رسالة نصر بن سيار للعرب - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

رسالة نصر بن سيار للعرب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-07-17, 21:09   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
zozman
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










Mh51 رسالة نصر بن سيار للعرب

قول ابن خلدون: "اذا رأيت الدول تنقص من اطرفها, وحكامها يكنزون الاموال فدق ناقوس الخطر", وهذا ما حصل تماما مع الدولة الاموية, حيث ان المقدمات بدأت من خراسان, ومنها تطاير الشرر مع تكوين تنظيم سري عرف فيما بعد باسم تنظيم "المسودة" بسبب اتخاذهم رايات سوداً شعاراً لهم, وكان هذا التنظيم دقيقا ومحكما, فأخذ هذا التنظيم يتوسع ويستقطب الكثير تحت دعوى اقامة الحكم لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم, وقد استغل هذا التنظيم الاضطرابات في اقليم خراسان والصراع بين القبائل العربية هناك, بالاضافة الى ضعف الدولة المركزية في دمشق, غير ان الخليفة الاموي سارع بإرسال اسد بن عبدالله القسري والياً على خراسان, واستطاع أسد في فترة بسيطة ان يحكم قبضته على خراسان, وان يحطم تنظيم المسودة ويعتقل الكثير منهم وبذلك استتب الوضع هناك ونامت الخلايا, إلا ان الخليفة في دمشق قام بعزل والي خراسان أسد بن عبدالله القسري واستبدله بآخر, حيث قام هذا الاخير بإطلاق بقية المعتقلين من اصحاب التنظيم ونتيجة لذلك تنفس اصحاب تنظيم المسودة الصعداء, ونشطوا من جديد, بينما كان قصر الخلافة في غفلة مما يدور ومنشغلاً بالصراع على الحكم والمناصب والمال داخل البيت الاموي, فقد تعاقب على كرسي الخلافة اربعة خلفاء في فترة وجيزة, وكل خليفة ينتهي بالقتل او العزل, بينما ازداد اتباع الشعار يوما بعد يوم, واصبح لهم خلايا في اكثر من ولاية خصوصا في العراق, وبدوره سارع مروان بن محمد الخليفة الاموي بإرسال وال جديد لخراسان هو الداهية الكبير "نصر بن سيار" صاحب الهمة العالية والنظرة البعيدة, مع وصول نصر الى خراسان وجد ان الخطر اكبر مما يتوقع, فحاول ايقافه بكل ما اوتي من قوة, وفي نفس الوقت كتب رسائل كثيرة الى الخليفة في دمشق ناصحا ومحذرا وموضحا وطالبا العون والمدد, غير ان كل نصائحه وطلباته لم تجد اذاناً صاغية وذهبت ادراج الرياح, فقد كانت بطانة الخليفة يهونون له من الامر, ويتهمون القائد نصر بن سيار بتضخيم الامور, وبالطائفية والعنصرية للعرب ضد الفرس, وفي نفس الوقت عملت هذه البطانة على اذكاء الصراع بين القيسية واليمانية داخل الشام نفسها, ما جعل الخليفة منشغلاً بما يحصل في الشام عما يحصل في خراسان, لذلك نجد ان نصر بن سيار بعد ان قطع الرجاء في دار الخلافة والامل, اخذ يبث شجونه وهمومه الى القبائل العربية محاولا استنهاض نخوتهم واجتماعهم على كلمة سواء امام هذا المد الفارسي فأطلق صيحة قال فيها:


ابلغ ربيعة في مرو واخوتها -----------أن يغضبوا قبل ان لا ينفع الغضب

ما بالكم تشعلون الحرب بينكم ----------كأن أهل الحجا عن فعلكم غيب

وتتركون عدوا قد اضلكم -------------فيمن تأشب لا دين ولا حسب

قوم يدينون ديناً ما سمعت ------------به عن الرسول ولا جاءت به الكتب

يا من يكن سائلي عن أصل دينهم -------فإن دينهم أن تقتل العرب




غير ان نداءه هذا لم يجد نفعا, فقد كان ابومسلم الخراساني الفارسي قد بث الجواسيس وقام بتوسيع الخلاف والصراع بين القبائل, ومن ثم زحف بأتباعه على مدينة مرو, وخرج منها القائد نصر بن سيار وبعض من بقي معه من العرب بعد معارك ضارية داخل المدينة, ومعظم سكانها من الفرس, وقد تم تتبع العرب وقتلهم بحجة الانتقام لآل محمد. ومن ضواحي هذه المدينة المنكوبة ارسل القائد الجريح نصر بن سيار بآخر رسائله, وهي رسالته التاريخية الشهيرة الى دار الخلافة شارحا وموضحا ومحذرا لهم بأن ما حصل لهم في خراسان ليس حادثاً بسيطاً وقع في اطراف البلاد, كما يتصورون, فقد كان هذا القائد يدرك عواقب الامور ويدرك كذلك ان هناك مشروعاً لا يقبل القسمة على اثنين, وقد ذيل رسالته الاخيرة بأبيات من الشعر, هذه الابيات سارت بها الركبان ورددها الزمان واصبحت ناقوسا يدقه المخلصون عندما يرون الخطر يتهدد أوطانهم في غفلة من كبرائهم وقادتهم ولعل اشهر هذه الابيات التي تقول:


أرى خلل الرماد وميض نار --------- ويوشك أن يكون لها ضرام

فإن النار بالعودين تذكى ---------- وإن الحرب أولها كلام

فقلت من التعجب ليت شعري -------- أأيقاظ أمية أم نيام

فإن يقظت فذاك بقاء ملك ------------- وإن رقدت فإني لا ألام

فإن يك أصبحوا وثووا نياماً ---------------- فقل قوموا فقد حان القيام

ففرّي عن رحالك ثم قولي ---------------- على الإسلام والعرب السلام




أبلغ يزيداً وخيرُ القولِ أصدَقُه ------------وقد تيقنتُ ألاَّ خير في الكذب

بأن أرض خراسانٍ رأيتُ بها -------------بيضاً إذا أفرخت حُدُّثتَ بالعجب

فراخ عامين إلا أنها كَبُرت ----------------لمّا يطرن وقد سربلن بالزغب

فإن يطرن ولم يُحتل لهن بها -------------يلهبن نيران حرب أيّما لهب




نشهد ان هذا القائد قد نصح وحذر بني امية وكذلك الاجيال المقبلة من شر لا يقبل القسمة على اثنين وأراد ان يخلي مسؤوليته امامها وامام التاريخ الذي لا يرحم, الا ان هذه الرسالة لم تجد اذاناً صاغية ولا قلوباً واعية فكثر الخارجون على الدولة, وسقطت الولايات الواحدة تلو الاخرى, ولعل ما عجل بذلك اسباب كثيرة منها: ان رجال الحكم قد قربوا السفهاء من الناس وابعدوا الافاضل, وقبلوا كلام المنافقين المطبلين ورفضوا كلام الناصحين, وولوا الجهلة وضعاف الرأي مقاليد الامور وعاقبوا الضعيف وتركوا القوي, بالاضافة الى تفشي الفساد, والمنكرات من دون انكار, فانهارت الدولة, وكانت النتيجة مصرع الخليفة الشجاع مروان بن محمد في معركة "الزاب" وبموته سقطت

الخلافة الاموية العظيمة دولة الفتوحات وأنتهى العصر الذهبي للإسلام








 


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:34

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc