هجرةالجزائريين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هجرةالجزائريين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-04-25, 12:18   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمدخريف
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية محمدخريف
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse هجرةالجزائريين

هجرة الجزائريين إلى تونس بين تلبية الحاجيات الاجتماعية
وإحداث التكامل الثقافي في النصف الأول من القرن 14ه/ 20م.
( وادي سوف نموذجا )
الهجرة حركة تنقل للأفراد والجماعات ترتبط عادة بتغيير مكان الإقامة، وهي فصلية أو مؤقتة أو نهائية بلا رجعة، وتكون داخلية أو خارجية . والأهمية التي تلعبها الهجرة في حياة المجتمعات تبرز من خلال التأثر والتأثير المتبادل، لأن حياة الفرد الجزائري منذ الاحتلال أصبحت لا تطاق نتيجة الوضعية التي آلت إليها البلاد، هذا ما حمل الكثير من الجزائريين على التفكير في الهجرة، حيث كانت تمثل شكلا من أشكال المقاومة التي اتخذها الجزائريون لكنها في حقيقة الأمر هي مقاومة سلبية .
أولا - دوافع الهجرة :
الهجرة حركة دؤوبة نتيجة البحث المطرد للعيش في بحبوحة من الحياة، هذا في الحياة المعاصرة، فما بال المجتمعات التي تعيش تحت وطأة الاحتلال، والجزائر من بين الأقطار الواقعة تحت السيطرة الفرنسية منذ 1830م، لهذا كان نشاط الهجرة واسعة جدا، رغم محاولات فرنسا لتعطيلها في نهاية القرن 19م، وعليه صارت الهجرة ضرورة حتمية فرضتها وضعية الاستيطان التي ما لبثت أن تزاحم الجزائريين في أقواتهم وممتلكاتهم، لأن النفوذ الذي كان يتمتع به الكولون انطلاقا من الاحتماء بمظلة الكولونيالية.
بالإضافة للحملات الدعائية المشجعة على الهجرة إلى الجزائر المستعمرة الحديثة. وإلى جانب ذلك ما كان يمتلكه المعمرون الفرنسيون والأوروبيون من جرائد ناطقة باسمهم تدافع عن مصالحهم منذ منتصف القرن 19م بالجزائر مثل : جريدة "الاستعمار" التي تصدر بالجزائر، وجريدة " المعمر الجزائري " التي تصدر بباريس ، وإلى جانب هذا كله نجد الدوافع والأسبـاب التي يمكن أن نلمسها من خلال التصريحات التي أدل بها الكثير من المفكرين المعمرين، ومن بينهم " دي دوفيل " (De Deauville ) الذي يعد أفضل مترجم لحياة بيجو، ذلك سنة 1882م : » إن الفضل الأكبر الذي ينبغي أن نعترف به لبيجو هو أنه أدرك بأننا لا نواجه جيشا حقا. بل نواجه السكان أنفسهم، وأنه لابد، ولكي نستقر في مثل هذا البلد، أن لا يقل الجيش في حالة السلم عما هو عليه في حالة الحرب من حيث العدد والعُدة . «
وعلى إثر هذا التصريح يتضح أن السياسة الاستعمارية القائمة على المحاور الخمس المتمثلة في : الاستيطان – التنصير – تفكيك البنية الاجتماعية – التجهيل والتجويع – مصادرة الأراضي. كان أهمها تفكيك البنية الاجتماعية من خلال سياسة التهجير، وهي وضع ظل يعيشه الجزائريون. بالإضافة إلى أسباب كثيرة دفعت بالجزائريين إلى الهجرة نحو المشرق، أو حتى نحو فرنسا نفسها بلاد المستعمر، حيث يلاحظ الزيادة المفرطة في هجرة العمال الجزائريين إلى فرنسا في سنة 1912 حيث بلغ 5000 عاملا، ليزداد عددهم سنة 1923 بـ 92000 عاملا ، مما يمكن إرجاع الهجرة إلى دوافع وأسباب هي :
1 - الدوافع الاقتصادية : يتمثل هذا الدافع في واقع الممارسة الاضطهادية التي ووجه بها السكان الجزائريين المسلمين انطلاق من سلب الأراضي، ومنحها إلى المعمرين.نتيجة الضرائب الهائلة تارة، أو سياسة الاقتراض والاستلاف الربوي، مما يجعل السكان الجزائريين يضطرون إلى فقدان ممتلكاتهم ، خاصة الأرض باعتبارها الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها الفرد في ارتزاقه. بالإضافة إلى البطالة التي أصبحت تزيد في حجم الأعباء الملقاة على كاهل غالبية السكان الجزائريين المسلمين. ذلك كله كان مساعدا في رفع مستوى الرغبة في الهجرة قصد كسب القوت، والحصول على شغل يؤمن موارد أساسية يعول بها المهاجر أفراد أسرته. وهو الطابع الذي يغلب على المهاجرين من خلال الهجرة الموسمية .
2 - الدوافع التعليمية : إن طبيعة السياسة التعليمية التي انتهجتها فرنسا رغم صدور قانون "جون فيري" (John Ferry ) بتاريخ 13 فبراير 1883 ، لقي معارضة شديدة من طرف الكولون الذين اعتبروا أن هذا المرسوم سيرفع من مستوى السكان الجزائريين المسلمين، ويجعلهم يطالبون بحقوقهم. كما سيرفعون أصواتهم عالية من خلال شعار " الجزائر للعرب " إذا ما انتشر فيهم التعليم ، فكان هذا سببا ملحا إلى الهجرة. وقد كانت أقوى هذه الهجرات هي هجرة الجزائريين إلى بلاد المشرق انطلاقا من تونس باعتبارها حاضرة علمية زاخرة بجامع الزيتونة، وغيرها من المدارس الأخرى.
3 - الدوافع الاجتماعية : تكمن هذه الأسباب في الشعور بالمهانة والذّلة التي أصبح يعيشها السكان الجزائريين المسلمين جراء الفقر والحاجة، التي أضحت هاجسا يؤرق كل جزائري، فكانت هجرة الملاذ، خاصة فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى لكونها أسهل المناطق المهاجر إليها، بالإضافة للتسهيلات من التي أقرت قوانين فرنسية مشجعة على ذلك .
4 - الدوافع النفسية : إن التبادل في الرسائل وعودة المهاجرين، خاصة من فرنسا كان يصحبه الانبهار بثقافة الآخر، وتعامله تجاه العمال. ذلك زاد في رغبة السكان الجزائريين المسلمين الذين أصبحوا يتناقلون أخبار ذويهم العائدين من فرنسا. هذا بدوره شجع على الهجرة خاصة إلى فرنسا .
5 - الدوافع العسكرية : وقد يعبـر عليها بالدوافـع السياسية، وهـي التي تجعل الهجرات اضطرارية قصرية هروبا من البطش والتنكيل، بالإضافة إلى الهروب من القوانين الجائرة مثل : الهروب من الخدمة العسكرية ، التي أقرها قانون التجنيد الإجباري.
وقد شملت الهجرة ربوع البلاد بكاملها نتيجة السياسة الاستعمارية، فكانت وادي سوف من بين المناطق التي عرفت عبر فترات مختلفة موجات هجرة متعددة انطلاقا من الحدود التونسية والليبية، ولم تختلف أسبابها عن الأسباب العامة التي عرفتها الهجرة في أرجاء عديدة من الجزائر، رغم محاولات بعض أبناء المستعمر التقليل من حدة السياسة الاستعمارية، لكن مع ذلك تظل السياسة الاستبدادية هي الأساس في تحريض السكان الجزائريين المسلمين على اختيار الهجرة طواعية أو اضطراريا.
لكن ما أقرته بعض الدراسات الفرنسية في دوافع وأسباب الهجرة قد نلمسه خلال الإجراءات الشديدة التي اتخذتها فرنسا حسب ما جاء في تقرير السيد " لوسياني " (Luciani ) الذي حمل تاريخ 4 ديسمبر 1899 المتضمن أسباب ودواعي هجرة السكان الجزئريين من الوسط الجزائري : المدية، وعين الدفلة، وووادي الفضة، وكريمية، والأصنام ( الشلف حاليا )، وبو قدير، وتنس، وسيدي عكاشة، وأبو الحسن لسنتي ( 1898 – 1899 ). كما حدد جذورها وأهميتها ، مع ذكر أسباب ودواعي حركة الهجرة والمقصود بها هجرة والتي حددها :
- تصرفات المهاجرين الجزائريين في سوريا، حيث حاول الجزائريون هناك دعوى الجزائريين للهجرة.
- الصحافة العربية وهجرة الجزائريين حيث لعبت هذه الصحافة دورا هاما في تنشيط الهجرة إلى أراضى السلطان العثماني؛ أي الولايات العربية بين الناس في كل من الجزائر وتونس خاصة.
- علاقات السكان الجزائريين بسوريا.
- تصرفات الكتاب العموميين في أورليان فيل (Orléans ville ) ( الشلف حاليا ).
- امتناع الطرقية عن تشجيع الهجرة، لكن هذا الامتناع ليس ناتجا عن دعوة الشيوخ بمنطقة الشلف، لكون المنطقة تكاد تخلو من شيوخ الطرق.
- تدخلات غير سلمية للإدارة المحلية .
علما أن هذا التقرير قد خص هجرات 1898-1899، حيث يمكن تعميمها على مناطق كثيرة من القطر الجزائري. كما يواصل صاحب التقرير في سرد الأسباب، حيث يشر إليها دون ما أن يضعها ضمن الأسباب الحقيقية منها :
- شكاوى السكان الجزائريين وقد ضمنها أنواعا عديدة منها :.
*حالة الخمّاس المؤسفة.
*قيود القرض والاستلاف .
ليضع في نهاية تقريره هذه الإجراءات التي يجب اتخاذها من طرف السلطة ضد الهجرة وهي تتمثل في:
- عدم منح جوازات السفر للأهالي الجزائريين.
- منع دخول صحيفتي " المعلومات " و" ثمرة الفنون " إلى الجزائر، وهاتين الصحيفتين عثمانيتين ناطقتين باللغـة العربيـة، لخطـورتهما ليس فقط على فرنسا بل وأوروبا قاطبة.
– منع المطبوعات باللغة العربية .
هذا واحد من آلاف التقارير التي حاولت التطرق إلى الهجرة مع حصرها في مناطق محدودة، كي لا تؤلب الرأي العام الفرنسي مع أحداث هلع في أوساط المسؤولين الفرنسيين، لكن رغم تلك السياسات التي طالت السكان الجزائرين المسلمين ظلت محاولات قائمة قصد التخلص من كل التبعات، فالسيد لوسياني يحاول رصد دوافع وأسباب يُحمل من خلالها الجزائريين تبعية مغبة الهجرة دون ما أن يحدد المسؤول الحقيقي في دفع الجزائريين إلى الهجرة، فهو هنا لا يتخلى عن ذاتيته الفرنسية الاستعمارية.
أمـــا بــــوادي ســــوف قد تعـــــددت الهـــــجـــرة واخــــتلفت في الأســـــباب عن غيرها من الهجرات في مناطق أخــــــرى مــــن الجـــــزائر، وهذا حسب ما أكــــــده أحد التقــــــارير الفرنســــــــية للــــــسيد " جـــون بيقرو " ( Jean Pigoreau ) سنة 1955 حول الهجرة في ملحق الوادي وهذه الدوافع هي :
- الوضع الطبيعي لمنطقة وادي سوف ومحاذتها للحدود التونسية من خلال منطقة الجريد والحدود الليبية عن طريق غدامس. بالإضافة إلى ضعف المراقبة الحدودية نتيجة الطابع الصحراوي الصعب .
- الدوافع الدينية التي تشجع سكان وادي سوف للهجرة إلى بلاد المشرق انطلاقا من تونس بخلاف السكان الجزائريين في الشمال بالجزائر الذين يفضلون الهجرة إلى فرنسا خاصة بعد الحرب العالمية الثانية .
- الرغبة في تحصيل العلم باعتبار أكثر المهاجرين من الطلبة ومثقفي المنطقة .
- الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي حذا بأغلبية السكان خاصة المالكين للحيوانات دون النخيل، وضعف هذه الحيوانات على توفير بعض متطلبات الحياة خاصة الماعز الذي هو اقل قدرة على إنتاج الحليب ، وبعض الموارد الأخرى.
- الوضع السياسي الذي أصبح يسود المنطقة، مما شجع الكثير على الهروب دون مواجهة الإدارة الاستعمارية كي لا يستغل أو يضطهد خاصة منذ صدور قانون التجنيد الإجباري.
وقد تميز سكان وادي سوف بالحركية الفاعلة نتيجة الوضع الاقتصادي الذي وصلت إليه المنطقة مع صغر المجموعات السكانية، هذا كان كافيا للتشجيع الفرد بوادي سوف على الهجرة، حيث تذكر بعض التقارير الفرنسية أنه وجد فرد من سوف تاه في الأرجنتين يعتقد أنه من باعت العبيد الزنوج . كما نجد أن أغلبية المهاجرين من وادي سوف يفوقون سن الخامسة عشر من العمر .
وعلى أساس الوضعية الاقتصادية التي تميز بها إقليم وادي سوف جعل سكانه يضطرون إلى طلب العيش خارج حدودهم، فأتجه كثير منهم إلى تونس في فترات مختلفة ، فالوضع المتردي كان سببا قويا لدفع السكان للبحث عن حياة أفضل، فكان اتفاق معظم الباحثين الاجتماعيين على أن الهجرة من بلد إلى آخر لبد أن تقوم على أساس سببين أساسين :
السبب الأول : أن تصبح الحالة في الوطن الأصلي لا يطيقها الفرد أو يبدو له على الأقل أنها تفوق درجة احتماله.
السبب الثاني : أن يبدو لطالب الهجرة بلدا أخرا يتخذه موئلا له مزمعا بينه وبين نفسه أنه سيجد فيه ما عزّ عليه وجوده في موطنه الأصلي
ثانيا – اتجاهات الهجرة بوادي سوف :
إن الهجرة بوادي سوف قد اتخذت اتجاهات عديدة يمكن حصرها في اتجاهات ثلاثة أساسية وهي :
1 - الهجرة الداخلية :
إن طبيعة الوضع العام الذي عرفه وادي سوف فرض على كثير من سكانه تحبيذ الهجرة تعبيرا عن رفضهم، وعدم رضاهم بالوضع السائد الذي آلت إليها البلاد نتيجة غياب مصدقيه تطبيق القوانين التي ظلت الإدارة الاستعمارية تتغنى بها من أجل ذر الرماد ، حيث كانت الغاية منها في كل مرة التماطل من جهة وربح الوقت من جهة ثانية، والتظاهر بملمح التحضر أمام الرأي العام خاصة فئة الكولون الذين كانوا يتصدون باستمرار لكل اجراء يشتم فيه شيء من التساهل مع السكان الجزائريين المسلمين، فكانت كل المحاولات يائسة، لأن إرضاءهم كان مقدما على حساب السكان الجزائريين المسلمين، لذلك كانت مناطق التل تبدو للسكان الجزائريين بوادي سوف ملاذا يمكن أن يحقق من خلاله بعض الأطماع.
أما المناطق المجاورة للإقليم خاصة منها مناطق وادي ريغ والزاب، وورقلة، فهي مناطق حكم عسكري باستثناء بسكرة لكن رغبة الفرد بوادي سوف في الهجرة لها هو لسهولة العمل في مجال النخيل إما مالكا أو أجير بخلاف ما يمكن أن يستنفذه من جهد في ربوع المناطق الغربية والقبلاوية، والشرقية ذات الكثبان الرملية الكثيفة لكونها تمثل امتداد جغرافي للعرق الشرقي الكبير. وقد قصد سكان وادي سوف الهجرة إلى العديد منها، بالإضافة إلى المدن الداخلية الواقعة في نطاق عمالة قسنطينة .
وقد شملت هذه الهجرة أصناف عديدة من المهاجرين خاصة الشباب الذين كانوا يشعرون بالقوة فهم مندفعون، كما يغلب على هؤلاء المهاجرين ارتفاع عدد أرباب البيوت الذين يبحثون عن قوت أسرهم، واستعمل سكان وادي سوف سياسة الترقب؛ وهذا من خلال الاعتماد على استقرار العائلة، ومدى تحقيقها للنجاح في تلك المنطقة، حتى يتسنى للعائلات الأخرى الهجرة والالتحاق بها، وذلك قبل الحرب العالمية الأولى، وعند استقرارهم في المناطق المُهاجر إليها يحاولون إيجاد مأوى في ضواحيها للمحافظة على علاقاتهم في ما بينهم، والحفاظ على تقاليدهم وعاداتهم حتى يظلون باتصال مستمر بأهاليهم بوادي سوف.
والهجرة إلى المناطق الداخلية قد تكون طواعية مثل هجرة الحرفيين للبحث عن أسواق أكثر استوعبا لمنتجاتهم مثل الخياطين والنساجين، وغيرهم من أصحاب الحرف إلى بسكرة وبريكة، بالإضافة إلى سرعة بداهيتهم في حفظ أسرار المهن، مما يؤهلهم في النجاح بتلك المناطق. كما نجد الأغنياء الذين يودون توظيف أموالهم كشراء الواحات المسقيـة في وادي ريغ و تماسين، وورقلة والزيبان، حيث النخلة هناك لا تتطلب كلفة كبيرة ، وهكذا نجد أن المهاجرين هم أصناف عديدة، فهم يشكلون تجمعات إما على مستوى التجارة في محلات صغيرة أو حرف، أو حتى عمال مستقلين متواجدون في مختلف القطاعات .
أما الطلبة فقد نجد هجرتهم محدودة باستثناء بعض المدارس التي استوعبتهم ولبت بعضا من رغباتهم كالمدرسة الفرنسية الإسلامية بقسنطينة لتخريج القضاة والوكلاء، المترجمين ورجال المحاكم الشرعية، وأعوان الإدارة الأهلية . كما نجد أن الكثير من المغضوب عليهم من قبل السلطات المحتلة فضلوا الهجرة إلى بعض المناطق القريبة من وادي سوف، ومن أهم هذه المناطق الزيبان حيث نجد عبد القادر الياجوري، وعلي بن سعد قد بادرا إلى نشر مبادئ جمعية العلماء بطولقة . كما نجد الأمين العمودي الذي فضل الاستقرار ببسكرة والعروسي ميلودي، والهاشمي الدراجي في بسكرة أيضا وظلوا يسعون إلى تنشيط الوضع الثقافي بهذه المنطقة تحت راية جمعية العلماء المسلمين الجزائريين .
بالإضافة إلى الهجرة الإجبارية التي فرضت على الشيخ إبراهيم بن عامر (العوامر) اثر موقفه المساند لحاكم إرجاع الدية للأرامل اللواتي قتل أزواجهن في الحدود اللبية من طرف القوات الإيطالية ، والتي تم اختلاسها من قبل بعض العسكر من الجيش الفرنسي، وذلك بعد الحرب العالمية الأولى، حيث عرفت الجزائر قيودا جديدة ضمن ما يعرف بمنشورات كليمونصو سنة 1919م، والتي تكافئ الجزائريين على مساعدتهم لفرنسا. والوقوف إلى جانبها وقت الشدة، وفي مقابل تنفيذ هذه الوعود جاءت القيود المجحفة لذلك اختلقت السلطات الاستعمارية في وادي سوف عدة تهتم ضد الشيخ منها القضية السابقة. هذا ما جعلها تحكم عليه بالنفي من مدينة الوادي، وإبعاده إلى بلدة أولاد جلال حتى تقطع كل صلة بينه وبين أتباعه وتلاميذه، وعلى إثر ذلك ظل الشيخ ماكثا مدة طويلة في منفاه .
وعند محاولات الشيخ في التقرب من السلطة الحاكمة أجازت له حق الانتقال إلى تقرت، حيث تجاور مع صديقه الشيخ العلامة الطاهر العبيدي الذي كان له خير جليس، فنشطا معا في حقل العلم والمعرفة بتقرت، هذا ما جعل ابن باديس يقدم لهما دعوة لحضور حفل تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1931م، غير أنهما اعتذرا واكتفيا بحضور تلاميذهم كحمزة بكوشة و نعيم النعيمي وغيرهما .
وهكذا نجد العديد من الشخصيات التي فضلت العمل بالمهجر مثل الشيخ " الهاشمي حسني بن حميدة " الذي هاجر إلى الجزائر، واشتغل بشركة نقل التروماي T. A. TROMOUI ) (، حيث كان يقدم دروس بمدرسة الشبيبة بصالومبي المدنية حاليا، كما كان يقدم دروسا بالمنازل للبنات باللغة العربية. ذلك في شكل دروس خاصة في اطار الدعم والتوعية تطوعا ومحبة للعلم .
لكن علاقة هؤلاء بوادي سوف ظلت في غالبها قائمة، ذلك من خلال العودة الموسمية التي يقوم بها هؤلاء لأهاليهم قصد الاطمئنان عنهم ومراعاتهم، فكانوا كلما عادوا أقاموا اتصالات بشيوخ المنطقة وأقرانهم قصد اطلاعهم على الأحوال السياسية والثقافية. كما كانوا يصحبون معهم أعداد من الجرائد والصحف، خاصة جرائد وصحف جمعية العلماء المسلمين، للاطلاع عيها ومتابعة الأحداث من خلالها.
وهكذا فإن العلاقة القائمة بين المناطق المجاورة لوادي سوف بالجزائر علاقة تأثر وتأثير، بل نجد الكثير من أبناء وادي سوف فضلوا البقاء بتلك المناطق التي هاجروا إليها لما لقوه من تجانس وتوافق مع قدرة تكيفهم وبداهة تأقلمهم بساكنة تلك المناطق. كما نجد أن فرنسا قد أخطأت تجاه الكثير من أبناء المنطقة الذين فرضت عليهم الهجرة، فمنهم الشيخ " محمد الطاهر التليلي " الذي اختار أحد مناطق جبال جرجرة بقرية " كمبيثة" ، فراح ينشر أفكار الحركة الإصلاحية، مما جعله يقلق السلطات الاستعمارية التي فرضت عليه العودة من جديد إلي بلدته قمار رغم محاولة ساكنة تلك المنطقة من التقرب من السلطات المحتلة قصد إبقائه بينهم لكن دون جدوى .
وعليه فإن الدور الذي لعبته الهجرة الداخلية هو زيادة رغبة المهاجرين في التفاعل، والمشاركة في رفع مستواهم الاقتصادي والثقافي المنعكس على المستوى السياسي والاجتماعي دون انقطاعهم عن أهاليهم والإبقاء على الاتصال المستمر، حتى يستطيعون تحسين الوضع ما أمكن مع رفع مستوى التصدي بمنطقة وادي سوف التي ظلت وقتا طويلا تقاوم الاستعمار وسياسته التعسفية الاستبدادية.
وهكذا نجد أن اتجاهات الهجرة تعددت، وكان أهمها ما ذكرنا سالفا، لكن ذلك لم يمنع من وجود اتجاهات أخرى كفرنسا التي هاجر إليها، خصوصا بعض ساكنة ضاحيتي تكسبت والوادي المركزي ، حيث كان تمركز هؤلاء " بالروين " (RHONE) . كما هاجر بعض السكان شكل أفراد إلي المغرب الأقصى مثل الشيخ " محمد الصالح ميسة " الذي منخرطا بالجيش الفرنسي ليتحصل رتبة ضابط أهلي وظل هناك بالمغرب الأقصى . كل ذلك يعود لرغبة السكان الجزائريين المسلمين بوادي سوف الجامحة للسفر والهجرة. إضافة للوضع المزري الذي حال دون بقائهم في المنطقة ماعدا المسنين العاجزين عن التنقل، أو المترددين الخائفين الفاقة بالمهجر .
كما نجد مراسلات بين مريد لشيخ الطريقة التجانية، وهو السيد " أحمد بن أبي الضياف التغزوتي " من خلال رسائل يناشد شيخه " محمد العيد بن محمد البشير التجاني " لسماح له بالهجرة إلى بعض المناطق الداخلية، ثم ما يلبث أن يهنئ مشيدا بشيخه من خلال السماح له بالهجرة.، ذلك من خلال رد هذا الأخير عليه بأذن التنقل من وادي ريغ إلى القل والرسالة مؤرخة بتاريخ 4 فيفري 1923م بزاوية تماسين .
هذا يؤكد حقيقة أن الطرق الصوفية لم تكن عائق أمام الهجرة، لكن ما يشهد على الطرق الصوفية أنها كانت في تلك الأثناء أي خلال العشرينات تُنفِّر الناس وتزهدهم في الهجرة إلى جامع الزيتونة لأن المتخرجين منه ينكرون على عامة المريدين اعملهم المتسمة بالأفكار المعتقدات الزائفة، وإصرارهم على البدع والضلالات التي تنافي الكتاب والسنة ، وهذا ما أقر به شيوخ الطرق العلماء العارفين.
هذا ما يؤكد عدم تعميم حكم معارضة الطرق وشيوخها على الهجرة لدى السيد "لوسياني"، لكن ما قد وقفنا عليه هو أن الطرق الصوفية بوادي سوف لم تكن عائقا أمام هذه الهجرة في شتى الاتجاهات رغم محاولاتها في الحط من قيمة بعض الاتجاهات مثل الهجرة إلى جامع الزيتونة، أو حتى إلى فرنسا.
أ – الهجرة إلى وادي ريغ والزيبان :
إن الهجرة إلى وادي ريغ والزيبان تحكمت فيها الحاجة الملحة للارتزاق نتيجة الوضع الاقتصادي المزري الذي تميز به إقليم وادي سوف. ذلك تبعا لندرة المهن من جهة، وصعوبة التكسب من زراعة النخيل التي تعيقها عوامل طبيعية قاسية، تجعل منها مهنة شاقة مقارنة بنظيراتها في نطاق كل من وادي ريغ والزيبان،مما يقلقل من الرغة في العمل بها. ذلك ما دفع بالعديد من المزارعين للانتقال إلى وادي ريغ والزيبان لسهولة زراعة النخيل التي توفر لكل من المالك والفلاح الكثير من العناء. وبالخصوص منطقة جامعة التي استوعبت بنسبة معتبرة من المهاجرين من وادي سوف، حيث طاب بهم المقام وأصبحوا يشكلون قوة من المزارعين الملاك، خاصة مهاجري كونين.
والهجرة إلى وادي ريغ عادة ما تكون هجرة موسمية نحو الواحات ، ومعظم سكان وادي سوف الذين يهاجرون لهذه المناطق هم من المصاعبة والأعشاش ، وغالبا ما تكون الهجرة من وادي سوف نحو وادي ريغ خلال موسم جني التمور للعمل كأجراء . كما أن هناك عائلات عديدة كانت تنتقل في فصل الصيف إلى هذه المناطق مع أنها غير محبذة لسكان وادي سوف خاصة في مواسم انتشار الملاريا أو التهاب السَّحَايا ، ونظرا لتشابه الخصائص الاقتصادية بين وادي سوف ووادي ريغ أبقى التعامل الاقتصادي ضعيفا ومحدودا جدا مما انعكس على محدودية الهجرة من وادي سوف إلى وادي ريغ.
ب - الهجرة إلى المناطق الداخلية :
أما الهجرة للمناطق التلية شمال الجزائر سواء كانت الموسمية أو المؤقتة، أو الدائمة، فكانت تستقطب نسبة معتبرة من مهاجري وادي سوف خارج المنطقة خاصة في المواسم التي تصبح فيها الوضع الاقتصادي راكدا، فينعكس سلبا عن المداخيل، مما يجعلها غير كافية لحاجيات السكان بالإقليم، فتكون الهجرة في هذه الأثناء في غالبها نحو المناطق الساحلية، أو الداخلية بالشمال .
وقد أصبحت الهجرة إلى المدن الجزائرية الشمالية أكثر أهمية منذ 1930 ، والدليل عن تعاظم عدد المهاجرين نحو المناطق التلية للبحث عن العمل يكفي تناول عينة قدر تعدادها بـ 835 شخصا طلبوا رخصا للذهاب إلى التل الجزائري للبحث عن العمل من 1جانفي 1938 إلى 31 مارس من نفس السنة من بين 1000 طلب.
كما أن هذه الهجرة غالبا ما تكون طواعية كهجرة الحرفيين للبحث عن أسواق لاستيعاب منتوجاتهم مثل الخياطين والنساجين، ويكون مقصدهم بسكرة وبريكة ، وجـل الذين يقصدون المنـاطق التليـة عمال حرفيين ، وعندما لا يكون لديهم مال كاف أو معرفة بهذه المناطق التي وفد إليها، فهم يلجؤون إلى مهنة العتَالة، حيث يشكل عمال وادي سوف في الموانئ الأغلبية خاصة في عنابة وسكيكدة. كما يتواجدون أيضا في ميناء الجزائر، ويمارس قسم منهم تجارة المواد الغذائية والقماش في عمالة قسنطينة .
أما مواقع الهجرة فكانت تبعا للقرية والمنطقة، فسكان قمار يتجهون نحو عنابة وسوق أهراس. وسكان كوينين نحو خنشلة، وبسكرة وقسنطينة. وسكان لبهيمة نحو المسيلة، وبرج بوعريريج. وسكان تغزوت نحو تقرت و باتنة. أما سكان عميش خاصة المنتمين لفرقة المصاعبة فيشكلون ثلثي مهاجري وادي سوف في وانزة ، فكل تمركز صغير بالمهجر يجمع عناصر سكانية متجانسة كأن يكونوا من قرية ما أو قريتين، ومن الصعب تفسير أسباب تمركز بعض التجار من قرية ما هنا، وليس هناك . كما يدخل ضمن هذه الهجرة ولو بشكل محدود جدا هجرة الطلبة لبعض المدارس بالمناطق التلية كالمدرسة الفرنسية الإسلامية بقسنطينة لتخريج القضاة والمترجمين ورجال المحاكم الشرعية وأعوان الإدارة الأهلية .
2 - الهجرة إلى المشرق العربي :
المشرق هو الملاذ الفسيح لما يحتويه من مقومات حضارية تجعل من الفرد الجزائر يسارع دون هوادة للظفر بموقع جديد في ربوع بلاد المشرق الإسلامي، حتى يستطيع مواصلة حياته وحياة باقي أفراد أسرته. وعليه ارتبطت الهجرة بالمشرق العربي لحضور العامل الدين الذي كان هاجسا قويا لدفع سكان وادي سوف لاختيار هذه المناطق ملاذا للهروب من السياسة الاستعمارية.
وقد كانت الهجرة إلى المشرق قديمة تعود ما قبل الاحتلال. ذلك انطلاقا من البقاع المقدسة وهي رحلة الحج الموسمية التي كان يصاحبها عامل اقتناء الكتب والمجلات عند بعض الحجيج باعتبـار الحج عاملا أساسيا لنشر الثقافة والوعي الاجتماعي والثقافي بين أرجاء العالم الإسلامي .
أما أهم البلدان المشرقية الأكثر توافد لهجرة سكان وادي سوف هي بلاد الحجاز، وقد ازدادت الهجرة صوب البقاع المقدسة خاصة خلال الفترة الممتدة بين 1930 و1939م ، حيث كانت تعد اتجاها جديدا من اتجاهات الهجرة . لكن ما قد عثر عليه من وثائق رسمية تؤكد أن الهجرة إلى المشرق كانت قائمة، وهي مستمرة غير منقطعة منها هجرة 15 رجل مشيا على الأقدام إلى بيت المقدس مرورا بقفصة والإسكندرية، والعريش سنة 1908م، وفي ذلك دلالة على رغبة الجزائريين في الهجرة خلال هذه الفترة .
وقد استمرت الهجرة إلى المشرق العربي في فترات متعددة دون انقطاع كان من أهم هجرات الطلبة الذين كانوا في شغف كبير للتعلم والكسب، حيث نجد من بين هؤلاء الطلبة الطالب "محمد العربي ستو" المولد بوادي سوف خلال 1870 هاجر إلى مصر حوالي 1908 بعد حفظه للقرآن اشتغل مؤدبا للصبيان بالأزهر بمصر، ثم ما لبث أن زاول دراسته بالأزهر سنة 1916 ، وقد ثبت اسمه في قائمة الطلبة الجزائريين بالأزهر من نفس السنة، هذا تحت اسم محمد العربي السوفي، وقد احتل الرتبة الرابعة من المصنفين في هذه القائمة.
هكذا ظل المشرق العربي يمثل المقصد الهام للهجرة لما يمثله هذا الركح الواسع من العالم العربي الإسلامي من أهمية بالغة في مستوى العلم والتعليم، بالإضافة إلى فريضة الحج التي هي ركن من أركان الإسلام، وهذا وقوفا عند قول رسول الله () حيث جاء فيه : عن أبى عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله () يقول :» بني الإسلام على خمس شهادة أن إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقامة الصلاة إيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان « رواه البخاري ومسلم .
بالإضافة إلى الأهمية الاجتماعية التي يمثلها الحج لدى الكثير من الجزائريين باعتبار الاقتدار على أداء فريضة الحج هو دلالة على الوضعية الاجتماعية التي عليها الحاج غير أن السياسة الاستعمارية المتمادية في التضييق عن الجزائريين جعلهم يتخذون من فريضة الحج ذريعة للتخلص من الاستعمار كتعبير للرفض لكل ما هو دال على سياسة التسلط الاستعماري.
هذا ما جعل أغلبية المهاجرين إلى بلاد المشرق يغلب عليهم تحبيذ البقاء في هذه البلدان لما لقيه هؤلاء من راحة وطمأنينة خاصة المهاجرين إلى البقاع المقدسة ( مكة والمدينة )، فهناك تواجد كثيف من مهاجري وادي سوف، وهم في غالبهم من حاضرة قمار الماكثين بمكة. أما المدينة فاستقر بها مهاجري الضواحي الأخرى كالوادي المركزية، وتكسبت وغيرها.
وعليه فإن الهجرة إلى بلاد المشرق كانت كثير من الأحيان طموح يأمل الجزائري أن يحققه نتيجة التعسف والاضطهاد الممارس عليه بموجب السياسة الاستيطانية التي تخول للإدارة الاستعمارية إباحة حقوق السكان الجزائريين المسلمين، وممارسة السلطة المطلقة عليهم حتى تستغلهم أبشع استغلال، خاصة تطبيق سياسة التجنيد الإجباري في الجيش الفرنسي ، بالرغم من عدم خضوع إقليم وادي سوف لهذه السياسة غير أن السكان ظلوا ليأمنون خبث المستعمر وتجاوز ذلك. فالبريد الوافد على منطقة وادي سوف من هؤلاء المهاجرين كان دوما يمثل مبعث أمل وتواصل يربط الكثير من الماكثين بالمنطقة وأولئك المهاجرين الذين فضلوا البقاء في تلك المناطق لما كانت تتمتع به من رخاء أفضل بكثير من موطنهم الأصلي.
كما يلاحظ على كثير من هؤلاء المهاجرين مساهمتهم في نشر العلم والتعليم، ومواصلة الإصلاح انطلاقا من قدرتهم الفائقة في التحصيل، حيث نجد أكثر من شخصية استطاعت أن تبرهن عن دورها الفاعل مثل الشيخ عمار بن الأزعر الذي نفته السلطات الاستعمارية فاستقر بالمدينة المنورة في 05 ربيع الأول 1354هـ / 1935م حيث يقول عن نفسه : « دخلت مدرسا في مدرسة العلوم الشرعية ثم حصلت على وظيفة التدريس في المسجد النبوي، ثم انتقلت إلى مدرسة العلوم الشرعية وإلى مدرسة الحديث .».
كما نجده يتحدث عن سيرة حياته، حيث يذكر أنه : » سنة 1353هـ قد وجدت أنا ومن هاجر معي من التلاميذ من جلالة الملك المعظم إمام المسلمين الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه وأسكنه فراديس الجنان مع الصالحين الأبرار ووجدنا منه كل مساعدة وإكرام إلى أن وصلنا المدينة المنورة في الخامس من الربيع الأول 1354 هـ « وهو هنا يذكر أن هجرته لم تكن هجرة فردية بل كانت مع عدد من تلاميذه.
كما يوجد بعض المهاجرين الذين ساهموا في نشر الطرق الصوفية نجد الشيخ الحاج محمد العيد البارئ ( التونسي ) القماري الأصل، حيث هاجر إلى تلمسان مع أسرته فتتلمذ على يد الحاج محمد بن أحمد بن عبد الرحمان العزاوي الملقب بالهبري، وبعد وفاة شيخه الهبري هاجر إلى بلاد الشام، وأصبح من مستوطني الشام، فمنحته السلطة التركية مرتبا شهريا مكافأة له على تلاوة القرءان الكريم . هذا ما يؤكد حاجة المهاجرين بوادي سوف إلى تحسين المستوى الاجتماعي خارج نطاق الإقليم، فكانت الهجرة سبيلا يؤهلهم لذلك.
كما أن الهجرة إلى المشرق العربي كانت فسحة ثقافية قد ساهم من خلالها مهاجري وادي سوف خاصة النخبة المثقفة في رفع لواء الإصلاح عن طريق التعليم أكثر من المساهمة بالمنطقة نفسها، لكن هذا لم يمنع عامل التواصل الذي ضمن استمرارية مساهمة هؤلاء في ترقية الوضع الثقافي بالمنطقة. كما شجع استقرارهم هناك على تحريض العديد من أبناء المنطقة على الهجرة قصد تحسين المستوى الاجتماعي.


ثالثا - هجرة سكان وادي سوف إلى تونس :
تونس هي الوجهة الأولى لمهاجري وادي سوف. ذلك لأن تونس تعد وجهة هامة لسكان الإقليم بالنظر لعدة عوامل أبرزها القرب الجغرافي والمحاذاة الحدودية لمنطقة الجريد بالجنوب التونسي، ووجود علاقات تاريخية تمثل امتداد حضاري سابقة للاحتلال. بالإضافة تقبل الساكنة بالقطر التونسي للمهاجرين من وادي سوف، وعدم اكتراث السلطات التونسية لهذه الهجرات، رغم محاولات فرنسا التحكم في حركة تنقل الجزائريين عبر الحدود لتونس من خلال قرارها الصادر في7 فيفري 1898م ، وإلى جانب هذه العراقيل التي بدأت فرنسا تتلكك بها إلا أن ذلك لم يمنع سكان وادي سوف من الهجرة نحو تونس.
1 –هجرة سكان وادي سوف إلى تونس وتلبيتها للحاجيات الاجتماعية :
تعد مدينة تونس ومناطق الفوسفات وجهتين هامتين لمهاجرين وادي سوف. فســكان وادي سوف الذين يقيمون بمدينة تونس عادة ما يكون مكوثهم محدود لستة أشهر في غالب الأحيان، ويرجعون لموطنهم في الأشـــهر المتبقية من السنة، وأحيانا الإقــــامة تطول إلى عامين أو ثــلاثة، لكن بشكل عام فالرجوع لم يكن دائما قـــاعدة يلتزم بها . فكان تـــواجد المهـــاجرين من وادي سوف يفـــــوق في الغالب الجالية الجـــــزائرية المتـــواجدة بمديــــــنة تونس العاصمة.
والجدول الآتي يبرز هذا التفوق في تعداد المهاجرين الجزائريين :
جدول تطور تعداد الجالية الجزائرية في مدينة تونس (1921- 1939)
السنة
السكان 1921 1926 1939
سوافى 2668 2431 2300
مزابية 395 205 765
ورَاقلة 1127 1343 2000
تواتيه 575 1044 2100
جزائريون ( عاصميون) 1022 1078 1350
قسنطنيون 2205 2630 3800
وهارنة 680 646 500
وما يلاحظ عن الجدول التفاوت العددي بين المهاجرين الجزائريين، إما من حيث أوضاعهم فالمهاجرين من وادي سوف هم الأكثر بؤسا، لهذا كانت مدينة تونس تعد بالنسبة لهم بلاد النَّعيم والعمل والسعادة، والمهاجرون من وادي سوف يأتون بمفرده دون اصطحاب عوائلهم إلا نادرا، فهم يهاجرون مجموعات من 10 إلى 12 فردا، وفي السابق؛ أي قبل إجراءات الرقابة المفروضة من قبل الإدارة الاستعمارية عن حركة التنقل بين الجزائر وتونس كانوا يأتون من 40 إلى 50 فردا، وعادة يأتون في عمر 40 سنة.
أما المهن التي يشتغل فيها المهاجرون من وادي سوف بمدينة تونس عديدة، لكن ما يميز هذه المهن كونها مرهقة كحمالين وعمال رصيف، وكناسين وفحامين، وبائعي مياه ومنظفي مجاري، ومساحي أحذية. أما الأقل بؤسا منهم فيشتغلون في سوق الحبوب كحمالين للحبوب، والقليل منهم من الميسورين الذين يمارسون تجارة التمور والقماش والحرير حولي 40 شخصا وهم من سكان تغزوت وكوينين .
أما مع بداية افتتاح شركة الفوسفات قفصة في مطلع القرن 20م بدأت الشركة تسعى لإيجاد عمالة نتيجة الاحتياجات الكبيرة. كما أن التشغيل يعتمد في الأساس على الأجانب بنسبة كبيرة، فكان المهاجرون الجزائريون من بين أهم العمالة الوافدة. ذلك لما تحضا به اليد العاملة من الجزائريين باعتبارهم المسلمين الفرنسيين، فكان وجودهم مهم ومن بين هؤلاء نجد اليد العاملة من مهاجري وادي سوف، للارتباط الحدودي بين وادي سوف والقطر التونسي من خلال منطقة الجريد، التي كانت تلعب دور العبور بين المنطقتين، وهي منطقة تعبئة العمالة من وادي سوف ، كما كانت العمالة الأولى التي بدأت مع انطلاق استغلال منجم الرديف، حيث بقي هذا المركز من أهم مناطق استقرارهم إلى غاية نهاية الحرب العالمية الثانية، وعليه فإن نسبة ما يشكله عمالة وادي سوف من إجمالي اليد العاملة بشركة الفوسفات هي 25%، وهي موزعة على منجم الرديف ومنجم أم العرايس، ومنجم المتلوي وهي المراكز الثلاثة التابعة للشركة.
كما كانوا يشكلون الأغلبية في منجم المظيلة، حيث بلغ تعدادهم سنة 1914م في المناجم الأربعة 400 شخص، ليصل إلى 1204 شخصا في سنة 1922، لتظل اليد العاملة في تزايد إلى أن وصلت 2083 شخصا سنة 1924م، باستثناء عمال منجم المظيلة في هذه السنة. وفي سنة 1937م انخفض عدد العمال من وادي سوف إلى 856 شخصا ، وتفسير ذلك عائد إلى تراجع مبيعات منتوجات الشركة منذ 1927 خاصة سنة 1930م، حيث عانت الشركة من تقلص أسواقها . واستقر تعداد العمال من وادي سوف في 837 شخصا سنة 1948م.
لكن ما يلفت الانتباه هو توجيه العمال الوافدين من وادي سوف إلى الأعمال الشاقة مثل تجفيف الفوسفات . كما أن الشركة لم تكن تهتم لسكنهم واحتياجاتهم الأساسية، حيث كانوا في الغالب يتخذون الخيام أو الاكواخ كمساكن، ولم يكتفي العمال بذلك بل نجد بعضهم قد حفروا كهوف في سفح جبل الخنفوس بالرديف غاية 1928م ، وبالرغم من ذلك الوضع فإن الشركات المنجمية لم تكن مكترث بالوضع .
وأمام ذلك الوضع المزري كان عمال وادي سوف يتحَدون كل الصعاب نتيجة الحيوية التي كانوا يتميزون بها من جهة، والروح الاجتماعية العالية. هذا ما أهل البعض منهم لتقلد مناصب نقابية بالنقابات العمالية لشركات الفوسفات، حيث نجد السيد " عبد المجيد بن الأخضر " يشغل رئيس نقابة العمال في أم العرائس، ذلك سنة 1936م. كما كان السيد "عمر بن الهاشمي" أمين المال لنقابة العمال بالرديف، فعناصر العمالة المهاجرة من وادي سوف والتونسيون هم المسيطرون على تشكيلة النقابات العمالية بمناجم الفوسفات بتونس . ومع هذا كله إلا أن عامل الانضباط والسلوك الحسنة هي السمة السائدة لدى أغلبية العمال المهاجرين من وادي سوف في مناجم صفاقس وقفصة . ليستمر ذلك الوضع طوال الاحتلال الفرنسي للجزائر، حيث كانت تونس من أسهل البلدان التي يلوذ إليها المهاجرين من وادي سوف، مما ساهم في رفع مستوى العلاقات التي ظلت مستمرة بين المناطق التونسية ووادي سوف. وعليه فإن الهجرة إلى تونس كانت قديمة جدا بل أن أكثر المهاجرين الجزائريين إليها هم أغلبية من وادي سوف .
2 - الضوابط المتحكمة في مهاجري وادي سوف بالقطر التونسي :
أما عن طبيعة تواجد مهاجري وادي سوف بتونس كانت تحكمها ضوابط تعارف عنها المهاجرون، بحيث لا يستطيع أحد منهم تجاوزها أو تجاهلها إلا في حالات استثنائية هذه الضوابط تتمثل في :
أولا – لا يمكن لأي مهاجر من وادي سوف أن يتجاهل ضرورة تسجيل نفسه في قوائم المهاجرين من وادي سوف المطبق عليهم الضريبة، ذلك من خلال قائمة محدد عليها الأسماء وسنة الاستيطان بتونس، والمنطقة الأصلية المنحدر منها ورقمه في قائمة الضرائب، وتحت أي اسم، حيث نجد فيها السيد عمر بن الحاج محمد الذي استوطن تونس منذ سنة 1869م تحت رقم 59 في قائمة الضرائب، وهو من قرية الزقم .
وكان لمهاجري وادي سوف شيخ يُعرف بشيخ السوافة، وهو ميعيَّن بقرار رسمي. ويكلف بمهمة جمع الضرائب، ويقوم بدور الشرطة الإدارية. كما يقــدم كل الوثائق الضرورية لكل مهاجر في مدينة تونس، فهو أداة الاتصال الرسمي مع المراقب المدني، ومن أهم من قلدوا هذا المنصب سي محمد بن الحاج أحمد الفاسي مع نهاية القرن 19م، ثم "علي بن سلطان بن بلقاسم" من الفرقة الأولى من مهاجري وادي سوف بمنطقة الجريد بتوزر. ذلك بموجب القرار المؤرخ في 01 جويلية 1891م ، ثم أحمد بن محمد بن سعد في 08 ديسمبر 1923م، وبعد وفاته عين بدلا منه محمد الأخضر بن الحاج العيد بن محمد بن حاج عثمان، ثم سي محمد القادري بن الحاج سالم في 10 جانفي 1938م واستمر الوضع حتى بداية الخمسينات .
ثانيا – كما كان لكل عرش من وادي سوف وكالته التي تعد المنزل المشترك ويطلق عليها "بدار السوفي"، حيث يشترط على الفرد المهاجر من وادي سوف زيادة على انتمائه للعرش أن يكون من نفس الطريقة الصوفية. فمهاجري قمار كانوا يتواجدون بحي 46 شارع زاوية بوكريه، ومهاجري كوينين يسكنون بحي طريق "حمام الرميمي"، ومهاجري ورماس فهم بحي 6 طريق صاحب الطّابة. كما أن جالية المهاجرين من وادي سوف كانوا أكثر الجاليات ترددا على المستشفى المدني الفرنسي، مما يوحي بتدهور أوضاعهم، فمن بين 60 جزائريا يتم معالجتهم يوميا في مدينة تونس نجد 50 مهاجرا من وادي سوف، وكان المهاجرون من وادي سوف في مدينة تونس أكثر حرصا في توفير المال قصد شراء بعض النخيل بوادي سوف ، مما يفسر العدد الأكبر من المترددين على المستشفى الفرنسي المدني للحصول ليس فقط على العلاج بل حتى بعض المعونات التي يقدمها المستشفى للمرضى في إطار الدعم للفئات المعوزة.
ثالثا – استعداد المهاجر من وادي سوف في أداء الخدمة العسكرية بتونس بمجرد مرور سنة على تواجده بتونس. ذلك عندما لا يعود إلى وادي سوف في موسم جني محصول التمور وحسب وصف " مارتي " ( Marty ( على أن المهاجر من وادي سوف لا يهرب من أداء واجب الخدمة العسكرية بتونس، فالخدمة العسكرية تعد بالنسبة لأبناء المهاجرين من وادي سوف فترة تسمح لهم بالحصول على قوتهم، وتقيهم من المجاعة .
4 - فترات الهجرة من وادي سوف إلى تونس وحجم الاحتياجات الاجتماعية :
وقد شهدت الهجرة إلى تونس فترات متعددة تعرف تفاوتا في العدد. ذلك منذ اندلاع الحرب العالمية الأولى، حيث شهدت تونس هجرة قوية رغم بساطة الوسائل المستغلة، وهي المشي على الأقدام واستعمـال الحيوانات التي من أهمها الجمال .
وقد كانت الهجرة في هذه الفترة هي هجرة الأفراد دون عائلاتهم، لذلك كان طابعها موسمي، حيث كان هؤلاء المهاجرون يعودون إلى أهاليهم في موسم الخريف أو لزيارة الوالدين، حيث يمثل غالبيتهم أرباب عائلات . كما تعد هجرة الطلبة في غالبها هجرة موسمية يحاول من خلالها هؤلاء التواجد بتونس خلال فترة الدراسة، وعند انقضائها سرعان ما يعاودون الرجوع إلى وادي سوف.
أما الفترة الثانية فهي محصورة ما بين 1918-1930 وقد تزايدت خلالها الهجرة إلى تونس بشكل مكثف. كما شوهد هجرة عائلات بشكل جماعي، ولم يكن ذلك الأمر يخص مهاجري وادي سوف لوحدهم، بل نجد ذلك ماثلا لدى مهاجري قسنطينة والجزائر العاصمة. بالإضافة إلى سهولة الهجرة خلال هذه الفترة نتيجة استعمال وسائل النقل المتطورة . وبقيت خلالها هجرة سكان وادي سوف إلى تونس طاغية على هجرتهم إلى الاتجاهات الأخرى.
لكن خلال الفترة الثالثة والتي تبدأ منذ 1930م عرفت فيها الهجرة إلى تونس نوع من التوازن مع الهجرة إلى الشمال الجزائري. بالإضافة إلى ظهور اتجاهات أخرى نحو البلدان العربية كالحجاز. علما أن المهاجرين لم يكنوا فرادى، بل كان الكثير منهم يهاجر مع عائلته . والمميز للهجرة نحو تونس هو التقارب الثقافي وسهولة الانتقال نتيجة غياب وضعف الرقابة الأمنية على مستوى الحدود.


5 – هجرة طلبة وادي سوف إلى تونس ومدى تحقيق التكامل الثقافي :
كما كان جامع الزيتونة مقصدا لطلبة وادي سوف لمواصلة تعليمهم خاصة بعد زيارة وفد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقيادة الشيخ عبد الحميد بن باديس لوادي سوف وربوعها أواخر 1937م وأوائل 1938م. كما كان هؤلاء الطلبة يزاولون أعمالا أخرى لكسب القوت قصد مواصلة مسيرة التعليم، وحصولهم على الشهادات العلمية كشهادة التطويع، لكن ما ميز الهجرة إلى تونس هو أن الطلبة المهاجرين لها ليس فقط الطلبة القاصدين جامع الزيتونة بل نجد من يقصد بعض الزوايا كالزاوية القادرية بتوزر لسيدي المولدي بوعرقية، وبعض معاهد ومدارس الزيتونة، والمدرسة الصادقيةالتي كانت تضم عددا كبيرا من الطلبة. كما تؤمن لهم المسكن والغذاء، فهي في شكل معهد . كما يضطر الطلبة إلى تأمين حاجياتهم من خلال الاستئجار الذي عادة ما يكون اكتراء بيت بصورة جماعية لعدد من الطلبة.
وكان عدد الطلبة يزداد من سنة لأخرى بعد رجوع الطلة من جامع الزيتونة، وما يتركه من أثر في الأوساط من أقرانهم . وقد شكل طلبة وادي سوف في جامع الزيتونة تنظيمات طلابية مثل جمعية " الشباب السوفي الزيتوني " التي أنشئت في 12 ماي 1937، وكانت تظم 12 عضوا يرأسهم عبد الرحمان أحمد بن لخضر . علما أن طلبة قمار أنشؤوا جمعية خاصة بهم في الزيتونة تدعى "جمعية الرابطة الثقافية القمارية ". وقرب تونس لوادي سوف كان عاملا هاما في تشجيع الهجرة، حيث عرفت الهجرة إليها أفواجا عديدة. ذلك قصد التكسب عن طريق وظائف عديدة منها التجارة والعمل والتعليم، فقد كان أكثر المهاجرين لها هم الطلبة .
كما كان لهذه الهجرة تأثير تبادلي من وادي سوف إلى تونس أو من تونس إلى وادي سوف. ذلك من خلال هجرة الطلبة، حيث نجد البعض منهم قد حصل على رتبة من التعلم أهلته إلى التدريس بكثير من المدارس بتونس أو حتى الزيتونة في حدّ ذاته مثل الشيخ " محمد السايح اللقاني "، و مع ذلك ضل هذا الأخير يتردد على بلدة قمار ، والشيخ العربي صالحي من أهل قرية سيدي عون الذي استقر في الجنوب التونسي، وكان مدرسا وشاعرا ومفسرا للقرآن الكريم . بقيت تونس أكثر المناطق المهاجر إليها نتيجة استيعابها لعدد كبير من المهاجرين من وادي سوف. وعليه لا غرابة أن تتماثل الخصائص الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية بين سكان المناطق المجاورة لوادي سوف من القطر التونسي خاصة إقليم الجريد.









 


رد مع اقتباس
قديم 2014-05-10, 15:24   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
moh125
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2014-05-22, 17:18   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
brahim_102
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

ﺑﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻚ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
هجرةالجزائريين


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc