مسافة القصر في الصلاة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مسافة القصر في الصلاة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-08-27, 07:02   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الاخ ياسين السلفي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الاخ ياسين السلفي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي مسافة القصر في الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين , حمداً يملأ أرجاء السموات والأرضين , والعاقبة للمتقين , ولا عدوان إلا على الظالمين , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين , وإله المرسلين , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله رحمة للعالمين, وقدوة للعاملين, ومحجة للسالكين , وحجة على العباد أجمعين , بعثه للإيمان مناديا , وإلى دار السلام داعيا , وعلى آله الأبرار الطاهرين , وعلى أصحابه الأشداء على الكافرين , و بعد :

إن الشريعة التي شرّعها الله للناس لم تكن ناقصة ولا متناقضة , بل هي كاملة مكمّلة للشرائع الماضية , قد بيّن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حاجات أمته أحسن التبيين , وفصّله بأحسن التفصيل , وما فُرط في الكتاب من شئ .
وإن من أهم الشرائع التي شرعت للناس هي الصلاة , فهي ركن من الأركان وعمود الدين , وقد أمر الله بأدائها حال الصحة والمرض وحال السفر والحضر , إلا أنه خفف عليهم المشقات , ويسر لهم الدين , فكان من التيسير قصر الصلاة للمسافر , ونحن هنا سنحاول بحث هذه المسألة بشيء من التفصيل وبشيء من الإيجاز , فاللهم إنا نستوهب منك توفيقاً يقود إلى الرشد , وقلباً يتقلب مع الحق , ولساناً يتحلى بالأمانة والصدق , ونطقاً مؤيداً بالحجة الباهرة , وعزيمة قاهرة لهوى النفس .

.
.
.
.
.
.
( سأكتفي بعرض مسألة مسافة القصـر ) .

مسافة القصر :
وهذه المسألة قد تعددت فيها الآراء و اضطربت فيها الأقوال وكثرت فيها مذاهب الرجال , حتى أن الإمام ابن المنذر قد ذكر قرابة العشرين قولاً في هــذه المسألة , فمن تلك الأقوال :
قولهم إن القصر لا يجوز إلا في مسيرة ثلاثة أيام , وقال بهذا القول :
1-عثمان بن عفان . إن صحت الرواية عنه .
2-حذيفة بن اليمان . إن صحت الرواية عنه .
3-ابن مسعود
4-سويد بن غَفَلة
5-سعيد بن جبير .
6-الشعبي
7-النخعي
8-الحسن بن صالح
9-سفيان الثوري
10-أبو حنيفة .
11- الشيخ : أبو بكر الجزائري في تفسيره .

ذكر الثلاثة ابن عبد البر في الاستذكار 2/235 والستة النووي في المجموع 5-424 , استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو ‏ ‏محرم ‏ ‏منها) رواه مسلم برقم 2390 .
قالوا : فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسيرة الثلاثة أيام سفراً , ومن هم من حدد المسيرة وهي 24 فرسخاً أي : 72 ميلاً , أي : ما يقارب 130 كيلاً .


ملاحظة : مسيرة اليوم ثمانية فراسخ, والبريد : نصف يوم , فكل يوم بريدين , أي : أربع فراسخ , والفرسخ ثلاثة أميـال , والبريد إثنا عشر ميلاً , , فمسيرة اليوم أربعة وعشرون ميلاً , والميل ما يقرب من 1.8 كيلوا , كما قيل :
إن البريد من الفراسخ أربع *** والفرسخ ثلاث أميال فلتسمعوا .ومسيرة اليوم والليلة أربعة بُرد , أي : ستة عشر فرسخا , أي ما يقارب ثمانية وأربعون ميلاً , أي : ما يقارب 86.4 كيلومتر .
اليوم = 2 بريد ....................... اليوم والليلة = 4 بريد
البريد = 4 فراسخ .................... البريد = 4 فراسخ .
الفرسخ = 3 أميال ....................... الفرسخ = 3 أميال .
إذاً :
اليوم = 2 بريد = 8 فراسخ = 24 ميلا = 43.2 كيلو .
اليوم والليلة = 4 برد = 16 فرسخ = 48 ميلاً = 86.6 كيلو .

فائدة : قال ابن رجب في شرحه للبخاري : الأميال تحديد نص عليه أحمد .

واستدلوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم ( يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن ) رواه مسلم .
قالوا : وهذا يقتضي أن كل مسافر له ذلك , ولأن الثلاثة متفق عليها وليس في أقل من ذلك توقيف ولا اتفاق .

قال ابن عبد البر في الإستذكار 2/235 : ( روى سفيان بن عيينة عن أيوب عن أبي قلابة قال حدثني من سمع كتاب عثمان إلى عبد الله بن عباس يقول بلغني أن قوما يخرجون في جشرهم إما في تجارة وإما في جباية فيقصرون الصلاة وأنه لا تقصر الصلاة إلا في سفر بعيد أو حضرة عدو )
و نقل عن ابن مسعود وحذيفة (أنهما كانا يقولان لأهل الكوفة لا يغرنكم جشركم ولا سوادكم لا تقصروا الصلاة إلى السواد قال وبينهم وبين السواد ثلاثون فرسخا ) .

قال سويد بن غفلة : إذا سافرت ثلاثاً فاقصر الصلاة . مصنف عبد الرزاق 4303
قال سفيان الثوري : قولنا الذي نأخذ به ألا تقصر الصلاة إلا في مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً . ذكره ابن عبد البر .
وقال أبو حنيفة : سألت إبراهيم وسعيد بن جبير في كم تقصر الصلاة قالا في مسيرة ثلاثة . قاله ابن عبد البر .






ومن تلك الأقوال : قولهم لا يجوز القصر إلا في مسيرة يومين , وقال بهذا القول :
1-ابن عباس
2-ابن عمر
3-الحسن البصري
4-الزهري
5-الليث بن سعد
6-مالك
7-الشافعي
8-أحمد
9-إسحاق
10-أبو ثور
ومن العلماء المعاصرين :
1-ابن باز
2-اللجنة الدائمة .
3-الراجحي .
4-الفوزان

واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومين إلا مع محرم ) رواه البخاري .
قالوا : فسمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليومين سفراً وهي : أربعة برد أي : 16 فرسخاً , أي : 48 ميلاً , أي : ما يقارب 87 كيلاً .
واحتجوا أيضاً بما رُوي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يقصر في أربعة برد , رواه الإمام مالك في الموطأ برقم 307 وصححه أيضا ابن حزم المحلى 5/5 وابن عبد البر الإستذكار 2/233 , وقال النووي : إسناده صحيح .. المجموع 5/425 .
واحتجاجهم الثالث كانت رواية عن ابن عمر و ابن عباس رضي الله عنهما أنهما كانا يصليان ويفطران في أربعة برد فما فوق , رواه البيهقي وصححه النووي في المجموع 5/424 .
قال الإمام مالك : وذلك نحو أربعة بُرد . انظر الموطأ برقم 307 .
وقال الحسن : تقصر الصلاة في مسيرة يومين , ومثله الزهري قاله ابن عبد البر .
وقال الشافعي : بل أربعة بُرد لحديث ابن عباس مرفوعاً ( لا تقصروا الصلاة في أقل من أربعة بُرد ) . نقله الصنعاني في السُبُل 3-136 .

جاء في فتوى اللجنة الدائمة :
(ومقدار المسافة المبيحة للقصر ثمانون كيلو متر تقريباً على رأي جمهور العلماء ) السؤال السابع من الفتوى رقم ‏(‏6261‏)‏ المجلد الثامن .

وقال الشيخ العلامة / عبد العزيز الراجحي في فتاواه ص 78:
(مسافة ثمانين كيلو فأكثر، هذا عند جمهور العلماء وهي مسافة يومين للإبل المحملة بدبيب الأحمال والأثقال، وهي تعادل ثمانين كيلو، هذه مسافة القصر )

وقال الشيخ الفوزان : ( أما المسافة التي يقصر فيها المسافر؛ فهي كما في الحديث‏:‏ مسيرة يومين للراحلة بمشي الأقدام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومين إلا مع ذي محرم‏)‏ .
ووجه الدلالة من الحديث‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر مسيرة اليومين سفرًا يحتاج معه إلى المحرم، فدل على أن ما دون ذلك لا يعتبر سفرًا، ومسيرة اليومين قد حررت بالكيلومترات المعروفة الآن بـ ‏(‏80‏)‏ كيلو مترًا؛ فإذا كانت مسافرة السفر ثمانين كيلو مترًا وأكثر؛ جاز فيها القصر والإفطار في رمضان، وإن كانت دون ذلك؛ فلا‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏‏.‏ ) المنتقى المجلد الثالث . السؤال رقم 88.

ومن تلك الأقوال : لا يجوز القصر إلا في مسافة يوم تام , وهو أربعة بُرد , قال بهذا القول :
1-ابن عباس .
2-ابن عمر .
3-الليث بن سعد .
4-مالك .
5-الشافعي .
6-أحمد .
7-الأوزاعي .
8-إسحاق .
9-الطبري .
10-ابن المنذر
11-البخاري
12-ابن عبد البر .
13-ابن ضويان .
14-محمد بن محمد المختار الشنقيطي .

واستدلوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم ) رواه البخاري .
فقالوا : مسيرة اليوم التام هي أربعة بُرد , أي : 16 فرسخا , وهي 48 ميلاً , أي : ما يقارب 87 كيلاً .
وهي نفس مسافة أصحاب القول الثاني , إلا أن استدلال أصحاب هذا القول مختلف عن استدلال القول الأول بهذا الدليل .
احتجوا أيضاً بما رُوي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يقصر في أربعة برد , رواه الإمام مالك في الموطأ برقم 307 وصححه أيضا ابن حزم المحلى 5/5 وابن عبد البر الإستذكار 2/233 , وقال النووي : إسناده صحيح .. المجموع 5/425 .
واحتجاجهم الثالث كانت رواية عن ابن عمر و ابن عباس رضي الله عنهما أنهما كانا يصليان ويفطران في أربعة برد فما فوق , رواه البيهقي وصححه النووي في المجموع 5/424 .
قال الإمام مالك : وذلك نحو أربعة بُرد . انظر الموطأ برقم 307 .
وقال الشافعي : بل أربعة بُرد لحديث ابن عباس مرفوعاً ( لا تقصروا الصلاة في أقل من أربعة بُرد ) . نقله الصنعاني في السُبُل 3-136 .
ونقل ابن عبد البر في الإستذكار 2/234 قول الليث والأوزاعي وأحمد وإسحاق والشافعي والطبري .
قال البخاري في صحيحه في باب كم يقصر الصلاة ( وسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً وليلة سفرا ).
نقله ابن ضويان في المنار ص 125.
قال الأوزاعي: وعامة العلماء يقولون مسيرة يوم تام قال وبه نأخذ نقله ابن عبدالبر في الإستذكار .
وقاله مثله ابن المنذر نقله ابن قدامة في المغني 5/543 .
وقال ابن عبد البر : هو كما قال الأوزاعي وجمهور العلماء لا يقصرون الصلاة في أقل من أربعة برد وهو مسيرة يوم تام بالسير القوي الحسن الذي لا إسراف فيه ومن احتاط فلم يقصر إلا في مسيرة ثلاثة أيام كاملة فقد أخذنا بالأوثق وبالله التوفيق . 2/241 .

وقال الشيخ الشنقيطي في شرحه على الزاد (وهذه المسافة التي هي أربعة برد توقيتها تحديد ذهب اليه جمهور العلماء رحمهم الله أن المسافر لا يكون مسافراً إلا إذا قصد هذه المسافة فما فوقها فلو كانت المنطقة أو المدينة التي يريد بلوغها دون أ ربعة برد فإنه لا يوصف بكونه مسافرا كما أن من خرج من مدينة إلى ضواحيها لا يعتبر مسافرا بحكم الشرع فكذلك من انتقل إلى مسافة دون هذه المسافة , أما الدليل الذي دل على اعتذار هذه الأربعة برد فحديث النبي صلى الله عليه وسلم ثابت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ) وفي رواية ( مسيرة يوم ) إلا ومعها ذو حرمة ) وجه الدلالة من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم على المرأة أن تسافر بدون محرم ولم يذكر مسافة توصف بكونها مسافة سفر دون اليوم والليلة فدل على أن مسافة اليوم والليلة هي السفر .. ) أ.هـ مفرّغا .



ومن الأقوال : القول أن القصر يجوز في أي سفر , طويلاً كان أم قصيرا ولا حد له, وأقله الميل قاله ابن حزم, وقيل : بل ثلاثة أميال , وقيل : الأحوط ثلاثة فراسخ , قال بهذا القول :
1- عمر بن الخطاب .
2- علي بن أبي طالب . إن صحت الرواية عنه .
3- ابن مسعود . إن صحت الرواية .
4- أنس بن مالك .
5- شرحبيل بن السمط .
6- ابن عمر .
7- دحية بن خليفة الكلبي .
8- سعيد بن المسيب
9- عبد الله بن محيريز .
10- قبيصة بن ذؤيب .
11-الباقر
12-الصادق
13- الشعبي إن صحت الرواية .
14-ابن حزم
15-شيخ الإسلام ابن تيمية
16-ابن القيم
17-ابن قدامة
18-الشوكاني
19-الصنعاني
20-القنوجي صاحب الروضة الندية .
21-ابن قاسم
22-السعدي
23-محمد بن إبراهيم
24-عبدالله بن محمد رحمهما الله ( جاء في الدرر السنية ) .
25- عبد الرحمن الدوسري في تفسيره .
26-ابن عثيمين
27-ابن جبرين
28-عبد الله بن عقيل .
استدلوا بالإطلاق في قوله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ ) وقالوا : لم يرد تحديد المسافة في الكتاب ولا في السنة والمرجع في هذا إلى العرف , وقالوا لا حجة فيمن حدد اليوم واليومين والثلاث , دّلّلوا على هذا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تسافر امرأة بريداً إلا ومعها محرم يحرم عليها ) صححه الألباني في الجامع رقم 7302 .
وبقول أنس رضي الله عنه كما جاء في صحيح مسلم مما رواه شبعة عن يحيى بن زيد الهنائي قال سألت أنسا عن قصر الصلاة فقال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين ) الشاك : شعبة ,, رواه مسلم رقم 691 .
و عن جبير بن نفير قال : خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على راس سبعة عشر ميلاً أو ثمانية عشر ميلاً فصلى ركعتين فقلت له , فقال : ( رأيت عمر بن الخطاب يصلي بالحليفة ركعتين وقال : إنما فعلت كما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ) .. رواه مسلم 1/481 .
وروي أن علي رضي الله عنه أنه خرج إلى النخيلة فصلى بها الظهر ركعتين والعصر ركعتين ثم رجع من يومه وقال : ( أردت أن أعلمكم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ) ولا يصح كما قال ابن عبد البر لأن فيه : جويبر بن سعيد الأزدي .
قال يحيى بن معين : ليس بشيء .
وقال النسائي : ليس بثقة .
وقال الدار القطني : متروك .
وقال الذهبي : تركوه .
وابن حجر : ضعيف جداً .

وروي عن ابن مسعود , عن شبعة قال :سمعت ميسر بن عمران بن عمير يحدث عن أبيه عن جده أنه خرج مع عبد الله بن مسعود وهو رديفه على بغلة له مسيرة أربعة فراسخ , فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين , قال شعبة : أخبرني بهذا ميُسر بن عمران وأبوه عمران بن عمير شاهد .
قال ابن حزم : وعمير هو موالى ابن مسعود .
والرجال كلهم ثقات كما جاء في تهذيب الكمال وغيره .
وقال الأوزاعي : كان أنس يقصر فيما بينه وبين خمسة فراسخ .
وعن ابن عمر قال : ( لو سافرت ميلاً لقصرت ) قال عنه ابن حزم : إسناده كالشمس , وصحح إسناده ابن حجر في الفتح 2/567 . وصححه الصنعاني في السبل
وفي رواية ( تقصر الصلاة في مسيرة ثلاثة أميال ) رواه أبن أبي شيبة , ورجال ثقات , وأما محمد بن زيد فقد قال عنه ابن حزم : من كبار التابعين .
وفي رواية ( إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر ) يعني من الصلاة .رواه ابن أبي شيبة , ورجاله أئمة ثقات .

وعن جبير بن نفير قال : خرج ابن السمط هو شرحبيل إلى أرض يقال لها : دومين , من حمص على ثلاثة عشر ميلاً فكان يقصر الصلاة وقال : رأيت عمر بن الخطاب يصلي بذي الحليفة ركعتين فسأله فقال : أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل . .. مسند البزار نقله ابن حزم وهو صحيح .

وفي سنن أبي داود ( أن ‏ ‏دحية بن خليفة ‏ ‏خرج من قرية من ‏ ‏دمشق ‏ ‏مرة إلى قدر قرية ‏ ‏عقبة ‏ ‏من ‏ ‏الفسطاط ‏ ‏وذلك ثلاثة أميال في رمضان ثم ‏ ‏إنه أفطر وأفطر معه ناس وكره آخرون أن يفطروا فلما رجع إلى قريته قال والله لقد رأيت اليوم أمرا ما كنت أظن أني أراه إن قوما رغبوا عن هدي رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وأصحابه يقول ذلك للذين صاموا .. ) . رقم 2060 . حسنه ابن حجر في الإمتاع 1-156 .

وعن عبد الرحمن بن حرملة قال : سألت سعيد بن المسيب : أأقصر الصلاة وأفطر في بريد من المدينة قال : نعم ..رواه ابن أبي شيبة قال ابن حزم : وهذا إسناد كالشمس .

وعن زكريا بن أبي زائدة أنه سمع الشعبي يقول : لو خرجت إلى دير الثعالب لقصرت .. رواه ابن أبي شيبة , ورجاله ثقات .
وأما قبيصة ومحيريز وغيرهما فقد ذكرهما الأوزاعي وغيره.

قال الصنعاني : يُلحق بهذين القولين قول الباقر والصادق وأحمد بن عيسى والهادي وغيرهم : إنه يقصر في مسافة بريد فصاعدا . ص 135 -3



قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (ولهذا قال طائفة أخرى من أصحاب أحمد وغيرهم‏:‏ إنه يقصر في السفر الطويل والقصير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت للقصر مسافة، ولا وقتًا، وقد قصر خلفه أهل مكة بعرفة ومزدلفة، وهذا قول كثير من السلف والخلف، وهو أصح الأقوال في الدليل‏.‏ ولكن لابد أن يكون ذلك مما يعد في العرف سفرًا، مثل أن يتزود له، ويبرز للصحراء، فأما إذا كان في مثل دمشق، وهو ينتقل من قراها الشجرية من قرية إلى قرية، كما ينتقل من الصالحية إلى دمشق، فهذا ليس بمسافر، كان أن مدينة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بمنزلة القرى المتقاربة عند كل قوم نخيلهم ومقابرهم ومساجدهم، قباء وغير قباء، ولم يكن خروج الخارج إلى قباء سفرًا، ولهذا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقصرون في مثل ذلك، فإن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏}‏ ‏[‏التوبـة‏:‏ 101‏]‏، فجميع الأبنيـة تدخل في مسمى المدينة، وما خرج عن أهلها، فهو من الأعراب أهل العمود‏.‏ والمنتقل من المدينة من ناحية إلى ناحية، ليس بمسافر، ولا يقصر الصلاة، ولكن هذه مسائل اجتهاد،فمن فعل منها بقول بعض العلماء، لم ينكر عليه، ولم يهجر )

وقال : ( فالتحديد بالمسافة لا أصل له في شرع ولا لغة، ولا عرف ولا عقل، ولا يعرف عموم الناس مساحة الأرض فلا يجعل ما يحتاج إليه عموم المسلمين معلقًا بشيء لا يعرفونه، ولم يمسح أحد الأرض على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا قدر النبي صلى الله عليه وسلم الأرض لا بأميال ولا فراسخ، والرجل قد يخرج من القرية إلى صحراء لحطب يأتي به فيغيب اليومين والثلاثة فيكون مسافرًا، وإن كانت المسافة أقل من ميل، بخلاف من يذهب ويرجع من يومه، فإنه لا يكون في ذلك مسافرًا‏.‏ فإن الأول يأخذ الزاد والمزاد بخلاف الثاني‏.‏ فالمسافة القريبة في المدة الطويلة تكون سفرًا، والمسافة البعيدة في المدة القليلة لا تكون سفرًا‏ .
فالسفر يكون بالعمل الذي سمي سفرًا لأجله‏.‏ والعمل لا يكون إلا في زمان‏.‏ فإذا طال العمل وزمانه فاحتاج إلى ما يحتاج إليه المسافر من الزاد والمزاد، سمي مسافرًا، وإن لم تكن المسافة بعيدة، وإذا قصر العمل والزمان بحيث لا يحتاج إلى زاد ومزاد، لم يسم سفرًا، وإن بعـدت المسافـة‏.‏ فالأصل هـو العمل الذي يسمي سفـرًا، ولا يكون العمـل إلا في زمـان، فيعتبر العمل الذي هو سفر‏.‏ ولا يكون ذلك إلا في مكان يسفر عن الأماكن، وهذا مما يعرفه الناس بعاداتهم، ليس له حد في الشرع ولا اللغة، بل ما سموه سفرًا فهو سفر‏. ) .

وقال : (وقد يركب الرجل فرسخا يخرج به لكشف أمر وتكون المسافة أميالاً ويرجع في ساعة أو ساعتين ولا يسمي مسافرًا، وقد يكون غيره في مثل تلك المسافة مسافرًا بأن يسير على الإبل والأقدام سيرًا لا يرجع فيه ذلك اليوم إلى مكانه‏ ..)

وقال في الاختيارات ( وتقصر الصلاة في كل ما يسمى سفراً سواء قل أو كثر ولا يتقدر بمدة وهو مذهب الظاهرية ونصره صاحب المغني وسواء كان مباحا أو محرما ونصره ابن عقيل في موضع وقاله بعض المتأخرين من أصحاب أحمد والشافعي ... )

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين2/41 ( السفر في نفسه قطعة من العذاب، وهو في نفسه مشقة وجهد، ولو كان المسافر من أرْفَه الناس فإنه في مشقة وجَهْد بحسبه، فكان من رحمة الله بعباده وبره بهم أن خفف عنهم شَطَرَ الصلاة واكتفى منهم بالشطر، وخفف عنهم أداء فرض الصوم في السفر، واكتفى منهم بأدائه في الحضَر، كما شرع مثل ذلك في حق المريض والحائض، فلم يفوت عليهم مصلحة العبادة بإسقاطها في السفر جملة، ولم يلزمهم بها في السفر كإلزامهم في الحضر ) .
وقال ( ولم يحد صلى الله عليه وسلم لأمته مسافة محدودة للقصر والفطر بل أطلق لهم ذلك في مطلق السفر والضرب في الأرض كما أطلق لهم التيمم في كل سفر وأما ما يروى عنه من التحديد باليوم أو اليومين أو الثلاث فلم يصح عنه شيء البتة ) نقلته من السُبُل ..

وقد نصر ابن قدامة هذا القول فقال في المغني ( والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه ) .
وقال ( ولا أرى لما صار إليه الأئمة حجة لأن أقوال الصحابة متعارضة مختلفة ولا حجة فيها مع الاختلاف ) .

قال الشوكاني : ( إذا تقرر لك هذا فالمتيقن هو ثلاثة فراسخ لأن حديث أنس متردد ما بينهما وبين ثلاثة أميال والثـلاث أميال مندرجة في الثلاث فراسخ فيؤخذ بالأكثر احتياطا )


وقال في السيل الجرار ص 307: ( والحاصل أن هذه التقريرات لا تدل على عدم جواز القصر فيما دونها مع كونها محتملة أن يكون قاصداً لسفر هو خلف ذلك أو أن يكون ذلك هو منتهى سفره , فالواجب الرجوع إلى ما يصدق عليه أنه سفر وأن القاصد إليه مسافر ولا ريب أن أهل اللغة يطلقون اسم المسافر على من شد رحله وقصد الخروج من وطنه إلى مكان آخر فهذا يصدق عليه أنه مسافر وأنه ضارب في الأرض ولا يطلقون اسم المسافر على من خرج مثلاً إلى الأمكنة القريبة من بلده لغرض من الأغراض فمن قصد السفر قصد إذا حضرته الصلاة ولو كان في ميل عن بلده وأما نهاية السفر فلم يرد ما يدل على أن السفر الذي يقصر فيه الصلاة هو أن يكون المسافر قاصداً لمقدار كذا من المسافة فما فوقها وقد صح النهي للمرأة أن تسافر بغير محرم ثلاثة أيام وفي رواية مسيرة يوم وليلة وفي رواية أن تسافر بريداً فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك سفراً , وأقله البريد , فكان القصر في البريد واجباً ولكنه لا ينبغي ثبوت القصر فيما دون البريد إلا أن يثبت عند أهل اللغة أو في لسان أهل الشرع أن من قصد دون البريد لا يقال له مسافر )

قال القنوجي صاحب الروضة ص 354 ( والضرب في الأرض يصدق على كل ضرب , لكنه خرج الضرب أي : المشي لغير السفر لما كان يقع منه صلى الله عليه وسلم من الخروم إلى بقيع الغرقد ونحوه ولا يقصر ولم يأت في تعيين قدر السفر الذي يقصر فيه المسافر شيء فوجب الرجوع إلى ما يسمى سفراً لغة وشرعاً ومن خرج من بلده قاصداً إلى محل يعد في مسيره إليه مسافراً قصر الصلاة وإن كان ذلك المحل دون البريد ) .

قال ابن قاسم ( قال أبو محمد : لا أعلم لما ذهب إليه الأئمة وجها لمخالفة السنة وظاهر القرآن فإن ظاهر القرآن إباحة القصر لمن ضرب في الأرض , وهو كما قال , فإن التحديد بذلك ليس بثابت بنص ولا إجماع ولا قياس ولا حجة لتحديده بل الحجة مع من أباح القصر لكل مسافر .. ) حاشية الزاد 2-380


وقال الشيخ محمد بن إبراهيم : (اختلف العلماء في مقدار مسافة القصر ، فالمشهور عند الجمهور أنها مسيرة يومين قاصدين بسير الأثقال ودبيب الأقدام ، وهي ستة عشر فرسخاً ، أربعة برد . وقال بعض المحققين إنه لا تحديد فيها ، بل كل ما سمى سفراً عرفاً واحتاج إلى حمل الزاد والمزاد والراحلة للركوب فهو سفر تستباح به رخص السفر ، وهذا هو الأصح دليلاً ، لعدم ورود حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحديد ذلك ) .

قال الشيخ ابن عثيمين : ( والصحيح: أنه لا حد للسفر بالمسافة؛ لأن التحديد كما قال صاحب المغني: «يحتاج إلى توقيف، وليس لما صار إليه المحددون حجة، وأقوال الصحابة متعارضة مختلفة، ولا حجة فيها مع الاختلاف، ولأن التقدير مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولظاهر القرآن، ولأن التقدير بابه التوقيف فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد، والحجة مع من أباح القصر لكل مسافر إلا أن ينعقد الإِجماع على خلافه».اهـ. والتوقيف معناه الاقتصار على النص من الشارع، والله يعلم أن المسلمين يسافرون في الليل والنهار ولم يرد حرف واحد يقول: إن تحديد السفر مسافته كذا وكذا، ولم يتكلم أحد من الصحابة بطلب التحديد في السفر، مع أنهم في الأشياء المجملة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن تفسيرها وبيانها، فلما لم يسألوا علم أن الأمر عندهم واضح، وأن هذا معنى لغوي يرجع فيه إلى ما تقتضيه اللغة وإذا كان كذلك ننظر هل للسفر حد في اللغة العربية؟ ففي مقاييس اللغة لابن فارس: ما يدل على أنه مفارقة مكان السكنى.
وإذا كان لم يرو عن الرسول صلى الله عليه وسلم تقييد السفر بالمسافة، وليس هناك حقيقة لغوية تقيده كان المرجع فيه إلى العرف وقد ثبت في «صحيح مسلم» عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلَّى ركعتين . ومعلوم أن ثلاثة فراسخ نسبتها إلى ستة عشر فرسخاً يسيرة جداً.
فالصحيح أنه لا حد للمسافة، وإنما يرجع في ذلك إلى العرف، ولكن شيخ الإِسلام ابن تيمية قال: إن المسافة الطويلة في الزمن القصير سفر، والإِقامة الطويلة في المسافة القصيرة سفر، فالمسألة لا تخلو من أربع حالات:
1 _مدة طويلة في مسافة طويلة، فهذا سفر لا إشكال فيه، كما لو ذهب في الطائرة من القصيم إلى مكة، وبقي فيها عشرة أيام.
2 _مدة قصيرة في مسافة قصيرة فهذا ليس بسفر، كما لو خرج مثلاً من عنيزة إلى بريدة في ضحى يوم ورجع، أو إلى الرس أو إلى أبعد من ذلك، لكنه قريب لا يعد مسافة طويلة.
3 _مدة طويلة في مسافة قصيرة بمعنى أنه ذهب إلى مكان قريب لا ينسب لبلده، وليس منها، وبقي يومين أو ثلاثة فهذا سفر، فلو ذهب إنسان من عنيزة إلى بريدة مثلاً ليقيم ثلاثة أيام أو يومين أو ما أشبه ذلك فهو مسافر.
4 _مدة قصيرة في مسافة طويلة، كمَن ذهب مثلاً من القصيم إلى جدة في يومه ورجع فهذا يسمى سفراً؛ لأن الناس يتأهبون له، ويرون أنهم مسافرون .. ) الشرح الممتع 4-350

قال الشيخ عبد الله بن جبرين في شرحه على منهج السالكين (متى يكون الإنسان مسافرا؟ قيل: السفر هو ما لا يقطع إلا بمشقة وكلفة. وقيل: السفر ما احتاج إلى زاد ومزاد. وقيل: السفر ما يلزم منه غيبة طويلة، بحيث إذا قدم يُلاقى ويُهنأ ويُحيّى. هذه تعريفات لاسم السفر. ومنهم من حدده بالمسافة، فقال: مسافته ثمانية وأربعون ميلا، والميل قريب من ألف وسبعمائة مترا، يعني نحو 2 كيلو إلا ربع أو قريب منه، فيكون قريبا من خمسة وثمانين كيلو، أو تسعين. هكذا حدده بعضهم، وأكثرهم حدده باليوم، أنه مسيرة يومين قاصدين، وقالوا: إن مسيرة اليوم لا تسمى سفرا. وذهب بعض المحققين -كشيخ الإسلام- إلى أنه لا يحدد بمسافة، ورأى أن تحديده بالزمان لا بالمسافة، وأنه إذا سافر مسيرة يوم ونصف، ولو لم يقطع إلا عشرين ميلا سمي مسافرا.
يوم ونصف، يومان أو أكثر، وإذا سافر وقطع مثلا أربعين ميلا أو مائة ميل أو مائتين ميلا، ولكنه رجع في يومه أو في ليلته لم يُسم مسافرا، هذا هو اختيار شيخ الإسلام كما ذكره برسالة السفر المطبوعة في المجلد الرابع والعشرين , وفي زمانه ضرب مثلا بالفرس السابق، فقال: لو ركب إنسان فرسا سابقا، وقطع مائة ميل، أو مائتين، ثم رجع في يومه، فلا يقصر، ولا يفطر، ولا يجمع، ولا يسمى مسافرا؛ لأن المدة قصيرة، يوم وليلة أو أقل.
ولو ركب دابة بطيئة، وقطع مسافة عشرين ميلا، ولم يقطعها إلا في يوم ونصف، أو يومين، ما رجع إلى أهله إلا بعد يومين سميناه مسافرا، فكأنه يعتبر المدة هي التي يقصر، أو التي يجمع فيها ...... الخ ) أ.هـ مفرّغا .

وقال الشيخ عبد الله بن عقيل في فتاواه : ( هذا مما اختلف فيه العلماء. فالمشهور من المذهب: أن ذلك مقدر بيومين قاصدين -أي: معتدلين في الطول والقصر- في زمن معتدل بسير الأثقال، ودبيب الأقدام، وهما أربعة برد. والبريد: أربعة فراسخ , فتكون ستة عشر فرسخاً , والفرسخ : ثلاثة أميال .والقول الثاني: أن لا تحديد في ذلك، وأنه يقصر في كل ما يسمى سفرا ولا يتقدر بمدة معينة. ونصره صاحب «المغني» فيه. ونصره ابن عقيل في موضع، وقاله بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد. وسواء نوى الإقامة أربعة أيام أم لا. وروي عن جماعة من الصحابة. واختاره الشيخ تقي الدين بن تيمية -رحمه اللَّـه- ، وقــرر قاعدة نافعة، وهي: أن ما أطلقه الشارع يعمل بمقتضى مسماه ووجوده، ولم يَجُز تقديره، ولا تحديده بمدة. وهذا هو الصحيح. واللَّـه أعلم. )







مناقشات :

أولاً : مناقشة أدلة القول الأول .
أما دليل سفر المرأة فقد أُجيب بأنه قد سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دون هذه المسيرة ( يومين ) و ( يوم وليلة ) و ( بريداً ) سفراً .
قال الشوكاني : وأما نهي المرأة على أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم فغاية ما فيه إطلاق اسم السفر على مسيرة ثلاثة أيام وهو غير مناف للقصر فيما دونها وكذلك نهيها عن سفر اليوم بدون محرم والبريد لا ينافي جواز القصر في ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ كما في حديث أنس لأن الحكم على الأقل حكم على الأكثر .

ودليل المسح : قال عنه ابن قدامة ( جاء لبيان أكثر مدة المسح فلا يصح الاحتجاج به ها هنا ) .

ثانياً : مناقشة أدلة القول الثاني .
أما دليل سفر المرأة فقد أُجيب عنه بأنه قد سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دون هذه المسيرة ( يوم وليلة ) و ( بريد ) سفراً .
قال القنوجي : تسميته سفراً لا تنافي تسمية ما دونه سفراً فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم مسافة الثلاث سفراً كما سمى مسافة البريد سفراً في ذلك الحديث باعتبار اختلاف الرواية وتسمية البريد سفراً لا تنافي تسمية ما دونه سفرا .

وأما الاستدلال بفعل ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما فقد ورد عنهما خلاف ما عليه الروايات وهي صحيحة , ورد أن ابن عمر كان يقصر في أقل من هذه المسافة [ ورد في ميل ], فدل على أن الميل أقل مسافة يتم فيها القصر إن كان التعلّق بقول ابن عمر .قال معناه ابن حزم وابن قدامة .


أما حديث ابن عباس مرفوعاً ( يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من اربعة برد ) .
ففيه عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر وهو متروك , قال شيخ الإسلام : المعروف عن أهل المعرفة بالحديث أنه كذب على النبي صلى الله عليه وسلم , وقال النووي : مجمعٌ على شدة ضعفه , وفيه إسماعيل وهو ضعيف لا سيما في روايته من غير الشاميين .
ضعّفه كثير مثل : البيهقي والذهبي وابن عبد الهادي وابن الملقن وابن كثير وابن حجر والشوكاني وغيرهم


ثالثاً : مناقشة أدلة القول الثالث .
أما دليل سفر المرأة فقد أُجيب بأنه قد سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دون هذه المسيرة سفراً ( بريدا ) .
قال القنوجي : ولم يأت من اعتبر البريد واليوم واليومين والثلاث وما زاد على ذلك بحجة نيّرة وغاية ما جاؤوا به حديث ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم ) وفي رواية ( يوما وليلة ) وفي رواية ( بريدا ) وليس في هذا الحديث ذكر القصر ولا هو في سياقه والاحتجاج به مجرد تخمين .


قالوا : أما حديث أنس فليس معناه غاية السفر بل ابتداءه .
. قال ابن عثيمين : ولا يصح حمله على أن المراد به المسافة التي يبتدئ فيها القصر لا غاية القصر لأن أنس بن مالك أجاب به من سأله عن خروجه من البصرة إلى الكوفة أيقصر الصلاة ؟ وأيضاً فقد نقل في الفتح عن ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن المريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت قريته يعني وإن لم يتجاوز ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ .. مجموع الفتاوى 15- 317.
قال ابن حزم : وقد اتفق الفريقان على أنه إذا فارق بيوت القرية وهو يريد إما ثلاثة أيام وإما أربعة برد أنه يقصر الصلاة فنسألهم : أهو في سفر تقصر فيه الصلاة أم ليس في سفر تقصر فيه الصلاة بعد , لكنه يريد سفراً تقصر فيه الصلاة بعد , ولا يدري أيبلغه أم لا , ولا بد من أحد الأمرين .
فإن قالوا : ليس في سفر تقصر فيه الصلاة بعد ولكنه يريده ولا يدري أيبلغه أم لا , أقرّوا بأنهم أباحوا له القصر وهو في غير سفر تقصر فيه الصلاة من أجل نيته في إرادته سفراً تقصر فيه الصلاة ولزمهم أن يبيحوا له القصر في منزله وخارج منزله بين بيوت قريته من أجل نيته في إرادته سفراً تقصر فيه الصلاة ولا فرق .
وقد قال بهذا القول : عطاء , وأنس بن مالك , وغيرهما , إلا أن هؤلاء يقرون أنه ليس في سفر ثم يأمرونه بالقصر وهذا لا يحل أصلاً .
وإن قالوا : بل هو في سفر تقصر فيه الصلاة هدموا كل ما بنوا وأبطلوا أصلهم ومذهبهم وأقروا بأن قليل السفر وكثيره : تقصر فيه الصلاة لأنه قد ينصرف قبل أن يبلغ المقدار الذي فيه القصر عندهم .
أما نحن : فإن مسيرة ما دون الميل من آخر بيوت قريته له حكم الحضر فلا يقصر فيه ولا يفطر فإذا بلغ الميل فحينئذ صار في سفر تقصر فيه الصلاة ويفطر فيه فمن حينئذ يقصر ويفطر .




قالوا : من العجب عدم سؤال الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حد السفر .
قال ابن حزم : هذا أعظم برهان وأجل دليل وأوضح حجة لكل من له أدنى فهم وتمييز على أنه لا حد لذلك أصلاً إلا ما سُمّي سفراً في لغة العرب التي بها خاطبهم عليه السلام , إذ لو كان لمقدار السفر حد غير ما ذكرنا لما أغفل عليه السلام بيانه البته , ولا أغفلوا هم سؤاله عليه السلام عنه , ولا اتفقوا على ترك نقل تحديده في ذلك إلينا فارتفع الإشكال جملة ولله الحمد .


مسألة : من يخرج ويرجع في يومه .
قال شيخ الإسلام : ( ولكن لابد أن يكون ذلك مما يعد في العرف سفرًا، مثل أن يتزود له، ويبرز للصحراء، فأما إذا كان في مثل دمشق، وهو ينتقل من قراها الشجرية من قرية إلى قرية، كما ينتقل من الصالحية إلى دمشق، فهذا ليس بمسافر، كان أن مدينة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بمنزلة القرى المتقاربة عند كل قوم نخيلهم ومقابرهم ومساجدهم، قباء وغير قباء، ولم يكن خروج الخارج إلى قباء سفرًا، ولهذا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقصرون في مثل ذلك، فإن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏}‏ ‏[‏التوبـة‏:‏ 101‏]‏، فجميع الأبنيـة تدخل في مسمى المدينة، وما خرج عن أهلها، فهو من الأعراب أهل العمود‏.‏ والمنتقل من المدينة من ناحية إلى ناحية، ليس بمسافر، ولا يقصر الصلاة )
وقال : ( بخلاف من يذهب ويرجع من يومه، فإنه لا يكون في ذلك مسافرًا‏.‏ فإن الأول يأخذ الزاد والمزاد بخلاف الثاني‏.‏ فالمسافة القريبة في المدة الطويلة تكون سفرًا، والمسافة البعيدة في المدة القليلة لا تكون سفرًا‏ .
فالسفر يكون بالعمل الذي سمي سفرًا لأجله‏.‏ والعمل لا يكون إلا في زمان‏.‏ فإذا طال العمل وزمانه فاحتاج إلى ما يحتاج إليه المسافر من الزاد والمزاد، سمي مسافرًا، وإن لم تكن المسافة بعيدة، وإذا قصر العمل والزمان بحيث لا يحتاج إلى زاد ومزاد، لم يسم سفرًا، وإن بعـدت المسافـة. ... )

قال ابن عثيمين في مجموع الفتاوى 15-255 ( وأما من يخرج يوما ويرجع من يومه أو في أول الليل ويرجع في آخره فلا يترخص ).
وقال ص 263 : ( ليس هذا من السفر لأن الذي يخرجون لهذه المنتزهات لا يعدون أنفسهم مسافرين )

قال ابن جبرين : ( السفر: هو ما لا يقطع إلا بكلفة وبمدة طويلة وبمشقة، وعلى هذا فإن الإنسان في هذه الأزمنة لا يقصر في كل سفر؛ فمثلا لو ذهب إلى القصيم ورجع في يومه فلا يسمى مسافرا، أو إلى الأحساء ورجع في يومه فلا يسمى مسافرا. أما لو ذهب إلى أرماح وهي قربية، ولكن ما رجع إلا بعد يوم ونصف أو بعد يومين، فإنه يسمى مسافرا، وكذلك لو ذهب إلى نزهة -مثلا- أربعين كيلو، أو ثمانين كيلو، وبقى يومين أو ثلاثة أيام سميناه مسافرا. فالمسافر يجوز له الجمع، ويفعل أيضا الأرفق به. ) ا. هـ مفرّغا .

وقاله سفيان الثوري وأبو حنيفة وغيرهم أنه لا يقصر إلا إذا حمل الزاد والمزاد وغير ذلك . ذكره ابن عبد البر .
قال ابن سعدي : ومن قواعد الشريعة ( المشقة تجلب التيسير ) ولما كان السفر قطعة من العذاب يمنع العبد نومه وراحته وقراره رتب الشارع عليه ما رتب من الرخص حتى ولو فُرض خلوّه عن المشقات لأن الأحكام تعلق بعللها العامة وإن تخلفت في بعض الصور والأفراد , فالحكم الفرد يلحق بالأعم ولا يفرد بالحكم وهذا معنى قول الفقهاء ( النادر لا حكم له ) ..إرشاد أولي البصائر ص 113 .

.









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-08-27, 09:21   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2015-08-27, 11:03   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الاخ ياسين السلفي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الاخ ياسين السلفي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة newfel.. مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
وفيك بارك الله اخي









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مسافة, الصلاة, القصر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:21

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc