الحكم بالإسلام بمجرد الادعاء والانتساب - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحكم بالإسلام بمجرد الادعاء والانتساب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-07-01, 19:47   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18 الحكم بالإسلام بمجرد الادعاء والانتساب

السلام عليكم ورحمه الله و بركاته

اخوة الاسلام

الطريق لإثبات الإسلام لشخص ما؛ يكون إما بتصريحه بدخول الإسلام

أو بنطقه الشهادة، والالتزام بمضمونها، أو بأن يُرى وهو يقوم بأركان الإسلام كالصلاة.

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (4 / 266):

" ما يصير به الكافر مسلما:

ذكر الفقهاء أن هناك طرقا ثلاثة يحكم بها على كون الشخص مسلما وهي: النص - والتبعية - والدلالة.

أما النص فهو أن يأتي بالشهادتين صريحا.

وأما التبعية فهي أن يأخذ التابع حكم المتبوع في الإسلام، كما يتبع ابن الكافر الصغير أباه إذا أسلم مثلا، وسيأتي الكلام عليها مستوفى.

وأما طريق الدلالة فهي سلوك طريق الفعل للدخول في الإسلام " انتهى.

والإسلام بالنص أو بالتصريح؛ الأصل فيه أن يكون بالنطق بكلمة التوحيد، واظهار الالتزام بها.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ،

وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ

رواه البخاري (25) ، ومسلم (22).

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، وَصَلَّوْا صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ

رواه البخاري (392).

لكن الشخص ربما يصرح بادّعاء الإسلام والانستاب إليه؛ كأن يقول أنا مسلم ؛ أو أنه من المسلمين ؛ فإنه يحكم بإسلامه ، ولو لم يُسْمَع منه النطق بالشهادتين .

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" وإن قال: أنا مؤمن، أو أنا مسلم. فقال القاضي: يحكم بإسلامه بهذا، وإن لم يلفظ بالشهادتين؛ لأنهما اسمان لشيء معلوم معروف ، وهو الشهادتان، فإذا أخبر عن نفسه بما تضمن الشهادتين؛ كان مخبرا بهما "

انتهى، من "المغني" (12 / 289).

وروي هذا عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى:

" قال الخلال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا مهنا، قال: سألت أحمد عن رجل من أهل الذمّة يهودي أو نصراني أو غير ذلك من الأديان يقول: أنا مسلم ، وإن محمدًا نبي؟

قال: هو مسلم، ثم قال: أما أنا فكنت أجبره على الإسلام.

وقال: عجبًا لأبي حنيفة ، بلغني عنه أنه يقول: لا يكون مسلمًا حتى يقول أنا بريء من الكفر الذي كنت فيه، وإلَّا فلا يكون مسلمًا ، ولا يجبر على الإسلام حتى يقول: وإني بريء من الكفر "

انتهى، من "الجامع لعلوم الإمام أحمد" (4 / 172).

وجاء في "الاختيار لتعليل المختار" في الفقه الحنفي (4 / 150):

" ولو قال: أنا مسلم كان أبو حنيفة يقول: لا يكون مسلما حتى يتبرأ، ثم رجع وقال: ذلك إسلام منه " انتهى.

ويستدل لهذا بحديث عِمْرَان بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِى عُقَيْلٍ ، فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ

وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ ، فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! فَأَتَاهُ ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: بِمَ أَخَذْتَنِي؟ وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟

فَقَالَ، إِعْظَامًا لِذَلِكَ : أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ .

ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! يَا مُحَمَّدُ! وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَقِيقًا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ .

قَالَ: لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ ... رواه مسلم (1641).

وأخرج النسائي في "السنن الكبرى" (9 / 11 - 12) تحت باب "قَوْلُ الْمُشْرِكِ: إِنِّي مُسْلِمٌ" عن عُقْبَة بْن مَالِكٍ، قَالَ:

" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَغَارَتْ عَلَى قَوْمٍ فَشَذَّ مِنَ الْقَوْمِ رَجُلٌ، فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ السَّرِيَّةِ ، مَعَهُ السَّيْفُ شَاهِرُهُ ، فَقَالَ الشَّاذُّ من الْقَوْم: إِنِّي مُسْلِمٌ.

فَلَمْ يَنْظُرْ إِلَى مَا قَالَ، فَضَرَبَهُ، فَقَتَلَهُ .

فَنُمِيَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا ...

قَالَ الْقَاتِلُ: وَاللهِ مَا كَانَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ ...

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ أَبَى عَلَيَّ الَّذِي قَتَلَ مُؤْمِنًا. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ورواه الإمام أحمد في "المسند" (28 / 221)، وصححه محققو المسند.

وروى أبو داود في "السنن" (2652) عَنْ فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَكَانَ عَيْنًا لِأَبِي سُفْيَانَ

وَكَانَ حَلِيفًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَمَرَّ بِحَلَقَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ

فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ يَقُولُ: إِنِّى مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْكُمْ رِجَالًا نَكِلُهُمْ إِلَى إِيمَانِهِمْ، مِنْهُمْ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ

وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (4 / 276).

وكذا؛ إذا كان الشخص مجهول الحال ، وادعى أنه مسلم؛ فإن هذه الدعوى تُصدّق.

قال الخطابي رحمه الله تعالى:

" إذا جاءنا من نجهل حاله بالكفر والإيمان فقال إني مسلم قبلناه، وكذلك إذا رأينا عليه أمارة المسلمين من هيئة وشارة ونحوهما حكمنا بإسلامه إلى أن يظهر لنا منه خلاف ذلك "

انتهى، من "معالم السنن" (1 / 223).

وهذا كله أخذا بظاهر الحال، من غير تنقيب عن سريرته فهذه حكمها إلى الله تعالى.

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" وفي هذا من الفقه باب عظيم، وهو أن الأحكام تناط بالمظان والظواهر، لا على القطع واطلاع السرائر "

انتهى، من "تفسير القرطبي" (7 / 51).

ثانيا:

المنتسب إلى الإسلام إذا ارتكب شيئا من المكفرات ونواقض الإسلام، واجتمعت فيه شروط التكفير

فمثل هذا لا ينفعه الانتساب إلى الإسلام، وهو يباشر شيئا من نواقض الإسلام ويصر عليه.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :

" وقد أجمع العلماء على أن من أتى بناقض من نواقض الإسلام : يحكم عليه بذلك الناقض وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإن صلى وصام

لأن هذه الشهادة تنفع إذا أدى حقها، أما إذا ضيع حقها لم تنفع قائلها، والله المستعان."

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (1 / 52).

ويراجع للفائدة المشاركة القادمة

والله أعلم.








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-07-01, 19:53   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

ضوابط التكفير

أولا :

الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا ، بل هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم

فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة ، فيجب التثبت فيه غاية التثبت

فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه .

والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته ، حتى يَتَحَقَّقَ زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي . ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه ؛ لأن في ذلك محذورين عظيمين :

أحدهما : افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم ، وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به .

الثاني : الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالماً منه .

ففي صحيحي البخاري (6104) ومسلم (60) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَد بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ) وفي رواية : ( إِن كَانَ كَمَا قَالَ ، وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيهِ )

ثانيا :

وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين :

أحدهما : دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق .

الثاني : انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين ، بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه ، وتنتفي الموانع .

ومن أهم الشروط :

1- أن يكون عالماً بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافراً أو فاسقاً

لقوله تعالى :( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء/115

وقوله : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) التوبة/115

ولهذا قال أهل العلم : لا يكفر جاحد الفرائض إذا كان حديث عهد بإسلام حتى يُبَيَّنَ له
.
2- ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه ، ولذلك صور :

منها : أن يكره على ذلك ، فيفعله لداعي الإكراه ، لا اطمئناناً به ، فلا يكفر حينئذ

لقوله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل/106

ومنها : أن يُغلَقَ عليه فِكرُهُ ، فلا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو ذلك .

ودليله ما ثبت في صحيح مسلم (2744) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ

فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ )

3- ومن الموانع أن يكون متأولا : يعني أن تكون عنده بعض الشبه التي يتمسك بها ويظنها أدلة حقيقية ، أو يكون لم يستطع فهم الحجة الشرعية على وجهها ، فالتكفير لا يكون إلا بتحقق تعمد المخالفة وارتفاع الجهالة .

قال تعالى : ( ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) الأحزاب/5

يقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (23/349) :

" فالإمام أحمد رضي الله تعالى عنه ترحم عليهم ( يعني الخلفاء الذين تأثروا بمقالة الجهمية الذين زعموا القول بخلق القرآن

ونصروه ) واستغفر لهم ، لعلمه بأنه لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول ، ولا جاحدون لما جاء به ، ولكن تأولوا فأخطأوا ، وقلدوا من قال ذلك لهم " انتهى .

ويقول رحمه الله "مجموع الفتاوى" (12/180) :

" وأما التكفير فالصواب أن من اجتهد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقصد الحق فأخطأ لم يكفر

بل يغفر له خطؤه ، ومن تبين له ما جاء به الرسول ، فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر

ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب ، ثم قد يكون فاسقاً . وقد يكون له حسنات ترجح على سيئاته " انتهى .

وقال رحمه الله (3/229) :

" هذا مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك مني ، أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية

إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة ، وفاسقاً أخرى ، وعاصياً أخرى ، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها

وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية . وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية ...
"
وذكر أمثلة ثم قال :

" وكنت أبين أن ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا ، فهو أيضاً حق ، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين .. "

إلى أن قال : " والتكفير هو من الوعيد ؛ فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم

لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة ، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة

وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص ، أو سمعها ولم تثبت عنده ، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً .

وكنت دائماً أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال : ( إذا أنا مت فأحرقوني ، ثم اسحقوني ،

ثم ذروني في اليم ، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين . ففعلوا به ذلك ، فقال الله : ما حملك على ما فعلت ؟ قال : خشيتك . فغفر له )

فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري ، بل اعتقد أنه لا يعاد ، وهذا كفر باتفاق المسلمين ، لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك ، وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه ، فغفر له بذلك .

والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا " انتهى .
( مستفاد من خاتمة القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله مع بعض الزيادات ) .

وإذا كان أمر التكفير بهذه المثابة ، والخطر والخطأ فيه شديد ؛ فالواجب على طالب العلم ، خاصة إذا كان مبتدئا ، أن يتوقى الخوض في ذلك ، وأن ينشغل بتحصيل العلم النافع الذي يصلح به أمر معاشه ومعاده .

ثالثا :

قبل أن نشير عليك بشيء من الكتب ، فإننا ننصحك بأن تستعين في تعلمك بأهل العلم من أهل السنة

فإن ذلك هو الطريق الأسهل والأكثر أمنا ، لكن شريطة أن يكون ذلك الذي تأخذ عنه من الموثوق في علمه ودينه ، واتباعه للسنة ، وبعده عن الأهواء والبدع .

قال مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله : ( إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه .
فإن لم يتيسر لك ، في مكانك أن تحضر دروس أهل العلم

فيمكنك أن تستعين بأشرطتهم ، وقد أصبح الحصول عليها عن طريق الأقراص ، أو المواقع الإسلامية أكثر سهولة ، والحمد لله . ثم يمكنك أيضا أن تنتفع ببعض طلاب العلم

الذين يحرصون على العلم الشرعي ، واتباع السنة ، وقلما يخلو منهم مكان ، إن شاء الله .

رابعا :

من الكتب التي ينبغي أن تعتني باقتنائها ، والنظر والدراسة فيها :

- التفسير : تفسير الشيخ ابن سعدي ، وتفسير ابن كثير

- الحديث : الأربعين النووية ، مع أحد شروحها ، والاهتمام بجامع العلوم والحكم لابن رجب ، ثم رياض الصالحين ، مع زيادة العناية بهذا الكتاب المبارك ، ويمكنك الاستعانة بشرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله له .

- العقيدة : تهتم بكتاب التوحيد ، للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، مع شرح ميسر له

والعقيدة الواسطية ، لشيخ الإسلام ابن تيمية . مع بعض الرسائل النافعة في هذا الباب ، مثل : تحقيق كلمة الإخلاص لابن رجب ، والتحفة العراقية في الأعمال القلبية لابن تيمية .

- الاستعانة بزاد المعاد لابن القيم رحمه الله ، وكثير من كتبه ، مثل : الوابل الصيب ، والداء والدواء .

وهذه مجموعة مبدئية ، ومع المطالعة ، لا سيما إن وجدت من يعينك على القراءة والفهم ، فسوف تزداد معرفتك بالكتب النافعة والمهمة لك ، شيئا فشيئا ، إن شاء الله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc