إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنسحب مهزومة عسكريا من أفغانستان، وإنما كان إنسحابا إراديا تنفيذا لما ورد في الحملة الإنتخابية للرئيس جو بايدن، وأن هذا الإنسحاب تم مناقشته في الدوحة القطرية مع الطالبان والأطراف الأفغانية بما فيها الحكومة.
وفي خلال إنسحاب العساكر الأمريكيين، وقع ما لم يكن في الحسبان من طرف الإدارة الأمريكية، ألا وهو السقوط المتسارع والمتاهوي للحكومة الأفغانية أمام إجتياح الطالبان للأراضي الأفغانية بما فيها العاصمة كابول.
وبسقوط العاصمة الأفغانية في أيدي الطالبان وفرار الرئيس الأفغاني وأفراد مختلف القوات المسلحة الأفغانية التابعين للحكومة الأفغانية التي نصبها الأمريكان تاركين مواقعهم وقواعدهم و أسلحتهم وهم في حالة رعب وذعر هروبا من مقاتلي الطالبان.
وفرت الطالبان ممرا أمنا وتحت حراستها من وإلى المطار الدولي للأمريكيين والغربيين والمتعاونين الأفغان لمغادرة البلاد.
ولم يحدث شيء يعكر الخروج، إلا عملية واحدة أودت بحياة بعض الأرواح قد يكون متفق عليها لحفظ ماء وجه الطالبان إزاء الأتباع، وقد تستغل فيما بعد تحسبا لأي مهام تسند لها.
إن الشعب الأمريكي الذي نصب بايدن رئيسا، فهو من يردد أنه ليس بالرئيس الأمريكي الذي يورث حرب أفغانسان للرئيس الذي سيخلفه، إذن فهو ضد الوجود الأمريكي في أفغانستان بما فيه الحزب الديمقراطي وكذا حمائم الحزب الجمهوري.
وتلاشي أسباب وجود أمريكا بأفغانستان، الذي كان للإنتصار على أحداث 11 سبتمبر الذائعة الصيت، التي أهانت كبريائها بإستهداف رمز سيادتها المالية على العالم، الأحداث التي كانت من توقيع القاعدة تحت قيادة إبن لادن المتحالفة مع حركة الطالبان الملا عمر، بالقضاء على إبن لادن والتخلص من جثته برميها في البحر وإضمحلال القاعدة وتأديب الطالبان التي أصبحت ودية ودودة ومستعدة للتعاون.
ولأن إستمرار الوجود الأمريكي الذي أصبح بلا جدوى من الناحية الإستراتيجية ولا ذا قيمة مضافة من الناحية الإقتصادية، ومكلفا ماديا، فالإدارة الأفغانية بما فيها الحكومة والقوات المسلحة تدار بأموال أمريكية طائلة، وأمريكا بحاجة إليها أمام ركود الإقتصاد العالمي بما فيه الأمريكي بفعل جائحة كورونا.
وكذا للتأثيرات السلبية التي خالفتها الحرب، فكثير من العسكريين الأمريكان أصيبوا بإنهيارات عصبية أنهوا حياتهم بالإنتحار.
على عكس الخروج الأمريكي من فييتنام وعساكرها تحت وابل رصاص الفييتناميين، الذي كان خروجا مذلا بعد هزيمة عسكرية نكراء.
الأستاذ/ محند زكريني