يحكى أن شجرة مُخضرة زاهية أتى عليها الخريف فبعثر أوراقها وعرّى أغصانها، صارت الشجرة عارية ظاهرة لكل ما حولها ، حزنت كثيرا وخجلت حتى من نفسها ..كيف لها أن تشهد ذبولها بعد خضرتها؟وماذا سيقول الناس عنها الان !وكيف للخريف أن يكون بهذه القسوة .
زاد غضب الشجرة ونقمها من الخريف ،صارت ترتاده كل يوم حاملة معها استفهاماتها ،لكن هذا الفصل لم يشفي فضولها ،كان دائما يخبرها ان لا تتعب نفسها في البحث عن إجابات وأن تنتظر الوقت المناسب .تعبت الشجرة من الخريف وتوقفت على مضض فليس لها أمل ان تتلقى الاجابات
..بعد مدة تغير حالها لكنها لم تكن تفقه شيء ،أضحت أكثر خفة ثم أدركت أن تغير حالها لا يغير من حقيقتها شيء فهي ستبقى شجرة ثم أن جذورها لازالت متأصلة في الارض، وما شأنها وشان رأي الاخرين بها ..صارت أكثر نضجا وتقبلا ،لم تعد تستحي من حالها ..رحل الخريف وبدأت اغصانها تونع وأراقها تظهر ..بعد مدة عادت كما كانت مخضرة زاهية مورقة ..أرادت الشجرة أن تشكر خريف فهو جعلها أكثر تصالح مع حقيقتها واسقط أقنعتها التي كانت ترتيدها لكنها لم تجده ومنذ ذلك الحين قررت أن لا تستعجل في شيء لا تفهمه وان تتقبل كل التغيرات ،بل وصار خريف فصلها المفضل ...
كنت انا كالشجرة الناقمة ،وكان الخريف معلمي الذي اسقط كل أقنعتي وعصف بمشاعري ..صار الان فصلي المفضل وصرت بفضله أكثر رقة وخفة وتصالحا مع نفسي