الكلامُ في المخالِفِ والمخطئ بينَ جهالاتِ المتعبِّدين وتأصيلات العلماء الراسخين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الكلامُ في المخالِفِ والمخطئ بينَ جهالاتِ المتعبِّدين وتأصيلات العلماء الراسخين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-12-19, 12:39   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي الكلامُ في المخالِفِ والمخطئ بينَ جهالاتِ المتعبِّدين وتأصيلات العلماء الراسخين

الكلام في المخالِف والمخطئ في المسائل العلمية
بين جهالات المتعبِّدين وتأصيلات السلف والعلماء الراسخين



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فإنَّ من نعمة العلم على أهله أنهم يفرِّقون به بين الغثِّ والسمين، وبين الخبيث والطيب، وبين المشروع والممنوع، وبين الحق والباطل، وبين أهل العلم الراسخين وأهل الجهل المتخبِّطين، وبين منهج السلف الصالح والمناهج المحدثة في الدِّين.

ومن هذه المناهج المحدثة التي ظهرت في زمان الأئمة والعلماء المتقدِّمين فأنكروها وشنَّعوا على أهلها - ومع هذا لا زال بعض الناس يتبعها ولا يفرِّق بينها وبين منهج السلف! - منهج المتعبِّدين في التعامل مع المخالفين لمنهج السلف.

ومنهج المتعبِّدين هؤلاء مبني على الجهل والتخبط وعدم التفريق بين الخلق الحسن والسلوك الطيب الذي ينبغي للمسلم أن يكون عليه في التعامل مع الناس، وبين الموقف من أهل الأهواء والبدع الذي كان عليه سلفنا الصالح من بغضهم ومعاداتهم وهجرهم والتحذير منهم والتشريد بهم وإذلالهم وإقصائهم.

فهؤلاء المتعبِّدون سموا الأشياء بغير اسمها، ووصفوا الأمور على غير حقائقها، وألبسوا الحق بالباطل؛ فكتموا الحق وأظهروه بثوب قبيح!، ونفَّروا الناس عنه وعن أهله بهذه الأساليب، فزعموا أنَّ:
- الكلام في المخالف وبيان حاله من قبيل الغيبة المحرَّمة!
- والرد على المبتدعة وتمييز أهل الحق عن أهل الباطل من قبيل الاختلاف والتفرق المذموم!
- والقيام بواجب البيان والنصيحة والشهادة لله بالقسط على تجريح أهل البدع بالأدلة والبراهين من قبيل الطعن في الأعراض وانتهاك حرمة المسلم!
- ودراسة أحوال الرجال في كتبهم وأشرطتهم ومخرجهم ومدخلهم ومجالسهم وصحبتهم لمعرفتهم والكلام فيهم عن علم والتفتيش عن أمورهم - نصحاً بهم وتوجيهاً أو بياناً لحالهم وتحذيراً - من قبيل تتبع عورات المسلمين!
- والإنكار والتشنيع على مَنْ يستعمل الألفاظ المجملة التي تحتمل الحق وتحتمل الباطل - مما قد يغترُّ بها السامع أو يستغلها المغرض - من قبيل سوء الظن!
- وعرض مخالفات بعض الناس على العلماء الراسخين وطلبة العلم المؤهلين لمعرفة كيفية التعامل معهم أو لردعهم وزجرهم من قبيل النميمة وإثارة الفتنة ومفاتيح الشر!
- ورد الأخطاء والمخالفات المعلنة المنشورة في الآفاق وبيان المخطئين بالعلم والعدل والأدب من قبيل الفضيحة والتعيير وإشاعة الأخطاء!
- والغلظة والشدة والحزم في التعامل مع أهل الأهواء والمخالفين المصرين على انحرافاتهم الداعين لها من قبيل الغلظة والعنف والشدة المذمومة!
- والأخذ بخبر الثقة والعمل بما يقتضيه من قبيل الاستماع للقيل والقال والإنصات للشائعات!
إلى غير ذلك من الأمور المنهجية العلمية المحمودة التي سموها بغير اسمها حتى يصرفوا الناس عن قبولها وينفروا من أهلها!.


ثم قام بعض هؤلاء المتعبِّدين زيادة في الجهل والتخبط بسرد الآيات والأحاديث والآثار التي تنهى عن هذه المسميات المذمومة التي ألصقوها بتلك الأمور المشروعة، فيذكرون النهي عن الغيبة وحرمة عرض المسلم وتتبع عورته والنهي عن النميمة وسوء الظن والاستماع للقيل والقال ونشر الشائعات، ويذكرون النهي عن الاختلاف والتفرق والسعي في إثارة الفتن والإيقاع بين الإخوة المتحابين، ويذكرون النهي عن تعيير المسلم بكشف ستره وسره وفضيحته وإشاعة أخطائه، ويذكرون النهي عن العنف والغلظة والشدة مع الناس، ثم يسردون النصوص التي تحث على حسن الخلق والإخوة والمودة والائتلاف وحسن الدعوة والرفق مع الآخرين.

ومن هؤلاء مَنْ يُخذِّل أهل السنة الذين يجاهدون أهل البدع ويقومون بواجب النصيحة والبيان عنهم وعن غيرهم من المتقاعسين بدعوى أنهم يشغلون أنفسهم بما لا نفع فيه، أو يبذلون أوقاتهم ويضيعونها بما لا فائدة ترجى من ورائه، أو يخوِّفونهم ويتوعَّدونهم بيوم الحساب والوقوف بين يدي الله عزَّ وجلَّ!، ويصوِّرونهم كأنهم على ذنب كبير وشر مستطير!!، فيدعونهم إلى التوبة قبل حلول الأجل وترك هذا الإثم قبل فوات الأوان!!!، ويظنون أنَّ هذا هو مقتضى التقوى والورع وأنه من الكف عن ذكر معايب الناس!، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والأدهى من ذلك؛ يقوم هؤلاء المتعبِّدون برفع أهل البدع والمخالفين من مرتبة الذم والقدح إلى مرتبة الثناء والمدح بدعوى أنَّ هؤلاء المتكلَّم فيهم من العلماء والمشايخ المعروفين بالسنة والدعاة إلى الحق والهدى وأنَّ لهم نفعاً وأثراً طيباً في الناس وأنَّ لهم جهوداً في الدعوة والإصلاح!؛ فيجب توقيرهم والدفاع عنهم والاعتذار لهم وإنْ ظهرت منهم المخالفات والانحرافات!، بل قد يذكرون كلام العلماء في تحريم الطعن بالعلماء والمشايخ والدعاة والكلام فيهم، أو ينقلون كلام العلماء ونصائحهم وبياناتهم في وجوب أن يكفَّ أهل السنة في تجريح بعضهم لبعض في مسائل يسوغ فيها الاجتهاد، فينزِّلونه على هؤلاء المنحرفين أو في موضوع تجريح أهل السنة للمخالفين!، فيضعونه في غير محله أو يحملونه على غير محمله!، وهذا كله حتماً يدخل في باب لبس الحق بالباطل، أو هو من تقبيح الحق وأهله وتزيين الباطل وأهله بالكذب والتلبيس!، وهذا من أنكر الأمور وأقبح الأفعال التي زادت من شدة الفتنة بين الناس واضطرابهم في هذا الزمان، ونفرتهم من دعاة الحق والأخذ بنصائحهم وتوجيهاتهم وتحذيراتهم القائمة على الحجة والبرهان، والله المستعان.

وقد أحببت في هذه الورقات أن أجمع بعض كلام العلماء في ردِّ هذه الدعوى وهذا المنهج الذي لا يفرِّق فيه أصحابه بين المشروع والممنوع في استعمال هذه الحقائق والمسميات:

1- قال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى في العلل في آخر كتاب السنن: ((وقد عاب بعض مَنْ لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال!، وقد وجدنا غير واحد من الأئمة من التابعين قد تكلَّموا في الرجال، منهم: الحسن البصري وطاووس تكلَّما في معبد الجهني، وتكلَّم سعيد بن جبير في طلق بن حبيب، وتكلَّم إبراهيم النخعي وعامر الشعبي فى الحارث الأعور، وهكذا روي عن أيوب السختياني وعبدالله بن عون وسليمان التيمي وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي وعبدالله بن المبارك ويحيى بن سعيد القطان ووكيع بن الجراح وعبدالرحمن بن مهدي وغيرهم من أهل العلم أنهم تكلَّموا في الرجال وضعَّفوا. وإنما حملهم على ذلك عندنا - والله أعلم - النصيحة للمسلمين، لا يظنُّ بهم أنهم أرادوا الطعن على الناس!، أو الغيبة!، إنما أرادوا عندنا أن يبينوا ضعف هؤلاء لكي يُعرفوا، لأنَّ بعض الذين ضُعِّفوا كان صاحب بدعة، وبعضهم كان متهماً في الحديث، وبعضهم كانوا أصحاب غفلة وكثرة خطأ، فأراد هؤلاء الأئمة أن يبينوا أحوالهم شفقة على الدين وتثبتاً، لأنَّ الشهادة في الدين أحقُّ أن يتثبَّت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال)).
وقد علَّق العلامة ابن رجب رحمه الله تعالى على هذا الكلام في شرحه لعلل الترمذي فقال: ((مقصود الترمذي رحمه الله أن يبين: أنَّ الكلام في الجرح والتعديل جائز، قد أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، لما فيه من تمييز ما يجب قبوله من السنن مما لا يجوز قبوله، وقد ظنَّ بعض مَنْ لا علم عنده أنَّ ذلك من باب الغيبة، وليس كذلك، فإنَّ ذكر عيب الرجل إذا كان فيه مصلحة ولو كانت خاصة كالقدح في شهادة شاهد الزور جائز بغير نزاع، فما كان فيه مصلحة عامة للمسلمين أولى، وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن بهز بن أسد قال: "لو أنَّ لرجل على رجل دراهم ثم جحده أخذها منه إلا بشاهدين عدلين، فدين الله أحق أن يؤخذ فيه بالعدول"، وكذلك يجوز ذكر العيب إذا كان فيه مصلحة خاصة، كمن يستشير في نكاح أو معاملة)).

2- قال الإمام أبو حاتم ابن حبان رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه [المجروحين ص 16- 21]: ((في قوله عليه السلام: "ألا ليبلِّغ الشاهد منكم الغائب" دليل على استحباب معرفة الضعفاء من المحدثين، إذ لا يتهيأ للشاهد أن يبلغ الغائب ما شهد إلا بعد المعرفة بصحة ما يؤدي إلى ما بعده، وأنه متى ما أدى إلى من بعده ما لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه لم يؤد عنه شيئاً، وإن لم يميز شتات من الضعفاء، ولم يحط علمه بأنسابهم لا يتهيأ له تخليص الصحيح من بين السقيم، إذا وقف على أسمائهم وأنسابهم والأسباب التى أدت إلى نفي الاحتجاج بهم تنكب عن حديثهم ولزم السنن الصحيحة، فيرويها حينئذ حتى يكون داخلاً في جملة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبلغ الشاهد منهم الغائب، جعلنا الله من المتبعين لسنته والذابين الكذب عن نبيه صلى الله عليه وسلم إنه رؤوف رحيم.
ذكر خبر توهَّم الرعاع من الناس ضد ما ذهبنا إليه:
حدثنا الفضل بن الحباب بالبصرة؛ قال: حدثنا القعنبى قال: حدثنا عبدالعزيز بن محمد عن العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبى هريرة: أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما الغيبة؟ قال: "ذكرك أخاك بما يكره"، قيل: أفرأيتَ إنْ كان فيه ما نقول؟ قال: "إنْ كان فيه ما تقول فقد أغتبته، وإنْ لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"، احتج بهذا الخبر جماعة ممن ليس الحديث صناعتهم!، وزعموا أنَّ قول أئمتنا: "فلان ليس بشيء"، و "فلان ضعيف"، وما يشبه هذا من المقال؛ غيبة إن كان فيهم ما قيل!!، وإلا فهو بهتان عظيم، ولو تملَّق قائل هذا إلى باريه في الخلوة، وسأله التوفيق لإصابة الحق لكان أولى به من الخوض فيما ليس من صناعته!؛ لأنَّ هذا ليس بالغيبة المنهي عنها، وذلك أنَّ المسلمين قاطبة ليس بينهم خلاف: أنَّ الخبر لا يجب أن يسمع عند الاحتجاج إلا من الصدوق العاقل، فكان في إجماعهم هذا دليل على إباحة جرح مَنْ لم يكن بصدوق في الرواية، على أنَّ السنة تصرح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بضد ما انتحل مخالفونا فيه.

ذكر الخبر الدال على صحة ما ذهبنا إليه:

حدثنا الحسن بن سفيال الشيباني قال: حدثنا محمد بن المنهال الضرير قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: أنبأنا روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن عروة عن عائشة قالت: أقبل رجل، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "بئس أخو العشيرة"، أو قال: "ابن العشيرة"، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم كلَّمه وانبسط إليه، فلما ولى قالت عائشة: يارسول الله لما رأيته قلتَ ما قلت، فلما جاء كلمته وانبسطت إليه؟! فقال: "يا عائشة إنَّ شر أمتى عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه"، وفى هذا الخبر دليل على أنَّ إخبار الرجل بما في الرجل على جنس الإبانة ليس بغيبة، إذ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بئس أخو العشيرة، أو ابن العشيرة"، ولو كان هذا غيبة لم يطلقها رسول الله صلى الله عليه سلم، وإنما أراد بقوله هذا أن يفتدى ترك الفحش، لا أنه أراد ثلبه، وإنما الغيبة ما يريد القائل القدح في المقول فيه، وأئمتنا رحمة الله عليهم فإنهم إنما بينوا هذه الأشياء وأطلقوا الجرح في غير العدول لئلا يحتج بأخبارهم؛ لا أنهم أرادوا ثلبهم والوقيعة فيهم، والإخبار عن الشيء لا يكون غيبة إذا أراد القائل به غير الثلب، حدثنا عمر بن محمد بن بحير بن راشد قال: حدثنا عمرو بن علي قال: حدثنا عفان قال: كنتُ عند إسماعيل بن عُلية، فحدَّث رجل عن رجل بحديث، فقلتُ: لا تحدث عن هذا فإنه ليس ثبت، فقال: قد اغتبته!، فقال إسماعيل بن عُلية: ما اغتابه؛ ولكنه حكم أنه ليس بثبت، حدثنا محمد بن زياد الزيادي قال: حدثنا أحمد بن علي عن مكي بن إبراهيم قال: كان شعبة يأتي عمران بن حدير فيقول: تعال حتى نغتاب ساعة في الله عز وجل نذكر مساوئ أصحاب الحديث، حدثنا لقمان بن علي السرخسي قال: حدثنا عبد الصمد بن الفضل قال: حدثنا مكي بن ابراهيم قال: كان شعبة يجيء إلى عمران بن حدير فيقول: قم بنا حتى نغتاب في الله تبارك وتعالى، أجمع الجمع على أنَّ الشاهدين لو شهدا عند الحاكم على شيء من حطام هذه الدنيا ولم يعرفها الحاكم بعدالة؛ أنَّ عليه أن يسأل المعدل عنهما، فإن كتم المعدل عيباً أو جرحاً علمه فيهما أثم، بل الواجب عليه أن يخبر الحاكم بما يعلم عنهما من الجرح أو التعديل، حتى يحكم الحاكم بما يصح عنده، فإذا كان ذلك جائزاً لأجل التافه من حطام هذه الدنيا الفانية كان ذلك عند ذب الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى وأحرى، فإنَّ الشاهد إذا كذب في شهادته لا يتعداه كذبه، والكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل الحرم ويحرم الحلال ويتبؤأ مقعده من النار، وكيف لا يجوز القدح فيمن تبوأ مقعده من النار بفعل فعله؟! ولقد حدثنا عمر بن محمد الهمداني قال: حدثنا عمرو بن علي قال: سمعت يحيى بن السعيد يقول: سألت سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة عن الرجل يكون واهي الحديث يأتيني الرجل فيسألني عنه؟ فأجمعوا أنْ أقول: ليس هو بثبت، وأن أبين أمره، حدثني محمد بن المنذر بن سعيد قال: حدثنا أبو زرعة قال: سمعت أبا مسهر يسأل عن الرجل يغلط ويهم ويصحِّف؟ فقال: بين أمره، قلتُ لأبي مسهر: أترى ذلك من الغيبة؟! قال: لا، حدثنا الحسن بن سفيان قال: سمعتُ معاذ بن شعبة يقول: قال أبو داود: جاء عباد بن حبيب إلى شعبة فقال: إنَّ لي إليك حاجة؟ فقال: ما هي؟ فقال: تكف عن أبان بن أبى عياش!، فقال: أنظرني ثلاثاً، وجاء بعد الثالث فقال: يا عباد نظرتُ فيما قلتَ فرأيتُ أنه لا يحل السكوت عنه، حدثنا محمد بن عبدالرحمن الفقيه قال: حدثنا الحسين بن الفرج عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال: جاءني أبان بن أبي عياش، فقال: أحب أن تكلِّم شعبة أن يكفَّ عني، قال: فكلَّمته، فكفَّ عنه أياماً، فأتاني في بعض الليل فقال: إنك سألتني أن أكفَّ عن أبان، وأنه لا يحل الكف عنه، فإنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدثنا محمد بن عبدالله الهجري بالإبلة قال: حدثنا عبدالله بن خبيق قال قال سفيان الثوري: مَنْ همَّ أن يكذب في الحديث سقط حديثه، حدثنا محمد بن إسحق الثقفى قال: حدثنا أبو قدامة قال: سمعتُ ابن مهدي يقول: مررت مع سفيان الثوري برجل فقال: كذَّاب، والله لولا أنه لا يحل لي أن أسكتَ عنه لسكتُّ، وحدثني محمد بن المغذر قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن سليمان عن أبى الحارث قال: سمعت الثوري يقول: ما أستر على أحد يكذب في حديثه.
فهؤلاء الأئمة المسلمون وأهل الورع في الدين، أباحوا القدح في المحدثين، وبينوا الضعفاء والمتروكين، وبينوا أنَّ السكوت عنه ليس مما يحل، وأنَّ إبداءه أفضل من الإغضاء عنه، وقدمهم فيه أئمة قبلهم، ذكروا بعضه، وحثَّوا على أخذ العلم من أهله)).

3- ذكر الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه [رياض الصالحين] المواضع التي تجوز فيها الغيبة، وقال: ((منها: جرح المجرحين من الرواة والشهود والمصنِّفين؛ وذلك جائز بالإجماع، بل واجب صوناً للشريعة))، وقال: ((ومنها: إذا رأيتَ متفقهاً يتردد إلى فاسق أو مبتدع يأخذ عنه علماً وخفت عليه ضرره؛ فعليك نصيحته ببيان حاله قاصداً النصيحة)).
وقال رحمه الله تعالى في شرحه على صحيح مسلم: ((اعلم أنَّ جرح الرواة جائز، بل هو واجب بالاتفاق للضرورة الداعية إليه، لصيانة الشريعة المكرمة، وليس هو من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يزل فضلاء الأمة وأخيارهم وأهل الورع منهم يفعلون ذلك، كما ذكر مسلم في هذا الباب عن جماعات منهم ما ذكره)).

4- وقال العلامة ابن رجب رحمه الله تعالى في أول رسالته [الفرق بين النصيحة والتعيير]: ((اعلم أنَّ ذِكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص، فأما إنْ كان فيه مصلحة لعامة المسلمين خاصة لبعضهم، وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه. وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل، وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة، وردُّوا على مَنْ سوَّى بينهما من المتعبِّدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه. ولا فرق بين الطعن في رواة حفَّاظ الحديث ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم ومن لا تقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة وتأوَّلَ شيئاً منها على غير تأويله وتَمسَّك بما لا يُتمسَّك به، ليحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه، وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضاً. ولهذا نجد في كتبهم المصنفة في أنواع العلوم الشرعية من التفسير وشروح الحديث والفقه واختلاف العلماء وغير ذلك ممتلئة بالمناظرات وردِّ أقوال من تُضَعَّفُ أقواله من أئمة السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. ولم يترك ذلك أحدٌ من أهل العلم ولا ادَّعى فيه طعناً على مَنْ ردَّ عليه قولَه ولا ذمَّاً ولا نقصاً؛ اللهم إلا أن يكون المصنِّف ممن يُفحش في الكلام ويُسيءُ الأدب في العبارة، فيُنكَر عليه فحاشته وإساءته دون أصل ردِّه ومخالفته، إقامةً للحجج الشرعية والأدلة المعتبرة.
وسبب ذلك أنَّ علماء الدين كلُّهم مجمعون على قصد إظهار الحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمته هي العليا، وكلُّهم معترفون بأن الإحاطة بالعلم كله من غير شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم ولا ادَّعاه أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين، فلهذا كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيراً، ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم)).
وقال بعدها: ((فحينئذٍ فرد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه؛ فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية.
فلو فرض أنَّ أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك، فإنَّ كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته، وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما بيان خطأ مَنْ أخطأ من العلماء قبله إذا تأدَّب في الخطاب وأحسن في الرد والجواب؛ فلا حرج عليه ولا لوم يتوجَّه إليه، وإن صدر منه الاغترار بمقالته فلا حرج عليه، وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول: "كذب فلان"، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كذب أبو السنابل" لما بلغه أنه أفتى أنَّ المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً لا تحل بوضع الحمل حتى يمضى عليها أربعة أشهر وعشر.
وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردِّها أبلغ الردِّ كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره مقالات ضعيفة تفردوا بها، ويبالغ في ردها عليهم)).
وقال أخيراً: ((فأما أهل البدع والضلالة ومَنْ تشبَّه بالعلماء وليس منهم: فيجوز بيان جهلهم، وإظهار عيوبهم، تحذيراً من الاقتداء بهم)).

5- قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى [الكفاية في علم الرواية ص37-46] "باب وجوب تعريف المزكي ما عنده من حال المسئول عنه": ((أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد المتوثي ثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبدالله بن زياد القطان ثنا محمد بن غالب نا مسلم بن إبراهيم نا صدقة بن موسى الدقيقي نا مالك بن دينار عن عطاء عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سُئل عن علم يعلمه فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار"، أخبرنا الحسن بن أبي بكر انا أحمد بن كامل القاضي نا أحمد بن عبيدالله بن إدريس نا يزيد بن هارون نا الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سئل عن علم يعلمه فكتمه جيء به يوم القيامة ملجماً بلجام من نار".
وقد أنكر قوم ولم يتبحَّروا في العلم قول الحفاظ من أئمتنا وأولي المعرفة من أسلافنا أنَّ فلاناً الراوي ضعيف وفلان غير ثقة وما أشبه هذا من الكلام!، ورأوا ذلك غيبة لمن قيل فيه إن كان الأمر على ما ذكره القائل!، وإن كان الأمر على خلافه فهو بهتان؛ واحتجُّوا بالحديث الذي أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي الحافظ بنيسابور أنا أبو الحسن محمد بن عبدالله بن علي بن زياد السمذي أنا محمد بن إبراهيم البوشنجي ثنا أمية بن بسطام ثنا يزيد بن زريع ثنا روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: سُئل ما الغيبة؟ فقال: "ذكرك أخاك بما يكره"، قال: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"، وقال قائلهم في ذلك شعراً أنشدنيه عبد العزيز بن أبي الحسن القرميسينى قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد قال: أنشدني الحسن بن علي الباغاني من أهل المغرب قال: أنشدني بكر بن حماد الشاعر المغربي لنفسه:

أرى الخير في الدنيا يقل كثيره ........ وينقص نقصاً والحديث يزيد
فلو كان خيراً كان كالخير كله ....... ولكن شيطان الحديث مريد
ولابن معين في الرجال مقالة.......... سيسأل عنها والمليك شهيد
فإنْ تك حقاً فهي في الحكم غيبة ... وإن تك زوراً فالقصاص شديد
وأخبرنا أبو القاسم رضوان بن محمد بن الحسن الدينوري قال: سمعت أحمد بن محمد بن عبدالله النيسابوري يقول: سمعتُ أبا الحسن علي بن محمد البخاري يقول: سمعتُ محمد بن الفضل العباسي يقول: كنا عند عبدالرحمن بن أبي حاتم وهو إذ يقرأ علينا كتاب الجرح والتعديل، فدخل عليه يوسف بن الحسين الرازي فقال له: يا أبا محمد ما هذا الذي تقرؤه على الناس؟ قال: كتاب صنَّفته في الجرح والتعديل، قال: وما الجرح والتعديل؟ قال: أظهر أحوال أهل العلم من كان منهم ثقة أو غير ثقة، فقال له يوسف بن الحسين: استحييت لك يا أبا محمد؛ كم من هؤلاء القوم حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة وأنت تذكرهم وتغتابهم على أديم الأرض؟!! فبكى عبدالرحمن وقال: يا أبا يعقوب لو سمعتُ هذه الكلمة قبل تصنيفي هذا الكتاب لما صنَّفته!!.
قلتُ: وليس الأمر على ما ذهبوا اليه!؛ لأنَّ أهل العلم أجمعوا على أنَّ الخبر لا يجب قبوله إلا من العاقل الصدوق المأمون على ما يخبر به، وفي ذلك دليل على جواز الجرح لمن لم يكن صدوقاً في روايته، مع أنَّ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وردت مصرحة بتصديق ما ذكرنا وبضد قول مَنْ خالفنا، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق البزاز وأبو الحسين علي بن محمد بن عبدالله بن بشران السكري قالا: أنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا زكريا بن يحيى المروزي ثنا سفيان بن عيينة عن ابن المنكدر سمع عروة بن الزبير يقول: حدثتنا عائشة أنَّ رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ائذنوا له فبئس رجل العشيرا وبئس رجل العشيرة، فلما دخل ألان له القول، قالت: عائشة يا رسول الله؛ قلتَ له الذي قلتَ فلما دخل ألنت له القول؟! قال: "يا عائشة إنَّ شرَّ الناس منزلة يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه"، ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: بئس رجل العشيرة؛ دليل على إنَّ أخبار المخبر بما يكون في الرجل من العيب على ما يوجب العلم والدين من النصيحة للسائل ليس بغيبة، إذ لو كان ذلك غيبة لما أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد عليه السلام بما ذكر فيه - والله أعلم - أنَّ بئس للناس الحالة المذمومة منه وهي الفحش فيجتنبوها، لا أنه أراد الطعن عليه والثلب له، وكذلك أئمتنا في العلم بهذه الصناعة إنما أطلقوا الجرح فيمن ليس بعدل لئلا يتغطَّى أمره على مَنْ لا يخبره فيظنه من أهل العدالة فيحتج بخبره، والإخبار عن حقيقة الأمر إذا كان على الوجه الذي ذكرناه لا يكون غيبة، ومما يؤيد ذلك حديث فاطمة بنت قيس الذي أخبرناه عبدالرحمن بن عبيدالله الحرفي أنا محمد بن عبدالله الشافعي قال حدثني إسحاق بن الحسن الحربي ثنا عبدالله بن مسلمة القعنبي عن مالك ح وأخبرناه الحسن بن أبي بكر واللفظ لحديثه أنا احمد بن محمد بن عبد الله القطان حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا أبو مصعب ثنا مالك بن أنس عن عبدالله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن فاطمة بنت قيس أنَّ أبا عمرو بن حفص طلَّقها ألبتة وهو غائب بالشام، فأرسل إليها وكيله بشعير فتسخطته، فقال: والله مالك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: "ليس لك عليه نفقة"، وأمرها أن تعتدَّ في بيت أم شريك، ثم قال: إنها امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني، قالت: فلما حللت ذكرت له أنَّ معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد"، قالت: فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة بن زيد، فنكحته، فجعل الله فيه خيراً كثيراً، واغتبطتُ به، في هذا الخبر دلالة على إنَّ إجازة الجرح للضعفاء من جهة النصيحة لتجتنب الرواية عنهم وليعدل عن الاحتجاج بأخبارهم؛ لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر في أبي جهم أنه لا يضع عصاه عن عاتقه وأخبر عن معاوية أنه صعلوك لا مال له عند مشورة استشير فيها لا تتعدى المستشير كان ذكر العيوب الكامنة في بعض نقلة السنن التي يؤدي السكوت عن إظهارها عنهم وكشفها عليهم إلى تحريم الحلال وتحليل الحرام وإلى الفساد في شريعة الإسلام أولى بالجواز وأحق بالإظهار.
وأما الغيبة التي نهى الله تعالى عنها بقوله عز وجل: "ولا يغتب بعضكم بعضاً"، وزجر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها بقوله: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم"، فهي ذكر الرجل عيوب أخيه يقصد بها الوضع منه والتنقيص له والإزراء به فيما لا يعود إلى حكم النصيحة وايجاب الديانة من التحذير عن ائتمان الخائن وقبول خبر الفاسق واستماع شهادة الكاذب.
وقد تكون الكلمة الواحدة لها معنيان مختلفان على حسب اختلاف حال قائلها: في بعض الأحوال يأثم قائلها، وفى حالة أخرى لا يأثم، مثال ذلك: ما أخبرنا أبو الحسين على بن محمد بن عبدالله المعدل أنا أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي ثنا أبو بكر بن أبى الدنيا ثنا أبو خيثمة ثنا عبدالرحمن بن مهدي عن سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي حذيفة عن عائشة: أنها ذكرت امرأة وقالت إنها قصيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغتبتيها، وأخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان أنا عبدالله بن جعفر بن درستويه النحوي ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أبو اليمان أخبرني شعيب قال وثنا حجاج عن جده عن الزهري قال أخبرني بن أبى رهم الغفاري أنه سمع أبا رهم وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بايعوه تحت الشجرة يقول: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، وساق الحديث، إلى أن قال: فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألني عمن تخلَّف من بني غفار، فأخبرته، فقال إذ هو يسألني: ما فعل النفر البيض؟ وقال حجاج: الحمر الطوال الثطاط؟، فحدثته بتخلفهم، فقال: ما فعل السود الجعد القطاط؟ وقال حجاج: القصار الذين لهم نعم بشبكة شرح، وذكر بقية الحديث، فالكلمتان في "القصر" لفظهما واحد ومعناهما مختلف، لأنَّ عائشة قصدت العيب والذم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قصد التعريف والوصف، أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبدالرزاق عن معمر عن الزهرى قال أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله، وكلهم حدثني بطائفة من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض وأثبت له اقتصاصاً، وقد وعيتُ عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني، وبعض حديثهم يصدق بعضاً، وذكروا أنَّ عائشة رضى الله عنها زوج النى صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، وذكر الحديث بطوله، وقالت فيه: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبى طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذى يعلم في نفسه لهم من الود، فقال: يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيراً، وأما علي فقال: لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وأن تسأل الجارية تعرفك، قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: اي بريرة هل رأيتِ من شيء يريبك من أمر عائشة؟ فقالت له بريرة: والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمراً قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثه السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، في استشارة النبي صلى الله عليه وسلم علياً وأسامة وسؤاله بريرة عما عندهم من العلم بأهله: بيان واضح أنه لم يكن ليسألهم إلا وواجب عليهم إخباره بما يعلمون من ذلك، فكذلك يجب على جميع من عنده علم من ناقل خبر أو حامل أثر ممن لا يبلغ محله في الدين محل عائشة أم المؤمنين ولا منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلتها منه بخصلة تكون منه يضعف خبره عند إظهارها عليه وبجرحة تثبت فيه يسقط حديثه عند ذكرها عنه أن يبديها لمن لا علم له به؛ ليكون بتحذير الناس إياه من الناصرين لدين الله الذابين الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيا لها منزلة ما أعظمها أو مرتبة ما أشرفها، وإن جهلها جاهل، وأنكرها منكر)).
ثم قال الخطيب البغدادي رحمه الله: ((أخبرنا على بن محمد بن عبد الله بن بشران أنا أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي ثنا أبو بكر بن أبى الدنيا ثنا يحيى بن جعفر وهو ابن أبي طالب ثنا عبدالملك بن إبراهيم الجدي ثنا الصلت بن طريف قال: قلت للحسن الرجل الفاجر المعلن بفجوره ذكري له بما فيه غيبة له؟ قال: لا ولا كرامة، قال الجوزي ثنا يحيى بن أبي طالب بإسناده مثله، أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا محمد بن إسحاق الصغاني أنا يحيى بن أبى بكير ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن قال كان يقول: "ليس لأهل البدعة غيبة"، أخبرني أبو الحسن على بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز ثنا أحمد بن سلمان النجاد ثنا جعفر بن محمد الصائغ ثنا عفان ثنا يحيى بن سعيد قال سألتُ: شعبة وسفيان ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظه؟ قالوا: بيِّن أمره للناس، أخبرنا أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن علي السوذرجاني بأصبهان أنا أبو بكر بن المقري ثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر ثنا عمرو بن علي ح وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأرموي بنيسابور قال أنا محمد بن عبدالرزاق بن زكريا الجوزقي أنا مكي بن عبدان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا عمرو بن علي ثنا عفان قال: كنا عند إسماعيل بن علية جلوساً، قال: فحدَّث رجل عن رجل فقلتُ إنَّ هذا ليس بثبت، فقال الرجل: اغتبته!، فقال إسماعيل: ما اغتابه ولكنه حكم أنه ليس بثبت، لفظ حديث مسلم، أخبرنا علي بن طلحة بن محمد المقرىء أنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يزيد الغازي أنا محمد بن محمد بن داود الكرخي ثنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال روى محمد بن أبي خلف قال: كنا عند ابن علية فجاءه رجل فسأله عن حديث الليث بن أبي سليم فقال بعض من حضره: وما تصنع بليث بن أبى سليم وهو ضعيف الحديث، لم لا تسأله عن حديث لأيوب، قال فقال: سبحان الله أتغتاب رجلاً من العلماء؟! قال فقال ابن علية: يا جاهل؛ نصحك، إنَّ هذا أمانة ليس بغيبة، أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا إبراهيم بن عبدالله المعدل ثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال سمعتُ أبا قدامة عبيدالله بن سعيد يقول سمعتُ عبدالرحمن بن مهدي يقول: مررتُ مع شعبة برجل يعني يحدِّث، فقال: كذب، والله لولا أنه لا يحل لي أن أسكتُ عنه لسكتُّ، أو كلمة معناها، أخبرنا محمد بن جعفر بن علان الوراق انا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي ثنا عبدالله بن زياد ثنا صالح بن أحمد بن حنبل ثنا على المديني قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول ثنا حماد بن زيد قال: كلَّمنا شعبة بن الحجاج أنا وعباد بن عباد وجرير بن حازم في رجل، قلنا: لو كففتَ عن ذكره؟ فكأنه لان وأجابنا، ثم مضيت يوماً أريد الجمعة، فإذا شعبة ينادي من خلفي، فقال: ذاك الذي قلتُ لكم فيه لا أراه يسعني، أخبرنا أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندى انا أبو عبدالله بن محمد بن أحمد بن سليمان الحافظ ببخارا أنا خلف بن محمد ثنا أبو بكر أحمد بن عبدالواحد بن رفيل ثنا المسيب بن إسحاق قال: سمعتُ عثمان بن حميد الدبوسي يقول: قيل لشعبة بن الحجاج؛ يا أبا بسطام كيف تركتَ علمَ رجالٍ وفضحتهم؟ فلو كففتَ؟ فقال: أجِّلوني حتى أنظر الليلة فيما بيني وبين خالقي هل يسعني ذلك، قال: فلما كان من الغد، خرج علينا على حمير له فقال: "قد نظرتُ فيما بيني وبين خالقي فلا يسعني دون أن أُبيِّن أمورهم للناس، والسلام"، أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أنا أحمد بن كامل القاضي قال: حدثني أبو سعد الهروي عن أبي بكر بن
خلاد قال: قلتُ: ليحيى بن سعيد القطان؛ أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركتَ حديثهم خصماءك عند الله تعالى؟! قال: "لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إليَّ من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لِمَ حدثتَ عني حديثاً ترى أنه كذب؟!"، أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: قرأتُ على إسحاق النعالي حدثكم عبدالله بن إسحاق المدائني ثنا يوسف بن الضحاك ثنا أبو سلمة ثنا حزم بن أبي حزم عن عاصم الأحول قال: كان قتادة يقصر بعمرو بن عبيد، فجثوت على ركبتي فقلت: يا أبا الخطاب؛ هذه الفقهاء ينال بعضهم من بعض؟! فقال: يا أحول؛ رجل ابتدع بدعة فيُذكر خير من أن يكف عنه، أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي أنا يوسف بن أحمد الصيدلاني بمكة ثنا محمد بن عمرو العقيلي قال ثنا المطلب بن شعيب قال سمعت أحمد بن محمد المكي يقول: سمعتُ سفيان بن عيينة يقول: كان شعبة يقول: تعالوا حتى نغتاب في الله عز وجل، أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبدالواحد بن علي البزاز أنا أبو عبدالله محمد بن عمران بن موسى المرزباني أنا عبدالله بن يحيى العسكري ثنا العنزي ثنا سهل بن حبيب الأنصاري ثنا أبو زيد الأنصاري النحوي قال: أتينا شعبة يوم مطر، فقال: ليس هذا يوم حديث اليوم يوم غيبة تعالوا حتى نغتاب الكذَّابين، أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان أنا دعلج بن أحمد المعدل أنا أحمد بن علي الابار ثنا عبدالرحمن بن حازم أبو محمد البلخي قال سمعت مكي بن إبراهيم يقول: كان شعبة يأتي عمران بن حدير يقول: يا عمران تعال حتى نغتاب ساعة في الله عز وجل يذكرون مساوئ أصحاب الحديث، أخبرنا ابن الفضل أنا عبدالله بن جعفر بن درستويه ثنا يعقوب بن سفيان قال سمعت الحسن بن الربيع قال قال ابن المبارك: المعلى بن هلال هو إلا أنه إذا جاء الحديث يكذب، قال فقال له بعض الصوفية: يا أبا عبدالرحمن تغتاب؟! فقال: "اسكت إذا لم نبيِّن كيف يعرف الحق من الباطل" أو نحو هذا من الكلام، كتب الى أبو محمد عبدالرحمن بن عثمان الدمشقي يذكر أنَّ أبا الميمون عبدالرحمن بن عبدالله البجلي أخبرهم قال أنا أبو زرعة عبدالرحمن بن عمرو قال: سمعتُ أبا مسهر يُسأل عن الرجل يغلط ويهم ويصحف؟ فقال: بيِّن أمره، فقلتُ لأبي مسهر: أترى ذلك من الغيبة؟ قال: لا، أخبرني عبيدالله بن أحمد بن عثمان الصيرفي أنا أبو بكر بن شاذان ثنا أحمد بن مروان المالكي ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: جاء أبو تراب النخشبي إلى أبي، فجعل أبي يقول "فلان ضعيف" "فلان ثقة" فقال أبو تراب: يا شيخ لا تغتاب العلماء؟! فالتفتَ أبي إليه فقال له: "ويحك هذا نصيحة، ليس هذا غيبة"، أخبرنا محمد بن عمر الداودي أنا علي بن عمر بن أحمد الحافظ ثنا محمد بن داود بن سليمان النيسابوري ثنا أبو الفضل أحمد بن عبدالله بن سلمة النيسابوري قال سمعت محمد بن بندار السباك الجرجاني يقول: قلتُ لأحمد بن حنبل: إنه ليشتد عليَّ أن أقول فلان ضعيف فلان كذاب؟ فقال أحمد: "إذا سكتَّ أنت، وسكتُّ أنا، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟!"، أخبرنا علي بن أحمد المقرئ أنا إسماعيل بن علي الخطبي ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال قلتُ لأبي: ما تقول في أصحاب الحديث يأتون الشيخ لعله أن يكون مرجئاً أو شيعياً أو فيه شيء من خلاف السنة؛ أيسعني أن أسكتَ عنه أم أُحذِّر عنه؟ فقال أبي: إن كان يدعو إلى بدعة وهو إمام فيها ويدعو إليها؟ قال: نعم، تُحذِّر عنه)).

6- قال العلامة الشاطبي رحمه الله تعالى - وهو يبين الموطنَين اللَذين يُذكر فيهما المخالفون بأعيانهم ويُشهَّر بهم – كما في [الاعتصام 1/493]: ((الثاني: حيث تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزيينها في قلوب العوام ومَنْ لا علم عنده، فإنَّ ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس، وهم من شياطين الإنس، فلا بد من التصريح بأنهم من أهل البدعة والضلالة، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له الشهود على أنهم منهم، كما اشتهر عن عمرو بن عبيد وغيره، فروى عاصم الأحوال قال: جلست إلى قتادة فذكر عمرو بن عبيد فوقع فيه ونال منه، فقلتُ: أبا الخطاب؛ ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض؟! فقال: يا أحول أوَ لا تدري أنَّ الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تُذكَر حتى تُحذَر؟! فجئت من عند قتادة وأنا مغتم بما سمعتُ من قتادة في عمرو بن عبيد!، وما رأيت من نسكه وهديه!!، فوضعتُ رأسي نصف النهار وإذا عمرو بن عبيد والمصحف في حجره وهو يحك آية من كتاب الله!، فقلت: سبحان الله؛ تحك آية من كتاب الله؟ قال: إني سأعيدها!، قال: فتركته حتى حكها، فقلتُ له: أعدها؟ فقال: لا أستطيع!.
فمثل هؤلاء لا بد من ذكرهم والتشريد بهم؛ لأنَّ ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم؛ إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعدواة، ولا شك أنَّ التفرق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين ومن شايعهم واتبعهم، وإذا تعارض الضرران يركتب أخفهما وأسهلهما، وبعض الشر أهون من جميعه، كقطع اليد المتآكلة؛ إتلافها أسهل من إتلاف النفس، وهذا شأن الشرع أبداً، يطرح حكم الأخف وقاية من الأثقل)).

7- قال العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى في رده على عبدالله الأهدل كما في كتابه [فضائح ونصائح /ص144-147/ دار الحرمين بالقاهرة]: ((إنَّ الذي يجلس عند هؤلاء المحاربين للسنة يعتبر مكثراً لسوادهم ومعيناً لهم!، والمعتزلة قبلك يتألمون من مسألة الجرح والمبتدعة كذلك!، حتى قال بكر بن حماد؛ وليس بمبتدع!:

ولابن معين في الرجال مقالة ........ سيسأل عنها والمليك شهيد!
فإنْ يكُ حقاً فهي في الحكم غيبة..........وإنْ يكُ زوراً فالحساب شديد!!
وأنا أسألك عن قول الذهبي - لأنه بعد القرون المفضلة - حين قال: "رتن، وما رتن؟ دجَّال من الدجاجلة، ادَّعى الصحبة بعد ستمائة عام"، فهل تجاوز الإمام الذهبي ما ليس له؟! أم قال كلمة حق؟. وهكذا ما زال العلماء يحذِّرون من المبتدعة ومن أهل البدع، ولله در الإمام أحمد حيث يقول: "الرد على أهل البدع أفضل من الجهاد في سبيل الله"، فالرد على مثلك وأمثالك نراها من أفضل القربات، وستحترق كما احترق أحمد المعلم، وعبدالمجيد الريمي، ومحمد المهدي، وعقيل المقطري)).

أقول في خاتمة هذه الورقات بعد هذه الدرر والنقول:
قال الشيخ العلامة المجاهد محمد بن هادي المدخلي نصره الله في الدنيا والآخرة وحفظه من كيد الأعادي كما في [تسجيل صوتي يشرح فيه خاتمة كتاب الإبانة الصغرى لابن بطة]: ((قال عليه الصلاة والسلام: "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، وللأئمة المسلمين، وعامتهم"، وهذا من عامة المسلمين سألك عن فلان؟ إذا كنتَ تعرفه يجب عليك أن تجيبه، وإذا كنتَ لا تعرفه أحِله على غيرك، هذا هو الواجب الآن. المصنِّفُ [ابن بطة رحمه الله] متأخرٌ عن هؤلاء المتقدِّمين ويتكلَّم فيهم ويحذِّر الناس منهم ديانة، فهذا يدلُّكم على أنَّ كثيراً من الناس اليوم على خلاف ما عليه السلف الصالحون؛ أعجبهم هذا الكلام أو ما أعجبهم، نحن لا نلتمس رضاهم، يكفينا أنَّ هؤلاء أسلافنا:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم..........إذا جمعتنا يا جرير المجامع
نحن مستعدون أن نأتي لهم بألف إمام هذا شأنه!!، وهم فليأتونا بإمام واحد يقولون لنا هذا شأنه!، إمام من أئمة السنة الذين يقال عنهم أئمة: "وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون"، ما يجدون واحداً!، ما يجدون أسلافاً لهم إلا الذي قال لأحمد: يا أحمد إني يصعب عليَّ، يثقل عليَّ، أن أقول كذا وكذا، فلان كذا، وفلان وكذا؟ هذا هو سلفهم!، أحمد أنكر عليه، وقال: "إذا سكتَّ أنت وسكتُّ أنا متى يعلم الناس؟!"، هذا نصيحة، وأهل الحديث أولى الناس بها، وما قام بها الا أهل الحديث، ونصر الله بهم الدين، وحفظ الله بهم الدين، والذي يريد اليوم أن يتنكَّب عن طريقهم فوالله ليذيقنَّه الله سوء ما يفعل، وليهوينَّ اللهُ به على أمِّ رأسه هاوياً ومتردياً.
فمَنْ نصر السنة وأهلها نصره الله، ومَنْ خالفها وخذلها وأهلها خذله الله، ومَنْ أعلاها أعلى الله ذكره، ومَنْ أراد إهانة أهلها أهانه الله وأخبت ذكره، فعليكم بالتمسك بما قاله هؤلاء السلف رحمهم الله، فكل خير في أتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، فعليكم بالسنة ولا تبالوا بأحد، ما ضاع الشباب والكثير من عامة الناس اليوم إلا بسبب عدم النصيحة!، هذا مبتدع، في عينه مبتدع، رضي أو لم يرض، صوفي، رافضي، خارجي، أي كان من هذا هذه الأصناف، إخواني، تكفيري، سروري، تحريري، أياً كان، غضب مَنْ غضب، ويرضى مَنْ يرضى، "أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه")).
أسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يجعلنا من أتباع أهل الحديث الذين ينصرون دين الله عز وجل ويذبُّون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن لا يحشرنا في زمرة المخالفين ولا المخذِّلين، إنه وليُّ المؤمنين.



كتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر
بعد صلاة المغرب من يوم الثلاثاء الثاني من شهر ذي القعدة 1433هـ
الموافق 18/9/2012 بالإفرنجي








 


رد مع اقتباس
قديم 2015-12-19, 14:08   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبد القادر الطالب
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا
لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ
فَأَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي
فَيُقَالُ :إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ
فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي)
.
رواه البخاري ( 6212 ) ومسلم ( 2290 ) .

قال العلامة ربيع بن هادي المَدخلي:
«
ومعظم الناس لا يعرفون قواعد الجرح والتعديل، وأن الجرح المفصَّل مقدم على التعديل؛ لأن المعدِّل يبني على الظاهر وعلى حسن الظن، والجارح يبني على العلم والواقع، كما هو معلوم عند أئمة الجرح والتعديل».

وقال الشيخ عبيد الجابري:

«
هذه قاعدة الجرح والتعديل، وملخصها: أن من علم حجة على من لم يعلم».

وقال العلامة ربيع المدخلي:

«
فإذا جرح عالم بصير شخصاً يـجـب قَبول هذا الجرح، فإذا عارضه عالم عدل متقن، فحينئذ يُدرَس ما قاله الطرفان ويُنظر في هذا الجرح وهذا التعديل، فإن كان الجرح مفسَّراً مبيَّناً قُدم على التعديل، ولو كثر عدد المعدلين؛ إذا جاء عالم بجرح مفسَّر وخالفه عشرون.. خمسون عالماً، ما عندهم أدلة؛ ما عندهم إلا حسن الظن والأخذ بالظاهر، وعنده الأدلة على جرح هذا الرجل فإنه يقدم الجرح؛ لأن الجارح معه حجة، والحجة هي المقدَّمة، وأحياناً تقدم الحجة ولو خالفها ملء أهل الأرض؛ ملء الأرض خالفه والحجة معه فالحق معه

وقال الشيخ عبيد الجابري

«
فإذا حذر عالم من رجل وأقام عليه الدليل بأنه من أهل الأهواء، أو من الجهال الذين لا يستحقون الصدارة في العلم والتعليم، وكان هذا العالم معروفاً بين الناس بالسنة والاستقامة عليها، وتقوى الله سبحانه وتعالى فإنا نقبل كلامه، ونَحذر من حذرنا منه، وإن خالفه مئات؛ مادام أنه أقام الدليل، وأقام البينة على ما قاله في ذلكم المحذَّر منه، فهذا وسعنا، بل هو فرضنا والواجب علينا، وإلا ضاعت السنة.
وقال ابن تيمية رحمه الله
{ إن بيان حال المبتدعة وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين }
>وقال الفضيل بن عياض رحمه الله - :
< من جلس مع صاحب بدعة فاحذره , ومن جلس مع صاحب البدعة لم يعط الحكمة , وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد , اكل عند اليهودي والنصراني أحب الي من أن اكل عند صاحب بدعة
وقال أحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى - : <
أهل البدع لا ينبغي لأحد أن يجالسهم ولا يخالطهم ولا يأنس بهم
بارك الله لك أخي أبو عمار لفتة مهمة جدا
جازاك الله خير الجزاء إن شاء الله









رد مع اقتباس
قديم 2015-12-19, 20:49   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

و فيك بارك الله أخي الفاضل عبد القادر و أحسن إليك .

و احمد الله أن منّ عليك بنعمة قبول الحق و لانقياد له ، فهي والله نعمة عظيمة في هذا الزمان الذي كثر فيه أهل الأهواء و البدع ، و انتشرت فيه الشبه الخطافة على كثير من عوام المسلمين ، و للأسف تجد الكثير منهم ـ إذا نُصح وبُيّن له ـ يتكبر على الحق و يجعله وراء ظهره متبعا لهواه ، و مستسلما لفهومه القاصرة ، و يحسب نفسه أنّه يحسن صنعا .

و الله المستعان .









رد مع اقتباس
قديم 2016-01-19, 21:44   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أبو عمار
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قال العلامة ابن باز رحمه الله : عليك أن تأخذ بالحق وأن تتبع الحق إذا ظهر دليله ولو خالف فلانا، وعليك أن لا تتعصب وتقلد تقليدا أعمى. الفتاوى









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-20, 00:21   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
badr.hk
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

صح مولودكم










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الراشدين, العملاء, وتأصيلات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:34

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc