الفتوى المتأخرة لابن عثيمين - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الفتوى المتأخرة لابن عثيمين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-05-26, 20:55   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي




الوجه الأول : إن الكفر لعلة فساد الباطن باستحلال الحكم بغير ما أنزل الله أو باعتقاد مماثلته له أو تفصيله عليه ؛ إنما هو من قبيل الكفر الاعتقادي الباطن الذي ينفى عن المتلبس به أصل الايمان مع بقاء حكم الاسلام ثابتا له في الدنيا –مع أنه كافر في الحقيقة- كالمنافقين ؛ وليس من قبيل الكفر الظاهر الذي ينفي عن المتلبس به أحكام الاسلام.
ولم يقم في ظاهره ما يوجب الحكم عليه بالكفر لأجله , فلا يقال هوكافر وإن كان في الباطن كافرا , بل وإن ظهرت عليه إمارات الكفر البطن ,
كما قال شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى 7\620) :
"ما يستقر فى القلب من إيمان ونفاق لابد أن يظهر موجبه فى القول والعمل كما قال بعض السلف (ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه) وقد قال تعالى فى حق المنافقين {ولونشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفهم فى لحن القول} .
فإذا أظهر المنافق من ترك الواجبات وفعل المحرمات ما يستحق عليه العقوبة عوقب على الظاهر ولا يعاقب على ما يعلم من باطنه بلا حجة ظاهرة , ولهذا كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يعلم من المنافقين من عرفه الله بهم وكانوا يحلفون له وهم كاذبون , كان يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم الى الله , واساس النفاق الذي بنى عليه وان المنافق لابد أن تختلف سريرته وعلانيته وظاهره وباطنه ولهذا يصفهم الله فى كتابه بالكذب كما يصف المؤمنين بالصدق قال تعالى {ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} وقال {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} وأمثال هذا كثير وقال تعالى {إنما المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون} وقال {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب الى قوله أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} , وبالجملة فأصل هذه المسائل ان تعلم أن الكفر نوعان كفر ظاهر , وكفر نفاق , فإذا تكلم فى أحكام الآخرة كان حكم المنافق حكم الكفار , وأما فى أحكام الدنيا فقد تجري على المنافق أحكام المسلمين".
ولا بد من اعتبار نوع الكفر في كثير من المسائل التي عدها أهل العلم من نواقض الاسلام , إذ أفضى عدم إعتبار نوع الكفر الى جملة مفاسد منها تنزيل أثار الحكم على المعين بالكفر الظاهر على من كان كفره كفرا باطنا ,
وكما وضح شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى (7\472) هذا بقوله :
"فهذا اصل ينبغي معرفته فإنه مهم فى هذا الباب فإن كثيرا ممن تكلم فى مسائل الايمان والكفر -لتكفير أهل الأهواء- لم يلحظوا هذا الباب ولم يميزوا بين الحكم الظاهر والباطن مع أن الفرق بين هذا وهذا ثابت بالنصوص المتواترة والاجماع المعلوم بل هومعلوم بالاضطرار من دين الإسلام ومن تدبر هذا علم أن كثيرا من اهل الأهواء والبدع قد يكون مؤمنا مخطئا جاهلا ضالا عن بعض ما جاء به الرسول وقد يكون منافقا زنديقا يظهر خلاف ما يبطن".
وقال –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (7\616-617) :
"فإذا كان العبد يفعل بعض المأمورات ويترك بعضها كان معه من الايمان بحسب ما فعله والايمان يزيد وينقص ويجتمع فى العبد إيمان ونفاق كما ثبت عنه فى الصحيح [أنه قال أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر].
وبهذا تزول الشبهة فى هذا الباب فإن كثيرا من الناس بل أكثرهم فى كثير من الأمصار لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس ولا هم تاركيها بالجملة بل يصلون أحيانا ويدعون أحيانا فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق وتجري عليم أحكام الاسلام الظاهرة فى المواريث ونحوها من الأحكام فإن هذه الاحكام إذا جرت على المنافق المحض كإبن أبي وأمثاله من المنافقين فلأن تجري على هؤلاء أولى وأحرى .
وبيان هذا الموضع مما يزيل الشبهة ؛ فإن كثيرا من الفقهاء يظن أن من قيل هوكافر ؛ فإنه يجب أن تجري عليه أحكام المرتد ردة ظاهرة فلا يرث ولا يورث ولا يناكح حتى أجروا هذه الأحكام على من كفروه بالتأويل من أهل البدع وليس الأمر كذلك ؛ فإنه قد ثبت أن الناس كانوا ثلاثة أصناف : مؤمن , وكافر مظهر للكفر , ومنافق مظهر للإسلام مبطن للكفر , وكان فى المنافقين من يعلمه الناس بعلامات ودلالات , بل من لا يشكون فى نفاقه , ومن نزل القرآن ببيان نفاقه كابن أبى وأمثاله , ومع هذا فلما مات هؤلاء ورثهم ورثتهم المسلمون , وكان إذا مات لهم ميت آتوهم ميراثه وكانت تعصم دماؤهم حتى تقوم السنة الشرعية على أحدهم بما يوجب عقوبته".








 


قديم 2014-05-26, 20:57   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي



وقال –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (7\410-413) :
"الإيمان الظاهر الذى تجرى عليه الأحكام فى الدنيا لا يستلزم الإيمان فى الباطن الذى يكون صاحبه من اهل السعادة فى الآخرة فان المنافقين الذين قالوا آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين هم فى الظاهر مؤمنون يصلون مع الناس ويصومون ويحجون ويغزون والمسلمون يناكحونهم ويوارثونهم كما كان المنافقون على عهد رسول الله ولم يحكم النبى - صلى الله عليه وسلم - فى المنافقين بحكم الكفار المظهرين للكفر لا فى مناكحتهم ولا موارثتهم ولا نحوذلك بل لما مات عبد الله بن أبى بن سلول وهومن اشهر الناس بالنفاق ورثه ابنه عبدالله وهومن خيار المؤمنين وكذلك سائر من كان يموت منهم يرثه ورثته المؤمنون واذا مات لأحدهم وارث ورثوه مع المسلمين .
وقد تنازع الفقهاء فى المنافق الزنديق الذى يكتم زندقته هل يرث ويورث على قولين والصحيح أنه يرث ويورث وإن علم فى الباطن أنه منافق كما كان الصحابة على عهد النبى
- صلى الله عليه وسلم - لأن الميراث مبناه على الموالاة الظاهرة لا على المحبة التى فى القلوب فإنه لوعلق بذلك لم تمكن معرفته والحكمة اذا كانت خفية أومنتشرة علق الحكم بمظنتها وهوما أظهره من موالاة المسلمين فقول النبى [لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم] لم يدخل فيه المنافقون وان كانوا فى الآخرة فى الدرك الأسفل من النار بل كانوا يورثون ويرثون وكذلك كانوا فى الحقوق والحدود كسائر المسلمين وقد أخبر الله عنهم أنهم يصلون ويزكون ومع هذا لم يقبل ذلك منهم فقال {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلاوهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون} وقال {إن المنافقين يخادعون الله وهوخادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا} , وفى صحيح مسلم عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال [تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرنى شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا] وكانوا يخرجون مع النبي فى المغازي كما خرج إبن أبى فى غزوة بنى المصطلق وقال فيها {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} وفى الصحيحين عن زيد بن أرقم قال [خرجنا مع النبى فى سفر اصاب الناس فيها شدة فقال عبدالله بن أبى لأصحابه لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأتيت النبى فأخبرته فأرسل الى عبدالله بن ابى فسأله فإجتهد يمينه ما فعل وقالوا كذب زيد يا رسول الله فوقع فى نفسى مما قالوا شدة حتى أنزل الله تصديقى فى {إذا جاءك المنافقون} فدعاهم النبى ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم] وفى غزوة تبوك استنفرهم النبى كما إستنفر غيرهم فخرج بعضهم معه وبعضهم تخلفوا وكان فى الذين خرجوا معه من هم بقتله فى الطريق هموا بحل حزام ناقته ليقع فى واد هناك فجاءه الوحى فأسر الى حذيفة أسماءهم ولذلك يقال هوصاحب السر الذى لا يعلمه غيره كما ثبت ذلك فى الصحيح ومع هذا ففى الظاهر تجرى عليهم أحكام أهل الإيمان.
وبهذا يظهر الجواب عن شبهات كثيرة تورد فى هذا المقام فإن كثيرا من المتأخرين ما بقى فى المظهرين للإسلام عندهم إلا عدل أوفاسق وأعرضوا عن حكم المنافقين والمنافقون ما زالوا ولا يزالون الى يوم القيامة والنفاق شعب كثيرة وقد كان الصحابة يخافون النفاق على أنفسهم ففى الصحيحين عن النبى قال [آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان] وفى لفظ مسلم [وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم] وفى الصحيحين عن عبدالله بن عمروعن النبى
- صلى الله عليه وسلم - أنه قال [أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه شعبة منهن كانت فيه شعبة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر], وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - أولا يصلى عليهم ويستغفر لهم حتى نهاه الله عن ذلك فقال {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} وقال {استغفر لهم اولا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} فلم يكن يصلى عليهم ولا يستغفر لهم ولكن دماؤهم وأموالهم معصومة لا يستحل منهم ما يستحله من الكفار الذين لا يظهرون أنهم مؤمنون بل يظهرون الكفر دون الإيمان فإنه قال [أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله] ولما قال لأسامة بن زيد [اقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قال إنما قالها تعوذا قال هلا شققت عن قلبه] , وقال [إنى لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا اشق بطونهم] , وكان إذا استؤذن فى قتل رجل يقول [أليس يصلى أليس يتشهد فإذا قيل له أنه منافق قال ذاك] , فكان حكمه فى دمائهم وأموالهم كحكمه فى دماء غيرهم لا يستحل منها شيئا إلا بامر ظاهر مع أنه كان يعلم نفاق كثير منهم".
وفائدة معرفة نوع الكفر هو عدم الحكم بكفر معين قام في حقه موجب الكفر الباطن , بل لا يحكم بكفر المعين هذا إلا بما اظهره من كفر
كما يقول شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى (7\620) :
"فإذا أظهر المنافق من ترك الواجبات وفعل المحرمات ما يستحق عليه العقوبة عوقب على الظاهر ولا يعاقب على ما يعلم من باطنه بلا حجة ظاهرة ولهذا كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يعلم من المنافقين من عرفه الله بهم وكانوا يحلفون له وهم كاذبون وكان يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم الى الله".
وقال –أيضا- في مجموع الفتاوى (23\229) :
"أن النبى ما يعاقب المنافقين على الأمور الباطنة وانما يعاقبهم على ما يظهر منهم من ترك واجب أوفعل محرم" .









قديم 2014-05-26, 20:57   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


وقال كذلك في مجموع الفتاوى (24\175) :
"وإنما يعاقب من أظهر المعصية قولا أوعملا وأما من أظهر لنا خيرا فإنا نقبل علانيته ونكل سريرته إلى الله تعالى فإن غايته أن يكون بمنزلة المنافقين الذين كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله لما جاءوا إليه عام تبوك يحلفون ويعتذرون".
وقال في مجموع الفتاوى (7\412-413) :
"فلم يكن يصلى عليهم ولا يستغفر لهم ولكن دماؤهم وأموالهم معصومة لا يستحل منهم ما يستحله من الكفار الذين لا يظهرون أنهم مؤمنون بل يظهرون الكفر دون الإيمان فإنه قال
[أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله] ولما قال لأسامة بن زيد [اقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قال إنما قالها تعوذا قال هلا شققت عن قلبه] , وقال [إنى لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا اشق بطونهم] وكان إذا استؤذن فى قتل رجل يقول [أليس يصلى أليس يتشهد فإذا قيل له أنه منافق قال ذاك], فكان حكمه فى دمائهم وأموالهم كحكمه فى دماء غيرهم لا يستحل منها شيئا إلا بامر ظاهر مع أنه كان يعلم نفاق كثير منهم".
فالقول بتكفير المشرعين للقوانين لعلة الاستحلال ؛ إنما هو من قبيل التكفير الباطن لا الظاهر ؛ فيكونون –فيما لو ثبت ذلك في حق المعين منهم- بمنزلة المنافقين الذين لهم أحكام الإسلام في الدنيا –ولو ظهرت آثار نفاقهم على جوارحهم- ؛ وأما في الآخرة فهم كفار خالدون مخلدون في نار جهنم والعياذ بالله ؛ فالحكم بتكفيرهم الكفر الظاهر ومعاملتهم معاملة الكفار أو المرتدين خطأ محض لما تقدم من نقولات بينات عن شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- .
ولهذا فإطلاق الشيخ ابن عثيمين لكفر المشرع للقوانين لعلة الاستحلال ؛ يصح إن كان المراد منه الكفر الباطن مع إبقاء حكم الإسلام له في الظاهر والتعبير عنه بالنفاق , ووصف المتلبس به (بالمنافق) لا (الكافر) هو (المتعين) ؛ ولا يقبل منه لو أراد به الكفر الظاهر .









قديم 2014-05-26, 20:59   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي



الوجه الثاني : إن مبنى احتهاد الشيخ –رحمه الله- قائم بصورة عامة على مسألة التلازم ؛ ومعلوم أن لازم المذهب ليس بمذهب , ولازم القول ليس بقول , ولازم الفعل كذلك , ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة عدم التكفير بلازم المذهب كما قال شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى (20\217) :
"الصواب أن مذهب الانسان ليس بمذهب له -إذا لم يلتزمه- ؛ فانه إذا كان قد أنكره ونفاه كانت إضافته اليه كذبا عليه , بل ذلك يدل على فساد قوله وتناقضه فى المقال غير التزامه اللوازم التى يظهر أنها من قبل الكفر والمحال مما هو اكثر فالذين قالوا بأقوال يلزمها أقوال يعلم أنه لا يلتزمها لكن لم يعلم أنها تلزمه ولو كان لازم المذهب مذهبا للزم تكفير كل من قال عن الاستواء او غيره من الصفات انه مجاز ليس بحقيقة فإن لازم هذا القول يقتضى أن لايكون شئ من أسمائه أو صفاته حقيقه".
وقد زاد الشيخ محمد بن صالح العثيمين في القواعد المثلى (14-15) هذا الاصل وضوحا فقال : "وأما اللازم من قول أحدٍ سوى قول الله ورسوله، فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يذكر للقائل ويلتزم به، مثل أن يقول من ينفي الصفات الفعلية لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله – عز وجل – أن يكون من أفعاله ما هو حادث. فيقول المثبت: نعم، وأنا ألتزم بذلك فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالاً لما يريد ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال تعالى {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} وقال {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصاً في حقه.
الحال الثانية: أن يذكر له ويمنع اللازم بينه وبين قوله، مثل أن يقول النافي للصفات لمن يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكون الله تعالى مشابهاً للخلق في صفاته. فيقول المثبت: لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به، وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله تعالى ذاتاً وتمنع أن يكون مشابهاً للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات؟!.وحكم اللازم في هاتين الحالتين ظاهر.
الحال الثالثة: أن يكون اللازم مسكوتاً عنه، فلا يذكر بالتزام ولا منع، فحكمه في هذه الحال ألا ينسب إلى القائل، لأنه يحتمل لو ذكر له أن يلتزم به أو يمنع التلازم، ويحتمل لو ذكر له فتبين له لزومه وبطلانه أن يرجع عن قوله؛ لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم , ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول.
فإن قيل: إذا كان هذا اللازم لازماً من قوله، لزم أن يكون قولاً له، لأن ذلك هو الأصل، لاسيما مع قرب التلازم.
قلنا: هذا مدفوع بأن الإنسان بشر، وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل، أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكير في لوازمه، ونحو ذلك".

بل هذا الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-نفسه- وضح ان تشريع القوانين لا يستلزم منه دائما وأبدا الاستحلال ؛ بل قد يكون بدافع آخر كالمداهنة مثلا فقال –رحمه الله- كما في (التحذير من فتنة التكفير) : "وفي ظني أنه لا يمكن لأحد أن يطبق قانوناً مخالفاً للشرع يحكم فيه في عباد الله إلا وهو يستحله ويعتقد أنه خير من القانون الشرعي، فهو كافر، هذا هو الظاهر، وإلا فما الذي حمله على ذلك ؟
قد يكون الذي حمله على ذلك خوفاً من أناس آخرين أقوى منه إذا لم يطبقه، فيكون مداهناً لهم، فحينئذ نقول: إن هذا كالمداهن في بقية المعاصي".
فالقطع بأن تشريع القوانين مرده للاستحلال القلبي لها فقط دون سائر الاحتمالات متضمن لتعطيل غيره من الدوافع بغير بينة بل بمحض التقول .









قديم 2014-05-26, 21:02   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي



الوجه الثالث : أن مبنى هذا الاجتهاد منه –رحمه الله- إنما هو قائم على مسألة التلازم بين شعب الإيمان الظاهرة والباطنة ؛ وهذا التلازم قد يظهر أثره في حال قوته , وقد لا يظهر بسبب إما ضعف الإيمان أو انتفائه ؛
كما قال شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى (7\644) :
"فأصل الإيمان فى القلب وهو قول القلب وعمله وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد وما كان فى القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح واذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دل على عدمه أو ضعفه" .

وقال -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (7\234) مؤكدا على أن عدم حصول اللازم قد يكون بسبب ضعف الملزوم لا بسبب انتفائه :
"فإن قوة المسبب دل على قوة السبب وهذه الأمور نشأت عن العلم فالعلم بالمحبوب يستلزم طلبه والعلم بالمخوف يستلزم الهرب منه فإذا لم يحصل اللازم دل على ضعف الملزوم".

فجعل تخلف الملزوم راجع إلى انتفاء اللازم فقط ؛ محض تقول ؛ والقطع بأحد الأمرين (انتفاء الإيمان أو ضعف الإيمان) دون الاخر لغير قرينة موجبة لذلك الترجيح لا يصح , وبخاصة إذا رجح إحتمال إنتفاء الايمان لانه معارض للاصل الثابت بيقين وهو وجود الايمان في قلب مدعي الاسلام ؛ ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه بالشك والظن والتخمين ؛
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (12\ 466) :
"من ثبت إسلامه بيقين لم يزُل ذلك عنه بالشك".

ولهذا قال الشيخ عبد العزيز بن باز في مناظرته الشهيرة حول مسألة تحكيم القوانين -مبينا أن التكفير الظاهر لا يكون بلازم القول أو الحكم- :
" السائل : مالم يستحلوا نعم . إنما هم يرون أن هناك فرقا بين من يفعل المعصية فنحكم بأنه مسلم فاسق أو ناقص الإيمان ، وبين من يجعل المعصية قانونا ملزما للناس ، لأنه - يقولون - لا يتصور من كونه أبعد الشريعة مثلا وأقصاها وجعل بدلها قانونا ملزما - ولو قال إنه لا يستحله - لا يتصور إلا أنه إما أنه يستحله أو يرى أنه أفضل للناس أوما أشبه ذلك ، وأنه يفارق الذي حكم في قضية خاصة لقرابة أو لرشوة ؟

الشيخ ابن باز : بس قاعدة ، قاعدة : لا زم الحكم ليس بحكم ، لا زم الحكم ليس بحكم ، قد يقال في الذي حكم لهواه أو لقريبه : أنه مستحل يلزمه ذلك وليش يسأل ، ماهو بلازم الحكم حكم ، هذا فيما بينه وبين الله".
بل الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- يشير إلى هذا –أيضا- كما في فتواه المسجلة مع الشيخ أبي الحسن المأربي –وفقه الله- حيث قال : "وإذا كان يعلم الشرع ولكنه حكم بهذا أو شرع هذا وجعله دستورا يمشي الناس عليه يعتقد انه ظالما في ذلك وان الحق فيما جاء به الكتاب والسنة فإننا لا نستطيع أن نكفر هذا".
فقد يشرع الحاكم قوانين يستبدل بها أحكام الشرع لضعف إيمانه مع اعتقاده أنه ظالم في ذلك وان الحق فيما جاء به الكتاب والسنة ؛ فهذا لا يكفر –على صريح قول الشيخ ابن عثيمين- .









قديم 2014-05-26, 21:10   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي



الوجه الرابع : اختلف أهل العلم في مسألة الممتنع عن شريعة من شرائع الإسلام وقاتل على امتناعه -بما يدل على إصراره على ما امتنع عن فعله- على قولين تبعا لاختلاف الصحابة فيها , ذلك أن منهم :
- من جعل الطائفة الممتنعة عن الزكاة بمنزلة المرتدين وهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ومن وافقه من الصحابة .
- ومنهم من جعلهم بمنزلة البغاة من أهل الإسلام وهم عمر بن الخطاب ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم ,
وفي هذا المعنى يقول أبن قدامة -رحمه الله- في المغني (2\435-436) حاكيا اختلاف الصحابة في هذه المسألة :
" فأما ان كان مانع الزكاة خارجا عن قبضة الإمام قاتله لأن الصحابة رضي الله عنهم قاتلوا مانعيها ,
وقال : أبو بكر الصديق رضي الله عنه (لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه الى رسول الله رضي الله عنه لقاتلتهم عليه) ؛
فأن ظفر به وبماله أخذها من غير زيادة ولم تصب ذريته لأن الجناية من غيرهم ولأن المانع لا يسيء فذريته أولى.
وأن ظفر به دون ماله دعاه الى أدائها وأستتابه ثلاثا , فإن تاب وأدى وإلا قتل ولم يحكم بكفره.
وعن أحمد ما يدل على أنه كفر بقتاله عليها , فروى الميموني عنه (إذا منعوا الزكاة كما منعوا أبا بكر وقاتلوا عليها لم يورثوا ولم يصل عليهم) .
قال : عبد الله بن مسعود (ما تارك الزكاة بمسلم) ووجه ذلك ما روي (أن أبا بكر رضي الله عنه لما قاتلهم وعضتهم الحرب, قالوا نؤديها , قال : لا أقبلها حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار) , ولم ينقل انكار ذلك عن أحد من الصحابة فدل على كفرهم.
ووجه الأول : أن عمر وغيره من الصحابة أمتنعوا عن القتال في بدء الأمر , ولو اعتقدوا كفرهم لما توقفوا عنه , ثم أتفقوا على القتال وبقي الكفر على أصل النفي , ولأن الزكاة فرع من فروع الدين ؛ فلم يكفر تاركه بمجرد تركه كالحج".
ويؤيد ما ذكره أبن قدامة رحمه الله على ان الصحابة أتفقوا على القتال دون التكفير ما قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12\279-280) :
"وليس في فعل الصديق حجة لما ذكر , وانما فيه قتال من منع الزكاة , والذين تمسكوا بأصل الإسلام ومنعوا الزكاة بالشبهة التي ذكروها لم يحكم عليهم بالكفر قبل إقامة الحجة , وقد اختلف الصحابة فيهم -بعد الغلبة عليهم- هل تغنم أموالهم وتسبى ذراريهم كالكفار ؟ أو لا كالبغاة ؟
فرأى أبو بكر الأول وعمل به وناظره عمر في ذلك -كما سيأتي بيانه في كتاب الاحكام إن شاء الله تعالى- .
وذهب [عمر] إلى الثاني ووافقه غيره في خلافته على ذلك , واستقر الإجماع عليه في حق من جحد شيئا من الفرائض بشبهة ؛ فيطالب بالرجوع ؛ فان نصب القتال قوتل وأقيمت عليه الحجة فان رجع والا عومل معاملة الكافر حينئذ .
ويقال : أن أصبغ من المالكية استقر على القول الأول فعد من ندرة المخالف .
وقال القاضي عياض يستفاد من هذه القصة : ان الحاكم إذا أداه اجتهاده في أمر لا نص فيه إلى شيء تجب طاعته فيه , ولو اعتقد بعض المجتهدين خلافه ؛ فان صار ذلك المجتهد المعتقد خلافه حاكما وجب عليه العمل بما اداه إليه اجتهاده وتسوغ له مخالفة الذي قبله في ذلك لأن عمر أطاع أبا بكر فيما رأى من حق مانعي الزكاة مع اعتقاده خلافه ثم عمل في خلافته بما اداه إليه اجتهاده ووافقه أهل عصره من الصحابة وغيرهم وهذا مما ينبه عليه في الاحجاج بالإجماع السكوتي فيشترط في الاحتجاج به انتفاء موانع الإنكار وهذا منها".
وقال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (4\231-234) : " أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه استحل دماء مانعي الزكاة وقال : (والله لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة) ؛ فقاتلهم على ذلك في جمهور الصحابة , وأراق دمائهم لمنعهم الزكاة وأبائهم من أدائها ؛ فمن أمتنع عن الصلاة وأبى من إقامتها كان الأحرى بذلك , ألا ترى أن أبا بكر شبه الزكاة بالصلاة , ومعلوم أنهم كانوا مقرين بالإسلام والشهادة , يوضح ذلك قول عمر لأبي بكر : (كيف نقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم [أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله , فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم لا يحقها وحسابهم على الله] , فقال : أبو بكر : هذا من حقها , والله سلوني عناقا أو عقالا مما كانوا يعطون رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لقاتلتهم على ذلك) , ولو كفر القوم لقال : ابو بكر قد تركوا لا اله الا الله وصاروا مشركين , وقد قالوا لأبي بكر بعد الأسار : (ما كفرنا بعد إيماننا , ولكن شححنا على أموالنا) , وذلك بين في شعرهم , قال : شاعرهم:
الا فاصبحينا قبل ثائرة الفجر لعل منايانا قريب وما ندري
احطنا رسول الله ما بيننا فيا عجب ما بال ملك أبي بكر
فإن الذي سألوكم فمنعتهم لكالقمر أو أشهى اليهم من التمر
فرأى أبو بكر في عامة الصحابة ومعه عمر قتالهم , وبعث خالد بن الوليد وغيره الى قتال من أرتد, هذا كله احتج به الشافعي رحمه الله وقال : ففي هذا دلالة على أن من أمتنع مما فرض الله عليه كان على الإمام أخذه وقتاله عليه , وأن أتى ذلك على نفسه .
وأما توريث ورثتهم أموالهم فلأن عمر بن الخطاب لما ولي رد على ورثة مانعي الزكاة كل ما وجد من أموالهم بين أيدي الناس , وكان أبو بكر سباهم كما سبى أهل الردة وخالفه في ذلك عمر لصلاتهم وتوحيدهم ورد الى ورثتهم أموالهم في جماعة الصحابة ولم ينكر ذلك عليه أحد .
وقال : أهل السير : ان عمر لما ولي أرسل الى النسوة اللاتي كان المسلمون حازوهن وخيرهن ان يمكثن عند من هن عنده بتزويج وصداق , أو يرجعن الى أهليهن بالفداء فأخترن ان يمكثن عند من مكثن عندهم بتزويج وصداق .
قال : وكان الصداق الذي جعل لمن أختار أهله عشرة أواق لكل أمرأة , والأوقية اربعون درهما , فأحتج الشافعي بفعل عمر هذا في جماعة الصحابة أيضا من غير نكير .
وروى سفيان بن عبينه عن عمرو بن دينار عن محمد بن طلحة بن يزيد قال : قال : عمر بن الخطاب : (لأن أكون سألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن ثلاث أحب ألي من حمر النعيم , الخليفة من بعده , وعن قوم أقروا بالزكاة ولم يؤدوها يحل لنا قتالهم , وعن الكلالة) .
وروى حماد بن زيد بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن أبن عباس قال : (قواعد الدين ثلاثة , شهادة ان لا اله الا الله , والصلاة , وصوم رمضان) , ثم قال : ابن عباس (تجده كثير المال ولا يزكي فلا يقال : لذلك كفر ولا يحل دمه)".
فها انت ترى كيف ان الصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في تكفير مانعي الزكاة مع الأتفاق على وجوب قتالهم .
لا بل ان الحافظ ابن حجر رحمه الله يحكي ان الأجماع استقر على قول عمر بن الخطاب في عدم التكفير مع أنهم كانوا مصرين على كبيرة ترك الزكاة حتى قاتلوا عليها .









قديم 2014-05-26, 21:11   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي



الوجه الخامس : قوله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ}.
وأصل الإصرار : الثبات على الشيء , وهو –كما قال ابن حزم في الفصل (4\44)-
"لا يكون الا على ما قد فعله المرء بعد تماد عليه أن يفعله".
ولهذا قال القرطبي (4\211) : "الاصرار هو العزم بالقلب على الامر وترك الاقلاع عنه".
وقد جاء ذم المصرين على الذنب وتهديهم بالوعيد من حديث عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [ارحموا ترحموا و اغفروا يغفر الله لكم وويل لأقماع القول وويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا و هم يعلمون] .
هذان النصان في أهل الاسلام بلا خلاف ؛ فالإصرار على الكبيرة حتى الموت ليس كفرا بنفسه وهذا مما أجمع عليه أهل السنة والجماعة .
كما قال النووي في شرحه على مسلم (1\217) :
"وأما من كانت له معصية كبيرة ومات من غير توبة ؛ فهو فى مشيئة الله تعالى فان شاء عفا عنه وأدخله الجنة أولا ... , وان شاء عذبه القدر الذى يريده سبحانه وتعالى ثم يدخله الجنة ؛ فلا يخلد فى النار أحد مات على التوحيد , ولو عمل من المعاصى ما عمل ؛ كما أنه لا يدخل الجنة أحد مات على الكفر ولو عمل من أعمال البر ما عمل , هذا مختصر جامع لمذهب أهل الحق فى هذه المسألة , وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة واجماع من يعتد به من الأمة على هذه القاعدة , وتواترت بذلك نصوص تحصل العلم القطعى".
وبوب البخاري في صحيحه (1\19) بابا قال فيه (ما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة لقول الله تعالى{ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}) .
وقد أوضح مقصود البخاري الحافظ ابن رجب في شرحه على الصحيح (فتح الباري) حيث قال :
"وقول البخاري بعد ذلك : (وما يحذر من الإصرار عل النفاق والعصيان من غير توبة لقول الله تعالى {وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون}): فمراده أن الإصرار على المعاصي وشعب النفاق من غير توبة يخشى منها أن يعاقب صاحبها بسلب الإيمان بالكلية وبالوصول إلى النفاق الخالص وإلى سوء الخاتمة ، نعوذ بالله من ذلك ، كما يقال : إن المعاصي بريد الكفر .
وفي مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ويل لأقماع القول ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون] .
وأقماع القول : الذين آذانهم كالقمع يدخل فيه سماع الحق من جانب ويخرج من جانب آخر لا يستقر فيه" .
فهذا تصريح من الإمام البخاري بفهم الحافظ ابن رجب أن الإصرا على الكبيرة ليس كفرا بنفسه ؛ لكن يخشى أن يؤدي بصاحبه إلى النفاق الأكبير –والعياذ بالله- ؛ وهو يتماشى مع عقيدة أهل السنة والجماعة التي حكاها الإمام النووي وانعقد عليها الإجماع .
فثبت بالنص والإجماع خطأ من جعل الإصرار على الكبيرة ومنها (تشريع القوانين) لازما لثبوت فساد اعتقاد القلب مطلقا .









قديم 2014-05-26, 21:13   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي



المحور الرابع :

أوجه الفرق بين مقالة الشيخ ابن عثيمين في مسألة (تشريع القوانين) , ومقالة
(غلاة التكفير) , ورده –رحمه الله- لمقالاتهم .

كررنا مرارا أن الكلمة الواحدة يقولها اثنان : أحدهما يخرجها على أصل سني معتبر ,
والثاني يخرجها على أصل خلفي مبتدع ؛ فمثلا مسألة المنع من ذكر الأئمة والدعاء لهم على المنابر ؛ يشترك بالقول بها السلفي والخارجي ؛ فأما السلفي فيخرجها على أصل إتباع السنة بعدم ذكرهم في خطبة الجمعة , وكما درج عليه صنيع السلف , وأفتى بمقتضاه أهل العلم , لا على أصل الخوارج بتكفير الحكام وتجويز الخروج عليهم , فاشتراك النتيجة لا يستلزم مطلقا اشتراك الدافع والمسبب ,
ورحم الله ابن القيم حيث قال في مدارج السالكين (3/520-521) :
"والكلمة الواحدة يقولها اثنان، يريد بها أحدهما أعظم الباطل، ويريد بها الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل، وسيرته، ومذهبه، وما يدعو إليه ، ويناظر عليه ", فالتسوية بين الأصلين محض الظلم أو الجهل .
وكذلك الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- فهو وإن كانت بعض أقواله قد قال بجنسها بعض غلاة التكفير ؛ إلا أنه ثمة فرق كبير بين حقيقة قول الشيخ ابن عثيمين , وحقيقة قول هؤلاء الغلاة , وبيان ذلك بأوجه :









قديم 2014-05-26, 21:14   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


الوجه الأول :


إن الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- يرى أن علة الكفر في مسألة (تشريع القوانين) هي الاستحلال القلبي لا ذات التشريع –كما تقدم حكاية أقواله آنفا- ,
بينما يرى (غلاة التكفير) أن علة التكفير في هذه المسألة هي ذات التشريع -لا الاستحلال القلبي- كما قال أبو قتادة الفلسطيني في كتابه (الجهاد والاجتهاد) : "وقد أجمع الأوائل من أئمّتنا على أن مطلق التّشريع على خلاف الشّريعة هو كفر وردّة".
ففرق بين قول الشيخ ابن عثيمين الذي بناه على الأصل السلفي المتقدم , وبين قول غلاة التكفير الذين بنوه على أصل الخوارج في تكفير من حكم بغير ما أنزل الله .
وقد صرّح بهذا الفرق بين المقالتين الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- ؛ فقال في مناقشته الشهيرة حول الحكم بغير ما أنزل الله : "فاسق وظالم وكافر هذا إذا كان مستحلا له أو يرى أنه ماهو مناسب أو يرى الحكم بغيره أولى ، المقصود أنه محمول على المستحل أو الذي يرى بعد ذا أنه فوق الاستحلال يراه أحسن من حكم الله ، أما إذا كان حكم بغير ما أنزل الله لهواه يكون عاصيا مثل من زنا لهواه لا لاستحلال ، عق والديه للهوى ، قتل للهوى يكون عاصيا ، أما إذا قتل مستحلا ، عصى والديه مستحلا لعقوقهما ، زنا مستحلا : كفر ، وبهذا نخرج عن الخوارج ، نباين الخوارج يكون بيننا وبين الخوارج حينئذ متسع وإلا وقعنا فيما وقعت فيه الخوارج ، وهو الذي شبه على الخوارج هذا ، الاطلاقات هذه .
السائل : يعني المسألة قد تكون مشكلة عند كثير من الأخوان فلا بأس لو أخذنا بعض الوقت .
الشيخ ابن باز : لا ، مهمة مهمة ، عظيمة .
السائل : ذكرتم مسألة تكفير العاصي وفاعل الكبيرة ، هذا ليس موضع خلاف .
الشيخ ابن باز : لا ، ما هي المسألة مسألة الخوارج ، هو علة الخوارج ، الاطلاقات هذه , تركوا المقيدات وأخذوا المطلقات وكفروا الناس ، وقال فيهم النبي يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه" .
فتأمل كيف اعتبر الشيخ ابن باز لمناط الحكم للتفريق بين قول أهل السنة والجماعة , وبين قول الخوارج في مسالة تكفير من حكم بغير ما أنزل الله .









قديم 2014-05-26, 21:16   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


الوجه الثاني : إن الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- يرى أن الدافع لتشريع القوانين مرده إما إلى الاستحلال , أو إلى ضعف الإيمان كما تقدم حكاية قوله ؛ بينما (غلاة التكفير) يرون أن التشريع معناه الاستحلال فقط , كما قاله أبو قتادة الفلسطيني في كتابه (الجهاد والاجتهاد) : " المشرّع على خلاف شريعة الرحمن هو كافرٌ ومرتد، ولو اشترطنا في حقّه الاستحلال، فإن تشريعه هو استحلال لذلك".
فشتان بين تأصيل الشيخ ابن عثيمين وعمله بقاعدة التلازم , وبين تأصيل غلاة التكفير .

الوجه الثالث : إن كلام الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- بخصوص هذه المسألة (التشريع العام) إنما هو داخل في باب التأصيل والكلام في الفاعل المطلق , لا في باب التنزيل والكلام في الفاعل المعين ؛ ولهذا فهو –نفسه-رحمه الله- أنكر على من تشبث بتقريره السابق للخروج بنتيجة مفادها تكفير أعيان الحكام المشرعين ؛ فقال –رحمه الله- كما في (فتاوى العلماء الأكابر) جوابا على السؤال التالي :
"السائل: فتكمِلة لمسألة الشباب الآن - يا شيخ! - مثلاً في مناطق كثيرة، ليست كل المناطق، لكن في مناطق كثيرة لا زالوا يخوضون في مسألة هي كبيرة عليهم، يعني مسائل - مثلاً يا شيخ! - التكفير، التشريع العام، والتكفير العيني، هذه المسائل - يا شيخ! - قد يأخذون الفتوى منكم، ثمَّ يُطبِّقونها على الحاكم، هكذا تطبيقاً يعني ...
الشيخ: عملهم هذا غير صحيح.
السائل: نعم! ثمَّ لَمَّا نقول له: يا أخي ما قالها الشيخ ابن عثيمين، يقول لك: لكن الشيخ ابن عثيمين - مثلاً - في كتبِه قال: التشريع العام: مَن حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر بدون تفصيل، والآن عندنا هذا الحاكم لا يحكم بما أنزل الله، فهو كافر، فهِمتَ المسألة يا شيخ؟
الشيخ: فهِمنا، أقول - بارك الله فيكم -: الحكم على المسألة بالحكم الذي ينطبق عليها غيرُ الحكم على شخصٍ معيَّن.
فالمهمُّ يجب على طلبة العلم أن يعرفوا الفرقَ بين الحكم على المسألة من حيث هي مسألة، وبين الحكم على الحاكم بها؛ لأنَّ الحاكمَ المعيَّن قد يكون عنده من علماء السوء مَن يُلبِّس عليه الأمورَ، وغالبُ حُكام المسلمين اليوم ليس عندهم علمٌ بالشرع، فيأتيهم فلانٌ يُموِّه عليهم، وفلانٌ يُموِّه عليهم".
بينما يرى (غلاة التكفير) أن سائر حكام الزمان كفّار خارجون من دين الله ؛ كما قال أبو محمد المقدسي في كتابه (تبصير العقلاء) : "وحكام الزمان وطواغيت العصر ... قد خرجوا من دين الله من أبواب شتّى، منها التشريع وفقاً للدساتير والقوانين الوضعية، ومنها التحاكم إلى الطواغيت المحليّة والإقليميّة والدوليّة..".









قديم 2014-05-26, 22:48   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
ياسرون الجزائري
مراقب منتديات التقنية
 
الصورة الرمزية ياسرون الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

"ومن يّعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا" رواه أبو داود والتّرمذي

اقتباس:
[ نصيحة قيمة ]
والذي أرى أولاً ألّا يشتغل الشباب بهذهالمسألة ، وهل الحاكم كافر ؟ أو غير كافر ؟ وهل يجوز أن نخرج عليه ؟ أو لا يجوز ؟ .. على الشباب أن يهتموا بعباداتهم التي أوجبها الله عليهم ، أو ندبهم إليها ، وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه كراهة أو تحريماً ، وأن يحرصوا على التآلف بينهم ، والاتفاق ، وأن يعلموا أن الخلاف في مسائل الدين والعلم قد جرى في عهد الصحابة رضي الله عنهم ولكنه لم يُؤدّ إلى الفرقة ، وإنما القلوب واحدة ، والمنهج واحد .
قارن هذا الكلام بالتالي :

قال الشيخ عبد الرحمن ابن حسن
-رحمه الله تعالى- :[ قال تعالى : [فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا ] - البقرة 256 ؛ فدلت الآية على أنه لا يكون العبد مستمسكا بلا إله إلا الله؛ إلا إذا كفر بالطاغوت و هي : العروة الوثقى التي لا انفصام لها و من لم يعتقد هذا فليس بمسلم لأنه لم يتمسك بلا إله إلا الله فتدبر و اعتقد ما ينجيك من عذاب الله و تحقيق معنى " لا إله إلا الله " نفيا و إثباتا ] الدرر السنية (11/263).وقال كذلك: [فلا إله إلا الله، لا تنفع إلا من عرف مدلولها نفيا وإثباتا، واعتقد ذلك وقبله وعمل به، و أما من قالها عن غير علم واعتقاد وعمل فقد تقدّم في كلام العلماء أنّ هذا جهل صرف فهي حجة عليه بلا ريب] فتح المجيد 38 ، ونقل على ذلك الإجماع فقال:[قوله (من شهد أن لا إله إلا الله) أي: من تكلّم بها عارفا لمعناها عاملا بمقتضاها باطنا وظاهرا، فلا بدّ في الشهادتين من العلم والعمل بمدلولها كما قال تعالى “فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُمحمد 19 وقوله “ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَالزخرف 86 أما النطق بها من غير معرفة بمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه من نفي الشرك وإخلاص القول والعمل -قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح- فغير نافع بالإجماع] فتح المجيد 35، وقال الشيخ أبا بطين رحمه الله تعالى: [وقال تعالى: “وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَالزخرف 86 قال المفسرون: إلا من شهد بلا إله إلا الله وهم يعلمون بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم وقد قال صلى الله عليه وسلّم: “من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة” واستدل العلماء بهذه الآيات على أن آكد الفرائض العلم بمعنى لا إله إلا الله وأن أعظم الجهل نقص العلم بمعناها، إذا كان معرفة معناها آكد الواجبات فالجهل بذلك أعظم الجهل وأقبحه، ومن العجب أن بعض الناس إذا سمع من يتكلم في معنى هذه الكلمة نفيا وإثباتا عاب ذلك وقال لسنا مكلفين بالناس والقول فيهم، فيقال له: بل أنت مكلف بمعرفة التوحيد الذي خلق الله الجن والإنس لأجله وأرسل جميع الرسل يدعون إليه، ومعرفة ضده وهو الشرك الذي لا يغفر، ولا عذر لمكلّف في الجهل بذلك، ولا يجوز فيه التقليد لأنه أصل الأصول، فمن لم يعرف المعروف وينكر المنكر فهو هالك لاسيما أعظم المعروف وهو التوحيد وأكبر المنكرات وهو الشرك، قال رجل لعبد الله بن مسعود: هلكت إن لم يعرف قلبك المعروف وينكر المنكر، وبمعرفة التوحيد يعرف أهله كما قال علي رضي الله عنه: “إعرف الحق تعرف أهله” ]الانتصار لحزب الله الموحدين ص(16)
و هذا المقدار من العلم لا عذر لأحد بجهله لأنه متعلق بالتوحيد و ما يضاده الذي هو أصل الدين؛ قال ابن عباس -رضي الله عنه- [ التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها؛ و تفسير لا يعذر أحد بجهالته؛ و تفسير يعلمه العلماء؛ و تفسير لا يعلمه إلا الله تعالى ] مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ؛ قال ابن عثيمين في شرح مقدمة التفسير ص(150) تعليقا على هذا الكلام [ و التفسير الذي لا يعذر أحد بجهالته ؛ هو التوحيد و بيان ما يضاده و نحو ذلك من الأمور المعلومة بالضرورة ] و سبب عدم عذر أحد بجهالة هذا المقدار من العلم ما قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب في "الأصول الستة" : [ الأصل الأول : إخلاص الدين لله وحده لا شريك له و بيان ضده الذي هو الشرك بالله و كون أكثر القرآن في بيان الأصل من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامّة ] فإذا كان هذا الأمر يفهمه أبلد العامة فكيف يعذر أحد بجهله.

+
كلام الشيخ ابن عثيمين :
01: قال كما في المجموع الثمين (36/1) :" و من هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهجا يسير الناس عليه فإنهم لم يضعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا و هم يعتقدون أنها أصلح و أنفع للخلق إذ من المعلوم بالضرورة العقلية و الجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا و هو يعتقد فضل ما عدل إليه ونقص ما عدل عنه ........" نقلا عن كتاب الحكم بغير ما أنزل الله أحواله و أحكامه ص (200).
02: و قال أيضا كما في شرح رياض الصالحين(01/312):" و هؤلاء المحكّمون للقوانين لا يحكمونها في قضية معينة خالفوا فيها الكتاب و السنة لهوى أو لظلم و لكنهم إستبدلوا الدين بهذه القوانين، جعلوا هذا القانون يحل محل شريعة الله وهذا كفر حتى لو صلوا و صاموا وتصدقوا و حجوا فهم كفار ما داموا عدلوا عن حكم الله- و هم يعلمون بحكم الله- إلى هذه القوانين الوضعية المخالفة له- فلا تستغرب إذا قلنا من استبدل شريعة الله بغيرها من القوانين فإنه يكفر و لو صام و صلى لأن الكفر ببعض الكتاب كفر بالكتاب كله فالشّرع لا يتبعض إمّا أن تؤمن به جميعا و إمّا أن تكفر به جميعا و إذا آمنت ببعض وكفرت ببعض فأنت كافر بالجميع لأن حالك تقول إنك لا تؤمن بما يخالف هواك و أما ما خالف هواك فلا تؤمن به هذا هو الكفر فأنت بذلك اتبعت الهوى و اتخذت هواك إلها مع الله" نقلا عن كتاب مسألة الإيمان في كفتي ميزان (315).
03: و قال كذلك كما في فقه العبادات (60): " القسم الأول أن يبطل حكم الله ليحل محله حكم آخر طاغوتي، بحيث يلغي الحكم بالشريعة بين الناس و يجعل بدله حكم آخر من وضع البشر كالذين ينحّون الأحكام الشرعية في المعاملة بين الناس و يحلون محلها القوانين الوضعية فهذا لا شك أنه استبدل بشريعة الله سبحانه وتعالى غيرها و هو كفر مخرج عن الملة" نقلا عن كتاب مسألة الإيمان في كفتي ميزان (403).

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1572467









قديم 2014-05-27, 06:05   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرون الجزائري مشاهدة المشاركة
"ومن يّعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا" رواه أبو داود والتّرمذي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسرون الجزائري مشاهدة المشاركة
اقتباس:
[ نصيحة قيمة ]
والذي أرى أولاً ألّا يشتغل الشباب بهذه المسألة ، وهل الحاكم كافر ؟ أو غير كافر ؟ وهل يجوز أن نخرج عليه ؟ أو لا يجوز ؟ .. على الشباب أن يهتموا بعباداتهم التي أوجبها الله عليهم ، أو ندبهم إليها ، وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه كراهة أو تحريماً ، وأن يحرصوا على التآلف بينهم ، والاتفاق ، وأن يعلموا أن الخلاف في مسائل الدين والعلم قد جرى في عهد الصحابة رضي الله عنهم ولكنه لم يُؤدّ إلى الفرقة ، وإنما القلوب واحدة ، والمنهج واحد .
قارن هذا الكلام بالتالي :
لم أفهم عليك أخانا "ياسرون" وما تريد !!!

1- هل هذا الكلام لم يَرُوقُك ؟
2- هل فيه التهوين في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ؟
3- هل هو غير صحيح النسبة لصاحبه ؟
4- هل تريد أن تحتج بالقديم على الجديد من قَوْلَيهِ !!؟
5- أم تريد إثبات تناقض قائله، وضرب قوله المتأخر بقوله المتقدم على حد فهمك ؟
6- وما سبب ايرادك كلام :

( الشيخ عبد الرحمن ابن حسن -رحمه الله تعالى-)و(الشيخ أبا بطين رحمه الله تعالى)و(الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله -)

وما علاقته بمسألة الحكم بغير ما أنزل الله ؟

و أنا في انتظار جوابك لو تفضلتَ .












قديم 2014-05-27, 06:30   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


الوجه الرابع :

إن الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- يرى اعتبار موانع التكفير قبل الحكم بتكفير المعين من المشرعين ؛
فقال –رحمه الله- في تتمة جوابه المتقدم معتبرا لمانع الجهل :
"فالمهمُّ يجب على طلبة العلم أن يعرفوا الفرقَ بين الحكم على المسألة من حيث هي مسألة، وبين الحكم على الحاكم بها؛ لأنَّ الحاكمَ المعيَّن قد يكون عنده من علماء السوء مَن يُلبِّس عليه الأمورَ، وغالبُ حُكام المسلمين اليوم ليس عندهم علمٌ بالشرع، فيأتيهم فلانٌ يُموِّه عليهم، وفلانٌ يُموِّه عليهم، ألَم ترَ إلى أنَّ بعضَ علماء المسلمين المعتبرين قال: جميع مسائل الحياة ليس للشرع فيها تدخُّل! واشتبه عليهم الأمر بقوله : [أنتم أعلم بأمور دنياكم]! قال هذا رجالٌ نشهدُ لهم بالصلاح، ولكن تلبَّس عليهم، وهم لو تأمَّلوا الأمرَ لوجدوا أنَّ هذه بالنسبةِ للمصانع والصنعة وما أشبه ذلك؛ لأنَّ الرسولَ تكلَّم عن تأبير النخل، وهم أعلم به؛ لأنَّه -صلى الله عليه وسلم - أتى من مكَّة، ما فيها نخل ولا شيء، ولا يعرفه، فلمَّا رأى هؤلاء يصعدون إلى [النخل] ويأتون بلقاحه، ثمَّ يُؤبِّرون النخلةَ ويلقِّحونها، فيكون فيه تعب وعمل، قال: [ما أظنُّ ذلك يُغني شيئاً] ؛ فتركوه سنة، ففسدت النخلة، فأتوا إليه، فقالوا: يا رسول الله! فسد التمر! قال: [أنتم أعلم بأمور دنياكم ] ، ليس بأحكام دنياكم، لكن بأمور دنياكم، ثم الناس يُلبِّسون الآن، ألَم تروا بعض العلماء في بلاد ما أباحوا الرِّبا الاستثماريِّ؟ وقالوا: المُحرَّم الربا الاستغلالي، وشبهتُه قوله تعالى: {فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}!

الحاكم إذا كان جاهلاً بأحكام الشريعة، وجاءه مثلُ هذا العالِم، أليس يُضلُّه؟
السائل: يُضِلُّه.
الشيخ: فلذلك لا نحكم على الحُكَّام بالكفر إذا فعلوا ما يَكفُر به الإنسانُ حتى نُقيم عليه الحُجَّة".
* وقال –رحمه الله- كما في (التحذير من فتنة التكفير) معتبرا لمانع الخوف :
"وفي ظني أنه لا يمكن لأحد أن يطبق قانوناً مخالفاً للشرع يحكم فيه في عباد الله إلا وهو يستحله ويعتقد أنه خير من القانون الشرعي، فهو كافر، هذا هو الظاهر، وإلا فما الذي حمله على ذلك ؟

قد يكون الذي حمله على ذلك خوفاً من أناس آخرين أقوى منه إذا لم يطبقه، فيكون مداهناً لهم، فحينئذ نقول: إن هذا كالمداهن في بقية المعاصي".
* وقال –أيضا- مبينا مانع التغرير في مجموع الفتاوى (10\742) :
"أما بالنسبة لمن وضع قوانين تشريعية مع علمه بحكم الله وبمخالفة هذه القوانين لحكم الله ، فهذا قد بدل الشريعة بهذه القوانين ، فهو كافر ؛ لأنه لم يرغب بهذا القانون عن شريعة الله إلا وهو يعتقد أنه الخير للعباد والبلاد من شريعة الله ، وعندما نقول بأنه كافر ؛ فنعني بذلك أن هذا الفعل يوصل إلى الكفر .

ولكن قد يكون الواضع له معذورا ، مثل أن يغرر به ، كأن يقال : إن هذا لا يخالف الإسلام ، أو هذا من المصالح المرسلة ، أو هذا مما رده الإسلام إلى الناس" .
وقال مبينا أثر مانعي الظن أو الغلبة في عدم تكفير المشرع –كما في (التحذير من فتنة التكفير) جوابا على السؤال التالي- : "السؤال : هناك شبهة عند كثير من الشباب هي التي استحكمت في عقولهم، وأثارت عندهم مسألة الخروج، وهي:
أن هؤلاء الحكام المبدلون وضعوا قوانين وضعية من عندهم، ولم يحكموا بما أنزل الله فحكم هؤلاء الشباب بردتهم وكفرهم، وبنوا على ذلك: أن هؤلاء ما داموا كفاراً فيجب قتالهم، ولا ينظر إلى حالة ضعفهم لأن حالة الضعف قد نسخت، كما يقولون بآية السيف!!! (الآية 5 –
التوبة) فما عاد هناك مجال للعمل بمرحلة الاستضعاف، التي كان المسلمون عليها في مكة !!.
فأجاب فضيلته عن هذه الشبهة فقال:
لا بد أن نعلم أولاً هل انطبق عليهم وصف الردة أم لا ؟
وهذا يحتاج إلى معرفة الأدلة الدالة على أن هذا القول أو الفعل ردة، ثم تطبيقها على شخص بعينه، وهل له شبهة أم لا ؟
يعني: قد يكون النص قد دل على أن هذا الفعل كفر، وهذا القول كفر، لكن هناك مانع يمنع من تطبيق حكم الكفر على هذا الشخص المعين.
والموانع كثيرة، منها: الظن – وهو جهل – ومنها: الغلبة.
فالرجل الذي قال لأهله: إذا مت فحرقوني واسحقوني في اليم، فإن الله لو قدر عليّ ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحد من العالمين؛ – والحديث أخرجه البخاري، ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه – هذا الرجل ظاهر عقيدته الكفر والشك في قدرة الله، لكن الله لما جمعه وخاطبه قال: يارب إني خشيت منك أو كلمة نحوها، فغفر له، فصار هذا الفعل منه تأويلاً. (أي غير مقصود له، ولا مُراد منه).
ومثل ذلك الرجل الذي غلبه الفرح، وأخذ بناقته قائلاً: اللهم أنت عبدي وأنا ربك!! أخرجه البخاري، ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه – كلمة كفر، لكن هذا القائل يكفر؛ لأنه مغلوب عليه، فمن شدة الفرح أخطأ، أراد أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك، فقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك!.
والمكره يكره على الكفر فيقول كلمة الكفر، أو يفعل فعل الكفر، ولكن لا يكفر بنص القرآن؛ لأنه غير مريد، وغير مختار.
وهؤلاء الحكام، نحن نعرف أنهم في المسائل الشخصية –كالنكاح والفرائض وما أشبهها– يحكمون بما دل عليه القرآن على اختلاف المذاهب".
بينما (غلاة التكفير) يرون أن اعتبار هذه الموانع من قبيل الترقيع للطواغيت والاعتذار لهم والمجادلة عنهم ؛ وحسبك بكتاب أبي بصير الطرطوسي (الانتصار لأهل التوحيد والرد على من جادل عن الطواغيت) والذي ألفه ردا على اختيارات الشيخ الألباني –رحمه الله- في مسالة التكفير بعامة , وتكفير حكام المسلمين بخاصة .









قديم 2014-05-27, 06:35   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي



الوجه لخامس :


يرى الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- أنه لا يحكم بكفر المشرع للقوانين إلا بعد إقامة الحجة الشرعية عليه , والتحقق من انتفاء موانع التكفير ؛ كما قال –رحمه الله- في فتواه لأهل الجزائر كما جاء في كتاب (فتاوى العلماء الأكابر) :
"الشيخ : فهِمنا، أقول - بارك الله فيكم -: الحكم على المسألة بالحكم الذي ينطبق عليها غيرُ الحكم على شخصٍ معيَّن.

فالمهمُّ يجب على طلبة العلم أن يعرفوا الفرقَ بين الحكم على المسألة من حيث هي مسألة، وبين الحكم على الحاكم بها؛ لأنَّ الحاكمَ المعيَّن قد يكون عنده من علماء السوء مَن يُلبِّس عليه الأمورَ، وغالبُ حُكام المسلمين اليوم ليس عندهم علمٌ بالشرع، فيأتيهم فلانٌ يُموِّه عليهم، وفلانٌ يُموِّه عليهم، ألَم ترَ إلى أنَّ بعضَ علماء المسلمين المعتبرين قال: جميع مسائل الحياة ليس للشرع فيها تدخُّل! واشتبه عليهم الأمر بقوله - صلى الله عليه وسلم - : [أنتم أعلم بأمور دنياكم ]! قال هذا رجالٌ نشهدُ لهم بالصلاح، ولكن تلبَّس عليهم، وهم لو تأمَّلوا الأمرَ لوجدوا أنَّ هذه بالنسبةِ للمصانع والصنعة وما أشبه ذلك؛ لأنَّ الرسولَ تكلَّم عن تأبير النخل، وهم أعلم به؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - أتى من مكَّة، ما فيها نخل ولا شيء، ولا يعرفه، فلمَّا رأى هؤلاء يصعدون إلى [النخل] ويأتون بلقاحه، ثمَّ يُؤبِّرون النخلةَ ويلقِّحونها، فيكون فيه تعب وعمل، قال: [ما أظنُّ ذلك يُغني شيئاً]؛ فتركوه سنة، ففسدت النخلة، فأتوا إليه، فقالوا: يا رسول الله! فسد التمر! قال: [أنتم أعلم بأمور دنياكم ]؛ ليس بأحكام دنياكم، لكن بأمور دنياكم، ثم الناس يُلبِّسون الآن، ألَم تروا بعض العلماء في بلاد ما أباحوا الرِّبا الاستثماريِّ؟ وقالوا: المُحرَّم الربا الاستغلالي، وشبهتُه قوله تعالى: {فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}!.
الحاكم إذا كان جاهلاً بأحكام الشريعة، وجاءه مثلُ هذا العالِم، أليس يُضلُّه؟
السائل: يُضِلُّه.
الشيخ: فلذلك لا نحكم على الحُكَّام بالكفر إذا فعلوا ما يَكفُر به الإنسانُ حتى نُقيم عليه الحُجَّة.
السائل: مَن الذي يُقيم الحُجَّة يا شيخ؟
الشيخ: ما دُمنا ما أقمنا عليهم الحُجَّة لا نحكم بكفرهم".

* وقال –أيضا- في مجموع الفتاوى والرسائل (6\162) : "وهناك فرق بين المسائل التي تعتبر تشريعا عاما والمسألة المعينة التي يحكم فيها القاضي بغير ما أنزل الله لأن المسائل التي تعتبر تشريعا عاما لا يتأتى فيها التقسيم السابق، وإنما هي من القسم الأول فقط لأن هذا المشرع تشريعا يخالف الإسلام إنما شرعه لاعتقاده أنه أصلح من الإسلام وأنفع للعباد كما سبقت الإشارة إليه.
وهذه المسألة أعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله من المسائل الكبرى التي ابتلي بها حكام هذا الزمان فعلى المرء أن لا يتسرع في الحكم عليهم بما لا يستحقونه حتى يتبين له الحق لأن المسألة خطيرة -نسأل الله تعالى أن يصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانتهم- كما أن على المرء الذي آتاه الله العلم أن يبينه لهؤلاء الحكام لتقوم الحجة عليهم وتتبين المحجة فيهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، ولا يحقرن نفسه عن بيانه ولا يهابن أحدا فيه فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين".

* وقال –كذلك- في لقاءات الباب المفتوح (ش\87) : "إذا جاءنا رجل ورفع الحكم الشرعي وأحل بدله قوانين تخالف ما أنزل الله على رسوله، فهذا لا شك أنه مستحل؛ لأنه رفع الحكم نهائياً ووضع قانوناً من وضعه أو من وضع من هو أسوأ حالاً منه، فهذا كافر؛ لأن رفعه للأحكام الشرعية ووضع القوانين بدلها يعني أنه استحل ذلك.
لكن يبقى عنه: هل نكفر هذا الرجل بعينه، أو ننظر حتى تقوم عليه الحجة؟ لأنه قد يشتبه عليه مسائل الأمور الدنيوية من مسائل الأمور العقدية أو التعبدية، ولهذا تجده يحترم العبادة ولم يغير فيها، فلا يقول مثلاً: إن صلاة الظهر تأتي والناس في العمل نؤجلها إلى العصر، أو صلاة العشاء تأتي والناس محتاجون إلى النوم والعشاء نقدمها إلى المغرب مثلاً، يحترم هذا، لكن في الأمور الدنيوية ربما يتجاسر ويضع قوانين مخالفة للشرع، فهذا من حيث هو كفر لا شك فيه؛ لأن هذا رفع الحكم الشرعي واستبدل به غيره، ولكن لا بد أن نقيم عليه الحجة، وننظر لماذا فعلت ذلك؟ قد يلبس عليه بعض العلماء الذين هم علماء دولة، ويحرفون الكلم عن مواضعه من أجل إرضاء الحاكم،.... ؛ فيكون هذا جاهلاً، لكن إذا أقمنا عليه الحجة وقلنا: هذا غلط، وهذا خطأ وتحريف من هذا العالم الذي غرك، ثم أصر على ما هو عليه؛ حينئذ نحكم بكفره ولا نبالي".
بينما (غلاة التكفير) يرون أن حالة (تشريع القوانين) أو (الحكم بالقوانين الوضعية) لا يجب للحكم بكفر المتلبس بها أن تقام عليه الحجة ؛ كما قال أبو بصير الطرطوسي في كتابه (الانتصار لأهل التوحيد) متعقبا اشتراط الشيخ الألباني –رحمه الله- لإقامة الحجة قبل تكفير الحاكم الواقع في موجب التكفير :
"لماذا دائماً تقحمون إقامة الحجة كجملة اعتراضية، تمنع أحكام الله من أن تأخذ طريقها إلى رؤوس الكفر والنفاق والفتنة؟! ... إن شرطكم هذا باطل ومرفوض لا محل له في الشرع وهو ممن ديدن ودندنة أهل الأرجاء الذين عرفوا بورعهم البارد في عدم تكفير الكافر!".









قديم 2014-05-27, 06:41   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي


الوجه السادس :

يرى الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- أن مسألة تكفير أعيان الحكام المشرعين للقوانين , من الأمور الخطيرة , والمسائل الدقيقة التي لا يمكن أن يحكم فيها بوجه عام ؛ بل الحكم في هذه المسألة لا يمكن إلا على كل قضية بعينها بتأن وتمهل فقال -رحمه الله- في لقاء الباب المفتوح (ش\78) :
"هذه المسألة يا أخي! مسألة ليست هينة، ولا يمكن أن يحكم فيها بوجه عام، لأنه لو حكم فيها بوجه عام أو أفتي فيها بوجه عام فهمها بعض الناس على غير المقصود، فإذا خالف الحاكم شيئاً يعتقده هذا الرجل أنه هو شرع الله قال: إنه كافر، وهذا مثل ما يوجد الآن في الجماعات التي تكفر ولاة الأمور وتقول: لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله، وهم لم يمحصوا المسألة، فلذلك أنا أرى أن سد الباب في هذه المسألة أولى، لئلا يفهمها الناس على غير مراد المفتي ولئلا يتخذها الإنسان وسيلة إلى القيام على الحكام في بلادهم، وهذه مسألة كبيرة كما تعرف، وقد تكلم العلماء رحمهم الله على هذه المسألة عند تفسير الآيات التي في سورة المائدة، فبإمكانك أن ترجع إلى ما قاله العلماء في هذا".


وقال الشيخ ايضا في فتاوى الحرم المدني (ش\35) جوابا عن السؤال التالي :
"السؤال : هل كل من بدل الشرع وتحاكم إلى القوانين الوضعية كافر؟

الجواب: الواقع أن هذه المسألة دقيقة ولا يمكن أن نفتي بها فتوى عامة في مثل هذا المجلس؛ لأنه ربما يفهمها بعض الناس على غير الصواب، ثم يذهب يكفر كل إنسان حتى وإن لم يكن كافراً، وحينئذٍ تقوم الفتن بين الناس، ويكون التكفير سهلاً على المرء حتى لو أن القاضي مع التزامه بحكم الشرع حكم في مسألة ما بخلاف الشرع قال: هذا حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر مباح الدم والمال لا يصير هذا، هذه مسألة لا يمكن الفتوى فيها على سبيل العموم في مثل هذا المجلس؛ لأن الناس أحياناً يفهمون الجواب خطأً، فنستميح السائل العذر في عدم الفتوى فيها".
وقال –كذلك- في لقاء الباب المفتوح (ش\1) جوابا على السؤال :
"السؤال: هل يعتبر الذين لا يحكِّمون القرآن والسنة ويحكِّمون القوانين الفرنسية أو الإنجليزية كفاراً؟

الجواب: هذا يحتاج إلى النظر إلى السبب الذي حملهم على هذا، وهل أحدٌ غرَّهم ممن يدعي العلم، وقال: إن هذا لا يخالف الشرع، أم ماذا؟! فالحكم في هذه المسألة لا يمكن إلا على كل قضية بعينها".

وقال –كذلك- في فتاوى العقيدة (ص\228) :
"وهذه المسألة أعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله من المسائل الكبرى التي ابتلي بها حكام هذا الزمان فعلى المرء أن لا يتسرع في الحكم عليهم بما لا يستحقونه حتى يتبين له الحق لأن المسألة خطيرة -نسأل الله-تعالى-أن يصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانتهم -كما أن على المرء الذي آتاه الله العلم أن يبينه لهؤلاء الحكام لتقوم الحجة عليهم وتبين المحجة ، فيهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حي عن بينة ، ولا يحقرن نفسه عن بيانه ، ولا يهابن أحداً فيه فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين".

وأما(غلاة التكفير) فلهم رأي آخر ألا وهو أن جميع الحكام هم بأعيانهم –كفار مرتدون- من غير حاجة لتمهل وتأن وتوقي وتثبت وإقامة حجة والحكم على كل قضيةب؛ كما قال أيمن الظواهري في كتابه (الحصاد المر) :
" أن الحكام الحاكمين لبلاد المسلمين بغير ماأنزل الله بالقوانين الوضعية هم كفار مرتدون يجب الخروج عليهم وجهادهم وخلعهم ونصب حاكم مسلم".

وقال أبو بصير الطرطوسي في أجوبته المنشورة في موقعه جوابا على السؤال المرقم (58) :
"الذي يمكننا قوله، وهذا الذي تطمئن إليه النفس: أن أغلب حكام المسلمين وبخاصة منهم حكام بلادنا .. هم كفار مرتدون بأعيانهم، وقولي بأعيانهم؛ أي يمكنك أن تحكم عليهم بالكفر والردة بأسمائهم وأشخاصهم .. ولا يجوز التردد أو التوقف في ذلك !".










 

الكلمات الدلالية (Tags)
لابن, المتأخرة, الفتوى, عثيمين


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc