آداب طالب العلم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

آداب طالب العلم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-09-24, 10:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 آداب طالب العلم

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




تقدمت مواضيع

أصول عقيدة أهل السنة والجماعة


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153427

الولاء والبراء

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153762

الشرك وأنواعه

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153606

السياسة الشرعية تعريف وتأصيل

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2155782

الأنكحة الباطلة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156187

مذاهب و فرق

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2156742

أديان

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2158431

مناقب التاريخ الاسلامي

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2159353

العلم والدعوة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2160223

>>>>>>>>








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 10:54   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


آداب طالب العلم

السؤال

لقد من الله عليَّ بطلب العلم ، فما هي الآداب التي تنصحونني بالتحلي بها ؟.

الجواب

الحمد لله

إن لطلب العلم جملةً من الآداب ينبغي على من طلب العلم أن يتحلى بها فإليك هذه الوصايا والآداب في طريق الطلب لعل الله أن ينفعك بها :

أولاً : الصبر :

أيها الأخ الكريم .. إن طلب العلم من معالي الأمور ، والعُلَى لا تُنال إلا على جسر من التعب . قال أبو تمام مخاطباً نفسه :

ذريني أنالُ ما لا يُنال من العُلى
فصَعْبُ العلى في الصعب والسَّهْلُ في السَّهل

تريدين إدراك المعالي رخيـصة
ولا بد دون الشهد من إبَر النحـــل (الشَّهد هو العسل )

وقال آخر :

دببت للمجد والساعون قد بلغوا
جُهد النفوس وألقـوا دونـه الأُزرا

وكابدوا المجد حتى ملَّ أكثرُهُم
وعانق المجد من أوفى ومن صبرا

لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تَلْعَقَ الصَـبِرَا (الصَبِردواءٌ مُرٌّ)

فاصبر وصابر ، فلئن كان الجهاد ساعةً من صبر ، فصبر طالب العلم إلى نهاية العمر . قال الله تعالى :

{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(200) } سورة آل عمران .


ثانياً : إخلاص العمل :

الزم الإخلاص في عملك ، وليكن قصدك وجه الله والدار الآخرة ، وإياك والرياء ، وحب الظهور والاستعلاء على الأقران فقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ " رواه النسائي (2654) وحسنه الألباني في صحيح النسائي .

وبالجملة : عليك بطهارة الظاهر والباطن من كل كبيرة وصغيرة .


ثالثاً : العمل بالعلم :

اعلم بأن العمل بالعلم هو ثمرة العلم

فمن علم ولم يعمل فقد أشبه اليهود الذين مثلهم الله بأقبح مثلٍ في كتابه

فقال : { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(5) } سورة الجمعة .

ومن عمل بلا علم فقد أشبه النصارى ، وهم الضالون المذكورون في سورة الفاتحة .


رابعاً : دوام المراقبة :

عليك بالتحلي بدوام المراقبة لله تعالى في السر والعلن ، سائراً إلى ربك بين الخوف والرجاء ، فإنهما للمسلم كالجناحين للطائر

فأقبل على الله بكليتك ، وليمتلئ قلبك بمحبته ، ولسانك بذكره ، والاستبشار والفرح والسرور بأحكامه وحِكَمِه سبحانه .

وأكثر من دعاء الله في كل سجود ، أن يفتح عليك ، وأن يرزقك علماً نافعاً ، فإنك إن صدقت مع الله ، وفقك وأعانك ، وبلغك مبلغ العلماء الربانين
.

خامساً : اغتنام الأوقات :

أيها اللبيب ... " بادر شبابك ، وأوقات عمرك بالتحصيل ، ولا تغتر بخدع التسويف والتأميل ، فإن كل ساعة تمضي من عمرك لا بدل لها ولا عوض عنها ، واقطع ما تقدر عليه من العلائق الشاغلة

والعوائق المانعة عن تمام الطلب وابذل الاجتهاد وقوة الجد في التحصيل ؛ فإنها كقواطع الطريق ، ولذلك استحب السلف التغرب عن الأهل ، والبعد عن الوطن

لأن الفكرة إذا توزعت قصرت عن درك الحقائق وغموض الدقائق ، وما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه ، وكذلك يُقال العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كُلَّك .


سادساً : تحذير .

إياك أن تشتغل في بداية الطلب بالاختلاف بين العلماء ، أو بين الناس مطلقاً ، فإنه يحير الذهن ، ويدهش العقل ، وكذلك الحذر من المصنفات ؛ فإنه يضيع زمانك ويفرق ذهنك

بل أعطِ الكتاب الذي تقرؤه أو الفن الذي تأخذه كليتك حتى تُتقنه ، واحذر من التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجب ؛ فإنه علامة الضجر وعدم الفلاح . وعليك أن تعتني من كل علم بالأهم فالأهم .


سابعاً : الضبط والإتقان :

احرص على تصحيح ما تريد حفظه تصحيحاً متقناً ؛ إما على شيخ أو على غيره مما يعينك ، ثم احفظه حفظاً محكماً ثم أكثر من تكراره وتعاهده في أوقات معينه يومياً ، لئلا تنسى ما حفظته .

ثامناً : مطالعة الكتب :

بعد أن تحفظ المختصرات وتتقنها مع شرحها وتضبط ما فيها من الإشكالات والفوائد المهمات ، انتقل إلى بحث المبسوطات ، مع المطالعة الدائمة

وتعليق ما يمر بك من الفوائد النفيسة ، والمسائل الدقيقة ، والفروع الغريبة ، وحل المشكلات ، والفروق بين أحكام المتشابهات ، من جميع أنواع العلوم

ولا تستقل بفائدة تسمعها ، أو قاعدة تضبطها ، بل بادر إلى تعليقها وحفظها .

ولتكن همتك في طلب العلم عالية ؛ فلا تكتفِ بقليل العلم مع إمكان كثيره ، ولا تقنع من إرث الأنبياء صلوات الله عليهم بيسيره ، ولا تؤخر تحصيل فائدة تمكنت منها ولا يشغلك الأمل والتسويف عنها ؛ فإن للتأخير آفات

ولأنك إذا حصلتها في الزمن الحاضر ؛ حصل في الزمن الثاني غيرها .

واغتنم وقت فراغك ونشاطك ، وزمن عافيتك ، وشرخ شبابك ، ونباهة خاطرك ، وقلة شواغلك ، قبل عوارض البطالة أو موانع الرياسة .

وينبغي لك أن تعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها ما أمكنك ؛ لأنها آلة التحصيل ، ولا تجعل تحصيلها وكثرتها (بدون فائدة) حظك من العلم ، وجمعها نصيبك من الفهم ، بل عليك أن تستفيد منها بقدر استطاعتك .


تاسعاً : اختيار الصاحب:

احرص على اتخاذ صاحب صالح في حاله ، كثير الاشتغال بالعلم ، جيد الطبع ، يعينك على تحصيل مقاصدك ، ويساعدك على تكميل فوائدك ، وينشطك على زيادة الطلب ،ويخفف عنك الضجر والنصب

موثوقاً بدينه وأمانته ومكارم أخلاقه ، ويكون ناصحاً لله غير لاعبٍ ولا لاه ." انظر تذكرة السامع لابن جماعة .

" وإياك وقرين السوء ؛ فإن العرق دساس ، والطبيعة نقالة ، والطباع سراقة ، والناس كأسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض ، فاحذر معاشرة من كان كذلك فإنه المرض ، والدفع أسهل من الرفع .


عاشراً وأخيراً : التأدب مع الشيخ :

بما أن العلم لا يؤخذ ابتداءً من الكتب ، بل لابد من شيخ تتقن عليه مفاتيح الطلب ، لتأمن من الزلل ، فعليك إذاً بالأدب معه ، فإن ذلك عنوان الفلاح والنجاح

والتحصيل والتوفيق . فليكن شيخك محل إجلال منك وإكرام وتقدير وتلطف ، فخذ بمجامع الأدب مع شيخك في جلوسك معه ، والتحدث إليه ، وحسن السؤال

والاستماع ، وحسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه ، وترك التطاول والمماراة أمامه ، وعدم التقدم عليه بكلام أو مسير أو إكثار الكلام عنده ، أو مداخلته في حديثه ودرسه بكلام منك

أو الإلحاح عليه في جواب ، متجنباً الإكثار من السؤال لا سيما مع شهود الملأ ؛ فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل ، ولا تناديه باسمه مجرداً ، أو مع لقبه بل قل : " يا شيخي ، أو يا شيخنا " .

وإذا بدا لك خطأ من الشيخ ، أو وهم فلا يسقطه ذلك من عينك ، فإنه سبب لحرمانك من علمه ، ومن ذا الذي ينجو من الخطأ سالماً ." . انظر حلية طالب العلم للشيخ بكر أبو زيد .

نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات ، وأن يُرينا اليوم الذي تكون فيه عالماً من علماء المسلمين ، مرجعاً في دين الله ، إماماً من أئمة المتقين ، آمين .. آمين .. وإلى لقاء قريب ، والسلام .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:02   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيفية بداية المسلم لطلب العلم

السؤال:

ما هي نصيحتكم لمن يريد أن يبدأ رحلة طلب العلم من حيث ما يجب أن يبدأ به ؟

وكيف له ذلك؟


الجواب :

الحمد لله


كيفية بداية المسلم لطلب العلم هو من الأمور الهامة ، فينبغي للطالب أن يحرص أن تكون بدايته صحيحة ، حتى يستقيم على الطريق ، ولا يضيع عليه الوقت والجهد .

والهدف من طلب العلم هو أن يصلح المسلم نفسه ويصلح غيره ، فينبغي أن تكون بداية الطالب بالأمور الهامة لنفسه أوّلا ثمّ لمن حوله .

فالخطوة الأولى :

على طالب العلم أن يبدأ بالإلمام بنصوص الوحي ، لأنها هي المنبع الرئيس لدين الله تعالى ، فيبدأ بحفظ القرآن الكريم بحسب طاقته وتفرغه ، ويحرص على تفهّم ما يحفظه

وننصح في هذا بمطالعة تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى ؛ لأن مؤلفه ممن اشتهر بسلامة العقيدة ، كما تميّز تفسيره بسلاسة الأسلوب وسهولته .

وعلى الطالب في الوقت نفسه أن يجتهد في دراسة العقيدة والفقه ، لأنه لا يمكن تأخيرهما لمسيس حاجة الطالب إليهما لنفسه ، ولنصح وإرشاد من حوله .

أما العقيدة ، فقد سبق بيانها في

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153427

وأمّا الفقه ، فالأفضل أن يبدأ الطالب في التفقه على المذهب الذي ينتشر في بيئته للآتي :

1-لأنه يسهّل على الطالب وجود شيخ متمكن يتفقه على يديه ويرشده .

2-تعلّم مذهب أهل البلد يعين الطالب في دعوته لأهل بلده إلى الحق ، لأنه بذلك يتمكن من الاستعانه بكتبه وأقوال علمائه عند الحاجة لذلك .

وعلى هذا تبحث في بيئتك عن شيخ موثوق بعلمه ودينه ، فتبدأ معه بأيسر متن في المذهب ، يعطيك الراجح في المذهب

ويرشدك الشيخ إلى دليل كل مسألة من غير إطالة ، ويجنّبك كثرة الأقوال التي لا تفيدك في بداية الطلب .

الخطوة الثانية :

مع حفظك للمنبع الأول لشرع الله تعالى وهو القرآن الكريم ، تشرع في ضبط المنبع الثاني وهو السنة النبوية ، وتبدأ بالأهم فالأهم .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" لا كتاب أفضل من كتاب الله سبحانه وتعالى، والذي أحث إخواني عليه أن يعتنوا بالقرآن الكريم حفظًا وفهمًا وعملاً ، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات

حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل ، يتعلمون العلم والعمل جميعًا .

ثم بعد ذلك الاعتناء بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث ، ومعلوم أن الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جدًا

وطالب العلم المبتدئ أو المتوسط ، لا يمكنه الإحاطة بها ، لكن هناك كتب مصنفة في هذا الباب يمكن الرجوع إليها مثل : كتاب " عمدة الأحكام " لعبد الغني المقدسي رحمه الله

وكتاب " الأربعين النووية " للنووي رحمه الله وغير ذلك من الكتب المختصرة ، ثم بعد هذا يرتقي إلى الكتب المطولة نوعًا ما مثل كتاب : " بلوغ المرام " و " المنتقى من أخبار المصطفى "

ثم بعد هذا يزداد في قراءة كتب الأحاديث المصنفة : كصحيح البخاري وصحيح مسلم " .

انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (26 / 375 - 376) .

وبعد أن تكون قد انتهيت من بناء قاعدة صلبة في الفقه ، وألممت بأهم مسائل العقيدة ، تبدأ في تحضير نفسك للتعمق في شرع الله ، ومعرفة الخلاف

وكيفية الترجيح بين المسائل ، ولهذه المهمة آلات تعين عليها ، ولا يمكن الاستغناء عنها ، وهي ما تسمى بعلوم الآلة وأهمها : علم النحو والصرف ، وعلم أصول الفقه ، وعلم الحديث .

فبالنسبة لعلم الحديث فنحيلك على الفتوى القادمه فقد بينت وفصّلت كيف يكون طلب علم الحديث .

وأما بالنسبة لأصول الفقه ، فالأفضل أن يتدرج الطالب في معرفته بحسب كتب أصول المذهب الذي يتفقه عليه ، فتستشير شيخك في الفقه ، ليرشدك إلى كيفية الدخول في علم أصول الفقه .

وأما بالنسبة لعلم النحو والصرف .

فتكون البداية بمتن " الأجرومية " وشرحها " التحفة السنية " للشيخ محي الدين عبد الحميد رحمه الله تعالى .
ثم كتاب " قطر الندى وبلّ الصدى " لابن هشام .

ثم بعد ذلك " ألفية ابن مالك " مع شرح ابن عقيل رحمه الله تعالى .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" أما في النحو: فيأخذ بالكتب المختصرة أولاً مثل كتاب " الأجرومية " فإنه كتاب مختصر مبارك مفيد ، مقسم تقسيمًا يحيط به المبتدئ ، ولاسيما إذا يسر الله له من يقربه بالشرح

ثم بعد هذا أنصحه بأن يحفظ ألفية ابن مالك رحمه الله ويتفهم معناها ؛ لأنها ألفية مباركة فيها خير كثير "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (23 / 376) .

ويضيف إلى هذه الكتب كتابا من الكتب المفصّلة لأبواب الصرف التي لم يتناولها صاحب الألفية ، ويختار ما يراه سهلا .

الخطوة الثالثة :

بعد أن يلمّ الطالب بأهم آلات الاجتهاد ، يبدأ الطالب في مرحلة التعمق في معرفة الخلاف ، وطرق الترجيح ، سواء في الفقه أو التفسير أو شروح الأحاديث .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:08   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف أبدأ في طلب علم الحديث ؟

السؤال:

ما قولكم في الذي يريد طلب علوم الحديث ، كيف أبدأ ، مع العلم أني تبحرت في العقيدة ولله الحمد ، وأجد نفسي تميل كثيراً لعلوم الحديث ، وأريد أن أبدأ وأحتاج نصحكم ؟

الجواب :

الحمد لله

يوجد ذلك بالتفصيل في


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2148923
.









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:14   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حقوق العالم والمتعلم ، كل منهما تجاه الآخر .

السؤال:

ما هي الحقوق والواجبات التي يجب مراعاتها بين المعلِّم والطالب كلٌ من جهته ؟

وليس المقصود هنا طالب العلم الشرعي فقط بل أي علم أخر.


الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا شك أن طلب العلم النافع ، سواء كان علما شرعيا - وهو أشرف العلوم - أو علما دنيويا مفيدا ، من أنبل المقاصد ، وأسمى المطالب ؛ إذ بالعلم تجلب المنافع ، وتتقى المضار ، وبه يحصل الخير ، ويدفع الشر .

وقد روى الدارمي (332) عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، قَالَ: " النَّاسُ عَالِمٌ وَمُتَعَلِّمٌ ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ هَمَجٌ لَا خَيْرَ فِيهِ " .

وقَالَ أَبُو الْأسود الدؤلي رحمه الله : " لَيْسَ شَيْء أعز من الْعلم ، وَذَلِكَ أَن الْمُلُوك حكام على النَّاس، وَالْعُلَمَاء حكام على الْمُلُوك " انتهى من "الحث على طلب العلم" (ص 53) .

فالعالم والمتعلم خير الناس ، فيجب على كل منهما أن يتحلى بكريم الصفات ومعالى الأخلاق ، وأن يترفع عن سفاسفها ؛ لأن كليهما قدوة في الناس ، ومثال يحتذى به .

ثانيا :

من الحقوق والواجبات التي تجب للعالم على المتعلم :

- أن يوقره ويبجله ويحترمه ، سواء في مجلس العلم أو خارجه ؛ فإن احترامه وتبجيله من احترام وتبجيل العلم .

قال أبو الحسن الماوردي رحمه الله :

" رَجَّحَ كَثِيرُ مِنْ الْحُكَمَاءِ حَقَّ الْعَالِمِ عَلَى حَقِّ الْوَالِدِ " .

انتهى من "أدب الدنيا والدين" (ص 69) .

- أن يتأدب معه بأنواع الآداب :

جاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 373):

" حَقُّ الْعَالِمِ عَلَى الْجَاهِلِ ، وَحَقُّ الْأُسْتَاذِ عَلَى التِّلْمِيذِ وَاحِدٌ عَلَى السَّوَاءِ: وَهُوَ أَنْ لَا يَفْتَتِحَ بِالْكَلَامِ قَبْلَهُ ، وَلَا يَجْلِسَ مَكَانَهُ وَإِنْ غَابَ ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى كَلَامِهِ ، وَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ فِي مَشْيِهِ " انتهى .

- أن يعرف له حقه ولا ينسى له فضله ، قال شعبة: " كنت إذا سمعت من الرجل الحديث كنت له عبدًا ، ما يحيا ".

- أن يُعظِّم حرمته ، ويرد غيبته ، ويغضب لها، فإن عجز عن ذلك قام وفارق ذلك المجلس.

- أن يدعو له ويرعى ذريته وأقاربه في حياته وبعد وفاته .

- أن يصبر على ما قد يصدر منه من جفوة أو سوء خلق ، ولا يصده ذلك عن ملازمته والاستفادة منه ، ويحسن الظن بأستاذه

ويتأول أفعاله التي يظهر أن الصواب خلافها على أحسن تأويل، ويبدأ هو عند جفوة أستاذه وشيخه بالاعتذار ، وينسب التقصير إلى نفسه ، ويجعل العَتْبَ عليها ، فإن ذلك أبقى لمودة شيخه ، وأحفظ لقلبه .

وعن بعض السلف: "من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة ، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الدنيا والآخرة ".

- أن يحسن خطابه معه بقدر الإمكان ولا يقول له : لم؟ ولا : من نقل هذا؟ ولا : أين موضعه؟ وشبه ذلك، فإن أراد الاستفادة ، تلطف في الوصول إلى ذلك .

انظر : "تذكرة السامع والمتكلم" (ص40-45) .

ثالثا :

أما حقوق الطالب على معلمه ، فقد سبق الجواب عنها مفصلاً في جواب السؤال القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:18   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من حقوق الطالب على معلمه

السؤال :

ما هي الحقوق والواجبات التي يجب مراعاتها بين الطالب والمعلِّم ؟

الجواب :

الحمد لله

من حقوق الطالب على معلمه :

- أن يقصد بتعليمه وتهذيبه وجه الله تعالى ، ونشر العلم ، ودوام ظهور الحق ، وخمول الباطل .

- إذا كان العلم من العلوم الدنيوية علّم الطالب كيفية الانتفاع به في دينه ، بأن ينوي بتعلمه نفع المسلمين .

- أن يحب لطالبه ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه، قال ابن عباس: " أكرم الناس عَلَيَّ جليسي الذي يتخطى رقاب الناس إليّ ، لو استطعت أن لا يقع الذباب عليه لفعلت " ، وفي رواية: " إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني ".

- أن يعتني بمصالح الطالب ، ويعامله بما يعامل به أعز أولاده ، من الحنو والشفقة عليه والإحسان إليه ، والصبر على جَفَاءٍ ربما وقع منه

ونقص لا يكاد يخلو الإنسان عنه ، وسوء أدب في بعض الأحيان ، ويبسط عذره بحسب الإمكان ، ويوقفه مع ذلك على ما صدر منه بنصح وتلطف ، لا بتعنيف وتعسف ، قاصدًا بذلك حسن تربيته ، وتحسين خلقه ، وإصلاح شأنه .

- أن لا يدخر عنه من أنواع العلوم ما يسأله عنه ، وهو أهل له . وكذلك لا يلقي إليه ما لم يتأهل له ؛ لأن ذلك يبدد ذهنه ويفرق فهمه .

- أن لا يظهر للطلبة تفضيل بعضهم على بعض عنده ، في مودة أو اعتناء، مع تساويهم في الصفات ، من سن أو فضيلة أو تحصيل أو ديانة ، فإن ذلك ربما يوحش منه الصدر

وينفر القلب، فإن كان بعضهم أكثر تحصيلاً ، وأشد اجتهادًا ، أو أحسن أدبًا ، فأظهر إكرامه وتفضيله ، وبَيَّن أن زيادة إكرامه لتلك الأسباب : فلا بأس بذلك ؛ لأنه ينشط ويبعث على الاتصاف بتلك الصفات .

- وينبغي أن يتودد لحاضرهم ، ويذكر غائبهم بخير وحسن ثناء ، وينبغي أن يستعلم أسماءهم وأحوالهم ، ويكثر الدعاء لهم بالصلاح.

- وأن يلاحظ أحوال الطلبة في آدابهم وهديهم وأخلاقهم ، فمن صدر منه من ذلك ما لا يليق من ارتكاب محرم أو مكروه : عَرَّضَ الشيخ بالنهي عن ذلك بحضور مَنْ صدر منه

غير مُعَرِّضٍ به ولا مُعيِّن له ، فإن لم ينته نهاه عن ذلك سرًا ، ويكتفي بالإشارة مع من يكتفي بها، فإن لم ينته ، نهاه عن ذلك جهرًا ، ويغلظ القول عليه إن اقتضاه الحال ؛ لينزجر هو وغيره ، ويتأدب به كل سامع .

- أن يسعى في مصالح الطلبة ، وجمع قلوبهم ، ومساعدتهم بما تيسر له من جاه ومال عند قدرته على ذلك .

- وإذا غاب بعض الطلبة زائدًا عن العادة سأل عنه وعن أحواله ، فإن لم يخبر عنه بشيء أرسل إليه أو قصد منزله بنفسه .

فإن كان مريضًا عاده ، وإن كان في غَمٍّ ساعده بما يقدر عليه ، وإن كان مسافرًا تفقد أهله ومن يتعلق به ، وسأل عنهم ، وتعرض لحوائجهم ، ووصلهم بما أمكن .

- أن يتواضع مع الطالب وكل مسترشد سائل ، ويخفض له جناحه ويلين له جانبه .

- ألا يبخل عليه بالمراجع والبحوث المستجدة في فروع العلم التي يتعلمها منه .

وانظر : "تذكرة السامع والمتكلم" (ص24-32) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:24   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

آداب زيارة العلماء

السؤال:

ما هي آداب زيارة العلماء ؟

الجواب :

الحمد لله

للعلماء في شريعتنا منزلة عالية ، ومكانة رفيعة ، فهم ورثة الأنبياء ، وحملة الشريعة ، وهم روح الأمة وحياتها وفيهم – بعدَ الله – أملها ورجاؤها .

لذلك كان من الواجب على جميع المسلمين توقيرهم ، واحترامهم ، وإكرامهم ، والتأدب معهم في جميع شؤونهم

يجمع ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :( لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ ) رواه أحمد (5/323) وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (5442) .

ولزيارة العلماء آداب خاصة ، وآداب مشتركة مع كل زيارة ، ونحن نذكر هنا أهم الآداب التي تكفي لتحقيق الأدب والتوقير والإجلال اللائق بأهل العلم والفضل :

1- استحضار النية الصالحة قبل زيارتهم ، كي يكتب الله تعالى هذه الزيارة في كتاب الحسنات ، ويثيب عليها في الآخرة الأجر العظيم الجزيل

وخير ما يمكن أن يحتسبه المرء في زيارة أهل العلم هو التعلم وطلب التفقه في الدين ، وتحصيل الفهم وتقويم الفكر ، والاستفادة من الفرصة المتاحة في الزيارة للسؤال عن المسائل المشكلة والقضايا المشتبهة

فإذا جمع الزائر إلى هذه النية الحب في الله ، وحب العلماء والفقهاء والصالحين ، والرغبة في بلوغ منزلتهم ، فقد جمع خيراً كثيراً ، ورجع بالأجر والفضل ، وكانت زيارته عبادة يرجو برها وذخرها عند الله تعالى
.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى ، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ – أي : طريقه - مَلَكًا ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟

قَالَ : أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ . قَالَ : هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا – أي : تقوم بإصلاحها وتنهض إليه بسبب ذلك - ؟ قَالَ : لَا ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .

قَالَ : فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) رواه مسلم (2567) .

وأسوأ ما يمكن أن يحتسبه من يزور أهل العلم بلوغ حظ من حظوظ الدنيا ، من شهرة أو رياء أو سمعة ، ليقال إنه من أصحاب الإمام الفلاني ، أو العالم الفلاني

أو لينال من تزكيته وثنائه ما يبلغ به شيئا من الدنيا ، أو طمع في مال أو جاه أو منصب ، أو غير ذلك من السفاسف الزائلة ، وأي قبح أعظم من أن تقصد الدنيا بأمور الآخرة

فتصير المكارم والمحاسن مطامع لذوي النفوس المريضة .

2- التحضير للزيارة بالموعد المسبق مع العالم المقصود ، فأوقات العلماء وأعمارهم موقوفة في سبيل الله ، فقد تسبب الزيارة المفاجئة الكثير من الحرج والضيق ، فتفسد على العالم عمله وجهده ، وقد يستحي من رد المزور .

وحبذا لو استغلت فرص الزيارة المفتوحة التي يخصصها كثير من العلماء ، وتكون معروفة لدى من حوله من طلبة العلم ، فلا ينبغي للطلبة التضييق عليه باضطراره إلى اقتطاع أوقات زائدة لزيارة خاصة إلا لحاجة أو ضرورة طارئة .

3- العناية بالنظافة والأناقة وأخذ الزينة المناسبة للزيارة ، توقيرا وإكراما لمجالس العلم ومنازل العلماء .

4- اصطحاب أهل الفضل والخير والجادين من طلبة العلم ، الذين يعرفون للزيارة آدابها وحرمتها ، لا المعاندين المغرضين الذين يتصيدون الزلات

ولا يتورعون عن الولوغ في أعراض المسلمين ، وكذلك تجنب اصطحاب الأطفال والأولاد المزعجين ، كي لا يتسبب الزائر بالأذى لأهل البيت

كما ينبغي مراعاة حال المنزل من حيث الضيق والسعة ، فيقدر الزوار العدد الذي لا يسبب الحرج إن ضاق بهم المكان .

5- التأدب بآداب الاستئذان : كالتعريف بالاسم ، والاستئذان ثلاثا بالطريقة اللائقة اللينة من غير إحداث أصوات مزعجة ، وعدم الوقوف أمام الباب مباشرة

والرجوع إن لم يحصل الإذن من غير صخب ولا ضجر ، وغير ذلك من الآداب العامة التي يستعملها الناس اليوم .

قال ابن جماعة في "تذكرة السامع والمتكلم" (ص/143) معددا آداب الطالب مع شيخه :

" ألا يدخل على الشيخ في غير المجلس العام إلا باستئذان ، سواء كان الشيخ وحده أو كان معه غيره ، فإن استأذن بحيث يعلم الشيخ ولم يأذن له انصرف

ولا يكرر الاستئذان ، وإن شك في علم الشيخ به فلا يزيد في الاستئذان فوق ثلاث مرات ، أو ثلاث طرقات بالباب أو الحلقة ، وليكن طرق الباب خفيا بأدب بأظفار الأصابع ، ثم بالأصابع ثم بالحلقة قليلا قليلا

فإن كان الموضع بعيدا عن الباب والحلقة فلا بأس برفع ذلك بقدر ما يسمع لا غير ، وإذا أذن وكانوا جماعة ، يقدم أفضلهم وأسنهم بالدخول والسلام عليه ، ثم سلم عليه الأفضل فالأفضل .

وينبغي أن يدخل على الشيخ كامل الهيئة ، متطهر البدن والثياب ، نظيفهما ، بعد ما يحتاج إليه من أخذ ظفر وشعر ، وقطع رائحة كريهة لا سيما إن كان يقصد مجلس العلم ، فإنه مجلس ذكر واجتماع في عبادة .

ومتى دخل على الشيخ في غير المجلس العام وعنده من يتحدث معه فسكتوا عن الحديث ، أو دخل والشيخ وحده يصلي أو يذكر أو يكتب أو يطالع ، فترك ذلك أو سكت ولم يبدأ بكلام أو بسط حديث

فليسلم وليخرج سريعا ، إلا أن يحثه الشيخ على المكث ، وإذا مكث فلا يطيل إلا أن يأمره بذلك " انتهى .

6- التأدب في مجلسه بآداب المجالس ، ويحاول أن يبلغ بها الغاية والكمال ، فهي كلها خير وخلق وأدب : فلا يرفع صوته ، ويحرص على خدمة الشيخ وتلبية طلبه

ويحترمه في أسلوب الخطاب والحديث ، ولا يزعجه بالمكالمات الهاتفية المزعجة ، وينبغي " أن يكون مجلسه دون العالم ، وأن لا يكون بعيداً عن العالم ولا قريباً جداً منه في مجلسه

وأن يتفسح للطلاب الذين يريدون الجلوس ، وأن لا يشغب بالكلام في مجلسه ، ولا يماري ولا يجادل ، وأن لا يبدأ الحديث حتى يبدأ الشيخ ، وأن لا يفرض على مجلس الشيخ حديثاً بدون إذن الشيخ

وأن لا يتكلم بعد كلام الشيخ إلا بإذنه ، وأن لا يغتاب عنده أحداً ، وأن لا يشعره بتململ أو تضجر ، وأن لا يجلس جلسة تنبئ عن عدم الاكتراث أو قلة الاهتمام

وأن يتحمل من شيخه ما قد يعتريه من وعورة خلق أو شدة ، فإنما هو بَشَر " انتهى .

نقلا عن "معاملة العلماء" للشيخ محمد بازمول (ص/39) .

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إن من حق العالم ألا تكثر عليه السؤال ، ولا تعنته في الجواب ، وأن لا تلح عليه إذا كسل ، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض

ولا تفشين له سرا ، ولا تغتابن عنده أحدا ، وإن زل قبلت معذرته ، وعليك أن توقره وتعظمه لله ما دام يحفظ أمر الله ، ولا تجلس أمامه ، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته ) .

وقال أيضا : ( من حق العالم عليك إذا أتيته أن تسلم عليه خاصة ، وعلى القوم عامة ، وتجلس قدامه ، ولا تشر بيديك ، ولا تغمز بعينيك ، ولا تقل قال فلان خلاف قولك

ولا تأخذ بثوبه ، ولا تلح عليه في السؤال ، فإنه بمنزلة النخلة المرطبة لا يزال يسقط عليك منها شيء).

رواهما ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (1/129) ، (1/146) .

وقال ابن جماعة في "تذكرة السامع والمتكلم" (ص/145- 165 ) :

" وينبغي أن يدخل على الشيخ أو يجلس عنده وقلبه فارغ من الشواغل ، وذهنه صاف ، لا في حال نعاس أو غضب أو جوع شديد أو عطش أو نحو ذلك

ليشرح صدره لما يقال ويعي ما يسمع وأن يجلس بين يدي الشيخ جلسة الأدب ، ويصغي إلى الشيخ ناظرا إليه ، ويقبل بكليته عليه ، ولا يلتفت من غير ضرورة ، ولا يعبث بيديه أو رجليه

ولا يضع يده على لحيته أو فمه أو يعبث بها في أنفه ، ولا يعطي الشيخ جنبه أو ظهره ، ولا يعتمد على يده إلى ورائه أو جنبه ، ولا يكثر كلامه من غير حاجة ، ولا يكثر التنحنح من غير حاجة

ولا يبصق ولا يتنخع ما أمكنه ، وإذا عطس خفض صوته جهده ، وستر وجهه بمنديل ، وإذا تثاءب ستر فاه بعد رده جهده " انتهى باختصار .

وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي (في سلسلة دروس مطبوعة الدرس/8، ص/16 ) :

" من حق العالم على طالب العلم إذا كان في مجلس العلم أن يصغي إليه ، كما أخبر الله عن الجن : ( فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا ) الأحقاف/29

وقال الله لنبيه موسى : ( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ) طه/12-13

فالواجب الإنصات إليه إذا حدث ، وعدم مقاطعته ، وعدم الاستهانة برأيه ، والاستخفاف بعلمه ، فإن العلم شعيرة من شعائر الله : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج/32

كذلك أيضاً من حقوقهم : أن الإنسان يحرص كل الحرص على التأدب معهم في المناقشة والسؤال والاستفتاء ، لا يرهقهم ولا يحملهم ما لا يطيقون

ولذلك أمر الله أصحاب نبيه أن يتأدبوا معه حتى في مجالسهم الخاصة ، وأن لا يطيلوا الجلوس عنده ؛ لأنه ربما كان مشغولاً بما هو أهم وأعظم ، فالعالم يحتاج إلى حفظ وقته

وهكذا إمام المسجد والخطيب ونحوهم ممن يوجه الناس ، قد تكون عندهم أمور خاصة يحتاج إلى تفرغ لها ، ويحتاجون أن يتزودوا ، فإذا أصبح الناس لا يبالون بأوقات العلماء

ويرهقونهم بكثرة الزيارات التي لا يصحبها استفادة ، فهذا أمر فيه ضرر عليهم ، بل هو من إساءة الأدب ، ولذلك من الأمور التي شاعت بين الكثير إلا من رحم الله كثرة زيارة العلماء والجلوس معهم دون استفادة .

فتجدهم يسألون عن حاله ، وعن شأنه ، ويسألونه عن أموره الخاصة ، وشئونه الخاصة ، دون أن يسألوا عن علمٍ نافع ، حتى مل العلماء من مجالس الناس وأصبحوا يقولون : نجلس ويضيع الوقت في أمور دنيوية .

وقد يجلسون بالساعات ، فإذا أراد العالم أن يقوم ، قال أحدهم : عندي سؤال ، وقال هذا : عندي مشكلة ، مع أن العالم يجلس بالساعات ، ولا يجد من يسأله .

فينبغي أن نشفق عليهم ، وأن نختار الأوقات المناسبة لزيارتهم ، وكذلك أيضاً إذا رأينا عليهم العناء والتعب نشفق عليهم ، فهذا أيضاً من احترام العلماء ومن الأدب معهم" انتهى باختصار.

7- وأخيرا ، يجب على الزائر أن يحفظ العالِم في غيبته ، فقد أكرمه في بيته ، وفتح له قلبه ، واستقطع له الوقت لمجالسته ،

فلا يجوز أن يقابل ذلك بالإساءة أو النسبة إلى التقصير ، بل الشكر والامتنان ، أو العفو والصفح .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:31   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن الإمام مالك

السؤال

نريد نبذة عن حياة الإمام مالك ، وإذا كان بالإمكان ترجمتها إلى الفرنسية لتعميم الفائدة .

الجواب

الحمد لله


ولد مالك بن أنس رحمه الله – كما عند أكثر العلماء – سنة (93هـ) بالمدينة المنورة ، فرأى آثار الصحابة والتابعين ، كما رأى آثار النبي صلى الله عليه وسلم والمشاهد العظام

فكان لذلك أثر في فكره وفقهه وحياته ، فالمدينة مبعث النور ومهد العلم ومنهل العرفان .

ينتهي نسبه إلى قبيلة يمنية هي " ذو أصبح "، وأمه اسمها العالية بنت شريك الأزدية ، فأبوه وأمه عربيان يمنيان .
نشأ في بيت اشتغل بعلم الأثر ، وفي بيئة كلها للأثر والحديث

فجدُّهُ مالك بن أبي عامر من كبار التابعين ، روى عن عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله ، وعائشة أم المؤمنين ، وقد روى عنه بنوه أنس أبو مالك الإمام ، وربيع

ونافع المكنى بأبي سهيل ، ولكن يبدو أن أباه أنسًا لم يكن مشتغلا بالحديث كثيرا ، ومهما يكن حاله من العلم ففي أعمامه وجدِّه غناء ،

ويكفي مقامهم في العلم لتكون الأسرة من الأسر المشهورة بالعلم ، ولقد اتجه من قبل مالك من إخوته أخوه النضر ، فقد كان ملازما للعلماء يتلقى عليهم .

حفظ الإمام مالك القرآن الكريم في صدر حياته - كما هو الشأن في أكثر الأسر الإسلامية -، ثم اتجه إلى حفظ الحديث ، فوجد من بيئته محرِّضًا ، ومن المدينة مُوعزا ومُشجعا

لمَّا ذكر لأمه أنه يريد أن يذهب فيكتب العلم ، ألبسته أحسن الثياب ، وعمَّمَته ، ثم قالت : " اذهب فاكتب الآن "، وكانت تقول : " اذهب إلى ربيعة فتعلم أدبه قبل علمه ". "

المدارك" (ص/115)

جالس ابن هرمز سبع سنين في بداية نشأته ، أخذ عنه اختلاف الناس ، والرد على أهل الأهواء ، وتأثر بهديه وسمته ، حتى قال : " سمعت ابن هرمز يقول :

ينبغي أن يورث العالم جلساءه قول : لا أدري ، حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه ، فإذا سئل أحدهم عما لا يدري قال لا أدري ...قال ابن وهب : كان مالك يقول في أكثر ما يسأل عنه لا أدري ".

ولازم نافعا مولى ابن عمر ، وكان يقول : " كنت آتي نافعا نصف النهار وما تظلني الشجرة من الشمس ، أَتَحَيَّنُ خروجَه ، فإذا خرج أدَعُهُ ساعة كأني لم أره

ثم أتعرض له فأسلم عليه وأدعه ، حتى إذا دخل أقول له : كيف قال ابن عمر في كذا وكذا ، فيجيبني ، ثم أحبس عنه ، وكان فيه حدة ".

"الديباج المذهب" (ص/117)

وأخذ عن الإمام ابن شهاب الزهري ، وروي عنه أنه قال : " شهدت العيد ، فقلت : هذا يوم يخلو فيه ابن شهاب ، فانصرفت من المصلى حتى جلست على بابه ، فسمعته يقول لجاريته :

انظري مَن في الباب . فنظرت ، فسمعتها تقول : مولاك الأشقر مالك . قال : أدخليه . فدخلت ، فقال : ما أراك انصرفت بعد إلى منزلك ! قلت : لا . قال : هل أكلت شيئا .

قلت : لا . قال : اطعم . قلت : لا حاجة لي فيه . قال : فما تريد ؟

قلت : تحدثني . قال لي : هات. فأخرجت ألواحي فحدثني بأربعين حديثا . فقلت : زدني . قال : حسبك إن كنت رويت هذه الأحاديث فأنت من الحفاظ .

قلت : قد رويتها . فجبذ الألواح من يدي ثم قال : حَدِّث . فحدثته بها . فردها إلي وقال : قم فأنت من أوعية العلم .

قال بعض علماء الأثر

: " كان إمام الناس بعد عمر زيد بن ثابت ، وبعده عبد الله بن عمر ، وأخذ عن زيد واحد وعشرون رجلا ، ثم صار علم هؤلاء إلى ثلاثة : ابن شهاب

وبكير بن عبد الله ، وأبي الزناد ، وصار علم هؤلاء كلهم إلى مالك بن أنس ."

"المدارك" (68)

كان شديد التعظيم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى " سئل مالك : أسمعت عن عمرو بن دينار . فقال : رأيته يحدث والناس قيام يكتبون

فكرهت أن أكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قائم " .

وكما لم يدخر جهدا في حفظ الحديث ومجالسة العلماء ، لم يدخر مالا في سبيل ذلك ، حتى قال ابن القاسم : " أفضى بمالك طلب العلم إلى أن نقض سقف بيته ، فباع خشبه ، ثم مالت عليه الدنيا من بعد ."

"المدارك" (ص/115)

بعد أن اكتملت دراسة مالك للآثار والفتيا اتخذ له مجلسا في المسجد النبوي لتعليم الناس – وفي بعض الروايات أنَّ سِنَّه كان ذلك في السابعة عشرة -

ولقد قال رحمه الله في هذا المقام ، وفي بيان حاله عندما نزعت نفسه إلى الدرس والإفتاء - :

" ليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل ، فإن رأوه لذلك أهلا جلس ، وما جلست حتى شهد لي سبعون شيخا من أهل العلم أني موضع لذلك "

. "المدارك" (ص/127)

كان الإمام رحمه الله يتزين لمجلس الحديث ، ويضفي عليه من الهيبة والجلالة ما لم يكن لغيره ، حتى قال الواقدي : " كان مجلسه مجلس وقار وعلم ، وكان رجلا مهيبا نبيلا

ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ، ولا رفع صوت ، وإذا سئل عن شيء فأجاب سائله لم يقل له من أين هذا "

ولإخلاصه في طلب العلم التزم أمورا وابتعد عن أمور ، فالتزم السنة والأمور الظاهرة الواضحة البينة ، ولذلك كان يقول : " خير الأمور ما كان منها واضحا بَيِّنًا ، وإن كنت في أمرين أنت منهما في شك ، فخذ بالذي هو أوثق "

والتزم الإفتاء فيما يقع من المسائل دون أن يفرض رأيه، خشية أن يضل وأن يبعد عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والتزم الأناة في الإفتاء ، وكان يفكر التفكير الطويل العميق ، ولا يسارع إلى الإفتاء ، فإن المسارعة قد تجر إلى الخطأ

ويقول ابن القاسم تلميذه : " سمعت مالكا يقول : إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة ، ما اتفق لي فيها رأي إلى الآن "

وكان يقول : " من أحب أن يجيب عن مسألة فليعرض نفسه على الجنة والنار ، وكيف يكون خلاصه في الآخرة ".

"الديباج المذهب" (ص/23)

ولقد سأله سائل مرة وقال : مسألة خفيفة . فغضب وقال : مسألة خفيفة سهلة !! ليس في العلم شيء خفيف

أما سمعت قول الله تعالى : ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) فالعلم كله ثقيل ، وخاصة ما يسأل عنه يوم القيامة .

"المدارك" (162)

ومع بُعدِ هذا الإمام عن الثورات والتحريض عليها ، واشتغاله بالعلم ، نزلت به محنة في العصر العباسي في عهد أبي جعفر المنصور ، سنة (146هـ) ، وقد ضرب في هذه المحنة بالسياط

ومدت يده حتى انخلعت كتفاه ، والسبب المشهور أنه كان يحدث بحديث : ( ليس على مستكره طلاق ) ، وأن مروجي الفتن اتخذوا من هذا الحديث حجة لبطلان بيعة أبي جعفر المنصور

وأن هذا ذاع وشاع في وقت خروج محمد بن عبد الله بن الحسن النفس الزكية بالمدينة ، وأن المنصور نهاه عن أن يحدث بهذا الحديث ، ثم دس إليه من يسأله عنه ، فحدث به على رؤوس الناس

فضربه والي المدينة جعفر بن سليمان ، وفي بعض الروايات أن أبا جعفر المنصور اعتذر للإمام مالك بعد ذلك بأن ما وقع لم يكن بعلمه .

قال أبو يوسف صاحب أبي حنفية :

" ما رأيت أعلم من ثلاثة : مالك ، وابن أبي ليلى ، وأبي حنيفة "

وقال عبد الرحمن بن مهدي :

" أئمة الحديث الذين يقتدى بهم أربعة : سفيان الثوري بالكوفة ، ومالك بالحجاز ، والأوزاعي بالشام ، وحماد بن زيد بالبصرة "

وقال سفيان بن عيينة :

" ما نحن عند مالك ! إنما كنا نتبع آثار مالك ، وننظر الشيخ إذا كتب عنه مالك كتبنا عنه ... وما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موت مالك بن أنس "

وقال الشافعي :

" إذا جاءك الأثر عن مالك فشد به ...وإذا جاء الخبر فمالك النجم ، وإذا ذكر العلماء فمالك النجم ، ولم يبلغ أحد في العلم مبلغ مالك لحفظه وإتقانه وصيانته ، ومن أراد الحديث الصحيح فعليه بمالك "

وقال أحمد بن حنبل :

" مالك سيد من سادات أهل العلم ، وهو إمام في الحديث والفقه ، ومَن مثل مالك ! متبع لآثار من مضى مع عقل وأدب "

قال القاضي عياض رحمه الله :

"عاش نحو تسعين سنة ، كان فيها إماما يروي ويفتي ، ويسمع قوله نحو سبعين سنة ، تنتقل حاله كل حين زيادة في الجلال ، ويتقدم في كل يوم علوه في الفضل والزعامة

حتى مات ، وقد انفرد منذ سنين ، وحاز رياسة الدنيا والدين دون منازع ."

"المدارك" (111)

أكثر الرواة على أنه مات سنة (179هـ).

رحم الله الإمام مالكا وجميع أئمة المسلمين .

وينظر كتاب " مالك حياته وعصره، آراؤه وفقهه " للشيخ محمد أبو زهرة .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:37   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن الإمام أبي حنيفة

السؤال

نرجو من فضيلتكم إعطاء نبذة عن الإمام أبي حنيفة وعن مذهبه حيث أنني أسمع البعض ينتقصون من مذهب الإمام وذلك لاعتماده في كثير من الأحيان على القياس والرأي .

الجواب

الحمد لله

الإمام أبو حنيفة هو فقيه الملة عالم العراق أبو حنيفة النعمان بن ثابت التيمي الكوفي ، ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة ورأى أنس بن مالك لما قدم عليهم الكوفة

وروى عن عطاء بن أبي رباح وهو أكبر شيخ له ، وعن الشعبي وغيرهم كثير .

وقد عني رحمه الله بطلب الآثار وارتحل في ذلك ، وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه فإليه المنتهى والناس عليه عيال في ذلك كما يقول الإمام الذهبي ، حتى قال :" وسيرته تحتمل أن تفرد في مجلدين رضي الله عنه ورحمه "

وكان الإمام فصيح اللسان عذب المنطق ، حتى وصفه تلميذه أبو يوسف بقوله :" كان أحسن الناس منطقا وأحلاهم نغمة ، وأنبههم على ما يريد "

وكان ورعا تقيا ، شديد الذب عن محارم الله أن تؤتى ، عرضت عليه الدنيا والأموال العظيمة فنبذها وراء ظهره ، حتى ضُرب بالسياط ليقبل تولي القضاء أو بيت المال فأبى .

حدث عنه خلق كثير ، وتوفي شهيدا مسقيا في سنة خمسين ومائة وله سبعون سنة . [ سير أعلام النبلاء 6 390 – 403 ، أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة ص 63 ]

أما المذهب الحنفي فهو أحد المذاهب الأربعة المشهورة المتبوعة ، وهو أول المذاهب الفقهية ، حتى قيل :" الناس عالة في الفقه على أبي حنيفة "

وأصل المذهب الحنفي وباقي المذاهب أن هؤلاء الأئمة - أعني أبا حنيفة ومالك والشافعي وأحمد - كانوا يجتهدون في فهم أدلة القرآن والسنة ، ويفتون الناس بحسب الدليل الذي وصل إليهم

ثم أخذ أتباع أولئك الأئمة فتاوى الأئمة ونشروها وقاسوا عليها ، وقعدوا لها القواعد ، ووضعوا لها الضوابط والأصول ، حتى تكوَّن المذهب الفقهي

فتكوَّن المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي وتكوّنت مذاهب أخرى كمذهب الأوزاعي وسفيان لكنه لم يُكتب لها الاستمرار .

وكما ترى فإن أساس تلك المذاهب الفقهية كان قائما على اتباع الكتاب والسنة .

أما الرأي والقياس الذي أخذ به الإمام أبو حنيفة ، فليس المراد به الهوى والتشهي ، وإنما هو الرأي المبني على الدليل أو القرائن أو متابعة الأصول العامة للشريعة

وقد كان السلف يطلقون على الاجتهاد في المسائل المشكلة " رأيا " كما قال كثير منهم في تفسير آيات من كتاب الله : أقول فيها برأيي ، أي باجتهادي ، وليس المراد التشهي والهوى كما سبق .

وقد توسع الإمام أبو حنيفة في الأخذ بالرأي والقياس في غير الحدود والكفارات والتقديرات الشرعية ، والسبب في ذلك أنه أقل من غيره من الأئمة في رواية الحديث لتقدم عهده على عهد بقية الأئمة

ولتشدده في رواية الحديث بسبب فشو الكذب في العراق في زمانه وكثرة الفتن .

ويجب ملاحظة أن المذهب الحنفي المنسوب إلى الإمام أبي حنيفة ، ليس كل الأقوال والآراء التي فيه هي من كلام أبي حنيفة ، أو تصح أن تنسب إليه

فعدد غير قليل من تلك الأقوال مخالف لنص الإمام أبي حنيفة نفسه ، وإنما جعل من مذهبه بناء على تقعيدات المذهب المستنبطة من نصوص أخرى للإمام

كما أن المذهب الحنفي قد يعتمد رأي التلميذ كأبي يوسف ومحمد ، إضافة إلى أن المذهب يضم اجتهادات لتلاميذ الإمام ، قد تصبح فيما بعد هي المذهب

وليس هذا خاصا بمذهب أبي حنيفة ، بل قل مثل ذلك في سائر المذاهب المشهورة .

فإن قيل : إذا كان مستند المذاهب الأربعة في الأصل الكتاب والسنة ، فلماذا وجدنا اختلافا في الآراء الفقهية بينها ؟

فالجواب : أن كل إمام كان يفتي بحسب ما وصل إليه من دليل ، فقد يصل إلى الإمام مالك حديث فيفتي به ، ولا يصل إلى الإمام أبي حنيفة ، فيفتي بخلافه

والعكس صحيح ، كما إنه قد يصل إلى أبي حنيفة حديث ما بسند صحيح فيفتي به ، ويصل إلى الإمام الشافعي نفس الحديث لكن بسند آخر ضعيف فلا يفتي به

ويفتي بأمر آخر مخالف للحديث بناء على ما أداه إليه اجتهاده ، ولأجل هذا حصل الخلاف بين الأئمة - وهذا باختصار - ، لكن المعول والمرجع في النهاية لهم جميعا إلى الكتاب والسنة .

ثم إن الإمام أبا حنيفة وغيره من الأئمة في حقيقة أمرهم وسيرتهم قد أخذوا بنصوص الكتاب والسنة ، وإن لم يفتوا بها ، وبيان ذلك أن كل الأئمة الأربعة قد نصوا على أنه إن صح حديث ما فهو مذهبهم

وبه يأخذون ، وبه يفتون ، وعليه يستندون .

قال الإمام أبو حنيفة

:" إذا صح الحديث فهو مذهبي "، وقال رحمه الله :" لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه " ، وفي رواية عنه :" حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي "

زاد في رواية أخرى :" فإننا بشر ، نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا "، وقال رحمه الله :" إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى ، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي "

وقال الإمام مالك رحمه الله

:" إنما أنا بشر أخطيء وأصيب ، فانظروا في رأيي ، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه "

وقال رحمه الله

:" ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم "

وقال الإمام الشافعي رحمه الله

:" ما من أخذ إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعزب عنه - أي تغيب - ، فمهما قلت من قول ، أو أصَّلت من أصل ، فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت

فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قولي "

وقال الإمام أحمد

:" لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري ، وخذ من حيث أخذوا " ، وقال رحمه الله :" رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي

وهو عندي سواء ، وإنما الحجة في الآثار - أي الأدلة الشرعية "

هذه نبذه يسيرة عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، ومذهبه ، وختاما : لا يسع المسلم إلا أن يعرف لهؤلاء فضلهم ، ومكانتهم ، على أن ذلك لا يدعوه إلى تقديم أقوالهم على كتاب الله

وما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسم - ، فإن الأصل اتباع الكتاب والسنة لا أقوال الرجال ، فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسم -

كما قال الإمام مالك رحمه الله .

وانظر المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية لعمر الأشقر .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:42   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن الإمام الشافعي

السؤال:

نريد نبذة عن حياة الإمام الشافعي .

الجواب:

الحمد لله

أكثر الرواة على أن الشافعي قد ولد بغزة بالشام ، وعلى ذلك اتفق رأي الجمهرة الكبرى من مؤرخي الفقهاء

وكاتبي طبقاتهم ، ولكن وجد بجوار هذه الرواية من يقول إنه ولد بعسقلان ، وهي على بعد ثلاثة فراسخ من غزة .
وعامة المؤرخين لنسبه أنه ولد من أب قرشي مطلبي

واسمه محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد ، بن هاشم ، بن المطلب ، بن عبد مناف . فهو يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف .

والأخبار تتفق على أنه عاش عيشة اليتامى الفقراء ، حفظ القرآن الكريم ، وبدا ذكاؤه الشديد في سرعة حفظه له ، ثم اتجه بعد حفظه القرآن الكريم إلى حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

وكان كلفا بها ، حريصا على جمعها ، ويستمع إلى المحدثين فيحفظ الحديث بالسمع ، ثم يكتبه على الخزف أحيانا ، وعلى الجلود أخرى ، وكان يذهب إلى الديوان يستوعب الظهور ليكتب عليها .

خرج إلى البادية ولزم هذيلا وهو يقول : خرجت من مكة فلازمت هذيلا بالبادية ، أتعلم كلامها ، وآخذ طباعها ، وكانت أفصح العرب ، أرحل برحيلهم ، وأنزل بنزولهم

فلما رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار ، وأذكر الآداب والأخبار ، ولقد بلغ من حفظه لأشعار الهذيليين وأخبارهم أن الأصمعي - ومكانته من اللغة مكانته – قال : صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن إدريس .

طلب الشافعي العلم بمكة على من كان فيها من الفقهاء والمحدثين ، وبلغ شأوا عظيما ، حتى لقد أذن له بالفتيا مسلم بن خالد الزنجي ، وقال له : افت يا أبا عبد الله ، فقد آن لك أن تفتي .

وكان ذلك في وقت انتشر اسم مالك في الآفاق ، وتناقلته الركبان ، وبلغ شأوا من العلم والحديث بعيدا ، فسمت همة الشافعي إلى الهجرة إلى يثرب في طلب العلم

ولكنه لم يرد أن يذهب إلى المدينة خالي الوفاض من علم مالك رضي الله عنه ، فقد استعار الموطأ من رجل بمكة وقرأه ، والروايات تقول إنه حفظه .

ذهب الشافعي إلى مالك يحمل معه كتاب توصية من والي مكة ، وبهذه الهجرة أخذت حياة الشافعي تتجه إلى الفقه بجملتها ، ولما رآه مالك – وكانت له فراسة – قال له : يا محمد ! اتق الله

واجتنب المعاصي ، فإنه سيكون لك شأن من الشأن ، إن الله تعالى قد ألقى على قلبك نورا ، فلا تطفئه بالمعصية . ثم قال له : إذا ما جاء الغد تجيء ويجيء ما يقرأ لك . ويقول الشافعي

: فغدوت عليه وابتدأت أن أقرأ ظاهرا والكتاب في يدي ، فكلما تهيبت مالكا وأردت أن أقطع أعجبه حسن قراءتي وإعرابي فيقول : يا فتى زد ، حتى قرأته عليه في أيام يسيرة .

لما مات مالك وأحس الشافعي أنه نال من العلم أشطرا ، اتجهت نفسه إلى عمل يكتسب منه ما يدفع حاجته ويمنع خصاصته ، وصادف في ذلك الوقت أن قدم إلى الحجاز والي اليمن

فكلمه بعض القرشيين في أن يصحبه الشافعي ، فأخذه ذلك الوالي معه ، ويقول الشافعي : ولم يكن عند أمي ما تعطيني ما أتمول به ، فرهنت دارا ، فتحملت معه ، فلما قدمنا عملت له على عمل.

تولى على نجران ، فأقام العدل ونشر لواءه ، ويقول هو في ذلك : وليت نجران وبها بنو الحارث بن عبد المدان ، وموالي ثقيف ، وكان الوالي إذا أتاهم صانعوه ، فأرادوني على نحو ذلك فلم يجدوا عندي .

اتُّهِم الشافعي بأنه مع العلوية ، فأرسل الرشيد أن يحضر النفر التسعة العلوية ومعهم الشافعي ، ويقول الرواة أنه قتل التسعة ، ونجا الشافعي بقوة حجته

وشهادة محمد بن الحسن له ، كان قدومه بغداد في هذه المحنة سنة (184هـ) أي وهو في الرابعة والثلاثين من عمره . ولعل هذه المحنة التي نزلت به ساقها الله إليه ليتجه إلى العلم لا إلى الولاية والسلطان .

قال ابن حجر :

انتهت رياسة الفقه بالمدينة إلى مالك بن أنس ، فرحل إليه ولازمه وأخذ عنه ، وانتهت رياسة الفقه بالعراق إلى أبي حنيفة ، فأخذ عن صاحبه محمد بن الحسن حملا ليس فيه شيء إلا وقد سمعه عليه

فاجتمع علم أهل الرأي وعلم أهل الحديث ، فتصرف في ذلك حتى أصل الأصول وقعد القواعد وأذعن له الموافق والمخالف ، واشتهر أمره وعلا ذكره وارتفع قدره حتى صار منه ما صار .

بهت أهل الرأي في أول التقائه بهم في بغداد سنة (184هـ) حتى قال الرازي في ذلك : انقطع بسببه استيلاء أهل الرأي على أصحاب الحديث .

ثم عاد الشافعي إلى مكة وأخذ يلقي دروسه في الحرم المكي ، والتقى بأهل العلم في موسم الحج ، واستمعوا إليه ، وفي هذا الأوان التقى به أحمد بن حنبل .

ثم قدم الشافعي بغداد للمرة الثانية في سنة (195هـ)، وألف لأول مرة كتاب " الرسالة " الذي وضع به الأساس لعلم أصول الفقه

وجاء في مناقب الشافعي للرازي أنه روى أن عبد الرحمن بن مهدي التمس من الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا يذكر فيه شرائط الاستدلال بالقرآن والسنة والإجماع والقياس وبيان الناسخ والمنسوخ ومراتب العموم والخصوص

فوضع الشافعي رضي الله عنه كتاب " الرسالة " وبعثها إليه ، فلما قرأها عبد الرحمن بن مهدي قال : ما أظن أن الله عز وجل خلق مثل هذا الرجل

ثم يقول الرازي : واعلم أن الشافعي رضي الله عنه قد صنف كتاب الرسالة وهو ببغداد ، ولما رجع إلى مصر أعاد تصنيف كتاب الرسالة ، وفي كل واحد منهما علم كثير .

ثم انتقل الشافعي إلى مصر ، قال الربيع : سمعت الشافعي يقول ـ في قصة ذكرها :

لَقَدِ أصبحَتْ نَفْسِي تَتُوقُ إِلَى مِصْرَ ..
. وَمِنْ دُونِهَا أَرْضُ المَهَامِهِ وَالقَفْرِ

فَوَاللهِ مَا أَدْرِي أَلِلْمَالِ وَالغِنَى ...
أُسَاقُ إِلَيْهَا أَمْ أُسَاقُ إِلَى قَبْرِي

قال : فوالله ما كان إلا بعد قليل ، حتى سيق إليهما جميعا !!"

"تاريخ بغداد" (2/70) ، "سير أعلام النبلاء" (10/77) .

يعني : أنه نال المال والغنى ، والوفرة والحظوة والمكانة في مصر ، ثم كانت وفاته فيها في آخر ليلة من رجب سنة (204هـ) ، وقد بلغ من العمر أربعة وخمسين عاما ، وقبره بها !!

قال داود بن علي الظاهري :

" للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره من شرف نسبه ، وصحة دينه ومعتقده ، وسخاوة نفسه ، ومعرفته بصحة الحديث وسقيمه وناسخه ومنسوخه وحفظ الكتاب والسنة وسيرة الخلفاء وحسن التصنيف "

ولقد قال أحمد بن حنبل فيه :

" ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة رجلا يقيم لها أمر دينها ، فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المائة ، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى "

وقال الإمام أحمد رحمه الله أيضا :

" كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن ، فهل ترى لهذين من خلف ، أو عنهما من عوض " .

وللتوسع عن حياة هذا الإمام وعلمه وفقهه

نحيل إلى كتاب " الإمام الشافعي حياته ومذهبه

آراؤه وفقهه " للشيخ محمد أبو زهرة .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:50   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نبذة عن الإمام أحمد بن حنبل

السؤال


نريد نبذة عن حياة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، وإذا كان بالإمكان ترجمتها إلى الفرنسية لتعميم الفائدة .

الجواب

الجواب:

الحمد لله


ولد الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله - في المشهور المعروف - في ربيع الأول من سنة (164هـ)، ولد ببغداد ، وقد جاءت أمه حاملا به من "مرو" التي كان بها أبوه ، أبوه شيباني

وأمه كذلك ، فلم يكن أعجميا ولا هجينا ، بل كان عربياً خالصاً ، أصل أسرته من البصرة ، وكان جده والياً على سرخس ، ولما ظهرت الدعوة العباسية قام معها فقُتِل في ذلك ، وكان أبوه جندياً قائداً ، مات وهو صغير .

اجتمع لأحمد خمسة أمور لم تجتمع لشخص إلا سارت به إلى العلا والسمو النفسي ، والبعد عن سفساف الأمور ، والاتجاه إلى معاليها ، تلك الأمور هي : شرف النسب والحسب

واليتم الذي يُنَشِّئُه منذ فجر الصبا معتمدا على نفسه ، وحالٌ من الفقر غير المدقع ، لا تستخذي به النفس ، فلا يبطرها النعيم ، ولا تذلها المتربة

ومع هذه الخصال قناعةٌ ونزوعٌ إلى العلا الفكري بتقوى الله تعالى ، والْتَقَى كل ذلك بعقل ذكي وفكر ألمعي .

نشأ الإمام أحمد ببغداد ، وتربى بها تربيته الأولى ، وقد كانت تموج بالناس الذين اختلفت مشاربهم ، وتخالفت مآربهم ، وزخرت بأنواع المعارف والفنون ، فيها القراء والمحدثون والمتصوفة وعلماء اللغة والفلاسفة

فقد كانت حاضرة العالم الإسلامي ، رادَ فِقهَ الرأي في صدر حياته ، بدليل أنه تلقَّى أول الحديث عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة ، وهو قد كان من فقهاء الرأي ذوي القدم الثابتة فيه

ثم اتجه إلى الحديث ، وعندما اعتزم في مستهل شبابه طلب الحديث كان لا بد أن يأخذ عن كل علماء الحديث في العراق والشام والحجاز ، ولعله أولُ محدِّث قد جمع الأحاديث من كل الأقاليم ودوَّنها

فمسنده شاهد صادق الشهادة بذلك ، فهو قد جمع الحديث الحجازي والشامي والبصري والكوفي جمعا متناسبا .

لزم في بداية طلبه إماما من أئمة الحديث في بغداد ، واستمر يلازمه نحو أربع سنوات ، فلم يتركه حتى بلغ العشرين من عمره ، ذلك الإمام هو هشيم بن بشير الواسطي (ت 183هـ)، ثم في سنة (186هـ) ابتدأ رحلاته ليتلقى الحديث

فرحل إلى البصرة ، وإلى الحجاز ، ورحل إلى اليمن ، ورحل إلى الكوفة ، وكان يود أن يرحل إلى الريّ ليسمع من جرير بن عبد الحميد ولم يكن قد رآه قبل في بغداد

ولكن أقعده عن الرحلة إليه عظيمُ النفقة عليه في هذا السبيل .

رحل إلى الحجاز خمس مرات ، أولاها سنة (187هـ)، وفي هذه الرحلة الْتَقَى مع الشافعي ، وأخذ مع حديث ابنِ عيينة فقهَ الشافعي وأصولَه وبيانَه لناسخ القرآن ومنسوخه

وكان لقاؤه بالشافعي بعد ذلك في بغداد عندما جاء الشافعي إليها وفي جعبته فقهه وأصوله محررة مقررة.

خرج إلى الحج خمس مرات ، ثلاثة منها حج فيها ماشيا ، وضل في إحداها عن الطريق ، وكان يستطيب المشقة في رحلة العبادة وطلب الحديث

حتى إنه نوى سنة (198هـ) أن يذهب إلى الحج هو ورفيقه يحيى بن معين ، وبعد الحج يذهبان إلى عبد الرزاق بن همام بصنعاء اليمن ، وبينما هما يطوفان طواف القدوم إذا عبد الرزاق يطوف

فرآه ابن معين وكان يعرفه ، فسلم عليه ، وقال له : هذا أحمد بن حنبل أخوك ، فقال حياه الله وثبته ، فإنه يبلغني عنه كل جميل . قال : نجيئ إليك غدا إن شاء الله حتى نسمع ونكتب

. فلما انصرف قال أحمد معترضا : لم أخذت على الشيخ موعدا ؟ قال : لنسمع منه ، قد أراحك الله مسيرة شهر ، ورجوع شهر ، والنفقة . فقال أحمد : ما كنت لأفسد نيتي بما تقول

نمضي ونسمع منه ، ثم مضى بعد الحج حتى سمع بصنعاء ، وفي الطريق انقطعت به النفقة حتى أكرى نفسه من بعض الحمالين ، ورفض كل مساعدة من غيره .

واستمر جِدُّه في طلب الحديث وروايته حتى بعد أن بلغ مبلغ الإمامة ، حتى لقد رآه رجل من معاصريه والمحبرة في يده يكتب . فقال له : يا أبا عبد الله

أنت قد بلغت هذا المبلغ وأنت إمام المسلمين ؟ فقال : مع المحبرة إلى المقبرة . وكان رحمه الله تعالى يقول : أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر .

وهكذا كان أحمد يسير على الحكمة المأثورة : لا يزال الرجل عالما ما دام يطلب العلم ، فإذا ظن أنه علم ، فقد جهل . نطق بها عمله ، ونطق بها لسانه في تلك الكلمات .

وكان رحمه الله يطلب فيما يطلب علم الفقه والاستنباط مع الرواية ، وتلقى ذلك عن الشافعي وغيره ، بل إننا لننتهي إلى نقبل ما قيل عنه من أنه كان يحفظ كتب أهل الرأي

ولكن لا يأخذ بها ، فقد قال تلميذه الخلال : " كان أحمد قد كَتَب كُتب الرأي وحفظها، ثم لم يلتفت إليها"

قال ابن الجوزي : إن أحمد لم ينصب نفسه للحديث والفتوى إلا بعد أن بلغ الأربعين ، وبعد أن ذاع ذكره في الآفاق الإسلامية ، فازدحم الناس على درسه شديدا

حتى ذكر بعض الرواة أن عدة من كانوا يستمعون إلى درسه نحو خمسة آلاف ، وأنه كان يكتب منهم نحو خمسمائة فقط ، والباقي يتعلمون من خلقه وهديه وسمته

وكان مجلسه بعد العصر ، تسوده الهيبة والتعظيم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد جاء في " تاريخ الذهبي " عن المروذي صاحب أحمد في وصف مجالسه : " لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس أبي عبد الله ، كان مائلا إليها ، مقصرا عن أهل الدنيا ، وكان فيه حلم

ولم يكن بالعجول ، بل كان كثير التواضع ، تعلوه السكينة والوقار ، وإذا جلس مجلسه بعد العصر لم يتكلم حتى يسأل "

وكان لا يحدث إلا من كتبه ، زيادة في التوثيق والتأكيد ، حتى قال ولده عبد الله : " ما رأيت أبي حَدَّثَ مِن حفظه من غير كتاب ، إلا بأقل من مائة حديث " .

ويجدر بنا أن نشير إلى أمر ذي بال ، وهو أن أحمد رضي الله عنه كان يحيا حياة سلفية خالصة ، تجرَّد فيها من ملابسات العصر ومناحراته

وما يجري من منازلات فكرية وسياسية واجتماعية وحربية ، واختار أن يحلق بروحه في جو الصحابة والصفوة من التابعين ومن جاء بعدهم ، ممن نهج نهجهم واختار سبيلهم

لذلك كان علمه وفقهه هو السنة وفقهها ، لا يخوض في أمر إلا إذا علم أن الصحابة خاضوا فيه ، فإن علم ذلك اتبع رأيهم ونفى غيره .

كان أحمد يعيش من غلة عقار تركه له أبوه ، يتعفف بكرائها عن الناس ، ولا يقبل عطية من أحد ، وكان عن عطايا الخلفاء أعف ، حتى عرض عليه الإمام الشافعي مرة أن يتولى قضاء اليمن بطلب من " الأمين " ،

فقال أحمد للشافعي : " يا أبا عبد الله ! إن سمعت منك هذا ثانيا لم ترني عندك "

يروي حرملة بن يحيى تلميذُ الشافعي أنه قال : " خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدا أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل ".

وقال علي بن المديني :

" أعرف أبا عبد الله منذ خمسين سنة وهو يزداد خيرا ".

وقال يحيى بن معين :

" والله لا نقوى على ما يقوى عليه أحمد ، ولا على طريقة أحمد ".

يقول إسحاق بن راهويه :

" كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأصحابنا ، فكنا نتذكر الحديث من طريق وطريقين وثلاثة ، فأقول : ما مراده ؟ ما تفسيره ؟ ما فقهه ؟ فيقفون كلهم ، إلا أحمد بن حنبل ".

تعرض الإمام إلى محنة عظيمة بسبب دعوة المأمون الفقهاء والمحدثين أن يقولوا بمقالته في خلق القرآن ، فحبس وضرب وتوالى ثلاثة من الخلفاء على ذلك : المأمون ، والمعتصم ، والواثق .

عُرف الإمام أحمد بالصبر والقوة والجلد ، ويذكر أهل السير في ذلك خبرا ، أنه أدخل على الخليفة في أيام المحنة وقد هولوا عليه لينطق بما ينجيه ويرضيهم ، وقد ضرب عنق رجلين في حضرته

ولكنه في وسط ذلك المنظر المروع وقع نظره أيضا على بعض أصحاب الشافعية ، فسأله : وأي شيء تحفظ عن الشافعي في المسح على الخفين

فأثار ذلك دهشة الحاضرين وراعهم ذلك الجنان الثابت الذي ربط الله على قلب صاحبه ، حتى لقد قال خصمه أحمد بن أبي دؤاد متعجبا : انظروا لرجل هو ذا يقدم لضرب عنقه فيناظر في الفقه .

ولكنها الإرادة القوية والإيمان العميق والنفس المفوضة المسلمة لقضاء الله .

توفي هذا الإمام العظيم ضحوة نهار الجمعة ، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، سنة إحدى وأربعين ومائتين ببغداد .

وفي سيرة هذا الإمام الكثير من العبر والعظات ، رحم الله الإمام أحمد وجميع أئمة المسلمين .

وينظر كتاب " أحمد بن حنبل : حياته وعصره

آراؤه وفقهه " للشيخ محمد أبو زهرة .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-24, 11:52   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


مع جذء اخر من سلسلة


اصول العقيدة


و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-01, 17:03   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
ك ر ي م
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله لكم










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-30, 16:08   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ك ر ي م مشاهدة المشاركة
بارك الله لكم
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-31, 02:42   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
BAWSALA
عضو جديد
 
الصورة الرمزية BAWSALA
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

Merci pour le partage !










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:25

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc