الامازيغ قبائل العرب العاربة . - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأنساب ، القبائل و البطون > منتدى القبائل العربية و البربرية

منتدى القبائل العربية و البربرية دردشة حول أنساب، فروع، و مشجرات قبائل المغرب الأقصى، تونس، ليبيا، مصر، موريتانيا و كذا باقي الدول العربية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الامازيغ قبائل العرب العاربة .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-07-30, 13:56   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Hot News1 الامازيغ قبائل العرب العاربة .

كتاب : الأمازيغ عرب عاربة/ للدكتور الجزائري الامازيغي عثمان السعدي



]الأمازيع (البربر) جاؤوا من اليمن!

ما يلي مقتطف من كتاب الدكتور عثمان سعدي من الجزائر، “الأمازيع عرب عاربة”، الصادر عام 1996 في الجزائر، وعام 1998 في ليبيا. ود. سعدي من قبيلة النمامشة، أكبر قبيلة أمازيغية، وهو يجيد الأمازيغية والعربية، وهو مناضل قديم في جبهة التحرير الوطني الجزائرية، حصل على البكالوريوس من جامعة القاهرة في مصر عبد الناصر عام 1956، وعلى الماجستير من جامعة بغداد عام 1979، وعلى الدكتوراة من جامعة الجزائر عام 1986. وقد عمل فترة في السلك الديبلوماسي في سوريا والعراق ومصر، وهو روائي وناقد أدبي بالإضافة لكونه لغوياً ومفكراً، وهو رئيس “الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية” منذ عام 1990، وقد أصدر في الجزائر عام 2007 “معجم الجذور العربية للكلمات الأمازيغية” الذي يضم تسعة آلاف مدخل، وقد نشره مجمع اللغة العربية في طرابلس، ليبيا، ويبين فيه أن الأمازيغية ـ البربرية هي لهجة منحدرة من العربية الأم منذ آلاف السنين كالآشورية والبابلية والكنعانية والآرامية، وغيرها… ويؤكد أن تسعين في المائة من كلماتها عربية: عاربة أو مستعربة، كما تقول موسوعة ويكيبيديا على الإنترنت.

أما كتاب “الأمازيغ عرب عاربة”، فقد سبقه عام 1983 كتاب “عروبة الجزائر عبر التاريخ” الذي يثبت عروبة الجزائر والمغرب العربي منذ التاريخ القديم.

كتاب “الأمازيغ عرب عاربة” الذي نقتطف منه أدناه “كتاب يؤكد عروبة الأمازيغ البربر ، ويبين أن التشكيك في ذلك هو مناورة للاستعمار الفرنسي الجديد بهدف شق الوحدة الوطنية، واستمرار سيطرة الفرنكفونية على الجزائر وبلدان المغرب العربي: تونس، الجزائر، المغرب، وموريتانيا من خلال هيمنه اللغة الفرنسية على دولها”.

ولا بد من الإشارة أن المؤلف يستخدم تعبير “بربر” تكراراً في سياق الحديث عن الأمازيغ. وعلى عكس ما يوحيه البعض، فإن تعبير “بربر” غير تعبير “البرابرة” الذي كان يستخدمه الرومان لوصف غير الرومان، والذي بات يعني الهمجية والتخلف عن ركب الحضارة. أما تعبير “بربر” فشيء أخر مختلف تماماً أصله غير معروف، وهو يستخدم لوصف الأمازيغ السكان الأصليين للمغرب العربي، ذوي الأصول اليمنية كما تدل المراجع التاريخية وكما يوثق د. عثمان السعدي.

نقدم هذه المادة في سياق التأكيد على عروبة كل الأرض العربية، وعلى حقيقة الوجود القومي العربي، من العراق وبلاد الشام إلى مصر والسودان إلى بلدان المغرب العربي. فثمة مؤامرة اليوم لوصف الوجود العربي خارج الجزيرة العربية كاحتلال، ولاختراع هويات محلية أصيلة مناهضة للعروبة، وسابقة لها، على ما زعموا، في كل الأقطار العربية خارج الجزيرة العربية. وإذ نقدم هنا صفحات موثقة من عروبة البربر (الأمازيغ) القديمة، فلأن التاريخ القديم للمغرب العربي يتعرض للتشكيك والطعن بعروبته أكثر من غيره، أكثر من العراق وسوريا الكبرى مثلاً، وأكثر من مصر والسودان. والمستشرقون الغربيون حرصوا على اختراع أصول أوروبية للأمازيع (البربر) كجزء من مشروع شطب هوية الوطن العربي القومية والحضارية. ففي موسوعة ويكيبديا على الإنترنت مثلاً تجد بالإنكليزية تحت مدخل “بربر” تعريفاً يقول أنهم قومٌ أقرب للأوروبيين منهم للساميين والعرب. وهو الأمر الذي يهدف لسلخ المغرب العربي الكبير عن أمته. فإذا أثبتنا أن الأمازيع (البربر) عربٌ أقحاح، فإن إثبات عروبة الباقي، من مصر للعراق لسوريا للسودان لأريتريا (التي يأتي ذكرها هنا) يصبح أمراً أسهل منالاً. ونشجع كل عروبي أصيل أن يبحث عن المواد التي تثبت عروبة القطر أو المنطقة التي يأتي منها، من البحرين إلى المغرب، وأن ينشر هذه المواد على أوسع نطاق، ولو كان الأمر يتعلق بشجرة عائلته، أو تاريخ عشيرته أو قريته…

وقد ظن بعض الإسلاميين عن حسن نية ربما أن من الأفضل شطب التاريخ العربي قبل الإسلام، باعتباره تاريخاً جاهلياً، فاعتبر أن التاريخ يبدأ مع الإسلام فقط، وهي النزعة التي شجع على انتشارها عن سوء نية بعض الشعوبيين أيضاً من مدعي الإسلام المعادين للعرب. لكن هذا المنطق السطحي الذي يتجاهل دور العروبة والعرب واللغة العربية في الانتشار السريع للإسلام في أرجاء الوطن العربي وخارجه، وفي جعل العرب مادة الإسلام، وفي جعل العربية لغة الإسلام، وفي جعل معركة القادسية امتداداً لذي قار، وفي جعل معركة بلاط الشهداء وفتح الأندلس امتداداً منطقياً لتطويق البطل العربي هنيبعل للإمبراطورية الرومانية عبر جبال الألب السويسرية، هذا المنطق السطحي الذي يفصل تاريخ العروبة قبل الإسلام بشكل تعسفي عن تاريخ العروبة بعد الإسلام هو بالضبط ما يجعل بعض الأفاقين والمغرضين اليوم يعتبرون الفتح الإسلامي “احتلالاً”، لا تحريراً من الفرس والروم وتوحيداً للأمة. وسنقدم في الحلقة القادمة من سلسلة التثقيف القومي إن شاء الله مادة بعنوان “الفتح الإسلامي ليس غزواً” عن عروبة بلاد الشام والعراق قبل الإسلام.

أما هنا فيقدم الأستاذ عثمان السعدي خلاصةً جميلة عن تأثير الفينيقيين بالبربر، فتظن للحظة أنه يربط عروبة البربر بتأثرهم بالفينيقيين قبل حوالي ألفي عام، ليعود بعدها ليقدم الدلائل على عروبتهم وعروبة لغتهم منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام، مما يفسر لمَ تفاهم الأمازيع مع الفينيقيين وتحاربوا مع الرومان، ولو كانوا من أصول أوروبية، كما يزعم المستشرقون، كان يفترض أن يحدث العكس تماماً!

باختصار الأمازيغ جاؤوا من اليمن، قبل ثلاثة آلاف عام، ولغتهم ترتبط مع اللغة العربية القديمة بوشائج متينة. تلك هي الخلاصة لمن لا يرغب بالخوض بالتفاصيل. فهذا الوطن وطنٌ واحدٌ منذ آلاف السنين، وهو الوطن العربي، موطن الأمة العربية. والتوحيد نزعة عربية أصيلة. فالإسلام ازدهر في هذه الأرض لأنها تهيأت تدريجياً لاحتضانه قبل قرونٍ من المولد النبوي، كما يوضح الأستاذ ميشيل عفلق في “ذكرى الرسول العربي”. أما المسيحيون العرب، فيُظهِر د. عثمان السعدي أنهم كانوا في المغرب العربي ذوي نزعات إسلامية توحيدية معادية للرومان منذ ما قبل الإسلام، وهي القصة نفسها التي نجدها عند مسيحيي بلاد الشام والعراق ومصر.









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-07-30, 14:05   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Hot News1 الامازيغ اصولهم عرب عاربة




كتاب الامازيغ عرب عاربة :

كتاب الامازيغ عرب عاربة كتاب من تأليف الكاتب الجزائري عثمان سعدي يؤكد عروبة الأمازيغ. يرتكز على أكثر من ستين مرجعا، نصفها مراجع غربية. يرد على البربريين الذين كونهم الاستعمار الجديد في الأكادمية البربرية في فرنسا منذ 1967 بهدف تأسيس الدولة البربرية بسيادة الفرنسية، المرتبطة بأروبا؛ وقطع المغرب العربي عن جناحه المشرقي، وإلغاء خمسة عشر قرنا من الإسلام والعروبة. الكتاب يبين أنه لا وجود للغة أمازيغية، وإنما هناك آلاف اللهجات منحدرة من العربية القديمة (السامية). ويثبت الكتاب بأن البونقية، وهي عربية قديمة (سامية)، كانت لغة الثقافة والدواوين بشمال إفريقيا قبل الفتح الإسلامي، ثم خلفتها بعد الفتح الإسلامي العربية الحديثة التي طورها الإسلام.


مقتطف من كتاب الأمازيغ عرب عاربة الجزء الرابع
للدكتور الجزائري الامازيغي عثمان سعدي


من هم الأمازيغ (البربر)؟

مدخــــــل :

يكثر الحديث في هذه الأيام عن البربر: عن أصلهم، عن لغتهم، عن تاريخهم مع العرب ومع العربية ومع الإسلام . وأنا هنا أستعرض تاريخ المسألة البربرية، عبر مراجع فرنسية لتعزيز رأيي الوارد في الكتاب، والمتمثل في أن البربر من العرب العاربة، استقروا في المغرب ضمن هجرات سابقة للفتح الإسلام ي، على أساس أنهم ساميون، أي من العرب القدامى؛ بسبب بطلان التسمية السامية لتاريخنا، بإجماع المؤرخين. هذه التسمية التي أطلقها المستشرق اليهودي النمساوي ” شلوتزر SHLOTZER ” في الربع الأخير من القرن الثامن عشر. ويستبدل المؤرخون مصطلح الساميين بالأقوام العربية القديمة أو العروبية.

إن البربر يعيشون في حوض حضاري، ولا أقول ( عرقي )، يقع في هذا الامتداد الجغرافي، من سلطنة عمان شرقا على المحيط الهندي، إلى موريتانيا على المحيط الأطلسي غرباً. وكان هذا الامتداد مسرحا لمد بشري، منذ عشرات آلاف السنيين، في الاتجاهين: من المغرب إلى المشرق، ومن المشرق إلى المغرب.

فالمؤرخ الفرنسي ” غوتييه E. F. GAUTIER” في كتابه : “ماضي شمال إفريقيا”، يرى أن “الاحتمال الكبير هو أن الإنسان الذي عمّر وادي النيل هاجر من الصحراء الكبرى”. (E.F. Gautier: Le Passe de l’Afrique du Nord, p.23)

كما أن ششنق الأول البربري اتجه سنة 950 قبل الميلاد، من المغرب العربي الذي كان يسمى ليبيا ذلك الوقت، وحكم مصر الفرعونية، وأسس البربر الأسرتين الفرعونيتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين. كما انطلق البربر من بلاد القبائل بالجزائر وأسسوا الدولة الفاطمية، و بنوا القاهرة. إذن فأن البربر يعيشون وسط هذا الحوض الحضاري الكبير الذي عرف تبادل الهجرات منذ التاريخ القديم.

ومن الغريب أن ( البربريست)، [أي أصحاب النزعة البربرية الشعوبية المعادية للعرب- الناسخ]، افتعلوا ما يسمى بالتقويم البربري بمناسبة توجه ششنق إلى مصر، وسموه التقويم الششنقي، فزيفوا التاريخ، وحولوا هذه المناسبة من عنصر تاريخي موحد بين مشرق هذا الامتداد الجغرافي ومغربه، إلى عنصر مكرس لانفصالهما. ويطالب ” البربريست ” باعتماد هذا التاريخ كرأس للسنة البربرية، والاحتفال به كعيد وطني، مقابلا لعيد المولد النبوي الشريف. بينما لا يعرف تاريخ البربر هذا النوع من التقويم.

البربر والعرب القدامى

أن بعض المؤرخين مثل أحمد سوسة العراقي، ” وبيير روسيه P. ROSSI ” الفرنسي، يرون أن الموجات البشرية الخارجة من الجزيرة العربية هي التي عمرت الشمال الإفريقي وحوض البحر الأبيض المتوسط بشماله وجنوبه، وذلك منذ بدء المرحلة الدافئة الثالثة ( وورم 3 (Warm في التاريخ الجيولوجي للأرض، أي قبل عشرين ألف سنة، والتي نجم عنها ذوبان الجليد في أوروبا وحوض البحر المتوسط، وزحف الجفاف على شبه الجزيرة العربية، التي كانت تنعم قبل بدء هذه المرحلة، بمناخ شبيه بمناخ أوروبا حالياً.

وتعتبر هجرة الفينيقيين إلى المغرب واحدة من هذه الهجرات المتأخرة للأقوام العربية من الجزيرة العربية التي سُبقت بهجرات سابقة لها، لم يسجلها التاريخ كما سجل هجرة الفينيقيين. وتنقُّل الفينيقيين من الجزيرة العربية إلى بلاد الشام، ومن بلاد الشام إلى المغرب العربي، جاء عفوياً ليؤكد تبادل هذا المد البشري في هذا الحوض الحضاري الكبير.

ويؤكد المؤرخون العلماء الأوروبيون، من خلال استقراءاتهم لعلم الآثار والنقوش والكتابات القديمة المكتشفة، أن استيطان الفينيقيين – منذ منتصف الألف الثانية قبل الميلاد ( أي منذ 3500 سنة ) – هو الذي مهد لسهولة قبول البربر للغة العربية والدين الإسلامي في القرن السابع الميلادي. ويرون أن اللغة البونيقية Punic ******** التي هي عربية قديمة استمرت قائمة بالمغرب العربي كلغة ثقافة وحضارة ودواوين، حتى بعد تدمير قرطاج، وخلال الاستعمار الروماني، وإلى أن دخل العرب المسلمون؛ فحدث الوصل بين البونيقية التي هي عربية قديمة وبين العربية التي هي لغة حديثة طورها القرآن الكريم والإسلام.

[البونيقية لهجة من لهجات اللغة الفينيقية، كانت سائدة في شمال أفريقيا، والفينيقية لهجة كنعانية، وهي بالتالي من جدات اللغة العربية. واللهجة الفينيقية الكنعانية كانت سائدة في لبنان وساحل سوريا ومنطقة الجليل في فلسطين وفي... مالطا. واللغة المالطية الحديثة بالمناسبة خليط من اللغة العربية والإيطالية والإنكليزية، وتكتب بالحرف اللاتيني، لكن أساسها لغة سامية عربية – الناسخ].

كما أن هؤلاء المؤرخين يرون أن الديانة الفينيقية، أي القرطاجنية التي اعتنقها البربر، المؤسسة على شبه توحيد، هي التي جعلت نفوس البربر جاهزة لاستقبال الدين الإسلامي بهذه السهولة، بل وبهذه العفوية. إن إمبراطورية قرطاج، وحضارة قرطاج الراقية، التي استمرت سائدة في حوض البحر المتوسط وفي العالم، عدة قرون، تأسست نتيجة للتزاوج بين شعبين عربيين: الشعب الفينيقي القادم من لبنان، والشعب البربري الذي كان موجودا بالشمال الإفريقي، إلى أن جاء العرب المسلمون فأقاموا عملية الوصل بين حلقتي الحضارة العربية.

وسأعرض نصوصاً لمؤرخين فرنسيين، متخصصين في الدراسات البربرية والسامية، تؤكد هذه الحقيقة. فمحررو (مادة الجزائر) في الموسوعة الفرنسية ( يونيفيرساليس UNIVERSALIS) يقولون:

“بدأ تاريخ المغرب الأوسط بوصول الفينيقيين الذين سجلوا حضارتهم كأول حضارة بالمدن، حيث تركت بها آثاراً مكتوبة، فأسسوا مبكراً، في القرون الأخيرة للألف الثانية قبل الميلاد، مراكز تجارية. وتطور الفينيقيون إلى قرطاجنيين، ولم يستعمروا داخل البلاد، ولكنهم طوروا هذه المدن الساحلية التجارية، والتي استمرت قائمة حتى بعد تدمير قرطاج، تحمل تسميات سامية كمدن راسكو رو (دلس)، وروس كاد (سكيكدة)، وروس قونية (ماتيفون)… وكان الرؤساء البرير المسيطرون على داخل البلاد حلفاء وزبائن تجاريين للقرطاجنيين، يمدونهم بفرق عسكرية، وبخاصة بالفرسان النوميديين المشهوريين، وبالفيلة الحربية والجنود. وانتشرت اللغة البونيقية (اللهجة الفينيقية الكنعانية السائدة في شمال أفريقيا – الناسخ) والحضارة الفينيقية بعمق في البلاد وظهرت مدناً للأهالي، وأضرحة ومزارات دينية، بنيت أحياناً من طرف فنيين قرطاجنيين. . . وهكذا فقد كان البربر تلاميذ للفينيقيين الذين علموهم أساليب زراعية وصناعية، كصناعة الزيت، والنبيذ، وصناعة الأدوات من النحاس؛ وعلموهم على الخصوص ديانتهم. واستمر البربر يعبدون آلهة قرطاج، حتى أثناء الاحتلال الروماني، لدرجة أن بعض المؤرخين يرون أن المسيحية، ثم الإسلام، لم يُقبلا من البربر، بهذه السهولة، إلا بسبب دخول هذه الديانة القرطاجنية المغرب، التي هي ديانة سامية. واستمرت اللغة البونيقية متداولة حتى بعد القرن الثالث الميلادي، حيث لعبت دور الوصلة إلى اللغة العربية” (Encyclopeadia Universalis، T1، P633)

دخول البربر العصر الحضاري:

لقد خرج البربر من العصر الحجري الحديث، ودخلوا التاريخ والعصر الحضاري عن طريق أخوانهم الفينيقيين. فالمؤرخ الفرنسي المتخصص في الدراسات البربرية رونيه باسيه R. Basset يورد حقائق تؤكد ذلك، فيقول:

“إن اللغة البونيقية لم تختف من المغرب إلا بعد دخول العرب. ومعنى هذا أن هذه اللغة بقيت قائمة، هذه المدة بالمغرب، لتسعة عشر قرناً، وهو أمر عظيم… لقد استمر تأثير مدينة قرطاج قائماً حتى بعد تدميرها، فقد تحولت (سيرتا) تحت حكم الملوك النوميديين البربر إلى مركز بونيقي، بل أن اسم سيرتا هو (قرطا)، أي المدينة بالبونيقية… لقد علم القرطاجنيون البربرَ الزراعةَ. فالبربر يكسرون الرمانة على مقبض المحراث، أو يدفنونها في أول خط للحرث، تفاؤلاً بأن سنابل الحبة المبذورة ستأتي كثيرة بعدد حبات الرمانة. وهي عادة مستمدة من ثقافة قرطاج، فالرمانة لديهم رمز للخصوبة. وتعتبر قرطاج مربية للبربر، فقد علمتهم كيفية الاعتناء بالزيتونة التي كانت موجودة بالمغرب كشجرة وحشية وكيفية استخراج الزيت منها. ويفصل “غزيل” Gsell هذه المسألة لغوياً فيقول: [إن كلمة أزمور بالبريرية تعني الزيتونة الوحشية وهو الاسم البربري لهذه الشجرة. أما إذا تكلموا عن الزيتونة الملقمة أطلقوا عليها الاسم السامي (الزيتونة)، وعلى سائلها اسم الزيت...]. كما علم الفينيقيون البربر زراعة التينة التي كانت قبلهم موجودة بالمغرب كشجرة وحشية أيضا، وعلموهم زراعة الكرمة، والرمانة، وعلموهم عموما فن زراعة الشجر المثمر. وقد تبين لنا الآن أن البربر كانوا على اتصال بالفينيقيين منذ ما قبل التاريخ… وعلم الفينيقيون البربر الصناعات القابلة للتصدير كالسيراميك، وصناعة المعادن، والنسيج والمجوهرات: كالخلاخيل، والتيجان، والخلالات (المشابك)، التي تصنع في صورة كف مبسوطة الأصابع. والتشابه واضح بين مجوهرات القبائل (بالجزائر)، والسوس (بالمغرب)، وبين المجوهرات القرطاجية. أما ديانة قرطاج فهي التي كانت منتشرة بالمغرب كالإله (بعل عمون)، والإلهة (تانيت)، وكان هذا الإله منتشرا بالعالم العربي كله، الأمر الذي أورد اسمه القرآن بالآية : (أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين)، لدرجة أن انتشار الإسلام بشمال أفريقيا عائد إلى ما فعلته قرطاج في هذه البلاد… أما عن اللغة فقد جعل الملوك النوميديون البربر، في العهود الأخيرة، من البونيقية لغتهم الرسمية، لدرجة أنه كان الناس في بلاد البربر، وفي المدن على الخصوص، يتحدثون البونيقية أكثر من البربرية، وحتى في العهد الروماني… إن المناطق التي انتشرت فيها البونيقية أكثر هي التي تعربت بالكامل. والبونيقية لغة قريبة من العربية التي ما أن دخلت المغرب حتى خلفت البونيقية وبسهولة، كما أن آلهة قرطاج هي التي مهدت لانتصار الإسلام في هذه البلاد، واللغة القرطاجنية عبدت الطريق للعربية… وخلاصة القول أن قرطاج لم تجلب سوى الخير للبربر، فقد علمتهم غرس الأشجار المثمرة، وربتهم روحياً ودينياً. ومن الغريب أن هذا التأثير تعمق أكثر بعد تدمير قرطاج. لقد دمرت روما أسوار قرطاج لكنها فشلت في تدمير تأثيرها في نفوس البربر، بل إنه كلما تأسس احتلال روما للمغرب كلما انتشرت وتعمقت في نفوس البربر لغة قرطاج وعقائدها. وهل يختلف الوضع الآن عنه آنذاك؟!!!!”. (Rene Basset: Les Influences Puniques chez les Berberes, Revue Africaine, V.62 (1921), p.340)

لنلاحظ مغزى هذا السؤال الذي طرحه المؤرخ الفرنسي، فهو يريد أن يقول أنه كلما تغلغل الاستعمار الروماني في الأرض المغربية ازداد المغاربة تشبثا بالبونيقية، وبالديانة القرطاجانية، في الماضي، وكلما ازداد الاستعمار الفرنسي تغلغلا الآن في الأرض المغربية ازداد البربر تشبثاً بالعربية وبالإسلام. إنه يريد أن يقول باحتشام: أن التاريخ يعيد نفسه. هذا ما كتبه هذا المؤرخ الفرنسي، إنه يؤكد الأصل العربي للبربر، من الحفريات والكتابات الأثرية، التي اكتشفها علماء الآثار الفرنسيون والأوروبيون بالمغرب العربي.

[يُشار إلى أن مملكة نوميديا البربرية التي سادت في الجزائر وجزء من تونس بين عامي 202 و46 قبل الميلاد كانت قد تحالفت مع القائد الفينيقي العربي العظيم هنيبعل ضد الرومان، وزودته بخيالة محترفين من الدرجة الأولى، بالرغم من أن بعض قياداتها تآمر مع الرومان. كما أنها خضعت بدورها للاحتلال الروماني، واستوعبت كثيراً من المهاجرين القرطاجنيين بعد الهزيمة، وقاتلت الرومان في أكثر من حرب، بعد مئة عام من هنيبعل – الناسخ].

ويؤكد مؤرخ آخر فرنسي هو ” سانتاس P. CINTAS فيقول: “لقد بينت الكتابات البونيقية المكتشفة بالمغرب، والتي تحمل تاريخ 162و147 قبل الميلاد ( أي تحت حكم ماسينيا ) مدى ارتباط الأهالي بقرطاج دينياً من خلال عبادتهم لبعل عمون، الإله القرطاجي، وهذا يؤكد السيطرة المستديمة للديانة القرطاجية على السكان المحليين. أريد التحدث عن استمرار البونيقية، فقد بقيت منتشرة بالمغرب بعد تدمير قرطاج وفي العهد الروماني، وحتى بعد القديس أوغسطين الذي ذكر مراراً أن السكان الذين كانوا يحيطون به يتكلمون البونيقية. إن اللغة البونيقية استمرت بين بعض البربر كلغة ثقافة… بل أن الدوناتية مقدمة لإلغاء الإسلام للمسيحية، وللثقافة الرومانية بالمغرب. ويقول غوتييه: أن اوغسطين عندما كان يسأل هؤلاء الأهالي في دروسه الواعظة، ما هو أصلكم ؟ كانوا يجيبونه : نحن كنعانيون“. (P. Cintas: Ceramiques Puniques, Paris 1950. Revue Africaine, Vol. 100, 1956)

والكنعانيون هم الفينيقيون. ويذكر المؤرخ الفرنسي رينان “E. RENAN” “أن البربر اعتنقوا الإسلام بسهوله، لأنهم كانوا يعرفون البونيقية“. (E. Renan: Histoire Generale des Langues Semitiques 7eme edition, p.199)

ويذكر غوتييه “أن استعمال البونيقية كان سائداً في كثير من نواحي المغرب الشرقي حتى القرن الخامس الميلادي”.

ويؤكد المؤرخ ” وليام مارسي W. MARCAIS” “أن البونيقية كانت لغة الدوناتيين، ويأسف القديس أوغستين لأن فلاحي المنطقة التي كان يعيش فيها (عنابة) كانوا لا يجهلون تقاليد الكنعانيين والمورو، ويقول: عندما نسأل فلاحينا من أنتم؟ يجيبوننا بالبونيقية. نحن كنعانيون. كما أن القديس أوغستين لم يشر أبدا إلى اللغة البربرية”.

إن معنى هذا أن لغة الكاثوليك، المذهب الرسمي للاستعمار الروماني، وبالتالي لغة القديس أوغسطين، كانت اللاتينية، وأن لغة المذهب الدوناتي مذهب الشعب بالمغرب العربي، كانت البونيقية. وقد ظهر هذا المذهب المسيحي في المغرب في القرن الرابع الميلادي، على يد الأب دونا الذي كان يسميه الرومان (دوناتوس) الذي توفي سنة 355م. وارتكز هذا المذهب على عنصرين أساسيين، الأول: اعتماد التوحيد ورفض الثالوث الذي يرى فيه بدعة دخيلة على المسيحية. والعنصر الثاني : اعتماد الدين المسيحي كدين جاء لرفع الظلم عن المظلومين، ولهذا فلا بد أن يساعد المغاربة على تحريرهم من الاستعمار الروماني. وهذا هو الذي جعل المؤرخ الفرنسي سانتاس يقول: “كانت الدوناتية مقدمة لإلغاء الإسلام للمسيحية، والثقافة الرومانية بالمغرب“.

والمعروف أن الأب دونا سجنه الرومان بل ومات في سجنهم. دون أن تعتبره الكنيسة ومؤرخوها في ذلك الوقت، شهيدا للمسيحية، فتضيف لاسمه كلمة القديس.

والمعروف أن الأب دونا استشهد في نفس السنة التي ولد فيها القديس أوغسطين، الذي سبق أن كتبت
رأيي فيه وهو أنه كان عميلاً كبيراً للاستعمار الروماني، سخر المسيحية ضد نضال شعبه البربري من أجل التحرر من الاستعمار، وحرض السلطة الاستعمارية على الغاء الدوناتية، واضطهاد أتباعها والإلقاء بأساقفتها في السجون سنة 411م، حيث ماتوا فيها. واستمر أتباع هذا المذهب يمارسونه في الخفاء إلى أن جاء الإسلام فوجدوا فيه ضالتهم فاعتنقوه… وقد كانت القبائل البربرية قبل الإسلام، تمارس طقوس الديانة البونيقية باعتراف الكاتب البربري المشهور (أبوليوس) الذي كتب باللاتينية، والذي اعترف بأن أباه كان مسيحياً، وأمه وثنية.

ومعنى ذلك أيضا أن البونيقية كانت قبل الفتح الإسلامي، تقوم بنفس الوظيفة التي صارت تقوم بها اللغة العربية، بعد الفتح الإسلامي. وأن دخول العربية جاء ليخلف البونيقية، بأسلوب تطوري طبيعي، من لغة عربية قديمة إلى لغة عربية حديثة، طورت على يد الإسلام.

ويستمر المؤرخ مارسييه فيقول “أن فاليروس VALERUS قال: سمعت الفلاحين يثرثرون بلغة أجهلها، ويرددون كلمة (ثالوث Salus)، وعندما سألتهم عن معناها أجابوني: معناها (ثلاثة). والملاحظ أن القديس أوغسطين لم يشر أبدا إلى اللغة الليبية (البربرية). وعندما هربت العذراء (ديميترياس) من روما بعد احتلالها من طرف الغوت، علق القديس جيروم Saint Jerome ( 347 420 م )، على دخولها الرهبنة المسيحية بقوله: من يتبع عرسك غير أصوات مصرصرة باللغة البونيقية، تودعك بفاحشة مقيتة… ( ويقصد بكلمة ستريدور Stridor) اللاتينية الزغرودة البونيقية التي ترافق الزفاف”. (William Marcais: Revue Africaine, T:94 (1950) p.280)

وهذا يشير إلى ان الزغرودة المعروفة بالوطن العربي مشرقا ومغربا، هي عادة عربية قديمة كانت مستعملة لدى الساميين (العرب القدامى ).

ويروي الكاتب النوميدي البربري المشار إليه قبل قليل، أبوليوس (125-180م ) في كتابه دفاع Apologie ”أن ربيبه سيسينيوس كان لا يعرف اليونانية، ويجهل اللاتينية، أو يرفض استعمالها، وكان لا يتكلم إلا البونيقية”. وسيرد في الكتاب رأي المؤرخ المصري رشيد الناضوري، حول علاقة البربر بالفينيقيين ومصر الفرعونية. ولا ينبغي أن يتملكنا العجب من التأثير الفينيقي في المغرب، فقد بدأ يظهر بالغرب المؤرخون الذين يؤكدون الأصل العربي القديم للحضارة اليونانية، مثل بيير روسيه الفرنسي الذي سيرد تحليل لكتابه في هذا الكتاب. وأود أن أشير إلى آخر ما صدر في المكتبة الأوروبية، وهو كتاب ( أثينا السوداء : الجذور الأفريقية الآسيوية للحضارة الكلاسيكية ) للكاتب الانكليزي المولد، الأمريكي الإقامة ( مارتن برنال M. Bernal)، الذي طبع بلندن سنة 1991. فقد قال : ” لابد لنا من أن نعيد التفكير في أسس الحضارة الغربية، وفي التسليم بدور النزعة العرقية الأوروبية في كتابة وفلسفة التاريخ، وبأن أوروبا هي العالم، وبأن العقل هو العقل الأوروبي، فقد سادت أوروبا موجة عالية من الأثنية والعنصرية”.

ثم يتكلم عن التأثير السامي (العربي القديم) في اليونان، فيقول : “إن الوثائق المسجلة التي وصلت إلينا من منطقة إيجا، هي ألواح مكتوبة بالإغريقية، ويرجع تاريخها إلى القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد، وتشتمل على كلمات مستعارة من السامية، وعلى الكثير من الكلمات المصرية، وثمة أوجه شبه مذهلة بين مضمون هذه الوثائق وبين عديد من المسائل الاقتصادية مثل المكاييل والموازين، التي كانت سائدة في المشرق وفي بلاد مابين النهرين… إن المصريين والفينقيين أقاموا المدن والمستوطنات في اليونان القديمة، وأدخلوا فيها نظام الري. الفينيقيون هم الذين علموا اليونان القدماء الأبجدية، بينما علمهم المصريون الدين وأسماء الآلهة وكيف يعبدونها. أي أن الإغريق كانوا يمارسون طقوساً وشعائر مصرية في معابدهم، أو لنقل بعبادة أخرى أن منظورهم إلى العالم لم يكن أوروبياً… وتدعم هذه الاكتشافات رواية الإغريق القدماء من أن كيكرويس مؤسس مدينة أثينا قد أتى من مصر، بل اسم أثينا اسم مصري. فقد كان المصريون يسمون بلدهم (أثيناي)، وهو الاسم الديني لبلدة سايس، العاصمة المصرية. وجدير بالذكر أننا نجد تماثيل للإلهة أثينا سوداء، أي مصرية إفريقية. إذن فقد كان لمصر وللساميين الغربيين دور يقيني في تشكيل بلاد الإغريق. فقد استوطن المصريون بلاد الإغريق من موقع السيادة السياسية والثقافية. ويذكر أن أفلاطون يقرر في محاورة طيماوس، أن هناك علاقة نشوئية بين مصر واليونان… إن اللغة اليونانية هي أساسا لغو هندوأوروبية، لكن أكثر من خمسين بالمائة من معجمها كلمات مصرية فينيقية، وخاصة فيما يتعلق منها بعلم الدلالات (السيمنطيقا)، وتطورها ومفردات الترقية، والعلاقات السياسية، لا الأسرية، والقانون والدين والمجردات فإنها ليست هندوأوروبية.

فهي أي اللغة اليونانية، بوصفها هذا نتاج لاستعمار مصري فينيقي. لقد تكونت اللغة اليونانية خلال القرنين السابع عشر والسادس عشر قبل الميلاد، وهي ذات بنية هندوأوروبية، ومفردات أصولها مصرية وسامية غربية… قليلة جدا هي أسماء الأماكن والبلدان اليونانية التي يمكن تفسيرها على أساس هندوأوروبي. وأن عددا كبيرا جدا من أسماء البلدان والمعالم اليونانية هي من أصل سامي أو مصري. مثل نهر ياردانوس في كل من كريت وبليبونيز، وهو مشتق من ياردا أو (الأردن). واسم ( أنيجروس ) مصدره جذر سامي: نجر، بمعنى فاض. ونراه كثيرا متضمنا معنى واحة أو نهر وسط الصحراء في كثير من بلدان شرق آسيا، وشمال أفريقيا (نهر النيجر)… ومثل أسماء الجبال والمجردات والجوامد، مثل ذلك الجذر ( سام ) الذي يتكرر في غالبية الأسماء الإغريقية مثل ساموس وسامكون… الخ. وهي أسماء مشتقة من الجذر السامي ( سام بمعنى مرتفع ). أما مدينة أسبرطة اليونانية فقد تمصر مجتمعها فيما بين 800 و500 قبل الميلاد، وأسمها مستمد من موقع جغرافي مصري (سبيت، أوسبرت، بمعنى حي أو مقاطعة أو عاصمة). بل أن أسماء الأساطير اليونانية هي أسماء مصرية مثل (أغا ممنون)، وهو مشتق من كلمتين مصريتين أغا بمعنى عظيم، وممنون وهو أمنحوت أو أمنمحعت… [ومن هنا "ممنون" بالعامية العربية – الناسخ]. ويختم المؤلف كتابه بقوله: أن هذا الكتاب هدفه فتح مجالات بحث جديدة، لذوي الأهليات الأفضل والأكثر تميزا، ثم الحد من غطرسة الثقافة الأوروبية”. (Martin Bernal: Black Athena, The Afroasiatic Roots of Classic Civilization, London, 1991)

ولنلاحظ أن هذا المؤرخ يدمج بين المصريين والفينيقيين في الأصول اليونانية القديمة، وهذا يؤكد أن المصريون ساميون أي عرب قدامى، وأن الحضارة المصرية سامية أي عربية قديمة وهو ما أكده المؤرخ الليبي علي فهمي خشيم. (علي فهمي الخشيم: آلهة مصر العربية، الجزء الثاني، ليبيا 1990(

ويعبر الشيخ البشير الإبراهيمي عن هذا كله بحدسه وإحساسه، لأنه لم يكن مطلعا على هذه الكتابات، منطلقا من ثقافته العربية القديمة الواسعة، ومن اطلاعه بل وحفظه عن ظهر قلب لمعجم اللغة العربية، فيقول: “إن عروبة هذا الشمال الأفريقي، جرت في مجاريها طبيعية مناسبة لم يشبها إكراه، وإنما هي الروح عرفت الروح، والفطرة سايرت الفطرة، والعقل أعدى العقل، وكأن هذه الأمم التي تغطي الأرض قبل الاتصال بالعرب، كانت مهيأة للاتصال بالعرب، أو كأن وشائج من القربى، كانت مخبوءة في الزمن فظهرت لوقتها، وكانت نائمة في التاريخ فتنبهت لحينها”.

إذن فأن كل الدلائل تشير إلى أن البربر عرب في أصولهم، وأن اللغة البربرية لهجة من لهجات العربية القديمة (أي لما يسمى خطأ باللغة السامية): كل المتخصصين في الدراسات البربرية أثبتوا أن البربرية واحدة من اللغات السامية (أي العربية القديمة)، فقد تكون مشتقة من اللغة البونيقية، مثلما يرى صراحة المؤرخ الفرنسي للحضارة العربية “غوستاف لوبون”. وكل المكتشفات الأثرية المتعلقة بالنقوش والكتابات القديمة، تبين أن البربر أقرب إلى الحِمْيَريِين [من حضارة حِمْيَر في اليمن – الناسخ]. إن هجرات عديدة تمت من الجزيرة العربية إلى شمال أفريقيا. فالهكسوس مثلا شعب هاجر من الجزيرة العربية واستقر في مصر في الفترة مابين 1730 و 1570 قبل الميلاد. وهي من هذه الهجرات السامية التي سجلها التاريخ. فالمؤرخ التونسي عثمان الكعاك يرى : “أن البربر قدموا من الجزيرة العربية، في زمن لا يقل عن ثلاثين قرنا قبل الميلاد. وأن الفينيقيين اختلطوا بالبربر على طول السواحل الإفريقية المغربية، في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ولما كان البونيقيون عربا من بني كنعان، فقد اختلطوا بالبربر، الذين هم عرب من العاربة القحطانية”.

ويؤكد المؤرخون أن مدينة سوسة بتونس بناها العرب القادمون من جنوب الجزيرة العربية، قبل أربعة آلاف سنة، وأعطوها اسم (حضرموت). ويسجل المستشرق الألماني رولسلر التشابه بين الأكادية والبربرية. (O. Rosler: Za, 50 (1952). Orientalia 20 (151))

بل أن محمد كاتي الذي هو من مدينة ( تنبكتو ) بمالي، يقول في كتابه (طارق الفتاش)، الذي تُرجم إلى الفرنسية في باريس سنة 1913، يقول في صفحة 25: “إن القبائل الساكنة على ضفاف نهر النيجر، حتى المحيط الأطلسي، جاؤوا من اليمن”. والذي يؤكد ارتباط البربرية بالحميرية، أن وزن ( أفعول ) الذي تشتهر به البربرية، هو وزن حميري اشتهرت به هذه اللغة. فقد نشر الباحث اليمني القاضي إسماعيل بن علي الأكوع مقالا بمجلة المجمع العلمي السوري ( عدد نيسان – 1986) تحت عنوان (الأفعول وما جاء على وزنه في اليمن). كما كتب الأستاذ مظهر الإيرياني في مقال حول (نقش جبل أم ليلى) وردت فيه ثلاث صيغ على هذا الوزن، وهي أسماء لفروع لقبيلة خولان باليمن القديم، وسجلت بالخط المسند وهي :

أحنُّوب

أعبُّوس

أحبُّوس

ويلخص الكاتب الفرنسي فلوريان التطابق الكامل بين العرب والبربر، فيما يلي : “أصل مشترك، لغة واحدة، عواطف واحدة، كل شيء يساهم في ربطهما ربطا متيناً”. أما عن تسمية البربر، فالنقوش الأثرية المكتشفة تشير إلى أن كلمة بربر وجدت في اليمن. فجزيرة بربرة جزيرة تابعة لليمن توجد في مضيق اليمن. كما وجد اسم قبيلة البر مكتوبا بالخط الصفائي. ويقول محمد شفيق، من المغرب الأقصى، وهو متعصب للبربرية: “كتب المؤرخون العرب وجزموا بأن البربر من أصل يماني من العرب العاربة، وتكمن فكرة التأكيد اليوم على القرابة القديمة المحتملة بين الأمازيغيين واليمانيين، في ثلاث قرائن: أولاً: أن عددا لا بأس به من أسماء الأماكن، على الطرق الذي يمتد من المغرب الكبير واليمن لها صيغ أمازيغية واضحة. منها في صعيد مصر (أبنو، أسيوط)، وإيخيم وتيما في جبل حوران في سوريا، وتيما في شمال السعودية، وتاركما، وأتبار وتيمرايين في السودان، وأكسوم، بأسمرا، وأكولا، وأكوؤدات ( أكوؤضاد )، في أريتريا، وجزيرة أنتوفاش في اليمن. ثانياً: لقد عثرت على عدد من الألفاظ العربية التي قال بشأنها صاحب لسان العرب، أنها حميرية، أو يمانية، وهي الألفاظ التي لها وجود في الأمازيغية، إما بمدلولها الحميري، أو بمدلول معاكس (الأضداد). [درج العرب القدماء على وصف الأشياء بأضدادها – الناسخ]، ثالثا : بين حروف التيفيناغ القديمة، ومنها التوارقية، وبين حروف الحميريين ( الأبجدية الحميرية – المسند ) شبه ملحوظ”. (محمد شفيق: لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرناً من تاريخ الأمازيغيين، عن كتاب عروبة البربر).

وتوجد أسماء باليمن متطابقة مع أسماء لقبائل بربرية كالأشلوح: اسم قرية وقبيلة باليمن، والشلوح تجمع كبير للقبائل البربرية بالمغرب الأقصى. والأكنوس، عشيرة من بني مهاجر باليمن، ومكناسة بالمغرب.

ومما يؤكد عروبة البربر، أن المغرب العربي لم يُحكم بالخلافتين الأموية والعباسية، فقد أنفصل منذ وفاة عمر بن عبد العزيز، وحكم البربر المسلمون أنفسهم بأنفسهم منذ ذلك التاريخ، من خلال أكثر من عشر أسر بربرية حكمت المغرب العربي حتى مجيء الأتراك، ولم يحدث أن قال حاكم واحد من هؤلاء أن المغرب بربري، وأن العربية لغة دخيلة، ولا بد من ترسيم البربرية [أي جعلها لغة رسمية – الناسخ]. بل عملوا كلهم على نشر العربية وتطويرها. بينما نجد الأتراك والفرس قد حُكِموا من الخلافتين الأموية والعباسية أكثر من خمسة قرون، وبمجرد سقوط الخلافة العباسية، عاد الفرس فرساً بلغتهم، والأتراك أتراكاً بلغتهم.

هل بقاء المغرب عربياً حتى الآن صدفة تاريخية؟ لا توجد صدفة في التاريخ. كما بينا فإن البربرية لم تكن لغة في تاريخها، وإنما كانت دائماً لهجة أو لهجات إلى جانب لغة الحضارة والثقافة في شمال أفريقيا، التي كانت اللغة البونيقية. فالمؤرخ الفرنسي أندريه باسي A. Basset، ينشر كتاباً سنة 1929 في باريس تحت عنوان “اللغة البربرية” La Langue Berbereيقول فيه: “لم تقدم البربرية أبداً لغة حضارة، لا في الماضي ولا في الحاضر، كما أنها لم تقدم لغة موحدة موزعة على مجمل البلاد، كما لم يكن لها آداب مكتوبة، أو مدارس تُعلم فيها. لقد كانت ولا تزال لغة محلية. لقد فُتتت البربرية إلى لهجات متعددة، مجزأة حسب كل قرية، لدرجة أنه لا توجد لهجات للبربرية، ولكن يوجد لها واقع لهجوي. بل إن التفاهم بين جماعة بربرية وأخرى قليل أو معدوم”.

كما يقول المؤرخ الفرنسي غوتييه E.F. GAUTIER: “ويلاحظ أنه لا يوجد كتاب واحد كُتِبَ بالبربرية، كما أنه لا توجد كتابة حقيقية لها، بل لا توجد لغة بربرية منظمة”. (E.F. Gautier: Consideration sur l’Histoire du Maghreb. Revue Africaine. Vol. 68 (1927))

أما عن الحروف التي تمتاز بها البربرية ولا توجد باللغة العربية فإن الكثير منها موجودة بالعربية كالزاي المفخمة التي توجد بالكتابة العربية الجنوبية، فحرف X بخط المسند اليمني هو هذه الزاي المفخمة، التي يقول عنها ابن منظور صاحب قاموس لسان العرب: “أنه حرف عربي قديم، حُذِف من العربية الحديثة”، ولا تزال البربرية تحتفظ به، وهذا يدل على الأصل العربي للبربرية”. (كتاب عروبة البربر، ص 29)

كما أن الكاف المعطشة بالبربرية ليست غريبة عن العربية، فاختلاف نطق الكاف ليس غريباً عن العربية التي تعتبر اللغة الوحيدة بالعالم التي تُنطق فيها الكاف بعدة مخارج حروف، وفقاً للهجات العربية، كالكشكشة والشنشنة، وغيرها.

يقول الأستاذ محمد شفيق: “إن البربرية صورة مثبتة مجمدة من لغة قديمة، تفرعت عنها اللغة العربية في وقت ما، وهذا يدعم وحدة اللغتين القديمة” (كتاب عروبة البربر، ص 30)

وهذه اللغة القديمة التي يشير إليها الأستاذ شفيق، ليست سوى اللغة العربية القديمة، التي أُطلق عليها خطأً اسم السامية










رد مع اقتباس
قديم 2011-07-30, 14:13   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Hot News1 كتاب تاريخ الزواوة لابي يعلى الزواوي



- الكتاب: تاريخ الزواوة
- عدد الصفحات: 163
- المؤلف: أبو يعلى الزواوي
- تعليق: سهيل الخالدي
- دار النشر: وزارة الثقافة، الجزائر
- الطبعة: الأولى/ 2005



كتاب تاريخ الزواوة للعلامة المصلح ابو يعلى الجزائري الزواوي القبائلي يثبت اصول الامازيغ العربية :




من المسلّم به أن الشعب الأمازيغي دخل التاريخ مع الفينيقيين (حضارة الشرق) وليس مع اليونان (حضارة الغرب) ثم أبدع ووضع التاريخ مع الحضارة العربية حيث صار البربر عربا والعرب بربرا.
ومن المؤلم حقا أن يلعب أدعياء الثقافة السياسية من الجزائريين وغيرهم بحضارة الشعب الأمازيغي وعقله وثقافته، فيصورونه على أنه شعب انتهازي.
وفي نظرهم حين كان الرومان سادة العالم كان الأمازيغ روماً نصارى، وحين ساد العرب العالم صاروا عربا مسلمين، ولأن العرب اليوم في ضعف هاهم يبحثون عن "أرومة" أوروبية ينتمون إليها.
ولأنه تلاعب استعماري وجهل حضاري، رفض الأمازيغ والعرب في الشام مقولة الدعاية الفرنسية -وقبلها التركية- من أن الأمازيغ ليسوا عربا وجاؤوا مع الأمير عبد القادر وبعده المقراني ليحتلوا الشام ويستعمروه.
وقد تصدى الجزائريون الأمازيغ والعرب لهذه الدعايات، وأسقطوها كما أسقطوا ويسقطون في الجزائر دعوى أن العرب مستعمرون غزاة.
وكتاب "تاريخ الزواوة" لمؤلفه الشيخ أبو يعلى الزواوي هو أحد الكتب التي ساهمت في ذلك.


الكتاب والكاتب
"
كتاب تاريخ الزواوة يوضح أن الاستعمار الفرنسي وأكاديمياته ومثقفيه يعملون على إشاعة الفتنة ويريدون من الزواوة (القبائل والأمازيغ والبربر) أن يكونوا وقودا لها وأداة للتقسيم والانفصال
"
يتكون الكتاب من جزأين أوله تعليق لثانيه، وقد اعتمد الكاتب الصحفي سهيل الخالدي في مراجعته للنسخة الأصلية على مؤلفات أخرى منها: رحلة ابن جبير، والحركة التبشيرية في الجزائر، والأمازيغ وقضيتهم في المغرب الكبير، ليضفي على الكتاب مصداقية أكبر ويؤكد ما وصل إليه الزواوي منذ ما يناهز القرن.
عثر المعلق على كتاب تاريخ زواوة قدرا أثناء إنجازه كتابا عن الجالية الجزائرية في الشام، وقد عثر على نسختين واحدة في مكتبة الأسد والأخرى في مكتبة الظاهرية بدمشق القديمة.
وبمساعدة شخصيات من سوريا والجزائر استطاع أن يصل إلى ترجمة موجزة للشيخ الزواوي، فهو من مواليد عام 1862 وقام برحلات عديدة إلى القاهرة وباريس ودمشق التي حرر فيها كتابه هذا، وقد توفي عام 1952 في الجزائر، وترك عددا من المؤلفات والمخطوطات والمقالات المنشورة في الصحف الجزائرية والمصرية والشامية.
ورد اسم الكتاب والكاتب في نسخته الأصلية كالتالي "كتاب تاريخ الزواوة تأليف الفقير الضعيف الراجي عفو ربه اللطيف السعيد بن محمد شريف أبو يعلى الزواوي"، وطبع في مطبعة الفيحاء بدمشق على نفقة أحد رجال التصوف من المهجّرين الجزائريين
أما سبب تأليف الكتاب فقد ذكره المؤلف في نص إهدائه، وهو إزالة الظلم الذي لحق بتاريخ زواوة جراء الدعوى بأنهم غير عرب.
والمؤلف كُتب بلغة عربية جميلة وبأسلوب هو أقرب إلى أسلوب المحدثين منه إلى أسلوب القدامى رغم ما فيه من السجع، وقد حاول التخلص من المنهج القديم ليدخل قدر الإمكان إلى المنهج الحديث، فنجده يذكر مراجعه وكلها من أمهات كتب التراث، كما أشار إلى بعض الصحف والخطب والوقائع التي شهدها.
ويبدو أن البحث قد استغرق منه عدة سنوات وعرضه على كثير من مثقفي زمانه، كما ورد في الكتاب.
قسم الزواوي كتابه إلى فصول سبعة منطقية الترتيب والتصاعد، فقد تحدث عن علم التاريخ وفضله أولا، وخصص الثاني لنسب زواوة وهو أطول الفصول، ليتبعه بفصل في ذكر محامدهم وخصائصهم، ثم برابع في زواياهم وعلمائهم، والخامس في عاداتهم والسادس في المطلوب لإصلاح حالهم، كما خصص الفصل الأخير للائحة التعليم ونظامه وبيان طرقه.
إذن نحن أمام كتاب هام يشكل وثيقة تاريخية حررت بطلب وتكليف جماعي من الزواوة، ولعل هذا ما يفسر عدم وصول الكتاب إلى القارئ الجزائري رغم مرور هذه المدة الطويلة على طبعه، ويوضح لنا أن الاستعمار الفرنسي وأكاديمياته ومثقفيه يعملون على إشاعة الفتنة ويريدون من الزواوة (القبائل، الأمازيغ، البربر) أن يكونوا وقودا لها وأداة للتقسيم والانفصال.
"
القبائل المعروفة بالبربر التي استوطنت أراضي شمال أفريقيا كانت تقيم في الأصل بأرض فلسطين إلى جانب الكنعانيين، ثم أخرجت منها في عهد الملك داود حين قتل ملكهم جالوت
"

وحدة الوطن والتاريخ واللغة والمزاج :

يؤكد أبو يعلى الزواوي إجماع علماء النسب على أن الزواوة من بطون كتامة وهم من شعوب اليمن العرب العرباء القحطانيين الحميريين، وحمير بن سبأ الأول بن يشجب بن يعرب بن قحطان، والقحطانيون أعرق في العربية من العدنانيين.
ومما يؤيد هذا مشابهة الخطين الحميري والبربري مشابهة كبيرة، وخير شاهد على ذلك وجود الخط الحميري في إحدى قرى أفريقيا منقوشا على حجر.
أما المعلق سهيل الخالدي فقد استشهد بما أورده المهندس باحث الآثار المؤرخ العراقي د. أحمد سوسة في كتابه الذي حاربته الصهيونية "العرب واليهود في التاريخ.. حقائق تاريخية تظهرها المكتشفات الأثرية" حيث قال ما نصه "إن القبائل المعروفة بالبربر التي استوطنت أراضي شمال أفريقيا كانت تقيم في الأصل بأرض فلسطين إلى جانب الكنعانيين، ثم أخرجت منها في عهد الملك داود حين قتل ملكهم جالوت، وإنهم انتهوا إلى ديار المغرب فانتشروا هناك".
ولعل التطابق في تسمية الأماكن بين جبال جرجرة في الجزائر وكنعان في فلسطين والشام وغيرها بالجزيرة العربية وأسماء القرى والأماكن، ما هو إلا إثراء للمدرسة التاريخية التي تقول إن الزواوة والبربر عموما إنما جاؤوا من اليمن إلى فلسطين فمصر فصعيدها فالمغرب العربي، وهو في نفس الوقت إضعاف لتلك المدرسة الاستعمارية التي تحاول أن تلحق كل البربر بأوروبا بادعائها أنهم رومان محتلون وأن العرب غزاة هلاليون.
وهذا الضعف الجغرافي التاريخي للمدرسة الاستعمارية في كتابة التاريخ يزداد هزالا على هزال إذا ما قارنا بين القبائل البربرية في المغرب العربي والقبائل العربية في المشرق العربي، وإذا ما قارنا بين اللهجات المشرقية العربية واللهجات الأمازيغية.
إذ يتحدث أبو يعلى الزواوي في كتابه عن التشابه بينها، ويقر بأن الجزائريين الزواوة والشاوية لا يختلفون في كثير عن القبائل اليمنية في جبال ردفان وفي صنعاء عندما يتحدث كل منهما لهجته المحلية.
ويرى أن على المرء أن يقف طويلا عند ظاهرتين: أولاهما أنه لا يوجد تاريخ أمازيغي مكتوب بالأمازيغية، فكله مكتوب بالعربية باستثناء ما كتب بالفرنسية إبان عهد الاحتلال الفرنسي، وثانيهما هذا العدد الهائل من البربر العلماء الذين أسهموا في تطور اللغة العربية وتعضيدها كابن أجروم وابن معطي وغيرهما.
وفي كل الأحوال فإن التشابه اللغوي بين العرب والأمازيغ ليس فقط في اللغة كمفردات وتسميات وحسب، بل إنه في الخط أيضا، فالخط الأمازيغي "التيفيناغ" هو جزء من الخط العربي المسند القديم.
إذن، معظم العرب مشرقا ومغربا يرجعون إلى جد واحد وقد اعتنقوا دينا واحدا على مذهب واحد تقريبا، فالبربر مسلمون سُنة كالعرب وهذا ما يفسر عدم انتشار المسيحية انتشارا واسعا بين البربر رغم طول القرون، في حين أنهم اعتنقوا الإسلام العربي بشكل شامل في أقل من أربعين عاما.
ولعل الشيخ الزواوي أدرك تماما أبعاد التطابق الثقافي بين العرب والبربر، فبعدما أبرز التطابق في السلالة والنظام الاجتماعي وفي الدين واللغة، ينتقل إلى تطابق الأخلاق والطباع السيكولوجية الجماعية، فما يعتبر محمودا عند الزواوة نجده محمودا عند العرب، وما هو مذموم عند هؤلاء فهو عند أولئك كذلك.
يقول أبو يعلى "فالزواوة إذن عرب مستعربة وعرب عرباء بأصلهم المتقدم، ثم إن كثيرا من الأخلاق والعادات والطباع في البربر متماثلة متمازجة بطباع العرب، كاتخاذ البيوت من الشعر والوبر والطين والحجر، وحلق الرأس والشجاعة والكرم وركوب الخيل وكسب النعم، إلى غير ذلك مما لا يكاد يُستقرَأ، وكلها أحكام الاستعراب".
كما يعتبر المؤلف العقل البربري كالعقل الشرقي، فقد وجد البربر مكانتهم القيادية في الفكر الشرقي قديما وحديثا، بدليل نبوغ ألوف من البربر في المشرق العربي وفيهم من تولى القضاء والتدريس في مصر والشام.
وان هنا نفهم بوضوح لماذا حارب الاستعمار التاريخ واللغة العربية والدين بين الجزائريين الأمازيغ، خاصة الذين كتبوا تاريخهم بالعربية دون أية لغة أخرى عرفوها ومرت بهم عبر القرون.
"
الأمازيغ في سوريا كانوا جزءا أساسيا ومحركا قويا للنضال القومي العربي، سواء كان ذلك ضد الأتراك أو الفرنسيين أو الإنجليز أو الصهيونية
"
الزواوة من الريادة إلى القيادة

زوايا الزواوة كثيرة مشهورة ومعناها المدارس والمساجد وبعبارة أهل العصر الجامعات والكليات، من هذا المنطلق يركز أبو يعلى الزواوي على مدى محافظتها على الثقافة والتربية والأخلاق لدى العامة، كما أثبت دورها في الكفاح.
فهي حسب سهيل الخالدي منبع الحركة القومية العربية، لذا عمل الاستعمار الفرنسي على هدم الزوايا والمساجد في منطقة القبائل وشن حملة تنصير واسعة حيث اختطف الأطفال خاصة بعد المجاعات التي تسبب فيها، فقايض الدين بالرغيف.
واشتدت هذه الحملات في أعقاب الحرب العالمية الأولى حيث شعر بقوته وضعف العرب، فسعى لتمزيقهم دينيا بالدعوة إلى النصرانية وسلاليا بالدعوة إلى البربرية. وتحوّلت الزوايا إلى ما يعرف بالطرقية في الجزائر والدروشة في المشرق فصارت عونا للاستعمار.
وكما شن مؤسس جمعية العلماء الجزائريين الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس حملة ضد الطرقية وناضل من أجل العربية والعروبة في الجزائر، فعل الشيخ طاهر السمعوني الجزائري ابن بجاية الشيء نفسه في المشرق العربي، فعصرن التعليم ووقف ضد سياسة التتريك وأسس جمعية النهضة العربية عام 1904.
ولم يعد سرا أن الأمازيغ في سوريا كانوا جزءا أساسيا ومحركا قويا للنضال القومي العربي، سواء ضد الأتراك أو الفرنسيين أو الإنجليز أو الصهيونية، وشيخنا الزواوي يقر بنفسه بذلك لما عاصر من أحداث لا يسع المجال لذكرها.
وحتى تسترجع الزوايا مكانتها، ألح الشيخ على ضرورة الإصلاح الديني ورآه وظيفة منوطة بعلماء المسلمين الذين لم تلههم مناصب الجاه عن النظر فيما حل بقومهم من البؤس والشقاء والبحث عن أسبابه ووسائل النجاة منه.

ومن خلال حديثه عن الوضع السائد في منطقة القبائل أبدى رأيه في طرق إصلاحه وفق منهج تربوي جديد في إطاره الإسلامي، وبين طرق التعليم الابتدائي والكتب المدروسة ودور الإدارة والتفتيش للزاويا.
أشار سهيل الخالدي في مجمل تعليقه إلى نبوغ الزواوة في بلادهم وفي المشرق العربي داخل الحضارة العربية دون سواها، إذ قادوها دون أن يشعروا بأنهم خارج وطنهم عكس نبوغهم في أوروبا، فكتّاب الزواوة باللغة الفرنسية من أمثال كاتب ياسين ومولود معمري لم تعدهم فرنسا نوابغ فرنسيين، بل تداول الناس كتاباتهم المترجمة إلى العربية أكثر مما تداولها القراء بالفرنسية، ولاقوا من الاحترام والتبجيل ما لم يلاقوه في فرنسا، فهذه الأخيرة تستغلهم والمشرق يحترمهم، وشتان بين الاستغلال والاحترام.
البربر -شاؤوا أم أبوا- شركاء أصليون ومؤسسون في الحركة العربية، وهم مسؤولون بنفس الدرجة من المسؤولية عن ازدهارها السابق وتخلفها الحالي وتجددها المتوقع والمطلوب، وليس هذا موقعهم في الحضارة الأوروبية قديما وحديثا ومستقبلا.










رد مع اقتباس
قديم 2011-07-30, 14:16   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Hot News1 ترجمة للدكتور عثمان سعدي

ترجمة حياة الدكتور عثمان سعدي مؤلف كتاب الامازيغ عرب عاربة :






من مواليد 1930 بقرية ثازبنت ولاية تبسة.ناضل منذ شبابه المبكر في حزب الشعب الجزائري، وإنخرط في صفوف جبهة التحرير الوطني منذ تأسيسها وعمل في ممثليها بالمشرق العربي. متخرج من معهد عبد الحميد بن باديس بقسنطينة عام 1951، حاصل على الإجازة في الآداب من جامعة القاهرة سنة 1956 والماجستير من جامعة بغداد سنة 1979 والدكتوراه من جامعة الجزائر سنة 1986. مناضل في جبهة التحرير الوطني منذ تأسيسها. أمين دائم لمكتب جيش التحرير الوطني بالقاهرة في أثناء الثورة المسلحة. رئيس البعثة الديبلوماسية بالكويت 1963 ـ 1964. قائم بالأعمال بالقاهرة 1968 ـ 1971. سفير في بغداد 1971 ـ 1974. سفير في دمشق 1974 ـ 1977. عضو مجمع اللغة العربية الليبي في طرابلس ـ ليبيا. عضو المجلس الشعبي الوطني من 1977 إلى 1982، عضو باللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني من 1979 إلى 1989، رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية منذ عام 1990.. أشرف على إصدار كتاب: [الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية: خمس عشرة سنة من النضال في خدمة اللغة العربية، طبع الجزائر سنة 2005 ]. وهو المدير المسؤول على مجلة [الكلمة] لسان حال الجمعية. رئيس لجنة الإشراف العلمي على إعداد المعجم العربي الحديث، الذي تبنى إصداره الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بالثمانينيات، ولم يكتب له الصدور. حاصل على جائزة أهم مؤسسة فكرية عربية وهي مؤسسة الفكر العربي سنة 2005، وعلى جائزة الريشة الذهبية لبلدية سيدي امحمد بالجزائر. ينتمي الدكتور عثمان سعدي إلى أكبر قبيلة أمازيغية وهي قبيلة النمامشة، وهو يملك العربية والأمازيغية. عندما أصدر كتابيه عروبة الجزائر عبر التاريخ (1983) والأمازيغ عرب عاربة (1996)، أورد بهما مختصرين لغويين يؤكدان عروبة اللغة الأمازيغية.

من مؤلفاته

1. ـ تحت الجسر المعلق (مجموعة قصصية 1973)، هي أحداث حقيقية بالثورة الجزائرية صيغت في قالب قصصي. طبعت ثلاث طبعات.
2. ـ دمعة على أم البنين (رواية)، مرثية زوجة المؤلف.
3. ـ قضية التعريب في: الجزائر بيروت 1967، القاهرة 1968 : دراسة نبهت، مباشرة بعد استقلال الجزائر، إلى خطورة الإبقاء على هيمنة اللغة الفرنسية على إدارة الدولة الجزائرية المستقلة. لم يجد المؤلف مطبعة لطبعه بالجزائر فطبع في بيروت والقاهرة.
4. ـ عروبة الجزائر عبر التاريخ: الجزائر 1983 و1985 : دراسة تاريخية تثبت عروبة الجزائر والمغرب العربي منذ التاريخ القديم.
5. ـ الثورة الجزائرية في الشعر العراقي: بغداد 1981، الجزائر 1985، 2001. عمل ميداني قام به المؤلف عندما كان سفيرا في بغداد، فجمع 107 شاعر وشاعرة من العراق، نظموا 255 قصيدة في الثورة الجزائرية، منهم شعراء كبار كالجواهري، وبدر شاكر السياب، وعبد الوهاب البياتي، ونازك الملائكة، وغيرهم.
6. ـ قضية التعريب في الجزائر: كفاح شعب ضد الهيمنة الفرنكفونية الجزائر 1993، دراسة تبين استمرار هيمنة اللغة الفرنسية على إدارة الدولة الجزائرية، وتهديدها للسيادة الوطنية ولاستنقلال البلاد.
7. ـ الأمازيغ عرب عاربة: الجزائر 1996، طرابلس ليبيا 1998، كتاب يؤكد عروبة الأمازيغ البربر، ويبين أن التشكيك في ذلك هو مناورة للاستعمار الفرنسي الجديد بهدف شق الوحدة الوطنية، واستمرار سيطرة الفرنكفونية على الجزائر وبلدان المغرب العربي الثلاث: تونس، الجزائر، المغرب، وموريتانيا من خلال هيمنه اللغة الفرنسية على دولها.
8. ـ الثورة الجزائرية في الشعر السوري : الجزائر 2005 : عمل ميداني قام به المؤلف عندما كان سفيرا بدمشق في السبعينيات من القرن الماضي، جمع خلاله 199 قصيدة قالها 64 شاعرا وشاعرة في الثورة الجزائرية، ويضم شعراء كبار ا من أمثال سليمان العيسى، ونزار قباني وغيرهم.
9. ـ وشم على الصدر (رواية) الجزائر 2006
10. ـ معجم الجذور العربية للكلمات الأمازيغية. طبع الجزائر في 2007. نشره مجمع اللغة العربية في طرابلس ليبيا. يبين أن الأمازيغية ـ البربرية هي لهجة منحدرة من العربية الأم منذ آلاف السنين كالآشورية والبابلية والكنعانية والآرامية، وغيرها... يؤكد أن تسعين في المائة من كلماتها عربية: عاربة أو مستعربة. بجمع تسعة آلاف كلمة.
11. ـ في ظلال قيرطا قسنطينة، رواية، تحت الطبع.
12. ـ معد للطبع: الجزائر في التاريخ.
13. ـ العديد من المحاضرات، والأوراق التي ساهم فيها في ندوات عربية وعالمية.










رد مع اقتباس
قديم 2011-07-30, 14:26   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Hot News1 ترجمة للشيخ ابو يعلى الزواوي

ترجمة لحياة الشيخ المصلح العلامة ابويعلى الجزائري الزواوي القبائلي مؤلف كتاب تاريخ الزواوة







أبو يعلى الزواوي هوالسعيد بن محمد الشريف بن العربي ولد حوالي عام 1279 الموافق لـ 1862م في (إغيل نزكري) من ناحية عزازقة، وهذه القرية غير قريته الأصلية، وإنما انتقل إليها أبوه بعد أن عين إماما لمسجدها، وبها تزوٌج، فوالدته منهم وكانوا من الشرفاء ومن أهل الخير والكرم. وأمٌا قرية أبيه وجدٌه فتسمى (تفريت ناث الحاج) وتقع على سفج جبل (تامقوت) الشامخ في دائرة (عزازقة) بتيزي وزو، ومعناها بالعربية كما شرحها هو في كتابه جماعة المسلمين (ص 34) : (عرين ذوي الحاج) والعرين في اللغة العربية مأوى الأسد. وقبيلة أبو يعلي الزواوي هي آيت سيدي محمد الحاج.


طلبه للعلم

درس أولا في قريته فحفظ القرآن الكريم وأتقنه رسما وتجويدا وهو ابن اثنتي عشرة سنة، والتحق بزاوية الأيلولي ومنها تخرج، وأبرز شيوخه الذين استفاد منهم والده محمد الشريف والحاج أحمد أجذيذ والشيخ محمد السعيد بن زكري –مفتي الجزائر - والشيخ محمد بن بلقاسم البوجليلي. قد أكثر الشيخ من التنقل والترحال قبل أن يستقر في الجزائر العاصمة سنة 1920، وقد أومأ في بعض المواضع إلى أن دافع ذلك الفرار بالدين والعرض ولم يحدد الأسباب المفصلة لذلك، وهذا تلخيص لهذه التنقلات. يقول أبو يعلى :« أول خروجي من الزواوة كان في شرخ الشباب، وتوظفت في بعض المحاكم الشرعية». ولعل ذلك في بلدة "صدراته" فإنه ذكر في مقال له أن أهل هذه البلدة يعرفونه. ثم ارتحل إلى تونس وقد كان بها سنة 1893م، وكانت له رحلات إلى مصر والشام وفرنسا وذلك قبل سنة (1901). وفي سنة (1912م) كان في دمشق يعمل في القنصلية الفرنسية، وقد عمل بها إلى غاية سنة 1915م، وفي مدة إقامته هناك نَمَّى معارفه بالأخذ عن علماء الشام وبالعلاقات التي أقام مع الكتاب والأدباء وعلى رأسهم أمير البيان شكيب أرسلان. ومع بداية الحرب العالمية الأولى اضطُر للخروج من دمشق لاجئا إلى مصر، لأنه كان معروفا بمعاداته للحكومة التركية، ومناصرته لأصحاب القضية العربية كما سميت في ذلك العصر، وفي مصر استزاد من العلم بلقاء أهل العلم وأعلام النهضة فيها، وممن جالس وصحب هناك محمد الخضر حسين الجزائري والطاهر الجزائري ومحمد رشيد رضا. ورجع إلى الجزائر سنة (1920م) بعد انتهاء الحرب، فقضي مدة في زواوة، ثم سكن الجزائر العاصمة وتولى إمامة جامع سيدي رمضان بالقصبة بصفة رسمية، ومع كونه من الأئمة الذين رضوا بالوظيفة عند الإدارة الفرنسية فقد تبنى الفكر السلفي الإصلاحي بقوة وحماس كبيرين، وعاش محاربا لمظاهر الشرك والبدع والخرافات وغيرها من أنواع المنكرات. وكانت له بعد ذلك تنقلات في طلب العلم والدعوة إلى الله منها ما كان إلى بجاية أو البليدة.

شيوخه وأقرانه

ذكر معظمهم هو بنفسه في مؤلٌفاته المطبوعة، ونذكر منهم جملة على سبيل المثال خاصٌة الذين تأثٌر بهم:

* 1 - والده الشيخ محمد الشريف الذي كان إماما ومؤذٌنا وموثٌقا وصاحب زاوية.
* 2 - الشيخ محمد بن سعيد بن زكري خطيب مسجد (سيدي رمضان) بالجزائر العاصمة سنة 1896 ومفتي جامع الأعظم، ويعدٌ من أبرز مدرٌسي العاصمة، وكان من الفقهاء المتمكنين من علمهم، وقد تأثٌر به أبويعلى أيٌما تأثٌر وكان متبعا لسيرته في العلم.
* 3 - الشيخ محمد بن بلقاسم البوجليلي المولود سنة 1836 ببجاية، وقد نوٌه به وبعلمه الشيخ العلامة البشير الإبراهيمي، ووصفه ابن زكري شيخ أبي يعلى وصديقه: (أنٌه كان من المصلحين ودعاة القضاء على البدع التي كانت تساعد على نشر الشعوذة والخرافة)، وقال عنه تلميذه أبو يعلى: (أنٌ الشيخ ابن زكري كشيخه البوجليلي ذكاء وشهرة).
* 4 - العلاٌمة المحدٌث الشيخ طاهر الجزائري الٌذي وجٌه الشيخ الزواوي للكتابة في موضوع لغة البربر والتعريف بقواعدها باعتبار كونهما من منطقة واحدة وهي بلاد الزواوة وقد مكث معه خمس سنوات كاملة في أرض مصر.
* 5 - العلاٌمة الشيخ رشيد رضا وكان الزواوي يلقٌبه بالصديق وحجة الإسلام كما في كتبه جماعة المسلمين.
* 6 - الشيخ محمد الخضر وقد لقٌبه أبو يعلى ب(صديقنا العلاٌمة الكاتب).
* 7 - محمد أفندي كرد علي صاحب مجلٌة المقتبس ووزير المعارف في الشام، قال عنه: (صاحبنا).
* 8 - الشيخ مبارك الميلي لقبٌه أبو يعلى ب (الأستاذ الإصلاحي الجسور).
* 9 - الشيخ الطيٌب العقبي وكانت بينهما علاقة طيٌبة ويشتركان في شدٌة مواقفهما ضدٌ مشايخ الطرق، قال عنه أبو يعلى لمٌا وجٌه له استفتاء لينشره في جريدة (الإصلاح) التي يديرها الشيخ العقبي: (صديقنا الأستاذ الخطيب الكاتب الناثر الشاعر المسامر والمحاضر بنادي الترقٌي بمدينة الجزائر).

أعماله ونشاطه الدعوي

تقلٌد أبو يعلى الزواوي مناصب مختلفة في حياته بحكم ثقافته المزدوجة إن صحٌ التعبير، فقد عيٌن كاتبا في القنصلية الفرنسية بدمشق وعمل بها إلى حوالي 1915م، أرسلته فرنسا إلى سورية طمعا منها في أن يقوم بإقناع الجزائريين المقيمين هناك بالتجنٌس بالجنسية السورية لتفادي رجوعهم إلى أرض الوطن من حمل الأفكار التحررية التي كانت قد ظهرت بالشام، ومقابل ذلك وعدته فرنسا بمنصب الإفتاء إذا رجع إلى الجزائر.

* النشاط الصحفي: من خلال إقامته بسوريا اتٌصل بالعديد من الشخصيات والكتٌاب والأدباء والسياسيين والصحفيين وأقام علاقات معهم، وساهم بمقالاته في بعض الصحف والمجلاٌت فكتب في جريدة المقتبس التي كانت تصدر بدمشق، وفي جريدة البرهان التي كانت يصدرها الشيخ عبد القادر المغربي بطرابلس الشام وثمرات العقول البيروتية، وطبع أحد كتبه في مطبعة محب الدين الخطيب الذي كانت له علاقات طيٌبة وصلات حميدة بينه وبين إخوانه من الجزائريين كالعقبي وابن باديس والإبراهيمي. انتقل إلى القاهرة بمصر بسبب وقوع الحرب العالمية الأولى، وهناك التقى بالشيخ طاهر الجزائري، وكثٌف نشاطه بمصر، والتقى بالعديد من إخوانه الطلبة الجزائريين، وواصل مشاركته في تحرير المقالات معرٌفا بالجزائر وتاريخها ووصف أحوالها المزرية، وكانت له فعلا مساهمات تمثٌلت في نشر مقالات في جريدة المؤيد المصرية وفي المجلة السلفية بمصر أيضا.

وممٌا يلفت الانتباه أنٌ الشيخ أبا يعلى انتقد المشارقة وهوفيهم لقلٌة اهتمامهم بأحوال المغرب العربي. عند عودته إلى الجزائر سنة 1924 بقي بنفس الهمٌة العالية الروح الأبيٌة، يكتب وينتقد، ويكافح بقلمه السيٌال وفكره الجوٌال، فنشر في جريدة النجاح مدة ونشر في جريدة النجاح مدة ثم في مجلة الشهاب لابن باديس وفي جريدة الإصلاح للطيب العقبي التي قلَّما خلا عدد من أعدادها من شيء من كتاباته، وكتب في صحيفة(صدى الصحراء) التي كانت تصدر ببسكرة (جنوب الجزائر) على غرار زملائه كالطيٌب العقبي والشاعر محمد العيد ومحمٌد الأمين العمودي، وقد دامت حوالي سنة ثمٌ تفرٌق شمل أصحابها لأسباب مختلفة رغم أهميتها، كما شارك أبو يعلى في جريدة (الثمرة الأولى) التي يصدرها طلبة الجزائر في تونس. ونشر في كل جرائد الجمعية بعد تأسيسها بل وكتب أول الأمر حتى في جريدة البلاغ الطرقية مما أثار عليه نقمة بعض إخوانه. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الموضع أن المقالات التي أمضاها الفتى الزواوي ليست للشيخ أبي يعلى كما قد يتوهم بعض، وإنما الفتى هو «باعزيز بن عمر» وهو أحد تلاميذ الشيخ ابن باديس، وقد توفي سنة 1977م عن عمر يناهز 71 سنة.

* نشاطه في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:

من الأعمال العظيمة والأعمال الشريفة التي لم يفوٌتها أبي يعلى على نفسه رئاسته لجمعية العلماء الجزائريين، حيث عيٌن رئيسا للجمعية العمومية المكلٌفة بوضع القانون الأساسي للجمعية، وقد حضرها اثنان وسبعون من علماء القطر الجزائري وطلبة العلم، اجتمعوا بنادي الترقٌي بعاصمة الجزائر لتعيين الأعضاء الأساسيٌين المكوٌنين لجمعية العلماء الجزائريٌين، وهذه الرئاسة وإن كانت مؤقتة انتهت بانتهاء أشغال التأسيس وانتخاب المجلس الإداري ورئيسه العلامة ابن باديس إلاٌ أنٌها تعدٌ حدثا له قيمته ووزنه في حياة الشيخ أبي يعلى الزواوي. وبعد مضي مدة عن تأسيس الجمعية ترأس لجنة العمل الدائمة بعد انسحاب رئيسها عمر إسماعيل، وهي لجنة كُوِّنت من الأعضاء المقيمين في العاصمة لإدارة شؤون الجمعية لما كان أغلب أعضاء المجلس الإداري المنتخب مقيمين خارج العاصمة بحكم السكن والنشاط. وترأس أيضا مدة لجنة الفتوى وقد نشرت له في البصائر لسان حال الجمعية عدة فتاوى ومقالات.

إضافة إلى هذه الأعمال كلٌها فإنٌه كان مجيدا للخط العربي وله فيه رسالة، وكان ينسخ المصاحف ويخطٌها، وقد ورث ذلك عن أبيه، وقد جمع بين الروح الجزائرية والتعريقة الشرقية رغم قوله أنٌه تأثٌر بالخطٌ الفاسي الموروث عن الأندلس. ولتفننه وإتقانه للخط أعجب به كثيرون ومدحه بشير الرابحي بقصيدة على خطٌه في المصحف الشريف.

* التدريس والخطابة:
من الوظائف التي أسندت إليه إن كان لها تعيينه إماما بمسجد (سيدي رمضان) بالجزائر العاصمة حيث تولى الخطابة فيه من (سنة 1920 إلى سنة 1952 وهو تاريخ وفاته) وكان يعتبر ذلك من منن الله عليه. أمر طبيعي أن يكون هذا من نشاطه بحكم وظيفته، ولكنه كان حر التفكير والتعبير والتحرير والتحبير، ووقف صامدا أمام العوائق والمغريات يثبت الحق ويبطل الباطل، لم يقيد الوظيف الذي تقلده لسانه ولم يحدد من نشاطه، فكان صريحا في الحق جريئا مقداما، يدافع عن الدين والفضيلة والعقيدة الصحيحة واللغة العربية والوطن، وقد هددته السلطات مرارا بالفصل من إمامة جامع سيدي رمضان، ولكنها لم تجرؤ على ذلك، ولا وجدت سبيلا إلى كم لسانه وتجميد نشاطه وإيقاف زحفه.

ذكر أنه كان يُقطع عنه الراتب كما أنه حُرم مما نسميه ترقية فكان المدرسون والمفتون في زمانه وقبله يتقاضون عشرة أضعاف ما يتقضاه لا لشيء إلا لأنه كان من رجال الإصلاح مؤيدا لجمعية العلماء. وقد كان خطيبا مفوٌها، يرتجل الخطب، ويبلغ بها مقصده من إفهام السامع والأخذ بمجامع القلوب، أحمد توفيق المدني قال عنه: (وأشهد أنٌه قد كان لتلك الخطب الأثر الفعٌال في النفوس) وقبل ذلك قال عنه: (أخرج الخطب المنبرية من صيغها التقليدية العتيقة إلى صيغة قومية مفيدة، فهو يخطب للعامٌة ارتجالا في مواضيع إسلامية محلية مفيدة، ويعتبر خطابه درسا بحيث لا ينتهي منه إلاٌ وقد اعتقد أنٌ كلٌ من بمسجد (سيدي رمضان) من رجال ونسوة قد فهموا جيٌد الفهم خطابه).و قد جدٌد طريقة السلف في ا لخطابة، فالتزم أن تكون الخطبة من إنشائه هو لا من إنشاء الآخرين، ودون ورقة أي (ارتجالا)، ثمٌ بدا له بعد ذلك أن يدوٌن خطبه لكيلا يقال نقلها عن الغير وحفظها وسرقها. وقد خصٌص الدكتور سعد الله في كتابه القيٌم (تاريخ الجزائر) مقالا للحديث عن خطب أبي يعلى الزواوي في المجلد الثامن من (122-125).

مؤلفاته وآثاره العلمية

ترك أبو يعلى آثارا علميٌة نافعة ضمنها خلاصة ما يؤمن به من أفكار، وما كان يطمح إليه من مشاريع جادة تخدم بالدرجة الأولى دينه ولغته العربية، ورغم أنٌ جلٌ هذه المؤلفات جاءت في شكل كتيبات أو رسائل مختصرة إلاٌ أنٌها حوت في مضامينها ذلك البعد العميق في تفهم قضايا أمٌته عامٌة، والتشبٌث الوثيق بمكوٌنات شخصية الأمٌة الجزائرية خاصٌة، ساعده في ذلك روعة أسلوبه وانتظام أفكاره وكثرة استدلاله بالنصوص الشرعية في كتاباته الدينية، واستعماله – وهذا لفرط ذكائه ونباهته - لألفاظ ومصطلحات يمرٌر من طريقها أفكاره ويبز فيها طموحه ويختصر بها أقواله ويعالج من خلالها الأدواء وألأمراض التي شخٌصها بنفسه، وخير مثال لذلك تسميته لكتابين ألٌفهما وأبدع فيهما أطلق على أحدهما (الإسلام الصحيح) تميٌيزا له عن الإسلام الذي سماه العلاٌمة الإبراهيمي بالإسلام الوراثي، وأطلق على الآخر (جماعة المسلمين) تحريضا منه على لمٌ شعث الأمٌة واستقلالها بنفسها دون تدخٌل أو وصاية من المستعمر وهذه
نبذة مختصرة عن بعض مؤلٌفاته:

* المؤلفات المطبوعة :

* 1 - (كتاب الإسلام الصحيح) وطبعه في طبعة المنار بمصر سنة 1345ه بعد رجوعه إلى الجزائر، وجعله في شكل سؤال وجواب، وقال عنه إنٌ بعضهم قد سأله أن يضع مثل هذا الكتيٌب في الإسلام الصحيح على قواعده الأصلية المتٌفق عليها لا المختلف فيها).

و قد طبع هذا الكتاب عل نفقة أحد أعيان الجزائر وتجٌارها الكبار، وقد رقٌم اسمه على وجه الكتاب ولقٌب بالسلفي وهو السيٌد الحاج محمٌد المانصالي. - وممٌا يلفت الانتباه وهو مرقوم على غلاف الكتاب عبارة نفيسة لأبي حيٌان أظنٌها من وضع أبي يعلى نفسه بل أكاد أجزم، وذلك لكثرة استشهاده بأقواله في ثنايا كتابه وهي (الجهاد بالحجٌة أعظم أمرا من الجهاد بالسيف). و يحتوي الكتيٌب على 123 صفحة، وحمل اسمه الحقيقي السعيد بن محمد الشريف الزواوي الجزائريٌ، وهو الذي سنعتمده أكثر في بيان عقيدته ومنهجه في بعض الفوائد الفرائد ولإفادات القلائد التي امتاز بها أبو يعلى على غيره من أقرانه ومصلحي زمانه.

* 2 - ((جماعة المسلمين)) وهو عبارة عن رسالة مطوٌلة ففي شأن جماعة المسلمين ومعناها في الفقه المالكي في أصلها من الأحاديث الصحيحة(30).

و لقيمة هذا الكتاب وحاجة الناس إليه في تلك الحقبة أذن المؤلٌف في ترجمة الكتاب كما رقمه على غلاف الكتاب بنفسه، وقد أعجب به أيٌما إعجاب حتى قال عنه (أنٌه لم أسبق إليه وأنا أبو عذره، وأنا لم أقف على أنٌ أحدا من الإخوان الكرام الكاتبين في العالم العربي الإسلامي كافٌة في وطننا الجزائر خاصٌة طرقه أو كتب فيه). - وقد قرٌض كتابه هذا الشيخ الطيٌب العقبي . وذكر في تقريظه اثني عشر بيتا، نقلها أبو يعلى إلى كتابه جماعة المسلمين (ص47) ذكر في مقدمته أنه مختصر من كتاب آخر مطول، وطبع بمطبعة الإرادة بتونس في رمضان 1368الموافق لجويلية 1948م. وهو في 75 صفحة.

* 3 - (الخطب) جمع فيه بعض خطبه وكان ذلك سنة 1343ه الموافق لسنة1924 م(طبع الجزائر باستيد – جوردان – كار بونيل 1343 ه) يحتوي على 78ص، قال عنه الدكتور سعد الله (8/122): ((و هو أول كتاب يطبع في موضوعه على ما نعرف. وقد بدأه بديباجة مسجٌعة وطويلة هكذا الحمد لله أنطق الخطباء بالكلام الفصيح –و سهل لهم الارتجال بالكلام الصريح)).
* 4 - «خصائص أهل زواوة » وهي رسالة وجهها من الشام إلى الطاهر الجزائري الذي كان بمصر يطلب منه أن يؤلف كتابا في « خصائص أهل زواوة »، وقد قام بطبعها أبو القاسم سعد الله ضمن كتابه أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر.
* 5 - « تاريخ الزواوة » وهو غير سابقه فقد فرغ من تأليفه سنة 1918م وهو في القاهرة ونشره في دمشق سنة 1924م، وقدم له الشيخ الطاهر الجزائري والسعيد اليجري (وقد أعيد طبعه مؤخرا في الجزائر). وقد توصل فيه إلى أن الزواوة من قبيلة كتامة وأن كتامة وصنهاجة كلاهما من العرب العاربة أو العرب القحطانية، وقال أبو القاسم سعد الله في وصفه:« أما الكتاب نفسه فقد قسمه أبو يعلى الزواوي إلى سبعة فصول رغم صغر حجمه فجعل الفصل الأول في فضائل التاريخ والثاني والثالث في نسب الزواوة ومحامدهم..والرابع في زواياهم وعلمائهم وخدمتهم للغة العربية والخامس في بعض عاداتهم والسادس في الإصلاح المطلوب والسابع في لائحة نظام تعليم مقترح وبيان طريقة التعليم».
* 6 - « فصول في الإصلاح » ذكره في كتابه الخطب وتاريخ الزواوة.
* 7 -مقالات منشورة في البصائر والشهاب والبلاغ وغيرها من الجرائد، وقد ذكر محمد الصالح صديق سنة 1994م أنه تم تكليف لجنة بجمع آثار أبي يعلى الزواوي، لكن لم يظهر شيء منها ونحن في آخر سنة 2002م.

* المؤلفات المخطوطة :

* 1 - أصل كتابه جماعة المسلمين المذكور أعلاه.
* 2 - « تعدد الزوجات في الإسلام ».
* 3 - « مرآة المرأة المسلمة » ذكره في الإسلام الصحيح، وفي الخطب أنه يقع في 200صفحة.ضمٌنه آراءه في المرأة، مبطلا عادات بني قومه في عدم توريثها ومنع نظر الخاطب إليها، ومناديا بضرورة تربيتها وتعليمها
* 4 - ذبائح أهل الكتاب (قال عنه إنه تحت الطبع) كما أنه ترجمه إلى الفرنسية أيضا.
* 5 - « الفرق بين المشارقة والمغاربة في اللغة العربية وغيرها من الفروق ».
* 6 - « الخلافة قرشية ».
* 7 - « الكلام في علم الكلام ».
* 8 - « الغنى والفقير ».
* 9 - مراسلات أبي يعلى خصوصا مع « شكيب أرسلان ».
* 10 - أسلوب الحكيم في التعليم.
* 11 - الأمم الغربية (أو العربية).
* 12 -رسالة في علم الخط ألفها عام 1947م.
* 13 -النصوص التي ردها كفر صراح بإجماع المسلمين ذكره في مقال له في البصائر.
* 14 -أصل البربر بزواوة ذكر أنه بين فيه أن أصل البربر من حمْيَر وأنهم عرب قحطانيون ويحتمل أن يكون هو نفسه تاريخ الزواوة كذا قال أبو القاسم سعد الله .

هذا وقد ألٌف أبو يعلى الزواوي كتبا صغيرة الحجم قضايا مهمٌة لها صلتها الوثيقة بالأمٌة والمجتمع في تلك الحقبة، مصحٌحا للمفاهيم ومدافعا عن معالم الشخصية الإسلامية، ومساندا للإصلاح وداعيا إلى تطهير المعتقدات والسلوكات من الشوائب والبدع والخرافات

عناصر فكره الإصلاحي رحمة الله عليه

* الدعوة إلى الطريقة السلفية وذم علم الكلام:

قال الشيخ أبو يعلى في كتابه الإسلام الصحيح :« اعلم أيها السائل أن خير طريقة في العقيدة التوحيدية طريقة السلف التي هي اتباع ما ثبت عن الله وعن رسوله من غير كثرة التأويل والدخول في الأخذ والرد من الجدل في المتشابه وإيراد الشبه والرد عليها، وأذكر الآن بهذه المناسبة جملة من أقوال الأئمة العظام من السلف الصالح لتعتبر أيها السائل وتعلم أن الخوض غالبا خصوصا في قضايا الانتصار لمذهب دون مذهب وتجد أن مذهب الحق في ذلك هو مذهب القرآن العظيم } قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون { وهو مذهب السلف فإن القرآن الكريم أبى الخوض في ذلك لعجز المخلوق عن معرفة حقيقة الخالق وإنما تصدى لتوجيه الأنظار للاعتبار كما تقدم »[ص4-5]. ثم نقل الآثار المعروفة عن مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف في ذم علم الكلام وأهله وقال :« وقد اتفق أهل الحديث من السلف على هذا ». وصرح بعد ذلك في أثناء الكتاب بعدم الانتماء لأي مذهب كلامي محدث من المذاهب الموجودة فقال:« أما أنا ومن على شاكلتي من إخواني الكثيرين فلا شريعة لنا ولا دين لا ديوان إلا الكتاب والسنة وما عليه محمد وأصحابه وعقيدة السلف الصالح فلا اعتزال ولا ماتريدي ولا أشعري، وذلك أن الأشاعرة تفرقوا واختلفوا أي المتقدمون منهم والمتأخرون ووقعوا في ارتباك من التأويل والحيرة في مسائل يطول شرحها»

* نشر التوحيد ومحاربة الشرك في الألوهية :

قد كتب أبو يعلى في هذا الباب فأكثر، إذ زيادة عما ذكره في الإسلام الصحيح فقد نشر فيه عدة مقالات، ونحن ننقل ما قاله في أحد مقالاته : « أما عقيدتنا في الأولياء التي اتخذوها ذريعة للطعن فينا بأننا ننكرهم وننكر الكرامة ليهيجوا علينا العامة التي صُدَّت عن الله إلى الأولياء الأموات تطلب منهم ما لا يطلب إلا من الله وتتمسح بقبورهم وتوابيتهم...أما كون الميت صالحا أو مات وليا أو غير ولي، أو على حسن الخاتمة أو على غير ذلك عياذا بالله فإننا غيرُ مكلفين بذلك ولا نحكم لأحد بالجنة ولا بالنار إلا مَن وَرَدَ فيهم النص، فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة، أما التوسل بهم والطلب منهم فمما لم يثبت عن السلف الصالح شيء منه بل لم يشرع أصلا وقد فتشنا وقلبنا وبحثنا في السير وكتب الحديث الصحيح مثل الموطأ والبخاري ومسلم فلم يثبت في خير القرون أنهم قصدوا قبر النبي r طالبين منه شيئا ودليلنا أيضا على ذلك ما ثبت في صحيح البخاري أن عمر لما استسقى بالناس قال لهم: إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، وهذا دعاء أقره الصحابة والسلف».

* التزام السنن ومجانبة البدع العملية

ولم يهمل الشيخ الدعوة إلى الالتزام بالسنة ونبذ البدع العملية خاصة بدع التصوف الذي غرقت الأمة في أوحاله فصرح ببدعية تصوف المتأخرين، وقال في البصائر :« وبالجملة إن التصوف محدث في الأمة اسما ومعنى». وكما أنكر عليهم بدع العقائد فقد أنكر عليهم بدع الأعمال كالقراءة على الجنائز. وقال في الإسلام الصحيح :« ولست بمخطئ إن قلت بالمنع والحرمة بسبب ما أحدثوا فيه وهو من أصله محدث إذ لم يكن السلف الصالح يعرفون هذا صوفي وذاك غير صوفي، أو ذا له طريقة وهذا لا طريقة له »، وإن كان الشيخ قد نشأ نشأة صوفية إلا أنه تاب ورجع إلى الحق لما تبين له، كما صرح بذلك في أحد مقالاته: « نعم كنت قبل أربعين سنة خلوتيا [أي حوالي سنة 1907] فلما رأيت البدع والمخالفة والرقص والطبل واختلاط النساء بالرجال طلقتها ثلاثا بتاتا ». وقال :« وإني أعلنت أني سلفي وأعلنت أني تبرأت مما يخالف الكتاب والسنة ورجعت عن كل قولة قلتها لم يقلها السلف الصالح ».

* الدعوة إلى الاجتهاد ونبذ الجمود والتقليد

قال في الإسلام الصحيح :« والحال أن كل واحد من هؤلاء الأئمة قال إن وافق مذهبي الكتاب والسنة فبه ونعمت وإلا فاضربوا به عرض الحائط، لأنهم غير معصومين ولا ألزموا الناس بما استنبطوا وما دونوا وإنما العامة والخاصة ارتضتهم ». وقال ردا على المتعصبين الذين ينتصر كل واحد منهم لمذهب إمامه ويقول إنه هو الصواب دون غيره :« كلها فاضلة وكلها صحيحة إذ لا يمكن بحال أن يقال هذا المذهب صحيح وهذا غير صحيح، لأنهم أئمة مجتهدون غير معصومين لا محالة، فهم سواء في الاجتهاد وسواء أيضا في عدم العصمة، وكان الإمام مالك يقول كل أحد يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحبَ هذا القبر يعني النبي ».
[عدل] صفاته وأخلاقه

* رقة الطبع وسلامة القلب

قال الشيخ أحمد حماني :« الشيخ أبو يعلى الزواوي إمام مسجد سيدي رمضان بالقصبة من عاصمة الجزائر علامة من كبار العلماء الأحرار، محقق، شجاع، سلفي العقيدة، طيب السريرة حميد السيرة، بليغ القلم سليم النية، غر كريم »، وقال فيه أيضا :« والملاحظة أن أبا يعلى عين رئيسا للجنة الدائمة بعد تأسيس الجمعية وابتعاد عمر إسماعيل عنها، وبقي وفيا لمبدئه شجاعا في مواقفه، عظيم النشاط في أعماله وكتاباته، وقد لقب في العلماء بشيخ الشباب وشاب الشيوخ، وكان يمتاز بشفقة وحنان على أمته، وكثيرا ما تسيل دمعته رحمة على البائسين ».

* التواضع للحق

وَرَدَ إليه سؤال عن حكم التوسعة على العيال في عاشوراء فأفتى بالجواز فرد عليه الشيخ عمر بن البسكري بجواب ننقل منه هذه الفقرات :« سيدي أحيط جنابكم أن الحديث المذكور يقول فيه حجة الإسلام ابن تيمية ما نصه حرفيا في كتابه منهاج السنة ج 4 ص 114 :« وقد يروي كثير ممن ينتسب إلى السنة أحاديث يظنونها من السنة وهي كذب كالأحاديث المروية في فضل عاشوراء -غير الصوم – وفضل الاكتحال فيه والاغتسال والحديث والخضاب والمصافحة وتوسعة النفقة على العيال فيه ونحو ذلك، وليس في أحاديث عاشوراء حديث صحيح غير الصوم هكذا يقول حرفيا وتبعه تلميذه ابن القيم وابن رجب وغيرهم … هذا ومما زاد في تشجيعي على إسداء هذه الكلمة النصيحة لجنابكم قولكم حرفيا في العدد السابع عشر من البصائر :« وعلى كل حال فإنني لست ممن يقول لا أقبل النصيحة إلى أن قلتم بل إني أقبل النصيحة من أهلها بشرطها ». فكتب الشيخ جوابا رحب فيه بهذا الرد المؤدب والنصيحة الخالصة ختمه بقوله : «وإنه مما يجب التحري في الاستدلال بالحديث إلا إذا كان صحيحا وهو صوابلكنه صعب !! اللهم اغفر لنا ما قدمنا وأخرنا وألهمنا وألهم الأمة للصواب أن تتحفظ وتحذر من الوقوع في الكذب على نبيها والله المستعان وعليه التكلان ».

* الثقافة الواسعة

إن مما تميز به أبو يعلى الزواوي كثرة المطالعة وهي إحدى العوامل التي جعلته يكون أكثر تأليفا من غيره من أهل زمانه إضافة إلى التفرغ باعتباره كان إماما رسميا لمسجد مدة تفوق الثلاثين سنة، وهذه المطالعة قد ظهرت في كتاباته ومواضيع تأليفه فهو قد ألف في مواضيع مختلفة وفي قضايا شغلت الفكر الإسلامي في عصره: قضايا المرأة، قضايا الإصلاح، السبيل إلى تحكيم الشريعة، إصلاح نظم التعليم وغيرها من الموضوعات. وقد ظهر ذلك أيضا في المصادر المتنوعة التي اعتمد عليها في كتابه الإسلام الصحيح فقد فاقت الأربعين مرجعا ومصدرا، والذي يَلفت الانتباه هو مطالعته لكتب المخالفين فهو ينقل فضائح الطرقية من مصادر صوفية وينقل شهادة الكفار بالحق من كتبهم، وكان مطلعا حتى على كتب المستشرقين –وكان يحسن الفرنسية – كما نراه في رد الشيخ على النائب ابن جلول لما قال ردا على المصلحين :« رجوع الإسلام إلى أصله خطر على فرنسا » حيث سرد فيه جملة من كتبهم التي يظهر إطلاعه عليها.
[عدل] بعض ما قيل عنه

قال الشيخ الطيب العقبي في تقريظه لكتاب جماعة المسلمين. أبو يعلـى إمـام الحق فينا- وشيـخ شباب المصلحينا دعا بدعاية الإسـلام قبـلا- لديـن اللـه رب العـالمينا فأبدع في اختصار القول ردا- على فئـة الضلال المفسدينا وقد غضبوا لقول الشيخ فيه- وضلـوا في الضلالة تائهينا فلم يعبأ بما فعلـوا ولكـن- تمادى يخـدم الحـق المبينا ». وقال في مقال نشر في الشهاب ردا على من انتقص الشيخ:» ألا ما أشفقتما عليه أو رحمتما شيخوخته وسلفيته الصادقة، وتركتماه لنا عضدا قويا وشيخا سلفيا …وهو من قد عرفتماه فضلا ومعرفة وسبقا إلى مذهب السلفية، كما عرفتما مقدار مقدرته في الكتاب وبحثه وتنقيبه« قال الشيخ مبارك الميلي :« …الشيخ الجليل العالم السلفي الأستاذ أبي يعلى الزواوي الذي لقبه الأخ الشيخ الطيب العقبي شيخ الشباب وشاب الشيوخ وكل من عرف هذا الشيخ وأنصفه اعترف له بهذا اللقب وسلم له هذا الوصف». قال أحمد توفيق المدني:« وإذا ذكرت الرجال بالأعمال فإني أذكر العلامة الكبير الشيخ سيدي أبا يعلى السعيد الزواوي، أذكره بتأليفه القيم الإسلام الصحيح الذي نسف به الخرافات والأوهام في الأفكار العامة ».

وفاته رحمة الله عليه :

توفي في 8 رمضان 1371 الموافق لـ (4 جوان 1952م) عن عمر يناهز التسعين، وشيع جنازته خلق كثير وعدد كبير من رجال العلم والفضل، وصلى عليه الشيخ الطيب العقبي، وكتبت البصائر عنه: (والبصائر تساهم في المصاب بفقد العلامة الزواوي، شيخ المصلحين في هذه الديار الذي طالما رفع صوته على صفحاتها بالنكير على المبتدعين والمبطلين،










رد مع اقتباس
قديم 2011-07-30, 14:51   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Hot News1 تعريف بالجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية

الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية تحت رئاسة الدكتور الجزائري الامازيغي عثمان سعدي


الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية هي جمعية ثقافية تم تأسيسها في الجزائر سنة 1990 بعد عقد عدة إجتماعات تأسيسية في نهاية 1988 و بداية 1989 توجت بإنعقاد الجمعية التأسيسية التي كان عدد أعضائها مائة و خمسة أعضاء، إنتخبت مجلس الجمعية و مكتبها و رئيسها الدكتور عثمان سعدي.

الغاية القصوى من اهداف الجمعية هي ترقية اللغة العربية في المجتمع الجزائري وجعلها أداة علمية فعالة قادرة على تجسيد متطلبات الحياة العصرية في مجال العلم والعمل والتعامل بجميع مظاهره، وتلك مهمة منصوص عليها في جميع المواثيق والدساتير الجزائرية باعتبارها اللغة الرسمية للجزائر.

من المهم بمكان تتبع موقف الحركة الوطنية الجزائرية من قضية اللغة العربية. و القصد من موقف الحركة الوطنية هنا جهود الجزائريين طيلة الإحتلال في المطالبة بإحترام و تعلم اللغة العربية و الدفاع عنها و الإفتخار بها.سيتم في هذه الفقرة التركيز على تلك الجهود منذ ظهور المنظمات و الأحزاب التي أصبحت تمثل الجزائريين و تتكلم باسمهم في الوقت الذي انتشر فيه التعليم بالفرنسية بين الجزائريين أنفسهم.

سيتم تناول الموضوع على مرحلتين ، الأولى ما قبل 1919 والثانية منذ هذا التّاريخ
.
المرحلة الأولى : 1830-1919


حين وقع الإحتلال الفرنسي للجزائر كانت اللغة العربية هي لغة التعليم في المدارس والزوايا والمساجد، وهي اللّغة الأدبية التي تؤلف بها الكتب و البحوث، وهي أداة التعامل في المحاكم الشّرعية والمراسلات الرسمية، وتوثق بها عقود الأوقاف والمواريث، وتكتب بها محاضر المداولات الإدارية والمنازعات في كل أنحاء القطر. وهي كذلك لغة الأدباء والخطباء. وفي نفس الوقت كانت اللّهجات العربية الدّارجة واللّهجات البربرية مستعملة في الحياة اليومية بين المواطنين، ولعل هناك من كان يكتب بهذه اللّهجة أو تلك بعض الرّسائل الإخبارية والمعلومات الشّخصية.

أما اللّغة التركية فقد كانت قليلة الإستعمال و محصورة الإنتشار، ولا نكاد نجدها خارج الجزائر العاصمة، حتى بين الموظّفين العثمانيين في الأقاليم، لعلاقتهم المباشرة مع المواطنين.أمّا في العاصمة فقد كانت اللّغة التركية مستعملة في مستويات إدارية كالمجلس الرّسمي (الديوان)، الذي كانت تسجّل فيه المحاضر بالعربية والتركية معا على أيدي الكتبة أو الخوجات ، و كانت التّرجمة هي وسيلة التبليغ بين الحاضرين إذا لزم الأمر. كما أنّ اللّغة التركية كانت مستعملة في ثكنات الجيش الإنكشاري بالخصوص، لأنه جيش خليط ومن مواليد الأناضول في معظمه.

و المعروف أنّ الحروف العربية هي التي كانت مستعملة سواء تعلق الأمر باللهجات الدّارجة أو باللّغة التركية .

وقد إعتمد الفرنسيون منذ اللّحظة الأولى للإحتلال على التّرجمة وعلى دراسة اللغة العربية لأنهم كانوا يعرفون أنهم بدون ذلك لا يمكنهم معرفة الجزائريين ولا النجاح في التعامل معهم وفرض سلطانهم عليهم. جاءت الحملة الفرنسية بمجموعة من المترجمين ، مدنيين و عسكريين، ونشطت مدرسة اللّغات الشّرقية في باريس في تخريج المستعربين وإرسالهم إلى الجزائر، وتعامل المسؤولون الأوّلون مع يهود الجزائر كوسطاء في اللغة العربية، بل أنهم وظفوا جزائريين في مناصب بلدية، قضائية، إدارية ونحوها إمّا لكونهم يحسنون شيئا من الفرنسية إلى جانب العربية وإما لكونهم تابعين لمصالح تعرف العربية فيقدّمون إليها المعلومات والتقارير وهي بدورها تقوم بالتّرجمة والتّوصيل.

و من أوّل ما فكّر فيه الفرنسيون ووضعوه موضع التّنفيذ هو فرض تعلم اللغة العربية على الضباط والمسؤولين بالجزائر. فأنشؤوا لذلك كراسي للّغة العربية ووضعوا لذلك مناهج علمية و طبعوا كتبا تطبيقية و كافأوا المتفوقين في العربية منهم بتقديمهم على غيرهم عند الترشح للمناصب. وأوّل من شجّع على ذلك و جعله شرطا رسميا هو الماريشال بيجو نفسه.

و لكن هناك ملاحظتان تجب إبداؤهما على ما سبق، الأولى هي أن تعليم اللغة العربية للفرنسيين كان مقتصرا تقريبا على اللغة الدارجة بعد تعلم القواعد العامة للأبجدية و الجملة العربية، باستثناء المستعربين و أصحاب الإختصاص الذين لم يقتصروا على الدارجة بل درسوا علوم العربية وآدابها وتاريخ العرب والإسلام.

أما الملاحظة الثانية فهي أن الفرنسيين كانوا مهتمين باللغة العربية باعتبارها هي لغة الشعب الجزائري الذي يعملون على استعماره والسيطرة عليه، ومعرفة آدابه وتفكيره و ماضيه. ولذلك كان اهتمامهم مرتكزا على الجانب العملي من اللغة العربية ، سواء الفصحى أو الدارجة. ومن جهة أخرى كان الفرنسيون يعرفون أنهم بدراسة اللغة العربية يتمكنون من التغلغل أيضا داخل المجتمعات العربية و الإسلامية والإستفادة منها تجاريا واقتصاديا منافسة منهم لالإنجليز و غيرهم.

و قد يسأل السائل إذن عن وضع اللغة العربية بين الجزائريين غداة الإحتلال، الواقع أن تعلمها قد تضرر كثيرا حتى كاد يمّحي. فبالقضاء على الأوقاف وهدم المساجد والمدارس وهجرة العلماء والمؤدبين و كثرة الحروب كاد التعلم ب اللغة العربية ينقرض. كما أن الفرنسيين اتبعوا سياسة التجهيل التي دامت سبعين سنة فلم ينشروا بين الجزائريين لا العربية و لا الفرنسية. وهم يدعون تارة أن الجزائريين لا يقبلون على المدارس خوفا من التنصير، و يزعمون تارة أخرى أن المال يعوزهم. ولعل أبرز الأسباب لسياسة التجهيل المعتمدة هو معاقبة الجزائريين على مقاومتهم المسلحة التي دامت، كما هو معروف، إلى ثورة بوعمامة في الثمانينيات من القرن التاسع عشر. كما أن الفرنسيين كانوا يخشون من أن التعليم عموما سيؤدي بالجزائريين إلى اليقظة والإطلاع على أحوال العالم فتتكون من بينهم جماعات وأحزاب تطالب بالحقوق السياسية و تحارب الفرنسيين بأسلحتهم، كما وقع فعلا فيما بين الحربين

المرحلة الثانية : 1919-1954

رغم أن حزب نجم شمال إفريقيا قد ولد في فرنسا فإنه اهتم باللغة العربية في الجزائر اهتماما واضحا. فلم تمض سنة على إمشائه حتى نادى في مطالبه التي قدمها بإسمه الحاج أحمد مصالي إلى مؤتمر بروكسل سنة 1927 بإنشاء المدارس باللغة العربية. والمعروف أن النجم قد حلته السلطات الإستعمارية الفرنسية سنة 1929 غداة الإحتفال المئوي بالإحتلال، ثم أعاد تنظيم نفسه سنة 1933 وهو ما يزال في فرنسا. وقد جاء في برنامجه الجديد الذي صاغه ووجهه للجزائريين بعد أن خرج منه التونسيين والمغاربة ما يلي:

المادة الثامنة: تعليم اللغة العربية تعليما إجباريا. و جاء في مادة أخرى من هذا البرنامج: اللغة الرسمية في البلاد هي اللغة العربية. وفي مادة أخرى منه جاء فيها: التعليم سيكون مجانيا وإلزاميا في جميع مراحله، و سيكون باللغة العربية.

و قد تكون حزب الشعب الجزائري على أنقاض النجم سنة 1937 و أثناء مؤتمره العام الذي انعقد خلال أوت 1938 طالب حزب الشعب بما يلي حول اللغة العربية:

* إصدار مرسوم يجعل تعلم اللغة العربية إجباريا في جميع مستويات التعليم على غرار الوضع في تونس و المغرب و في المشرق العربي أيضا.
* الحرية المطلقة للتعليم الحر. و المقصود بالتعليم الحر هنا هو التعليم العربي الذي كانت تمارسه جمعية العلماء، و الذي كان يتعرض لإضطهادات إدارية قاسية مثل قرار ميشيل 1933 و رينييه 1935. و المعروف أن السلطات الفرنسية كانت تعتبر اللغة العربية لغة أجنبية في الجزائر و تجري عليها قوانين اللغات الأجنبية في فرنسا. لذلك يعتبر المطلب الثاني لحزب الشعب ليس فقط مطلبا شرعيا ووطنيا و لكنه منه إنتصار لسياسة جمعية العلماء التعليمية.
* تأسيس كلية للآداب بجامعة الجزائر، تدرس فيها اللغة العربية والآداب العربية إلى جانب التاريخ و علم الإجتماع و الفلسفة الإسلامية.
* رفع مستوى الثانويات الإسلامية (أي المدارس الرسمية الثلاث المشار إليها في المرحلة الأولى) بتحويلها إلى جامعات إسلامية يقوم بتدريس العربية فيها و آدابها أساتذة مسلمون. و الإلحاح على الأساتذة (المسلمون) في هذا الصدد يرجع إلى أن الدراسات العربية و الإسلامية في المدارس الحكومية الثلاث و في كلية الآداب و في معهد الدراسات الشرقية الذي أنشئ خلال الثلاثينيات كانت كلها تحت إشراف المستشرقين الفرنسيين و هم الذين كانوا يسيرونها و يوجهونها و يمارسون التدريس فيها.

و قد سارت حركة إنتصار الحريات الديمقراطية التي تأسست سنة 1946 و التي هي في الواقع إستمرار لحزب الشعب الجزائري، على الأسس المذكورة بالنسبة للغة العربية. و كان هذا الحزب نفسه قد أنشأ سنة 1937 جريدة الشعب بالعربية في الجزائر إلى جانب الأمة التي كانت تصدر بالفرنسية في فرنسا. أما حركة الإنتصار فقد أسست بدورها صحفا باللغة العربية تابعة لها أو نوحي منها مثل المنار و المغرب العربي و صوت الجزائر، إلى جانب الجزائر الحرةالتي كانت تصدر بالفرنسية. فلم يأت نوفمبر سنة 1954 حتى كان أعضاء الحزب متشبعين بمبدأ المطالبة باللغة العربية كلغة وطنية و رسمية لالجزائر. ومن جهة أخرى أسس حزب الشعب مدارس حرة على غرار ما فعلت جمعية العلماء لتعليم اللغة العربية لأبناء الشعب الجزائري سيما منذ 1950.


أما جمعية العلماء المسلمين الجزائريين فممارسة تعليم اللغة العربية و المطالبة باحترامها و إنشاء الصحف بها و اعتبارها هي اللغة التي تعبر عن عن شخصية الجزائر، كلها من المبادئ الأساسية التي قامت عليها و تضمنها دستورها و خطب رجالها، و كانت مدار مدارسها و معلميها. و كان شعار جمعية العلماء المحفوظ لدى تلاميذها (الجزائر وطننا، و الإسلام ديننا، و العربية لغتنا). فلا غرابة إذا أن تقوم حركة إبن باديس أولا و جمعية العلماء ثانيا، على نشر و تقديس العربية حتى قال ابن باديس مقولته الشهيرة ( أقضي بياضي على العربية و الإسلام و أقضي سوادي عليهما ) أو ما في معناها. و مع ذلك نذكر أن المطالب التي قدمتها جمعية العلماء للمؤتمر الإسلامي (1936) و التي تبناها المؤتمرون جميعا (و فيهم النخبة و الشيوعيون و النواب) قامت على ما يلي بخصوص اللغة العربية:

* إلغاء كل ما يتخذ ضد اللغة العربية من وسائل استثنائية، و إلغاء إعتبارها لغة أجنبية.
* الحرية التامة في تعلم اللغة العربية.

وقد ظل ذلك هو شعار الجمعية والمطلب الرئيسي لها، بل والممارسة الفعلية في الميدان، رغم العراقيل و الإضطهاد، فكان معهد ابن باديس وكانت العشرات من المدارس، وكانت الصحف والنوادي والجمعيات التي تنشر العلم بالعربية في المدن والقرى إلى قيام الثورة التحريرية. والمعروف أنه قد أعيد تنظيم الجمعية سنة 1946، مثل كل الأحزاب والمنظمات الوطنية. وقد لاحظ أحد الكتاب أن اللافتة المعلقة في أول اجتماع لجمعية العلماء بعد الحرب العالمية الثانية كانت تقرأ كالتالي: (نريد حرية التعليم والإعتراف باللغة العربية مثل الفرنسية). وقد قدمت جمعية العلماء بعد الحرب تقريرا مفصلا إلى السلطات الإستعمارية الفرنسية طالبت فيه بفصل الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية و جعل اللغة العربية لغة رسمية.
الوضع اللغوي يشهد في الاونة الاخرة سيطرة كلية للغة العربية والشباب الجزائري يحب اللغة العربية بل ان الكبار الذين تخرجوا من المدرية الفرنسية وهم في مرحلة الشيخوخة الان اصبحوا يتعلمون اللغة العربية ويستعملونها واكثر من ذلك يقدسونهالا نها لغة الاسلام بالاضافة الى الجيل الكبير الذي تخرج من علماء الجزائر الفدماء فاللغة العربية تزداد انتصاراتها يوما بعد يوم وتستخدم في التعليم والادارة معربة الا بعض الدوائر الاقتصادية كالبنوك وليست جميعها كذاك










رد مع اقتباس
قديم 2011-07-30, 15:06   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي عروبة اللغة الامازيغية عثمان سعدي

عروبة اللغة الامازيغية و إيديولوجية النزعة البربرية الاستعمارية
محاظرة للدكتور عثمان السعدي






برعاية كريمة وسامية للمركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر شهدت قاعة المكتبة بالمركز مساءا الاثنين الموافق ( 27- 4 – 2009 ) محاضرة علمية ثقافية فكرية بعنوان ( عروبة اللغة الأمازيغية – وأيديولوجية النزعة البربرية الاستعمارية ) للأستاذ الدكتور عثمان سعدي : رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية .
وتأتي هذه المحاضرة ضمن نشاطات الموسم الثقافي للمركز العالمي وأبحاث الكتاب الأخضر.
وحضر افتتاح فعاليات المحاضرة أمين عام المركز الأستاذ أحمد إبراهيم والسيدة أميرة بلقيس كريمة الشيخ محمد الأنصاري شيخ مشائخ الطوارق و الدكتور خضر البرعي نقيب الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في ليبيا وعدد كبيير من الأكاديميين المختصين والمهتمين بالشؤون الثقافية العربية بالإضافة على لفيف من الطلبة والطالبات.
وافتتح مدير المحاضرة الدكتور الهادي الدالي مدير محاضرته بكلمة رحبَ فيها بالأستاذ الدكتور عثمان السعدي ورجب بالسيدة أميرة بلقيس كريمة الشيخ محمد الأنصاري الذي أوصاها قبيل وفاته بأن تسلم سيفهُ للأخ قائد الثورة رئيس الاتحاد الأفريقي الذي يمثل خير فارساً ومفكراً يستحق استلام هذه الشرف العظيم .
تم قدم الدكتور الهادي في كلمته نبذه مختصرة عن المسيرة النضالية الفكرية للأستاذ الدكتور عثمان السعدي و أكد بأن المركز يعمل جاهدً من أجل لم الشمل العربي للكتاب و الأدباء و المهتمين بكافة الشؤون العربية فكرياً و معرفياً و أضاف بأنه لا يسعنا في هذا المقام و نحن نحتفل بحضور احد رموز الثقافة العربية إلا أن نعلن عن تعيين الأستاذ الدكتور عثمان السعدي رئيساً فخرياً لمركز البحوث و الدراسات الإفريقية و سيقوم هذا المركز بجمع اللغات الثلاث الامازيغية و العربية و الإفريقية لكي نبين للاستعمار أن ألغة لازالت موجودة ثم قام مدير المحاضرة بفتح المجال للدكتور عثمان السعدي بإلقاء محاضرته .
ورحب المحاضر في بداية كلمته بأمين عام المركز الأستاذ أحمد إبراهيم وتقدم بالشكر للمركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر علي دعوته لهذه المحاضرة التي تأتي في وقت مهم جداً، وبدء بالحديث عن النزعة البربرية حيت قال / قبل دخول المستعمر الفرنسي المغرب العربي ابتداء من الجزائر سنة 1830 ، لم يكن هناك أمازيغي واحد قال بأنه أمازيغي وليس عربيا، أو طالب باعتماد اللغة الأمازيغية بدل اللغة العربية. فحتى قبل الإسلام كانت توجد بالمغرب العربي لغة فصحى عروبية مكتوبة هي الكنعانية ـ الفينيقية، محاطة بلهجات شفوية أمازيغية عروبية قحطانية، ولمدة سبعة عشر قرنا. وعندما جاء الإسلام حلت العدنانية التي نزل بها القرآن الكريم محل اللغة الكنعانية. واستمر المغاربة يتعاملون مع العربية كلغتهم وساهموا في تطويرها، مثل صاحب كتاب الأجرومية ابن أجرّوم العالم الأمازيغي من المغرب الأقصى المتوفى سنة 672 هـ ؛ ومثل ابن معطي الزواوي المتوفى سنة 628 هـ الأمازيغي من بلاد القبائل، الذي نظم النحو العربي في الف بيت، سابقا بقرن ابن مالك الذي توفي سنة 730 هـ والذي اعترف بفضله في السبق قائلا:

وتقتضي رضىً بغيـرِ سُخْـطِ فائـقـةً ألْفِيَّـةَ ابْنِ مُعْـطِ
وَهْـوَ بِسَبْقٍ حائِـزٌ تفضيـلاً مستوجِبٌ ثنـائِيَ الْجميـلا

ومثل البصيري الشاعر الأمازيغي من القبائل والذي ولد بمدينة دلّس وتوفي سن 695 هـ بالقاهرة، صاحب قصيدة البُردة المشهورة، التي نسج على منوالها العديد من الشعراء ومنهم شوقي.
لكن ما أن وصل الفرنسيون حتى راحوا ينشرون الأكاذيب بين البربر، مدعين بأنهم غير عرب، ويوغلون صدور البربر ضد العرب، لكن سياستهم هذه فشلت طوال القرن والثلث القرن من استعمارهم. ركزوا على منطقة القبائل التي كانت تسمى قبل احتلالهم [زواوة]، لقربها من العاصمة حيث يتجمع بها معظم الاستيطان الفرنسي، فراحوا ينشرون بها الفرنسية والتنصير، لكن جوبهوا بمقاومة شرسة من قادة زواوة الأشاوس. فإحصائية 1892 تشير إلى أن المدارس الفرنسية المخصصة للجزائريين بمنطقة القبائل كانت تمثل 34 % من سائر المدارس بالقطر الجزائري، علما بأن هذه المنطقة هي ولايتان من 48 ولاية .
و ذكر بعض الأمثلة علي العديد من الشخصيات بداية من الكابتن ، لوغلاي المشرف على التعليم في الجزائر حين يخاطب في المعلمين الفرنسيين في بلاد القبائل في القرن التاسع عشر فيقول: "علموا كل شيء للبربر ما عدا العربية والإسلام".
ويضيف الكاردينال لافيجري CH.M.Lavigerie في مؤتمر التبشير المسيحي الذي عقد سنة 1867 في بلاد القبائل: "إن رسالتنا تتمثل في أن ندمج البربر في حضارتنا التي كانت حضارة آبائهم، ينبغي وضع حد لإقامة هؤلاء البربر في قرآنهم، لا بد أن تعطيهم فرنسا الإنجيل، أو ترسلهم إلى الصحراء القاحلة، بعيدا عن العالم المتمدن
و أضاف أنه من هنا أجبر الفرنسيون ملك المغرب سنة 1930 على إصدار الظهير البربري، وهو مرسوم ملكي يعترف فيه للبربر بأن لا تطبق عليهم الشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية، وإنما يطبق عليهم العرف البربري، فتصدى زعماء البربر أنفسهم عندما توجه شيوخ قبائل آيت موسى وزمّو ر إلى فاس ، وأعلنوا أمام علماء جامع القرويين رفضهم للظهير البربري. كما قام الفرنسيون بتأسيس الأكاديمية البربرية بالمغرب، هدفها إحياء اللغة البربرية كضرة للغة العربية، بالحروف اللاتينية، ووضع المستشرق الفرنسي [جود فري دي مونييه] مستشار التعليم في المغرب خطة مفصلة لهذا الغرض سنة 1914 . وفي سنة 1929 أقامت الإدارة الفرنسية كلية بربرية في [أزرو] لإعداد حكام لتولي إدارة المناطق البربرية مبنية على التنكر للعروبة وصنع أحقاد بين البربر والعرب. وفشلت هذه الكلية لأن معظم خريجيها صاروا من المناضلين الأشداء ضد الاستعمار الفرنسي. ومع استقلال القطرين المغرب والجزائر تمكن الفرنسيون كما سنبين من صنع عملاء بربريين بهما.
و أكد أنه ينبغي التفريق بين البربرية Berberite والنزعة البربرية Berberisme ، الأولي عنصر من عناصر تاريخنا كشمال إفريقيين، والثانية إيديولجية صنعها الاستعمار الفرنسي لضرب الوحدة الوطنية، وصنع الفرقة بين العرب العدنانيين والأمازيغ القحطانيين، وفي الأربعينيات من القرن الماضي العشرين، عين حاكم عام بالجزائر خطير هو شاتينيون، رأى أن أخطر حزب هو حزب الشعب الجزائري، وأن قمعه يزيد شعبيته، وأن الوسيلة الناجعة هو تدميره من الداخل عن طريق النزعة البربرية، فأوحى إلى عملاء المخابرات الفرنسية بالحزب أن يحركوا المسألة البربرية، وانطلق بعضهم من معهد المعلمين ببوزريعة فنشروا منشورا هاجموا فيه العروبة، وانتقدوا مفهوم الوطنية للحزب المبنية على العروبة والإسلام، ورفعوا شعار الجزائر البربرية،
وقد استطاعوا أن بغلطوا حسين آيت أحمد. وواجهت قيادة الحزب بحزم، ففصلت رؤوس الفتنة، أحدهم انضم للحزب الشيوعي الجزائري، وصار زعيما له. أما حسين آيت أحمد فقد أنّبته وأوقفت نية القيادة في ترؤسه للتنظيم الخاص العسكري السري للحزب. وخير من وضح هذه المؤامرة في كتاب له ابن يوسف بن خدة الذي خص لها فصلا عنوانه (المؤامرة البربرية) ، وتستقل الجزائر ويستمر حسين آيت أحمد في معاداته للغة العربية، فيقود في 27/12/1990 بالعاصمة مسيرة ضد قانون تعميم استعمال اللغة العربية.
و عرج المحاضر إلي إن قيام الثورة الجزائرية جعلت فرنسا تقرر منح الاستقلال لتونس والمغرب لتتفرغ لمواجهة الثورة الجزائرية، وراح مفكروها الاستراتيجيون يرسمون الخطط في التعامل مع دول المغرب العربي المستقلة. فظهر كتاب سنة 1956 تأليف الجنرال أندري P.J.Andre عضو أكاديمية العلوم الاستعمارية، جاء فيه: "من المحتمل أن يأتي يوما تهب فيه الأمة المغربية البربرية لإحياء وعيها القديم بذاتها، وترفع فكرة الجمهورية البربرية، إذا سادت فكرة الدولة التيوقراطية العربية في المغرب الأقصى". وينتقل الجنرال إلى الحديث عن الجزائر فيقول: "إن المسألة البربرية في الجزائر مسألة قبائلية، فمنطقة القبائل أكثر انفتاحا على الحركات الخارجية من منطقة الأوراس.. ينبغي الإعداد للمستقبل لأن المسألة البربرية تطرح الآن [1956 ] في الجزائر وفي المغرب الأقصى


مضيفاً بأنه ما أن استقلت الجزائر حتى راح الفرنسيون يعملون لتطبيق خطتهم البربرية، فأسسوا الأكاديمية البربرية سنة 1967 في جامعة باريس 8 فانسين، وبعد عشر سنوات من صدور كتاب الجنرال أندري. وقامت بإعداد العشرات من حاملي الماجستير والدكتوراه في اللغة البربرية، أشهرهم سليم شاكر، وربطتهم بأجهزة الاستخبارات الفرنسية، وراحت تعمل لصنع ضرة للعربية من البربرية تدخلان في صراع بينهما إبقاء لهيمنة اللغة الفرنسية على دول المغرب الأربع. قام هؤلاء الخريجون مع أساتذتهم بعملية تطهير للهجة القبائلية التي اعتمدوها كلغة بربرية، من الكلمات التي بها رئحة العروبة والأسلام،
كانوا يستبدلون الكلمات بطريقة فجة جعلت علماء لغويون فرنسيون يحتجون على هذه العملية، مثل الثلاثة الذين كتبوا مقدمة قاموس [اللغة القبائلية] المطبوع سنة 1982 للأب داليه، الذي توفي قبل نشره، وهو عالم أثبت نزاهة وتعامل مع البربرية كلغة ذات جذور عربية؛ والثلاثة تلاميذ له، وهم: مادلين آلان، وجاك لانفري، وبيتر ريسينك.
و كرر المحاضر أمثلة آخري عن بعض الكتاب الذين أستدل بمقولاتهم حيث قال / يكتب المستشرق الفرنسي مترجم القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، والمولود في الجزائر، جاك بيرك Jaques berque فيقزل "من الخطأ الكبير الاعتراف باللغة البربرية كلغة رسمية ثانية إلى جانب العربية من طرف بلدان المغرب العربي، ولا أعتقد بأن مطلب اللغة مشروع، لأنه سيؤدي في النهاية إلى تقسيم الولاء".
. إن بيرك مدير لأكبر معهد بباريس وهو [الكوليج دي فرانس] . كان يعتبر نفسه جزائريا، يتكلم العربية بطلاقة وبلا لكنة، وعندما توفي أوصى بمكتبته الضخمة إلى مدينة فرندة الجزائرية التي ولد فيها، كما كان هؤلاء العملاء يغيرون كلمات اللهجة القبائلية التي كتبوها باللاتينية، فمثلا غيروا تحية الإسلام (السلام فلاّون) التي يستعملها الأمازيغ في سائر لهجاتهم بما فيها القبائلية بعبارة [آزّول فلاّون]، وكلمة آزول لا وجود لها في قاموس سائر اللهجات الامازيغية، توجد كلمة كلمة قريبة لها وهي آزّو وتعني الشوك.. وغيروا كلمتي الرب والله بكلمة [يلّو] جاهلين ان ( الإلّ) باللغة العربية تعني الله تطورت إلى الله، كما غيروا كلمة الشهاة بكلمة أمغْراسْ. وغيرها من عشرات الكلمات، التي كانوا يرسلونها بالفاكس لمقدم الموجر بالقبائلية في الإذاعة الجزائرية فيقول بتسريبها كفوله مثلا [ يلّو سو لا فو دير لو بون ديو],,,

مضيفاً أنه من هنا حاول البربريون نقل النزعة البربرية إلى منطقة الآوراس فصرح السعيد سعدي رئيس حزب التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية سنة 1990 قائلا : "قررت فتح الأوراس للبربرية"، وحشر المائات من شباب القبائل من مدينتي تيزيز وزو وبجاية موهما إياهم بالقيام بجولة في بلاد الشاوية؛ وعلى بعد عشرة كيلوميتارت من مدينة باتنة، تربص الشباب الشاوية للقافلة فشتتوا في الجبال ركاب الحافلات، وهددوهم إن لم يعودوا من حيث أتوا ستحرق الحافلات، واختطفوا السعيد سعدي وزوجته، وقام الدرك الوطني بالبحث عنهما لمدة سبع ساعات، ثم شاهدوهما طليقين، أطلق سراحهما خاطفوهما بعد ان ادخلوهما مسجدا وامروهما بان ينطقا بالشهادة،
مؤكدً أنه في سنة 1996 رأت الأكاديمية البربرية بفرنسا ألا أمل في نجاح النزعة البربرية ما لم ينضم لها الشاوية بجبال الأوراس، وقرر ما يسمى بالكونجرس البربري عقد ندوة دولية بربرية يشارك فيها الفان من مختلف انحاء العالم في مدينة باتنة عاصمة الأوراس، وسهل مهمة عقد المؤتمر أحمد أويحي الذي كان رئيس ديوان رئيس الجمهورية، فكتبتُ مقالا كأمازيعي شاوي وكرئيس للجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية، باسبوعية الشروق العربي عنوانه: (هل تنجح الأكايمية البربرية بباريس في ترويض الأوراس الأشمّ) ،
وقرأ الشاوية المقال فتجمع ستون من ضباط جيش التحرير الوطني في باتنة ووقعوا على لائحة ترفض عقد المؤتمر بباتنة، ونزل لباتنة من قرى جبال الأوراس مجاهدون وقابلوا والي باتنة السيد جباري ليقولوا له: "إذا اصرّت الحكومة على عقد هذا المؤتمر الذي سيشارك فيه الفا عدو للعربية، فلتحفر الفي قبر يدفنون فيها بالأوراس".. وامر الرئيس اليمين زروال بإلغاء المؤتمر. ورفعت [ المحافظة السامية للأمازيغية] التابعة لرئاسة الجمهورية دعوى ضدي، بتهمة إفشال المؤتمر وأن أدفع أربعة ملايين دينار المصاريف التي أنفقتها الدولة لإعداد المؤتمر، وصرح رجل اعمال كبير قائلا: [حساب مفتوح ينبغي الحكم على عثمان سعدي]، وحكمت علي المحكمة الابتدائية بحسين داي بالتغريم فحذف القاضي ثلاثة أصفار مكتفيا يرقم ثلاثة آلاف دينارظانا أنني سأقبل الحكم، لكنني أصررت على استئناف الحكم، وتطوع 74 محاميا من مختلف انحاء القطر للدفاع عني، بل وعبر محامون من أقطار عربية عن رغبتهم في الدفاع عني. وكانت المحاكمة مشهودة انتهت بتبرئتي،
فقد جند البربريون المائات وحاصروا المحكمة التي فرضت عليها قوات الأمن طوقا، وحضر جلسة المحكمة الشيخ عبد الرحمن شيبان القبائلي رئيس جميعية العلماء المسلمين الجزائريين مساندا لي. وصدر الحكم بتبرئتي، ومن الغريب أن القاضي الذي حكم عليّ عربي، والقاضي الذي برّأني امازيغيى، ونظرا لمواجهة دعاة النزعة البربرية من طرف امازيغ احرار ذبُلت هذه النزعة، لقد ألقيت امام محكمة الاستئناف مرافعة طويلة بينت فيها عروبة الأمازيغ ولاوطنية دعاة النزعة البربرية، نشرت بالعديد من الصحف الجزائرية والعربية، وأردرجت ضمن كتاب [الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية: خمس عشرة سنة من النضال في خدمة اللغة العربية] الصادر سنة 2005 .

و تطرق الأستاذ الدكتور عثمان السعدي إلي جانباً آخر من محاضرته و هو عروبة الامازيغية حيث قال/ الأمازيغ البربر هاجروا قبل آلاف السنين من الجزيرة العربية مع بداية المرحلة الدفيئة الثالثة warm3 وزحف الجغاف على الجزيرة العربية بعد أن كانت تتمتع لمدة عشرين ألف سنة قبل هذا التاريخ بمناخ رطب شبيه بمناخ أوروبا الآن، بحيث كان يشقها نهران من الشمال إلى الجنوب. فتكونت أول حضارة بشرية بها على الزراعة وتدجين الحيوان، وعندما زحف الجفاف بالجزيزة العربية وذاب الجليد في أوروبا وشمال إفريقيا، انتقل الإنسان العربي بحضارته إلى وادي الرافدين ،فوادي النيل بعد أن انحسرت المستنقعات في مجار بالأنهر الثلاثة، يقول ول ديوربانت well Diorant: في كتابه الموسوعي قصة الحضارة "إن الحضارة وهي هنا زراعة الحبوب واستسخدام الحيوانات المستأنسة قد ظهرت في العهود القديمة غير المدونة في بلاد العرب ، ثم انتشرت منها في صورة مثلث ثقافي إلى ما بين النهرين (سومر وبابل وأشور) ، وإلى مصر" مضيفاً انه من هنا وبطبيعة الحال انتقلت اللغة العربية وتفرعت إلى لهجات مرتبطة باللغة الأم بعد أن اكتسبت خصائص محلية. لقد حدثت هجرات عديدة لم يسجلها التاريخ ، والذي سجله التاريخ هجرة الكنعانيين الفينيقيين في منتصف الألف الثانية قبل الميلاد للمغرب، حيث أخرجوا بني عمومتهم الأمازيغ من العصور الحجرية وأدخلوهم التاريخ, وتكونت قرطاج التي هي كنعانية أمازيغية، وصارت اللغة الكنعانية الفصحى المكتوبة، محاطة بلهجات أمازيغية قحطانية شفوية، يقول المستشرق الفرنسي هنري باسيه H.Basset "إن البونيقية و هي الفينيقية طبعاً لم تختف من المغرب إلا بعد دخول العرب ، ومعنى هذا أن هذه اللغة بقيت قائمة هذه المدة سبعة عشر قرنا بالمغرب، وهو أمر عظيم"، كما دمر الرومان قرطاج سنة 146 ق.م ، واستعمروا المغرب هم والوندال والبيزنطيون ثمانية قرون دون أن يؤثروا في الذات المغربية ولم يتركوا في الأمازيغية كلمة واحدة، لم يتركوا سوى حجارة صماء، بينما استمر العروبيون الأمازيغ يمارسون الثقافة الكنعانية باللغة الكنعانية المكتوبة. ويعبدون آلهة كنعان، ويستعملون لغة كنعان في دواوين دولهم
كما أشار المحاضر الي أوجه التشابه بين حياة العرب و حياة الامازيغ فقال/ أفضل من أوجز التشابه بين العرب والأمازغ ابن خلدون يقول: "يتخذون البيوت من الحجارة أوالطين، ومن الخوص والشجر، ومن الأشعار والوبر، ويظعن أهل العز والغلبة لانتجاع المرعى، فيما بين الرحلة، ولا يجاوزون فيها الريف إلى الصحراء والقفر الأملس، ومكاسبهم الشاة والبقر، والخيل في الغالب للركوب والنتاج، وربما كانت الإبل من مكاسب أهل النجعة منهم شأن العرب، ومعاش المستضعفين منهم بالفلح، ودواجن السائمة، ومعاش المعتزين من أهل الانتجاع والأظعان في نتاج الإبل وظلال الرماح، وقطع السابلة، ولباسهم وأكثر أثاثهم من الصوف".
مضيفاً بأنني شخصياً زرت مضارب القبائل العربية ببادية الشام بالسبعينيات من القرن الماضي: قبائل شمّر وعنيزة وروََلة، ودرست حياتها الإجتماعية فوجدت تطابقا كاملا بينها وبين الحياة في قبيلتي النمامشة الأمازيغبة، فتربية السمن الذي يسمى عند القبائل العربية الدهن وعند قبيلة النمامشة الأمازيغية الدهان، يربى بتفس لأسلوب فيمر على تخزينه في جلد ضأن، لينتهي في جلد ماعز يسمى العُكّة. وطريقة تجبين الحليب وإعداد مادة في معدة الخروف الرضيع التي تسمى المنفاح أو المنفح، وتسمى هذه الماة عند البربر الدوث، وعند العرب الدور. طريقة إعداد الخيمة وتسمية أجزائها متشابهة. تربية الأغنام بنفس الأسلوب، تسمية الحبل الذي يشد به الخروف الرضيع تسمية واحدة لدى الطرفين وهو الرّبق. إلى آخره من جزنزئيات الحياة الاجتماعية لمستها لدى الطرفين.
مؤكدً في محاضرته أن اللغة الأمازيغية لغة مثل اللغات التي تفرعت عن اللغة العربية الأمّ قبل آلاف السنين، مثل الأكدية، والبابلية، والأشورية، والكنعانية التي نزلت بها التوراة، والأرامية التي نزل بها الإنجيل، والعدنانية التي نزل بها القرآن الكريم، والحميرية،وغيرها . بل إن اليونانية والفارسية مشتقتان من العربية اللتان اختلطتا أيضا بعناصر من الهندو أوروبية التي انتشرت بأوربا ووصلت هضبة فارس مؤخرا في نهاية الألف الثانية قبل الميلاد. بل إن أوروبا كانت تتكلم اللغات العروبية [السامية وفقا للمصطلح الغير العلمي] قبل انتشار القبائل الهندو أوروبية فيها، وقد وضع العالم اللغوي الجزائري عبد الرحمن بن عطية ذلك في كتابه الصادر بالفرنسية سنة 2008 (Alger 2008 Dr.A.Benatia:Arabes et indo-Europeens ) وترجمة العوان: (العرب والهندو أوروربيون: هل تكلم الهندو أوروبيون العربية؟)، أذاً الأمازيغية هي اللغة الوحيدة العروبية الباقية حية مستعملة شفويا، ومنها نستطيع التعرف على جذورنا العربية كعرب، فمثلا المرأة تسمى بالأمازيغية تامطّوث جذرها طمث ، والطمث العادة الشهربة للمرأة، المرأة الطّامث التي عليها العادة الشهرية، وفي رأيي أن التسمية الأمازيغية هي التسمية الأولى بالعربية للمرأة ، أي الكائن البشري الذي يحيض، قبل أن تتطور إلى اسم المرأة، كما أن اللغة الأمازيغية لغة عروبية ، قاموسها متكون من الكلمات العاربة واالمستعربة. مستمدة من الحميرية اللغة العاربة القحظانية، العمود الفقري للغتين الحميرية والأمازيغية وزن أفعول، القاضي اليمني الأكوع له دراسة عنوانها [وزن أفعول في اللغة الحميرية] . وهذا الوزن غيرموجود في اللغة العدنانية التي نزل بها القرآن الكريم. الأمازيغية بها هذا الوزن مثل أغروم أكسوم. لا ينكر عروبتها حتى المستشرقون النزيهون مثل جابريال كامبس G.Camps في كتابه (البربر ذاكرة وهوية) يقول: "إن علماء الأجناس يؤكدون أن الجماعات البيضاء بشمال إفريقيا سواء كانت ناطقة بالبربرية أو بالعربية، تنحدر في معظمها من جماعات متوسطية، جاءت من الشرق في الألف الثامنة بل قبلها ، وراحت تنتشر بهدوء بالمغرب والصحراء"، كما يقول المؤرخ الفرنسي بوسكويه G.H.Bousquet : "وعلى كل حال يوجد ما يجعلنا نقتنع بأن عناصر مهمة من الحضارة البربرية، وبخاصة اللغة، أتت من آسيا الصغرى عن طريق منخفض مصر، في شكل قبائل تنقلت في شكل هجرات متتابعة،على مدى قرون عدة، في زمن قديم لم يبت في تحديده" .

وأكد بأن المستشرق الألماني أوتو روسلر Otto Rossler الذي يسمى الأمازيغية النوميدية، يقول في كتابه [النوميديون أصلهم كتابتهم ولغتهم]: "إن اللغة النوميدية و يقصد بها اللغة الامازيغية لغة سامية بمعني لغة عربية انفصلت عن اللغات السامية في المشرق في مرحلة مغرقة في القدم" ، كما يعترف أمراء البربر بانتابهم إلى حمير. فعندما ساءت علاقة أبو فتح المنصورالزيري الصنهاحي بالقرن العاشر الميلادي مع الخلافة الفاطمية في القاهرة، عبر عن طموحه في الاستئثار بحكم المغرب العربي دون المظلة الفاطمية ، أمام شيوخ القبائل الذين حضروا إلى القيروان لتهنئته بالإمارة، قائلا لهم: "إن أبي وجدي أخذا الناس بالسيف قهرا، وأنا لا آخذهم إلا بالإحسان، وما أنا في هذا الملك ممن يولّى بكتاب ويعزل بكتاب، لأنني ورثته عن آبائي وأجدادي الذين ورثوه عن آبائهم وأجداهم حمير" .
و أضاف الدكتور السعدي بأن الشعراء الامازيغ أعتزو بأصالتهم و نسبهم كثيراً و ذكر العديد من الاشعار لاكبر شعراء الامازيغ حيث ذكر/ لقد اعتز الشعراء الأمازيغ بأصلهم القحطاني اليماني، الحميري، فقال الشاعر الحسن بن رشيق المسيلي، المتوفى سنة 463 هـ ، مادحا الأمير ابن باديس الصنهاجي:
يا ابن الأعزة من أكابر حمير وسلالة الأملاك من قحطان
ويعتز الشاعر ابن خميس التلمساني ، المتوفى سنة 708 هـ ، بأصله الحميري ، فيقول:
إذا انتسبت فإنني مـن دوحــة يتفيّأ الإنسان برد ظلالهــا
من حِمير من ذي رُعين من ذوي حَجْر من العظماء من أقيالها
وفي بيتين يفتخر شاعر أمازيغي طرقي بانتساب قبائل الطوارق الأمازيغ إلى حمير ، فيقول:
قوم لهم شرف العلى من حميــر وإذا دعوا لمتونة فهمُ همــو
لمّا حووا علياء كل فضيلـــة غلب الحياء عليهم فتلثمــوا

و في نهاية المحاضرة تحدث الدكتور عثمان السعدي عن مسيرته العلمية و الفكرية طوال (5) سنوات كرس فيها جهده ووقته حيث قام خلالها بجمع أوجه التشابه بين اللغة العربية و اللغة الامازيغية و فند مسيرة الدراسة المعجمية بالعديد من الأمثلة فبدأ قائلاً/ كرست خمس سنوات من حياتي بمعدل عشر ساعات في اليوم لتأليف كتابي (معجم الجذور العربية للكلمات الأمازيغية) ، فرّغت قواميس خمس لهجات كبرى أمازيغية في الجزائر والمغرب الأقصى، وأعذت جذورها إلى العربية في القواميس العربية العاربة والمستعربة. وتوصلت إلى أن تسعين في المائة من الأمازيغية عربية. ويظهر التقصّي العلاقة بين الأمازيغية والعربية علاقة أصالة وليست علاقة جوار مثل العلاقة بين الفارسية والعربية










رد مع اقتباس
قديم 2011-07-30, 15:16   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Hot News1

اللوبي الفرنكفوني في الجزائر و دوره في الازمة الكروية الجزائرية المصرية
مقال للدكتور عثمان سعدي بجريدة البصائرجريدة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
ردا على مقال للكاتب الفرنكفوني ياسين تيملالي ( جريدة الوطن الفرنسية 26 ديسمبر2009 )






بعد نشر جريدة "الوطن" لهذا المقال المهم، طلبت "البصائر" من الدكتور عثمان سعدي النص المترجم إلى العربية لإفادة قرائنا بمحتوى المقال، فلبى طلبنا مشكورا فإليكم النص المعرب تعميما للفائدة:
إن هذا المقال لياسين تيملالي ( الوطن 26 ديسمبر2009 ) يتكلم عني مستعملا وصف انحرافات. ونحن نتساءل من هو موضع الانحراف هو أم أنا؟ هذا ما سنجده فيما يلي:
1 ـ ياسين تيملالي يعترض على ما قلته حول "اللوبي الفرنكفوني في "الأزمة الكروية الجزائرية المصرية الحالية"، (أستعمل مصطلح "فرنكفون) ، مع ما يبدي بدون أن يفصح عنه أنه يشكك في وجود لوبي فرنكفوني، ويستشهد على ذلك بأنه "يوجد العديد من الصحفيين الفرنكفونيين الجزائريين الذين دعوا إلى التهدئة وذكّروا بالعلاقات التاريخية بين الجزائر ومصر". وهذه حقيقة تثبت أن ذلك حدث انفراديا، ونحن فخورون بوجود العديد من الصحفيين المفرنسين الوطنيين ، لكن هذا لا يخفي وجود لوبي فرنكفوني سياسي واجتماعي. إن من الحقيقة أيضا أنه قد وجد تيار آخر في بعض الصحف الفرنكفونية عمل على صب الزيت على النار، واستغلال الأزمة بهدف الفُرقة (المضادة للعروبة، وإنكار انتماء الجزائر العربي، وهجوم على اللغة العربية، إلخ..).
من مالك حداد إلى محمد ديب
بالنسبة لي فإنني أرى أنه ينبغي أن نفرق بين المفرنس الجزائري الوطني، مثل الروائي مالك حداد، الذي أطلق صيحته المشهورة: "أنا المنفي في اللغة الفرنسية"، وبين المفرنس المستلب مثل كاتب ياسين الكبلوتي العربي الذي يقول: "الفرنسية غنيمة حرب". أو محمد ديب العربي الذي أوصى الجزائريين ـ في أيامه الأخيرة ـ أن يهجروا ويتخلصوا من "اللغة العربية الميتة" ويتتشبثوا بالمخالب "باللغة الفرنسية الحية". اللوبي الفرنكفوني بالجزائر يعمل من أجل تأبيد (بالباء) هيمنة اللغة الفرنسية الحالية على الدولة الجزائرية. نحن المدافعين عن اللغة العربية لسنا ضد حضور اللغة الفرنسية. لكن الذي نرفضه ونقف ضده هيمنتها على حساب اللغة الوطنية. إنني أقرأ ،بالإضافة للغة العربية، بثلاث لغات: الفرنسية، والإنجليزية، والفارسية، مثريا بذلك ثقافتي الوطنية، لكن أعبر بلغتي الوطنية، فأنا مثقف جزائري سويٌّ. لكن عندما يقضّي جزائري مثقف في الجزائر سبعا وأربعين سنة من الاستقلال ولا يتعلم العربية، لا بد أن نعترف بأن في ذلك مشكلة. معنى هذا أنه لم يبرهن على ارتباطه المتحمس بوطنيته، لأنه لا توجد وطنية بلا هُوية وطنية ومفتاح الهوية اللغة، إنها من المسلمات البديهية.
2 ـ يتكلم ياسين تيملالي عن "تعريب علمي". التعريب هو التعريب. إن هذا الوصف من طرفه ،الذي لا يحمل أي معنىً لغوي، يخفي وراءه رأيا غريبا، بل ويحمل احتقارا للغة العربية بوصفها غير علمية. إن الفرنسي جون جوريس (الاشتراكي)، والفرنسي لوبين (اليميني المتطرف) يتكلمان جيدا لغة واحدة هي اللغة الفرنسية، لكن الذي يفرُق بينهما هو مضمون وأفكار كلام كل واحد منهما. كيف توصف اللغة العربية بغير العلمية وهي لغة تصنف ضمن لغة أعظم حضارة إنسانية؟ . إن الفييتنام وكوريا وُجدا في وضع لغوي استعماري شبيه بالوضع اللغوي في الجزائر إن لم يكن أخطر. لكن قررا في اليوم الأول للاستقلال فتنمة لهذه وكورنة لتلك فوريتين وشاملتين، إنهما الآن من نمور آسيا اقتصاديا وتنمويا. السيد تيملالي يدافع عن تعليم الطب بالفرنسية فيقول: "إنه من السخف المطالبة بتعريب الطب". إن مهنة الطبيب هي مهنة اجتماعية في العمق تعتبر من المهن التي تنطلق من العلوم الإنسانية لأنها مؤسسة على العلاقة بين الطبيب وبين المريض الذي هو قبل كل شيء إنسان. وتؤدي اللغة الوطنية دورا كبيرا كأداة حوار بين الطبيب والمريض. وقد نجم عن تعليم الطب بالفرنسية طب بسرعتين: بين أولائك المميّزين الذين يستطيعون الحوار مع الطبيب بالفرنسية، وأولائك المنتمين للطبقات الشعبية البسيطة المحكوم عليهم أن يتلقوا توضيحات دُنيا مبهمة. هل يمكن لنا أن نتصور أن الطب يدرّس في ألبانيا ذات الأربعة ملايين نسمة بالألبانية، في الوقت الذي يدرّس فيه بالفرنسية في الجزائر التي تقترب من أربعين مليونا. إن جيل الأطباء الذين لا يعرفون اللغة العربية هو محال على التقاعد بل على الانطفاء. سائر الأطباء الآخرون يعرفون العربية وقادرون على التعليم بها. أما المصطلحات الطبية والكتب الأكاديمية بالعربية فهي متوفرة. ويقدم تيملالي كحجة "أن الجزائر لا تستطيع تأليف حتى كراسة في العلوم الطبية" وهذه الحجة حجة ضده، ومعناها أنه يعترف بالفشل الثقافي للطب بالفرنسية في الجزائر.
خط أحمر وطريقة نطق الراء غينا
إن المشكل الحقيقي هو أن الفرنكفونية سطرت خطا أحمر لاستعمال اللغة العربية في "الجزائر الفرنكفونية" بترسيم أن الفرنسية ينبغي أن تحتكر سيطرتها على ثلاثة ميادين: إدارة الدولة ـ العلم والتكنوجية ـ والاقتصاد، هو خط أحمر لا ينبغي أن تتجاوزه اللغة العربية وتصل تلك الميادين. إن هذه هي المهمة التي أسندت إلى دفعات (بروموسيون) لاكوست التي خلّفها وراءه الجنرال ديغول التي تزايدت وتوالدت في عقود الاستقلال. إن الدولة الفرنكفونية أوصلت البلاد إلى الإفلاس: فمطار الجزائر الدولي تسيره شركة فرنسية، الماء الذي يشربه سكان العاصمة تسبره شركة فرنسية، وقائمة طويلة في الطريق.. لا يمكن لأي ثورة أن تعتبر نفسها ناجحة إلا إذا حققت هدفين: تحرير الأرض وتحرير الذات، الثورة الفييتنامية والثورة الجزائرية تعتبران أعظم ثورتين إنسانيتين عرفهما القرن العشرون: الأولى حققت الهدفين انطلاقا من المقولة الشهيرة لقائدها العظيم هو شي مينه : "حافظوا على صفاء اللغة الفييتنامية كما تحافظون على صفاء عيونكم" ومقولة خليفته فام فان دونغ : "لقد عبرت اللغة الفييتنامية عن الثورة الفييتنامية ورافتها وكبرت معها". لكن الثورة الجزائرية أُجهضت فحررت الأرض وتركت الذات مستعمرة ولا زالت حتى الآن تحت النفوذ الاستعماري عن طريق هيمنة اللغة الفرنسية على الجزائر المستقلة .
3 ـ إنه خطأ كبير أن يقول تيملال "أن الثوار الجزائريين كانوا في معظمهم فركفونيين" ، ومعنى هذا في رأيه أن استقلال الجزائر حققه المفرنسون. إنه بالتأكيد أن الذي فجر الثورة هم شباب حزب الشعب الجزائري، لكن جيش التحرير كان مؤلفا من فلاحين بسطاء مؤطرين من طلبة متكونين في معظمهم باللغة العربية في مدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. في رسالة وجهها الأمير خالد لصديقه التقدمي فيكتور سبيلمان (سنة 1924 ) عبر فيها عن خيبة أمله في نخبة المدن "التي تمثل الجيل الحالي المثقف الذي ولد وترعرع تحت عبودية وتربية مدرسة أسياده"، ويرى أن الأمل في تحرير الجزائر سيكون الفلاح الذي بقي محصنا في الهوية الوطنية في الريف التي لم يشوهها تثاقف لغة وثقافة المستعمر. عشرون شهرا بعد اندلاع الثورة ترك الطلبة في المدارس الفرنسية وفي جامعة المستعمر مقاعدهم. ومن بينهم الكثير مَن التحق بالجهاز الخارجي للثورة. قادتُهم ساهموا في إجهاض الثورة بتحويلها إلى "ثورة فرنكفونية" فوقّعوا اتفاقيات إيفيان ينص واحد هو النص الفرنسي الذي مثّل الوفدين، بينما وُقعت اتفاقيات جنيف سنة 1954 التي أنهت الاستعمار الفرنسي بالفييتنام بنصين الفييتنامي والفرنسي. ودخل هؤلاء الجزائر المستقلة ومنحوا لهذا الاستقلال "تفسيرا فرنكفونيا" فلخصوه في علَم وفي تأسيس دولة فرنكفونيا بلا سيادة. في 2006 جمعت إحصائيات بينتْ أن الفييتنام "بالفتنمة" صدّر مواد زراعية وصناعية ،خارج المحروقات، بما قيمته ستة وعشرون مليار دولار ، بينما صدرت الجزائر "بالفرنسة" بما قيمته ستمائة مليون دولار ثلثها خردة حديد ونحاس. ومقياس أهمية أي بلد (ماذا ينتج؟) وليس كيف ينطق الراء غينا..
بربر وعرب في الأصول والجذور
4 ـ السيد تيملالي ينتقدني لأنني كما يرى منحت مصطلحا "عنصريا" للعروبة. إنه يرى أن الذي قلته عن العروبة يدخل في إطار "الهذيان القومي العربي التعصبي الشوفيني لا الحقيقة العلمية" . ولدعم ما يقول من حكم باطش بل ورجْميٌّ كان المفروض أن يسوق حججا أو على الأقل أن يستشهد بما كتبت لكنه لم يفعل. وهذا ما قلته باختصار نتيجة لأبحاث أنجزتها، وكل ذلك معروض للبحث والتقصي في إطار تطور البحوث العلمية.. الجزائر عربية منذ التاريخ القديم لا في إطار كلمة (عربية) المستعملة حاليا، وإنما في إطار انتمائها ،منذ الأزمنة البعيدة في قِدمها، لِحوضٍ حضاري وليس حوضا عرقيا وذلك من عُمان وحتى موريتانيا. إن هذه المنطقة من العالم سكنتها مجموعة بشرية تتكلم لغة واحدة بلهجات منحدرة من لغة أمٍّ مهدها جزرة العرب منذ آلاف السنين. البربرية هي لغة من هذه اللغات. لقد هاجر البربر من جزيرة العرب التي تعتبر الخزان البشري الكبير، والتي كانت قبل عشرين ألف سنة تتمتع بحياة طبيعية شبيهة بأوروبا الآن، يخترقها نهران. ثم دخلت الكرة الأرضية في المرحلة الدفيئة الثالثة (Warm3 ) ، فذاب الجليد في أوروبا وحوض البحر المتوسط . وسطا الجفاف على جزيرة العرب فهاجر الإنسان منها نحو حوض الرافدين دجلة والفرات وحوض النيل وشمال إفريقيا بل وأوروبا. وهذا ما يؤكده علماء مثل المؤرخ الأمريكي ويل ديورانت Will Durant الذي يقول في كتابه الموسوعي (قصة الحضارة ) أن مهد الحضارة جزيرة العرب والحضارة تعني أيضا اللغة يقول:: "إن الحضارة ـ وهي هنا زراعة الحبوب واستخدام الحيوانات المستأنسة ـ قد ظهرت في العهود القديمة غير المدونة في بلاد العرب، ثم انتشرت منها في صورة [مثلث ثقافي] إلى ما بين النهرين ( سومر وبابل وأشور) وإلى مصر" (ويل ديورانت:قصة الحضارة، الترجمة العربية، ج2 ص 43 القاهرة1961 ). المؤرخ الأمريكي وليام لانغر يرى أن سكان أوروبا الجنوبية أصلهم من الجزيرة العربية فيقول: "وانتشر فرع من عناصر البحر المتوسط والصحراء، الطويلة الرؤوس وأقاربهم من العرب والبربر وغيرهم في جنوب أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأدنى" (وليام لانغر: موسوعة تاريخ العالم، الترجمة العربية، ج1 ص 25 و 32 ، القاهرة 1962) . ويقر بهجرة البربر المؤرخ الفرنسي جابرييل كامبس Gabriel Camps في كتابه: (البربر: ذاكرة وهوية صفحة 11 باريس 1995 ) يقول: "إن علماء الأجناس يؤكدون أن الجماعات البيضاء بشمال إفريقيا سواء أكانت ناطقة بالبربرية أو بالعربية، تنحدر في معظمها من جماعات بحر متوسطية جاءت من الشرق في الألف الثامنة قبل الميلاد بل قبلها، وراحت تنتشر بهدوء بالمغرب العربي والصحراء". . ويؤكد بوسكي
G.H.Bousquet في كتابه (البربر ، باريس 1957 ) فيقول: "وعلى كل حال يوجد ما يجعلنا نقتنع بأن عناصر مهمة من الحضارة البربرية وبخاصة اللغة أتت من آسيا الصغرى عن طريق منخفض مصر ، في شكل قبائل تنقلت في هجرات متتابعة على مدى قرون عدة، في زمن قديم لم يبت في تحديده".
والذي يؤكد الوحدة البشرية الوحدة اللغوية التي لم يأت يها الإسلام بل كانت سائدة قبل ذلك، فاللغة الكنعانية الفينيقية كانت منتشرة كلغة فصحى مكتوبة محاطة باللهجات البربرية القحطانية الشفوية ولمدة سبعة عشر قرنا قبل الفتح الإسلامي، ثم جاء القرآن الكريم باللغة العدنانية فحدث الربط بينها وبين الكنعانية بصورة طبيعية، يقول هنري باسي H.Basset : "إن البونيقية لم تختف من المغرب إلا بعد دخول العرب، ومعنى هذا أن هذه اللغة بقيت قائمة هذه المدة بالمغرب ، سبعة عشر قرنا ، وهو أمر عظيم" (المجلة الإفريقية مجلد 62 صفحة 340 : التأثيرات البونيقية عند البربر).
لقد قمت ببحث استغرق سنوات أصدرت إثرها (معجم الجذور العربية للكلمات الأمازيغية ، دار الأمة 2007 ، فرغت فيه قواميس خمس لهجات : الشاوية والقبائلية ولهجات المغرب الأقصى الثلاث، وأثبت أن كلمات الأمازيغية تشترك مع العربية العاربة والمستعربة بنسبة تسعين في المائة.
المؤرخ الفرنسي بيير روسي Pierre Rossi في كتابه (وطن إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب ، النسخة الفرنسية طبع الجزائر 1991) ، يقول : "إن اللغة اليونانية لم تكن سوى لغة نقل ، فالإمداد الثقافي والعلمي والديني قدمه العرب، اليونان لم يكونوا سوى ورثة" (صفحة 45 ) . ويستمر روسي فيقول: "وعلى كل حال فإن اللغة العربية هي لغة الإنسانية الأولى المنظمة بالبحر المتوسط ، سبقت لغة هوميروس التي منحت لها قوانينها . منذ نداء النبي (محمد صلى الله عليه وسلم) الذي أيقظها نحو حياة حديثة من أعماق العصور فجاءت بأصداء عظيمة فرضت نفسها على مئات الملايين من البشر. وبواسطة اللغة العربية نتمكن نحن الأوروبيين من الشروع في قراءة جديدة لكتاباتنا وتاريخنا. وسنجد أنفسنا نرى مقوماتنا بكل وضوح. إن معرفتنا للغة العربية تساعدنا لا على تجاوز الأفق الضيق لأثينا وروما فقط، وإنما على إيجاد مجالات الشرق الواسعة الكامنة دائما حية فينا، وعلى المشاركة بعمق في مستقبل المجتمع البشري الذي ينطلق من مجالنا السديمي" (صفحة 193 ـ 194 ).
5 ـ إن المناورات الكبرى التي تنفذها الدولة الفرنكفونية تستهدف غسل مخ الجيل الجديد من كل أثر متأتٍّ من ثورتنا . مئات قصائد الملحون التي خلدت ثورتنا لم تجمع ويأكلها النسيان. وتعمل على طمس مساعدة العرب لثورتنا التي تُراجع فتقلل أهميتها بل وتُنفى وتُقدم على أنها مجرد "تدخلات لأجهزة الاستخبارات المصرية". إن العرب هم الذين دعموا ثورتنا . الشعراء العرب هم الذين غنّوها، فقد قمت بتجربة عندما عملت سفيرا في قطرين عربيين هما العراق وسورية فجمعت من أربعين مدينة وقرية فيهما 454 قصيدة نظمها 171 شاعرة وشاعرا في ثورة أول نوفمبر.

عثمان سعدي
جريدة الوطن 17/01/2010










رد مع اقتباس
قديم 2011-07-30, 15:30   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي معجم الجذور العربية للكلمات الأمازيغية عثمان سعدي




كتاب معجم الجذور العربية للكلمات الأمازيغية"للدكتور الامازيغي الجزائري عثمان سعدي

صدر عن منشورات مجمع اللغة العربية بليبيا وفي إطار المعاجم والمجمعيات، معجم بعنوان "الجذور العربية للكلمات الأمازيغية"، للمؤرخ والباحث عثمان سعدي، حيث تطرق الكاتب في مقدمته إلى النقاش الدائر حول هوية الشعب الجزائري، مشددا على ضرورة التفريق بين البربرية والنزعة البربرية.
اعتبر الكاتب في مقدمة كتابه "الجذور العربية للكلمات الأمازيغية" أن البربرية عنصرا من عناصر التاريخ الجزائر والمغرب العربي بل والعروبة، بينما النزعة البربرية من اختلاق الاستعمار الفرنسي، من خلال الأكاديمية البربرية بفرنسا، التي تأسست سنة 1967 مباشرة بعد استقلال الجزائر، وهذا كما أكد الكاتب من أجل إلغاء عروبة المغرب العربي واستبدالها ببربرية المغرب، كان ذلك كما أضاف في مقدمته، لصالح استمرار هيمنة اللغة الفرنسية على إدارات المغرب العربي، في كلا من تونس والمغرب والجزائر.
كما أشار الكاتب لمختلف الدراسات التي قدمها في هذا الإطار منذ سنة 1976، حيث كان سفيرا للجزائر بسوريا، أولها كتاب بعنوان "عروبة الجزائر عبر التاريخ " وآخرها هذا المعجم حيث استمر في العمل عليه لمدة سنوات متواصلة.
ويبين عثمان سعدي في هذا المعجم بأن 90 بالمائة من الكلمات الامازيغية البربرية، عربية عاربة أو مستعربة، كما أوضح أن نحو البربرية متوافق مع نحو العربية وقدم الكاتب مثالا، حيث بين أن العمود الفقري في اللغة البربرية هو أفعول مثل أغروم، أكسوم...إلخ، كما نجد أن العمود اللغوي في اللغة الحميرة في اليمن هو أفعول. يقدم لنا عثمان سعدي في المعجم آلاف الكلمات الامازيغية، ليعرض معها المئات منها والتي تؤكد عمق الأصالة العربية في اللغة الامازيغية وهذا في جزء بعنوان "كلمات تؤكد الاصالة العربية للغة الامازيغية البربرية".
كما ضمن عثمان سعدي كتابه مقارنات بين كلمات بربرية وأخرى باللغات العروبية، منها الكنعانية والأكدية والمصرية القديمة...ليؤكد أن البربرية لم تأخذ من العربية الكلمات بسبب الجوار، لكن هي موجودة فيها أصلا. كما قدم الكاتب في تمهيد قصير أصول البربر، حيث أرجعهم إلى عرب عاربة قحطانيون، جاؤوا ضمن هجرات سابقة وأتبع الكاتب هذه النظرية بمجموعة من النظريات والاطروحات لعلماء أمريكيين وأوروبيين وعرب وتطرق إلى تاريخ البربر منذ العصر الحجري.
الكتاب الذي يحتوي على 356 صفحة ضم بالإضافة إلى المقدمة والتمهيد، مختصر قواعد نحو البربرية و توافقه مع نحو العربية، بالإضافة إلى 328 صفحة خصصت للمعجم الذي قسمه الكاتب إلى ثلاثة أعمدة الأول خصه لجذور الكلمة والثاني للكلمات الامازيغية والثالث للشرح وربط العلاقة بالكلمة العربية .


النــــزعة البـــــربرية :

النزعة البربرية هي التيار الذي أوجده الفرنسيون بالجزائر من أجل تفكيك الوحدة الوطنية. قبل احتلال الفرنسيين للجزائر سنة 1830 لم يوجد أمازيغي بربري واحد يقول بلا عروبة الجزائر أو المغرب، منذ وفاة عمر بن عبد العزيز ،الخليفة الأموي العادل، انفصل المغرب العربي عن الدولة المركزية ، وحكم بواسطة أسر بربرية ، ولم يحدثنا التاريخ أن أميرا من هذه الأسر قال بلا عروبة المغرب، وقد سبق ما قاله الأمير الزيري أبو الفتح المنصور.
عمل المستعمرون الفرنسيون قبل استقلال بلدان المغرب العربي، على عزل بعض من أقلية الجماعات الناطقة بالبربرية عن غالبية السكان الناطقيين بالعربية؛ نشروا التعليم الفرنسي والإرساليات التنصيرية بينهم، وبثوا فيهم فكرة "أنهم هم أصحاب البلاد الأصليون ، وأن العرب مستعمرون، وأن اللغة العربية دخيلة، وأنه لا بد من التكتل للتخلص من الوجود العربي، وأنهم أي البربر لا علاقة لهم بالعرب ولا بالساميين، وأن أصلهم أوروبي، وأن مجيء فرنسا لشمال إفريقيا هو لمساعدتهم على العودة إلى أمهم أوروبا". يقول الكابيتان لوغلاي المشرف على التعليم بالجزائر وهو يخطب في المعلمين الفرنسيين ببلاد القبائل: "علموا كل شيء للبربر ما عدا العربية والإسلام" [ 23 ]
يقول الجنرال أندريه عضو أكاديمية العلوم الاستعمارية سنة 1956 : "من المحتمل أن يأتي يوم تهب فيه الأمة المغربية البربرية لإحياء وعيها القديم بذاتها ، وترفع فكرة الحمهورية البربرية، إذا سادت فكرة الجمهورية التيوقراطية العربية بالمغرب... إنه من الضروري الإعداد للمستقبل لأن المسألة البربرية تطرح الآن بالجزائر والمغرب الأقصى"
[ 24 ]
واستقلت الجزائر سنة 1962 ، وأسس الفرنسيون سنة 1967 الأكاديمية البربرية في جامعة باريس 8 فانسين ، وذلك من أجل تعميق خطتهم لتطوير النزعة البربرية من أجل تفتيت الوحدة الوطنية وضرب اللغة العربية خدمة للفرْنسة ولبقاء هيمنة اللغة الفرنسية بالجزائر والمغرب العربي. وكونوا جيشا من الباحثين الجزائريين والمغاربة راحوا ينشرون هذه النزعة التي تتعارض مع أبسط المعايير العلمية.

عروبة اللغة البربرية:

إن الذي بقي شاهدا على انتماء الأمازيغ العربي هي اللغة البربرية. فهي عربية عاربة قحطانية، العمود الفقري للغة الحميرية العاربة هو وزن أفعول، كما أوضح الباحث اليمني القاضي إسماعيل بن علي الأكوع [ 25 ]، والعمود الفقري للغة البربرية وزن أفعول: أكسوم، أغروم. قاموسها الذي نحلله في هذا المعجم يشهد على أن البربرية بمكوناتها لغة عربية تعود مفرداتها إلى العربية العاربة والعربية المستعربة. وقد رأينا أن نقدم في هذه المقدة وباختصار ، نماذج من مفردات تؤكد هذا الانتماء العربي، وتظهره على أنه جاء على أساس البِنية العربية، ولم يأت على أساس النقل، مثلما حدث في الفارسية التي تصوغ المفردات على النقل من العربية، مثل الإتيان بالمصدر العربي مع فعل عمل: دعا كردن أي عمل الدعاء أي دعا، شاد كردن أي عمل الشدو أي شدا.
بالبربرية مفردات عربية مستعربة مباشرة، لكن الذي نستعرضه في المقدمة باختصار كلمات لا يتبادر للذهن أنها عربية، لكنها عربية غير مستعملة في العربية العدنانية. وإلى القارئ الكريم هذه الكلمات المستمدة من المعجم:
تامطّوث: المرأة . عربية الطامث، الكائن البشري الذي يحيض
أنام : الناس . عربية: الأنام: الناس
أمغار: العجوز. عربية الأمغر : الأبيض ، والشيب بياض
إيزم ، إيراد : الأسد . عربية: الصِّمّ ، الورد.
أزالاغْ : تيسٌ . عربية: السالغ من ذوات الظلف ما بلغ السادسة من عمره.
أفيغر : الثعبان . عربية يقال فغر الثعبان فاه ولا يقال فتحه.
إيغيد : الجِدْيُ . عربية: الغيدان من الشباب أوّله.
آلغمْ : الجمل : عربية: اللُّغام الزَّبَد الذي يخرج من أفواه الإبل.
أشْوالْ : ذنب العقرب . عربية: شالت العقرب بذنبها رفعته، الشَّوْلة: شوكة العقرب التي تضرب بها.
إيزمر : الخروف الصغير . عربية: زَمّر : قصر صوفه.
أوشَّنْ : الذئب . عربية: انشننَّ الذئب في الغنم عاث فيها قتلا.
إخيدَرْ : العقاب . عربية: عقاب خُدارية عقاب سوداء.
أكرزيز: الأرنب . عربية: كرز يكرز : استخفى في حفرة ، وهي الصفة المميزة للأرنب.
إيريغ : الثعلب . عربية: الرِّواغ الثعلب.
إيفيس : الضبع . عربية: الفَسْو الرائحة الكريهة، والضبع معروف برائحته الكريهة.
أسكّور : فرخ الحجل . عربية: ألسُّلْك: فرخ الحجل.
أغرزول : الكلب . عربية: الغريز : حيوان هيئته بين الكلب والثور .
أجمّار : الحصان . عربية: جمر الفرس وثب في القيد.
أمرير : الحبل . عربية: المِرار : الحبل.
أمضون ، أورزمير: مريض . عربية: ضني مرض، استزمر : تقبّض وتضاءل، زمَر الرجل سقط من مرض وهزال.
أمُـقْران : الكبير . عربية: أقرن الفارس إذا أتى بأسيرين في هجمة واحدة، ناقة قورن إذا ملأت إناءين في حلبة
واحدة ، بالجزيرة العربية يوجد حتى الآن اسم مَقْرنْ.
إكّرْ : قف . عربية: وكر الظبي إذا وثب .
يتّازّالْ : جرى يجري . عربية: أزل جرى مسرعا.
إسفور : جزّ الصوفَ . عربية: سفَر شعرَه استأصله.
يوسيد : جاء . عربية: آسد يوسد جاء مسرعا.
يتكّاذ : يخاف . عربية: أكذى يكذي اصفرّ وجهه من فزع.
تاداغت: الإبط. عربية: الدغدغة، والإبط مكان الدغدغة.
تافيات: مأتم . عربية: وفيات
إيفي : أجمة ، شجر كثيف . عربية: تفيّأ الشجر كثر ظله.
إتّوغْ : تأذّى . عربية: تاغ يتوغ هلك
أمّورث: الأرض. عربية: أرض مُمَرَّثة إذا أصابها غيث قليل.
إرّومتْ: أكل بسرعة ونهم. عربية: أرمَ ما على المائدة أكله كله.
أزّوكْ: أُلية الإنسان. عربية: زوزكت المرأة حركت أليتيها
أمزوارو: الأول . عربية: الزّور أعلى الصدر، زُوّيرهم : سيدهم وإمامهم.
إسدْوْ : بثق الماء وكثر . عربية: سدِيت الأرض كثر ماؤها.
إقرفو : برك البعير . عربية : قرفص
أسَلهام : البرنوس الدقيق النسج . عربية: السَّلْهم الضامر من الخيل.
إقْريقْرت : البسيطة، الأرض الواسعة . عربية: القَرْقر الأرض الواسعة.
يزرى : أبصر . عربية: زرّ عينيه ضيقهما ليحد بهما النظر ، رجل زرزارٌ أي تبرق عيناه.
هيلْ : بكى يبكي . عربية: انهلّ الدمع تساقط.
إبْـغرْ : كثر ماله. عربية: لفلان بَغرة من العطاء لا تغيض.
إزْوا : جدبت السنة وقل مطرها. عربية: زوى الله عنكم أي نحّى عنكم من الخير والفضل، زواهم الدهر ذهب بهم.
إسقرو أمان : تجميع الماء . عربية: القَرارة : مجمع الماء.
يدجلاّي: يحلف . عربية: أي نطق باسم الجلالة.
أحنيبر : حيرة قلق . عربية: مُحنّبٌ بالمصائب والمحن.
أخَرَّازْ : صانع الأحذية . عربية: خرز الجلدَ أي خاطه.
إيخف : الرأس . عربية: خفأ الشيء ظهر ، والرأس ظاهر وبارز.
واضليل: الخمر . عربية: المُضلُّ، الضلال
إمري: دلك . عربية: مرى الناقة دلك ضرعها لتدر .
أوريغ: الذهب . عربية: أورق الرجل كثر ذهبه.
إرامي: الرامي . عربية : الرامي من الرماية.
أمزراق : الرمح . عربية: المزراق : الرمح القصير .
أكرنيف : سعف ، جريدة النخل . عربية : الكرنافة: أصل السعفة الغليظ الملصق بجذع النخلة.
سيف : نهر . عربية: السّيف : ساحل البحر أو الوادي.
تازولت: الشجاعة . عربية: الزّول : الشجاع.
اسغى : اشترى . عربية: سوّغ الشيء جعله مباحا حلالا.
أزاوْ : الشَّعَر . عربية: زوى الجديلة أنعم فتلها.
أشرقوق : الوزّ . عربية: الشّقِراق: نوع من الوزّ.
تامصرويت : عاهر . عربية: صري يصري إذا سفل .
تالة : عين جارية . عربية: تلّ الماء قطر ورشح .
أضارْ : القدم . عربية: الضَّرَّة : الجانب من القدم الذي يلي الأرض.
أمقْرتْ : الضيافة . عربية: القِْرى : الضيافة .
تاقنْبوشتْ : تصفيفة شعر العروسة . عربية: قنب الزهر قنْبا خرج من أكمامه
إبَدْ : وقف ، انتصب . عربية: رجلٌ أبدٌّ : ذو طول مفرط .
إيغيلْ : الملك . عربية: القَيْل جمع أقيال : ملوك اليمن السعيد.
إسموقَلْ : نظر . عربية: مقله نظر إليه بمقلة العين .
نودّامْ : نُعاس . عربية: ناد الرجلُ نوَادا تمايل من النعاس .
أوزلانْ : القصير . عربية: الوزنة : المرأة القصيرة .

الدكتور عثمان سعدي الجزائر في فبرايرـ شباط 2006
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ أحمد سوسة: حضارة العرب ومراحل تطورها عبر العصور ـ بغداد 1979 ـ ، ص 62 ـ 63
2 ـ وليم لانجر: موسوعة تاريخ العالم ـ الترجمة العربية، القاهرة 1962 ـ ج 1 ص 25 ـ 26
3 ـ : memoire et identite p 11 . Paris 1995 : Les Berberes Gabriel Camps
4 ـ ( Presses universitaires de France 1957) Les Berberes p 26 G.H.Bousquet :
5 ـ ابن عذاري: البيان المُغرب في أخبار المغرب ـ بيروت 1950 ـ ج 1 ص 343
ابن الأثير: الكامل في التاريخ ـ القاهرة 1357 هـ ، ج 7 ص 121
6 ـ محمد مختار العرباوي: في مواجهة النزغة البربرية : بغداد 2002 ، صفحة 107
7 ـ ماكبريني: دور ليبيا في ما قبل التاريخ ، ينغازي ـ ليبيا ص 4 ـ 5
8 ـ رشيد الناضوري: المغرب الكبير ج 1، القاهرة 1966 ص 96
9 ـ كتاب التيجان في ملوك حمير ، صنعاء 1979 ص 180
10 ـ Henri Basset : Les influences Puniques chez les Berberes : Revue Africaine V 62 P 340
11 ـ تاريخ ابن خلدون ، ج 6 ص 175 ـ 176 ، كتاب العبر وديوان المبتدا والخبر في أيام العرب والعجم والبربر [بيروت 1968 ]
12 ـ (Paris 1968) T3 P 171 Universalis Encyclopedia
13 ـ وليم لانغر : مرجع سابق ص 45
14 ـ T3 p173 Enc. Universalis ـ مرجع سابق ـ
15 ـ المرجع السابق ص 170 ـ 171
16 ـ أوليئاري : قواعد المقارنة للغات السامية: عن كتاب : حضارة العرب ومراحل تطورها لأحمد سوسة ص 106
17 ـ عثمان سعدي : الأمازيغ [البربر] عرب عاربة ، ص 78 ـ 79 ، الجزائر 1996
18 ـ .London 1970 Oric Bates :The easten libyan
19 ـ L ' origine de l ' alphabet Libyen : Journal Asiatique 10eme serie novembre -decembre
1904 P427
20 ـ مجلة: Oriens V17 1964 s 199 - 216
21 ـ المجلة الليبية : الفصول الأربعة ، طرابلس عدد 23 ، نوفمبر 1983 ، صفحات: 184 ـ 193
22 ـ سفر العرب الأمازيغ ، صفحات 1ـ1 و 1ـ7 . طرابلس ـ ليبيا 1995
23 ـــ Paris 1972 : Politique Coloniale au Maghreb P109 - 148 CR Ageron
24 ـــ Contribution a Academie des Sciences Coloniales :‘ ( CR) de L General P. J Andre '
etude des Confreries Religieuses Musulmanes P351-352 Alger 1956 ‘ L
25 ـــ مجلة المجمع العلمي السوري عدد نيسان ـ أفريل 1986 : مقال الأفعول وما جاء على وزنه في اليمن






التشابه بين حياة العرب وحياة البربر:

المؤرخ الذي أوجز التشابه بين حياة العرب وحياة البربر هو ابن خلدون عندما يقول: فبيوت البربر إما من الطين أو من القصب او من الشجر والوبر والشعر، وينتقلون في البراري طلبا للرعي، ويربون الشاة والبقر. أما الخيل فيربونها للركوب والتناسل، كما يربي الرحّل منهم الإبل. الضعاف منهم وهي الطبقات الدنيا فيهم يفلحون الأرض ويربون الدواجن. أما الأقوياء والطبقات العليا فيعيشون على الرعي وعلى السطو وقطع الطرق. أما فرشهم وأثاثهم فمن الصوف.. هذه الحياة التي يرسمها لنا ابن خلدون هي نفسها حياة العرب. ولقد تنقلت بين قبائل عربية عدة بالمشرق كقبائل: شمر ، والحديديين، والموالي، والهيب، وعنيزة، وروله، وغيرها ، ووجدت أن حياة هذه القبائل متطابقة مع حياة قبيلتي البربرية بالجزائر وهي قبيلة النمامشة. يقول ابن خلدون: "يتخذون البيوت من الحجارة والطين، ومن الخَوصِ والشجر، ومن الأشعار والوبر. ويظعن أهل العز منهم والغلبة لانتجاع المرعى فيما قرب من الرحلة. ولا يجاوزون فيها الريف إلى الصحراء والقفر الأملس، ومكاسبهم الشاء والبقر، والخيل في الغالب للركوب والنتاج، وربما كانت الإبل من مكاسب أهل النجعة منهم، شأن العرب . ومعاش المستضعفين منهم بالفلح ودواجن السائمة. ومعاش المعتزين من أهل الانتجاع والأظعان في نتاج الإبل وظلال الرماح، وقطع السابلة، ولباسهم وأكثر أثاثهم من الصــوف" [11]
ويقر هذا التشابه المؤرخون الأوروبيون ، تقول موسوعة يونيفرساليس Universalis الفرنسية: "إن التشابه بين البربر والعرب يبدو اكثر وضوحا وأهمية: التنظيمات الاجتماعية المرتكزة على علاقات الدم حقيقة كانت أو وهما، وممارسة أعمال جماعية جبرية، واستعمال مخازن للحبوب مشتركة، توجد عمليا عند البربر كما توجد عند العرب"[12]
عروبة اللغة البربرية:
يقر المؤرخ ويليام لانغر W.Langer أن اللغة البربرية واللغة العربية واللغات السامية تنحدر جميعا من أصل واحد، يقول: "وتتصل اللغة المصرية القديمة باللغات السامية ولغات البربر بأصل واحد" [13]
ويدخل المستشرق الألماني روسلر اللغة البربرية في اللغات السامية فيقول: "ونلاحظ في البربرية كما نلاحظ باللغات السامية وجود الحروف الحلقية والعبارات الجزلة" [14]
وتقول نفس الموسوعة "إن جميع اللهجات البربرية مطبوعة بطابع اللغة العربية... وإن آداب اللغة البربرية البسيطة الشفوية البحتة تتكون من أساطير عن الحيوانات، وقصص خرافية، وأغان تقليدية، أو مرتجلة، والواضح فيها كلها أنها مستمدة من المشرق العربي" [15]
ويرى عالم اللغات السامية أوليئاري بأن انتشار اللغات السامية مع الهجرات، قد نجم عنه نشأة لهجات متعددة وفقا للأقاليم، يقول: "ويدلنا التاريخ على أن انتشار اللغات السامية مرتنبط بهجرات الساميين المتتابعة من جزيرة العرب إلى بلاد ما بين النهرين، وأرض كنعان، وسورية، والحبشة، وشمال إفريقيا. أما تكوين اللغات واللهجات المختلفة فيرجع العامل المهم فيه إلى أن اللغات السامية خارج الجزيرة العربية، كانت تحت تأثير التداول بين خليط من السكان غير الساميين، مما أدى إلى حدوث تغييرات لفظية وتعديلات لغوية، فضلا عن إهمال القواعد النحوية، كل ذلك أدخل عدة إضافات على مفردات اللغة" [16]
أما خط التيفيناغ الذي يستعمل بأسلوب بدائي بين قبائل الطوارق فهو مشتق من اللغة الكنعانية الفينيقية، واللغات العروبية:
ـ فالألف بخط التيفيناغ مثل الألف بالخطوط : السرياني واليعقوبي والعربي والحميري
ـ والجيم بالتيفيناغ يشبه حرف الجيم في الخط الفينيقي والخط الآرامي.
ـ الدال بالتيفيناغ يشبه الدال بالعربية
ـ الزاي بالتيفيناغ يشبه الزاي بالخط المسند الحميري والآرامي.
ـ الياء بالتيفيناغ يشبه الياء بالفينيقي والآرامي والأنباري والكندي والنبطي
ـ الكاف بالتيفيناغ يشبه الكاف بالنبطي
ـ اللام بالتيفناغ يشبه الحميري والأنباري
ـ النون بالتيفيناغ يشبه النبطي والسرياني والصفوي واللحياني
ـ السين بالتيفيناغ يشبه الفينيقي
ـ القاف بالتيفيناغ يشبه الآرامي القديم والفينيقي والنبطي والسرياني والثمودي واللحياني
ـ الشين بالتيفيناغ يشبه المصري القديم والفينيقي والحميري والآرامي القديم والصفوي والثمودي واللحياني والحميري والحبشي
ـ التاء بالتيفيناغ يشبه الفينيقي والحميري والآرامي والصفوي والثمودي واللحياني
ـ الطاء بالتيفيناغ يشبه الصفوي والثمودي [ 17 ]
وكل هذه الخطوط عروبية أي سامية وفقا للتسمية الغير العلمية.
يفرد الأستاذ بات ORIC Bates المستشرق الإنجليزي فصلا كاملا في كتابه عن التشابه بين حروف التيفيناغ وبين الأبجدية الفينيقية ويتوصل إلى أن أصل أبجدية الطوارق فينيقي، كما يدخل الأبجديتين في إطار الحرف المسماري الذي تنحدر منه الأبجدية العربية والأبجديات السامية القديمة [18]
ويقوم إينو ليتمان Eno Littman ببحث سنة 1904 قارن فيه بين حروف الخطين اللوبي والتيفيناغي من جهة ، وبين حروف الخطين العروبيين الثمودي والصفوي بالجزيرة العربية والشام من جهة ثانية، فوجد تشابها بينها أكثر من التشابه مع الخط الفينيقـي.[19 ]
ويسمي روسلر البربرية باللغة النوميدية فيقول: "إن اللغة النوميدية لغة سامية ، انفصلت عن اللغات السامية في الشرق في مرحلة مغرقة في القدم، ثم تطورت بعد ذلك في اتجاه خاص جعلها تبدو مختلفة عن باقي اللغات السامية". كما استطاع روسلر أن يعتبر كثيرا من الجوانب الصوتية والصرفية والمعجمية في اللغة النوميدية القديمة تغييرات حدثت بعد انفصالها عن الأصل القديم المشترك. وقد أوضح اشتقاق كثير من الكلمات النوميدية على أساس المقارنة باللغات السامية في المشرق" [20]
ويعتبر روسلر من المستشرقين الذين لهم دراسات في اللغات السامية وفي البربرية التي يسميها [النوميدية]. وقد قام بترجمة ما كتبه عن البربرية الكاتب الليبي الأستاذ عماد الدين غانم بعنوان [النوميديون : أصلهم كتابتهم لغتهم، بالألمانية:
Otto Rossler : Die Numider: Herkunft, Schrift ,Sprache
نشر في المجلة الليبية [الفصول الأربعة: طرابلس عدد 23 ، نوفمبر 1983 ] ، نستخلص منه ما يلي:
ـ فمصر الفرعونية كانت دائما تحت الضغط المتزايد باستمرار لجيرانها الغربيين ـ أي البربر ـ وقد صاروا جنودا بالجيش الفرعوني، ثم استقروا كطبقة حاكمة في البلد.
ـ كانت إيديولوجية الدول النوميدية ذات توجه صميمي نحو الشرق.
ـ تنتمي الكتابة النوميدية إلى الأسرة الكبيرة للكتابات الأبجدية ذات الكتابة الأفقية وتعود كلها إلى أبجدية سامية شرقية مغرقة في القدم . وقد انتقلت هذه الكتابة إلى اللوبيين خلال فترة لا نستطيع تعيينها بدقة ، في ظل ظروف لا نعرفها بالتفصيل، وأخذوها عن عرب الشمال القدماء [ من ثموديين وصفويين ولحيانيين ] بحيث يوجد تشابه بل تطابق بين كتابات هؤلاء والكتابة النوميدية.
ـ تفرعت عن الأصل الكنعاني : الكتابات الفينيقية والبونيقية والإغريقية واللاتينية والسلافية. [ 21 ]
فالخط اللوبي، الذي اكتشف في مئات الننقوش، وهو خط بربري مستمد من الفينيقية، في كتابات مختصرة تعبر عن اسم صاحب القبر، ولم يعثر على نصوص بهذا الخط أدبية أو تاريخية، أو ديوانية. وقد أشرنا إلى أن خط التيفيناغ يستعمله الطوارق في نصوص بدائية بدوية.
والذي يؤكد أن الخطين التيفيناغي واللوبي منحدران من الخط الفينيقي هو أنه لم تصلنا نصوص أدبية أو تتعلق بالعبادات أو غيرها بهذين الخطين، لأن اللغة الفينيقية الكنعانية كانت بالمغرب منذ دخوله التاريخ هي اللغة الرسمية ، لغة الثقافة والعبادة والدواوين ، أي لغة الحضر ، ودام هذا الوضع سبعة عشر قرنا قبل الفتح الإسلامي. وكانت الفينيقية محاطة باللهجات البربرية القحطانية وبالخطين اللذين استعملتهما بأسلوب بسيط لا يعبر عن تراث ثقافي.
لقد تعمدت أن أورد ما قاله مؤرخون غربيون عن انتماء البربر العربي والمشرقي، وعن انحدار اللغة البربرية من الأصل المتمثل في اللغة العربية القديمة. وخير من وضح ذلك بأسلوب علمي عارف بخبايا البربر من الكتاب العرب، هو الدكتور علي فهمي خشيم، في كتابه [ سفر العرب الأمازيغ ]. ويجد القارئ في هذا المعجم أنني اعتمدت على الدكتور خشيم كثيرا في إعادة المفردات البربرية إلى جذورها العروبية. يقول "ولامست ، في عجلة عاجلة ، ما يسمي (اللغة البربرية) وذكرت أنها في فديمها تسمى ( حيث تسمى اللغة الليبية ) هي صِنوُ اللغات ( العروبية ) من كنعانية وبابلية ومصرية وسبئية .. إلخ.. وأنها ، في حديثها ( حيث تسمى البربرية ، أو الأمازيغية ) هي مزيج من الليبية القديمة ، تظهر عروبتها عند البحث والمقارنة ، والعربية العدنانية ، أو المضرية ، كما تسمى ، وهي لغة عرب الفتح الإسلامي... إن الأمازيغية أو البربرية لا تخرج في ألفاظها وتعبيراتها عن كونها لغة [ وإن شئت لهجة ] عروبية تحوي عددا كبيرا من الألفاظ المهجورة في العربية ، وعددا آخر لا يزال حيا لكنه تعرض للتحريف فاستغلق". [ 22 ]










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-25, 06:40   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الاديب المؤرخ
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا وبارك الله فيك لك مني اجمل تحية










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-27, 14:28   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة le professeur a مشاهدة المشاركة
عثمان سعدي ....قذافي الجزائر
السلام عليكم
صح رمظانكم

اخي الكريم الامازيغي الحر هداك الله الى الحق
اتساءل فقط لماذا تشتم دكتورا امازيغيا فاضلا من بني جلدتك من الامازيغ الاحرار .
لماذا اسلوب الشتم و القدح المتصاعد بدون فائدة
لماذا لا يكون هناك اسلوب للنقد العلمي البناء
عثمان سعدي دكتور و استاذ شاوي امازيغي محترم و الدليل على ذلك علمه و اكادميته
كما انه من اتباع المدرسة الباديسية و جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي ترأسها الامازيغ من امثال الشيخ ابن باديس الصنهاجي و الشيخ عبدالرحمان شيبان القبائلي رحمة الله عليهم اجمعين و
يكفي الدكتور و الاستاذ عثمان سعدي شرفا انه لم يكن من اتباع المدرسة الباريسية الفرنكفونية التي تكره العرب و الاسلام و العربية و النبي محمد صلى الله عليه و سلم
و لماذا يا اخي قصرت الكلام فقط على الدكتور عثمان سعدي الشاوي حفضه الله لماذا لم تتكلم عن الدكتور احمد بن نعمان القبائلي حفضه الله صحاب المؤلفات حول قضية التعريب في الجزائر
لماذا لم تنعت الامام عبدالحميد بن باديس بانه قذافي ايضا
و لماذا لم تنعت الشيخ الفضيل الورثيلاني بانه قذافي ايضا
و لماذا لم تنعت الشيخ عبدالرحمان شيبان بانه قذافي ايضا
و لماذا لم تنعت الشيخ ابويعلى الزواوي بانه قذافي ايضا صاحب كتاب تاريخ الزواوة
و لماذا لم تنعت الامام عبدالحميد بن باديس بانه قذافي ايضا
و لماذا لا تنعت الشيخ محمد الطاهر بن السعيد فضلاء.القبايلي البجاوي بانه قذافي ايضا
و لماذا لا تنعت الاستاذ الموسوعي مولود قاسم نايت بلقاسم القبائلي بانه قذافي ايضا و هو الذي دافع عن برنامج التعريب و اللغة العربية في الجزاءر
رحمة الله عليهم جميعا شيوخ الاصلاح الاتقياء الصلحاء الذين احبوا العربية و الاسلام و لم يكونوا اذيالا و خداما و ابواقا لفرنسا المستدمرة الغاشمة التي لوثت عقول كثير من اخواننا الجزائريين هداهم الله









رد مع اقتباس
قديم 2011-08-27, 14:57   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Hot News1

العلامة الجزائري مولود قاسم نايت بلقاسم الامازيعي المدافع عن العربية
موضوع منقول من الانترنت



شهدت الجزائر في الآونة الأخيرة إحياء ذكرى العالم الراحل “مولود قاسم نايت بلقاسم”، من قبل جريدة الشروق اليوميّ أوسع الجرائد العربية انتشارا، هذا الرجل الذي لا يمكن للذاكرة الإنسانية أن تنساه، ولا يملّ اللسان من الثناء عليه والدعاء له، حيث كان أحد أبرز رموز الجزائر بعد الاستقلال، فهذا السياسيّ الكبير تميّز عن غيره من الساسة بما أعطاه الله تعالى من علم غزير طعّمه بتواضعه الكبير، يعرفه العرب والمسلمون من خلال جهوده في افتتاح ملتقيات الفكر الإسلاميّ في الجزائر في سبعينيات القرن الماضي.
هذا العالم “البجاويّ” الأمازيغيّ الذي استمات في الدفاع عن اللغة العربية، كان يحسن تسع لغات عالمية، لكنّه قرّر أن تكون اللغة العربية التي عشقها وأحبّها من صميم قلبه، اللغة التي تتربّع عالية كأولوية مقدّسة طوال حياته، إذ قرّر الرجل أن يدافع عنها من منصبه وزيرا للشؤون الدينية في الجزائر، ليؤكّد للعالم بأسره أنّ الهوية العربية والإسلامية أهمّ مكوّنات الذات الجزائرية، وأنها مبعث فخر وقوّة مستديمة أمام الآخر، خصوصا المحتلّ الفرنسيّ السابق الذي لا تهدأ آلته الفكرية في فرض نمط الهيمنة الثقافية على الشعب الجزائريّ رغم نيل الاستقلال.
قام أكثر من عشرين عالما جزائريا بتكريم العلامة الكبير، مولود قاسم نايت بلقاسم، بمبادرة من جريدة الشروق اليومي الجزائرية، في شهر رمضان المبارك لسنة 1430 هجرية، مولود قاسم نايت بلقاسم، الرجل المتواضع الذي ترك بصمات خالدة في تاريخ الجزائر، جسدها رصيده الحافل من الانجازات الكبرى، التي جعلت رفقاء دربه ممن حضروا تكريمه يثنون عليه، ويعترفون أنّه أعطى للجزائر وحده الكثير، بفضل عبقريته السياسية وقدرته على توظيف إمكاناته كوزير في الحكومة، في جعل الدفاع عن العروبة والإسلام من أبرز المهام الحضارية التي تتميز بها صورة الجزائر المستقلّة لدى الآخر، واستغلال التوهّج الثوريّ للشعب الجزائريّ، المفتخر بثورته المباركة التي ركّعت واحدة من أكثر قوى “الاستدمار القديم” كما كان يسميها نايت بلقاسم، الاستدمار الفرنسيّ الذي سعى جاهدا إلى إلغاء هوية الجزائريين، وفشل فشلا ذريعا أمام شعب عربيّ مسلم قويّ يرفض الاستعباد.

مولده ونشأته، وقصته مع الشيخ آيت علجت

إنه أمازيغي ابن فلاح عباسي قبائلي، ولد في يناير سنة 1927 بقرية آيت عباس بمدينة بجاية الإسلاميّة الواقعة في منطقة القبائل الكبرى، أو كما تعرف بمنطقة “جبال جرجرة”، والتي لعبت دورا تاريخيا هاما أثناء الثورة الجزائرية، فمولود قاسم المجاهد الكبير في ثورة التحرير المباركة، كان مناضلا سياسيا نشطا في الدفاع عن قضية وطنه العادلة، وكان المجاهدون يطلقون عليه اسما ثوريا مميزا وهو: السّي “بلقاسم الوطني”، فدفاعه عن وطنه العربيّ المسلم يذكّرنا بالدور الكبير للقائد الأمازيغي طارق بن زياد في إعلاء كلمة الله أثناء فتح الأندلس. شهادة الشيخ “محمد الطاهر آيت علجت” حول مولود قاسم نايت بلقاسم كانت ثرية حقا، فهذا الشيخ هو من تولّى تدريس نايت بلقاسم مذ كان طفلا صغيرا، كما أنّه كان صديقا لوالده وأقرب جار له في قرية آيت عباس، وقال الشيخ آيت علجت أنّ مولود قاسم كان تلميذا نجيبا في صغره، وقد برز نبوغه عندما كان يدرس القرآن والحديث في مسجد القرية، وقال أنّ الله استجاب لدعوة والده الذي دعا له أن يصبح فقيها في الدين، ولمّا كتب له التوجّه للمدرسة الفرنسية في سنّ السادسة عشرة حيّر مولود قاسم مدرّسيه الفرنسيين لشدّة نبوغه وقوة ذاكرته، وحبّه الشديد لوطنه وللغته العربية ودينه الإسلاميّ، وبسبب بعده عن مقرّ سكناه قرّر مولود قاسم ترك تلك المدرسة الفرنسية التي كان يطلق عليها الشيخ بن باديس اسم “القلعة”، وكان مولود قاسم يحبّ مخالطة من يكبره سنّا ليحرق مراحل تكوينه التعليميّ، وساهمت مبادراته العصامية في زيادة نبوغه ونجاحه الدراسيّ.
توجّه بعدها إلى تونس لمواصلة دراسته حيث كانت الدراسة متاحة في تونس أكثر من الجزائر التي عانت من مؤامرات الفرنسيّين ومساعيهم لتجهيل الشعب الجزائريّ، ثمّ التحق مولود بجامع الزيتونة سنة 1946، والتحق بعدها بحزب الشعب سنة 1947، قبل أن يبتعث إلى القاهرة تكريما له باعتباره الأول على الدفعة، وفي سنة 1954 التحق بجامعة باريس التي سجّل فيها أطروحته لنيل الدكتوراه، والتي حملت عنوان: “الحرية عند المعتزلة”، غير أنّه تخلّى عن المشروع سنة 1956 على اثر مضايقات الشرطة الفرنسية له والتي فرضت عليه مغادرة البلاد بسبب استجابته لنداء الإضراب الذي دعا إليه اتحاد الطلبة المسلمين، وتوجه بعدها إلى دولة التشيك، والتي سجّل بجامعتها مشروع أطروحة دكتوراه بعنوان “الحرية عند كانط”، وما لبث برهة في التشيك، حتى دعاه نداء الوطن فترك مشروعه البحثيّ متجها نحو ألمانيا، حيث كلّفه المفاوض الجزائريّ “سعد دحلب” بكتابة ردّ على المفاوض الفرنسيّ جوكس في مفاوضات إيفيان سنة 1961، حول إصرار الجزائريين على رفض فصل الصحراء الجزائرية، ولولا أنّه اختار رحمه الله خطّ الدراسات الإنسانية والاجتماعية لكان قد أصبح طيّارا كما رشّحه مدّرسوه لشدّة ذكائه وفطنته.

يضحّي بشهادة الدكتوراه… لعيون الجزائر

كان مولود قاسم نايت بلقاسم قادرا على نيل شهادة الدكتوراه غير انّه آثر تلبية نداء الوطن، وقد تبيّن له أنّ دوره في ألمانيا مفيد ومساعد في الثورة الجزائرية، وعندما نالت الجزائر استقلالها كان هدف نيل شهادة الدكتوراه ما زال قائما، غي أنّ الجزائر كانت بحاجة إلى وقفة رجل شجاع للنهوض باللغة العربية من جديد استكمالا لجهود الشيخين عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي، اللذان أسسا جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مطلع ثلاثينيات القرن الماضي بجهود متواضعة، لم تستطع وقف المدّ الكبير للغة الفرنسية في الجزائر، وقال مولود قاسم متحدّيا الفرنكوفونيين، حيث كان يعلم تماما كيف يفكّون، فقال لهم: “أنّ اللغة العربية كانت لغة العالم في يوم من الأيام، وأنّها كانت تقود العقول وتطوّر العلوم”، وكان مدافعا شرسا عن اللغة العربية من خلال إشرافه على المجلس الأعلى للغة العربية، كما انّه لم يتوانى عن الكتابة حول الموضوع، خصوصا في مقاله الشهير المنشور في مجلة “الثقافة” الجزائرية، والذي حمل عنوان: “بجاية الإسلام علّمت أوروبا الرياضيات بلغة العروبة”، وهو البحث الهام الذي جاء فيه بقيمة مضافة على الصعيد الفكريّ، حين أثبت أنّ اللغة العربية قادرة على استيعاب كل العلوم.
يقول الدكتور “يوغرطة نايت بلقاسم” أنّ أباه كان محبّا للغة العربية ومدافعا كبيرا عنها، وأنّه كان ينعزل وحده في حزن عميق حين تمّ التراجع عن “قانون التعريب” عام 1992، وكان دق أحرز تقدّما كبيرا في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، وقد روى عنه ابنه أنّه كان شديدا مع أبنائه في دعوته لتعلّم اللغة العربية، فكان أمرهم بالمطالعة حتى عند الحلاق، وقد سأله الكثيرون عن سبب اختيار اسم يوغرطة الأمازيغي لابنه فقال: “‬يوغرطة* ‬هو* ‬أعظم* ‬ملوك* ‬الجزائر* ‬عبر* ‬التاريخ*”‬، كما أنّه كان يجيب المشككين بأن له ابنة أخرى سمّاها: “جزائر”.

شهادة أصدقائه برهان على نضاله

أنشأ محبو مولود قاسم نايت بلقاسم جمعية تعنى بحماية ما تركه العلامة الراحل من زاد الفكريّ متمثّل في عشرات الكتب والمقلات والدراسات والصور الهامة، التي تؤكّد مساعيه المخلصة في الدفاع عن اللغة العربية، وتردّ على الكتابات المشكّكة في نضاله الكبير رحمه الله، وقد قال فيه صديقه الكاتب أحمد بن نعمان: “مولود قاسم نايت بلقاسم كان يجيد 09 لغات ولهجات أوروبية محلية، تعلمها بمفرده دون اللجوء إلى المدارس، وقال عنه أيضا: “لقد عرفت مولود قاسم فردا في أمة، وفارقته وهو أمة في فرد، لقد كان شخصية عبقرية فريدة من نوعها جمعت بين العلم والأصالة والحكمة، كان يدافع عن الإسلام والعربية بشراسة منقطعة النظير، وكان ينفق 99 بالمائة من وقته في المطالعة والمعرفة، لدرجة أني كنت أشفق عليه.. لقد استطاع من خلال معرفته المدهشة باللغات خدمة القضية الجزائرية في العديد من الدول الأوروبية، أين كتبت الكثير من الصحف عن الثورة وبطولات الشعب الجزائري”.
كان مولود قاسم نايت بلقاسم يحوز مكانة هامة في الحكومة، كونه مترجما بارعا تولّى ترجمة كلّ ما يكتب عن الجزائر في الصحف الأوروبية، إذ كان يحسن تسع لغات عالمية حتى القديمة منها كاللاتينية، وكان مولود قاسم رجل عصاميّا تولى تكوين نفسه بنفسه حتّى وصل إلى إتقان هذه اللغات بلهجاتها المحليّة بكلّ طلاقة، وسخّر هذه القدرة في خدمة البلد في فترة الاستعمار وبعد الاستقلال، إلى درجة أنّه كان يشتغل في بيته ليبقى متابعا لكلّ ما يكتب عن الجزائر.
نقل عنه محمد الصغير بلعلام أحد أصدقائه الأوفياء، أنّ مولود قاسم كان يعتبر فكرة “حوار الديانات” آخر الأساليب الغربيّة المبتكرة لتنصير الشباب، لانّ لكل دين خصوصيته وأصوله وقواعده، وقال بلعلام في شهادته التاريخية المميزة أثناء لقاء تكريم الراحل مولود قاسم، أنّ الفقيد قد أقسم بألاّ يوقّع على أيّة وثيقة جزائرية باللغة الفرنسية، كما أنّه قرّر ألاّ يرد على أيّ بريد يرد إليه إلاّ باللغة العربية، وقال موظفو الوزارة التي كان يقودها أنّه كان صارما في التشديد على أهمية تشكيل الكلمات العربية باستخدام الآلة الراقنة لتوصيل المعاني الصحيحة بين الوزارات الحكومية، وقيل أنّه قام بجلب كتب اللغة العربية من دمشق وبغداد وزوّد بها مقرّ حزب جبهة التحرير الوطنيّ لرعاية مشروع تعريب الجامعة الجزائرية، لكنّه فوجئ باختفائها فيما بعد، فشاهد في دهشة مشروع التعريب وهو يفكّك أمام عينه دون قدرة على التحرّك لوقف تلك المؤامرة.
شهادة أخرى قدّمها المجاهد والمناضل والسياسيّ الكبير عبد الحميد مهري في حقّ مولود قاسم نايت بلقاسم رفيق دربه وزميل دراسته، حيث اعتبره مهري شخصية متعدّدة المواهب، وقال انّه كان مكسبا للجزائر حقّا، ذلك أنّ إسهام نايت بلقاسم في إثراء الحياة السياسية بفكره كان بنيّة جمعه رحمه الله بين هدفي الدفاع عن الأصالة والانتماء العربيّ والإسلاميّ وللامازيغية، والانفتاح على العالم، كما أنّه ساهم في تقديم صورة جميلة عن الجزائر العريقة التي تحافظ على التقاليد وتسعى نحو الحداثة والعصرنة، بمعنى أنّه كان يسعى للمزاوجة بين مسعى ترسيخ قيم إسلام والعروبة وتوطين الحداثة والتقدّم، وقال عبد الحميد مهري أنّ مولود قاسم نايت بلقاسم: “كان يكرّس معالم النهضة في ملتقيات الفكر الإسلامي”، معتبرا أنّ من انتقده ذلك الوقت كان يريد أن يلصق به تهمة التشدّد، وهو لم يكن ليألو أيّ جهد في سبيل الوصول إلى ما كان يصبو إليه.

حبّه الشديد للجزائر واللغة العربية

كان مولود قاسم آيت بلقاسم مدافعا قويا عن الجزائر، وكان يحرّض الجزائر برمتها حكومة وشعبا حتى تلعب الجزائر دورها التاريخيّ أمام المستدمر الفرنسيّ السابق، الذي نهب ثروات البلاد قبل الاستقلال وقتل شعب الجزائر ودمّر أرضه، وهو يسعى بعد الاستقلال في سبيل تشويه تاريخ الجزائر، وقال للرئيس هواري بومدين حين قال له الرئيس الفرنسيّ السابق جيسكار ديستان: “إنّ فرنسا التاريخية تمدّ يدها للجزائر الفتيّة”، قال للرئيس بومدين: “سيادة الرئيس إنّه جيسكار ديستان يشتمنا”، وكأنّي به مذكّرا الجزائريين بأنّ فرنسا تسعى للتشكيك في الكيان الجزائريّ الذي تدّعي أنّه لم يكن موجودا قبل سنة 1830، ويذكّرنا موقفه هذا بقولة الشيخ عبد الحميد بن باديس الشهيرة: “لو قالت لي فرنسا قل لا إله إلا الله لما قلتها”، لقد كان مولود قاسم صارما وشديدا بهذا الخصوص أيضا، وقال مخاطبا الرئيس بومدين: “أفضّل أن أكون بوابا في السويد على أن أكون وزيرا في حكومة ضعيفة في الجزائر”، وقد روي أنّه قرّر عدم النزول من الطائرة في زيارة كان قد أجراها لروسيا سنة 1971 لأنّ وزير الخارجية الروسيّ لم يكن في استقباله، قائلا أنّه يرفض هذه السلوكات التي تنتقص من قيمة الجزائر، وعلى إثر هذه الحادثة قدّم استقالته إلى الرئيس بومدين لكنّ الأخير رفضها، فدعا مولود قاسم نايت بلقاسم القيادة الجزائرية إلى التشدّد في الدفاع عن مصالح الشعب والوطن.
درس مولود قاسم نايت بلقاسم تاريخ الجزائر وتمعّن في أصل شعبه الأمازيغيّ، ووجد أنّ على الجزائريين الافتخار بأجدادهم الأمازيغيين، مذكّرا بدور القائد الإسلاميّ الكبير طارق بن زياد في الفتوحات الإسلامية وفتح الأندلس، ولشدّة حبّه للتاريخ الأمازيغيّ أطلق اسم يوغرطة على نجله الأكبر. وكان يؤلمه كثيرا لجوء بعض الإخوة العرب إلى التشكيك في عروبة الجزائر، وكان غضبه حيال تلك الأقاويل لا يقلّ عن غضب الشيخ البشير الإبراهيميّ الذي كان يقاوم كذلك مثل هذه الإدّعاءات، إذ يقال أنّ الأديب المصري الراحل، دكتور طه حسين ألقى خطابا في حضرة الكتّاب العرب في خمسينيات القرن الماضي بالقاهرة، وقال: “أحسب أنّ العالم العربي مثل طائر إحدى جناحيه في سوريا والعراق والأخر في الخليج العربي، وقلبه في مصر، وذيله في المغرب العربي”، ويقال أنّ رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ الإبراهيميّ قد استشاط غضبا، وقال في ردّه على هذا المثال: “أحسب أنّ الدكتور الفاضل طه حسين كان يقصد في مثاله “طائر الطاووس” وأجمل ما فيه ذيله”.
هذه المسألة أشار إليها الدكتور عبد المالك مرتاض الذي لام كثيرا -في سياق آخر- تجاهل الإخوة العرب لإخوانهم الجزائريين والمغاربة، فقال: “في الوقت الذي يعرف فيه الجزائريون كل شيء عن المشرق لا يعرف المشارقة أي شيء عن الجزائر”، وبهذا الخصوص نستحسن جهود مجلة العربي المرموقة في السعي إلى جسر الهوة بين المشرق والمغرب، في مشروعها البحثيّ السبّاق، والموسوم بـ: “حوار المشارقة والمغاربة”، والذي شارك في إعداده عدد من الكتاب المغاربة المرموقين إضافة إلى كتاب المشرق العربيّ، لنقل جزء من الحقائق المجهولة عن إخوانهم في المغرب العربيّ.

مولود بلقاسم… وضوح الرؤية

رفض مولود قاسم نايت بلقاسم أداء الخدمة الوطنية في صفوف الجيش الفرنسيّ عندما كان شابا أثناء فترة الاستخراب الفرنسيّ، وكان قد قرّر حينها الاعتكاف في الزاوية الدينية والاشتغال بتعلّم الفقة وعلوم الدين وحفظ القرآن الكريم والتفاسير، وكان لا يخشى عصيان السلطات الفرنسية لأنّّه رفض بشدّة الدفاع عن العلم الفرنسيّ قائلا أنّه لن يدافع إلاّ عن العلم الجزائريّ، وهو ما يبرّر رعايته عندما كان وزيرا للشؤون الدينية لمتقيات الفكر الإسلاميّ في سبعينيات القرن الماضي، حيث كان دارسا للفقه والفكر الإسلاميّ، وقد لقيت مبادرة ملتقيات الفكر الإسلاميّ استحسان الشيخ محمد الغزالي رحمه الله عندما كان يرأس جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية بمدينة قسنطينة، ويذكر الجزائريون قولة الشيخ الغزالي عن الملتقيات التاريخية التي رعاها العلامة مولود قاسم، حين قال في مرّة من المرّات: “تذكرني هذه الحرية الفكرية في الجزائر، بموقف طريف حدث بين أخوين مسلمين في أمريكا، كانا يتحاوران في حرية فكرية، وكان أحدهما محبا لسيدنا عليّ كرّم الله وجهه والآخر محبا لسيدنا عثمان بن عفّان رضي الله عنه، وبجانبهما مواطن أمريكيّ، فسألهما قائلا: هل هذان الرجلان مرشحان للرئاسة في بلدكما؟، فقالا له لا، لقد حدث ذلك قبل 14 قرنا، فتعجّب الرجل وقال: بعد كلّ هذه القرون ولا تزالان تناقشان برامجهما الانتخابية؟”، فضحك جمهور ملتقيات الفكر الإسلاميّ ومنهم العلامة مولود قاسم نايت بلقاسم.

مولود قاسم… التواضع والأنفة

فجّر الدكتور بوعلام بن حمودة الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطنيّ مفاجأة بقوله أنّه كان دائم التحايل على مولود قاسم نايت بلقاسم داعيا إيّاه للسعي إلى استرجاع اسمه الثوريّ، لضمان حقوقه ومصالحه الاجتماعية، غير أنّ الرجل رفض في غضب شديد، قائلا أنّه لم يكن يريد مقابلا عن واجب طلبته الجزائر، فأجمل كلمة تصف الرجل أنّه “خدم دينه ولغته ووطنه بشكل أسطوري”.
وقال الشيخ بوعمران رئيس المجلس الإسلاميّ الأعلى أنّه وقف على عظمة مولود قاسم نايت بلقاسم عندما سافر معه إلى ملتقى إسلاميّ عقد في قرطبة اسبانيا، وقال أنّ للرجل ثقافة واسعة وخبرة في عدّة لغات عالمية جعلته يندهش من معرفة هذه الحقيقة، وقال أنّ شغفه لتعلّم المزيد من المعارف كان كبيرا، حيث كان يسأل الشيخ بوعمران أن يدلّه على المساجد والمكتبات الموجودة في اسبانيا والتي لم يكن يعرفها.
كان العلامة الراحل مولود قاسم نايت بلقاسم مسكونا بمصير اللغة العربية وبهموم الأمة الإسلامية رحمه الله، لذلك كان دائما يحثّ أبناءه على حبّ الإسلام واللغة العربية، لقد كان رجلا محبا لانتمائه العربي الإسلاميّ، قاصدا في الدفاع عن العروبة إذا فعل، ومبرزا لدور الحضارة الإسلامية في المحافل الدولية، رجل جمع بين الأصالة والمعاصرة، قوي العزيمة سديد الكلمة، كبير الشأن رفيع المقام، هذا العالم الذي خصّه الرئيس الراحل هواري بومدين بمكانة خاصة حين عيّنه وزيرا في حكومته، وكلّفه بتولي مشروع “التعريب” في البلاد، بدء بالتعليم في الجزائر التي انتشرت بها لغة الهيمنة الفرنسية بعد 132 عاما من الاستخراب الفرنسيّ للعقول والنفوس الجزائرية العربية المسلمة، لذلك لا بدّ على أبنائه في الجزائر أن يسعوا لحماية اللغة العربية والدفاع عن القيم الإسلامية والتشبّث بها في ظلّ استمرار المدّ الثقافيّ الفرنكفونيّ في الجزائر، لأولى معاقل اللغة الفرنسية في العالم بعد فرنسا.












رد مع اقتباس
قديم 2012-01-21, 09:33   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اجريدة الشروق تكرم عائلة الاستاذ العظيم مولود قاسم نايت بلقاسم رحمه الله بحضور جمع من العلماء والرفاق
الأمازيغيّ الذي قتله إلغاء قانون التعريب




https://www.echoroukonline.com/ara/di...nia/41962.html










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-25, 13:12   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
samyr-68
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية samyr-68
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عثمان السعدي شخص معروف بمحاولاته طمس الهوية الأمازيغية للجزائريين و لكن أقول لك شئء واحد أنا أمازيغي أعتز بأمازيغيتي كلغة و ثقافة و الإسلام ديني










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-25, 17:28   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
لمين شنوي
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

ممكن يكون نعم الأمازيغ أصلهم عرب ساميين لأن فعلا يشبهون العرب ملامحهم عربية ليسو بي بيض مثل الأروبيين و ليسو بسود مثل الحبش فا الأمازيغ لديهم الأبيض و الأسمر مثل العرب










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الامازيغ, اصولها, عاربة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc