خيركم من تعلم القرآن وعلمه - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

خيركم من تعلم القرآن وعلمه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-12-24, 19:29   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم قراءة البسملة اثناء سورة التوبة

السؤال


هل يجب التلفظ بالبسملة ما لو قراءنا سورة التوبة من منتصفها؟

ولماذا ليس لهذه السورة بسملة في بدايتها؟


الجواب

الحمد لله

أولاً :

من آداب تلاوة القرآن أن يحافظ القارئ على البسملة إذا قرأ من أول السورة ، سوى سورة براءة .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" وينبغي أن يحافظ على قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في أول كل سورة ، سوى براءة فإن أكثر العلماء قالوا إنها آية حيث تكتب في المصحف ؛ وقد كتبت في أوائل السور سوى براءة .

فإذا قرأها كان متيقنا قراءة الختمة أو السورة ، فإذا أخل بالبسملة كان تاركا لبعض القرآن عند الأكثرين .."

انتهى من "التبيان في آداب حملة القرآن" (100) .

وأما إذا قرأ من أثناء السورة : فلا يتأكد الإتيان بالبسملة ، وتكفيه الاستعاذة ، وإن أتى بالبسملة فلا بأس .

ثانياً:

سبب عدم ذكر البسملة في أول سورة التوبة أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكتبوها في أولها في المصحف ، واقتدوا بأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد أخرج الترمذي في السنن بسنده

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت لعثمان بن عفان : "ما حملكم أن عمدتم إلى "الأنفال" وهي من المثاني وإلى "براءة" وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر " بسم الله الرحمن الرحيم "

ووضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد،

فكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: "ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"، وإذا نزلت عليه الآية فيقول: "ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"

وكانت "الأنفال" من أوائل ما أنزلت بالمدينة، وكانت "براءة" من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها،

فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال " انتهى من فتاوى "اللجنة الدائمة" (4/225)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"...والصحيح أنه لم يكن بينها وبين الأنفال بسملة؛ لأن البسملة آية من كتاب الله عز وجل، فإذا لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: ضعوا البسملة بين السورتين لم يضعوها بينهما

فالنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يعين ويقول: ضعوا البسملة، ولم يعين لهم بسملة بين سورة الأنفال

وسورة براءة فلم يكتبوها، ولكن بقي أن يقال: إذا كان لم يعين فلماذا يفصل بينها وبين سورة الأنفال؟ لماذا لم يجعلوهما سورة واحدة؟ نقول: نعم.

لم يجعلوهما سورة واحدة؛ لأنهم شكوا هل هي سورة واحدة مع الأنفال أو سورتين متباينتين؟ فقالوا: نجعل فاصلة بين السورتين، ولا نجعل بسملة، وهذا هو الصحيح في عدم ذكر البسملة بينها وبين سورة الأنفال"

انتهى من "لقاء الباب المفتوح" لقاء رقم(18)

والله أعلم








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-12-24, 19:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يسجد للتلاوة من قرأ بالمصحف المترجم ؟

السؤال

هل يجب السجود عند آية سجود التلاوة إذا كنت اقرأ في نسخة مترجمة للقرآن الكريم بالانجليزية ؟


الجواب

الحمد لله


أولاً :

الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله : أن سجود التلاوة سنة وليس واجباً ، وهذا مذهب الجمهور .

قال النووي رحمه الله – في حكم سجود التلاوة - : " مَذْهَبُنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَلَيْسَ وَاجِبًا , وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ "

انتهى من " المجموع " (3/557) .

وقال ابن قدامة رحمه الله – مستدلاً لقول الجمهور - : " لمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ,

قَالَ : " قَرَأْت عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ مِنَّا أَحَدٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ k وَلِأَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ . وَرَوَى الْبُخَارِيُّ , عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ : " قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ

, حَتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ , فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ , حَتَّى إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا , حَتَّى إذَا جَاءَتْ السَّجْدَةُ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , إنَّمَا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ ,

فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ , وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ . وَفِي لَفْظٍ : إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السُّجُودَ إلَّا أَنْ نَشَاءَ ، فَقَرَأَهَا , وَلَمْ يَسْجُدْ , وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا وَهَذَا بِحَضْرَةِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ , فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ , وَلَا نُقِلَ خِلَافُهُ "
.
انتهى من " المغني " (1/362) .

ثانياً :

المصحف المترجم إلى لغة غير العربية ، لا يُعد قرآناً ، وإنما يعد تفسيرا للقرآن الكريم ؛ فالقرآن هو اللفظ العربي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم

كما قال تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) يوسف/2 ، فإذا ترجم القرآن الكريم إلى لغة أخرى غير العربية ، فهذه الترجمة تعتبر تفسيرا للقرآن .

قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله : ( وتَرْجَمَتُهُ أَيْ : الْقُرْآنَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا تُسَمَّى قُرْآنًا ، فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ ، وَتَكُونُ تِلْكَ التَّرْجَمَةُ عِبَارَةً عَنْ مَعْنَى الْقُرْآنِ , وَتَفْسِيرًا لَهُ بِتِلْكَ اللُّغَةِ لَا قُرْآنًا وَلَا مُعْجِزًا "

انتهى من " كشاف القناع " (1/341) .

وعليه ، فلا يشرع السجود لتلاوة آية سجدة بغير اللغة العربية ؛ لكون المقروء في هذه الحال ليس قرآناً .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-24, 19:38   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ما الحكمة من مجيء آية الصلاة بين آيات الطلاق في سورة البقرة ؟

السؤال

في الآية رقم (237) من سورة البقرة نجد أن الله عز وجل وجهنا إلى بعض أحكام الطلاق ، ثم في الآية رقم (238) نجد أن الحديث عن أحكام الصلاة . فما الرابط بين هاتين الآيتين ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً :

معرفة وجه الربط بين الآيات والسور ، علم من العلوم ، يطلق عليه في اصطلاح أهل العلم بـ : ( علم المناسبات ) ، وهو علم تعرف به الحكمة من الترتيب في القرآن الكريم .

وقد تكلم في هذا العلم جمع من أهل العلم ، وألفوا فيه المؤلفات .

قال الحافظ السيوطي رحمه الله : " وعلم المناسبة : علم شريف ، قَلَّ اعتناء المفسرين به ؛ لدقته ، وممن أكثر فيه الإمام فخر الدين ، وقال في تفسيره : أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط "

انتهى من " الإتقان في علوم القرآن " (2/288) .

ومن أشهر من ألف في هذا العلم : برهان الدين البقاعي رحمه الله في كتاب له اسمه " نظم الدرر في تناسب الآيات والسور " ، وكذلك السيوطي رحمه الله ألف كتاباً في هذا العلم : " تناسق الدرر في تناسب السور " .

ثانياً :

علم المناسبات ومعرفة الربط بين الآيات والسور ، علم اجتهادي ، فقد تكون بعض المناسبات التي يذكرها بعض أهل العلم قريبة ، ولها حظ من النظر

وبعضها قد يكون متكلفاً ؛ ولهذا فالجزم بأن تلك المناسبة مرادة للشارع غير صحيح ، مع جزمنا بأن هناك حكمة وعلة من وضع هذه الآية في ذلك الموضع

كما قال تعالى : ( الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) سورة هود/1 .

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" ... إن ترتيب الآيات توفيقي ليس للعقل فيه مجال ... ، ونعلم أنه لابد أن يكون هناك حكمة ، أو حِكَم ؛ لأن الله سبحانه وتعالى حكيم عليم "

انتهى مختصراً من " تفسير القرآن لابن عثيمين " (3/177) .

ثالثاً :

أما وجه الربط بين الآيتين المذكورتين في السؤال ، وهما قوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ

وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) سورة البقرة : 237

وقوله تعالى في الآية التي تليها : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) سورة البقرة/238 .

فقد ذكر بعضهم أن بين الآيتين مناسبة :

قال الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" قوله : ( وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم ) البقرة/237

فإن الله دعانا إلى خلق حميد ، وهو العفو عن الحقوق ، ولما كان ذلك الخلق قد يعسر على النفس ؛ لما فيه من ترك ما تحبه من الملائم ، من مال وغيره كالانتقام من الظالم

وكان في طباع الأنفس الشح ، علمنا الله تعالى دواء هذا الداء ، بدواءين :

أحدهما : دنيوي عقلي ، وهو قوله : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) المذكر بأن العفو يقرب إليك البعيد ، ويصير العدو صديقا ، وإنك إن عفوت فيوشك أن تقترف ذنبا فيعفى عنك

إذا تعارف الناس الفضل بينهم ، بخلاف ما إذا أصبحوا لا يتنازلون عن الحق .

الدواء الثاني : أخروي روحاني ، وهو الصلاة التي وصفها الله تعالى في آية أخرى بأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، فلما كانت معينة على التقوى ومكارم الأخلاق ، حث الله على المحافظة عليها .

وقال بعضهم : لما ذكر حقوق الناس دلهم على المحافظة على حقوق الله .

وهو في الجملة مع الإشارة إلى أن في العناية بالصلوات أداء حق الشكر لله تعالى على ما وجه إلينا من عنايته

بأمورنا التي بها قوام نظامنا ، وقد أومأ إلى ذلك قوله في آخر الآية : ( كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ) البقرة : 239 ، أي : من قوانين المعاملات النظامية "

انتهى من "التحرير والتنوير" (2/466) .

وقال الشيخ خالد السبت حفظه الله

: " لما بين الله عز وجل طرفاً من حقوق الخلق ، في هذه الأبواب التي غالباً ما تقع فيها المشاحة ، بين حق الخالق في أمر يعد رأساً في العبادات البدنية ، وهي الصلة بالله عز وجل .

المخلوقين أمر بالإحسان والتفضل ، وبين ما لهم وما عليهم ، ثم أرشدهم إلى أمر يحصل به حسن الصلة بالله عز وجل ، وهو الصلاة ، وهذا ما يسمى بعلم المناسبة ... ، وهذا المعنى له وجه من النظر محتمل ، والعلم عند الله "

انتهى من " تعليقات الشيخ خالد السبت على المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير " .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-29, 16:45   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



القرآن الكريم كتاب هداية وليس كتاب تفاصيل الأسماء أو العلوم الدنيوية

السؤال

سمعت نكتة من بعض الناس يتحدثون فيها عن شخص أوربي اسمه كوك ، سأل مسلما قائلا : أنتم تقولون أن كل شيء موجود في القرآن

فهل هذا صحيح . فأجابه : أن نعم ، فقال له : أنا اسمي كوك

هل اسمي موجود . فقال له الشخص المسلم : قِف ، فلما وقف ، قال له : ( وتركوك قائما ) وهو يقصد بها ترى : أي تبصر كوك - وهو اسم الشخص – قائما . فما هو حكم ذلك ؟


الجواب

الحمد لله


لا ينبغي أن تدفعنا العاطفة والحماسة لكتاب الله تعالى إلى الخروج به عن سياقه الذي أنزله الله عز وجل

فهو كتاب هداية للبشرية ، يخرجهم من ظلمات الشرك والهوى إلى أنوار التوحيد والاستقامة

ويهديهم لأحسن الهدي الذي به سعادتهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة . وقد جاء هذا الهدف واضحا في كتاب الله عز وجل ، في الكثير من الآيات الكريمات

منها قول الله عز وجل : ( الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) إبراهيم/1

وقوله سبحانه : ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) المائدة/16.

فمن راح يثبت للناس اشتمال هذا الكتاب الكريم على تفاصيل كل شيء في الدنيا ، بأسمائها وأوصافها

أو حتى بخصائصها التي تعرف بها ، أو مباحث العلوم الدنيوية جميعها ، كالطب والفلك والهندسة وغيرها ، فقد نسب إلى القرآن الكريم ما ليس فيه ، ولا يلائم مقاصده .

جاء في " تفسير الرازي مفاتيح الغيب " (20/ 258)

في تفسير قوله تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل/89 قوله :
" العلوم التي ليست دينية : لا تعلق لها بهذه الآية

لأن من المعلوم بالضرورة أن الله تعالى إنما مدح القرآن بكونه مشتملا على علوم الدين ، فأما ما لا يكون من علوم الدين فلا التفات إليه " انتهى .

ويقول العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله :

" ومِن الناس مَن قال : إن القرآن قد حوى علوم الأكوان كلها ، وأن الشيخ محيي الدين بن العربي وقع عن حماره فرُضت رجله ، فلم يأذن للناس بحمله إلا بعد أن استخرج حادثة وقوعه ورض رجله من " سورة الفاتحة " .

وهذا القول لم يقل به أحد من الصحابة ، ولا علماء التابعين ، ولا غيرهم من علماء السلف الصالحين ، ولا يقبله أحد من الناس ، إلا من ينساق وراء كل ما يُسمع أو يقال ، يرون أن كل ما كتبه الميتون في كتبهم حق

وإن كان لا يقبله عقل ، ولا يهدي إليه نقل ، ولا تدل عليه اللغة ، بل قال أئمة السلف : إن القرآن لا يشتمل على جميع فروع أحكام العبادات الضرورية بدلالة النص ولا الفحوى

وإنما أثبت وجوب اتباع الرسول ، فصار دالا على كل ما ثبت في السنة ، وأثبت قواعد القياس الصحيح وقواعد أخرى ، فصار مشتملا على جميع فروعها وجزئياتها ، ولا يخرج شيء من الدين عنها "

انتهى من " تفسير المنار " (7/ 330) .

وبهذا تُعلَم أن الحادثة المذكورة في السؤال ليست من الجواب العلمي المبني على دليل ظاهر من القرآن الكريم ، وإنما هي أقرب إلى العبث ، وتحريف الكلم عن مواضعه

وهل يقول عاقل : إن القرآن يحتوي أسماء الناس جميعا ، التي ينطق بها العرب بلسانهم ؛ فضلا عن أن يكون اسما أعجميا ، من غير لسان العرب ؟!

لا شك أن من ادعى ذلك ، أو تكلفه ، فقد تكلف ما لا علم له به ، وأعظم على الله سبحانه وتعالى القول .

وإن صح أن قائلا قال ذلك ، أو نحوه ، من أهل العلم ، أو المنسوبين إليه ، فلا نظن أن يكون مراده بذلك : الاستدلال على وجهه

وإقامة الحجة على مقتضاها ، وإنما هو أقرب إلى الملاطفة ، والإسكات ، ولو من غير طريق الحجة المستقيمة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-29, 16:49   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

آخر آية نزلت من القرآن .

السؤال


ما هي آخر آية نزلت من القرآن ؟

الجواب

الحمد لله

اختلف أهل العلم في آخر آية نزلت من القرآن ، على أقوال متعددة ، تكلم فيها كلٌّ بما أداه إليه اجتهاده ، وليس في شيء من ذلك خبر عن المعصوم ، يمكن القطع به .

وأكثرهم على أن آخر آية نزولا هي قوله تعالى في سورة البقرة : ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) البقرة/ 281.

قال الحافظ جلال الدين السيوطي - رحمه الله - :

" مَعْرِفَةُ آخِرِ مَا نَزَلَ ، فِيهِ اخْتِلَافٌ :

- فَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: آخَرُ آيَةٍ نَزَلَتْ : ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) وَآخَرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ .

- وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ : آيَةُ الرِّبَا " ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ مِثْلَهُ .

وَالْمُرَادُ بها قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا ) .

- وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " آخِرُ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ: (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) الْآيَةَ .

- وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ :

" آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ: (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) الْآيَةَ ، وَعَاشَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ تِسْعَ لَيَالٍ ، ثُمَّ مَاتَ لَيْلَةَ الَاثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ " .

وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِثْلَهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ .

وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: " آخَرُ آيَةٍ نَزَلَتْ : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) الْآيَةَ.

- وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي " الْفَضَائِلِ " عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ :

" آخِرُ الْقُرْآنِ عَهْدًا بِالْعَرْشِ آيَةُ الرِّبَا ، وَآيَةُ الدَّيْنِ " .

- وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ :

" آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ " .

- وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُبَيٍّ أَيْضًا قَالَ :

" آخِرُ الْقُرْآنِ عَهْدًا بِالِلَّهِ هَاتَانِ الْآيَتَانِ: ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) ، وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ الْمَكِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: " آخر آية نَزَلَتْ: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) "

انتهى من "الإتقان في علوم القرآن" (1/ 101-103) .

وينظر : " تفسير ابن كثير" (2/ 168) .

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :

" أصحّ الْأَقْوَالِ فِي آخِرِيَّةِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله)" انتهى من "فتح الباري" (8/ 317) .

وقال أبو بكر الباقلاني - رحمه الله - :

" اختلفت الصحابةُ ومَن بعدَهم في آخرِ ما أُنزل من القرآن ... "

- ثم ذكر الخلاف ثم قال - : " وليس في شيءٍ من الرواياتِ ما رُفع إلى النبي عليه السلام ، وإنّما هو خَبَر عن القائل به ، وقد يجوزُ أن يكونَ قالَ بضربٍ من الاجتهاد ، وتغليبِ الظنِّ وبظاهرِ الحال

وليسَ العلمُ بذلك أيضاً من فرائضِ الدين ، ولا هو مما نصّ الرسولُ على أمر فيه ، بيّنه وأشاعه وأذاعَه ، وقصدَ إلى إيجابه وإقامةِ الحجّة به ...

وقد يَحتمِلُ أن يكونَ كلُ قائلٍ ممن ذكرنا يقولُ إن ما حكمَ بأنَّ ما ذكره آخرُ ما نزل لأجل أنّه آخرُ ما سمعه مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم .. وقد سمع منه غيرُه شيئاً نزل بعدَ ذلك

وإن لم يسمعه هو لمفارقته له ، ونزولِ الوحي بقرآنٍ بعدَه .." ، ثم ذكر وجوها أخرى في توجيه ما ورد في ذلك من اختلاف الروايات .

ينظر : "الانتصار للقرآن" (1/ 243-247) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-29, 16:53   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هي السورة أو السور التي أنزلت دفعة واحدة ؟

السؤال


ما هي سور القرآن التي نزلت جملة واحدة ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

نزل القرآن مفرقا في ثلاث وعشرين سنة ، منها ثلاث عشرة سنة بمكة ، وعشر سنوات بالمدينة ، وجاء التصريح بنزوله مفرَّقًا في قوله تعالى : ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا) الإسراء/106

أي : جعلنا نزوله مفرقًا كي تقرأه على الناس على مهل وتثبت، ونزَّلناه تنزيلًا بحسب الوقائع والأحداث .

ثانيا :

هناك من سور القرآن ما نزل جملة واحدة ، وأكثر ذلك من قصار السور ، كسورة الفاتحة والقدر والماعون وتبت والكوثر والفيل والنصر والكافرون والإخلاص والفلق والناس وغير ذلك

ومما ذكره العلماء من غير قصار السور مما نزل جملة واحدة : سورة الأنعام والأعراف والتوبة والكهف والفتح والصف والمرسلات ، على خلاف بينهم في ذلك .

قال الحافظ السيوطي رحمه الله :

" النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ: مَا نَزَلَ مُفَرَّقًا وَمَا نَزَلَ جَمْعًا :

الْأَوَّلُ غَالِبُ الْقُرْآنِ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي السُّوَرِ الْقِصَارِ: (اقْرَأْ) أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْهَا إِلَى قَوْلِهِ: (مَا لَمْ يَعْلَمْ) ، وَالضُّحَى أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْهَا إِلَى قَوْلِهِ: (فَتَرْضَى) .

وَمِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي : سُورَةُ الْفَاتِحَةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْكَوْثَرِ وَتَبَّتْ وَلَمْ يَكُنْ وَالنَّصْرُ وَالْمُعَوِّذَتَانِ نَزَلَتَا مَعًا.

وَمِنْهُ فِي السُّوَرِ الطِّوَالِ الْمُرْسَلَاتُ؛ فَفِي الْمُسْتَدْرَكِ (2994) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:

" كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ: (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) ، فَأَخَذْتُهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ رَطْبٌ بِهَا" وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي .

وَمِنْهُ سُورَةُ الصَّفِّ .

وَمِنْهُ سُورَةُ الْأَنْعَامِ ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِمَكَّةَ لَيْلًا جُمْلَةً حَوْلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ " .

وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فتاويه: " الحديث الوارد في أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ ، وَلَمْ نَرَ لَهُ إِسْنَادًا صَحِيحًا وَقَدْ رُوِيَ مَا يُخَالِفُهُ

فَرُوِيَ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، بَلْ نَزَلَتْ آيَاتٌ مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ ، اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهَا فَقِيلَ: ثَلَاثٌ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ . انتهى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .

انتهى باختصار من "الإتقان في علوم القرآن" (1/ 136-137).

وروى الطبراني في الكبير (449) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ، قَالَتْ: " نَزَلَتِ الْأَنْعَامُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمْلَةً وَاحِدَةً " .

وحسنه الحافظ في "نتائج الأفكار" (3/227) .

وروى النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 415) بسند جيد عن ابْن عَبَّاسٍ قَالَ:

" سُورَةُ الْأَنْعَامِ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَهِيَ مَكِّيَّةٌ ، إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فَهِيَ مَدَنِيَّةٌ ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمُ ) إِلَى تَمَامِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ " .

- سورة الفتح ، روى البخاري (4177) عن عمر عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ ، لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) ثُمَّ قَرَأَ: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) .

- سورة التوبة ، روى البخاري (4364) عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: " آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ " .

ثم رواه البخاري أيضا (4605) بلفظ : " آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةَ ... " بدون كلمة " كاملة " .

وقد شكك بعض العلماء في صحة هذه اللفظة : (كاملة) وذهبوا إلى أن سورة براءة نزلت مفرقة .

قال بدر الدين العيني رحمه الله :

"قَوْله: (كَامِلَة) قَالَ الدَّاودِيّ: لفظ: كَامِلَة ، لَيْسَ بِشَيْء لِأَن بَرَاءَة نزلت شَيْئا بعد شَيْء ، قلت: وَلِهَذَا لم يذكر لفظ: كَامِلَة، فِي هَذَا الحَدِيث فِي التَّفْسِير، وَلَفظه هُنَاكَ: آخر سُورَة نزلت بَرَاءَة "

انتهى من "عمدة القاري" (18/18) .

ولكن جمهور العلماء على أنها نزلت دفعة واحدة كما ذكره الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (10/ 97).
- سورة الأعراف

قال في "تفسير المنار" (8/ 260):

" وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا نَزَلَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً مِثْلَهَا " يعني مثل سورة الأنعام .

- سورة الكهف ، قال في "التحرير والتنوير" (15/ 242):

" هِيَ مِنَ السُّوَرِ الَّتِي نَزَلَتْ جُمْلَةً وَاحِدَةً " .

وغالب ما يذكره العلماء من ذلك محله الاجتهاد والنظر ، والخلاف فيه معلوم .

والخلاصة :

أن نزول كثير من السور القصار جملة واحدة أمر ثابت ، كالفاتحة والقدر والماعون وتبت والكوثر والفيل والنصر والكافرون والإخلاص والفلق والناس .

وكذا الفتح والمرسلات .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-29, 16:57   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من زاد في القرآن حرفا أو أنقص منه حرفا متعمدا فقد كفر .

السؤال

بعض الطلبة أثناء الامتحان يطلب منه الاستشهاد بآية كريمة ، ولكونه ينسى حرفا أو كلمة منها فإنه يتعمد وضع كلمة مكان الكلمة التي ينساها ؛ لأنه يريد أن ينجح

ويخشى الرسوب ، لكنه يقر أن ما وضعه هو تحريف ، ليس الهدف منه تحريف القرآن فعليا ، ولكن لخشيته من الرسوب فإنه يضع تلك الكلمة مكان الكلمة التي نسيها من القرآن .

هل يعتبرا هذا تحريفا للقرآن يخرج بمقتضاه الطالب من الإسلام ؟

الجواب

الحمد لله


تقدم أن من أخطأ في قراءة السورة ، أو نسي شيئا منها ، وهو في الصلاة ، فإنه يحاول تصحيح الخطأ

وتذكر المنسي . فإن لم يستطع فله أن يتجاوز الآية إلى التي تليها أو يترك هذه السورة ويستفتح سورة أخرى .

أما أن يزيد في القرآن ما ليس منه عامدا - سواء في الصلاة أو في غير الصلاة -: فهذا محرم أشد التحريم ، وقد نص أهل العلم على أن من نقص من القرآن حرفا أو بدله بحرف آخر أو زاد فيه حرفا فقد كفر .

قال القاضي عياض رحمه الله :

" أَجْمَع الْمُسْلِمُون أَنّ الْقُرْآن الْمَتْلُوّ فِي جَمِيع أَقْطَار الأَرْض الْمَكْتُوب فِي الْمُصْحَف بِأَيْدِي الْمُسْلِمِين مِمَّا جَمَعَه الدَّفَّتَان من أَوَّل (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين ) إِلَى آخِر ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) أنَّه كَلَام اللَّه وَوَحْيُه المُنَزَّل

عَلَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم ، وَأَنّ جَمِيع مَا فِيه حَقّ ، وَأَنّ من نَقَص مِنْه حَرْفًا قَاصِدًا لِذَلِك أَو بَدَّلَه بِحَرْف آخَر مَكَانَه أَو زَاد فِيه حَرْفًا مِمَّا لَم يَشْتَمِل

عَلَيْه المُصْحَف الَّذِي وَقَع الإِجْمَاع عَلَيْه وأُجْمِع عَلَى أَنَّه لَيْس مِن الْقُرْآن عَامِدًا لِكُلّ هَذَا : أَنَّه كَافِر " .

انتهى من"الشفا" (2/ 304-305)

وينظر : "التقرير والتحبير" لابن أمير الحاج (2/ 215) .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (35/ 214) :

" الْقُرْآنُ كَلاَمُ اللَّهِ الْمُعْجِزُ الْمُنَزَّل عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْقُول بِالتَّوَاتُرِ، فَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ اللَّحْنِ فِيهِ ، سَوَاءٌ أَغَيَّرَ الْمَعْنَى أَمْ لَمْ يُغَيِّرْ ؛ لأِنَّ أَلْفَاظَهُ تَوْقِيفِيَّةٌ نُقِلَتْ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ

فَلاَ يَجُوزُ تَغْيِيرُ لَفْظٍ مِنْهُ بِتَغْيِيرِ الإْعْرَابِ أَوْ بِتَغْيِيرِ حُرُوفِهِ بِوَضَعِ حَرْفٍ مَكَانَ آخَرَ " انتهى .

وعلى ذلك : فلا يحل للطالب أن يكتب كلمة أو حرفا يعلم أنه ليس من القرآن ، أو ليس هذا موضعه من الآية

بل إما أن يجتهد في أن يتذكر ، أو يترك مكان المنسي منه بياضا . وبإمكانه أن يعتذر عن ذلك بنسيان موضع الكلمة ، وتحرجه من ذكر ما لم يتيقنه هنا .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-29, 17:03   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي

السؤال

سمعت أنه لا يجوز تفسير القرآن ، اعتمادا علي رأي الإنسان الشخصي

فهل من الممكن أن تشرح لي المقصود بهذا ؟


الجواب

الحمد لله


المفسر عند تفسيره لآية من القرآن يسلك أحد مسلكين :

المسلك الأول : ينظر هل في القرآن ، أو في السنة النبوية ، أو في آثار السلف الصالح ما يفسر هذه الآية ؟ فإذا وجد في هذه المصادر تفسيرا لها ، اتبعه واكتفى به ، وهذا ما يسمى بـ " التفسير بالمأثور " وهو أنواع :

1 - تفسير القرآن بالقرآن ؛ فالقرآن يفسر بعضه بعضا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مقدمة في أصول التفسير " (ص/93) :

" فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير ؟ فالجواب : إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن ، فما أجمل في مكان ، فإنه قد فسر في موضع آخر ، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر " انتهى .

ومن أمثلة ذلك :

ما رواه البخاري (4263) عن علقمة رحمه الله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال

: " لَمَّا نَزَلَتْ : ( وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ) قَالَ أَصْحَابُهُ – ( يعني : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ) وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ ؟ فَنَزَلَتْ : ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ".

لكن تفسير القرآن بالقرآن أحيانا يكون صريحا واضحا كما في المثال السابق ، فيكون حجة يجب اتباعه وعدم مخالفته ، وأحيانا يكون من اجتهاد المفسّر ، وفقهه

وجمعه بين الأشباه والنظائر ؛ ولا شك أن هذا أقل درجة من الأول ، فالمجتهد قد يخطئ ، وقد يصيب .

2- تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن ، فقد جاء صلى الله عليه وسلم مبلغا ومبينا لما في القرآن الكريم قال الله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/ 44 .

ومثال ذلك :

ما رواه البخاري ( 4510 ) في تفسير قوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187 .

فعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ، أَهُمَا الْخَيْطَانِ ؟ قَالَ : ( إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ ، ثُمَّ قَال : لاَ ، بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ ) .

ومتى بلغنا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لآية أو لفظة من القرآن : وجب علينا الالتزام به ، والوقوف عنده .

وقد يُفهم التفسير من سنته صلى الله عليه وسلم ؛ من خلال أفعاله وأقواله وتقريراته .

فالسنة جاءت مبينة للقرآن ؛ فالله تعالى أمرنا بالصلاة والزكاة والحج والحدود ... الخ ، والنبي صلى الله عليه وسلم من خلال سنته - من أفعال وأقوال - فصلّ لنا ما المقصود بهذه الألفاظ .

لكن إذا لم يجد المفسّر في السنة تفسيرا لآية ما ، نظر في أقوال الصحابة .

3- التفسير المأثور عن الصحابة رضوان الله عليهم :

وتفسيرهم مقدم على تفسير غيرهم ؛ لأن تفسيرهم إمّا أن يكونوا قد أخذوه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه قال :

" كان الرجل منَّا إذا تعلَّم عَشْر آياتٍ لم يجاوزهُنّ حتى يعرف معانيهُنَّ ، والعملَ بهنَّ " رواه الطبري في تفسيره (1/80) وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى .

وقد يكون تفسيرهم اجتهادا ورأيا ؛ فاجتهادهم مقدم على اجتهاد من بعدهم ؛ لأنهم صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، واطلعوا على أحوال نزول آيات القرآن ، كسبب النزول ومكانه

وعاصروا الواقع الذي نزل فيه القرآن ، وعرفوا أحوال أهله ، ولأنهم أفهم من غيرهم للغة التي نزل بها القرآن ، وأعمق علما ، وأقل تكلفا ، وأبعد من غيرهم عن الزيغ والزلل ، في علومهم ، وأعمالهم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "

مقدمة في أصول التفسير " (ص/95) :

" وحينئذ ؛ إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ، رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة

فإنهم أدرى بذلك ؛ لما شاهدوه من القرآن ، والأحوال التي اختُصُّوا بها ، ولما لهم من الفهم التام ، والعلم الصحيح ، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم .. " انتهى .

وقول الصحابة في التفسير مقدم على قول غيرهم ، إلا إذا اختلفوا فهنا يجتهد المفسر في الترجيح بين أقوالهم .

4- التفسير بالمأثور عن التابعين :

إذا لم يجد المفسر في أقوال الصحابة ما يفسر به الآية ، فإنه ينظر في تفسير التابعين ؛ الذين تلقوا علومهم عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فهم في أحوالهم

وأقوالهم ، وأعمالهم ، وزمانهم - أيضا ، بطبيعة الحال - أقرب إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهديهم ، وعلومهم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في

" مقدمة في أصول التفسير " (ص/102) :

" إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة ، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين ... " انتهى .

وقال رحمه الله – أيضاً - " (ص/37) :

" ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة ، كما قال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس ، أوقفه عند كل آية منه ، وأسأله عنها

ولهذا قال الثوري : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به ، ولهذا يعتمد على تفسيره : الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم" انتهى .

فإذا اتفق علماء التفسير من التابعين على قول في معنى آية ، فلا إشكال في لزوم الأخذ به ، وأما حين يختلفون ، فليس قول أحدهم حجة على قول الآخر

كما أن قول الواحد منهم ليس حجة مطلقا ، وإنما ينظر فيه وفي حجته ، ويستأنس به ، ويرجع إليه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" ولا ريب أن التابعين يختلفون ؛ فالذين تلقوا عن الصحابة التفسير : هؤلاء لا يساويهم من لم يكن كذلك .

ومع هذا ، فإنهم إذا لم يسندوه عن الصحابي ، فإن قولهم ليس بحجة على من بعدهم إذا خالفهم ، لأنهم ليسوا بمنزلة الصحابة ، ولكن قولهم أقرب إلى الصواب

وكلما قرب الناس من عهد النبوة ، كانوا أقرب إلى الصواب ممن بعدهم .

وهذا شيء واضح ، لغلبة الأهواء فيما بعد ، ولكثرة الواسطات بينهم وبين عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، فبُعدهم هذا لا شك أنه يقلل من قيمة أقوالهم ، ومن هنا نعرف أن الرجوع إلى قول من سلف أمر له أهميته " .

انتهى من " شرح مقدمة التفسير " (ص /140) .

المسلك الثاني : أن يجتهد المفسّر - الذي له العلم بالتفسير - في استعمال فهمه لتفسير آية من القرآن ، ويكون في اجتهاده ملتزما السبيل الصحيح ومتقيدا بالضوابط والقواعد التفسيرية

؛ وهذا ما يسمى بـ " التفسير بالرأي أو بالاجتهاد " .

قال الزرقاني رحمه الله تعالى في كتابه " مناهل العرفان في علوم القرآن " (2/43) :

" فالتفسير بالرأي الجائز يجب أن يلاحظ فيه الاعتماد على ما نقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه مما ينير السبيل للمفسر برأيه ، وأن يكون صاحبه عارفا بقوانين اللغة

خبيرا بأساليبها ، وأن يكون بصيرا بقانون الشريعة ؛ حتى ينزل كلام الله على المعروف من تشريعه " انتهى .

وأما الذي لا يجوز من ذلك ؛ فهو التفسير بالرأي المذموم :

1- كأن يكون القائم بالتفسير ليس من أهله ، ويتكلم في بيان كلام الله بغير علم

وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33

وقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ، إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/168- 169 .

2- أو يتبع هواه ، وينتصر لبدعته ورأيه ، ولو بتحريف الكلم عن مواضعه ، وعدم مراعاة أصول الفهم ،

وعادات العرب في لغاتها ، وعادة الشرع في خطابه الخاص ؛ كما يفعله بعض المبتدعة من الرافضة وغيرهم ، حيث يفسرون بعض الآيات بخلاف ما تقتضيه القواعد الشرعية واللغوية .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" وتفسير القرآن بالرأي : تارة يفسره الإنسان بحسب مذهبه ، كما يفعله أهل الأهواء . فيقول المراد بكذا وكذا ، كذا وكذا ، مما ينطبق على مذهبه

وكذلك هؤلاء المتأخرون الذين فسروا القرآن بما وصلوا إليه من الأمور العلمية ، الفلكية أو الأرضية ، والقرآن لا يدل عليها ، فإنهم يكونون قد فسروا القرآن بآرائهم

إذا كان القرآن لا يدل عليه ، لا بمقتضى النص ولا بمقتضى اللغة ، فهذا هو رأيهم ، ولا يجوز أن يفسر القرآن بهذا .

وكذلك أيضاً لو لم يكن عند الإنسان فهم للمعنى اللغوي ، ولا للمعنى الشرعي الذي تفسر به الآية ، فإنه إذا قال قولا بلا علم

فيكون آثما ، كما لو أن أحداً من العامة فسر آية من القرآن الكريم على حسب فهمه ، من غير مستند - لا لغوي ولا شرعي- ، فإنه يكون حراماً عليه ذلك

لأن مفسر القرآن يشهد على الله بأنه أراد كذا ، وهذا أمر خطير

لأن الله حرّم علينا أن نقول عليه ما لا نعلم ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف ( 33 )

فأي إنسان يقول على الله ما لا يعلم ، في معنى كلامه أو في شيء من أحكامه ، فقد أخطأ خطأ عظيماً "

انتهى " شرح مقدمة التفسير " (ص/142) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-30, 16:47   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



إذا وُجدت " اللام " في اسم " إنّ " أو خبرها وجب كسرها .


السؤال

لماذا تُبع لفظا " يشهد " ، و "يعلم" بـ "إن" كما في الآية الأولى من سورة المنافقون ؟

فعلى حدّ علمي أن الفعل "شهد" ، و " علم " لا يمكن أن يُتبعا بـ "إن" ، وإنما بـ "أن" تماماً كقولنا "أشهد أن" ، كذلك الفعل " قال" لا يُتبع إلا بـ "إن" كما في الآية الحادية عشرة من سورة البقرة "قالوا إنما.." .


الجواب

الحمد لله


أولا :

قال الله تعالى : ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) المنافقون/ 1 .

كُسرت الهمزة من (إن) لتعلق الفعل باللام ، ولولا ذلك لوجب فتحها .

قال ابن مالك رحمه الله في " الألفية " (ص: 21) :

وكسروا من بعد فعل ٍ علّقا ** باللام كاعلم إنّه لذو تقى .

قال ابن عثيمين رحمه الله في شرحه على الألفية :

" فإذا علق الفعل باللام وجب كسر الهمزة ؛ لأنه متى وجدت اللام في خبرها أو اسمها وجب كسرها بكل حال. مثاله: " اعلم إنه لذو تقى "

ولولا وجود اللام في قوله : (لذو) لوجب أن يقال : اعلم أنه ذو تقى

قال الله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) محمد / 19، لكن لما علق الفعل باللام كسرت الهمزة ، قال الله تعالى : ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) .

" انتهى من " شرح ألفية ابن مالك " لابن عثيمين (24/10) بترقيم الشاملة .

ثانيا :

إذا كان الكلام بعد فعل القول يحكي نَصَّ المَقُول بلفظه ، وَجَبَ كسْر همزة (إنّ) .

قال ابن مالك رحمه الله :

فاكسر في الابتدا، وفي بدء صله * وحيث "إن" ليمين مكمله

أو حكيت بالقول أو حلت محل * حال كزرته وإني ذو أمل

ومن ذلك قوله تعالى : (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) مريم/ 30 .

وقول الشاعر:

تُعَيِّرُنا أنّا قليلٌ عديدُنا
** فقلت لها: إنّ الكرامَ قليلُ

وتفتح همزة ( أنّ ) بعد القول إذا لم تقصد الحكاية .

قال الأشموني رحمه الله :

" "أَوْ حُكِيَتْ بِالْقَوْلِ"، نحو: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ 4، فإن لم تحك بل أجري القول مجرى الظن وجب الفتح ، ومن ثم روي بالوجهين قوله "من الكامل":

أَتَقُولُ إِنَّكَ بِالْحَيَاةِ مُمَتَّعٌ ... "وقد استبحت دم امرئ مستسلم"

وراجع للفائدة إجابة السؤال القادم

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-30, 17:09   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

روايات مكذوبة تنسب إلى القرآن الكريم بعض الأخطاء اللغوية

السؤال


لقد وقعت على هذه الروايات في جمع المصحف العثماني : روي أن عثمان بعد مراجعة أول نسخة من القرآن قال : إنني أرى أخطاء لغوية فيه ، وإن العرب سوف يقرؤونه بالطريقة الصحيحة لأنه نزل على لسانهم . ثم قيل بعد ذلك

إن ابن الخطيب الذي ذكر لنا الرواية السابقة في كتابه " الفرقان " ذكر رواية أخرى عن عائشة ، أن واحدة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم قالت : إن هناك ثلاثة أخطأ لغوية في القرآن

في مثل قوله تعالى : ( قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضهما......) وقوله تعالى : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم والآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )

وفي قوله تعالى : ( لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما )

وقد قرأت دحض هذه الشبهات في كتاب " قراءات القرآن " لأحمد علي الإمام ، ولكنني رأيت أن هذه القراءات قد وضعت من قبل المبشرين بالمسيحية

وإنني أريد منكم أن تلقوا بعض الضوء في تأكيد هذه الروايات . جزاكم الله خيرا.


الجواب

الحمد لله

لا يسعنا في الجواب على هذا السؤال أن نخفي عجبنا البالغ من استمراء هذه الشبهة على كثير من الباحثين والمثقفين ، بل ولا أن نخفي عجبنا من طروء هذه الشبهة أصلا

ليس من باب التسليم لعصمة القرآن الكريم بحفظ الله له فحسب ، وإنما لما نراه من وهاء هذه الشبهة وسقوطها في مقاييس العقل والحكمة والمنطق السليم .

ونحن نوجز بيان ذلك بالنقاط الآتية :

أولا :

إذا عرفنا أن القواعد الإعرابية والقضايا النحوية إنما هي مبنية تبعا لأساليب الكلام التي تنقل إلينا من عصور الاحتجاج ، ولا يختلف اللغويون في أن عصر الرسالة هو من عصور الاحتجاج

فكل كلمة تنقل إلينا نقلا صحيحا هي حجة لغوية صحيحة ، بل وقاعدة من قواعد النحو العربي .

ثانيا :

لتوضيح ذلك أيضا نقول : هل يجوز لباحث أن يأتي إلى بعض أبيات امرئ القيس التي تناقلها العلماء بالتسليم ، فيرى فيها خطأ نحويا أو لغويا في نظره ، فيحكم على امرئ القيس باللحن والخطأ ؟!!

ألا يكون في ذلك مصادرة لقواعد أصول النحو التي بني عليها ، وهدم لأسس هذا العلم نفسه ؟!!

فكيف إذا حكم أحد الجاهلين بخطأ القرآن الكريم لغويا أو نحويا وقد تناقله الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان في زمن الاحتجاج والكلام العربي الفصيح

بل وتناقله العلماء والنحاة وأهل الفصاحة والبيان من غير نكير بينهم ، اللهم إلا في بعض الوجوه والقراءات التي لم تنقل لبعض النحاة على وجه التواتر .

ألا يكون هذا الجاهل أولى بالنكير والتخطئة ممن يحكم بخطأ العرب الأقحاح الذين تستنبط قواعد اللغة من كلامهم وبيانهم ؟!!

ثالثا :

وإذا تأمل الناظر في الآيات التي ينسب إليها الخطأ جزم أنها تجري على قواعد النحو المشهورة ، وأنَّ توهُّمَ الخطأ فيها بعيد كل البعد :

يقول السيوطي رحمه الله :

" وقد تكلم أهل العربية على هذه الأحرف ووجهوها على أحسن توجيه :

أما قوله : ( إنَّ هذان لساحران ) ففيه أوجه :

أحدها : أنه جار على لغة من يجري المثنى بالألف في أحواله الثلاثة ، وهي لغة مشهورة لكنانة ، وقيل لبني الحارث .

الثاني : أن اسم ( إنَّ ) ضمير الشأن محذوفا ، والجملة ـ مبتدأ وخبر ـ خبر إن .

الثالث : كذلك ، إلا أن ساحران خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير لهما ساحران .

الرابع : أن ( إنَّ ) هنا بمعنى نعم .

الخامس : أن ( ها ) ضمير القصة اسم ( إنَّ ) وذان لساحران مبتدأ وخبر ، وتقدم رد هذا الوجه بانفصال ( إن ) ، واتصال ( ها ) في الرسم .

قلت – هو السيوطي - : وظهر لي وجه آخر ، وهو أن الإتيان بالألف لمناسبة ساحران يريدان ، كما نون سلاسلا لمناسبة وأغلالا ، و ( من سبإ ) لمناسبة بنبإ.

وأما قوله : ( والمقيمين الصلاة ) ففيه أيضا أوجه :

أحدها : أنه مقطوع إلى المدح ، بتقدير أمدح ؛ لأنه أبلغ .

الثاني : أنه معطوف على المجرور في ( يؤمنون بما أنزل إليك ) أي : ويؤمنون بالمقيمين الصلاة ، وهم الأنبياء ، وقيل الملائكة ، وقيل التقدير يؤمنون بدين المقيمين ، فيكون المراد بهم المسلمين ، وقيل بإجابة المقيمين .

الثالث : أنه معطوف على ( قبل ) ، أي : ومن قبل المقيمين ، فحذفت ( قبل ) وأقيم المضاف إليه مقامه .

الرابع : أنه معطوف على الكاف في ( قبلك ) .

الخامس : أنه معطوف على الكاف في ( إليك ).

السادس : أنه معطوف على الضمير في ( منهم )

حكى هذه الأوجه أبو البقاء .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-30, 17:10   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



وأما قوله : ( والصابئون ) ففيه أيضا أوجه :

أحدها : أنه مبتدأ حذف خبره ، أي : والصابئون كذلك .

الثاني : أنه معطوف على محل إن مع اسمها ، فإن محلهما رفع بالابتداء .

الثالث : أنه معطوف على الفاعل في ( هادوا ) .

الرابع : أن ( إن ) بمعنى نعم ، فالذين آمنوا وما بعده في موضع رفع ( والصابئون )، عطف عليه .

الخامس : أنه على إجراء صيغة الجمع مجرى المفرد ، والنون حرف الإعراب .

حكى هذه الأوجه أبو البقاء "

انتهى من" الإتقان في علوم القرآن " (1247-1249) تحقيق مركز الدراسات القرآنية .

ونحن نعلم أن شرح هذه الأوجه الإعرابية يطول ، وقد لا يفهمها كثير من القراء لدقتها

ولكننا نقلناها ههنا كي يعلم الجاهلون الطاعنون في القرآن الكريم مدى جهلهم بعلوم النحو واللغة ، فيقفوا عند حدودهم ، ولا يتجاوزوا منطق العقل السليم .

رابعا :

أما الروايات الواردة عن بعض الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم في هذا الموضوع فهي كثيرة

جمعها الحافظ السيوطي في كتابه " الإتقان في علوم القرآن " (ص/1236-1257) وتكلم عليها كلاما مفصلا

ونحن نقتصر ههنا على تخريج ما ورد السؤال عنه ، وهو ما جاء عن عائشة وعثمان بن عفان رضي الله عنهما في هذا الشأن :

الأثر الأول : عن عائشة رضي الله عنها.

يرويه هشام بن عروة عن أبيه قال :

سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون ) المائدة/69

( والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ) النساء/162، و ( إنَّ هذان لساحران ) طه/63، فقالت : يا ابن أختي ! هذا عمل الكُتَّاب ، أخطؤوا في الكِتاب .

وقد رواه عن هشام بن عروة اثنان من الرواة الكوفيين :

1- أبو معاوية الضرير : رواه سعيد بن منصور في " السنن " (4/1507، رقم/769) وهذا لفظه، وأبو عبيد في " فضائل القرآن " (ص/229، رقم/556)

ومن طريقه أبو عمرو الداني في " المقنع " (ص/119)، وأخرجه ابن جرير الطبري في " جامع البيان " (9/395)، وابن أبي داود في " المصاحف " (ص/43).

2- علي بن مسهر الكوفي : كما جاء عند عمر بن شبة بسنده في " تاريخ المدينة " (3/1013-1014)

وهذا إسناد لا يقبل أن يروى بمثله هذا الأثر ، وعلته كلام النقاد في حديث هشام بن عروة نفسه في العراق ، فهو وإن كان إماما ثقة ، الأصل في حديثه الصحة والقبول

إلا أنه وقعت له بعض الأخطاء اليسيرة التي يتنبه لها العلماء من خلال التأمل في المتن ، والبحث عن المتابعات والشواهد

ولما كان في متن هذا الأثر نكارة ظاهرة ، ولم يرد من طريق أخرى متابعة له : أمكننا القول بوقوع الخطأ فيه .

يقول الإمام الذهبي رحمه الله :

" ولما قدم – يعني هشام بن عروة - العراقَ في آخر عمره حدث بجملة كثيرة من العلم ، في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها ، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات "

انتهى من" ميزان الاعتدال " (4/301)، وانظر تحقيق " سنن سعيد بن منصور " للدكتور سعد الحميد (2/659)

وينظر أيضا : تعليق الدكتور سعد الحميد ، حفظه الله ، على هذا الأثر ، في تخريجه لسنن سعيد بن منصور (4/507-514) .

فإن قال قائل : فكيف يروي البخاري رحمه الله ، وكذلك مسلم في صحيحيهما أحاديث هشام بن عروة من رواية العراقيين ، بل من رواية أبي معاوية أيضا

وأنتم ههنا تردونها ، وقد صحح السيوطي هذه الرواية في " الإتقان " (ص/1236) وقال : على شرط الشيخين ؟

فالجواب عن ذلك أننا نردها ههنا لما في المتن من نكارة ظاهرة

إذ من المستبعد ألا تكون عائشة رضي الله عنها قد سمعت هذه الآيات بهذا الإعراب من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتظن أن الخطأ وقع فيها من نساخ القرآن الكريم .

والنقاد إذا وجدوا نكارة مقطوعا بها في المتن بحثوا في السند عن العلة الخفية التي وقع بسببها هذا الضعف ، وهي هنا حديث هشام بن عروة في العراق .

الأثر الثاني : عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

رواه عنه جماعة من الرواة :

1-عكرمة مولى ابن عباس قال : ( لما كتبت المصاحف عُرضت على عثمان ، فوجد فيها حروفا من اللحن ، فقال : لا تغيروها ؛ فإن العرب ستغيرها - أو قال ستعربها بألسنتها

لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف ) رواه أبو عبيد في " فضائل القرآن " (2/103، رقم/562)، وابن أبي داود في " المصاحف " (1/235، رقم/110)

وعزاه السيوطي في " الإتقان " (ص/1239) لابن الأنباري في كتاب : " الرد على من خالف مصحف عثمان "، ولابن أشتة في كتاب : " المصاحف "، وهما كتابان مفقودان

. وهي رواية ضعيفة ؛ لأن رواية عكرمة عن عثمان بن عفان مرسلة ، كما هي عن أبي بكر وعلي بن أبي طالب وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، انظر " جامع التحصيل " (ص/239)

وقد صرح أبو عمرو الداني في " المقنع " (ص/115) بالانقطاع بين عكرمة وعثمان ، هذا وقد سمي عكرمة عند ابن أبي داود في " المصاحف " بالطائي ، وليس مولى ابن عباس ، ولم نقف له على ترجمة .

2-يحيى بن يعمر : قال : رواه ابن أبي داود في " المصاحف " (1/233)، وابن أشتة في " المصاحف " كما ذكر ذلك السيوطي في " الإتقان " (ص/1240)

وهي رواية مرسلة أيضا ، إذ لا يبدو من ترجمة يحيى بن يعمر أنه أدرك عثمان بن عفان رضي الله عنه، انظر ترجمته في " تهذيب التهذيب " (11/305)

وقد حكم البخاري عليه بالانقطاع كما في " التاريخ الكبير " (5/170) ثم إن في السند اضطرابا ، فمرة يروى عن يحيى بن يعمر عن عبد الله بن فطيمة أو ابن أبي فطيمة ، وتارة بالعكس

فيروى عن ابن فطيمة عن يحيى بن يعمر ، كما في " تاريخ المدينة " (3/1013)، وقتادة يروي مرة عن نصر بن عاصم عن يحيى ، وتارة يروي عن يحيى مباشرة ولا يذكر نصرا

وقد يكون بينه وبين يحيى راويان كما في الموضع السابق من تاريخ المدينة ، وقد نبه على هذا الاختلاف الباقلاني في " الانتصار للقرآن " (2/136-137).

3-عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر : رواه ابن الأنباري في " الرد على من خالف مصحف عثمان

" كما ذكر ذلك السيوطي في " الإتقان " (ص/1240)

وعبد الأعلى ترجمته في " تهذيب التهذيب " (6/87)

وليس فيها توثيق له من أحد من أهل العلم .

4-قتادة : رواه ابن أبي داود في " المصاحف " ولفظه : ( أن عثمان رضي الله عنه لما رفع إليه المصحف قال : إن فيه لحنا ، وستقيمه العرب بألسنتها ) وفي السند إليه إبهام بقول أحد الرواة : حدثنا أصحابنا .

فيتحصل مما سبق أنه لا تصح أسانيد هذه الآثار ، وضعف أسانيدها يشكك في دقة متونها ، وعن مصدر هذه المتون .

خامسا :

وقد أجاب العلماء عن هذه الآثار بأجوبة أخرى ، نسردها ههنا موجزة ، ثم نتبعها بالنقول المطولة عن أهل العلم لمن أراد الفائدة :

1-اتفاق مصاحف الصحابة جميعهم على هذه الآيات ، واتفاق المسلمين على القراءة بها خلفا عن سلف ، دليل على عدم وقوع اللحن من الكاتب ، بل هكذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم .

2-توافر همم الصحابة والتابعين على نقل القرآن الكريم ، بل ونقل تفاصيل السنة النبوية، وخدمة هذا الدين بالمهج والأرواح والأموال

يقضي بتعذر وقوع أخطاء من كتاب القرآن الكريم ، ثم لا يصلحها أحد بعدهم إلى يومنا هذا .

3-غير ممكن أن يتولى عثمان رضي الله عنه نسخ القرآن ونشره في الآفاق ليرفع الخلاف بين القراء ، ثم يترك في هذه المصاحف خطأ سببه الكتاب ، ولا يأمر بإصلاحه ، التصديق بذلك مخالف لمقتضيات العقل السليم .

4-يمكن فهم كلام عثمان على أنه أراد باللحن : اللحن في التلاوة بسبب اشتباه الرسم على الناس في بعض الأحيان ، فطمأن أن سلامة ألسنة العرب ستصحح تلاوة من يخطئ في قراءة كلمات القرآن .

هذا تفسير أبي عمرو الداني للأثر .

5-كما يمكن فهم كلام عائشة على أنها ترى أن لو اختيرت القراءات الأخرى الموافقة للمشهور من قواعد اللغة العربية بين العامة لكان أفضل

فتخطئتها للكتاب بمعنى مخالفة القراءة المشهورة ، والوجه الفاشي في العرب من أعاريبها .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله :

" في قراءة أبيّ بن كعب : ( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ ) ، وكذلك هو في مصحفه فيما ذكروا ، فلو كان ذلك خطأ من الكاتب لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف

غير مصحفنا الذي كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه ، بخلاف ما هو في مصحفنا ، وفي اتفاق مصحفنا ومصحف أبيّ في ذلك ما يدل على أنّ الذي في مصحفنا من ذلك صواب غير خطأ

مع أن ذلك لو كان خطأ من جهة الخطِّ لم يكن الذين أخذ عنهم القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمون من علَّموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن ، ولأصلحوه بألسنتهم ، ولقَّنوه الأمة تعليمًا على وجه الصواب .

وفي نقل المسلمين جميعًا ذلك قراءةً على ما هو به في الخط مرسومًا أدلُّ الدليل على صحة ذلك وصوابه ، وأن لا صنع في ذلك للكاتب "

انتهى من" جامع البيان " (9/397) .

وينظر أيضا : " الكشاف " ، للزمخشري (1/590) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-30, 17:11   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ويقول أبو عمرو الداني رحمه الله :

" فإن قال قائل : فما تقول في الخبر الذي رويتموه عن يحيى بن يعمر وعكرمة مولى ابن عباس عن عثمان رضي الله عنه : إن المصاحف لما نّسخت عُرضت عليه فوجد فيها حروفا من اللحن فقال

: اتركوها فإن العرب ستقيمها أو ستعربها بلسانها . إذ يدل على خطأ في الرسم ؟

قلت : هذا الخبر عندنا لا يقوم بمثله حجة ، ولا يصح به دليل ، من جهتين :

أحدهما : أنه مع تخليط في إسناده ، واضطراب في ألفاظه : مرسل ؛ لأن ابن يعمر وعكرمة لم يسمعا من عثمان شيئا ، ولا رأياه .

وأيضا : فإن ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان رضي الله عنه ، لما فيه من الطعن عليه ، مع محلّه من الدين ، ومكانه من الإسلام ، وشدّة اجتهاده في بذل النصيحة ، واهتباله بما فيه الصلاح للأمة

فغير ممكن أن يتولى لهم جمع المصحف مع سائر الصحابة الأتقياء الأبرار نظرا لهم ليرتفع الاختلاف في القرآن بينهم ،

ثم يترك لهم فيه مع ذلك لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده ممن لا شك أنه لا يدرك مداه ولا يبلغ غايته ولا غاية من شاهده ، هذا ما لا يجوز لقائل أن يقوله ، ولا يحل لأحد أن يعتقده .

فإن قال :

فما وجه ذلك عندك لو صحّ عن عثمان رضي الله عنه ؟

قلت : وجهه أن يكون عثمان رضي الله عنه أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم ، إذ كان كثير منه لو تُلي على رسمه لانقلب بذلك معنى التلاوة ، وتغيرت ألفاظها

ألا ترى قوله ( أو لاأذبحنّه ) و ( لاأوضعوا ) و ( من نبأي المرسلين ) و ( سأوريكم ) و ( الربوا ) وشبهه مما زيدت الألف والياء والواو في رسمه ، لو تلاه تالٍ لا معرفة له بحقيقة الرسم على صورته في الخط..

. ولزاد في اللفظ ما ليس فيه ولا من أصله ، فأتى من اللحن بما لا خفاء به على من سمعه ، مع كون رسم ذلك كذلك جائزا مستعملا ، فأعلم عثمان رضي الله عنه إذ وقف على ذلك أن من فاته تمييز ذلك

وعزبت معرفته عنه ممن يأتي بعده ، سيأخذ ذلك عن العرب ، إذ هم الذين نزل القرآن بلغتهم ، فيعرِّفونه بحقيقة تلاوته ، ويدلّونه على صواب رسمه ، فهذا وجهه عندي . والله أعلم .

فإن قيل : فما معنى قول عثمان رضي الله عنه في آخر هذا الخبر : ( لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد هذه الحروف ) ؟

قلت : معناه : أي توجد فيه مرسومة بتلك الصور المبنية على المعاني دون الألفاظ المخالفة لذلك ، إذ كانت قريش ومَن ولي نَسْخ المصاحف مِن غيرها قد استعملوا ذلك في كثير من الكتابة

وسلكوا فيها تلك الطريقة ، ولم تكن ثقيف وهذيل مع فصاحتهما يستعملان ذلك

فلو أنهما وليتا من أمر المصاحف ما وليه من تقدم من المهاجرين والأنصار لَرَسَمَتا جميع تلك الحروف على حال استقرارها في اللفظ ووجدها في المنطق دون المعاني والوجوه

إذ ذلك هو المعهود عندهما ، والذي جرى عليه استعمالها ، هذا تأويل قول عثمان عندي لو ثبت وجاء مجيء الحجّة وبالله التوفيق .

فإن قيل : فما تأويل الخبر الذي رويتموه أيضا عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن

عن قوله : ( إن هذين لسحران )، وعن : ( والمقيمين الصلوة والمؤتون الزكوة )، وعن ( إن الذين ءامنوا والذين هادوا.. والصبئون ) فقالت : يا ابن أختي ! هذا عمل الكتّاب ، أخطئوا في الكتابة .

قلت : تأويله ظاهر ، وذلك أن عروة لم يسأل عائشة فيه عن حروف الرسم تزاد فيها لمعنى وتنقص منها لآخر ، تأكيدا للبيان ، وطلبا للخفة

وإنما سألها فيه عن حروف من القراءة المختلفة الألفاظ ، المحتملة الوجوه على اختلاف اللغات التي أذن الله عز وجل لنبيه عليه السلام ولأمته في القراءة بها

واللزوم على ما شاءت منها ، تيسيرا لها ، وتوسعة عليها ، وما هذا سبيله وتلك حاله ، فعن اللحن والخطأ والوهم والزلل بمعزل ، لفشوه في اللغة ، ووضحه في قياس العربية

وإذا كان الأمر في ذلك كذلك ، فليس ما قصدته فيه بداخل في معنى المرسوم ، ولا هو من سببه في شيء ، وإنما سمى عروة ذلك لحنا

وأطلقت عائشة على مرسومه كذلك الخطأ ، على جهة الاتساع في الأخبار ، وطريق المجاز في العبارة ، إذ كان ذلك مخالفا لمذهبهما ، وخارجا عن اختيارهما

وكان الأوجه والأولى عندهما ، والأكثر والأفشى لديهما ، لا على وجه الحقيقة والتحصيل والقطع ، لما بيناه قبل من جواز ذلك ، وفشوه في اللغة ، واستعمال مثله في قياس العربية

مع انعقاد الإجماع على تلاوته كذلك دون ما ذهبا إليه ، إلا ما كان من شذوذ أبي عمرو بن العلاء في ( إن هذين ) خاصة ، هذا الذي يحمل عليه هذا الخبر ويتأول فيه

دون أن يقطع به على أن أم المؤمنين رضي الله عنها مع عظم محلها وجليل قدرها واتساع علمها ومعرفتها بلغة قومها لحَّنت الصحابة

وخطَّأت الكتبة، وموضعها من الفصاحة والعلم باللغة موضعهم الذي لا يجهل ولا ينكر ، هذا ما لا يسوغ ولا يجوز .

وقد تأول بعض علمائنا قول أم المؤمنين : ( أخطأوا في الكتاب )، أي : أخطأوا في اختيار الأولى من الأحرف السبعة بجمع الناس عليه

لا أن الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز ، لأن ما لا يجوز مردود بإجماع ، وإن طالت مدة وقوعه ، وعظم قدر موقعه ، وتأول اللحن أنه القراءة واللغة

كقول عمر رضي الله عنه : ( أُبَيٌّ أقرؤنا ، وإنا لندع بعض لحنه ) أي قراءته ولغته ، وهذا بيِّنٌ ، والله الموفق "

انتهى من" المقنع " (118-119) .

ويقول السيوطي رحمه الله :

" هذه الآثار مشكلة جدا :

وكيف يظن بالصحابة أولا أنهم يلحنون في الكلام فضلا عن القرآن وهم الفصحاء اللد !

ثم كيف يظن بهم ثانيا في القرآن الذي تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم كما أنزل ، وحفظوه ، وضبطوه ، وأتقنوه !

ثم كيف يظن بهم ثالثا اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته !

ثم كيف يظن بهم رابعا عدم تنبههم ورجوعهم عنه !

ثم كيف يظن بعثمان أنه ينهى عن تغييره !

ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضي ذلك الخطأ ، وهو مروي بالتواتر خلفا عن سلف !!

هذا مما يستحيل عقلا وشرعا وعادة .

وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أجوبة :

أحدها : أن ذلك لا يصح عن عثمان ، فإن إسناده ضعيف مضطرب منقطع ، ولأن عثمان جعل للناس إماما يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ،

فإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك ، وهم الخيار ، فكيف يقيمه غيرهم !!

وأيضا فإنه لم يكتب مصحفا واحدا بل كتب عدة مصاحف ، فإن قيل : إن اللحن وقع في جميعها فبعيد اتفاقها على ذلك

أو في بعضها : فهو اعتراف بصحة البعض ، ولم يذكر أحد من الناس أن اللحن كان في مصحف دون مصحف ، ولم تأت المصاحف قط مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءة ، وليس ذلك بلحن .

الوجه الثاني : على تقدير صحة الرواية إن ذلك محمول على الرمز ، والإشارة ، ومواضع الحذف ، نحو : الكتب ، والصبرين ، وما أشبه ذلك .

الثالث : أنه مؤول على أشياء خالف لفظها رسمها ، كما كتبوا ( ولاأوضعوا )، و ( لاأذبحنه ) بألف بعد لا ، و ( جزاؤا الظالمين ) بواو وألف ، و ( بأييد ) بيائين ، فلو قرئ بظاهر الخط لكان لحنا .

وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشته في كتاب المصاحف .

وقال ابن الأنباري في كتاب " الرد على من خالف مصحف عثمان " في الأحاديث المروية عن عثمان في ذلك : لا تقوم بها حجة ؛ لأنها منقطعة غير متصلة

وما يشهد عقل بأن عثمان - وهو إمام الأمة الذي هو إمام الناس في وقته وقدوتهم - يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام ، فيتبين فيه خللا ، ويشاهد في خطه زللا فلا يصلحه

كلا والله ما يتوهم عليه هذا ذو إنصاف وتمييز ، ولا يعتقد أنه أخر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده ، وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه

والوقوف عند حكمه ، ومن زعم أن عثمان أراد بقوله أرى فيه لحنا ، أرى في خطه لحنا إذا أقمناه بألسنتنا كان لحن الخط غير مفسد ولا محرف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب فقد أبطل ولم يصب

لأن الخط منبئ عن النطق ، فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه ، ولم يكن عثمان ليؤخر فسادا في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق

ومعلوم أنه كان مواصلا لدرس القرآن ، متقنا لألفاظه ، موافقا على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي ، ثم أيد ذلك بما أخرجه أبو عبيد قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي

عن عبد الله بن مبارك ، حدثنا أبو وائل شيخ من أهل اليمن ، عن هانئ البربري ، مولى عثمان قال : كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف

فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب فيها : ( لم يتسن )، وفيها : ( لا تبديل للخلق )، وفيها : ( فأمهل الكافرين )، قال : فدعا بالدواة فمحا أحد اللامين فكتب لخلق الله ، ومحى فأمهل

وكتب فمهل ، وكتب لم يتسنه ، ألحق فيها الهاء .

قال ابن الأنباري : فكيف يدعى عليه أنه رأى فسادا فأمضاه وهو يوقف على ما كتب ويرفع الخلاف إليه الواقع من الناسخين ليحكم بالحق ويلزمهم إثبات الصواب وتخليده انتهى.

قلت ويؤيد هذا أيضا ما أخرجه ابن أشته في المصاحف قال : حدثنا الحسن بن عثمان ، أنبأنا الربيع بن بدر ، عن سوار بن شبيب قال : سألت ابن الزبير عن المصاحف

فقال : قام رجل إلى عمر فقال : يا أمير المؤمنين ! إن الناس قد اختلفوا في القرآن ! فكان عمر قد هم أن يجمع القرآن على قراءة واحدة

فطعن طعنته التي مات بها ، فلما كان في خلافة عثمان قام ذلك الرجل فذكر له ، فجمع عثمان المصاحف ، ثم بعثني إلى عائشة ، فجئت بالصحف فعرضناها عليها حتى قومناها ، ثم أمر بسائرها فشققت .

فهذا يدل على أنهم ضبطوها وأتقنوها ولم يتركوا فيها ما يحتاج إلى إصلاح ولا تقويم.

ثم قال ابن اشته : أنبأنا محمد بن يعقوب ، أنبأنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، أنبأنا أحمد بن مسعدة ، أنبأنا إسماعيل ، أخبرني الحارث بن عبد الرحمن

عن عبد الأعلى ابن عبد الله بن عامر قال : لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال : أحسنتم وأجملتم أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا .

فهذا الأثر لا إشكال فيه ، وبه يتضح معنى ما تقدم ، فكأنه عرض عليه عقب الفراغ من كتابته

فرأى فيه شيئا كتب على غير لسان قريش كما وقع لهم في : التابوة والتابوت فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريش ، ثم وفى بذلك عند العرض والتقويم

ولم يترك فيه شيئا ، ولعل من روى تلك الآثار السابقة عنه حرفها ، ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان ، فلزم منه ما لزم من الإشكال ، فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك ، ولله الحمد.

وبعد فهذه الأجوبة لا يصلح منها شيء عن حديث عائشة :

أما الجواب بالتضعيف فلأن إسناده صحيح كما ترى .

وأما الجواب بالرمز وما بعده فلأن سؤال عروة عن الأحرف المذكور لا يطابقه .

فقد أجاب عنه ابن أشته وتبعه ابن جبارة في " شرح الرائية " بأن معنى قولها : ( أخطئوا )

أي : في اختيار الأولى من الأحرف السبعة لجمع الناس عليه ، لا أن الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز . قال : والدليل على ذلك أن ما لا يجوز مردود بإجماع وإن طالت مدة وقوعه .

قال : وأما قول سعيد بن جبير لحن من الكاتب ، فيعني باللحن القراءة واللغة ، يعني أنها لغة الذي كتبها وقراءته ، وفيها قراءة أخرى.

ثم أخرج عن إبراهيم النخعي أنه قال : ( إن هذان لساحران )، و ( إن هذين لساحران ) سواء لعلهم كتبوا الألف مكان الياء ، والواو في قوله : ( والصابئون ) مكان الياء .

قال ابن أشته : يعني أنه من إبدال حرف في الكتاب بحرف ، مثل : الصلوة ، والزكوة ، والحيوة.

وأقول : هذا الجواب إنما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها ، وأما القراءة على مقتضى الرسم فلا "

انتهى من" الإتقان في علوم القرآن " (ص/1241-1247) .

وينظر أيضا : " مجموع الفتاوى "

لشيخ الإسلام ابن تيمية (15/252-255) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-30, 17:14   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بيان سبب حذف حرف الياء من أواخر بعض الكلمات في القرآن مثل (يسر) و (قوم)

السؤال

لماذا يحذف القرآن حرف "الياء" من أواخر بعض الكلمات من مثل "يسرِ" "قومِ" "ربِ" ؟

الجواب

الحمد لله


أولاً :

قال تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) الفجر/ 4 .

قرئ بإثبات الياء وصلا ووقفا ، وقرئ بحذفها وصلا ووقفا ، وقرئ بإثباتها وصلا وحذفها وقفا .

قال القرطبي رحمه الله :

" قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَيَعْقُوبُ" يَسْرِي" بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْحَالَيْنِ ، عَلَى الْأَصْلِ ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَجْزُومَةٍ ، فَثَبَتَتْ فِيهَا الْيَاءُ ، وَقَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو بِإِثْبَاتِهَا فِي الْوَصْلِ ، وَبِحَذْفِهَا فِي الْوَقْفِ

وَرُوِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَانَ الْكِسَائِيُّ يَقُولُ مَرَّةً بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ، وَبِحَذْفِهَا فِي الْوَقْفِ ، اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَذْفِ الْيَاء

فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَهْلِ الشَّامِ وَالْكُوفَةِ ، وَاخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ، اتِّبَاعًا لِلْخَطِّ ، لِأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِغَيْرِ يَاءٍ "

انتهى من "تفسير القرطبي" (20/ 42-43) .

وإنما حذفت الياء عند من قرأ بالحذف اتباعا لخط المصحف ، ومراعاة لرءوس الآي ، وقيل : اكتفاء بالكسرة قبلها ، وقيل في توجيه الحذف غير ذلك .

ينظر : "تفسير القرطبي" (20/ 43) .

ثانيا :

قال عز وجل : ( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ) الأنعام/ 135 .

وقال عز وجل : ( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) الأعراف/ 65 ، إلى غير ذلك من الآيات .

حذفت الياء من ( يا قوم ) اختصارا ، واكتفاء بالكسر قبلها .

ومثل ذلك حذف الياء من ( ربِّ ) .

قال تعالى : (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) الأعراف/ 151 .

فالحركات إذا أدت معنى الحرف وخاصة فيما يكون الاختصار فيه أنسب - كما في النداء والدعاء - اكتفي بالحركة وحذف الحرف .

قال ابن زنجلة رحمه الله في "حجة القراءات" (ص 353-354) .

" يَاء الْإِضَافَة تحذف فِي النداء كَمَا يحذف التَّنْوِين وَتبقى الكسرة تدل على الْيَاء كَمَا تَقول : رب اغْفِر لي

وَفِي التَّنْزِيل رب قد آتيتني من الْملك و يَا قوم وَالْأَصْل يَا قومِي ، فحذفت الْيَاء، وَإِنَّمَا تحذف فِي النداء لِأَن بَاب النداء بَاب التَّغْيِير والحذف " انتهى .

وينظر : "الدر المصون" (2/ 572) .

وقال القرطبي رحمه الله :

" قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا قَوْمِ) مُنَادَى مُضَافٌ وَحُذِفَتِ الْيَاءُ فِي" يَا قَوْمِ" لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَذْفٍ وَالْكَسْرَةُ تَدُلُّ عَلَيْهَا وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ التَّنْوِينِ فَحَذَفْتَهَا كَمَا تَحْذِفُ التَّنْوِينَ مِنَ الْمُفْرَدِ

وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ إِثْبَاتُهَا سَاكِنَةً ، فَتَقُولُ " يَا قَوْمِي " ... وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتَهَا

وَإِنْ شِئْتَ أَلْحَقْتَ مَعَهَا هَاءً فَقُلْتَ : "يَا قَوْمِيَهْ " ، وَإِنْ شِئْتَ أَبْدَلْتَ مِنْهَا أَلِفًا ، لِأَنَّهَا أَخَفُّ فَقُلْتَ : " يَا قَوْمًا " ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ "يَا قَوْمُ" بِمَعْنَى يَا أَيُّهَا الْقَوْمُ "

انتهى باختصا من "تفسير القرطبي" (1/ 400) .

وراجع للفائدة إجابة السؤال السابق

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-30, 17:27   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ترد عليه وساوس يظنها شبهات تتعلق بالقرآن الكريم

السؤال

وردت علي شبهة ، وهي أن القرآن من عند الله ، لكنه قد استرقته الجن من السماء ، ثم أوحته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وغيرت فيه أشياء لا تؤثر في مظهره

لكن تغير معناه . أعلم أنها شبهة سخيفة ، لكنها لا تريد الذهاب عن رأسي . هل يمكن هذا عقلا ، أن يُضل الله الناس بإرادته وقصده ، ألا يكون هذا طعنا فيه ؟


الجواب

الحمد لله

الشبهة في اللغة العربية تعني الإشكال والالتباس ، بحيث يختلط الأمر على صاحب الشبهة فلا يدري الكشف والتوجيه .

" لسان العرب " (13/505) ، " تاج العروس " (36/413) .

وهذا شأن القضايا التي تشكل على العقل الموضوعي حقيقة ، وتحمل في طياتها بوادر التعارض أو تكتسي لباس الغموض والخفاء ، ويكفي أن تعرض القضية على بعض العقلاء لتقدير إشكالها وحاجتها إلى الجواب .

أما أن تطلق " الشبهة " على خواطر النفس ، ووساوس الشيطان ، فهذا من المزالق التي نربأ بالمسلمين أن يقعوا في حبالها ؛ لأن الخواطر والهواجس التي تتحدث بها النفس الأمارة كثيرة

فإذا ظن صاحبها أنها شبهات حقيقية غرق في أوهامها ، ولم يكد يتمكن من الخروج منها ، وظن نفسه في أمواج متلاطمة من سواد القلب وشبهات العقل ، وحقيقة الأمر أنه في وحل ضحل من الوهم والسراب .

هذا ما يمكننا أن نصف به سؤالك أخانا السائل ؛ فالجن لا تتمكن إلا من استراق الكلمة والكلمتين ، أما أن تسترق كتابا كاملا فهذا ليس بالأمر الممكن

وإذا كنت تقر بأن القرآن كلام الله تعالى ، فهذا يعني أنك تؤمن بأنه سبحانه القوي القادر الذي خلق الإنس والجن جميعا ، فلا يتمكن الجن من التصرف في خلقه بما يعارض حكمته ومشيئته عز وجل

. قال تعالى في سورة الجن : ( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا . وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) الآيات/8-9.

وهو سبحانه الذي قضى بحفظ القرآن وعصمته من التحريف والزيادة أو النقصان ، فقال عز وجل : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9 ، فكيف يقبل العقل أن يكون مثل هذا الكلام من تحريف الجن .

وهل هذه الوساوس إلا أعظم السب لرب العالمين ، ونسبة النقص والعيب إليه ، في قدرته ، وحكمته ، وشريعته ؟

وكيف ستوحي الجن إلى الرسول الكريم قولهم : ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) الشعراء/193.

وقد كانت هذه الوساوس نزرا يسيرا مما أفاضت به عقول المشركين وقلوبهم ، قال تعالى : ( وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ . إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ . فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وما جاء به الرسول مناقض لمراد الشياطين غاية المناقضة ، فلم يحدث في الأرض أمر أعظم مناقضة لمراد الشياطين من إرسال محمد ، ونزول القرآن عليه ، فيمتنع أن تفعل الشياطين ما لا يريدون إلا نقيضه .

وهم - أيضا - ممنوعون من ذلك ، بحيث لا يصلح لهم ذلك ، ولا يتأتى منهم ؛ كما أن الساحر لا ينبغي له أن يكون نبيا ، والمعروف بالكذب والفجور لا ينبغي له - مع ذلك - أن يكون نبيا، ولا أن يكون حاكما

ولا شاهدا ، ولا مفتيا ; إذ الكذب والفجور يناقض مقصود الحكم والشهادة والفتيا ؛ فكذلك ما في طبع الشياطين من إرادة الكذب والفجور يناقض أن تتنزل

بهذا الكلام الذي هو في غاية الصدق والعدل، لم يشتمل على كذبة واحدة ولا ظلم لأحد " .

انتهى من " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (5/ 349) .

وقال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله :

" فأثبت تعالى أن القرآن كلامه وتنزيله , وأن جبريل عليه السلام رسول منه

مبلغ كلامه إلى الرسول البشري محمد صلى الله عليه وسلم , وهو مبلغ له إلى الناس . ثم نفى ما افتراه المشركون عليه فقال : ( وما تنزلت به الشياطين ) وقرر انتفاء ذلك بثلاثة أمور :

الأول : بعد الشياطين وأعمالهم عن القرآن , وبعده وبعد مقاصده منهم , فقال تعالى : ( وما ينبغي لهم )؛ لأن الشياطين مقاصدها الفساد والكفر والمعاصي والبغي والعتو والتمرد وغير ذلك من القبائح ,

والقرآن آت بصلاح الدنيا والآخرة , آمر بأصول الإيمان وشرائعه , مقرر لها مرغب فيها , زاجر عن الكفر والمعاصي ، ذام لها ، متوعد عليها ,

آمر بالمعروف ناه عن المنكر , ما من خير آجل ولا عاجل إلا وفيه الدلالة عليه والدعوة إليه والبيان له , وما من شر عاجل ولا آجل إلا وفيه النهي عنه والتحذير منه , فأين هذا من مقاصد الشياطين ؟!

الثاني : عجزهم عنه ، فقال تعالى : ( وما يستطيعون ) أي : لو انبغى لهم ما استطاعوه ؛ لأنه كلام رب العالمين ، ليس يشبه كلام شيء من المخلوقين , وليس في وسعهم الإتيان به

ولا بسورة من مثله : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) الإسراء/ 88 .

الثالث : عزلهم عن السمع ، وطردهم عن مقاعده التي كانوا يقعدون من السماء قبل نزول القرآن

, فقال تعالى : ( إنهم عن السمع لمعزولون ) فبين تعالى - مع كونه لا ينبغي لهم - أنه لو انبغى ما استطاعوا الإتيان به أو بمثله ، لا من عند أنفسهم ، ولا نقلا عن غيرهم من الملائكة ,

نفى عنهم الأول بعدم الاستطاعة ، والثاني بعزلهم عن السمع وطردهم منه , قال الله عز وجل : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) الحجر/9

إلى قوله : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ) الحجر/ 16-18

وقال تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات/ 6-10 ،

وقال تعالى : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ) الملك/ 5

.. وفي صحيح البخاري قالت عائشة رضي الله عنها : "

سأل ناس النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال : ( إنهم ليسوا بشيء ، قالوا : يا رسول الله إنهم يحدثون بالشيء يكون حقا

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تلك الكلمة من الحق يحفظها الجني فيقرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاج ، فيخلطون معها أكثر من مائة كذبة ) " .

انتهى باختصار من " معارج القبول بشرح سلم الوصول " (2/ 568-571) .

لذلك لا نرى الخوض في تفصيل الجواب عن هذه الهواجس التي ترد عليك ، بل ننصحك بالاجتهاد في الانصراف عنها ، وأول خطوة في سبيل تحقيق ذلك :

أن تعود عقلك وقلبك أخذ الأمور على ظاهر ما يبدو منها بحكم العقل والحواس ، فأنت حين ترى كتابا لمؤلف عالمي معروف مثلا ، من طباعة إحدى دور النشر المشهورة أيضا

فلا تتردد في نسبة الكتاب لصاحبه ، والقراءة فيه للانتفاع به ، فإذا سمحت لخواطر النفس وهواجس الوسواس بدأت تتشكك في كل شيء ، لعل دار النشر تكذب

أو لعل المؤلف شخصية وهمية ، وهكذا تفقد مسلمات العقول التي تتعامل بها في جميع شؤون الحياة .

والعلاج يبدأ من سهولة التصورات وبساطة التصديقات ، والثقة بتلقي أدوات المعرفة التي وهبنا الله إياها ، وعدم التعمق إلا في القضايا العلمية التي يطرحها العلماء والمفكرون والمثقفون للبحث والقراءة والمناقشة .

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ : مَنْ خَلَقَ كَذَا ، مَنْ خَلَقَ كَذَا ، حَتَّى يَقُولَ : مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ ) رواه البخاري (3276) ، ومسلم (134) .

يقول ابن القيم رحمه الله :

" العلم حين تخالط القلوب بشاشته ، فإنه يستخرج منها زبد الشبهات الباطلة ، فيطفو على وجه القلب ، كما يستخرج السيل من الوادي زبدا يعلو فوق الماء ، وأخبر سبحانه أنه رابٍ

يطفو ويعلو على الماء ، لا يستقر في أرض الوادي ، كذلك الشبهات الباطلة إذا أخرجها العلم ربت فوق القلوب وطفت ، فلا تستقر فيه ، بل تجفى وترمى

فيستقر في القلب ما ينفع صاحبه والناسَ من الهدى ودين الحق ، كما يستقر في الوادي الماء الصافي ، ويذهب الزبد جفاء "

انتهى من " مفتاح دار السعادة " (1/61) .

فالنصيحة لك أن تشتغل بالعمل الصالح والعلم النافع ، فتبحث عن باب خير يفتح الله عليك فيه ، وتجد في نفسك إقبالا عليه ، وإخلاصا وحبا له

فتستغرق فيه أيامك وأوقاتك ، وتجتنب عوائق الطريق التي تقطع على المرء نجاحه ، وتذكر أننا في ساعة الحساب بين يدي رب العباد ستغيب عنا كل هذه الخواطر والهواجس

وستبقى المقاصد العالية ، والأسئلة الكبيرة التي خلقنا لأجلها وسيسألنا عنها ، عن أركان الإسلام وأركان الإيمان ، وعن ما قدمناه من عمل صالح وخير للناس أجمعين .

وللمزيد من الاطلاع ننصح بمراجعة الفتوى القادمه

نسأل الله لنا ولك العفو والعافية .









رد مع اقتباس
قديم 2018-12-30, 17:38   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

موقف المسلم مما يوجد من مقالات ومقاطع في الطعن بالقرآن الكريم ؟

السؤال

أنا في الرابعة عشرة من العمر ، وقد بدأت أدرك أن الإسلام هو الدين الصحيح حقّاً ، ومع هذا فإني أشعر بالأسى عندما أرى بعض الأشياء المناوئة للإسلام مثل بعض مقاطع الفيديو المعنون لها بـ " سبعون تناقضاً في القرآن "

إني لا أشاهد هذه المقاطع خشية على إيماني ، لكن مجرد رؤية ذلك العنوان يبعث تساؤلاً في نفسي مفاده " هل حقّاً هناك تناقضات في القرآن ؟

وماذا أفعل للتخلص من بعض الشكوك التي قد ترد على ذهني ؟ .


الجواب

الحمد لله


أولاً:

يعجبنا فيك وأنت في هذا السن رجاحة عقلك حتى إنك فعلتَ شيئاً لم يفعله كثير من الكبار وهو تركك لمشاهدة تلك المقاطع المتحدثة عن القرآن بالباطل وذلك خشية على إيمانك

فنعْم ما فعلتَ وهذا هو موقف المسلم الواجب عليه اتخاذه تجاه عموم الشبهات التي تورد على السمع ويريد منها أصحابها أن تنفد إلى قلب المسلم لتشككه في دينه

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه " ينقدح الشك في القلب بأول عارض من شبهة "

وقد نصح شيخُ الإسلام ابن تيمية تلميذَه ابنَ القيم بقوله " لا تجعل قلبَك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها ، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها

ولا تستقر فيها ، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته

وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها : صار مقرّاً للشبهات " فانتفع ابن القيم رحمه الله بهذه الوصية انتفاعاً عظيماً حتى قال " فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك " .

فخيرٌ للمسلم أن يبتعد عن الاطلاع على شبهات أعداء الإسلام ، لا لضعف في الإسلام بل لضعف المحل الذي تورَد عليه تلك الشبهات

وهو القلب ، وإلا فإن حجة الإسلام دامغة وهو صخرة إذا وقع على الباطل حطَّمه ، وإذا وقع عليه الباطل تحطَّم

وها هو مع كل ما يكيده له أعداؤه من الافتراءات في وسائل الإعلام جميعها ومع وجود الألوف من جنودهم في كل مكان لنشر الباطل والكذب عليه فإنه أسرع وأكثر الديانات انتشاراً ولله الفضل والمنَّة .

ثانياً:

اعلم – أخانا الفاضل – أن القرآن الكريم لو كان فيه ما يقولونه من تناقض واختلاف ، لرأيتَ البلغاء والفصحاء أو أصحاب المكر والكيد ، ممن شهدوا التنزيل

أول الناس إسراعاً لإظهار هذا والطعن فيه على القرآن ، ولكن لأنهم كانوا يحترمون عقولهم ، فلم يأتوا بما ليس تناقضاً ليصفوه بذلك ، ولا جاءوا بمواضع لنقدها وهي غاية في الفصاحة والبلاغة

وأما من جاء بعد أولئك من أهل الباطل فقد قلَّ علمهم ، وذهب حياؤهم ، فلا يهمهم أن يوصفوا بالغباء والجهل ، فكل غايتهم أن يرموا سهامهم المسمومة ، فلعلَّ بعضها أن يصيب ضعيف القلب وهذه غايتهم .

قال ابن قتيبة الدِّينَوري – رحمه الله - :

وقد اعترض كتابَ اللّه بالطعن ملحدون ولغوا فيه وهجروا ، واتبعوا ( ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ ) آل عمران/ 7 بأفهام كليلة ، وأبصار عليلة ، ونظر مدخول

فحرّفوا الكلام عن مواضعه ، وعدلوه عن سبله ، ثم قضوا عليه بالتّناقض والاستحالة واللّحن وفساد النّظم والاختلاف ، وأدلوا في ذلك بعلل ربما أمالت الضّعيف الغمر والحدث الغرّ

واعترضت بالشبه في القلوب وقدحت بالشكوك في الصدور ، ولو كان ما نحلوا إليه على تقريرهم و تأوّلهم : لسبق إلى الطعن به من لم يزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يحتجّ عليه بالقرآن

ويجعله العلَم لنبوّته ، والدليل على صدقه ويتحداه في موطن بعد موطن على أن يأتي بسورة من مثله ، وهم الفصحاء والبلغاء والخطباء والشعراء والمخصوصون من بين جميع الأنام بالألسنة الحداد واللّدد، في الخصام

مع اللّب والنّهى وأصالة الرّأي ، وقد وصفهم اللّه بذلك في غير موضع من الكتاب ، و كانوا مرّة يقولون : هو سحر ، ومرة يقولون : هو قول الكهنة

ومرة : أساطير الأولين ، ولم يحك اللّه تعالى عنهم - ولا بلغنا في شي ء من الروايات - أنهم جدبوه من الجهة التي جدبه منها الطاعنون .

فأحببت أن أنضح عن كتاب اللّه ، وأرمي من ورائه ، بالحجج النيّرة والبراهين البيّنة وأكشف للناس ما يلبسون .
فألفت هذا الكتاب جامعاً لـ " تأويل مشكل القرآن "

مستنبطاً ذلك من التفسير بزيادة في الشرح والإيضاح ، وحاملا ما لم أعلم فيه مقالا لإمام مطّلع على لغات العرب ، لأري به المعاند موضع المجاز وطريق الإمكان ، من غير أن أحكم فيه برأي ، أو أقضي عليه بتأويل .

" تأويل مشكل القرآن " ( ص 23 ) .

ثالثاً:

حتى يطمئن قلبك أكثر وأكثر فنرجو منك التأمل فيما تميَّز به القرآن حتى صار آية بيِّنة يشهد العقلاء على أنه ليس كلام البشر ، وهذه الأمور هي :

1. بلاغة القرآن التي سلبت عقول العرب الفصحاء البلغاء واتساق نظمه من أوله وآخره فلا تجد فيه آية وإلا وفيها من البلاغة ما يبهر العقول .

قال القاضي عياض – رحمه الله - :

وحكى الأصمعى أنه سمع كلام جارية فقال لها : قاتلك الله ما أفصحك ؟

فقالت : أو يعدُّ هذا فصاحة بعد قول الله تعالى ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) القصص/ 7

فجمع في آية واحدة بين أمريْن ونهييْن وخبريْن وبشارتيْن ؟! .

" الشفا بتعريف حقوق المصطفى " ( 1 / 263 ) .

2. ما جاء في القرآن من ذِكر وقائع ستحدثُ في المستقبل ، وقد حدثت بالفعل ، ومن ذلك قوله تعالى ( ألم . غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُون َ . فِي بِضْعِ سِنِينَ ) الروم/ 1 - 4) .

وانظر أمثلة أخرى في جواب السؤال رقم ( 23475 ) .

3. ما جاء في القرآن من الإخبار عن الأمم السابقة بما لم يبلغه علم الناس يومئذ ، بخبر ، ولا للعرب فيه كتاب ، ولا يعرفه العرب

قال تعالى ( تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا ) هود/ 49 .

4. ما جاء في القرآن من ذِكر لحقائق في خلق الإنسان وفي البحار والفضاء ، مما صار مقطوعاً به الآن ، ومن أوضحه : مراحل خلق الجنين مما اكتشف تفاصيله العلم الحديث كما في كتاب الله

قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) الحج/ 5 .

رابعاً:

من أفضل ما تستعين به – بعد الله تعالى – لدفع تلك الشبهات هو طلب العلم ، وهو الصخرة التي ذكرناها في أول الجواب ، وهو الزجاجة المصمتة الصلبة الصافية في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية

فمن تعلَّم العلمَ المؤصل المتين لا توقفه شبهة من تلك الشبهات ، إن شاء الله ، ولا يتوقف عندها ؛ بل يقذف بالحق الذي معه على باطلها ، فيدمغه ، فإذا هو زاهق .

قال ابن عبد البر – رحمه الله - :

وقال عبد الله بن وهب - صاحب مالك - : وكان أول أمري في العبادة قبل طلب العلم ، فولع مني الشيطان في ذكر عيسى بن مريم كيف خلقه الله عز وجل ونحو هذا

فشكوت ذلك إلى شيخ فقال لي : ابن وهب ! قلت : نعم ، قال : اطلب العلم ، فكان سبب طلبي العلم .

" جامع بيان العلم وفضله " ( 1 / 26 ، 27 ) .

والنصيحة لك أن تبقى على ما أنت عليه من البُعد عن الاطلاع على شبهات أعداء الدِّين والبُعد عن محاورتهم ونقاشهم ، إلى أن يشتد عودُك إيماناً وعلْماً

ثم لك بعد ذلك أن تسلَّ سيفك للدفاع عن هذا الدين كما فعله أئمة العلم قديماً وحديثاً

لكن إن صادفك شيء من ذلك ، على الرغم منك ، ووقع في نفسك منه شيء ، دون قصد لتتبع ذلك ، فبادر بعرضه على عالمه ، واسأل من يكشف عنك غمته ؛ فإذا أنت مستريح منه ، بإذن الله .

وكل من أعطى القرآن حقَّه من التدبر علم أنه من عند الله ، وأنه ليس في كلامه تعالى اختلاف ولا تناقض ، قال تعالى ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/ 82

وهذا الاختلاف والتناقض هو الواقع حقا فيما في أيدي النصارى اليوم من الأناجيل ؛ فإن فيها من الاختلاف والتناقض الشي

الكثير ، كما بيَّنه الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه " إظهار الحق "

وإذا رزقك الله علماً في الشريعة وأردت الاطلاع على ما يتعلق بطعونات أعداء الإسلام على القرآن ، فلا تنظر في شبهاتهم ، بل انظر في كتب أهل السنَّة التي تنقل ذلك وتدفعه

وانظر في ذلك كتابين مهمين : الأول " تأويل مشكل القرآن " للإمام ابن قتيبة الدينوري ، والثاني كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " للعلامة محمد الأمين الشنقيطي .

ونسأل الله تعالى أن يثبِّت قلبك على دينه وأن يسددك ويهديك لما يحب ويرضى .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2018-12-30 في 17:39.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعه القرآن وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:38

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc