نظرية النظم (مدرسة النظم) - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

نظرية النظم (مدرسة النظم)

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-12-11, 18:38   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
lalakarimanouri
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










B8 نظرية النظم (مدرسة النظم)

السلام عليكم اطلب من الاخوة الاعضاء ان من لديه اي فكلرة عن مدرسة النظم ان يضعها في المنتدى و اجره على الله خاصة فيما يخص الرواد









 


قديم 2009-12-11, 22:38   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
moh2008
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Mh51 مشاركة بسيطة

مدرسة النظم

إن مدرسة النظم الذي ظهرت منذ منتصف الستينات من القرن العشرين ، تنظر إلى المنظمة كوحدة واحدة بدلاً من التركيز على بعض عناصرها أو مقومتها مثل الهيكل التنظيمي (نظريات التقسيم الإداري) أو إجراءات العمل (المدرسة العلمية في الإدارة) أو العاملين بها (مدرسه العلاقات الإنسانية ) أو المناخ التنظيمي الداخلي ( المدرسة السلوكية ) أو وظائف المديرين ( مدرسة اتخاذ القرارات ) وهذا لا يعني بحال التقليل من شان مثل هذه العناصر المكونة للمنظمة وإنما المقصود إن ينظر إلى النظام كله نظرة شاملة .

# تعريف النظام:

هو الكيان المنظم والمركب الذي يجمع ويربط بين أشياء وأجزاء تؤلف في مجموعها تركيبا موحدا.
كما يمكن تعريفه بأنه مجموعة الأشياء المترابطة بعلاقات ولها خصائص .

# أنواع النظم :

(1) النظم المغلقة : وهي النظم التي لا تتأثر ببيئتها ولا تتفاعل معها
فالساعة هي مثال على نظام مغلق فعجلاتها تعمل حسب طريقة محددة مسبقا بغض النظر عن بيئتها .
وببساطة يمكننا القول بأن النظم المغلقة هي التي تملك خاصية الاكتفاء الذاتي والميل نحو السكون .
(2) النظم المفتوحة : وهو النظام الذي يتفاعل باستمرار مع بيئته فالمصنع مثال لمنظمات تعمل بالنظم المفتوحة وفي الحقيقة فإن البيئة تقرر مدى استمرار بقاء المصنع أم لا .

# مكونات النظم المفتوحة :

(1) المدخلات.
(2) العمليات أو الأنشطة.
(3) المخرجات.
(4) البيئة.
(5) التغذية الراجعة.

وفي ما يلي شرح موجز لهذه المكونات :

(1) المدخلات :
وتشمل جميع ما يدخل المنظمة من البيئة من موارد بشرية ومادية .
(2) العمليات أو النشاطات :
ويقصد بها مجموع النشاطات الإدارة والفنية والعقلية اللازمة للإستفادة من المدخلات وتحويلها إلى مخرجات ( سلع أو خدمات ) من أجل تقديمها إلى المجتمع.
(3) المخرجات
وتشمل جميع ما يخرج من المنظمة إلى البيئة الخارجية من إنتاج مادي أو معنوي .
( 4 ) البيئة :
والمقصود بها البيئة الخارجية ((external environment التي يتفاعل معها والتي تلعب دوراً أساسياً في تحديد السلوك التنظيمي .
(5) التغذية الرجعة :
وهي مجموع المعلومات التي ترد المنظمة (بشكل مداخلات )حول السلبية و الإيجابية للمخرجات سابقة الذكر .


# خصائص النظم المفتوحة :

(1) التميز .
(2) الشمولية .
(3) الأهداف .
(4) التوازن الحركي .
(5) الإستقرار والتكيف .
(6) التحلل أو التلاشي .

# أبرز الإنتقادات على مدرسة النظم :

إن لمدرسة النظم في دراسة الإدارة نواحي إيجابية وأخرى سلبية كغيرها من المدارس التي سبقتها إلا أن ايجابياتها تفوق سلبياتها لأنها جاءت بعد المدارس الكلاسيكية ، والسلوكية ، وعلم الإدارة ، والظرفية وغيرها.
ولذالك حاولت هذه المدرسة أن تتجنب نقاط الضعف و الإنتقادات التي وجهت إلى تلك المدارس ومع ذلك فهي لاتخلو من المأخذ :
(1) تعلق مدرسة النظم أهمية كبيرة على ترابط وتكامل وتفاعل أجزاء المنظمة ، بحيث يؤدي أي خلل أو نقص في أحد تلك الأجزاء أو العناصر إلى التأثير في النظام ككل.
(2) إن الإغراق في تطبيق النظام قد يؤدي إلى فقد روح الألفة والانتماء للمنظمة والذي قد يؤدي في النهاية إلى ضعف الإنتاجية أحيانا .

# كيفية تطبيق مبادئ مدرسة النظم في الميدان التربوي :

إن تطبيق مدرسة النظم بنوعيها ( المفتوح والمغلق ) في الميدان التربوي أمر غير مقبول وخاصة النظام المغلق لان الميدان التربوي تعتبر البيئة شيئا أساسيا من مكوناته ولا يمكن الاستغناء عنها في العملية التربوية .
لكن من المناسب جدا الاهتمام بقضية المخرجات والتغذية الراجعة من مكونات مدرسة النظم في الميدان التربوي فهذا هو ما نفتقده بشكل واضح في تعليمنا في المملكة العربية السعودية .
ومن المهم أيضا أن تراعى خصائص مدرسة النظم المفتوحة في الميدان التربوي ومنها ( التمايز , الشمولية , الأهداف ............ الخ .


وبالله التوفيق










قديم 2009-12-20, 17:42   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
smail-lmd
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي طلب

اريد بحث حول المدرسة الكلاسيكية










قديم 2011-07-03, 19:25   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
نجيمي مسعود
عضو جديد
 
إحصائية العضو










M001 المدرسة الكلاسيكية


كان ظهور ما يعرف في تاريخ الفكر الاقتصادي بالمدرسة الكلاسيكية مرتبطا تمام الارتباط بالتطور الذي شهدته الدول الأوروبية في القرن الثامن عشر وما تلاه من أزمنة. فقد كان هذا التطور كبيرا من حيث التغيرات التي حدثت فيه، وشاملا من حيث النواحي التي أثر عليها، لأنه أثر في كل الجوانب التي تتكون منها مختلف أوجه الحياة الحضارية أي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فإذا كان التطور الاقتصادي الذي شهدته المجتمعات الأوروبية قد نقلها من مرحلة الاقتصاد الإقطاعي إلى مرحلة الرأسمالية التجارية على نحو ما وقفنا عليه لدى التجاريين ، فإن الرأسمالية لم تتوقف عند هذا الوضع ، بل تطورت حتى وصلت في حوالي منتصف القرن الثامن عشر إلى أن تأخذ طابعا صناعيا وذلك بفضل الثورة الصناعيةالتى شهدها العالم ما بين نهاية قرن 18 وبداية القرن 19 .
انطلاقا من هنا يمكننا طرح الإشكالية التالية و التي تفيدنا في تعميق البحث وفق ما يلي:
*ماهية المدرسة الكلاسيكية في التسيير ؟
*ما هي خطوات هذه المدرسة ؟
سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة من خلال تقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث , يتناول الأول مفهوم عام حول الكلاسيكية في الادارة وتطورها التاريخي, لننتقل بعدها في المبحث الثاني إلى اهم النظريات التى عرفتها مع اشهر روادها ثم المبحث الثالث كتقيم لنجاحات وسلبيات المدرسة



المبحث الأول : مدخل إلى المدرسة الكلاسيكية في التسيير
إن مفهوم الكلاسيكية له عدة مفاهيم تطورت بتطور العامل البشري ولهذا فإننا حاولنا أن نعطي أهم المفاهيم التي عرفتها المدرسة مع تزامن تطورها.
المطلب الأول: تعريف المدرسة الكلاسيكية :
بدايةً لابد لنا أن نعرف معنى كلمة كلاسيكية (CLASSIQUE) إذ يخطئ الكثيرون باعتقادهم أن معنى الكلمة هو( الشيء التقليدي أو القديم ) . لكن في الواقع أن معنى كلاسيكي هو الطراز الأول أو المثالي أو النموذجي أو الممتاز وهي كلمة يونانية الأصل و المدرسة الكلاسيكية ظهرت في القرن الثامن عشر،إذ أثمرت مجهوداتهم وآلت إلى قيام مدرسة اقتصادية عريقة تعرف تحت اسم المدرسة الكلاسيكية في بريطانيا وعاشت حوالي مئة عام، حيث أعترف لها بالسبق في معالجة القضايا الاقتصادية ترقي إلى درجة الكمال واليقين.وتميزت المدرسة الكلاسيكية بالبعد عن الدوافع الشخصية والأخلاقية وبالاعتماد على أدوات التحليل المنطقي وباتجاهاتها الموضوعية في التحليل.وبهذا أعطت الاقتصاد صفته العلمية الحديثة التي عرف بها منذ ذلك الحين[1]
المطلب الثاني: نشأة المدرسة الكلاسيكية:
ظهرت المدرسة الكلاسيكية والتي تمثل الرافد الاول من الفكر الاداري في اواخر القرن الثامن عشر, وتعتبر نتاج التفاعل بين عدة تيارات كانت سائدة خلال هذه الفترة وفيما يلي أهم المراحل التاريخية التي مرت بها المدرسة
* مرحلة ظهور الثورة الصناعية: أبرز ما تميزت به هذه الفترة تبرزه من خلال النقاط التالية:
1) التوسع في استخدام الآلات وإحلالها محل العمال.
2) ظهور مبدأ التخصص والتقسيم العملي للعمل.
3) تجمع عدد كبير من العمال في مكان العمل وهو المصنع.
4) إنشاء المصانع الكبرى التي تستوعب الآلات الجديدة والطاقة العاملة.
* مرحلة الثانية ظهور حركة الإدارة : كان من أبرز مهندسي هذه المرحلة المهندس الأمريكي فريدرك تايلور بعرضه لفكرة التقسيم المنهجي للعمل والمبادئ الأربعة للإدارة إلى جانبه ''فرنك جلبرت'' و''وهنري جانت'' و 'هنري فايول'' و''ماكس ويبر'' من خلال بعض الإضافات إلى أفكار تايلور حيث كانت البوادر الاولي لميلاد المدرسة الكلاسيكية
*مرحلة نمو المنظمات العمالية والوعي القومي : كان ظهور ونمو النقابات والمنظمات العالمية نتيجة حتمية للرد على ممارسات الإدارة وبدا الانسان يتخلي عن افكار العشوائية في تسيير الادارى وكان تأثره لمبادئ تايلور وبذور الاولي في ظهور الكلاسيكية
هناك العديد من الأسباب تفسر الاهتمام المتزايد نشاة الكلاسيكية كوظيفة إدارية متخصصة وكفرع من فروع علم الإدارة وتحملها فيها فيما يلي:
* التوسع الصناعي الذي تم في العصر الحديث حيث ساهم في ظهور اشياء جديدة لم يعرفها الانسان من قبل
* زيادة التدخل الحكومي في علاقات العمل بين العمال ورجال الأعمال عن طريق إصدار القوانين.[2]
المطلب الثالث : مفهوم الادارة في ظل المدرسة الكلاسيكية
عرفها فريدريك تايلور Fredrick Taylor من مواليد الولايات المتحدة الأمريكيةمارس 1856 عمل في أحد مصانع الحديد في ولاية فيلادلفيا مهندسا، وأثناء عمله لاحظ انخفاض الإنتاجية وضياع الوقت والجهد والمواد دون تحقيق فائدة إنتاجية، وسرعان ما قام بإجراء التجارب الميدانية من أجل زيادة الكفاءة الإنتاجية، ونشر تجاربه بعد ذلك في كتابه المعروف بمبادئ الإدارة العلمية عام 1911 هو أبو الإدارة العلمية
الادارة هي المعرفة الدقيقة لما تريد من الرجال أن يعملوه ثم التأكد من أنهم يقومون بعمله بأحسن طريقة وأرخصها [3].
أما هنري فايول (Henry Fayol) (1841-1925) ، فرنسي الاصل، عمل مديراً تنفيذياً لشركة صناعية صغيرة في فرنسا، ومن خلالها نال خبرته العملية التي قادته إلى النجاح في مجال الإدارة الصناعية، وعمل على تطوير منهجية النظرية الإدارية، ووثق ذلك في كتابه المشهور الإدارة العامة والصناعية عام 1916م.
الذي يعتبر بحق الأب الحقيقي للإدارة الحديثة فيعرفها قائلاً أن تقوم الإدارة معناه أن تتنبأ وأن تخطط وأن تنظم وأن تصدر الأوامر وأن تنسق وأن تراقب[4] ..
أما ماكسيميليان كارل إميل ويبر (بالألمانية: Maximilian Carl Emil Weber) ‏ (21 أبريل 1864 – 14 جوان 1920) كان عالمًا ألمانيًا في الاقتصاد والسياسة، وأحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث ودراسة الإدارة العامة في مؤسسات الدولة، وهو من أتى بتعريف البيروقراطية، وعمله الأكثر شهرة هو كتاب "الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية" حيث أن هذا أهم أعماله المؤسسة في علم الاجتماع الديني وأشار فيه إلى أن الدين هو عامل غير حصري في تطور الثقافة في المجتمعات الغربية والشرقية، وفي عمله الشهير أيضا "السياسة كمهنة" عرف الدولة: بأنها الكيان الذي يحتكر الاستعمال الشرعي للقوة الطبيعية, وأصبح هذا التعريف محوريا في دراسة علم السياسة. درس فيبر جميع الأديان وكان يرى أن الأخلاق البروستنتانتية أخلاق مثالية ومنها استقى النمودج المثالي للبيروقراطية.
فقد عرفا الإدارة بأنها : وظيفة تنفيذ المهمات عن طريق الآخرين ومعهم [5] .
اهم تعاريف الموجودة للادارة
التعريف الأول: " عملية ذهنية وسلوكية تسعى إلى الإستخدام الأمثل للموارد البشرية والمادية لبلوغ أهداف المنظمة والعاملين بها بأقل تكلفة وأعلى جودة "

التعريف الثاني : " النشاط المسؤول عن اتخاذ القرارات وصياغة الأهداف، وتجميع الموارد المطلوبة واستخدامها بكفاءة، لتحقيق نمو المنظمة واستقرارها، عن طريق مجموعة من الوظائف أهمها: التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والتقويم.
وتمّ التأكيد على أن الإدارة "مجموعة متكاملة من الخبرات والمهارات والقدرات أغلبها مكتسب بالتعليم والتدريب والمران العملي، وقليل منها فطري موروث. وهي إلى جانب ذلك علم وتقنية"
التعريف الثالث: " هي الاستخدام الفعال والكفء للموارد البشرية والمادية والمالية والمعلومات والأفكار والوقت من خلال العمليات الإدارية المتمثلة في التخطيط، والتنظيم والتوجيه والرقابة بغرض تحقيق الأهداف "[6]
هذا ويقصد بـالموارد:
- الموارد البشرية: الأفراد الذين يعملون في المنظمة.
- الموارد المادية: كل ما يوجد في المنظمة من مباني وأجهزة وآلات..
- الموارد المالية: كل المبالغ من المال التي تستخدم لتسيير الأعمال الجارية والاستثمارات الطويلة الأجل.
- المعلومات والأفكار: تشمل الأرقام والحقائق والقوانين والأنظمة.
- الوقت: الزمن المتاح لإنجاز العمل.
الإدارة هل هي فن أم علم؟.
الإدارة فن لأنه لابد للمدير أن يمتلك القدرة الشخصية على تطبيق الأفكار والنظريات والمبادئ الإدارية بطريقة ذكية ولبقة تعكس الخبرة والتجربة و الممارسة
والإدارة علم لأننا ندرس في الجامعات نظريات ومبادئ وأفكار إدارية وبذلك يمكن القول أن الإدارة هي فن وعلم في نفس الوقت، فالعلم يعلم الإنسان أن يعرف بينما الفن يعلمه أن يعمل.




احمد صقر، تاريخ النظرية الاقتصادية ، ليبا طبعة 2000 [1]7 ص

المهدي الطاهر ، مبادئ ادارة الحديثة ، دار الثقافة ونشرعمان طبعة 2002 [2]24ص

محمد قاسم القريوتي ، الادارة و المهارات ، المكتبة الاداديمية طبعة 1998 [3]16 ص

محمد قاسم القريوتي ، الادارة و المهارات ، المكتبة الاداديمية طبعة 1998 [4]ص 19

محمد قاسم القريوتي ، الادارة و المهارات ، المكتبة الاداديمية طبعة 1998 [5]23 ص

احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [6]13 ص



المبحث الثاني : نظريات واهم رواد المدرسة الكلاسيكية
إن الاهتمام بإدارة في جميع الاقتصاديات بصفة عامة؛ برزت افكار المدرسة الكلاسيكية فقد أصبحت الإدارة الأساسية بالنسبة لأي تنظيم وعرفت نمو افكار المدرسة بالتسلسل وفق ظهورها
المطلب الأول : نظرية الادارة العلمية فردريك تايلور
يعتبر فردريك تايلور المؤسس الأول لحركة الإدارة العلمية ، ويهمنا في حياة العالم فرديك تايلور العملية أن كان في البداية عاملا في مصنع ، ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح مهندسا ، ثم أصبح على قمة الهرم الوظيفي للاستشاريين من المهندسين في احد المصانع الأمريكية ن وكان حجر الأساس في مبادئ تايلور العلمية هو تحقيق أقصى كفاية إنتاجية للأفراد والآلات المستخدمة في الإنتاج من خلال ما يعرف بدراسة الزمن والحركة .
ويحدد تايلور مبادئه في الإدارة العلمية على النحو التالي
أ‌- إحلال الأسلوب العلمي في تحديد العناصر الوظيفية بدلا من اسلوب الحدس والتقدير ، وذلك من خلال تعريف طبيعة العمل تعريفا دقيقا ، واختبار أفضل طرق الأداء ، وأهم الشروط للعمل من حيث المستوى ، والمدة الزمنية المطلوبة لتحقيقه
ب - إحلال الأسلوب العلمي في اختيار وتدريب الأفراد لتحسين الكفاءة الإنتاجية
ج - تحقيق التعاون بين الإدارة والعاملين من اجل تحقيق الأهداف
د -تحديد المسئولية بين المديرين والعمال ، بحيث تتولى الإدارة التخطيط والتنظيم ، ويتولى العمال التنفيذ.
هـ - ربط تأدية أو نجاح الفرد في عمله بالأجر أو المكافآت لرفع الكفاءة الإنتاجية
و - إحكام الإشراف والرقابة على العاملين في المستوى الأدنى لأنهم يفتقدون المقدرة والمسئولية في القدرة على التوجيه الذاتي [1]


أن هذا الأسلوب العلمي الذي جاء به تايلور في مجال الإدارة كان له بعض الجوانب السلبية, فإصرار المنظمات على الأخذ بأصول الإدارة العلمية حرصاً على تحقيق أهداف المنظمة وزيادة الإنتاج والأرباح سنوياً, جاء على حساب تضحيات من جانب العنصر البشري الذي كان عليه أن ينتظم في خط الإنتاج تماماً كالآلة, تحسب عليه حركاته, ويعمل وفقاً لخطوات روتينية متكررة تبعث على السأم والملل, وتقتل المبادأة والابتكار والطموح, وقد أدى ذلك إلى مقاومة العمال لهذا الأسلوب, فقد تبينوا أنهم مجرد آلات وأن الهدف الأساسي للإدارة العلمية هو زيادة الإنتاج على حسابهم, فعارضوا تطبيقها, ودخلت النقابات العمالية, وأخيراً تدخلت الحكومة الأمريكية لمنع تطبيق مبادئ الإدارة العلمية في الترسانة الحكومية وغيرها من المصالح.
والواقع أن أهتمام تايلور بتحقيق كفاية الإنتاج والاقتصاد عن طريقة دراسة الوقت والحركة كان دعوة للتركيز كلية على المشروع, ولجذب الانتباه إلى زيادة الإنتاج, لدرجة أن دراسة الإدارة اقتصرت إلى حين على دراسة ترشيد إدارة المصنع, بينما أهملت الاعتبارات المتصلة بالجوانب الاجتماعية والإنسانية للعاملين فيه. [2]
ونلخص من هذا العرض لنظرية الإدارة العلمية أنها بهذا الشكل تندمج تحت طائفة النظريات الكلاسيكية المثالية التي تصف مايجب أن يكون, وأنها ركزت على عنصر واحد من عناصر التنظيم وهو العمل , وأهملت الإنسان والعلاقات الإنسانية داخل التنظيم, كما أنها لم تكن نعنى سوى العمل الإنتاجي على مستوى المصنع, ولم تعط الاهتمام الكافي لحقيقة التفاعل والتبادل بين التنظيم
المطلب الثاني : نظرية شمولية الادارة او الادارة الوظيفية هنري فايول
إن أهم ما يميز كتابات هذه النظرية هو سعيها للوصول إلى مبادئ إدارية نظرية لتكون أساساً لعمليات التنظيم والتصميم الإداري وقد جاء دعاة هذه النظرية من بلدان مختلفة, حيث إن هنري فايول فرنسي, وليندال أرويك بريطاني, أما لوثر جيوليك وموني ورايلي فهم أمريكيون والذي جمعهم في مدرسة واحدة أنهم كانوا معنيين بالوصول إلى المبادئ الإدارية التي تحكم التنظيم في البيئات المختلفة, وذلك فإن أفكار هذه النظرية كانت أكثر عمقاً وتجريداً من نظرية الإدارة العلمية واسترشد كتابها بالتنظيمات الصناعية العسكرية وغيرها للوصول إلى هذه المبادئ التي اعتبروها أساساً لإيجاد علم إداري.
لقد تميز هنري فايول عن فريدريك تايلور رغم أنه كان هو الآخر مهندساً , بأنه كان من بين الكتاب الأوائل الذين حاولوا تطوير نظرية عامة للإدارة لأنه كان يشغل منصباً إداريا, بينما كان تايلور يعمل في خط الإنتاج, ومن ثم اهتم فايول بوظائف الإدارة على المستويات المختلفة, وحاول يطور نظاماً فكرياً إدارياً يمكن تعليمه ودراسته.
فعلي حين شغلت الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا بالنتائج التي توصل إليها فريدريك تايلور لرفع الكفاءة الإنتاجية للعامل في المصنع, كانت هناك محاولات مهمة تجري على أرض فرنسا بمعرفة هنري فايول رجل الصناعة الفرنسي لوضع نظرية عامة للإدارة, اتضحت معالمها في كتابه الذي ظهر في فرنسا عام 1916م تحت عنوان " الإدارة الصناعية والعامة ".
ولم يترجم هذا المؤلف الذي نشر بالفرنسية إلى الإنجليزية حتى عام 1929م في بريطانيا, وعام 1949م في الولايات المتحدة الأمريكية. وإن كان جانب من إنتاج فايول قد تضمنته مجموعة الوثائق التي أصدرها لوثر جوليك وليندال أرويك عام 1937م.
وقد كتب فايول كأحد العاملين بالإدارة, ومن هنا قدم خبراته الطويلة وملاحظاته المهمة التي أسهمت في تحديد أسس الإدارة, ولعل أهمية كتاباته في الفكر الإداري الحديث تكمن في تحليلاته العميقة للنشاط الإداري, وفي إيمانه القوي بوجود مبادئ للإدارة تتميز بعموميتها, ووجوب تدريسها. فلقد اهتم فايول بالإدارة في قطاع الأعمال, ولما كانت الأصول العامة للإدارة يمكن أن تسرى في ميداني الإدارة العامة وإدارة الأعمال, ونظراً للحقائق المهمة التي أبرزها فإننا نقدم ملخصاً لآرائه التي اثرث الفكر الإداري.
لقد وجد فايول أن النشاط في إدارة الأعمال يمكن أن يقسم إلى سنة مجموعات رئيسة, , وهي على النحو التالي[3] :
1-النشاطات الفنية ( الإنتاج والتصنيع).
2- النشاطات التجارية ( المشتريات, المبيعات والتبادل).
3- النشاطات التمويلية ( الموارد المالية , الاستثمارات والمصروفات).
4- النشاطات الأمنية ( الممتلكات والأشخاص).
5- النشاطات المحاسبية تقدير التكاليف والإحصاءات).
6- النشاطات الإدارية ( التخطيط , التنظيم والتوجية, التنسيق والرقابة).
وقد بين فايول أن هذه المهام تتواجد في كل منظمة مهما كان حجمها. كما أكد على أهمية النشاطات الإدارية بالنسبة للوظائف العليا, فإذا استطاع الإداري القيام بهذه المهام الإدارية فإن قيادته ستكون ناجحة وفعالة.
ولقد تضمن مؤلف فايول موضوعات تعالج النواحي التالية:
1) صفات الإداريين وتدريبهم.
2) الأسس العامة للإدارة.
3) وظائف الإدارة.
أولاً : صفات الإداريين وتدريبهم
يرى فايول أن الإداريين يحتاجون إلى مجموعة من السمات والصفات الفذة يجب توافرها, وهي صفات جسمية وصفات ذهنية وصفات أخلاقية, يضاف إليها سعة إطلاع المديرين وثقافتهم العامة. وأشار فايول إلى أن أهمية هذه الصفات نسبية , وأن القدرات والمهارات الإدارية تتزايد أهميتها كلما ارتفع المدير في السلم الإداري, في حين تكون القدرات والمهارات الفنية مهمة في المستويات الإدارية الوسطى والدنيا.
ثانياً : الأسس العامة للإدارة[4]
مع تسليم فايول بأن أسس الإدارة مرنة ولا تعبر عن قواعد ثابتة ومحددة, فقد وضع أربعة عشر ( 14) مبدأ من مبادئ الإدارة التي توصل إليها نتيجة مشاهداته وخبراته مؤكداً أنها تتضمن حسن أداء المدير لدوره إذا ما التزم بها وسار عليها, وهذه المبادئ هي :
1- تقسيم العمل : ينتج تقسم العمل عن تطبيق مبدأ التخصص الذي نادي به الاقتصاديون كضرورة للاستخدام الأمثل للقوى العاملة, ويرى فايول انطباق هذا المبدأ على جميع أنواع النشاطات الإدارية والفنية.
2- السلطة والمسؤولية : أوضح فايول الارتباط الوثيق بين السلطة والمسؤولية, وأن الأخيرة موزاية للسابقة منبثقة عنها, ويرى فايول السلطة مزيجا من السلطة الرسمية المستمدة من المنصب الرسمي واختصاصاته, والسلطة الشخصية التي قوامها الذكاء والخبرات والخلق القويم والقدرة على القيادة.
3- الإلتزام بالقواعد : وهي في نظر فايول احترام الالتزامات الهادفة الى تحقيق الطاعة والتنفيذ ومظاهر الاحترام, ويقرر فايول أن تحقيق النظام يرتبط بوجود مديرين على درجة علية من الكفاءة في جميع المستويات.
4- وحدة الأمر / وهذا يعني أن يكون لكل موظف رئيس واحد يتلقى منه الأامر والتوجيهات ويرفع إليه التقارير.
5- وحدة الإتجاه : ذلك أن كل مجموعة من النشاط متحدة الهدف يجب أن يكون لها رئاسة واحدة وخطة واحدة, وتختلف عن سابقتها في أنها تهتم بالنشاط لا بالأفراد.
6- خضوع الأفراد للمصلحة العامة : وهذا المبدأ يتطلب من الإدارة التدخل حينما تتعارض مصالح العاملين مع المصالحة العامة أو الأهداف العامة للمنظمة, وذلك من أجل المحافظة على استقرار التنظيم واستمراريته.
7- المكافآت : يقضى هذا المبدأ بأن تكون الرواتب والمكافآت عادلة ومجزية لجميع العاملين في جميع المستويات.
8- المركزية : ويقصد بها مدى تركيز السلطة أو توزيعها, وهذا المدى يتختلف من منظمة لأخرى, وتحكمة ظروف وعوامل متداخلة في الموقف الإداري, ويجب أن يكون هناك نقطة توازن بين المركزية المطلقة والمركزية الكاملة.
9- تسلسل القيادة : يرى فايول تدرج مستويات القيادة في التنظيم بشكل هرمي.
10- النظام : ويقصد به فايول وضع كل شيء وكل شخص في مكانه ويقسمه فايول إلى قسمين، نظام مادي يعني بوضع الآلات والأدوات والمعدات في مكانها المناسب لمصلحة العمل, ونظام اجتماعي يتهم بوضع كل شخص في المكان المناسب, كما يتهم بتنسيق الجهود, وتحقيق الانسجام بين نشاطات الوحدات المختلفة في التنظيم.
11- العدالة : يجب أن يعامل جميع العاملين معاملة واحدة بهدف الحصول على ولائهم وانتمائهم, وأن يلتزم كل منهم بأداء واجباته وأن يحصل كل منهم على حقوقه كافه.
12- الاستقرار الوظيفي : ينص هذا المبدأ على أهمية استقرار الموظف في عملة, كما يؤكد على أن المنظمات الناجحة هي المنظمات المستقرة.
13- المبادأة : المبادأة عند فايول تعني المبادرة لإعداد الخطط وكيفية تنفيذها, ويطالب فايول الرؤساء بإعطاء الفرصة للمرؤوسين لممارسة المبادأة في العمل وأبدا المقترحات وتنمية روح الإبتكار.
14- العمل بروح الفريق : يوضح هذا المبدأ أهمية العمل الجماعي وأهمية الاتصالات الفعالة, والتعاون بين الرئيس والمرؤوسين بما يكفل أداء الأعمال بكفاءة وفاعلية. وهو مايرتبط بقدرة القائد الإداري على التأثير في سلوك العاملين.
ثالثاً : وظائف الإدارة : حيث يرى فايول أن وظائف الإدارة تشمل على[5] :
1) التخطيط
2) التنظيم
3) التوحيه
4) التنسيق
5) الرقابة
وقد كرس هنري فايول جانباً من اهتماماته كممارس للإدارة لمناقشة هذه الوظائف. وقد كان لأفكاره وما تركته من أثر مميز في الفكر الإداري – سواء في فرنسا أو غيرها – أهمية لا تقل عن أهمية الأثر الذي تركته أفكار فريدريك تايلور في الفكر الإداري الأمريكي.
المطلب الثالث : النظرية البروقراطية ماكس ويبر
عتبر نظرية البيروقراطية كما وصفها ماكس ويبر هي البداية لنظرية التنظيم العلمية, وقد هدف فيبر من نظريته عن البيروقراطية إلى وصف الجهاز الإداري للتنظيمات وكيف يؤثر على الأداء والسلوك التنظيمي.
وكان ويبر يقصد بتعبير البيروقراطية أن يصف النموذج المثالي (Ideal Type) للتنظيم والذي يقوم على اساس من التقسيم الاداري والعمل المكتبي.
ويعتبر مفهوم البيروقراطية من المفاهيم الغامضة نسبياً لما تتضمنه من معان متعددة, وفق الهدف من استعماله, وذلك أن مصطلح البيروقراطية (Bureaucracy) يتكون من كلمتين Bureau بمعنى مكتب و Cracy بمعنى حكم, والكلمة في مجموعها تعني سلطة المكتب أو حكم المكتب, وبعبارة أخرى فإن البيروقراطية تعني أسلوب ممارسة العمل الإداري من خلال التنظيم المكتبي الذي يكتسب سلطته من خلال هذا التنظيم, ومن جهة أخرى, فإن كلمة Bureaucrats تعني الموظفين المكتبيين, أي الذين يعملون في الوظائف المكتبية والإدارية في المكاتب الحكومية.
وتتعدد معاني المفهوم في الاستعمالات التي شاع فيها, فعلى سبيل المثال :
1- قد تعني البيروقراطية تنظيما إداريا ضخماً يتسم بخصائص ومميزات معينة.
2- وقد تعني مجموعه الإجراءات التي يجب إتباعها في مباشرة العمل الحكومي بصورة عامة داخل المكاتب أو التنظيمات الإدارية.
3- وقد تستعمل البيروقراطية السلطة التي يمارسها الموظف العام, أو التنظيم الإداري الحكومي.
4- وقد تعني البيروقراطية الدور ( Role) الذي يمارسه الموظفون العموميون في إطار النظام السياسي وذلك لتنفيذ السياسة العامة في الدولة.
5- يمكن النظر إلى البيروقراطية من خلال خصائص بناء التنظيم على أساس أنها مرادفة لمفهوم بناء السلطة الهرمية ( Hierarchical) في التنظيم الإداري والذي يتحقق فيه تقسيم واضح للعمل.
6- هناك اتجاه يقول بأن البيروقراطية نمط معين من السلوك الذي يعتمد على القواعد (Rules) والإجراءات المحددة سلفاً.
7- قد تتحدد فكرة البيروقراطية على أساس أنها تعني ذلك التنظيم الذي يحقق أكبر قدر من الكفاية في الإدارة وفي تحديد الوسائل التي تحكم التنظيم الاجتماعي بدقة.
8- قد يعني مفهوم البيروقراطجية معنى آخر يتسم بالسلبية حيث تعتبر البيروقراطية مصدراً للروتين وتعقيد الإجراءات وصعوبة التعامل مع الجماهير.
دراسات ماكس ويبر[6]
يكاد جميع الباحثون في العلوم الإدارية على أن أهم الدراسات التي أسهم بها ماكس فيبر, فيما يتعلق بالدراسات التنظيمية والإدارية, هي كتاباته الخاصة بنظرية السلطة هذه الدراسات قادته إلى تحليل كثير من التنظيمات وأساليب وانسباب خطوط السلطة داخل هذه التنظيمات, وهذه الدراسات كانت تدور في نطاق اهتماماته الأساسية التي توضح لماذا يطيع الأفراد الأوامر التي تصدر اليهم ؟ ... ولماذا يقوم الأشخاص بأداء الأعمال وفقاً للتعليمات التي تنساب إليهم في حدود الأوامر المشددة والتي تتلخص في مفهوم "إصدع بما تؤمر" وقد قام في هذه الدراسة بتوضيح أسلوب إكساب الشرعية لممارسة السلطة داخل هذه التنظيمات وقسمها إلى ثلاثة أنواع.
النوع الأول : السلطة البطولية
النوع الثاني : السلطة التقليدية
النوع الثالث : السلطة القانونية الرشيدة.
وقد أوضح في دراساته الفرق بين هذه الأنواع, مع أعترافه بأن هذه الأنواع الثلاثة يمكن أن يتضمنها تنظيم واحد.
كما أوضح في دراسته, أن النوع الأول يمارس السلطة من خلال المواصفات الشخصية التي يتحلى بها القائد, ولذلك استخدم كلمة Charism وهي مقتبسة من اللغة اليونانية والتي توضح مدى تحلى الإنسان بمواصفات غير عادية, وتمكنه من ممارسة سلطاته بالأسلوب الذي يحقق له قدراً هائلا من ضبط النفس, وطاقة استثنائية في ممارسة هذه السلطة في التأثير على العاملين معه بحيث يتقبلون هذه التعليمات أو هذه التوجيهات برحابة صدر ورضى كامل. وقد أدى هذا إلى اتجاه عدد من العلماء والمفكرين الذين تأثروا بدراسات ماكس فيبر إلى البحث عن سمات وصفات هؤلاء القادة.
أما فيما يتعلق بالنوع الثاني القائم على " العلاقات التقليدية" فإن القائد يمارس سلطته من خلال موقعة في التنظيم. وكثيراً ما يمارس مثل هذه القائد سلطته من خلال العادات والتقاليد المتوازنة, وقد ضرب ماس فيبر في بحوثه الكثير من الأمثلة التي توضح هذه الأسلوب, ومن بينها الأساليب التي أدار بها الإقطاعيون ممتلكاتهم ومنشآتهم الواسعة, وأوضح أن المراكز الإدارية كانت تنتقل بالوراثة من الأب إلى الإبن.
أما النوع الثالث, وهو ترشيد العلاقات القانونية داخل المنشآت والوحدات من خلال الشكل البيروقراطي للتنظيم وهو التنظيم الذي يوجد في المنشآت الحديثة, ويرى فيبر أن هذه التعبير يتفق مع التطور الذي وصلت إليه مختلف الوحدات في المجتمعات المعاصرة, ذلك أن الشرعية أو قانونية السلطة يمارسها القائد من خلال مجموعة من القواعد والإجراءات. هذه القواعد والإجراءات هي التي تكسبه شرعية ممارسة السلطة في الموقع الذي يتواجد فيه أثناء الفترة الزمنية التي يصدر فيها تعليماته ويمارس فيها سلطاته, وهذه المجموعة من القواعد والإجراءات التي تمارس من خلال المراكز التي تشغلها المستويات الإدارية المختلفة في التنظيمات الضخمة والحديثة, وهي التي أطلق عليها ماس فيبر كلمة بيروقراطية.
ويلاحظ عند الإطلاع على بحوث ودراسات فاكس فيبر أنه كان يهدف إلى تحقيق تنظيم على أعلى قدر ممكن من الكفاية إذ يرى أن البيروقراطية هي خير أسلوب فني لإنجاز الأعمال المكتبية والإدارية بأعلى قدر ممكن من الكفاءة القائمة على التخصص وتقسيم العمل, وهو ما يجعله يصف البيروقراطية بأنها النموذج المثالي للتنظيمات الإدارية الضخمة.
ويرى ماكس فيبر أن التنظيم البيروقراطي المثالي يقوم على الأسس التالية:
1- هناك مجالات للتخصص الوظيفي محددة رسمياً وثابته, وتنظم القواعد واللوائح عملية تجديد تلك المجالات الوظيفية.
2- توزع النشاطات والأعمال اللازمة لتسيير دفة التنظيم البيروقراطي على أعضاء التنظيم باعتبارها واجبات رسمية وبطريقة ثابتة ومحددة.
3- توزع السلطة اللازمة لإعطاء الأوامر بتنفيذ الواجبات المحددة بشكل رسمي ثابت ووفقاً لقواعد واضحة ومحددة, وتحدد هذه القواعد مدى السلطة التي تمح لكل موظف, ونوع تلك السلطة.
4- هناك طرق وأساليب محددة للعمل وتنفيذ المهام والواجبات وبالتالي لا يعين في التظيم البيروقراطي إلا من كان مؤهلاً لأداء تلك المهام.
5- ينقسم التنظيم البيروقراطي إلى عدة مستويات متخذا شكلاً هرمياً وبالتالي يوحد نظام حاسم ودقيق من الرئاسة, حيث تشرف المستويات العليا من التنظيم البيروقراطي على أعمال ونشاطات المستويات الدنيا. ويسمح هذا النظام للعاملين أو المرؤوسين بأن يتظلموا من قرارات أحد الرؤساء إلى المستوى الإداري الأعلى منه بطريقة منظمة ومحددة, ويسود هذا التنظيم الهرمي أشكال التنظيمات الضخمة كافة, العامة والخاصة على حد السواء.
6- تعتمد إدارة التنظيم البيروقراطي على المستندات وبالتالي يوجد جهاز من الموظفين والكتبة مهمتهم الاحتفاظ بالوثائق والمستندات, وعلى هذا الأساس يرى فيبر أن مجموعة العاملين بقسم معين ومايستخدمونه من معدات ووقائق (ملفات) يكونون مكتباً.
7- يفصل التنظيم البيروقراطي المكتب عن النشاط الخاص للموظف, بمعنى أن العمل البيروقراطي يجب أن ينفصل ويبتعد عن حياة الموظف الخاصة, وعلى هذا الأساس فإن الأموال العامة والمعدات الخاصة بالتنظيم يجب أن تُفصل تماما عن الملكية الشخصية للموظف.
8- إن الإدارة المكتبية تحتاج إلى خبرة ومران وتدريب, ومن ناحية أخرى فحين يكتمل التنظيم فإنه يتطلب عادة كل نشاط وجهد الموظف حتى ولو كانت ساعات عملة محددة بمعنى أن العمل الرسمي يأتي في المقام الأول بالنسبة لوقت الموظف ولا يمكن تأخيره لأداء أعمال خاصة.
9- تطبق الإدارة في هذه المنظمات قواعد وتعليمات للعمل وتتصف بالشمول والعمومية والثبات النسبي, كذلك تستخدم الإدارة أنواع القواعد والتعليمات التي يمكن للموظف تعلمها وفهمها, كلما زاد فهم الموظف لتلك القواعد والإجراءات كلما ارتفعت خبرته وكفاءته.
وتلك هي خصائص التنظيم البيروقراطي كما رسمها ماس فيبر في أوائل هذا القرن وتدل على اهتمامه بتقديم نظرية مثالية تحدد نمط العمل والسلوك الواجب في التنظيم المثالي.
ومن ثم, فإن ماكس فيبر يقصد بالبيروقراطية وصف التنظيم الإداري الضخم وما يتضمنه من قواعد وتأثيره في الإدارة والسلوك التنظيمي, كل ذلك في إطار مايجب أن يكون, كما يعدد مزايا كثيره للتنظيم البيروقراطي, أهمها: السرعة, الإنضباط, الاستقرار , الاستمرارية, الدقة في تطبيق مبدأ التخصص, تقسم العمل, المعرفة في مسائل المستندات, الوضوح التام في خطوط السلطة وتسلسلها الهرمي, الخضوع الكامل للرؤساء, تخفيض الإحتكاك بين الأفراد وتخفيض التكلفة الإنسانية والاقتصادية للعمل.
مما سبق, يتضح أن تفكير ماكس فيبر عن البيروقراطية يختلف تماماً عن المفاهيم الشائعة عنها والتي تربط بينها وبين انخفاض الكفاءة, وتعقيد الإجراءات في الأجهزة الحكومية وصعوبة التعامل مع الجماهير.
وقد كانت معظم التحليلات الناقدة للنموذج, والموضحة للآثار السلبية غير المتوقعة التي تترتب عليه, تدور في إطار المنظمة الواحدة, وقد أوضحت هذه التحليلات أن المنظمة البيروقراطية مثلما تؤدي إلى الضبط والاستقرار وزيادة القدرة على التنبؤ, فهي تؤدي أيضاً إلى إمكانية الجمود وإلى خطر إحلال الوسائل محل الأهداف النهائية, وإلى تقييد كفاءة الأداء, فهناك إذن, آثار سلبية غير متوقعة تترتب على الأخذ بالنمط البيروقراطي للتنظيم[7].
وكان ميرتون (Merton) في الأعوام 1939م وما بعدها, وسلزنيك عام 1943م وجولدنر عام 1954م. من أوائل علماء الاجتماع الذين تنبهو إلى ما بالنموذج المثالي من نقاط ضعف, فقد كان فيبر يعتقد أن الإشراف الدقيق والرقابة التامة على أعمال وسلوك أعضاء التنظيم, وتطبيق القواعد والتعليمات يؤدي إلى استقرار سلوك الأفراد وإمكان التنبؤ بالسلوم البيروقراطي
ولعل الصفة الأساسية التي تميز هذه الاتجاهات الحديثة في دراسة البيروقراطية, هي إدخال العنصر الإنساني والبيئة المحيطة كمحددات أساسية للسلوك البيروقراطي.

احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [1]23 ص

المهدى الطاهر ، مبادئ الادارة الاعمال ليبيا طبعة 2002 [2]13 ص

احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [3]26 ص

محمد قاسم القريوتي، مبادئ الادارة الحديثة عمان طبعة 2005 [4]35 ص

احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [5]38 ص

احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [6]42 ص

احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [7]45 ص



المبحث الثالث : تقيم المدرسة الكلاسيكية
إن افكار المدرسة الكلاسيكية لقت نجاحات كبيرة كما انها لاتخلو من سلبيات سنحاول دراستها
المطلب الأول : مساهمات المدرسة الكلاسيكية في التسيير
يمكن حصر اهم المساهمات من خلال تسلسل النظريات [1]
مساهمات فردريك تايلور:أرسى قواعد حركة الإدارة العلمية، فهو الذي حدد المبادئ التي يقوم عليها، وهو الذي أعلن الأهداف الحقيقية التي تسعى إليها وهي زيادة الإنتاج وإحلال السلام والتفاهم محل الخصام والتطاحن بين الإدارة والعمال، وإقناع الطرفين بأن الذي يحكم العلاقة بينهما مصالح مشتركة وليست مصالح متضاربة لا يمكن التوفيق بينها.ـ وكانت المساهمة الأساسية لتايلور في إرساء المبادئ الأساسية للإدارة العلمية هي:
1ـ إحلال الطرق العلمية محل الطرق البدائية في العمل
2ـ الاختبار العلمي للعمال وتدريبهم على أساس علمي.
3ـ تعاون كل من الإدارة والعمال طبقا للطريقة العلمية.
4ـ تقسيم عادل للمسؤولين بين المديرين والعمال مع قيام المديرين بتخطيط وتنظيم العمل، وقيام العمل بالتنفيذ.
مساهمات هنري فايول : في تكوين نظرية الإدارة.تتركز هذه المساهمات في الآتي:ـأـ تقسيم أوجه النشاط التي تقوم بها المشروعات الصناعية إلى
ا- فنية كالإنتاج.ـ تجارية كالشراء ـ البيع ـ المبادلة مالية كالحصول على رأس المال، الاستخدام الأمثل له تأمينية كحماية الأفراد والممتلكات محاسبية كالتكاليف والإحصاءات إدارية كالتخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ـ التنسيق ـ الرقابة
ب ـ تقديم مبادئ عامة للإدارة تتصف بالمرونة ولكنها ليست مطلقه، ويجب أن تستخدم في ضوء الظروف المتغيرة والخاصة بكل مشروع، ومن أهم هذه المبادئ التخصص، وحدة الأمر، السلطة والمسؤولية، الالتزام بالقواعد، المركزية، تسلسل القيادة، العدالة، العمل بروح الفريق، خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة .
مساهمات ماكس ويبر: ومن أهم المبادئ التي قدمها ويبر ما يلي:
أـ تدرج السلطة: ويقصد به ضرورة الالتزام بالخط الرسمي للسلطة حيث يجب أن تنساب السلطة من أعلى إلى أسفل، ويكون محل فرد مسؤلاً أمام رئيسه عن تصرفات وقرارات مرؤوسيه.
ب ـ وجود معايير رشيدة للتوظف.ج ـ ارتفاع درجة الرسمية: ويشير هذا المبدأ إلى وجود قواعد محددة وثابتة مكتوبة توجه العمل وتحكم عملية اتخاذ القرارات في المنظمة.
د ـ وجود سجلات رسمية ونظام معلومات مركزي في زيادة درجة توثيق البيانات والمستندات مما يعطي صورة محددة ودقيقة عن المنظمة.تقييم المدخل الكلاسيكي:مما سبق نجد أن المدرسة الكلاسيكية بصفة عامة قدمت عدة إسهامات إيجابية لا زالت سارية حتى الآن، والاتجاه نحو الاعتماد على الأسلوب العلمي بدلاً من الطرق العشوائية سواء في تصميم العمل أو اختيار العاملين أو في التدريب.ـ ولكن يؤخذ على هذه المدرسة انخفاض اهتمام روادها بالعنصر الإنساني والتركيز على كيفية تحسين الإنتاج فقط، الأمر الذي أثار العديد من المشاكل في بدايات القرن العشرين بين العمال وأصحاب العمل
وكذلك افتراض أن المنظمة والأداء الإداري بها يمثل نظامًا مغلقًا لا يتأثر بالعوامل الخارجية، وكذلك افتراض وجود وظائف إدارية ومبادئ لها صفة العمومية مهملاً أثر

المطلب الثاني : الإنتقادات الموجهة إلى المدرسة الكلاسيكية
يمكن حصر اهم الانتقادات الموجهة لمدرسة حيث نظر أصحاب هذه المدرسة إلى الفرد على أنه مخلوق رشيد ، يلتزم بالقوانين والأنظمة ، وأنه إنسان مادي سلبي ، وغير محب للعمل بطبعه ، ولكن يمكن استثارته وحفزه بواسطة المادة وتجاهلت أهمية التنظيم غير الرسمي بين الجهاز الإداري والعاملين ، وبين العاملين وبعضهم البعض ، وبين العاملين والسلطة.و لم تهتم بالحاجات الإنسانية والاجتماعية والنفسية للفرد والعامل ، ونظرت إليه نظرة مادية بحته كأداة من أدوات الإنتاج. حيث ركزت على السلطة والقوانين الرسمية ، ولم تدع مجالا لمشاركة العاملين في اتخاذ القرارات الإدارية وغيرها[2].

الخاتمة :
إن تطور الفكر الاقتصادي مر بعدة مراحل وفي كل مرحلة نجد ظهور مدرسة اقتصادية اثرى روادها الفكر الاقتصادي وقامو بنقد المدرسة التي قبلهم ولان كل مدرسة ظهرت في زمن وبيئة معينة واهتمامات مختلفة أي كل مدرسة استمدت أفكارها ونظرياتها في وضع الاقتصاد التي ظهرت في فترته ومن بين هذه المدارس نجد المدرسة الكلاسيكية والتي عرفنا أفكارها ونشأتها ومساهماتها وانتقادات التي أدت إلى بروز مدارس أخرى
المراجع و المصادر
. "مبادئ إدارة الأعمال"، الدكتور المهدي الطاهر دار النشر ليبيا طبعة 2002.
. "مبادئ الإدارة الحديثة "، محمد قاسم القريوتي، عمان طبعة 2005.
. "تاريخ النظرية الاقتصادية"، الدكتور احمد صقر،الإسكندرية طبعة 2005.
. "الإدارة والمهارات"، دكتور احمد ماهر، مكتبة الأكاديمية طبعة 1998.

تقبلوا اخوتي اخلص تحياتي و كل احتراماتي و اشكركم ان تفضلتم و رددتم على هذا المشاركة البسيطة و اتقبل كل الانتقادات(كل محنة تزيد في العقل سلاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااام (((1










قديم 2012-03-10, 20:56   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
amaniAbdullah
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلآم =)

طيب بالنسبه لموضوع البحث للمدرسة الكلآسيكيه ممكن أعرف وين النقطه اللي توضح مميزآتها .... عيوبها


يعطيكم العافييييه










قديم 2012-03-29, 09:27   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
المصلح
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

خطة البحث: في الاثنوميتودولوجيا
مقدمة
المبحث الأول: ماهية الاثنوميتودولوجيا
المطلب الأول: مفهوم الاثنوميتودولوجيا
المطلب الثاني: المفهومات الأساسية في المنظور الاثنوميثودولوجي
المطلب الثالث: الجذور الفكرية للمنظور الإثنوميتودولوجي
المطلب الرابع: العوامل التي ساعدت على ظهور الإثنوميتودولوجيا
المبحث الثاني: المنهجية الإثنوميتودولوجية
المطلب الأول: موضوعات الاثنوميثودلوجيا وقضاياها الأساسية
المطلب الثاني: المناهج المستخدمة في الدراسة الاثنوميتودولوجية
المطلب الثالث: تطور هذا المنهج وتأثيره
المطلب الرابع: تصور المنظور الاثنوميثودولوجي للواقع الاجتماعي
المبحث الثالث: النقد والتقييم
المطلب الأول: عرض نقد حول الأثنوميتدولوجيا
المطلب الثاني: تقييم المنظور الاثنوميثودولوجي
المطلب الثالث: الفرق بين المنهج الوضعي التجريبي و الأثنوميتودولوجي
المطلب الرابع: السوسيولوجيا والاثنوميتودولوجيا
خاتمة
قائمة المراجع

مقدمة:
يعتبر الاتجاه الإثنوميتودولوجي من احدث الاتجاهات و التطورات التي ظهرت في علم الاجتماع ولا يزال لحد الآن أنصار هذا الاتجاه قلة من حيث العدد إلا أن أفكارهم ينظر على أنها ذات طبيعة راديكالية متميزة عن غيرها من اهتمامات هذا الاتجاه انه يدرس الطرق و الوسائل و الإجراءات التي يستخدمها أعضاء المجتمع في توضيح معنى عالمهم الاجتماعي الذي يعيشون فيه وفيما يقومون به من أنشطة و من ثم يرون أن ممارسات الحياة اليومية للناس هي التي تشيد الواقع الاجتماعي عكس البنائية الوظيفية التي تعتقد أن الواقع الاجتماعي هو الذي يؤطر سلوك الناس و نشاطاتهم اليومية.
المبحث الأول:
مفهوم الاثنوميتودولوجيا:
يرى بعض المنظرين من أمثال رويترنر أن البدايات الأولى لاستخدام مفهوم الاثنوميثودولوجيا يرجع إلى الكتابات المبكرة التي قام بها هارولد جار فنكل في عام1945 وذلك أثناء دراسته و تحليليه لشرائط المداولات لهيئة المحلفين حين طرحت أمامه لأول مرة فكرة ومفهوم الاثنوميثودولوجيا حيث كان مهتما بتحليل مادة المداولات وبكيفية معرفة هيئة المحلفين و ماذا يفعلون خلال عملهم في هذه الهيئة وبكلمات أخرى لقد اهتم جار فنكل بمجموعة الأفعال التي تقوم بها هيئة المحلفين وتستخدمها كنوع من المعرفة و الوسيلة التي تستطيع عن طريقها فهم كيفية تنظيم شؤون المجتمع الذي توجد وتعمل فيه حيث ركز في دراساته على الهيئة و على نوعية المعرفة و أساليب معرفة المداولات وقد انتشر استخدام هذا المفهوم بصورة كبيرة مع تعدد دراسات جار فنكل و أيضا الإثنوميتودولوجيا هي تيار سوسيولوجي تطور خلال سنوات الستينيات (1960) في جامعة كاليفورنيا عن طريق أثنين من رواده وهما أرون سيكوريل (A.Cicourel) و هارولد جار فنكل (Garfunkel.H) هذا المصطلح استعمل لأول مرة مرجعيا مع الإثنوعلوم (l'ethnoscience) الذي يحدد المناهج و المعارف العميقة المستعملة من طرف أناس لعقلنة ممارساتهم الاجتماعية وكمثال على ذلك الاثنونباتية والتي تعرف مناهج تصنيف النبات في مختلف المجتمعات البدائية فالإثنوميتودولوجيا هي مدرسة السوسيولوجيا الأمريكية و التي تدين بالكثير لمؤسسها جار فنكل إنها بتعريف وجيز دراسة مناهج الناس ومعالجة الطرق التي يفهمون بها عالمهم لقد تأثر جار فنكل بأعمال الفينومينولوجيين و أيضا بالتقليد البراغماتي و بالفلسفة التحليلية إن هذا المصطلح استعمل لأول مرة ليحدد المناهج التي تساعد على عقلنة الأشياء الخاصة بالحياة اليومية كالخوض في حوار أو تسليط الضوء على قضية إجرامية وكلمة الإثنوميتودولوجيا معناها منهجية لدراسة النظام الاجتماعي أو الواقع الاجتماعي وتعني أنها تهتم بالمواقف العلمية في الحياة اليومية ولكن بطريقة اجتماعية و يحدد جار فنكل منهجية النظام الاجتماعي ب:
-1يسميها بالفهرسية أو مجموعة الفهرسية أي تخصص لغوي لها معنى لغوي محدد أو ما يسميها بالتعبيرات الفهرسية.
-2 ما يسمى بالبصيرة أو الانعكاسية مثلا: أنا وقفت في طابور عند الخباز أنا أشارك في تكوين هذا النظام وأدعمه ومجبر عليه بطريقة عفوية كأن هذا النظام انعكس عن سلوكي.
حدد جار فنكل الحياة اليومية للأفراد و قد سماها بالخصائص الرشيدة وتحتوي على 14 مجالا هي التي تحدد نمط السلوك للأفراد و هي:
- 1 تصنيف الأفراد للأشياء أو الناس ومقارنتها.
- 2تقدير الأمور أي أضعها في مجال الصواب أو الخطأ.
- 3البحث عن الوسائل لتحقيق الأهداف.
- 4 استخدام إستراتيجية معينة.
- 5 تحليل النتائج المترتبة عن الوسائل.
- 6تقدير قيمة الوقت. (لا يستعمل الوقت وإنما يوظف).
- 7التنبؤ بالأحداث.
- 8 استعمال قواعد إجراء معينة.
- 9الإقدام على الاختبار.
- 10استعمال معايير لهذا الاختبار.
- 11التنسيق بين الوسائل والغايات.
- 12 الوضوح والتمييز بين الأشياء.
- 13 السعي إلى الوضوح.
- 14 التوفيق بين الموقف والمعرفة العلمية.
نبذة صغيرة عن العالم هارولد جار فنكل:
عالم اجتماع أمريكي ولد عام 1917م نال جار فنكل الدكتوراه من جامعة هارفارد على يد تالكوت بارسونز و كتاب آخرين بدرجة أقل كسيكوريل و صاكص كان محور اهتمامه التنظيم الاجتماعي و خاصة في الحقل المسمى مناهج بحث الشعوب أو (المنهجية الشعوبية) الذي ساهم فيه مساهمة كبيرة و يعتبر أهم منشوراته العلمية هو كتابه "دراسات في مناهج بحث الشعوب".
المفهومات الأساسية في المنظور الاثنوميثودولوجي:
يتكون مصطلح Ethnométhodologie من مقطعين يتكون المقطع الأول من الكلمة اليونانية Ethno و التي تعني الشعب أو الناس أو القبيلة أو السلالة أما المقطع الآخر méthodologie التي تشير إلى المنهج أو الطريقة التي يستخدمها الناس في صياغة و تشكيل الحقيقة الاجتماعية مما يشير إلى أن المنظور الاثنوميثودولوجي يهتم أساساً بتطوير مناهج البحث و يدفعنا إلى البحث عن هذه المناهج المستخدمة في الدراسات الاثنوميثودولوجية.
و قد قام جار فنكل بتعريف مصطلح "الاثنوميثودولوجية" على أنه يعني استقصاء الخصائص العقلية لمجموعة التعبيرات و الأفعال العلمية التي تتم أثناء الحياة اليومية و بتعبير آخر يشير هذا المصطلح إلى دراسة المعاني التي يعطيها الناس لكلماتهم و أنماط سلوكهم.
كما حدد جار فنكل المقصود بالاثنوميثودولوجية بقوله: "إن الدراسات الاثنوميثودولوجية تحلل أنشطة الحياة اليومية تحليلاً يكشف عن المعنى الكامن خلف هذه الأنشطة و تحاول أن تسجل هذه الأنشطة و تجعلها مرئية و منطقية و صالحة لكل الأغراض العلمية.
و تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن الطرق التي يسلكها أعضاء المجتمع خلال حياتهم اليومية لتكوين نوع من الألفة بالأحداث و الوقائع
و بالإضافة إلى تحديد مفهوم "الاثنوميثودولوجية" نجد أن أصحاب هذا المنظور قد قاموا بتطوير بعض المفاهيم الأساسية مثل مفهوم "الفعل المنعكس" و مفهوم "البيئة المرتبطة بالمعنى."
-- و يشير مفهوم "الفعل المنعكس": إلى أن كثيراً من أنماط التفاعل التي تحدث بين أعضاء المجتمع تهدف إلى المحافظة على رؤية معينة للحقيقة الاجتماعية التي قاموا بتشكيلها في مواقف محددة و نجد أن كثيرا ً من أنماط التفاعل بين أعضاء المجتمع تعتبر أفعالا ً منعكسة فالكلمات و الإشارات و الإيماءات التي نستخدمها أثناء عملية التفاعل تهدف إلى المحافظة على رؤية معينة للحقيقة الاجتماعية و تستخدم في تشكيل و تفسير و إعطاء المعاني للعالم الاجتماعي.
-- أما مفهوم "البيئة المرتبطة بالمعنى": فتشير إلى أن التفاعل المتبادل بين أعضاء المجتمع يتضمن معان تدركها عقولهم مباشرة و هي معان تفوق دلالاتها و مغزاها ما قد تدل عليه إشارة أو كلمة أو عبارة في حديث تبادل بينهم و من ثم فإن الإشارات أو الكلمات أو العبارات التي ترسل أو تستقبل أثناء عملية التفاعل بين أعضاء المجتمع يكون لها عدة معان ترتبط بموقف معين أو بيئة أو ظروف معينة.
ومن خلال مفهومي "الفعل المنعكس" و "البيئة المرتبطة بالمعنى" حاول أصحاب المنظور الاثنوميثودولوجي التعرف على كيفية قيام أعضاء المجتمع باستخدام الإشارات و الكلمات و العبارات في تشكيل العالم الاجتماعي الذي يعيشون فيه و نجد أن ممثلي هذا المنظور لم يتركز اهتمامهم حول التعرف على حقيقة اجتماعية معينة أو على محتويات هذا العالم الاجتماعي بل حول المناهج أو الطرق التي يستخدمها أعضاء المجتمع لتشكيل رؤية معينة للحقيقة الاجتماعية و المحافظة عليها أو تغييرها و من ثم يهتم المنظور الاثنوميثودولوجي بالكشف عن الطرائق أو أساليب الناس أو الشعب في التعبير عن أنشطتهم و توصيلها للآخرين و الكشف عن الإجراءات التي يستخدمها أعضاء المجتمع في تشكيل و تفسير و إعطاء المعاني لعالمهم الاجتماعي.
و أيضا هناك بعض المفاهيم الأساسية الأخرى المرتبطة بالاثنوميتودولوجيا مثل:
-- "مفهوم التكامل العلمي": الظواهر الاجتماعية لا تفرض موضوعيا من الخارج على الأشخاص إنها متضمنة في التفاعلات العملية للأشخاص التي تتكامل معها.
-- "الانعكاسية": هي قدرة الأشخاص على أن يأخذوا أنشطتهم بعين الاعتبار هذه القدرة التي يجب على السوسيولوجي اكتشافها دون أن يفرض بقوة المعنى العلمي على المعنى العادي.
-- "المعارف المضمرة و المنابع الضمنية": لفهم معنى التكاملات العلمية يجب توضيح المنابع و المعارف التي هي أساس تحقيق الفعل.
-- مفهوم "العضو": بحيث يقر (HAVI PAUL TEN) أنه هو قلب الأمر و هو الكلمة المفتاح في دور المعرفة العفوية في البحث الإثنوميتودولوجي.
-- "النظام الاجتماعي": تهتم الإثنوميتودولوجيا بالنظام الاجتماعي و بالمناهج التي أنتج بها هذا النظام الاجتماعي و المشتركة في مواقع مختلفة.
الجذور الفكرية للمنظور الاثنوميثودولوجي:
ترجع الجذور الفكرية للمنظور الاثنوميثودولوجي إلى كل من التفاعلية الرمزية و الفلسفة الظاهراتية (الفينومينولوجية) و على الرغم من تأثر هذا المنظور بآراء هاتين المدرستين من مدارس الفكر الاجتماعي إلا أن هذا المنظور قد اتخذ له وجهة نظر مختلفة عن الواقع أو العالم الاجتماعي مما أدى إلى ظهوره على اعتبار أنه أحد البدائل النظرية المعاصرة المطروحة في علم الاجتماع الغربي و يذهب "والاس" إلى أنه يمكن اعتبار المنظور الاثنوميثودولوجي على أنه بمثابة أحد الاتجاهات المعاصرة للتفاعلية الرمزية.
و إذا كان المنظور الاثنوميثودولوجي قد استمد جذوره من التفاعلية الرمزية و الفينومينولوجية إلا أن هذا المنظور كما يرى "ألفن جولدنر" يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاتجاهات النقدية التي شهدها علم الاجتماع في الستينات من القرن العشرين و قد ظهر المنظور الاثنوميثودولوجي كأحد البدائل النظرية التي تتخذ موقفا ً نقدياً من النظريات الاجتماعية التقليدية و خاصة من الاتجاه الوضعي في علم الاجتماع و امتداداته المعاصرة و الرجوع إلى الفلسفة الظاهراتية أو فلسفة الظواهر.
و من داخل هذا الإطار المتأثر بالتفاعلية الرمزية و الفينومينولوجية و الاتجاهات النقدية صاغ عالم الاجتماع الأمريكي "هارولد جار فنكل" مفهومه عن المنظور الاثنوميثودولوجي و استطاع جار فنكل تكوين مدرسة فكرية لتبني هذا المنظور الجديد في جماعة كاليفورنيا حيث كان يزاول مهنة التدريس في مدينة لوس أنجلوس ثم انتشر هذا المنظور حديثا ً في باقي الولايات المتحدة و كندا و بريطانيا و غير ذلك من الدول.
العوامل التي ساعدت على ظهور الاثنوميثودولوجيا:
1-- فقدان الثقة بالنظريات السوسيولوجية الكبرى وخاصة البنائية الوظيفة التي لم تعد ذلك الإطار المرجعي للتفسيرات السوسيولوجية.
2-- التناقض الفكري الواضح للوظيفية وطبيعتها المرجعية في تفسير الواقع (التناقض بين الرؤية النظرية والواقع الذي تقوم بتفسيره) مثلا : مشكلة التفرقة العنصرية وهيمنة السلطة السياسية وانتشار الأمراض والآفات الاجتماعية مثل البطالة و الجريمة وغيرها من المشاكل والتي لم تعطي لها الوظيفة اهتماما ملحوظا.
3-- الأزمات السياسية التي تعرضت لها المجتمعات الإنسانية نتيجة لإنتشار الحروب العسكرية وظهور المشكلات السياسية والأخلاقية و الدينية وعجز العلوم الاجتماعية عن دراسة المشكلات الاجتماعية.
4-- إخفاق النظريات السوسيولوجية التي تقوم على الفلسفات المتجددة مثل الفينومينولوجيا والوجودية وغيرها من النزعات التي اتسمت بالطابع المثالي في بعض الأحيان في تفسير الواقع لاجتماعي ونظمه ومؤسساته.
5-- ضرورة تقييم وإعادة النظر في تلك النزعات والنظريات التي ابتعدت في دراستها عن الواقع الاجتماعي.
6-- رفض المسلمات التي تقوم عليها النظريات الوضعية بأشكالها و التي تدور حول علاقة الإنسان والمجتمع في ضوء تدعي لنفسها من خلال أطرها وتصوراتها منهجية الصفة والطابع العلمي الوحيد في دراسة الظواهر الاجتماعية دون الاهتمام بخصوصية الظواهر الاجتماعية المتباينة شكلا ومضمونا عن الظاهرة الطبيعية.

المبحث الثاني:
موضوعات الاثنوميثودلوجيا وقضاياها الأساسية:
1-- دراسة الواقع الروتيني اليومي يذكر فليمر( (Filmer أن الاتجاه الاثنوميثودولوجي يسعى إلى دراسة النشاطات المألوفة تلك التي يقوم بها الأفراد في حياتهم اليومية وكذلك التعرف على ما يتعرضون له من مواقف في حياتهم اليومية و التي تكون لها دلالتها السوسيولوجية وذلك بهدف الكشف عن تلك الطرائق التي يسلك بها الأعضاء في هذه الأنشطة المألوفة و غير المألوفة و المتكررة حيث يستخدم هنا جار فنكل هنا مفهوم "الدلائل" "indexicality" وذلك لتوضيح أن أفعال الأفراد وتصرفاتهم هي نتاج للمواقف الاجتماعية التي يصنعونها أو هي بمثابة مؤشرات على تلك الظروف التي تنشأ فيها أحداث الحياة اليومية حيث انه في مناقشته لذلك المفهوم قد إهتم بالطبيعة النوعية لمثل هذه الأحداث والظروف التي تحدث فيها.
فإن الأشخاص يقومون بمزاولة نشاطاتهم العادية ويؤدنها بطريقة مألوفة التكرار وذلك كما أو كان يحكمها قانون ضمني غير مكتوب ذلك القانون الذي يمثل في تلك الأوصاف التي ينقلها الناس إلى بعضهم البعض في إطار حديثهم عن بعض هذه الأنشطة وذلك لان تكرار نشاطاتهم المألوفة هذه إنما يستند أيضا إلى الفهم الشائع والمشترك فيما بينهم و أن أي محاولة لدراسة تلك الأنشطة غير العادية أو غي المألوفة و التي تنجم أساسا عن الخروج على ما هو مألوف إنما يساعد على اكتشاف تلك القواعد التي تحكم التفاعل الاجتماعي بين الناس في حياتهم اليومية و يتضح الفهم المشترك أو الشائع بين الأفراد وذلك فيما أشار إليه جار فنكل عند استخدامه لمفهوم "العضوية""Membership" بدلا من الفاعلين و الذي تنبع فكرته أساسا من القضية الاثنوميثودولوجية حول السلوك الاجتماعي وذلك حيث يفترض الأعضاء جميعا أن عالمهم الاجتماعي إنما يكون ذا حقيقة واقعية وأنهم جميعا لديهم خبرة وفهم مشترك بالمجتمع الذي يعيشون فيه.
2-- يعتقد رواد هذا الاتجاه أن فهم هذه الحياة اليومية سيوضح لنا مدى سطحية دراسة التنظيمات و المؤسسات الرسمية بالمجتمع حيث أنها تعتمد أساسا على إحصائيات و بيانات و سجلات يعتقد علماء الاجتماع التقليديون إنها ممثلة للواقع وهي في حقيقة الأمر غير ذلك لأنها اعتمد وركزت في تحليلها على أسس ذاتية ( الجانب الكمي) لذلك اعتمدت الاثنوميثودولوجيا على (الجانب الكيفي) حيث يفهم الفرد أحداث مختلفة في مجتمعه من خلال فهمه للأنشطة الواقعية اليومية.
3-- تفسير الاثنوميثودولوجيا لمشكلة النظام الاجتماعي فعن الاهتمام بتفسير مشكلة النظام الاجتماعي نجد أن الاتجاه الاثنوميثودولوجي يعالج على نحو مغاير تماما لكل من وجهتي نظر الوظيفية و الماركسية الكلاسيكية فالاثنوميثودولوجيا عبرت عن وجهة نظرها عن النظام الاجتماعي على انه ليس ذو وجود فعلي حيث أنه يكون محكوم بطبيعة القواعد المعيارية التي ترتبط بالمواقف التي تظهر فيها و تتغير أيضا طبقا لتغيرها إن علماء الاثنوميثودولوجيا يتخلون عن الاعتقاد في وجود نظام موضوعي أو فعلي وينطلقون بدلا من ذلك من مسلمة التي مؤداها أن ( الحياة الاجتماعية تبدو على نحو منظم لأعضاء المجتمع) وهكذا تبدو أوجه نشاط الحياة اليومية في نظر الأعضاء منسقة ومنظمة ولا يعزى النظام فيها بضرورة إلى الطبيعة الأساسية أو الخواص الأصلية للعالم وبعبارة أخرى قد لا يوجد بالفعل تظاهر وإنما قد يظهر ببساطة على أنه موجود بفعل الطريقة التي يدرك بها أعضاء يفسرون الواقع ولذلك يصبح النظام اجتماعي خيال ملائم ويتصور أعضاء المجتمع ظهور النظام وهذا الظهور يسمح بوصف العالم الاجتماعي و يفسره .
المناهج المستخدمة في الدراسة الاثنوميتودولوجية:
لتوضيح المناهج المستخدمة في الدراسات الاثنوميثودولوجيا نجد أن رائدي هذا الاتجاه قد قاموا بإجراء عدة دراسات امبريقية للكشف عن مناهج مختلفة و التي يمكن أن يستعين بها الباحث الاثنوميثودولوجي لكي ينفذ إلى مواقف الحياة اليومية و يتعرف على أفكار و قواعد السلوك المبحوث وعلى الرغم من تعدد هذه الدراسات فإنه يمكن تصنيف هذه الدراسات إلى ثلاثة نماذج:
1-- يتمثل النموذج الأول في تلك الدراسات التي تهدف إلى اكتساب المعرفة الاجتماعية والثقافية.
2-- يتمثل النموذج الثاني في تلك الدراسات التي تحاول التعرف على القواعد العامة التي يقوم الناس بصياغتها بهدف فهم أنماط السلوك ويفسر كيفية نشأة النظام.
-- أما النموذج الثالث من الدراسات فيتمثل في تلك الدراسات الهامة التي نحاول التعرف بها على الطرق التي يتبعها الناس للحكم على الأنشطة و إقرارهم بأنها مقبولة و مفهومة.
وقد انتقد أصحاب المنظور الاثنوميثودولوجي طرق وأدوات البحث المستخدمة في علم الاجتماع مثل المسح الاجتماعي و المقالات كما رفضوا استخدام صحيفة الاستبيان كوسيلة لجمع البيانات الكمية التي تتطلبها الدراسات الاثنوميثودولوجية وذلك على أساس أن مثل هذه الأساليب الكمية تفصل بين الباحث و موضوع دراسته وتتضمن معرفة سابقة بالواقع يفوضها الباحث على أداة بحثه بالإضافة إلى موقف التفاعل بين الباحث و المبحوث ويؤثر على حجم ونوعية البيانات التي يتم الحصول عليها ولكي يتعرف الباحث الايثنوميثودولوجي على أفكار و قواعد سلوك المبحوث دون أي تدخل من طرف الباحث يرى أصحاب هذا المنظور أنه يمكن استخدام طريقة الملاحظة بالمشاركة.
بالإضافة إلى مناهج أخرى مثل المنهج الشبه تجريبي الذي يطلق عليه التجربة الاثنوميثودولوجية و الذي صاغها جار فنكل في كتاباته الأولى والمنهج الأخر الذي أطلق عليه المنهج ألتوثيقي.
وكي يمكن فهم أي موقف في الحياة اليومية من وجهة نظر أعضاء المجتمع المشاركين في هذا الموقف يمكن تطبيق منهج شبه التجريبي على الجماعة التي يحاول الباحث دراستها ويمكن للباحث تطبيق المنهج أو التجربة الاثنوميثودولوجية عن طريق محاولة كسر القواعد التي تحكم سلوك الجماعة بطريقة تختلف عن القواعد المتفق عليها مع تسجيل رد فعل الجماعة تجاه الباحث ومن ثم يمكن للباحث اكتشاف القواعد التي لا يعرفها الباحث كما لا يعرفها الأعضاء المشاركين في عملية التفاعل وعلى سبيل المثال يحاول الباحث تعمد التصرف كما لو كان غريبا مع أعضاء أسرته مع تسجيل رد فعل أعضاء الأسرة اتجاه الباحث وبذلك يتمكن من التعرف على القواعد السلوكية المتفق عليها داخل الأسرة و التي تحكم سلوك و تصرفات أعضاء هذه الأسرة.
وقد استخدم هذا الاتجاه المنهج ألتوثيقي في محاولة تفسير كثير من المواقف على سبيل المثال نجد جار فنكل بين جماعة المحلفين وقد استمع إلى هذه التسجيلات وما يذكره هؤلاء المحلفين مع بعضهم البعض كجماعة داخلية ثم بعد ذلك قام بمقابلة هؤلاء المحلفين للتعرف على كيفية وصفهم لأسلوب المداولة أمامه كشخص خارجي عن الجماعة وعن طريق المقارنة بين ما استمع له في تسجيلات وتصرفات المحلفين في جماعتهم الداخلية وبين تصرفاتهم داخل إطار مرجعي مختلف في حالة وجود شخص خارجي بهذا تمكن جار فنكل من التعرف على كافة الظروف التي يتخذ فيها المحلفون قراراتهم و التي جعلت منهم جماعة لها سمات معينة.
إن نتائج مثل هذه الدراسات توضح بوجه عام أن أي فعل يبدو غامضا حتى يمكن إدراك معناه من خلال ما يحدث في الحياة الاجتماعية بالإضافة إلى أنها توضح كيفية صياغة أعضاء المجتمع للحقيقة الاجتماعية.
ويوصي هانز بيتردريتزل وهو أحد العلماء الذين تبنوا المنظور الاثنوميثودولوجي بأن يقوم علماء الاجتماع باستخدام المنهج ألتوثيقي نظرا لأن المنهج يمكنهم من فهم المعاني والدلالات التي تتضمنها عملية التفاعل.
و يصرح جار فنكل أن الطريقة التي ينظم بها الناس عالمهم الاجتماعي و يعقلونه هي تتم عبر نسق سيكولوجي والذي سماه بالمنهج الوثائقي هذا المنهج يتكون بالدرجة الأولى من حقائق منتقاة من الوضعية الاجتماعية.
تطور هذا المنهج وتأثيره:
هذا المنهج طور من طرف هارولد جار فنكل و الذي أعتمد في تحليله الذكي للسوسيولوجيا التقليدية خاصة بدوركهايم و بيير بارسون وعلى اهتمامات السوسيولوجيا التقليدية للهوبو أو "مشكلة الخلل في النظام" و بفينومينولوجيا أرون كروتش و ألفرد سوتز و إدماند هارسل و مارتن هيدكر.
للإثنوميتولوجيا دور مهم في البحث العلمي الاجتماعي و أثر على اللسانيات خاصة البراكماتية فهي ترتكز على الطرق التي ترتبط فيها الكلمات بالمعنى في إطار السياق الذي استعملت فيه الشيء الذي يفرض علينا إعادة التفكير في موضوعية العلوم الاجتماعية و صعوبة تأسيس وصف للتصرف الإنساني وفي هذا الصدد فان جار فنكل ينتقد الموضوعية كمبدأ أولي لكل وصف بالنسبة للعلوم الاجتماعية والإنسانية إذ أن الموضوعية في نظره تؤدي إلى خلق مسافة اصطناعية بين الملاحظ والظاهرة.
تختلف الإثنوميتودولوجيا عن الفروع الأخرى في جانب مهم فبالرغم من أن الوظيفيين والماركسيين و التفاعليين الرمزيين كلهم نوعا ما يختلفون فإنهم كلهم يتفقون على أن العالم الاجتماعي هو بالضرورة منظم وبالتالي فطرق التصرف والتفاعل داخل المجتمع هي منتظمة و منهجية أكثر مما هي اعتباطية و فوضوية وبطبيعة الحال فكل من هذه التوجهات تفسر هذا النظام الاجتماعي (l'ordre social) بطريقتها الخاصة فالوظيفيون مثلا ينظرون إليه كنتيجة إجماع قيمي والذي يؤكد أن السلوك ينطبق مع الأعراف المقبولة داخل المجتمع و الماركسية بدورها تراه كنتيجة لتبعية طبقة لأخرى فالبرغم من أنه يتسم بالخطورة ومن أنه يعاني من معيقات ناتجة عن الثورة إلا أنه موجود أي (النظام الاجتماعي) أما التفاعليون في هذا الصدد يختلفون عن هذه الميكرو توجهات في أنهم ينظرون إلى النظام كشيء ينشأ يوميا عن وضعيات تفاعلية متعددة أكثر من أنه مجرد مظهر للنظام الاجتماعي إنه في نظرهم النظام المتفاوض عليه و الذي يتفرع عن أنساق من التعاريف ويعتبر التأويل و التفاوض عنصران مشكلان للتفاعل الاجتماعي وبالرغم من كل هذا فهذا المنهج كما هو الشأن للمناهج الأخرى يقر بالنظام الاجتماعي كمظهر موضوعي للحياة الاجتماعية.
على عكس هذه المناهج فالأثنوميثودولوجيون يعتقدون بأن النظام الاجتماعي شيء وهمي مؤكدين وجهة نظرهم بأنه يعتقد أن الحياة الاجتماعية تبدو منتظمة و منظمة ولكنها في الحقيقة فوضوية بالنسبة لهؤلاء فالنظام الاجتماعي يتشكل في أدهان الفاعلين الاجتماعيين (les acteurs social) لأن المجتمع يتعامل مع الفرد كنسق من التأثرات الحسية و التجارب التي يجب أن ينظمها أو تنظمها في قالب متجانس.
جار فنكل صرح أن الطريقة التي ينظم بها الناس عالمهم الاجتماعي و يعقلونه هي تتم عبر نسق سيكولوجي والذي سماه بالمنهج الوثائقي هذا المنهج يتكون بالدرجة الأولى من حقائق منتقاة من الوضعية الاجتماعية.
للبرهنة على هذا المنهج الوثائقي و لتوضيحه فلقد قام جار فنكل بتجربة عن شعبة علم النفس في جامعة إذ طلب من مجموعة من التلاميذ القيام بالمشاركة في هذه التجربة معلما إياهم أنها تحمل في طياتها شكلا جديدا من أشكال علاج الاضطرابات النفسية دعي هؤلاء الطلبة للتحدث مع مختص هذا الأخير الذي عزل عنهم بشاشة تمنعهم من رؤيته و لكن تسمح لهم بالتواصل معه عن طريق نظام داخلي و المطلوب من هؤلاء الطلبة هو سؤال هذا المختص مجموعة من الأسئلة التي تتعلق بمشاكلهم رغبة منهم في إيجاد حل لها هذا الأخير الذي يتوجب عليه أن يجيب بنعم أو لا ما لا يعرفه هؤلاء الطلبة هو أن هذه الاستجابات ليست بأجوبة حقيقية للأسئلة المطروحة و لكنها عبارة عن لائحة مشكلة من نعم و لا و محددة مسبقا تكون مكتوبة على طاولة مشكلة من أرقام اعتباطية.
استنتج جار فنكل أنه بالرغم من أنه ليس هناك رابط منطقي بين الأجوبة المعطاة إلا أن الطلبة استطاعوا أن يعقلونها حيث فطنوا بعض البنيات الخفية في النصيحة التي أعطيت لهم فمعظمهم وجدوا النصيحة التي أعطيت لهم معقولة و مساعدة و يتضح الأمر عندما تعمل النصيحة بشكل متناقض ففي مثال سأل أحد الطلبة المختص "إذن تعتقد أنني سأغادر المدرسة" فقوبل برد فعل من طرف المختص على شكل "نعم" و لكن الطالب فوجئ بهذا فسأله ثانية ليتأكد "هل تعتقد حقا أنه علي مغادرة المدرسة" فكان الجواب الذي تلقاه هو "لا" الطالب لم يعتبر النصيحة أو المحادثة مجرد ترهات بل جاهد ليصل إلى معناها و ليعقلنها باحثا عن قالب يجمع كل هذه الإجابات التي تلقاها من المختص و ذلك بمراجعة كل الأجوبة السابقة محاولا إيجاد معنى للكلمات المتناقضة في المعرفة التي قدمها هذا المختص كحل للمشاكل و لم يشك الطالب و لو لوهلة في نزاهة و إخلاص الناصح.
ما يقوم به الطالب خلال هذه الحصص الاستشارية حسب جار فنكل هو بناء الحقيقة الاجتماعية لفهم تفاعل (التجربة مثلا) عادة مما يكون دون معنى و باستعمال المنهج ألتوثيقي فإنهم استطاعوا تفهم ما هو في الحقيقة فوضوي.
إن أهم مظهر من مظاهر النظرية التوثيقية التي لفتت انتباه جار فنكل هي الفهرسة و التي تعني بكل بساطة أن الأشخاص يعممون أي ملاحظة أو رمز أو أي حدث خاص بالرجوع للسياق الذي حدث فيه و بمعنى آخر فهم يفهرسونه أو يعرجونه لظروفه الخاصة لكي يعمموه.
و بالتالي فالجواب الذي أعطي للناصحين في التجربة الاستشارية لا يكون له معنى إلا في السياق الذي أجريت فيه التجربة و بالتالي فالمكان الذي حدثت فيه التجربة و المعلومات المعطاة حولها كلها عوامل مساعدة يمكن أن ترشدنا إلى قبول التجربة كحقيقة جديرة بالوثوق و لو أن هذه التجربة السالفة الذكر حدثت في الغرف الخاصة بالطلبة و يكون الشخص المختص هو أحد الطلبة فإن التأويل الذي سيعطى للأجوبة سيكون مختلفا تماما.
جار فنكل يقترح أننا باستمرار نقوم باستعمال المنهج ألتوثيقي في حياتنا اليومية و ذلك لنخلق عالما مسلما به نحس أننا نعرفه هذا الأخير الذي نعيش فيه كبيت لنا و نتعايش معه إننا نفهم عالمنا الاجتماعي عبر نسق من قوالب بنياناها لعقلنة واقعنا و مواجهة مختلف الوضعيات التي تصادفنا يوميا.
إذ أحيانا نعرف أشياء أو نعتقد أننا نعرفها جيدا لدرجة أننا لا نلاحظها عندما تتغير و كمثال على ذلك فالزوجة يمكن أن تغضب لمجرد أن زوجها لم يلاحظ تسريحة شعرها الجديدة أو فستانها الجديد إذ أن نموذج مظهرها و تصرفاتها الذي يحمله زوجها في ذهنه تبت ورسخ لدرجة أنه لم يستطع أن يتأقلم مع الوقائع الجديدة و قد استخلص جار فنكل أن كل هذا العالم المسلم به و الذي نعيش فيه هو نوعا ما ضروري و ذلك لاجتناب الالتباس الذي يمكن أن نقع فيه لو أننا نرى كل شيء كما لو نراه لأول وهلة.
إن الطريقة المفضلة في أوساط الأثنومتودولوجيون هي التشويش من وقت لآخر على هذا العالم الذي يسلم به الناس و تحليل ردود أفعالهم و الغاية من هذا كله هو فضح الإدعاءات المسلم بها و التي تتخذ كحقيقة لمدة طويلة و في هذا الصدد و في واحدة من تجاربه فقد سأل جار فنكل تلامذته أن يتصرفوا كزوار في منازلهم و تسجيل أي ردود أفعال مرتكبة والتي يمكن أن تصدر من آبائهم أثناء محاولتهم لفهم و عقلنة التشويش الفجائي الذي يطرأ على علاقاتهم العادية(العرضية) التي بنوها في أعوام طويلة مع أولادهم.
كما رأينا فإن الأثنومتدولوجيا تسعى إلى تجاهل المعلومات المنقولة المبلغة خلال التفاعل مركزا على كيفية إنجاز هذا التفاعل هذا لأن موقف الأثنومتدولوجيا يقترح أن كل المعاني لا يمكنها أن تكون موضوعية و الحقيقة الاجتماعية الموضوعية الوحيدة و التي تستحق أن تدرس هي حقيقة الفهم المشتركة للمناهج التواصلية وفي هدا الإطار لابد من توضيح أن الأثنومتدولوجيا ليست نسبية محضة لذا يتوجب عليها أن تحضر قوانينها لنفسها للعمل أي أن الأثنومتدولوجي لا بد أن يجزم أن الآخرين لا بد أن يفهموا معنى عمله أو عملها وأن القدرة الوحيدة الجديرة بالاهتمام في نظر الأثنومتدولوجيين هي القدرة الإنسانية لاستخراج النظام من الفوضى فبالنسبة لهم فالقدرات الأخرى كالحكم و الأخلاق (القدرة على إيجاد الأحكام الأخلاقية) يمكن أن تعتبر و ترى لا موضوعية و لا تحتوي على أي حقيقة و بالرغم من ذلك فإن الأثنوميتدولوجيا هي منهج جيد لرؤية كيف يفهم الأفراد العالم الاجتماعي لأنفسهم و بالتالي فإنهم يخلقون حقيقتهم الخاصة من خلال المعلومات البسيطة الثمينة المتوفرة لديهم.
تصور المنظور الاثنوميثودولوجي للواقع الاجتماعي:
على الرغم من أن المنظور الاثنوميثودولوجي يعتبر أحد الاتجاهات المعاصرة للتفاعلية الرمزية إلا أن هذا المنظور يعتبر منظورا ً مختلفا ً تماما ً عن غيره من النظريات الأخرى التي تشكل الاتجاه التفاعلي إذا يهتم هذا المنظور بتحليل الطرق التي يتحدث بها أعضاء المجتمع إلى بعضهم البعض في الحياة اليومية بحيث يظهر هؤلاء الأعضاء على أنهم كائنات عقلانية توجه سلوكهم مناهج عقلية رشيدة.
و على سبيل المثال يهتم المنظور الاثنوميثودولوجي بالطرق التي يتبعها أعضاء المجتمع لإقناع بعضهم البعض بأن أحد الأفراد يكون أولا يكون منحرفاً ويفترض أصحاب المنظور الاثنوميثودولوجي أن النظام الاجتماعي العام يتم بالمحافظة عليه عن طريق استخدام أعضاء المجتمع لعدة طرق وإجراءات منهجية تجعلهم يشعرون بالحقيقة الاجتماعية الخارجية أو النظام الاجتماعي العام أي أن اتفاق أعضاء المجتمع على مجموعة عامة من الطرق أو الإجراءات هو الذي يشكل معنى الواقع الاجتماعي بوجه عام.
لذلك لا بد من دراسة الطرق و الإجراءات المعقدة التي يتخذها أعضاء المجتمع بشكل شعوري أو لاشعوري من أجل تشكيل الواقع الاجتماعي.
يرى أصحاب هذا المنظور أنه يجب إثارة التساؤلات حول الأبنية الاجتماعية القائمة فكثيرا ً من القواعد و المعايير الاجتماعية ليست معروفة بشكل واضح لأعضاء المجتمع ومع ذلك فهي تستخدم كأشياء مسلم بها و من ثم لابد من إثارة بعض التساؤلات التي تكشف عن الطرق و الإجراءات التي يستخدمها أعضاء المجتمع لجعل أفعالهم و أهدافهم و خبراتهم الماضية قابلة للتفسير و الفهم من قبل الأعضاء الآخرين في المجتمعم.
و يهدف المنظور الاثنوميثودولوجي إلى وصف كيفية قيام أعضاء المجتمع أثناء تفاعلهم في الحياة اليومية بصياغة المفاهيم حول المواقف المختلفة و كيفية قيامهم بتشكيل الحقيقة الاجتماعية و يرى أصحاب هذا المنظور أن تشكيل الحقيقة الاجتماعية تعد عملية مستمرة من التفسير و ذلك نظرا ً لأن موافقة أعضاء المجتمع حول تعريف مواقف الحياة تعد عملية متغيرة ( دينامكية) و غير ثابتة و من ثم فإن أصحاب المنظور الاثنوميثودولوجي يضيفون إلى الاتجاهات النظرية الأساسية في علم الاجتماع واهتمامهم بدراسة التغير الاجتماعي على مستوى الوحدات الاجتماعية الصغيرة النطاق.
و يتضح مما سبق أن المنظور الاثنوميثودولوجي يؤكد أن الواقع الاجتماعي في حالة تغير دائم و أنه يمكن دراسة هذا التغير على مستوى الوحدات الاجتماعية الصغرى دون الوحدات الكبرى و نجد أن هذا المنظور يحث الأفراد على تغيير دواتهم بدلا من تغيير النظام الاجتماعي القائم.
و لعل في هذا إشارة إلى ما تتضمنه هذه الأفكار من دعوة للمحافظة على النظام السياسي القائم و ما به من أزمات تنعكس على البناء الاجتماعي ككل و هذا ما سنلاحظه عند عرض النقد الذي وضعه سمير نعيم و عالم الاجتماع البريطاني سمارت.

المبحث الثالث:
عرض نقد حول الأثنوميتدولوجيا:
إن المفروغ منه هو أن الأثنومتدولوجيا قامت بمجموعة من المساهمات في مجال النظرية السوسيولوجية و في التحقيق التجريبي للحياة اليومية إلا أن معظم النظريات التي تفرعت عنها خاصة النظرية التواصلية التحليلية لها منهج جد مقيد هذه الأخيرة التي ساهمت في بروز السوسيولوجية السلوكية و التجريبية و التي لا تعكس الأصول التأويلية التي أنعشت الأثنوميتدولوجيا هذه الأخيرة التي تتسم بالتشتت و التي هي بعيدة كل البعد عن التجانس ولتوضيح هذه النقطة لابد من الإشارة لأهم مرتكزات هذا المنهج:
1-- معظم الدراسات الأثنوميتدولوجية ترتكز حول تمارين الملاحظة أول هذه التمارين هي محاولة فهم أشغال الدارسين: واحد من هذه التمارين هي الملاحظة بالمشاركة في ملاحظة عائلة كل تلميذ إذ يقوم الدارسون بلعب دور الإثنوغراف (الإثنوغرافيا (البحث في عراقة الشعوب)) على عائلاتهم و في هذا الإطار فقد حصل جار فنكل على 35 وصف إثنوغرافي من هؤلاء الدارسين الذين أخذوا دور الغريب وسط عائلاتهم فالدارسون تركوا مسافة اصطناعية في دراستهم و ألغوا كل الأحاسيس و لتجسيد هذا سنقوم بعرض دراسة لأحد الطلبة: "رجل من الحجم الصغير يدخل إلى البيت يعانقني و يقول لي: " كيف حالك؟ أجيب باحترام : يسير نحو المطبخ يعانق أصغر واحدة من المرأتين و يقول أهلا للأخرى المرأة الأصغر تقول لي: ماذا تريد للعشاء؟ أجيب: لا شيء. تهز كتفيها و لا تقول أي شيء. الأخرى تقوم بالمشي و هي تتلعثم. الرجل يغسل يديه يجلس للطاولة و يبدأ بقراءة جريدته أخذ يقرأ في حين أن النساء يرمين الغطاء المرأتين جلسن إلى الطاولة تتحدثن عن أحداث اليوم و أخدن يضحكن المرأة الأكبر سنا تقول شيئا بلغة غريبة أضحكت الكل" جارفنكل يستعمل للتعبير الأوصاف السلوكية لوصف حصيلة عمل كل طالب الطالب يحاول إبعاد المشاعر عن عمله لا توجد مرجعيات للمعارف اليومية للأحداث البيوغرافية و للعوامل العاطفية للكتاب حسب. (جارفنكل: هذه الأوصاف تعتبر فقدان الذاكرة الاجتماعي النسيان الكلي للمعرفة العادية و اليومية للهياكل الاجتماعية و نوعيتها. فقدان الذاكرة الاجتماعية هذا يمكن أن يعتبر مرحا). إجابة على مسيرة التلميذ. "أبوه سأله: ماذا بك؟ " "لقد عملت حتى وقت متأخر ليلة أمس هل أنت مريض؟" الاحترام المفرط للطلبة و لفقدان ذاكرتهم الاجتماعية تزعزع آبائهم. "أعضاء العائلة يتشاجرون هذا الغضب ينتج عن ترك مسافة اجتماعية و عن انفصال التلاميذ في هذه الفترة". جارفنكل قام بتعليق ضمني عن دوره السوسيولوجي و عن وضعية الإثنوغراف في سياقات اجتماعية.-- الاحترام, نقص العواطف, فقدان الذاكرة الاجتماعية و استيعاب الموضوعية التي تصنف الدارس على أنه باحث في هذه الأعراض المحددة للسوسيولوجيا بصفة عامة التي تتميز بنقص الاعتراف بالعلاقات العاطفية.
2-- الأثنوميتدولوجيا تركز على حقيقة أن الأشخاص كأفراد في المجتمع يستعملون و يعتمدون على جسد من المعرفة التطبيقية و التي يعتقدون أنها مشتركة على الأقل في جزءها مع الآخرين.
3-- الأثنوميتدولوجيا لها اهتمام بالدراسة الإجرائية للحس المشترك كما استعملت بشكل علمي و التي وجهت بمشكل منهجي خاص إذ أن ممارسات الحس المشترك هي موضوع دراستها و لكن هذه الممارسات تستعمل كمرجع لأي دراسة يمكن أن يقوم بها أي شخص إنه بدون استعمال الحس المشترك فإن هدف الدراسة سيكون بكل بساطة بدون جدوى و غير صالح لأن الأثنوميتدولوجيا شكلت بتطبيق نظريات الحس المشترك كالمنهج ألتوثيقي والتأويل مثلا.
إذن فإن مشكل الأثنوميتدولوجيا هي كيف يمكن أن تخسر الممارسات الحسية و المعرفية المتعلقة بالحس المشترك مقامها كمصدر غير مدروس ليصبحوا (أي الأفراد) موضوعا للدراسة أي كيف يمكن أن يتحولوا من مصدر غير مدروس إلى موضوع للدراسة.
تقييم المنظور الاثنوميثودولوجي:
واجه هذا المنظور العديد من الآراء الناقدة لما حمله من أفكار حيث يرى عالم الاجتماع الأمريكي ألفن جولدنر أن جار فينكل يقدم بفكره بديلاً للعنف في مقاومة الوضع القائم في المجتمع الأمريكي ذلك أنه يدعو إلى نوع من الفوضوية قد تروق للشباب الساخط على النظام الاجتماعي فالمنهجية الشعوبية دعوة إلى تغيير الذات بدلاً من تغيير النظام أو هو مواجهة فردية صغيرة و مقاومة غير عنيفة للوضع القائم لا تزيد عن كونها تمرداً رمزياً يستجيب لمشاعر الشباب حتى لا يعبروا عنها بالثورة أو العنف.
كما يوجه حجازي في كتابه النظريات الاجتماعية عدة ملاحظات بخصوص هذا المنظور حيث يقول: هناك عدة ملاحظات يمكن أن توجه لهذه النظرية و هي:
1 -- تعتبر المنهجية الشعوبية وجهة نظر أكثر منها نظرية خاصة أنها تكشف عن كثير من الثغرات النظرية من حيث إفراطها في تبسيط الحقيقة الاجتماعية.
2 -- نقطة أخرى و هامة و هي أن جار فنكل أهمل المحتوى البنائي الذي فيه تنبعث عملية الترشيد مثل تأثير خصائص الجماعات المختلفة في هذه العملية.
3 -- جعل جار فنكل من كل نواحي النسق الاجتماعي وظيفة لعملية التطابق و الترشيد و في هذا إفراط في تبسيط ما هو مركب و معقد و يبدو أن هذه مشكلة دراسات الوحدات الصغرى عندما تتزايد في التصغير.
و لعل أقوى نقد لهذه النظرية هو ما صرح به سمير نعيم حول هذا الاتجاه حيث يقول: "لا بد أن أعترف هنا للقارئ أنني كنت أكن احتراماً غامضاً للفلسفة الفينومينولوجية و للاستفادة منها في فهم الواقع الاجتماعي ... وظللت أحاول أن ألم بما قدمه جار فينكل من إسهام و لكنني اكتشفت أن كل ما كتبه و ما كتب عنه لا يمكن أن يزيد عن السطور القليلة السابقة مكررة بعشرات الصيغ و مدعمة بعشرات الأمثلة التوضيحية و ندمت ندماً شديداً على الوقت الذي أنفقته في هذه القراءة و لكن خفف من حدة ندمي أن زال سحر التسمية من عقلي و لم أعد أجهل المضمون الفارغ لهذه البدعة النظرية و قوي اعتقادي بأن هناك جهداً مقصوداً لشغل طلاب الاجتماع و المثقفين بأفكار جديدة ينفقون وقتاً هائلاً في محاولة فهمها ثم مناقشتها و نقدها و رفضها و ما إن ينتهوا من ذلك حتى تفرض عليهم أخرى و هكذا لا يلتفتون إلى القضايا الأساسية للمجتمع و لا يصلون إلى فهم علمي حقيقي له و رأيت من واجبي أن أقدم هذه الصورة من الأفكار للقارئ العربي حتى يستفيد منها درساً و حتى لا ترهبه الأسماء الكبيرة أو التسميات البراقة التي تتخفى وراء ستار علمي".
ربما هذا يعيدنا للظروف التاريخية التي ترافقت مع نشأة هاتين الفلسفتين (الظاهراتية و المنهجية الشعبية) و كيف كانت كرد فعل على عدم ملائمة قيم المجتمع الرأسمالي الصناعي و يرى عالم الاجتماع البريطاني باري سمارت أن تشجيع المؤسسات العلمية و الاقتصادية و السياسية و العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية لهذا النوع من الدراسات إنما يرجع إلى أن جار فينكل و منهجه الشعوبي يركز الاهتمام على مواقف الحياة اليومية و كيفية تصور الناس لها بحيث يصرف الاهتمام تماماً عن أي شيء يتصل بالبناء الاجتماعي و عن أزمات هذا البناء فهو يقدم علم اجتماع محور اهتمامه هو الكلام و الكلام عن الكلام بدلاً من الاهتمام بطبيعة ما يفعله الناس و بالعلاقة الجدلية بين الفكر و الفعل.
أخيراً نقول إن في استعراض أفكار هذه النظريات التي طرحت في القرن العشرين و التي استحدثت في علم الاجتماع وفق ظروف معينة و من ثم استعراض آراء العلماء و خاصة ما جاء عن سمير و نعيم و العالم البريطاني سمارت لعل فيه ما يفيد طالب الدراسات العليا و يلفت نظره إلى أن هناك بعض الأفكار التي تم التأسيس لها و ربما يكون الغرض منها هو أغراض و أهداف سياسية قبل أن تكون نظريات لدراسة المجتمع و بالتالي عليه أن لا يخشى من إبداء وجهة نظره المعارضة لهذه الأفكار و على الأخص إن دعم وجهة نظره بدراسات واقعية أو آراء علماء لهم وزنهم في عالم الاجتماع.
الفرق بين المنهج الوضعي التجريبي و الأثنوميتودولوجي:
1-- المنهج الأثنوميتودولوجي:
فهم الأفراد ككائن عقلاني.
المنهج الوضعي التجريبي:
الأفراد حقيقة واقعية كائن أوجده المجتمع.
2-- المنهج الأثنوميتودولوجي:
منظر واقعي يذهب إلى الواقع.
المنهج الوضعي التجريبي:
منظر علمي يستعمل الإحصائيات و المنهج المقارن.
3-- المنهج الأثنوميتودولوجي:
الاهتمام بالثقافة والإطار الاجتماعي.
المنهج الوضعي التجريبي:
لا معنى للثقافة بل الفرد .
السوسيولوجيا والاثنوميتودولوجيا:
تتميز الأثنومتدولوجيا عن السوسيولوجيا التقليدية و لا تسعى أن تنافسها أو تعالج أيا من مزاولاتها:
1-- "الوسط الاجتماعي": تقوم بوصف الوسط الاجتماعي بالمنافسة مع الأوصاف المعاصرة من طرف الأفراد الذين ينتمون لهذه المواقع.
2-- بالنسبة للموقف الدوركايمي في السوسيولوجيا التقليدية و في المبحث الاجتماعي الهدف الأقصى هو التحري عن الحقائق الاجتماعية و نهايتها تسعى إلى وصف التطبيقات و المناهج التي يستعملها هؤلاء الأفراد في وصفهم الصعب لهذه المواقع و الاثنوميتودولوجيا تعالج الحقائق كنتائج إذ ترى أنها نتاج ينتج داخل و من خلال ممارسات الأشخاص.

خاتمة:
أفرزت الإثنوميتودولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية العديد من الدراسات حول المؤسسات الاجتماعية, القضائية و الصحية و حديثا أيضا أعمال جديدة خاصة بسوسيولوجيا العلوم و منذ عهد صاكص فتحت مجالا جديدا للأبحاث و تحليل الحوار وبالرغم من كل هذا فهناك بعض الثغرات في محاولة جادة لإنشاء نظرية ديناميكية تختلف عن الأسلوب التقليدي وتعتبر بداية لأسلوب جديد في علم الاجتماع قد يؤدي إلى إثراء العلم وخاصة في فرع التنظيم الاجتماعي.

المراجع:
• أحمد سمير نعيم: النظرية في علم الاجتماع، القاهرة، مكتبة سعيد رأفت، 1977 م
• حجازي محمد فؤاد: النظريات الاجتماعية،القاهرة، مكتبة وهبة، 1988م
• عبد الجواد مصطفى خلف: نظرية علم الاجتماع المعاصر، عمان، دار المسيرة، 2009م
• عمر معن خليل: نظريات معاصرة في علم الاجتماع ، عمان ، دار الشروق ،1997م.
• لطفي طلعت إبراهيم و كمال الزيات: النظرية المعاصرة في علم الاجتماع، القاهرة ، دار غريب،1999م










 

الكلمات الدلالية (Tags)
(مدرسة, النظم, النظم), نظرية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:05

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc