شبهات حــول الإســلام - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شبهات حــول الإســلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-01-14, 08:38   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي


( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم ( 4 ) سيهديهم ويصلح بالهم ( 5 ) ويدخلهم الجنة عرفها لهم ( 6 ) يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ( 7 ) والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ( 8 ) ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ( 9 ) ) .

يقول تعالى مرشدا للمؤمنين إلى ما يعتمدونه في حروبهم مع المشركين : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ) أي : إذا واجهتموهم فاحصدوهم حصدا بالسيوف ، ( حتى إذا أثخنتموهم فشدوا ) أي : أهلكتموهم قتلا ) فشدوا ) [ وثاق ] الأسارى الذين تأسرونهم ، ثم أنتم بعد انقضاء الحرب وانفصال المعركة مخيرون في أمرهم ، إن شئتم مننتم عليهم فأطلقتم أساراهم مجانا ، وإن شئتم فاديتموهم بمال تأخذونه منهم وتشاطرونهم عليه . والظاهر أن هذه الآية نزلت بعد وقعة بدر ، فإن الله ، سبحانه ، عاتب المؤمنين على الاستكثار من الأسارى يومئذ ليأخذوا منهم الفداء ، والتقلل من القتل يومئذ فقال : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) [ الأنفال : 67 ، 68 ] .

ثم قد ادعى بعض العلماء أن هذه الآية - المخيرة بين مفاداة الأسير والمن عليه - منسوخة بقوله تعالى : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [ وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ] ) الآية [ التوبة : 5 ] ، رواه العوفي عن ابن عباس . وقاله قتادة ، والضحاك ، والسدي ، وابن جريج .

وقال الآخرون - وهم الأكثرون - : ليست بمنسوخة .

ثم قال بعضهم : إنما الإمام مخير بين المن على الأسير ومفاداته فقط ، ولا يجوز له قتله .

وقال آخرون منهم : بل له أن يقتله إن شاء ؛ لحديث قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط من أسارى بدر ، وقال ثمامة بن أثال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال له : " ما عندك يا ثمامة ؟ " فقال : إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تمنن تمنن على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت .

وزاد الشافعي ، رحمه الله ، فقال : الإمام مخير بين قتله أو المن عليه ، أو مفاداته أو استرقاقه أيضا . وهذه المسألة محررة في علم الفروع ، وقد دللنا على ذلك في كتابنا " الأحكام " ، ولله الحمد والمنة .
تفسير ابن كثير
************************************************** ******************************************
تفسير السعدي
فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم

يقول تعالى -مرشدا عباده إلى ما فيه صلاحهم، ونصرهم على أعدائهم-: فإذا لقيتم الذين كفروا في الحرب والقتال، فأصدقوهم القتال، واضربوا منهم الأعناق، حتى تثخنوهم وتكسروا شوكتهم وتبطلوا شرتهم، فإذا فعلتم ذلك، ورأيتم الأسر أولى وأصلح، فشدوا الوثاق أي: الرباط، وهذا احتياط لأسرهم لئلا يهربوا، فإذا شد منهم الوثاق اطمأن المسلمون من هربهم ومن شرهم، فإذا كانوا تحت أسركم، فأنتم بالخيار بين المن عليهم، وإطلاقهم بلا مال ولا فداء، وإما أن تفدوهم بأن لا تطلقوهم حتى يشتروا أنفسهم، أو يشتريهم أصحابهم بمال، أو بأسير مسلم عندهم.

وهذا الأمر مستمر حتى تضع الحرب أوزارها أي: حتى لا يبقى حرب، وتبقون في المسألة والمهادنة، فإن لكل مقام مقالا ولكل حال حكما، [ ص: 1654 ] فالحال المتقدمة، إنما هي إذا كان قتال وحرب.

فإذا كان في بعض الأوقات، لا حرب فيه لسبب من الأسباب، فلا قتل ولا أسر.

ذلك الحكم المذكور في ابتلاء المؤمنين بالكافرين، ومداولة الأيام بينهم، وانتصار بعضهم على بعض ولو يشاء الله لانتصر منهم فإنه تعالى على كل شيء قدير، وقادر على أن لا ينتصر الكفار في موضع واحد أبدا، حتى يبيد المسلمون خضراءهم.

ولكن ليبلو بعضكم ببعض ليقوم سوق الجهاد، ويتبين بذلك أحوال العباد، الصادق من الكاذب، وليؤمن من آمن إيمانا صحيحا عن بصيرة، لا إيمانا مبنيا على متابعة أهل الغلبة، فإنه إيمان ضعيف جدا، لا يكاد يستمر لصاحبه عند المحن والبلايا.

والذين قتلوا في سبيل الله لهم ثواب جزيل، وأجر جميل، وهم الذين قاتلوا من أمروا بقتالهم، لتكون كلمة الله هي العليا.

فهؤلاء لن يضل الله أعمالهم، أي: لن يحبطها ويبطلها، بل يتقبلها وينميها لهم، ويظهر من أعمالهم نتائجها، في الدنيا والآخرة.

سيهديهم إلى سلوك الطريق الموصلة إلى الجنة، ويصلح بالهم أي: حالهم وأمورهم، وثوابهم يكون صالحا كاملا لا نكد فيه، ولا تنغيص بوجه من الوجوه.

ويدخلهم الجنة عرفها لهم أي: عرفها أولا بأن شوقهم إليها، ونعتها لهم، وذكر لهم الأعمال الموصلة إليها، التي من جملتها القتل في
سبيله، ووفقهم للقيام بما أمرهم به ورغبهم فيه، ثم إذا دخلوا الجنة، عرفهم منازلهم، وما احتوت عليه من النعيم المقيم، والعيش السليم.









 


رد مع اقتباس
قديم 2016-01-14, 13:26   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
zozo1977
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

انتي لم تجيبي على سؤالي فالاية واضحة ومصير الاسير واضح منها والاسترقاق كان يطبق على نساء المحاربين واولادهم ايضا فما جوابك في هدا الامر فالنساء والاولاد ليسو مقاتلين










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-14, 16:23   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

قال ابن قدامة في المغني: ومنع أحمد من فداء النساء بالمال، لأن في بقائهن تعريضاً لهن للإسلام، لبقائهن عند المسلمين، وجوز أن يفادى بهن أسارى المسلمين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فادى بالمرأة التي أخذها من سلمة بن الأكوع، ولأن في ذلك استنقاذ مسلم متحقق إسلامه، فاحتمل تفويت غرضية الإسلام من أجله، ولا يلزم من ذلك احتمال فواتها لتحصيل المال، فأما الصبيان فقال أحمد: لا يفادى بهم وذلك لأن الصبي يصير مسلماً بإسلام سابيه، فلا يجوز رده إلى المشركين. انتهى.

الإمام العز بن عبد السلام في كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام)، ضمن حديثه عن قاعدة اجتماع المصالح والمفاسد حيث قال: المثال الحادي والأربعون: الإرقاق مفسدة، ولكنه من آثار الكفر فثبت في نساء الكفار وأطفالهم ومجانينهم، زجراً عن الكفر وتقديماً لمصالح المسلمين. وكذلك إذا اختار الإمام إرقاق المكلفين من الرجال. أما إرقاق الرجال فمن آثار الكفر. وأما إرقاق النساء والصبيان فليس عقوبة لهم بذنب غيرهم وإنما هو عقوبة بالنسبة إلى الآباء والأمهات، وهي بالنسبة إلى النساء والصبيان مصيبة من مصائب الدنيا، كما يصابون بالأمراض والأسقام من غير إجرام. انتهى.

فالرقيق في اللغة هو: المملوك ذكراً كان أم أنثى، والرق في إصطلاح الفقهاء هو: عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، أو هو عجز شرعي مانع للولايات من القضاء والشهادة وغيرها.
وأسبابه ثلاثة:
الأول: الأسر والسبي من الأعداء الكفار.
الثاني: ولد الأمة من غير سيدها يتبع أمه في الرق.
الثالث: الشراء ممن يملك الرقيق ملكاً صحيحاً معترفاً به شرعاً.
هذا، والأصل في الإنسان الحرية والرق طارئ، والله تعالى خلق آدم وذريته أحراراً، وإنما الرق لعارض الكفر.
والأصل كذلك في الرقيق أنه مكلف كسائر المكلفين متى كان بالغاً وعاقلاً رجلاً كان أم امرأة، وهو مجزي عن أعماله خيراً أو شراً، وأنه يوافق الأحرار في أغلب الأحكام باستثناء بعض الأحكام التي يختص بها الرقيق.
أما الاستمتاع بالإماء، فإنه لا يكون مشروعاً إلا إذا كان في ملك تام للمستمتع، أو نكاح صحيح، وما خرج عن ذلك فهو محرم، لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) [المؤمنون:5-6].
فالأمة التي يحل الاستمتاع بها إما أن تكون زوجة، وإما ملك يمين، كما يشترط لوطئها الملك التام، وأن لا يقوم بها مانع يقتضي تحريمها عليه.

وإذا أراد السائل التوسع في أحكام ملك اليمين فليراجع كتب الفقه، فإنه لا يخلو كتاب من باب العتق وأحكام المملوك.
والله أعلم.

منقول










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-14, 16:44   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
zozo1977
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتبس من ردك ....... وأما إرقاق النساء والصبيان فليس عقوبة لهم بذنب غيرهم وإنما هو عقوبة بالنسبة إلى الآباء والأمهات، وهي بالنسبة إلى النساء والصبيان مصيبة من مصائب الدنيا، كما يصابون بالأمراض والأسقام من غير إجرام. انتهى......
ليس اي تعليق على هدا الكلام كيف اصبح الاسترقاق مثل المرض.......لكن يقولون يسترق الكافر ونسائه واولاده ..لانه كافر..لكن رغم اسلامه يبفى عبد مملوك ...فيصبح مسلم يملك مسلم ....










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-14, 17:08   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

قال المؤلف رحمه الله: باب العتق
العتق لغة: الحرية. وشرعاً: تحرير الرقبة وتخليصها من الرِّق.
المقصود بالرقبة: العبد. والمقصود بالعبد: المملوك الذي يباع ويشترى. وتخليصها من الرق: المقصود بالرق العبودية.
قال المؤلف رحمه الله: ((أفضل الرقاب أنفَسها)) رغَّب الشرع كثيراً في العتق، وجعل الله له أجراً عظيماً ترغيباً فيه، من ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- :"من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضوٍ منه عضواً منه من النار، حتى فرجه بفرجه" متفق عليه. وأفضل أنواع الرقاب عتقاً وأكثرها أجراً أنفسها عند أهلها، لما جاء في الصحيحين عن أبي ذرٍّ قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال:"الإيمان بالله والجهاد في سبيله" قال: قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال:"أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً" فإذا أردت الأكثر أجراً عند العتق فتبحث عن الأنفس عند أهلها أي الذين يملكونها تكون عندهم نفيسة أنفس من غيرها، يعني غالية عليهم أكثر من غيرها، ويكون ثمنها في السوق أكثر من غيرها. عتق هذه النفس أفضل من عتق غيرها. ومسألة الرق -العبودية- هذه مسألة لم يختص بها الإسلام ولكنها عامة في الأديان كلها، أمرٌ موجود في جميع الأديان، ولكن الإسلام جاء بفتح أبواب العتق وتكثير ذلك، فتجد في كفارة اليمين عتق رقبة، في كفارة الظهار عتق رقبة، في غير ذلك تحث على عتق رقبة من غير كفارات، في أشياء كثيرة فيها عتق رقبة، الشارع حث على هذا العمل ورغَّب فيه كثيراً حتى يخلص الناس من العبودية، ولكنه لم يغلق جميع أبوابه. من هنا يتساءل البعض لماذا الشرع لم يغلق أبواب الرِّق نهائياً مع أن في الرِّق إذلال وفيه امتهان للإنسان، وفيه وفيه ..الخ؟ نقول: المصلحة المرجوة من وراء فتح أحد أبواب الرِّق أعظم بكثير من المفسدة التي يراها الناس اليوم، ما هي هذه المصلحة والمفسدة؟ دخول الكثير من الناس في الإسلام من وراء الرِّق. الرق الآن بابه مفتوح أين؟ في الجهاد، في القتال، عندما يقاتل المسلمون الكفار ويأسرون النساء والأطفال يأخذونهم رقيق. ماذا يترتب على ذلك من مصالح؟ المصلحة الأولى وهي العظمى أنهم يعرفون الإسلام ويدخلون فيه، حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث:"عجب ربنا من أناس يقادون إلى الجنة بالسلاسل" وهذه أعظم مصلحة، أن يمن الله على العبد بالإسلام، وإن أصابه ما أصابه من رق، عندما يرى حلاوة الإسلام ولذته ويعرف النعيم الذي دخل عليه بسبب ذلك سيعرف أن هذه نعمة وليست بنقمة.
هذه الفائدة الأولى وهي أعظم فائدة.
الفائدة الثانية: أن المعتاد في الحروب والقتال أن أعظم خاسر هم الأطفال والنساء، فالأطفال يُشَرّدون والنساء يُغتصبن ويهَنّ كثيراً في الحروب. في الإسلام في حال الرق يُحفظ الأطفال وتحفظ النساء أيضاً لأنه عندما يؤخذ الأطفال والنساء رقيقاً ويعطى الأطفال والنساء من الحقوق الشرعية التي كتبها الله تبارك وتعالى لهم في الإسلام، ويعامَلوا معاملة حقيقية كما أراد الله سبحانه وتعالى، عندئذ سيكون الرق لهم نعمة وليس نقمة. ولو يعلم حقيقةً كثير ممن يحاربون الرق ما جعل الله سبحانه وتعالى للرقيق إن أدى الحق الذي عليه وإن أدى سيده الحق الذي له لتمنى كثير من الناس أن يكونوا رقيقاً عند المسلمين، للفضائل التي يحصلون عليها من وراء ذلك. فهناك مفسدة نعم هي الذل الذي يكون فيها الرقيق والامتهان..الخ، لكن المصالح المرجوة من وراء ذلك أعظم وأعظم كثيرا










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-14, 17:27   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الثانية عشرة: ختـان الإناث:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه هي "الحلقة الثانية عشرة" من: (شبهات حول الإسلام) نتكلم فيها عن "ختان الإناث"، أوردنا فيه من كلام المتخصصين ما يدل على أن ختان الإناث عندهم من المعروف وليس من المنكر، وهذا على نقيض موقف الذين هُزموا أمام ضجة الغرب المفتعلة.
وتتكون هذه الحلقة من عدة فصول:
الفصل الأول: حقيقة الختان عند المرأة.
الفصل الثاني: أدلة ختان الإناث.
الفصل الثالث: فوائد الختان.
الفصل الرابع: الفرق بين الشرعي والختان الفرعوني.
الفصل الخامس: المحاربون للختان.
الفصل السادس: خلاصة هذه المباحث.


الفصل الأول: حقيقة الختان عند المرأة:
المبحث الأول: تعريفه وصورته:
الختان في اللغة: مادة ختن، الغلام والجارية يختنهما، والاسم الختان والختانة، وهو مختون، وقيل الختن للرجال، والخفض للنساء.
والختان موضع الختن من الذكر، وموضع القطع من الجارية، قال أبو منصور: هو موضع القطع من الذكر والأنثى، ويقال لقطعهما الإعذار، عذر الغلام والجارية يعذرهما عذراً، وأعذرهما ختنهما، أما الخافضة فهي الخاتنة، يقال خفض الجارية يخفضها خفضاً هو كالختان للغلام، وقيل خفض الصبي خفضاً ختنه، فاستعمل في الرجل فالأعرف أن الخفض للمرأة) من "لسان العرب" لابن منظور (مادة ختن، عذر، خفض) وغيره.
والختان في الشرع: قال ابن حجر في "فتح الباري": (الختان مصدر ختن أي قطع، والختن قطع بعض مخصوص من عضو مخصوص).
وأما صورته: فيكون ختان الأنثى بقطع شيء من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول، والسنّة أن لا تُقطع كلّها بل جزء منها.
قال الماوردي الشافعي: (وأما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل كالنواة، ويؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها).
وقال ابن تيمية كما في "الفتاوى الكبرى" في الكلام على ختان الأنثى: (ختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك).
المبحث الثاني: العمر المناسب للختان:
يمكن إجراء الختان الشرعي في العمر ما بين 6 - 10 سنوات في عدم وجود موانع، كما يمكن تأجيله إلى أي سن.
قالت الدكتورة آمال أحمد البشير في وقت ختان الإناث في كتابها "ختان الأنثى في الطب والإسلام بين الإفراط والتفريط" (ص38): (أن يكون في السن التي يسهل فيها على الطبيبة أو القابلة المدربة فصل القلفة عن حشفة البظر وقطعها دون أن تأخذ معها أي جزء آخر من المنطقة المجاورة، ويختلف ذلك بين طفلة وأخرى لذلك يجب أن يكون هناك كشف على العضو التناسلي لكل طفلة بواسطة الطبيبة المختصة قبل تحديد وقت ختانها).
المبحث الثالث: طريقة الختان الشرعي الصحيح للأنثى:
تقول الدكتورة ست البنات بنت خالد: (يتم الختان الشرعي عبر خطوات هي:
1- تهيئة الطفل من الناحية النفسية بالشرح البسيط وقراءة بعض الأدعية القرآنية.
2- يتم تعقيم سطح الجلد وتحت القلفة بالمحاليل المعقمة المعروفة مثل "الإيثانول"، وتشد القلفة إلى الخلف ومن الجوانب حتى تنفصل أي التصاقات موجودة .
3- يحقن بواسطة حقنة صغيرة (Hypodermic needle) ما يعادل ا مل من البنج الموضعي (Lidocaine 2% and Epinephrine 1:100.00) في آخر 1-2 سم في قمة الجزء الهرمي من القلفة وذلك بتثبيت الجزء الأعلى على جسم البظر بإبهام اليد اليسرى لتسهيل الحقن في لجلد القلفة والانتظار لمدة دقيقتين.
4- عند التأكد من تخدير المنطقة نقوم بسحب القلفة إلى أعلى لإبعادها عن البظر بواسطة ملقاط تشريح، ثم يقبض الجزء المراد قطعه (القلفة) بواسطة جفت ضاغط بحيث يكون الجزء المراد إزالته فوق الجفت الضاغط لفترة 5-10 دقائق حتى نطمئن لعدم حدوث نزيف ثم يزال الجفت، وتوضع قطعة نظيفة من شاش الفازلين مع القطن تثبت فقط بواسطة الملابس الداخلية للطفلة، يمكن إزالة الشاش أو القطن بعد 4 ساعات ومتابعة نظافة الجرح في الأيام التالية بواسطة الماء والصابون أو الماء والملح.
5- في حالة حدوث نزيف من الجرح يضغط مرة أخرى بالجفت الضاغط أو توضع غرزة الكاتقط الناعم مكان النزيف، بشرط عدم ملاقاة طرفي الجرح مرة أخرى بأي حال، لا يحتاج الجرح لأي غيار أو مضادات حيوية من ناحية روتينية، في حالة ظهور التهابات يمكن معالجتها بواسطة المضادات الحيوية المعروفة) أ.هـ
وتقول الدكتورة مريم بنت إبراهيم هندي: (أما عن الكيفية الطبية لهذه العملية فقد وضحت فى بحث "عملية ختان الأنثى" على النحو التالي:
1- تستمر الجرعة المنومة حتى تصبح جرعة مخدر كاملة.
2- تطهير جراحي كامل.
3- مخدر الترشيح الموضعي بحيث يتم إعطاء 5 مل من المخدر الموضعي، ويتم إعطاء 3 مل منها بطريقة خاصة خلف العانة، والباقي يتم عن طريق الترشيح المباشر على الشفر الأصغر والبظر على كلا الجانبين.
4- يتم إمساك غرلة البظر عن طريق الجفت، ورفعه إلى أعلى لمعرفة الأجزاء التى تحتاج إلى القطع فوق سطح الشفر الأسفل، ويتم قطع هذه الأجزاء بمقص صغير أو مشرط.
5- يتم تأمين أماكن النزيف حتى تجف تماماً.
6- يتم تقريب حافة الجروح عن طريق خيط غرز رفيع.
7- الأجزاء التى يتم استئصالها هي: الأجزاء البارزة من البظر والأجزاء البارزة من الشفرين الصغيرين.
ثم وضح البحث أنه ربما يكون هناك حاجة إلى المخدرات البسيطة فى اليوم الأول بعد الجراحة ويكون الشفاء سريعاً وهادئاً، ويتم الشفاء فى خلال 3 - 4 أيام) أ.هـ
المبحث الرابع: قيام ذوي الخبرة بهذا العمل:
هناك أخطاء تحصل عند القيام بعملية "ختان الإناث" ممن يتصدر لها وهو قليل المعرفة بها، أو أنه يقوم بها بدون تطهير وتعقيم للأدوات أو غير ذلك، ولقد وجد خصوم "ختان الإناث" في هذه الأمور مدخلاً للنيل من ختان الإناث، حتى إنهم يصفونها في مقالاتهم بما ينفر عنها، وهذه الأخطاء ليس لهم فيها حجة في منع ختان الإناث، فمن استعمل الشيء الجميل بطريقة مخطئة فنقول له: أنت مخطئ، ولا نقول: إن هذا الشيء الجميل قبيح من أصله فهذا غلط، ولو فرضنا أن هناك من يستخدم المساجد لأغراض غير شرعية فنقول له: عملك هذا غلط، ولا يدفعنا هذا إلى أن نمنع الصلاة في المساجد أصلاً أو أن نغلقها، وكذلك من استخدم المنابر فنخطئه ولا نمنع كل الخطب من على المنابر فهذا غلط، وبهذا أيضاً نستطيع أن نرد على من يمنع من الحجاب أو النقاب بحجة وهي أن النقاب والحجاب قد استخدمه اليوم أشخاص في غير موضعه !!.
ونقول لهم: من استخدم السيارة في السرعة المدمرة فهل تمنعون من استخدام السيارات أم أنكم تعالجون الغلط فقط يا أيها المثقفون ؟!
قالت الباحثة الدكتورة صافيناز السعيد شلبي كما في "جريــدة العربـى الناصري" 25/ 11/ 1996: (إن الختان يجب أن يجرى قبل البلوغ مباشرة وبعد فحص طبي يبين ما إذا كانت البنت فى حاجة إلـى ختان أم لا وذلك للتأكيد على أن هناك حالات عديدة لا يلزم لهن إجراء عمليـة الختان لأن المقصود ليس ذبحا ودما فقط و إنا عملية تهذيب للأعضاء التناسلية الخارجية للحفاظ على صحة المرأة).
المبحث الخامس: شهادة منظمة الصحة العالمية وغيرها لهذا الختان بأنه لا يضر:
1- قد جاء في كتاب: "العادات التي تؤثر على صحة النساء والأطفال" الذي صدر عن "منظمة الصحة العالمية" في عام 1979م ما يأتي: (إن الخفاض الأصلي للإناث هو استئصال لقلفة البظر وشبيه بختان الذكور ويعرف بالسنة .. وهذا النوع لم تذكر له إي آثار ضارة علي الصحة) أ.هـ
وإنما سقنا شهادة منظمة الصحة العالمية حجة على من أنكر ختان الإناث من المهزومين، والذي لا يقبل إلا كلام الغربيين فقط، وأما نحن فيكفينا ما جاء في السنة واتفاق العلماء أن الختان في حق الفتيات مشروع بشروطه.
2- وقد نقل الدكتور منير فوزي "أستاذ النساء والتوليد بكلية الطب جامعة عين شمس سكرتير الجمعية المصرية للأخلاقيات الطبية" في مقالة له نشرها "موقع شبكة الإعلام العربية" جاء فيه: (إن عملية الختان لا تحتاج إليها كل الإناث ولا يتم اجراؤها لكل الفتيات، وإنما لمن يثبت احتياجها فقط لإجراء هذه العملية .. ويتبين ذلك بالكشف الطبي عن طريق الطبيب المسلم المؤتمن والمتخصص ذي الخبرة، ويتم هذا الكشف تحت مخدر عام مراعاة لحياء الفتاة .... وتؤكد المراجع الطبية أن هناك بعض الحالات يكون فيها من الضروري إزالة الأجزاء الزائدة عن طريق عملية تجميلية بسيطة MINOR PLASTIC SURGERY راجع مجلة التجميل العالمية المسماة " "PLAST RECONSTR SURG).
3- بعد أن نقلت الدكتورة ست البنات بنت خالد تقرير "منظمة الصحة العالمية" المتقدم قالت: (كما أنه في بعض الأحيان يمارس في "الولايات المتحدة الأمريكية" وبعض الدول الأخرى لمعالجة عدم حدوث هزة الارتواء الجنسي عند المرأة، وفي حالة زيادة حجم قلفة البظر أو ضيقها أو وجود التصاقات) أ.هـ
المبحث السادس: شهادة الأطباء والمتخصصين بأن ختان الإناث نافع ولا يستغنى عنه:
1- من ذلك تصريح الدكتورة ماجدة الشربيني "وكيل أول وزارة الصحة" في مصر والتي تؤكد فيه وجود حالات يتحتم فيها إجراء ختان الإناث لضرورة طبية ملحة للحماية من الالتهابات والمضاعفات وتقدر بـ 30% من الفتيات.
2- وذكر الدكتور منير فوزي أن الدكتورة سوسن الغزالي "أستاذ الصحة العامة والطب السلوكي بطب عين شمس ومديرة وحدة الطب السلوكي" قدمت بحثاً بتاريخ 27 سبتمبر سنة 1997م إلى "الندوة المصرية في أخلاقيات الممارسات البيولوجية" التي نظمتها "لجنة اليونسكو بجمهورية مصر العربية" وأكدت فيه عدم حدوث الأضرار المزعومة لختان الإناث الذي يلتزم به معظم المصريين، وأكدت ضرورة إجراء ختان الإناث تحت رعاية طبية أفضل بالمستشفيات الحكومية وبواسطة الأطباء لمن يرغب من الأهل.
3- وقد قال الدكتور في مقال نشره "موقع شبكة الإعلام العربية" جاء فيه:
(العلاج بعمليات التجميل البسيطة المماثلة للختان فى أمريكا وأوروبا:-
تقوم المراكز الطبية فى أمريكا وأوربا – منذ عشرات السنين وحتى اليوم – بالعلاج الجراحي للآلاف من هذه الحالات عن طريق عملية جراحية بسيطة MINOR تماثل تماماً الدرجة الأولى من ختان الإناث التي تسمى (بختان السنة) والتي تطبق فى مصر .. ولكن هذه العملية تصنف كعملية تجميلية AESTHETIC ويقوم بها أطباء جراحة التجميل وتسمى AESTHETIC LABIOPLASTY.
وقد أوردت هذه الحقيقة مجلة جراحة التجميل المسماة PLAST RECONSTR SURG حيث ربطت بين هذه العملية التجميلية وبين ختان السنة عند المسلمين فقالت بالحرف الواحد عند شرحها لهذه العملية (تاريخياً تجرى عملية ختان الإناث منذ قرون وحتى الآن فى الدول الاسلامية والعربية).
HISTORICALLY, FEMALE CIRCUMCISION HAS BEEN PRACTICED IN ISLAMIC ARABIC COUNTRIES FOR MANY CENTURIES AND IS STILL PRACTICED IN THESE COUNTRIES.
ومن الجدير بالذكر أن هناك العشرات من المراكز فى الولايات المتحدة الأمريكية المتخصصة فى إجراء هذه العملية التجميلية المماثلة لختان الإناث والتي يطلقون عليها اسم: (عملية تجميل الشفة الصغرى) AESTHETIC LABIOPLASTY وتدعو مواقع هذه المراكز على الانترنت النساء اللاتي يحتجن إلى هذه العملية من كافة أنحاء العالم إلى إجرائها داخل هذه المراكز الأمريكية.
ومن أشهر هذه المراكز مركز LABIOPLASTY SURGEON والذي يضم فروعاً كثيرة في أكبر الولايات الأمريكية مثل نيويورك وفلوريدا وتكساس وأريزونا وكاليفورنيا وغيرها.
كما تجرى هذه العمليات ذاتها فى المراكز المتخصصة فى الدول الأوربية مثل بريطانيا وفرنسا واسبانيا وايطاليا وغيرها .. وتحرص هذه المراكز على تطوير إجراء هذه العمليات التجميلية البسيطة وقد أشارت مجلة النساء والولادة العالمية عدد ابريل 2006 م إلى استخدام الليزر فى إجراء هذه العمليات LASER LABIOPLASTY ونشرت بحثاً أجري فى اسبانيا لعدد 55 حالة وتتراوح أعمار النساء بين 10 سنوات و55 سنة وتمت العمليات بنجاح وبدون مضاعفات تذكر وأدت إلى إزالة كافة المشاكل والمخاطر الناشئة عن الأجزاء الزائدة لدى هؤلاء النساء .
ومن الجدير بالذكر أن هذه المراكز تؤكد فى إعلاناتها عن هذه العمليات إنها – بالإضافة إلى إزالة المتاعب والمشاكل الصحية والنفسية الشديدة التي تحدث فى هذه الحالات – تكسب الوجه النضارة والشباب YOUTHFUL LOOK & YOUTHFUL APPEARANCE) أ.هـ
4- وأكد الدكتور سيد صبحي "أستاذ الصحة النفسية بطب القاهرة" أن مراعاة الأصول الشرعية فى إجراء الختان وعن طريق الأطباء لا ينشأ عنه أي مشاكل أو أضرار نفسية أو طبية.
وأغلب هذه النقولات هي من كتاب: "ختان الإناث" للدكتورة مريم بنت إبراهيم هندي.
5- وقالت الباحثــة الدكتورة صافيناز السعيد شلبي كما في "جريدة العربـى الناصري" 25/ 11/ 1996 وقد نشره "موقع موجي" تقول إنها أجرت الفحص علـى عينة من 100 حالة كلهن أجريت لهن عملية الختان، أكدت نتيجة البحث عدم وجود علاقة للختان بالآثار السلبية على النشاط الجنسي للمرأة سواء في عملية الرغبة أو الإشباع.
وقد ذكرت أن الدراســة كذلك دلت علـى أن إجراء الدرجة الأولى من الختان فقط يؤدى إلى تهذيب الأعضاء الخارجية التناسلية لمنع الإثارة المستمرة نتيجة الاحتكاك، وكذلك منع الالتهابات.
وقالت: إنها قابلت أكثر من عشر حالات طلبن إجراء عملية الختان قبل زواجهن مباشرة، وكذلك بعض الحالات التي أجريت لهن عملية الختان بعد الزواج بسبب الطول الزائد للبظر.

المبحث السابع: شهادة أهل هذا الشأن:
وأما من منع من الأطباء من ختان الإناث فإنه لا يستند إلى حجة علمية مقبولة لا شرعاً ولا طباً، وأما دعواهم أن ختان الإناث ضار على الفتاة طبياً ونفسياً واجتماعياً وغير ذلك، فإنها دعوى معارضة بشهادة الأطباء أنفسهم وغيرهم وهم من أهل الاختصاص أيضاً، وقد أحسن الشيخ علام نصار بك مفتي مصر في وقته فى الرد على معارضي الختان الذين قالوا: إنه يسبب أضراراً بالمرأة حيث قال رداً عليهم: (وأما آراء الأطباء مما نشر فى مجلة الدكتور وغيرها عن مضار ختان الأنثى، فإنها آراء فردية لا تستند إلى أساس علمي متفق عليه، ولم تصبح نظرية مقررة).
1- من هؤلاء الأستاذ الدكتور حامد زهران "أستاذ الصحة النفسية بتربية عين شمس" حيث أكد أن الختان عملية تجميلية بسيطة سواء للذكر أو للأنثى، وأنها أمور شخصية بحتة لا يحق لأحد إلغاؤها بين يوم وليلة بقرار.
2- ومنهم الدكتور فكرى عبد العزيز "استشاري الطب النفسي" الذى أكد أنه لم يسمع عن حالة برود جنسى نتيجة ختان الإناث، كما أنه مع كثرة الإنجاب لا يمكن اتهام ختان الإناث بإحداث العقم أو التعارض مع الإنجاب.
3- وأكد الدكتور سيد صبحي "أستاذ الصحة النفسية بطب القاهرة" أن مراعاة الأصول الشرعية فى إجراء الختان وعن طريق الأطباء لا ينشأ عنه أي مشاكل أو أضرار نفسية أو طبية.
4- كما أكد الدكتور أحمد المجدوب "المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية" أن الأمهات أنفسهن يحرصن بشدة على إجراء الختان لبناتهن، وهذا وحده يؤكد أهمية وضرورة ختان الإناث.
5- كما أكد الدكتور صلاح الغول "أستاذ علم الاجتماع" أن الختان ضرورة وخاصة فى العصر الحالي للمحافظة على الحرمات والفضيلة.
المبحث الثامن: لا تقبل شهادة من عارض الأحاديث:
من وافق الأحاديث من الأطباء فكلامه مقبول، وأما من عارضه من الأطباء فكلامه مطروح لا قيمة له، إذ كيف نقبل كلام طبيب بنى كلامه على تجربة خاصة لها ظروف خاصة في الوقت الذي يكون هذا على حساب أحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم ؟!
وقد شن الغرب حرباً على ختان الذكور قبل ذلك وهم اليوم يرجعون عنه، ففي عام 1990م كتب "البروفسور ويزويل" في مجلة Amer.Famil J . Physician)) يقول: (لقد كنت من أشد أعداء الختان وشاركت في الجهود التي بذلت عام 1975م ضد إجرائه، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، و بعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود).
فهؤلاء يقولون القول اليوم ويرجعون عنه غداً، فإلى أمثال من تأثر بهؤلاء أسوق كلام ابن القيم حيث قال رحمه الله في "زاد المعاد": (وقد تقدم أن طب الأطباء بالنسبة إلى طب الأنبياء أقل من نسبة طب الطرقية والعجائز إلى طب الأطباء، وأن بين ما يلقى بالوحي وبين ما يلقى بالتجربة والقياس من الفرق أعظم مما بين القدم والفرق.
ولو أن هؤلاء الجهال وجدوا دواء منصوصاً عن بعض اليهود والنصارى والمشركين من الأطباء، لتلقوه بالقبول والتسليم، ولم يتوقفوا على تجربته) أ.هـ
الفصل الثاني: أدلة ختان الإناث:
المبحث الأول: تمهيد:
والأدلة على مشروعية ختان الإناث السنة وإجماع العلماء بل إجماع المسلمين، حيث لم يختلفوا في المشروعية وإنما اختلفوا في الوجوب.
وننقل هنا اختصاراً لاختلاف العلماء في حكم ختان الذكر والأنثى من بحث لبعض الإخوة مع تصرف يسير يناسب المقام، فنقول وبالله التوفيق: قد اختلفوا في حكم الختان عموماً على ثلاثة أقوال:
القول الأول: وهو إيجاب ختان الذكر والأنثى على حد سواء، وإليه ذهب الشافعية والحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (21/114) وتلميذه ابن قيم الجوزية، والقاضي أبي بكر بن العربي من المالكية رحمهم الله جميعاً.
قال النووي رحمه الله في "المجموع": (الختان واجب على الرجال و النساء عندنا، وبه قال كثيرون من السلف كذا حكاه الخطابي، و ممن أوجبه أحمد ... والمذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه الشافعي رحمه الله وقطع به الجمهور أنه واجب على الرجال والنساء).
القول الثاني: وهو أن الختان سنة في حق الذكر والأنثى على حد سواء، و هو مذهب الحسن البصري، وإليه ذهب الحنفية، ومالك وهو رواية عن أحمد، واختاره الشوكاني حيث قال رحمه الله في "نيل الأوطار": (والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب، والمتيقن السنة والواجب الوقوف على المتيقن إلى أن يقوم ما يوجب الانتقال عنه).
القول الثالث: وهو أن الختان واجب متعين على الذكور، مكرمة مستحبة للنساء، و هو قول ثالث للإمام أحمد، و إليه ذهب بعض المالكية كسحنون، واختاره الموفق ابن قدامة في "المغني" وهو الصحيح.
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله في "المغني": (1/ 63): (فأما الختان فواجب على الرجال ومكرمة في حق النساء، و ليس بواجب عليهن، هذا قول كثير من أهل العلم).
المبحث الثاني: أدلة ختان الأنثى:
أولاً: السنة:
وأدلة ختان الإناث على قسمين:
القسم الأول: أدلة فيها عموم تشمل الذكر والأنثى، والقسم الثاني: أدلة مختصة بالإناث، ونحن سنتعرض للنوعين بقدر الاستطاعة.
الأدلة العامة:
1- في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الآباط).
وهذا عام في حق الرجال والنساء.
2- كان الختان موجوداً قبل الإسلام فأقره الإسلام ولم ينكره ولم ينه عنه، فدل على مشروعيته للرجال والنساء.
الأدلة الخاصة: فمن هذه الأدلة:
1- ما جاء في "صحيح مسلم" من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل).
وفي رواية الترمذي في "سننه" وغيره: (إذا التقى الختانان).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري": (المراد بهذه التثنية ختان الرجل والمرأة).
2- ما رواه أبو داود والطبراني في "الأوسط" والبيهقي في "الشعب" عن أم عطية الأنصارية أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل)، وفي رواية: ( أشمي ولا تنهكي).
والإشمام: أخذ اليسير في الختان، والنهك: المبالغة في القطع.
والحديث صححه العلامة الألباني رحمه الله في "صحيح أبي داود"، وله طرق أخرى تقويه ذكرها في "السلسلة الصحيحة" برقم: (921).
قال الشيخ الألباني رحمه الله رحمة واسعة: (وأقول مجيء الحديث من طرق متعددة ومخارج متباينة لا يبعد أن يعطى ذلك الحديث قوة يرتقى بها إلى درجة الحسن لاسيما وقد حسن الطريق الأولى الهيثمي كما سبق والله أعلم) أ.هـ
ثانياً: الإجماع:
وقد اتفق المسلمون قاطبة على مشروعية ختان الإناث ولم ينكره أحد منهم على أن الخلاف بينهم فيه إنما هو في الوجوب والندب، فقد ذهب إلى وجوب ختان النساء الشافعية والحنابلة في المشهور من مذهبهم، وجماهير أهل العلم على أنه ليس بواجب، وإنما هو سنة ومكرمة في حقهن كما تقدم.
الفصل الثالث: فوائد الختان:
المبحث الأول: أسباب ختان الإناث:
هذا المبحث استفدناه من بحث الأخت الدكتورة ست البنات بنت خالد، وقد دافعت عن هذه الشرعة بما تشكر عليه وجزاؤها عند الله، وننقل من بحثها ما يزيد موضوعنا قوة مع زيادة تناسب المقام، فنقول وبالله التوفيق: لجراحة الختان أسباب أهمها:
أسباب عضوية:
1- حجم القلفة وزيادة طولها.
2- وجود التهابات بينها وبين البظر مما يؤدي إلى شدة حساسية البظر والألم عند لمسه.
3- تراكم اللخن مما يزيد من تكاثر البكتريا والتهابات الجهاز البولي الصاعد.
قال ابن منظور رحمه الله في مادة "لخن": (اللخن قبح ريح الفرْج، وامرأة لخناء، واللخناء التي لم تختن، وفي حديث عمر: يا ابن اللخناء، هي التي لم تختن، وقيل اللخن النتن).
قال الدكتور حامد الغوابى: (أما عن الإفرازات الدهنية التي ذكرتها فهذه حقيقة لاشك فيها، ونحن أطباء أمراض النساء نعلم أكثر من غيرنا، هذه الحقيقة والتي لا علاج لها إلا بقطع الشفرين الصغيرين فمهما توالت النظافة فسيبقى أثر لهذه الرائحة).
قال الدكتورة مريم بنت إبراهيم هندي في كتابها: (ختان الإناث):
(يضاف إلى هذا أنني قد سألت فعلاً بعض من لم يختتن فأخبرنني أنهن يجدن معاناة شديدة فى تنظيف هذا المكان، فإذا كان الختان يريح المرأة طوال عمرها من المعاناة فى تنظيف هذا المكان فإن تحمل ألم الختان فى زمن قليل أخف بكثير جداً من هذه المعاناة طوال العمر).
وقد ثبت أن في اللخن smegma مادة تسبب السرطان، وأشارت الدراسات الحديثة إلى أن هذه المادة هي فيروس يدعى papillovirus وقد تمكن الباحثون من عزل هذا الفيروس من المرضي المصابين بسرطان القضيب ومن المصابات بسرطان الفرج وسرطان عنق الرحم.
4- الالتصاقات التي تحدث نتيجة لهذه الالتهابات، والتي تؤدي إلى قفل المجرى البولي والتناسلي خاصة في الأطفال قبل سن البلوغ وفي مرحلة الكبر في سن اليأس (نسبة لقلة هرمون الإستروجين).
أسباب جنسية:
1- قلة الإرتواء الجنسي نسبة لضيق القلفة للالتصاقات أو كبر حجمها، وبعد البظر إلى داخل الجسم.
2- شدة الشبق الجنسي نتيجة للالتصاقات وكثرة الاحتكاك بالمنطقة وملامستها.
أسباب نفسية:
البرود الجنسي، الهستريا، التبول اللاإرادي، بعض حالات الاكتئاب النفسي، حالة اللمفومينيا.
التكوين الجنيني للجهاز التناسلي:
إذا رجعنا إلى تكوين الجنين داخل رحم الأم نجد أنه في الفترة قبل 8 أسابيع يكون مصدر تكون الأعضاء التناسلية واحد في الذكر والأنثى ثم يكون متطابقاً تماماً من 8-10 أسابيع، وبعدها يبدأ تحور جهاز الذكر تحت تأثير بعض هرمونات الحمل وهرمون الذكور، وتستمر الأنثى على نفس الشكل الأولي، وبعد الأسبوع 12 يمكن التمييز الكامل للذكر والأنثى، ولكن هناك تطابق واضح بين الجنسين في الجهاز التناسلي الخارجي، حيث يكون كيس الصفن والجلد الذي يغطي جسم القضيب مقابل للشفرين الكبيرين، والجزء الأمامي من المجرى البولي التناسلي للذكر هو الشفرين الصغيرين والقضيب وقلفته هو البظر وقلفته، ومجرى البول في الإناث هو ما يقابل الجزء من مجرى البول الذي يمر بغدة البروستاتا، وبالتالي ما يعرف بـ(الإسكيني تيوبيولز) التي تفتح في المجرى البولي للأنثى وتقابل غدة البروستاتا في الذكر، بينما تقابل غدة بارسولين في الأنثى الموجودة داخل الشفرين الخارجيين غدة كوبرز في الذكر والتي تفتح في القناة البولية التناسلية.
أما النطف التي تنتج من الخصيتين والمبيضين فإن أصلها الجنيني يجيء من منطقة الحدبة التناسلية التي تقع ما بين العمود الفقري والأضلاع في منطقة صدر الجنين (الصلب والترائب) ثم تنزل إلى أسفل البطن وأكياس الصفن.
المبحث الثاني: فوائد ختان الإناث:
لقد جمعت ما استطعت أن أجمعه من كلام العلماء والأطباء ممن علل ختان الإناث وذكر شيئاً من فوائده ومنافعه مع أشياء أخرى زدتها غير مذكورة في رسائلهم، وذكرتها مرتبة بدون عزو لأصحابها وسأعزو إليهم في آخر هذا المبحث، فمن ذلك:
1- التعبد لله تعالى، وقد قال ابن القيم في "تحفة المودود": (فما ينكر أن يكون قطع هذا الطرف علماً على عبودية صاحبه لله سبحانه حتى يعرف الناس أنه من كان كذلك كان من عبيد الله الحنفاء، فيكون الختان علماً لهذه النسبة التي لا أشرف منها مع ما فيه من الطهارة والنظافة والزينة وتعديل الشهوة).
2- اتباع ملة إبراهيم حنيفاً فيكون هذا المختون على الفطرة الحنيفية، وقد قال ابن القيم في "تحفة المودود": (وقال غير واحد من السلف: من صلى وحج واختتن فهو حنيف، فالحج والختان شعار الحنيفة، وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها).
وفي حكمة الختان يقول ابن القيم: (فشرع الله للختان صيغة الحنيفية وجعل ميسمها الختان.. هذا عدا ما في الختان من الطهارة والنظافة والتزين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، فالختان يعدلها ولهذا تجد الأقلف من الرجال والقلفاء من النسا لا يشبع من الجماع، والحكمة التي ذكرناها في الختان تعم الذكر والأنثى وإن كانت في الذكر أبين).
3- الطهارة والنظافة من اللخن وما يؤدي إليه، وهذا يؤدي إلى انخفاض في معدل الالتهابات البولية والتناسلية، وقد رأيت ما في كلام ابن القيم المتقدم، وقد قال ابن القيم أيضاً في الكتاب نفسه:
(وقد اشتركت خصال الفطرة فى الطهارة والنظافة وأخذ الفضلات المستقذرة التي يألفها الشيطان، ويجاورها من بني آدم، وله بالغرلة اتصال واختصاص).
4- ذهاب الغلمة والشبق وهي شدة الشهوة التي تؤدي للانشغال بها، وتعديل الشهوة عند المختونين من الرجال والنساء كما تقدم في كلام ابن القيم، ولهذا يقال في المنابذة: يا ابن الغلفاء أي: غير المختونة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "إقامة الدليل" وكما في "مجموع الفتاوى" (12/114): (ولهذا يقال في المشاتمة يا ابن القلفاء، فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر، ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتار ونساء الفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين، وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة، فلا يكمل مقصود الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود بالاعتدال، والله أعلم) أ.هـ
5- منع الروائح الكريهة الناتجة عن تراكم اللخن تحت القلفة.
6- انخفاض معدل التهابات المجاري التناسلية.
8- انخفاض معدل التهابات المجاري البولية، وفي عام 1990 كتب "البروفيسور ويزويل": (لقد كنت من اشد أعداء الختان و شاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين، و بعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود) أ.هـ وقد تقدمت الإشارة إلى كلامه.
وجد "جـنز برغ" أن 95% من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين، ويؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجري لكل مولود في الولايات المتحدة منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة والكلية سنوياً عند الأطفال.
9- إيجاد البديل المناسب عن الختان الفرعوني، وهو أحد الحلول للتخلص منه.
10- ومن فوائد الختان منعه من ظهور تضخم البظر أو ما يسمى بإنعاظ النساء، وهو إنعاظ متكرر أو مؤلم مستمر للبظر، كما يمنع ما يسمى نوبة البظر وهو تهيج عند النساء المصابات بالضنى يرافقه تخبط بالحركة وغلمة شديدة وهو معند على المعالجة.
11- الوقاية من السرطان، قالت الدكتورة مريم بنت إبراهيم هندي: (وقد ذكر الدكتور منير محمد فوزي والدكتور حاتم سعد شلبي، والدكتور عادل حسن عبد الفتاح، والدكتور يحيى زايد فى بحث لهم أن المسلمات أقل النساء إصابة بسرطان الفرج بسبب الختان وإزالة شعر العانة من خلال بعض المراجع الطبية الأجنبية والعربية).
وللمزيد انظر: رسالة الدكتور محمد علي البار في "ختان الإناث" وهو صاحب بحوث نافعة، ورسالة الدكتورة ست البنات، ورسالة الدكتور مريم بنت إبراهيم هندي.
المبحث الثالث: أضرار ترك ختان الإناث:
يقول الدكتور منير فوزي في المقال المشار إليه: (فى حالة وجود أجزاء زائدة عند بعض الإناث فإن ذلك يسبب العديد من الأضرار والمشاكل الطبية والتي تسجلها المراجع العالمية الأمريكية والأوربية فى جراحة التجميل ومراجع النساء والولادة، وأهم هذه الأضرار والمشاكل الطبية ما يلي:-
أ- الالتهابات المزمنة بسبب صعوبة تنظيف ما تحت الأجزاء الزائدة INFLAMMATION & POOR HYGIENE وذلك بسبب الطبيعة الخاصة لهذه المنطقة التي تكثر بها الغدد العرقية والدهنية وتعتبر وسطاً ملائماً لتكاثر البكتريا والفطريات.
ب- التأثيرات الجنسية الجامحة فى بعض الحالات وكذلك الاضطرابات النفسية والعصبية بسبب الإحساس الدائم والمستمر بالأجزاء الزائدة SELF CONSCIOUSNESS" SEXUALLY" كما أن هذه الأجزاء الزائدة فى بعض الحالات تصبح مصدر قلق وإحراج وتؤثر على ثقة المرأة بنفسها ونظرتها لنفسها كأنثى.
ج- المشاكل فى العلاقة الزوجية لكل من الزوج والزوجة.
INTERFERENCE WITH SEXUAL INTERCOURSE & ENTRY DYSPAREUNIA.
د- فى الحالات الشديدة تحدث الآلام والمتاعب DISCOMFORT بتأثير الملابس الداخلية PANTS والحركة أو التمرينات EXERCISE .. بل وفى بعض الأحيان تحدث المتاعب والآلام بمجرد المشي أو الجلوس مما يعوق النشاط اليومي الطبيعي.
الفصل الرابع: الفرق بين الختان الشرعي والختان الفرعوني:
المبحث الأول: أقسام ختان الإناث:
يقول الدكتور منير فوزي في المقال المشار إليه: (كما ورد فى كتاب "ختان الإناث" ... عــام 1965م) إلى أربع درجات وهي:-
الدرجة الأولى والثانية: ويطلق عليها فى المراجع العالمية ذاتها اسم ختان السنة SUNNA CIRCUMCISION (راجع تعريف JORDON بمجلة الولادة البريطانية عدد فبراير 1994 الجزء 101 صفحة 95) وهاتان الدرجتان لا ينشىء عنهما أية أضرار وتمثل الدرجة الأولى معظم الحالات التي تطبق فى مصر على حين لا تحتاج إلى الدرجة الثانية سوى نسبة قليلة من الحالات .. ويتم فى ختان السنة بدرجتيه إزالة الأجزاء الزائدة فقط دون إنهاك.
الدرجة الثالثة والرابعة: ولا تجرى هاتان الدرجتان من الختان فى مصر على الإطلاق وإنما فى بعض البلاد الإفريقية .. وهي التي يمكن أن يطلق عليها اسم التشويه الجنسي للإناث FEMALE GENITAL MUTILATION حيث يتم فيها إزالة اغلب الأنسجة فى منطقة الختان وضم هذه الأجزاء بعضها ببعض بالخيوط الجراحية .. ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع يخالف ختان السنة الذى سبق الإشارة إليه .. إذ انه يمثل إنهاكا ينهى عنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف " اخفضي ولا تنهكي") أ.هـ
المبحث الثاني: الفرق بين الختان المشروع والختان الفرعوني:
الختان الشرعي هو ما تقدم ذكره وتعريفه في الفصل الأول، وأما الختان الفرعوني فهو ما يستأصل فيه البظر كله، وهو منتشر في بعض البلاد ولاسيما الإفريقية منها، وهذا النوع من الختان مخالف للسنة، وقد يترتب عليه كثير من الأضرار النفسية والبدنية بالنسبة للفتاة، وهذا الختان مخالف للسنة، وتحذر منه كثيراً منظمات الصحة والمؤسسات التي تعنى بالرعاية الاجتماعية.
قال الماوردي في "الحاوي": (وأما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل كالنواة، ويؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها).
قال الدكتور محمد علي البار معلقاً على هذا: (هذا هو الختان الذي أمر به المصطفى، وأما ما يتم في مناطق كثيرة من العالم ومنه بعض بلاد المسلمين مثل الصومال والسودان وأرياف مصر من أخذ البظر بأكمله، أو أخذ البظر والشفرين الصغيرين، أو أخذ ذلك كله مع أخذ الشفرين الكبيرين فهو مخالف للسنة ويؤدي إلى مضاعفات كثيرة، وهو الختان المعروف باسم الختان الفرعوني، وهو على وصفه لا علاقة له بالختان الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم) أ.هـ
والختان الفرعوني فهو حرام، ويكفيه سوء نسبته إلى أئمة الكفر وهم الفراعنة وإلى ملة وثنية، أضف إلى ذلك الأضرار الكبيرة والتي منها: إعدام الشهوة عند المرأة، وعدم تحقيق المقصود للزوج، وما يحصل لها من مخاطر الولادة والنزيف، وما يكون فيه من تغيير لخلق الله وغير ذلك.
الفصل الخامس: المحاربون للختان:
تمهيد:
لقد شغل هؤلاء الناس أنفسهم بمحاربة الختان بصورة غريبة ومكثفة، ولما رأى أحد عوام المصريين هذه الضجة في بعض المواقع ذكر تعليقاً طريفاً فقال: (والله أنا حاسس بعد كده سوف يكون هناك وزارة تسمى وزارة الختان) !!.
وكلنا نعرف مدى الحرب التي يقوم بها أعداء الإسلام، وعليه فأقول: إن ههنا قاعدة عظيمة نافعة يحتاج إليها كثير من المسلمين، وهي: أن ما ينقله أعداء الإسلام من نقولات طبية أو فلكية أو غيرها، وهي مصادمة لشرع الله ولكتاب الله ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بصورة مباشرة أو غير مباشرة فإن الأصل في ذلك أنه مردود عليهم وأننا لا نأمن أن يكون من دسهم وتعمدهم لغرض تشكيكنا في ديننا.
المبحث الأول: دوافع المنكرين لختان الإناث:
المتحاملون على الختان المشروع ثلاثة أنواع من الناس:
أحدهم: من يخلط بين الختان السني والفرعوني، ولم يعرف الفرق بين النوعين فهذا دخل عليه الخلل من جهل بالفرق بين النوعين، كبعض أطباء أمراض النساء والتوليد.
وهناك صنف آخر يلحق بهؤلاء المخلطون وهم الجهلة من أمثال الصحفيين ومن جرى مجراهم، وما أجهل الصحفيين في علوم الشريعة فيا ليتهم عرفوا قدر أنفسهم فأراحوا واستراحوا، فقد قرأت مقالاً في "موقع نبأ نيوز" بعنوان: (اليوم الدولي لمكافحة ختان الإناث في اليمن) ذكرت فيه أشياء منها ما يشير إلى أنهم بدأوا يتوجهون إلى حرب هذه الشعائر فنسأل الله أن يكفينا شرهم كيف شاء وبما شاء.
والثاني: من وجد في التحامل على ختان الإناث فرصة ليثبت للناس أنه معتدل وليس متطرفاً:
1- ومن هؤلاء حزب "الإخوان المسلمين" في عدن، والمتمثل بحزب الإصلاح هداهم الله - قبل أشهر يسيرة - بالتعاون مع منظمة "اليونسيف" أو غيرها من المنظمات، بعمل مهرجان – على حسب تعبيرهم – لمحاربة هذا الختان في "عدن كريتر"، ورأيت بنفسي الخرق المعلقة بالجدران والتي فيها اشتراك الإصلاحيين مع هذه المنظمات: فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فهذه والله مصيبة أن يتعاون هؤلاء الناس مع مثل أعداء الإسلام لضرب الشريعة من الداخل، وقد وجدت هذا منشوراً في "موقعهم جمعية الإصلاح الخيرية" بصراحة تامة مع صور لبعض مسئوليها مع نساء غربيات سافرات، وهذه ليست أول مرة يقف "الإخوان المسلمون" مع المخالفين للشريعة والمحاربين لها، فقد وقفوا من قبل مع الذين ينادون بمساواة الرجل للمرأة في الدية، ووقفوا مع من ينادي برياضة المرأة على الإطلاق، وهم اليوم يقفون مع الحزب الاشتراكي اليمني بل ويتعاطفون مع الروافض الحوثيين، وأشياء أخرى لا أذكرها الآن وهي كثيرة.
2- ومن هؤلاء القرضاوي فقد نشر "موقع مصراوي" مقالاً جاء فيه: (القرضاوي يعارض ختان الإناث ويصفه بأنه من عمل الشيطان) وجاء فيه: (أصدر الدكتور يوسف القرضاوي فتوى يؤكد فيها أن ختان الإناث الذي تمارسه بعض الدول الاسلامية وفي مقدمتها مصر والسودان غير جائز بناء على الدراسات العلمية من المتخصصين والعلماء الذين أكدوا أن الختان يلحق ضرراً جسدياً ونفسيا بالإناث، كما يؤثر على مستقبل حياتهن الزوجية.
وأكد القرضاوي على موقعه على شبكة الانترنت أن ختان الإناث أو خفضها بالطريقة التي يجري بها الآن وبغير مسوغ يوجبه أمر غير مسموح به، ومحظور شرعاً كما يدخل ضمن باب أنه تغيير فى خلق الله الذي هو من عمل الشيطان كما أنه لا يوجد أي إذن من الله به.
وذكر الموقع أنه يقول: إنه قرر مخالفة من سبقوه من علماء وفقهاء المسلمين في قضية ختان الإناث لمنع الضرر وسد الذريعة التي تؤدي إلى الفساد مضيفا أن العلماء والفقهاء الذين سبقوه أفتوا بضرورة ختان الأنثى لأن عصرهم لم يعطهم من المعلومات والإحصاءات ما أعطانا العصر الحالي من المعلومات.
وأشار أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال، قائلاً: لو أن الفقهاء السابقين ظهر لهم ما ظهر لنا لغيروا أرائهم خاصة وإنهم كانوا يدورون مع الحق حيث دار) أ.هـ
أقول: هذا هو القرضاوي فمن لم يعرفه فليعرفه الآن، ولو جئنا نناقشه لقال: أعني بقولي: (غير جائز) الختان الفرعوني وليس الختان الشرعي فقد قلت: (ختان الإناث الذي تمارسه بعض الدول الاسلامية وفي مقدمتها مصر والسودان) فهذا الذي أعنيه !! مع أن في بداية المقال: (القرضاوي يعارض ختان الإناث) هكذا على الإطلاق، فإما أن الرجل جاهل بأصول الفتوى وهذا بعيد، وإما أن الرجل مغالط وهذا هو الصواب، فالقرضاوي مشهور بهذه الطريقة، وهل هذه طريقة العلماء في الفتوى يا "رئيس الاتحاد العالمي للعلماء" والذي يضم معه الروافض والصوفية والأشاعرة وغيرهم ؟!
وأهل العلم قد انتهوا من الكلام في مثل القرضاوي فحاله معروف والحمد لله، لكن النقاش مع أمثال السروريين ومن جرى مجراهم فأقول لهم: ما هو موقفكم من مثل هذا الكلام لماذا لا نسمع لكم أي إنكار على مثل هذا الرجل مع كثرة انحرافاته وتلاعبه بالشريعة ؟! وأنتم الذين إذا سمعتم بعالم من علماء أهل السنة ينتقد مبطلاً من المبطلين أقمتم الدنيا وأقعدتموها تزعمون - كذباً - الدفاع عن الاعراض، فلماذا لا تدافعون عن الإسلام من مثل القرضاوي فهو أولى لكم من الدفاع عن هذه الأعراض ؟!
وأسأل الله أن ييسر فرصة للرد على القرضاوي ومن يستدل بمثل قول الفقهاء: (الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان).
والثالث: من هو متحامل على ختان الإناث لحقد في نفسه على الإسلام، وقد وجد هذا سلماً للطعن في الإسلام ونبي الإسلام، كالمنظمات المدعومة بواسطة المنظمات الكنسية العالمية:
ولهم مقصدان اثنان أحدهما: التشويه بالاسلام ونبي الاسلام صلى الله عليه وسلم، والثاني: فتح الباب على مصراعيه للغرائز الجنسية، فإذا كانوا يمنعون من ختان الفتاة ويمنعون من زواجها مبكراً، وفي الوقت نفسه يقذفون بالآلاف من الأفلام الجنسية من خلال القنوات والمواقع الخليعة، فما هي النتيجة المتوقعة بالله عليكم ؟!
ولك أن تتصور ما هي الفائدة التي تعود على قناة مثل "قناة سي إن0إن" الأمريكية - وهي قناة عالمية - في عرضها فيلماً فيه عملية ختان لحلاق يختن فتاة صغيرة ؟!
يقول الدكتور سالم نجم "أمين عام نقابة الأطباء": (إن الادعاءات بأن ختان الإناث يؤدى إلى موت الغريزة الجنسية كذب، وإنما هذا كلام الغرب الذى يدعو إلى الإباحية).
وإليك علامات القلق الأوروبي والأمريكي من الختان في الدول العربية ومنها مصر، فقد صدر قانون في مصر بمنع ختان الإناث، ثم ألغي هذا القانون بعد مدة بعد أن كثرت عليه الاعتراضات، فماذا كان الرد من هؤلاء ؟!
جاء فى "جريدة الأهرام" الصادرة فى 27/6/1997م هذا العنوان: (الخارجية الأمريكية تطالب بإعادة الحظر على عمليات ختان الإناث)، وفي "جريدة الأهرام" الصادرة فى 12/8/1997م جاء هذا العنوان: (الأمم المتحدة تعرب عن استيائها من الحكم بإعادة ترخيص ختان الإناث)، وفى "جريدة الأخبار" الصادرة فى 12/8/1997م: (صندوق الأمم المتحدة يكافح ختان الإناث)، وفي "جريدة الأحرار" الصادرة فى 4/10/1997م: (الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي منزعجون جداً من إلغاء القضاء لقرار حظر الختان)، وجاء فى "صوت الأمة" 23/9/2002م هذا العنوان: (إيطاليا تدفع 13 مليون يورو لمنع الختان فى مصر)، ومما جاء تحت هذا العنوان أن هيئة "إيدوس" تقدم 13 ألف يورو لإنشاء موقع على الإنترنت يعرض كافة أشكال التوعية بخطورة إجراء الختان وما يسببه من أضرار على صحة الطفلة فى مراحل عمرها المختلفة مع التأكيد على أن هذه العادة ليس لها أي أساس ديني يرتكز عليه).
وتأمل في قول هذه المنظمة: (يعرض كافة أشكال التوعية بخطورة إجراء الختان) وأنه (ليس لها أي أساس ديني يرتكز عليه) !!
فإيطاليا النصرانية تريد أن تعلم المسلمين أمور دينهم !! فما شاء الله، وبلغ الأمر بـ "صحيفة واشنطن بوست": (أنها تدعو الكونجرس الأمريكي لتخفيض المعونة لمصر إذا استمر ختان البنات) !!
أيها المسلم: هل سمعت شيئاً من هذه الأصوات أو قرأت شيئاً من هذه الجرائد في أثناء الحرب على غزة قبل أشهر ؟! وهل رأيت أحداً من هذه الدول تتحرك ؟!
لقد بخلت كثير من وسائل الإعلام الغربية ولاسيما الأوروبية والأمريكية حتى في نقل هذه الجرائم للناس في الغرب، تلك الجرائم التي لم يعرف لها التاريخ نظيراً، وبقيت صامتة طوال فترة الحرب، بل صامتة لأكثر من نصف قرن، لأنهم يرون أن من جهر بانتقاد أفعال اليهود فقد ارتكب جريمة في حق الجنس السامي، وهذه الجريمة يعاقب عليها القانون !!
دماء سفكت وأرواح أزهقت وأبدان مزقت وبيوت هدمت وأسر كثيرة شردت فما حركوا ساكناً، ثم إذا بالخارجية الأمريكية برمتها تغضب لختان الفتاة !! فواعجباً.
المبحث الثاني: أهذه هي حرية ممارسة العقيدة ؟!
في الوقت الذي تتبجح هذه المنظمات بالمناداة بحرية ممارسة العقيدة نراها تشن حرباً ضروساً على ختان الإناث، وتشوه به لتشكيك المسلم في عقيدته ونبيه صلى الله عليه وسلم.
وفي جريدة "الأحرار" الصادرة فى 4/10/1997م: (الخارجية الأمريكية والأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي منزعجون جداً من إلغاء القضاء لقرار حظر الختان).
وفي "أخبار اليوم" المصرية الصادرة فى 30/8/1997م جاء هذا المقال: (بسبب الختان - فتحي سرور ينتقد قرار البرلمان الأوروبي:
أصدر البرلمان الأوروبي قراراً يدين فيه حكم مجلس الدولة الصادر بشأن الختان ورداً على هذا القرار أرسل الدكتور أحمد فتحي سرور "رئيس مجلس الشعب" إلى رئيس البرلمان الأوروبي خطاباً يشير فيه إلى أن هذه الإدانة لا تتفق مع ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشأن استقلال القضاء، وهو ما أكدته أيضاً الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وأضاف فى رده أنه وإن كان يجوز التعليق على الأحكام من الناحية الفنية فإنه لا يجوز إدانتها سياسياً، وأكد أن حكم مجلس الدولة المشار إليه لم يتطرق لإباحة الختان وإنما ألغى قرار وزير الصحة لأسباب إجرائية).
المبحث الثالث: أين أنتم من المعتدين الحقيقيين ؟!:
1- لا ندري لماذا لا تنظر هذه المنظمات إلى المسلمين الذين يقتلون على أيدي النصارى في أندونيسيا وغيرها، وعلى أيدي السيخ في الهند.
2- ولا ندري لماذا لم تنظر هذه المنظمات إلى جرائم اليهود طوال نصف قرن وأكثر، ولقد بقيت صامتة طوال هذه الفترة رغم الدماء التي سفكت والأرواح التي أزهقت والأبدان التي مزقت والبيوت التي هدمت والأسر الكثيرة التي شردت فلماذا لم نرهم يحركوا ساكناً ؟!!
3- ولا ندري لماذا لا تنظر هذه المنظمات إلى أحوال المسلمين في سجون "جوانتامو" وما شاكلها، والتي يحصل فيها من التعذيب ما لا يتوقعه إنسان وكل ذلك باسم أكذوبة أمريكا "محاربة الإرهاب".
4- ولا ندري لماذا لا تنظر هذه المنظمات إلى كثرة حالات الإجهاض في البلاد العربية والتي يشرف عليها كثير من الأطباء والذين هم من التجار والسماسرة في نفس الوقت لهذه المنظمات نفسها ؟! دون أن يكون هناك سبب شرعي لهذا الإجهاض كالضرر على الأم ونحوه، وغاية ما هنالك خوف الفتاة من فضيحة الزنى أو أسباب أخرى، بل إن هناك أجنحة خاصة في بعض المراقص الليلية لإسقاط هذه الأجنة فأين تعظيم هذه النفوس ؟! وأين دوركم يا أيها الفصحاء ؟!
إلى غير ذلك من صور البؤس التي يعيشها المسلمون فلا نرى هذه المنظمات تتحرك خطوة واحدة لترفع عنهم شيئاً – ولو يسيراً – من هذا البؤس، في الوقت الذي تمثل علينا أنها تغار على حقوق الإنسان في ختان الإناث !!.
السادس: خلاصة هذه المباحث:
1- أن ختان مشروع، لأدلة السنة وإجماع المسلمين عليها، وليس لإجماع العلماء خاصة.
2- أن ختان الإناث قسمان أحدهما: الختان الفرعوني وهذا فيه ضرر كبير على الفتاة، والثاني: الختان المشروع والذي يسمى بالختان السني وهذا الذي نعنيه إذا قلنا إن الختان مشروع.
3- أن الختان السني المشروع له منافع كثيرة وكبيرة على الفتاة، يعود على صحتها وعلى حالتها النفسية وعلى طباعها وغير ذلك.
4- أن ختان الإناث ينبغي أن يتم بطريقة صحيحة حتى تحصل الوقاية من المخاطر كالمخاطر التي تحصل من جراء عدم تعقيم الأدوات أو عدم مهارة القابلة التي تختن الفتيات أو غير ذلك.
5- أن من طلع علينا يحارب هذه الشعيرة فنحن نسيء الظن به إن كان من الغربيين أو المتأثرين بهم، ومن كان من غيرهم فنقول هو جاهل على أحسن الأحوال.










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-15, 11:36   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الثالثة عشرة: الزواج المبكر:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله صحبه أجمعين، وبعد:
فهذه هي "الحلقة الثالثة عشرة" من: (شبهات حول الإسلام) نتكلم فيها عن (الزواج المبكر) أقدمها بين يدي المنصفين ليعلموا أن القول بمحاربة الزواج المبكر على الإطلاق قول فاسد شرعاً وعرفاً، والذين يدعون إلى المنع من الزواج المبكر على الإطلاق لا نعرفهم إلا بالدعوة إلى تدمير المرأة باسم: (تحرير المرأة) ومحاربة (العنف ضد المرأة) ونحو هذه الشعارات إلا القليل من هؤلاء ممن يصيح بمحاربة الزواج المبكر وهو لا يدري ما وراء الأكمة.
وينبغي التنبيه على أمر مهم جداً وهو أن الفتيات يختلفن من فتاة إلى أخرى، فرب فتاة لا تكون صالحة للزواج المبكر لمرض في بدنها، أو لضعف في بنيتها، أو لضعف في عقلها، أو لقلة معرفتها بتدبير شئون المنزل ونحو ذلك، فمثل هذه الفتاة المشار إليها ربما ينتهي زواجها إلى الفشل مع ما فيه من إضرار بها أو بالزوج، وقد أشار النووي في "شرح صحيح مسلم" إلى ذلك حيث نقل عن بعض الأئمة: (حدُّ ذلك أن تطيق الجماع، ويختلف ذلك باختلافهن، ولا يضبط بسنٍّ وهذا هو الصحيح، وليس في حديث عائشة تحديد ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع ولا الإذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعاً، قال الداودي: وكانت عائشة قد شبَّت شباباً حسناً رضي الله عنها) أ.هـ
والفتيات غير المتأهلات للزواج المبكر حالاتهم قليلة في المجتمع، وهؤلاء الفتيات لا ينبغي أن يجعلن كقاعدة مطردة لنمنع من الزواج المبكر ولو كانت الفتاة متأهلة للزواج بدنياً ونفسياً كما هو حال الكثير من الفتيات، ومن هنا نعلم أن سن قوانين تمنع من هذا الزواج على الإطلاق وبدون مراعاة للفتاة وحالها باطل شرعاً وظلم للناس كما صنعت بعض الدول العربية والإسلامية فمنعت من الزواج المبكر مطلقاً لوجود بعض الحالات الفاشلة والتي تعود أسباب فشلها إلى شيء خارج عن التبكير في الزواج، وإنما إلى أشياء أخرى منفصلة عن الزواج المبكر مثل عدم فهم الفتاة للمطلوب منها من الحياة الزوجية ونحو ذلك.
وقد استغل هؤلاء الحاقدون مثل هذه الأخطاء الحادثة في المجتمع - وهي قليلة - فأقاموا الدنيا وأقعدوها، وشنوا حرباً على الزواج المبكر في جميع وسائل الإعلام انتهت إلى قرار وقانون يمنع من الزواج المبكر، وأعرضوا عن مئات الحالات بل آلاف الحالات التي كان الزواج المبكر فيها موفقاً وناجحاً له آثاره العظيمة على المجتمع بأسره، فالشريعة بريئة من مثل هذه الجهالات.
وفي الأخير الشيء الذي يستوقفنا جميعاً ويستوقف العقلاء كلهم هو أن أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والمنافقين وغيرهم لم يثيروا هذه القضية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد عهده، فلماذا لم ينكروا ذلك على رسول الله ولم يشوشوا بهذه القضية عليه، وهم قد استخدموا كل وسيلة للطعن في المقام النبوي العظيم ؟!
فإن كانوا لا يزالون مصرين على أن هذا لا يصح أصلاً إلى رسول الله، ولم يثبت عنه !!
فنقول لهم: ولو سلمنا لكم بهذا: فلماذا لم يطعن هؤلاء المذكورون في حديث "البخاري" المذكور، مع العلم أن هؤلاء المستشرقين عندهم إلمام بعلوم السنة أكثر من كثير المسلمين، وأيضاً قد استخدموا كل وسيلة لحرب الإسلام والمسلمين؟!.
الجواب: هؤلاء المنافقون وغيرهم من الحاقدين لم يطعنوا في الحديث لأنهم يعرفون أن هذا ليس مطعناً، ولم يخطر في بالهم يوم من الأيام أن يثيروا مثل هذا الشيء لعلمهم أن هذا ليس مما يثار به على الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن العرب تعارفت عليه، وهو معروف حتى من الناحية الواقعية، فكثير من النساء يتزوجن في هذا السن وينجبن ولم يحدث لهن شيء مكروه، وهذا أمر معروف ولاسيما في المجتمعات العربية.
وهذه الحلقة تتكون من عدة فصول:
الفصل الأول: حقيقة الزواج المبكر، وحكمه: ويتكون من عدة مباحث:
الأول: حقيقته.
الثاني: حكمه.
الفصل الثاني: دراسة حديث عائشة: ويتكون من عدة مباحث:
الأول: مكانة "الصحيحين" ولاسيما "صحيح البخاري".
الثاني: تخريج حديث عائشة.
الثالث: المطاعن في حديث عائشة إجمالاً وردها.
الرابع: الشبهة الأولى والجواب عنها.
الخامس: الشبهة الثانية والجواب عنها.
الفصل الثالث: محاسن تعجيل الزواج، ومفاسد تأخيره:
ويتكون من عدة مباحث:
الأول: مصالح الزواج المبكر.
الثاني: مفاسد تأخير الزواج.
الفصل الرابع: قيود الزواج المبكر:
الفصل الخامس: شبهات الداعين إلى تأخيره: ويتكون من عدة مباحث:
الأول: شبه القوم والجواب عنها.
الثاني: بيان مهم.
الفصل السادس: مناقشة قانون تحديد سن الزواج.
الفصل السابع: ماذا يريدون ؟! ويتكون من عدة مباحث:
الأول: خطط الأعداء.
الثاني: لنا عبرة فيما مضى.
الثالث: هلا كتبتم عن هذه المواضيع ؟!
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه وسبباً لمرضاته، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله

الفصل الأول: حقيقة الزواج المبكر، وحكمه:
المبحث الأول: حقيقته:
1- تعريف التبكير:
الزواج المبكر: هو الزواج قبل أوانه، أو المتقدم على وقته، فهذا ما تحمله كلمة "مبكر" من المعنى، وفي "لسان العرب": (وقال ابن جني أصل "ب ك ر" إنما هو التقدم أي وقت كان من ليل أو نهار).
وقد تأتي بكّر بمعنى فعل الشيء في أول وقته وليس قبل وقته كما لو قيل: بكرنا بصلاة الفجر أو الظهر أي: صليناها في أول وقتها.
والذين يحاربون الزواج المبكر مرادهم هو المعنى الأول، لأنهم يرون هذا الزواج زواجاً قبل وقته، ونحن إذا ذكرنا الزواج المبكر فنعني به الزواج بالمعنى الثاني وهو الزواج في أول وقته، فلنا مقصد آخر غير مقصدهم.
2- أوان الزواج ووقته:
وهناك خلاف في تحديد أوان الزواج عند الناس:
1- فالمحاربون للزواج المبكر يرون أن سن الزواج عندهم هو سن ثمانية عشر سنة - أو نحو هذا السن على اختلاف فيما بينهم - فإذا تزوجت الفتاة قبل هذا السن فقد تزوجت مبكراً.
2- والذين ينهون عن التحديد بهذا السن- وهم الطرف الثاني - يقولون: إن أوان الزواج هو كون الفتاة جاهزة بدنياً ونفسياً للزواج، فإذا كانت جاهزة لذلك ورأى الزوج والأهل أنها صالحة للزواج - ولو قبل السن المذكور - جاز الزواج بها.
والحق أن تحديد سن الزواج بهذا السن المذكور في القول الأول تحكم لا دليل عليه كما سيأتي، والقول بأن من تزوج قبل ذلك السن فقد بكّر في الزواج دعوى لا دليل عليها، لأنه لا يرجع إلى قاعدة شرعية، والميزان هو ما إذا كانت الفتاة تطيق الجماع، وإنما يعد الزواج مبكراً إذا كانت الفتاة لا تطيق الجماع، حتى زواج عائشة ليس مقياساً عاماً لكل فتاة، وإنما المقياس تحملها وقوتها، فالفتاة التي تطيق الجماع تزوج وإن كانت تحت التاسعة، ولا تزوج إن كانت لا تطيقه لضعف أو مرض وإن كانت ذات ثمانية عشر سنة، فهو يختلف من امرأة إلى أخرى.
قال النووي في "شرح مسلم" (9/ 206): (وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها، فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عُمل به، وإن اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد: تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: حدُّ ذلك أن تطيق الجماع، ويختلف ذلك باختلافهن، ولا يضبط بسنٍّ وهذا هو الصحيح، وليس في حديث عائشة تحديد ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع ولا الإذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعاً، قال الداودي: وكانت عائشة قد شبَّت شباباً حسناً رضي الله عنها) أ.هـ
المبحث الثاني: حكمه:
1- حكمه في الشريعة:
الزواج المشروع على ما ذكرنا - والذي يسميه هؤلاء بالزواج المبكر – جائز شرعاً وطباً كما سيأتينا، وإليك الأدلة على ذلك.
الأدلة القرآنية:
1- قال الله تعالى: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاث أشهر واللائي لم يحضن).
ففي هذه الآية جعل الله سبحانه وتعالى عدة الفتاة الصغيرة ثلاثة أشهر بعد دخول زوجها بها، فدل على جواز العقد بها وهي صغيرة بل ودخول زوجها بها، وذلك لأن هناك فرقاً بين البلوغ وكون الفتاة مهيأة للجماع، فإن الفتاة تخرج عن طور الطفولة فتكون جاهزة للجماع قبل الحيض بما يقارب السنتين، فتكون مهيأة للجماع ولو لم تحض، والحيض يأتي بعد نضوج هذه الفتاة، فالميزان إذاً هو اكتمال بنيتها لا حيضها وبلوغها.
وقال الجصاص في كتابه " أحكام القرآن": (فتضمنت الآية جواز تزويج الصغيرة).
وقال ابن قدامة في "المغني": (وقد دل على جواز تزويج الصغيرة قول الله تعالى: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن) فجعل للائي لم يحضن عدة ثلاثة أشهر ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من الطلاق في نكاح أو فسخ فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق).
2- ويقول الله تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع).
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في تفسير هذه الآية عندما سألها عنها ابن أختها عروة بن الزبير: (يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها، تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهنَّ إلا أن يقسطوا لهنَّ، ويبلغوا بهنَّ أعلى سنتهنَّ في الصداق) متفق عليه.
فقولها رضي الله عنها: فيريد أن يتزوجها فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا يدل على مشروعية زواج الصغيرة التي لم تبلغ، لأن اليتم إنما يكون قبل البلوغ، فلا يتم بعد البلوغ.
3- ويقول الله تعالى: (ويستفتونَك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللآتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن).
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته في ماله فيرغب عنها أن يتزوجها ويكره أن يزوجها غيره، فيدخل عليه في ماله فيحبسها، فنهاهم الله عن ذلك). متفق عليه.
الأدلة من الأحاديث:
من أدلتنا هنا حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، وبنى [أي: ودخل بي] وأنا بنت تسع سنين) متفق عليه.
وحديث عائشة المذكور قد تطاول عليه رجل هو أشبه ما يكون بالصحفي، وستأتي مناقشته بإذن الله تعالى.
إجماع العلماء على مشروعية زواج الفتاة قبل البلوغ:
إنعقد الإجماع على جواز تزويج الصغيرة بشرط أن الذي يتولى تزويجها أبوها، وزاد الشافعي وآخرون الجد من جهة الأب أيضاً.
1- قال ابن المنذر: (أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز إذا زوجها من كفءٍ، ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها) أ.هـ
2- قال ابن قدامة في "المغني": (أما البكر الصغيرة فلا خلاف فيها) أ.هـ
3- ونقل الحافظ في "فتح الباري" عن البغوي أنه قال: (أجمع العلماء أنه يجوز للآباء تزويج الصغار من بناتهم وإن كُنَّ في المهد، إلا أنه لا يجوز لأزواجهن البناء بهنَّ إلا إذا صلحن للوطء واحتملن الرجال).
4- قال الحافظ في "فتح الباري": (وقال ابن بطال: يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعاً ولو كانت في المهد، لكن لا يمكّن منها حتى تصلح للوطء).
5- قال النووي "شرح مسلم" (9/ 206): (وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها، فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عُمل به، وإن اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد: تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: حدُّ ذلك أن تطيق الجماع، ويختلف ذلك باختلافهن، ولا يضبط بسنٍّ، وهذا هو الصحيح، وليس في حديث عائشة تحديد ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع ولا الإذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعاً، قال الداودي: وكانت عائشة قد شبَّت شباباً حسناً رضي الله عنها).
2- معرفة صدر هذه الأمة بالنكاح المبكر:
الآثار الدالة على اشتهار الزواج المبكر بين الصحابة من غير نكير كثيرة، فلم يكن ذلك خاصًا بالنبي صلى الله عليه وسلم كما يتوهمه بعض الناس، بل هو عام له ولأمته.
قال عروة بن الزبير: (زوج الزبير رضي الله عنه ابنة له صغيرة حين ولدت) رواه سعيد بن منصور في "سننه" وابن أبي شيبة في "المصنف" بإسناد صحيح، وله لفظ آخر رواه ابن أبي شيبة عن عروة بن الزبير أنه زوج ابنا له ابنة لمصعب صغيرة وسنده صحيح كذلك.
قال الشافعي في "كتاب الأم": (وزوج غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته صغيرة) أ.هـ قلت: وهذه هي العادة في كثير من بلاد العرب، وهي إلى اليوم لا تزال في أرياف المسلمين.
3- وجوده عند سائر الأمم:
الزواج المبكر عند الغربيين في هذا العصر:
الزواج المبكر عرفه الناس ممن هم من غير المسلمين، ففي القانون الروماني جعل سن زواج الرجل الرابعة عشرة للرجل والمرأة الثانية عشرة، وشريعة اليهود جعلت سن زواج الرجل الثالثة عشرة والمرأة الثانية عشرة، والنصارى قريبون من ذلك، بل يذكرون أن مريم حملت بعيسى وهي ذات ثلاث عشرة سنة أو أقل.
وفي عصرنا كذلك حددت الكنيسة الكاثوليكية في أسبانيا أن من شروط صحة الزواج أن يبلغ الزوج من العمر 14 سنة، والزوجة 12 سنة.
فإذا كانت البنت في أسبانيا تعد صالحة للزواج في سن 12 سنة، فما بالكم بالبنت في الجزيرة العربية أوفي جنوب أفريقيا ؟
وفي الأرجنتين يشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 14، والزوجة 12.
وفي ولاية فلوريدا وولاية أيداهو يشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 14 ، والزوجة 12.
وفي ولاية كلورادو الأمريكية يشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 21 والزوجة 12
وفي يوغسلافيا (في الصرب ومونتيجرو يشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 15، والزوجة 13.
وفي إيطاليا يجب أن يكون الزوج قد بلغ 16 سنة، والزوجة 14.
وفي ولاية ألاباما الأمريكية يجب أن يكون الزوج قد بلغ 17 سنة والزوجة 14.
وفي اليونان يشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 18 سنة، والزوجة 14.
وفي بلجيكا يشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 18، والزوجة 15.
وفي اليابان يشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 17 سنة ، والزوجة 15 سنة.
وفي النمسا يشترط أن يكون الزوج قد بلغ من العمر 21سنة ، والزوجة 16 سنة.
وفي الدنمارك يجب أن يبلغ الرجل من العمر 20 سنة، والزوجة 16 سنة على الأقل.
وفي المجر وهولندا يشترط أن يبلغ الرجل من العمر 18 سنة ، والزوجة 16 سنة.
وفي السويد وسويسرا يجب أن يبلغ الرجل من العمر 21، والزوجة 18 سنة على الأقل.
نقلا ًعن الزواج والطلاق في "جميع الأديان"( ص 383 ، 418).
وجاء في "الموسوعة العربية العالمية": (ليست عادة الزواج المبكر وقفًا على القبائل في الشرق فحسب، بل إن كثيرًا من قبائل الهنود الحمر في الأمريكتين يتزوجون في عمر مبكر، فتتزوج الفتيات في عمر بين 11 و15 عامًا، أما الفتيان فيتزوجون فيما بين 15 و20 من العمر. ويقوم الوالدان باختيار زوجة ابنهما في قبائل الهنود الجنوبية، أما في أمريكا الشمالية فيسمح للابن باختيار زوجته، ويقوم في سبيل إقناع والدي زوجة المستقبل، بتقديم كثير من الهدايا القيمة لينال قبولهما. وبينما يسكن ابن القبائل في الشرق مع أسرته، يسكن الفتى الهندي مع أهل زوجته ويعمل لهم إلى أن ينجبا الطفل الأول).
الزواج المبكر في أعراف العرب قبل الإسلام:
الزواج المبكر كان معروفاً عند العرب توارثه المتأخرون عن المتقدمين، واللاحقون عن السابقين، وهو إلى يومنا هذا موجود ومنتشر بين القبائل والقرى العربية، ولم يستنكر إلا في المدن التي تأثرت بنظام الغرب في التعليم، ذلك النظام الذي أخر الزواج إلى ما بعد التخرج من الجامعة والحصول على وظيفة.
وما زالت أجيال كبيرة في أرياف المسلمين تزوج أبناءها وبناتها إلى اليوم وهم في أول مراحل المراهقة بل قبل ذلك ولا تجد في ذلك أدنى حرج ولا عيب، بل تعده من محاسن الأرياف التي تميزت به عن المدينة، قبل أن تأتي هذه الغيرة المزعومة من هؤلاء المثقفين العصريين الذين استوردوا مبدأ إنكار هذا الزواج من الغرب.
5- أقوال الأطباء:
زواج الفتاة في سن مبكرة شيء لا غبار عليه طبياً، وقد قال الإمام الشافعي كما في "سير أعلام النبلاء" (10/91) -: (رأيت باليمن بنات تسع يحضن كثيراً).
قال البيهقي في "الكبرى" (1/319): (فيما أجاز لي أبو عبد الله الحافظ روايته عنه عن أبي العباس الأصم عن الربيع عن الشافعي قال: (أعجل من سمعت من النساء يحضن نساء بتهامة يحضن لتسع سنين).
وتهامة: اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز، ومكة من تهامة، قال ابن فارس: "سميت من التَّهَم: وهو شدة الحر، وركود الريح، وقيل: لتغير هوائها، وتجمع على تهائم "تهذيب الأسماء واللغات".
وقال الشافعي كذلك: (رأيت بصنعاء جَدَّةً بنت إحدى وعشرين سنة! حاضت ابنة تسع، وولدت ابنة عشر، وحاضت البنت ابنة تسع، وولدت ابنة عشر).
قال العمراني في "البيان في مذهب الشافعي"(1/344): (قال أصحابنا: ويجيء على أصله أن تكون جدة لها تسع عشرة سنة، لأنها تحبل لتسع سنين، وتضع لستة أشهر، ثم تحبل ابنتها لتسع سنين، وتضع لستة أشهر، فذلك تسع عشرة سنة).
ويذكر مثل هذه الأخبار عن الحسن بن صالح وعن عباد بن عباد المهلبي وعن ابن عقيل وغيرهم.
انظر "التحقيق في أحاديث الخلاف" (2|267) لابن الجوزي و"السنن الكبرى"(1/320) للبيهقي.
والثابت طبياً أن الحيض يتأخر قرابة سنتين عن الوقت التي تجهز فيه الفتاة للجماع، ولذلك فإن العلماء عندما يذكرون وطء الصغيرة، يريدون الفتاة التي أصبحت جاهزة، وإن كانت لم تحض، مع التنبيه على أن تغير الفتاة من بيئة إلى أخرى أمر مساعد على تهيئة الفتاة بدنياً للزواج، فالمناطق الباردة تختلف عن المناطق الحارة، فالبلوغ عند نساء المناطق الحارة أسرع من غيرهن، ومدة الحيض أطول من غيرهن، وهذا على سبيل الغالب ، ومن هنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة بالوضوء لكل صلاة، واستحب لها الاغتسال لكل صلاة لأن الماء يكسب جسمها برودة فيضعف النـزيف عندها، لأن الحرارة لها أثر على نزول النزيف كما لا يخفى.
وهؤلاء ينكرون حتى تأثير البيئة على الفتاة من جهة سرعة البلوغ وتأخره، ومن جهة كثرة عدد أيام الحيض وقلتها، وهذا أمر معروف في الطب والفقه والعرف لا ينكره إلا جاهل من أمثال الكاتب المتخبط إسلام بحيري الذي يستهزئ بمثل هذا الأمر وينكر تأثير البيئة على سرعة البلوغ، فأبان عن جهل ووقاحة في وقت واحد، وخالف هو وغيره بذلك الشرع والعقل والعرف.
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل.
وقد ذكرت الطبيبة الأمريكية د. دوشني: أن الفتاة البيضاء في أمريكا قد تبدأ في البلوغ عند السابعة أو الثامنة، والفتاة الأمريكية ذات الأصل الأفريقي عند السادسة.
الفصل الثاني: دراسة حديث عائشة:
والذي دفعني إلى بيان طرق هذا الحديث أن هناك من تكلم في سنده وهو ليس من أهل هذا الشأن وهو الكاتب العقلاني إسلام بحيري الذي ما فتئ يشوشر على الأحاديث بترهات وحماقات يظنها من العلم وليس من العلم في شيء، ولقد نشرت له صحيفة يمنية – ومن المؤسف أنها حكومية – مقالاً هاجم فيه حديث عائشة، فكتبت مقالاً وأرسلته إلى هذه الجريدة ولكن لم يكتب الرد، وقال لي الأخ الذي أرسلته: ( إن القائمين على الصحيفة لا تريد نشر الرد) !!
فمرحباً بالرأي والرأي الآخر وحرية العقيدة وحق الرد !!
1- مكانة "الصحيحين" ولاسيما "صحيح البخاري":
أولاً: مكانة الصحيحين:

وقال ابن الصلاح في "مقدمته": ( أول من صنف في الصحيح ، البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز).
ونقل بعضهم عن إمام الحرمين أنه قال: لو حلف بطلاق زوجته أن ما في "الصحيحين" من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته بالطلاق.
قال النووي في "مقدمة شرح البخاري" (ص18): (ثم إن أصح مصنف في الحديث بل في العلم مطلقاً الصحيحان للإمامين القدوتين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري رضي الله عنهما فليس لهما نظير في المصنفات) أ.هـ
وقال رحمه الله هناك (ص40): (واعلم أن الأمة اجتمعت على صحة هذين الكتابين) أ.هـ
وقال في "شرح مسلم": ( اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصحَّ الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول).
وقال في "رياض الصالحين" عند حديث: (الأعمال بالنيات): (رواه إماما المحدثين ... أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رضي الله عنهما في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة ).
والأمة قد اجتمعت على صحة هذين الكتابين كما قال النووي رحمه الله، ولكن لم يجتمعوا على أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله، فهناك من يقول: بأنه موطأ مالك أصح منهما، ومنهم من سوّاه بهما ومنهم من أخره عنهما وهو الصحيح وهو الذي ذكره النووي كما تقدم كلامه في "شرح البخاري".
وقال الحافظ في "النكت على ابن الصلاح": (وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز، قال النووي باتفاق العلماء).
وقد نقل السخاوي في" فتح المغيث" حكاية الجزم بكل خبر متلقى بالقبول عن جمهور المحدِّثين وعامة السلف، وذكر الإسفرائيني إجماع أهل الصنعة على القطع بصحة ما في الصحيحين وأن من حكم بخلاف ما فيهما بغير تأويل سائغ نقض حكمه.
ونقل السيوطي في" التدريب" عن الحافظ السجزي إجماع الفقهاء أن من حلف على صحة ما في البخاري لم يحنث.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": ( واعلم أن ما كان من الأحاديث في الصحيحين أو أحدهما جاز الاحتجاج به من دون بحث، لأنهما التزما الصحة وتلقت ما فيهما الأمة بالقبول).
ولقد أتى على هذين الصحيحين أكثر من أحد عشر قرناً انتشر فيها ذكرهما في أقطار البلاد، وبين طبقات المسلمين، في شرق البلاد وغربها، وما زال علماء المسلمين ينقلون منهما، ويستدلون بأحاديثهما، ويرجعون إليهما عند التنازع.
وقل أن يوجد مؤلف في العبادات أو الاعتقادات لعالم معتبر إلا وفيه ذكر الصحيحين أو مؤلفيهما، أو النقل منهما أو من أحدهما.
ولم يذكر عن أحد من العلماء المعتبرين طوال هذه القرون الطعن على الشيخين بعدم الحفظ، أو أن ما في الكتابين غير ثابت أو نحو ذلك.
2- مكانة "صحيح البخاري":
وبعد تقديم الصحيحين على غيرهما اختلف العلماء في أيهما يقدم على أقوال، فذهب أبو علي النيسابوري وآخرين إلى تقديم صحيح مسلم، وذهب آخرون إلى التسوية بينهما، وذهب الجمهور إلى أن البخاري أولى بالتقديم، وذكر السخاوي في "فتح المغيث" قولاً رابعاً وهو التوقف، والصحيح هو أن صحيح البخاري أصح كتب الأئمة إذا نظرنا إليها إجمالاً، أما عند التفصيل فلكل واحد منهما مزية، فمزية البخاري علو الإسناد وصحته، مع ما فيه من الفوائد الفقهية، مع ما يتمتع به صحيحه من القوة لقوة مؤلفه ورسوخه في فن العلل ودقته في هذا الباب، ومزية مسلم حسن الترتيب وجودته وعدم إضافة شيء من آرائه واجتهاداته.
قال أحدهم:
تشاجر قوم في البخاري ومسلم لـدي وقالـوا: أي ذين تقدم ؟!
فقلت: لقد فاق البخاري صحة كما فاق في حسن الصناعة مسلم.

لكن الذي يهمنا هنا ما نذكره من ثناء عاطر على "صحيح البخاري".
قال الإمام النسائي: (ما في هذه الكتب المصنفة أجود من كتاب محمد بن إسماعيل).
وقال الدارقطني: (لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء).
وقال النووي في مقدمة "شرح مسلم": (وصحيح البخاري أَصَحُّهُما، وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة ، وقد صحَّ أن مسلماً كان ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث، وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار الذي قاله الجماهير وأهل الإتقان والحذق والغوص على أسرار الحديث).
وقال في "التقريب والتيسير": (أول مصنف في الصحيح المجرد، صحيح البخاري، ثم مسلم، وهما أصح الكتب بعد القرآن، والبخاري أصحهما وأكثرهما فوائد، وقيل مسلم أصح، والصواب الأول).
وقال الذهبي كما في "الحطة في ذكر الكتب الصحاح الستة" وأما جامع البخاري الصحيح فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى).
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" عن الإمام البخاري: (أجَلُّ من صَنَّفَ في الحديث الصحيح).
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: (وأجمع العلماء على قبوله - يعني صحيح البخاري - وصحة ما فيه وكذلك سائر أهل الإسلام).
وقال ابن السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى": (وأما كتابه الجامع الصحيح فأجل كتب الإسلام بعد كتاب الله).
وقال ولي الله الدهلوي في "الحجة البالغة": ( أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين).
وقال العلامة أحمد محمد شاكر في "الباعث الحثيث": ( الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف ، وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه . وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها . فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها وانقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم واحكم عن بينة، والله الهادي إلى سواء السبيل).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في مقدمة "تحقيق شرح العقيدة الطحاوية" : ( كيف والصحيحان هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى باتفاق علماء المسلمين من المحدثين وغيرهم، فقد امتازا على غيرهما من كتب السنة بتفردهما بجمع أصح الأحاديث الصحيحة وطرح الأحاديث الضعيفة والمتون المنكرة على قواعد متينة وشروط دقيقة وقد وفقوا في ذلك توفيقاً بالغاً لم يوفق إليه من بعدهم ممن نحا نحوهم في جمع الصحيح؛ كابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم ،حتى صار عرفاً عاماً أن الحديث إذا أخرجه الشيخان أو أحدهما فقد جاوز القنطرة ودخل في طريق الصحة والسلامة ، ولا ريب في ذلك وأنه هو الأصل عندنا).
المبحث الثاني: تخريج حديث عائشة:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، وبنى [أي: ودخل بي] وأنا بنت تسع سنين".
الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" ومسلم في "صحيحه" وابن ماجه في "السنن" وابن أبي شيبة في "المصنف" مرتين، والنسائي في "الكبرى" والحميدي في "المسند" والطبراني في "الكبير" والدارمي في "السنن" والبغوي في "شرح السنة" وابن الجارود في "المنتقى".
كلهم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "فذكرته".
ولحديثها شاهــد من حديث ابن مسعود، رواه ابن ماجه في "سننه" عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: (تزوج النبي صلى الله عليه و سلم عائشة وهي بنت سبع سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين، توفي عنها وهي بنت ثماني عشر سنة).
قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه": (إسناده صحيح على شرط الشيخين إلا إنه منقطع لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه قاله شعبة وأبو حاتم وابن حبان في الثقات والترمذي في الجامع والمزي في الأطراف وغيرهم).
قلت: وفيه أنها بنت سبع وهو مخالف لما في "الصحيحين".
المبحث الثالث: المطاعن في حديث عائشة إجمالاً وردها كذلك:
اعترض هذا الصحفي على الحديث باعتراضين:
الاعتراض الأول:
أن التاريخ ينفي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج عائشة وهي بنت تسع سنين، بل المصادر تؤكد أنها كانت بنت ثمانية عشرة سنة، كذا قال إسلام بحيري !!وزعم أنها ولدت في الجاهلية وأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بها وهي ابنة ثمانية عشر أو سبعة عشر سنة حيث قالإذن يتأكد بذلك أن سن عائشة كان أربع سنوات مع بدء البعثة النبوية في مكة، أي: أنها ولدت قبل بدء الوحي بأربع سنوات كاملات).
وهذا شيء لم يسبق إليه، وإذا كانت الغرائب مردودة على قائليها ولو من كانوا من أفاضل الناس فكيف بمثل هذا الكاتب، ويكفي في رد كلامه وتخليطه أن نذكر أموراً:
الأمر الأول: إجماع أهل العلم على أن عائشة تزوجت وهي بنت ست سنين، ودخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنين، وقد نقل الإجماع جماعة من أهل العلم منهم:
1- الإمام ابن عبد البر "الاستذكار" (16/49-50) حيث قال: (أجمع العلمـاء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة بنت أبي بكر وهي صغيرة بنت ست سنين أو سبع سنين أنكحه إياها أبوها).
2- وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (ص901): (تزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة قبل الهجرة بسنتين - هذا قول أبي عبيدة، وقال غيره: بثلاث سنين - وهي بنت ست سنين وقيل: بنت سبع وابتنى بها بالمدينة وهي ابنة تسع لا أعلمهم اختلفوا في ذلك).
3- ابن كثير في "البداية والنهاية" حيث قال: (وقوله: "تزوجها وهي ابنة ست سنين، وبنى بها وهي ابنة تسع" ما لا خلاف فيه بين الناس- وقد ثبت في الصحاح وغيرها - وكان بناؤه بها عليه السلام في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة).
الأمر الثاني: أن التاريخ يؤيد ما اتفقوا عليه، فقد توفيت عائشة عام ثمان وخمسين من العام الهجري، عن ست وستين سنة، فدل على أنها كانت عند زواجها ذات تسع سنين تقريباً.
قال ابن سعد في "الطبقات" (8/78): (قال محمد بن عمر[أي: شيخه الواقدي]: توفيت عائشة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضت من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ودفنت من ليلتها بعد الوتر وهي يومئذ بنت ست وستين سنة).
الأمر الثالث: أن هناك من نص أن عائشة ولدت في الإسلام وليس في الجاهلية كما قال هذا الرجل.
1- قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(2/139): (وعائشة ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين، وكانت تقول: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين).
2- قال الحافظ في "فتح الباري" تحت "باب: فضل عائشة" من "كتاب الفضائل" من صحيح البخاري: (وكان مولدها في الإسلام قبل الهجرة بثمان سنين أو نحوها، ومات النبي صلى اله عليه وسلم ولها نحو ثمانية عشر عاماً).
3- وقال رحمه الله في "الإصابة": (ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس، فقد ثبت في "الصحيح" أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست، وقيل: سبع، ويجمع بأنها كانت أكملت السادسة ودخلت في السابعة).
الاعتراض الثاني:
يزعم إسلام بحيري أن هشام بن عروة قد تغير حفظه بالعراق، وأن رواية البخاري هذه من هذا الصنف فهي ضعيفة إذاً، كذا قال !!، وهذا فيه رد لأحاديث هشام بن عروة التي حدث بها في العراق كلها بدون تفصيل، وهذا شيء لم يسبق إليه، ثم على فرض أن ما ذكره صحيح فهو مدفوع بأنه قد روى غير هشام عن عروة بن الزبير، وروى غير عروة بن الزبير عن عائشة كما سترى هنا إن شاء الله.
المبحث الرابع: الشبهة الأولى والجواب عنها:
اعتمد هذا الصحفي على أمور بنى عليها كلامه المتقدم من أن عائشة ولدت في الجاهلية، نذكرها مع الأجوبة:
1- تعلقه بكلام ابن جرير:
حيث ذكر ابن جرير في "تاريخ الأمم والملوك"(ص472) أبناء أبي بكر وهو عبد الله وأسماء وعبد الرحمن وعائشة، ثم قال ابن جريرفكل هؤلاء الأربعة من أولاده ولدوا من زوجتيه اللتين سميناهما في الجاهلية.
وتزوج في الإسلام أسماء بنت عميس .....
وتزوج أيضاً في الإسلام حبيبة بنت خارجة ....).
وهذا الصحفي لم يسق للقارئ لفظ ابن جرير حتى ينظر فيه، وإنما عزاه إليه متصرفاً فقال هذا الصحفي: (الطبري يجزم بيقين في كتابه "تاريخ الأمم والملوك" أن كل أولاد أبي بكر قد ولدوا في الجاهلية).
كذا قال !! وهو إما أنه لم يفهم عبارة ابن جرير، أو أنه يريد أن يغالط القراء !! فإنه لم يسق كلام ابن جرير كاملاً كما ساق كلام غيره، فإن ابن جرير يريد بكلامه المتقدم أن هاتين الزوجتين تزوجهما أبو بكر في الجاهلية، ولم يرد أن الأولاد ولدوا كلهم في الجاهلية فإن عائشة لم تولد في الجاهلية، فالجار والمجرور وهما: (في الجاهلية) يتعلقان بالزوجتين، لا بالولادة، والمعنى: (فكل هؤلاء الأولاد الأربعة من أولاده، ولدوا من زوجتيه اللتين تزوجهما أبو بكر في الجاهلية).
ومما يدل على أن ابن جرير أراد ما ذكرناه أمران أحدهما: أنه ساق بعد ذلك الزوجات اللاتي تزوجهن أبو بكر في الإسلام، فعرف أنه قصد أولاً الزوجات اللاتي تزوجهن في الجاهلية.
والثاني: أن ابن جرير قال في "تاريخ الأمم والملوك" (ص472): (ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة بعدما قدم المدينة وهي يوم بنى بها ابنة تسع سنين).
فنحن نطلب من هذا الصحفي أن يبين لنا: كيف يرى ابن جرير أن عائشة ولدت في الجاهلية ثم يقول: (وهي يوم بنى بها ابنة تسع سنين) ومن المعلوم أن يوم البناء بها كان في السنة الأولى من الهجرة، أي: قد مر على الجاهلية قرابة أربعة عشر سنة ؟!!
2-كلام ابن كثير:
نقل هذا الصحفي عن ابن كثير أنه قال: (ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" عن الذين سبقوا بإسلامهم: "ومن النساء ... أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة، فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في خفية، ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة" وبالطبع هذه الرواية تدل على أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام 4 من بدء البعثة النبوية، بما يوازي عام614م ومعنى ذلك أنه آمنت على الأقل في عام 3 أي: عام 613م فلو أن عائشة على حسب رواية البخاري ولدت عام 4 من بدء الوحي، معنى ذلك أنها لم تكن عل ظهر الأرض عند جهر النبي بالدعوة في عام 4 منن بدء الدعوة أو أنه كانت رضيعة، وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة) أ.هـ
وأنا أسوق إليك كلام ابن كثير في "البداية والنهاية" (ص378) حيث قال رحمه الله: (وقد سرد ابن إسحاق أسماء من أسلم قديماً من الصحابة رضي الله عنهم.
قال: ثم أسلم أبو عبيدة بن الجراح، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظعون، وعبيدة بن الحارث، وسعيد بن زيد، وامرأته فاطمة بنت الخطاب، وأسماء بنت أبي بكر، وعائشة بنت أبي بكر - وهي صغيرة - وقدامة بن مظعون، وعبد الله بن مظعون، وخباب بن الارت، وعمير بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، ومسعود بن القاري، وسليط بن عمرو، وعياش بن أبي ربيعة، وامرأته أسماء بنت سلمة بن مخرمة التيمي، وخنيس بن حذاقة، وعامر بن ربيعة، وعبد الله بن جحش، وأبو أحمد بن جحش، وجعفر بن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عميس، وحاطب بن الحارث، وامرأته فكيهة ابنة يسار، وحطاب بن الحارث وامرأته فكيهة بنت يسار، ومعمر بن الحارث بن معمر الجمحي، والسائب بن عثمان بن مظعون، والمطلب بن أزهر بن عبد مناف.
وامرأته رملة بنت أبي عوف بن صبيرة بن سعيد بن سهم، والنحام واسمه نعيم بن عبد الله بن أسيد، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، وخالد بن سعيد، وأمينة ابنة خلف بن سعد بن عامر بن بياضة بن خزاعة، وحاطب بن عمرو بن عبد شمس، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة التميمي حليف بني عدي، وخالد بن البكير، وعامر بن البكير، وعاقل بن البكير، وإياس بن البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة من بني سعد بن ليث، وكان اسم عاقل غافلاً فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقلاً، وهما حلفاء بني عدي بن كعب، وعمار بن ياسر، وصهيب بن سنان.
ثم دخل الناس في الاسلام أرسالاً من الرجال والنساء حتى فشا أمر الاسلام بمكة وتحدث به.
قال ابن إسحاق: ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث سنين من البعثة بأن يصدع بما أمر، وأن يصبر على أذى المشركين).
هذا كلام ابن كثير، وليس فيه: (ومن النساء) ولا فيه (فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في خفية) !! فلا أدري من أين أتى به ؟!!فربما تصرف فيه كسابقه !!.
وقد أخذ من قوله: (قال ابن إسحاق: ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث سنين من البعثة) إلخ، أن عائشة أسلمت قبل العام الثالث وهو العام الذي أمر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدع بالدعوة، مما يدل على أنها لم تولد في العام الرابع كما المؤرخون.
والجواب عن ذلك:
أولاً: ما ذكره ابن كثير لا يفيد أن عائشة أسلمت قبل العام الرابع، وإنما فيه أن عائشة من السابقين بإسلامها، ولا شك أن من أسلم في مكة فهو من السابقين الأولين وعائشة منهم رضي الله عنها، وتأمل قول ابن كثير: (فصل: في ذكر أول من أسلم، ثم ذكر متقدمي الإسلام من الصحابة وغيرهم ...)، وتأمل في قوله: (وقد سرد ابن إسحاق أسماء من أسلم قديماً من الصحابة)، فالسياق سياق من أسلم قديماً.
والسبب في اشتباه الموضوع على الكاتب أن المؤرخ قد يسوق قصة حصلت في عام معين، ثم يستطرد في ذكر القصص المشابهة لهذه القصة وإن كانت متأخرة، فيخرج عن العام الذي هو في صدده، فيظن الظان أن هذه القصص كلها حصلت في ذلك العام، وهذا شيء معروف من أساليب المؤرخين.
فكيف يرى ابن كثير أن عائشة من مواليد الاسلام وهو الذي قال في عائشة: (تزوجها وهي ابنة ست سنين، وبنى بها وهي ابنة تسع" ... وقد ثبت في الصحاح وغيرها، وكان بناؤه بها عليه السلام في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة) ؟! أي: هي عند ابن كثير من مواليد الاسلام لا الجاهلية.
3- كلام عائشة في صحيح البخاري:
قال البخاري في "صحيحه": (باب جوار أبي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعقده).
ثم ساق بإسناده إلى عائشة قالت: (لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، وقال أبو صالح حدثني عبد الله عن يونس عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت: "لم أعقل أبوي قط، إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة، حتى إذا بلغ برك العماد لقيه ابن الدغنه - وهو سيد القارة - فقال أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر: "أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربى" قال ابن الدغنه: "إن مثلك لا يخرج ولا يخرج، فإنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك، فارتحل ابن الدغنه فرجع مع أبي بكر، فطاف في أشراف كفار قريش، فقال لهم: "إن أبا بكر لا يخرج مثله، ولا يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقرى الضيف، ويعين على نوائب الحق ؟" فأنفذت قريش جوار ابن الدغنه وأمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدغنه: "مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصل وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا" قال ذلك ابن الدغنه لأبي بكر، فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره، ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره، وبرز فكان يصلي فيه، ويقرأ القرآن، فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنه فقدم عليهم، فقالوا له إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره، وإنه جاوز ذلك، فابتنى مسجدا بفناء داره، وأعلن الصلاة والقراءة، وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنا كرهنا أن نخفرك، ولسنا مقرين لأبى بكر الاستعلان، قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة أبا بكر، فقال قد علمت الذي عقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلى ذمتي، فإنى لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له" قال أبو بكر: إني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله" ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قد أريت دار هجرتكم، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين، وهما الحرتان، فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة، وتجهز أبو بكر مهاجراً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي. قال أبو بكر: "هل ترجو ذلك بأبي أنت قال: "نعم"، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر).
قال هذا الصحفي: (ولا أدري كيف أخرج البخاري هذا ؟! فعائشة تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهم يدينان الدين، وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكرت، وتقول إن النبي كان يأتي بيتهم كل يوم، وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات، والمؤكد أن هجرة الحبشة إجماعاً بين كتب التاريخ كانت في عام "5" من بدء البعثة النبوية ما يوازي عام "615م" فلو صدقنا رواية البخاري أن عائشة ولدت عام 4 من بدء الدعوة عام 614م فهذا يعني أنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة، فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوي) وكلمة أعقل لا تحتاج توضيحاً ..) إلخ ما قاله.
والجواب:
أولاً: إن قول عائشة: (لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين) ليس فيه ما يشكل، لأنها تخبـر عن نفسها، وهذا هو الذي وقع فعائشة عرفت نفسها وأبواها مؤمنان، ولا يلزم أن يكون ذلك قبل الهجرة.
وأما بقية الخبـر ولاسيما خبر الهجرة إلى الحبشة فليس ضرورياً أن تكون عائشة قد عاصرته، وليس مع هذا الصحفي ما يدل على أن عائشة ادعت سماع مثل ذلك، فقد ترويه عن غيرها ممن عاصر هذا الشيء مثل أبيها أو أمها أو أختها أسماء أو غيرهم، وهذا ما يسمى عند المحدثين بمرسل الصحابي، وهو مقبول إذا كان مميـزاً عند موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى ابن عباس وغيره أحاديث كثيرة من هذا الصنف، وهذا أمر معروف بين أهل العلم بالحديث.
قال ابن الصلاح في "مقدمته" (ص75): ( .. مرسل الصحابي، مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث [أي: صغار] الصحـابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوه منه، لأن ذلك في حكم الموصول المسند لأن روايتهم عن الصحابة والجهالة بالصحابي غير قادحة لأن الصحابة كلهم عدول والله أعلم).
ولما كان هذا الصحفي يجهل ذلك قال فضيلته: (ولا أدري كيف أخرج البخاري هذا ؟!).
أقول: ألا سألت فيعلمك الناس ؟! بدلاً من هذه العجائب !!
4- تعلقه بحديث خوله بنت حكيم :
قال هذا الصحفي: (أخرج الإمام أحمد أيضاً عن خولة بنت حكيم حديثاً طويلاً عن خطبة عائشة، ولكن المهم فيه ما يلي:"قالت أم رومان: إن مطعم بن عدي قد ذكرها على ابنه والله ما وعد أبو بكر وعداً قط فأخلفه ... لعلك مصبي صاحبنا" والمعنى ببساطة أن المطعم بن عدي وكان كافراً قد خطب عائشة لابنه جبير بن مطعم قبل النبي الكريم وكان أبو بكر يريد أن لا يخلف وعده فذهب إليه فوجده يقول له: لعلي إذا زوجت ابني من عائشة يصبي أي: يؤمن بدينك، وهنا نتوقف مع نتائج مهمة جداً وهي: لا يمكن أن تكون عائشة مخطوبة قبل ست سنوات لشاب كبير – لأنه حارب المسلمين في بدر وأحد – يريد أن يتزوج مثل جبير، كما أنه من المستحيل أن يخطب ابنته لأحد من المشركين وهم يؤذون المسلمين في مكة مما يدل على أن هذا كان وعداً بالخطبة وذلك قبل بدء البعثة النبوية حيث كان الاثنان في سن صغيرة، وهو ما يؤكد أن ولدت قبل بدء البعثة النبوية يقيناً).
خرج هذا الصحفي بعد شدة التنقيب والعناء الكبير بنتيجتين:
الأولى: وهي أنهلا يمكن أن تكون عائشة مخطوبة قبل ست سنوات لشاب كبير) !!.
والثانية: هي أنه: (كما أنه من المستحيل أن يخطب ابنته لأحد من المشركين وهم يؤذون المسلمين في مكة) !!.
ويؤسفني أن أقول: إن هاتين ليستا نتائج مثمرة، ولا تدل على ما ادعاه من أن عائشة ولدت في الجاهلية، لأنها دعوى مجردة فقط دون برهان وهي قوله: (لا يمكن ..)، وقوله: (من المستحيل ..) !! وتبقى مشكلة هذا الصحفي أنه إلى الآن لا يتصور أن بنات العرب كانت تُخطب في سن مبكرة، وهذا يدل عليه العرف والشرع.
قال الحافظ في "فتح الباري" في "كتاب النكاح" من "صحيح البخاري" تحت باب: "تزويج الصغار من الكبار": (وقال ابن بطال: يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعاً ولو كانت في المهد، لكن لا يُمكّن منها حتى تصلح للوطء).
فأرجو ممن اغتر بكلام هذا الصحفي أن يتأمل في هذه الحكم المدعوم بالإجماع، وسيأتي مزيد من التفصيل في ذلك.
وأما النتيجة الثانية: وهي أن أبا بكر لا يمكن أن يزوج ابنته بمشرك حارب المسلمين، فهذا يدل على جهله، لأن تحريم زواج المسلمة بالكافر نزل في المدينة بعد الهجرة، في قوله تعالى: (فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم، ولا هم يحلون لهن). وقد تزوج أبو العاص وهو مشرك بزينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم بعد النبوة، ولم يسلم إلا متأخراً بعد أن هاجرت زوجته إلى المدينة.
وأما قوله: (وهم يؤذون المسلمين في مكة) فهذا جهل آخر، فليس كل المشركين كانوا يؤذون المؤمنين، فقد هناك من المشركين من كان له حسن جوار، أو ود لبعض المؤمنين، بحكم الصحبة القديمة قبل الإسلام، أو له حماية لقرابة بينهما كما فعل أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو للصفات الجميلة التي يتحلى بها بعض المؤمنين كأبي بكر، ولعل الصحفي نسي أنه استدل قبل قليل بقصة ابن الدغنه فقد كان مشركاً وكان يحب أبا بكر ويجله كثيراً، ولذلك أجاره من المشركين.
والخلاصة: ليس مع فضيلة هذا الصحفي دليل تاريخي على أن عائشة ولدت قبل الإسلام.
5- تعلقه بحديث عائشة:
روى البخاري في "صحيحه" عن عائشة أم المؤمنين قالت: لقد أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بمكة ، وإني لجارية ألعب (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر).
قال البخاري: (باب قوله: "بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر").
قال هذا الصحفي: (والمعلوم بلا خلاف أن سورة القمر نزلت بعد أربع سنوات من بدء الوحي بما يوازي 614م فلو صدقنا رواية البخاري تكون عائشة إما أنها لم تولد أو أنها رضيعة حديثة الولادة عند نزول السورة، ولكن عائشة تقول: "كنت جارية ألعب" أي: أنها طفلة تلعب فكيف تكون لم تولد بعد ؟ ولكن الحساب المتوافق مع الأحاديث يؤكد أن عمرها عام 4 من بدء الوحي عند نزول السورة كان 8 سنوات كما بينا مراراً وهو ما يتفق كلمة: "جارية ألعب").
والجواب:
1- لقد بحثت كثيراً عن هذا الذي ادعاه الكاتب - وهو عدم الخلاف - فلم أجد شيئاً يذكر، وقد كنا نتمنى من الكاتب أن يحيل القراء إلى مراجع معتمدة عند أهل العلم ولاسيما في بحوث دقيقة كهذه.
2- القول بأنها نزلت في السنة الرابعة بدون خلاف غير صحيح، فقد قال بعضهم بأنها نزلت في بدر، وقد قال السيوطي في "الدر المنثور": (أخرج ابن أبي شيبة وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) قال: كان ذلك يوم بدر قالوا (نحن جميع منتصر) فنزلت هذه الآية).
قال أبو حيان في "البحر المحيط": (والجمهور على أنها مكية، وتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مستشهداً بها، وقيل: نزلت يوم بدر) أ.هـ فهذا نقل صريح للخلاف فمن أين أتى الكاتب بـ (عدم الخلاف) ؟!
3- من المعلوم في (علوم القرآن) أن الآية الواحدة قد تنزل مرتين، إن صح أن الآية نزلت كما قاله الكاتب، وعلى هذا فإن استدلاله على ما ذكر باطل، ويراجع كتاب: "الإتقان" للسيوطي.
قال الصحفي: (أخرج البخاري في "باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها" قال رسول الله: "لا تنكح البكر حتى تُستأذن" قالوا يا رسول الله ! وكيف إذنها ؟ أن تسكت" فكيف يقول الرسول الكريم هذا ويفعل عكسه ؟ فالحديث الذي أورده البخاري عن سن أم المؤمنين عند زواجها ينسب إليها أنها قالت: كنت ألعب بالبنات – العرائس – ولم يسألها أحد عن إذنها، في الزواج من النبي، وكيف يسألها وهي طفلة صغيرة جداً لا تعي معنى الزواج، حتى موافقتها في هذه السن لا تنتج أثراً شرعياً، لأنها موافقة من غير مكلف، ولا بالغ ولا عاقل).
والجواب: إنني لأتعجب من مثل هذا الإشكال الذي أجزم أنه لم يطرأ على أحد من أهل العلم، وإنما أوقع هذا الصحفي في ذلك أنه جعل حديث استئذان المخطوبة هو الأصل، وحديث عائشة الآخر مشكلاً لأنه يخالف ذلك الأصل فرد حديثاً بآخر!! ولم يدر أن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ بها كلها لأنها جميعاً أصول، ويجمع بينها إذا ظهر تعارضها فيما بينها،ولا يضرب بعضها ببعض كما فعل هذا الصحفي !! ولو أنه سأل أهل العلم لأفادوه.
والجمع بين هذه الأحاديث أن البالغة لابد من استئذانها وغير البالغة يجوز إجبارها وعدم استئذانها لأنها لا تعي معنى الزواج كما قال الأخ، ولكن هذا للأب وحده دون غيره.
1- قال الحافظ في "الفتح"(9/98): (ثم إن الترجمة معقودة لاشتراط رضا المزوجة بكراً كانت أو ثيباً صغيرة كانت أو كبيرة، وهو الذي يقتضيه ظاهر الحديث، لكن تستثنى الصغيرة من حيث المعنى لأنها لا عبارة لها).
2- قال شيخ الاسلام كما في "مجموع الفتاوى"(32/22): (وأما إجبار الأب لابنته البكر البالغة على النكاح ففيه قولان مشهوران: هما روايتان عن أحمد، أحدهما: أنه يجبر البكر البالغ كما هو مذهب مالك والشافعي وهو اختيار الخرقي والقاضي وأصحابه.
والثاني: لا يجبرها كمذهب أبي حنيفة وغيره، وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز بن جعفر، وهذا القول هو الصواب).
3- وقال في الصفحة التي بعدها: (والصحيح أن مناط الإجبار هو الصغر، وأن البكر البالغ لا يجبرها أحد على النكاح).
والخلاصة: كذلك ليس مع فضيلة هذا الصحفي دليل تاريخي على أن عائشة ولدت قبل الإسلام.
المبحث الرابع: الشبهة الثانية والجواب عنها:
وأما الرد على الشبهة الثانية وهي أن هشاماً قد نزل العراق فتغير حفظه، وأن هذه الرواية من تلك الروايات التي تغير فيها حفظه، فالجواب عنها من عدة أوجه:
الوجه الأول: أن هناك من روى عنه هذه الرواية من غير أهل العراق:
1- فقد أخرج الحميدي في "المسند" (231) ومن طريقه الطبراني في "الكبير" قال الحميدي: ثنا سفيان قال ثنا هشام بن عروة - وكان من جيد ما يرويه - عن أبيه عن عائشة قالت : (تزوجني رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا بنت ست سنين أو سبع سنين وبنى بي وأنا بنت تسع).
وسفيان هنا هو سفيان ابن عيينة أبو محمد الهلالي المكي فهو وتلميذه الحميدي من أهل مكة.
الوجه الثاني: أن هشاماً قد توبع ولم ينفرد بالحديث، فقد تابعه غير واحد عن أبيه عن عائشة، حتى وصلت الطرق عن عائشة إلى درجة التواتر، فقد تابعه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة كما في "السنن الكبرى" للنسائي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة كما في "المعجم الكبير" للطبراني، وأبو عبيدة عن عائشة كما في "المعجم الكبير" للطبراني، ويحي بن عبد الرحمن بن حاطب عن عائشة كما في "المعجم الكبير" للطبراني، والأسود عن عائشة كما في "المعجم الكبير" للطبراني، وابن سعد في "الطبقات" وعبد الملك بن عمير كما في "المعجم الكبير" للطبراني، وأبو الزناد عن أبيه عن عائشة كما في "المعجم الأوسط" للطبراني، وعبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جدعان: كما في "المعجم الكبير" للطبراني.
فهذه ثمان طرق، وهي غير المراسيل الكثيرة التي تؤيد ما ذكرناه وتزيد الحديث قوة فوق قوته، وهذه المراسيل تدل على اشتهار الأمر واستفاضته حتى عند التابعين، من هذه المراسيل مرسل ابن أبي مليكة عند الطبراني في "الكبير"، ومرسل أبي عبيدة، ومصعب بن سعد، والزهري عند ابن سعد في "الطبقات".
الوجه الثالث: فيما قاله من أن هشاماً تغير حفظه لما نزل العراق نظر، فقد نقل هذا الصحفي عن الإمام مالك أنه قال: (إن حديث هشام بالعراق لا يقبل)، وهذا اللفظ لم أجده عن الإمام مالك، وإنما وجدت عنه ما يلي: (قال يحي: رأيت مالك بن أنس في النوم فسألته عن هشام بن عروة فقال: أما ما حدث به وهو عندنا فهو أي كأنه يصححه، و ما حدث به بعدما خرج من عندنا، فكأنه يوهنه).
وهذا الكلام الصريح هو أولاً ليس حقيقة، وإنما هو منام رآه يحي بن يحي التميمي النيسابوري وهو من تلاميذ مالك، ولكن هذا لا يعتد به في ميزان "الجرح والتعديل"، ولا هو مما يجرح به الثقات ولاسيما بعد أن ثبتت عدالته، وثانياً ليس فيه أنه قال لا يقبل.
ولمالك كلام آخر فيه هذا الغمز، ولكن ليس فيه "أنه لا يقبل" كما نقل هذا الصحفي !! وإنما فيه ما سنذكره:
1- وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: ( كان مالك لا يرضاه، وكان هشام صدوقاً تدخل أخباره في الصحيح، بلغني أن مالكا نقم عليه حديثه لأهل العراق).
2- وقال يعقوب بن شيبة: "ثبت ثقة"، لم ينكر عليه شيء إلا بعدما صار إلى العراق، فإنه انبسط في الرواية عن أبيه، فأنكر ذلك عليه أهل بلده، والذي يرى أن هشاماً يسهل لأهل العراق أنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمعه منه فكان تسهله أنه أرسل عن أبيه مما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه).
والخلاصـــة:
1- أن دعواه غير صحيحة، بل هي كذب على الإمام مالك.
2- أنهم نقموا على هشام أنه أدخل في الرواية عن أبيه ما لم يسمعه منه مباشرة، وإنما سمعه بواسطة عنه، وليس هذا الحديث منه فإن هشاماً قد سمع أباه في هذه الرواية بدليل أن هشاماً قد توبع.
وهذا الصحفي المشار إليه حالة نادرة حيث ذهب يشكك في أحاديث أصح الكتب بعد كتاب الله وهي أحاديث البخاري ومسلم معتمداً على مثل ما رأيت أيها القارئ الكريم، ثم يتهم هذه الأحاديث بكل وقاحة بأنها بلغت المنتهى في المخالفة، فخالفت كل ما يمكن أن يُخالف فقال فضيلته !!: (رغم أنها تخالف كل ما يمكن مخالفته، فهي تخالف القرآن والسنة الصحيحة وتخالف العقل والمنطق والعرف والعادة والخط الزمني لأحداث البعثة النبوية).
أقول: سبحان الله !! كل الأجيال الذين قرأوا هذا الحديث ما عندهم أدنى إلمام بعلم الشريعة !! وليس عندهم مُسكة عقل !! ولا هم يعيشون بين الناس !! إلى يومنا هذا لم تخرج لنا هذه الأمة رجلاً يفهم هذا الحديث حق الفهم ويعطيه المنـزلة اللائقة به حتى جاءنا هذا الصحفي العجيب !!
إن علماء الأمة قاطبة – ومن وراءهم عوام الناس - أجمعوا على صحة هذا الحديث، وتلقيه بالقبول الحسن، والعمل به، وحفظه وكتابته في دواوين الاسلام، ولا يعرف أحد غمز فيه فضلاً عن أن يتجرأ على هذا الرد الصريح كما صنع هذا الصحفي، مع العلم أن "صحيح البخاري" بما فيه هذا الحديث قد مرت عليه أجيال من العلماء والمحققين، وقوافل من النقاد والمؤرخين، فما علمنا أحداً أنكر هذا الحديث أو أشار على الأقل إلى نكارة فيه، مع كثرة ما يستدلون به في عدة أبواب، في "أبواب النكاح" "باب: نكاح الصغيرة"، و"أبواب السيرة" باب: زواجه صلى الله عليه وسلم من عائشة"، و"باب: فضائل عائشة"، وغير ذلك من الأبواب.
ولو كان هناك أحد أنكره لما تأخر هذا الصحفي في النقل عنه، والاستناد إلى كلامه ليخرج من شبهة التفرد بهذا الرأي الغريب !!.
بل نقول: لقد مر على كتاب "صحيح البخاري" العوام من الناس، فمنـزلة "صحيح البخاري" لا تخفى على أحد، فهو يُقرأ على الناس في المساجد بعد الصلوات، وفي خطب الجمعة من على المنابر، ومع هذا فإن الكاتب لم يسأل نفسه سؤالاً: وهل أنكر هذا الحديث أحد في نفسه، وهل أشكل على أحد قبلي بقطع النظر هل هو صحيح من الناحية الاسنادية والتاريخية أم لا ؟!!
إن التحقيق العلمي يكشف لنا مدى تلبيس هذا الصحفي، ومغالطاته الصريحة، فنحن في زمن يبيع فيه المرء دينه بدراهم معدودة !! ولو ببحث يرضي به الأعداء ويكون الكاتب فيه مستأجراً، وكيف لا يكون الأمر كذلك ونحن في زمن يمجد فيه الكثير من الكتاب ما عليه أعداء الإسلام من حضارة زائفة، في الوقت الذي يهاجمون فيه الإسلام ويشككون في مسلماته وثوابته ؟!!










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-15, 11:42   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الثالث: محاسن تعجيل الزواج، ومفاسد تأخيره:
المبحث الأول: مصالح الزواج المبكر:
منافع الزواج المبكر كثيرة، نذكر منها:
الأولى: الزواج المبكر يقلل من الوقوع في الرذيلة والانحراف.
الثانية: فيه التقارب في السن بين الآباء والأبناء بحيث يكون الفارق في السن بينهما قليلاً، فيستطيع الآباء رعاية أبنائهم والسهر على راحتهم وهم أقوياء، كما يستفيدون من خدمة أبنائهم لهم.
الثالثة: تحمل الزوجين للمسؤولية وعدم الاعتماد على الآخرين.
الرابعة: إمكانية الحمل، لأن الحمل خلال فترة الزواج عند الفتيات في سن مبكر، تفوق الفتيات في الأعمار الأخرى كما سيأتي من شهادة الأطباء.
الخامسة: التكاثر في أفراد الأمة، فالأمة التي يتزوج شبابها مبكراً يكثر عدد أفرادها بما لا يكثر عدد أفراد غيرها من الأمم.
السادسة: تخفيف الحمل على الأب الفقير، وقضاء وطر الزوج بالطريقة المشروعة.
المبحث الثاني: مفاسد تأخير الزواج:
تأخير الزواج له أضرار أقر بها أعداء الإسلام، وهي كثيرة منها:
الأول: إن البحوث العلمية والدراسات العالمية، تثبت أنه لا يوجد زيادة في مضاعفات الحمل عند النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 15-19 سنة، وإن المضاعفات التي تحصل عند الحوامل أقل من 15 سنة هي نسبياً قليلة، هذا ما أثبته العالم الأمريكي Satin من .“Parkland Hospital- Texas
الثاني: من أضرار تأخير الزواج عزوف الشباب عن الزواج وضعف الرغبة فيه ومن ثم فتكثر العنوسة، فقد نشرت صحيفة "الحياة" تقريراً صادراً عن مركز دراسات الزواج بجامعة "روتشرز" مفاده أن نسبة الزواج في الولايات المتحدة الأمريكية قد هبطت إلى أدنى من الرقم القياسي في نهاية القرن الحالي ويعزو هذا الانخفاض إلى أن الأمريكيين يؤجلون سن الزواج إلى سن أكبر، ففي عام 1960 كان متوسط العمر للزواج 20 سنة للفتاة و 23 سنة للرجل وفي عام 1997 ارتفع 25 للفتاة و27 للرجال.
الثالث: يقول التقرير كذلك إنه كلما تأخر سن الزواج كلما قلة رغبة الناس في الزواج، ونتيجة لذلك إن أمريكيات كثيرات يلدن ويربين أطفالاً دون زواج، ففي الستينات ولد 25.3 % من إجمالي المواليد في الولايات المتحدة من أمهات غير متزوجات، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى رقم أكبر في عام 1997 لتصل إلى 32 % من الأمهات غير المتزوجات.
الرابع: تجنب الأورام، فإن أورام الثدي والرحم والمبايض هي أقل عند النساء اللواتي يبدأن الحمل والإنجاب في السنين المبكرة.
الخامس: تجنب الحمل المهاجر"خارج الرحم"، فقد أثبت العالم الأمريكيRubin في أبحاثه عام 1983م أن حالات الحمل خارج الرحم هي 17,2 /1000 عند النساء اللواتي يزدن عن 35 سنة, وأن النسبة تقل إلى 4،5/1000 عند النساء اللواتي تتراوح أعمارهن 15-24 سنة.
السادس: تعرض الفتاة للإجهاض، فقد ذكر العالم الأمريكيHawen أن نسبة الإجهاض من 2-4 أضعاف عند النساء بعد 35 سنة من العمر.
السابع: إن العمليات القيصرية والولادة المبكرة، والتشوهات الخلقية ووفاة الجنين داخل الرحم ووفاة الأطفال بعد الولادة، جميعها تزداد نسبياً كلما زاد عمر الحامل.
إن الحمل والإنجاب هو عمل متكرر وإن المرأة بحاجة إلى فترة زمنية طويلة لإنجاب ما كتب الله لها من أطفال، فالمرأة التي تتزوج في سن متأخر فإنها سوف تنجب أطفالها وهي في سن متأخر، ومن المعروف طبياً أن الأمراض المزمنة تبدأ بالظهور أو تزيد كلما تقدم الإنسان في العمر، وهذه الأمراض المزمنة تزيد مخاطر الحمل والإنجاب وأحياناً تقف عائقاً للحمل والإنجاب.
الفصل الرابع: قيود الزواج المبكر:
إن القول بمشروعية الزواج المبكر في الأصل ليس معناه جوازه على الإطلاق مع كل الفتيات وفي مختلف الأحوال، فقد تحتف ببعض الفتيات بعض الأحوال التي تدل على أن تركه أفضل في حقها، وإنما الذي أنكرناه هو أن يسن قانون عام يمنع فيه جميع الفتيات من هذا الزواج مطلقاً ولو كانت الفتاة متأهلة، دون النظر إلى اختلاف أحوال الفتيات.
وإننا سنذكر هنا القيود التي إذا أضيفت إلى الزواج المبكر جعلته سالماً من هذه الآفات، فمنها:
الأول: أن تكون الفتاة مهيأة بدنياً، فرب فتاة تكون في سن التاسعة أو العاشرة أو الخامسة عشر أو أكثر من ذلك ومع هذا لا تكون مهيأة للزواج لضعف في بدنها أو مرض تعاني منه يجعلها ركيكة لا تقدر على القيام بأعباء الزوجية.
الثاني: أن تكون ناضجة في نفسها، قد تربت على تحمل المسئولية، وليس معنى هذا أن تكون ملمة بجميع أمور الحياة الزوجية من العشرة والحضانة ونحوها، فهذا تفتقر إليه كثير من الفتيات حتى الكبيرات منهن ولاسيما في أزماننا، ولو منعنا الزواج لهذه العلة لمنعنا الزواج مطلقاً، ولكننا نعني أنها فتاة تعرف معنى المسئولية، ثم لا يضرها ما فيها من تقصير فإن أغلب الفتيات يكملن النقص بعد الزواج، مستفيدات من أمهاتهن أو أمهات أزواجهن أو غيرهن من النساء.
وإن مما يدل على مراعاة الأمرين المتقدمين وهما التهيؤ والنضوج هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر جميع الشباب بالزواج، وإنما أمر من كان متهيئاً له بالباءة وهي القدرة على النفقة، فدل على أن الاستعداد للزواج مطلوب .
الثالث: الأفضل عند زواج الصغيرة أن يراعى في الرجل أن يكون قريباً منها في السن إلا لمقصد صحيح، فقد أخرج النسائي في "سننه" وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "المستدرك"، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، عن بريدة قال: (خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة رضي الله عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها صغيرة، فخطبها علي رضي الله عنه فزوجها منه، وهذا إسناد صحيح، وبوَّب النسائي على الحديث بقوله: (تزويج المرأة مثلها في السن).
فيؤخذ من الحديث أن يراعى في الرجل أن يكون قريباً من الفتاة في السن لكونها أقرب إلى الائتلاف بين الزوجين، وأدعى لاستمرار الزواج ، وأما زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها فقد دلت الأحاديث على أن زواجها كان عن طريق الرؤيا ورؤيا الأنبياء حق، فهو أمر أراده الله لها وله صلى الله عليه وسلم، فقد روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أريتك في المنام ثلاث ليال: جاءني بك الملك في سرقة من حرير- أي قطعة من حرير- فيقول: هذه امرأتك، فاكشف عن وجهك، فإذا أنت هي، فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه) وهذا لفظ مسلم، وقد حصل في هذا الزواج المبارك خير عظيم، ومع هذا فلا ندعي الخصوصية فليس معنا دليل على ذلك ولا يقدر أحد على منعه ما دامت المصالح متحققة.
وهذا على القول بما ذهب إليه النسائي في التبويب المشار إليه.
الفصل الخامس: شبهات الداعين إلى تأخيره:
صدق الله لما قال: (الشيطان يعدكم الفقر) فهذه الشبه وأمثالها إنما يلقيها الشيطان وأتباعه من اليهود والعلمانيين على أسماع ضعفاء الإيمان، ليخوفهم من الشرائع.
الشبهة الأولى: أنها إذا حملت في فترة مبكرة فإنها لا تتم حملها بمدته الكاملة لأن جسمها لم يكتمل نموه بعد وأنها قد تتعرض للإجهاض المتكرر.
وهذا غلط، لأن الفتاة لا تحيض ولا تحمل إلا وقد هيأ الله في بدنها ما يجعلها جاهزة لهذه الوظيفة وإلا فكيف تكون حائض ولا تكون جاهزة للحمل فهذا مخالف لقول الأطباء وغيرهم.
والشيء العجيب الذي يستوقف العقلاء أن الله يخلق جسم الجنين على قدر بدن الأم وبطنها، فيخرج الجنين من أم سنها خمسة عشر سنة وجنين آخر من أم سنها ثلاثين سنة في وقت واحد والأول أصغر حجماً من الثاني، وما هي إلا أيام ثم تبدأ علامات التساوي والتماثل في البدن تظهر جلياً على الجنينين فسبحان الله العظيم.
الشبهة الثانية: قد يحصل فيها تشوه للجنين.
وقد أجاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذا السؤال فقال في "مجموع فتاواه": (هذا ما لا نعرفه، الزواج المبكر مطلوب، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج)، هذا هو المشروع، فإذا زوجه عند أهليته للزواج، وعند وجود الشهوة فقد أحسن وليس عليه بذلك بأس، وقول هذا الذي قال تخرص من القول ولا أصل له أن الجنين يخلق مشوهاً في الزواج المبكر، هذا شيء لا أصل له، وإنما هو تنفير من الزواج المبكر بغير حق وبغير علم، وقد زوجنا وزوج الناس أولادهم مبكرين وما رأوا إلا خيراً، ولا نحمل ذلك على الشر الذي قاله هذا القائل)أ.هـ
الشبهة الثالثة: وقد تتعرض الفتاة إلى فقر الدم وخاصة خلال فترة الحمل.
وهذا كسابقه ليس إلا تنفيراً من الزواج المبكر، وكثير من الأطباء يخالفون مثل هذه الدعاوى، وهناك الكثير من الفتيات اللواتي تزوجن في سن مبكرة ولم يحصل لهن شيء من هذه الدعاوى.
الشبهة الرابعة: قد تزداد وفيات أطفال الأمهات الصغيرات بنسبة أكبر من الأمهات الأكبر سناً وذلك لقلة الدراية والوعي بالتربية والتغذية.
وهذه الدعوى إن صحت فليست هي مشكلة الزواج المبكر، وإنما هي مشكلة قلة الوعي والتعليم بخطر المسئولية، على أننا نقول: إن الفتيات الصغيرات إذا ولدن لا يبقين لوحدهن يتحملن مسئولية هذا الطفل الصغير، بل تحطهن القابلات بالعناية التامة والنصائح المتواصلة في باب الرضاعة والغسل والتعامل مع الطفل عندما يمرض وغير ذلك، ولاسيما أم الزوج والتي هي جدة الولد الصغير وهي بمنزلة أمه في الرحمة والشفقة، فتظل القابلات في نصائح مستمرة مع الأم حتى تتكون عند الأم خبرة كبيرة تستطيع أن تقوم بنفسها على الجنين في الحمل القادم وإن كانت في سن صغيرة، وتستغني عن غيرها من القابلات ، وهذا شيء عاشرناه وعرفناه، ولقد رأينا بأم أعيننا فتيات شابات يعلمن نساء كبيرات تزوجن متأخرات، يعلمهن القيام على حضانة الطفل لأنهن تزوجن مبكرات وأصبحن ذات خبرة بحضانة الطفل.
الشبهة الخامسة: ينتج عن الزواج المبكر الحرمان من التعليم.
ونرد على هذه المقالة بأمور:
أولاً: اعتقاد أنه يجب على كل امرأة أن تتعلم وأن تصير جامعية شيء لا يقبله الشرع ولا العقل ولا العرف، فإنه من المعلوم أن هناك من لا ترغب في مواصلة دراستها، وكثير من الفتيات ليس لها رغبة في مواصلة الدراسة وإن لم تتزوج، فجعل الزواج من أسباب حرمان الفتيات من الدراسة غلط.
ثانياً: الزواج المبكر لا يمنع تعليم الفتاة ولا يصادمه لا من بعيد ولا من قريب، وللفتاة أو أبيها أن يشترط على الزوج مواصلة تعليمها الشرعي المنضبط بالشرع، وهناك الكثير من الفتيات تزوجن وبقين على تعليمهن وكانت تجربتهن ناجحة، وإن مما يدل على ذلك تجربة المراكز السلفية في اليمن وبعض الجامعات – غير الاختلاطية – في بعض الدول العربية، فكثير من النساء يدرسن فيها وقد حفظن القرآن وتعلمن شيئاً من الفقه والحديث والنحو وغير ذلك، في الوقت الذي هي تعتبر زوجة في الفراش وأُماً مطالبة بحضانة أطفالها.
سئل الشيخ ابن باز: ما رأي سماحتكم في زواج الطالب القادر على الزواج ، والذي يدرس في الجامعة، هل في ذلك تأثير على دروسه ؟
فأجاب الذي أنصح به هو الزواج المبكر لأنه لا يؤثر على الدروس، وقد كان السلف الصالح من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا، يدرسون ويتعلمون ويتزوجون، فالزواج يعينه على الخير، إذا كان عنده قدرة ، يعينه على الخير ولا يصده عن الدراسة ، ولا يعطله عن الدراسة ، بل يسبب غض بصره ، وطمأنينة نفسه، وراحة ضميره، وكفه عما حرم الله عليه، فإذا تيسر له الزواج ، فالنصيحة له أن يتزوج، وأن يتقي الله في ذلك، وأن يعمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج "لحديث )أ.هـ
ثالثاً: إن المرأة بزواجها المبكر قد لا تتعلم، لكنها في الوقت نفسه تعد لنا أجيالاً من العلماء والمتعلمين والأدباء، وأكثر العلماء والعظماء إذا بحثت عن أمهاتهم تجدهن لا يعرفن القراءة والكتابة.
الشبهة السادسة: اعتبار الفتى والفتاة في سن المراهقة ولا يقوى كل منهما على أخذ القرار المناسب.
والجواب: هذه حجة واهية لأمور:
أولاً: أن الفتاة ستأخذ رأي وليها وتستشيره في أمورها وخصوصاً موضوع الزواج، والمجتمع الإسلامي هو مجتمع المحبة والمؤاخاة والتناصح والتكاتف لا الأنانية.
ثانياً: كيف يفعل المجنون والمجنونة أليسا يزوجان، أم أن هؤلاء لا يرون زواج هذا الصنف من الناس حتى يستقلا برأيهما وقرارهما ؟!
الشبهة السابعة: أن الفتاة لا تستطيع أن تنسجم مع زوجها وأهل زوجها بسبب صغر سنها، وعليه فإن الزواج المبكر يعني الطلاق المبكر:
والجواب من أوجه:
الأول: أن الدراسات الحديثة تبين أن الفتاة الصغيرة فيها من مقومات وأسباب الإنسجام مع الزوج وأهله ما ليس عند الكبيرة، وذلك بسبب أمور منها أن الكبيرة ترى في نفسها استقلالية الشخصية ولاسيما مع دعوى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل، في الوقت الذي تزوجت فيه بعض الفتيات وهي كبيرة ولم تستطع الانسجام مع الزوج وأهله لأسباب كثيرة منها اختلاف العادات أو الشخصيات أو طريقة التفكير أو غير ذلك.
ثم إن الواقع يبين لنا أن الزواج المبكر أبعد من الطلاق، فكل تأخير للفتاة عن الزواج معناه اقتراب الزواج من الطلاق.
2- بيان مهم:
ننبه في الأخير إلى مسائل مهمة وهي:
1- إن بعض هذه الشبه المذكورة لا تتعلق بالزواج المبكر لذاته، فهذه لا تصلح أن تكون شبهة ولا ينبغي أن يثار بها على الزواج المبكر، بل يمكن أن تثار على كل زواج.
2- أن أغلب هذه الشبهات إنما أثارها الأعداء وهم ليسوا محل ثقة بل هم واقعون في تهمة التنفير عن الزواج المبكر.
3- أنه إذا حصل زواج مبكر – إن صح التعبير - ثم حصل فيه نوع من الفشل أو الفرقة، فينبغي النظر فيه إلى أسباب هذا الفشل أو الفرقة، ولا ينبغي النظر إلى التبكير في الزواج على أنه هو سبب هذا الفشل، فإن هذه الأسباب واردة على كل زواج، فهناك مثلاً من لا يحسن التعامل مع الفتاة في ليلة الدخول بها، وهذا شيء موجود حتى مع الزواج المتأخر، وكذلك إذا كانت الفتاة لا تحسن القيام بوظيفتها كزوجة من حيث الفراش وواجب البيت ونحو ذلك.
الفصل السادس: مناقشة قانون تحديد سن الزواج:
تحديد سن الزواج بسن سبعة عشر سنة خطأ لأمور أكتفي بثلاثة منها:
أولاً: منع الزواج بما دون سن السابعة عشرة للفتاة هو منع لما الله تعالى وأباحه، فهو مردود على صاحبه من هذه الجهة.
وإذا كان هناك براهين تثبت تضرر كثير من الفتيات بالزواج المبكر وجب على ولاة الأمر معالجة هذه الأضرار ودفعها عن الفتيات بما لا يمنع من زواجها مبكراً، فكيف وهذا القرار لم يعتمد على دراسات وافية ولا حجج مقبولة سوى الاستجابة لمطالب كثير من المنظمات التي كان مثل هذا القرار ناشئاً عن ضغوطها.
ثانياً: هذه الأضرار الواقعة على الفتاة التي ادعاها من سن مثل هذا القانون، إن صحت أنها أضرار فهي معارضة بأضرار أخرى هي أشد على الفتيات فوجب تقديم الأخف دفعاً للأشد منها، فالفتاة منذ بلوغها سن المحيض إلى سن السابعة عشر تعيش سنوات من الصراع مع الغرائز، ولاسيما تحت هذه الأجواء الملبدة بالمهيجات الجنسية والانحرافات الأخلاقية، فهذا ضرر ينبغي دفعه عنها، بل هو أشد من تلك الأضرار المشار إليها لأنها عامة تتعلق بالفرد والمجتمع، والضرر يزال ولا يزال إلا بهذا الزواج.
ثالثاً: سن البلوغ عند الفتاة يكون قبل السابعة عشر بكثير أحياناً، فقد تبلغ الفتاة في نصف هذا السن أو بعده بقليل، وعليه فإن هذا تفريق بين البلوغ وسن الزواج، فكأن سن البلوغ لا يعني تأهل الفتاة للزواج وهذا لم يقل به أحد، فالكل مجمعون على أن بلوغ الفتاة سن المحيض معناه تهيؤها للزواج والحمل.
الفصل السابع: ماذا يريدون ؟!
المبحث الأول: خطط الأعداء:
إن حرب هؤلاء للزواج المبكر وكذلك الختان، ودعوتهم إلى الإباحية عبر القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت وتحريضهم على الاختلاط بين الجنسين والرياضة النسوية ونحو ذلك، لهي قرائن واضحة على أنهم يريدون سوء بالمرأة المسلمة، فإنهم قد عرفوا أن هذه الأمور صمام أمان بالنسبة للمجتمعات المسلمة فأرادوا أن يهتكوها.
إن ما ذكرناه لك من وقاحتهم في رد حديث عائشة وهو في "الصحيحين" لهو دليل على أنهم يسعون من وراء هذا إلى أهداف خطيرة وهي:
الهدف الأول: تشكيكهم في دواوين السنة ومراجعها العظيمة، وهذا ما صرح به هذا الصحفي الذي تقدمت الإشارة إليه: (لذا فإننا نستطيع وبكل أريحية أن نستدرك على كل كتب الحديث والفقه والسيرة والتفسير، وأن ننقدها ونرفض الكثير مما جاء فيها من أوهام وخرافات لا تنتهي، فهذه الكتب في النهاية محض تراث بشري لا يجب أن يصبغ بالقدسية أو الإلهية أبداً، فنحن وأهل التراث في البشرية على درجة سواء، لا يفضل أحدنا الآخر، فصواب أعمالهم لأنفسهم والأخطاء تقع علينا).
أقول: هذه هي مقاصد القوم إذاً، فقلوبهم حاقدة على الأحاديث النبوية العظيمة التي اشتملت عليها كتب السنة، لأنها لا ترضي أسيادهم في أوروبا وأمريكا !!
ثم يقول: (فهذه الكتب في النهاية محض تراث بشري لا يجب أن يصبغ بالقدسية أو الإلهية) !!
وأقول له ولأمثاله: وهل رضيتم عن كتاب الله أصلاً حتى ترضوا عن السنة ؟! فقد شرقتم بإقامة الحدود وحجاب المرأة وتنصيف ميراثها وابتعادها عن الاختلاط بالرجال، والغناء وغيرها وكلها في كتاب الله.
الهدف الثاني: يريدون أن يشككوا المسلمين في نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم إذا استطاعوا أن يقنعوا غيرهم بأن هذا من العنف مع المرأة، إذن فالرسول صلى الله عليه وسلم قد مارس العنف ضد المرأة بزواجه من عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين وأقر غيره على هذا العنف حيث زوج فاطمة من علي بن أبي طالب وهي بنت ثلاثة عشرة سنة، وكذلك أبو بكر الصديق لأنه رضي لابنته بذلك، وكذلك على بن أبي طالب في تزويجه أم كلثوم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي بنت ثلاثة عشرة سنة، هذا ما يريدونه عليهم من الله ما يستحقون.
الهدف الثالث: تقليل عدد المسلمين والحد من تكاثرهم، لأن الزواج المبكر فيه مصلحة تكاثر المسلمين، وهذا السبب من أعظم أسباب عزة المسلمين وقوتهم.
ولقد فطن الرحالة الألماني "بول أشميد" إلى الخصوبة في النسل لدى المسلمين، واعتبر ذلك عنصرا من عناصر قوتهم فقال في كتاب "الإسلام قوة الغد" الذي ظهر سنة 1936: (إن مقومات القوى في الشرق الإسلامي، تنحصر في عوامل ثلاثة:
(أ) في قوة الإسلام كدين" وفي الاعتقاد به وفي مثله، وفي تآخيه بين مختلفي الجنس واللون والثقافة.
(ب) وفي وفرة مصادر الثروة الطبيعية في رقعة الشرق الإسلامي الذي يمتد من المحيط الأطلسي، على حدود مراكش غرباً إلى المحيط الهادي على حدود أندونيسيا شرقاً.
وتمثيل هذه المصادر العديدة لوحدة اقتصادية سليمة قوية ولاكتفاء ذاتي لا يدع المسلمين في حاجة مطلقا إلى أوربا أو غيرها إذا ما تقاربوا وتعاونوا.
(ج) وأخيرا أشار إلى العامل الثالث وهو: خصوبة النسل البشري لدى المسلمين، مما جعل قوتهم العددية قوة متزايدة، ثم قال: "فإذا اجتمعت هذه القوى الثلاث فتآخى المسلمون على وحدة العقيدة وتوحيد الله، وغطت ثروتهم الطبيعية حاجة تزايد عددهم، كان الخطر الإسلامي خطراً منذرا بفناء أوربا، وبسيادة عالمية في منطقة هي مركز العالم كله).
الهدف الرابع: الزواج المبكر يحفظ المجتمع من الانحراف الأخلاقي، فالزواج المبكر له منافع عظيمة، ومصالح كبيرة تفطن لها أعداء الإسلام.
ولك أن تتصور مع وجود القنوات الفضائية ومواقع الانترنت وغيرها من الأسباب المثيرة للغرائز والشهوات، فلا شك أن الفتاة والشاب سيعيشان مرحلة المراهقة في صراع مع الشهوة، ولاسيما مع الاختلاط الحاصل في كل مكان في الشوارع والأسواق والكليات، ولا شك أن هذا الحال سيؤتي ثماراً مريرة، ولاسيما مع أوضاع الشباب المتردية في الانحلال الخلقي، فما هي النتيجة بعد هذا كله إذا كان الزواج ممنوعاً حتى تبلغ الفتاة سبع عشرة سنة، فما هي الأضرار التي ستنشأ من هذا التأخير ؟!
ولا يمنع أن يكون هناك أهداف أخرى مثل الخوف من الانفجار السكاني وغيره، والله أعلم.
المبحث الثاني: لنا عبرة فيما مضى في دعاة تحرير المرأة:
ففي عهد الشيوعية عندنا - وأنا ممن عاصرتها - كانوا يناضلون عن حق المرأة المزعوم:
1- فأخرجوا النساء بالقوة من القرى والأرياف في بعض النواحي بعد أن سالت الدماء، ونقلوهن إلى أماكن بعيدة عن أهاليهن لتوظيفهن واستغلال طاقتهن المعطلة زعموا !! وبعض النساء عرفن مغزاهم فانتحرن ورمين بأنفسهن من أماكن عالية قبل أن يخرجوا بهن إلى ذلك المكان !!
2- ودعوا في المدن مثل عدن وغيرها - بواسطة المظاهرات النسائية إلى تحريق الشياذر – وهي جمع شيذر وهو عباية قديمة للنساء في المدن - !! وتحريق الشياذر كناية عن تحرير المرأة وتمردها على الشريعة.
3- ودعوا إلى الاختلاط بين الشباب والفتيات في الابتدائية والثانوية فحصل شر كبير، وأقسم بالله الذي لا إله إلا هو أننا إلى اليوم ما زلنا نعاني من آثاره !! ولم يكتفوا بهذا بل إذا رأوا الفتاة متحجبة نزعوا الحجاب عنها.
وما زلت أذكر إلى ساعتي هذه تلك الأيام – وكان ذلك قرابة عام 1406 هـ - كان يدخل بها علينا بعض المدرسين - وهو اليوم من الصحفيين !! - كان يدخل علينا في الثانوية فيأمر الفتيات بنـزع الحجاب من على رؤوسهن، فمن امتثلت بقيت وإلا فينـزعه هو بنفسه، فإذا استسلمت بقيت في الصف وإلا فتطرد، وكم طردت من الفتيات من المدرسة لأنها متحجبة !!
4- ودعوا إلى الاختلاط في العمل الزراعي في بعض المحافظات المجاورة لعدن فأنتج هذا شراً عظيماً !!.
إن فتح الصحف اليوم لهذا الباب لمناقشة مثل هذه الأحاديث وفي هذا الوقت العصيب الذي نعاني فيه من هجوم حاقد على الاسلام على جميع المستويات، وبمثل هذه الأساليب الساخرة، والمتطاولة على أهل العلم، لهو دليل على أن القوم يمكرون المكر السيئ بالشريعة، فأسأل الله أن يحفظ دينه ويعلي كلمته.
وهم لا يهدفون إلى تنقية الشريعة كما يزعمون فأنى لهم ذلك وفاقد الشيء لا يعطيه !! ولو صدقوا لذهبوا ينقون أذهانهم المتلوثة فهذا أولى بهم.
المبحث الثالث: هلا كتبتم عن هذه المواضيع ؟!
وسؤال أخير أوجهه إلى هذا النوع من الصحفيين: أتناضلون عن حقوق المرأة حقاً ؟!! هل قض مضجعكم تدهور حال المرأة ؟!!
فلا تكتبوا عن الزواج المبكر وإنما اكتبوا عن الزنى بجميع صوره، ومنه الزنى بالفتيات الصغيرات اللواتي تجاوزن البلوغ بمدة قليلة بل أقل من ذلك، وهن في سن لو تزوجت الواحدة منهن فيه لغضبتم كثيراً فهو من الزنى المبكر على تعريفكم، فهل ترضون أن تنتقل الواحدة منهن من رجل إلى رجل طوال الليلة ؟!!
اكتبوا عن النوادي الليلية التي تشتمل على الدعارة وأماكن إجهاض الأولاد غير الشرعيين !! اكتبوا عن الفتيات اللواتي ضيعن أخلاقهن في المنتزهات والمحلات التجارية الكبيرة مع الشباب !! واكتبوا عن حال الفساد الأخلاقي الموجود في الجامعات المتمثل بالعلاقات غير الشرعية والمعاكسات، والمراسلة بالصور الخليعة بالجوالات بالبلوتوث وغيره !! اكتبوا عن مثل هذه الحالات فإنكم إذا فعلتم ذلك قدمتم خدمة حقيقية للمرأة !!
اكتبوا عن ترك الصلوات فالمساجد تقيم الجماعة والشوارع ممتلئة كأننا في دول غير مسلمة !! بل اكتبوا عن أمر أهم من ذلك كله اكتبوا عن الذين يسبون الله !! لماذا لا تسخرّون مثل هذه الصحف لمثل المواضيع النافعة التي تصلح العقائد والأخلاق ؟!
إن إعراضكم عن مثل هذه المواضيع، وتركيزكم على الرياضة النسوية، ومحاربة الزواج المبكر، والحجاب، والختان، وغير ذلك من الأمور الشرعية المتعلقة بالمرأة لهو دليل على أنكم تريدون تخريب وتدمير المرأة ، (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا: إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).
فأنصحكم أن تتقوا الله فيما تكتبون، فإنكم ستسألون يوم القيامة إذا وقفتم بين يدي الله (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-15, 11:55   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الرابعة عشرة:
المجتمعات الغربية أسوأ حالاً:



مقدمـــة:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه هي "الحلقة الرابعة عشرة" من: (شبهات حول الإسلام) أوردنا فيها قول من يقول: إن الإسلام هو سبب تخلف المجتمعات الإسلامية، ونحن العرب نعيش في ظلام دامس، وأننا نحن العرب اليوم ننعم بفضل ذكاء هؤلاء الغربيين والذين بسببهم تعيش مجتمعاتنا في رفاهية وتنور، وأن الإنسان - ولاسيما المرأة - يعيش في مجتمعاتنا مهضوماً، بينما في مجتمعات الغرب يعاملونه كإنسان له احترامه وتقديره.
كذا قالوا! وسنكشف للقارئ الكريم زيف هذه الدعاوى، وأن للغرب تاريخاً مخزياً في الماضي وواقعاً مثله في الحاضر، لا تتشرف أي حضارة بأن يكون هذا تاريخها في الماضي، وإن أظهر للعالم أنه بيت التكنولوجيا وموردها إلى دول العالم.
وسنكشف للقارئ حقيقة ما تعيشه المجتمعات الغربية من انحلال وتفسخ أخلاقي إذا رآه أهل البوادي والقرى والشعاب يحمدون الله على نعمة العافية وأنهم نشأوا بعيداً من هذه المجتمعات المنحلة.
وهذه الحلقة تتكون من عدة فصول:
الفصل الأول: الغرب عالة على المسلمين في العلوم.
الفصل الثاني: الغرب عالة على سائر الأمم في الثروات.
الفصل الثالث: فضائح الغرب من الداخل.
الفصل الرابع: الأسباب الحقيقية لتخلف المجتمعات الإسلامية.
الفصل الأول: الغرب عالة على المسلمين في العلوم:
المبحث الأول: اعتراف كبار الغرب بذلك:
1- يقول "غوستاف لوبون" في كتابه "حضارة العرب": (إن حضارة العرب المسلمين قد أدخلت الأمم الأوربية الوحشية في عالم الإنسانية، فلقد كان العرب أساتذتنا.. وإن جامعات الغرب لم تعرف لها مدة خمسة قرون مورداً علمياً سوى مؤلفات العرب، فهم الذين مدَّنوا أوروبا مادة وعقلاً وأخلاقاً، والتاريخ لم يعرف أمة أنتجت ما أنتجوه.. إن أوروبا مدينة للعرب بحضارتها، وإن العرب هم أول من علَّم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين).
ويقول مقدمته لكتابه "حضارة العرب": (وكلما أمعنا في درس حضارة العرب وكتبهم العلمية واختراعاتهم وفنونهم ظهرت لنا حقائق جديدة وآفاق واسعة).
ويقول: (ويعزى إلى "بيكون" على العموم أنه أول من أقام التجربة والملاحظة اللتين هما أساس المناهج العلمية الحديثة مقام الأستاذ، ولكنه يجب أن نعترف قبل كل شيء بأن ذلك كله من عمل العرب وحدهم).
ويقول: (والإسلام من أكثر الديانات ملاءمة لاكتشاف العلم).
ويقول: (إن أوربة مدينة للعرب بحضارتها).
2- ويقول المستشرق الأمريكي "سنكس" في مقدمة كتابه "ديانة العرب": (إن الفكرة الدينية الإسلامية أحدثت رقياً كبيراً جداً في العالم، وخلَّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان).
3- وتقول المستشرقة الألمانية "زيغريد هونكه" في كتابها "شمس الله تسطع على الغرب": (نادى النبي بالطموح إلى المعرفة والسعي إلى العثور عليها، وقد أدى ذلك إلى اندفاع العرب بأسرهم إلى المدارس يعلِّمون ويتعلمون، بينما كان الغربيون يتباهون بجهلهم للقراءة والكتابة).
4- يقول الكاتب الفرنسي "موريس بوكاي" في كتابه "التوراة والإنجيل والقرآن والعلم":ونحن نعلم أن الإسلام ينظر إلى العلم والدين كتوأمين، وأن تهذيب العلم كان جزءاً من التوجيهات الدينية منذ البداية، وأن تطبيق هذه القاعدة أدى إلى التقدم العلمي العجيب في عصر الحضارة الإسلامية العظمى، التي استفاد منها الغرب قبل نهضته).
5- ويقول "دانييل بريفولت" في كتابه "نشأة الإنسانية": (ومنذ عام 700م بدأت إشراقة الحضارة العربية الإسلامية تمتد من شرقي المتوسط إلى بلاد فارس شرقاً وإسبانيا غرباً، فأعيد اكتشاف قسم كبير من العلم القديم، وسجلت اكتشافات جديدة في الرياضيات والكيمياء والفيزياء وغيرها من العلوم.. وفي هذا المجال كما في غيره، كان العرب معلمين لأوروبا، فساهموا في نهضة العلوم على هذه القارة).
6- ويقول المستشرق الأمريكي "إدوارد رمسي": (لقد منح الإسلام المدنية والحضارة قوة جديدة وشجع العالم على درس العلوم باتساعٍ متناهٍ، وهكذا خرج إلى الدنيا فلاسفة وخطباء وأطباء ومؤرخون يفخر بهم الإسلام..
والمسلمون بلا نزاع هم مخترعو علم الكيمياء ومؤسسوه، أما علم الطب والصيدلة فقد حسنوهما تحسيناً عظيماً، وبواسطة المسلمين تقدم علم الفلك سريعاً حتى الطيران، وهم مخترعو علم الجبر ومكتشفو علم الطيران).
7- ويقول المستشرق "روم لاندو" في كتابه "الإسلام والغرب": (حين نتذكر كم كان العرب بدائيين في جاهليتهم، يصبح مدى التقدم الثقافي الذي أحرزوه خلال مائتي سنة، وعمق ذلك التقدم، أمراً يدعو إلى الذهول حقاً! ذلك بأن علينا أن نتذكر أيضاً أن النصرانية احتاجت إلى نحو ألف وخمسمائة سنة لكي تنشئ ما يمكن أن يدعى حضارة نصرانية، وفي الإسلام لم يولِّ كل من العلم والدين ظهره للآخر، بل كان الدين باعثاً على العلم).
8- ويقول المؤرخ العلامة "سيديو": (لم يشهد المجتمع الإسلامي ما شهدته أوربة من تحجر العقل وشل التفكير، وجدب الروح، ومحاربة العلم والعلماء حيث يذكر التاريخ أن اثنين وثلاثين ألف عالم قد أحرقوا أحياء! ولا جدال في أن تاريخ الإسلام لم يعرف هذا الاضطهاد الشنيع لحرية الفكر، بل كان المسلمون منفردين بالعلم في تلك العصور المظلمة، ولم يحدث أن انفرد دين بالسلطة ومنح مخالفيه في العقيدة كل أسباب الحرية كما فعل الإسلام).
9- وقال "سيديو" في كتابه "تاريخ العرب العام" إذ قال: (ونحن حين نلخص ما تمَّ على يد العرب من تقدم في العلوم الصحيحة، نرى سبقهم إلى كثير من الاكتشافات التي يعزى فخر أكثرها إلى علماء أوروبا في القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر).
10- وقول المستشرقة الألمانية "زيغريد هونكه" في كتابها "شمس الله تسطع على الغرب": (إن روجر بيكون أو غاليلو أو دافنشي ليسوا هم الذين أسسوا البحث العلمي.. إنما السباقون في هذا المضمار كانوا من العرب الذين لجؤوا - بعكس زملائهم النصارى - في بحثهم إلى العقل والملاحظة والتحقيق والبحث المستقيم، لقد قدم المسلمون أثمن هدية، وهي طريقة البحث العلمي الصحيح التي مهدت أمام الغرب طريقة لمعرفة أسرار الطبيعة وتسلطه عليها اليوم، وإن كل مستشفى وكل مركز علمي في أيامنا هذه إنما هي في حقيقة الأمر نصب تذكارية للعبقرية العربية.. وقد بقي الطب الغربي قروناً عديدة نسخة ممسوخة عن الطب العربي، وعلى الرغم من إحراق كتب ابن سينا في مدينة بازل بحركة نصرانية عدائية، فإن كتب التراث العربي لم تختفِ من رفوف المكتبات وجيوب الأطباء، بل ظلت محفوظة يسرق منها السارقون ما شاء لهم أن يسرقوا).
11- يقول "دانييل بريفولت" في كتابه "نشأة الإنسانية": (إن ما يدين به علمنا لعلم العرب ليس فيما قدموه لنا من كشوف مدهشة، ونظريات مبتكرة، بل إنه مدين بوجوده ذاته.. ولم يكن بيكون إلا رسولاً من رسل العلم والمنهج الإسلامي إلى أوربة النصرانية، وهو لم يملَّ قط من التصريح بأن اللغة العربية وعلوم العرب هما الطريق الوحيدة لمعرفة الحق).
12- ويقول الكاتب الفرنسي الشهير "موريس بوكاي" في كتابه "التوراة والإنجيل والقرآن والعلم": (وينبغي أن نذكر أنه ما بين القرن الثامن والثاني عشر الميلادي، فترة عظمة الإسلام، حيث كانت التغيرات العلمية مرفوضة في بلادنا النصرانية، كانت كميات معتبرة من الأبحاث والاكتشافات قد تحققت في الجامعات الإسلامية.
هناك وفي ذلك العصر، كنا نرى الوسائل الفائقة في التثقيف، فكانت مكتبة الخليفة في قرطبة تحتوي على 400.000 كتاب، وكان ابن رشد يعلِّم فيها، وينقل فيها العلم اليوناني والهندي والفارسي، ولهذا كان الناس يذهبون إليها من مختلف البلدان الأوربية للدراسة، كما يذهبون في أيامنا هذه لإتمام بعض الدراسات في الولايات المتحدة).
إلى أن يقول: (كان الإسلام منذ القديم موضوع (الذم) في بلادنا. إن كل غربي حصَّل بعض المعارف المعمقة عن الإسلام، يدرك إلى أي مدى قد شوه تاريخه وعقيدته وأهدافه) أي: الإسلام.
13- وتقول "د. لويجي رينالدي": (لما شعرنا بالحاجة إلى دفع الجهل الذي كان يثقل كاهلنا، تقدمنا إلى العرب ومددنا إليهم أيدينا، لأنهم كانوا الأساتذة الوحيدين في العالم).
14- أما المؤرخ الفرنسي "سيديو" فيقول في كتابه "تاريخ العرب العام": (قال همبولد: والعرب هم الذين أوجدوا الصيدلية الكيميائية.. وأدت الصيدلة ومادة الطب اللتان يقوم عليهما فن الشفاء، إلى دراسة علم النبات والكيمياء في وقت واحد).
ويقول: (اتفق للعلوم الطبيعية عند العرب مثل ما اتفق للعلوم الرياضية من الرقي، ويرى همبولد وجوب عدِّ العرب مؤسسين حقيقيين للعلوم الطبيعية بالمعنى الحديث).
وبعد أن يستعرض "سيديو" أغلب وجوه الحضارة الإسلامية ينتهي إلى أن يقول: (وهكذا تجلَّى تأثير العرب في جميع فروع الحضارة الأوربية الحديثة).
15- ويقول الفرنسي "لوي سيديو": (إن قانون نابليون منقول عن كتاب فقهي في مذهب مالك هو شرح الدردير على متن خليل).
منقول عن "الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام" (ص47) للمستشار علي بن علي منصور.
وقال: (إن نتاج أفكار العرب والمسلمين يشهد بأنهم أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة).
16- يقول جار ريسلر في " الحضارة العربية": (لقد وصلت الثقافة العربية إلى درجات العرش حيث كان الخليفة يتحاور مع ابن رشد حول " أرسطو وأفلاطون " في وقت كانت طبقة النبلاء في الغرب تتباهى بجهلها بالقراءة والكتابة، وفي قرطبة كان الحاكم الأموي يملك مكتبة تضم أكثر من 400.000 كتاب بينما لم يكن ملك فرنسا شارل الخامس قادراً بعد ذلك بأربعة قرون على جمع أكثر من ألف كتاب . أما مكتبة ابن عباد فكانت تحوي من الكتب أكثر مما كان يمكن إحصاؤه في كل مكتبات أوروبا مجتمعة).

الفصل الثاني: الغرب عالة على سائر الأمم في الثروات:
المبحث الأول: الغرب نهبوا ثروات المسلمين وغيرهم:
لم تصل أمريكا وأوروبا إلى هذا المستوى من القوة والتمكين والنهضة الاقتصادية، إلا بعد أن اجتاحت بلاد العالم فسرقت موارده وأكلت خيراته ونهبت ثرواته ولاسيما بلاد المسلمين، كما صنعت روسيا في الجمهوريات الإسلامية المجاورة لها وكذلك وبريطانيا في كثير من الدول العربية في آسيا وغيرها واسبانيا والبرتغال في دول أمريكا بقارتيها وغيرهم، ثم استطاعوا بخبرتهم وسياستهم أن يمتصوا هذه الخيرات لتقوية اقتصادهم، وقواتهم العسكرية وبنوكهم الربوية حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم، فهذه النهضة التي يعيشونها اليوم إنما قمت على أنقاض دول وجثث شعوب بأكملها.
المبحث الثاني: الغرب عالة على المسلمين في احتياطي النفط:
حين اجتمعت الدول العربية لأول مرة فمنعت البترول عن بعض دول أوروبا عانى بعض الناس في البلاد الباردة من البرد، واضطروا إلى ركوب الدراجات الهوائية لأنه لا يوجد بترول.
ومنطقة "الشرق الأوسط" تشمل المنطقة العربية التي تملك 60% من احتياطي النفط العالمي وعلى رأس ذلك تأتي مكانة العراق، وهذا يعني أنه باحتلال أمريكا للعراق وسيطرتها على نفطه إضافة إلى السيطرة الأمريكية المطلقة على كل حقول النفط من كازاخستان في الشمال وحتى الخليج تكون قد سيطرت على أكثر من 90% من احتياطي النفط العالمي، وعندما تسيطر أمريكا على هذا الاحتياطي فمعنى ذلك أنها تحكمت بمصادر الطاقة العالمية والذي هو العصب الوحيد الآن للصناعة والتنمية، أي أنها وضعت يدها على أصل استراتيجي كبير في مواجهة منافسيها وخصومها المحتملين في العالم وخاصة في أوروبا وآسيا.
وقد عبر الخبير الاستراتيجي ورئيس تحرير التقريرالاقتصادي العربي أحمد السيد النجار في حوار مع "جريدة البيان الإماراتية" ( 14/2/2003م ) عما يمثله نفطه بالنسبة لأمريكا وما يمكن أن تجنيه من مكاسب من وراء حربها ضد العراق، بقوله: يكفي أن نشير هنا إلى ما قاله "لورانس ليند ساي" قبل عدة أسابيع، وهذا الرجل هو مستشار الرئيس بوش للشؤون الاقتصادية، لقد قال بأن النفط هو الهدف الرئيسي لمساعي الولايات المتحدة لشن الحرب ضد العراق، فالولايات المتحدة عبَّرت - وأكثر من مرة - عن أن السعر المناسب لبرميل النفط هو ما يتراوح بين 15 - 18 دولاراً للبرميل، وغزوها للعراق واحتلاله أو تنصيب حكومة عميلة هناك سيعني على الفور أنها ستتمكن من تحقيق ذلك، بل وربما يغريها الوضع إلى تخفيض السعر إلى ما هو أدنى من ذلك.
وهذا القلق من العراق لأن الشعب بالجملة مسلم قد يستثمر هذه القوة يوماً من الأيام ضد مصالح أمريكا.
يقول "وينبرغر" وزير الدفاع الأمريكى الأسبق: (إنه من غيرالمعقول أن تبقى قوة طليقة تتحكم بنصف احتياطي النفط العالمي، إن ذلك يهدد مصالحنا وطريقها في الحياة) "الشرق الأوسط".
المبحث الثالث: الغرب عالة على المسلمين في أموالهم التي يضعونها في بنوكهم:
وفي بحث بعنوان: "هجرة رؤوس الأموال الإسلامية إلى الخارج في ظل العولمة" وهو مقدم إلى المؤتمر الدولي الثالث للاقتصاد الإسلامي، قدمه دكتور/ عادل حميد يعقوب عبد العال أستاذ الاقتصاد المشارك - قسم العلوم الإدارية، كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية والإدارية – "جامعة الملك خالد كلية الشريعة/ جامعة أم القرى" يقول: (حجم الأموال والاستثمارات العربية بالخارج من 800 - 2400 مليار دولار طبقاً للدراسات المختلفة).
الفصل الثالث: فضـائح الغــرب من الداخل:
المبحث الأول: فضائح الشذوذ:
1- أكثر من 15 ألف مثلي عقدوا قرانهم في بريطانيا في ظرف 9 أشهر. والمثلي: هو من تزوج بمثله كالمرأة تتزوج بالمرأة، والرجل يتزوج بالرجل.
2- ابنة الرئيس الأمريكي تعترف بأنه شاذة جنسياً.
3- ألمانيا تمنح الشاذين جنسياً مزيداً من الحقوق الأسرية.
4- نشرت مجلة " الأوبر فاتوار" الفرنسية تحقيقاً كشفت فيه النقاب عن تهاون القضاء الفرنسي في معالجة قضايا الاعتداءات الشاذة التي ارتكبها بالغون بحق أطفال صغار وذلك بالنظر إلى الأحكام المخففة التي تصدر في مثل هذه القضايا، وجاء في إحصاءات عام 1992م أن 2000إلى 2500طفل ضحية سنوية، ويعانون من حالات خطيرة، وأعلنت وزارة الصحة الفرنسية أنه على مستوى المدارس فإن طفل على الأقل في كل فصل يكون ضحية للاعتداءات الشاذة، أما ما يصل إلى المحاكم فلا يتجاوز 30% من هذه الحوادث).
من "مجلة الأسرة" العدد (9) 1414 هـ - 1994م.
5- روعت بلجيكا بأخبار المجرم الذي اختطف عدداً من الفتيات وتم اكتشاف جثثهن في حديقة منزله، ثم قادت التحريات إلى أن المجرم إنما هو فرد من عصابة تقوم باختطاف الأطفال لاستغلالهم في الدعارة، وقد كتبت جريدة "الحياة" تقول: (لا تزال بلجيكا تعيش حالة ذهول بعد كشف التفاصيل المروعة لأعمال شبكة من الشاذين الذين يقيمون علاقات جنسية مع الأطفال، وهذه القضية تعد الأخيرة في سلسلة شبكات مماثلة كشف عن تورطها في ارتكاب جرائم جنسية ضد أطفال أوروبا وأمريكا الشمالية خلال السنوات الأخيرة).
وأوردت صحيفة أخرى قائلة: (إن ما حدث في بلجيكا لم يكن حالة منعزلة حيث تفيد الأوساط القضائية في بروكسل أن منطقة وسط أوروبا وشرقها قد تحولت بعد انهيار الشيوعية إلى أهم المراكز العالمية للإتجار بأجساد الأطفال ومخزن كبير لتطعيم أسواق الدعارة التي تقوم عليها سياحة الجنس في تلك البلدان).
6- وقد أوردت صحيفة "الشرق الأوسط" أن عدد الأطفال تحت سن 18 الذين يعملون في الدعارة تجاوز المليون طفل في آسيا، ومن مئة إلى ثلاثمائة ألف طفل في أمريكا الشمالية وفقا لإحصائيات اليونسيف والمركز الوطني للأطفال المشردين والمفقودين في واشنطن، وتشير الصحيفة إلى أن السياح الأوروبيين يعدون من أبرز الأسباب في انتشار هذه التجارة نظراً لما يبذلونه من أموال في الدول الفقيرة مثل تايلند والفلبين وغيرهما، حيث تقول الصحيفة: "إن السياح الأجانب وبسبب المبالغ الطائلة التي ينفقونها على هذه الممارسات جعلوا سوق الدعارة أكثر نشاطاً، كما إنهم أغرقوا العالم أيضا بالأفلام الجنسية الخليعة وزادوا من انتشارها).
7- وقد أصبح المؤتمر فرصة لفضح كثير من الممارسات الأوروبية في مجال الدعارة والصور الفاحشة سواء بالنسبة للأطفال أو الكبار فقد أورد تقرير وكالة الأنباء الفرنسية أن تقريراً إيطاليا كشف عن أرقام مثيرة للصدمة بالنسبة لممارسات دعارة الأطفال ولاسيما في جنوب إيطاليا، وذكر التقرير أن الفضيحة التي أثيرت منذ شهرين في "مدينة باليرمو" بجزيرة صقلية حول استغلال عدد من الأطفال الإيطاليين دون العاشرة في الدعارة المباشرة مع بالغين ليست هي حالات معزولة بحال).
والحقيقة أن استغلال الأطفال جنسياً ليس بالأمر الجديد فالغرب يعرف هذا، وقد سنت الحكومة الألمانية عدداً من التشريعات ضد مواطنيها الذين يسافرون إلى جنوب شرق آسيا لممارسة هذه الجرائم، وقد نشرت الصحف الأوروبية أيضا عن اكتشاف شركات دنماركية تتاجر في الصور الخليعة للأطفال، كما أن الولايات المتحدة تعاني من ظاهرة الأطفال الضائعين والهاربين أو المخطوفين، وقد خصصت محطة التلفاز الإخباري (سي إن إن) عدة برامج لبحث هذه المشكلة، ومما ورد في هذه البرامج أن أمريكا تعاني من تفاقم مشكلة اختطاف البنات والأولاد دون سن العشرين، وذكرت المحطة أن عدد المخطوفين يصل إلى عشرات الألوف، وقد تكونت جمعيات تطوعية للبحث عن الأطفال المخطوفين وتستخدم هذه الجمعيات وسائل كثيرة من بينها الطائرات.
المبحث الثاني: نتائج الزنى:
1- إن نسبة الحبالى من تلميذات المدارس الأمريكية قد بلغت 48 % ثمان وأربعون بالمائة.
2- ونقل عن جريدة "الأحد" اللبنانية في عددها (650): (أن الفضائح الجنسية في الجامعات والمعاهد الأمريكية بين الطلاب والطالبات تتجدد وتزداد عاما بعد عام، وأن الطلاب يقومون بمظاهرة في بعض جامعات أمريكا، ويهتفون فيها قائلين: (نريد فتيات، نريد أن نرفه عن أنفسنا) وذكرت أن هجوماً ليلياً وقع من الطلاب على غرف نوم الطالبات وسرقوا ثيابهن الداخلية).
3- وقال عميد الجامعة معقباً على ذلك الحدث: (إن معظم الطلاب والطالبات يعانون جوعاً جنسياً رهيباً، ولا شك أن الحياة العصرية الراهنة لها أكثر الأثر في تصرفات الطلاب الشاذة).
4- وقد أشارت الإحصائيات في الأعوام المتأخرة على أن (120) ألف طفل أنجبتهم فتيات بصورة غير شرعية، لا تزيد أعمارهن على العشرين، وأن كثيراً منهن من طالبات الجامعات، وذكرت أن الطالبة لا تفكر إلا بعواطفها، وبالوسائل المتجاوبة مع العاطفة، وأن أكثر من 60 % ستين بالمائة من الطالبات سقطن في الامتحانات، وتعود أسباب فشلهن إلى أنهن يفكرن في الجنس أكثر من دروسهن ومستقبلهن، وأن 10% عشرة بالمائة فقط ما زلن محافظات، انظر ما نقل من جريدة "الأحد" اللبنانية عدد (650).
5- وتقول إحصائية رسمية أمريكية: إنه يولد سنويا في مدينة نيويورك طفل غير شرعي من كل ستة أطفال يولدون هناك "صحيفة الأخبار المصرية" العدد 2/ 7 / 1968، ولا شك أن العدد على مستوى الولايات المتحدة يبلغ الملايين من مواليد السفاح سنويا.
6- إن إحصائيات عام 1979م تدق ناقوس الخطر، فعدد اللواتي يلدن سنوياً من دون زوج شرعي وفي سن المراهقة لا يقل عن ستمائة ألف فتاة بينهن لا أقل من عشرة آلاف فتاة دون سن الرابعة عشر من العمر، وإذا أضيف عدد اللواتي يلدن بدون زوج بعد سن المراهقة فإن العدد الإجمالي يتجاوز المليون. "عمل المرأة في الميزان" (ص131) عن كاتب أمريكي في مجلة أمريكية كبرى.
7- ومن عام 1980 إلى عام 1990م: كان بالولايات المتحدة ما يقارب مليون امرأة يعملن في البغاء. وفي عام 1995م: بلغ دخل مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية 2500 مليون دولار.
8- والخيانة الزوجية لا تشكل جريمة في القانون الإنجليزي والفرنسي والإيطالي والألماني والبلجيكي والياباني والدول الاسكندينافية وقوانين الدول الاشتراكية والاتحاد السوفيتي سابقاً وعدد كبير من الولايات الأمريكية.
المبحث الرابع: ظلم المرأة:
قتل النساء في الولايات المتحدة وغيرها:
كل يوم تقتل عشر نساء من قبل الزوج أو الصديق, من هذه الحالات (75%) يتم القتل بعد أن تترك المرأة صديقها فينتقم منها بالقتل، أو تطلب الطلاق من زوجها, أو تعصي زوجها.
في روسيا عام 1995 نصف حالات القتل هناك تمت ضد النساء من قبل أزواجهن, أو أصدقائهن, وفي عام 93 قتل (14000) امرأة, وجرح (54000 ) جراحات شديدة.
ملاجئ النساء:
في الولايات المتحدة فقط 1400 ملجأ للنساء المضروبات, أو الهاربات من أزواجهن, وهن اللاتي لا يجدن ملجأ عند أهل أو أقارب.
- في كندا 400 ملجأ، وفي ألمانيا 325، وفي بريطانيا 300، وفي أستراليا 270، وفي نيوزيلندا 53، وفي هولندا 40، وفي استراليا 19، وفي إيرلندا 10، وفي اليابان 5.
ضرب النساء:
ونشرت "مجلة التايمز" تحقيقاً حول حوادث الضرب التي تتعرض لها الزوجات الأمريكيات، فقالت: إن من بين 2000 إلى 4000 زوجة تتعرض للضرب الذي يفضي إلى الموت.
- المقتولات في أمريكا من قبل أزواجهن أو أخلائهن: طبقا لإحصائيات مكتب التحقيقات الفدرالي، فإن30 % من ضحايا قتل الإناث بالولايات المتحدة الأمريكية في 1990م قد قتلن من قبل أزواجهن أو أخلائهن، وقد بلغ ذلك تقريبا 3000 امرأة.
- 80% من الأمريكيات يعتقدن أن الحرية التي حصلت عليها المرأة خلال الثلاثين عاما هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن، 75% يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسخ العائلي.
- و80% يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه الزوج والأولاد. و 87% لو عادت عجلة التاريخ للوراء لاعتبرن المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة وقاومن اللواتي يرفعن شعاراتها.
- و42% من الأمريكيات يتعرضن لتحرشات جنسية في أماكن العمل والدراسة والمنتديات والشوارع.
- 6 ملايين امرأة تضرب في بيوتهن دون أن يبلغن الشرطة أو يذهبن إلى المستشفى، وعشرات الآلاف دخلن المستشفيات للعلاج من إصابات تتراوح بين كدمات سوداء حول العين وكسور في العظام وحروق وجروح وطعن بالسكين وجروح الطلقات النارية وبين ضربات أخرى بالكراسي والقضبان المحماة.
- 20% من النساء اللاتي شملتهن الدراسة (دراسة عن النساء المغتصبات في أمريكا) اعترفن أنهن اغتصبن من قبل أصدقائهن. و24 امرأة جرى الاعتداء عليهن نهارا في إحدى حدائق نيويورك.
- دلت الإحصاءات الحديثة أن ربع طالبات المدارس الثانوية حبالى، وأن البكارة مفقودة البتة، وفي مدينة (نفز) عاصمة (كولورادو) تبلغ نسبة الحبالى من تلميذات المدارس الثانوية 48%. يقول القاضي لندرس: (إنه يسقط في أمريكا مليون حمل على الأقل في كل سنة، ويقتل آلاف الأطفال فور ولادتهم). وفي أمريكا مليون طفل يولدون سنوياً من السفاح.
- 85% من الزيجات في الدول الغربية تنتهي بالطلاق.
- في دراسة باسم (جهنم شخصية) في "مجلة تايم الأمريكية" بالنسبة للطفل أو المرأة يعتبر البيت أشد خطرا من الشارع والعنف المنزلي يسبب في سقوط ضحايا أكثر مما تسببه الأمراض أو حوادث الطريق، وحسب الإحصائيات الأمريكية: 80% من جرائم القتل هي جرائم عائلية، و (24،500) جريمة عائلية في عام 1993م، و 48 % من الجرائم مسرحها البيت.
- وفي عام 1982م: 80% من المتزوجات منذ 15 عاما أصبحن مطلقات.
- في عام 1995م: 82 ألف جريمة اغتصاب، 80% منها في محيط الأسرة والأصدقاء، بينما تقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي 35 ضعفاً.
- 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح، و4 آلاف يقتلن كل عام ضربا على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن.
74% من العجائز الفقراء هم من النساء، 85% من هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعد.
- ومن 1979م إلى 1985م: أجريت عمليات تعقيم جنسي للنساء اللواتي قدمن إلى أمريكا من أمريكا اللاتينية، والنساء اللاتي أصولهن من الهنود الحمر، وذلك دون علمهن.
من 90ـ95% من ضحايا العنف العائلي في أمريكا هم من النساء.
- ضرب الزوجات في أمريكا: انتشرت عادة ضرب الرجل زوجته في الغرب على المستويات الاجتماعية والثقافية ودون ضوابط، وتقول الإحصاءات إن في أمريكا كل 15ثانية يضرب أحد الأزواج زوجته ضربا مبرحاً.
74% من العجائز الفقراء هم من النساء، 85% من هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعد.
تجارة الرقيق الأبيض:
انتشرت في أوروبا تجارة النساء فبعد أن كانت بضاعتها تأتي من الدول الأسيوية وأفريقيا وأمريكا اللاتينية أصبحت دول أوروبا الشرقية منبعا لهذه التجارة، ويحكي تقرير "جريدة التايمز اللندنية" عن امرأة بولندية كانت تبحث عن وظيفة لإعالة ولديها، عرضت عليها وكالة عمل وظيفة مقابل ثمانمائة دولار شهرياً للعمل في مطعم في ألمانيا، ولكنها لم تعمل قط في مطعم حيث أخذت واغتصبت وأجبرت على العمل بغياً، ثم نقلت بعد عدة أشهر إلى هولندا لتعمل في المنطقة الحمراء من المدينة، ولما حاولت الهرب أعيدت واعتدي عليها بالضرب المبرح على رأسها وفي بطنها وكان يطلب منها دخل معين كل يوم.
وتداعت أوروبا أيضا بعقد مؤتمر للنظر في هذه التجارة المتزايدة في شهر يونيه عام 1996م، وتقول "أنيتا جاردين" المكلفة من قبل الاتحاد الأوروبي بتنظيم هذا المؤتمر بأن القضية ليست قضية أمن بحيث يمكنك إغلاق الحدود، وحتى لو تم القبض على المجرمين المتهمين بتهريب الأشخاص فإن الأحكام في العادة لا تتجاوز سنة أو سنتين في السجن بينما عقوبة تهريب المخدرات بين عشر إلى اثنتي عشرة سنة في السجن، وذكر التقرير أن القائمين على تجارة الرقيق الأبيض غاية في التنظيم، فمن بين هؤلاء تم القبض على رجل بولندي مسؤول عن إرسال أكثر من مائتي امرأة إلى ألمانيا وهولندا منذ عام 1994م، ومن بين هؤلاء النساء من لا تتجاوز أعمارهن السادسة عشرة.
ومما يدفع النساء إلى العمل هو الحصول على المال، ولكنهم بعد فترة من العمل الإجباري على البغاء ولو قررت إحداهن ترك العمل فإنها في الغالب لا ترجع إلا بأقل المكاسب بينما يحقق الغنيمة الكبرى هم الذين يديرون شبكات استرقاق النساء.
المبحث السابع: الأمراض العقلية:
تقول الإحصائيات في "الولايات المتحدة الأمريكية": (إن المرض العقلي يشكل أخطر تهديد لصحة أبناء شعبها إذ يشير تقدير المعهد القومي للصحة العقلية الصادر في يوليو 1954 إن عدد المرضي الذين ترعاهم مستشفيات الأمراض العقلية يناظر مرضي المستشفيات الأخرى مجتمعة على اختلاف أنواعها ولا يتدرج بطبيعة الحال في هذا الإحصاء عشرات الآلاف من الحالات المرضية التي لم تقصد المستشفيات وإنما تولى علاجها إذا قدر لها أن تحظى بالعلاج أطباء الأمراض العقلية).
ذكر الكاتب الأمريكي "إريك جون ونج وول" في كتابه (المرأة الأمريكية) أن في الولايات المتحدة نحو عشرين مليونا ممن يعانون الأمراض النفسية والعصبية.
وورد في تقرير رسمي خطير لوزارة الشئون الاجتماعية السويدية: أعلنت الدولة أن 25% من السكان في السويد مصابون بأمراض عصبية ونفسية، وأن 30% من مجموع المصروفات الطبية في السويد تنفق في علاج الأمراض العصبية والنفسية، وأن 40% من مجموع الأشخاص الذين يحالون إلى التقاعد قبل سن المعاش بسبب العجز التام عن العمل هم من المرضى المصابين عقليا.

المبحث الثامن: الاختطاف:
1- تعاني الولايات المتحدة من ظاهرة الأطفال الضائعين والهاربين أو المخطوفين، وقد خصصت محطة التلفاز الإخباري (سي إن.إن) عدة برامج لبحث هذه المشكلة، ومما ورد في هذه البرامج أن أمريكا تعاني من تفاقم مشكلة اختطاف البنات والأولاد دون سن العشرين، وذكرت المحطة أن عدد المخطوفين يصل إلى عشرات الألوف، وقد تكونت جمعيات تطوعية للبحث عن الأطفال المخطوفين وتستخدم هذه الجمعيات وسائل كثيرة من بينها الطائرات.
2- إن هناك 75% من نساء ألمانيا يشعرن بالخوف خارج المنزل عند حلول الظلام، وترتفع النسبة في بعض المدن إلى 85%، وقد خصصت بلدية لندن حافلات خاصة بالنساء من الساعة السادسة مساء إلى منتصف الليل بسبب الاعتداء عليهن.
المبحث التاسع: الاغتصاب والاعتداء الجنسي:

1- في تقرير أخير نشرته مجلة الطب النفسي الأمريكية عن الاعتداء الجنسي خلال العمل ذكرت أنه 42% من النساء العاملات يتعرضن له، وأنه فقط أقل من 7% من الحوادث يرفع إلى الجهات المسئولة وأن 90% من المعتدى عليهن يتأثرن نفسيا و12% منهن يذهبن لطلب المعونة الطبية النفسية.
مترجم من مجلة "الطب النفسي" الأمريكية يناير 1994(ص10).
2- في أمريكا نسبة "إمكان اغتصاب المرأة" ما بين واحدة إلى خمس, والتقديرات المحافظة, واحدة إلى سبع, أي أنه من بين كل (خمس نساء) إلى (سبع نساء) تكون إحداهن تعرضت للاغتصاب, أو ستتعرض له في حياتها.
3- عدد المغتصبات اللاتي سجلن حوادث اغتصابهن عند الشرطة في عام 96 كان90430, أما اللاتي لم يسجلن حادثة الاغتصاب فيقدرن بـ 310000 حالة.
4- عدد حالات الاغتصاب في كندا: المسجلة (20530) وليس هناك إحصاء لغير المسجلات, ولكن في كندا (150) مركزاً لمساعدة المغتصبات اللاتي يأتين لطلب المساعدة, بعد الاغتصاب، ورقم المراكز في (أمريكا) لا تتوفر له إحصائية, وذلك أن منه الرسمي, والتطوعي.. ومن يعرف المجتمع, يعرف مدى انتشار هذه المراكز, فهي خدمة اجتماعية منتشرة في الأحياء, والجامعات.
حالات الاغتصاب المسجلة في ألمانيا (5527) لم تشر الكاتبة لتقدير الأرقام غير المسجلة".
6- في جنوب إفريقيا (2600 ) حالة مسجلة, وغير المسجل يقدر بـ386000، وإسرائيل بها سبعة مراكز لمساعدة المغتصبات، وبنغلاديش بها مركز واحد، وروسيا سجل فيها (14000) أما التقدير للحالات فهو من أعلى دول العالم : (700000)، في أستراليا (75) مركزا لمساعدة المغتصبات، وفي نيوزيلاندا (66).
وقد نشر "مركز الضحايا الوطني" و"مركز الأبحاث ومعالجة ضحايا الاغتصاب" أن ثمان وسبعين امرأة يتعرضن للاغتصاب كل ساعة أي 683 ألف امرأة سنوياً، أما التعرض للمضايقات الجسدية أو التحرش الجنسي فحدث ولا حرج، فإذا كان الاغتصاب يصعب تحديد حالاته بدقة لأن نسبة كبيرة من النساء لا يبلغن عن حدوثه وذلك لصعوبة إثباته أو للمضايقات التي يتعرض لها إذا ما أقدمن على الشكوى(125)، فإن تعرض المرأة للمضايقات الجنسية بلغ حداً كبيراً، ومما يلفت الانتباه أن ثلثي الشرطيات البريطانيات يتعرضن للمضايقات الجنسية من زملائهن في العمل مما أدى إلى قيام إدارة الشرطة بتكليف عالمة نفس بدراسة الوضع واقتراح الحلول المناسبة.
اغتصاب الرجال:
ومن العجائب أن جرائم الاغتصاب في الغرب لم تقتصر على اغتصاب النساء فقط، بل إن الغرب بدأ يشهد أمراً عجيباً وهو تعرض الرجال للاغتصاب، فقد ذكرت "صحيفة التايمز اللندنية" أن الرجال أصبحوا هم أيضاً ضحايا الاغتصاب، وأن القانون قد يعترف بجريمة جديدة هي اغتصاب الرجال، فالقانون الذي وضع عام 1956م لا يعترف باغتصاب الرجال، ولكن الاتجاه الآن إلى اعتبار الاغتصاب جريمة بغض النظر على من وقعت رجلا أو امرأة، وقدمت الصحيفة بعض الأرقام حول حوادث اغتصاب الرجال فقد وصلت إلى الشرطة 516 حالة عام 1982م ارتفعت إلى 1255 حالة عام 1992م، أما حالات التحرش بالرجال فقد ارتفعت من 2082 حالة عام 1982م إلى 3119 عام 1992م وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه الحالات تقع في السجون.
المبحث العاشر: ضياع الأطفال وبيعهم:
1- -60% من أطفال الحضانات يعانون من المشاكل النفسية، أهمها العناد والعدوانية.
جريدة "الشرق الأوسط" عدد (5250).
2- في بدايات 1990 م أقيم لقاء تلفزيوني مع رئيسة وزراء بريطانيا ما رجريت تاتشر جاء فيها: (تضاعف عدد الرجال والنساء المرتبطين بعلاقة غير شرعية ثلاث مرات في الفترة من 1979 حتى 1987 والمحصلة 000, 400 طفل غير شرعي وهذا دفع المعلقين إلى المطالبة بإعادة النظر في العلاقات الإنسانية).
فقالت: (إن الحكومة سوف تتخذ من الإجراءات ما يجبر هؤلاء الآباء على تحمل نصيبهم من المسئولية).
وتقول: (إن المرأة هي الخاسرة، وهي التي تتحمل العبء الثقيل لهذا التحرر المزعوم). "الشرق الأوسط" 21/1/1990م.
3- وهناك 6 ملايين حالة ضرب شديد من قبل الوالدين في أمريكا، 3 آلاف منهم يؤدي بهم الضرب إلى الموت.
4- - في تقرير نشر في أمريكا جاء فيه: (إن واحداً من بين كل ستة أطفال في أمريكا يعاني من الفقر، وفي التقرير السنوي لصندوق الدفاع عن الأطفال الأمريكيين والمسمى الكتاب الأخضر: أظهرت إحصاءات الحكومة عن الفقر لعام 1999م أن أكثر من 12 مليونا من أطفال أمريكا يعيشون تحت خط الفقر على المستوى الاتحادي.
5- يعتقد الخبراء مثل "رايان ريني" من المركز الوطني لادعاء الاعتداء على الأطفال أن عدد وفيات الأطفال سنوياً بسبب القسوة قد يصل إلى (5،000).
6- في الولايات المتحدة في عام واحد (5600) طفل دخلوا المستشفى بسبب ضرب أمهاتهم العاملات لهم غالبهم تعرض لعاهات بسب الضرب.
7- وهناك 12 مليون طفل أمريكي مشرد في ظروف غير صحية، وفي إحصائية أخرى تبين أنه يباع في أمريكا أكثر من (5000) طفل كل سنة، في عام 1990م اتخذ البرلمان الأوربي قراراً يدين الولايات المتحدة على قيام الأمريكيين على نطاق واسع بشراء الأطفال في الأحياء الفقيرة في هندوراس وغواتيمالا، لاستخدام أعضائهم لزراعتها في أجسام أخرى.
8- كتبت جريدة الأهرام في 29/5/1974م: (زادت أعداد الأمهات اللائي يعرضن الأولاد غير الشرعيين للبيع في أوربا بعد أن وصل السعر إلى أكثر من ألف جنيه للطفل الواحد وأكثر من ذلك.. إن صفقات البيع تتم قبل أن يولد الطفل، وقوائم الانتظار تضم مئات الطلبات).
وتجري الآن دراسات واسعة حول انتشار هذه الظاهرة الخطيرة في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وأمريكا بعد أن بدأت تأخذ شكلَ سوق سوداء يديرها طبيب إنجليزي اسمه: د. سانج، له مستشفى ولادة خاص به في لندن".
المبحث الحادي عشر: الإجهاض:
يعتبر الإجهاض جريمة في كل الشرائع والقوانين، وفي أمريكا قضية الإجهاض له زخم إعلامي كبير، وما زالت المواجهات محتدمة بين أنصار الإجهاض وخصومه, ولذلك أثره الكبير ونقاشه العام, حتى على مستوى من يفوز في الانتخابات, قد يساعد على أن يحدد مصيره, موقفه من الإجهاض، فالمحافظون المتدينون ضده, ويتهمون المجهضين والموافقين بأنهم قتلة للأطفال, والمعارضون يسمون أنفسهم أنصار الاختيار, وقد اشتدت المواجهات بالسلاح بينهم، وكل ذلك حول أطفال أغلبهم من السفاح.
وإليك هذه الإحصائية: بين عامي 1990 و1995 تم اغتيال خمسة من العاملين في عيادات الإجهاض و12 حادثة محاولة أخرى, و196 حالة تهديد بالقتل, و65 حادثة مسلحة أو تفجير, تمت للعيادات, و30 محاولة غير ناجحة, و 115 تهديدا بالتفجير, و372 محاولة تخريب و إضرار بالعيادات التي تنفذ الإجهاض.
ويموت في العالم ما يزيد عن 200000 امرأة, تموت سنوياً، بسبب محاولات الإجهاض غير المسموح به, أغلبهن في آسيا ص 38 - 39 وقد كان شعار أنصار "عدم الإجهاض": (أوقفوا القتل).
ولكن لما زادت محاولاتهم في قتل الأطباء وتخريب العيادات، بدأت تظهر دعايات ضدهم, وكاريكاتيرات تقول : (أوقفوا القتل أنتم أيضاً), وهناك أحد هؤلاء الذين فجروا عيادات في "كارولاينا", لم يزل هارباً - منذ ما يزيد عن عام - وينشر الرعب, هو وأنصاره, ولم يقبض عليه إلى الآن, وهو هارب في الغابات, ويتهم مجموعة من "المتدينين" أنهم يناصرونه.
كتبت "صحيفة التايمز" اللندنية مقالة بعنوان (أمريكا تفقد حريتها) تناولت حوادث القتل التي يقوم بها جماعة من المتطرفين الدينيين ضد الأطباء والعاملين في عيادات الإجهاض، ويتعجب كاتب المقال عن هذه الحضارة المزعومة التي يضطر فيها الطبيب أن يرتدي سترة ضد الرصاص وهو متوجه إلى عمله أو أن تضطر هذه العيادات للاستعانة بالشرطة.
في تقرير إحصائي أصدرته منظمة الصحة العالمية في عام 1962م ذكرت منظمة الصحة أنه يجري في كل عام 15 مليون حادثة إجهاض أو قتل جنين، وهذا الرقم يمثل فقط العمليات السرّية غير المشروعة قانونًا، أما الدول التي تسمح بهذا العمل كالدول الإسكندنافية ومعظم دول أوربا التي تبيح الإجهاض فهي غير داخلة في الإحصاء.
وفي المجر أعلن بروفسور مجري أن عدد حالات الإجهاض التي تحدث في العالم أصبحت تبلغ 30 مليون حالة سنويًا، وأن عدد تلك العمليات في بعض الدول كألمانيا والنمسا وبلجيكا يفوق عدد حالات الوضع.
وفي إنجلترا يبلغ العدد الإجمالي لحوادث الإجهاض عام 1391هـ تقريبا 80723 حادثة، والأرقام في زيادة مستمرة.
المبحث الثاني عشر: احترامهم للإنسان:
نأتي إلى ما يدلل على مدى احترام هذه الدول الغربية للإنسان، فهناك اقتراح يدعو إلى تصدير التلوث إلى العالم الثالث, أي: يدعو إلى نقل النفايات والمواد الملوثة إلى العالم العربي والإسلامي, وقد كان هناك خبير اسمه "لويس سومر" وهو كبير الخبراء الاقتصاديين بالبنك الدولي, يقترح تصدير الصناعات التي ينتج عنها التلوث إلى دول العالم الثالث, يعني أن تنتقل إلى دول العالم الثالث.
وهناك تقرير نشر في عدد من الصحف والمجلات منها مجلة "المجتمع الكويتية" ومنها جريدة "المدينة" وهو تقرير غريب وخطير يقول بعد كلام طويل: (إن الغرب يصدر كل شيء ملوث إلى العالم الإسلامي, دون تحفظ).
ويقول: (إن أمريكا اكتشفت أن هناك بعض "البجامات" تتسبب في السرطان, وفوراً منع تداول هذه "البجامات", وبعد هذا المنع قامت الشركة التي انتجتها بتصديرها إلى دول آسيا وإفريقيا، وفي خلال تسعة أشهر بعد المنع استطاعت أن تصدر ما يزيد على مليونين "بجاما" إلى أطفال آسيا وإفريقيا.
وأول شيء فعله الرئيس "ريجان" بعد وصوله إلى كرسي الرئاسة هو الغاء القرار السابق, والقاضي بعدم تصدير مواد سامة إلى العالم الثالث دون علمه, ولا تزال القوانيين الأمريكية والأوربية حتى هذه اللحظة تبيح تصدير جميع المواد السامة والأغذية الملوثة, والمواد المسببة للسرطان والمبيدات الحشرية الممنوعة في أوربا وأمريكا, تبيح تصدير ذلك كله إلى إي دولة من دول العالم الثالث, ودون أن تخبر هذه الدولة بالمواد السامة المرسلة إليها).
ومن عجائب هؤلاء الناس ما ذكره أحدهم في كتابه حول "التنصير" من أن هذه البعثات الطبية التنصيرية تستغل في إجراء التجارب حول مدى صلاحية الأدوية التي ترفض هيئات الأغذية والأدوية إجراءها على المجتمع الغربي، قبل أن تثبت فعاليتها في الأرانب أو الفئران، فيؤتى بها إلى المناطق التي تتركز فيها مستشفيات ومستوصفات ومختبرات تنصيرية، فتجرى فيها التجارب على البشر، ثم يكتب بها تقارير إلى هيئات الأغذية والأدوية الغربية لإقرار استخدامها لتركب وتصنع ثم تصرف للناس.
المبحث الثالث عشر: الأمراض الجنسية:
1- في عام 1993 كان هناك 13000 ألف شخص يصاب يوميا في العالم، والمتوقع أن يصاب بالإيدز ما يقدر بـ60 إلى سبعين مليوناً من البشر بل هو أكثر من ذلك بكثير، ومناطق العالم الإسلامي هي الأقل إصابة به في العالم.
2- في عام 1995 في أمريكا وكندا بلغ عدد المصابين ما يزيد عن مليون وثلاثمائة رغم التوعية الصحية والإعلامية، وأعلى الأرقام في "إفريقيا - جنوب الصحراء" يصل إلى 3 ملايين و360000.
ونتيجة لانتشار البغاء والزنا والشذوذ الجنسي فقد انتشرت الأمراض التناسلية انتشاراً ذريعاً في المجتمعات الغربية، ويعتبر السيلان "الجونوريا" أحد أكثر الأمراض انتشاراً في العالم وهناك مئات الملايين الذين يصابون به في كل عام، وقد كان هذا المرض من أسهل الأمراض علاجاً ولكنه اليوم لم يعد كذلك فقد تعودت البكتريا المسببة له على مختلف المضادات الحيوية وأصبح من العسير القضاء عليها، وجاء في "مرجع مرك الطبي" "عام 1977 الطبعة الثالثة عشر: (أن عدد المصابين بالسيلان في الولايات المتحدة عام 1976 كانوا ثلاثة ملايين نسمة، وأن عددهم في العالم بلغ أكثر من 250 مليون نسمة حسب إحصاءات هيئة الصحة العالمية وكذلك عاد إلى الظهور مرض الزهري بعد أن كاد يندثر ويختفي بعد ظهور البنسلين، ولكنه الآن عاد بمناعة ضد البنسلين، وفي الولايات المتحدة سجلت 400،00 حالة عام 1976، وذكرت هيئة الصحة العالمية أن عدد المصابين بالزهري جاوزوا الخمسين مليوناً عام 1976 م).
3- ليس ذلك فحسب ولكن ظهرت أمراض تناسلية لم تكن معروفة من قبل وخاصة بين الشاذين جنسياً، فقد انتشر بين هؤلاء الشاذين التهاب الكبد الفيروسي من فصيلة (ب) فإن الفيروس ينتقل مع إفرازات الجهاز الهضمي من الشرج وينتقل إلى القضيب ومنه إلى جسم الشاذ والعكس صحيح ينتقل مع المني إلى القناة الشرجية ومنه إلى بقية الجسم.
4- وكذلك دلت الأبحاث على زيادة كبيرة في سرطان القناة الشرجية والمستقيم لدى المخنثين، وانتشر مرض هربس التناسل في أمريكا وأوروبا، وقد بلغ عدد حالات الهربس عام 1982 في الولايات المتحدة عشرين مليون حالة، وفي بريطانيا مائة ألف حالة.
كما ظهر مرض الايدز أي مرض فقدان المناعة المكتسب وهو مرض مميت خلال عامين أو ثلاثة من بداية ظهور الأعراض، ويصيب أساساً المخنثين 70%من مجموع الحالات، وقد بلغ عدد الحالات المسجلة بمرض الإيدز ما يقارب خمسين مليون إنسان، طبقاً لآخر التقارير الصادرة من "منظمة الصحة العالمية".










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-15, 11:59   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الرابع: الأسباب الحقيقية لتخلف المجتمعات الإسلامية:
الأمة الإسلامية تمثل أكبر تجمع بشري على وجه الأرض، ويفوق تعداده الألف مليون نسمة، وتربو مساحة دولها الخمسين على ربع مساحة اليابسة أرضاً متصلة ومتكاملة من حيث المناخ والتضاريس والطبيعية وتوسط العالم وتنوع مصادر المياه فيها, وتبلغ مساحة المزروع منها نحو أربعمائة مليون فدان خلافاً للمساحات الشاسعة الصالحة للزراعة, وتمتلك نحو ثلاثة أرباع احتياطي النفط في العالم وأكثر من ربع احتياطي الغاز الطبيعي, خلافاً للطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المائية والهوائية والهيدروجينية الهائلة, وتمتلك رصيداً ضخماً من خامات المعادن, وتسيطر على خطوط المواصلات البحرية والجوية في العالم، ولكن مع هذا فهي دول متأخرة تكنولوجياً لعدة أسباب:
الأول: تجزئة العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة، وتفرقة أهله والتحريش بينهم بأنواع المكائد، حتى تبقى هذه الدول ضعيفة عاجزة عن أن تأخذ حقها، لكل دولة قضايا خاصة بها غير قضايا الدول الأخرى: وتعتبر هذه القضية هي أكبر ضربة ضرب بها المسلمون، فلقد أنهكتهم القوى وسلبتهم التناصر على الحق والدين.
ولم يكتف الأعداء بهذا التفريق الجغرافي بل ذهبوا يدسون الدسائس بالأفكار والأقوال التي تزيد المسلمين شتاتاً وفرقة، فقد زرعوا بينهم الحركات الهدامة والمذاهب الباطنية كالبهائية والبابية والقاديانية والإسماعيلية وغيرها، والدعوة إلى القومية العربية وغيرها، والدعوة إلى فتح باب الأحزاب الظاهرة وتعدد الرأي، ودس الحركات والأحزاب السرية التي تعمل لصالح الغرب.
الثاني: الهيمنة الصليبية على العالم ولاسيما الدول العربية، وعلى رأسها أمريكا ويظهر ذلك بما يلي:
1 - ممارسة أشد الضغوط السياسية على حكومات دول العالم كي تسير في فلك السياسة الأمريكية.
2 – دخول أمريكا مع حليفاتها - ولاسيما بريطانيا - في حروب مدمرة كالذي يحصل في أفغانستان والعراق، وقد استطاعت أمريكا أن تسكت دولاً عن هذه الحرب واستطاعت كذلك الحصول على تأييد ودعم عدد كبير من الدول بما فيها الأوروبية، لاستخدامها في حروبها المحققة لمصالحها، (33 دولة في حرب الخليج الثانية، 30 دولة في حرب احتلال أفغانستان وإسقاط طالبان، أكثر من 60 دولة في حرب احتلال العراق).
3 - هيمنة وسيطرة أمريكا على منابع النفط في المواقع الرئيسة المنتجة له: (العراق، بحر قزوين) وغيرها.
4 - انفراد أمريكا بالدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي للكيان اليهودي في فلسطين دعماً واضحاً.
الثالث: الغزو العقائدي: والذي يتمثل بالمنظمات التنصيرية والمدارس الأجنبية، وغيرها من الوسائل الدعوية التي تدعو إلى التنصير ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً دون ملل ولا كلل.
الرابع: الغزو الفكري والثقافي الذي امتلأت المجتمعات الإسلامية بها، وكلها تدعو إلى صبغ المجتمعات الغربية والإسلامية بالعادات الغربية، وتحويل العالم إلى قطعة مكبرة من المجتمع الغربي وهو ما يسمى اليوم بالعولمة: وذلك عن طريق وسائل الإعلام من صحافة وراديو وتلفزيون وأفلام وكتب وأسطوانات وأجهزة فيديو.
الخامس: منع الدول العربية من الاعتماد على نفسها من حيث الاستقلال بنفسها في عدة اتجاهات منها وأهمها:
1- في الموارد الزراعية: حتى تبقى هذه الدول راضخة حكومات وشعوباً، ومن ذلك أن أمريكا قامت بمنع بعض الدول العربية من زراعة القمح في بلادها، لأنهم يعرفون أن هذا يعني السعي وراء الاستقلال عن الدول الغربية.
2- والنهضة الصناعية: فما زالت الدول العربية والإسلامية عالة على الدول النصرانية والوثنية في كثير من الصناعات، حتى في صناعة سجادة الصلاة وغطاء الرأس في الصلاة وغيرها، بل في الملابس الداخلية للرجال والنساء.
3- والتسليح العسكري: فكلنا نعلم أن التطور العسكري هو حق مقصور على الدول العظمى، ومن أراد أن يزاحمها قاموا عليه باسم الحفاظ على السلام العالمي.
السادس: عزل الدين عن الناحية الاجتماعية من عدة أوجه:
1- فمحاكم المسلمين تحكم بالقوانين الأوروبية والتي هي زبالة ذهن نابليون ومن كان على شاكلته، بل ما زالت بعض الدول العربية تحكم بالقوانين الروسية إلى اليوم.
2- وما زالت كثير من المدارس معزولة عن تدريس العلم الشرعي، والعلم والآداب الإسلامية في مناهجها الدراسية ضعيفة، ويقوم بها مدرسون أضعف منها بكثير.
3- وما زالت شرطهم ودوائر البحث الجنائي فيها تتعامل بغير الشرع، فلا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر، ولا تتعاون على البر والتقوى.
وربما دخل النصراني في الإسلام فلا يجد دوراً خاصة بمن يدخل في دين الإسلام.
نسأل الله تعالى أن يرزق المسلمين العودة الصادقة إلى دينه، ويرزقهم التمسك بكتابه وسنة رسوله.
ولعل الله ييسر بكتاب حلقات أخرى نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-15, 12:05   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
أم سمية الأثرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أم سمية الأثرية
 

 

 
الأوسمة
وسام التقدير 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الخامسة عشر:
دية المرأة وإرثها:


مقدمـــة:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه هي "الحلقة الخامسة عشر" والأخيرة من: (شبهات حول الإسلام) تتميز هذه الحلقة باختصارها الشديد، فإنني لم أتوسع فيها كثيراً لظهور الأدلة وشذوذ المخالفين فيها، وهي على قسمين:
القسم الأول: الكلام على دية المرأة.
والقسم الثاني: الكلام على إرث المرأة.
أما القسم الأول: وهو الكلام على دية المرأة، فأرد فيها على من نادى بتسوية دية المرأة بالرجل كأمثال يوسف القرضاوي وشيخه محمد الغزالي ومن نحا نحوهما وسار على طريقتهما من أهل هذا العصر ممن احتج بأشياء متهافتة واضعاً الإجماع والآثار وراءه ظهرياً.
والذين ينادون بالمساواة هم على قسمين أحدهما: قسم منهزم أمام الضجة التي قامت بها بعض المنظمات - وأفراخها من الصحفيين وغيرهم - الذين ينادون بمساواة المرأة بالرجل في كل شيء ومن ذلك المساواة بالدية.
وقد قرأت في بعض صحف "الإخوان المسلمين" عندنا في اليمن عن تلك الندوة التي وقعت في صنعاء والتي شهدت كلاماً حاراً وشديداً فيما بينهم، بين من يريد أن يقف مع الإجماع في تنصيف دية المرأة، ومن هؤلاء عبد الكريم زيدان فقد كان حاضراً ووقف موقفاً شديدا، وآخرون من جنس هؤلاء المنهزمين يتكلفون في البحث عن سلف في المخالفة، ولن يجدوا إلا أمثال ابن علية والأصم وهما من رؤوس أهل الضلال.
والثاني: وإما أنه رجل لم ترسخ قدمه بالشريعة ولم يفهم مقاصدها.
ونستعرض في هذا القسم الأدلة على هذا التنصيف، والعلة فيه، وبيان أنه لم يخالف أحد من أهل العلم سوى اثنين من رؤوس أهل الأهواء سيأتي ذكرهم لا يصلح لأحد من أهل العلم أن ينتسب إليه أو يتخذه سلفاً.
وأحب أن أبين أنني في اللمسات الأخيرة لهذا البحث وقفت على رسالة: (دية المرأة) للأخ عارف الصبري وهو من الإخوان الذين وقفوا مع التنصيف، وقد بذل فيه جهداً مشكوراً، وقد نقلت منه نقولاً يسيرة قدر مسألتين أو ثلاث أشرت إليهن عند كل نقل.
وأما القسم الثاني: فأرد فيها على من دعا إلى التسوية بين الرجل والمرأة في الإرث متغافلا عن الواجبات الملقاة على عاتق الرجل.
وإن جد شيء من الكتابة في هذه الحلقات فإننا سنلحقها في المستقبل بإذن الله تعالى ونسأل الله تعالى أن ييسر الأمور كلها، والله أعلم.
وتتكون هذه الحلقة من عدة فصول:
الفصل الأول: الأدلة على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل.
الفصل الثاني: العلة من هذا التنصيف.
الفصل الثالث: الشبه في باب الدية والرد عليها.
الفصل الرابع: إرث المرأة.

الفصل الأول: الأدلة على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل:
المبحث الأول: الأحاديث المرفوعة:
1- حديث عمرو بن حزم:
ولفظه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دية المرأة نصف دية الرجل").
ولم يثبت هذا اللفظ من حديث عمرو بن حزم كما قال غير واحد من العلماء.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" (8/442): (هذا الحديث لا أعلم من خرجه من حديث عمرو بن حزم، وقد أسلفناه بطوله وليس هذا فيه، نعم هو موجود باللفظ المذكور من حديث معاذ بن جبل مرفوعاً أخرجه البيهقي كذلك، وقال: "ويروى من وجه آخر عن عبادة بن نسي وفيه ضعف"، وقال في الباب الذي بعده: "روي عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت مثله".
قلت: وسيأتي في آخر الباب آثار تعضد هذا).
رحمه الله في "التلخيص الحبير"(4/74): (هذه الجملة ليست في حديث عمرو بن حزم الطويل، وإنما أخرجها البيهقي من حديث معاذ بن جبل، وقال: إسناده لا يثبت).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (2252): (لم أره في شيء من طرق حديث عمرو بن حزم).
2- حديث معاذ بن جبل:
أخرجه البيهقي (8/95) من طريق بكر بن خنيس عن عبادة بن نُسي عن ابن غُنم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) .
قال البيهقي: (إسناده لا يثبت مثله).
وقد ضعف حديث معاذ جماعة من العلماء.
قلت: رجاله ثقات غير بكر بن خنيس، وبكر هذا تكلموا فيه، فبعضهم على تركه، وآخرون على ضعفه فقط، والصحيح أنه يصلح في الشواهد.
قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": (سمعت أبي – وسئل عن بكر بن خنيس – فقال: (ليس هو بقوي في الحديث) قلت: هو متروك الحديث ؟ قال: "لا يبلغ حد الترك").
ولذلك توسط الحافظ فيه فقال: (صدوق له أغلاط، أفرط فيه ابن حبان).
وتبعه الشيخ الألباني في "الإرواء" فقال: (وبكر بن خنيس صدوق له أغلاط، أفرط فيه ابن حبان، وقد روي معنى الحديث عن جماعة من الصحابة).
قلت: فإذا اعتبرنا بكر بن خنيس ضعيفاً فحديث معاذ لا ينزل عن كونه يصلح في الشواهد والمتابعات، وهذه الآثار سيأتي ذكرها، وهي تقوي هذا الحديث المرفوع عند من يرى تقوي المرفوعات بالآثار كالشافعي رحمه الله وغيره، بل قد صرح بعضهم كما رأيت من كلام ابن الملقن حيث قال: (وسيأتي في آخر الباب آثار تعضد هذا).
3- حديث عبد الله بن عمرو:
رواه النسائي في "السنن الكبرى" (7008) قال: أخبرنا عيسى بن يونس الرملي قال حدثنا ضمرة بن ربيعة الفلسطيني عن إسماعيل بن عياش عن بن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها).
قال النسائي: (إسماعيل بن عياش ضعيف كثير الخطأ) أ.هـ
وأخرجه الدارقطني من طريق عيسى بن يونس به.
وخالف اسماعيلَ بن عياش عبدُ الرزاق فرواه في "المصنف" (17756) فقال: أخبرنا ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ ثلث ديتها..) هكذا معضلاً.
ورواية عبد الرزاق هي الراجحة، فإسماعيل في روايته عن غير الشاميين ضعف كما قال البخاري وغيره، وهذه منها.
وعلى هذا فالصحيح في الحديث أنه معضل وليس مرسلاً، فعمرو بن شعيب ليس من التابعين، والعهدة في هذه الرواية على إسماعيل كما أشار إلى ذلك النسائي، ثم إن ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب كما قال الترمذي عن شيخه البخاري، بل إنه لم يلقه كما قال الإمام أحمد.
والخلاصة أن الحديث ضعيف ضعفاً شديداً.
4- مرسل الزهري وعطاء ومكحول:
أخرجه البيهقي (8/95) قال: أخبرنا أبو زكريا بن أبى اسحاق وأبو بكر بن الحسن قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ الربيع بن سليمان أنبأ الشافعي أنبأ مسلم بن خالد عن عبيد الله بن عمر عن أيوب بن موسى عن ابن شهاب وعن مكحول وعطاء قالوا: (أدركنا الناس على أن دية المسلم الحر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مائة من الابل، فقوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الدية على أهل القرى ألف دينار أو اثني عشر ألف درهم ودية الحرة المسلمة إذا كانت من أهل القرى خمسمائة دينار أو ستة آلاف درهم فإذا كان الذي أصابها من الأعراب فديتها خمسون من الإبل ودية الأعرابية إذا أصابها الأعرابي خمسون من الإبل لا يكلف الإعرابي الذهب ولا الورق).
وسنده - مع إرساله - ضعيف، فيه مسلم بن خالد الزنجي شيخ الشافعي، فقيه لكنه ضعيف في الحديث.
ثم وجدت الشيخ الألباني رحمه الله يقول في "الإرواء" (2248): (ورجاله ثقات غير مسلم، وهو ابن خالد الزنجي، وفيه ضعف).
5- مرسل عكرمة:
روى عبد الرزاق في "المصنف" (17757) عن معمر عن رجل عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها).
وهذا إسناد ضعيف جداً لهذا الرجل المبهم ثم إنه مرسل.
المبحث الثاني: الآثار الموقوفة على الصحابة:
1- أثر عمر بن الخطاب:
أخرجه ابن أبي شيبة (6/366) قال ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن شريح قال: (أتاني عروة البارقي من عند عمر: (أن جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة وما فوق ذلك فدية المرأة على النصف من دية الرجل).
قال الشيخ الألباني في "الإرواء": ( وإسناده صحيح).
2- أثر عثمان:
روى البيهقي في "السنن الكبرى" عن ابن أبى نجيح عن أبيه: (أن رجلا أوطأ امرأة بمكة فقضى فيها عثمان بن عفان رضي الله عنه بثمانية آلاف درهم دية وثلث).
قلت: وسنده صحيح.
وقال الشافعي رحمه الله: (ذهب عثمان رضي الله عنه إلى التغليظ لقتلها في الحرم).
أي: أن دية الرجل اثنا عشر ألف درهم، والمرأة بستة آلاف، وثلث الدية بألفين، ولكن حكم عثمان بدية وثلث تغليظاً للحرم.
3- أثر علي بن أبي طالب:
قال: (جراحات المرأة على النصف من جراحات الرجل).
أخرجه ابن أبي شيبة (27501) بسند صحيح.
وله طريق أخرى تقويه أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (17760) من طريق إبراهيم عن علي ولم يسمع منه، وفي "المصنف" (17761) من طريق مجاهد عنه ولم يسمع منه.
قال الزيلعي في "نصب الراية": (وقيل: "إنه منقطع فإن إبراهيم لم يحدث عن أحد من الصحابة، مع أنه أدرك جماعة منهم").
قال الحافظ في "التلخيص": (وأما أثر علي فرواه البيهقي من طريق إبراهيم النخعي عنه وفيه انقطاع، لكن أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الشعبي عن علي).
وصحح أثر علي الشيخ الألباني في "الإرواء" (2250).
4- أثر ابن مسعود:
في جراحات المرأة والرجل قال: (يستويان في الموضحة، وفيما عدا ذلك على النصف).
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" وعبد الرزاق في "المصنف" والبيهقي في "الكبرى" عن ابن مسعود.
وصحح الشيخ الألباني أثر ابن مسعود في "الإرواء" (2250).
5- زيد بن ثابت:
أخرجه ابن أبي شيبة (6/365) قال حدثنا ابن علية عن خالد عن أبي قلابة عن زيد بن ثابت: (أن دية المرأة ما دون الثلث، لا ينتصف) أي: وما فوق الثلث تكون دية المرأة فيه على النصف من دية الرجل.
ولم يدرك أبو قلابة زيداً كما قال أبو حاتم.
قلت: وأخرجه البيهقي عن الشعبي عن زيد بن ثابت قال: (جراحات الرجال والنساء سواء إلى الثلث فما زاد فعلى النصف).
والشعبي لم يسمع من زيد بن ثابت كما قال علي بن المديني والحاكم كما في "التهذيب".
وقال الزيلعي في "نصب الراية" يقول: (هو منقطع).
ولكن لم يبعد عن الصواب من قوّى أحدهما بالآخر.
المبحث الثالث: الإجماع:
فهذه آثار لبعض الصحابة ولا يُعرف لهم مخالف.
قال الرافعي في "الشرح الكبير" (10/328) بعد أن أشار إلى آثار جماعة من الصحابة: (قال الأصحاب (أي:الشافعية): قد اشتهر ذلك ولم يُخَالفوا فكان إجماعاً) أ.هـ
أقول: وأما آثار التابعين فهي كثيرة جداً عن سعيد بن المسيب والزهري وعروة بن الزبير والحسن وغيرهم فلتراجع "المصنفات".
فهو إجماع صحيح أصح من كثير من الإجماعات المنقولة، ولاسيما ولم يأت المخالفون بسلف سبقهم إلى مخالفتهم، وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع واستند إليه في الاستدلال للمسألة، ومنهم:
1- الشافعي حيث قال في "الأم" (7/261): (لا أعلم مخالفاً من أهل العلم قديماً ولا حديثاً، في أن دية المرأة نصف دية الرجل، وذلك خمسون من الإبل..).
2- قال ابن جرير في "تفسيره": (لأن دية المؤمنة لا خلافَ بين الجميع - إلا من لا يُعدُّ خلافًا - أنها على النصف من دية المؤمن). (كلام ابن جرير نقلته من رسالة:"دية المرأة" للأخ عارف الصبري).
3- ابن عبد البر في"التمهيد" (14/200) حيث قال رحمه الله: (وقد أجمع العلماء على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، إلا أن العلماء في جراح النساء مختلفون).
وقال في "الاستذكار" (8/67): (قال أبو عمر: أجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل والقياس).
4- ابن المنذر في "الإشراف": (7/395) حيث قال: (أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل).
وفي "الإجماع" له مثل هذا.
5- ابن حزم في مراتب الإجماع (ص229) حيث قال: (واتفقوا على أن الدية على أهل البادية مائة من الإبل في نفس الحر المسلم المقتول خطأً، لا أكثر ولا أقل، وأن في نفس الحرة المسلمة المقتولة منهم خمسين من الإبل) أ.هـ
6- ولم يتعرض له ابن تيمية بشيء في "نقد مراتب الإجماع"، بل قال رحمه الله في "منهاج السنة" كما في (دية المرأة للأخ عارف): (ولهذا لو شهدت خديجة وفاطمة وعائشة ونحوهن ممن يعلم أنهن من أهل الجنة لكانت شهادة إحداهن نصف ميراث رجل وديتها نصف دية رجل وهذا كله باتفاق المسلمين).
7- العمراني في "البيان": (11/495).
8- الرافعي في "الشرح الكبير" وقد تقدم كلامه
9- المرداوي في "الإنصاف" (10/49 ) حيث قال: (قوله[أي:ابن قدامة في المقنع] (ودية المرأة نصف دية الرجل) بلا نزاع)، وعنه صاحب حاشية الروض المربع (7/246 ).
وغير هؤلاء كالعثماني في "رحمة الأمة"، والصنعاني في "سبل السلام"، وصاحب "تحفة الفقهاء" وغيرها.
قال شيخ الإسلام كما في "الفتاوى الكبرى" (5/76): (وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة) أ.هـ
المبحث الرابع: من المخالف في هذه المسألة ؟:
لم يخالف في هذا الباب إلا الأصم وتلميذه ابن علية، وليس هو ابن علية العالم الفاضل، فذاك إسماعيل بن إبراهيم بن علية وهذا ولده إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن علية، وهو رأس من رؤوس الضلال والانحراف، وقد اشتبه الرجلان على مؤلف كتاب: (دية المرأة في ضوء الكتاب والسنة) - وهو مصطفى صياصنة - فلم يفرق بينهما!!.
وكلمة حق أقولها في هذا الكتاب أن الكتاب لا يعتمد عليه في شيء لأنه تكلف تكلفاً واضحاً فما يغني عنه ثناء القرضاوي وأمثاله.
وخلاف الأصم وابن علية الابن ليس معتبراً عند أهل العلم بل لا قيمة له، وإنما يشير الفقهاء إلى خلافهما قدحاً فيهما، وبيان لمعارضتهما للنصوص.
قال ابن قدامة في المغني (7/797): (مسألة: قال[أي:الخِرَقي صاحب المختصر]: (ودية الحرة المسلمة ، نصف دية الحر المسلم) قال ابن المنذر، وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل .
وحكى غيرهما عن ابن علية والأصم أنهما قالا: ديتها كدية الرجل لقوله عليه السلام: (في النفس المؤمنة مائة من الإبل).
وهذا قول شاذ يخالف إجماع الصحابة، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإن في كتاب عمرو بن حزم: ( دية المرأة على النصف من دية الرجل).
وهي أخص مما ذكروه، وهما في كتاب واحد، فيكون ما ذكرنا مفسراً لما ذكروه، مخصصاً له، ودية نساء كل أهل دين على النصف من دية رجالهم، على ما قدمناه في موضعه) أ.هـ
وتأمل قول ابن قدامة: (وهذا قول شاذ يخالف إجماع الصحابة) فجعل قولهما شاذاً عن الإجماع، وليس خارقاً للإجماع فتأمل.
وقال ابن عبد البر في إبراهيم ابن علية: (له شذوذ كثيرة ومذاهبه عند أهل السنة مهجورة وليس في قوله عندهم مما يعد خلاف) أ.هـ وسيأتي كلامه.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": (إبراهيم بن علية وأبو بكر الأصم مخالفتهما للجمهور كثيرة) أ.هـ بتصرف يسير.
وإليك شيء من ترجمة هذين الرجلين:
1- أبو بكر الأصم وهو عبد الرحمن بن كيسان:
قال الصفدي في "الوافي بالوفيات": (أبو بكر الأصم المعتزلي، صاحب هشام بن عمرو الفوطي... ذهب أبو بكر إلى أن الإمامة لا تنعقد إلا بإجماع الأمة عن بكرة أبيهم، وقصد بذلك الطعن على إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام، فإنها كانت في أيام الفتنة، ولم يتفق عليها أهل العصر، وحكي عنه أنه قال: القرآن جسم مخلوق، وأنكر الأعراض أصلاً، وكان يقول كقول أستاذه هشام: الجنة والنار لم يخلقا إلى الآن) أ.هـ
2- إبراهيم بن اسماعيل بن علية:
قال الحافظ في "لسان الميزان": (إبراهيم بن اسماعيل بن علية عن أبيه جهمي هالك كان يناظر ويقول بخلق القرآن مات سنة ثمان عشرة ومائتين انتهى وذكره أبو العرب في الضعفاء ونقل عن أبي الحسن العجلي قال: قال إبراهيم بن علية جهمي خبيث ملعون قال: وقال ابن معين: "ليس بشيء"، وقال بن يونس في "تاريخ الغرباء": له مصنفات في الفقه شبه الجدل حدث عنه بحر بن نصر الخولاني وياسين بن أبي زرارة وقال الدوري عن ابن معين ليس بشيء وقال الخطيب كان أحد المتكلمين وممن يقول بخلق القرآن قال الشافعي هو ضال جلس بباب السوال يضل الناس قلت باب السوال موضع كان بجامع مصر وقد ذكر الساجي في مناقب الشافعي هذه القصة مطولة وقال ابن عبد البر: له شذوذ كثيرة ومذاهبه عند أهل السنة مهجورة وليس في قوله عندهم مما يعد خلاف أ.هـ وذكر البيهقي في مناقب الشافعي عن الشافعي أنه قال : أنا أخالف ابن علية في كل شيء حتى في قول لا إله إلا الله فإني أقول لا إله إلا الله الذي كلم موسى وهو يقول لا إله إلا الله الذي خلق كلاماً سمعه موسى وله كتاب في الرد على مالك نقضه عليه أبو جعفر الأبهري صاحب أبي بكر الأبهري ) أهـ
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (9/113): (ولابن علية ابن آخر، جهمي شيطان، اسمه إبراهيم بن إسماعيل، كان يقول بخلق القرآن، ويناظر) ا.هـ
أقول: فالإجماع: هو اتفاق مجتهدي الأمة على حكم شرعي، فهل هذان الرجلان من مجتهدي الأمة ؟!
المبحث الخامس: العلة من هذا التنصيف:
عند التأمل في دية المرأة ينبغي النظر في أمرين:
الأول: أن الله فضل بعض الخلق على بعض كما قال تعالى: (والله فضل بعضكم على بعض).
1- ففضل بني آدم على غيرهم كما قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً).
2- والعرب على غيرهم.
3- وفضل بني هاشم على غيرهم.
4- وفضل الذكور على الإناث، وذلك بأشياء كثيرة.
وواجب العبد في هذا كله التسليم لا الاعتراض.
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": (وهذه قاعدة الشريعة، فإن الله سبحانه فاضل بين الذكر والأنثى وجعل الأنثى على النصف من الذكر في المواريث والديات والشهادات والعتق والعقيقة).
الثاني: النظر إلى المصيبة التي حلت على أقارب الميت، فالدية ليست تقديراً لقيمة المقتول، وإنما هي تعويض مادي لا معنوي لأهل القتيل جزاء ما لحق بهم من ضرر مادي، فكلنا نعرف أن موت الرجل أعظم ضرراً على أقاربه وأسرته من موت المرأة على أقربائها، ذلك لأن المسئولية الملقاة على عاتقه أكبر من مسئولية المرأة، والآمال المعلقة عليه أكثر، وحماية الرجل لقرابته أعظم، ولذلك جاء تعظيم أمر اليتيم، والتحذير الشديد من أكل ماله، واليتيم: هو من فقد أباه وهو صغير، واليُتم : مرحلة مؤقتة تنتهي ببلوغ الولد الحلم.
فالشارع نظر إلى أقرباء هذا الميت الذين سيستلمون هذه الدية وقدر عظم مصيبتهم بهذا الموت، وهؤلاء المعارضون نظروا نظرة سطحية وظنوا أنهم سيستدركون على الشارع فتخبطوا !!.
قال ابن القيم في إعلام "إعلام الموقعين": (لما كانت المرأة أنقص من الرجل والرجل أنفع منها ويسد ما لا تسده المرأة من المناصب الدينية والولايات وحفظ الثغور والجهاد وعمارة الأرض، وعمل الصنائع التي لا تتم مصالح العالم إلا بها، والذب عن الدنيا والدين لم تكن قيمتهما مع ذلك متساوية - وهي الدية فإن دية الحر جارية مجرى قيمة العبد وغيره من الأموال - فاقتضت حكمة الشارع أن جعل قيمتها على النصف من قيمته لتفاوت ما بينهما) أ.هـ
فإن قال قائل: فالمرأة اليوم تعمل كالرجل ولها دخل من المال وهناك من تنفق عليهم كالرجل، فهذا يستدعي مساواتها به من كل جانب.
قيل: الجواب عن ذلك من أوجه:
الأول: أن هذا نادر مقارنة بمن لا تعمل من النساء والنادر لا حكم له، وأيضاً هو شيء حادث في هذا العصر على خلاف العصور الأخرى.
الثاني: أن خروج كثير من النساء للعمل بجانب الرجل ومزاحمتهن للرجال، حتى صارت كثير من الأسر تعتمد على المرأة في النفقة كل هذا ليس من الشرع حتى تكون سبباً في التسوية بين الرجل والمرأة في الدية، بل هذا من الأنظمة الظالمة والواجب رجوع هذه الأنظمة إلى شرع الله لا الاستسلام لها والتأقلم معها، فهو سبب ملغي لا قيمة له، ويقال: بل عليها أن ترجع إلى مكانها الذي جعله الله لها وجعلها له وهو لزوم البيت.
الفصل الثالث: الرد على الشبه:
إستدل المعارضون بأشياء:
أولاً: استدلوا بعموم الآية: ( ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله):
والجواب: أن هؤلاء فهموا من هذا العموم التسوية بين الديتين !! فمعنى الآية عندهم أنها دية مساوية للرجل، وإلا فلماذا سميت دية ؟! وغاب عنهم أن خمسين من الإبل تعتبر دية أيضاً، وإن كانت أنقص من الرجل.
وإنما في هذه الآية أن الله أوجب الدية في قتل المؤمن ذكراً كان أو أنثى، وقدر دية كل واحد منهما يستفاد من نصوص أخرى، وكون المرأة فيها دية لا يستلزم أن تكون مائة من الإبل كالرجل تماماً، وإنما ديتها خمسون من الإبل كما هو الحال في دية الكافر المعاهد، فإن الله أوجب له دية إذا قتله المؤمن كما قال تعالى: (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله) ولم يحدد قدرها فهل يستفاد من هذا العموم التسوية ؟!
قال ابن جرير في "تفسيره": (لأن دية المؤمنة لا خلافَ بين الجميع - إلا من لا يُعدُّ خلافًا - أنها على النصف من دية المؤمن، وذلك غير مخرجها من أن تكون دية، فكذلك حكم ديات أهل الذمة، لو كانت مقصِّرة عن ديات أهل الإيمان، لم يخرجها ذلك من أن تكون ديات).
ونضرب مثالاً على هذه الصورة فبضرب المثال يتضح المقال: لو قال القاضي للأب: (إعط ابنك وابنتك نصيبهما من إرث والدتهما) ! فهل يستفاد من كلام القاضي التسوية بين النصيبين، أم يقال: إن حظ البنت يعتبر نصيباً لها، وكذلك الابن، ولكن قدر هذه الأنصبة حددته النصوص الأخرى للذكر مثل حظ الأنثيين ؟.
والخلاصة أن دية المرأة تعتبر دية إذا أطلقت، وهي على النصف إذا قورنت بدية الرجل، كما في قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ..) فحق المرأة يسمى نصيباً لها كما يسمى حق الرجل نصيباً له، مع اختلاف النصيبين من حيث القلة والكثرة، ونخشى أن يأتينا قوم فيهفموا هذه الآية على ما فهم أولئك آية الدية، والله أعلم.


ثانياً: استدلالهم بالآية: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس):
والجواب: من وجهين:
الأول: أن الآية في القصاص وليس في الديات، ويكفي جواباً عن هذا أن الصحابة لم يفهموا هذا الاستدلال.
الثاني: أن هذا شرع من قبلنا، وهو ليس شرعاً لنا، ولاسيما وقد جاء شرعنا بخلافه.
ثالثاً: استدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون تتكافأ دماؤهم):
رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو وسنده حسن.
ومعنى قوله: (تتكافأ دماؤهم) أي: تتساوى دماؤهم.
والجواب: أن هذا التساوي من حيث حرمة القتل، ومشروعية القصاص وليس التساوي في الديات، فالحر يقتل بالعبد على الصحيح من أقوال الفقهاء ولكن لا يساويه في الدية، فدية الحر مائة من الإبل، ودية العبد قيمته، ومثله التساوي بين الرجل والمرأة، فعرف أن التساوي بين الحر والعبد، وكذلك الرجل والمرأة، إنما هو من جهة الدم لا من جهة الدية.
رابعاً: قولهم: لم يثبت دليل فرجعنا إلى الأصل وهو التسوية:
قال مصطفى صياصنة في رسالته: "دية المرأة": (لم يثبت دليل في التفريق بين الذكر والأنثى في الدية فرجعنا إلى الأصل وهو التسوية بين الذكر والأنثى) أو كما قال هداه الله.
أقول ويا ليته لم يؤلف مثل هذه المتاهات التي سماها رسالة علمية وتحقيق علمي، فالتحقيق العلمي منها بعيد، ولاسيما وأنه ليس من المشتغلين بعلم الحديث ولا هو من أهله ؟
ونقول: إن قولك: (لم يثبت دليل) قول لم تسبق إليه، إلا ممن لا يتشرف الإنسان بالانتساب إليهم أو اتخاذهم سلفاً كابن علية والأصم.
من الأحاديث ما تشتد ببعض الآثار كما تقدم، ثم كيف تقوى على مخالفة سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وسائر العلماء والفقهاء والقضاة منذ خمسة عشر قرنا - مع اشتهار مثل هذه المسألة وعموم البلوى بها - ولم يعرف لهم مخالف يخالف إجماعهم العملي، فهذه الدعوى لم تعرف إلا في العصر الحاضر، والقائلون بالتسوية بين دية المرأة والرجل إنما أعادوا بحث المسألة اليوم بعد ضجيج مثل هذه المنظمات وما كان على شاكلتها.


الفصل الرابع: إرث المرأة:
المبحث الأول: مقارنة بين وضع المرأة في الجاهلية والإسلام:
إذا أردنا أن نعرف قدر الفارق بين أمرين فلابد من عقد مقارنة منصفة متجردة عن الهوى بين الأمرين من كل وجه أو من أغلب الوجوه ليظهر لنا الفارق بوضوح، ومن ذلك المقارنة بين وضع المرأة في الجاهلية ووضعها في الإسلام، ليعرف الجميع كيف كانت المرأة وكيف أصبحت، ليرى العاقل كيف كانت مهانة وأنها بعد الإسلام ردت إليها كرامتها ولن تجدها إلا عند الإسلام.
وقد قدمنا مقارنة من وجوه مجملة في حلقات سابقة فلتراجع هناك.
وعلى العموم فإن الغالب على أهل الجاهلية أنهم كانوا لا يورثون المرأة، وقد يورثها بعضهم بشيء غير منضبط وليس إرثها من جميع الورثة.
قال صاحب "المفصل في تاريخ العرب": (والأخبار متضاربة في موضوع إرث المرأة والزوجة في الجاهلية وأكثرها أنها لا ترث أصلا، غير أن هناك روايات يفهم منها أن من الجاهليات من ورثن أزواجهم وذوي قرباهن، وأن عادة حرمان النساء الإرث لم تكن سنة عامة عند جميع القبائل. ولكن كانت عند قبائل دون قبائل. وما ورد في الأخبار تخص على الأكثر أهل الحجاز).
ثم جاء الإسلام فورثها وأعطاها نصيبها من الإرث والتي لم تكن تحلم به، ولكن فضل الذكر على الأنثى لعدة أسباب فهل هذا عطاء بعد حرمان أم العكس ؟!.
المبحث الثاني: سبب هذا التفضيل:
أولاً: ينبغي أن يكون عند المسلم التسليم التام لله ولرسوله، وأن يعرف أن الله لا يشرع شيئاً إلا إذا كان فيه خير عظيم للمسلم في الدنيا والآخرة.
مع العلم أن التفضيل في الميراث لا يترتب عليه تفضيل الرجل على المرأة مطلقاً في كل شيء، كما لا يلزم منه الحط من مكانة المرأة بل إنه عطاء عادل ومنصف، فجعل هذه المسألة وغيرها من إهانة المرأة غير صحيح.
ثانياً: أن يعلم أن الواجبات والتكاليف المالية الملقاة على عاتق الرجل أكثر من الواجبات المالية التي على المرأة، فالواجبات المالية التي على الرجل كثيرة، مثل تجهيز المسكن الخاص بحياته الزوجية، والمهر الذي سيدفعه للزوجة، والنفقة على والأولاد والزوجة ولو كان فقيراً وهي من أغنى الناس، والنفقة في صلة الأرحام، وإكرام الضيف، والجهاد في سبيل الله، والعقول، وهذا كله غير نوائب الدهر، ونكبات الزمان التي يتعرض لها المرء.
1- قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": (وأما الميراث فحكمة التفضيل فيه ظاهرة، فإن الذكر أحوج إلى المال من الأنثى لأن الرجال قوامون على النساء، والذكر أنفع للميت في حياته من الأنثى، وقد أشار سبحانه وتعالى إلى ذلك بقوله بعد أن فرض الفرائض وفاوت بين مقاديرها: (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً) وإذا كان الذكر أنفع من الأنثى وأحوج كان أحق بالتفضيل.
فإن قيل فهذا ينتقض بولد الأم قيل: بل طرد هذه التسوية بين ولد الأم ذكرهم وأنثاهم فإنهم إنما يرثون بالرحم المجرد فالقرابة التي يرثون بها قرابة أنثى فقط وهم فيها سواء فلا معنى لتفضيل ذكرهم على أنثاهم بخلاف قرابة الأب) أ.هـ
2- وقال ابن كثير عند قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين):
(أي: يأمركم بالعدل فيهم، فإن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث، فأمر الله تعالى بالتسوية بينهم في أصل الميراث، وفاوت بين الصنفين، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤنة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة والتكسب وتجشُّم المشقة، فناسب أن يُعْطَى ضعْفَيْ ما تأخذه الأنثى) أ.هـ
وبهذه المناسبة أذكر أني قبل قرابة ثلاث وعشرين سنة عملت عاملاً مع أحد الإخوة في بيت فأعطاني أجرتي ثلاثة دنانير من دنانير الحزب الاشتراكي اليمني قديماً وكانت عملته قوية، فقلت: اليوم أقسمها على الوالد والوالدة للذكر مثل حظ الأنثيين، فأعطيت الوالد دينارين والوالدة دينارا واحدا، فصرفها الوالد في مجلس أو مجلسين للنفقة علينا وعلى الوالدة، وبقي دينار الوالدة عندها أياماً كثيرة فعرفت الفارق الكبير بين الأمرين.
المبحث الثالث: ليس تفضيل الذكر على الأنثى دائما:
ليس صحيحًا أن توريث المرأة في الإسلام على النصف من الذكر دائمًا وأبدًا، فهناك حالات تكون الأنثى على النصف من الذكر مثل الأولاد كما قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) والأخوة الأشقاء أو لأب كما قال تعالى: (وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين).
وقد يكون أشخاص يستوي فيه ذكورهم وإناثهم دائماً كالإخوة من الأم، وهناك أشخاص يستوي فيه ذكورهم وإناثهم وقد لا يستوون كالأب والأم، فحالة الاستواء كما لو هلك هالك عن أبناء وبنات وأب وأم، وقد لا يستويان كما لو هلك هالك عن أب وأم.
كتبه: أبو عمار علي الحذيفي.
إمام وخطيب مسجد الخير بالفتح / التواهي – عدن.اليمن.
وكانت نهاية هذه الحلقات في صفر 1431 ه
ـ










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الاسلام, حول, شبهات

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc