الدواعش» والجهل بأحكام الجهاد - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الدواعش» والجهل بأحكام الجهاد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-01-30, 09:05   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










Hourse الدواعش» والجهل بأحكام الجهاد

الدواعش» والجهل بأحكام الجهاد «1/4»

د. عارف الركابي

نقلته عن موقع الشيخ حفظه الله

بعض صحف يوم أمس الأربعاء تضمنت خبراً من وزارة التربية والتعليم مفاده أن بعض الجهات تحرض بعض الطلاب للانضمام إلى جماعة «داعش»، والمعلوم أن انحرافات هذه الجماعة في جوانب متعدّدة، إلا أن الجانب الذي يحصل به غالباً التغرير ببعض الشباب واستدراجهم به هو جانب «الجهاد» ومقاتلة الكفار، ومن له أدنى معرفة بفقه الجهاد في الإسلام وفق النصوص الشرعية والمقاصد المرعية يعلم ضلال «الدواعش» ومن نحا نحوهم في هذا الباب، والجهاد هو ذروة سنام الإسلام وفضله عظيم ولا يخفى ذلك لعامة المسلمين، لذلك وجب التفريق بين بيان ضوابط الجهاد وشروطه، وبين الحديث عن فضل الجهاد ومشروعيته ومضيه في الأمة حتى قيام الساعة، ولما كان من أسباب ضلال وانحراف جماعة «داعش» وغيرهم في هذا الباب: عدم معرفة ضوابط الجهاد في الإسلام، ولأن بعض الشباب في بلادنا غرّر بهم بسبب عدم معرفتهم لضوابط وشروط الجهاد وأحكامه فإني أنشر في هذه القضية المهمة ثلاث حلقات تبياناً للحق ونشراً للعلم ومحبة للخير للمسلمين، وفي هذه الحلقة الأولى من هذه السلسلة فإني أضع بين يدي القراء الكرام هذه الكلمات الموجزة من محاضرة بعنوان »مفهوم الجهاد في الإسلام«للبروفيسور عبد السلام السحيمي أستاذ الفقه الإسلامي بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية حيث ورد في محاضرته ما يلي:
إن المعنى الخاص للجهاد يُعَرِّفُهُ الفقهاء ــ رحمهم الله ــ بأنه: قتال مسلم كافرًا، غير ذي عهد، بعد دعوته للإسلام وإبائه، إعلاءً لكلمة الله ــ سبحانه وتعالى ــ، وهذا النوع من الجهاد ينقسم إلى نوعين: جهاد طلب، وجهاد دفع. وقد ذكر أهل العلم لهذا النوع من الجهاد ضوابط شرعية ينبغي مراعاتها لتحقيق المعنى المرجو من الجهاد، لأن الجهاد ليس غاية في نفسه، وإنما هو وسيلة لتحقيق غاية، وهي: إعلاء كلمة الله، فلما جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ــ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ــ، فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، وإن الضوابط العشرة لجهاد الطلب نجدها في كتب الفقه، وشروح الحديث، أخذوها من النصوص الشرعية التي دلت على هذه الضوابط وهي :

ضوابط جهاد الطلب المتعلقة بالمجاهد المسلم:

الأول: الإخلاص لله، وهذا شرط في العبادات كلها قال تعالى: «وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ». ، وقال ــ سبحانه وتعالى: «فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ». وقال النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».

الثاني: القدرة على القتال، والقدرة أصل في تكاليف الإسلام، فالقُدْرَةُ مناط التكليف، وعلى هذا فلابد من هذا الشرط، وإلا سقط عن المسلمين الجهاد كسائر الواجبات، لأن جميع الواجبات يشترط فيها القدرة، لقول الله ــ سبحانه وتعالى: «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، ولقوله تعالى: «لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا»، ولذا حث الشَّارِعُ على الاستعداد للجهاد بالإعداد له بقوة قبل القتال، فإن لم تكن هناك قوة فلا جهاد ولا قتال، إلا أن ينزل العدو بأرض المسلمين قال تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ»، فأيما قوة لدى المسلمين لا يرهبها العدو ويخافها فليست قوة شرعًا، وضابط القوة البشرية: أن يكون عدد المقاتلين الكفار ضعفي عدد المسلمين فأقل، فإن زاد على الضعف لم يجب على المسلمين دخول المعركة، وهذا الشرط خاص بجهاد الطلب، أما في جهاد الدفع فلا يشترط فيه ذلك.

ينبغي التنبيه على أهمية فهم كلام أهل العلم على وفق مرادهم، وأن يكون على مقتضى ما يدل عليه الدليل، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ وغيره من أهل العلم: وَأَمَّا قِتَالُ الدَّفْعِ فَهُوَ أَشَدُّ أَنْوَاعِ دَفْعِ الصَّائِلِ عَنْ الْحُرْمَةِ وَالدِّينِ، فَوَاجِبٌ إجْمَاعًا، فَالْعَدُوُّ الصَّائِلُ الَّذِي يُفْسِدُ الدِّينَ وَالدُّنْيَا لَا شَيْءَ أَوْجَبَ بَعْدَ الْإِيمَانِ مِنْ دَفْعِهِ، فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ شَرْطٌ، بَلْ يُدْفَعُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. اهـ. مقصوده ومقصود العلماء: أنه لا يشترط له شرط، أي الشروط التي تشترط في من يجب عليه الجهاد، بأن يكون المطالب به بالغًا عاقلًا حرًّا ذكرًا، فهذه الشروط لا تشترط في جهاد الدفع، لأنه يدفع بحسب الإمكان. يبقى شرط مهم إذا لم يوجد سقط عنهم الجهاد، وهو: القدرة على صد العدو وكسر شوكته، لذا قال شيخ الإسلام: بل يدفع بحسب الإمكان أي: بحسب القدرة، فتبقى القوة والقدرة على صد العدو شرطاً حتى في جهاد الدفع، يدل على ذلك حديث النَّوَّاسِ بن سَمْعَانَ ــ رضي الله عنه ــ في قصة قتل عيسى ــ عليه السلام ــ للدجال قال قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم-: «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْعِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ»، وجه الدلالة من الحديث أنه لما كانت قوة عيسى ــ عليه السلام ــ ضعيفة بالنسبة إلى يأجوج ومأجوج أمره الله ألا يقاتلهم، ولا يجاهدهم، فدل هذا على أن القدرة شرط.

الثالث: ألا يترتب على قتال العدو مفسدة أعظم من مفسدة ترك القتال، قال الفقهاء ــ رحمهم الله تعالى-: إذا زاد الكفار على الضعف، ورُجِيَ الظفر وغلب على ظننا إن ثبتنا استحب لنا الثبات، وإن غلب على ظننا الهلاك بلا نكاية بالعدو وجب علينا الفرار لقوله تعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»، أو بنكاية فيهم استحب لنا الفرار. فلا يجب على المسلمين الثبات في مثل هذه الحالة التي يخشى عليهم فيها الهلاك، بل قال ابن جزي المالكي: وإن علم المسلمون أنهم مقتولون فالانصراف أولى. وقال أبو المعالي الشافعي الجويني: لا خلاف في ذلك يعني: لا خلاف بين الفقهاء ــ رحمهم الله تعالى ــ.

الرابع: إذن الإمام، أهل السنة والجماعة متفقون على أن أمر الجهاد موكول للإمام المسلم، ومن صلاحياته، وهو الذي ينادي به دون غيره، ويكون تحت رايته إما بقيادته أو بمن ينيبه، ويجب على الرعية طاعته في ذلك، لذلك يقول الإمام أحمد ــ رحمه الله-: والغزو ماضٍ مع الأمراء إلى يوم القيامة، البرِّ والفاجرِّ ويقول الطحاوي الحنفي: والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر المسلمين برهم وفاجرهم إلى أن تقوم الساعة. ويقول الموفق ابن قدامة الحنبلي: وَأَمْرُ الْجِهَادِ مَوْكُولٌ إلَى الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ، وَيَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ طَاعَتُهُ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ. ويقول ابن تيمية: وَيَرَوْنَ إقَامَةَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ مَعَ الْأُمَرَاءِ، أَبْرَارًا كَانُوا، أَوْ فُجَّارًا.

الخامس: أن يكون القتال تحت راية شرعية، قيادة شرعية تنظمه، فالجهاد لا يصلح بدون قيادة ولا راية واضحة ومعلومة، يقول النبي ــ صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ» وقال النبي ــ صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي، وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ». قد يقول قائل من الإمام الذي تجب طاعته؟ وقد ذكر أهل العلم ذلك عند تفرق المسلمين واختلافهم إلى دول، مثل ما كان في أزمنة ماضية، ومثل ما نحن فيه اليوم.
يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب ــ رحمه الله-: فالأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان، له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا، ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يُعرف أن أحدًا من العلماء ذكر أن شيئًا من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم . اهـ. وذكر مثل هذا الكلام الإمام الصنعاني، وكذلك الإمام الشوكاني، فإذا كان المسلم في بلد مسلم حاكمه مسلم، وانعقد الأمر له فإن طاعته في الجهاد واجبة، ولا يخرج المسلم إلى ساحات الجهاد إلا بإذنه، كي لا يترتب على ذلك مفاسد تلحق بالإسلام والمسلمين، لا سيما في هذا العصر، فما يخرج الشخص من بلده الذي له فيه بيعة وطاعة إلى بلد آخر، ولو أراد أن يطلب العدو فخروجه من بلده الذي له حاكم مسلم، وله بيعة، وله طاعة تحتاج الإذن في ذلك. هناك ضوابط أخرى ذكرها أهل العلم، ومنها: إذن الوالدين، وكذلك إذن الغريم إذا كان الجهاد غير متعين، فلا بد من إذن الوالدين، لأن الرجل الذي أتى النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ يسأله عن الجهاد قال له: «أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ». كذلك من كان عليه دين لشخص، فإنه يحتاج أن يستأذن من غريمه قبل أن يخرج إلى الجهاد المشروع الذي توفرت فيه الضوابط التي ذكرها أهل العلم.

ضوابط جهاد الطلب المتعلقة بالمقاتل الكافر:

الأول: ألا يكون الكافر المقاتل ذميًّا، والذمي هو: من يقيم في ديار المسلمين وله ذمة مؤبدة.
الثاني: ألا يكون معاهدًا، والمعاهد هو: من صالحه الإمام على ترك القتال.
الثالث: ألا يكون مستأمنًا، وهو: من قدم على بلاد المسلمين بأمان، بتأشيرة دخول أو غيرها، مثل السفراء، والأُجراء، ومن دخل لزيارة، أو طلب، أو نحو ذلك.
الرابع: وأن يكون المقاتل من أهل القتال.
الخامس: أن يكون القتال بمقابلة الكفار في المعارك، وليس بالتفجيرات، والاغتيالات والانتحارات التي تجر على المسلمين بلاء وفتنة ومفاسد عظيمة.
الدليل على هذه الضوابط التي تتعلق بالمقاتل الكافر قول النبي ــ صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» رواه البخاري، وقد ذكر أهل العلم في معنى هذا الحديث: أن الذمي، والمستأمن، والمعاهد كلهم يدخلون في الحديث.

وأواصل في الحلقة التالية إن شاء الله









 


رد مع اقتباس
قديم 2016-01-30, 09:06   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

الدواعش» والجهل بأحكام الجهاد «2/4»

د. عارف الركابي

نقلته عن موقع الشيخ حفظه الله

بعض صحف يوم الأربعاء الماضي تضمنت خبراً من وزارة التعليم العالي مفاده أن بعض الجهات تحرض بعض الطلاب للانضمام إلى جماعة «داعش»، والمعلوم أن انحرافات هذه الجماعة في جوانب متعدّدة، إلا أن الجانب الذي يحصل به غالباً التغرير ببعض الشباب واستدراجهم به هو جانب «الجهاد» ومقاتلة الكفار، ومن له أدنى معرفة بفقه الجهاد في الإسلام وفق النصوص الشرعية والمقاصد المرعية يعلم ضلال «الدواعش» ومن نحا نحوهم في هذا الباب، والجهاد هو ذروة سنام الإسلام وفضله عظيم ولا يخفى ذلك لعامة المسلمين، لذلك وجب التفريق بين بيان ضوابط الجهاد وشروطه وتوضيحها، وبين الحديث عن فضل الجهاد ومشروعيته ومضيه في الأمة حتى قيام الساعة، فإن بيان أحكام الجهاد وشروطه وضوابطه الشرعية لا يعني أنه تخذيل عن الجهاد كما تدّعي الجماعات المنحرفة في التشويش على العلماء بمثل هذه الأساليب المكشوفة، ولما كان من أبرز أسباب ضلال وانحراف جماعة «داعش» وغيرها في هذا الباب: عدم معرفة ضوابط وشروط الجهاد في الإسلام، ولأن بعض الشباب في بلادنا غرّر بهم بسبب عدم معرفتهم لضوابط وشروط الجهاد وأحكامه، فإني أنشر في هذه القضية المهمة حلقات ثلاثاً تبياناً للحق ونشراً للعلم ومحبة للخير للمسلمين، وفي هذه الحلقة الثانية من هذه السلسلة فإني أضع بين يدي القراء الكرام هذه الكلمات الموجزة من محاضرة لأحد كبار علماء المسلمين في زماننا المعاصر، وهو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور صالح بن فوزان حيث ورد في محاضرته ما يلي: إن الجهاد في سبيل الله شريعة قديمة على ألسن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولما بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أمره بالجهاد، وذلك بعدما صار في المسلمين قوة واستعداد، أمره الله جل وعلا بالجهاد في سبيله لإعلاء كلمة الله ونشر هذا الدين في الأرض، وتخليص مَن وقع عليهم الذل والقهر ومنعوا من الدخول في الإسلام. فالله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد، فما هو الغرض؟ هل الغرض هو الاستيلاء على الممالك والتوسع في الملك؟! لا، هذا أمر تابع، وليس مقصوداً، وإنما المقصود هو إعلاء كلمة الله عز وجل، وإظهار دينه كما في قوله جل وعلا: «وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ» وكما في قوله سبحانه: «قَاتِلُوَهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً». فالجهاد أمر قائم إلى أن تقوم الساعة، ماضٍ مع كل إمام من أئمة المسلمين، سواءً كان بَرًّا أو فاجرًا، وهذا من عقيدة المسلمين، فإن في كتب العقائد يقولون: والجهاد ماضٍ مع كل إمامٍ بَراً كان أو فاجِراً. ولا بد للجهاد من أمور:

أولاً: الدعوة إلى الله عز وجل، فلا بد أن يسبق الجهاد الدعوة إلى الله عز وجل، فلا يُبْدَأ في القتال قبل الدعوة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الإسلام، ويكاتب الملوك ملوك الأرض والرؤساء يدعوهم إلى الإسلام تمهيداً للجهاد في سبيل الله.

ثانياً: التنظيم، فلا بد أن يكون هناك تنظيم للجهاد، وأن يكون بأمرٍ من ولي أمر المسلمين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الذي ينظم الجيوش ويقودها بنفسه، وأحياناً يخلف عليها قادة من المسلمين، وينظم السرايا، فما كان المسلمون يقاتلون بدون أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك الخلفاء من بعده، والولاة ولاة أمور المسلمين هم الذين ينظمون الجهاد في سبيل الله عز وجل، وليس لأحد أن يقاتل تحت راية ولي أمر المسلمين بدون طاعته، هذا هو هدى الإسلام للجهاد في سبيل الله.

ثالثاً: القدرة على القتال، فلا بد أن تكون في المسلمين قوة للقيام بالجهاد في سبيل الله، وأن يكون عندهم استعداد تام له، فإذا لم تكن عندهم قوة ولا استطاعة، فإنه يجب عليهم تأجيله إلى أن تتم القوة والاستطاعة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة قبل الهجرة يُؤْذَوْنَ ويَتَطَاوَلُ عليهم المشركون، والله يأمر نبيه بالعفو والصفح وانتظار أمره سبحانه وتعالى، ولم يأمرهم بالجهاد في هذه الحالة، وذلك لضعفهم وعدم استطاعتهم؛ لأن الجهاد يحتاج إلى قوة، قال تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ». أما إذا كان المسلمون يجاهدون عدوهم وليست فيهم قوة، فإن هذا يجر عليهم الانتكاسة، فيتسلط عليهم العدو، لأنه لا بد أن تكون معهم عُدَّة واستعداد وقوة يجاهدون بها عدوهم من الكافرين الذين يَصُدون عن سبيل الله، ويمنعون الناس من الدخول في الإسلام، وينشرون الكفر في الأرض، ويقاتلون المسلمين، هؤلاء هم الذين يقاتلون من الكفار، أما الذين لا يقاتلون المسلمين ولا ينشرون عقيدتهم، وكفرهم قاصر عليهم، فهؤلاء لا يقاتلون. وإن الغرض من الجهاد في سبيل الله هو إعلاء كلمة الله، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»، والله جل وعلا قال: «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» أي: في طاعته ونشر دينه وإعلاء كلمته، فليس الغرض هو التسلط على الناس، أو أخذ أموالهم أو سفك دمائهم، إنما الغرض هو إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى ونشر هذا الدين، لأنه دين البشرية الذي ارتضاه الله لخلقه، فجهاد الكفار من صالحهم، لأنهم ينقادون لدين الله وبذلك يحقنون دماءهم ويخرجون من الكفر إلى الإيمان، ومن الظلمة إلى النور، ومن الضلالة إلى الهداية، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِى السَّلاَسِلِ» قوله: يدخلون الجنة في السلاسل. بمعنى أنهم كانوا يقاتلون ثم يؤسرون، ثم يمن الله عليهم بالإسلام فيُسْلِمون فيدخلون الجنة، ولو تركوا على كفرهم لدخلوا النار. فالجهاد فيه مصلحة للكفار، لأنه قد يكون سبباً لإسلامهم ودخولهم الجنة، وفيه أيضاً مصلحة للمسلمين وذلك بنشرهم دينَ الله من خلاله، مما يكون سبباً لحصول الأجر والثواب بما ينالونه من التعب والعنت. وفي قوله تعالى دلالة على ذلك حيث قال: «وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ القَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ». فالمسلمون يتحملون في الجهاد المتاعب والأخطار لإعلاء كلمة الله وإنقاذ البشرية من الضلال، فليس الغرض من الجهاد سفك الدماء كما يقول أعداء الدين المنفرون منه، وإنما المقصود منه هو مصلحة البشرية لتدخل في دين الله الذي به تسعد في الدنيا والآخرة، هذا هو الجهاد في سبيل الله عز وجل، وهذه بعض أحكامه وضوابطه، وهو من أعظم أصول الإسلام والعقيدة، فيجب أن يُفْهم هذا، لا أن يقال: لا جهاد في الإسلام، فالإسلام دين رحمة ودين تسامح مع الآخرين. نافين بذلك ما أمر الله به من تبليغ الدين من خلاله. نعم الإسلام دين رحمة وتسامح، لكن لا بد من تبليغ دين الله، فإن حال حائل دون تبليغ رسالة الله فلا بد إذن من الجهاد ومقاتلة أعداء الله الذين يمنعون تبليغ دينه للخلق، فالتسامح والرحمة يجب أن يكونا في موضعهما، فإذا وضع الشيء في غير موضعه انقلب إلى ضده.. قال الشاعر: وَوَضْعُ النَّدَى فِي مَوْضِعِ الْسَّيْفِ بِالْعُلا مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ فِي مَوْضِعِ النَّدَى فيجب أن يوضع كل شيء في موضعه، الإسلام دين رحمة ودين تسامح ودين خير، لكن ليس معنى ذلك أن يترك الجهاد، بل الجهاد نفسه رحمة للناس ليخصلهم من الكفر والشرك وجبروت الطواغيت، ويدخلهم في عبادة الله وحده لا شريك له، فكم أثمر جهاد المسلمين في عهد رسول الله وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم، لقد أثمر للبشرية من الخير، فقد أنقذ الله به أُمَماً وأجيالاً من الكفر، ونشأت أجيال فصارت من أئمة الإسلام في العلم، لقد كانوا من قبل كفاراً أشراراً ثم صاروا بعد الجهاد في سبيل الله من خير الناس عِلْماً وعملاً وديناً وتُقىً، فلو تركوا ولم يجاهدوا لظلوا على شرهم وكفرهم وانتهوا إلى نار جهنم، فهذا هو الجهاد في سبيل الله، وليس الجهاد قتل الأبرياء أو الاعتداء على المعاهدين والمستأمنين، أو هو فوضى، كُلٌّ يحمل السلاح بدون ضوابط، وبدون طاعة ولي أمر أمر المسلمين، فهذا من الفوضى، وفي هذا سفك للدماء، ولا تترتب عليه فائدة بل تترتب عليه أضرار عظيمة، وهذا يشوه صورة الإسلام. إن الجهاد في سبيل الله طريق الدعوة إلى الإسلام، وإذا تم بصورة مخالفة للشرع وبقتل وسفكٍ للدماء واعتداء على الناس، فهذا مما لا شك فيه يشوه صورة الإسلام، ويجعل أعداء الإسلام من الكفار يتخذون من هذا الصنيع الذي يفعله الجهال ذريعةً لتشويه صورة الإسلام ويقولون عنه: إن الإسلام دين إرهاب. وذلك لأن الذين حاربوا وقتلوا بهذه الصورة لم يلتزموا بضوابط الجهاد الصحيح، ولو التزموا بضوابط الجهاد الصحيح، لأدى ذلك إلى نشر الإسلام الذي يكون فيه خير للبشرية، والذي هو في الحقيقة رحمة للعالمين، قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ». وكونه رحمة للعالمين لِمَا فيه من إنقاذ البشرية من الهلاك بعذاب الله، وذلك بإخراجها من الظلمات إلى النور، نور الإيمان ونور العلم، وهو سبب في دخول الجنة والنجاة من النار. «وأواصل في الحلقة التالية إن شاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-30, 09:07   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

الدواعش» والجهل بأحكام الجهاد «3/4»

د. عارف الركابي

نقلته عن موقع الشيخ حفظه الله

بعض صحف يوم الأربعاء الماضي تضمنت خبراً من وزارة التعليم العالي مفاده أن بعض الجهات تحرض بعض الطلاب للانضمام إلى جماعة (داعش). والمعلوم أن انحرافات هذه الجماعة في جوانب متعدّدة،إلا أن الجانب الذي يحصل به غالباً التغرير ببعض الشباب واستدراجهم به، هو جانب (الجهاد) ومقاتلة الكفار، ومن له أدنى معرفة بفقه الجهاد في الإسلام وفق النصوص الشرعية والمقاصد المرعية، يعلم ضلال(الدواعش) ومن نحا نحوهم في هذا الباب. والجهاد هو ذروة سنام الإسلام وفضله عظيم ولا يخفى ذلك لعامة المسلمين، لذلك وجب التفريق بين بيان ضوابط الجهاد وشروطه وتوضيحها، وبين الحديث عن فضل الجهاد ومشروعيته ومضيه في الأمة حتى قيام الساعة. فإن بيان أحكام الجهاد وشروطه وضوابطه الشرعية لا يعني أنه تخذيل عن الجهاد كما تدّعي الجماعات المنحرفة في التشويش على العلماء بمثل هذه الأساليب المكشوفة، ولما كان من أبرز أسباب ضلال وانحراف جماعة (داعش) وغيرها في هذا الباب: عدم معرفة ضوابط وشروط وأحكام الجهاد في الإسلام، ولأن بعض الشباب في بلادنا غرّر بهم بسبب عدم معرفتهم لضوابط وشروط الجهاد وأحكامه، فإني أنشر في هذه القضية المهمة هذه الحلقات تبياناً للحق ونشراً للعلم ومحبة للخير للمسلمين، وفي هذه الحلقة الثالثة من هذه السلسلة أضع بين يدي القراء الكرام هذه الكلمات الموجزة من محاضرة لأحد كبار علماء المسلمين في زماننا المعاصر وهو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور سعد بن ناصر الشثري بعنوان : مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه حيث ورد في محاضرته ما يلي:

لابد من معرفة الضوابط الشرعية للجهاد قبل العمل به، وهذا يدلنا على أهمية العلم بأية عبادة نريد أن نفعلها قبل أن ندخلها، حتى تكون وفق مراد الله عزَّ وجلَّ، وعلى وفق مراد رسوله (صلى الله عليه وسلم)، بحيث لا نؤدي العبادة خالية من شروطها الشرعية، فتكون مردودة غير مقبولة عند الله عزَّ وجلَّ.
الشرط الأول: صلاح النية، من شروط الجهاد الشرعي: صلاح النية، بأن يقصد المرء بعمله وجه الله والدار الآخرة، لا يريد شيئاً من الدنيا، ولا يكون جهاده من أجل حزب، ولا جماعة، ولا تنظيم، ولا دنيا يقصدها، وإنما يكون عمله لله عزَّ وجلَّ، يريد به وجه الله والدار الآخرة، كما جاء في حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه: «سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ».

الشرط الثاني: مراعاة المصالح والمفاسد، من الضوابط الشرعية التي جاءت بها الشريعة في باب الجهاد: مراعاة تحقيق المصالح ودرء المفاسد، فإن الجهاد ما قُرِّرَ إلا من أجل رفع كلمة الله عزَّ وجلَّ، فإذا كانت مقاتلة الإنسان لغيره ستؤدي إلى تسلط الأعداء، وتؤدي إلى جعل الناس يبتعدون عن شريعة الله ودينه، وتؤدي إلى جعل كل من سمع بدين الإسلام ينفر منه ولا يقبله، فحينئذ لا بد من مراعاة المصلحة الشرعية في ذلك.

الشرط الثالث: القدرة على قتال العدو، من الضوابط الشرعية في ما يتعلق بباب الجهاد أن يكون هناك قدرة على مقاتلة العدو، فإن لم يكن بالمسلمين قدرة على مقاتلة العدو، فإنه حينئذ لا يجوز لهم الدخول في هذا الباب حتى يكون لديهم القوة والقدرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام لم يشرع له الجهاد، بل قد نهي عن القتال لكون أهل الإسلام ليس لهم دولة ولا إمام، ولكون أهل الإسلام لم تكن قدرتهم مكافأة مع أعدائهم، فلو دخلوا مع أعدائهم في قتال لأدى ذلك إلى تسلط الكفار على المسلمين، وأدى ذلك إلى القضاء على أهل الإسلام، ويقطعون الخير الذي أنزله الله عزَّ وجلَّ على نبيه صلى الله عليه وسلم. والقدرة تكون في الأموال والسلاح والأبدان، ولهذا أمر الله عزَّ وجلَّ بإعداد القوة كما قال سبحانه: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ».

الشرط الرابع: مراعاة العهود والمواثيق، ومن الضوابط الشرعية في باب الجهاد: مراعاة العهود والمواثيق التي يعقدها أهل الإسلام، فإذا كان هناك عهد وميثاق، فإنه لا يجوز نقضه باسم الجهاد، وإذا خِيفَ من العدو أن يقاتل المسلمين في وقت العهد والميثاق فإنه حينئذ يُبَلَّغُونَ بانتهاء العهد والميثاق، كما قال سبحانه: «وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ».
الشرط الخامس: الجهاد يجب أن يكون مع إمام، من الضوابط المتعلقة بالجهاد: أن الجهاد لابد أن يكون مع إمام، إذ لو لم يكن الجهاد مع إمام لكان ذلك فوضى، ولكان سبباً من أسباب تفرق المسلمين، وتسلط العدو عليهم، لأنه لا بد في الجهاد من ولاية يرجع الناس إليها، ويستأمرونها، ويستأذنونها، وتجتهد في أحكام الجهاد، وتنظر ما يُصْلح المسلمين، وما يلحق السيئات والعواقب الرديئة بهم، ويعرف مكامن العدو، ولو لم تكن هناك ولاية وإمامة فلا يكون هناك جهاد، ويدل على ذلك النصوص الشرعية الثابتة منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ عزَّ وجلَّ وَعَدَلَ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ».
ويدل عليه أيضاً قول اللهعزَّ وجلَّ: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ» و«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا»، فدل ذلك على أن الذين يأمرون بالنَّفْر هم أهل الولاية، وهو الإمام الأعظم كما في الحديث: «إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». وإن من لم تصح له ولاية، ولا بيعة، ولا إمامة، لا يدخل في هذا الباب، ولا يكون من أئمة المسلمين، ولا يطاع لا في باب الجهاد ولا في غيره، لأنه لم تنعقد له ولاية صحيحة، فكون الإنسان يكون في بلد محاصرة يقاتله أهل ذلك البلد، لا تثبت له ولاية على البلد الذي هو فيه، فضلاً عن إثبات الولاية له في البلدان الأخرى، فمثل هذه البيعة، وهذه الولاية غير منعقدة، غير ملزمة شرعاً.

الشرط السادس: استئذان ولي الأمر، إذا تقرر هذا فلابد من استئذان الأئمة والولاة، فمن كان تابعاً لإمام وفي رعيته وجب عليه أن يستأذن إمامه في الجهاد قبل أن يقدم عليه، وهكذا كان حال الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين، ولذلك جاء في الحديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ: «أَحَيٌّ وَالِدَاك»؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ».

الشرط السابع: استئذان الأبوين، من ضوابط الجهاد: أنه لا بد من استئذان الأبوين في الجهاد، الذي يكون من فروض الكفايات، ولا يجوز لإنسان أن يخرج للجهاد والقتال، وهو لم يستأذن من أبويه، أو لم يستأذن من إمامه.

الشرط الثامن: ألا يقاتل غير المقاتلين، ومن ضوابط الشريعة في ما يتعلق بباب الجهاد: ألا يقاتل غير المقاتلين، فالنساء والصبيان والشيوخ الكبار ومن لا يقاتل، لا يشرع قتالهم، ولا يعد قتالهم من الجهاد الشرعي، وقد وجد النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه امرأة مقتولة، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ فِيمَنْ يُقَاتِلُ».
وقد جاء في عدد من النصوص الواردة عن الأئمة: أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم في إرسالهم للجيوش والسرايا أنهم يوصونهم: ألا يقتلوا وليدًا، ولا شيخاً فانياً، ولا امرأة، ولا معتزلاً في صومعة، وهم في هذا مقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا». ومن ضوابط الجهاد في ما يتعلق بهذا الشرط أن يلاحظ أن مقاتلة العدو لبعض المسلمين لا يعني أنه بذلك قد نقض العهد بينه وبين بقية المسلمين، وهذه قاعدة قد يغفل عنها بعض الناس، وذلك أنه إذا وجد عهدًا وميثاقاً بين أهل الإسلام وبين غير المسلمين بعدم المقاتلة، ولم يحتوِ ذلك الصلح والعهد عدم مقاتلة العدو لمسلمين آخرين، فإنه حينئذ لا يعد ذلك نقضاً للصلح، ولا يعد نقضاً للعهد والميثاق، ويجب الوفاء بذلك العهد والميثاق.
دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صالح قريشاً وقامت قريش بعد ذلك بإيذاء المسلمين الذين في مكة وتعذيبهم من أجل صدهم عن دينهم، لم ينقض النبي صلى الله عليه وسلم العهد الذي بينه وبين أهل مكة، ويدل على هذا قوله جلَّ وعلا-: «وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ» (سورة الأنفال: الآية 72). فدل ذلك على أن المواثيق لا تنتقض بمقاتلة العدو لبعض المسلمين، إذا لم يكن من بنود الصلح والعهد أن الصلح ينتقض بمثل ذلك.
ومما يتعلق بهذا الشرط: أن بعض الناس يتوسع في هذا الباب ويزعم أن كل معاون للعدو فإنه يشرع قتاله وجهاده، ولو كانت معاونته بغير أمر متعلق بالقتال، وهذا الفهم فهم خاطئ وليس من مدلول الأحكام الشرعية، فعندما يأتي إنسان ويقول: من عامل غير المسلمين فإنني أستبيح قتاله، وأنقض العهد الذي بينه وبين غيره بسبب هذا الفعل الذي وقع منهم. فنقول: هذا خطأ ومخالف للشرع، وليس من أحكام الإسلام في شيء، وذلك أن الناس يتعاملون مع غير المسلمين بيعاً وشراء مما لا يتضمن إعانتهم في قتالهم على عدوهم المسلم، ولم يكن ذلك مبيحاً لانتقاض العهد معهم.

قلتُ : ليت (الدواعش) ومن يغرّر بهم من شبابنا يطلعون على كلام أهل العلم القائم على الأدلة الشرعية ويراعي المقاصد الشرعية المرعية في الجهاد.
وأواصل في الحلقة التالية إن شاء الله تعالى..والتي ستكون في الإجابة على بعض شبهات (الدواعش)










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-30, 09:08   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

الدواعش» والجهل بأحكام الجهاد «4/4»

د. عارف الركابي

نقلته عن موقع الشيخ حفظه الله

بعض صحف يوم الأربعاء الماضي تضمنت خبراً من وزارة التعليم العالي مفاده أن بعض الجهات تحرض بعض الطلاب للانضمام إلى جماعة «داعش» ، والمعلوم أن انحرافات هذه الجماعة في جوانب متعدّدة ،إلا أن الجانب الذي يحصل به غالباً التغرير ببعض الشباب واستدراجهم به هو جانب «الجهاد» ومقاتلة الكفار، ومن له أدنى معرفة بفقه الجهاد في الإسلام وفق النصوص الشرعية والمقاصد المرعية يعلم ضلال «الدواعش» ومن نحا نحوهم في هذا الباب، والجهاد هو ذروة سنام الإسلام وفضله عظيم ولا يخفى ذلك لعامة المسلمين، لذلك وجب التفريق بين بيان ضوابط الجهاد وشروطه وتوضيحها، وبين الحديث عن فضل الجهاد ومشروعيته ومضيه في الأمة حتى قيام الساعة، فإن بيان أحكام الجهاد وشروطه وضوابطه الشرعية لا يعني أنه تخذيل عن الجهاد كما تدّعي الجماعات المنحرفة في التشويش على العلماء بمثل هذه الأساليب المكشوفة، ولما كان من أبرز أسباب ضلال وانحراف جماعة «داعش» وغيرها في هذا الباب: بعض الشبهات التي تلقى في بعض أحكام الجهاد، ولأن بعض الشباب في بلادنا غرّر بهم بسبب عدم معرفتهم التوجيه الصحيح لما يلقى عليهم من شبهات تتعلق بالجهاد وأحكامه، فإني انتقي لهذه الحلقة الرابعة من هذه السلسلة للقراء الكرام الجواب عن الفهم الخاطئ الذي تردده جماعة داعش ومن نحا نحوهم من لحديث «الجهاد ماض إلى يوم القيامة» وقد أجاد الإخوة الأفاضل في موقع «السكينة» وهو موقع متخصص في المناقشة العلمية لهذه القضايا أجادوا الجواب المختصر بتوجيه هذا الفهم كما تضمنّت الإجابة التشغيب الذي يمارسه الغلاة من عدم اشتراط ولي الأمر في الجهاد، فاقتبس منه ما يلي: يتشدق الغلاة بأن الجهاد هو سبيلهم، والموت في سبيل الله غايتهم، وأن الحديث النبوي الصحيح الذي رواه أبو داود وغيره أخبر بأن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة. فهل جهادهم المزعوم هو الجهاد الشرعي الذي ورد مدحه والقائمين به في الكتاب والسنَّة؟

لنرى ذلك فيما يلي:

أولاً: لا خلاف بين المسلمين على أن الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام، وأنه من أفضل الأعمال، وأجَلّ الطاعات، وأن المجاهدين الحقيقيين هم أفضل من القاعدين؛ إذ فضلهم الله عليهم، فهو بهذا عبادة عظيمة من أحب العبادات إلى الله، والعبادة كما هو معلوم لكل ذي بصيرة وعلم في الشريعة مَنُوطَة بأحكامها وشروطها وأركانها وسننها، وأن أية عبادة لا بد من توفر الشرطين الأساسيين فيها، وهما: إخلاص القصد لله تعالى فيها. وأن تكون العبادة موافقة للشريعة وعلى منهاج النبوة.
فهذه العبادة العظيمة غير خارجة عن نصوص الشريعة التي وردت في ضبطها وإحكامها، وليست كَلأً مباحًا يتزعمه كل من أراد أن يرفع عَقيرته بأنه مجاهد، أو يصف فعله بأنه من الجهاد، فمنذ بدأ علماء الإسلام في التصنيف والتأليف وهم يذكرون أحكام الجهاد وشروطه وسننه، وكل من أراد التلبس بهذه العبادة العظيمة فهو تحت تلك القيود الشرعية التي بيَّنها علماء الإسلام لتكون هذه العبادة على الوجه الصحيح الذي شرعه الله عز وجل. والعجيب أن تجد من يتلبس بهذه العبادة العظيمة يسأل العلماء عن أحكام الطهارة والصلاة، ولا يسأل أو يهتم بسؤال أهل العلم عن أحكام هذه العبادة، وربما يصل لمرحلة أن يجيز لنفسه الفتيا فيها.
فالجهاد مرتبط بمعرفة أحكامه وحدوده حتى يكون صحيحًا، وليس موكولاً للمجاهدين أنفسهم؛ لأن تجاوزهم للحدود الشرعية وارد، ولا مصحح لتصرفاتهم إلا بالرجوع لعلماء الشريعة، والجاهل يفسد أكثر مما يُصْلِح، وكم من مريد للخير حالَ جهلُه بينه وبين إدراكه. قال شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة رحمه الله: «الواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح، الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا، دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين، فلا يُؤخذ برأيهم، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا». وقال الشيخ صالح الفوزان حفِظه الله: «والجهاد له باب عظيم في مؤلفات أهل العلم يُرجع إليها، وتُستقرى هذه الأحكام من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويسأل عنها أهل العلم وأهل البصيرة؛ لأن الجهاد أمره عظيم، إذا نُظِّم وصار على ما رسمه الله ــ عز وجل ــ صار جهادًا نافعًا للأُمة، أما إذا كان فوضى وبغير بصيرة وبغير علم فإنه يُصبِح نكسة للأمة وعلى المسلمين، فكم يقتل من المسلمين بسبب مغامرة جاهل أغضب الكفار ــ وهم أقوى منه ــ فانقضوا على المسلمين تقتيلاً وتشريدًا وخرابًا، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله، ويسمون هذه المغامرة بالجهاد، وهذا ليس من الجهاد؛ لأنه لم تتوافر شروطه، ولم تتحقق أركانه، فهو ليس جهادًا، إنما هو عدوان لا يأمر الله ــ عز وجل ــ به».

ثانيًا: أن كون الجهاد ماضيًا إلى قيام الساعة لا يعني عدم ترك الجهاد إذا لم تتوافر شروطه؛ لأن كل عبادة إذا لم يستطع المكلَّف القيام بها سقطت عنه بإجماع المسلمين، فالتكليف بكل ما أوجبه الله تعالى من طاعته وتقواه مشروط بالقدرة، كما قال سبحانه: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»، والقدرة في باب الجهاد قدرتان: قدرة خاصة بالأفراد؛ إذ من كان عاجزًا لم يجب عليه الجهاد، وإن كان واجبًا على بقية مجموع الأمة حتى يقوم به بعضهم، كما قال تعالى: «لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ». وقدرة متعلقة بمجموع الأمة، بحيث لا يجوز لآحاد القادرين إقحامها في قتال وهي غير قادرة عليه، ومنع النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أصحابه الكرام من الجهاد في العهد المكي نتيجة ضعفهم ومحدودية قدرتهم خير شاهد على وجوب مراعاة ذلك، وتعليق الجهاد بسبب النوع من العجز ليس من إبطال الجهاد في شيء كما يدعيه بعض من قلّ فقهه، لكنه تُرك للعمل به عند تعذُّر تحقيق غاياته. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعَف، أو في وقت هو فيه مستضعف، فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين». وقال الشيخ عبد الرحمن السِّعدي رحمه الله: «فليعلم هؤلاء ومن يستجيب لهم أن الله لم يكلف الناس إلّا وسعهم وطاقتهم، وأن للمؤمنين برسول الله صلى الله عليه وسلم ــ أُسوة حسنة، فقد كان له ــ صلى الله عليه وسلم ــ حالان في الدعوة والجهاد، أُمِر في كل حال بما يليق بها ويناسبها: أُمِر في حال ضعف المسلمين وتسلط الأعداء بالمدافعة والاقتصار على الدعوة إلى الدين، وأن يكف عن قتال اليد؛ لِما في ذلك من الضرر المربي على المصلحة. وأُمِر في الحالة الأخرى أن يستدفع شرور الأعداء بكل أنواع القوة، وأن يسالم من تقتضي المصلحة مسالمته، ويقاوم المعتدين الذين تقتضي المصلحة ــ بل الضرورة ــ محاربتهم». فعلى المسلمين الاقتداء بنبيهم في ذلك، وهو عين الصلاح والفلاح.

ثالثًا: أن اتخاذ قرار الجهاد مرهون بإمام المسلمين، كما ثبت في الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ــ رضي الله عنه ــ عَنِ النَّبِيِّ ــ صلى الله عليه وسلم ــ قَالَ: «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ ــ عَزَّ وَجَلَّ ــ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ».
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: «يجب أن يُعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلَّا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس… ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجُمَع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة، ولهذا رُوي أَنَّ السُّلْطَانَ ظِلُّ اللهِ فِي الأَرْضِ. ويُقال: «سِتُّونَ سَنَةً مِنْ إِمَامٍ جَائِرٍ أَصْلَحُ مِنْ لَيْلَةٍ بِلَا سُلْطَانٍ والتجرِبة تبيِّن ذلك… فالواجب اتخاذ الإمارة دينًا وقربة يُتقرب بها إلى الله، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القُرُبات، وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرياسة أو المال بها». وقال القرافي المالكي: «
».إن الإمام هو الذي فوضت إليه السياسة العامة في الخلائق، وضبط معاقد المصالح، ودرء المفاسد، وقمع الجناة، وقتل الطغاة، وتوطين العباد في البلاد، إلى غير ذلك مما هو من هذا الجنس». وقال ابن قُدامة الحنبلي: «وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك». فالجهاد ليس متروكًا لآحاد الناس متى ما أراد دعا الناس للجهاد، ولو كان بيد كل أحد لكان ذلك بوابة للاختلاف، وسلمًا للفتنة، ولعمّت بذلك الفوضى، وظهرت الفُرقة، وقيدت الأمة كما هو الحال في عصرنا إلى ما لا يُحمد من إضعاف المسلمين، وتسليط أعدائهم عليهم، وتشويه جمال الإسلام، وإعاقة مسيرة الدعوة الإسلامية.

رابعًا: أن الجهاد بريء براءة الذئب من دم يوسف فيما يفعله الغلاة من قتلهم للمسلمين واستحلال أعراضهم، فالجهاد إنما شُرع لحماية المسلمين من كيد الأعداء، وحماية بَيْضَتِهِم؛ وإرهاب أعداء الله من الكافرين، فكيف يعقل أو يستسيغ مسلم أن يرجع المجاهد زورًا إلى المسلمين ويعمل فيهم بالسيف، ويفجر ويقتل، ويدعي أنه مجاهد في سبيل الله.
والحاجة ماسة للمواصلة في الإجابة عن شبهات داعش ومن نحا نحوها ونشر الفقه الصحيح لشروط وضوابط وأحكام الجهاد، خاصة ونحن نسمع بين فترة وأخرى عن شباب في مجتمعنا غرر بهم، لكن ثمة موضوعات أخرى بحاجة إلى طرق، فأتوقف بهذه الحلقة في هذه السلسلة وأواصل إن شاء الله في ذات الموضوع لاحقاً
[/color]










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-30, 21:54   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عائشة قدوتي
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2018-11-20, 00:16   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
badr.hk
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

صح مولودكم










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc