "المستدرك" (8473)

من طريق سعيد بن هبيرة قال ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ به .

وهذا الطريق ضعفه الذهبي ، كما في "مختصر تلخيص الذهبي" لابن الملقن (111)

فقال :" قلت: فيه سعيد بن هبيرة ، وهو واه ". انتهى .

وسعيد هذا قال فيه ابن حبان في "المجروحين" (406)

:" كَانَ مِمَّن رَحل وَكتب ، وَلَكِن كثيرا مَا يحدث بالموضوعات عَن الثِّقَات : كَأَنَّهُ كَانَ يَضَعهَا ، أَوْ تُوضَع لَهُ فيجيب فِيهَا ، لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال ". انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 16:06   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا :

بعض الجمل التي وردت في الحديث لها شواهد ، في الأحاديث الثابتة .

فمن ذلك ما يلي :

قوله :" وَمَعَ الدَّجَّالِ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ السِّيجَانُ ، وَأَكْثَرُ تَبَعِهِ الْيَهُودُ وَالنِّسَاءُ " .

لها شاهد عند مسلم في صحيحه (2944) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ ، سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ " .

قوله :" وَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ، فَيَقُولُ لَهُ أَمِيرُهُمْ: يا رُوحَ اللهِ ، تَقَدَّمْ صَلِّ ، فَيَقُولُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَرَاءُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَيَتَقَدَّمُ أَمِيرُهُمْ فَيُصَلِّي ".

لها شاهد عند مسلم في صحيحه (156) من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا ، وفيه :" فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا ، فَيَقُولُ: لَا ، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ ".

قوله :" فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ ، أَخَذَ عِيسَى حَرْبَتَهُ ، فَيَذْهَبُ نَحْوَ الدَّجَّالِ ، فَإِذَا رَآهُ الدَّجَّالُ ، ذَابَ ، كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ ".

لها شاهد عند مسلم في صحيحه (2897)

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا ، وفيه :" فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّهُمْ ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ " .
قوله :" وَيَنْهَزِمُ أَصْحَابُهُ ، فَلَيْسَ يَوْمَئِذٍ شَيْءٌ يُوَارِي مِنْهُمْ أَحَدًا ، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَقُولُ يَا مُؤْمِنُ ، هَذَا كَافِرٌ وَيَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُؤْمِنُ هَذَا كَافِرٌ ".

لها شاهد من حديث أخرجه مسلم في صحيحه (2922)

من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:

" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي ، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ، إِلَّا الْغَرْقَدَ ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ".

ثالثا :

وأما على فرض صحة الحديث ، وهو ضعيف كما قدمنا ، فمعناه على النحو التالي :

يكون للمسلمين ثلاثة أمصار ، وهي المدن التي استحدثت ولم تكن من قبل ، فيخرج المسيح الدجال في أعراض الناس ، وفي لفظ " في عراض جيش" ،

قال السندي في "حاشيته على مسند الإمام أحمد" (4/278) :

" أي في نواحيهم لا في خواصهم " .

فيهزم الدجالُ الجيش الذي يقابله من قبل المشرق

ثم يذهب إلى هذه الأمصار

ويكون مع الدجال سبعون ألفا عليهم السيجان وهي الطيلسان الخضر

قال ابن الأثير في "النهاية" (2/432)

:" السّيجان جمع ساجٍ وهو الطَّيْلَسَان الأخَضَرُ . وقيل هو الطيلسان المقوَّر يُنسَج كذلك ، كأنّ القَلانِس كانت تُعْمل منها أو من نوعِها ". انتهى .

وأكثر أتباعه من اليهود والنساء ، فأول مصر يدخله ، هو المصر الذي بملتقى البحرين ، فينقسم أهل ذاك المصر إلى ثلاث فرق : الأولى تقول " نشامه "

قال السندي في "حاشيته" (4/278) :

" بتشديد الميم وضم حرف المضارعة ، أي نختبره وننظر ما عنده ". انتهى .

وفرقة تلحق بالأعراب ، والفرقة الثالثة تنحاز بالمصر الي يليهم .

ثم يأتي المصر الذي يليه ، فينقسم أهله ثلاث فرق ، فرقة تشامه ، أي تختبر ما عنده ، وفرقة تلحق بالأعراب ، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليه غربي الشام .

وينحاز ، أي : يجتمع - كما قال السندي في "حاشيته" (4/278)

- المسلمون إلى عَقبة أَفِيق ، وهو موضع بنواحي الأردن

قال الزبيدي في "تاج العروس" (25/15)

:" بينَ حَورانَ والغَوْرِ ، وهو الأرْدُنُّ ، ومنه عَقَبَةُ أفِيقٍ ". انتهى .

فيبعثون سرحا ، قال السندي في "حاشيته" (4/278)

:" أي : ماشية ".

فتصاب هذه الماشية ، ويأخذهم جوع ، وجهد شديد ، حتى إن أحدهم ليُحرق وتر القوس ليأكله!!

وبينما هم في هذه الشدة والجوع ، إذ سمعوا مناديا في وقت السحر يقول :" أتاكم الغوث " ثلاثا... ؛ فحينئذ ينزل عيسى بن مريم عليه السلام عند صلاة الفجر

فيقدمه الأمير للصلاة فيأبى المسيح عيسى عليه السلام ، ويصلي الأمير بالناس ، ثم يأخذ عيسى عليه السلام حربته ، ويذهب إلى الدجال فإذا رأى الدجالُ المسيحَ عيسى ذاب الدجال كما يذوب الملح

فيقتل المسيحُ عيسى عليه السلام الدجالَ بحربته حتى تقع في ثندوته وهي لحم الثدي .

قال ابن منظور في "لسان العرب" (3/106)

:" الثُّنْدُوَةُ لحم الثَّدْي ، وقيل : أَصله . وقال ابن السكيت هي الثَّنْدُوَة، للحم الذي حول الثَّدْي ". انتهى ، وينهزم أصحاب الدجال من اليهود ، وينطق الحجر والشجر فيقول :" يا مؤمن هذا كافر ".









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 16:07   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعا :

وأما سؤال السائل الكريم عن والدَي الدجال غير ما جاء في أحاديث ابن صياد ، فلم نقف على شيء مسند ، أو قول لبعض السلف في والدي الدجال ، إلا ما ورد في شأن ابن صياد .

وقد سبق بيان الخلاف في "ابن صياد" ، وهل هو الدجال أم لا ؟ في جواب السؤال القادم

خامسا :

وأما ما جاء في السؤال عن عين الدجال أنها كنخأمة على حائط مخصص :

فقد ورد في ذلك حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، رُوي عنه من طريقين ، كلاهما ضعيف ، واللفظ الوارد في الطريق الأول :" كَأَنَّهَا نُخَامَةٌ فِي حَائِطٍ مُجَصَّصٍ "

واللفظ الوارد في الطريق الثاني :" كَأَنَّهَا نُخَاعَةٌ فِي جَنْبِ حَائِطٍ ".

أما الطريق الأول فأخرجه أحمد في "مسنده" (11752)

والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (938)، من طريق مجالد بن سعيد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ

:" إِنِّي خَاتَمُ أَلْفِ نَبِيٍّ ، وَأَكْثَرُ مَا بُعِثَ نَبِيٌّ يُتَّبَعُ ، إِلَّا قَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ ، وَإِنِّي قَدْ بُيِّنَ لِي مِنْ أَمْرِهِ مَا لَمْ يُبَيَّنْ لِأَحَدٍ ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، وَعَيْنُهُ الْيُمْنَى عَوْرَاءُ جَاحِظَةٌ ، وَلَا تَخْفَى كَأَنَّهَا نُخَامَةٌ فِي حَائِطٍ مُجَصَّصٍ

وَعَيْنُهُ الْيُسْرَى كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ، مَعَهُ مِنْ كُلِّ لِسَانٍ ، وَمَعَهُ صُورَةُ الْجَنَّةِ خَضْرَاءُ ، يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ ، وَصُورَةُ النَّارِ سَوْدَاءُ تَدَّاخَنُ ".

والحديث ضعيف لأجل مجالد بن سعيد

فقد ضعفه يحيى بن سعيد القطان

كما في "الضعفاء الصغير" للبخاري (368)

والنسائي كما في "الضعفاء والمتروكون" (552)

وابن سعد في "الطبقات" (6/349)

وقال الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين" (531)

:" ليس بقوي"

وقال أحمد :"

ليس بشيء يرفع حديثا كثيرا لا يرفعه الناس ، وقد احتمله الناس "

وقال ابن معين

:" لا يحتج بحديثه "

قال مرة :"

مجالد ضعيف واهي الحديث "

وقال أبو حاتم :

" لا يحتج بحديثه ، ليس مجالد بقوى الحديث "

. انظر هذه الأقوال في "الجرح والتعديل" (8/361)

وقال ابن حبان في "المجروحين" (3/10) :

" وَكَانَ رَدِيء الْحِفْظ يقلب الْأَسَانِيد وَيرْفَع الْمَرَاسِيل لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ ". انتهى .

وأما الطريق الثاني فأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1074)

وعبد بن حميد كما في "المنتخب من مسنده" (895)

والحاكم في "المستدرك" (8621)

وأحمد بن منيع في مسنده كما في "المطالب العالية" (4648)

جميعا من طرق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بنحوه .

وإسناده ضعيف جدا أيضا لأجل عطية العوفي ،

قال الذهبي في "ديوان الضعفاء" (2843)

:" مجمع على ضعفه ".

والحديث ضعفه البوصيري من الطريقين فقال في "إتحاف الخيرة" (8/136)

:" وَمَدَارُ طُرِقِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هَذَا عَلَى عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مُخْتَصَرًا جِدًّا بِسَنَدٍ فِيهِ مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ". انتهى .

وقال الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" (13/33)

بعد ذكره رواية أبي سعيد هذه قال :" وفي سياق هذا بعض مخالفة ، وما في الصحيح أصح ". انتهى

والذي ورد في الطرق الصحيحة في صفة عينه أنها كعنبة طافية .

وهذا أخرجه البخاري (3439)

ومسلم (169)

أن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، أَلاَ إِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ ".

وفي صحيح مسلم (2933)

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ (كَافِرٌ) ، ثُمَّ تَهَجَّاهَا ك ف ر ؛ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ " .

وفي صحيح مسلم أيضا (2943)

أن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :" وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ ".

وتفسير ذلك كما قال القاضي عياض في "إكمال المعلم" (1/521)

قال :" وقوله: " كأنَّ عينَهُ عنبة طافية "

قال الإمام: قال الأخفش: طافيةٌ بغير همز، أي ممتلئة ، قد طفَّت وبرزت

قال غيره: " وطافئةٌ " بالهمز، أي قد ذهب ضوؤها وتقبَّضت.

قال القاضي: روايتنا في هذا الحرف عن أكثر شيوخنا بغير همز ، وتفسيرها بما تقدَّم ، وهو الذى صحَّحه أكثرهم ، وأنها ناتئةٌ كنتوء حبَّة العنب من بين صواحبها .

ووقع عند بعض شيوخنا مهموزاً

وأنكره بعضهم

ولا وجه لإنكاره

وقد وصف في الحديث أنه ممسوخ العين وأنها ليست حجراءَ ولا ناتئة

وأنها مطموسة

وهذه صفة حبة العنب إذا طفئت وسال ماؤها ، وبهذا فسَّر الحرف عيسى بن دينار ، وهذا يُصحِّحُ رواية الهمز .

وعلى ما جاء في الأحاديث الأخَر: " جاحظ العين ، وكأنها كوكب "،

وفى رواية: " عوراء نحفاء، ولها حدقةٌ جاحظةٌ ، كأنها نُخاعةٌ في حائط مجصَّصٍ " تصح رواية غير الهمز .

لكن يجمع بين الأحاديث ، وتصح الروايتان جميعاً ، بأن تكون المطموسَة والممسوحة والتي ليست بحجراء ولا ناتئة : هي العوراء الطافئة بالهمز ، والعين اليُمنى على ما جاء هنا .

وتكون الجاحظة ، والتي كأنها كوكبٌ ، وكأنها نخاعة : هي الطافية بغير همز؛ العين الأخرى ، فتجتمع الروايات والأحاديث ولا تختلف .

وعلى هذا تجتمع رواية أعور العين اليمنى مع أعور العين اليسرى ، إذ كل واحدة منهما بالحقيقة عوراء ، إذ الأعور من كل شيء المعيب ، ولا سيما بما يختص بالعين، وكلا عيني الدجال معيبة عوراء

فالممسوحة والمطموسة والطافئة ، بالهمز : عوراء حقيقة . والجاحظة التي كأنها كوكب ، وهى الطافية - بغير همز - معيبة : عوراء لعيبها ، فكل واحدة منهما عوراء ، إحداهما بذهابها ، والأخرى بعيبها ". انتهى .

وقال ابن حجر في "الفتح" (13/98) :

" وَالَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَخْبَارِ : أَنَّ الصَّوَابَ فِي (طَافِيَةٍ) : أَنَّهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ ؛ فَإِنَّهَا قُيِّدَتْ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ بِأَنَّهَا الْيُمْنَى . وَصَرَّحَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَسَمُرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ : بِأَنَّ عَيْنَهُ الْيُسْرَى مَمْسُوحَةٌ ، وَالطَّافِيَةُ هِيَ الْبَارِزَةُ ، وَهِيَ غَيْرُ الْمَمْسُوحَةِ ". انتهى .

وختاما : نسأل الله تعالى أن يعصمنا والمسلمين من فتنة المسيح الدجال ، آمين .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 16:11   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من هو ابن صياد ؟

وهل هو المسيح الدجال ؟


السؤال :

قرأت في بعض الأحاديث كلاما عن شخصية عجيبة ظهرت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم واسمه ابن صياد أو ابن صائد فمن هو هذا الرجل وما حقيقته ؟.


الجواب :

الحمد لله

ابن صياد اسمه : صافي ، وقيل عبد الله بن صياد أو صائد .

كان من يهود المدينة ، وقيل من الأنصار ، وكان صغيراً عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة . وقيل إنه أسلم .

وكان ابن صياد دجّالاً ، وكان يتكهن أحياناً فيصدق ويكذب ، فانتشر خبره بين الناس ، وشاع أنه الدجال . فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطّلع على أمره ويتبين حاله ،

فكان يذهب إليه مختفياً حتى لا يشعر به رجاء أن يسمع منه شيئاً ، وكان يوجه إليه بعض الأسئلة التي تكشف عن حقيقته . وقد عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثمّ فُقِدَ ابن صياد يوم الحرّة .

قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن صياد

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ

لابْنِ صَيَّادٍ تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَرَفَضَهُ وَقَالَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ فَقَالَ لَهُ مَاذَا تَرَى قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ ثُمَّ

قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ فَقَالَ اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ وَقَالَ سَالِمٌ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ فَرَآهُ

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ يَعْنِي فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ أَوْ زَمْرَةٌ فَرَأَتْ أمُّ ابْنِ صَيّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ فَقَالَتْ لابْنِ صَيَّادٍ يَا صَافِ وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ هَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ . رواه البخاري 1355

قَوْله : " أُطُم " بِضَمَّتَيْنِ بِنَاء كَالْحِصْنِ .

وَ " مَغَالَة " بَطْن مِنْ الأَنْصَار ,

وَقَوْله " فَرَفَضَهُ " أَيْ تَرَكَهُ ,

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُرِيد أَنْ يَسْتَغْفِلهُ لِيَسْمَع كَلامه وَهُوَ لا يَشْعُر .

قَوْله : ( لَهُ فِيهَا رُمْزَة أَوْ زُمْرَة ) وفي رواية زَمْزَمَة

بِمَعْنَى الصَّوْت الْخَفِيّ , أو تَحْرِيك الشَّفَتَيْنِ بِالْكَلامِ ، أو الكلام الغامض .

يُنظر فتح الباري شرح الحديث المتقدّم في كتاب الجنائز من صحيح البخاري

*هل ابن صياد هو الدجال الأكبر ؟

في الحديث السابق - الذي فيه بعض أحوال ابن صياد وامتحان النبي صلى الله عليه وسلم له - ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متوقفاً في أمر ابن صياد ، لأنه لم يُوحَ إليه أنه الدجّال ولا غيره .

وكان كثير من الصحابة يظنون أن ابن صياد هو الدجال . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يحلف أنه الدجال بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وحضرة الصحابة ، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . ففي الحديث عن محمد بن المنكدر قال : "

رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ . قُلْتُ : تَحْلِفُ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

رواه البخاري برقم 6808 .

وقد حصلت لابن عمر قصّة عجيبة مع ابن صائد وردت في صحيح الإمام مسلم عن نَافِعٍ قَالَ لَقِيَ ابْنُ عُمَرَ ابْنَ صَائِدٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ قَوْلا أَغْضَبَهُ فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلأَ السِّكَّةَ فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا فَقَالَتْ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ مَا أَرَدْتَ مِنْ ابْنِ صَائِدٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا .

صحيح مسلم 2932

وبالرغم من ذلك فقد كان ابن صياد لما كبر يحاول الدّفاع عن نفسه ويُنكر أنه الدّجال ويُظهر تضايقه من هذه التهمة ، ويحتج على ذلك بأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من صفات الدجال لا تنطبق عليه .

ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال

: " خَرَجْنَا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا وَمَعَنَا ابْنُ صَائِدٍ ، قَالَ : فَنَزَلْنَا مَنْزِلا فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ ، فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ عَلَيْهِ ، قَالَ : وَجَاءَ بِمَتَاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِي . فَقُلْتُ : إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ ؛ فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ . قَالَ : فَفَعَلَ . قَالَ : فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ - قدح كبير

فَقَالَ : اشْرَبْ أَبَا سَعِيدٍ ، فَقُلْتُ : إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَاللَّبَنُ حَارٌّ - مَا بِي إِلا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ أَوْ قَالَ آخُذَ عَنْ يَدِهِ - فَقَالَ : أَبَا سَعِيدٍ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلًا فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ مِمَّا يَقُولُ لِي النَّاسُ ، يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَفِيَ

عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَسْتَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ كَافِرٌ وَأَنَا مُسْلِمٌ ؟

أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَقِيمٌ لا يُولَدُ لَهُ وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِي بِالْمَدِينَةِ ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلا مَكَّةَ وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ ؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَعْذِرَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَأَيْنَ هُوَ الآنَ

. قَالَ : قُلْتُ لَهُ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ " رواه مسلم برقم 5211 . وقال ابن صياد في رواية : " أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ الآنَ حَيْثُ هُوَ وَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ . وَقِيلَ لَهُ : أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ ذَاكَ الرَّجُلُ ؟ فَقَالَ : لَوْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا كَرِهْتُ " رواه مسلم برقم 5210 .

وقد التبس على العلماء ما جاء في ابن صياد ، وأشكل عليهم أمره ، فمن قائل أنه الدجال ، ومنهم من يقول أنه ليس الدجال . ومع كل فريق دليله ، فتضاربت أقوالهم كثيراً

وقد اجتهد ابن حجر في التوفيق بين هذه الأقوال ، فقال : " أقرب ما يجمع به بين ما تضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدجال : أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثوقاً ،

وأن ابن صياد هو شيطان تبدّى في صورة الدجال في تلك المدة ، إلى أن توجه إلى أصبهان فاستتر مع قرينه ، إلى أن تجيء المدة التي قدّر الله تعالى خروجه فيها

فتح الباري ( 13 / 328 ) .

وقيل إنّ ابن صياد هو دجّال من الدّجاجلة وليس هو الدّجال الأكبر . والله تعالى أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 16:17   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حول صحة حديث
" من حفظ البقرة وآل عمران فشيخوه"


السؤال :

ما صحة الحديث المنسوب لرسول الله صلي الله عليه وسلم

: ( من حفظ البقره وآل عمران فشيخوه ) ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

ثبت في فضل سورتي البقرة وآل عمران طائفة من الأحاديث ،

منها ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (804)

من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ: ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا ، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ) .

ثانيا :

أما الحديث الذي ذكره السائل وفيه

:" من حفظ البقرة وآل عمران فشيخوه "

فهذا الحديث لا أصل له

ولا يروى بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم

لا بإسناد صحيح ولا بإسناد ضعيف .

وقريب منه حديث يروى بلفظ :

" مَنْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، وَلَمْ يُدْعَ بِالشَّيْخِ : فَقَدْ ظُلِمَ ".

قال فيه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (1161)

:" لا أصل له ".

ثالثا :

ورد في توقير وتقديم من حفظ وعلم البقرة وآل عمران على غيره عدة أحاديث ، منها ما هو صحيح ، ومنها ما هو ضعيف .

فمن الصحيح ما رواه أحمد في "المسند" 12215)

وابن حبان في "صحيحه" (744)

من حديث أنس رضي الله عنه قال : ( وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، جَدَّ فِينَا ) .

وفي لفظ ابن حبان (744)

" عُدَّ فِينَا ذَا شَأْنٍ " . والحديث صحيح على شرط الشيخين .

وينظر التعليق على "المسند" ط الرسالة (19/248) .

ومنه ما أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (5/308)

من حديث عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ، قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا أَصْغَرُ السِّتَّةِ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَيْهِ مِنْ ثَقِيفٍ ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ قَرَأْتُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ

وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (6/1000) .

ومن الضعيف ما أخرجه الترمذي في "سننه" (2876)

وابن خزيمة في "صحيحه" (1509)

من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ:

" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا وَهُمْ ذُو عَدَدٍ، فَاسْتَقْرَأَهُمْ ، فَاسْتَقْرَأَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا مَعَهُ مِنَ القُرْآنِ ، فَأَتَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا ، فَقَالَ: مَا مَعَكَ يَا فُلاَنُ؟ قَالَ: مَعِي كَذَا وَكَذَا وَسُورَةُ البَقَرَةِ قَالَ: أَمَعَكَ سُورَةُ البَقَرَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: فَاذْهَبْ فَأَنْتَ أَمِيرُهُمْ ".

والحديث ضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (864) .

رابعا :

وأما كلمة شيخ فلها إطلاقان : الأول : من شاخ في العمر ، والثاني : من استحق أن يتتلمذ عليه الطلاب ويأخذوا عنه ، قال الحافظ بدر الدين العيني في تقريظه على كتاب "الرد الوافر" لابن ناصر الدين والمطبوع معه (ص247) :"

وقد علم أن لفظة الشيخ لها معنيان : لغوي واصطلاحي: فمعناه اللغوي: الشيخ من استبان فيه الكبر ، ومعناه الاصطلاحي: الشيخ : من يصلح أن يتتلمذ عليه " . اهـ

وعلى كلٍ ؛ فإن من إجلال الله تبارك وتعالى توقير صاحب القرآن

كما جاء في الحديث الذي يرويه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إن من إجلالِ الله إكرامَ ذي الشيبَةِ المسلمِ ، وحاملِ القُرآنِ غيرِ الغالي فيه والجافي عنه ، وإكرَامَ ذي السُّلطَانِ المُقْسِطِ" .

والحديث حسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (98) .

جعلنا الله من أهل القرآن الكريم ، العاملين به على الوجه الذي يرضيه عنا ، بمنه وكرمه .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 16:25   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حول صحة تفسير منسوب إلى عبد الله بن عباس في قوله تعالى " وإذا النجوم انكدرت" .

السؤال :

أود أن أعلم ما مدى صحة هذا الحديث المنسوب لحبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله ابن عباس رضي الله عنه ، فقد وجدت هذا الحديث في تفسير القرطبي للآية الكريمة رقم 2 من سورة التكوير (وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ) حيث يقول في التفسير:

روى أبو صالح عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( لا يبقى في السماء يومئذ نجم إلا سقط في الأرض ، حتى يفزع أهل الأرض السابعة مما لقيت وأصاب العليا )

يعني الأرض ، وروى الضحاك عن ابن عباس قال: تساقطت ، وذلك أنها قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور، وتلك السلاسل بأيدي ملائكة من نور، فإذا جاءت النفخة الأولى مات من في الأرض ومن في السماوات ، فتناثرت تلك الكواكب ،

وتساقطت السلاسل من أيدي الملائكة ؛ لأنه مات من كان يمسكها، ويحتمل أن يكون انكدارها طمس آثارها ، وسميت النجوم نجوما لظهورها في السماء بضوئها، وعن ابن عباس أيضا: انكدرت تغيرت فلم يبق لها ضوء لزوالها عن أماكنها ، والمعنى متقارب. وإنني لأعتقد أن هذا الحديث صحيح ؛ لأن البغوي رحمه الله قد فسر هذه الآية الكريمة بما يناسب هذا الحديث حيث قال: (وإذا النجوم انكدرت) ، أي تناثرت من السماء وتساقطت على الأرض ، يقال: انكدر الطائر أي سقط عن عشه

قال الكلبي وعطاء: تمطر السماء يومئذ نجوماً فلا يبقى نجم إلا وقع. وأيضاً من المعروف عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أنه كان يسأل 30 صحابي بالمسألة سير أعلام النبلاء (3/344) والصحابة عموماً معروف عنهم أنهم ثقة عدول تقبل رواية الواحد منهم ، مصطلح الحديث، ص33

قال : إن الصحابة كلهم رضي الله عنهم ثقات عدول تقبل رواية الواحد منهم وإن كان مجهولاً . والله أعلم .


الجواب :

الحمد لله

أولا :

القول المنسوب إلى عبد الله بن عباس رضي الله

في تفسير قوله تعالى : ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) التكوير/2

والذي أورده السائل الكريم

بهذا السياق : لم نقف له على إسناد لابن عباس

وإنما أورده القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (19/228)

والنعماني في "اللباب" (20/176

وغيرهما من المتأخرين من المفسرين .

وجميع من ذكره : لم يذكر إسنادا لهذا التفسير المنقول عن ابن عباس رضي الله عنه .

وقد عزاه غير واحد إلى الكلبي وعطا

كما عند الواحدي في "التفسير الوسيط" (4/428)

قال:" قال الكلبي ، وعطاء: تمطر السماء يومئذ نجومًا ، فلا يبقى نجم في السماء إلا وقع على الأرض ، وذلك أنها في قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من النور ، وتلك السلاسل بأيدي ملائكة

فإذا مات من في السموات ومن في الأرض ، تساقطت تلك السلاسل من أيدي الملائكة ، لأنه مات من كان يمسكها ". انتهى .

ولم يذكر له إسنادا أيضا .

ثم إن القرطبي إنما نقله عن ابن عباس ،

من طريقين كلاهما مرسل .

وبيان ذلك كما يلي :

الأول : طريق أبي صالح عن ابن عباس

وهو مرسل .

قال ابن حبان في "المجروحين" (2/255) :

" أبو صالح لم ير ابن عباس ولا سمع منه شيئا ". انتهى .

وقال ابن عدي في "الكامل" (2/258)

:" وَبَاذَامُ هَذَا عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ تَفَاسِيرُ

وَمَا أَقَلَّ مَا لَهُ مِنَ الْمُسْنَدِ .

وَهو يَرْوِي عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ .

وروى عنه ابْنُ أَبِي خَالِدٍ

عَن أَبِي صالح هذا

تفسيرا كثيرًا، قدر جزء ؛ وفي ذَلِكَ التَّفْسِيرِ مَا لَمْ يُتَابِعْهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أحدًا من المتقدمين رضيه ". انتهى .

الثاني : طريق الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس

وهو مرسل أيضا حيث لم يسمع الضحاك من ابن عباس شيئا

كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (152) .

ثانيا :

وأما المنقول عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية فقد جاء من وجهين :

الأول : ما أخرجه الطبري في تفسيره (24/133)

من طريق علي بن أبي طلحة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

{وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [التكوير: 2] يَقُولُ:" تَغَيَّرَتْ " .

وهذا الطريق ، وإن كان فيه انقطاع

حيث لم يسمع علي بن أبي طلحة من ابن عباس

كما في المراسيل لابن أبي حاتم (508) وغيره

إلا أن بعض أهل العلم يرى أن الواسطة بين علي بن أبي طلحة وابن عباس هو مجاهد وسعيد بن جبير ، ولذا يقبلون روايته ما لم يكن فيها نكارة أو مخالفة

قال ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" (1/207)

:" وعلي صدوق لم يلق ابن عباس لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة ". انتهى .

الثاني : من طريق مُحَمَّد بن مَرْوَان عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قال :" تساقطت على وَجه الأَرْض ".

وهذا أورده الفيروزأبادي في "تنوير المقباس من تفسير ابن عباس " (ص502)

. ومعلوم أنه جمعه كله من هذا الطريق

وهو طريق تالف لا يصح

فيه محمد بن مروان السدي كذاب

قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (8154)

:" تركوه واتهمه بعضهم بالكذب ". انتهى .

وكذلك الكلبي كذاب أيضا ، وتفسيره باطل

حيث قال الثوري : قَالَ لي الْكَلْبِيّ : مَا سمعته مني عَن أبي صَالح عَن ابن عَبَّاس فَهُوَ كذب

وقال أَحْمد بن هَارُون سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل عَن تَفْسِير الْكَلْبِيّ فَقَالَ : كذب . قلت : يحل النّظر فِيهِ ؟

قَالَ : لَا " .

كذا في "المجروحين" لابن حبان (2/254).

ثالثا :

وأما تفسير الآية في قوله تعالى : ( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) بأن معناها : تساقطت ، فهذا قول كثير من المفسرين كمجاهد ، وقتادة ، والربيع بن خثيم .

رواه عنهم الطبري في تفسيره (24/133) .

وهو قول الطبري في تفسيره (24/132)

وابن جزي في تفسيره (2/455) .

ولكن ذلك لا يدل على صحة الرواية المذكورة عن ابن عباس ، بطولها ، وتفاصيلها ؛ فإن شأن اللفظة المفردة ، التي يدرك تفسيرها من لغة العرب وكلامهم ، يختلف عن تفاصيل الأمور الغيبية ، وما يتعلق بها ، فهذه لا بد لمعرفتها من خبر ثابت ، تقوم به الحجة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 16:32   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حول قصة إسلام الصحابي الذي دخل الجنة ولم يسجد لله سجدة وهو عمرو بن أقيش

السؤال :


أرجو منكم توضيح قصة الصحابي عمير بن وقش الذي دخل الجنة

ولم يسجد لله سجدة واحدة.


الجواب :

الحمد لله

هذا الصحابي هو عمرو بن ثابت بن وقيش ، ويقال: أقيش ، بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري ، وقد ينسب إلى جده فيقال عمرو بن أقيش. وأمّه بنت اليمان أخت حذيفة. وكان يلقب أصيرم ، واستُشهد بأحد.هكذا سماه ابن حجر

في "الإصابة" (5801) .

وكان قبل إسلامه : يمنعه من الإسلام أن له مالا من الربا، يخشى إن أسلم أن يضيع عليه ، وكره أن يسلم حتى يأخذه ، فلما كانت غزوة أحد

قذف الله في قلبه الإسلام ، وجاء يسأل عن بني عمه ، وعن أناس من قومه ، فقيل له : إنهم خرجوا لقتال المشركين بأُحد ، فخرج للجهاد ، فرآه بعض المسلمين ، فقالوا له : إليك عنا ،

فقال : إني آمنت ، ثم قاتل حتى أثبتته جراحه ، وأشرف على الموت ، فحملوه إلى قومه بني عبد الأشهل ، فسألوه عن سبب مجيئه أهو حمية لقومه ، أم غضب لله ورسوله ؟ فقال : بل غضب لله ورسوله

ثم مات شهيدا ، ولم يصل لله صلاة واحدة ، ثم ذكروا أمره للنبي صلى الله عليه وسلم فشهد له بالجنة قائلا : إنه لمن أهل الجنة .

وقد ورد في قصة إسلامه واستشهاده حديثان :

الأول : أخرجه أبو داود في "سننه" (2537)

والطبراني في "المعجم الكبير" (17/39)

وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4965)

والحاكم في "المستدرك" (2533)

والبيهقي في "السنن الكبرى" (18543)

من طريق مُوسى بن إسماعيلَ

قال حدَّثنا حمادٌ بن سلمة

قال أخبرنا محمدُ بن عَمرِو، عن أبي سَلَمةَ عن أبي هريرة:

( أن عَمرو بن أقَيْشٍ كان له رِباً في الجاهليةِ ، فكَره أن يُسلِمَ حتى يأخذَه ، فجاء يومَ أُحدٍ ، فقال: أين بنو عمّي؟ قالوا: بأُحدٍ ، قال: أين فلان؟ قالوا: بأُحدِ ، قال: فأين فلان؟ قالوا: بأُحدِ ، فلبس لأمَتَه

وركبَ فرسَه ، ثم توجّه قِبَلَهم ، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عَمرو ، قال: إني قد آمنتُ ، فقاتَلَ حتى جُرِحَ ، فحُمل إلى أهله جَريحاً ، فجاءه سعدُ بن مُعاذٍ فقال لأخته: سَليه: حَميَّةَ لقومك

أَو غضباً لهم ، أم غضباً لله؟ فقال: بل غضباً لله ولِرسوله ، فماتَ ، فدخل الجنَة ، وما صلّى لله صلاةً ) .

وإسناده حسن

لأجل كلام يسير في محمد بن عمرو بن علقمة

وحديثه من رتبة الحديث الحسن

وقد حسنه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/501)

وكذا حسنه الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (2288) .

الحديث الثاني :

أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (23634)

وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4964)

من طريق ابْنِ إِسْحَاقَ

قال حَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ

عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ:

( كَانَ يَقُولُ: حَدِّثُونِي عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَمْ يُصَلِّ قَطُّ فَإِذَا لَمْ يَعْرِفْهُ النَّاسُ سَأَلُوهُ: مَنْ هُوَ؟ فَيَقُولُ: أُصَيْرِمُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ عَمْرُو بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ ، قَالَ الْحُصَيْنُ: فَقُلْتُ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: كَيْفَ كَانَ شَأْنُ الْأُصَيْرِمِ؟

قَالَ: كَانَ يَأْبَى الْإِسْلَامَ عَلَى قَوْمِهِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ : بَدَا لَهُ الْإِسْلَامُ ، فَأَسْلَمَ . فَأَخَذَ سَيْفَهُ ، فَغَدَا حَتَّى أَتَى الْقَوْمَ ، فَدَخَلَ فِي عُرْضِ النَّاسِ ، فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ .

قَالَ: فَبَيْنَمَا رِجَالُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَلْتَمِسُونَ قَتْلَاهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ إِذَا هُمْ بِهِ ، فَقَالُوا: وَاللهِ إِنَّ هَذَا لَلْأُصَيْرِمُ ، وَمَا جَاءَ؟ لَقَدْ تَرَكْنَاهُ وَإِنَّهُ لَمُنْكِرٌ لِهَذَا الْحَدِيثَ ، فَسَأَلُوهُ مَا جَاءَ بِهِ؟ قَالُوا: مَا جَاءَ بِكَ يَا عَمْرُو

أَحَدَبًا عَلَى قَوْمِكَ ، أَوْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: بَلْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ ، آمَنْتُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، وَأَسْلَمْتُ ، ثُمَّ أَخَذْتُ سَيْفِي ، فَغَدَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ فَقَاتَلْتُ حَتَّى أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي ، قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فِي أَيْدِيهِمْ !!

فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: " إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) .

وإسناده حسن أيضا

وصحح إسناده ابن حجر في "فتح الباري" (6/25)

وحسنه في "الإصابة" (4/501) ،

وهو أولى لأجل ابن إسحاق فحديثه في رتبة الحسن

وأما الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو فقد قال فيه أبو داود :" حسن الحديث " .

كذا في "تهذيب التهذيب" لابن حجر (2/381) ،

ووثقه الذهبي كما في "الكاشف" (1123)

وأبو سفيان مولى ابن أبي أحمد

وثقه ابن حجر في "تقريب التهذيب" (8136) .

وقد جمع الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/501)

بين الحديثين فقال :" ويجمع بينه وبين الّذي قبله بأنّ الذين قالوا أوّلا : (إليك عنّا) ، قوم من المسلمين ، من غير قومه بني عبد الأشهل، وبأنهم لما وجدوه في المعركة ،

حملوه إلى بعض أهله. وقد تعيّن في الرواية الثانية من سأله عن سبب قتاله ". اهـ

فرضي الله عنه وأرضاه ، وعن جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-11, 16:41   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

في حكم زواج الزاني المجلود التائب من عفيفة ؟

السؤال :

لي صديق قد زنا ـ والعياذ بالله ـ وهو غير محصن ، وأخبرني أنه تاب الى الله ، وأنه كفر عن ذنبه بأن جلد نفسه 100 جلدة ، وقام بالطلب مني بالبحث عن الموضوع ، والسؤال له ، حيث أنه يريد ستر نفسه ، والزواج ، وعند البحث وجدت أن الاجماع على أن الزاني التائب يسقط عنه صفة الزنا

وله أن يتزوج من عفيفة شريفة لم يسبق لها الزنا ـ والعياذ بالله ـ ولكن توقفت بعد أن قرأت الحديث التالي : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم

: ( ألا لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله ) ، وتذكرت أنه قام بجلد نفسه ، فهل هذا الحديث يعني أنه لو تاب من الزنا ، وبما أنه أصبح مجلوداً لا يحق له الزواج إلا بمثله ؟ حيث إنني قرأت أيضا أن سيدنا علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ رفض زواج رجل مجلود من امرأة عفيفة ، وقال له : اذهب وتزوج مجلودة مثلك

كما إنني أعلم أن إقامة الحد تكفر الذنب ، والتوبة تلغي الذنب ، وهل جلده لنفسه تعتبر إقامة للحد ؟

وهل توبته بعد أن جلد نفسه تبيح له أن يستر على نفسه ، وأن يتزوج من شريفة وعفيفة لم يسبق لها الزنا ؟

أفتونا ، فالرجل يمر بحالة نفسية وعصبية متعبة ، ويخاف أن يتزوج من عفيفة ويغضب الله ، ويظلمها ، ويكون زواجه بها غير جائز ، ويعتبر زنا عافانا وعافاكم الله .


الجواب :


الحمد لله

فنسأل الله لنا ولكم وجميع المسلمين العافية مما يغضب الله تعالى ، وأن يتقبل توبة أخينا ، وأن يغفر له ما فعل ، اللهم آمين

وبداية :

فإن التوبة من الذنب لا يشترط لها إقامة الحد ، بل الأولى لمن وقع في مثل ذلك أن يستر على نفسه ، وأن يتوب بينه وبين الله تعالى ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :" أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ

مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللَّهِ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ ".

أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (91)

والحاكم في المستدرك (7615)

والحديث حسنه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (663) .

قال ابن عبد البر في الاستذكار (7/497) :

" وَفِيهِ كَرَاهَةُ الِاعْتِرَافِ بالزنى ، وَحُبُّ السَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَالْفَزَعُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّوْبَةِ ". اهـ .

وقال أيضا في "التمهيد" (5/337)

:" فَإِذَا كَانَ الْمَرْءُ يُؤْجَرُ فِي السَّتْرِ عَلَى غَيْرِهِ ، فَسَتْرُهُ على نَفْسِهِ كَذَلِكَ أَفْضَلُ ، وَالَّذِي يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ : التَّوْبَةُ وَالْإِنَابَةُ وَالنَّدَمُ عَلَى مَا صَنَعَ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْوٌ لِلذَّنْبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ". اهـ .

وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (ص197)

:" من أتى ذنبا واستتر به وتاب : كان ذلك أولى من إظهاره لإقامة الحد عليه ، لأنه يفضح نفسه بالإقرار ، وقد نص على هذا أحمد ابن حنبل والشافعي ". اهـ

ثانيا : لا شك أن الحدود كفارات لأهلها

لما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" (18)

ومسلم في "صحيحه" (1709)

من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

:" بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلاَ تَسْرِقُوا ، وَلاَ تَزْنُوا ، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ ، وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ ".

ثالثا : لا عبرة بما فعله صاحبك من جلد نفسه

ولا اعتداد بهذا الجلد في حد الزنى ، ولا يكون ذلك كفارة لما فعله ، اتفاقا .

قال البهوتي في "كشاف القناع" (6/92)

:" (وَلَوْ أَرَادَ الْحَاكِمُ تَغْرِيبَهُ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَغَابَ سَنَةً ثُمَّ عَادَ لَمْ يَكْفِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الزَّجْرُ كَمَا لَوْ جَلَدَ نَفْسَهُ ". اهـ

وقال الشيخ كمال الدين الدميري الشافعي في "النجم الوهاج في شرح المنهاج" (9/118) :

" فلو جلد نفسه .. لم يكف ؛ بالاتفاق " . اهـ .

بل حكى الإمام أبو محمد ابن حزم رحمه الله الإجماع على تحريم ذلك : أن يقيم العاصي الحد على نفسه ، وأنه غير مخاطب بذلك أصلا . قال :

" لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ بِنَفْسِ الزِّنَى، وَلَا بِنَفْسِ الْقَذْفِ، وَلَا بِنَفْسِ السَّرِقَةِ، وَلَا بِنَفْسِ الشُّرْبِ، لَكِنْ حَتَّى يَسْتَضِيفَ إلَى ذَلِكَ مَعْنًى آخَرَ - وَهُوَ ثَبَاتُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ، إمَّا بِعِلْمِهِ، وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ، وَإِمَّا بِإِقْرَارِهِ، وَأَمَّا مَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ، لَا جَلْدٌ، وَلَا قَطْعٌ أَصْلًا.

بُرْهَانُ ذَلِكَ: هُوَ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ الْحُدُودُ الْمَذْكُورَةُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ لَكَانَ فَرْضًا عَلَى مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى نَفْسِهِ لِيَخْرُجَ مِمَّا لَزِمَهُ، أَوْ أَنْ يُعَجِّلَ الْمَجِيءَ إلَى الْحَاكِمِ فَيُخْبِرَهُ بِمَا عَلَيْهِ لِيُؤَدِّيَ مَا لَزِمَهُ فَرْضًا فِي ذِمَّتِهِ، لَا فِي بَشَرَتِهِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا بِلَا خِلَافٍ.

أَمَّا إقَامَتُهُ الْحَدَّ عَلَى نَفْسِهِ فَحَرَامٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كُلِّهَا، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِسَارِقٍ أَنْ يَقْطَعَ يَدَ نَفْسِهِ، بَلْ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ الْأُمَّةِ كُلِّهَا عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَوْ كَانَ الْحَدُّ فَرْضًا وَاجِبًا بِنَفْسِ فِعْلِهِ لَمَا حَلَّ لَهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا جَازَ لَهُ تَرْكُ الْإِقْرَارِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، لِيُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ مَا لَزِمَهُ." .

انتهى، من "المحلى" (12/27) .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الحديث و علومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc