"الحرب على الإرهاب" - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

"الحرب على الإرهاب"

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-02-16, 14:51   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
كلمات مبعثرة
عضو محترف
 
الصورة الرمزية كلمات مبعثرة
 

 

 
إحصائية العضو










B18 "الحرب على الإرهاب"

ماذا تعني "الحرب على الإرهاب"؟


يخوض الغرب اليوم حرباً عابرة للحدود ضد ما يسميه الإرهاب، وتسمح حكومة الولايات المتحدة لنفسها باسم تلك الحرب أن تنتهك سيادة الدول وأن تتدخل حتى بالمناهج الدراسية زاعمةً أن بعضها يروج للإرهاب. وفي أمريكا نفسها، بات الأمريكيون أقل حريةً وأقل قدرةً على معرفة ما تقوم به حكومتهم في ظل حزمٍ من القوانين المتشددة التي سنت بذريعة مكافحة الإرهاب. أما خارج أمريكا، فقد دفع الملايين ثمن هذه "الحرب على الإرهاب" من دمهم وحريتهم واستقرارهم وحجارة بيوتهم. فالحرب على العراق وأفغانستان شنتا باسم "محاربة الإرهاب" أيضاً، وكذلك الحرب في كولومبيا وغيرها، وبينما تتصاعد التدخلات الأمريكية بلا حسيبٍ ولا رقيب، تصبح المصالح الأمريكية نفسها أقل استقراراً وأمناً وأقل شعبيةً حول العالم. بل يبدو كأن "الحرب على الإرهاب" هي بذاتها المسبب الأول للإرهاب الذي تزعم أنها تحاربه.



وهي، بالمناسبة، حرب على مفهوم مجرد، وليست حرباً كغيرها فيها حدود وجيوش ودول، فالحرب على الإرهاب تتميز باعتمادٍ أكبر على القوات الخاصة والمخابرات والقوى الأمنية والديبلوماسية والإعلامية. ولكن، ما هو هذا المفهوم المجرد، الإرهاب، الذي تخاض ضده حربٌ بلا حدود؟ ما هو الإرهاب؟ ومن هم الإرهابيون بالضبط؟ فالغرب بات يربط الإرهاب بنظرية "صراع الحضارات" معتبراً أن من أهداف الإرهابيين "زعزعة استقرار البنى الاجتماعية والاقتصادية والدستورية لبلدٍ ما"، كما جاء في التعريف الذي وضعه الاتحاد الأوروبي في 2004 (مجلة القانون الألمانية، 1 أيار / مايو 2004). فقضية "الحرب على الإرهاب" تقدم للغربيين ومنهم كقضية دفاع عن الحضارة والقيم الديموقراطية للمجتمعات الغربية. وبالمقابل، يسهل في مثل هذا السياق وسم كل المقاومين والمدافعين عن القضايا المشروعة ب"الإرهاب". ففي "صراع الحضارات" يصبح "الإرهاب" نتاجاً حتمياً لاختلاف "القيم الحضارية" للمجتمعات، لا لوجود ظالم ومظلوم ومستكبر ومستضعف وغازٍ ومدافع.



وهكذا، بالرغم من وجود اثنتي عشرة اتفاقية دولية حول الإرهاب، مثل الاتفاقية الأوروبية لمكافحة الإرهاب لعام 77، والاتفاقية الدولية لمكافحة التفجيرات الإرهابية لعام 1998، والاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب، وغيرها، وبالرغم من عدد من قرارات الأمم المتحدة مثل قرار عام 99 الذي يدين الإرهاب بغض النظر عن مسبباته وذرائعه وهويته، فإن المجتمع الدولي لما يتوصل بعد إلى تعريف محدد لمفهوم الإرهاب الذي تدور حوله كل تلك الاتفاقيات والقرارات والحروب. ويعود ذلك، طبعاً، لرفض الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد، ومعها الحركة الصهيونية العالمية، الاعتراف بحق المقاومة لأصحاب القضايا المشروعة، ولإصرار الطرف الأمريكي-الصهيوني على تصنيف المقاومة، خاصة المقاومة ضده، كأهم شكل من أشكال الإرهاب.



مثلاً، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 7 تشرين ثاني / نوفمبر 1987 ضد الإرهاب نجح بنسبة 153 مع القرار، وصوتين ضده، وكان هذان الصوتان ضد قرار إدانة الإرهاب لأمريكا والكيان الصهيوني، لأن القرار المذكور احتوى على الفقرة التالية:

"لا شيء في هذا القرار يمكن أن يفسر ضد حق تقرير المصير والحرية والاستقلال، كما نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، أو ضد الشعب المحروم بالقوة من تلك الحقوق، خاصة الشعوب الواقعة تحت النظم الاستعمارية والعنصرية والاحتلال الأجنبي".

إذن، مشكلة أمريكا والكيان الصهيوني لم تكن يوماً مع الإرهاب، بل مع حق المقاومة المشروعة للشعوب المظلومة، حتى لو بقيت ضمن حدود بلادها بالشكل الذي سمح به ميثاق الأمم المتحدة نفسه.



حول التعريف الأمريكي لإرهاب:



في الواقع، تتبنى أمريكا تعريفاً رسمياً للإرهاب يسعى بالضبط لتجريم أعمال المقاومة، ولاستثناء جرائم حربها هي من مسمى الإرهاب. هذا التعريف الذي تعمل به وزارة الخارجية والأجهزة الأمنية الأمريكية موجود في القانون الأساسي الأمريكي، البند 22، الفقرة 2656، وهو يقول: "مصطلح الإرهاب يعني العنف المدفوع سياسياً، عن سابق إصرار، ضد أهداف غير محاربة، من قبل مجموعات شبه قومية أو عملاء سريين، بغرض التأثير على جمهور. تعبير الإرهاب الدولي يعني الإرهاب الذي يصيب أرض أو مواطني أكثر من دولة. تعبير مجموعة إرهابية يعني أي مجموعة تمارس، أو لديها مجموعات تابعة لها تمارس، الإرهاب الدولي" US Code 22, Section 2656 f(d).



فلنلاحظ إذن أن الإرهاب حسب هذا التعريف تقوم به مجموعات "شبه قومية" لا دول أو جيوش مثل أمريكا و"إسرائيل"، وأن تلك المجموعات تمارس عنفها ضد أهداف "غير محاربة"، أي ليس في حالة حرب معلنة رسمياً. وهذه النقطة بالتحديد تحتاج للتوقف عندها قليلاً. فالحديث عن إيذاء "أهداف غير محاربة" كإرهاب، قد يعني استهداف رتل عسكري أمريكي أو صهيوني في ظروف غير عسكرية. وهو أيضاً تفسير المفكر نعوم تشومسكي الذي يصر أن المقاومة الفلسطينية لا يجوز أن تستهدف حتى الجنود الصهاينة الذاهبين في إجازة، وهو الأمر الذي يعني فعلياً عدم استهدافهم إلا نادراً لأن حروب العصابات ليس لها أصلاً خطوط قتال نظامية (أنظر مقالة تشومسكي في مجلة الآداب اللبنانية في شباط / فبراير 2002).



وبالفعل، لا يختلف تعريف تشومسكي هنا عن التعريف الصهيوني الرسمي للإرهاب. فموقع الوكالة اليهودية على الإنترنت، قسم التثقيف اليهودي الصهيوني يعرف الإرهاب بأنه "عمليات القتل والتدمير الموجهة عمداً ضد المدنيين أو العسكريين في ظروف غير عسكرية".



إذن، الإرهاب هو عملياً كل عمليات المقاومة التي تتم خارج الحروب، أو "الظروف العسكرية"، التي يعلنها الطرف الأمريكي-الصهيوني، والمطلوب من الجميع أن يهدأوا بعدها، وإلا اعتبروا إرهابيين.



أما الحديث عن مجموعات "شبه قومية" فليس المقصود به بالضرورة الحركات قومية التوجه، مع أنها مشمولة بالتعريف، بل المقصود هو الحركات المقاومة التي تحظى بدعم شعبي قومي، ومنها الحركات "الإرهابية" التي تمارس نشاطاً سياسياً، ولكن لها ذراع عسكري، كما يصفها التعريف الأمريكي ضمناً.



ولا نسوق مثال استهداف العسكريين خارج خطوط القتال إلا لإيضاح نقطة، فالأساس هنا هو "ظروف غير عسكرية" وليس العسكريين خارجها، والمهم أمريكياً "العنف المدفوع سياسياً" خارج الحروب الرسمية، ولو كان يحظى بدعم شعبي.



وهناك غير التعريف الرسمي الأمريكي عشرات التعريفات لمفهوم الإرهاب التي قد تختلف معه بهذه الجزئية أو تلك، سوى أنها تحتفظ بفكرة تجريم العمل العنيف خارج إطار الحروب الرسمية. فتلك التعريفات تأخذ عنصراً أو أكثر مما يلي:



1) 1- أن العمل عنيف أو مهدد للحياة،
2 2- أنه غير قانوني
3) 3- أن دافعه سياسي أو ديني
4 4- أن هدفه مدني
5) 5- أن آليته هي التخويف
6) 6- أن تهديده موجه ضد دولة أو مجتمع
7 7- أن القائم به ليس دولة


والنقطة الأخيرة بالتحديد تستهدف استثناء ممارسات أمريكا والكيان الصهيوني وبعض الدول الاستعمارية، فأمريكا تكثر من التحدث عن "إرهاب الدولة" عندما يتعلق الأمر بدعم دولة ما لحركة تحرر وطني في بلد أخر، مثلاً دعم بعض الدول لحركات المقاومة الفلسطينية، وليس بدعمها هي للحركات الإرهابية حقاً التي روعت السكان ودمرت الأملاك في كوبا ونيكارغوا وهندوراس وغيرها.



وكي لا يكون الكلام عاماً، نسوق مثال دعم عصابات الكونتراز الإرهابية في نيكارغوا خلال الثمانينات التي أحرقت الحقول وقتلت معلمي المدارس وزرّعت المتفجرات في الشوارع، بينما قامت أمريكا بتلغيم موانئ نيكارغوا. رفعت نيكارغوا البلد الصغير قضية في محكمة العدل الدولية لوقف هذه الممارسات، فأصدرت محكمة العدل الدولية عام 1986 قراراً يدين الممارسات الإرهابية الأمريكية في نيكارغوا بالاسم، ويدعو واشنطن لدفع تعويضات معتبرة، فلم تلقِ أمريكا بالاً للقرار، وفي العام نفسه، استخدمت أمريكا حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدعو جميع الدول للالتزام بالقانون الدولي! وكان ذلك بالطبع قبل انهيار الاتحاد السوفياتي ... واختلال ميزان القوى الدولي.



إذن فلنلحظ أن الإرهاب لا يكون عند أمريكا إرهاباً إذا خالف القانون الدولي، بل إذا خالف القانون الأمريكي فقط. ففي موقع نقابة المحامين في ولاية نيو جيرسي، "الإرهاب هو أي عمل عنيف ينتهك القوانين الجنائية للولايات المتحدة الأمريكية، بهدف الترهيب أو التأثير على سياسة حكومة ما". ونورد هذا المصدر غير الرسمي للتدليل على شيوع هذا المفهوم بين عامة الأمريكيين، حيث أن المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأمريكية إبراهام صوفير كان قد كتب أن غالبية الدول منذ نالت استقلالها باتت تعارض الولايات المتحدة في مسائل دولية مهمة، ولذلك على أمريكا أن تحتفظ لنفسها بالقدرة على تحديد الطريقة التي ستعمل بها والقضايا التي ستخضع للقانون الأمريكي فحسب، كما تقرر ذلك حكومة الولايات المتحدة، وقد نشر هذا الرأي القانوني في مجلة Current Policy الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، العدد 769، لشهر كانون أول / ديسمبر 1985.



وكما يشير نعوم تشومسكي نفسه في مقالة له عن تعريف الإرهاب، هذه النقطة بالتحديد ما برحت تحكم السلوك السياسي الأمريكي دولياً، كما في غزو أفغانستان عام 2001 مثلاً، حيث تجنبت أمريكا الحصول على تفويض من مجلس الأمن مع أنها كانت قادرة على ذلك بحكم دعم روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا لها، بسبب كراهيتها لجعل أي قانون أعلى شأناً من القانون الأمريكي، وهي واحدة من أهم عصبيات الجمهوريين والمحافظين الجدد.



ولكن لو أزلت شرط الالتزام بالقانون الأمريكي، ستجد أمريكا تمارس الإرهاب حتى بأضيق معانيه كعنف مدفوع سياسياً يستهدف المدنيين عمداً خارج إطار الحروب الرسمية، هذا دون الإشارة للسياسات العدوانية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فمن عصاباتها الإرهابية بالوكالة في أمريكا اللاتينية إلى تدمير مصنع الشفا في السودان عام 1998 إلى قصف ليبيا عام 86 إلى عمليات التخريب خلال سنوات الحصار على العراق، الخ... تمارس أمريكا الإرهاب حتى بتعريفها هي، سوى أنه يتم بغطاء رسمي أمريكي. ولا بد هنا من التركيز على عمل إرهابي أمريكي محدد كمثال صارخ هو قيام السي أي إيه بوضع سيارة ملغومة أمام مسجد الإمام رضى في بيروت في 8 آذار / مارس 1985 حيث استشهد ثمانون لبنانياً وهم خارجون من الصلاة، معظمهم من النساء والأطفال، وهذه الحادثة الإرهابية ضد مسجد شيعي تكتسي أهمية خاصة في ظل التساؤلات حول هوية ودوافع الذين يفجرون الحسينيات الشيعية في العراق اليوم ...



وكي نغطي مسألة التعريفات، نختم بالتعريف "الأكاديمي" السفسطائي للإرهاب الذي يروج له اليوم، وهو تعريف شميد A. P. Schmid ، ونترك القارئ ليقيم بنفسه مدى انسجام تعريف شميد مع السياق الأمريكي. فالإرهاب عنده هو: " منهج في تكرار العمل العنيف يسبب القلق النفسي، يلجأ إليه شخص أو مجموعة أو عملاء دولة بشكل شبه سري لأسباب خاصة بهم، سياسية أو إجرامية، حيث – على عكس الاغتيالات – الأهداف المباشرة للإرهاب ليست هي الأهداف الرئيسية... بل تستغل للتلاعب أو التأثير على الهدف الرئيسي... الخ..". وقد اقترح "الأكاديمي" شميد على الأمم المتحدة تعريفاً للإرهاب هو "معادل جريمة الحرب في زمن السلم"!



حول الإرهاب الأمريكي والإسلام:

تحاول أمريكا أن تقدم "الحرب على الإرهاب" بصفتين: 1) أنها حربٌ وقائية، أي حرب دفاعية ضد من تسميهم إرهابيين، 2) أنها امتدادٌ لصراع الحضارات، حيث يقوم "الإرهابيون" بما يقومون به بسبب كراهيتهم المزعومة للقيم الديموقراطية لأسباب تتعلق بثقافتهم، خاصةً ثقافتهم العربية والإسلامية.



ولكن الخطاب الأمريكي نفسه بصدد "الحرب على الإرهاب" يكذب الإدعاء الثاني بالتحديد. فخطاب "مكافحة الإرهاب" كذريعة للتدخلات الأمريكية حول العالم دشن في عهد الرئيس الأسبق ريغان في الثمانينات، حين كانت أمريكا متحالفة مع المجاهدين الأفغان، وحين كانت تسهل للأفغان العرب وتدعمهم، كجزء من استراتيجية احتواء واستنزاف الاتحاد السوفياتي، كما أوضح لاحقاً مستشار الأمن القومي زبيغنيو بريجينسكي في مجلة اللوموند ديبلوماتيك عام 1998. وقد كرس رونالد ريغان عدة خطابات للإرهاب، ومكافحة الإرهاب، والحرب على الإرهاب، مثلاً خطابه أمام الأمم المتحدة عام 1986، والخطاب الذي تناول فيه "بلاء الإرهاب الشرير" الذي تدعمه الدول على حد قوله (النيويورك تايمز 18/10/1985)، وقبلها خطابه الأول عن الإرهاب عام 83.



لكن إضفاء البعد الحضاري على "الحرب ضد الإرهاب" تخصص به في الثمانينات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج شولتز، وهو الذي كان يعتبر الأكثر اعتدالاً في الإدارة الأمريكية وقتها. وقد تحدثت خطابات شولتز آنذاك عن "الإرهابيين" كأعداء للحضارة نفسها، يرغبون بالعودة للبربرية في العصر الحديث، ودعا لثورة ضد الإرهاب تتجاوز الحدود على حد قوله، وهذه النغمة "الحضارية" في مواجهة "الإرهاب" موثقة في نشرات Current Policy التي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية في الأعداد 589، و629، و820. وكانت من أقواله المأثورة في هذا الصدد:



"علينا أن نجتث هذا السرطان. المفاوضات تعبيرٌ عن الاستسلام إن لم يكن ظل القوة ملقً على الطاولة".



النقطة الأساسية هنا أن "الحرب على الإرهاب"، وربطها ببعد حضاري للصراع، نشأ في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان حين لم تكن الحركة الإسلامية العدو المعلن لأمريكا، بل حركات التحرر الوطني حول العالم، القومية أو اليسارية... ولكن خطاب "مكافحة الإرهاب" و"الدفاع عن الحضارة الغربية" وجه ضد تلك الحركات غير الإسلامية على أية حال. وإن كان هذا يدل على شيء، فإنه يدل أن "الحرب على الإرهاب"، كما نظرية "صراع الحضارات" التي ازدهرت في ظل المحافظين الجدد، جاءتا نتاجاً لعاملين مترابطين:



1) 1- حاجة أمريكا للخروج من عقدة فيتنام، بعد سبعة أعوام من التقوقع منذ عام 1976، وهو تاريخ هزيمتها في فيتنام، حيث دشن خطاب "خطاب مكافحة الإرهاب" رسمياً عام 1983، تاريخ غزو أمريكا للدولة الصغيرة جداً غرينادا.

2) 2- حاجة قوى العولمة الرأسمالية التي بدأت تنفلت من عقالها وحدودها القومية في الثمانينات لتدمير كل العوائق الجغرافية والقومية والسيادية أمامها، وتدمير كل النماذج الحضارية التي تقف عائقاً في وجه تمدد العولمة.


إذن، "الحرب على الإرهاب" ليست على الإطلاق حرباً وقائية أو حضارية بالمعنى الذي يدعيه الأمريكيون، بل تمتد جذورها إلى الثمانينات، وإلى رغبة النخب الحاكمة في أمريكا باستعادة دورها الإمبريالي بتجاوز عقدة فيتنام، وإلى كبح جماح حركات التحرر الوطني عالمياً التي انطلقت من عقالها خلال فترة عقدة فيتنام، أو عقدة توجس النخب الحاكمة والشعب الأمريكي من التدخل الخارجي.



وإذ تحولت "الحرب على الإرهاب" في ظل إدارة بوش الابن إلى المسطرة الأولى التي تقيس عليها أمريكا علاقاتها الدولية، خاصة منذ ضربات 11 سبتمبر، أو بذريعتها بالأحرى، فإن ذلك أصبح يعني عملياً: 1) توسعة النفوذ الأمريكي دولياً تحت وطأة تهديد الدول والجماعات والشخصيات الممانعة بدعم "الإرهاب"، كما حدث مع السودان وليبيا مثلاً، و 2) إعطاء أمريكا ذريعة جاهزة للتدخل بكل مكان، على مختلف الأصعدة، بأية طريقة تراها مناسبة لمصالحها، حتى دون مراعاة التوازنات الإقليمية أحياناً، مما جعل "الحرب على الإرهاب" نفسها أحد عوامل عدم الاستقرار العالمي.



على سبيل المثال، العدوان على العراق كان يسوق على أنه جزءٌ من الحرب على الإرهاب، بزعم أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وعلاقات مع القاعدة. وما زال الخطاب الرسمي الأمريكي يسوق احتلال العراق كامتداد لمكافحة "الإرهاب" حتى بعد السقوط العلني لهاتين الذريعتين داخل أمريكا نفسها، وهو ما يظهر، بحد ذاته، سقوط الصفة "الوقائية" عن "الحرب ضد الإرهاب" إن كان سقوط تلك الصفة بحاجة إلى دليل...



أما ربط "الحرب على الإرهاب" بالحركات الإسلامية بالذات، فيظهر فقط أهمية النفط واللوبي الصهيوني والجغرافيا السياسية للوطن العربي والعالم الإسلامي في استراتيجية النخب الأمريكية الحاكمة والشركات متعدية الحدود للهيمنة على العالم. ولكن، لو دققنا قليلاً، سنجد أن ربط الإسلام بالإرهاب لا أساس له من الصحة إلا بقدر ما تعبر الحركات الإسلامية عن موقف رافض للهيمنة الإمبريالية، وإلا بقدر ما يعيق أي نموذج إسلامي أو غير إسلامي تقدم العولمة. فليس من المفاجئ أن يتهم هيوغو شافيز الفنزويلي بدعم "الإرهاب"، بذريعة دعمه للثوار في أمريكا اللاتينية. فالإمبريالية ليست لديها مشكلة مع التفسيرات غير الجهادية للإسلام التي لا تتعارض مع مصالحها، لا بل أنها تعمل على الترويج بقوة لمثل تلك التفسيرات (أنظر مثلاً تقرير "عقول وقلوب ودولارات، حرب أمريكا لتغيير الإسلام" الذي نشرته مجلة يو أس نيوز أند ورلد ريبورت في 18/5/2005، والذي ترجم ونشر على ثلاث حلقات بعدها في اليوم السابع، الملحق الأسبوعي للعرب اليوم). ونلاحظ، فضلاً عن ذلك، أن موقف أمريكا من الحركات الإسلامية المناوئة لروسيا في آسيا الوسطى اليوم ما برح يتسم بشيء من عدم الاكتراث، لا بل الإيجابية، كما يرشح من وسائل الإعلام الأمريكية، حتى عندما تستخدم بعض تلك الحركات العنف.



على أية حال، حتى لو أمكن وجاز ربط الإسلام بالمقاومة، سواء من حيث قدرته التعبوية على الاستشهاد، أو من حيث مواجهة الهجمة الثقافية الإمبريالية في زمن العولمة، فلا يمكن أبداً ربط "الإرهاب" بالإسلام حتى من ناحية شكلية. وإليكم مثلاً هذه الوقائع:



1) 1- ما بين تموز / يوليو 1987 وشباط / فبراير 2000، قامت منظمة نمور التاميل بسيريلانكا ب 168 عملية استشهادية، وهي منظمة غير إسلامية بالتأكيد وقواعدها ليست من المسلمين، ولكنها اغتالت راجيف غاندي في أيار / مايو 1991 والرئيس السيريلانكي عام 1993، وبمحاولة اغتيال الرئيس السيريلانكي في 12/ 1999، وغيرها الكثير من العمليات. وتقوم بهذه العمليات شعبة الفهود السود في المنظمة التي يحمل كل عضو من أعضائها حبة سم ليتناولها إذا أوشك أن يعتقل، لكي لا يفشي بأسرار المنظمة!


2) 2- ما بين 30/6/1996 و5/7/1999، قام حزب العمال الكردستاني بحوالي 15 هجوم استشهادي ناجح، بالإضافة إلى ست محاولات فاشلة، وهو تنظيم يتبنى الماركسية كما نعلم.


3 3- وتكثر الأمثلة، ولكن يبرز بينها مثالا الجيش الجمهوري الايرلندي والمنظمات المتفرعة عنه، ومنظمة إيتا الباسكية في إسبانيا، وكان الانفصاليون الباسكيون قد قاموا بتفجيرات في مدينة برشلونة الإسبانية عام 1987 أودت بحياة 21 مدني إسباني وجرحت 40 على سبيل المثال.


وتصر أمريكا وإعلامها، بالرغم من ذلك، على ربط "الإرهاب" بالعرب والمسلمين...



ورب قائلٍ أن المجموعات المذكورة أعلاه لا تنشط خارج حدود بلادها، ولكن لو افترضنا صحة ذلك، فإن حزب الله وحماس والجهاد والجبهة الشعبية وغيرها لا تنشط خارج فلسطين أو محيطها المباشر أيضاً، بيد أن ذلك لم يمنع أمريكا من استهدافها بشكل خاص كجزء من حربها المزعومة على "الإرهاب". والأصح قد يكون أن المجموعات المذكورة في الأمثلة الثلاثة أعلاه لا تؤثر على المصالح الأمريكية-الصهيونية، ومصالح النخب المعولمة، بنفس الدرجة التي تؤثر عليها المجموعات العربية والإسلامية الموسومة بالإرهاب!



ولتوضيح هذه النقطة بالذات، حول العلاقة ما بين المفهوم الأمريكي لما يسمى "الإرهاب"، من جهة، والمصالح الإمبريالية، من جهة أخرى، نسوق مثال الكاتب توماس فريدمان، المقرب من دوائر صنع القرار الأمريكي، حين دعا وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً إلى وضع قائمة سوداء تشمل أولئك الذين يدلون "بتصريحات سياسية خاطئة"، تضم ليس فقط أولئك الذين يحرضون على "العنف" (اقرأ: المقاومة)، بل كل من يجرؤ على القول أن أمريكا وسياساتها سبب ظاهرة "الإرهاب" الحالي... ففريدمان يقول أن هؤلاء "الاعتذاريين" أقل سوءاً بدرجة واحدة فقط من "الإرهابيين" أنفسهم. إذن، المشكلة عند أمريكا هي معارضة مصالحها وسياساتها! وهو ما يوضح تماماً ما تقصده بالإرهاب... ولا شك أن مثل تلك القوائم السوداء التي اقترحها فريدمان موجودة على أية حال، ولو لم يعلن عنها.



إذن "الحرب على الإرهاب" هي الإرهاب. والمقاومة المشروعة هي المعنى الحقيقي لمكافحة الإرهاب إذ أضحى في زمن اختلال ميزان العلاقات الدولية والعولمة المحور الأساسي للسياستين الداخلية والخارجية الأمريكية، هذا عندما لا تتغطى السياسات الأمريكية بقناع حقوق الإنسان الذي يفتقد أيضاً إلى تعريف موحدٍ عالمياً.

أما المقاومة المشروعة، حتى نميزها عن الإرهاب، فتتمتع بثلاث صفات أساسية:



أولاً: أنها تأتي نتيجة لممارسات عدوانية أو ظالمة أسبق وأعمق وأشمل بكثير.



ثانياً: أنها تتمتع بتأييد شعبي كبير، فهي ليست من عمل جماعات معزولة سياسياً، وتدل تجارب الشعوب أن كل الحركات المسلحة التي لا تنمو إلى جانبها حركة سياسية شعبية، أو التي لا تتميع بقواعد شعبية معتبرة، تمنى بالفشل بالنهاية.



ثالثاً: أنها تستخدم وسائل غير تقليدية في القتال، لأن ميزان القوى التقليدي يميل ضدها، وكل من يطالبها، لذلك، بالالتزام بقواعد الاشتباك التي يضعها العدو، يطالبها عملياً بالتخلي عن أهم أوراقها.



بالتالي، حتى لو افترضنا وجود أخطاء في ممارسات بعض قوى المقاومة تتسم بالعشوائية وردة الفعل، فلا يصح تسميتها إرهاباً، لأن الإرهاب هو ما سبب تلك الممارسات، حتى لو كانت خاطئة.



وفوق الرافدين، ها هي أمريكا تهوي كطائرة نفذ وقودها نحو عقدة فيتنام جديدة ستكون لها انعكاساتٌ عظيمة على العلاقات الدولية والوضع العربي لا تقل أهمية عن انعكاسات عقدة فيتنام السابقة! وحين يحدث هذا، ستكون المقاومة العراقية قد دفعت بلحمها بلاء الإرهاب الشرير المدعوم من الإمبريالية الأمريكية عن كل شعوب الأرض. وهكذا تكون مقاومة الإرهاب!....


د. إبراهيم علوش









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-02-16, 16:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
انس الشامي
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

حرب على الاسلام ليست على الارهاب










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-23, 11:19   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
hamza.bendawed
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

الارهاب اكبر كدبة صدقها العلم










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
"الحرب, ماذا, الإرهاب"؟, تعني


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc