ما من شك أن أيّ شيء حذّر منه القرآن الكريم و نهى عنه الرحمان الرحيم, إلا
وراءه أسرار كبيرة و يحمل في طيّاته عجائب عظيمة, و لعلّ من أهم هاته
الأشياء غض البصر, فنجد أن القرآن الكريم شدّد في هاته المسألة كثيرا, و جعل
من علامات نقص الإيمان الإطلاق للبصر العنان فأمر كل من أراد أن يتّصف
بالإيمان الحقيقي الكامل أن يغض من بصره و يحافظ عليه من الحرام و شمل
في ذلك الرجال و النساء في قوله تعالىقل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إنّ الله خبير بما يصنعون و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن)و قوله تعالى كذلك و هو يحملنا مسؤوليتنا على أبصارنا (إنّ السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) وقد نبّهنا الرّسول عليه الصّلاة و السّلام كذلك لخطورة النظرة الحرام فقال صلّى الله عليه و سلّم:" النظرة سهم من سهام إبليس المسمومة , فمن تركها من خوف من الله عزوجل أثابه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه"
والسهم إذا دخل الجسم أحدث جرحا فقد يتلف مكانا معينا,أمّا حين يكون السهم مسموما فإن السم يسري إلى كل أنحاء الجسم.
فالنبي عليه الصّلاة و السّلام قبل 14 قرنا بيّن مخاطر النظرة التي تتبع النظرة , فالنظرة كالضغط على الزناد, الذي تبدأ بسببه سلسلة من التفاعلات والإفرازات الهرمونية الجنسية المعقدة, التي لها تأثير على كل عضو, بل على كل خليه, والتي تهيء الجسم لعملية الاتصال الجنسي وكل هذا يجب أن يتمّ في وقت محدّد, أمّا إذا استمر إنطلاق هذه الهرمونات في الجسم دون تفريغ هذه الشحنة, فإنّها سوف تؤدّي إلى مضاعفات خطيرة في الجسم.
وفي بحث أجري قبل 20 عاما تمّ التوصّل إلى النتائج التالية:
أنّ هذه الهرمونات تجري في الأوعيه,وتجول في جسم الإنسان الذي يطلق بصره في الحرام طوال النهار, والنبيّ الكريم نهى عن اتباع النظرة بالنظرة ونهى عن تبرّج النساء وعن تعطّر المرأة إذا خرجت من بيتها ونهى عن الخلوة بالأجنبية ونهى عن المصافحة ونهى أن تمتنع المرأة عن فراش زوجها وكل هذا للوقاية من أمراض كثيرة, فما الذي يحدث؟
أولا:ظهور رائحة كريهة جدا من الإبطين والقدمين من أثر دورة هذه السموم في الجسم طوال النهار بسبب إطلاق البصر و النظر في المجّلات الخليعة و المشاهد الجنسية المريعة و الأفلام و النساء الكاسيات العاريات… فهذا بدوره يؤدي إلى دورة هذه الهرمونات طوال النهار وزيادة كميتها وامتداد دورانها في الجسم ( الهرمونات الجنسية الزائدة عن الحدّ تعتبر سموما إذا زادت عن الكمية المحددة وكذالك إذا امتد إفرازها في الجسم طوال النهار )
ثانيا:تَوسُّع فتحات الغدد العرقية والدهنية في الكعبين وأسفل القدمين وفي المؤخرة, وهذا يسبب البواسير, وتوسع الفتحات الدهنية يسبب حب الشباب من دورة الهرمونات والهرمونات الجنسية, التي هي كالسموم, وتهيجها لحدّ أكثر من المتوسط يسبب داء الشقيقة أوالصُّداع النصفي الذي لا يوجد له علاج ليومنا هذا.
أما الشيء المخيف فآلام المفاصل ولا سيّما الكبيرة.. كمفصل الركبة والفخذ, ويبدوا أن هذه الهرمونات تقلل من لزوجة السائل الذي بين العظام وهذا يؤدي إلى جفاف السائل ثم احتكاك العظام ثم إلى آلام مفصلية لا تُحتمل.
أمّا في مجال القلب والأوعية الدموية فاستمرار هذه الهرمونات في الجسم تُسبب هبوط في ضربات القلب وبطء في الدوران الدموي. ثم إنّ هذه السموم قد تسبب جلطة دهنية إذا ما ترسّبت في مكان معين, ومن بعض هذه الآثار هو حدوث تَوسُّع في غدّة البروستاتة وكل هذا مصداقا لحديث رسولنا الكريم الذي أخبر به عن الله عزوجل:النظرة سهم من سهام إبليس المسمومة, فمن تركها من خوف من الله عزوجل أثابه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه
و لغض البصر فوائد عظيمة ذكر منها العلامة الشهير ابن القيّم عليه رحمة الله في كتابه (الداء والدواء)يقول: النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته، وفي غض البصر عدة منافع منها:
1- أنّه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.
2- أنّه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعلّ فيه هلاكه إلى قلبه.
3- أنّه يورث القلب أُنساً بالله وجمعية عليه، فإنّ إطلاق البصر ي يُُفرِّق القلب ويُشتِّته ويُبعده عن الله.
4- أنّه يُقوِّي القلب ويُفرحه كما أنّ إطلاق البصر يُضعِف القلب ويُحزِنه.
5- أنّه يُكسب القلب نوراً، ولهذا ذكر الله سبحانه آية النور عقب الأمر بغض البصر فقال تعالىقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم..) ثم قال إثر ذلكالله نور السماوات والأرض..)
6- أنّه يورث فَراسة صادقة يّميّز بها بين الحق والباطل، فالله تعالى يّجزي العبد على
عمله بما هو من جنس العمل، فإنّ غضّ بصره عن محارم الله عوّضه الله بأن
يُطلق نور بصيرته ويفتح عليه باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة.
و لاستكمال ما تلقى من فوائد و وسائل لعلاج هاته الآفة تابعونا في اللقاء المقبل
لكم مني أرقّ التحيات و أطيب الأمنيات
أخوكم