أهمية الحوار للإنسان - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أهمية الحوار للإنسان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-07-14, 18:08   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي أهمية الحوار للإنسان


أهمية الحوار للإنسان

الحوار هو «محادثة بين شخصين أو فريقين حول موضوع محدد لكل منهما وجهة نظر خاصة به هدفها الوصول إلى الحقيقة أو أكبر قدر ممكن من تطابق وجهات النظر، بعيدا عن الخصومة أو التعصب بطرق تعتمد على العلم والعقل مع استعداد كلا الطرفين لقبول الحقيقة ولو ظهرت على يد الطرف الآخر».

للحوار أهميه كبيرة فهو من وسائل الاتصال الفعالة حيث يتعاون المتحاورون على معرفة الحقيقة والتوصل إليها ليكشف كل طرف منهم ما خفي على صاحبه منها والسير بطريق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق.
والحوار مطلب إنساني تتمثل فيه أهمية استخدام أساليب الحوار البناء لإشباع حاجة الإنسان للاندماج في جماعة والتوصل مع الآخرين كما يعكس الحوار الواقع الحضاري والثقافي للأمم والشعوب حيث تعلو مرتبته وقيمته.
الاختلاف بين البشر حقيقة فطرية وقضاء إلهي أزلي مرتبط بالابتلاء والتكليف الذي تقوم عليه خلافة الإنسان في الأرض قال تعالى: «وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ».
فالاختلاف والتعددية بين البشر قضية واقعية وآلية تعامل الإنسان مع هذه القضية هي الحوار الذي يتم من خلاله توظيف الاختلاف وترشيده بحيث يقود أطرافه إلى فريضة التعارف ويجّنبهم مخاطر جريمة الشقاق والتفرق.
وإنما يعالج الحوار قضية الاختلاف من خلال كشفه عن مواطن الاتفاق ومثارات الاختلاف لتكون محل النقاش والجدل بالتي هي أحسن لمعرفة ما هو أقوم للجميع ولابد ليؤدي الحوار وظيفته كما يجب أيضا من أن ينضبط بمنهج يضمن عدم تحوله إلى مثار جديد للاختلاف.

وإذ أرشدنا القرآن إلى أنَّ الاختلاف حقيقة واقعية ودعانا إلى التعامل مع هذه الحقيقة بالحوار فما المنهج الذي رسمه القرآن والسنة لذلك؟
لقد اعتبر الإسلام الحوار قاعدته الأساسية في دعوته الناس إلى الإيمان بالله وعبادته، وكذا في كل قضايا الخلاف بينه وبين أعدائه وكما أنه لا مقدسات في التفكير كذلك لا مقدسات في الحوار إذ لا يمكن أن يُغلق باب من أبواب المعرفة أمام الإنسان.

وقد أكَّدَ القرآن وكذلك السنة هذا المبدأ بطرق عديدة فقد عرض القرآن حوار الله مع خلقه بواسطة الرسل وكذا مع الملائكة ومع إبليس رغم أنه يمتلك القوة ويكفيه أن يكون له الأمر وعليهم الطاعة وكذلك مع موسى عليه السلام ومع عيسى عليه السلام في الآخرة كما أنَّ دعوات الرسل كلها كانت محكومة بالحوار مع أقوامهم وقد أطال القرآن في عرض كثير من إحداثيات هذه الحوارات بين الرسل وأقوامهم وأيضا حوار سليمان عليه السلام مع الهدهد والذي انتهى بإسلام ملكة سبأ ودولتها أضف إلى ذلك حوار الملائكة مع بعض الأنبياء كإبراهيم عليه السلام ولوط عليه السلام وزكريا عليه السلام ومريم والأمثلة كثيرة جدا في القرآن الكريم.

وفي السنة النبوية حوار الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين كصلح الحديبية وكحواره مع عتبة بن عامر وسائر المشركين وأيضا مع اليهود ومع المنافقين ومع الأنصار ومع الملوك والوفود ومع زوجاته وأصحابه والأمثلة في السنة كثيرة جدا.
ورغم أهمية الحوار فإن المعوقات الحقيقية له في غالبها أمر عارض وليست أمرا موجودا أصلا وليس التخلص من تلك المعوقات أمرا صعبا إذا ما أدركنا تلك المعوقات ومنها: الخوف الخجل المجاملة الثرثرة الإطناب التكرار والإعادة التقعر استخدام المصطلحات غير المفهومة مثل الإنكليزية أو الفرنسية أو غيرها أمام محاور لا يفهم معانيها رفع الصوت من غير موجب الصراخ التعصب وإظهار النفس وعدم الرغبة في إظهار الحق.
ويقول الإمام الشافعي في هذا: ما حاورت أحداً إلا تمنيت أن يكون الحق إلى جانبه ويمكن اختصار تلك المعوقات بأمرين أساسيين وهما:
1 - الجهل بأصول الحوار وآدابه.
2- عدم تطبيق أصول الحوار وآدابه على الرغم من معرفتها.








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-07-14, 19:20   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله و بركاته

تعريف الحوار لغة:

أصله من الحور وهو الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، وهم يتحاورون أي يتراجعون الكلام، والمحاورة مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة.

لسان العرب، ابن منظور، 4/218.

والمحاورة والحوار المراددة في الكلام ومنه التحاور

القاموس المحيط، الفيروز آبادي، 1/486.

تعريف الحوار اصطلاحاً:

مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين

وعرفه بعضهم بأنه نوع في الحديث بين شخصين

أو فريقين يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة

فلا يستأثر أحدهما دون الآخر ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب

وهو ضرب من الأدب الرفيع وأسلوب من أساليبه

الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، يحيى زمزمي، ص22.

والفرق بين الحوار والجدال هو أن الجدال شدة في الكلام

مع التمسك بالرأي والتعصب له

وأما الحوار فهو مجرد مراجعة الكلام بين الطرفين دون وجود خصومة بالضرورة

بل الغالب عليه الهدوء والبعد عن التعصب

الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، يحيى زمزمي ص 26.

وفرق بين الحوار والمناظرة بأن المناظرة أدل على النظر والتفكر

والحوار أدل على مراجعة الكلام وتداوله.

الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، يحيى زمزمي ص 28.


اخي و صديقي الفاضل

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-14, 20:44   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *عبدالرحمن* مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمه الله و بركاته

تعريف الحوار لغة:

أصله من الحور وهو الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، وهم يتحاورون أي يتراجعون الكلام، والمحاورة مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة.

لسان العرب، ابن منظور، 4/218.

والمحاورة والحوار المراددة في الكلام ومنه التحاور

القاموس المحيط، الفيروز آبادي، 1/486.

تعريف الحوار اصطلاحاً:

مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين

وعرفه بعضهم بأنه نوع في الحديث بين شخصين

أو فريقين يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة

فلا يستأثر أحدهما دون الآخر ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب

وهو ضرب من الأدب الرفيع وأسلوب من أساليبه

الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، يحيى زمزمي، ص22.

والفرق بين الحوار والجدال هو أن الجدال شدة في الكلام

مع التمسك بالرأي والتعصب له

وأما الحوار فهو مجرد مراجعة الكلام بين الطرفين دون وجود خصومة بالضرورة

بل الغالب عليه الهدوء والبعد عن التعصب

الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، يحيى زمزمي ص 26.

وفرق بين الحوار والمناظرة بأن المناظرة أدل على النظر والتفكر

والحوار أدل على مراجعة الكلام وتداوله.

الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة، يحيى زمزمي ص 28.


اخي و صديقي الفاضل

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير


بارك الله فيك اخي عبد الرحمن على التعريفات والرد الجميل ... اذا اخي الحبيب سوف تستمر هذة الصفحة تتالا مواضيعها حول ( الحوار ) من كل جوانبة مع التركيز عن ما ورد في الإسلام وكيف تم التحاور الرسول صل الله عليه وسلم مع المشركين وكذلك الصحابة ونختتمة من النظرة العلمية .
حفظك الرحمن وجزاك الله خيرا .









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-20, 19:31   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


مهارات الحوار وإبداء الرأي

التحاور والمحاورة من الأمور الفطرية التي فطر عليها الإنسان منذ الأزل
قال الله تعالى :- ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن أتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت .......) سورة البقرة آية 258

وإبداء الرأي بحرية من الحقوق التي كفلتها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية على مر العصور على أن تلتزم بالقواعد الشرعية والنظم الاجتماعية السائدة
قال تعالى : ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) سورة الإسراء/ الآية: 53]

مفاهيم ملازمة للحوار:
1- الحرية : وهي ممارسة الإنسان حقه في كل شيء بما لا يخل بحقوق الآخرين ومتطلباتهم

2- الرأي : وهو وجهة النظر الشخصية تجاه موقف ما دون دليل قطعي أو فهم خاطئ لدليل صحيح

3- الحوار : من المحاورة وهي المراجعة في الكلام
قال تعالى :- ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ) (المجادلة:1)

والحوار مناقشة بين طرفين أو عدة أطراف يقصد بها تصحيح الكلام وإظهار حجة وإثبات حق وضد شبهة ورد مفاسد من القول والرأي

4- حرية الرأي : هي ممارسة الإنسان حقه في التعبير الشفوي والكتابي عن وجهة نظره الشخصية في موقف ما ليس له دليل قطعي وبما لا يضر النظم السائدة وحقوق الآخرين

أركان الحوار:
1- موضوع الحوار
2- الهدف من الحوار فلا بد أن يكون هدفه مهما لا أن يكون مجرد حديث عابر بلا هدف أو فائدة
3- معرفة الطرف الآخر للحوار
4- الوسيلة المناسبة للحوار

أصول الحوار :
1- سلوك الطرق العلمية والتزامها سواء في تقديم الأدلة المثبتة وفي صحة نقل الأمور المنقولة
2- سلامة كلام المحاور وأدلته من التناقض
3- ألا يكون الدليل هو عين الدعوى لأنه حينئذ لا يكون دليلا وإنما يكون إعادة للدعوى بألفاظ أخرى
4- الاتفاق على منطلقات ثابتة ينطبق منها الحوار
5- التجرد :- قصد الحق والبعد عن التعصب والالتزام بآداب الحوار
6- أهلية المحاور أي أن يكون راغب الحوار أهلا له قادرا عليه
7- الرضا والقبول بالنتائج والالتزام الجاد بها وبما يترتب عليها في حالة ثبوتها

جانبي ( أهلية المحاور)
1- أحقية الفرد بالمحاورة لكفاءته وعلمه ومركزه
2- أن يكون الفرد المحاور على حق فلا يكون على باطل ويرغب الدفاع عن الحق
3- أن يكون المحاور على معرفة بالحق وليس جاهلا به
4- أن يكون الفرد المحاور قادرا على المحاورة والدفاع عن الحق
5- أن يكون المحاور على دراية بمسالك الباطل حتى لا يقع فيها

آداب الحوار :
أ‌ - الآداب النفسية للحوار والمتعلقة بنفسية المحاور ونفسية الخصم من حسن الاستماع واحترام الطرف الآخر وعدم سبه وشتمه والهدوء والثقة بالنفس

ب‌ - الآداب العلمية وتتعلق بالكفاءة العلمية ونقطة البدء والتدرج في طرح الموضوع والبدء بالأهم والصدق والأمانة وضرب الأمثلة وإيراد الأدلة والبراهين في الرجوع إلى الحق والتسليم بالخطأ

ج - الآداب اللفظية وتتعلق بالعبارات المناسبة وأدب السؤال والتذكير والوعظ وعدم الاستعجال ومباغتة الخصم وثناء المحاور على نفسه أو خصمه بالحق .









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-20, 20:01   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



مزالق الحوار


د. سلمان بن فهد العودة
إن عصرنا الحاضر عصر انفتاح، تكسَّرت فيه الحدود وتحطَّمت الحواجز، إنه عصر الفضاء
والإنترنت، وأسلوب المنع والحظر والتشويش لم يَعُدْ يُجدي، والحل الوحيد هو النزول
إلى الميدان، ومقابلة الحجة بالحجة.

ومجالس الناس أصبحت عامرة بالمتناقضات من الآراء والتوجهات، مما يعتقدون وما لا
يعتقدون، وما يدركون وما لا يدركون، ولم يَعُد مُجديًا تسفيه الآخرين مهما تكن ضحالة أفكارهم،
أو تفاهة حججهم، بل لابد من الاستماع إليهم، واستيعابهم بالإقناع، فالتناسب بين الداء
والدواء ضروريٌّ؛ حتى يتقبل الجسم العلاج وينتفع به.

ولقد كشفت منتديات الحوار في الإنترنت الخلل الكبير في آلية الحوار، وفي تجاهل الكثيرين
لدائرة المتفق عليه بين المسلمين، وأهل العلم، وأهل الدعوة، وأهل السنة، وهي دائرة واسعة
جـدًّا، سواءً فيما يتعلق بالدين وفهمه، أو فيما يتعلق بالمصلحة وإدراكها وتحقيقها، وتجاهل
المتفق عليه وإغفاله في مقابل تكريس الخلاف في أمور يترتب عليها آثار سلبية كبيرة،
منها ما نشاهده في بعض الحوار الإلكتروني والإعلامي من انتهاكات عالية
الخطورة لنظام الأخلاق الشرعي، ومن ذلك:

إن لم تكن معي فأنت ضدِّي
فهناك المفاصلة، بل والمقاصلة، فبمجرد أن أكتشف أن بيني وبينك نوعًا من الاختلاف
أو التفاوت -حتى ولو كان في مسائل جزئية أو صغيرة- فإننا نتحول إلى أعداء ألدَّاء، بدلًا من
أن نكون أصدقاء أوفياء، وقد كان عيسى عليه السلام يقول: «مَن لم يكن ضدِّي فهو معي».
فهذا هو فقه الشريعة، وبل وفقه الحياة، والعلاقات الإنسانية!

الخلط بين الموضوع والشخص
فيتحوَّل نقاش موضوع أو فكرة أو مسألة إلى هجوم على الأشخاص، وتجريح واتهام، وطعن
في النيات، واستعراض لتاريخ هذا الإنسان أو ذاك، ومن ثمَّ تتحول كثير من الساحات إلى
أماكن للفضائح والاتهامات، والطعون غير المحقَّقة، ويغدو الاصطفاف حزبيًّا أو شخصانيًّا،
تؤثِّر فيه المواقف العاطفية ضد شخص أو آخر، وليس للعقل والحجة والمصلحة فيه حضور أو إعمال.

تدنِّي لغة الحوار:
إ
ذ يتحول الحوار إلى نوع من السب والشتم، بدلًا من المجادلة بالتي هي أحسن، وكما يشير
الأئمة، ومنهم الغزالي وابن تيمية والشاطبي وغيرهم، إلى أنه لو كانت الغلبة في المجادلة
بالصياح، لكان الجهلاء أولى بالغلبة فيها من غيرهم، وإنما يكون النُّجْحُ بالحجة والهدوء.
وفي المثل:"العربة الفارغة أكثر جَلَبَةً وضَجِيجًا من العربة الملأى".

القعقعة اللفظية:
والتي نحقِّق بها أوهام الانتصارات الكاسحة على أعدائنا، ونحرِّك بها مسيرة التنمية والإصلاح
لمجتمعاتنا زعمًا وظنًّا، وقد تسمع مَن يقول لك: كتب فلان مقالًا قويًّا. فتنتظر من هذا المقال أن يكون
مقالًا مؤصَّلًا عميقًا، قد أبدع فيه وحرَّر وحقَّق، أو أحاط الموضوع من جوانبه، أو حل مشكلة عويصة،
أو طرح نظرية جديدة، فإذا بك تجده مقالًا مشحونًا بالعبارات الرنَّانة، التي فيها الإطاحة
بالآخرين الذين لا يتفقون معه.

وهكذا تبدو القوة في كتاباتنا أو خُطبنا أو برامجنا الإعلامية، هي في الصُّراخ والإقصاء،
وتجميع الألفاظ الحاسمة والقاسية وتنزيلها على المخالفين، أو الجرأة على الادعاءات العريضة،
حتى لو كنا لا نملك البرهان عليها!

الجدل العقيم:
وهو الدوران حول الرأي دون استماع للآخر، كما حدَّثتني إحدى الفتيات بأنها ظلت
لسنوات وكأنها حبيسة في غرفة زجاجية ترى الناس ويرونها، لكن لا تسمعهم ولا يسمعونها؛
لأنها تدور حول موضوعات وآراء مسلَّمة لديها، مهمَّتها إقناع الآخرين بها، دون استماع لما لديهم.
ومن ذلك ما يسميه الفقهاء: "تحرير محل النزاع".
فإن كثيرًا من المجادلات والحوارات يتيه فيها المتحدِّث والسامع، ولا يحدِّد المسألة التي يدور
حولها الحديث، وقد يتحدَّث أحدهم عن شيء، والآخر عن غيره، لتقارب
المسائل أو التباسها، أو تشابه الأسماء.

الأحادية:
أعني بها ما حكاه تعالى عن فرعون: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)
بحيث يدور الشخص حول رأيه ووجهة نظره التي ليست شرعًا منزَّلًا من عند الله تعالى،
ولا قرآنًا يُتلَى، ولا حديثًا، ولا إجماعًا، وإنما هو رأي قصاراه أن يكون صوابًا فيتحلَّق
حوله هذا الشخص وآخرون، ويصبح مدار الأمر عليه.

القطعية:
وأعني بها: قولي صواب لا يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ لا يحتمل الصواب.
ويا ليت القطعية تعني الوقوف عند محكَّمات الشريعة المنـزَّلة، أو ثوابت الإجماع القطعي، إذًن
لكانت خيرًا وبرًّا، ولكننا قد نغفل أو نتعامى عن بعض هذه المحكَّمات إذا لجَّت بنا الخصومة،
وتصبح قطعياتنا مسائل إلحاقية جزئية، أو ذوقيات أو ما شابه.

التسطيح والتبسيط:
فالأشياء التي يشق علينا فهمها، أو التي تحتاج إلى تأمل أو تدبر أو رَوِيَّة أو بحث، هي أشياء
خاطئة ومخالفة للحق، ومخالفة للسُّنَّة، والذين يتحدثون فيما لا نفهم هم مهرِّجون، وتجار كلمة،
أو فلاسفة، أو متقعِّرون يتظاهرون بالعلم والمعرفة، وكأننا أصبحنا بإمكاناتنا العقلية المتواضعة
حكمًا على الناس، ونسينا قول عمرو بن معد يكرب:
إِذا لم تَسْتَطِعْ شَيْئًا فَدَعْهُ ... وجَاوِزْهُ إِلى ما تَسْتَطِيعُ

الإطاحة:
والتنادي للحملات التشويهية التي تستهدف مَن لا يوافقنا، وكأن في يدنا الرفع والخفض، وكأن
رسالتنا أصبحت محصورة في تعويق مَن لا نحب، وصرنا بهذا نعرف ما لا نريد، ولا نعرف
ما نريد، وصار لكل شهير أو عالم أو داعية أو قائد خصوم يقصرون حياتهم على نشر الشائعات،
وتشويش الرسالة، وطرح الاتهامات، ونبش الأرشيف، وتضخيم الأخطاء.
ومن قبيل هذا: ما تجده في بعض القنوات الفضائية والإلكترونية من حوارات يغلب
فيها اللجاج والصخب، والفجور في الخصومة:
* فلانٌ لا كرامة له عند الله تعالى، وعند كل موحدٍ لله العظيم.
* فلان ليس له عند الله من خَلَاق.

فانظر الجراءة على الله وعلى عباده الصالحين، حين تتحول أذواقنا أو مشاعرنا السلبية
تجاه هذا الشخص الذي لا نحبه أو لا نحترمه -وليكن مخطئًا أو منحرفًا- إلى ضابط للحكم
عليه بأنه لا قدر له عند الله، ولا عند الموحدين من عباده، مع أنه ما زال مسلمًا يؤمن بالله العظيم!

ومن ذلك: قول بعضهم:
* فلان مات، فإلى جهنم وبئس المصير.
وقد تُقال هذه الكلمة في حق إمام، أو شيخ فاضل، أو داعية صادق، أو مؤمن نحسبه
والله حسيبه، ولكنَّ الذين لا يفقهون يتجرَّؤون ويطلقون ألسنتهم ولا يتورَّعون.
وكأن صاحبنا أخذ ذلك عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أو تلقاه عن جبريل الأمين عليه السلام.
وهذا كله يقتضي تزكية النفس، والثناء عليها، سواء شعر القائل بذلك أم لم يشعر، فيصف
نفسه أنه من الناجين، ومن المؤمنين الصادقين، ومن المخلَصين، وأنه غيور على دين الله ناصح
لعباده، والكِبْرُ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس".
هذا الكلام المندفع المتجرِّئ يقال بسبب الخلاف في مسائل اجتهادية أو خلافية فيها أخذ
ورد، وتعارض ظاهر في الأدلة.

وحتى لو كان ما تقوله صوابًا قطعًا، وما يقوله الآخر خطأ قطعًا، فإن من الحكمة أن تبدأ الدعوة
والحوار بدائرة المتفق عليه، كما علَّمنا ربنا عز وجل فقال: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة
سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون
الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)

بل علَّمنا الله تبارك وتعالى أعظم من هذا، فقال سبحانه وتعالى: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ غ–
قُلِ اللَّهُ غ– وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىظ° هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا
وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) سبا

فانظر كيف جاء تعبير «الإجرام» في قوله: (لا تسألون عما أجرمنا)، في حق الرسل والمؤمنين،
وجاء تعبير «العمل» في حق الكفار الذين هم المجرمون في الحقيقة، وهذا من باب التنزُّل للخصم.
وقال الله سبحانه وتعالى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىظ° شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىظ° سَبِيلًا (84) الإسراء
وقال عز وجل: (إ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ï´؟ القلم
إن سكينة الإنسان، واستقرار نفسه، وهدوء لغته، وحسن عبارته، وقوة حجته؛ هو
الكفيل بأن تنصاع له القلوب، وأن يصل الحق الذي يحمله إلى أفئدة الآخرين، وأن يغلب حقُّه باطلهم.

ومن المؤسف أن تُصبح هذه الأمة محل سخرية العالم! خاصة ونحن في عصر التكنولوجيا
والاتصال، حيث أصبح العالم جهازًا بحجم الكف، يسمع فيه القاصي كلام الداني.

وهذا الجدل المحتدم العَقِيم بيننا في قضايا لا طائل من ورائها، وعلى مرأى ومسمع من
القريب والبعيد، يجعل الناس يخاطبوننا بقولهم: اتفقوا أولًا على الدين الذي تقدِّمونه لنا،
والتصوُّر والفكر الذي تنتحلونه، ثم تعالوا لدعوتنا، والتزموا بهذه القيم النظرية الجميلة
التي تتحدَّثون عنها قبل دعوة الناس إليها، وحلُّوا مشكلاتكم قبل أن تفكروا في حل مشكلات العالم.









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-23, 17:47   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


آداب الحوار

ينتقل الدكتور حسن خليل الى الحديث عن آداب الحوار فيقول: هذه آداب الحوار وهي ليست أصولاً تقدم بمعنى قواعد، لكنها آداب اذا لم يتسلح بها المتحاورون فغالباً يطول نقاشهم وتسوء صدورهم وتضيق قلوبهم.
الأول: التزام القول الحسن وتجنب منهج التحدي والاقحام ان من أهم ما يتوجه اليه المحاور في حواره هو التزام الحسنى في القول والمجادلة ففي محكم التنزيل:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(الاسراء:53) وقوله سبحانه وتعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل:125) وقوله: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} (البقرة:83).
فحق العاقل اللبيب الطالب للحق ان ينأى بنفسه عن أسلوب الطعن والتجريح والتهزئة والسخرية وألوان الاحتقار والاثارة والاستفزاز.
ومن لطائف التوجيهات الالهية لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الباب: الانصراف عن التعنيف في الرد على أهل الباطل حيث قال الله لنبيه: {وَاِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (الحج:68-69)
الثاني: توضيح عبارات المحاور من غاية الأدب واللباقة بالقول وعبارة الحوار: ألاَّ يفترض في صاحبه الذكاء المفرط فيكلمه بعبارات مختزلة أو اشارات بعيدة ومِنْ ثمَّ فلا يفهم كما لا يظن فيه الغباء والسذاجة أو الجهل المطبق فيبالغ في شرح ما لا يحتاج الى شرح وتبسيط ما لا يحتاج الى تبسيط ولا شك ان الناس بين ذلك درجات في عقولهم وفهمهم فهذا عقله متسعٌ بنفسٍ رحبة وهذا ضيِّق العقل وآخر يميل الى الأحوط في جانب التضييق وآخر يميل الى التوسع وهذه العقليات والمدارك تُؤثر في فهم ما يُقال فذو العقل اللماح يستوعب ويفهم حرفية النص وفحواه ومراد المتكلم وما بين السطور وآخر دون ذلك بمسافات ولقد قال أبو جعفر المنصور للامام مالك لما أراد تصنيف الموطأ: تجنب شدائد ابن عمر ورخص ابن عباس وشواذ ابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين.
الثالث: الالتزام بموقف محدد في الكلام ومن الآداب: الالتزام بموقف محدد في الكلام فينبغي ان يستقر في ذهن المحاور ألا يستأثر بالكلام ويستطيل في الحديث ويسترسل بما يخرج عن حدود اللباقة والأدب والذوق الرفيع ومن المفيد ان تعلم ان أغلب أسباب الاطالة في الكلام،ومقاطعة أحاديث الرجال يرجع الى ما يلي: أولاً: اعجاب المرء بنفسه.
الثاني: حب الشهرة والثناء.
الثالث: ظن المتحدث ان ما يأتي به جديدٌ على الناس.
رابعاً: قلة اللامبالاة بالناس في علمهم ووقتهم وظرفهم.
والذي يبدو ان واحداً من هذه الأربعة اذا استقر في نفوس السامعين كافٍ في صرفهم وصدودهم ومللهم واستثقالهم لمحدثيهم.
الرابع: الاخلاص هذه الخصلة من الأدب متممة لما ذُكِرَ من أصل التجرد في طلب الحق الى آخره ومن أجلى المظاهر في ذلك ان يُدافع المناظر والمتحاورعن نفسه حب الظهور والتميز على الأقران واظهار البراعة وعمق الثقافة والتعالي عن النظراء والانداد.
ان قصد انتزاع الاعجاب والثناء واستجلاب المديح مفسدٌ للأمر صارف عن الغاية.









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-23, 17:49   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الحوار لماذا أصبح أزمة؟

الاختلاف بين الناس فطرة انسانية وحقيقة طبيعية اقرها الاسلام بقوله تعالى في كتابه العزيز «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا.» (الحجرات13).
فقد خلق الله الناس مختلفين اجتماعياً وثقافياً ولغويا على الرغم من انهم في الأساس امة واحدة قال تعالى: «كان الناس امة واحدة فاختلفوا» (يونس 19) وهذا يعني ان الاختلاف بين الناس لا يلغي الوحدة الانسانية. وهذا مفهوم غاية في الأهمية لابد ان يكون راسخاً في اذهان الجميع خصوصاً عند الدخول في القضايا الجدلية او فتح ابواب الحوار حول قضية من القضايا المختلفة عليها لان القاعدة الاسلامية كما حددها الرسول صلى الله عليه وسلم انه: "لا فضل لعربي على عجمي ولا اسود على ابيض الا بالتقوى".
ومن ثم فان احترام الآخر كما هو (لوناً ولساناً) يشكل قاعدة من قواعد السلوك الديني في الاسلام.
وفي ثقافتنا الاسلامية «ان رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب» وعليه فان الحوار الجاد يتطلب احترام الآخر واحترام حقه في الدفاع عن رأيه او موقفه وتحمل مسؤوليته فيما هو مقتنع به
لقد ارسى الاسلام قواعد للحوار وجعله الأسلوب الامثل في الدعوة الى الله قال تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن» (النحل 125، وقال تعالى: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن» (العنكبوت:46).
وقال تعالى: «فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر او يخشى (طه 44) والامثلة في القرآن الكريم على ذلك كثيرة وتفوق الحصر والعد وفي السيرة النبوية العطرة تطبيق رائع لقواعد الحوار وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاور المشركين لاقناعهم برسالته ونبوته وكذا فعل مع الوفود التي كانت تفد اليه وكيف كان يحاور اصحابه معلماً ومرشداً وهادياً.
وكما اسس الاسلام قواعد للحوار يرتكز عليها فقد حدد له اداباً وقيما ومنهجاً اخلاقياً يحترم الانسان وحريته في الاختيار كما يحترم حقه في الاختلاف والمجادلة.
يتضح من ذلك ان الحوار نعمة عظيمة انعم الله بها على الناس يستطيعون من خلالها التفاهم والتقارب والوصول الى حدود مشتركة من وجهات النظر التي تكون دافعاً للبناء لا الهدم كما ان الحوار من الوسائل المهمة لتحصيل المعارف واكتساب الثقافات والعلوم. كما انه من الأهمية يمكننا من الوصول الى حلول للمشكلات التي قد تمثل عوائق في الحياة اذ ان الناس تستطيع ان تزيل بالحوار الحواجز بينهم، وتحقق الالفة والود وتقرب وجهات النظر وللحوار غاية عظيمة تتمثل في اقامة الحجة ودفع الشبهة والفاسد من القول والرأي والوصول الى الحق.
هذا اذا ما سلك المتحاورون الطرق العلمية في الحوار وسلم كلام كل منهم وادلته من التناقض وتجردوا من الاهواء الشخصية وقصدوا الحق وابتعدوا عن التعصب، والتزموا بآداب الحوار ورضوا جميعاً وقبلوا بنتائج الحوار والتزموا القول الحسن وتجنبوا منهج التحدي والتزم كل طرف بموقف محدد في الكلام وخلصت نواياهم.
لكن اذا ما اعجب المرء بنفسه، وتمسك برأيه وظن ان ما يأتي به جديد على الناس واستهان بآراء الآخرين واصر على موقفه فهو بذلك ليس اهلاً للحوار وقد يترتب على ذلك آثار سلبية كثيرة وكبيرة تصل أحياناً الى قطع العلاقات والخصام والشقاق واحداث نوع من الفتن بين الناس.
وكل هذه الامور قد تحدث نتيجة اختلاف في الآراء وحوار دار بين اطراف غير مؤهلين لذلك وعلى غير دراية بقواعد واصول وآداب الحوار.
وهذا ما نهى الاسلام عنه وحذر منه لانه مدعاة للفرقة والتشرذم وانتشار البغضاء والاحقاد بين الناس وتوسيع هوة الخلاف بين الناس في الوقت الذي امرنا فيه الاسلام بالابتعاد عن كل اسباب الخلاف وتنمية اسباب الألفة والمحبة والوحدة وتوطيد اواصرها وتوثيق عراها.
لقد اصبح الحوار في الآونة الاخيرة يشكل ازمة كبيرة نظراً لعدم قبول البعض بالآخر.
ما ادى الى كثير من الاختلافات التي اخذت اشكالاً كثيرة كلها سلبية منها رفع الصوت بشكل غير لائق كثرة السباب والشتائم توجيه الاتهامات بالعمالة والانحياز والتبعية تقسيم الناس الى فرق متناحرة.
فما الذي جعلنا نصل الى هذا الحد من العصبية وعدم القبول للآخر والى متى ستستمر هذه الحالة ومتى نفق من غفلتنا ونعود الى رشدنا والى منهجنا الرباني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.؟
الحوار ظاهرة انسانية عالمية وهي سنة إلهية نظراً لتفاوت البشر في عقولهم وأفهامهم وأمزجتهم قال تعالى: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِين * اِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ) سورة هود: الآيات (118- 119).
ونتيجة لهذا الاختلاف في الرأي جاء الحوار وسيلة للوصول الى الحق والصواب وقد ضرب الله لنا المثل برجلين تحاورا حيث كان لأحدهما جنتان مثمرتان وفيهما نهر واغتر بذلك فحاور صاحبه المتواضع فأخبرنا الله عن حوارهما فقال تعالى: (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) سورة الكهف: من الآية (24) فكان جواب صاحبه: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) سورة الكهف: الآية (37).
وقد جاءت خولة بنت ثعلبة تشتكي زوجها الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي تقول: يا رسول الله أكل مالي وأفنى شبابي ونثرت له بطني حتى اذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم اني أشكو اليك فما برحت حتى نزل جبريل بقوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي اِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا اِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) سورة المجادلة: الآية (1).
فالحوار اذاً له أصل ثابت في منهاج الله قرآناً وسنة وهو ينطلق من تأثيرات وأحاسيس تجيش في النفس لاظهار مبدأ أو تصحيح خطأ أو نصرة حق أو غير ذلك ما جبلت عليه النفوس البشرية والمحاورة والمناظرة والجدل ألفاظ قريبة من بعضها.
والحوار من أهم وسائل التفاهم بين الناس وهو من أهم وسائل المعرفة والاقناع مهما كانت الثقافات والتوجهات وكذلك من أهم وسائل الدعوة الى الله قال تعالى (ادْعُ اِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) سورة النحل: من الآية (125).









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-23, 17:49   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




الحوار مع المشركين نموذجاً
وصف القرآن حالة المشركين النفسية تجاه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان موقفهم انفعالياً فجعلوا يردون بالتهم والتعجب ليريحوا انفسهم من عناء التفكير بالاتكاء على تقليد الآباء: «وَعَجِبُوا أَنْ جَاء هُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الآلهة اِلَهًا وَاحِدًا إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانطَلَقَ الملأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ اِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخرة إنْ هَذَا إلا اختلاق» (ص:4-7).
فقابلهم الرسول بكل هدوء، وطلب منهم ابداء الدليل على ما هم عليه من شرك:«قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأرض أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ اِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» (الأحقاف:4)«سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إنْ تَتَّبِعُونَ إلاّ الظَّنَّ وَإنْ أَنْتُمْ اِلَّا تَخْرُصُونَ» (الانعام:148).
ولما عجز المشركون عن اقامة الدليل اذ مستندهم التقليد واتباع الظن أقام الدليل عليهم:«أَمْ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنْ الأرض هُمْ يُنشِرُونَ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (الانبياء:21-24).
ولما لم يُجدِ الدليل العلمي العقلي على بطلان مُدَّعَاهم أتاهم بأدلة حسية مادية من الواقع تثبت بطلان ألوهية الأصنام: «أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ وَإنْ تَدْعُوهُمْ اِلَى الْهُدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ اِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ اِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِي فَلا تُنظِرُونِي (الأعراف:191-195).










رد مع اقتباس
قديم 2019-07-23, 17:52   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الحوار منهجاً نبوياً

لقد اهتم النبي (صلى الله عليه وسلم) بأسلوب الحوار وجعل منه منهجاً في خطاباته للناس ودعوته لهم، لما له من أثر وتأثير بالغين في نفوس المدعوين وعقولهم ولما له من تحفيز على الطاعات وترك للمعاصي، ولما فيه من تلقين توجيه تربوي لكل الدعاة والمربين إلى يوم القيامة.
ومن أبرز حواراته صلى الله عليه وسلم تلك التي كانت بينه وبين قومه المشركين ما يروي ابن هشام عن ابن إسحاق أن عتبة بن ربيعة كان في نادي قريش فقال: يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أموراً لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ فقالوا: بلى يا أبا الوليد قم إليه فكلمه فجاء عتبة حتى جلس إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من الشرف في العشيرة والمكانة في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمرٍ عظيم فرّقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل يا أبا الوليد أسمع.
قال: يابن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا وإن كان الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أفرغت يا أبا الوليد؟
قال: نعم.
قال: فاسمع منى ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم (حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ.) سورة فصلت: الآيات (1 2 3 4).
ومضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في القراءة وعتبة يسمع حتى وصل إلى قوله تعالى: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُود) سورة فصلت: الآية (13).
فأمسك عتبة بفيه وناشده الرحم أن يكف عن القراءة وذلك خوفاً مما تضمنته الآية من تهديد.
ثمّ عاد عتبة إلى أصحابه فلما جلس بينهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟
قال: ورائي أني سمعت قولاً ما سمعت بمثله قط والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة يا معشر قريش أطيعوني وخلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم.
قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه.
قال: هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم.
ثمّ إن أشراف قريش عادوا فكرروا المحاولة التي قام بها عتبة بن ربيعة فذهبوا إليه مجتمعين وعرضوا عليه الزعامة والمال وعرضوا عليه الطب إن كان الذي يأتيه رئيّاً من الجان.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولاً وأنزل عليّ كتاباً وأمرني أن أكون بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه إليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم.
وإنّ الحوار الذي وقع في صلح الحديبية بين النبي (صلى الله عليه وسلم) ورجالات من قريش يمثلون وفوداً للتفاوض مع النبي (صلى الله عليه وسلم) وكان على رأسهم بديل بن ورقاء الخزاعي ومنهم عروة بن مسعود ومنهم سهيل بن عَمْرٍ الذي كتب الصلح مع النبي (صلى الله عليه وسلم) كل ذلك قد مثّل فتحاً مبيناً للإسلام والمسلمين.
الحوار الجاد يتطلب احترام الآخر وحقه في الدفاع عن رأيه وتحمل مسؤوليته في ما هو مقتنع به.









رد مع اقتباس
قديم 2019-07-23, 18:08   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
Ali Harmal
مشرف منتدى الحياة اليومية
 
الصورة الرمزية Ali Harmal
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


أصول الحوار

أصول الحوار فتتمثل في الآتي:
الأصل الأول: سلوك الطرق العلمية والتزامها
عندما يدخل المتحاوران في الحوار فانهما يلتزمان بالطرق العلمية من هذه الطرق مثلاً: تقديم الأدلة المثبتة بمعنى: ان كل طرف يُقدِّم أدلته المثبتة أو المرجحة للدعوى أما ان يكون كلاماً في هواء وكلاماً هباءً فهذا معلوم انه بعيد عن الحوار فمن أصول الحوار ان تأتي بأمر واضح بيِّن في نفسك اما بجلاء عباراته أو بجلاء دليله.
الأصل الثاني: صحة النقل في الأمور المنقولة لا بد منها وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة: ان كنت ناقلاً فالصحة وان كنت مُدَّعياً فالدليل.
هذه قضية لا يجوز ان يدخل المتحاوران الا وقد تسلحا بها لان المادة التي معهما أو يريدان ان يطرحاها في ما بينهما لا بد ان تكون مُدعمة بدليل ان كانت قضايا عقلية واذا كانت أخباراً لا بد ان تكون مثبتة وفي التنزيل جاء قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ اِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة:111) وقد جاء ذلك في أكثر من آية، وجاء قوله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} (الانبياء:24) وجاء في آية أخرى في بني اسرائيل: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا اِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمران:93) هذا هو الأصل الأول. الأصل الثاني: سلامة كلام المناظر ودليله من التناقض لا بد في المتناظرين ان يكون كلامهما وأدلتهما سالمةً من التناقض فالمتناقض ساقطٌ بداهةً ومن أمثلة ذلك: وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله: {وَفِي مُوسَى اِذْ أَرْسَلْنَاهُ اِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} (الذاريات:38-39) وهو وصف قاله الكفار لكثير من الانبياء بما فيه كفار الجاهلية لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فوصفوه بالوصفين: ساحر ومجنون وهذان الوصفان السحر والجنون لا يجتمعان لان الشأن في الساحر العقل والفطنة والذكاء أما المجنون فلا عقل معه البتة وهذا منه تهافتٌ ظاهر وتناقض بيِّن ومثله أيضاً في ما ذكر بعض المفسرين وقد تكون مسألة تحتاج الى نظر لكني سآتي بها للتمثيل فقط نعت كفار قريش لآيات محمد صلى الله عليه وسلم بانها سحر مستمر في قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَاِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} (القمر:1-2).
قال بعض المفسرين: وهو تناقض فالسحر لا يكون مستمراً والمستمر لا يكون سحراً.
الأصل الثالث: ألا يكون الدليل هو عين الدعوى لانه اذا كان كذلك لم يكن دليلاً ولكنه اعادة للدعوة بألفاظ وصيغ أخرى وعند بعض المحاورين من البراعة في تزيين الألفاظ وزخرفتها ما يوهم بانه يُورد دليلاً وواقع الحال انه اعادة للدعوى بلفظ مغاير وهذا تحايل في أصول الحوار باطل بل هو حيدةٌ عن طلب الحق وسبيلٌ لاطالة النقاش من غير فائدة.
الأول مثلاً: لو ان أحداً عنده ولدان سعد وسعيد فأعطى سعداً ولم يُعطِ سعيداً فقيل له: لماذا أعطيت سعداً؟
قال: لانه ولدي وهذا تعليل ساقط لانه سيقال له: وسعيد أيضاً ولدك فمثل هذا التعليل غير مقبول.
الأصل الرابع: الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مسلمة وهذا الأصل مهم جداً وهو الذي أشرت اليه في مقدمة الحديث: وهو الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مُسَلَّمة أو بعبارة أصح: لا يجوز الخوض في المسلمات نقول: هذه المسلمات والثوابت قد يكون مرجعها العقل أي: انها عقلية بحتة لا تقبل البحث عند العقلاء متجلية مثلاً: حسن الصدق ان يكون الصدق حسناً «متفقٌ عليه» قبح الكذب شكر المحسن معاقبة المذنب هذه قضايا لا يختلف عليها أحد.
الأصل الخامس: التجرد وقصد الحق والبعد عن التعصب والالتزام بأدب الحوار ان اتباع الحق والسعي للوصول اليه والحرص على الالتزام به هو الذي يقود الحوار الى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا التواء ويحول دون الانسياق وراء الهوى سواء كان هوى النفس أو هوى الجمهور أو هوى الأتباع والعاقل فضلاً عن المسلم الصادق طالب حق باحث عن الحقيقة ينشد الصواب ويتجنب الخطأ يقول أبو حامد الغزالي: التعاون على طلب الحق من الدين ولكن له شروط وعلامات:
منها: ان يكون في طلب الحق كناشد ضالة لا يفرق بين ان تظهر الضالة على يده أو على يد معاونه ويرى رفيقه معيناً لا خصماً ويشكره اذا عرفه الخطأ وأظهره له.
ومن مقولات الامام الشافعي رحمه الله المحفوظة: ما كلَّمتُ أحداً قط الا أحببت ان يُوفق ويُسدد ويُعان وتكون عليه رعاية الله وحفظه وما ناظرني فباليت أظهرت الحجة على لساني أو على لسانه.
الأصل السادس: أهلية المحاور اذا كان من الحق ألا يمنع صاحب الحق عن حقه فمن الحق ألا يُعطى هذا الحق لمن لا يستحق كما ان من الحكمة والعقل والأدب في الرجل ألا يعترض على ما ليس له أهلاً ولا يدخل في ما ليس هو فيه كفواً.
من الخطأ ان يتصدى للدفاع عن الحق من كان على الباطل وهذا ما يفعله كثيرٌ من المستشرقين يظنون انفسهم انهم مدافعون عن الاسلام ومن هنا جاءت الزلات من المستغربين حينما تبعوا آثار المستشرقين.
الأصل السابع: الرضا والقبول بالنتائج الرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل اليها المتحاورون والالتزام الجاد بها وبما يترتب عليها، فهذا الأصل لا بد ان يكون متفقاً عليه بينهما وهو الرضا والقبول بالنتائج واذا لم يتحقق هذا الأصل كانت المناظرة ضرباً من العبث الذي يتنزه عنه العقلاء.









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc