أين الفضيلـــة

[chrif44]

أين الفضيلـــة

فتشت عن الفضيلة في مجالس القضاء فرأيت أن أعدل القضاء من يحرص الحرص كله على ألا يهفو في تطبيق القانون الذي بين يديه هفوة يحاسب عليها من منحه هذا الكرسي الذي يجلس عليه مخافة أن يسلبه إياه فإذا اختلف الطريق بين يديه حكم بغير ما يعتقد، ونطق بغير ما يعلم ودان البريء وترك الجاني فإذا عتب عليه عاتب كانت معذرته اليه حكم القانون عليه كأنما يريد أن يجعل العقل أسير القانون وما القانون إلا حسنة من حسنات العقل.

فتشت عن الفضيلة في قصور الأغنياء فرأيت الغني اما شحيحا أو متلافا.

فتشت عنها في مجالس السياسة فرأيت أن المعاهدة والاتفاق والقاعدة والشرط ألفاظ مترادفة معناها الكذب.

ورأيت أن الملك في كرسي مملكته كالحوذي في كرسي عربته لا فرق بينهما إلا أن ينقض تعريفته وذلك ينقض معاهدته ورأيت أن أعدى عدو الانسان الانسان.

فتشت عنها بين رجال الدين ورجال الصحف فرأيت أنهما يتجران بالعقول في أسواق الجهل ورأيت كلا منهما قد تغر له في كل رأس من رؤوس البشر ثغرة ينحدر منها الى العقول فيفسدها والقلوب فيقتلها ليتوصل بذلك للذخائر فيسرقها هذا باسم السياسة وذلك باسم الدين.

فتشت عنها في كل مكان أعلم أنه تربتها وموطنها فلم أعتر بها.

كل الناس يدعي الفضيلة وينتحلها ويلبس لباسها ويرتدي رداءها من منظر يستهوي الأذكياء والأغبياء ومظهر يخدع أسوأ الناس بالناس ظنا فمن كي بالوصول اليهما في هذا الظلام الحالك.

سعادة الحياة وطيبها العثور في يوم من الأيام الصديق الشريف النفس والقلب والإنسان شريف الحب لا يحب غير الفضيلة ولا ينقض غير الرذيلة هذه هي السعادة التي نتمناها ولكننا لا نراها.