وانظر للنظر في تفصيل الصلاة خلف الإمام الصوفي .
ما يختص به الصوفية من الأعمال أو الأقوال أو الاعتقادات ، وليس له أصل في كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، منه ما هو بدع مكفرة ، ومنه ما هو بدع غير مكفِّرة
فإن كان الإمام من أصحاب البدع الكفرية :
فلا يصلَّى وراءه ولا كرامة
وإن كان من أهل البدع غير المكفرة :
فيجوز الصلاة وراءه ، وغيره من أهل السنَّة أولى ولا شك .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
إذا حضرت بقرية وكان إمامها من الصوفية ، ولا يقبض يده في الصلاة ، ولا يدلي بركبتيه قبل يديه إلى السجود ، فهل تجوز صلاتي معه ؟ .
فأجاب :
إذا كان معروفاً بالتوحيد ليس مشركاً ، وإنما عنده شيء من الجهل أو التصوف ، ولكنه موحد مسلم يعبد الله وحده ، ولا يعبد المشايخ ، ولا غيرهم من المخلوقات كالشيخ عبد القادر وغيره :
فمجرد كونه لا يضم يديه في الصلاة :
لا يمنع من الصلاة خلفه ؛ لأن هذا أمر مسنون ، وليس بواجب ، وهو جعل كفه اليمنى على كفه اليسرى ورسغه وساعده على صدره حال القيام في الصلاة
فمن أرسلها فلا حرج عليه وصلاته صحيحة ، ... .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 12 / 120 ، 121 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – أيضاً - :
ما حكم الصلاة خلف من يذهب إلى قبور الصالحين للتبرك بها وتلاوة القرآن في الموالد وغيرها بأجر على ذلك ؟ .
فأجاب :
هذا فيه تفصيل :
إن كان مجرد الاحتفال بالموالد من دون شرك :
فهذا مبتدع ، فينبغي أن لا يكون إماماً ؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )
- رواه أبو داود ( 3991 ) -
والاحتفال بالموالد من البدع ، أما إذا كان يدعو الأموات ويستغيث بهم ، أو بالجن ، أو غيرهم من المخلوقات فيقول : " يا رسول الله انصرني " ، أو " اشف مريضي "
أو يقول : " يا سيدي الحسين " ، أو " يا سيدي البدوي " ، أو غيرهم من الأموات ، أو الجمادات كالأصنام ، المدد المدد : فهذا مشرك شركا أكبر ، لا يصلى خلفه ، ولا تصح إمامته
- نسأل الله العافية - .
أما إذا كان يرتكب بدعة كأن يحضر المولد ولكن لا يأتي بالشرك ، أو يقرأ القرآن عند القبور ، أو يصلي عندها ، ولا يأتي بشرك :
فهذا يكون قد ابتدع في الدين ، فيعلَّم ، ويوجَّه إلى الخير وصلاته صحيحة إذا لم يفعلها عند القبور ، أما الصلاة في المقبرة :
فلا تصح ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )
متفق عليه .
" فتاوى الشيخ ابن باز "
( 9 / 373 ، 374 ) و ( 12 / 108 ، 109 ) .
ثانياً:
أما شتمه للوهابية فهذا لا يكون عذراً لكم في ترك الصلاة وراءه ؛ فالتلبيس على الخاصة والعامة في شأن أئمة الدعوة النجدية كثير ، والمهم أن لا يتعرض الشخص لعقائد الإسلام المجمع عليها والمعلومة من الدِّين بالضرورة ، وأما الأشخاص أنفسهم فلا نعقد مع الناس ولاءً وبراءً عليهم .
وأما صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " اللهم صل على سيدنا محمد بن عبد الله صلاة تملأ العرش وما حواه " :
فلا يظهر لنا فيها شيء يخالف الشرع ، وإن كان فيها من التكلف والإغراب ما يرغب المرأ عنها .
وأما قنوته للفجر :
فهو مخالف للسنَّة ، فلا يجوز تخصيص الفجر بقنوت ، ولكن هذا ليس عذراً لترك الصلاة خلفه ، فهي من مسائل الخلاف العملي المعتبرة بين أهل العلم .
وأما قوله " اللهم كن بنا كالابن البار بوالده " :
فهو قولٌ قبيح ، يدل على جهل قائله بالشرع ، وعلى عدم تعظيمه لربِّه تعالى ، ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر/ 67 .
وكيف يخطر لمسلم أن يدعو ربَّه الرحيم الرحمن ذا الرحمة الواسعة والذي وسعت رحمته كل شيء ، كيف يخطر بباله أن أن يطلب منه أن يكون رحيما كرحمة الابن البار بأبيه ؟!
فينبغي لذاك الإمام التوقف عن هذا الدعاء السمج القبيح ، ولا يحل له الاستمرار عليه ، فإن أصرَّ فلا بأس بترك الصلاة خلفه تعزيراً له ، وتعظيماً لقدْر الرب عز وجل .
واعلم أخي السائل أن أهل السنَّة هم أعلم الناس بالحق وأرحمهم بالخلق ، وأن هذا الإمام
– وأمثاله كثير –
لهم حق عليكم في تعليمهم ونصحهم ، لكن نوصيكم أن يكون ذلك بالحسنى ، وما ذكرناه من الأحكام فيما يتعلق باعتقاد الإمام وأقواله ، لا يعني الشدة والعنف في معاملته ، فالأمران مختلفان ، وفرعون الطاغية قد بلغ به الأمر أن قال " أنا ربكم الأعلى "
ومع هذا فقد قال الله تعالى للرسوليْن الكريمين موسى وهاورن عليهما السلام لما أرسلا إليه ( فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) طه/ 144 .
والله أعلم