البدعة وخطرها >> أصول الفقه - الصفحة 9 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

البدعة وخطرها >> أصول الفقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-07, 19:31   رقم المشاركة : 121
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

زيادة العبادة في أيام تنتشر فيها المعصية

السؤال

ما حكم عمل عبادة في وقت هرج الناس ( مثل رأس السنة الميلادية ) ، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : (عبادة في الهرج كهجرة إلي ) ؟


الجواب

الحمد لله

المسلم المتمسك بدينه هو الذي يذكر الله سبحانه وتعالى في السر والعلن ، وفي السراء والضراء ، لا يغيب ربه عن ذكره ولا عن قلبه ، ولا تشغله عن عبادته الشواغل

ولا تصرفه عن حبه الصوارف ، فتراه في جميع شأنه حريصا على عبادة الله ، حريصا على شغل عمره بطاعة ربه ومولاه ، إذا خالط العابدين نافسهم وسابقهم إلى رضوان الله

وإذا رأى الغافلين استشعر نعمة الله عليه بما حباه ، فهؤلاء هم الشهداء الغرباء القابضون على الجمر ، الذين وردت الأحاديث في فضل عملهم ، وتمسكهم بالسنة في زمان الفتنة والمحنة والغربة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) رواه مسلم (145)

فالفضل حاصل لمن يحافظ على السنة والطاعة والعبادة في أيام الفتنة والغفلة كما يحافظ عليها في أزمان الصلاح والتقوى ، فهو عامل عابد على كل حال .

هذا هو الذي جاءت الأحاديث في مدحه والثناء عليه .

أما ما قد يفهمه بعض الناس ، أن يترقب أحدهم أيام انتشار المعاصي والمنكرات ، ليبادر إلى تخصيص ذلك اليوم بصيام أو قيام ، ولا يكون ذلك من هديه وعادته في غالب أيامه وأحواله

فليس هذا من الفهم الصحيح للحديث ، وليس مقصودا للشارع الحكيم ، وإنما المقصود الحث على التمسك الدائم بالسنة ، والقيام الكامل بأوامر الله تعالى

ليبقى المسلم منارة في الأرض في أزمنة الظلام ، ويلقى الله تعالى وما استقال من بيعته التي بايع عليها حين أعلن استسلامه إليه عز وجل .

وهذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كانت أيامه وساعاته خالصة لوجه الله تعالى ، فلم يكن يدع فرصة لعبادة الله تفوته ، حتى سأله أسامة بن زيد رضي الله عنه : قال

: يا رسول الله ، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ فقال : ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ

فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ . رواه النسائي في "السنن" (رقم/2357) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/1898)

وهذا هو أيضا معنى الحديث الذي يرويه مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه ، أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ) رواه مسلم ( 2948 )

قال النووي رحمه الله :

" المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس ، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ، ويشتغلون عنها ، ولا يتفرغ لها إلا أفراد " انتهى.

"شرح مسلم" (18/88)

فلا نرى للأخت السائلة ولا لغيرها من المسلمين تخصيص ليالي رأس السنة الميلادية بعبادة ، على وجه المقابلة للكفار الذين يملؤونها بالمعاصي

إلا إذا كان القيام أو الصيام من عادة المسلم في باقي أيامه ، فلا بأس حينئذ من العبادة تلك الليالي ، والله سبحانه وتعالى يجزيه خيرا على عمله ونيته .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-07, 20:15   رقم المشاركة : 122
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء ترديد الأذان ؟

السؤال


أذن المؤذن ، فلما وصل المؤذن عند قول : أشهد أن محمدا رسول الله . قلت أنا السامع : أشهد أن محمدا رسول الله . ثم صليت على النبي . فقال لي أحدهم : إن هذه الصلاة

مني بدعة . فهل هذا صحيح ؟ مع الدليل . وأنا لم أذكر الصلاة إلا لأني سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه : ( البخيل من ذكرت عنده ولم يصل علي )

فماذا أفعل يا شيخ والحال كما ذكرت ؟

أرجو منك الإجابة المفيدة ، فلقد تعبت ، هل فعلي بدعة ؟


الجواب


الحمد لله


الواجب في الأذكار والأدعية الشرعية المقيدة بحال معين الالتزام فيها بما ورد في الكتاب والسنة ، من غير زيادة ولا نقصان .

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري" (11/112) :

" ألفاظ الأذكار توقيفية ، ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس ، فيجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به " انتهى .

ودليل هذه القاعدة أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّم البراء بن عازب الالتزام باللفظ من غير تغيير ، وذلك حين لقنه دعاء يدعو به إذا أراد النوم فقال له :

( إذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ

إِلاَّ إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ

: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ . قُلْتُ : وَرَسُولِكَ قَالَ " لاَ ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ " )

رواه البخاري (247) ومسلم (2710)

وهدي السلف في باب السنة والبدعة هو الاحتياط الدائم ، والالتزام بالسنة الواردة خوفا من الوقوع في البدعة .

يقول ابن مسعود رضي الله عنه :

" اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة "

انتهى . رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/208)

لذلك أنكر بعض الصحابة على من زاد على المشروع ؛ فعَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ .

قَالَ ابْنُ عُمَرَ

: " وَأَنَا أَقُولُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ عَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ "

رواه الترمذي (2738) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم الأذكار بألفاظها ، ويحرص على تحفيظهم إياها كما أوحاها الله إليه ، وكما يعلمهم السورة من القرآن ، وذلك كي ينالوا بركتها وفضلها عند الله .

يقول ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : ( عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ ) رواه البخاري (6265) .

ومن ذلك ما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم في إجابة المؤذن ، فقد ورد فيه عدة أحاديث ، تدل جميعها على لزوم الاقتصار على ترديد قول المؤذن ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ) من غير زيادة ولا نقصان .

فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ ) رواه البخاري (611) ومسلم (383)

وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . فَقَالَ أَحَدُكُمْ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ

. ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ . قَالَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ :

حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ . قَالَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . ثُمَّ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه مسلم (385)

فتأمل معي - أخي السائل - كيف فَصَّلَ النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه كيفية إجابة المؤذن ، ما يدلك على ضرورة الالتزام بما علَّمَنا من غير زيادة ولا نقصان ، وإلا فما فائدة كل هذا البيان والتفصيل !

وقد فهم الصحابة مقصود النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا يلتزمون بما علمهم ولا يجتهدون في الألفاظ .
روى البيهقي في "السنن الكبرى" (1/409) بسند صحيح عن عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ

: ( دَخَلْنَا عَلَى مُعَاوِيَةَ فَنَادَى الْمُنَادِى بِالصَّلاَةِ فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ . فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ .

فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ يَحْيَى فَحَدَّثَنَا صَاحِبٌ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ : حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ . قَالَ : لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا سَمِعْنَا نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم ) .

وبهذا يتبين أنه لا ينبغي لك زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الترديد مع المؤذن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمنا ذلك ، وكذا صحابته الكرام ، لم يُعرف عن أحد منهم أنه زاد شيئا في إجابته المؤذن .

وكل مسلم يؤمن بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أشرف القربات وأجل الطاعات ، غير أن الأذكار لها مواضع تشرع فيها ، فلا ينبغي تعديها والزيادة عليها

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في "جلا الأفهام" (327-445)

جميع المواضع التي يشرع فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر منها : التشهد ، وآخر القنوت ، وفي صلاة الجنازة وفي الخطبة وعند الدعاء.

..وليس شيء منها أثناء الأذان ، إنما بعد انتهاء المؤذن يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم .

يقول ابن القيم رحمه الله "جلاء الأفهام" (1/424) :

" والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانت من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى ، فلكل ذكر موطن يخصه لا يقوم غيره مقامه فيه

قالوا ولهذا لا تشرع الصلاة عليه في الركوع ولا السجود ولا قيام الاعتدال من الركوع " انتهى .

نعم ، وردت أحاديث في التشديد في أمر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنها :

عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ) رواه الترمذي (3546) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1/35)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ) رواه الترمذي (3545) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

لكن العلماء شرحوا وبينوا مقاصد هذه الأحاديث :

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (11/168-169) :

" وقد تمسك بالأحاديث المذكورة من أوجب الصلاة عليه كلما ذكر ؛ لأن الدعاء بالرغم والإبعاد والشقاء والوصف بالبخل والجفاء يقتضي الوعيد ، والوعيد على الترك من علامات الوجوب .

وأجاب من لم يوجب ذلك بأجوبة : منها أنه قول لا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين ، فهو قول مخترَع ، ولو كان ذلك على عمومه للزم المؤذن إذا أذن

وكذا سامعه ، وللزم القارئ إذا مر ذكره في القرآن ، وللزم الداخل في الإسلام إذا تلفظ بالشهادتين ، ولكان في ذلك من المشقة والحرج ما جاءت الشريعة السمحة بخلافه

ولكان الثناء على الله كلما ذكر أحق بالوجوب ولم يقولوا به ، وقد أطلق القدوري وغيره من الحنفية أن القول بوجوب الصلاة عليه كلما ذكر مخالف للإجماع المنعقد قبل قائله

لأنه لا يحفظ عن أحد من الصحابة أنه خاطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله صلى الله عليك ، ولأنه لو كان كذلك لم يتفرغ السامع لعبادة أخرى .

وأجابوا عن الأحاديث بأنها خرجت مخرج المبالغة في تأكيد ذلك وطلبه ، وفي حق من اعتاد ترك الصلاة عليه ديدنا " انتهى .

إذن فجميع الأحاديث الواردة في هذا الباب المقصود بها المواطن المشروعة ، أو في المجالس التي يطلق فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

وليس المقصود منها إطلاق الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره في الشهادتين .

يقول ابن القيم في "جلاء الأفهام" (1/393-394)

في نقله وجوه الرد على من قال بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر اسمه :

" أحدها : أنه من المعلوم الذي لا ريب فيه أن السلف الصالح الذين هم القدوة لم يكن أحدهم كلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يقرن الصلاة عليه باسمه

وهذا في خطابهم للنبي أكثر من أن يذكر ، فإنهم كانوا يقولون : يا رسول الله . مقتصرين على ذلك ، وربما كان يقول أحدهم صلى الله عليك

وهذا في الأحاديث ظاهر كثير . فلو كانت الصلاة عليه واجبة عند ذكره لأنكر عليهم تركها .

الثاني : أن الصلاة عليه لو كانت واجبة كلما ذكر لكان هذا من أظهر الواجبات ، ولبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بيانا يقطع العذر وتقوم به الحجة
.
الثالث : أنه لا يعرف عن أحد من الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم هذا القول ، ولا يُعرَف أن أحدا منهم قال به .

الرابع : أنه لو وجبت الصلاة عليه عند ذكره دائما لوجب على المؤذن أن يقول : أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا يشرع له في الأذان فضلا أن يجب عليه .

الخامس : أنه كان يجب على من سمع النداء وأجابَهُ أن يصلي عليه ، وقد أمر السامع أن يقول كما يقول المؤذن ، وهذا يدل على جواز اقتصاره على قوله : أشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله .

فإن هذا مثل ما يقول المؤذن " انتهى باختصار .

لذلك جاء في كتب الفقه مواضع مما يكره فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :

جاء في "تحفة المحتاج" من كتب الشافعية (2/65) :

" وَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي أَوْ سَمِعَ آيَةً فِيهَا اسْمُهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ تُسْتَحَبَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ – يعني النووي - " انتهى .

ويقول الحافظ ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/131) :

" وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ أُخَرُ بِنَحْوِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ , وَلَمْ نَرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا التَّعَرُّضَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَذَانِ , وَلَا إلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَهُ وَلَمْ نَرَ أَيْضًا فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا تَعَرُّضًا لِذَلِكَ أَيْضًا

, فَحِينَئِذٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ فِي مَحَلِّهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ

, فَمَنْ أَتَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ مُعْتَقِدًا سُنِّيَّتَهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ نُهِيَ عَنْهُ وَمُنِعَ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ تَشْرِيعٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ ; وَمَنْ شَرَّعَ بِلَا دَلِيلٍ يُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَيُنْهَى عَنْهُ . " انتهى .

وفي "فتاوى الشيخ ابن باز" رحمه الله (10/334) :

" وكذلك ما يزيده بعض الناس من الصلاة على النبي مع الأذان عندما يقول : ( لا إله إلا الله ) يزيد : ( الصلاة على النبي ) رافعا بها صوته مع الأذان أو في المكبر ، فهذا لا يجوز وبدعة أيضا " انتهى باختصار .

لكن إن فعل السامع ذلك أحيانا ، لا على وجه الالتزام ، أو اعتباره من الأذكار المقيدة بهذه الحال ، أو من ترديد الأذان المشروع ؛ فنرجو أن لا يكون بأس ، ولا يصل الأمر فيه إلى حد البدعة إن شاء الله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-07, 20:22   رقم المشاركة : 123
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل في السنة دعاء بعد ختم القرآن ؟

السؤال

أرجو منكم إرسال دعاء ختم القرآن الكريم كما ورد في السنة النبوية .

الجواب

الحمد لله

ليس في السنة النبوية دعاء خاص بعد ختم القرآن الكريم ، ولا حتى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو الأئمة المشهورين

ومن أشهر ما ينسب في هذا الباب الدعاء المكتوب في آخر كثير من المصاحف منسوباً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ولا أصل له عنه .

انظر : "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (14/226) .

والدعاء بعد ختم القرآن إما أن يكون بعد ختمه في الصلاة ، أو خارجها ، ولا أصل للدعاء بعد الختمة في الصلاة ، وأما خارجها فقد ورد فعله عن أنس رضي الله عنه .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم دعاء ختم القرآن في قيام الليل في شهر رمضان ؟ فأجاب :

" لا أعلم في ختمة القرآن في قيام الليل في شهر رمضان سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم

ولا عن الصحابة أيضا ، وغاية ما ورد في ذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا . وهذا في غير الصلاة " انتهى .

"فتاوى أركان الإسلام" (ص 354) .

وللشيخ بكر أبو زيد رسالة نافعة في هذه المسألة ، ومما جاء في خاتمتها :

من مجموع السياقات في الفصلين السالفين نأتي إلى الخاتمة في مقامين :

المقام الأول : في مطلق الدعاء لختم القرآن :

والمتحصل في هذا ما يلي :

أولاً :

أن ما تقدم مرفوعا وهو في مطلق الدعاء لختم القرآن :

لا يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم , بل هو إما موضوع أو ضعيف لا ينجبر ،

ويكاد يحصل القطع بعدم وجود ما هو معتمد في الباب مرفوعاً ؛ لأن العلماء الجامعين الذين كتبوا في علوم القرآن وأذكاره أمثال : النووي , وابن كثير

, والقرطبي , والسيوطي , لم تخرج سياقاتهم عن بعض ما ذكر ، فلو كان لديهم في ذلك ما هو أعلى إسناداً لذكروه .

ثانياً :

أنه قد صح من فعل أنس بن مالك رضي الله عنه الدعاء عند ختم القرآن ، وجمع أهله وولده لذلك , وأنه قد قفاه (أي : تابعه) على ذلك جماعة من التابعين , كما في أثر مجاهد بن جبر رحمهم الله تعالى أجمعين .

ثالثاً :

أنه لم يتحصل الوقوف على شيء في مشروعية ذلك في منصوص الإمامين : أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى .

وأن المروي عن الإمام مالك رحمه الله : أنه ليس من عمل الناس ، وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان .

رابعاً :

أن استحباب الدعاء عقب الختم , هو في المروي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى , كما ينقله علماؤنا الحنابلة , وقرره بعض متأخري المذاهب الثلاثة .

المقام الثاني : في دعاء الختم في الصلاة :

وخلاصته فيما يلي :

أولاً :

أنه ليس فيما تقدم من المروي حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع أو بعده لإمام أو منفرد .

ثانياً :

أن نهاية ما في الباب هو ما يذكره علماء المذهب من الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية حنبل والفضل والحربي عنه - والتي لم نقف على أسانيدها - : من جعل دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع .

وفي رواية عنه - لا يعرف مخرجها - : أنه سهل فيه في دعاء الوتر ...

انظر : " مرويات دعاء ختم القرآن " .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-07, 20:29   رقم المشاركة : 124
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خطأ في الاتجاه إلى القبلة

السؤال

أخبرني بعض الجيران أن القبلة التي أصلي باتجاهها خطأ وغير موازية للقبلة في المسجد المجاور ، وبناء على هذا غيرت اتجاهي لمدة شهور ، منها رمضان الماضي ، ثم اكتشفت مرة أخرى أن القبلة الأولى هي الصحيحة .

فما حكم الصلوات المؤداة في اتجاه القبلة الخاطئ ؟

أرجو الإجابة لأني حائرة ، و لكم جزيل الشكر .


الجواب

الحمد لله


استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة ، والواجب على كل مصل أن يتحرى جهة القبلة في صلاته ، وأن يجتهد في ضبطها لصلاته ، إما عن طريق العلامات أو الآلات الدالة عليها

إن كان يمكنه ذلك ، أو عن طريق خبر الثقات من أهل المكان ، الذين لهم معرفة بجهة القبلة .

والغالب على الحال التي ذكرتيها أن يكون الانحراف عن جهة القبلة يسيرا ، وهذا الانحراف اليسير هو الذي يمكن أن يحدث فيه ذلك التردد والاضطراب من أهل المكان عادةً

بحيث لا ينتبه الإنسان إلى ذلك الفرق بين الجهتين ؛ فإن كان الأمر كذلك ، يعني أن الانحراف عن القبلة كان يسيرا ، فإن هذا لا يضر ولا تبطل به الصلاة ؛ لأن الواجب على من كان بعيدا عن الكعبة أن يتجه إلى جهتها

ولا يشترط في حقه أن يكون اتجاهه إلى عين الكعبة ، لما رواه الترمذي ( 342 ) وابن ماجة ( 1011 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ ) [ صححه الألباني في الإرواء ] .

قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام [ 1/260 ] : ( والحديث دليل على أن الواجب استقبال الجهة ، لا العين في حق من تعذرت عليه العين ) .

ومن الأدلة على ذلك أيضا ، ما رواه البخاري ( 144 ) ومسلم ( 264 ) من حديث أبي أيوب رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

: ( إِذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلا غَائِطٍ ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا ) .

قال شيخ الإسلام رحمه الله في شرح العمدة

: ( هذا بيان لأن ما سوى التشريق والتغريب استقبال للقبلة أو استدبار لها ، و هذا خطاب لأهل المدينة ومن كان على سمتهم ... لأن ذلك اجماع الصحابة رضي الله عنهم ؛ قال عمر : ما بين المشرق والمغرب قبلة كله إلا عند البيت ..

.وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال : كيف يخطئ الرجل الصلاة وما بين المشرق والمغرب قبلة ، ما لم يتحر المشرق عمدا )

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( وبهذا نعرف أن الأمر واسع ، فلو رأينا شخصا يصلي منحرفا يسيرا عن مسامتة [ أي : محاذاة ] القبلة

فإن ذلك لا يضر ، لأنه متجه إلى الجهة ، وهذا فرضه ) [ الشرح الممتع 2/273 ] .

وأما إن كان الانحراف عن جهة الكعبة كثيرا ؛ بحيث تكون صلاتك إلى غير الجهة التي فيها القبلة ، إما شرقا ، والقبلة غرب أو شمال ، مثلا ، فما دام الإنسان قد بنى عمله على قول من يعلم اهتمامهم بأمر الصلاة

وتعظيمهم لقدرها ، وكان في ظنه أنهم أدرى منه باتجاه القبلة ، فلا شيء عليه ، وصلاته التي صلاها صحيحة ، حتى ولو كان مخطئا في اتجاهه الذي صلى إليه

لأن الإنسان إذا اجتهد وتحرى ، فقد فعل ما يجب عليه ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن /16 .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة [ 6/314 ]

: ( إذا اجتهد المصلي في تحري القبلة وصلى ، ثم تبين أن تحريه كان خطأ ، فصلاته صحيحة ) .

وفي فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله [ 10/421 ]

: ( إذا اجتهد المؤمن في تحري القبلة ، حال كونه في الصحراء ، أو في البلاد التي تشتبه فيها القبلة ، ثم صلى باجتهاده ، وبعد ذلك ظهر أنه صلى إلى غير القبلة

فإنه يعمل باجتهاده الأخير ، إذا ظهر له أنه أصح من اجتهاده الأول ، وصلاته الأولى صحيحة ؛ لأنه أداها عن اجتهاد وتحرٍ للحق ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-07, 20:38   رقم المشاركة : 125
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول " علي كرم الله وجهه "

السؤال :

ما مدى صحة قولهم " علي كرم الله وجهه " ؟.

الجواب :


الحمد لله


لا أصل لتخصيص ذلك بعلي رضي الله عنه وإنما هو من غلو المتشيعة فيه .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

فتاوى اللجنة الدائمة 3/69









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-07, 20:43   رقم المشاركة : 126
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

البدعة الحسنة

السؤال
:

أريد أن أعرف ما هي البدعة ؟

كثير من الناس اسمعهم يطلقون على أمور متعددة أنها بدعة وهذا مما سبب تشويشاً عندي . ثم أليس هنالك حديث يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال : بأن كل من يقدم أمراً جديداً مفيداً يُثاب ؟

إذا كان ذلك كذلك فلماذا تعتبر البدع كلها مذمومة ؟ .


الجواب:


الحمد لله

أولا : ينبغي معرفة معنى البدعة شرعا

وتعريفها : هي طريقة مخترعة في الدّين يُقصد بها التعبّد والتقرب إلى الله تعالى
.
وهذا يعني أنّه لم يرد بها الشّرع ولا دليل عليه من الكتاب أو السنة ولا كانت على

عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وواضح من التعريف أيضا أنّ المخترعات الدنيوية لا تدخل في مفهوم البدعة المذمومة شرعا .

وأمّا بالنسبة لاستشكالك أيها السائل فإن كنت تقصد بالتعارض حديث أبي هريرة وحديث جرير بن عبد الله رضي الله عنهما فتعال بنا نتعرّف على نصّهما ومعناهما :

عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةَ شَرٍّ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا كَانَ

عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا . " رواه الترمذي رقم 2675 وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

وهذا الحديث له مناسبة وقصة توضّحه وتبيّن المراد من قوله من سنّ سنّة خير وهذه القصة هي ما جاء في صحيح الإمام مسلم عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ راوي الحديث نفسه

قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنْ الأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ الصُّوفُ فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَبْطَئُوا

عَنْهُ حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَجُلا مِنْ الأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ثُمَّ تَتَابَعُوا حَتَّى عُرِفَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ

أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ." رواه مسلم رقم 1017

ومزيد من التوضيح في رواية النسائي عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ فَجَاءَ قَوْمٌ عُرَاةً حُفَاةً مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ

كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلالا فَأَذَّنَ فَأَقَامَ الصَّلاةَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ

مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ

مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ حَتَّى قَالَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى

رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا

وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا . "

رواه النسائي في المجتبى : كتاب الزكاة باب التحريض على الصّدقة

فيتبين من خلال القصة والمناسبة أنّ معنى قوله صلى الله عليه وسلم " من سنّ في الإسلام سنّة حسنة " أي : من أحيا سنّة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم أو دلّ عليها أو أمر بها أو عمل بها ليقتدي به من يراه أو يسمع عنه

ويدلّ على ذلك أيضا حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَثَّ عَلَيْهِ ( أي حثّ على التصدّق عليه ) فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا قَالَ

فَمَا بَقِيَ فِي الْمَجْلِسِ رَجُلٌ إِلاّ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اسْتَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ كَامِلاً وَمِنْ أُجُورِ مَنْ اسْتَنَّ بِهِ وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ

شَيْئًا وَمَنْ اسْتَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَاسْتُنَّ بِهِ فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ كَامِلا وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِي اسْتَنَّ بِهِ وَلا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا . رواه ابن ماجة في سننه رقم 204

فيتبيّن من خلال ما سبق بما لا يدع مجالا للشكّ أنّه لا يمكن أن يكون مراد النبي صلى الله عليه وسلم تجويز الابتداع في الدّين أو فتح الباب لما يسمّيه بعض الناس بالبدعة الحسنة وذلك لما يلي:

1- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يكرر مرارا وتكرارا أنّ : " كلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " . رواه النسائي في سننه : صلاة العيدين :

باب كيف الخطبة والشاهد من هذا الحديث مروي من طريق جابر رضي الله عنه عند أحمد ومن طريق العرباض بن سارية عند أبي داود ومن طريق ابن مسعود رضي الله عنه عند ابن ماجة .

وكان صلى الله عليه وسلم يقول إِذَا خَطَبَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ .. " رواه مسلم رقم 867

فإذا كانت كلّ بدعة ضلالة فكيف بقال بعد ذلك أنّ هناك في الإسلام بدعة حسنة . هذا لعمر الله صريح المناقضة لما قرّره النبي صلى الله عليه وسلم وحذّر منه .

2- أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنّ من ابتدع في الدّين بدعة محدثة فإنّ عمله حابط مردود عليه لا يقبله الله كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله عنها قالت

: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ . " رواه البخاري فتح رقم 2697 فكيف يجوز بعد ذلك أن يقول شخص بجواز البدعة والعمل بها .

3- أنّ المبتدع الذي يضيف إلى الدّين ما ليس منه يلزم من فعله هذا عدة مساوئ كلّ واحد منها أسوأ من الآخر ومنها :
- اتهام الدّين بالنقص وأنّ الله لم يكمله وأن فيه مجالا للزيادة وهذا مصادم لقوله تعالى :

( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .

- أنّ الدّين بقي ناقصا من أيام النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء هذا المبتدع ليكمله من عنده .

- أنّه يلزم من إقرار البدعة اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بأحد أمرين : إما أن يكون جاهلا بهذه البدعة الحسنة !! أو أنه قد علمها وكتمها وغشّ الأمة فلم يبلّغها .

- أنّ أجر هذه البدعة الحسنة قد فات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح حتى جاء هذا المبتدع ليكسبه ، مع أنّه كان ينبغي عليه أن يقول في نفسه " لو كان خيرا لسبقونا إليه".

- أنّ فتح باب البدعة الحسنة سيؤدي إلى تغيير الدّين وفتح الباب للهوى والرأي ، لأنّ كلّ مبتدع يقول بلسان حاله إنّ ما جئتكم به أمر حسن ، فبرأي من نأخذ وبأيهم نقتدي؟

- إن العمل بالبدع يؤدي إلى إلغاء السنن وقول السّلف الذي يشهد به الواقع : ما أحييت بدعة إلا وأميتت سنّة . والعكس صحيح .

نسأل الله أن يجنبنا مضلات الهوى والفتن ما ظهر منها وما بطن والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-07, 20:47   رقم المشاركة : 127
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)



اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

مع موضوع اخر

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-07-03 في 06:19.
رد مع اقتباس
قديم 2019-07-04, 21:01   رقم المشاركة : 128
معلومات العضو
ابو عبد الرحمن هشام
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي الجزائر

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2019-07-08, 02:40   رقم المشاركة : 129
معلومات العضو
دكتورة نغم
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله على كل شيء










رد مع اقتباس
قديم 2019-09-24, 05:36   رقم المشاركة : 130
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبد الرحمن هشام مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2019-09-29, 13:47   رقم المشاركة : 131
معلومات العضو
Ahmad Osman
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله تعالى كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2020-10-08, 16:49   رقم المشاركة : 132
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دكتورة نغم مشاهدة المشاركة
الحمد لله على كل شيء
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا
كما يليق بجلاله و عظيم سلطانه

بارك الله فيكِ









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:07

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc