عودة رمضانيات - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الإبتدائي > قسم الأرشيف

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

عودة رمضانيات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-07-06, 09:48   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ندوات تلفزيونية – قناة سوريا الفضائية – الايمان هو الخلق – الدرس (36-95) - مقومات التكليف : الشهوة - شهوة المال
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2006-09-04
بسم الله الرحمن الرحيم
ترحيب :
أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة ، من برنامجكم الإيمان هو الخلق ، مع أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق .
أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم سيدي .
مقدمة تذكيرية :
في حلقات سابقة توقفنا عند الشهوة ، وعند تعريفها ، وعند إفرزاتها ، وعند ما جاء به الشارع ، وجعلها في المجال الصحيح ، وعند ما أتى الشارع ، ونبهنا من خلال البيان النصي والعقلي لنتجنب مزالق هذه الشهوة ، ولنتجنب استخدام الشهوة في مجالات التي لا يريدها الله ، لأنها تضر بالإنسان .
وتبينا من خلال الحلقة الماضية بأن العلاقة واضحة بين ما نهى عنه القرآن والسنة النبوية بين المنهيات ، وبين نتائجها بعلاقة علمية بين سبب ونتيجة ، وأن كل معصية لها نتائج في الحياة الدنيا قبل الآخرة .
وتحدثنا في الحلقة الماضية عن شهوة الجنس ، وأغلقنا الستار إن صح التعبير لنبتدئ في مسألة هامة جداً ، هي شهوة المال ، كيف نظر إليها الشرع ، وكيف أطّرها ، وكيف جعل لها حدوداً ونقاط ، إذا خرج الإنسان مركبته في هذا المنحى دمر نفسه ، ودمر مجتمعه ، ونستذكر قول الله تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴾
( سورة آل عمران الآية : 14 )
إذاً : هناك زينة ، كما تفضلت في حلقات سابقة :
﴿ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
( سورة آل عمران الآية : 14 )
المال قوام الحياة :
أستاذ علاء ، في أول هذا اللقاء الطيب نقول : إن المال قوام الحياة ، فالنفس في قضية المال بين تطرفين : إما أن الناس يعبدونه من دون الله ، فيرتكبون كل المعاصي والآثام من أجل الحصول عليه ، وعلى حساب دينهم وقيمهم ومبادئهم ، وإما أن ينبذوه نبذاً غبياً فيفتقرون إليه بعد حين .
إن الإسلام وسطي ، المال قوام الحياة ، والمال قوة كبيرة في الإنسان ، والمال حيادي ، وبإمكان الإنسان أن يرتقي بالمال إلى أعلى مراتب الجنة ، وبإمكانه أن يصل بالمال إلى أدنى دركات المال ، المال حيادي ، وكل الحديث السابق أن الإنسان مخير ، ولأنه مخير كل حظوظه من الدنيا حيادي ، وكل إمكاناته حيادية ، يمكن أن توظف في الخير ، أو في الشر ، وكل خصائصه حيادية، فالمال قوام الحياة ، يقول الله تعالى في كتابه الكريم :
﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ﴾
( سورة النساء الآية : 5 )
قيام البشر بالمال .
تصور شابًا حصل على عمل بدخل محدود ، فتزوج ، ارتاحت نفسه ، سكن بيتًا ، الله عز وجل جعل في المال قياماً للحياة ، والذين يعبدونه من دون الله أخطؤوا ، والذين يهملونه أخطئوا ، فالإسلام وسطي ، كأن المال خط عمودي عليه نقطتان وعلامتان واضحتان ، فوق هذا الخط تطرف ، وتحت هذا الخط تطرف ، إن أهملته فقد تضيع كرامتك من أجله ، وإن بالغت بتعظيمه ضاعت مبادئك من أجله .
(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))
[ ورد في الأثر ]
المال قوة ، لذلك النبي الكريم يقول :
(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))
[ أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]
الذي معه المال متاح له أن يفعل من الأعمال الصالحة ما لم يتح للملايين من الناس ، المال قوة ، فقد يكون المال سبب شقاء الإنسان .
(( بادِرُوا بالأعمال الصالحة : ماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ، هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا ، أو غِني مُطغيا ))
[ أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]
حينما أهمله ، وأهمل كسبه ، أتضعضع ، وأُذل أحياناً ، وحينما عبده من دون الله شقي به في الدنيا والآخرة .
دائماً الإسلام وسطي ، والفضيلة دائماً وسط بين طرفين ، فالله عز وجل في قرآنه الكريم بيّن أن المال قوام الحياة ، ينبغي أن نكسبه من طريق مشروع ، وأن ننفقه في مصارف مشروعة .
الأستاذ علاء :
سيدي ، يخطر في بالي سؤال : نسمع بين الناس كثيراً أن هنالك مَن افتقر ، فعف ، وترك أمره إلى الله ، واحتسب أمره عند الله ، والتزم ، ولم يحقد على مَن يملك ، ولم يمد يده إلى الحرام ، وهنالك من اغتنى ، ولكنه جعل هذا الغنى مجالاً للخير ، وصرف غناه في أوجُهِ الخير ، مَن هو الأفضل مكانة عند الله ؟
الدكتور راتب :
ليس الفقير الصابر بأعظم أجراً من الغني الشاكر :
ليس الفقير الصابر بأعظم أجراً من الغني الشاكر ، هذا هو الجواب ، المال قوة ، وبإمكانك أن تمسح دموع الفقراء ، بإمكانك أن تزوج الشباب ، بإمكانك أن تقيم المياتم والمصحات ، بإمكانك أن تنشئ المدارس ، بإمكانك أن تصل بالمال إلى أعلى درجات الجنة ، يؤكد هذا قول النبي الكريم :
(( لا حَسَدَ إلا على اثْنَتيْنِ : رجلٌ آتَاهُ اللَّهُ القرآنَ ، فقام به آناء اللَّيل وَآنَاءَ النَّهارِ ، ورجلٌ أعْطاهُ اللَّهُ مالا ، فَهوَ يُنْفِقِهُ آنَاءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ ))
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن عمر ]
فقد رفع النبيُّ الغنيَّ المؤمنَ المحسن إلى مستوى أكبر الدعاة والعلماء ، فالمال قوة ، ويجب أن نبحث عن المال .
الغنى بالطرق المشروعة ممدوحٌ :
ولكن هناك تعليق دقيق جداً : لأنك بالمال متاح لك أن تفعل من الأعمال الصالحة ما لا يوصف ، فينبغي أن تكون غنياً ، ولكن إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله ينبغي أن تكون غنياً ، أما إذا كان طريق الغنى على أساس أن تتخلى عن دينك ، وعن مبادئك ، وعن قيمك ، أو أن تخون أمتك ، فالفقر وسام شرف لك ، فأنا أكون غنياً إذا كان الطريق إلى الغنى سالكاً وفق منهج الله ، دون أن أبني مجدي على أنقاض الآخرين ، ودون أن أبني غناي على فقرهم ، وحياتي على موتهم ، وعزي على ذلهم .
أتمنى من كل شاب أن يكون غنياً ، لأن الغني متاح له من الأعمال الصالحة ما لم يتح لغيره ، هذه نقطة دقيقة جداً .



بين فقر الكسل وفقر القدر وفقر الإنفاق :

1 – فقر الكسل :
هناك فقر الكسل ، هذا فقر مذموم ، وهناك فقر القدر ، في عاهة ، العاهة تمنعه أن يكسب المال، صاحب فقر القدر معذور ، والمجتمع ينبغي أن ينهض لمساعدته ، لكن صاحب فقر الكسل مذموم ، هذه مشكلة كبيرة جداً ، الفقير فقر الكسل ليس محترماً عند الله ولا عند الناس .
دخل النبي على رجل يعبد الله في أقوات العمل ، قال له : من يطعمك ؟ قال : أخي قال :
(( أخوك أعبد منك ))
[ ورد في الأثر ]
أمسك النبي الكريم يد عبد الله بن مسعود ، وكانت خشنة من العمل ، فرفع يده أمام أصحابه وقال :
(( إن هذه اليد يحبها الله ورسوله ))
[ ورد في الأثر ]
التقى سيدنا عمر بأناس فقراء ، قال : << من أنتم ؟ قالوا : نحن المتوكلون ، قال : كذبتم ، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ، ثم توكل على الله >> .
سيدنا عمر له ملمح لا يصدق ، مرّ ببلدة كل الفعاليات الاقتصادية فيها من غير المسلمين ، فلما عاتبهم أشد العتاب على تقصيرهم في كسب الأموال ، قالوا : إن الله سخرهم لنا ، كما يقول بعض الأغنياء الكسالى الآن : لقد سخرهم الله لنا ، فاشتد غضبه ، وقال : << كيف بكم إذا أصبحتم عبيداً عندهم ؟ >> .
أستاذ علاء ، الغني قوي ، والغني يتحكم في الفقير أحياناً ، وأنت لا تصدق أن تعمير محرك طائرة يكلِّف 5 ملايين دولار ، أربع محركات 20 مليون دولار ، مليار ليرة ، كم طنًّا قطن ؟ أصحاب التقنيات العالية يتحكمون ففي العام الآن .
الأستاذ علاء :
وقالوا : مَن يملك الاقتصاد يملك القرار .
الدكتور راتب :
مَن يملك الاقتصاد يملك القرار :
أنت قوي بقدر ما أنت غني ، وأنت تفتقر إلى حرية الحركة بقدر ما أنت فقير ، فلذلك المال قوام الحياة ، الذي أريد أن أؤكد : إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله ، ضمن مبادئك ، ضمن قيمك ، ضمن الطرق المشروعة ، ضمن القنوات النظيفة ، ضمن ما أُقِرّ من قِبل قيم السماء والأرض ، ينبغي أن تكون غنياً ، أما إذا كان طريق الغنى على حساب مبادئك ، وعلى حساب دينك ، وعلى حساب قناعاتك ، فلا مرحباً بهذا المال ، أو على حساب وفائك لأمتك ، لا مرحباً بهذا المال ، أقول لمثل هذا الذي ترفع عن هذا المال الذي تدفع ثمنه باهظاً جداً : فقرك وسام شرف لك .
2 – فقر القدر :
أما فقر القدر فصاحبه ليس مذموم ، بل هو معذور .
3 – فقر الإنفاق :
عندما فقر ثالث ، هذا فقر الإنفاق لأنه أنفق ، هذا موضوع ثانٍ ، أبو بكر أنفق كل ماله ، قال له النبي : يا أبا بكر ، ماذا أبقيت لك ؟ قال : الله ورسوله ، سيدنا الصديق افتقر ، لأنه أنفق ، وكل إنسان عنده مروءة لا يحتمل أن يتمتع هو بالحياة وحده ، وأن يرى حوله المعوزين البائسين الفقراء المرضى ، لذلك كلما ارتقت مشاعر الإنسان كان ماله في خدمة المجموع .
الله عز وجل قال :
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾
( سورة البقرة الآية : 188 )
استنباطات من قوله تعالى : وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
والله أستاذ علاء ، هذه آية فيها ملمح خطير جداً : مال أخيك هو مالك ، لا بمعنى أنه ملك لك ، بمعنى أنك مكلف أن تحافظ عليه كما لو أنه مالك ، هذه واحدة .
المعنى الثاني : أخوك ماله مالك ، بمعنى أن المال ليس ملكك حصراً ، بل ملك جميع المسلمين، بمعنى أنه ينبغي أن تنفقه في الصالح العام ، أمّا أن تنشئ مثلاً لنفسك رفاهًا وبذخًا غير معقول فهذا شيء مذموم .
أنا أقول كلمة طريفة : مرة سألني تاجر : إذا اقتنيت الأشياء الغالية جداً إلى درجة غير معقولة هل أنا مؤاخذ ؟ أردت ألا أقنعه بالنصوص ، بل أردت أن أقنعه بالمثل ، قلت له : هناك رجل معه مئة مليون ، اشترى بيتا بـ75 مليونا ، وسيارة بـ 25 مليونًا ، وما عنده دخل آخر ، يكون أحمق ، اشترِ بيتا بعشرة ملايين ، واشترِ وسائل أخرى ، مركبة بمليونين ، وشغل الباقي ، ابحث عن هذا المال الضخم بدخل كبير .
هذا المال قوام الحياة ، وهو شيء أساسي يملكه الإنسان .
الأستاذ علاء :
سؤال : ماذا عن افتقار المال ؟
الدكتور راتب :
فقر كسل ، فقر قدر ، وفقر إنفاق .
الأستاذ علاء :
فقر الإنفاق هل هو في الذين ينفقون ، ويتملكون هذه المادة ، ويصرفونها ويشتتونها في أوجه خير الناس ؟
الدكتور راتب :
لستَ مكلَّفًا بإنفاق جميع مالك :
والله هذه بطولة كبيرة ، لكن الإسلام ما كلف الإنسان فوق طاقته ، فلذلك قال تعالى :
﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾
( سورة البقرة الآية : 195 )
العلماء حاروا في هذه الآية ، ما معنى التهلكة ؟ لكن النتيجة استقرت على أنك تهلك إن لم تنفق مالاً في سبيل الله ، تأتي يوم القيامة مفلساً ، وتهلك مرة ثانية إن أنفقت كل مالك .
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾
( سورة الفرقان )
فيهلك الإنسان إن أنفق كل ماله ، عنده أولاد ، عنده أساسيات الحياة ، ويهلك أيضاً إذا لم ينفق ماله ، أما سيدنا الصديق فحالة استثنائية ، هذا يسميه العلماء موقفا شخصيا ، وليس حكماً شرعياً، هي مرتبة له اختص بها ، لكن ليست حكماً شرعياً .
النبي الكريم لما هاجر انتقل سراً وخفية ، وفي الليل ، واتجه مُساحلاً ، وقبع بغار ثور ، ثم هيأ راحلة ، وهيأ خبيراً ، وهيأ من يمحو الآثار ، أخذ بكل الأسباب ، أما سيدنا عمر فهاجر جهاراً نهاراً متحدياً ، الإنسان الساذج يقول : والله سيدنا عمر أشجع من النبي ، نقول له : عمر ليس مشرِّعاً ، لكن النبي مشرِّع ، لو أن النبي هاجر جهاراً نهاراً متحدياً فقد هلكت أمته مِن بعده ، ولأصبح أخذ الحيطة حراماً ، وأخذ الأسباب حراماً ، ولهلكت أمته من بعده ، لكن هو مشرِّع .
النبي مشرِّعًا لم يقبل من أحد ماله كله إلا الصدِّيق ، لم يقبل من أحد ماله كله ، لكن قبل نصف المال من عمر .



غنى الكفاف والعفاف :
المال قوام الحياة ، وهناك فقر الكسل ، وفقر القدر ، وفقر الإنفاق ، وهناك كفاية ، هناك غنى البذخ ، وهناك غنى الكفاية ، فإذا كان دخلك يغطي نفقاتك فأنت غني ، لذلك النبي في بعض أدعيته يقول :
(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً ))
[ ورد في الأثر ]
ليس فقيراً ، عنده كل حاجاته ، لكن من دون بذخ ، من دون سجادة ثمنها مليونان ، هناك سجادة جيد جداً وجميل وثمنها خمسة آلاف ، من دون بذخ غير معقول ، والبذخ يولد أحقادا في المجتمع، الفقير إنسان له مشاعر ، يرى الآخرين غارقين في النعيم ، غارقين في البذخ .
حدثني إنسان قال لي : والله في بيته حنفية بثمن بيت ، من الذهب الخالص صنبور ماء بثمن بيت بأكمله ! الناس يموتون من الجوع ، فلذلك الغني المؤمن يأخذ الحاجات الأساسية ، ويعود بماله على بقية الناس .
الأستاذ علاء :
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ :
(( جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ ، فَيَنْثُرُهَا فِي حِجْرِهِ ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ ، وَيَقُولُ مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ ، مَرَّتَيْنِ ))
وبعدها لما قال : سمعت رسول الله يقول صلى الله عليه وسلم :
(( قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً ))
[ أخرجه الطبراني ، والبزار ، والإمام أحمد عن عائشة أم المؤمنين ]
فتبرع بكل القافلة .
الدكتور راتب :
إتلاف المال سفهٌ ، وأشد سفهًا منه إتلاف الوقت :
أريد أن أنوه إلى شيء ، الحقيقة ليس له علاقة متينة بالموضوع ، لكنه مهم جداً ، الآن إذا أصيب رجلٌ ـ لا سمح الله ولا قدر ـ بمرض عضال ، وهذا المرض تحتاج عمليته الجراحية خارج القطر مثلاً إلى مليوني ليرة ، ولا يملك إلا بيتا ثمنه مليونان ، ماذا يفعل ؟ أنا أقول لك : إنني متأكد أنه لا يتردد ثانية واحدة في بيع بيته ، وإجراء العملية ، لماذا ؟ لأنه مركوز في أعماق أعماقه أن الوقت أثمن من المال ، لأنه بهذه العملية يتوهم أنه سيعيش بضع سنوات أخرى، أليس كذلك ؟ إذاً ضحى ببيته الوحيد ، وأجرى عملية متوهماً من خلال إجراء العملية أنه سيعيش بعض السنوات الأخرى ، هذه مقدمة .
إذا أمسك الرجل بمئة ألف ليرة أمام أشخاص عديدين وأحرقها ، كم يحكم عليه من الحاضرين السفه ؟ الكل من دون استثناء .
إذاً إتلاف المال سفه ، وإذا كان الوقت أثمن من المال ، فالذي يتلف وقته أشد سفهاً من الذي يتلف ماله .
الإيمان مرتبة علمية ، ومرتبة أخلاقية ، ومرتبة جمالية ، فإذا أردت أن تكون إنساناً بالمعنى الدقيق فتعرف إلى الله .
" ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء " .
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾
( سورة يس )
الأستاذ علاء :
خاتمة وتوديع :
نرجو الله عز وجل أن نفيد جميعاً بكل ما تقدم ، ومن كل هذا العلم الفياض ، ولا يسعنا إلا أن نشكر الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق .
شكراً أستاذي الكريم ، وإلى اللقاء إن شاء الله في محطات قادمة لنكمل ما بدأناه في هذه الحلقة .
والحمد لله رب العالمين









 


قديم 2014-07-06, 09:49   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي شهوة المال

ندوات تلفزيونية – قناة سوريا الفضائية – الايمان هو الخلق – الدرس (36-95) - مقومات التكليف : الشهوة - شهوة المال
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2006-09-04
بسم الله الرحمن الرحيم
ترحيب :
أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة ، من برنامجكم الإيمان هو الخلق ، مع أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق .
أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم سيدي .
مقدمة تذكيرية :
في حلقات سابقة توقفنا عند الشهوة ، وعند تعريفها ، وعند إفرزاتها ، وعند ما جاء به الشارع ، وجعلها في المجال الصحيح ، وعند ما أتى الشارع ، ونبهنا من خلال البيان النصي والعقلي لنتجنب مزالق هذه الشهوة ، ولنتجنب استخدام الشهوة في مجالات التي لا يريدها الله ، لأنها تضر بالإنسان .
وتبينا من خلال الحلقة الماضية بأن العلاقة واضحة بين ما نهى عنه القرآن والسنة النبوية بين المنهيات ، وبين نتائجها بعلاقة علمية بين سبب ونتيجة ، وأن كل معصية لها نتائج في الحياة الدنيا قبل الآخرة .
وتحدثنا في الحلقة الماضية عن شهوة الجنس ، وأغلقنا الستار إن صح التعبير لنبتدئ في مسألة هامة جداً ، هي شهوة المال ، كيف نظر إليها الشرع ، وكيف أطّرها ، وكيف جعل لها حدوداً ونقاط ، إذا خرج الإنسان مركبته في هذا المنحى دمر نفسه ، ودمر مجتمعه ، ونستذكر قول الله تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴾
( سورة آل عمران الآية : 14 )
إذاً : هناك زينة ، كما تفضلت في حلقات سابقة :
﴿ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
( سورة آل عمران الآية : 14 )
المال قوام الحياة :
أستاذ علاء ، في أول هذا اللقاء الطيب نقول : إن المال قوام الحياة ، فالنفس في قضية المال بين تطرفين : إما أن الناس يعبدونه من دون الله ، فيرتكبون كل المعاصي والآثام من أجل الحصول عليه ، وعلى حساب دينهم وقيمهم ومبادئهم ، وإما أن ينبذوه نبذاً غبياً فيفتقرون إليه بعد حين .
إن الإسلام وسطي ، المال قوام الحياة ، والمال قوة كبيرة في الإنسان ، والمال حيادي ، وبإمكان الإنسان أن يرتقي بالمال إلى أعلى مراتب الجنة ، وبإمكانه أن يصل بالمال إلى أدنى دركات المال ، المال حيادي ، وكل الحديث السابق أن الإنسان مخير ، ولأنه مخير كل حظوظه من الدنيا حيادي ، وكل إمكاناته حيادية ، يمكن أن توظف في الخير ، أو في الشر ، وكل خصائصه حيادية، فالمال قوام الحياة ، يقول الله تعالى في كتابه الكريم :
﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ﴾
( سورة النساء الآية : 5 )
قيام البشر بالمال .
تصور شابًا حصل على عمل بدخل محدود ، فتزوج ، ارتاحت نفسه ، سكن بيتًا ، الله عز وجل جعل في المال قياماً للحياة ، والذين يعبدونه من دون الله أخطؤوا ، والذين يهملونه أخطئوا ، فالإسلام وسطي ، كأن المال خط عمودي عليه نقطتان وعلامتان واضحتان ، فوق هذا الخط تطرف ، وتحت هذا الخط تطرف ، إن أهملته فقد تضيع كرامتك من أجله ، وإن بالغت بتعظيمه ضاعت مبادئك من أجله .
(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))
[ ورد في الأثر ]
المال قوة ، لذلك النبي الكريم يقول :
(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))
[ أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]
الذي معه المال متاح له أن يفعل من الأعمال الصالحة ما لم يتح للملايين من الناس ، المال قوة ، فقد يكون المال سبب شقاء الإنسان .
(( بادِرُوا بالأعمال الصالحة : ماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ، هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا ، أو غِني مُطغيا ))
[ أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]
حينما أهمله ، وأهمل كسبه ، أتضعضع ، وأُذل أحياناً ، وحينما عبده من دون الله شقي به في الدنيا والآخرة .
دائماً الإسلام وسطي ، والفضيلة دائماً وسط بين طرفين ، فالله عز وجل في قرآنه الكريم بيّن أن المال قوام الحياة ، ينبغي أن نكسبه من طريق مشروع ، وأن ننفقه في مصارف مشروعة .
الأستاذ علاء :
سيدي ، يخطر في بالي سؤال : نسمع بين الناس كثيراً أن هنالك مَن افتقر ، فعف ، وترك أمره إلى الله ، واحتسب أمره عند الله ، والتزم ، ولم يحقد على مَن يملك ، ولم يمد يده إلى الحرام ، وهنالك من اغتنى ، ولكنه جعل هذا الغنى مجالاً للخير ، وصرف غناه في أوجُهِ الخير ، مَن هو الأفضل مكانة عند الله ؟
الدكتور راتب :
ليس الفقير الصابر بأعظم أجراً من الغني الشاكر :
ليس الفقير الصابر بأعظم أجراً من الغني الشاكر ، هذا هو الجواب ، المال قوة ، وبإمكانك أن تمسح دموع الفقراء ، بإمكانك أن تزوج الشباب ، بإمكانك أن تقيم المياتم والمصحات ، بإمكانك أن تنشئ المدارس ، بإمكانك أن تصل بالمال إلى أعلى درجات الجنة ، يؤكد هذا قول النبي الكريم :
(( لا حَسَدَ إلا على اثْنَتيْنِ : رجلٌ آتَاهُ اللَّهُ القرآنَ ، فقام به آناء اللَّيل وَآنَاءَ النَّهارِ ، ورجلٌ أعْطاهُ اللَّهُ مالا ، فَهوَ يُنْفِقِهُ آنَاءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ ))
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن عمر ]
فقد رفع النبيُّ الغنيَّ المؤمنَ المحسن إلى مستوى أكبر الدعاة والعلماء ، فالمال قوة ، ويجب أن نبحث عن المال .
الغنى بالطرق المشروعة ممدوحٌ :
ولكن هناك تعليق دقيق جداً : لأنك بالمال متاح لك أن تفعل من الأعمال الصالحة ما لا يوصف ، فينبغي أن تكون غنياً ، ولكن إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله ينبغي أن تكون غنياً ، أما إذا كان طريق الغنى على أساس أن تتخلى عن دينك ، وعن مبادئك ، وعن قيمك ، أو أن تخون أمتك ، فالفقر وسام شرف لك ، فأنا أكون غنياً إذا كان الطريق إلى الغنى سالكاً وفق منهج الله ، دون أن أبني مجدي على أنقاض الآخرين ، ودون أن أبني غناي على فقرهم ، وحياتي على موتهم ، وعزي على ذلهم .
أتمنى من كل شاب أن يكون غنياً ، لأن الغني متاح له من الأعمال الصالحة ما لم يتح لغيره ، هذه نقطة دقيقة جداً .



بين فقر الكسل وفقر القدر وفقر الإنفاق :

1 – فقر الكسل :
هناك فقر الكسل ، هذا فقر مذموم ، وهناك فقر القدر ، في عاهة ، العاهة تمنعه أن يكسب المال، صاحب فقر القدر معذور ، والمجتمع ينبغي أن ينهض لمساعدته ، لكن صاحب فقر الكسل مذموم ، هذه مشكلة كبيرة جداً ، الفقير فقر الكسل ليس محترماً عند الله ولا عند الناس .
دخل النبي على رجل يعبد الله في أقوات العمل ، قال له : من يطعمك ؟ قال : أخي قال :
(( أخوك أعبد منك ))
[ ورد في الأثر ]
أمسك النبي الكريم يد عبد الله بن مسعود ، وكانت خشنة من العمل ، فرفع يده أمام أصحابه وقال :
(( إن هذه اليد يحبها الله ورسوله ))
[ ورد في الأثر ]
التقى سيدنا عمر بأناس فقراء ، قال : << من أنتم ؟ قالوا : نحن المتوكلون ، قال : كذبتم ، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ، ثم توكل على الله >> .
سيدنا عمر له ملمح لا يصدق ، مرّ ببلدة كل الفعاليات الاقتصادية فيها من غير المسلمين ، فلما عاتبهم أشد العتاب على تقصيرهم في كسب الأموال ، قالوا : إن الله سخرهم لنا ، كما يقول بعض الأغنياء الكسالى الآن : لقد سخرهم الله لنا ، فاشتد غضبه ، وقال : << كيف بكم إذا أصبحتم عبيداً عندهم ؟ >> .
أستاذ علاء ، الغني قوي ، والغني يتحكم في الفقير أحياناً ، وأنت لا تصدق أن تعمير محرك طائرة يكلِّف 5 ملايين دولار ، أربع محركات 20 مليون دولار ، مليار ليرة ، كم طنًّا قطن ؟ أصحاب التقنيات العالية يتحكمون ففي العام الآن .
الأستاذ علاء :
وقالوا : مَن يملك الاقتصاد يملك القرار .
الدكتور راتب :
مَن يملك الاقتصاد يملك القرار :
أنت قوي بقدر ما أنت غني ، وأنت تفتقر إلى حرية الحركة بقدر ما أنت فقير ، فلذلك المال قوام الحياة ، الذي أريد أن أؤكد : إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله ، ضمن مبادئك ، ضمن قيمك ، ضمن الطرق المشروعة ، ضمن القنوات النظيفة ، ضمن ما أُقِرّ من قِبل قيم السماء والأرض ، ينبغي أن تكون غنياً ، أما إذا كان طريق الغنى على حساب مبادئك ، وعلى حساب دينك ، وعلى حساب قناعاتك ، فلا مرحباً بهذا المال ، أو على حساب وفائك لأمتك ، لا مرحباً بهذا المال ، أقول لمثل هذا الذي ترفع عن هذا المال الذي تدفع ثمنه باهظاً جداً : فقرك وسام شرف لك .
2 – فقر القدر :
أما فقر القدر فصاحبه ليس مذموم ، بل هو معذور .
3 – فقر الإنفاق :
عندما فقر ثالث ، هذا فقر الإنفاق لأنه أنفق ، هذا موضوع ثانٍ ، أبو بكر أنفق كل ماله ، قال له النبي : يا أبا بكر ، ماذا أبقيت لك ؟ قال : الله ورسوله ، سيدنا الصديق افتقر ، لأنه أنفق ، وكل إنسان عنده مروءة لا يحتمل أن يتمتع هو بالحياة وحده ، وأن يرى حوله المعوزين البائسين الفقراء المرضى ، لذلك كلما ارتقت مشاعر الإنسان كان ماله في خدمة المجموع .
الله عز وجل قال :
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾
( سورة البقرة الآية : 188 )
استنباطات من قوله تعالى : وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
والله أستاذ علاء ، هذه آية فيها ملمح خطير جداً : مال أخيك هو مالك ، لا بمعنى أنه ملك لك ، بمعنى أنك مكلف أن تحافظ عليه كما لو أنه مالك ، هذه واحدة .
المعنى الثاني : أخوك ماله مالك ، بمعنى أن المال ليس ملكك حصراً ، بل ملك جميع المسلمين، بمعنى أنه ينبغي أن تنفقه في الصالح العام ، أمّا أن تنشئ مثلاً لنفسك رفاهًا وبذخًا غير معقول فهذا شيء مذموم .
أنا أقول كلمة طريفة : مرة سألني تاجر : إذا اقتنيت الأشياء الغالية جداً إلى درجة غير معقولة هل أنا مؤاخذ ؟ أردت ألا أقنعه بالنصوص ، بل أردت أن أقنعه بالمثل ، قلت له : هناك رجل معه مئة مليون ، اشترى بيتا بـ75 مليونا ، وسيارة بـ 25 مليونًا ، وما عنده دخل آخر ، يكون أحمق ، اشترِ بيتا بعشرة ملايين ، واشترِ وسائل أخرى ، مركبة بمليونين ، وشغل الباقي ، ابحث عن هذا المال الضخم بدخل كبير .
هذا المال قوام الحياة ، وهو شيء أساسي يملكه الإنسان .
الأستاذ علاء :
سؤال : ماذا عن افتقار المال ؟
الدكتور راتب :
فقر كسل ، فقر قدر ، وفقر إنفاق .
الأستاذ علاء :
فقر الإنفاق هل هو في الذين ينفقون ، ويتملكون هذه المادة ، ويصرفونها ويشتتونها في أوجه خير الناس ؟
الدكتور راتب :
لستَ مكلَّفًا بإنفاق جميع مالك :
والله هذه بطولة كبيرة ، لكن الإسلام ما كلف الإنسان فوق طاقته ، فلذلك قال تعالى :
﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾
( سورة البقرة الآية : 195 )
العلماء حاروا في هذه الآية ، ما معنى التهلكة ؟ لكن النتيجة استقرت على أنك تهلك إن لم تنفق مالاً في سبيل الله ، تأتي يوم القيامة مفلساً ، وتهلك مرة ثانية إن أنفقت كل مالك .
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾
( سورة الفرقان )
فيهلك الإنسان إن أنفق كل ماله ، عنده أولاد ، عنده أساسيات الحياة ، ويهلك أيضاً إذا لم ينفق ماله ، أما سيدنا الصديق فحالة استثنائية ، هذا يسميه العلماء موقفا شخصيا ، وليس حكماً شرعياً، هي مرتبة له اختص بها ، لكن ليست حكماً شرعياً .
النبي الكريم لما هاجر انتقل سراً وخفية ، وفي الليل ، واتجه مُساحلاً ، وقبع بغار ثور ، ثم هيأ راحلة ، وهيأ خبيراً ، وهيأ من يمحو الآثار ، أخذ بكل الأسباب ، أما سيدنا عمر فهاجر جهاراً نهاراً متحدياً ، الإنسان الساذج يقول : والله سيدنا عمر أشجع من النبي ، نقول له : عمر ليس مشرِّعاً ، لكن النبي مشرِّع ، لو أن النبي هاجر جهاراً نهاراً متحدياً فقد هلكت أمته مِن بعده ، ولأصبح أخذ الحيطة حراماً ، وأخذ الأسباب حراماً ، ولهلكت أمته من بعده ، لكن هو مشرِّع .
النبي مشرِّعًا لم يقبل من أحد ماله كله إلا الصدِّيق ، لم يقبل من أحد ماله كله ، لكن قبل نصف المال من عمر .



غنى الكفاف والعفاف :
المال قوام الحياة ، وهناك فقر الكسل ، وفقر القدر ، وفقر الإنفاق ، وهناك كفاية ، هناك غنى البذخ ، وهناك غنى الكفاية ، فإذا كان دخلك يغطي نفقاتك فأنت غني ، لذلك النبي في بعض أدعيته يقول :
(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً ))
[ ورد في الأثر ]
ليس فقيراً ، عنده كل حاجاته ، لكن من دون بذخ ، من دون سجادة ثمنها مليونان ، هناك سجادة جيد جداً وجميل وثمنها خمسة آلاف ، من دون بذخ غير معقول ، والبذخ يولد أحقادا في المجتمع، الفقير إنسان له مشاعر ، يرى الآخرين غارقين في النعيم ، غارقين في البذخ .
حدثني إنسان قال لي : والله في بيته حنفية بثمن بيت ، من الذهب الخالص صنبور ماء بثمن بيت بأكمله ! الناس يموتون من الجوع ، فلذلك الغني المؤمن يأخذ الحاجات الأساسية ، ويعود بماله على بقية الناس .
الأستاذ علاء :
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ :
(( جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ ، فَيَنْثُرُهَا فِي حِجْرِهِ ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ ، وَيَقُولُ مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ ، مَرَّتَيْنِ ))
وبعدها لما قال : سمعت رسول الله يقول صلى الله عليه وسلم :
(( قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً ))
[ أخرجه الطبراني ، والبزار ، والإمام أحمد عن عائشة أم المؤمنين ]
فتبرع بكل القافلة .
الدكتور راتب :
إتلاف المال سفهٌ ، وأشد سفهًا منه إتلاف الوقت :
أريد أن أنوه إلى شيء ، الحقيقة ليس له علاقة متينة بالموضوع ، لكنه مهم جداً ، الآن إذا أصيب رجلٌ ـ لا سمح الله ولا قدر ـ بمرض عضال ، وهذا المرض تحتاج عمليته الجراحية خارج القطر مثلاً إلى مليوني ليرة ، ولا يملك إلا بيتا ثمنه مليونان ، ماذا يفعل ؟ أنا أقول لك : إنني متأكد أنه لا يتردد ثانية واحدة في بيع بيته ، وإجراء العملية ، لماذا ؟ لأنه مركوز في أعماق أعماقه أن الوقت أثمن من المال ، لأنه بهذه العملية يتوهم أنه سيعيش بضع سنوات أخرى، أليس كذلك ؟ إذاً ضحى ببيته الوحيد ، وأجرى عملية متوهماً من خلال إجراء العملية أنه سيعيش بعض السنوات الأخرى ، هذه مقدمة .
إذا أمسك الرجل بمئة ألف ليرة أمام أشخاص عديدين وأحرقها ، كم يحكم عليه من الحاضرين السفه ؟ الكل من دون استثناء .
إذاً إتلاف المال سفه ، وإذا كان الوقت أثمن من المال ، فالذي يتلف وقته أشد سفهاً من الذي يتلف ماله .
الإيمان مرتبة علمية ، ومرتبة أخلاقية ، ومرتبة جمالية ، فإذا أردت أن تكون إنساناً بالمعنى الدقيق فتعرف إلى الله .
" ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء " .
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾
( سورة يس )
الأستاذ علاء :
خاتمة وتوديع :
نرجو الله عز وجل أن نفيد جميعاً بكل ما تقدم ، ومن كل هذا العلم الفياض ، ولا يسعنا إلا أن نشكر الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق .
شكراً أستاذي الكريم ، وإلى اللقاء إن شاء الله في محطات قادمة لنكمل ما بدأناه في هذه الحلقة .
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-07, 00:41   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي











قديم 2014-07-07, 00:42   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي











قديم 2014-07-07, 00:45   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي











قديم 2014-07-08, 07:15   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي











قديم 2014-07-08, 08:43   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا على مساهمتك المفيدة ونفع بها المسلمين جميعا
شكرا جزيلا










قديم 2014-07-08, 09:02   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ندوات تلفزيونية – قناة سوريا الفضائية – الايمان هو الخلق – الدرس (22-95) - مقومات التكليف : الطبع - الطبع والتكليف – النحل
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2006-03-20
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم وترحيب :
أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليه ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق ، نحن وإياكم في ضيافة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق ، أهلاً وسهلاً بأستاذنا الكريم .
الدكتور راتب :
أهلا بكم أستاذ علاء ، جزاك الله خيراً .
الأستاذ علاء :
الحلقات الماضية كنا قد مررنا على مسألة هامة من مسائل مقومات التكليف ، وهي الفطرة ، وتبينا من خلال الحديث مع أستاذنا الكريم أن الفطرة هي المرجعية للإنسان أخلاقياً ، هذه المرجعية أن تحب الكمال ، ولا يعني أنه كامل ، لكن إذا قام بعمل ينافي محبة الفطرة للكمال تؤنب الفطرة النفس بالكآبة وبالأمراض النفسية والضيق ، وإذا توافق العمل والسلوك والمنهج مع الفطرة كانت الراحة النفسية تصاحب هذا الإنسان الذي كلفه الله بالرسالة ، وكلفه بالأمانة ، وتحدثنا عن الصبغة ، وقلت لنا : إن الصبغة ليست كالفطرة ، إنما هي حب الكمال ، والتوق إلى الكمال ، والمرجعية الأخلاقية عند الإنسان ، أما الصبغة فهي الاصطباغ بالكمال عند التخلق بأخلاق الله عز وجل ، وقفنا عند موضوع الطبع والتكليف ، ولم يسعفنا الوقت في إكمال هاتين المحطتين .
الإسلام نفس وروح وجسد :
الدكتور راتب :
الحقيقة أن الإنسان في الأصل نفس وروح وجسد ، نفسه ذاته هي المكلفة في المعاتبة ، هي التي ترقى ، هي التي تسمو ، هي التي تسقط ، هي التي تكفر ، هي التي تعتدي ، هي التي تحسن ، نفسك ذاتك ، والنفس لا تموت ، لكنها تذوق الموت ، قال تعالى :
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾
[ سورة آل عمران : 185]
هذه النفس خالدة إلى ما شاء الله قال تعالى :
﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾
[ سورة الزخرف : 77]
هذه النفس هي ذات الإنسان ، هي الأصل هي التي تدرك ، هي التي ترقى ، هي التي تسقط ، هي التي تكذب ، هي التي تسيء ، النفس لها وعاء هو الجسد ، ترى من خلال العينين ، تنتقل إليها الأصوات من خلال الأذنين ، تعبر عن ذاتها باللسان ، تستمتع النفس بالطعام والشراب ، تستمع النفس بالطعام والشراب عن طريق خلايا الذوق ، تبطش باليد ، تنتقل بالرجل ، فهذا الجسم وعاء الإنسان ، تماماً كالمركبة ، سائقها هو كل شيء ، صاحب المركبة إما أن يسرع ، أو يخفض السرعة ، إن رأيتها أنيقة ونظيفة فسبب نظافة صاحبها ، إن رأيتها رعناء في قيادتها فمن رعونة قائدها ، فهي تعبر عن صاحبها ، الجسم وعاء للنفس ومرتكز له ، فالجسم كالثوب ، إذا بلي يخلع ، ويرمى جانباً ، هو الموت .
العين تحتاج إلى قوة كي ترى ، والروح هو القوة المحركة .
الأذن تسمع بالروح ، تماماً كآلة تسجيل فيها كل الميزات الكاملة ، لكن لا تنطق كي تسمع بها الشريط إلا بالكهرباء ، فالروح تسري في الجسم ، وهي قوة الله عز وجل ، والموت انقطاع قوة الإمداد ، وتلف الوعاء وبقاء النفس .
لكن أنا أقول لك كلمة : الآن من دون كهرباء يمكن أن تنتقل إذا قطع عنها التيار ، وهو الموت ، ويمكن أن تصيبها بالعطب ، فلا تصلح لاستقبال التيار ، وهو القتل ، القتل تحطم هذه البلورة ، فلم تعد صالحة لاستقبال التيار ، أما الموت فهو انقطاع التيار ، وبانقطاع التيار تنقطع الإضاءة ، أما حينما يقتل الإنسان تحكم أجهزته ، فلم تعد صالحة لاستقبال الإمداد الإلهي ، فهو المعني .
النفس هي الخالدة ، فإما في جنة يدوم نعيمها ، أو في نار لا ينفذ عذابها ، وهي المحاسبة ، هي المعاتبة ، هي المكلفة ، هي المؤمنة ، هي الكافرة ، هي المنافقة ، هي التي ترقى إلى الله ، هي التي تبتعد عنه ، هي التي تصاحب الشيطان ، هي كل شيء في ذات الإنسان .
الأستاذ علاء :
وهي المخيرة .
الدكتور راتب : ومكلفة ، قال تعالى :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾
[ سورة الأحزاب : 72]


خصائص النفس متطابقة مع متهج الله :
إلا أن النفس متطابقة تطابقاً تاماً مع منهج الله ، النفس ترتاح إذا أدت ما عليها ، والمثل واضح : فلو أن الإنسان استيقظ على صلاة الفجر ، وصلى السنة والفرض ، ورجع إلى النوم ينام مرتاحاً ، النفس ترتاح بطاعة الله ، ترتاح أن تكون صادقة ، ترتاح أن تكون أمينة ، ترتاح أن تكون متقنة ، ترتاح أن تؤدي واجباتها ، هذه النفس .
خصائص الجسد متناقضة مع التكليف :
إلا أن الجسم شيء آخر ، الجسد يحب النوم ، ويزعجه أن يستيقظ على صلاة الفجر ، الجسد يحب أن يملأ عينيه بالحسناوات ، ويزعجه أن يغض البصر ، الجسد يسعده أن يأخذ المال ليأكل به الطعام الطيب ، ويزعجه أن ينفقه ، خصائص الجسد متناقضة مع التكليف وهذا التناقض هو ثمن الجنة ، قال تعالى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
[ سورة النازعات ]
الجنة كلها ثمنها الضبط ، الإيمان ضبط ، وقلنا سابقاً : الإنسان معه شهوات ، قال تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾
[ سورة البقرة : 212]
هذه الشهوات حيادية ، بالإمكان أن تمارس بلا قيد ولا شرط ، كما يفعل معظم سكان الأرض ، لكن الإيمان أعطانا مسافة مسموحاً بها ، ومنعنا عن مساحات غير مسموح بها ، هذا هو الإيمان ، أن تمارس شهوتك وفق منهج الله ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾
[ سورة القصص : 50]
المعنى المخالف : أنك إذا اتبعت هواك وفق منهج الله فلا شيء عليك .
الجسد خصائصه أن يميل إلى الراحة والاسترخاء والنوم ، وأن يأكل ما يشتهي بلا قيد أو شرط ، وأن يمتع عينيه بما يشتهي بلا قيد ولا شرط ، فيأتي الشرع ليقول له : غض البصر ، أنفق من مالك ، استيقظ وصلِّ ِ، اضبط لسانك ، هذا التكليف يناقض الطبع ، وهذا التناقض هو ثمن الجنة ، قال تعالى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
[ سورة النازعات ]
وقد أثنى الله عز وجل على النفس الذي تلوم ذاتها ، قال تعالى :

﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾
[ سورة القيامة]
نماذج النفوس في القرآن الكريم :
بالمناسبة النفوس في القرآن الكريم نماذج .
1 – النفس المطمئنة :
قال تعالى :
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي *وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾
[ سورة الفجر]
هذه المطمئنة .
2 – النفس اللوامة :
الآن قال تعالى :
﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾
[ سورة القيامة]
الأستاذ علاء :
تلوم صاحبها
هذا نموذج آخر ، فيها محاسبة .
الأستاذ علاء :
الحوار الداخلي أنك فعلت كذا هذا يجب ألا يكون ، هذا هو الحوار .
الدكتور راتب :
القلب الحي والقلب الميت :
أما الإنسان إذا مات قلبه فقد انتهى ، قال تعالى :
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
[ سورة النحل : 21]
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
***
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بمـيت إيلام
***
الحقيقة أستاذ علاء أن الفرق كبير بين أن يكون القلب حياً ، وبين أن يكون ميتاً ، القلب الميت لا يعي على خير ، قال تعالى :
﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾
[ سورة الأنفال : 23]
لذلك هؤلاء الذين ماتت قلوبهم ، وخرجوا من دائرة العناية المشددة أعطاهم الله ما يشتهون ، قال تعالى :
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾
[ سورة الأنعام : 44]
كمرض خبيث انتشر بكل جسمك ، فلما سألتَ الطبيب : ماذا آكل ؟ قال : كل ما تشاء ، قال تعالى:
﴿ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾
[ سورة القصص : 78]
إذا سيق إنسان ليعدم لجريمة ارتكبها هل يحاسب على مخالفة سير ؟ فهذا التكليف متعلق بمنهج الله، وهو مناقض للطبع ، والتناقض بين الطبع والتكليف هو ثمن الجنة .
الشهوات لها قنوات نظيفة تسري من خلالها :
بالمناسبة ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، فليس في الإسلام حرمان ، لكن فيه تنظيم ، وما من شهوة على الإطلاق أودعتْ في الإنسان إلا ولها قناة نظيفة شريفة طاهرة تسري خلالها .
شهوة المرأة مثلاً لها الزواج المشروع ، تزوجت امرأة جميلة مخلصة محبة ، أنجبت لك أولاداً ملؤوا البيت فرحة ، كبر الأولاد ، ارتقوا إلى مناصب رفيعة ، أنت أبوهم اعتزوا بك ، الحياة وفق منهج الله رائعة جداً .
أستاذ علاء ، بيت فيه جميع الأدوات الكهربائية ، من براد ، وغسالة ، ميكرو ويف ، مسجلة ، كل الأدوات الموجودة من دون كهرباء لا قيمة لها كلها ، لا شيء ، إذا سرت الكهرباء أصبح لكل جهاز معنى ، صدق أنه إذا سرى الإيمان في قلب الإنسان الزواج له معنى ، ومن دون إيمان يكون ممِلاًّ ، وأكثر الأزواج يملّون زوجاتهم ، والزوجات تملّ أزواجها ، الأبوة ليس لها معنى ، الابن عبء على الأب ، العمل ممل ، والحياة من دون إيمان مقفرة متصحرة ، متعبة مملة ، قيعان ، فإذا سرى الإيمان أصبحت مسعِدة ، والحرفة ما مِن إنسان لا يمل حرفته من كثرة التكرار ، إلا المؤمن إذا كانت حرفته مشروعة في الأصل ، ووفق منهج الله ، وسلك بها الطرق المشروعة ، لم يكذب ، لم يغش ، وابتغى منها كفاية نفسه وأهله ، وخدمة المجتمع ، أنا حينما أكون طبيباً أبتغي خدمة المجتمع ، حينما أكون تاجراً أبتغي خدمة المجتمع ، التاجر الصدوق مع النبيين يوم القيامة ، ابتغى بها خدمة المجتمع ، ولم تشغله عن فريضة ، ولا عن واجب ديني ، انقلبت حرفته إلى عبادة ، أنا أسميها العبادة التعاملية ، كل إنسان يمكن أن تكون حرفته عبادة تعاملية يرقى بها إلى الجنة ، لمجرد ألا تغش المسلمين ، وألا تؤذيهم ، وألا تحتال عليهم ، عندئذ أنت ترقى بهذه الصنعة ، أنا أرى أن الحياة لا تصلح من دون إيمان ، والمراقبة البشرية مستحيلة ، من يراقبك في الفرن الساعة الثانية ليلاً ؟
الأستاذ علاء :
لا يوجد ضبط مادي ، أو أدوات للضبط المادي والمجتمعي على مدار الساعة ، وفي كل زمان ومكان هنالك للضبط ساعات وأوقات معينة ، لكن كما تفضلت الإيمان يدخل إلى غرف نومه ، إلى حمامه ، إلى كل الأماكن .
الإنسان بين ضبط البشر ومراقبة الخالق :
الدكتور راتب :
إن راعيًا في شِعب الجبال يلتقي به ابن سيدنا عمر ، يقول له : بعني هذه الشاة ، وخذ ثمنها ، يقول له الراعي : ليست لي ، يقول : قل لصاحبها : ماتت ، أو أكلها الذئب ، يقول الراعي : ليست لي ، يقول له : خذ ثمنها ، يقول له الراعي : والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها : ماتت ، أو أكلها الذئب لصدقني ، فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟ هذا الراعي وضع يده على جوهر الدين ، إذا قلت : أين الله فأنت مؤمن ورب الكعبة ، والله الذي لا إله إلا هو لا أصدق أن يكون الانضباط في المجتمع من دون مراقبة لله ، لأن مهما كان الإنسان ذكياً فالمواطن أذكى ، ومهما كان القانون محكماً يستطيع أي مواطن أن يتفلت منه بطرق لا تعد ولا تحصى .
الأستاذ علاء :
في بلدان الغرب والحضارات الغربية السباق سجال ، السباق على أشده بين أجهزة الضبط وتقنياتها واختراعاتها ، وتطوير قوانينها ، وبين العصابات المتفلتة التي تسبقها بأشواط أحياناً .
الدكتور راتب :
أنا كنت في أمريكا راكبا سيارة ، فسمعت جرساً ، قلت : ما هذا ؟ قال : أمامنا جهاز رادار لكشف السرعات الزائدة ، نبه الجهاز السائق قبل خمسة كيلو مترات ، فعاد إلى السرعة النظامية ، هذه معركة بين عقلين .
الأستاذ علاء :
حتى هذا الصندوق الأسود في السيارات لضبط السرعات الساعة كذا ..
الدكتور راتب :
إذا كان المشرع إنساناً فالإنسان الآخر أذكى منه ، وأما إذا كان المشرع خالقاً فأين الله ؟ أعظم ما في الدين أنه يبدي الارتباط من الداخل يسمى الوازع .
الأستاذ علاء :
قالت لها أمها : اخلطي الحبيب .
الدكتور راتب :
القوانين الوضعية ردعها خارجي :
لكن رب عمر يرانا ، أسوأ ما في القوانين الوضعية أن ردعها خارجي .
مثلاً : الآن هناك كاميرات لضبط المخالفات في الأسواق مذهلة ، أما لما انقطعت الكهرباء تمت مئتا ألف سرقة في أمريكا في ليلة واحدة ، ما يقابل أربع مليارات دولار ، إذاً انضباطكم انضباط إلكتروني لا قيمة له ، الآن لو اشتريت في سوق من أمريكا قطعة ، ولم تدفع ثمنها تصدر أصواتاً مخيفة ، تغلق الأبواب فجأة ، إذاً الكل يدفع ؟ لا لأنهم كمَّلٌ ، لا لأنهم ورعون ، هناك ضبط إلكتروني فقط ، لما قطعت الكهرباء تفلتت الأمور .
الأستاذ علاء :
سيدي الكريم ، إذاً نحن قلنا : إن الخلاف ما بين الطبع الذي يرتبط بالجسد والجسم وما بين التكليف هو ثمن الجنة ، الآن محطتنا العلمية .
مجتمع النحل آية من آيات الله الكبرى :
الدكتور راتب :
الحقيقة أن النحل من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله ، والآن إلى الفيلم العلمي.
الأستاذ علاء :
تفضل .
النحل : بين النظام المذهل والإنتاج المعجز :
الدكتور راتب :
واحدة من أغرب الكائنات في الطبيعة ، إنها النحلة ، تقدم لنا العسل الذي تنتجه بنفسها ، تعيش في بيوت تبنيها بنفسها على شكل مسدسات ، والشكل المسدس يلغي الفراغات البينية ، وقد تقول : المربع أيضاً يلغي الفراغات البينية ، لكن المسدس زواياه منفرجة ، وهذا من حكمة الخالق جل جلاله ، لتخزين العسل .
مَن منا يصدق أن صنع كيلو واحد من العسل يحتاج إلى طيران أربعمئة ألف كيلو متر ، حوالي عشرة دورات حول الأرض ، ويحتاج إلى أن تقف على ثمانية ملايين زهرة ، قال تعالى :
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
[ سورة النمل : 88]
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ﴾
[ سورة النحل : 68]
وحي النحل وحي غريزة ، تقوم بأعمال معقدة جداً ، لا بأمر تكليفي كالإنسان ، بل بأمر تكويني ، إذا وقعت النحلة على زهرة تترك رائحة خاصة تشعر زميلاتها أن هذه الزهرة امتص رحيقها توفيراً للوقت والجهد .
كيف تهتدي النحلة إلى حقول الأزهار ؟
لكن السؤال الدقيق : كيف تهتدي النحلة إلى حقول الأزهار ؟
هناك نحلات مخبرات مستطلعات يبحثن في أماكن بعيدة عن الخلايا إلى مسافة عشرة كيلو مترات، فإذا عثرن على حقل أزهار أخذن عينة ، وعدن بها إلى الخلية ، وعرضنها على الخبيرات، هل هذا الحقل يستحق أن نطير إليه ؟ هناك نحلات مستطلعات كشافات ، تأخذ عينات ، وتعود إلى الخلية .
الآن كيف تستطيع هذه النحلة المخبرة بعد أن جابت السهول ، وعادت بنماذج أن تعلم أخواتها أين الحقل ؟
الحقيقة أن النحل يرقص ، ورقص النحل يعلم بقية النحلات بمكان الأزهار ، وبعدها ، وبكثافتها ، الجهة والبعد والكثافة ، هذه النحلة ترقص بهذا الخط إذا كانت المسافة باتجاه الشمس ، هذا الخط نحو الأعلى اتجاه الشمس ، نحلة أخرى ترقص باتجاه معاكس نحو اتجاه عكس الشمس ، نحلة ثالثة يمين الشمس ، أو يسار الشمس ، هذه باتجاه الشمس ، هذه النحلة ترقص باتجاه الشمس ، ونحلة أخرى ترقص باتجاه معاكس للشمس ، طبعاً رأسها باتجاه السهم ، هناك نحلة ثالثة ترقص بخط متعامد مع اتجاه الشمس كالصورة تماماً في لذلك تسعون درجة مع أشعة الشمس ، الرابعة بزاوية خمس وأربعين يسار الشمس ، إذاً اتجاه الرقص يحدد مكان الأزهار .
الآن بطريقة لا نعلمها تماماً تحدد المسافة ، بطريقة سابغة حسب تواتر الرقص تحدد الكمية ، أولاً: الاتجاه ، ثانياً : المسافة ، ثالثاً : الكمية كله عن طريق الرقص ، قال تعالى :
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ﴾
[ سورة النحل : 68]
كله عن طريق الرقص ، أوحى ربك إلى النحل ، هذا من وحي الله له ، والوحي وحي غريزي .
شيء آخر ، لا يمكن أن تبيت نحلة إلا في خليتها ، لأنها ما لم تذكر كلمة السر تقتل ، لكل خلية كلمة سر ، و كلمة السر من حين لآخر تبدل ، الحقيقة أن هناك نظاما اجتماعيا في النحل لا يصدقه العقل ، والله أنا ما ذكرت الآن واحدا بالمليون من معلومات دقيقة عن النحل لضيق الوقت طبعاً .
طيرانها وهي محملة بالرحيق ثلاثون كيلوا في الساعة ، طيرانها من دون رحيق ستون مترا في الساعة ، و معظم النحل ينتقل إلى مسافة عشرة كيلومترات ليصل إلى الأزهار .
الأستاذ علاء :
أي تغدو خماصاً ، و تعود بطاناً .
الدكتور راتب :
أقسام النحل :
يوجد نحلات عاملات ، ونحلات للتنظيف ، ونحلات للتهوية ، لو دخلت فأرة إلى الخلية ليس لها حل ، تغطى بشمع ، وكأنك وضعتها في كونسروة ، يحنطوها تحنيطاً كاملاً ، وهناك نحلات مهمتها تلميع الخلية ، يوجد صقل ، ويوجد تلميع
الآن هذه النحلة أحضروا أوعية فيها سكر ، وجاء النحل إليها من أماكن متعددة ، فكل مكان أعطوا للنحلة إشارة ، يوجد نحلة أعطوها نقطة ، ونحلة خطا ، ونحلة زائدا ، فعادت هذه النحلات التي عليها خط من مصدر ، والنقطة من مصدر ، والزائد من مصدر ، فرقصت رقصاً معيناً ، فبعد حين ذهبوا إلى الموقع فوجدوا أن عدداً كبيراً من النحل قد أمّ هذا الموقع ، تجارب بمنتهى الدقة ، وضعت نقطة على نحلة من مصدر معين ، و الثانية خط ، و الثالثة زائد ، فجاءت هذه النحلات إلى مكان الخلية ، ورقصت رقصاً يحدد المكان والمسافة والكثافة ، فبعد حين ذهبوا إلى هذه الأماكن الثلاثة فوجدوا أن النحل قد وصل إلى هذه الأماكن ، وارتاد هذه الأماكن .
الحقيقة أن الله عز وجل ذكر النحل في القرآن الكريم :
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي ﴾
[ سورة النحل : 68]
مهمة إناث النحل جني الرحيق :
ياء المؤنثة المخاطبة ، و النحلة المؤنثة هي التي تجني الرحيق ، و هذه إشارة من إشارات القرآن الكريم إلى ذلك ، أي أُوحِي لك أن اتخذي ، ياء المؤنثة المخاطبة .
الحقيقة أن الحديث عن النحل حديث طويل ، و فيه شيء لا يصدق .

وظيفة المخلوق : إرشادية ونفعية :
ما من شيء خلقه الله إلا و له وظيفتان ، و النبي عليه الصلاة والسلام نظر إلى الهلال فقال :
(( هلال خير و رشد ))
[ أبو داود عن قتادة ]
أي خير ننتفع به في الدنيا ، ويرشدنا إلى ربنا ، فكل شيء الله خلقه له وظيفتان ، وظيفة إرشادية إلى الله ، و وظيفة نفعية .
العالم الغربي اكتفى بالوظيفة النفعية ، والمؤمنون أضافوا إلى الوظيفة النفعية الوظيفة الإرشادية ، فكان النحل درساً بليغاً لتعظيم الله عز وجل .
الذي لم يأكل العسل في حياته ، لكنه قرأ كتاباً عن العسل ، وبكى خشوعاً فقد حقق الهدف الأكبر من خلق العسل ، والذي أكل عسلاً حتى امتلأ ، ولم يفكر بعظمة الخالق عطل الهدف الأكبر من وجود العسل .
الحقيقة :
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾
[ سورة الذاريات : 20]
التفكر في الكون أقصر طريق إلى الله :
وكما أقول دائماً : التفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق نصل به إلى الله ، و أوسع باب ندخل منه على الله ، لأنه يضعنا أمام عظمة الله عز وجل .
الأستاذ علاء :
كل الأشياء التي نراها ، هذه الدقة ، هذا الإتقان ، هذا العالم الذي لا يوجد فيه فتور إنما يدل على عظمة الخالق ، وأن مهندساً من وراء هذا الكون أبدع هذا الصنع ، ولم يأت مصادفة ، ولم يأت بالتطور ، ولم يأت عن طريق اجتماع مادتين لا حياة فيهما ، و نشأ الخلق هكذا بهذا الانتظام كما مرّ معنا في حلقات سابقة .
الدكتور راتب :
إذا كانت الذات الإلهية لا تدركها الأبصار ، لكن العقول تصل إليها من خلال خلق الله .
خاتمة وتوديع :
الأستاذ علاء :
لا يسعنا إلا أن نشكر الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة دمشق ، شكراً لكل ما قدمت ، و أيضاً لابد أن نقف عند المحطة العلمية في كل حلقة التي تمتع ، والتي تربط العقل و الفكر و النفس و الذات ، و تعيد بها إلى الصواب ، و تجعل منها حالة تفكير من وراء هذا الصنع و هذه الدقة و هذا الخلق .
الدكتور راتب :
في برنامجنا الإيمان هو الخلق فالفقرة العلمية يغطي الإيمان .
الأستاذ علاء :
وتعود بسلوك الإنسان إلى الخلق الذي أراده الله عز وجل ، شكراً أستاذنا الكريم ، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم .
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-08, 09:03   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ندوات تلفزيونية – قناة سوريا الفضائية – الايمان هو الخلق – الدرس (22-95) - مقومات التكليف : الطبع - الطبع والتكليف – النحل
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2006-03-20
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم وترحيب :
أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليه ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الإيمان هو الخلق ، نحن وإياكم في ضيافة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق ، أهلاً وسهلاً بأستاذنا الكريم .
الدكتور راتب :
أهلا بكم أستاذ علاء ، جزاك الله خيراً .
الأستاذ علاء :
الحلقات الماضية كنا قد مررنا على مسألة هامة من مسائل مقومات التكليف ، وهي الفطرة ، وتبينا من خلال الحديث مع أستاذنا الكريم أن الفطرة هي المرجعية للإنسان أخلاقياً ، هذه المرجعية أن تحب الكمال ، ولا يعني أنه كامل ، لكن إذا قام بعمل ينافي محبة الفطرة للكمال تؤنب الفطرة النفس بالكآبة وبالأمراض النفسية والضيق ، وإذا توافق العمل والسلوك والمنهج مع الفطرة كانت الراحة النفسية تصاحب هذا الإنسان الذي كلفه الله بالرسالة ، وكلفه بالأمانة ، وتحدثنا عن الصبغة ، وقلت لنا : إن الصبغة ليست كالفطرة ، إنما هي حب الكمال ، والتوق إلى الكمال ، والمرجعية الأخلاقية عند الإنسان ، أما الصبغة فهي الاصطباغ بالكمال عند التخلق بأخلاق الله عز وجل ، وقفنا عند موضوع الطبع والتكليف ، ولم يسعفنا الوقت في إكمال هاتين المحطتين .
الإسلام نفس وروح وجسد :
الدكتور راتب :
الحقيقة أن الإنسان في الأصل نفس وروح وجسد ، نفسه ذاته هي المكلفة في المعاتبة ، هي التي ترقى ، هي التي تسمو ، هي التي تسقط ، هي التي تكفر ، هي التي تعتدي ، هي التي تحسن ، نفسك ذاتك ، والنفس لا تموت ، لكنها تذوق الموت ، قال تعالى :
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾
[ سورة آل عمران : 185]
هذه النفس خالدة إلى ما شاء الله قال تعالى :
﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾
[ سورة الزخرف : 77]
هذه النفس هي ذات الإنسان ، هي الأصل هي التي تدرك ، هي التي ترقى ، هي التي تسقط ، هي التي تكذب ، هي التي تسيء ، النفس لها وعاء هو الجسد ، ترى من خلال العينين ، تنتقل إليها الأصوات من خلال الأذنين ، تعبر عن ذاتها باللسان ، تستمتع النفس بالطعام والشراب ، تستمع النفس بالطعام والشراب عن طريق خلايا الذوق ، تبطش باليد ، تنتقل بالرجل ، فهذا الجسم وعاء الإنسان ، تماماً كالمركبة ، سائقها هو كل شيء ، صاحب المركبة إما أن يسرع ، أو يخفض السرعة ، إن رأيتها أنيقة ونظيفة فسبب نظافة صاحبها ، إن رأيتها رعناء في قيادتها فمن رعونة قائدها ، فهي تعبر عن صاحبها ، الجسم وعاء للنفس ومرتكز له ، فالجسم كالثوب ، إذا بلي يخلع ، ويرمى جانباً ، هو الموت .
العين تحتاج إلى قوة كي ترى ، والروح هو القوة المحركة .
الأذن تسمع بالروح ، تماماً كآلة تسجيل فيها كل الميزات الكاملة ، لكن لا تنطق كي تسمع بها الشريط إلا بالكهرباء ، فالروح تسري في الجسم ، وهي قوة الله عز وجل ، والموت انقطاع قوة الإمداد ، وتلف الوعاء وبقاء النفس .
لكن أنا أقول لك كلمة : الآن من دون كهرباء يمكن أن تنتقل إذا قطع عنها التيار ، وهو الموت ، ويمكن أن تصيبها بالعطب ، فلا تصلح لاستقبال التيار ، وهو القتل ، القتل تحطم هذه البلورة ، فلم تعد صالحة لاستقبال التيار ، أما الموت فهو انقطاع التيار ، وبانقطاع التيار تنقطع الإضاءة ، أما حينما يقتل الإنسان تحكم أجهزته ، فلم تعد صالحة لاستقبال الإمداد الإلهي ، فهو المعني .
النفس هي الخالدة ، فإما في جنة يدوم نعيمها ، أو في نار لا ينفذ عذابها ، وهي المحاسبة ، هي المعاتبة ، هي المكلفة ، هي المؤمنة ، هي الكافرة ، هي المنافقة ، هي التي ترقى إلى الله ، هي التي تبتعد عنه ، هي التي تصاحب الشيطان ، هي كل شيء في ذات الإنسان .
الأستاذ علاء :
وهي المخيرة .
الدكتور راتب : ومكلفة ، قال تعالى :
﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾
[ سورة الأحزاب : 72]


خصائص النفس متطابقة مع متهج الله :
إلا أن النفس متطابقة تطابقاً تاماً مع منهج الله ، النفس ترتاح إذا أدت ما عليها ، والمثل واضح : فلو أن الإنسان استيقظ على صلاة الفجر ، وصلى السنة والفرض ، ورجع إلى النوم ينام مرتاحاً ، النفس ترتاح بطاعة الله ، ترتاح أن تكون صادقة ، ترتاح أن تكون أمينة ، ترتاح أن تكون متقنة ، ترتاح أن تؤدي واجباتها ، هذه النفس .
خصائص الجسد متناقضة مع التكليف :
إلا أن الجسم شيء آخر ، الجسد يحب النوم ، ويزعجه أن يستيقظ على صلاة الفجر ، الجسد يحب أن يملأ عينيه بالحسناوات ، ويزعجه أن يغض البصر ، الجسد يسعده أن يأخذ المال ليأكل به الطعام الطيب ، ويزعجه أن ينفقه ، خصائص الجسد متناقضة مع التكليف وهذا التناقض هو ثمن الجنة ، قال تعالى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
[ سورة النازعات ]
الجنة كلها ثمنها الضبط ، الإيمان ضبط ، وقلنا سابقاً : الإنسان معه شهوات ، قال تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾
[ سورة البقرة : 212]
هذه الشهوات حيادية ، بالإمكان أن تمارس بلا قيد ولا شرط ، كما يفعل معظم سكان الأرض ، لكن الإيمان أعطانا مسافة مسموحاً بها ، ومنعنا عن مساحات غير مسموح بها ، هذا هو الإيمان ، أن تمارس شهوتك وفق منهج الله ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾
[ سورة القصص : 50]
المعنى المخالف : أنك إذا اتبعت هواك وفق منهج الله فلا شيء عليك .
الجسد خصائصه أن يميل إلى الراحة والاسترخاء والنوم ، وأن يأكل ما يشتهي بلا قيد أو شرط ، وأن يمتع عينيه بما يشتهي بلا قيد ولا شرط ، فيأتي الشرع ليقول له : غض البصر ، أنفق من مالك ، استيقظ وصلِّ ِ، اضبط لسانك ، هذا التكليف يناقض الطبع ، وهذا التناقض هو ثمن الجنة ، قال تعالى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
[ سورة النازعات ]
وقد أثنى الله عز وجل على النفس الذي تلوم ذاتها ، قال تعالى :

﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾
[ سورة القيامة]
نماذج النفوس في القرآن الكريم :
بالمناسبة النفوس في القرآن الكريم نماذج .
1 – النفس المطمئنة :
قال تعالى :
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي *وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾
[ سورة الفجر]
هذه المطمئنة .
2 – النفس اللوامة :
الآن قال تعالى :
﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾
[ سورة القيامة]
الأستاذ علاء :
تلوم صاحبها
هذا نموذج آخر ، فيها محاسبة .
الأستاذ علاء :
الحوار الداخلي أنك فعلت كذا هذا يجب ألا يكون ، هذا هو الحوار .
الدكتور راتب :
القلب الحي والقلب الميت :
أما الإنسان إذا مات قلبه فقد انتهى ، قال تعالى :
﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾
[ سورة النحل : 21]
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
***
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بمـيت إيلام
***
الحقيقة أستاذ علاء أن الفرق كبير بين أن يكون القلب حياً ، وبين أن يكون ميتاً ، القلب الميت لا يعي على خير ، قال تعالى :
﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾
[ سورة الأنفال : 23]
لذلك هؤلاء الذين ماتت قلوبهم ، وخرجوا من دائرة العناية المشددة أعطاهم الله ما يشتهون ، قال تعالى :
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾
[ سورة الأنعام : 44]
كمرض خبيث انتشر بكل جسمك ، فلما سألتَ الطبيب : ماذا آكل ؟ قال : كل ما تشاء ، قال تعالى:
﴿ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾
[ سورة القصص : 78]
إذا سيق إنسان ليعدم لجريمة ارتكبها هل يحاسب على مخالفة سير ؟ فهذا التكليف متعلق بمنهج الله، وهو مناقض للطبع ، والتناقض بين الطبع والتكليف هو ثمن الجنة .
الشهوات لها قنوات نظيفة تسري من خلالها :
بالمناسبة ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، فليس في الإسلام حرمان ، لكن فيه تنظيم ، وما من شهوة على الإطلاق أودعتْ في الإنسان إلا ولها قناة نظيفة شريفة طاهرة تسري خلالها .
شهوة المرأة مثلاً لها الزواج المشروع ، تزوجت امرأة جميلة مخلصة محبة ، أنجبت لك أولاداً ملؤوا البيت فرحة ، كبر الأولاد ، ارتقوا إلى مناصب رفيعة ، أنت أبوهم اعتزوا بك ، الحياة وفق منهج الله رائعة جداً .
أستاذ علاء ، بيت فيه جميع الأدوات الكهربائية ، من براد ، وغسالة ، ميكرو ويف ، مسجلة ، كل الأدوات الموجودة من دون كهرباء لا قيمة لها كلها ، لا شيء ، إذا سرت الكهرباء أصبح لكل جهاز معنى ، صدق أنه إذا سرى الإيمان في قلب الإنسان الزواج له معنى ، ومن دون إيمان يكون ممِلاًّ ، وأكثر الأزواج يملّون زوجاتهم ، والزوجات تملّ أزواجها ، الأبوة ليس لها معنى ، الابن عبء على الأب ، العمل ممل ، والحياة من دون إيمان مقفرة متصحرة ، متعبة مملة ، قيعان ، فإذا سرى الإيمان أصبحت مسعِدة ، والحرفة ما مِن إنسان لا يمل حرفته من كثرة التكرار ، إلا المؤمن إذا كانت حرفته مشروعة في الأصل ، ووفق منهج الله ، وسلك بها الطرق المشروعة ، لم يكذب ، لم يغش ، وابتغى منها كفاية نفسه وأهله ، وخدمة المجتمع ، أنا حينما أكون طبيباً أبتغي خدمة المجتمع ، حينما أكون تاجراً أبتغي خدمة المجتمع ، التاجر الصدوق مع النبيين يوم القيامة ، ابتغى بها خدمة المجتمع ، ولم تشغله عن فريضة ، ولا عن واجب ديني ، انقلبت حرفته إلى عبادة ، أنا أسميها العبادة التعاملية ، كل إنسان يمكن أن تكون حرفته عبادة تعاملية يرقى بها إلى الجنة ، لمجرد ألا تغش المسلمين ، وألا تؤذيهم ، وألا تحتال عليهم ، عندئذ أنت ترقى بهذه الصنعة ، أنا أرى أن الحياة لا تصلح من دون إيمان ، والمراقبة البشرية مستحيلة ، من يراقبك في الفرن الساعة الثانية ليلاً ؟
الأستاذ علاء :
لا يوجد ضبط مادي ، أو أدوات للضبط المادي والمجتمعي على مدار الساعة ، وفي كل زمان ومكان هنالك للضبط ساعات وأوقات معينة ، لكن كما تفضلت الإيمان يدخل إلى غرف نومه ، إلى حمامه ، إلى كل الأماكن .
الإنسان بين ضبط البشر ومراقبة الخالق :
الدكتور راتب :
إن راعيًا في شِعب الجبال يلتقي به ابن سيدنا عمر ، يقول له : بعني هذه الشاة ، وخذ ثمنها ، يقول له الراعي : ليست لي ، يقول : قل لصاحبها : ماتت ، أو أكلها الذئب ، يقول الراعي : ليست لي ، يقول له : خذ ثمنها ، يقول له الراعي : والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها : ماتت ، أو أكلها الذئب لصدقني ، فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟ هذا الراعي وضع يده على جوهر الدين ، إذا قلت : أين الله فأنت مؤمن ورب الكعبة ، والله الذي لا إله إلا هو لا أصدق أن يكون الانضباط في المجتمع من دون مراقبة لله ، لأن مهما كان الإنسان ذكياً فالمواطن أذكى ، ومهما كان القانون محكماً يستطيع أي مواطن أن يتفلت منه بطرق لا تعد ولا تحصى .
الأستاذ علاء :
في بلدان الغرب والحضارات الغربية السباق سجال ، السباق على أشده بين أجهزة الضبط وتقنياتها واختراعاتها ، وتطوير قوانينها ، وبين العصابات المتفلتة التي تسبقها بأشواط أحياناً .
الدكتور راتب :
أنا كنت في أمريكا راكبا سيارة ، فسمعت جرساً ، قلت : ما هذا ؟ قال : أمامنا جهاز رادار لكشف السرعات الزائدة ، نبه الجهاز السائق قبل خمسة كيلو مترات ، فعاد إلى السرعة النظامية ، هذه معركة بين عقلين .
الأستاذ علاء :
حتى هذا الصندوق الأسود في السيارات لضبط السرعات الساعة كذا ..
الدكتور راتب :
إذا كان المشرع إنساناً فالإنسان الآخر أذكى منه ، وأما إذا كان المشرع خالقاً فأين الله ؟ أعظم ما في الدين أنه يبدي الارتباط من الداخل يسمى الوازع .
الأستاذ علاء :
قالت لها أمها : اخلطي الحبيب .
الدكتور راتب :
القوانين الوضعية ردعها خارجي :
لكن رب عمر يرانا ، أسوأ ما في القوانين الوضعية أن ردعها خارجي .
مثلاً : الآن هناك كاميرات لضبط المخالفات في الأسواق مذهلة ، أما لما انقطعت الكهرباء تمت مئتا ألف سرقة في أمريكا في ليلة واحدة ، ما يقابل أربع مليارات دولار ، إذاً انضباطكم انضباط إلكتروني لا قيمة له ، الآن لو اشتريت في سوق من أمريكا قطعة ، ولم تدفع ثمنها تصدر أصواتاً مخيفة ، تغلق الأبواب فجأة ، إذاً الكل يدفع ؟ لا لأنهم كمَّلٌ ، لا لأنهم ورعون ، هناك ضبط إلكتروني فقط ، لما قطعت الكهرباء تفلتت الأمور .
الأستاذ علاء :
سيدي الكريم ، إذاً نحن قلنا : إن الخلاف ما بين الطبع الذي يرتبط بالجسد والجسم وما بين التكليف هو ثمن الجنة ، الآن محطتنا العلمية .
مجتمع النحل آية من آيات الله الكبرى :
الدكتور راتب :
الحقيقة أن النحل من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله ، والآن إلى الفيلم العلمي.
الأستاذ علاء :
تفضل .
النحل : بين النظام المذهل والإنتاج المعجز :
الدكتور راتب :
واحدة من أغرب الكائنات في الطبيعة ، إنها النحلة ، تقدم لنا العسل الذي تنتجه بنفسها ، تعيش في بيوت تبنيها بنفسها على شكل مسدسات ، والشكل المسدس يلغي الفراغات البينية ، وقد تقول : المربع أيضاً يلغي الفراغات البينية ، لكن المسدس زواياه منفرجة ، وهذا من حكمة الخالق جل جلاله ، لتخزين العسل .
مَن منا يصدق أن صنع كيلو واحد من العسل يحتاج إلى طيران أربعمئة ألف كيلو متر ، حوالي عشرة دورات حول الأرض ، ويحتاج إلى أن تقف على ثمانية ملايين زهرة ، قال تعالى :
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
[ سورة النمل : 88]
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ﴾
[ سورة النحل : 68]
وحي النحل وحي غريزة ، تقوم بأعمال معقدة جداً ، لا بأمر تكليفي كالإنسان ، بل بأمر تكويني ، إذا وقعت النحلة على زهرة تترك رائحة خاصة تشعر زميلاتها أن هذه الزهرة امتص رحيقها توفيراً للوقت والجهد .
كيف تهتدي النحلة إلى حقول الأزهار ؟
لكن السؤال الدقيق : كيف تهتدي النحلة إلى حقول الأزهار ؟
هناك نحلات مخبرات مستطلعات يبحثن في أماكن بعيدة عن الخلايا إلى مسافة عشرة كيلو مترات، فإذا عثرن على حقل أزهار أخذن عينة ، وعدن بها إلى الخلية ، وعرضنها على الخبيرات، هل هذا الحقل يستحق أن نطير إليه ؟ هناك نحلات مستطلعات كشافات ، تأخذ عينات ، وتعود إلى الخلية .
الآن كيف تستطيع هذه النحلة المخبرة بعد أن جابت السهول ، وعادت بنماذج أن تعلم أخواتها أين الحقل ؟
الحقيقة أن النحل يرقص ، ورقص النحل يعلم بقية النحلات بمكان الأزهار ، وبعدها ، وبكثافتها ، الجهة والبعد والكثافة ، هذه النحلة ترقص بهذا الخط إذا كانت المسافة باتجاه الشمس ، هذا الخط نحو الأعلى اتجاه الشمس ، نحلة أخرى ترقص باتجاه معاكس نحو اتجاه عكس الشمس ، نحلة ثالثة يمين الشمس ، أو يسار الشمس ، هذه باتجاه الشمس ، هذه النحلة ترقص باتجاه الشمس ، ونحلة أخرى ترقص باتجاه معاكس للشمس ، طبعاً رأسها باتجاه السهم ، هناك نحلة ثالثة ترقص بخط متعامد مع اتجاه الشمس كالصورة تماماً في لذلك تسعون درجة مع أشعة الشمس ، الرابعة بزاوية خمس وأربعين يسار الشمس ، إذاً اتجاه الرقص يحدد مكان الأزهار .
الآن بطريقة لا نعلمها تماماً تحدد المسافة ، بطريقة سابغة حسب تواتر الرقص تحدد الكمية ، أولاً: الاتجاه ، ثانياً : المسافة ، ثالثاً : الكمية كله عن طريق الرقص ، قال تعالى :
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ﴾
[ سورة النحل : 68]
كله عن طريق الرقص ، أوحى ربك إلى النحل ، هذا من وحي الله له ، والوحي وحي غريزي .
شيء آخر ، لا يمكن أن تبيت نحلة إلا في خليتها ، لأنها ما لم تذكر كلمة السر تقتل ، لكل خلية كلمة سر ، و كلمة السر من حين لآخر تبدل ، الحقيقة أن هناك نظاما اجتماعيا في النحل لا يصدقه العقل ، والله أنا ما ذكرت الآن واحدا بالمليون من معلومات دقيقة عن النحل لضيق الوقت طبعاً .
طيرانها وهي محملة بالرحيق ثلاثون كيلوا في الساعة ، طيرانها من دون رحيق ستون مترا في الساعة ، و معظم النحل ينتقل إلى مسافة عشرة كيلومترات ليصل إلى الأزهار .
الأستاذ علاء :
أي تغدو خماصاً ، و تعود بطاناً .
الدكتور راتب :
أقسام النحل :
يوجد نحلات عاملات ، ونحلات للتنظيف ، ونحلات للتهوية ، لو دخلت فأرة إلى الخلية ليس لها حل ، تغطى بشمع ، وكأنك وضعتها في كونسروة ، يحنطوها تحنيطاً كاملاً ، وهناك نحلات مهمتها تلميع الخلية ، يوجد صقل ، ويوجد تلميع
الآن هذه النحلة أحضروا أوعية فيها سكر ، وجاء النحل إليها من أماكن متعددة ، فكل مكان أعطوا للنحلة إشارة ، يوجد نحلة أعطوها نقطة ، ونحلة خطا ، ونحلة زائدا ، فعادت هذه النحلات التي عليها خط من مصدر ، والنقطة من مصدر ، والزائد من مصدر ، فرقصت رقصاً معيناً ، فبعد حين ذهبوا إلى الموقع فوجدوا أن عدداً كبيراً من النحل قد أمّ هذا الموقع ، تجارب بمنتهى الدقة ، وضعت نقطة على نحلة من مصدر معين ، و الثانية خط ، و الثالثة زائد ، فجاءت هذه النحلات إلى مكان الخلية ، ورقصت رقصاً يحدد المكان والمسافة والكثافة ، فبعد حين ذهبوا إلى هذه الأماكن الثلاثة فوجدوا أن النحل قد وصل إلى هذه الأماكن ، وارتاد هذه الأماكن .
الحقيقة أن الله عز وجل ذكر النحل في القرآن الكريم :
﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي ﴾
[ سورة النحل : 68]
مهمة إناث النحل جني الرحيق :
ياء المؤنثة المخاطبة ، و النحلة المؤنثة هي التي تجني الرحيق ، و هذه إشارة من إشارات القرآن الكريم إلى ذلك ، أي أُوحِي لك أن اتخذي ، ياء المؤنثة المخاطبة .
الحقيقة أن الحديث عن النحل حديث طويل ، و فيه شيء لا يصدق .

وظيفة المخلوق : إرشادية ونفعية :
ما من شيء خلقه الله إلا و له وظيفتان ، و النبي عليه الصلاة والسلام نظر إلى الهلال فقال :
(( هلال خير و رشد ))
[ أبو داود عن قتادة ]
أي خير ننتفع به في الدنيا ، ويرشدنا إلى ربنا ، فكل شيء الله خلقه له وظيفتان ، وظيفة إرشادية إلى الله ، و وظيفة نفعية .
العالم الغربي اكتفى بالوظيفة النفعية ، والمؤمنون أضافوا إلى الوظيفة النفعية الوظيفة الإرشادية ، فكان النحل درساً بليغاً لتعظيم الله عز وجل .
الذي لم يأكل العسل في حياته ، لكنه قرأ كتاباً عن العسل ، وبكى خشوعاً فقد حقق الهدف الأكبر من خلق العسل ، والذي أكل عسلاً حتى امتلأ ، ولم يفكر بعظمة الخالق عطل الهدف الأكبر من وجود العسل .
الحقيقة :
﴿ وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾
[ سورة الذاريات : 20]
التفكر في الكون أقصر طريق إلى الله :
وكما أقول دائماً : التفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق نصل به إلى الله ، و أوسع باب ندخل منه على الله ، لأنه يضعنا أمام عظمة الله عز وجل .
الأستاذ علاء :
كل الأشياء التي نراها ، هذه الدقة ، هذا الإتقان ، هذا العالم الذي لا يوجد فيه فتور إنما يدل على عظمة الخالق ، وأن مهندساً من وراء هذا الكون أبدع هذا الصنع ، ولم يأت مصادفة ، ولم يأت بالتطور ، ولم يأت عن طريق اجتماع مادتين لا حياة فيهما ، و نشأ الخلق هكذا بهذا الانتظام كما مرّ معنا في حلقات سابقة .
الدكتور راتب :
إذا كانت الذات الإلهية لا تدركها الأبصار ، لكن العقول تصل إليها من خلال خلق الله .
خاتمة وتوديع :
الأستاذ علاء :
لا يسعنا إلا أن نشكر الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة دمشق ، شكراً لكل ما قدمت ، و أيضاً لابد أن نقف عند المحطة العلمية في كل حلقة التي تمتع ، والتي تربط العقل و الفكر و النفس و الذات ، و تعيد بها إلى الصواب ، و تجعل منها حالة تفكير من وراء هذا الصنع و هذه الدقة و هذا الخلق .
الدكتور راتب :
في برنامجنا الإيمان هو الخلق فالفقرة العلمية يغطي الإيمان .
الأستاذ علاء :
وتعود بسلوك الإنسان إلى الخلق الذي أراده الله عز وجل ، شكراً أستاذنا الكريم ، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم .
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-09, 05:58   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2014-07-09, 09:01   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

مرة أخرى جزاك الله خيرا على مساهمتك القيمة.










قديم 2014-07-09, 09:03   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

أحكام التجويد - الحلقة ( 070 - 113 ) - صفات الحروف - المحاضرة(05-48) : التفشى.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2009-05-01
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين، ما زلنا يا أخوتي، بالنسبة إلى شرح أحكام تجويد القرآن الكريم نتكلم عن صفات الحروف التي لا ضد لها، تكلمنا في المرة الماضية في الحلقة الماضية عن صفة التكرير، وهي من صفات حرف الراء لا غير، واليوم نتكلم على صفة من الصفات التي لا ضد لها أيضاً وهي صفة التفشي وهي صفة لحرف واحد في القرآن أو بل في اللغة العربية هو حرف الشين، التفشي عندما ننطق الشين جربوا هكذا ( أشْ )، تجدون بأن الشين كما ذكرنا عند بحث مخارج الحروف تخرج من وسط اللسان، من هذه المنطقة، ومن هنا ينشأ الصوت من وسط اللسان ينشأ الصوت ثم يندفع الصوت باتجاه مقدمة الفم فيصطدم الصوت بالأسنان بالصفحة الداخلية للأسنان العليا فيؤدي هذا إلى حدوث انتشار للصوت في الفم، هذا الانتشار يعطي الشين صوتاً خاصاً، سمى العلماء هذه الصفة للشين بصفة التفشي.
ونستطيع أن نلحظ ذلك من خلال اللوحة التعليمية التي تبين لنا تعريف التفشي كما ذكره علماءنا، التفشي: هو انتشار صوت الشين من مخرجه حتى يصطدم بالصفحة الداخلية للأسنان العليا، والرسمة التي على الجهة اليمنى من اللوحة تبين كيف أن مبدأ صوت الشين هو من وسط اللسان، ثم يصطدم ذلك الصوت بالأسنان العليا من الداخل فيحدث هذا الانتشار للصوت الذي يعطي الشين مذاقاً خاصاً وقوة في السمع.
التفشي من الصفات التي تدل على قوة الحرف في السمع، (شا)، (شاكرا)،(شكورا).
المنطقة المظللة باللون الأزرق هي التي من عندها يبدأ صوت الشين، أيضاً يا أخوة، من صفات الحروف التي لا ضد لها صفة أطلقها علماءنا على حرفين من حروف اللغة العربية وهما الواو والياء إذا سكنتا وانفتح ما قبلهما، الواو الساكنة المفتوح ما قبلها والياء الساكنة المفتوح ما قبلها، هذان الحرفان سماهما علماءنا بحرفي اللين، لأنهما يخرجان بيسر ولين من غير كلفة في النطق ولا تعب، فصفة اللين صفة لهذين الحرفين، ونلاحظ على اللوحة اللين: صفة أطلقت على الواو والياء الساكنتين المفتوح ما قبلهما بسبب سهولة جريهما في المخرج نحو: (خَوْفْ)، لاحظوا بأن الواو ساكنة وقبلها مفتوح: (قوم)، (البَيْتْ)، (قريشْ)، الياء ساكنة وقبلها مفتوح، فهذان الحرفان هما حرف اللين في اللغة العربية.
أريدكم أن تفرقوا بين الحروف، نسمع حروف العلة نسمع حروف المد واللين نسمع حرفيْ اللين، حرفي اللين هما ما تكلمنا عليه اليوم، حروف العلة هي الألف والواو والياء مطلقاً، من دون قيد أي ألف أو واو وأي ياء اسمها حرف علة ويبحث عنها في علم النحو والصرف.
حروف المد واللين هي الألف الساكنة المفتوح ما قبلها والواو الساكنة المضموم ما قبلها والياء الساكنة المكسور ما قبلها، هذه اسمها حروف المد واللين سميت حروف المد لأن لها قابلية المد وسميت حروف اللين لأنها تخرج بيسر ولين، أما الحرفين اللذين معنا اليوم فهما حرفا اللين الواو والياء إذا سكنتا وانفتح ما قبلهما، أرجو أن تلاحظوا الفرق بين هذه المصطلحات الثلاثة حروف العلة حروف المد واللين حرفا اللين.
وصلى اللهم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ونرجئ الكلام على بقية الحروف التي لا ضد لها إلى الحلقة القادمة إنشاء الله عز وجل.
والحمد لله رب العالمين










قديم 2014-07-10, 06:54   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2014-07-10, 06:55   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
دعاء المحبوبة
أستاذة،مراقبة منتديات التعليم الابتدائي
 
الصورة الرمزية دعاء المحبوبة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي











قديم 2014-07-11, 08:52   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
belamriabdelaziz
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ندوات تلفزيونية – قناة سوريا الفضائية – الايمان هو الخلق – الدرس (36-95) - مقومات التكليف : الشهوة - شهوة المال
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2006-09-04
بسم الله الرحمن الرحيم
ترحيب :
أيها السادة المشاهدون ، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة ، من برنامجكم الإيمان هو الخلق ، مع أستاذنا الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق .
أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم سيدي .
مقدمة تذكيرية :
في حلقات سابقة توقفنا عند الشهوة ، وعند تعريفها ، وعند إفرزاتها ، وعند ما جاء به الشارع ، وجعلها في المجال الصحيح ، وعند ما أتى الشارع ، ونبهنا من خلال البيان النصي والعقلي لنتجنب مزالق هذه الشهوة ، ولنتجنب استخدام الشهوة في مجالات التي لا يريدها الله ، لأنها تضر بالإنسان .
وتبينا من خلال الحلقة الماضية بأن العلاقة واضحة بين ما نهى عنه القرآن والسنة النبوية بين المنهيات ، وبين نتائجها بعلاقة علمية بين سبب ونتيجة ، وأن كل معصية لها نتائج في الحياة الدنيا قبل الآخرة .
وتحدثنا في الحلقة الماضية عن شهوة الجنس ، وأغلقنا الستار إن صح التعبير لنبتدئ في مسألة هامة جداً ، هي شهوة المال ، كيف نظر إليها الشرع ، وكيف أطّرها ، وكيف جعل لها حدوداً ونقاط ، إذا خرج الإنسان مركبته في هذا المنحى دمر نفسه ، ودمر مجتمعه ، ونستذكر قول الله تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ﴾
( سورة آل عمران الآية : 14 )
إذاً : هناك زينة ، كما تفضلت في حلقات سابقة :
﴿ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾
( سورة آل عمران الآية : 14 )
المال قوام الحياة :
أستاذ علاء ، في أول هذا اللقاء الطيب نقول : إن المال قوام الحياة ، فالنفس في قضية المال بين تطرفين : إما أن الناس يعبدونه من دون الله ، فيرتكبون كل المعاصي والآثام من أجل الحصول عليه ، وعلى حساب دينهم وقيمهم ومبادئهم ، وإما أن ينبذوه نبذاً غبياً فيفتقرون إليه بعد حين .
إن الإسلام وسطي ، المال قوام الحياة ، والمال قوة كبيرة في الإنسان ، والمال حيادي ، وبإمكان الإنسان أن يرتقي بالمال إلى أعلى مراتب الجنة ، وبإمكانه أن يصل بالمال إلى أدنى دركات المال ، المال حيادي ، وكل الحديث السابق أن الإنسان مخير ، ولأنه مخير كل حظوظه من الدنيا حيادي ، وكل إمكاناته حيادية ، يمكن أن توظف في الخير ، أو في الشر ، وكل خصائصه حيادية، فالمال قوام الحياة ، يقول الله تعالى في كتابه الكريم :
﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ﴾
( سورة النساء الآية : 5 )
قيام البشر بالمال .
تصور شابًا حصل على عمل بدخل محدود ، فتزوج ، ارتاحت نفسه ، سكن بيتًا ، الله عز وجل جعل في المال قياماً للحياة ، والذين يعبدونه من دون الله أخطؤوا ، والذين يهملونه أخطئوا ، فالإسلام وسطي ، كأن المال خط عمودي عليه نقطتان وعلامتان واضحتان ، فوق هذا الخط تطرف ، وتحت هذا الخط تطرف ، إن أهملته فقد تضيع كرامتك من أجله ، وإن بالغت بتعظيمه ضاعت مبادئك من أجله .
(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))
[ ورد في الأثر ]
المال قوة ، لذلك النبي الكريم يقول :
(( المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ))
[ أخرجه مسلم عن أبي هريرة ]
الذي معه المال متاح له أن يفعل من الأعمال الصالحة ما لم يتح للملايين من الناس ، المال قوة ، فقد يكون المال سبب شقاء الإنسان .
(( بادِرُوا بالأعمال الصالحة : ماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ، هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا ، أو غِني مُطغيا ))
[ أخرجه الترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]
حينما أهمله ، وأهمل كسبه ، أتضعضع ، وأُذل أحياناً ، وحينما عبده من دون الله شقي به في الدنيا والآخرة .
دائماً الإسلام وسطي ، والفضيلة دائماً وسط بين طرفين ، فالله عز وجل في قرآنه الكريم بيّن أن المال قوام الحياة ، ينبغي أن نكسبه من طريق مشروع ، وأن ننفقه في مصارف مشروعة .
الأستاذ علاء :
سيدي ، يخطر في بالي سؤال : نسمع بين الناس كثيراً أن هنالك مَن افتقر ، فعف ، وترك أمره إلى الله ، واحتسب أمره عند الله ، والتزم ، ولم يحقد على مَن يملك ، ولم يمد يده إلى الحرام ، وهنالك من اغتنى ، ولكنه جعل هذا الغنى مجالاً للخير ، وصرف غناه في أوجُهِ الخير ، مَن هو الأفضل مكانة عند الله ؟
الدكتور راتب :
ليس الفقير الصابر بأعظم أجراً من الغني الشاكر :
ليس الفقير الصابر بأعظم أجراً من الغني الشاكر ، هذا هو الجواب ، المال قوة ، وبإمكانك أن تمسح دموع الفقراء ، بإمكانك أن تزوج الشباب ، بإمكانك أن تقيم المياتم والمصحات ، بإمكانك أن تنشئ المدارس ، بإمكانك أن تصل بالمال إلى أعلى درجات الجنة ، يؤكد هذا قول النبي الكريم :
(( لا حَسَدَ إلا على اثْنَتيْنِ : رجلٌ آتَاهُ اللَّهُ القرآنَ ، فقام به آناء اللَّيل وَآنَاءَ النَّهارِ ، ورجلٌ أعْطاهُ اللَّهُ مالا ، فَهوَ يُنْفِقِهُ آنَاءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ ))
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن عبد الله بن عمر ]
فقد رفع النبيُّ الغنيَّ المؤمنَ المحسن إلى مستوى أكبر الدعاة والعلماء ، فالمال قوة ، ويجب أن نبحث عن المال .
الغنى بالطرق المشروعة ممدوحٌ :
ولكن هناك تعليق دقيق جداً : لأنك بالمال متاح لك أن تفعل من الأعمال الصالحة ما لا يوصف ، فينبغي أن تكون غنياً ، ولكن إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله ينبغي أن تكون غنياً ، أما إذا كان طريق الغنى على أساس أن تتخلى عن دينك ، وعن مبادئك ، وعن قيمك ، أو أن تخون أمتك ، فالفقر وسام شرف لك ، فأنا أكون غنياً إذا كان الطريق إلى الغنى سالكاً وفق منهج الله ، دون أن أبني مجدي على أنقاض الآخرين ، ودون أن أبني غناي على فقرهم ، وحياتي على موتهم ، وعزي على ذلهم .
أتمنى من كل شاب أن يكون غنياً ، لأن الغني متاح له من الأعمال الصالحة ما لم يتح لغيره ، هذه نقطة دقيقة جداً .



بين فقر الكسل وفقر القدر وفقر الإنفاق :

1 – فقر الكسل :
هناك فقر الكسل ، هذا فقر مذموم ، وهناك فقر القدر ، في عاهة ، العاهة تمنعه أن يكسب المال، صاحب فقر القدر معذور ، والمجتمع ينبغي أن ينهض لمساعدته ، لكن صاحب فقر الكسل مذموم ، هذه مشكلة كبيرة جداً ، الفقير فقر الكسل ليس محترماً عند الله ولا عند الناس .
دخل النبي على رجل يعبد الله في أقوات العمل ، قال له : من يطعمك ؟ قال : أخي قال :
(( أخوك أعبد منك ))
[ ورد في الأثر ]
أمسك النبي الكريم يد عبد الله بن مسعود ، وكانت خشنة من العمل ، فرفع يده أمام أصحابه وقال :
(( إن هذه اليد يحبها الله ورسوله ))
[ ورد في الأثر ]
التقى سيدنا عمر بأناس فقراء ، قال : << من أنتم ؟ قالوا : نحن المتوكلون ، قال : كذبتم ، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ، ثم توكل على الله >> .
سيدنا عمر له ملمح لا يصدق ، مرّ ببلدة كل الفعاليات الاقتصادية فيها من غير المسلمين ، فلما عاتبهم أشد العتاب على تقصيرهم في كسب الأموال ، قالوا : إن الله سخرهم لنا ، كما يقول بعض الأغنياء الكسالى الآن : لقد سخرهم الله لنا ، فاشتد غضبه ، وقال : << كيف بكم إذا أصبحتم عبيداً عندهم ؟ >> .
أستاذ علاء ، الغني قوي ، والغني يتحكم في الفقير أحياناً ، وأنت لا تصدق أن تعمير محرك طائرة يكلِّف 5 ملايين دولار ، أربع محركات 20 مليون دولار ، مليار ليرة ، كم طنًّا قطن ؟ أصحاب التقنيات العالية يتحكمون ففي العام الآن .
الأستاذ علاء :
وقالوا : مَن يملك الاقتصاد يملك القرار .
الدكتور راتب :
مَن يملك الاقتصاد يملك القرار :
أنت قوي بقدر ما أنت غني ، وأنت تفتقر إلى حرية الحركة بقدر ما أنت فقير ، فلذلك المال قوام الحياة ، الذي أريد أن أؤكد : إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله ، ضمن مبادئك ، ضمن قيمك ، ضمن الطرق المشروعة ، ضمن القنوات النظيفة ، ضمن ما أُقِرّ من قِبل قيم السماء والأرض ، ينبغي أن تكون غنياً ، أما إذا كان طريق الغنى على حساب مبادئك ، وعلى حساب دينك ، وعلى حساب قناعاتك ، فلا مرحباً بهذا المال ، أو على حساب وفائك لأمتك ، لا مرحباً بهذا المال ، أقول لمثل هذا الذي ترفع عن هذا المال الذي تدفع ثمنه باهظاً جداً : فقرك وسام شرف لك .
2 – فقر القدر :
أما فقر القدر فصاحبه ليس مذموم ، بل هو معذور .
3 – فقر الإنفاق :
عندما فقر ثالث ، هذا فقر الإنفاق لأنه أنفق ، هذا موضوع ثانٍ ، أبو بكر أنفق كل ماله ، قال له النبي : يا أبا بكر ، ماذا أبقيت لك ؟ قال : الله ورسوله ، سيدنا الصديق افتقر ، لأنه أنفق ، وكل إنسان عنده مروءة لا يحتمل أن يتمتع هو بالحياة وحده ، وأن يرى حوله المعوزين البائسين الفقراء المرضى ، لذلك كلما ارتقت مشاعر الإنسان كان ماله في خدمة المجموع .
الله عز وجل قال :
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾
( سورة البقرة الآية : 188 )
استنباطات من قوله تعالى : وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
والله أستاذ علاء ، هذه آية فيها ملمح خطير جداً : مال أخيك هو مالك ، لا بمعنى أنه ملك لك ، بمعنى أنك مكلف أن تحافظ عليه كما لو أنه مالك ، هذه واحدة .
المعنى الثاني : أخوك ماله مالك ، بمعنى أن المال ليس ملكك حصراً ، بل ملك جميع المسلمين، بمعنى أنه ينبغي أن تنفقه في الصالح العام ، أمّا أن تنشئ مثلاً لنفسك رفاهًا وبذخًا غير معقول فهذا شيء مذموم .
أنا أقول كلمة طريفة : مرة سألني تاجر : إذا اقتنيت الأشياء الغالية جداً إلى درجة غير معقولة هل أنا مؤاخذ ؟ أردت ألا أقنعه بالنصوص ، بل أردت أن أقنعه بالمثل ، قلت له : هناك رجل معه مئة مليون ، اشترى بيتا بـ75 مليونا ، وسيارة بـ 25 مليونًا ، وما عنده دخل آخر ، يكون أحمق ، اشترِ بيتا بعشرة ملايين ، واشترِ وسائل أخرى ، مركبة بمليونين ، وشغل الباقي ، ابحث عن هذا المال الضخم بدخل كبير .
هذا المال قوام الحياة ، وهو شيء أساسي يملكه الإنسان .
الأستاذ علاء :
سؤال : ماذا عن افتقار المال ؟
الدكتور راتب :
فقر كسل ، فقر قدر ، وفقر إنفاق .
الأستاذ علاء :
فقر الإنفاق هل هو في الذين ينفقون ، ويتملكون هذه المادة ، ويصرفونها ويشتتونها في أوجه خير الناس ؟
الدكتور راتب :
لستَ مكلَّفًا بإنفاق جميع مالك :
والله هذه بطولة كبيرة ، لكن الإسلام ما كلف الإنسان فوق طاقته ، فلذلك قال تعالى :
﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾
( سورة البقرة الآية : 195 )
العلماء حاروا في هذه الآية ، ما معنى التهلكة ؟ لكن النتيجة استقرت على أنك تهلك إن لم تنفق مالاً في سبيل الله ، تأتي يوم القيامة مفلساً ، وتهلك مرة ثانية إن أنفقت كل مالك .
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾
( سورة الفرقان )
فيهلك الإنسان إن أنفق كل ماله ، عنده أولاد ، عنده أساسيات الحياة ، ويهلك أيضاً إذا لم ينفق ماله ، أما سيدنا الصديق فحالة استثنائية ، هذا يسميه العلماء موقفا شخصيا ، وليس حكماً شرعياً، هي مرتبة له اختص بها ، لكن ليست حكماً شرعياً .
النبي الكريم لما هاجر انتقل سراً وخفية ، وفي الليل ، واتجه مُساحلاً ، وقبع بغار ثور ، ثم هيأ راحلة ، وهيأ خبيراً ، وهيأ من يمحو الآثار ، أخذ بكل الأسباب ، أما سيدنا عمر فهاجر جهاراً نهاراً متحدياً ، الإنسان الساذج يقول : والله سيدنا عمر أشجع من النبي ، نقول له : عمر ليس مشرِّعاً ، لكن النبي مشرِّع ، لو أن النبي هاجر جهاراً نهاراً متحدياً فقد هلكت أمته مِن بعده ، ولأصبح أخذ الحيطة حراماً ، وأخذ الأسباب حراماً ، ولهلكت أمته من بعده ، لكن هو مشرِّع .
النبي مشرِّعًا لم يقبل من أحد ماله كله إلا الصدِّيق ، لم يقبل من أحد ماله كله ، لكن قبل نصف المال من عمر .



غنى الكفاف والعفاف :
المال قوام الحياة ، وهناك فقر الكسل ، وفقر القدر ، وفقر الإنفاق ، وهناك كفاية ، هناك غنى البذخ ، وهناك غنى الكفاية ، فإذا كان دخلك يغطي نفقاتك فأنت غني ، لذلك النبي في بعض أدعيته يقول :
(( اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً ))
[ ورد في الأثر ]
ليس فقيراً ، عنده كل حاجاته ، لكن من دون بذخ ، من دون سجادة ثمنها مليونان ، هناك سجادة جيد جداً وجميل وثمنها خمسة آلاف ، من دون بذخ غير معقول ، والبذخ يولد أحقادا في المجتمع، الفقير إنسان له مشاعر ، يرى الآخرين غارقين في النعيم ، غارقين في البذخ .
حدثني إنسان قال لي : والله في بيته حنفية بثمن بيت ، من الذهب الخالص صنبور ماء بثمن بيت بأكمله ! الناس يموتون من الجوع ، فلذلك الغني المؤمن يأخذ الحاجات الأساسية ، ويعود بماله على بقية الناس .
الأستاذ علاء :
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ :
(( جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ ، فَيَنْثُرُهَا فِي حِجْرِهِ ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ ، وَيَقُولُ مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ ، مَرَّتَيْنِ ))
وبعدها لما قال : سمعت رسول الله يقول صلى الله عليه وسلم :
(( قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً ))
[ أخرجه الطبراني ، والبزار ، والإمام أحمد عن عائشة أم المؤمنين ]
فتبرع بكل القافلة .
الدكتور راتب :
إتلاف المال سفهٌ ، وأشد سفهًا منه إتلاف الوقت :
أريد أن أنوه إلى شيء ، الحقيقة ليس له علاقة متينة بالموضوع ، لكنه مهم جداً ، الآن إذا أصيب رجلٌ ـ لا سمح الله ولا قدر ـ بمرض عضال ، وهذا المرض تحتاج عمليته الجراحية خارج القطر مثلاً إلى مليوني ليرة ، ولا يملك إلا بيتا ثمنه مليونان ، ماذا يفعل ؟ أنا أقول لك : إنني متأكد أنه لا يتردد ثانية واحدة في بيع بيته ، وإجراء العملية ، لماذا ؟ لأنه مركوز في أعماق أعماقه أن الوقت أثمن من المال ، لأنه بهذه العملية يتوهم أنه سيعيش بضع سنوات أخرى، أليس كذلك ؟ إذاً ضحى ببيته الوحيد ، وأجرى عملية متوهماً من خلال إجراء العملية أنه سيعيش بعض السنوات الأخرى ، هذه مقدمة .
إذا أمسك الرجل بمئة ألف ليرة أمام أشخاص عديدين وأحرقها ، كم يحكم عليه من الحاضرين السفه ؟ الكل من دون استثناء .
إذاً إتلاف المال سفه ، وإذا كان الوقت أثمن من المال ، فالذي يتلف وقته أشد سفهاً من الذي يتلف ماله .
الإيمان مرتبة علمية ، ومرتبة أخلاقية ، ومرتبة جمالية ، فإذا أردت أن تكون إنساناً بالمعنى الدقيق فتعرف إلى الله .
" ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء " .
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾
( سورة يس )
الأستاذ علاء :
خاتمة وتوديع :
نرجو الله عز وجل أن نفيد جميعاً بكل ما تقدم ، ومن كل هذا العلم الفياض ، ولا يسعنا إلا أن نشكر الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، أستاذ الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق .
شكراً أستاذي الكريم ، وإلى اللقاء إن شاء الله في محطات قادمة لنكمل ما بدأناه في هذه الحلقة .
والحمد لله رب العالمين










 

الكلمات الدلالية (Tags)
رمضنبات, عودت


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:43

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc