عودة رمضانيات - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الإبتدائي > قسم الأرشيف

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

عودة رمضانيات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-07-11, 18:33   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي









 


قديم 2014-07-12, 11:12   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا
وأفاد ونفع الله بمساهمتك المسلمين










قديم 2014-07-12, 11:13   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا
وأفاد ونفع الله بمساهمتك المسلمين










قديم 2014-07-13, 00:07   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي











قديم 2014-07-13, 00:08   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي











قديم 2014-07-13, 00:44   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
قنون المربي والأستاذ
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية قنون المربي والأستاذ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

صحيح أن لهذا الشهر الفضيل مكانة عظيمة في نفوس المسلمين فهم يتقربون إلى الله عز وجل بجميع العبادات من قيام وقراءة للقرآن،إضافة إلى الإكثار من الصدقات على المحتاجين.
ولكن يجب أن نواصل على هذا المنوال في بقية الأشهر.حتى لانعبد الله في شهر من مجموع 12 شهرا.
مجرد وجهة نظر،جزاكم الله خيرا.










قديم 2014-07-13, 07:34   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي











قديم 2014-07-13, 07:35   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2014-07-13, 07:36   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2014-07-13, 09:19   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا
اللهم تقبل من المساهمين مساهماتهم واجعلها في ميزان حسناتهم يارب










قديم 2014-07-13, 09:20   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا
اللهم تقبل من المساهمين مساهماتهم واجعلها في ميزان حسناتهم يارب










قديم 2014-07-13, 09:22   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ندوات تلفزيونية – قناة سوريا الفضائية – الايمان هو الخلق – الدرس (39-95) - مقومات التكليف : الشهوة ـ شهوة الغيرة والفرق بينها وبين الحسد ـ التمويه في عالم الفراشات
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2006-10-01
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم وترحيب :
أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق .
ومازلنا في رحاب ذلك العلم المتدفق الذي نفيض منه بإذن الله تعالى من فضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين في دمشق .
أهلاً وسهلاً سيدي الكريم .
بكم أستاذ علاء ، جزاكم الله خيراً .
الأستاذ علاء :
تلخيصٌ للحلقة الماضية :
سيدي الكريم ، توقفنا عند مسألة هامة في الحلقة الماضية ، وفي الحقيقة أحاول أن ألخص ما جرى في الحلقات الماضية ولو في عناوين سريعة من أجل التسلسل أولاً ، وقد ينضم إلينا الآن مُشاهد لأول مرة ، فأحب أن أضعه في صورة ما كنا نتحدث فيه .
بدأنا في حلقات سابقة عن مقومات التكليف ، تكليف الإنسان الذي حمله الله الأمانة من الكون والعقل والفطرة والشهوة ، ولم نأتِ إلى الاختيار والشرع ، والوقت ما زلنا في مسألة الشهوة ، وأفردنا لها ربما أكثر من سبع حلقات ، ومررنا عند مسألة أن الإنسان مخير لا مسير ، باعتبار أن كل الخصائص ، وكل الحظوظ ، وكل الشهوات حيادية ، وبيده أن يتجه يمنة أو يسرة ، خيراً أو شراً ، وبيده أن ينتقل من مكان إلى مكان ، وأن يوظف تلك الشهوة في الخير أو في الشر ، توقفت عند مسألة ـ سيدي الكريم ـ هي الخصائص ، ومررنا سريعاً على قضية الغيرة ، وقلت: إن الغيرة حيادية كيف تكون يا سيدي ؟
الدكتور راتب :

خصائص الإنسان حيادية :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
أستاذ علاء انطلقنا من أن الشهوة حيادية ، وكان الحديث عن المال ، وقلنا : المال حيادي ، إما أن يكون سُلماً نرقى به أو دركات نهوي بها ، إذاً : هو قيمة موقوفة في تقييمها على طريقة استخدامها ، ثم وسعنا الموضوع فقلنا : إن الحظوظ حيادية أيضاً ، الذكاء والوسامة والجمال ، وما إلى ذلك ، والقوة كلها حظوظ يمكن أن توظف في الخير أو في الشر ، ثم وسعنا ذلك ، وذكرنا عنوان موضوع ، والآن طلبت مني أن يكون هذا في اللقاء الجديد .
الحقيقة هناك خصائص للإنسان ، الإنسان يحب الكمال ، لو أنه اشترى دفتراً فيه خطأ بسيط ، أو عيب بسيط ، يقول له : بدل لي إياه ، كل إنسان يحب الكمال ، وحبه للكمال يقوده إلى الله عز وجل ، لأنه الكمال المطلق ، الإنسان يحب الخير ، حبه الخير يقوده إلى فعل الخير .
ثمة فكرة قرأتها البارحة ، أن أكبر غني في العالم ( بيل غيت )صاحب مايكروسوفت قبل أيام توقف عن العمل ، وأراد أن يتفرغ للعمل الخيري ، وتبرع بتسعين بالمئة من ثروته إلى العمل الخيري في إفريقيا ، حيث الأمراض والأوبئة والفقر ، فالإنسان أحياناً يحب الخير ، فحبه للكمال دفعه إلى عمل معين .
الغِيرة خصيصة حيادية :
الإنسان يغار ، يعني أنه يتمنى ما عند الآخرين ، هذه خصيصة حيادية ، لو أنك رأيت إنسانًا مؤمنًا ملتزمًا متألقًا في المجتمع ، له عمل طيب ، تمنيت أن تكون مثله ، إذاً : هذه الخصيصة أداة ارتقت بالإنسان ، ويأتي إنسان آخر فيلتقي بإنسان غارق في الانحرافات والشهوات الساقطة، أيضاً بمناسبة هذه الخصيصة الحيادية يتمنى أن يكون مثله ، إذاً : هذه الخصيصة أن تتمنى ما عند الغير يمكن أن توظف في الخير ، ويمكن أن توظف في الشر .
الأستاذ علاء :
الحسد سيدي إيداع رباني في الإنسان ؟
الدكتور راتب :
الحسد صفة سلبية مناقضة للغيرة :
أودع الله في الإنسان خصيصة أن تتمنى ما عند الآخرين ، فإذا حسدت مؤمناً ، أو إنسانًا مصلحًا ، أو إنسانًا عالمًا ، أو إنسانًا قدم لأمته الشيء الكثير ، فهذه الخصيصة وهي ، تمني ما عند الغير تسمى غبطة ، والإنسان يحمد عليها ، أما إذا تمنى ما عند الأشرار والمنحرفين والساقطين ، ومن بنَوا مجدهم على أنقاض البشر ، هذه الخصيصة وظفت ، وهي تمني ما عند الآخرين بالشر ، كما أن المال ينفق في الخير أو في الشر ، كما أن المرأة يحبها الإنسان قد تكون زوجة أم أولاد يرقى بها ، وترقى به ، وقد تكون خليلة وصاحبة .
الأستاذ علاء :
سيدي الكريم ، إذا : هذا الحب حب التمني ما عند الغير ، إن كان عالماً ، إن كان غنياً ينفق ، إذا تمنى لنفسه ما عنده ، ولكن تمنى مع ذلك أن تزول هذه عن ذلك .
الدكتور راتب :
مراتب الحسد :
دخلنا في موضوع آخر ، الحسد مراتب ثلاث :
أولها : أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك كي تصل إليك ، هذه مرتبة .
الثانية : أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك دون أن تصل إليك ، هذه أسوء .
الثالثة : لا أن تتمنى ، أن تكتب تقريرا ، أن تفعل شيئاً يزيل النعمة عن أخيك ، هذا شر كبير جداً ، لذلك بين أن تتمنى أن تزول ، وأن تأتي إليك ، هناك شيء من المنطق ، أنت محروم من ذلك الشيء ، تمنيت أن يكون لك مثل هذا الشيء ، لكن بشكل عام لو أنك تمنيت شيئاً رأيته عند أخيك دون أن تتوقع أن يزول عنه ، هذه لا شيء فيها .
أنا أرى إنسانا متزوجا ، وعنده بيت ملكًا له ، وحياته مستقرة ، والإنسان المتمني ليس متزوجاً ، فإذا تمنى أن يكون مثله ، مع أنه يبارك لأخيه هذا الزواج وهذا العطاء ، هذا لا شيء فيه ، هذا من طبيعة البشر .
أنا لا أحب أن أوسع المعاصي إلى درجة تصل إلى خصائص النفس ، أنا أتمنى أن أكون مرتاحاً مالياً ، مرتاحاً في زواجي ، مرتاحاً في تربية أولادي ، هذا شيء طبيعي جداً .
أستاذ علاء ، لولا التمني ، أو لولا هذه الخاصة لما ارتقى إنسان .
الأستاذ علاء :
لأصبح سكونياً .
الدكتور راتب :




صفة التمني تلدُ البطولات :
لولا هذه الخاصة ما رأيت بطولة إطلاقاً ، مثلاً : أحياناً تجمع التبرعات لموضوعات قومية ، أو موضوعات إنسانية ، أو موضوعات قيمية ، يقول عريف الحفل : فلان تبرع بمئة ألف ، يقول الثاني : أنا بمئة وخمسين ، قال تعالى :
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
( سورة المطففين )
أحياناً تمني أن تكون كالآخرين ، وهذا أكبر باعث إلى البطولة ، أنا أرى أن أكبر باعث للبطولة حينما خلق الله فينا هذه الخصيصة ، فكل إنسان يتمنى ما عند الآخرين ، لكن أنا أتمنى أن أكون مثلهم دون أن ينالهم أذى فلا شيء في هذا إطلاقاً ، بل هذا هو التوظيف الطبيعي ، أما حينما أتمنى أن تزول النعمة عن أخي لتصل إلي فقد دخلنا في التمني السلبي ، التمني الشيطاني ، هذا سماه العلماء الحسد .
الحقيقة :
قل لمن بـات لي حاسـداً أتدري على من أسأت الأدب
أسأت إلى الله فـي فـعله إذ لم ترض لي ما وهــب
***
هناك كلمات يقولها العامة هي في الحقيقة كفر بعينه ، الله يعطي الحلاوة للذي ليس لها أضراس ، معنى ذلك أنك تشك في حكمة الله ، وفي المقابل ، قال تعالى :
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾
( سورة الأنعام)
فرق كبير بين النعمة وبين الاستدراج ، الذي قلنا فيه : الهدى البياني ، ثم التأديب التربوي ، ثم الإكرام الاستدراجي ، ثم القصم .
تمنِّي زوال النعمة عن الغير معصيةٌ :
الحقيقة الأمور دقيقة ومتداخلة ، فحينما أتمنى أن أكون متفوقاً ، إما في المال ، أو في المكانة ، أو في العلم ، أو في الدين ، أو في الإيمان ، لا شيء علي ، أما حينما أتمنى أن تزول النعمة عن أخي كي تصل إلي فقد دخلت في المعصية الكبيرة .
حينما أتمنى لمجرد أن تزول النعمة عن أخي فهذه أكبر معصية ، أما حينما أسعى لكتابة تقرير كاذب ، أو وشاية ، أو أن أوغر صدر إنسان ضد إنسان ، فهذه جريمة ، وفساد في الأرض ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام نهى نهياً شديداً عن الحسد ، وفي القرآن الكريم :
﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ*الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾
( سورة الناس)
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾
( سورة الفلق)
الأستاذ علاء :
هل نفهم من هذه المسألة بأن شر الحاسد إذا حسد من أقوى الشرور ؟
الدكتور راتب :
قُلْ أَرَأَيْتُمْ
الترتيب تصاعدي في أهميته ، ومن شر حاسد إذا حسد .
بالمناسبة ، الإنسان ليس له الحق الكامل أن يُظهر ما عنده للناس ليملأ قلوبهم غيظاً ، هذا إنسان سخيف جداً ، الإنسان إذا أنعم الله عليه بنعمة ينبغي أن يشكرها ، وأن يتواضع حتى يمتص النقمة ممن حوله .
قد تجد غنيًا محسنًا متواضعًا ، تتمنى الغنى من تواضعه ، وقد تجد إنسانا متكبرا لا يحتمل ، لذلك لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر .
إذاً : الحسد ثلاث مراتب ، التمني زوال نعمة كي تصل إليك ، تمني زوال نعمة فقط ، ثم كتابة شيء يودي بنعمة أخيك إلى جهة أخرى ، هذا كله خطأ .
أما حينما أتمنى أن أكون عالماً ، أن أكون محسنا كبيرا ، أن يكون عندي ما يكفيني ، أنا محتاج إلى المال ، إذا تمنيت أن يكون عندي ما يكفيني هذا شيء طبيعي جداً ، ولا شيء فيه ، تمني ما عند الآخرين هذه خصيصة ، ولولاها لما ارتقى إنسان .
الأستاذ علاء :
هل ينطبق هذا على كل الخصائص التي أودعها الله في النفوس ، لأنها حيادية ، وعند استخدامها الاستخدام الأمثل ترتقي بالإنسان .
الدكتور راتب :
بالإحسانِ يُستَعبَد الإنسانُ :
مثلاً : يا داود ، ذكر عبادي بإحساني إليهم فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها ، من خصائص النفس البشرية أنها تحب المحسن ، الآن أنت كأب ، كمعلم ، كقائد ، كمرشد ، كمدير معمل ، مدير مؤسسة ، مدر جامعة ، إن أردت أن يلتف الناس حولك ، ويقدموا لك كل ما عندهم ، وأن يعطوك العطاء الأكبر كي تنهض هذه المؤسسة فأحسِنْ إليهم ، أكبر خطأ يرتكبه من كان في موضع معين أن يسيء لمن حوله ، ويتمنى العطاء منهم ، هذا مستحيل .
أحسنْ إلى الناس تستعبد قلوبهم فلطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
***
قانون التقريب والتنفير :
بالبر يستعبد الحر ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام كان قمة في الكمال ، النبي الكريم نبي ورسول ، ويوحى إليه ، ومعه معجزات ، بل هو سيد الأنبياء وسيد المرسلين ، أوتي فصاحة ما بعدها فصاحة ، أوتي جمالاً ، أوتي حكمة ، بل جُمِع كمالُ البشر في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك يقول الله عز وجل له ، أنت يا محمد :
﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾
( سورة آل عمران : 159)
هذه الآية دقيقة جداً :
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾
( سورة آل عمران )
أيْ بسبب رحمة استقرت في قلبك يا محمد كنت ليناً لهم ، فلما كنت ليناً لهم التفوا حولك ، ولو لم تكن لك صلة بنا لامتلأ القلب قسوة ، وانعكست القسوة غلظة ، فانفض الناس من حولك ، وكأنها معادلة رياضية ، اتصال ، رحمة ، لين ، التفاف . انقطاع ، قسوة ، غلظة ، انفضاض ، هذه معادلة ، هذه الخصيصة الثانية أنت إن أردت أن تكون أباً ناجحاً كن محسناً .
البطولة أن تكون محترَمًا محبوبًا :
أقول كلمة أستاذ علاء ، أتمنى أن يتفهمها الإخوة المشاهدين : في ثقافتنا في الشرق ، في الثقافة الدينية ، في ثقافة الإسلام ، الأب محترم ، لكن ليست بطولة الأب أن يكون محترماً فقط ، ينبغي أن يكون محبوباً ، لا يحب إلا إذا كان محسناً ، إذا اهتم بأولاده ، اهتم بمستقبلهم ، بنى حياته على خدمتهم ، يكون عندئذ محترماً بثقافة الإسلام ومحبوباً بخصائص النفس .
أنا أقول : بطولة المدير العام لا أن يكون محترماً ، الكل يحترمه قصراً ، البطولة أن يحبوه ، البطولة أن يمدح في غيبته لا في حضرته ، في أي مؤسسة ، في أي مرفق ، في التعليم ، في الجامعة ، في المستشفيات ، في الدوائر ، البطولة لا أن تحترم في حضرتك ، هذه ضريبة تؤدى من قبل من حولك ، البطولة أن تحب أن يكون ذكرك طيباً في غيبتك ، هذه مقياس دقيق جداً ، لذلك دعاء المؤمن لأخيه في ظهر الغيب لا يرد .
متى تمدح إنسانا في غيبته ! يجب أن يكون محسناً في حضرته تمدحه اتقاء شره ، أو تمدحه طمعاً فيما عنده .
الأستاذ علاء :
لذلك سيدي الكريم ، الإحسان يولد الحب ، كما تفضلت ، وأهل القلوب ذكروا مرتبة للإحسان ، هذه المرتبة مرتبة عليا ، وعندما يصل إليها الإنسان يصل إلى الله عز وجل .
الدكتور راتب :
البشر أتباعُ نبيٍّ أو قويّ :
هذا الشيء يجب أن ينقلنا إلى حقيقة ذكرتها كثيراً ، لكن المقام مناسب لأن نقولها : هناك قاعدة واسعة للبشر كلهم ، ستة آلاف مليون ، لكن قمم البشر زمرتان ، أقوياء وأنبياء ، الأنبياء أعطوا ، ولم يأخذوا ، فامتلأت قلوب أتباعهم محبة لهم ، والأقوياء أخذوا ، ولم يعطوا ، فامتلأت قلوب أتباعهم بغضاً لهم ، الأنبياء عاشوا للناس ، والأقوياء عاش الناس لهم ، الأنبياء ملكوا القلوب والأقوياء ملكوا الرقاب ، فرق كبير بين أن تملك القلب وأن تملك الرقبة ، الأنبياء يمدحون في غيبتهم ، وبعد ألف وأربعمئة عام والأقوياء في حضرتهم .
الهلعُ والجزع صفتان لازمتان في الإنسان :
إنّ قضية خصائص الإنسان رائعة جداً ، أستاذ علاء ، نحن كل التقدم العلمي متعلق بالجسد فقط ، لكنه لا يزال علم النفس يحبو ، بل هناك علم اسمه علم النفس الإسلامي ، يدرس خصائص الإنسان ، قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى ﴾
( سورة العلق )
أينما وقفت عند كلمة إنسان معرفة بـ ( أل )فهذا من خصائصه النفسية ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾
( سورة المعارج )
لو أن تقريرًا طبيًّا ذكر ورمًا خبيثًا لمات الإنسان من شدة الخوف والهلع ، لأنه خلق هلوعا ، لماذا خلق هلوعا ؟ كي يربيه الله عز وجل ، يسوق له شبح مصيبة فينهار ، لولا هذه الخصيصة لما تاب أحد ، قال تعالى :
﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾
( سورة المعارج )
لماذا هو مَنوع ؟ حتى يرقى عند الله بإنفاق المال هو بالأصل منوع بالأساس يحرص على المال ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً *إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾
( سورة المعارج )
إن الإنسان عجول ، وهذه خصيصة أيضاً ، فإن لم يكن عجول لا يرقى إذا اختار الآخرة ، ولو كان الإنسان مَهولا لا يرقى عند الله ، اختار الشيء البعيد ، والناس يحبون الشيء العاجل ، مركبة ، مكانة السريعة ، أما المؤمن فينظر إلى ما بعد الموت ، إلى الحياة الأبدية ، فلما اختار المؤمن الهدف البعيد ارتقى عند الله ، لأنه عجول .
الإنسان ضعيف ينهار ، لذلك لو خلق الإنسان قوياً لاستغنى بقوته ، فشقي باستغنائه عن الله ، خلقه ضعيفاً ليفتقر في ضعفه ، فيرقى بافتقاره إلى الله .
كل خصائص الإنسان لصالحه ، خصائص الإنسان : منوع ، عجول ، ضعيف ، فهو يحب الإحسان ، وحتى تقود من حولك أنا لا أتصور إنسانا يكفي أن يقود من حوله بقوته ، يجب أن تقوده بالإحسان إليهم ، وبالبر يستعبد الحر .
الأستاذ علاء :
سيدي الكريم ، من هنا قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ ، وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا ، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ))
[ الترمذي عن شداد بن أوس ]
إذاً : عمل لما بعد الموت ، وكل هذه الأشياء التي بسطها الله بين أيدينا هي لرفعتنا .
الدكتور راتب :
لذلك أستاذ علاء ، أنت لما تتعرف إلى حقيقة النفس تحسن قيادة النفوس .
الأستاذ علاء :
لذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( ما عُبد الله في الأرض بأكثر من جبر الخواطر ))
[ ورد في الأثر ]
هذه القضايا هي إحسان بين العلائق البشرية .
الدكتور راتب :
لابد من الإحسان للخَلق ولو كنتَ في منصب قيادي كبير :
أعرابي جاهل جهلا مطبقا بال في المسجد ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ ، فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( دَعُوهُ ، وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ ))
فلما سكن رأى أناس قاموا إليه والنبي هدئهم قال له يا عبد الله ، هذه الأماكن لم تُبْنَ لهذا ، ففرح ، وارتاح ، فقال :
(( اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا ، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا ، فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ : لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ ))
[ البخاري ]
يقصد هؤلاء الذين قاموا إليه ، الأنبياء قمم في الإحسان .
والله أنا أتمنى أن يعرف هذه الحقيقة كل إنسان له منصب قيادي بإمكان الذين حولك أن يقدموا لك أرواحهم أنا أقول دائماً أعط الإنسان رغيف خبزه وكرامته وخذ منه كل شيء ، البطولة في القيادة أن تحسن وأن تعدل ، إن أحسنت ، وعدلت يتفانى من حولك في خدمتك ، وخدمة الهدف الذي تسعى إليه ، لذلك فريق العمل مفهوم حضاري ، وهو في الإسلام ، فريق العمل يعني أن هذه المؤسسة كلها فريق واحد ، ليس أحد أفضل من أحد ، إن نجحت فهي للجميع ، وإن أخفقت فعلى الجميع ، مفهوم فريق العمل ، مفهوم القيادة المحسنة ، هذا المفهوم يجعل الإنسان في أعلى درجة ، سيدنا رسول الله قائد جيش ، زعيم أمة ، نبي ، الرواحل قليلة ، وعدد الصحابة ألف ، أعطى أمرا أن كل ثلاثة يتناوبون على راحلة ، وقال : وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة ، يسوي نفسه مع جندي ، ركب على الناقة ، فلما انتهت نوبته توسلا صاحباه أن يبقى راكباً ، فقال كلمة والله لا أمل من تردادها ، قال :
(( مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى مِنِّي ، وَمَا أَنَا بِأَغْنَى عَنْ الْأَجْرِ مِنْكُمَا ))
[ أحمد ]
لما كانوا في سفر ، وأرادوا معالجة شاة ، قال أحدهم : علي ذبحها ، وقال الثاني : علي سلخها، وقال الثالث : علي طبخها ، فقال عليه الصلاة والسلام :
(( وعلي جمع الحطب ، قالوا : نكفيك ذلك ـ أصعب مهمة ـ قال : أعلم أنكم تكفونني ، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه ))
[ ورد في الأثر ]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَقُولُ :
(( بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ ، فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ عَقَلَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ ـ ولا ميزة ، ولا كرسي مع أصحابه ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ ، فَقُلْنَا : هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ ... ))
[ البخاري ]
الأستاذ علاء :
الآن سيدي الكريم يبدو بأن وقت الفقرة العلمية اقترب وحان ، وننهي بأن هذه الخصائص حيادية، وهذه الخصائص إما أن يستخدمها بالخير الإنسان ، وإما أن في مجالات الشر ، ما هي الفقرة العلمية ؟
الدكتور راتب :
الموضوع العلمي : عمليات التمويه عند الفراشات :
ما زلنا في التمويه ، موضوع مهم جداً وممتع جداً .
هذه العنكبوت البيضاء في طرف الزهرة في انتظار فريستها ، تحط الفراشة وسط الزهرة ، يرى بزاويتها العنكبوت بلون أوراق الزهرة تماماً ، ولشدة التمويه تحط الفراشة على العنكبوت نفسِه ظناً منها أنها زهرة .
للفراشات مكانة خاصة بين الكائنات التي تجيد التمويه في الطبيعة ، بعض أنواع الفراشات رسمت عليها عيون كبيرة ، هذه العيون الكاذبة أهم تكتيك دفاعي للفراشات فعند مواجهة أيّ خطر كمقابلة عصفور يبحث لنفسه عن طعام ، ما عليها ألا تفتح جناحيها كاملاً لتبدو للعصفور أنها مخلوق كبير ، وهذا مثال حي لهذا التكتيك ، في الحقيقة هذه الفراشة التي تقف على الشجرة فريسة سهلة للعصفور يلتهما بلقمة ، إلا أن الفراشة ما تلبث أن تفتح جناحيها فتبرز عينان كبيرتان ليبدو الخطر على العصفور ليفر العصفور من هناك بسرعة .
هي تظهر بمظهر البومة وهي عدوة العصفور ، هي علمت من عدو عدوها ، لندقق في روعة النقوش التي على هذه الفراشة ، شكل العين ، الأهداب التي تحتها الأنف ، القزحية ، الضوء المنعكس على الحدقة ، حتى بريق الحدقة كله تلوين ، وضعت كل التفاصيل ، وعلى جناح آخر نرى الأنف والآذان والظلال فوق العين ، شكل العين ، حدقة العين ، وحتى البريق المنعكس في الحدقة ، أيضاً تعطي صورة حيوان كبير ، هي فراشة صغيرة لكنها تبدو على شكل عدو عدوها.
تفصيل معجِز لجزئيات التمويه عند الفراشة :
في هذا التمويه تفصيل مهم آخر ، ألد أعداء الفراشات صنفان : حشرات كاليعسوب وعصافير صغيرة تتغذى عليها ، وتعد البومة ألد أعداء هذين الصنفين ، وفي هذه النقطة معجزة خارقة جداً ذلك أن الصورة التي على جناح هذه الفراشات غالباً صورة بومة ، يعني أن الفراشة تحمي نفسها بتقليد عدو عدوها لأن الطيور الصغيرة تخاف من البومة كثيراً إلا أن الفراشة قطعاً لا تعرف أن البومة عدو عدوها ولا تقدر على رسم صورتها على جناحها بتفصيل مذهل وبجزئيات رائعة جداً، وليس لها وعي لتخطيط مثل هذا التكتيك ، ولكن في الواقع الصورة الدقيقة هذه موجودة بلا شك ، لم يأتِ هذا الرسم مصادفةً ، بل خلق لغاية معينة ، فلمن يرجع التصميم الموجود على الفراشة ؟ تصميم كهذا لا يمكن أن يحدث كما زعم التطوريون ، فكل تصميم يدل على مصمم ، وهذا التصميم الذي على جناح الفراشة يدلنا على بديع خلق الله سبحانه وتعالى ، الحقيقة هذه الأشياء لا يمكن أن تفسر إلا بقدرة الله عز وجل .
يا سيدي ، الإنسان بشر ، يكون عنده عقل وفكر ، ومعه دكتوراه ، أحياناً يعجز عن أن يقوم بأعمال تقوم بها الفراشات ، لذلك مرة ثانية وثالثة ، قال تعالى :
﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾
( سورة طه )
﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
( سورة الحشر : 24)
استقطاب الفراشة لألوان حيوانات أخرى قصد التمويه :
طبعاً إلى جانب الأعين الكاذبة للفراشات إمكانيتها للتمويه محيرة أيضاً ، فكأن الفراشات استقطعت ألوان الأيكة ، ثم أنتجت هذه الألوان على أجسامها من خلال نظام دقيق تناسب الألوان هذه الأيكة ، لذلك الفراشة لا يمكنها قطعاً عمل كل هذه التي رأيناها في هذه المشاهد الرائعة ، هذا التصميم في الفراشات دليل واضح على عظمة الله .
﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾
( سورة الحشر : 24)
الأستاذ علاء :
خاتمة وتوديع :
جميلة هذه الوقفات التي تضعنا في مسائل يجب أن نتفكر بها ، وأن نعمل العقل ، وأن يسرح العقل فيها ، ليتدبر هذا الكون الذي نحيط بجزئية أحياناً منه ، وهو يحيط بنا ، وأحياناً نمر على كثير من القضايا ، هذه القضايا لا تلفت انتباهنا إلا بعد أن ننبه إليها ، وإلى أن نقف ، وأن نستقرأ، وأن نعلم ما وراء هذه الظاهرة .
شكراً لك سيدي الكريم ، الوقت أدركنا ، لا يسعنا أعزائي المشاهدين إلا أن نشكر الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق ، إن شاء الله نلتقي في الحلقة القادمة شكراً لك ، وسلام الله عليك ورحمته وبركاته .
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-15, 08:35   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ندوات تلفزيونية – قناة سوريا الفضائية – الايمان هو الخلق – الدرس (23-95) - مقومات التكليف : الفطرة - الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2006-03-27
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم وترحيب :
أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق .
يسعدنا أن نقوم باستضافة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كلية الشريعة وأصول الدين في دمشق ، أهلاً وسهلاً بكم .
الدكتور راتب :
أهلا أستاذ علاء ، جزاك الله خيراً .
الأستاذ علاء :
سيدي الكريم ، نتناول اليوم طالما أنا قد بحثنا في حلقات سابقة في مسائل الطبع ، ومسائل الفطرة ، ومسائل التكليف ، وتبينا من خلال الحديث والتفصيل بأن الإنسان يتركب من نفس و جسد وروح ، وأن الجسد له طبع ، و المغالبة بين طبع الجسد والتكليف هو ثمن الجنة .
من خصائص الأمة الإسلامية : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
اليوم اسمح لي سيدي الكريم أن نتحدث في موضوع ، الله عز وجل مرّ في آيات عديدة على مسألة المعروف ، ومسألة المنكر ، يعدنا دائماً ، و يأمرنا بالعمل بالمعروف ، وينهانا عن اقتراف المنكر ، الله عز وجل يقول :
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
[سورة آل عمران : 110]
لماذا كنتم ؟ قال المفسرون : أي كنتم ، ومازلتم ، وستبقون طالما المعادلة قائمة :
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ﴾
[سورة آل عمران : 110]
هذا الشرط :
﴿ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
[سورة آل عمران : 110]
ماذا يقول أستاذنا في هذه المسألة ، وفي هذه المعادلة أمر الله دائماً أن نقوم بالمعروف ، وأن نعمل المعروف ، و أن نجتنب ، وأن ننتهي عن المنكر .
الدكتور راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
معنى المعروف والمنكر :
أستاذ علاء ، أحياناً حينما نلقي ضوءاً على المعنى اللغوي للكلمة هذه المعاني الدقيقة للكلمات تلقي ضوءاً كاشفاً على حقيقة الموضوع .
قد يخطر في بال الإنسان ما معنى كلمة معروف ، و ما معنى كلمة منكر ؟ و لماذا استخدم الله هذه الكلمات ؟
الحقيقة أن هذا الموضوع من ألصق الموضوعات بالفطرة ، أي أن الفطر السليمة تعرف العمل الطيب ابتداء من دون تعليم ، وقد سماه الله معروفاً ، لأن الفطر السليمة تعرفه .
الأستاذ علاء :
إذاً هو في ذاكرته .
الدكتور راتب :
في أعماق الإنسان ، أيّ إنسان في كل زمان و مكان ، في فطرة الإنسان ، والنفوس البشرية تنكر المنكر بفطرها ، ومن دون تعليم ابتداء ، إذاً الشيء الذي يعرف بالفطرة ، و الذي ينكر بالفطرة هو المعروف و المنكر .
الأستاذ علاء :
سيدي ، تسمح لي أن أستخدم باب التعابير الحديثة التي تستخدم في علم الأتمتة ، إذا اعتبرنا الفطرة هي مثلاً على سبيل المثال هي الديسك الموجود في المخلوقات ، في كل مخلوق له ديسك، في الذاكرة ، في ذواكرها ، هي تحب المعروف ، وتتأبى المنكر ، كما تفضلت ، لذلك الله عز وجل جعل الارتباط بهذه المسألة بالفطرة ، المعروف لأنه معروف بالفطرة .
المعروف والمنكر معروفان في أصل الفطرة :
الدكتور راتب :
فطرة الإنسان أصلاً ابتداء من دون تعليم ، و المنكر تنكره النفوس إنكاراً ابتداء من دون تعليم ، لكن هناك نقطة دقيقة جداً في علم النفس ، وجدوا أن هناك صفات كثيرة ً تطفو على سطح الحياة، و كل مجموعة من هذه الصفات تعود إلى سمة في أعماق الإنسان ، فلو أن هناك سمة الضبط ، فصاحب هذه السمة العميقة حساباته مضبوطة ، مواعيده مضبوطة ، كلامه مضبوط ، علاقاته مضبوطة ، السمة أي صفة عميقة جداً في أصل تكوين الإنسان تطفو على السطح بشكل صفات متعددة ، لكنها تنتمي إلى جذر واحد ، إذاً : الإنسان في أصل فطرته ينكر المنكر من دون تعليم ، من دون توجيه ، من دون دراسة ، و يعرف المعروف .
الأستاذ علاء :
من دون محاضرات ، من دون أن يعرف شيئاً .
الدكتور راتب :
لذلك ، الذين يرون أن الإنسان لا يحاسب أبداً إن لم تأته الرسالة إطلاقاً فهناك رأي معتدل ، أن الله يحاسب الإنسان على عقل أودعه فيه يعرفه بربه ، وعلى فطرة أودعها فيه تعرفه بخطئه ، لكن هذا الذي لم تصله الرسالات لا يحاسب على تفاصيل الشريعة ، أما لو أن إنسانا بغابة ، وأكل ، ولم يطعم أمه يشعر بضيق ، لأنه عاش مع الكائنات العجماوات ، ولم يتلق أي علم ، لكن له أم إلى جانبه ، فإذا أكل ولم يطعمها يشعر بضيق ، إذاً في أصل تكوين الإنسان هو يُنكر المنكر ، ويعرف المعروف ، وهذا من أروع تسميات المعروف والمنكر .
الآن في القضاء البريطاني هناك المحلفون ، يأتون بإنسان من الطريق ، من مهن مختلفة ، من مستويات ثقافية مختلفة ، يعرضون على هؤلاء المحلفين قضية ، جريمة ، فمعظم هؤلاء بعيدون عن الضغوط والاغراءات والمسؤوليات والابتزاز ، فينطقون بالحكم الصحيح العادل ، بحسب فطرهم السليمة ، وهذا منطلق المحلفين في القضاء البريطاني ، إنسان بفطرته يكشف الحق والباطل ، وأنا في لقاءات سابقة أشرت إلى أنه حتى الحيوانات ، القطة حينما تخطف قطعة لحم تأكلها بعيدة عنك ، تعرف أنها أخطأت ، أما حينما تطعمها أنت تأكلها أمامك دون خوف .
تفضلتم بالآية الأولى في قوله تعالى :
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
[سورة آل عمران : 110]
معنى الآية :
لهذه الآية معان كثيرة ، لكن من أوجه هذه المعاني أن بعض العلماء يقولون : كنتم بمعنى أصبحتم ، بعد أن جاءتكم هذه الرسالة الخاتمة ، الكتاب المنزل على النبي الكريم ، و هو خاتم الكتب ، هذه الرسالة هي لكل الأمم و الشعوب ، ولكل الأعصار والأمصار ، و لنهاية الدوران ، أي أيتها الأمة حينما نزل على نبيكم الوحي أصبحتم بهذه الرسالة خير أمة أخرجت للناس ، هناك من يعتمد على هذا المعنى .

علة الخيرية : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله :
لكن الجواب الحاسم أن هذه الخيرية لها علة ، علتها تأمرون بالمعروف ، وتنهون عن المنكر ، وتؤمنون بالله ، ثلاثة أشياء ، فما لم تتحقق هذه العلة فنحن قطعاً لسنا خير أمة أخرجت للناس .
الأستاذ علاء :
لسنا من الذين أصبحوا إن لم تتحقق العلة ، بالمعنى اللغوي هناك ارتباط .
الدكتور راتب :
أمة الإسلام قسمان : أمة الاستجابة وأمة التبليغ :
لذلك قسموا أمة النبي عليه الصلاة والسلام إلى أمتين ، أمة الاستجابة ، وهي خير أمة أخرجت للناس ، وإلى أمة التبليغ ، أمة التبليغ هناك آية تنطبق عليها ، هؤلاء الذين قالوا :
﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾
[ سورة المائدة : 18]
بماذا ردّ الله عليهم ؟ قال :
﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
[ سورة المائدة : 18]
حينما يبتعد المسلمون عن الإيمان ، وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يفقدون خيريتهم ، هم أمة كأية أمة خلقها الله عز وجل ، إذا هان أمر الله عليهم هانوا على الله ، هذه حقيقة مرة ، لكنها أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، نحن خير أمة إذا آمنا بالله الإيمان الذي يحملنا على طاعته ، و أمرنا بالمعروف ، و نهينا عن المنكر .
من أسباب هلاك الأمم : عدم التناهي عن المنكر :
وهناك بحث دقيق جداً عالجته في لقاءات قديمة أسباب هلاك الأمم ، أحد أكبر أسباب هلاك الأمم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ، فأن تأمر بالمعروف ، وأن تنهى عن المنكر هذا سلوك يحصن المجتمع ، أما أن نجامل ، و نجامل ، و نمدح بلا أسباب ، و بلا مؤهلات ، و ننجو من أي قلق ، أو أي اعتلال ، فهذا سلوك لا يرضي الله عز وجل ،
(( وإنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ))
[ متفق عليه عن عائشة]
الأستاذ علاء :
و الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .
الدكتور راتب :
هذا الموقف العدل ، فلذلك نحن خير أمة بسبب أننا إذا آمنا بالله الإيمان الذي يحملنا على طاعته، ثم أمرنا بالمعروف ، ونهينا عن المنكر ، وكأن النبي عليه الصلاة والسلام نظر إلى ما سيكون ، و قد أعلمه الله بما سيكون ، لا يعقل النبي عليه الصلاة والسلام أن يعلم ما سيكون بذاته ، إلا أن يعلمه الله ، هذه قضية عقيدة ، إن الله عز وجل أمره أن يقول :
﴿ قُلْ لاَ أَعْلَمُ الغَيْبَ ﴾
لكن إذا حدثنا عن أشراط الساعة فهذا من إعلام الله له ، قال :
(( كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟ ـ الصحابة صعقوا ـ قالوا : أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال : وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟
أول مرحلة : كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ، و لم تنهوا عن المنكر ، قالوا : أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال : وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟ قال : كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف ؟ ـ الصاعقة أشد ـ قالوا : أو كائن ذلك يا رسول الله ؟ قال : وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟ ـ المرحلة الثالثة أخطر مرحلة ـ قال : كيف بكم إذا أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً ؟))
تبدلت القيم ، الآن تبدلت مع ممارسة الخطأ ، والإصرار عليه ، انطمست فطرهم ، فأصبح الذي يأخذ ما ليس له شاطراً ، و أصبحت المتفلتة راقية ، و أن تلد الأمة ربتها ، و لا تعنى بأمها التي ولدتها وربتها ، تحتقر الجيل السابق ، وتتطلع إلى شيء لا يرضي الله عز وجل ، ولا يرضي القيم الثابتة في الإنسان .
الأستاذ علاء :
سيدي طرحت هذا الموضوع ، و هذا الموضوع هام و هام جداً ، أن يأتمر الإنسان بالمعروف ، وأن يعمل له هذا شيء ذاتي ، وأن يبتعد عن المنكر ، هذا شيء ذاتي ، لكن يوجد أمر :
﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾
[ سورة آل عمران : 110]
ومن هلاك الأمم السابقة كما تفضلت كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ، كيف يكون الأمر بالمعروف ، وكيف يكون النهي عن المنكر ؟
ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
الدكتور راتب :
أجاب النبي عليه الصلاة والسلام فقال :
(( من أمر بالمعروف فليكن أمره بالمعروف ، ومن نهى عن المنكر فليكن نهيه بالمعروف ))
[ورد في الأثر ]
النبي عليه الصلاة والسلام علمنا الحكمة ، علمنا أن نحاور الطرف الآخر حواراً لطيفاً ، قال تعالى :
﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾
[ سورة سبأ : 24]
الأمر بالمعروف يتعلق بهوية الإنسان ، الله عز وجل يقول :
﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾
[ سورة النساء : 59]
الإمام الشافعي له رأي رائع في أولي الأمر ، من هم أولو الأمر ؟ قال : " العلماء والأمراء " ، العلماء يعلمون الأمر ، و الأمراء ينفذون الأمر ، فالمؤمن يجب أن يأمر بالمعروف بلسانه ، أما القوي فيجب أن يأمر بالمعروف بقوته ، بقرار .
الأستاذ علاء :
صاحب السلطة هم أولو الأمر .
الدكتور راتب :
أولياء الأمور هم العلماء والأمراء ، العلماء يعرفون الأمر ، والأمراء ينفذون الأمر ، هم متكاملان ، فإذا أبلى العالِم بحقيقة المعروف جاء الأمير فنفذ هذا التوجيه ، تكامل المجتمع ، إذاً : العلماء والأمراء هم الذين ورد ذكرهم في الآية الكريمة :
﴿ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾
[ سورة النساء : 59]
فالقوي الذي معه سلطة بجرة قلم يحق حقاً ، و يبطل باطلاً ، يقر معروفاً ، و يزيل منكراً .
الأستاذ علاء :
سيدي ، كيف نوفق بين ما تقدمت به ، وتفضلت به ، و بين من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، ثم بلسانه ، ثم بقلبه ، وهذا أضعف الإيمان ؟
التوفيق بين الأمر بالمعروف عامة وحديث
(( من رأى منكم منكرا ...))
الدكتور راتب :
هذه متعلقة بالابن والبنت ، فإذا كانت البنت متفلتة يقول الأب : ماذا أفعل ، أنا نصحتها ؟ إذا كانت متفلتة فلك عليها الولاية ، وتملك عليها الفضل ، ,هي تعيش في كنفك ، تأتمر بأمرك ، هناك حالات ، وهناك شرائح اجتماعية لا ينبغي أن تقول : أنا نصحته ، ولم ينتصح ، لابد من ضغوط من أجل أمور أخرى ، من أجل أمور دنيوية ، من أجل مصالح مادية ، تتم الضغوط أحياناً ، النصح مع التعنيف أحياناً ، فإنسان في حوزتك ، و في إمرتك ، و أنت متفضل عليه ، و هو يمثلك ، هو ينحرف ، تقول : نصحته فلم ينتصح ، هذا غير مقبول ، تماماً كما لو مرّ أب في الطريق ، فرأى شباباً ثلاثة يدخنون ، أحدهم ابنه ، والثاني ابن أخيه ، والثالث لا يعرفه ، يغضب أشد الغضب من أقرب الشباب إليه ، من ابنه ، ويعنفه ، ويأمر ابن أخيه أن ينصرف إلى البيت ، و يقول له : هذا الشيء لا يليق بك ، ولا بوالدك ، ثم يقول للثالث : انصرف ، حدة الإنكار تنصب على الابن أولاً ، ثم على ابن الأخ ثانياً ، ثم لا تنصب على الطرف الثالث ، لأنه من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف ، لعله يجيبه إجابة قاسية جداً ، أما الذي في حوزتك ، وتنفق عليه، و هو يمثلك ، وكلمتك نافذة عنده فلا ينبغي أن نكتفي بكلمة : أنت مخطئ ، لابد من ضبط.
الأستاذ علاء :
سيدي ، هل نستطيع أن نفسر الحديث النبوي :
(( فليغيره بيده أو بلسانه أو بقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ))
أن يكون التغيير باليد أي بالفعل هو من شأن السلطان ، و باللسان من شأن العلماء ، وبالقلب من شأن عامة الناس الضعاف ، الحقيقة هل نتلمس هذا هنا ؟
التفسير الصحيح لمراتب النهي عن المنكر الواردة في الحديث :
الدكتور راتب :
لا يقبل أن تنكر بقلبك إذا كان بالإمكان أن تنكر بلسانك ، كما أنه لا يقبل منك أن تنكر بلسانك إذا كان في الإمكان أن تنكر بيدك .
لكن بشكل توضيحي ، نقول : العلماء مكلفون أن يأمروا بالمعروف بألسنتهم ليبينوا للناس ، والأمراء مكلفون أن يأمروا بالمعروف ، وأن ينهوا عن المنكر بما آتاهم الله من قوة .
مثلاً : نحن نعلم الامتناع عن التدخين في الطائرات و أي مكان آخر أنه قرار ، فهذه مهمة كبيرة، بقرار يحق حقاً القوي ، و يبطل باطلاً .
إذاً : العالم مكلف أن يأمر بالمعروف بلسانه وبيانه ، و الأدلة ، والأمثلة ، والتطبيقات ، والأمير مكلف أن ينفذ توجيهات ، هذا الذي أعطى هذه المعلومات الدقيقة عن الشرع الحنيف ، والإنسان الضعيف ينكر بقلبه .
من شهد منكراً فأنكره كان كمن غاب عنه ، وإذا غاب عن منكر فأقره كان كمن شهده :
ولكن قالوا : من شهد منكراً فأنكره كان كمن غاب عنه ، وإذا غاب عن منكر فأقره كان كمن شهده .
هناك حالتان : من غاب عن منكر فقبله كان كمن شهده ، و من شهد منكراً فأنكره كان كمن غاب عنه ، و الحقيقة يوجد نقطة دقيقة جداً الإنسان أحياناً يحاسب على ذنب لم يرتكبه ، كيف ؟
لك صديق ارتكب ذنباً ، إن ذكرته فقد اغتبته ، وإن أقررته فقد شاركته في الإثم ، وإن شمت به ابتلاك الله به ، يجب على الإنسان أن يبتعد عن أن يفضح ، وعن أن يشمت ، وعن أن يشارك ، لذلك يأتي إلى هذا المذنب بأدب جم ، وينصحه بينه وبينه .
إذا قال : أنا لا أفعل ، هذا كبر و استعلاء ، لعله يبتلى به ، وإذا نشر هذا الخبر ، وعده عملاً جيداً فقد نشر هذا الخبر ، وشاركه في الإثم وأقره ، وإذا اغتابه ، وعنفه بغيبته أفسد العلاقة بينه و بينه ، و :
(( الذنب شؤم على غير صاحبه ))
[الجامع الصغير عن أنس بسند فيه ضعف]
هكذا الحديث :
(( الذنب شؤم على غير صاحبه ، إن ذكره فقد اغتابه ، وإن عيره ابتلي به ، وإن رضيه شاركه في الإثم ))
الشرع له ميزان دقيق ، ينبغي ألا تشمت ، لذلك كانت عقوبة الشامت ضعفا في مقاومته ، فيقع في الذنب نفسه ، وينبغي ألا تقره على خطئه ، إن أقررته على خطأه شاركته في الإثم ، وينبغي ألا تغتابه كي تبقى العلاقة سليمة بينك وبينه ، الصواب أن تشكر الله على أن عافاك من هذا الذنب ، وأن تأتي إليه ، وأن تنصحه بينك و بينه ، هذا الموقف الكامل .
الأستاذ علاء :
سيدي ، هناك بعض الناس يفتون لأنفسهم ، يبيحون لأنفسهم من خلال الحديث فهماً قاصراً ، ومن خلال عدم فهم الآية فهماً دقيقاً ، بأن يتولوا أمر ومهمة الحاكم وأولي الأمر ، وينصبوا أنفسهم على العباد في مرتبة من ينهى ، و يأمر ، و من يميز بين الناس ، و يُقوم سلوك الناس ، ماذا نقول في حق هؤلاء ؟
المسلمون دعاة لا قضاة على الناس :
الدكتور راتب :
أولاً الدعاة ليسوا قضاة لكنهم ناصحون .
أول نقطة في الموضوع : أن الإنسان ينبغي أن يستخدم الحكمة المطلقة ، بمعنى أنك لو أنكرت منكراً بيدك ، ونشأ عن هذا المنكر فتنة كبيرة يمنع أن تنكر المنكر بهذه الطريقة ، يقول سيدنا عمر : << ليس بخيركم من عرف الخير ، و لا من عرف الشر ، و لكنه من عرف الشرين ، و فرق بينهما ، و اختار أهونهما >> .


لا يجوز تغيير منكر يسبب منكرا أشد منه :
هذا منهج ، مثلاً : حينما تضطرم في نفسك مشاعر معينة ، وأتحرك بلا تخطيط ، و بلا مرجعية ، و بلا منهج ، أجرّ على المسلمين متاعب لا تنتهي ، و قد أكون مخلصاً في هذه الحركة ، لكن في العمل ليست صحيحة .
الأستاذ علاء :
هذا عمل الأحمق سيدي .
الدكتور راتب :
نعم ، فأنا أقول : ويلات كثيرة جداً جرت على المسلمين بسبب أناس لم يرجعوا إلى المرجع الصحيح ، و لم يلتزموا المنهج القويم ، و لم يعرفوا دقائق هذا الموضوع ، أن أنكر المنكر بطريقة حكيمة ، فإذا كان إنكار المنكر سيؤدي إلى منكر أشد ينبغي أن أنكره بلساني لا بيدي .
الأستاذ علاء :
هذا مبدأ في الأصول ، وهو : درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح .
الدكتور راتب :
دع خيراً عليه الشر يربو ، فلابد من ميزان دقيق ، أنا أريد أن أقدم شيئاً للأمة ، أن أريد ألا أجلب لها الدمار و الهلاك بنزوة عاطفية و انفعال شديد غير منضبط بمنهج الله عز وجل ، و الأمثلة كثيرة جداً .
الأستاذ علاء :
حان وقت الفقرة العلمية .
الدكتور راتب :
نعم هناك فقرة علمية تبين عظمة الله عز وجل ، الإنسان المتأله أحياناً يظن أنه يفعل ما يريد ، لكن الله سبحانه و تعالى قوي شديد البطش ، فنحن يجب أن نعرف الله من رحمته ، و أن نعرفه من قوته ، والأنبياء يعبدون الله رغباً ورهباً .
الأمواج التي تسببها الزلازل في أعماق الأرض :
الآن إلى بعض الأمواج التي تصنعها الزلازل في أعماق الأرض :
أحياناً يحدث في قاع المحيط زلزال يكون سبباً في تشكيل أمواج كما ترون ضخمة في البحر ، تسمى هذه الأمواج أمواج تسونامي ، هذه الأمواج تدمر شريطاً ساحلياً بأكمله ، والأثر المدمر لهذه الأمواج التي تعلو إلى أربعين متراً ، لا تبقي ولا تذر .
زلزال تسونامي الذي وقع قبل أعوام خير شاهد على ذلك ، هذا البناء تأتيه الموجة فتهدمه ، ويمكن أن يحمل صخرة وزنها خمسون طناً إلى مسافة بعيدة جداً ، هذا الزلزال سرعته ألف و ستمئة كيلو متر بالساعة .
إِنّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ
شيء آخر طبعاً لا يبقي و لا يذر :
﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ﴾
[ سورة البروج ]
﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً ﴾
[ سورة يونس : 24]
يجب أن نخاف من الله ، ورأس الحكمة مخافة الله ، هذا الفندق الضخم جداً على الساحل جاءت الأمواج فحطمته ، انظر إلى السيارات كيف تتلاطم مع الجدران .
الأستاذ علاء :
لهذا الموج قوة هائلة .
الدكتور راتب :
الله عز وجل قوي ، لكن لابد من أن نتقي ربنا ، و نحن في الرخاء ، لو عرفناه في الرخاء عرفنا في الشدة ، و هذه حقيقة .
طبعاً المنازل ، المنشآت ، الفنادق ، السفن تغدو على أسطح المنازل ، هذا هو الزلزال الذي حدث في القواعد الصخرية للأرض ، وهناك اثنا عشر لوحاً تحت القارات ، تحمل هذه القارات تسمى الصفائح ، بفعل البراكين العميقة جداً تتباعد هذه الصفائح ، أو تتقارب ، لا يبقي و لا يذر.
لذلك اسألوا الله العافية ، و أن يحفظ بلادنا من كل سوء ، هناك مصائب تنسينا جميع المشكلات، السفن فوق أسطح المنازل ، و هذه البيوت الراقية جداً أصبحت أنقاضاً كما يرى في المشاهد .
الأستاذ علاء :
إذاً حركة الصفائح تتباعد ، أو تصطدم فتصبح حركة اندفاعية .
الدكتور راتب :
نعم بالاندفاع نحو الأعلى تتباعد ، بالاندفاع نحو الأسفل تصطدم ، هذا الزلزال الذي وقع في تسونامي قوته مليون قنبلة ذرية ، كما ترى المياه تأتي ، البيوت لا يوجد شيء ، أبداً لا تبقي و لا تذر .
الأستاذ علاء :
عندما حدثنا القرآن عن قصة سيدنا نوح ، كان الشخص يظن كيف يأخذ الناس الطوفان ، لم يبقِ شيئاً .
الدكتور راتب :
وفي لقاء قادم إن شاء الله سأتحدث عن هذا الزلزال بشكل مفصل إن شاء الله ، لأن الإنسان يجب أن يعرف حجمه عند الله عز وجل .
الأستاذ علاء :
لذلك سيدي الكريم ، مثلما تفضلت إن الله يعرف بتجليين تجلي الجلال ، وتجلي الجمال ، تجلي الجلال من خلال قوته و جبروته و بطشه ، و من خلال رهبته و رهبة هذه القوة ، وتجلي الجمال من خلال المحبة و اللطف ، و من خلال حالات الأنس التي يشعر بها المرء عند اقترابه و اتصاله به .
الدكتور راتب :
لذلك يقول عليه الصلاة و السلام في بعض أدعيته :
(( أعوذ بك يا رب من فجأة نقمتك ، و تحول عافيتك ، و جميع سخطك ))
[أبو داود عن ابن عمر ]
الإنسان ضعيف ، فالذي يقول : أنا ، لا يعرف الله .
خاتمة وتوديع :
الأستاذ علاء :
لا يسعنا إلا أن نشكر الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة دمشق ، شكراً لهذا الحديث ، سنلتقي إن شاء في الحلقة القادمة ، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته .
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-16, 19:00   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

[]صلاة التراويح
https://www.youtube.com/watch?v=pBCyMrT5fvI

الشيخ عبد الحكيم الجزائري
تراويح 1935










قديم 2014-07-16, 19:01   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

[]صلاة التراويح
https://www.youtube.com/watch?v=pBCyMrT5fvI

الشيخ عبد الحكيم الجزائري
تراويح 1935










 

الكلمات الدلالية (Tags)
رمضنبات, عودت


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:16

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc