أسماء الله الحسنى وصفاته - الصفحة 11 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أسماء الله الحسنى وصفاته

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2020-03-23, 18:04   رقم المشاركة : 151
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل يجوز أن يقال :

" فلان وَليّ نعمتي " ؟


السؤال


هل يجوز أن يقول الشخص

( فلان ولي نعمتي ) ؟


الجواب

الحمد لله


الأصل أن ولي النعمة هو الله تعالى الذي أنعم على عبده بنعمته السابغة الظاهرة والباطنة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الخير كله لله وفى يديه وبه ومنه فهو وليّ نعمته – يعني العبد - ومبتدئُه بها من غير استحقاق

ومجريها عليه مع تَمَقُّتِه إليه بإعراضه وغفلته ومعصيته ، فحظه سبحانه الحمد والشكر والثناء ، وحظ العبد الذم والنقص والعيب "

انتهى من "الفوائد" (ص 113) .

ولكن ذلك لا يمنع أن يكون أحد عباده سبحانه ، ممن منّ الله عليه ، وليّاً للنعمة على غيره من عباد الله ، مع ما هو معلوم من الفرق العظيم بين إنعام الله الحقيقي على عباده جميعا

بخلق النعم ، وتقسيم الأرزاق ، وإنزالها من خزائنه سبحانه ، وبين أن ينعم بعض عباده بما أعطاه الله

وملكه من النعم ، وجعله مستخلفا فيها ، فما هو إلا مجرى لنعم الله على عباده ؛ فإنعام الخالق بحسبه سبحانه ، وإنعام المخلوق بحسب ما للمخلوق المملوك من تخويل الله له من النعم .

وإطلاق " ولي النعمة " و " مولى النعمة " على صاحب النعمة معروف في اللغة والشرع ، وأقرب شيء في ذلك وأشهره إطلاقها على السيد المُعتِق .

روى البيهقي (21966) عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ : " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى ابْنَ مَسْعُودٍ

فَقَالَ : إِنِّى أَعْتَقَتُ غُلاَمًا لِى وَجَعَلْتُهُ سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِنَّ أَهْلَ الإِسْلاَمِ لاَ يُسَيِّبُونَ إِنَّمَا كَانَتْ تُسَيِّبُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنْتَ وَارِثُهُ وَوَلِىُّ نِعْمَتِهِ فَإِنْ تَحَرَّجْتَ مِنْ شَىْءٍ فَأَرنَاهُ نَجْعَلُهُ فِى بَيْتِ الْمَالِ " .

وأصله في البخاري (6753) .

وقال القاضي عياض رحمه الله في "المشارق" (2/18) :

" مولى النعمة : المعتق " انتهى .

وقال الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن" (2/231) :

" الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ ; لِأَنَّهُ وَلِيُّ نِعْمَةٍ فِي عِتْقِهِ ; وَلِذَلِكَ سُمِّيَ مَوْلَى النِّعْمَةِ " انتهى .

وقال أيضا رحمه الله :

" جَعَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَقَّ مَوْلَى النِّعْمَةِ كَحَقِّ الْوَالِدِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ )

رواه مسلم (1510)

فَجَعَلَ عِتْقَهُ لِأَبِيهِ كِفَاءً لِحَقِّهِ وَمُسَاوِيًا لِيَدِهِ عِنْدَهُ وَنِعْمَتِهِ لديه "

انتهى من "أحكام القرآن" (1/ 169) .

وراجع : "شرح منتهى الإرادات" (2 /500) ، "كشاف القناع" (4 /405)

"اختلاف الأئمة العلماء" (2 /85)

"أنيس الفقهاء" (ص 98)

"الفواكه الدواني" (2/ 250) .

وفي اللغة :

قال ابن منظور رحمه الله :

" والمَوْلى مَوْلى النِّعْمة وهو المُعْتِقُ أَنعم على عبده بعتقِه "

انتهى من"لسان العرب" (15 /405)

وراجع : "تهذيب اللغة" (5 /205)

"المصباح المنير" (2/614)

"تاج العروس" (40 /243).

فعلى ذلك لا يظهر ما يمنع من إطلاق ذلك في حق بعض الخلق

مع استحضار الفرق السابق ، إلا أن يخشى أن يكون في الأمر شيء من الغلو في حق مخلوق ، أو المبالغة في منعه ، فيمنع حينئذ لأجل ذلك

لا لأن المخلوق لا يصح أنه يكون له نعمة على غيره .

والله تعالى أعلم .








 


آخر تعديل *عبدالرحمن* 2020-03-23 في 18:05.
قديم 2020-03-23, 18:10   رقم المشاركة : 152
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

الفرق بين اسم الله ( الآخر ) وبين أبدية أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار

السؤال

إذا كنّا سنعيش في الجنة عيشة أبدية لا موت فيها، أليس في ذلك مناقضة لحقيقة أنه لا أبدية إلا لله؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

لا شك أن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة فإنهم يحيون فيها منعمين خالدين أبدا

وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة :

أن أهل الجنة ينعمون في الجنة خالدين فيها أبدا ، وأهل النار يعذبون في النار خالدين فيها أبدا

قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) النساء/ 122 .

وقال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) الأحزاب/ 64، 65 .

وروى البخاري (4730) ومسلم (2849)

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟

فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ - وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ - ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ : هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟

فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ - وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ - فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ ، ثُمَّ قَرَأَ ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ) وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا ( وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) .

ثانيا :

هذه الحقيقة التي ذكرت في السؤال : "أنه لا أبدية إلا لله "

هي قول لا أصل له في الدين ، بل هو قول باطل بإجماع المسلمين على أن أهل الجنة يخلدون فيها أبد الآبدين ، خلودا بلا موت . وهكذا أهل النار ، الذين هم أهلها من الكفار .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن من المخلوقات ما لا يعدم ، وهو الجنة والنار والعرش وغير ذلك ، ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكتاب المبتدعين ، وهو قول باطل "

انتهى من "مختصر الفتاوي المصرية" (1 /169) .

ثالثا :

ينبغي أن ننتبه هنا إلى أمرين :

الأول : أن أبدية المخلوقات التي كتب الله لها البقاء في الدار الآخرة ، قد سبقها فناء وعدم ، وأما الله جل جلاله : فهو أول بلا ابتداء ، وآخر بلا انتهاء ، ولا فناء ، جل شانه .

الثاني : أن أبدية المخلوقين هي عطاء وهبة من الله ؛ فكما أنه وجود المخلوق إنما هو بخلق الله له

وليس وجودا من عنده ، أو عند غيره من المخلوقين ؛ فكذلك بقاء الخلق في الدار الآخرة ، إنما هو عطاء الله لهم ، وخلقه ، وتقديره .

وهذا يدلنا على أن بقاء الخلق وأبديته في الدار الآخرة ، لا يشبه بقاء الخالق سبحانه

وأن ما اختص الله به سبحانه في ذلك ليس هو مجرد البقاء الأبدي الذي لا يزول ؛ بل اختص الخالق سبحانه من ذلك بما يليق به من البقاء الكامل للخالق ، وللمخلوق ما يليق به من البقاء المخلوق من الله .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ " انتهى من

"مجموع الفتاوى" (13 /379) .

رابعا :

اختص الله سبحانه - في بقائه الأبدي - بصفة لا يشركه فيها غيره ، وهي صفة الآخرية

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ )

رواه مسلم (2713)

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ قَبْلَهُ ، وَلَا بَعْدَهُ ، وَلَا فَوْقَهُ ، وَلَا دُونَهُ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (16 /359)

وقال أيضا :

" هو الأول الذي ليس قبله شيء ، وهو الآخر الذي ليس بعده شيء ، فهو القديم الأزلي الدائم الباقي بلا زوال "

انتهى من " درء تعارض العقل والنقل " (1 /69) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" فأَولية الله عَزَّ وجَلَّ سابقة على أَولية كل ما سواه ، وآخريته ثابتة بعد آخرية كل ما سواه ، فأَوليته سبقه لكل شيء ، وآخريته بقاؤه بعد كل شيء

وظاهريته سبحانه فوقيته وعلوه على كل شيء ، ومعنى الظهور يقتضى العلو

وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه ، وبطونه سبحانه إِحاطته بكل شيء ، بحيث يكون أقرب إليه من نفسه ، وهذا قرب غير قرب المحب من حبيبه ، هذا لون ، وهذا لون .

فمدار هذه الأَسماءِ الأَربعة على الإحاطة ، وهى إحاطتان : زمانية ، ومكانيه ؛ فأحاطت أَوليته وآخريته بالقبل والبعد ، فكل سابق انتهى إِلى أَوليته

وكل آخر انتهى إِلى آخريته ؛ فأَحاطت أَوليته وآخريته بالأَوائل والأَواخر، وأَحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن ، فما من ظاهر إلا والله فوقه

وما من باطن إِلا والله دونه ، وما من أول إلا والله قبله ، وما من آخر إلا والله بعده ، فالأَول قِدَمه ، والآخر دوامه وبقاؤه ، والظاهر علوه وعظمته ، والباطن قربه ودنوه

فسبق كل شيء بأَوليته ، وبقى بعد كل شيء بآخريته ، وعلا على كل شيء بظهوره ، ودنا من كل شيء ببطونه ، فلا تواري منه سماء سماء

ولا أرض أرضا ، ولا يحجب عنه ظاهر باطن ، بل الباطن له ظاهر، والغيب عنده شهادة ، والبعيد منه قريب ، والسر عنده علانية، فهذه الأَسماءُ الأَربعة تشتمل على أَركان التوحيد

فهو الأَول فى آخريته والآخر فى أَوليته ، والظاهر في بطونه ، والباطن في ظهوره ، لم يزل أَولاً وآخراً ، وظاهراً وباطناً "

انتهى من "طريق الهجرتين" (31) .

والله أعلم .









قديم 2020-03-23, 18:17   رقم المشاركة : 153
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل تَثبت " صفة الركبة " لله عز وجل ؟

السؤال

قرأت في كتاب " نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي "

هذا الأثر عن مجاهد : ( يقول داود يوم القيامة : أدنني فيقال له : أدنه ، فيدنو حتى يمس ركبته ) .

هل أهل السنَّة والجماعة يثبتون صفة الركبة لله ؟

وهل قال شيخ الإسلام ابن تيمية بهذه الصفة أو ابن باز أو الشيخ ابن عثيمين رحمهم الله جميعاً ؟

وهل هذا الأثر مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ .


الجواب

الحمد لله

ما ذكره الأخ السائل من أثر مجاهد قد رواه الدارمي رحمه الله في كتابه " النقض " ( ص 463 )

من طريق سفيان بن عيينه عن حميد الأعرج عن مجاهد .

وقد جاء في تحقيق الشيخ منصور السماري لكتاب " النقض "

أن الأثر رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتابه " السنَّة " ( حديث 1085 ، 1181 )

عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير ، ومن غير ذِكر مس الركبة ، وصححه عنه .

وللأثر روايات أخرى بألفاظ مختلفة عن مجاهد وعبيد بن عمير وسعيد بن جبير وغيرهم

وأسانيد أقوالهم : منها ما هو صحيح

ومنها ما هو ضعيف .

وكل أولئك من التابعين الأجلاء ، ولو كانت رواية هؤلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لكانت مرسلة ضعيفة ، وهم لم يرووا ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولعلهم نقلوا ذلك عن كتب بني إسرائيل .

وصفات الله عَزَّ وجَلَّ توقيفية ؛ لا يُثبت منها إلا ما أثبته الله لنفسه ، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم

لأنه لا أحد أعلم بالله من نفسه تعالى ، ولا مخلوقٌ أعلم بخالقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي الوقت ذاته لا ينفي أهل السنَّة عن الله تعالى إلا ما نفاه الله تعالى عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم .

ولا يبنى القول في باب الأسماء والصفات على غرائب الأقوال ، ومفاريد الآثار ، التي لم يتداولها أهل السنة في مصنفاتهم ، ولم يقرروا ما تضمنته من المعاني .

قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ، رحمه الله :

" الاستقراء دل على أن التقييد لتقرير الاعتقاد ، ليس كالتقييد للنقض على أهل الفرق ، كالأشاعرة ، وذوي الاعتزال .. ، وبيان هذا :

أن السلف إذا كتبوا الاعتقاد على سبيل التقرير والبيان ، قصروا ذلك على موارد النصوص الثابتة ، ومنها : عقيدة الطحاوي ، وأبي الخطاب الكلوذاني ، وابن تيمية في العقيدة الواسطية ، وغيرها .

وأما إذا كتبوا للرد والنقض ، مثل كتاب : نقض الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد ؛ فإن مقام النقض يفرض الإبطال لكلام الخلفي .

ولهذا ، فلا يهولنك ما يهرج به الخلف على السلف ، من أنهم أطلقوا على الله كذا وكذا

كما هوَّش بذلك الكوثري في مقالاته على أهل السنة ، بعبارات نقلها الدارمي في نقضه ، وقد قفَّ شعري ، وحصل في النفس حسيكة على الإمام الدارمي من خلال نقول الكوثري عنه نص العبارة

وبرقم الصفحة ؛ فلما رجعت إلى مقولات المريسي ، وصاحبه ابن الثلجي ، وجدت أن الدارمي رحمه الله تعالى

أمام عبارات فجة ، وإطلاقات خلفية ، لا تصدر من متماسك في دينه وعقله . فالدارمي لم يبدأ بتلك العبارات ، وإنما هو في مجال النقض ، لا في مجال التقرير" .

اهـ من "الأجزاء الحديثية" (228-229) .

والحاصل :

أن " صفة الركبة " لم تثبت في آية أو حديث صحيح فلا نثبتها لله تعالى

كما أننا ـ أيضا ـ لا ننفيها عن الله تعالى ؛ لأنه لم يرد نفيها في نصوص القرآن والسنَّة

ولو ثبت التوقيف بهذه الصفة ، لما كان عندنا إشكال في القول بها ، كغيرها من الصفات ؛ والإيمان بها ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف .

وانظر جواب سؤال سابق بعنوان

بيان صفات الاستواء والوجه والساق لله تعالى ، وهل " الجسم " من صفاته تعالى


ولم نرّ هذه الصفة مثبتة في كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله

كما لم يثبتها مشايخنا المعاصرون ابن باز والعثيمين رحمهما الله .

والله أعلم


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-03-24, 18:13   رقم المشاركة : 154
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

ترجمة أسماء الله وصفاته إلى لغات أخرى وحكم الحلف بها مترجمة


السؤال

هل يجوز ترجمة أسماء الله وصفاته إلى لغة غير العربية ,

كما يقول الأنكليز ( God ) و

الأكراد يقولون ( خودي ) أي الله ,

وهل يجوز الحلف بهذه الأسماء باللغات التي ذكرت .


الجواب

الحمد لله


أولاً:

يشترط لجواز ترجمة معاني أسماء الله وصفاته بلغة غير العرب أمور :

1. أن يكون القائم على الترجمة بصيراً باللغة العربية ، وبصيراً باللغة التي يريد الترجمة لها.

2. أن يكون أميناً في نقله وترجمته .

3. أن يكون على علمٍ بالشريعة ، وأن يكون على اعتقاد أهل السنَّة والجماعة ، وإلا فإنه لا يؤمن على ترجمته أن يدس بها اعتقادات ضالة منحرفة .

وانظر فتاوى أهل العلم في بيان جواز ذلك بشروطه في جوابي السؤالين القادمين

ثانياً:

من تلك الأحكام : الحلف ، فإنه ينعقد بكل اسم من أسمائه أو صفاته تعالى ولو كان بغير اللغة العربية

فمن نطلق تلك الكلمات قاصداً الربَّ عز وجل فإن يمينه ينعقد بها ، وتلزمه الكفارة إذا حنث فيه .

قال ابن حزم – رحمه الله -

: " لا يمين إلا بالله عز وجل ، إما باسم من أسمائه تعالى أو بما يُخبَر به عن الله تعالى ولا يراد به غيره ، مثل : مقلب القلوب ، ووارث الأرض وما عليها

الذي نفسي بيده ، رب العالمين ، وما كان من هذا النحو ، ويكون ذلك بجميع اللغات ، أو بعلم الله تعالى أو قدرته أو عزته أو قوته أو جلاله

وكل ما جاء به النص من مثل هذا ; فهذا هو الذي إن حلف به المرء كان حالفاً ، فإن حنث فيه كانت فيه الكفارة . "

انتهى من " المحلى " ( 8 / 30 ) .

وقال ابن الهمام الحنفي – رحمه الله -

: " ( قوله : ولو قال بالفارسية " سوكندمي خورم بخداي " يكون يميناً ) ; لأنه للحال

; لأن معناه : أحلف الآن بالله "

انتهى من " فتح القدير " ( 5 / 76 ) .

وبكل حال فمن قصد بتلك الألفاظ رب العالمين فإنه يترتب عليه أحكامه الشرعية

وكل من يتلفظ بلغته لفظاً يقصد به الرب الواحد الأحد فإن لفظه ينعقد على إرادته عز وجل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -

: " كذلك الرب سبحانه يوصف بالعربية " الله الرحمن الرحيم " ، وبالفارسية " خداي بزرك "

وبالتركية " سركوي " ، ونحو ذلك ، وهو سبحانه واحد ، والتسمية الدالة عليه تكثر "

انتهى من " الفتاوى الكبرى " ( 6 / 568 ) .

غير أن الذي ينبغي على المسلم استعماله في عباداته ، ودعائه ، وسائر أحواله

في حق الله جل جلاله أن ينطق باسمه (الله) بلغته ، كما هو ؛ فقد صار ذلك علما على المسلمين

ومميزا لهم ، وابتعد بهم ذلك عن أن يلتبس مرادهم بمراد غيرهم من لفظ ( GOD) ، حيث يريدون به الله تارة ، ويريدون به غير الله تارات أخرى .

وكل ما ذكرناه إنما هو في حق من لا يُحسن العربية

وأما من يُحسنها فيجوز له استعمال الترجمة في تفهيم الدين والشروح

وأما عند الدعاء والحلف فعليه تجنب فعل ذلك بغير الأسماء والصفات بلغة العرب

وبه ثبتت في الكتاب والسنَّة .

والله أعلم









قديم 2020-03-24, 18:20   رقم المشاركة : 155
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

ترجمة أسماء الله إلى غير العربية

السؤال

هل من التحريف في أسماء الله ترجمتها إلى لغة أخرى ؟.


الجواب

الحمد لله

تجوز ترجمة أسماء الله لمن لا يعرف اللغة العربية بلغتهم إذا كان المترجم بصيراً باللغتين

كما يجوز أن تترجم لهم معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتفهيمهم الدين .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

فتاوى اللجنة الدائمة 3/122









قديم 2020-03-24, 18:26   رقم المشاركة : 156
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

شروط ترجمة أسماء الله تعالى

وكتب مزكاة في الموضوع


السؤال

أنا من " بلغاريا "

فهل يجوز لي عندما أقوم بترجمة أسماء الله سبحانه وتعالى أن أزيد أداة على الاسم في حالة الرفع ؟

فقد أخبرني أخ لي في الإسلام أنه لايجوز زيادة أداة على أسماء الله إلا فى حالة كونه مفعولاً

وأن هذه قاعدة لغوية

فهل هذا صحيح ؟


الجواب

الحمد لله

أولاً:

لا يوجد في الشرع ما يمنع المسلم من ترجمة معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية

لكن لا بدَّ من أن يكون القائم على الترجمة بصيراً باللغة العربية

وبصيراً باللغة التي يريد الترجمة لها ، ولا بدَّ أن يكون أميناً في نقله وترجمته

ولابدَّ أن يكون على علمٍ بالشريعة ، وأن يكون على اعتقاد أهل السنَّة والجماعة ، وإلا فإنه لا يؤمن على ترجمته أن يدس بها اعتقادات ضالة منحرفة .

وترجمة معاني أسماء الله وصفاته لا تخرج عما ذكرناه من الجواز ، ومن الشروط

وعلى المسلم الذي يود القيام بهذه المهمة الجليلة أن يُكثر من قراءة كتب أهل السنة والجماعة المؤلفة في بيان معاني أسماء الله وصفاته

قبل القيام بالترجمة ؛ لئلا يقع منه الخطأ في فهم الاسم أو الصفة ؛ وحتى يترجمه إلى المعنى اللائق به .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وأما مُخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ، ولغتهم : فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك ،

وكانت المعاني صحيحةً ، كمخاطبة العجم من الروم والفُرس والتُّرك بلغتهم وعُرفهم ، فإنَّ هذا جائزٌ حسن للحاجة ، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يُحْتَجْ إليه .…

" درء تعارض العقل والنقل " ( 1 / 43 ) .

وقال – رحمه الله - :

وكذلك في الإثبات ، له الأسماء الحسنى التي يُدعى بها ..
.
[و]إذا أثبت الرجل معنًى حقّاً ، ونفى معنًى باطلاً واحتاج إلى التعبير عن ذلك بعبارة لأجل إفهام المخاطب لأنها من لغة المخاطب ، ونحو ذلك :

لم يكن ذلك منهيّاً عنه ؛ لأن ذلك يكون من باب ترجمة أسمائه

وآياته بلغة أخرى ليفهم أهل تلك اللغة معاني كلامه وأسمائه ، وهذا جائز ، بل مستحب أحياناً

بل واجب أحياناً ... إذا كانت المعاني التي تبيَّن لهم هي معاني القرآن والسنة ، تشبه قراءة القرآن بغير العربية ، وهذه الترجمة تجوز لإفهام المخاطب بلا نزاع بين العلماء ."

انتهى ـ مختصرا ـ من : " بيان تلبيس الجهمية " ( 2 / 389 ) .

وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

هل يجوز ترجمة أسماء الله الحسنى إلى لغة غير عربية – يعني: أجنبية - ؟ .

فأجاب:

ترجمة أسماء الله سبحانه وتعالى لمن يريد أن يتفهمها : هذا لا بأس به

بل قد يكون واجباً ؛ إذ إن الذي لا يعرف اللغة العربية يحتاج إلى فهم المعنى

ولهذا قال الله عز وجل : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ) يعني : بِلُغتهم ( لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) إبراهيم/من الآية 4 .
فترجمتها لأجل التفهيم : لا بأس به .

أما لأجل التأسيس بمعنى أن نُحلَّ غير اللغة العربية محل اللغة العربية :

فهذا لا يجوز ؛ لأنه طمسٌ للغة العربية .

" دروس الحرمين : دروس المسجد النبوي " الشريط 62

الوجه الثاني
.
وقد ذكرنا في جواب السؤال السابقة بعنوان

ترجمة أسماء الله إلى غير العربية

فتوى اللجنة الدائمة في جواز ترجمة القرآن والحديث وأسماء الله تعالى ، فلتنظر .

ثانياً:

والزيادة على أسماء الله تعالى باللغة المترجم إليها لا حرج فيه إن كان يؤدي إلى إيصال المعنى اللائق بالله تعالى

ولا يلتفت المترجم إلى كون الاسم منصوباً أو مرفوعاً أو مجروراً في القرآن أو السنة

فإن هذا لا يؤثر في الترجمة ، ولن يغير معنى الاسم وروده مرفوعاً أو منصوباً

لأن تلك الحركات استحقها الاسم بحسب موقعه من الإعراب .

ومما نزكيه للأخ المترجم من كتب يقرؤها قبل قيامه بالترجمة :

1. " تفسير أسماء الله الحسنى " للشيخ عبد الرحمن السعدي

منشور في " مجلة الجامعة الإسلامية " ( العدد 112 ) .

2. " القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " للشيخ محمد بن صالح العثيمين .

3. " صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنَّة " للشيخ علوي بن عبد القادر السقَّاف .

4. " النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى " للشيخ محمد الحمود .

والله أعلم









قديم 2020-03-24, 18:33   رقم المشاركة : 157
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

مناجاة الله بيا سرور العابدين وقرة أعين العارفين

السؤال

سمعت في أحد الأدعية على التلفاز وفيه مناجاة لله تعالى

سمعت عبارة : يا سرور العابدين

ويا قرة أعين العارفين

فهل يجوز تسمية الله تعالى بذلك ؟

وما هي القاعدة في إطلاق مثل هذا الكلام على الله تعالى ؟


الجواب


الحمد لله

أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية

أي لا يثبت منها شيء إلا بالدليل الصحيح من الكتاب والسنة .

لكن يجوز الإخبار عن الله تعالى بما كان صحيح المعنى وإن لم يثبت

لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات .

قال ابن القيم رحمه الله:

" ويجب أن تعلم هنا أموراً :

أحدها : أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى ، أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته ، كالشيء والموجود والقائم بنفسه ؛ فإنه يخبر به عنه ، ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا ".

ثم قال: " السابع : أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي

وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه .

فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية ، أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع "

انتهى من "بدائع الفوائد" (1/132).

فقول القائل عن الله تعالى : إنه سرور العابدين

وقرة أعين العارفين ، وما أشبه ذلك كملاذ الخائفين ، ورجاء المستغفرين

لا حرج فيه ، لأنه إخبار عن الله تعالى بأمر صحيح يدل عليه ، فهو سبحانه سبب سرور العابدين

وبه تقرّ أعين المؤمنين في الآخرة ، وهو الملاذ والملجأ سبحانه

لكن لا يجعل ذلك من أسمائه ، فلا يعبّد بهذا الاسم ويقال : عبد سرور العابدين .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :

" هل يجوز قول الإنسان عند الاستعانة مثلا -بالله عز وجل: يا معين، يا رب، أو عند طلب التيسير فيأمر: يا مسهل، أو يا ميسر يا رب، وما الضابط في ذلك؟ وما حكم من يقول ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا؟ " .

فأجابت :

" يجوز لك أن تقول ما ذكرت ؛ لأن المقصود من المعين والمسهل والميسر في ندائك هو الله سبحانه وتعالى ؛ لتصريحك بقولك : يا رب، آخر النداء ، سواء قلت ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس

عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/160)

وسئل الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :

" يدعو بعض الأئمة هذه الأيام يقول: يا غِيَاثَ المستغيثين، فهل اسم غِيَاثْ من أسماء الله تعالى؟

فأجاب :

" هذا الدعاء صَحَّحَهُ الإمام أحمد رحمه الله، وصَوَّبَهُ ابن تيمية في الفتاوى أيضاً وذلك لأنَّ الله - عز وجل - هو الذي يُغِيثْ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ[الأنفال:9]

فمن استغاث بالله أغاثه، والاستغاثة نوع من الدعاء

لأنها طلب الغوث الذي هو دعاء خاص ونداء خاص، فالله - عز وجل - يجيب المضطر إذا دعاه

كما قال في سورة النمل أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ[النمل:62]

فهذا الدعاء مما صُحِّحْ، ومسألة النداء فيه يا غياث المستغيثين لا يلزم منه أن يكون اسم غياث من الأسماء الحسنى

لأنَّ معناه ثابتٌ بطريقة أخرى وهذه يمكن الرجوع فيها إلى كلام ابن تيمية "

انتهى من "شرح العقيدة الطحاوية" .

والله أعلم .


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-03-25, 15:01   رقم المشاركة : 158
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

إثبات القدمين لله تعالى

السؤال

السلام عليكم شيخنا الفاضل، أنا طالب علم ويرد علي إشكال، هل نثبت لله قدمين

كما جاءت في صيغة التثنية في الحديث الموقوف على ابن عباس (الكرسي موضع القدمين)

أم نثبت لله قدماً واحداً كما جاء في الحديث : (.. حتى يضع رب العزة فيها رجله.. وفي رواية : عليها قدمه) ؟

وإن كان لله قدمان ، فهل يضع الله عز وجل على جهنم كلتا قدميه ، للعلم بأن في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (قدمه) إضافة

وكما نعلم فإن المفرد المضاف يعم ؟

علمونا جزاكم الله خيرا


الجواب

الحمد لله

من الصفات الثابتة لله عز وجل : الرِّجل أو القَدم .

ودليل ذلك : ما روى البخاري (6661) ومسلم (2848)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ) .

وروى البخاري (4850) ومسلم (2847)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ

: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَحَاجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتْ النَّارُ أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ وَقَالَتْ الْجَنَّةُ مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي وَقَالَ لِلنَّارِ إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ

قَطْ قَطْ فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا ).

ولفظ مسلم : ( فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا ).

فهذا يدل على إثبات القدم أو الرجل لله تعالى .

وقال ابن عباس رضي الله عنه :

" الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر أحد قدره "

رواه ابن خزيمة في "التوحيد" (1/ 248 رقم : 154)

وابن أبي شيبة في "العرش" (61)

والدارمي في "الرد على المريسي"

وعبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة"

والحاكم في "المستدرك" (2/ 282)

وصححه على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في "مختصر العلو" ص 102

وأحمد شاكر في "عمدة التفسير" (2/ 163).

وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : " الكرسي موضع القدمين، وله أطيطٌ كأطيطِ الرَّحْل "

رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة"

وابن أبي شيبة في "العرش" (60)

وابن جرير ، والبيهقي، وغيرهم ، وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (8/ 47

) والألباني في "مختصر العلو" ص 123-124

وهذان الأثران يدلان على إثبات القدمين لله تعالى ، وعلى هذا درج أهل السنة .

قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله

: " هذه الأحاديث التي يقول فيها : ضحك ربنا من قنوط عباده وقرْب غِيَره ، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك قدمه فيها ، والكرسي موضع القدمين

وهذه الأحاديث في الرواية هي عندنا حق ، حملها الثقات بعضهم عن بعض

غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها وما أدركنا أحدا يفسرها "

رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" ( 2/ 198)

وابن عبد البر في "التمهيد" (7/ 149).

وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/ 376) :

" الواجب إثبات ما أثبته الله لنفسه من اليدين والقدمين والأصابع وغيرها من الصفات الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بالله سبحانه

من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل

لقول الله سبحانه : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )

وقوله سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) وهي حقيقة لا مجاز .

وأما التنطع في إثبات ما لم يرد به الكتاب والسنة فالواجب تركه .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى .

وقال الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :

" وفي هذا الحديث إثبات الرِّجل والقدم له -سبحانه وتعالى-

وأهل السنة يثبتون لله ما جاء في هذا الحديث على حقيقته، كما يثبتون سائر الصفات، كما يثبتون اليدين والعينين له -سبحانه وتعالى-، ويقولون: إن له تعالى قدمين

كما جاء في الأثر المشهور عن ابن عباس في تفسير الكرسي: أنه موضع القدمين، أي: قدمي الرب -سبحانه وتعالى-.
القول في القدمين واليدين، القول في ذلك واحد، لا مجال للتفريق "

انتهى من "شرح الواسطية" ص 172

والثابت هو أن الله تعالى يضع على النار رجله أو قدمه ، فنؤمن بهذا

ونقف عنده ، ولا نتجاوزه ، ولا نقول : يضع قدميه بحجة أن المفرد المضاف يعم

كما لا نقول: كتب التوراة بيديه ، بل نقتصر على الوارد

لأن الصفات مبناها على التوقيف .

والله أعلم .



.









قديم 2020-03-25, 15:08   رقم المشاركة : 159
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

حكم التسمي باسم عبد المعز ؟

السؤال

هل اسم " المعز "

يصح أن يكون من أسماء الله الحسنى

وهل يجوز التسمي باسم : " عبد المعز " ؟


الجواب

الحمد لله

اختلف أهل العلم في اسم " المعز " إن كان من أسماء الله الحسنى

على قولين :

القول الأول : أن اسم " المعز " من أسماء الله عز وجل

وقد ورد هذا الاسم في جمع أسماء الله الحسنى الذي قام به كل من : الخطابي ، والحليمي ، والبيهقي ، وابن العربي ، والقرطبي ، وابن القيم ، والشرباصي ، وغيرهم .

هكذا قال الدكتور محمد خليفة التميمي في كتابه القيِّم "

معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى " (ص/215)

واستدلوا عليه بدليلين :

الدليل الأول

: أنه اسم مشتق من قوله تعالى : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) آل عمران/26.

الدليل الثاني :

بعض روايات حديث أبي هريرة رضي الله عنه المشهور : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ )

رواه البخاري (2736) ومسلم (2677)

فهذا القدر من الحديث متفق على صحته ، أخرجه الشيخان

غير أن الحديث جاء من طرق أخرى عند أصحاب السنن والمسانيد ، وهذه الطرق تشتمل على سرد لأسماء الله الحسنى التسعة والتسعين ، وبينها اختلاف كثير في السرد تبعا لاختلاف الرواة

وقد ورد اسم " المعز ، المذل " في طريق الوليد بن مسلم ، حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن الأعرج

عن أبي هريرة . كما عند الترمذي في " الجامع " (رقم/3507) وغيره .

كما ورد هذا الاسم أيضا في طريق عبد الملك بن محمد الصنعاني

حدثنا أبو المنذر زهير بن محمد التميمي ، قال : حدثنا موسى بن عقبة ، قال : حدثني عبد الرحمن الأعرج

عن أبي هريرة .

أخرج هذه الطريق الإمام ابن ماجه في سننه (رقم/3957)

ولكنها أسانيد ضعيفة

فيها علل عدة يطول الكلام عليها

ولكن خلاصتها ما قاله الإمام الترمذي رحمه الله :

" ليس له إسناد صحيح ".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ لَيْسَتَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ كَلَامِ بَعْضِ السَّلَفِ .. "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (6/380) .

القول الثاني :

أن " المعز " ليس من أسماء الله تعالى ، وإنما هو من صفاته وأفعاله عز وجل ، أنه يعز من يشاء ويذل من يشاء ، أما أن يكون ذلك اسما : فلا .

ولذلك لم يذكر هذا الاسم في جمع كثير من العلماء لأسماء الله الحسنى

مثل جمع : جعفر الصادق (148هـ)

المذكور في " فتح الباري " (11/217)

وجمع أبي زيد اللغوي الذي أقره عليه سفيان بن عيينة كما في " فتح الباري " أيضا (11/217)

وجمع ابن منده في كتاب " التوحيد "

وابن حزم في " المحلى " (8/31)

وقوام السنة الأصبهاني في " الحجة " (1/114)

وابن الوزير في " إيثار الحق " (ص/171)

وابن حجر في " فتح الباري " (11/219)

والسعدي في " تيسير الكريم الرحمن " (6/298)

والشيخ ابن عثيمين في " القواعد المثلى "

ومحمد الحمود في " النهج الأسمى "، وغيرهم .

والذي يظهر ، والله أعلم ، أنه لا بأس بالتسمي بـ"عبد المعز"

خاصة فيما كان واقعا من الأسماء قبل ذلك ، وإن كان الأفضل أن يكون التعبيد للأسماء التي لا خلاف في أنها من أسماء الله الحسنى .

ولعل اشتهار التسمي باسم " عبد المعز " في رواة الحديث والآثار ، وحملة العلم ونقلة الأخبار

وكثرة التسمي به بين العلماء والصالحين والأمراء والولاة عبر التاريخ الإسلامي

مع وروده في إحصاء "الوليد بن مسلم" المشهور ، واعتماد غير واحد من أهل العلم له

لعل كل ذلك مما يقوي ما رجحناه من جواز التسمي به ، وعدم تخطئته

فإن المراد بذلك هو التعبيد لله عز وجل .

وإن كنا قد نتردد في الجزم بكون " المعز المذل " من أسماء الله الحسنى

لضعف الجزم بدلالة هذا الاسم على الكمال المطلق .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2020-03-25, 15:23   رقم المشاركة : 160
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

هل خلق الله الأشياء وقدَّر فيها خواصها وطبائعها أم إنه تعالى يخلقها عند الحدث ؟

السؤال

أخبرنا أستاذ المعهد الشرعي : أن الله لم يخلق في الأجسام خواصها ، فمثلاً : المغناطيس لا يحتوي جاذبية ، والنار لا تحتوي صفة الإحراق

لكن الله سبحانه وتعالى عندما يقع الحدث يخلق الصفة إن أراد ، فمثلاً عند تقريب مغناطيسين لمسافة معينة يخلق الله فعل الجذب ، وعند اقتراب يدك من النار يخلق الله فعل الإحراق

ودليل ذلك : أن إبراهيم عليه السلام دخل النار ولم يخف لأنه على يقين بأن الله لن يخلق فعل الإحراق

وأيضاً كما حدث مع الصحابة في الحرب مع الفرس عندما اجتازوا النهر ولم يخلق الله فعل الغرق أو حتى فعل البلل بالماء فاجتازوا النهر دون أن يبتل أي شيء منهم

وقال : لذلك على المسلم أن لا يخاف من الأشياء أي مثلا لا نخاف من الأدوات الحادة

لأن الله قادر على أن لا يخلق فعل الذبح .

وأنا غير مقتنع بهذا الكلام ، لأنني متذكر أن الله خلق الأجسام وخلق فيها خواصها وجعل للكون سنناً يسير عليها

لكني لم أجد له دليلاً شرعيّاً ، ولم أجد كلاماً يرد عليه ، فلو توضحون لي الأمر مع الدليل ، وجزاكم الله خيراً .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

ما نقلتَه - أخي السائل

– عن ذاك الأستاذ هو ما يقول به الأشاعرة موافقة للجبرية ! وهذه المسألة يسمونها " السببية "

وخلاصتها : نفي تأثير الأسباب بمسبَّباتها ، فلا ارتباط لسبب بمسبَّب

وإنما العلاقة بينهما علاقة اقتران ، فالنار – عندهم – لا تحرق بطبعها ولا هي علة الإحراق

وإنما يخلق الله تعالى فيها الإحراق عند التقائها بشيء قابل للاحتراق ، فالذي يحرق هو الله

والنار ليس لها أي تأثير ، والسكين – عندهم - لا تقطع بطبعها ولا هي علة القطع ، إنما يخلق الله تعالى فيها القطع عند مرورها على الشيء القابل للقطع

فالذي يقطع هو الله ، والسكين ليس لها أي تأثير

وهكذا يقولون إن الإنسان لا يشبع بالأكل بل عند الأكل ! ولا يروى بالشرب بل عند الشرب ! وقد جعلوا ذلك من التوحيد ، وحكموا على المخالف بالبدعة والضلالة والكفر .

قال أحمد بن محمد العدوي الأشعري المشهور بـ " الدردير " :

تَخَالُفٌ للغيْرِ وحدانيةْ
في الذَّاتِ أو صِفَاتِهِ العليَّةْ

والفِعلِ فالتأثيرُ ليسَ إلا
للواحِدِ القَهَّار جلَّ وعَلا

ومن يَّقُل بالطَّبعِ أو بالعلَّةْ
فذاكَ كُفرٌ عند أهلِ المِلَّةْ

ومَن يَقُل بِالقُوَّةِ المُودَعَةِ
فَذَاكَ بِدْعِيٌّ فلا تَلتَفِتِ

وقال في شرحه :

يعني أنَّهُ تعَالى مُتَّصفٌ بوحدانيَّةِ الأفعالِ ، فليس ثمَّ مَن له فعلٌ من الأفعال سِوَاهُ تعالَى ، إذ كُلُّ ما سِوَاهُ عاجزٌ لا تأثيرَ له في شيءٍ من الأشياء ...
.
إلى أن قال :

فلا تأثيرَ للنار في الإحراقِ ، ولا للطَّعامِ في الشَّبَعِ ولا للماء في الرّيِّ ، ولا في إنباتِ الزَّرعِ

ولا للكواكبِ في إنضَاجِ الفواكِه وغيرِهَا ، ولا للأفلاكِ في شيءٍ من الأشياء

ولا للسِّكِّين في القطعِ ، ولا لشيءٍ في دفع حَرٍّ أو بردٍ أو جلبِهِمَا وغيرِ ذلك ، لا بالطَّبعِ ولا بالعلَّةِ ولا بقُوَّةٍ أودَعَهَا اللهُ فِيها ، بل التأثيرُ في ذلك كُلُّهُ لله تعالى وحدَهُ بمحضِ اختيارِهِ عند وُجُودِ هذه الأشيَاءِ .

انتهى باختصار من" الخريدة البهية وشرحها " ( ص 59 - 63 ).

ثانيا :

قد ردَّ أئمة السنَّة على مثل هذا القول المتهافت

وبيَّنوا أن الله تعالى خلق الأشياء وخلق تأثيرها فيها ، فليس ثمة خالق مع الله ، والتأثيرات ليست خارجة عن إرادة الله تعالى ، والأسباب ليست فاعلة بذاتها ، بل هي فاعلة بأمر الله وقدرته .

قال ابن القيم - رحمه الله - :

"وأما الوقوف مع الأسباب واعتقاد تأثيرها فلا نعلم من أتباع الرسل من قال إنها مستقلة بأنفسها حتى يحتاج إلى نفي هذا المذهب

وإنما قالت طائفة من الناس وهم القدرية : إن أفعال الحيوان خاصة غير مخلوقة لله ولا واقعة بمشيئة

وهؤلاء هم الذين أطبق الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام على ذمِّهم وتبديعهم وتضليلهم وبيَّن أئمة السنة أنهم أشباه المجوس وأنهم مخالفون العقول والفطر ونصوص الوحي

فالتلبيس في الحقيقة حصل لهؤلاء ولمنكري الأسباب في القوى والطبائع والحكم ، ولُبس على الفريقين الحق بالباطل ... .

إلى أن قال :

ولا تكن ممن غلظ حجابه وكثف طبعه فيقول : لا نقف معها وقوف من يعتقد أنها مستقلة بالإحداث والتأثير وأنها أرباب من دون الله

فإن وجدتَ أحداً يزعم ذلك ويظن أنها أرباب وآلهة مع الله مستقلة بالإيجاد ، أو إنها عون لله يحتاج في فعله إليها ، أو إنها شركاء له : فشأنَك به ؛ فمزِّق أديمَه

وتقرَّب إلى الله بعداوته ما استطعت ، وإلا فما هذا النفي لما أثبته الله ، والإلغاء لما اعتبره

والإهدار لما حققه ، والحط والوضع لما نصبه ، والمحو لما كتبه والعزل لما ولاه ؟!

فإن زعمت أنك تعزلها عن رتبة الإلهية ؛ فسبحان الله

من ولاها هذه الرتبة حتى تجعل سعيك في عزلها عنها ؟! .

والله ما أجهل كثيراً من أهل الكلام والتصوف حيث لم يكن عندهم تحقيق التوحيد

إلا بإلغائها ومحوها وإهدارها بالكلية ، وأنه لم يجعل الله في المخلوقات قوى ولا طبائع ولا غرائز لها تأثير موجبة ما ، ولا في النار حرارة ولا إحراق ، ولا في الدواء قوة مُذْهِبة للداء

ولا في الخبز قوة مشبعة ، ولا في الماء قوة مروية ، ولا في العين قوة باصرة

ولا في الأنف قوة شامَّة ، ولا في السم قوة قاتلة ، ولا في الحديد قوة قاطعة

وأن الله لم يفعل شيئاً بشيء ، ولا فعل شيئاً لأجل شيء ! فهذا غاية توحيدهم الذي يحومون حوله ويبالغون في تقريره ، فلعمْر الله لقد أضحكوا عليهم العقلاء وأشمتوا بهم الأعداء

ونهجوا لأعداء الرسل طريق إساءة الظن بهم وجنوا على الإسلام والقرآن أعظم جناية

وقالوا : نحن أنصار الله ورسوله ، الموكَلون بكسر أعداء الإسلام وأعداء الرسل ، ولعمْر الله لقد كسروا الدِّين ، وسلطوا عليه المبطلين

وقد قيل : " إياك ومصاحبة الجاهل فإنه يريد أن ينفعك فيضرك" .

فقف مع الأسباب حيث أُمرت بالوقوف معها ، وفارقها حيث أمرت بمفارقتها

كما فارقها الخليل .. حيث عَرض له جبريل أقوى الأسباب فقال : " ألك حاجة ؟

" فقال : " أما إليك فلا "

انتهى من" مدارج السالكين " ( 3 / 402 – 409 ) .









قديم 2020-03-25, 15:24   رقم المشاركة : 161
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18




ثالثاً:

الذي دعا الأشاعرة للقول بهذا القول المبتدع والذي يخالف الشرع والفطرة والعقل : أمران ، إثبات المعجزات ، وإثبات قدرة الله الشاملة .

قال الشيخ عبد الرحمن المحمود – حفظه الله –

عند الكلام على اعتقاد أبي حامد الغزالي - :

"تأكيده لإنكار السببيَّة ، وهي مسألة مشهورة في المذهب الأشعري

وقد قال بها الأشاعرة وأكدوها لأمرين
:
الأول : إثبات المعجزات ، التي هي في الحقيقة خوارق للعادات المعهودة

فحتى تربط هذه المعجزات بالله وقدرته ، بحيث يقلب العصا حيّة ويشق القمر وغيرها من الأمور الخارقة

لا بدَّ من ربط هذا بإنكار التلازم الذي يدعيه الفلاسفة وغيرهم بين السبب والمسبب .

والثاني : إثبات قدرة الله الشاملة ، وإبطال التولد الذي قال به المعتزلة

فالفاعل والخالق لكل شيء هو الله تعالى ، وهذا بناء على مذهبهم في القدر الذي يميل إلى الجبر"

انتهى من" موقف ابن تيمية من الأشاعرة " ( 2 / 627 ) .

ثالثاً:

قال الإمام ابن القيم – رحمه الله - :

"ولو تتبعنا ما يفيد إثبات الأسباب من القرآن والسنَّة لزاد على عشرة آلاف موضع

ولم نقل ذلك مبالغة بل حقيقة ، ويكفي شهادة الحس والعقل والفِطَر

ولهذا قال مَن قال مِن أهل العلم : تكلم قوم في إنكار الأسباب فأضحكوا ذوي العقول على عقولهم

وظنوا أنهم بذلك ينصرون التوحيد فشابهوا المعطلة الذين أنكروا صفات الرب ونعوت كماله وعلوه على خلقه واستواءه على عرشه وتكلمه بكتبه وتكليمه لملائكته وعباده

وظنوا أنهم بذلك ينصرون التوحيد ، فما أفادهم إلا تكذيب الله ورسله وتنزيهه عن كل كمال ووصفه بصفات المعدوم والمستحيل ، .
.. .
ثم مِن أعظم الجناية على الشرائع والنبوات والتوحيد : إيهام الناس أن التوحيد لا يتم إلا بإنكار الأسباب

فإذا رأى العقلاء أنه لا يمكن إثبات توحيد الرب سبحانه إلا بإبطال الأسباب ، ساءت ظنونهم بالتوحيد وبمن جاء به ، وأنت لا تجد كتاباً من الكتب أعظم إثباتاً للأسباب من القرآن .

ويا لله العجب ؛ إذا كان الله خالق السبب والمسبَّب ، وهو الذي جعل هذا سبباً لهذا

والأسباب والمسبَّبات طوع مشيئته ، وقدرته منقادة لحكمه إن شاء أن يبطل سببية الشيء أبطلها كما أبطل إحراق النار على خليله إبراهيم ، وإغراق الماء على كليمه وقومه

وإن شاء أقام لتلك الأسباب موانع تمنع تأثيرها مع بقاء قواها ، وإن شاء خلَّى بينها وبين اقتضائها لآثارها

فهو سبحانه يفعل هذا وهذا وهذا ، فأي قدح يوجب ذلك في التوحيد ؟!

وأي شرك يترتب على ذلك بوجه من الوجوه ؟!

ولكن ضعفاء العقول إذا سمعوا أن النار لا تحرق ، والماء لا يُغرق ، والخبز لا يُشبع

والسيف لا يَقطع ، ولا تأثير لشيء من ذلك البتة ، ولا هو سبب لهذا الأثر ، وليس فيه قوة

وإنما الخالق المختار يشاء حصول كل أثر من هذه الآثار عند ملاقاة كذا لكذا :

قالت هذا هو التوحيد وإفراد الرب بالخلق والتأثير ! ولم يدر هذا القائل أن هذا إساءة ظن بالتوحيد

وتسليط لأعداء الرسل على ما جاؤوا به كما تراه عِيانا في كتبهم ينفِّرون به الناس عن الإيمان"

انتهى من" شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل " ( ص 189 ) .

وبما ذكرنا يتبين لك – أخي السائل – ضعف هذا القول ، وبطلان ما بنوه عليه ؛ فعسى أن يكون ذلك المدرس قد قرأه في بعض الكتب ، ولم يدر حقيقته ولوازمه .

وما ذكره من إلقاء إبراهيم عليه السلام يرد عليه ؛ حيث إن الأصل أن النار فيها الإحراق ولذا أعدَّها قومه له عليه السلام ولم يعدوا له ماء ليحرقوه به ! وقد بيَّن الله تعالى أنه عطَّل تلك الصفة

في تلك النار فخاطبها بأن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم ، وهذا ليس لكل نار بل لتلك المخاطَبة ، ولا يملك أحد أن ينزع تلك الصفة منها إلا الله تعالى .

ومثله يقال في صفة الإغراق لماء البحر لمن شاء الله تعالى أن يعطلها في حقه

فهو تعالى مالك الأسباب ومسبباتها ، وتلك الحوادث تدل على وجود حاصية الإحراق في النار والإغراق في الماء ، لكن الله تعالى هو الذي نزعها منهما في الحالتين

وهذا يدل على وجود تلك الصفات في تلك الأشياء .

فأهل السنَّة هم أسعد الناس بالأدلة وهم أوفر الناس عقولاً وأقومهم فطرة ، لذا لم ينكروا نصوص الشرع ، ولم يأتوا بما يَضحك منه العقلاء

ولم يقولوا بما يخالف الفطرة ، بل وقفوا مع الأسباب الموقف الشرعي الموافق لكل ذلك ، ولذا فمن أراد أن يزيد في الإحراق أجَّج ناره وزاد من لهيبها ، ومن أراد دقة القطع رقَّق حد السكين

ومن أراد قوة القطع صلَّب الحديد في السيف ، وكل ذلك أخذاً بما جعله الله تعالى من خاصيات

في تلك الأشياء التي خلقها على كيفية معينة ، ومن يقول بأن الزجاج الرقيق انكسر مع رمي الحجر العظيم لا بسببه : فقد خالف الشرع وناقض العقل والفطرة .

وإليك ملخصاً نافعاً في موقف الفرق من الأسباب والقوى والطبائع في الأشياء :

قال ابن القيم – رحمه الله - :

"والناس في الأسباب والقوى والطبائع ثلاثة أقسام :

1. منهم مَن بالغ في نفيها وإنكارها ، فأضحك العقلاء على عقله ، وزعم أنه بذلك ينصر الشرع فجنى على العقل والشرع وسلط خصمه عليه .

2. ومنهم مَن ربط العالم العلوي والسفلي بها ، بدون ارتباطها بمشيئة فاعل مختار ومدبر لها يصرفها

كيف أراد فيسلب قوة هذا ويقيم لقوة هذا قوة تعارضه ويكف قوة هذا عن التأثير مع بقائها ويتصرف فيها كما يشاء ويختار .

وهذان طرفان جائران عن الصواب .

3. ومنهم مَن أثبتها خلقاً وأمراً قدراً وشرعاً ، وأنزلها بالمحل الذي أنزلها الله به من كونها تحت تدبيره ومشيئته وهي طوع المشيئة والإرادة ومحل جريان حكمه عليها فيقوي سبحانه بعضها ببعض

ويبطل إن شاء بعضها ببعض ، ويسلب بعضها قوته وسببيته ويعريها منها ويمنعه من موجبها ،

مع بقائها عليه ؛ ليعلم خلقُه أنه الفعَّال لما يريد ، وأنه لا مستقل بالفعل والتأثير غير مشيئته ، وأن التعلق بالسبب دونه كالتعلق ببيت العنكبوت مع كونه سبباً .

وهذا باب عظيم نافع في التوحيد وإثبات الحكم ، يوجب للعبد إذا تبصر فيه الصعود من الأسباب إلى مسبِّبها

والتعلق به دونها ، وأنها لا تضر ولا تنفع إلا بإذنه ، وأنه إذا شاء جعل نافعها ضارّاً ، وضارَّها نافعاً ، ودواءها داءً ، وداءها دواء ، فالإلتفات إليها بالكلية : شرك مناف للتوحيد

وإنكار أن تكون أسباباً بالكلية : قدح في الشرع والحكمة

والإعراض عنها مع العلم بكونها أسباباً : نقصان في العقل ، وتنزيلها منازلها ومدافعة بعضها ببعض وتسليط بعضها على بعض وشهود الجمع في تفرقها والقيام بها :

هو محض العبودية والمعرفة وإثبات التوحيد والشرع والقدر والحكمة ، والله أعلم"

انتهى من" مدارج السالكين " ( 1 / 243 ، 244 ) .

والله أعلم









قديم 2020-03-25, 15:30   رقم المشاركة : 162
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

التعطيل شرك أم كفر ؟

السؤال

أحسن الله إليكم

عندي إشكال حول شرك التعطيل

كيف يكون التعطيل شركًا ؟

وأيهما أصح : إدراج التعطيل تحت الكفر أم الشرك ؟

بارك الله فيكم ، ونفع بكم .


الجواب

الحمد لله

أولا :

التعطيل هو النفي والإنكار ، كمن نفى وجود الله ، أو نفى أسمائه وصفاته

وهو بهذا المعنى أقرب إلى الكفر من الشرك ، غير أن الشرك والكفر قد يطلق كل منهما بمعنى الآخر .

وقصة صاحب الجنة في سورة الكهف تدل على هذا

قال الله تعالى : (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا *

وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا *

وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا

* وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنْ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا *

أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا) الكهف/34 – 42 .

فالرجل أنكر قيام الساعة ، وهذا كفر ، وجاءت الآيات بوصفه مرة بالكفر

( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ )

ووصفته مرة أخرى بالشرك

( وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ) ، مما يدل على أن الشرك والكفر قد يطلقان على معنى واحد .


قال النووي رحمه الله :

" الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد وهو الكفر بالله تعالى

وقد يفرق بينهما فيخص الشرك بعبادة الأوثان وغيرها من المخلوقات مع اعترافهم بالله تعالى ككفار قريش ، فيكون الكفر أعم من الشرك " انتهى .

"شرح صحيح مسلم" (2/71) .

وقال أبو هلال العسكري رحمه الله :

" الْفرق بَين الْكفْر والشرك : أَن الْكفْر خِصَال كَثِيرَة على مَا ذكرنَا ، وكل خصْلَة مِنْهَا تضَاد خصْلَة من الْإِيمَان

لِأَن العَبْد إِذا فعل خصْلَة من الْكفْر فقد ضيع خصْلَة من الْإِيمَان . والشرك خصْلَة وَاحِدَة

وَهُوَ إيجاد آلِهَة مَعَ الله ، أَو دون الله ، واشتقاقه ينبئ عَن هَذَا الْمَعْنى

. ثمَّ كثر حَتَّى قيل لكل كفر شرك ، على وَجه التَّعْظِيم لَهُ وَالْمُبَالغَة فِي صفته ...

ونقيض الشّرك فِي الْحَقِيقَة الْإِخْلَاص ، ثمَّ لما اسْتعْمل فِي كل كفر صَار نقيضه الْإِيمَان "

انتهى من " الفروق اللغوية" (230) .

ثانيا :

دخول التعطيل تحت مسمى الشرك أيضا نص عليه أهل العلم .

قال ابن القيم رحمه الله

" الشرك شركان : شرك يتعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته وأفعاله

وشرك في عبادته ومعاملته وإن كان صاحبه يعتقد أنه سبحانه لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله . والشرك الأول نوعان : أحدهما شرك التعطيل

وهو أقبح أنواع الشرك ، كشرك فرعون إذ قال : ( وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ) الشعراء/ 23

وقال تعالى مخبرا عنه أنه قال : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ) غافر/ 36، 37 .

فالشرك والتعطيل متلازمان ، فكل مشرك معطل ، وكل معطل مشرك ، لكن لا يستلزم أصل التعطيل ، بل قد يكون المشرك مقرا بالخالق سبحانه وصفاته ولكن عطل حق التوحيد .

وأصل الشرك وقاعدته التي ترجع إليها هو التعطيل وهو ثلاثة أقسام :

- تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه .

- وتعطيل الصانع سبحانه عن كماله المقدس بتعطيل أسمائه وصفاته وأفعاله .

- وتعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد . ومن هذا شرك طائفة أهل وحدة الوجود الذين يقولون ما ثم خالق ومخلوق ، ومنه شرك الملاحدة القائلين بقدم العالم وأبديته .

ومن هذا شرك من لم يعظم أسماء الرب تعالى وأوصافه وأفعاله من غلاة الجهمية والقرامطة فلم يثبتوا اسما ولا صفة بل جعلوا المخلوق أكمل منه

إذ كمال الذات بأسمائها وصفاتها "

انتهى من "الجواب الكافي" (ص 90-91)

والله أعلم .


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-03-26, 17:40   رقم المشاركة : 163
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

منهج السلف في صفات الله تعالى والرد على الاتحادية في فهم حديث ( كُنْتُ سَمْعَهُ )

السؤال

قال الله تعالى في الحديث القدسي :

( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها

ورجله التي يمشي بها )

كيف نجمع بين عدم الوقوع في الحلول وبين طريقة أهل السنة والجماعة في التعامل مع آيات الصفات ؟

أرجو التوضيح أكرمكم الله فقد حاول بعض النفاة الطعن في مذهب السلف في الأسماء والصفات بدعوى أن إبقاء النص على ظاهره سيوقعنا في الحلول .


الجواب

الحمد لله


أولاً:

منهج أهل السنَّة والجماعة في باب الصفات أن كلَّ صفةٍ يثبتونها لربهم عز وجل إنما يثبتونها بنصٍّ من كتابِ الله أو سنَّةِ نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم مع الجزم بنفي مماثلة الله تعالى لخلقه

لقوله تعالى ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )

وهو ردٌّ على " الممثلة " –

وبعض العلماء يطلق عليهم لفظ " المشبهة " –

وقوله تعالى بعدها ( وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الشورى/ 11

فيه ردٌّ على المعطلة نفاة الصفات الذين اعتقدوا أن الاشتراك في الاسم يوجب المماثلة .

وقد ذكرنا في جواب سؤال سابق بعنوان

قواعد نافعة في أسماء الله وصفاته ، وهل " الناسخ " من أسمائه تعالى ؟

قواعد نافعة في أسماء الله وصفاته

فانظرها هناك

وتجد في جواب السؤال القادم

تفصيلاً في معنى " الإيمان بالأسماء والصفات " وبيان المحاذير الأربعة وهي : التحريف ، والتعطيل ، والتمثيل ،

والتكييف وهي التي من وقع في واحد منها لم يحقق الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته كما يجب .

وقد ذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كتابه " القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " قواعد نافعة في صفات الله تعالى .

وذكر الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف حفظه الله إحدى وعشرين قاعدة في صفات الله تعالى ، وذلك في كتابه " صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة " ،

ثانياً:

الحديث الذي ذكره الأخ السائل هو جزء من حديث رواه أَبو هُريرة رضي الله عنه قالَ :

قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ الله تَعالَى قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ آذنتُهُ بالحربِ وما تَقَرَّب إليَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إليَّ مِمَّا افترضتُ عَليهِ ولا يَزالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ

فإذا أَحْبَبْتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الّذي يَسمَعُ بهِ وبَصَرَهُ الّذي يُبْصِرُ بهِ ويَدَهُ الَّتي يَبطُشُ بها ورِجْلَهُ الّتي يَمشي بِها ولَئِنْ سأَلنِي لأُعطِيَنَّهُ ولَئِنْ استَعاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ )

رواه البخاري ( 6137 ) .

وننبه إلى أن " الاتحادية " هم من احتج بهذا الحديث على اعتقادهم الفاسد ، وليس " الحلولية " –

انظر الفرق بين الاتحاد والحلول في جواب السؤال بعد القادم

– وقد قالوا إن الحديث يدل على اتحاد الخالق بالمخلوق إذا هو تقرَّب إلى الله تعالى بالفرائض

فيصير – والعياذ بالله – العبد هو عين المعبود يسمع بسمع الله ويبصر ببصره ! يعني : اتحدَّ الخالق بالمخلوق فصارا شيئاً واحداً !

وهذا لا شك أنه كفرٌ مخرج من ملة الإسلام ، والحديث الذي استدلوا به حجة عليهم ففيه إثبات خالق ومخلوق والتفريق بينهما ، وعابد ومعبود والتفريق بينهما

ومحب ومحبوب وسائل ومجيب ، وليس فيه أنهما يصيران شيئاً واحداً .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

فالملاحدة والاتحادية يحتجون به على قولهم لقوله "كُنْت سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَيَدَهُ وَرِجْلَهُ " ، والحديث حجة عليهم من وجوه كثيرة :

منها : قوله ( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ ) فأثبت معادياً محارباً ووليّاً غير المعادي ، وأثبت لنفسه سبحانه هذا وهذا .

ومنها : قوله ( وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ ) فأثبت عبداً متقرِّباً إلى ربه وربّاً افترض عليه فرائض
.
ومنها : قوله ( وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ) فأثبت متقرِّباً ومتقرَّباً إليه ، ومُحبّاً ومحبوباً غيره ، وهذا كله ينقض قولهم " الوجود واحد " .

ومنها : قوله ( فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ) إلى آخره ، فإنه جعل لعبده بَعد محبته هذه الأمور وهو عندهم قبل المحبة وبعدها واحد .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 2 / 371 ، 372 ) .

وقال – رحمه الله -
:
ثُمَّ قَالَ ( وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ) ففرَّق بين السائل والمسئول ، والمستعيذ والمستعاذ به ، وجعل العبدَ سائلاً لربه مستعيذاً به .

وهذا حديث شريف جامع لمقاصد عظيمة .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 17 / 134 ) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله

في أثناء شرحه للحديث ، وبيان معناه من وجوه كثيرة :

" وَعَلَى الْأَوْجُهِ كُلِّهَا فَلَا مُتَمَسَّكَ فِيهِ لِلِاتِّحَادِيَّةِ ، وَلَا الْقَائِلِينَ بِالْوَحْدَةِ الْمُطْلَقَةِ ، لِقولِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ وَلَئِنْ سَأَلَنِي وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي فَإِنَّهُ كَالصَّرِيحِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ "

انتهى من "فتح الباري" (11/345) .

قال الإمام الشوكاني رحمه الله

بعدما نقل كلام ابن حجر :

" وَأما مَا ذكره من الرَّد على مَا حَكَاهُ عَن بعض أهل الزيغ من قَوْله: لَئِن سَأَلَني وَلَئِن استعاذني ؛ فَوجه الرَّد أَنه يَقْتَضِي سَائِلًا ومسئولا ومستعيذاً ومستعاذا بِهِ .

وَلَعَلَّه رَحمَه الله لم يتَأَمَّل هَذَا الحَدِيث كَمَا يَنْبَغِي ؛ فَإِنَّهُ لَو تَأمله لم يقْتَصر على مَا ذكره من السُّؤَال والاستعاذة

فَإِن الحَدِيث كُله يرد عَلَيْهِم ، فَإِن قَوْله : من عادى لي وليا يرد عَلَيْهِم

لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وجود معاد ومعادى ومعادى لأَجله. وَيَقْتَضِي وجود موالى وموالي، وَيَقْتَضِي وجود مُؤذن ومؤذن ومحارب ومحارب، ومتقرب ومتقرب إِلَيْهِ وَعبد ومعبود ومحِب، ومحَب وَهَكَذَا إِلَى آخر الحَدِيث.

فَهُوَ جَمِيعه يرد على الاتحادية المتمسكين بِهِ من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ .

بل الوضوح أظهر فِي قَوْله: " وَمَا ترددت عَن شَيْء أَنا فَاعله ترددي عَن نفس الْمُؤمن "

فَإِنَّهُ يَقْتَضِي وجود مُتَرَدّد ومُتَرَدَّدٍ فِيهِ ، وفاعل ومفعول

وَوُجُود نفس مُتَرَدّد فِيهَا وَهِي نفس العَبْد الْمُؤمن ، ومتردد وَهُوَ الْقَابِض لَهَا ، وكاره للْمَوْت وَهُوَ الْمُؤمن ، وكاره لمساءته وَهُوَ الرب سُبْحَانَهُ.

وَالْحَاصِل أَن قَول الاتحادية يقْضِي عقلُ كل عَاقل بِبُطْلَانِهِ ، وَلَا يحْتَاج إِلَى نصب الْحجَّة مَعَهم.

وأصل الشُّبْهَة الدَّاخِلَة عَلَيْهِم مَنْقُول الثنوية ، فَإِنَّهُم جعلُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِلَه الْخَيْر وإله الشَّرّ: فإله الْخَيْر النُّور وإله الشَّرّ الظلمَة، وجعلوهما أصل الموجودات كلهَا

فَإِذا غلب النُّور صَار العَبْد نورانياً، وَإِذا غلبت الظلمَة صَار العَبْد ظلمانياً.

وغفلوا عَن كَون هَذَا الْمَذْهَب الكفري يرد عَلَيْهِم بادئ بَدْء، فَإِن الظلمَةغير النُّور، وَالشَّيْء الَّذِي حلا بِهِ غير هَذَا الْحَال "

انتهى من "قطر الولْي على حديث الوليِّ" للشوكاني (419-421)

وينظر نصَّ الحديث وزيادة بيان في معناه في جوابي السؤالين الثالث و الرابع القادين

والله أعلم









قديم 2020-03-26, 17:47   رقم المشاركة : 164
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

معنى الإيمان بالله

السؤال

قرأت وسمعت كثيراً عن فضائل تحقيق الإيمان بالله تعالى

وأريد منكم أن تفصلوا لي من معنى الإيمان بالله بما يساعدني على تحقيقه

وعلى البعد عما يخالف منهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومنهج أصحابه ؟.


الجواب

الحمد لله

الإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه وتعالى ، وربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته .

الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور ، فمن آمن بها فهو المؤمن حقاًّ .

الأول: الإيمان بوجود الله تعالى

ووجود الله تعالى قد دل عليه العقل والفطرة ، فضلاً عن الأدلة الشرعية الكثيرة التي تدل على ذلك.

1 ـ أما دلالة الفطرة على وجوده: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها

ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ )

رواه البخاري (1358) ومسلم (2658) .

2 ـ وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى؛ فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجِدَ نفسها بنفسها ، ولا يمكن أن توجد صدفة .

فهي لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها لأن الشيء لا يَخلق نفسَه ، لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً ؟!

ولا يمكن أن توجد صدفة ، لأن كل حادث لا بد له من محدث ، ولأن وجودها على هذا النظام البديع المحكم ، والتناسق المتآلف ، والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها

وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعاً باتاًّ أن يكون وجودها صدفة ، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده ، فكيف يكون منتظماً حال بقائه ؟!

وإذا لم يمكن أن تُوجِد هذه المخلوقات نفسَها بنفسها، ولا أن توجَد صدفة، تعين أن يكون لها موجِدٌ وهو الله رب العالمين .

وقـد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي في سورة الطور

حيث قال : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) الطور /35 .

يعني أنهم لم يخلقوا من غير خالق ، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فتعين أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى

ولهذا لما سمع جبير بن مطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات :

( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون . أم خلقوا السمـوات والأرض بل لا يوقنـون . أم عندهـم خزائن ربك أم هم المسيطرون ) الطور /35-37 .

وكان جبير يومئذ مشركاً قال : ( كاد قلبي أن يطير ، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي )

رواه البخاري في عدة مواضع .

ولنضرب مثلاً يوضح ذلك :

فإنه لو حدثك شخص عن قصر مشيد، أحاطت به الحدائق، وجرت بينها الأنهار، وملئ بالفُرُش والأَسِرّة، وزُيِّن بأنواع الزينة من مقوماته ومكملاته

وقال لك : إن هذا القصر وما فيه من كمال قد أوجد نفسه ، أو وجد هكذا صدفة بدون موجد، لبادرت إلى إنكار ذلك وتكذيبه

وعددت حديثه سفهاً من القول ، أفيجوز بعد ذلك أن يكون هذا الكون الواسع بأرضه ، وسمائه ، وأفلاكه ، البديعُ الباهرُ ، المحكَم المتقَنُ قد أوجد نفسه ، أو وجد صدفة بدون موجد ؟!

وقد فهم هذا الدليل العقلي أعرابي يعيش في البادية ، وعَبَّر عنها بأسلوبه ، فلما سُئِل : بم عرفت ربك ؟

فقال : البعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ، ألا تدل على السميع البصير ؟!!

ثانياً: الإيمان بربوبيته تعالى

أي: بأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين.

والرب : هو من له الخلق ، والملك ، والتدبير ، فلا خالق إلا الله ، ولا مالك إلا الله، ولا مدبر للأمور إلا الله

قال الله تعالى : ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ) الأعراف /45 .

وقال تعالى : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) يونس/31 .

وقال تعالى : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ) السجدة /5 .

وقال : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ) فاطر/13 .

وتأمل قول الله تعالى في سورة الفاتحة : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) الفاتحة /4 .

وفي قراءة متواترة ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) وإذا جمعت بين القراءتين ظهر معنى بديع ، فالملك أبلغ من المالك في السلطة والسيطرة ، لكن الملك أحياناً يكون ملكاً بالاسم فقط لا بالتصرف

أي أنه لا يملك شيئاً من الأمر ، وحينئذٍ يكون ملكاً ولكنه غير مالك ، فإذا اجتمع أن الله تعالى ملكٌ ومالكٌ تم بذلك الأمر ، بالملك والتدبير .

الثالث : الإيمان بألوهيته

أي : بأنه الإله الحق لا شريك له .

و(الإله) بمعنى (المألوه) أي : (المعبود) حباًّ وتعظيماً ، وهذا هو معنى (لا إله إلا الله)

أي : لا معبودَ حقٌّ إلا الله

. قال تعالى : ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) البقرة /163

. وقال تعالى : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران /18 .

وكل ما اتخذ إلهاً مع الله يعبد من دونه فألوهيته باطلة

قـال الله تعـالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) الحج /62 .

وتسميتها آلهة لا يعطيها حق الألوهية . قال الله تعالى في ( اللات والعزى ومناة )

: ( إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) النجم/23 .

وقال تعالى عن يوسف عليه السلام

أنه قال لصاحبي السجن : ( أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ - مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) يوسف /40 .

فلا يستحق أحد أن يعبد ، ويفرد بالعبادة إلا الله عز وجل ، لا يشاركه في هذا الحق أحدٌ

لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولهذا كانت دعوة الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم هي الدعوة إلى قول ( لا إله إلا الله )

قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء /35 .

وقال : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) النحل/36 .

ولكن أبى ذلك المشركون ، واتخذوا من دون الله آلهة ، يعبدونهم مع الله سبحانه وتعالى ، ويستنصرون بهم ويستغيثون
.









قديم 2020-03-26, 17:48   رقم المشاركة : 165
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18


الرابع : الإيمان بأسمائه وصفاته

أي : إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ، ولا تعطيل

ومن غير تكييف ، ولا تمثيل . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأعراف /180 .

فهذه الآية دليل على إثبات الأسماء الحسنى لله تعالى .

وقال تعالى : ( وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الروم /27 .

وهذه الآية دليل على إثبات صفات الكمال لله تعالى

لأن ( المثل الأعلى ) أي : الوصف الأكمل . فالآيتان تثبتان الأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى على سبيل العموم . وأما تفصيل ذلك في الكتاب والسنة فكثير .

وهذا الباب من أبواب العلم ، أعني : أسماء الله تعالى وصفاته من أكثر الأبواب التي حصل فيها النـزاع والشقاق بين أفراد الأمة ، فقد اختلفت الأمة في أسماء الله تعالى وصفاته فرقاً شتى .

وموقفنا من هذا الاختلاف هو ما أمر الله به في قوله : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) النساء /59 .

فنحن نرد هذا التنازع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مسترشدين في ذلك بفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهذه الآيات والأحاديث

فإنهم أعلم الأمة بمراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم . ولقد صدق عبد الله بن مسعود وهو يصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( من كان منكم مستنا

فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم

أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لإقامة دينه ، وصحبة نبيه ، فاعرفوا لهم حقهم ، وتمسكوا بهديهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ) .

وكل من حاد عن طريق السلف في هذا الباب فقد أخطأ وضل واتبع غير سبيل المؤمنين واستحق الوعيد المذكور

في قوله تعالى : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء /115 .

والله تعالى قد اشترط للهداية أن يكون الإيمان بمثل ما آمن به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله تعالى : ( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ) البقرة /137 .

فكل من بَعُدَ وحاد عن طريق السلف فقد نقص من هدايته بمقدار بعده عن طريق السلف .

وعلى هذا فالواجب في هذا الباب إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات ، وإجراء نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها

والإيمان بها كما آمن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم ، الذين هم أفضل هذه الأمة وأعلمها .

ولكن يجب أن يعلم أن هناك أربعة محاذير من وقع في واحد منها لم يحقق الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته

كما يجب ، ولا يصح الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته إلا بانتفاء هذه المحاذير الأربعة وهي : التحريف ، والتعطيل ، والتمثيل ، والتكييف .

ولذلك قلنا في معنى الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته هو ( إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه

أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ) .

وهذا هو بيان هذه المحاذير الأربعة باختصار :

1- التحريف :

والمراد به تغيير معنى نصوص الكتاب والسنة من المعنى الحق الذي دلت عليه ، والذي هو إثبات الأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى إلى معنى آخر لم يرده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .

مثال ذلك :

تحريفهم معنى صفة اليد الثابتة لله تعالى والواردة في كثير من النصوص بأن معناها النعمة أو القدرة .

2- التعطيل :

والمراد بالتعطيل نفي الأسماء الحسنى والصفات العلى أو بعضها عن الله تعالى .

فكل من نفى عن الله تعالى اسماً من أسمائه أو صفة من صفاته مما ثبت في الكتاب أو السنة فإنه لم يؤمن بأسماء الله تعالى وصفاته إيماناً صحيحاً .

3- التمثيل :

وهو تمثيل صفة الله تعالى بصفة المخلوق ، فيقال مثلاً : إن يد الله مثل يد المخلوق . أو إن الله تعالى يسمع مثل سمع المخلوق . أو إن الله تعالى استوى على العرش مثل استواء الإنسان على الكرسي . . . وهكذا .

ولا شك أن تمثيل صفات الله تعالى بصفات خلقه منكر وباطل ، قال الله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى /11 .

4- التكييف :

وهو تحديد الكيفية والحقيقة التي عليها صفات الله تعالى ، فيحاول الإنسان تقديراً بقلبه ، أو قولاً بلسانه أن يحدد كيفية صفة الله تعالى .

وهذا باطل قطعاً ، ولا يمكن للبشر العلم به ، قال الله تعالى : ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) طـه /110 .

فمن استكمل هذه الأمور الأربعة فقد آمن بالله تعالى إيماناً صحيحاً .

نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان يتوفانا عليه .

والله تعالى أعلم .

انظر : رسالة شرح أصول الإيمان للشيخ ابن عثيمين









 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:08

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc