فهرس سلاسل الفقه وأصوله و الإرث وتوزيع التركة - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس سلاسل الفقه وأصوله و الإرث وتوزيع التركة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-06-26, 15:39   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يعطي بعض أولاده دون الآخرين إذا كان فقيراً ؟

السؤال

هل يجوز للوالد أن يعطي بعض أولاده مالاً ولا يعطي الآخرين إذا كان هذا الولد فقيراً أو عاجزاً عن العمل ؟.

الجواب

الحمد لله

جَوَّز بعض أهل العلم تفضيل بعض الأبناء ، إذا وجد مسوغ شرعي ، كأن يكون أحدهم مقعداً ، أو صاحب عائلة كبيرة ، أو لاشتغاله بطلب العلم ، أو كان أحدهم فاسقا أو مبتدعا ، فيصرف عنه بعض المال .

قال ابن قدامة رحمه الله

: " فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه , مثل اختصاصه بحاجةٍ , أو زمانة , أو عمى , أو كثرة عائلة , أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل , أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه , أو بدعته , أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله , أو ينفقه فيها , فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك ;

لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف : لا بأس به إذا كان لحاجة , وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة . والعطية في معناه [أي في معنى الوقف]. ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل أو التخصيص على كل حال ; والأول أولى إن شاء الله " انتهى من "المغني " (5/388) باختصار.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/193) : " المشروع في عطية الأولاد هو التسوية بينهم في العطاء على السواء ، ولا يجوز التفضيل إلا لمسوغ شرعي ؛ لكون أحدهم مقعداً أو صاحب عائلة كبيرة أو لاشتغاله بالعلم ، أو صرف عطية عن بعض ولده لفسقه أو بدعته ، أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه " انتهى .

وينظر : "الفتاوى الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (5/435)

والله تعالى أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-06-26, 15:43   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أؤتمن على توزيع التركة فهل له أن يسدد ديون المتوفى دون علم زوجته التي لا تعترف ببعض الديون؟

السؤال :

توفى أخى منذ5 سنوات ، وعليه بعض الديون ، ولكن ورثته زوجته وأولاده الثلاثة ينكرون بعضها ، رغم إننى وإخوتي 2 ذكور و5 إناث متأكدون من هذه الديون ؛ لأن بعضها لنا نحن إخوته الثلاثة الذكور ، وإن كنا ترفعنا عن المطالبة بها حتى الآن ؛ لأن البعض سامح حياء وبرا ، والآخر لم يسامح ،

المهم إن أخي المتوفى له ميراث من الوالد عبارة عن أراض زراعية ، وأنا أتولى بيعها ، وأعطى الجميع حقه حسب الشرع ، ومنهم نصيب أخي المتوفى أسلمه لزوجته كاملا كل مرة يتم فيها بيع جزء من الأرض ، ولكن حدث مؤخرا أن الإخوة والأخوات طلبوا ضرورة سداد الدين ؛ لأنهم يرون أحلاما سيئة بأن أخينا المتوفى قلق ويشعر بالضيق الشديد ، فاقترحوا جميعا أن أقوم بسداد الديون على دفعات من نصيبه من الدفعات اللاحقة دون علم زوجته

وذلك لتأكدنا من تلك الديون والتى تعترف الزوجة ببعضها وتنكر الآخر ، ولكنها لم تبد أى نية للسداد ، ولو على سبيل جس النبض أو جبر الخواطر رغم تلميح البعض لها بذلك ، وحصولها منا على مبالغ كبيرة لأكثر من 15 دفعة ، ولم تبد في مرة واحدة منها نية السداد أو حتى فتح الموضوع مما لأثر فى نفوسنا لقاء هذا الجحود تجاه لأخونا المتوفى

. فهل هذا جائز مع العلم أنها تترك أمر حساب الميراث لي دون تخوين حتى الآن ، وقد يرجع السبب لما تعلمه من تعففنا عن المطالبة بالديون ، وحبنا واحترامنا لأخينا ؟


الجواب :

الحمد لله

إذا مات الإنسان وكان عليه دين، فالواجب سداد دينه من تركته قبل قسمتها؛

لقوله تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/11.

وتقدم الديون على الوصايه

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/ 201)

" الدين مقدم على الوصية، وبعده الوصية ثم الميراث، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء " انتهى.

وسواء كانت هذه الديون لإخوة المتوفى، أو لأجنبي، فالواجب سدادها، إلا عند العفو عنها.

وعليه : فمن عفى عن دينه سقط حقه، ومن لم يعفُ فله المطالبة ، وإثبات دينه ؛ إما بشهادة شاهدين، أو بوثيقة مكتوبة بخط المتوفى، إذا عرف خطه، أو أشهد على الوثيقة.

وينظر: في طرق ثبوت الدين: الموسوعة الفقهية (21/ 120).

ولا يجوز لك أن تسدد هذه الديون المدّعاة دون علم زوجة المتوفى وأولاده؛ لأنك مؤتمن على تقسيم التركة، ولم توكّل بسداد الديون، والوكيل يتقيد تصرفه بالإذن .

ولأن الديون لابد من ثبوتها، وقد ينازع الورثة في ذلك.

فعلى صاحب الدين أن يطالب به، ويثبته، ويلزم حينئذ إعطاؤه دينه.

وينبغي أن يجتمع الورثة مع أصحاب الديون، وأن يُنظر في كل دين، فإن ثبت، أعطي لصاحبه، وإن لم يثبت فلا شيء لمدعيه.

وينبغي أن تعلم زوجة المتوفى وجميع ورثته أنه ينبغي المسارعة إلى إبراء ذمة المتوفى بسداد الديون من التركة قبل قسمتها، وأنهم يأثمون بتأخير سداد الديون، ما دام الميت قد ترك وفاء، وأنه لا يحل لهم شيء من التركة قبل سداد دين المتوفى منها.

وقد قال أهل العلم ـ رحمهم الله ـ إن العمل بوصية المتوفى وسداد ديونه يكون قبل دفنه؛ وذلك لعظم شأن الدين، فإن تعذر ردُّ الديون في الحال؛ لعدم وجود النقد ، أو لبعد المال: استحب لورثته أن يضمنوا عن أبيهم حق الغير، أو يقدموا رهنا به، فإن تأخروا أو امتنعوا عن قضاء ديونه: أثموا بجحد الحق، أو مطله، ما دام الميت قد ترك وفاءه من ماله .

قال البهوتي رحمه الله : " ( ويجب أن يسارع في قضاء دينه ، وما فيه إبراء ذمته ؛ من إخراج كفارة ، وحج نذر ، وغير ذلك ) ، كزكاة ، ورد أمانة ، وغصب ، وعارية ؛ لما روى الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه ، عن أبي هريرة مرفوعاً : ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ) .. ( كل ذلك ) أي قضاء الدين وإبراء ذمته ، وتفريق وصيته ( قبل الصلاة عليه ) ، لأنه لا ولاية لأحد على ذلك إلا بعد الموت والتجهيز.

وفي الرعاية : قبل غسله ، والمستوعب : قبل دفنه ؛ ويؤيد ما ذكره المصنف : ما كان في صدر الإسلام من عدم صلاته صلى الله عليه وسلم على من عليه دين ، ويقول : ( صلوا على صاحبكم ) إلى آخره ، كما يأتي في الخصائص .

( فإن تعذر إيفاء دينه في الحال ) ، لغيبة المال ونحوها : ( استحب لوارثه أو غيره أن يتكفل به عنه ) لربه ، بأن يضمنه عنه ، أو يدفع به رهناً ، لما فيه من الأخذ في أسباب براءة ذمته .

وإلا ؛ فلا تبرأ قبل وفائه " انتهى .

وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: " ومن هنا يأثم الورثة بتأخير سداد الديون، فإذا مات الوالد أو القريب ، وقد ترك مالاً ، أو ترك بيتاً، وعليه دين: فيجب على الورثة أن يبيعوا البيت لسداد دينه .

وهم : يستأجرون، أو يقومون بما يكون حظاً لهم من الاستئجار أو الانتقال إلى مكان آخر .

أما أن يبقى الدين معلقاً بذمته ، وقد ترك المال والوفاء: فهذا من ظلم الأموات، وإذا كان بالوالدين فالأمر أشد .

وقد ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن نفس المؤمن معلقة بدينه ) .

قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا كان عليه دين ، فإنه يمنع عن النعيم حتى يؤدى دينه، ولذلك قال: ( نفس المؤمن مرهونة بدينه ) وفي رواية: ( معلقة بدينه ) بمعنى: أنها معلقة عن النعيم حتى يقضى دينه .

ويؤكد هذا حديث أبي قتادة رضي الله عنه في الصحيح، فإنه لما جيء برجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عليه الصلاة والسلام: ( هل ترك ديناً؟ ) قالوا : دينارين.

فقال: ( هل ترك وفاء ؟) قالوا : لا .قال : ( صلوا على صاحبكم).

فقال أبو قتادة : هما علي يا رسول الله! فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، قال أبو قتادة : فلم يزل يلقاني ويقول : ( هل أديت عنه ؟ ) ، فأقول: لا بعد. حتى لقيني يوماً ، فقال : ( هل أديت عنه ؟) قلت : نعم .قال: ( الآن بردت جلدته ) .

فهذا يدل على عظم أمر الدين، فينبغي المبادرة بقضاء الديون وسدادها، خاصة ديون الوالدين فالأمر في حقهم آكد" انتهى من "شرح الزاد".

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-26, 15:55   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

توضيح

... فكره مقدمه السؤال الملون باللون الاخضر عباره عن تلخيص للسؤال

لان بعض الاسئلة تكون طويله فمن يهمه العلم و استبيانه يعتمد علي التلخيص و من يريد التفاصيل يقراء السؤال

,,,,, بعض الاجوبه تكون متشابه او مكرره

فهذا راجع الي ان موضوغ الإرث وتوزيع التركة و كذلك بعض المواضيع في المعاملات الاسلامية

امر متشابك متكامل و سياق السؤال يحتم هذا الامر لتوضيح المعني بشكل الصحيح

.... و لمن يريد ايضاح اكثر يتقدم و يشرفني بسؤاله


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 16:18   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يرثه حمل زوجته من الزنا وهل تصح هبته لبناته حتى لا يرثه إخوته ؟

لسؤال :

أبي رزقه الله ورث من أبيه وأمه رحمهم الله زائد أملاكه الخاصة ، ويخاف إذا توفاه الله أن يرث إخوته ثلاثة الأشقاء وأبناء أخ واحد رحمه الله غير شقيق من أبيه وأخواته معي أنا وأختي

ونحن بنات توأم بالغات ، مع العلم أن أبي طلق أمي وهي حامل من الزنا والله أعلم منذ أعوام ، ولديه طفل آخر ذكر من نصرانية غير شرعي بسنوات قبل حمل أمي وطلاقه لها

كما قرأت في صفحتكم أن الزاني لا ولد له ، ابنه الآن في رعاية أمه ، وبنت أمي في كفالة مرأة أخرى بعد تخلي أمي عنها ، وأنا وأختي في كفالته هو .

السؤال: من يرث شرعا في أبي ؟

وهل جائز أنا وأختي قبول هبته أحد أملاكه لنا ، وعدم التصرف فيها كبيعها حتى يأذن لنا بذلك ، مع لعلم أن قصده ـ والله أعلم ـ حرمان الإخوة من الورث ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا:

ولد الزاني لا ينسب له في قول جمهور الفقهاء، ولذا لا توارث بينهما.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن المرأة المزني بها إذا لم تكن فراشا ، أي زوجة لأحد، فإن للزاني أن ينسب ولده منها إليه . وهذا قول جماعة من السلف، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (192131).

وعلى هذا : فإذا نَسب الولد له، حصل التوارث بينهما.

ثانيا:

الحمل الذي حصل من والدتك أثناء قيام الزوجية : الأصل فيه أن ينسب لأبيك، ولا يجوز أن ينفى نسبه إلا باللعان.

قال ابن عبد البر رحمه الله:

" وأجمعت الجماعة من العلماء: أن الحرَّة فراش بالعقد عليها ، مع إمكان الوطء ، وإمكان الحمل .

فإذا كان عقد النكاح يمكن معه الوطء والحمل : فالولد لصاحب الفراش ، لا ينتفي عنه أبداً بدعوى غيره ، ولا بوجه من الوجوه ، إلا باللعان "

انتهى من " التمهيد " ( 8 / 183 ) .

وعليه : فما لم تحصل الملاعنة، فهو منسوب لأبيك، ويرث منه في حال وفاته، سواء كان ذكرا أو أنثى.

ثالثا:

إذا مات والدك، ولم يكن له ابن ذكر، فإن البنات يأخذن الثلثين، ويكون الباقي ، وهو الثلث ، لإخوته الأشقاء.

وأما إن كان له ابن ذكر، فإنه يقتسم التركة كلها مع البنات، للذكر مثل حظ الأنثيين.

رابعا:

لا يجوز لوالدك أن يهبكن شيئا بقصد حرمان إخوته من الميراث؛ لما في ذلك من التعدي على أحكام الله وحدوده، وقد ختم الله آيات الميراث بقوله: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13، 14

وينبغي أن يُعلم أن الهبة إذا لم تُقبض ، ويتصرف الموهوب له فيها تصرفَ الملاك : فإنها تكون في معنى الوصية، والوصية لوارث محرمة، ولا تنفذ إلا بموافقة بقية الورثة ؛ فلإخوته أن يعترضوا عليها ، ويمنعوا تنفيذها.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 16:24   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

زنت وهي متزوجة وأنجبت مولودة ولم ينفها الزوج عنه فلمن تُنسب ؟

السؤال:

يبدأ بقصة من قبل ظ£ظ* عاماً تقريباً حين كان يمر البلد في حرب وكان أبي جنديّاً في الجيش ، وفي يوم فُقِدَ أبي في الحرب ، لكنهم أخبروا أمي أنه قتل ، وبعد أشهر تعرفت أمي على رجل آخر ، وتطورت العلاقة حتى وقعا في الزنا ، فحملت أمي منه ، وأخبرته ، فأراد الرجل أن يتزوج أمي

فاتفقا على ذلك ، وبعد أيام قبل أن يعقد عليها رجع أبي إلى البيت ورأى أمي حاملاً فأخبرته بالحقيقة كاملة ، فغضب أبي وضربها ، لكنه بعد ذلك عفا عنها ، وأراد أن ينتقم من الرجل الزاني ، ولما علم هذا برجوع أبي وما ينوي هرب

واختفى , وبعد ذلك أنجبت أمي من ذلك الحمل بنتاً ، وتابت أمي ، وأنجبت أبناء أُخر ، انتهت القصة إلى هنا تقريباً ، نحن لم نكن نعلم بالقصة ولا أحد غير هؤلاء الثلاث ، لكن قبل عام قبل أن يموت أبي أخبرنا بالقصة . p/

فالسؤال : أختي التي من الزنا تسأل : هل تبر أباها الذي لم يسأل عنها طوال تلك السنين ؟

وهل تناديه بأبي عندما تراه ؟

وهل لها أن تطالبه بالنفقة لتلك السنين ؟

علماً أننا وجدناه منذ مدة ليست بطويلة , والسؤال له شق آخر : أختي مسجلة في الأوراق الشخصية باسم أبي ، وكل الناس يظنون أنها ابنة أبي ، فهل عليها أن تخبر الناس والسلطات أنها ليست ابنة أبي ؟

ولمن تنتسب ؟

وإذا فعلت ذلك فسيكون موقفنا محرجاً جدّاً أمام الناس , أم نترك الأمر كما هو تجنباً للفضيحة ؟


الجواب :


الحمد لله

أجمع أهل العلم على أن الزانية إذا كانت فراشًا لزوج – أي : متزوجة - وجاءت بولد ولم ينفه الزوج صاحب الفراش باللِّعان : فإنه يُنسب للزوج صاحب الفراش ، ولا يلحق بالزاني ولو استلحقه ، ولا ينسب إليه .

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ )

رواه البخاري ( 1948 ) ومسلم ( 1457 ) .

قال ابن عبد البر - رحمه الله -

: " فلما جاء الإسلام أبطل به رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمَ الزنى ، لتحريم الله إياه ، وقال : ( لِلْعَاهِرِ الحَجَرُ ) فنفى أن يُلحق في الإسلام ولد الزنى ، وأجمعت الأمة على ذلك ، نقلاً عن نبيِّها صلى الله عليه وسلم ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّ ولد يولد على فراشٍ لرجل : لاحقاً به على كل حال ، إلى أن ينفيه بلعانٍ ، على حكم اللعان "
.
وقال : " وأجمعت الجماعة من العلماء : أن الحرَّة فراش بالعقد عليها ، مع إمكان الوطء وإمكان الحمل ، فإذا كان عقد النكاح يمكن معه الوطء والحمل : فالولد لصاحب الفراش لا ينتفي عنه أبداً بدعوى غيره ، ولا بوجه من الوجوه ، إلا باللعان "

انتهى من " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 8 / 183 ) .

وقال ابن قدامة - رحمه الله -

: " وأجمعوا على أنه إذا وُلد على فراشٍ فادَّعاه آخر : أنه لا يلحقه ، وإنما الخلاف فيما إذا وُلد على غير فراش "

انتهى من " المغني " ( 7 / 130 ) .

وعليه : فالحمل الذي وجده والدك على والدتك بعد رجوعه من غياب ، يُنسب إليه ، ولا يُنسب لذلك الزاني ، ولو جزمتْ والدتك أنه من ماء الزاني ، إلا أن ينفيه والدك عن نسبه باللعان ، ولما لم يقع من والدك لعانُ ينفي به المولودة التي أنجبتها أمك ، فإنها ابنته تُنسب إليه ، فهي أختك بالنسب ، وهي مسألة إجماع كما رأيتَ مما نقلناه لك من كلام أئمة الإسلام .

ولا تُنسب أختك لذاك الزاني ، وليس هو أباً لها ، وإنما يترتب عليه من أحكام أنه يحرم عليه الزواج بأختك لا غير ، فليس لها أن تناديه بالأبوة ولا تجب عليه نفقتها ولا ترثه ولا يرثها

وحينئذ : فلا تغيير في أمر حياتكم وعيشكم ، بل هذه البنت أختكم ، لها كل الأحكام والحقوق الشرعية للأخت ، ولا علاقة للحكومة ، ولا للناس بما حدث ؛ فذلك أمر بين أمكم وبين الله ، ومن تاب ، تاب الله عليه .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 16:29   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نسب ولد الزنا والأحكام المترتبة عليه

السؤال

بعد مرور 32 عاما على ميلاد ابن زنا من أجنبية كتابية ، وهو شاب ذو أخلاق عالية وقلب طيب ، عندما بلغ 25 عاما أصبح يبحث عن والديه ، فوجد أمه ، ووجدني أنا الأب قبل أسبوع ، حيث ثبت بواسطة الحامض النووي dna على أنني الأب ، وقد تزوجت قبل 31 سنة من مسلمة ، وعندي منها بنت وولدان

وعندي 4 أحفاد ، الحمد لله الذي هداني وعدت إلى مخافة الله ، وأنني ملتزم حيث إنني أصلي وأزكي واعتمرت وحجيت قبل 3 أعوام أنا وزوجتي ، نسأل الله الهداية والتوبة على الدوام .

أرجو إفادتي : هل هو محرم على زوجتي وابنتي ، هل هو أخ لأولادي ؟

هل أعتبره أحد أفراد العائلة ؟

أرجو شرح كل ما يتعلق بالموضوع .


الجواب


الحمد لله

أولاً :

نسأل الله تعالى أن يعفو عنا وعنك ، وأن يوفقنا لحسن التوبة والإنابة إليه سبحانه ، وأن يرزقنا الذرية الصالحة الطيبة بمنه وفضله وكرمه .

واعلم أن التوبة والهداية خير ما يوفق له العبد في الدنيا ، وهي أعظم نعمة يمن الله تعالى بها علينا ، فالواجب شكر الله تعالى عليها ، والحرص على تجديدها ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم الواحد مائة مرة

كما رواه مسلم ( 2702 ) .

ثانياً :

أما نسب الأبناء غير الشرعيين فقد فصل فيه الفقهاء تفصيلا واسعا فقالوا :

لا يخلو حال المزني بها من أحد أمرين :

1. أن تكون فراشاً : يعني أن تكون متزوجة : فكل ولد تأتي به حينئذ إنما ينسب للزوج وليس لأحد غيره ، ولو جَزَمت أنه من غيره ممن زنا بها ، إلا إذا تبرأ الزوج من هذا الولد بملاعنة الزوجة ، فحينئذ ينتفي نسب الولد عن الزوج ويلتحق بأمه وليس بالزاني .

2. أن تكون غير متزوجة : فإذا جاءت بولد من الزنا ، فقد اختلف العلماء في نسب هذا الولد ، هل ينسب إلى أبيه الزاني أو إلى أمه ، على قولين

وفيها : أن الراجح هو عدم صحة النسب من السفاح ، فلا يجوز نسبة ولد الزنا إلى الزاني ، إنما ينسب إلى أمه ، ولو بلغ القطع بأن هذا الولد لذلك الزاني المعين درجة اليقين .

جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 20 / 387 ) :

" الصحيح من أقوال العلماء أن الولد لا يثبت نسبه للواطئ إلا إذا كان الوطء مستنداً إلى نكاح صحيح أو فاسد أو نكاح شبهة أو ملك يمين أو شبهة ملك يمين ، فيثبت نسبه إلى الواطئ ويتوارثان ، أما إن كان الوطء زنا فلا يلحق الولد الزاني ، ولا يثبت نسبه إليه ، وعلى ذلك لا يرثه " . انتهى .

وجاء - أيضاً - في " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 34 ) :

" أما ولد الزنا فيلحق نسبا بأمه ، وحكمه حكم سائر المسلمين إذا كانت أمه مسلمة ، ولا يؤاخذ ولا يعاب بجرم أمه ، ولا بجرم من زنا بها ، لقوله سبحانه : ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) " انتهى .

ثالثاً :

معلوم أن إثبات النسب يتبعه الحديث عن الكثير من الأحكام : أحكام الرضاع ، والحضانة ، والولاية ، والنفقة ، والميراث ، والقصاص ، وحد السرقة ، والقذف ، والشهادة ، وغيرها .

ولما كان الراجح هو عدم ثبوت نسب ابن الزنا من الزاني ، فلا يثبت شيء من الأحكام السابقة على الأب غير الشرعي ، وإنما تتحمل الأم كثيراً منها .

ولكن يبقى للأب غير الشرعي ( الزاني ) قضية تحريم النكاح ، فإن الولد الناتج عن زناه يثبت بينه وبين أبيه وأرحام أبيه أحكام التحريم في النكاح في قول عامة أهل العلم .

قال ابن قدامة - رحمه الله - :

" ويحرم على الرجل نكاح بنته من الزنا ، وأخته ، وبنت ابنه ، وبنت بنته ، وبنت أخيه ، وأخته من الزنا ، وهو قول عامة الفقهاء " انتهى .

" المغني " ( 7 / 485 ) .

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن بنت الزنا هل تزوج بأبيها ؟

فأجاب :

" الحمد لله ، مذهب الجمهور من العلماء أنه لا يجوز التزويج بها ، وهو الصواب المقطوع به " انتهى .

" مجموع الفتاوى " ( 32 / 134 ) .

وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 36 / 210 ) :

" ويحرم على الإنسان أن يتزوّج بنته من الزّنا بصريح الآية : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ) لأنّها بنته حقيقةً ولغةً , ومخلوقة من مائه , ولهذا حرّم ابن الزّنا على أمّه .

وهذا هو رأي الحنفيّة وهو المذهب عند المالكيّة , والحنابلة " انتهى .

رابعاً :

وبناء على ما سبق فإن ابنك هذا من الزنا لا يجوز له أن ينكح بناتك ، فإنهن بمنزلة أخواته ، وكذلك زوجتك .

ولكن ذلك لا يعني أنه مَحرَمٌ لهن فنُجَوِّز له الخلوة بهن أو وضعهن الحجاب في حضرته ، فإن التحريم في النكاح لا يلزم منه دائما المحرمية المبيحة للخلوة ونحوها ، فهي حكم زائد لا يثبت إلا للمحارم الشرعيين ؛ فيجب التنبه لهذا .

قال ابن قدامة – رحمه الله - :

" الحرام المحض : وهو الزنا : يثبت به التحريم ، ولا تثبت به المحرمية ولا إباحة النظر " انتهى بتصرف .

" المغني " ( 7 / 482 ) .

ولا يمنع ذلك كله الإحسان إلى هذا الشاب ، ومعاملته بالحسنى ، والسعي في إسلامه وربطه بالعائلة ، على ألا ينسب إلى أبيه من الزنا ، ولا يتساهل في حجاب البنات في الأسرة عنه .

ونسأل الله لك الخير والتوفيق والرشاد .

والله أعلم
.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 16:58   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفصيل خلاف العلماء في حكم استلحاق ابن الزنا

السؤال:

في بعض الفتاوى في الموقع ذكرتم أن ابن الزنا لا ينسب إلى أبيه وأنه قول جمهور العلماء ، وفي فتاوى أخرى ذكرتم أن بإمكانه استلحاقه به ، فما الصواب في هذه المسألة ، وهل القول بجواز الاستلحاق قول معتبر يمكن الأخذ به ؟

وما الدليل على هذا القول ؟


الجواب :


الحمد لله


أولاً :

من المهمات التي اعتنت بها الشريعة " النسب" وهو لحمة شرعية بين الأب وابنه تنتقل من السلف إلى الخلف ؛ ويترتب عليه الكثير من الأحكام في: الرضاع ، والنكاح ، والحضانة ، والولاية ، والنفقة ، والميراث ، والقصاص ، وحد السرقة ، والقذف ، والشهادة وغيرها .

قال الشاه ولي الله الدهلوي :

" اعْلَم أَن النّسَب أحد الْأُمُور الَّتِي جُبل على محافظتها الْبشر، فَلَنْ ترى إنْسَانا فِي إقليم من الأقاليم الصَّالِحَة لنشء النَّاس إِلَّا وَهُوَ يحب أَن ينْسب إِلَى أَبِيه وجده ، وَيكرهُ أَن يقْدَح فِي نسبته إِلَيْهِمَا... فَمَا اتّفق طوائف النَّاس على هَذِه الْخصْلَة إِلَّا لِمَعْنى فِي جبلتهم ، ومبنى شرائع الله على إبْقَاء هَذِه الْمَقَاصِد الَّتِي تجْرِي بجري الجبلة "

انتهى من "حجة الله البالغة" (2/ 222).

وقال ابن القيم

: " إثْبَاتَ النَّسَبِ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ ، وَحَقٌّ لِلْوَلَدِ ، وَحَقٌّ لِلْأَبِ ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْوَصْلِ بَيْنَ الْعِبَادِ مَا بِهِ قِوَامُ مَصَالِحِهِمْ ، فَأَثْبَتَهُ الشَّرْعُ بِأَنْوَاعِ الطُّرُقِ الَّتِي لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهَا نِتَاجُ الْحَيَوَانِ"

انتهى من "الطرق الحكمية" (ص: 191)

وقد اتفق العلماء على أن الفراش هو الأصل في ثبوت النسب ، والمراد بالفراش : الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة .
قال الشيخ عبد الوهاب خلاف : " المراد شرعاً بالفراش : الزوجية القائمة حين ابتداء الحمل ، فمن حملت وكانت حين حملت زوجة يثبت نسب حملها من زوجها الثابتة زوجيتها به حين حملت، من غير حاجة إلى بينة منها، أو إقرار منه، وهذا النسب يعتبر شرعا ثابتا بالفراش".

انتهى من "أحكام الأحوال الشخصية" (ص: 186)

قال ابن القيم :

" فَأَمَّا ثُبُوتُ النَّسَبِ بِالْفِرَاشِ فَأَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ "

. انتهى من "زاد المعاد" (5/368).

وقال ابن الأثير :

" وإثبات، النسب وإلحاقه بالفراش المستند إلى عقد صحيح أو ملك يمين، مذهب جميع الفقهاء ، لم يختلف فيه أحد من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المجتهدين وغيرهم "

انتهى من "الشافي في شرح مسند الشافعي" (5/49)

واختلف العلماء في الزاني إذا أراد استلحاق ابنه من الزنا به ، هل يثبت نسبه له شرعاً أم لا ؟










رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:01   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانياً :

لمسألة استلحاق الزاني لابنه من الزنا صور:

الأولى :

أن تكون المرأة المزني بها ذات فراش ، أي متزوجة ، وأتت بولد بعد ستة أشهر من زواجها ، ففي هذه الحال ينسب الولد إلى الزوج ، ولا ينتفي عنه إلا بملاعنته لزوجته.

ولو ادعى رجل آخر أنه زنى بهذه المرأة وأن هذا ابنه من الزنا ، لم يلتفت إليه بالإجماع ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) رواه البخاري (2053) ، ومسلم (1457).

قال ابن قدامة :

" وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا وُلِدَ عَلَى فِرَاشٍ رَجُلٍ ، فَادَّعَاهُ آخَرُ : أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ "

انتهى من "المغني" (9/123) .

الثانية :

أن لا تكون المرأة ذات فراش ، ولا يستلحقه الزاني به ، ولا ادَّعي أنه ابنه من الزنا ، ففي هذه الحال لا يُلحق به أيضاً قولاً واحداً .

فلم يقل أحد من أهل العلم بإلحاق ولد الزنا بالزاني من غير أن يدعيه الزاني.

وقد أشار الماوردي في "الحاوي الكبير" (8/455) إلى " إِجْمَاعِهِمْ عَلَى نَفْيِهِ عَنْهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِالزِّنَا".

أي إذا لم يدعه .

الصورة الثالثة :

إذا لم تكن المرأة فراشاً لأحد ، وأراد الزاني استلحاق هذا الولد به .

فهذه الصورة محل الخلاف بين العلماء.

قال ابن قدامة : " وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا وُلِدَ عَلَى غَيْرِ فِرَاشٍ " .

انتهى من "المغني" (9/123).

وهي مسألة مهمة جداً كما قال ابن القيم:

" هَذِهِ مَسْأَلَةٌ جَلِيلَةٌ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا "

انتهى من "زاد المعاد" (5/381).

ثالثاً:

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين مشهورين :

الأول : أن ابن الزنا لا يُنسب إلى الزاني ولو ادعاه واستلحقه به .

وهو قول عامة العلماء من المذاهب الأربعة والظاهرية وغيرهم .

ينظر: "المبسوط" للسرخسي (17/154)

"بدائع الصنائع" للكاساني (6/243)

"المدونة" (2/556)

"أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (3/20)

" المغني" (6/228) ، "المحلى" (10/142).

وبناء على هذا القول :

فإن ولد الزنا – ذكرا كان أو أنثى – لا ينسب إلى الزاني ، ولا يقال إنه ولده ، وإنما ينسب إلى أمه ، وهو محرَم لها ، ويرثها كبقية أبنائها .

قال ابن قدامة المقدسي

: " وَوَلَدُ الزِّنَى لَا يَلْحَقُ الزَّانِيَ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ ".

انتهى من " المغني " (9/123) .

وعلى هذا القول فتوى الشيخ ابن إبراهيم كما في "فتاواه " (11/146)

والشيخ ابن باز كما في "مجموع فتاواه" (28/ 124) ، رحمة الله عليهما .

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (20/387 ) :

" الصحيح من أقوال العلماء أن الولد لا يثبت نسبه للواطئ إلا إذا كان الوطء مستنداً إلى نكاح صحيح أو فاسد أو نكاح شبهة أو ملك يمين أو شبهة ملك يمين ، فيثبت نسبه إلى الواطئ ويتوارثان ، أما إن كان الوطء زنا فلا يلحق الولد الزاني ، ولا يثبت نسبه إليه ، وعلى ذلك لا يرثه " . انتهى .

القول الثاني : أن الزاني إذا استلحق ولده من الزنا فإنه يلحق به .

وهو قول عروة بن الزبير ، وسليمان بن يسار، والحسن البصري ، وابن سيرين ، وإبراهيم النخعي ، وإسحاق بن راهويه، كما نقله عنهم ابن قدامة في "

المغني" (9/123).

وروى الدارمي في "السنن" (3106) عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: " أَيُّمَا رَجُلٍ أَتَى إِلَى غُلَامٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنٌ لَهُ وَأَنَّهُ زَنَى بِأُمِّهِ ، وَلَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ الْغُلَامَ أَحَدٌ : فَهُوَ يَرِثُهُ ".

قَالَ بُكَيْرٌ : وَسَأَلْتُ عُرْوَةَ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ " .

قال ابن القيم :

" كَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمَوْلُودَ مِنَ الزِّنَى إِذَا لَمْ يَكُنْ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشٍ يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ ، وَادَّعَاهُ الزَّانِي : أُلْحِقَ بِهِ ... وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، رَوَاهُ عَنْهُ إسحاق بِإِسْنَادِهِ فِي رَجُلٍ زَنَى بِامْرَأَةٍ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا، فَادَّعَى وَلَدَهَا فَقَالَ: يُجْلَدُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ.

وَهَذَا مَذْهَبُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ"

. انتهى من "زاد المعاد" (5/381)

قال ابن قدامة :

" وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا أَرَى بَأْسًا إذَا زِنَى الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ، أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَعَ حَمْلهَا ، وَيَسْتُرَ عَلَيْهَا ، وَالْوَلَدُ وَلَدٌ لَهُ ".

انتهى من "المغني" (9/123).

واختار هذا القول : شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وتلميذه ابن القيم .

قال ابن مفلح رحمه الله :

" واختار شيخنا أنه إن استلحق ولده من زنا ولا فراش : لحقه "
\
انتهى من "الفروع" (6/625).

ونسبه إليه البعلي في "الاختيارات الفقهية" صـ 477 .

وقال المرداوي :

" وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ : إنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدَهُ من الزنى وَلَا فِرَاشَ: لَحِقَهُ.

وَنَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فيها : لَا يَلْحَقُهُ .

وقال في الِانْتِصَارِ في نِكَاحِ الزَّانِيَةِ يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فيه ، وقال في الِانْتِصَارِ أَيْضًا : يَلْحَقُهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ ، وَذَكَرَ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ مِثْلَ ذلك ".

انتهى من "الإنصاف" (9/269) .

واختاره أيضاً من المعاصرين : الشيخ محمد رشيد رضا في "تفسير المنار" (4/382)، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى

كما في "الشرح الممتع" (12/127).









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:02   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعاً : استدل جمهور العلماء على عدم لحوق ولد الزنى بالزاني :

1- بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) ، متفق عليه .

ووجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل ولداً لغير الفراش ، كما لم يجعل للعاهر سوى الحجر ، وإلحاق ولد الزنا بالزاني إلحاق للولد بغير الفراش .

فقوله (الولد للفراش ) يقتضي حصر ثبوت النسب بالفراش.

قال الكاساني : " النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَخْرُج الْكَلَامَ مُخْرَجَ الْقِسْمَةِ ، فَجَعَلَ الْوَلَدَ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ وَالْحَجْرَ لِلزَّانِي ، فَاقْتَضَى أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلَدُ لِمَنْ لَا فِرَاشَ لَهُ ، كَمَا لَا يَكُونُ الْحَجْرُ لِمَنْ لَا زِنَا مِنْهُ ، إذْ الْقِسْمَةُ تَنْفِي الشَّرِكَةَ .

وَالثَّانِي : أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَعَلَ الْوَلَدَ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ وَنَفَاهُ عَنْ الزَّانِي بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجْرُ) لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ .

وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ جِنْسِ الْوَلَدِ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ ، فَلَوْ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدٍ لِمَنْ لَيْسَ بِصَاحِبِ الْفِرَاشِ لَمْ يَكُنْ كُلُّ جِنْسِ الْوَلَدِ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ ، فَعَلَى هَذَا إذَا زَنَى رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الزَّانِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ لِانْعِدَامِ الْفِرَاشِ .

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي جَانِبِهَا يَتْبَعُ الْوِلَادَةَ ".

انتهى من "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (6/242) .

وقال أبو بكر الجصاص: "وقوله: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ) قد اقتضى معنيين:

أحدهما: إثبات النسب لصاحب الفراش .

والثاني: أن من لا فراش له فلا نسب له ؛ لأن قوله "الولد" اسم للجنس، وكذلك قوله "الفراش" للجنس، لدخول الألف واللام عليه ، فلم يبق ولد إلا وهو مراد بهذا الخبر، فكأنه قال: لا ولد إلا للفراش"

انتهى من "أحكام القرآن" (5/159).

وقال ابن حزم الظاهري :

" نفى صلى الله عليه وسلم أولاد الزنى جملة بقوله عليه الصلاة والسلام " وللعاهر الحجر " ، فالعاهر - أي الزاني - عليه الحد فلا يلحق به الولد ، والولد يلحق بالمرأة إذا أتت به ، ولا يلحق بالرجل ، ويرث أمه وترثه ، لأنه عليه الصلاة والسلام ألحق الولد بالمرأة في اللعان ونفاه عن الرجل "

انتهى من "المحلى" (10/322).

وقال ابن عبد البر:

" البيان من الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في أن العاهر لا يلحق به في الإسلام ولد يدعيه من الزنا ، وأن الولد للفراش على كل حال ، والفراش : النكاح ، أو ملك اليمين لا غير .

أجمع العلماء - لا خلاف بينهم فيما علمته - أنه لا يلحق بأحد ولد يستلحقه إلا من نكاح أو ملك يمين ، فإذا كان نكاح أو ملك فالولد للفراش على كل حال ".

انتهى من "الاستذكار" (2/167).

2- واستدلوا بما رواه أحمد (6660)

وأبو داود (2265)

وابن ماجه (2746) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى : ( أَيُّمَا مُسْتَلْحَقٍ اسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الَّذِي يُدْعَى لَهُ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ ، قَضَى :

إِنْ كَانَ مِنْ حُرَّةٍ تَزَوَّجَهَا أَوْ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَا اسْتَلْحَقَهُ .

وَإِنْ كَانَ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ عَاهَرَ بِهَا : لَمْ يَلْحَقْ بِمَا اسْتَلْحَقَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ ، وَهُوَ ابْنُ زِنْيَةٍ لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا حُرَّةً أَوْ أَمَةً) واللفظ لأحمد.

والحديث حسنه : البوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/93)

والشيخ الألباني، ومحققو المسند ، وصححه الشيخ أحمد شكر .

ففي هذا الحديث دلالة على أن من استلحق ولداً من الزنا – بحرة أو أمة -: لم يلحق به، وإنما ينسب لأمه .

قَالَ الْخَطَّابِيّ موضحا المقصود من الحديث

: " هَذِهِ أَحْكَامٌ قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أوائل الإسلام ومبادىء الشَّرْعِ وَهِيَ:

أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ وَاسْتَلْحَقَ لَهُ وَرَثَتُهُ وَلَدًا : فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الَّذِي يدَّعى الْوَلَدَ لَهُ وَرَثَتُهُ قَدْ أَنْكَرَ أَنَّهُ مِنْهُ : لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَمْ يَرِثْ مِنْهُ .

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْكَرَهُ : فَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَتِهِ : لَحِقَهُ ، وَوَرِثَ مِنْهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ بَعْدُ مِنْ مَالِهِ ، وَلَمْ يَرِثْ مَا قُسِمَ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ .

وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةِ غَيْرِهِ ... أَوْ مِنْ حُرَّةٍ زَنَى بِهَا : لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَرِثُ ، بَلْ لو استلحقه الواطىء لم يلحق به ، فإن الزنى لَا يُثْبِتُ النَّسَبَ" .

انتهى نقلا عن "تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة" للبيضاوي (2/408).

وهذا الدليل هو أقوى ما يستدل به أصحاب هذا القول ، فهو صريح في أن الزاني إذا استلحق ابناً له من الزنا لا يلحقه .
حتى قال ابن القيم : " إِنْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ تَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِمُوجَبِهِ ، وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ".

انتهى من "زاد المعاد" (5/384).

3- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ ، مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ ، وَمَنْ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ : فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ)

رواه أبو داود في سننه (2264) .

" ( لَا مُسَاعَاة فِي الْإِسْلَام ) الْمُسَاعَاة الزِّنَا ، وَكَانَ الْأَصْمَعِيّ يَجْعَلهَا فِي الْإِمَاء دُون الْحَرَائِر لِأَنَّهُنَّ كُنَّ يَسْعَيْنَ لِمَوَالِيهِنَّ فَيَكْسِبْنَ لَهُمْ بِضَرَائِب كَانَتْ عَلَيْهِنَّ .

قَالَ فِي مَعَالِم السُّنَن : إِنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانَتْ لَهُمْ إِمَاء يُسَاعِينَ وَهُنَّ الْبَغَايَا اللَّوَاتِي ذَكَرهنَّ اللَّه تَعَالَى فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِذَا كَانَ سَادَتهنَّ يُلِمُّونَ بِهِنَّ وَلَا يَجْتَنِبُوهُنَّ ، فَإِذَا جَاءَتْ إِحْدَاهُنَّ بِوَلَدٍ وَكَانَ سَيِّدهَا يَطَؤُهَا وَقَدْ وَطِئَهَا غَيْره بِالزِّنَا فَرُبَّمَا اِدَّعَاهُ الزَّانِي وَادَّعَاهُ السَّيِّد ، فَحَكَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَمَة فِرَاش السَّيِّد كَالْحُرَّةِ وَنَفَاهُ عَنْ الزَّانِي .

وقوله (وَلَدًا مِنْ غَيْر رِشْدَة ) : يُقَال هَذَا وَلَد رِشْدَة بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح ، مَنْ كَانَ بِنِكَاحٍ صَحِيح ، وَوَلَد زِنْيَة مَنْ كَانَ بِضِدِّهِ "

انتهى ملخصا من "عون المعبود" (6/ 353) .

لكن الحديث ضعيف ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : "فِي إِسْنَاده رَجُل مَجْهُول" .

وقال ابن القيم :

" وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ ، فَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ ".

انتهى من " زاد المعاد " (5/382).

وضعفه : الشيخ أحمد شاكر والألباني أيضاً.

ينظر: "مسند أحمد" (5/139)

"ضعيف أبي داود" (2264).

4- أن هذا هو الذي جرى عليه عمل المسلمين في العصور المتقدمة .

قال الإمام أبو يوسف : " وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَجَمَ غَيْرَ وَاحِدٍ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهَ عَنْهُمَا وَالسَّلَفِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ أَقَامُوا الْحُدُودَّ عَلَى الزُّنَاةِ ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ مَنْهُمْ أَنَّهُ قَضَى مَعَ ذَلِكَ بِمَهْرٍ ، وَلَا أَثْبَتَ مِنْهُ نَسَبَ الْوَلَدِ"

انتهى من "الرد على سير الأوزاعي" (ص: 51) .

خامساً : استدل من قال بإلحاق ابن الزنا به إذا استلحقه:

1-أن هذا الطفل متولد من مائه ، فهو ابنه قدراً وكوناً ، ولا يوجد دليل شرعي صحيح صريح يمنع من إلحاق نسبه به .
قال الشيخ ابن عثيمين : " الولد للزاني ، وذلك لأن الحكم الكوني الآن لا يعارضه حكم شرعي فكيف نلغي هذا الحكم الكوني ، مع أننا نعلم أن هذا الولد خلق من ماء هذا الرجل ؟ فإذا استلحقه وقال هو ولده فهو له ...

وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من العلماء ، يلحقونه ويقولون : إن هذا الولد ثبت كونه للزاني قدراً ، ولم يعارضه حكم شرعي ، فلا نهمل الحكم القدري بدون معارض ، أما لو عارضه الحكم الشرعي فمعلوم أن الحكم الشرعي مقدم على الحكم القدري "

انتهى من "فتح ذي الجلال" (12/318) .

وأما حديث : (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) فهو وارد في حال وجود الفراش ، ومسألتنا في حال عدم وجود الفراش .
قال شيخ الإسلام : " فَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا : لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْحَدِيثُ " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/ 113) .

فقد حكم بذلك صلى الله عليه وسلم عند تنازع الزاني وصاحب الفراش كما ذكر ابن القيم في "زاد المعاد" (5/ 8174).
ونقل ابن القيم عن إسحاق بن راهويه أنه : " أُوَّلَ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ) عَلَى أَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ عِنْدَ تَنَازُعِ الزَّانِي وَصَاحِبِ الْفِرَاشِ" .

انتهى من "زاد المعاد" (5/381) .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

" قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) جملتان متلازمتان ، فيما إذا كان عندنا فراش وعاهر" .
انتهى من "الشرح الممتع" (13/ 308) .

وفي هذه المسألة لا ينازع الزاني أحد في نسب هذا الولد .

وقال الشيخ ابن عثيمين : " حديث (الولد للفراش وللعاهر الحجر) يدل أن هناك رجلين ، زان وصاحب فراش كل واحد منهما يدعي أن الولد له ، صاحب الفراش يقول: هذا ولدي ولد على فراشي ، والزاني يقول: هذا ولدي خلق من مائي ، فهنا نغلب جانب الشرع كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) .

أما إذا كان الزاني لا ينازعه أحد في ذلك، يعني: زنا بامرأة بكر -مثلاً- أو امرأة ليس لها زوج ولم يدّعِ أحدٌ هذا الولد وقال الزاني: إنه ولدي فهو له " .

انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (63/ 21، بترقيم الشاملة آليا).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: " الجمهور على أنه عام ، وأنه لا حق للزاني في الولد الذي خلق من مائه ، وذهب بعض العلماء إلى أن هذا خاص في المخاصمة، يعني إذا تخاصم الزاني وصاحب الفراش قضينا به لصاحب الفراش ، أما إذا كان لا منازع للزاني ، واستلحقه فله ذلك ويلحق به ، وهذا القول هو الراجح المناسب للعقل، وكذلك للشرع عند التأمل"

انتهى من "الشرح الممتع " (12/127).

وقال الإمام أحمد

في رواية أبي الحارث: في رجل غصب رجلا على امراته فأولدها ، ثم رجعت إلى زوجها وقد أولدها .

قال : " لا يلزم زوجها الأولاد ، وكيف يكون الولد للفراش في مثل هذا ، وقد علم أن هذه في منزل رجل أجنبي وقد أولدها في منزله ، إنما يكون الولد للفراش إذا ادعاه الزوج ، وهذا لا يدعى : فلا يلزمه".

انتهى من "بدائع الفوائد" (4/120).

واعتبار الألف واللام في الحديث للجنس كما قال الجصاص ، متنازع فيه ، فقد مال الزرقاني إلى أنها للعهد ، فقال: " أل للعهد ، أي الولد للحالة التي يمكن فيها الافتراش ".

شرح الزرقاني على الموطأ (4/25).

وأما حديث : (وَإِنْ كَانَ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ عَاهَرَ بِهَا : لَمْ يَلْحَقْ بِمَا اسْتَلْحَقَهُ ...).

فهذا الحديث مداره على عمرو بن شعيب يرويه عن أبيه عن جدة ، وهذه سلسلة اختلف المحدثون فيها كثيراً ، وهو وإن كان الأرجح تحسين حديثه إن كان الراوي عنه ثقة إلا أن تفرده بمثل هذا الحديث الذي يعد أصلاً في بابه يدعو للتوقف في قبول روايته .

قال الإمام أحمد : " أَصْحَابُ الحَدِيْثِ إِذَا شَاؤُوا: احْتَجُّوا بِحَدِيْثِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَإِذَا شَاؤُوا: تَرَكُوْهُ ".
انتهى من "سؤالات أبي دواد للإمام أحمد" ص230.

أي أنهم لا يحتجون به مطلقاً ، ولا يردون حديثه مطلقا ، بل بحسب حال كل حديث .

قال الذهبي:

" هَذَا مَحْمُوْلٌ عَلَى أَنَّهُم يَتَرَدَّدُوْنَ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ ، لاَ أَنَّهُم يَفْعَلُوْنَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيْلِ التَّشَهِّي"

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (5/167).

ثم إن الرواة له عن عمرو بن شعيب : ضعفاء ومتكلم فيهم ، وأمثلهم رواية : محمد بن راشد يرويه عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .

وفي كلٍ من : محمد بن راشد ، وسليمان بن موسى ، نزاع بين أهل الحديث :

أما محمد بن راشد المكحولي الشامي ، فوثقه الإمام أحمد ، وابن معين ، وابن المديني، وغيرهم.

وقال أبو حاتم: صدوق.

وقال شعبة: "ما كتبت عنه ، أما إنه صدوق ، ولكنه شيعي أو قدري".

وقال ابن حبان :

"كان من أهل الورع والنسك ، ولم يكن الحديث من صنعته ، وكثرت المناكير في روايته فاستحق الترك ".

وقال الدارقطني: "يعتبر به".

وقال ابن عدي :

" وليس برواياته بأس ، إذا حدث عنه ثقة فحديثه مستقيم ".

وفي التقريب :

" صدوق يهم ، ورمي بالقدر".

وقال البيهقي : "

مُحَمَّد بن رَاشد ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث".

انتهى من "البدر المنير" (8 /430).

ينظر: "تاريخ ابن معين" - رواية الدوري - (4 / 465)

"الجرح والتعديل" (7/253)

"الضعفاء الكبير" للعقيلي (7/440)

"الكامل في الضعفاء" (6/202)

"ميزان الاعتدال" (3/543)

"تهذيب التهذيب" (9/140).

وأما الراوي الثاني المتكلم فيه فهو سليمان بن موسى القرشي الأموي الأشدق، فقيه أهل الشام في زمانه .
وقد وثقه دُحَيم ، ويحيى بن معين ، والدارقطني ، وابن سعد وابن حبان .

قال ابن عَدي

: "وسليمان بن موسى فقيهٌ راوٍ حدَّث عنه الثقات ، وهو أحد علماء أهل الشام ، وقد روى أحاديث ينفرد بها لا يرويها غيره ، وهو عندي ثبت صدوق ".

ومن العلماء من غمز في ضبطه وإتقانه .

قال أبو حاتم:

"محله الصدق، وفى حديثه بعض الاضطراب".

وقال البخاري:

"عنده مناكير".

وقال " "سليمان بن موسى منكر الحديث ، أنا لا أروي عنه شيئا ، روى سليمان بن موسى أحاديث عامتها مناكير".

انتهى من "علل الترمذي الكبير" (1/93) .

وقال النسائي:

"أحد الفقهاء، وليس بالقوي في الحديث".

وقال ابن حجر في التقريب:

" صدوق فقيه في حديثه بعض لين ، وخولط قبل موته بقليل".

ينظر: "الكاشف" (1/464)

"تهذيب التهذيب" (4/198)

"مغانى الأخيار" (1/477)

وقال المنذري

: " رَوى عن عَمرو هذا الحديث ، محمد بن راشد ، وفيه مقال "
.
انتهى من "عون المعبود" (6/255) .

والحاصل :

أن الحديث لا يخلو من مغمز فيه ، ولذلك قال ابن القيم : " لأهل الحديث في إسناده مقال ؛ لأنه من رواية محمد بن راشد المكحولي".

انتهى من "زاد المعاد" (5/383) .

ومثل هذا الحديث الذي ينفرد بروايته مثل هؤلاء الرواة الذين لم يبلغوا شأواً عالياً في الضبط والإتقان ، ولم يتابعهم على روايته أحد من المشهود لهم بهذا الفن ، مع أهمية الموضوع الذي يتضمنه الحديث : لا يرقى لدرجة الحجية .

ولذلك قال البيهقي: " مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَإِنْ كُنَّا نَرْوِى حَدِيثَهُ لِرِوَايَةِ الْكِبَارِ عَنْهُ ، فَلَيْسَ مِمَّنْ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ ".

انتهى من "سنن البيهقي" (2/483).

قال ابن رجب:

" أما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث - إذا تفرد به واحد - وإن لم يرو الثقات خلافه : إنه لا يتابع عليه ، ويجعلون ذلك علةً فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً ، ولهم في كل حديث نقد خاص".

انتهى من "شرح علل الترمذي" لابن رجب (1/216).

والحديث أخرجه عبد الرزاق أيضاً في المصنف (10/289)

عن ابن جريج قال: قال عمرو بن شعيب : ( وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل مستلحق ....).

ولكن قال أبو بكر الأثرم :

" قال لي أبو عبد الله: إذا قال ابن جريج قال فلان وقال فلان، وأخبرت ، جاء بمناكير ، فإذا قال أخبرني وسمعت فحسبك به " .

انتهى من "تاريخ بغداد" (10/405).

وقال أبو الحسن الميموني عن أحمد بن حنبل :

" إذا قال ابن جريج قال ، فاحذره ، وإذا قال سمعت أو سألت جاء بشيء ليس في النفس منه شيء ".

انتهى من "تهذيب الكمال" (18/348).

2- أن عمر بن الخطاب ألحق أولادا ولدوا في الجاهلية بآبائهم .

فروى مالك في " الموطأ " (1451)

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنْ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ .

وفي سنده انقطاع فسليمان بن يسار لم يدرك عمر رضي الله عنه .

قال الباجي

: " يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُلْحِقُهُمْ بِهِمْ وَيَنْسُبُهُمْ إِلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا لِزِنْيَةٍ ".

انتهى من "المنتقى شرح الموطأ" (6/11) .

قال ابن عبد البر:

" هذا إذا لم يكن هناك فراش ؛ لأنهم كانوا في جاهلتهم يسافحون ويناكحون وأكثر نكاحاتهم على حكم الإسلام غير جائزة ".

انتهى من "التمهيد" (8/183) .

والمنازعون في هذا يقولون : هذا خاص بأهل الجاهلية فلا يلحق بهم غيرهم .

قال ابن عبد البر: " إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يليط أولاد الجاهلية بمن استلاطهم ويلحقهم بمن استلحقهم إذا لم يكن هناك فراش ؛ لان أكثر أهل الجاهلية كانوا كذلك

وأما اليوم في الإسلام بعد أن أحكم الله شريعته وأكمل دينه ، فلا يلحق ولد من زنا بمدعيه أبدا عند أحد من العلماء كان هناك فراش أولم يكن".

انتهى من "الاستذكار" (7/164).

وقال : " هذا منه كان خاصاً في ولادة الجاهلية حيث لم يكن فراش ، وأما في ولادة الإسلام فلا يجوز عند أحد من العلماء أن يلحق ولد من زنا ".

انتهى من "الاستذكار" (7/172) [ نفي ابن عبد البر وجود الخلاف محل نظر كما لا يخفى ].

وقال الماوردي :

" وَالْعِهَارُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَخَفُّ حُكْمًا مِنَ الْعِهَارِ فِي الْإِسْلَامِ ".

انتهى من "الحاوي الكبير" (8/456).

وذهب جمهرة من المالكية إلى أن الحكم يشمل كل من دخل في الإسلام

قال الباجي

: " رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي جَمَاعَةٍ يُسْلِمُونَ فيستلحقون أَوْلَادًا مِنْ زِنًى ، فَإِنْ كَانُوا أَحْرَارًا وَلَمْ يَدَّعِهِمْ أَحَدٌ لِفِرَاشٍ فَهُمْ أَوْلَادُهُمْ

قَالَ : وَمَنْ ادَّعَى مِنْ النَّصَارَى الَّذِينَ أَسْلَمُوا أَوْلَادًا مِنْ الزِّنَا فَلْيُلَاطُوا بِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الزِّنَا فِي دِينِهِمْ فَجُعِلَ ذَلِكَ بِاسْتِحْلَالِهِمْ الزِّنَا .

وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ مَنْ أَسْلَمَ الْيَوْمَ فَاسْتَلَاطَ وَلَدًا بِزِنًا فِي شِرْكِهِ فَهُوَ مِثْلُ حُكْمِ مَنْ أَسْلَمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ "

انتهى من "المنتقى شرح الموطأ" (4/31) .

وقال ابن العربي

: " قال علماؤنا: كان أولئك أولاد لزَنْيَةٍ [ أي الذين ألحقهم عمر بآبائهم ] ، وكذلك السُّنَّةُ اليومَ فيمن أسلمَ من النَّصَارى واليهود، ثمّ ادَّعَى ولدًا كان من زنا في حال نصرانيَّتِه ، أنّه يُلحَق به إذا كان مجذوذَ النَّسَبِ ، لا أَبَ لهَ ولا فِرّاشَ فيه ".

انتهى من "المسالك في شرح موطأ مالك" (6/383) .

والتفريق بين أمر الجاهلية والإسلام : غير ظاهر؛ لأن النسب أمر قدري كوني بغض النظر عن اعتقاد الزاني .
وإلحاق ولد الزنا بأبيه إذا استلحقه حكم لا يختلف في جاهلية ولا إسلام ، ولا فرق فيه بين معذور وغيره .

3- يشهد لما سبق من جواز الإلحاق ما جاء في قصة جريج العابد ، لما قال للغلام الذي زنت أمه بالراعي : (قالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ ، قَالَ : الرَّاعِي...) متفق عليه .

فكلام الصبي كان على وجه الكرامة وخرق العادة من الله ، وقد أخبر أن الراعي أبوه ، مع أن العلاقة علاقة زنى ؛ فدل على إثبات الأبوة للزاني .

قال ابن القيم:

" وَهَذَا إِنْطَاقٌ مِنَ اللَّهِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْكَذِبُ ".

انتهى من" زاد المعاد" (5/382).

وقال القرطبي :

" النبي صلى الله عليه وسلم قد حكى عن جريج أنه نسب ابن الزنى للزاني ، وصدَّق الله نسبته بما خرق له من العادة في نطق الصبي بالشهادة له بذلك ، وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن جريج في معرض المدح وإظهار كرامته ، فكانت تلك النسبة صحيحة بتصديق الله تعالى وبإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فثبتت البنوة وأحكامها".

انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (5/115).

وقال الشيخ ابن عثيمين :

" واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن ولد الزنى يلحق الزاني؛ لأن جريجاً قال: من أبوك؟ قال: أبي فلان

الراعي، وقد قصها النبي صلى الله عليه وسلم علينا للعبرة، فإذا لم ينازع الزاني في الولد واستلحق الولد فإنه يلحقه ، وإلى هذا ذهب طائفة يسيرة من أهل العلم ".

انتهى من "شرح رياض الصالحين" (3/75) .

4- القياس .

قال ابن القيم : " الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ يَقْتَضِيهِ ، فَإِنَّ الْأَبَ أَحَدُ الزَّانِيَيْنِ ، وَهُوَ إِذَا كَانَ يُلْحَقُ بِأُمِّه ِ، وَيُنْسَبُ إِلَيْهَا ، وَتَرِثُهُ وَيَرِثُهَا ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَقَارِبِ أُمِّهِ مَعَ كَوْنِهَا زَنَتْ بِهِ ، وَقَدْ وُجِدَ الْوَلَدُ مِنْ مَاءِ الزَّانِيَيْنِ ، وَقَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ ، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ ابْنُهُمَا ، فَمَا الْمَانِعُ مِنْ لُحُوقِهِ بِالْأَبِ إِذَا لَمْ يَدِّعِهِ غَيْرُهُ ؟

فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ".

انتهى من "زاد المعاد" (5/381).

5- أن هذا القول تترتب عليه مصالح كثيرة ومنها :

* أن الشارع يتشوف لحفظ الأنساب ورعاية الأولاد ، والقيام عليهم بحسن التربية والإعداد ، وحمايتهم من التشرد والضياع .

قال الشيخ ابن عثيمين :

"والشارع له تشوف إلى إلحاق الناس في أنساب معلومة".

انتهى من "الشرح الممتع" (15/501).

وقال أيضاً : " أما إذا لم يكن له منازع واستلحقه فإنه يلحقه ؛ لأنه ولده قدراً ، فإن هذا الولد لا شك أنه خلق من ماء الزاني فهو ولده قدراً ، ولم يكن له أب شرعي ينازعه ، وعلى هذا فيلحق به.

قالوا : وهذا أولى من ضياع نسب هذا الولد ؛ لأنه إذا لم يكن له أب ضاع نسبه، وصار ينسب إلى أمه ".

انتهى من "شرح رياض الصالحين" (3/75).

"وفي نسبة ولد الزنا إلى أبيه تحقيق لهذه المصلحة ، خصوصًا أن الولد لا ذنب له ، ولا جناية حصلت منه ، ولو نشأ من دون أب ينسب إليه ويعني بتربيته والإنفاق عليه لأدى ذلك في الغالب إلى تشرده وضياعه وانحرافه وفساده ، وربما نشأ حاقدًا على مجتمعه ، مؤذيًا له بأنواع الإجرام والعدوان "

ينظر: "فقه الأسرة عند ابن تيمية" (2/759).

* أن في هذا القول حثًا للزاني على نكاح من زنا بها وإعفافها، وستر أهلها وولدها.

* وفيه حل لمشكلة هؤلاء الأولاد الناتجين من الزنا، فلا يشعرون بأنهم ولدوا في الحرام والظلام ، ولا يحسون بالقهر والظلم إثر ما وقع عليهم ، فينشئون مع إخوانهم من النكاح الصحيح نشأة صالحة ، وينتسبون إلى أسرة يهمهم سمعتها ، والمحافظة على شرفها وكرامتها.

* ومن الآثار المحتملة بل الواقعة غالباً : سهولة انحراف مجهول النسب ، في حبائل الفساد والرذيلة والشرور التي تتعدى إلى المجتمع بأكمله !

وقد ذكر عدد من المختصين في «دور رعاية اللقطاء» : أن هذه الفئة - وبنسبةٍ غالبة - مقارنةً بغيرهم ، ينشأون وهم ينقمون على مجتمعهم ، لذلك يسهل لديهم الوقوع في الجـريمة .

* فيه تحقيق لمقصد تخفيف الشر: فإن في استلحاق ولد الزنا تخفيف لآثار الجريمة التي وقع فيها الزاني ، فالزنا فاحشةٌ محرمةٌ وتزداد فحشاً وقبحاً كلما تعدى أثرها إلى غير الزاني والزانية ؛ فالزنا بالمتزوجة أو بحليلة الجار أشد قبحاً من الزنا بغيرها، والزنا الذي يترتب عليه حَمْلٌ أعظم خطراً من الذي لا ينتج عنه حَمْل؛ ومن ترميم بعض آثار الزنا استلحاق ولد الزنا.

* في هذا القول تحقيق لمبدأ العــدل الذي أمر الله به ومن العدل الذي جاءت به شريعةُ الله ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ، فهذا الولد الناتج من هذه الممارسة الخاطئة لا ذنب له ولا جريرة ، وفي نفي النسب عنه من أبيه إذا استلحقه عقوبة له بأمر لم يكن له فيه يد .

* ومن مبدأ العدل استواء العقوبة بين الرجل والمرأة : فإنه من القواعد المُـقررةِ في الشـريعة استواء العقاب بين أهل الجريمة إذا كانت المقارَفة لها على حدٍ سواء.

* أن هذه المشكلة موجودة بكثرة بين المسلمين الجدد ، فيسلم أحدهم مع خليلته وهي حامل منه من الزنا، وهو يرغب نكاحها واستلحاق ولده منها، وقد يكون له علاقة محرمة بزوجته قبل أن يتزوجها، وله أولاد منها من الزنا، وأولاد آخرون بعد نكاحها، فيقع في ورطة لا يحلها إلا الستر عليه ، وإلحاق أولاده من الزنا به.

* أن في هذا القول ترغيبًا لمن يريد الدخول في الإسلام ممن ابتلي بهذه البلية ، ولو قيل لأحدهم: إن أولادك من الزنا الذين يعيشون في كنفك وينتسبون إليك لا يلحقون

بك شرعًا – لربما صده ذلك عن الدخول في الإسلام.

قال ابن القيم :

" هذا المذهب كما تراه قوةً ووضوحاً ، وليس مع الجمهور أكثر من (الولد للفراش) ، وصاحب هذا المذهب أول قائل به ، والقياس الصحيح يقتضيه".

انتهى من " زاد المعاد " (5/374).

والحاصل :

أن القول بالمنع والجواز قولان معتبران عند أهل العلم ، وهذه المسألة من مسائل الاجتهاد ، ويبقى النظر في كل واقعة بملابساتها ، فإذا كان الولد يضيع ديناً أو دنياً فالأخذ بالقول بالاستلحاق فيه تحقيق مصلحة حفظه ، وهي مصلحة شرعية .

نسأل الله السلامة والعافية .

وللاستزادة ينظر:

- " فقه الأسرة عند ابن تيمية في الزواج وآثاره " ، رسالة دكتوراة ، محمد بن أحمد الصالح.

- " النسب ومدى تأثير المستجدات العلمية في إثباته "، سفيان بن عمر بورقعة. ( رسالة دكتوراه).

- " نسب ولد الزنا " ، الشيخ عدنان بن محمد الدقيلان ، بحث منشور في " مجلة العدل " ( عدد22).

- " أحكام ولد الزنا " ، إبراهيم بن عبد الله القصيّر ، (بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير).

- " حكم نسبة المولود إلى أبيه من المدخول بها قبل العقد " ، للدكتور عبد العزيز الفوزان.

والله أعلم .

والحاصل :

أن القول بالمنع والجواز قولان معتبران عند أهل العلم ، وهذه المسألة من مسائل الاجتهاد ، ويبقى النظر في كل واقعة بملابساتها ، فإذا كان الولد يضيع ديناً أو دنياً فالأخذ بالقول بالاستلحاق فيه تحقيق مصلحة حفظه ، وهي مصلحة شرعية .

نسأل الله السلامة والعافية .

وللاستزادة ينظر:

- " فقه الأسرة عند ابن تيمية في الزواج وآثاره " ، رسالة دكتوراة ، محمد بن أحمد الصالح.

- " النسب ومدى تأثير المستجدات العلمية في إثباته "، سفيان بن عمر بورقعة. ( رسالة دكتوراه).

-نسب ولد الزنا ، الشيخ عدنان بن محمد الدقيلان ، بحث منشور في " مجلة العدل " ( عدد22).

- " أحكام ولد الزنا " ، إبراهيم بن عبد الله القصيّر ، (بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير).

- " حكم نسبة المولود إلى أبيه من المدخول بها قبل العقد " ، للدكتور عبد العزيز الفوزان.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:11   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وهب جزءا كبيرا من ماله حتى لا يرثه أبناء أخيه

السؤال

: (أكبر) و ( أصغر ) هما شقيقان من أب وأم واحد ، وكذلك لهما أختان شقيقتان حيتان ، وأبوهم وأمهم قد ماتا ، أكبر عمره خمس وتسعون سنة ، وأصغر عمره ثمانون تقريباً. ، زوجة أكبر قد ماتت ، وأصغر زوجته حية ، أكبر له ثلاثة أبناء من الذكور ، وأصغر ليس له أولاد لا من الذكور ولا من الإناث ، هما كان يعيشان معًا من البداية إلى قبل ثمانية سنوات ، وفي هذه الحالة أصغر جاء ببنت أخي زوجته

وزوّجها على نفقته ، فالبنت وزوجها وأصغر وزوجته يسكنون في بيت واحد، وكذلك سجّل ثلثي الأراضي المزروعة من حقه في مكتب التسجيل الحكومي باسم تلك البنت وزوجه ؛ خوفاً إن مات قبل التسجيل أن يأخذها أخوه أو أبناء أخيه حسب نظام الحكومى أو الشرعي

وكل تلك الآراضي منقولة من الأجداد، وما بقى من الثلث من حقه نصفٌ منها مسجل باسم أصغر وزوجته ونصف باسم أبناء أخيه ، لكن أصغر ينتفع بالأرض التي سجلها باسم أبناء أخيه ويأخذ حصادها بنفسه ، لكنه دائما يطالب بتحويلها باسمه لكن أبناء أكبر لا يرضون تحويلها بإسمه ، بل يرضون بأن يأخذ حصادها طوال حياته ؛ لكي لا يحرم الورثة بمثل هذا القليل بعد وفاته. فالسوال هنا : ما فعله أصغر هل هو صحيح موافق للكتاب والسنة ؟

وماذا تحكم الشريعة الإسلامية عليه وعلى فعله ؟ علماً بأنه يصلي ، ويصوم ، وكذلك سريع الفهم والذهن. والسؤال الثاني: هل فكرة أبناء الأكبر صحيحة موافقة للكتاب والسنة أم لا ؟

والسوال الثالث: ھل یجوز لأحد ان یُحوّل ملكه لغیر ورثته فی حياته ، أو یحول بینه وبين الورثة ،و بغیر مراعاۃ حظهم الشرعی ؟ بينوا بالدليل مع ذكر أقوال الأئمة والفقهاء بالتفصيل.


الجواب :

الحمد لله

للإنسان أن يتصرف في ماله كما يشاء ما دام صحيحا عاقلا رشيدا، فله أن يهب بعضه أو جميعه لوارث أو غير وارث، وله أن يوصي بالثلث بعد وفاته لغير وارث.

ولكن يشترط في هبته لماله ألا يقصد حرمان الورثة.

وعليه :

فإذا كان (أصغر) لم يقصد حرمان الورثة، وأراد إكرام ابنة أخي زوجته ، والإحسان إليها، فوهبها ثلثي أرضه، فلا حرج عليه.

وأما إن قصد بذلك حرمان بعض الورثة فتصرفه محرم، ويسمى التوليج في التركة، وهو من الحيلة المحرمة التي يتوصل بها إلى إبطال الحق.

قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله:

"لَيْسَ من أَخْلَاق الْمُؤمنِينَ الْفِرَار من أَحْكَام الله ، بالحيل الموصلة إِلَى إبِطَال الْحق" .

نقله بدر الدين العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (24/ 109).

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (13/ 214):

" أنا عندي من الأولاد بنت واحدة، وأملك بيتا من طابقين، ولي إخوان، فهل أستطيع أن أمنح بنتي جزءا من البيت، أم هذه المنحة تؤثر على حق الورثة، وبالتالي تكون المنحة حراما؟

الجواب: إذا كان منحك للجزء من بيتك لابنتك مُنَجَّزا، ولم تقصد حرمان بقية الورثة، بأن قَبَضَتْهُ في الحال، وملكت التصرف فيه - فلا بأس بذلك؛ لأن هذا من باب العطية.

وإن كان منحك لها بالوصية: فهذا لا يجوز؛ لأنه لا وصية لوارث؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا وصية لوارث) " انتهى.

وجاء فيها (16/ 484): " ربي رزقني ولله الحمد بأربع بنات قصر (10، 8، 5، 3 سنوات) وزوجة، ولي شقيقة متزوجة ولها أولاد، وأمتلك عمارة من أربع شقق، فكتبت عقد بيع بيني وبين زوجتي بقيمة ثلث العمارة، وكتبت عقد بيع آخر بيني وبين زوجتى قابلة للشراء للبنات بقيمة الثلث الثاني. الثلث الأول للزوجة، والثلث الثاني للبنات، وتركت الثلث الثالث.

وطبعا أصارحكم القول بأنني لم أستلم أي مبلغ، والغرض من ذلك حتى لا ينازعهم أحد في الميراث، لأنهم بنات (أي: ذرية ضعفاء) فما حكم ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الجواب: لا يجوز للإنسان أن يتخذ إجراء عقد توليج لماله ، لحرمان بعض الورثة.

والله سبحانه وتعالى مطلع على كل عبد ونيته وقصده، ونحذرك أن تسلك طريقا تعذب بسببه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.

بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

ثانيا:

لا حق لأبناء (أكبر) في تسجيل شيء من أرض عمهم (أصغر) باسمهم؛ لأن الأرض ملكه، ولا يحل لهم منها شيء ؛ إلا بطيب نفس منه .

وإذا كان الواقع أنه لم يهبهم، ولم يملكهم شيئا، بل يطالبهم بتسجيلها باسمه، فيلزمهم ذلك، ولا يحل لهم المماطلة فيه؛ لما في تصرفهم من العدوان والظلم؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في

"إرواء الغليل" (1459).

قال في درر الحكام شرح مجلة الأحكام (3/ 201):

" لا يجوز التصرف في ملك الغير بدون إذنه، سواء كان هذا التصرف مضرا بصاحب الملك أو غير مضر" انتهى.

وقال في مواهب الجليل (5/ 274):

" وحاصل مسائل التعدي : الانتفاع بمال الغير دون حق فيه، أو التصرف فيه بغير إذنه ، أو إذن قاض ، أو من يقوم مقامه لفقدهما " انتهى.

وعلى الجميع مراعاة ما بينهم من الرحم التي يجب وصلها وتحرم قطيعتها.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:14   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يرث مال ولده الناتج من بيع المخدرات وهل يحج به عنه أو يبني به مسجدا له؟

السؤال

: كان لديّ شقيقٌ ، تُوفّي مؤخراً في حادث سيارةٍ ، جمع ماله بطرقٍ محرّمةٍ (بيع المخدرات) ، سيرث أبي الآن ثروته ، هل هذا الميراث حلالٌ لوالدي؟ وفقاً لبعض الإجابات على الموقع هو حرامٌ فقط لمن يكتسب المال، ولكن ربما أنا لم أفهم جيداً ، أبي يريد بناء مسجدٍ من الميراث باسم أخي ، والذهاب إلى الحج عنه

هل يجوز ذلك ؟

وأريد أن أتصدّق عنه ، فهل يجوز إعطاء المال لأحدٍ ليأخذ دروساً في القرآن الكريم ، والأجر يكون لأخي ؟

أم يجب أن أشتري قرآناّ وأتصدق به عنه؟

الجواب
:

الحمد لله

أولا:

المال الحرام نوعان:

الأول: ما كان محرما لعينه، كالمال المسروق والمغصوب، فهذا لا يورث اتفاقا، بل يلزم رده إلى صاحبه إن عرف، وإلا تُصدق به على نية صاحبه.

والثاني: ما كان محرما لكسبه، كالمأخوذ في معاوضات محرمة أو على أعمال محرمة، كالمال الناتج عن بيع الخمر والمخدرات، والمأخوذ مقابل العمل في البنوك الربوية وصالات القمار والغناء المحرم ونحو ذلك.

وقد اختلف الفقهاء في هذا المال هل يورث أم لا ؟ بناء على أنه : هل يحرم على الكاسب فقط ويحل لمن أخذه منه بوجه مباح ، كهبة أو انتقل إليه بإرث، أم أنه يحرم على الكاسب وغيره؟

والراجح القول الأول، وأنه يحل لمن أخذه أو انتقل إليه بوجه مباح .

وعليه فلا حرج في تملك والدك لهذا المال بالإرث.

قال العلامة محمد عليش المالكي رحمه الله: " واختلف في المال المكتسب من حرام، كربا ومعاملة فاسدة، إذا مات مكتسبه عنه: فهل يحل للوارث؟ وهو المعتمد، أم لا؟

وأما عين الحرام المعلوم مستحقه، كالمسروق والمغصوب: فلا يحل له ".

انتهى من " منح الجليل شرح مختصر خليل " (2/ 416).

ثانيا:

حيث انتقل المال بالإرث إلى والدك، فله أن يتصرف فيه كما يشاء من التصرفات المباحة، ومن ذلك أن يبني به مسجدا لنفسه، أو يجعل ثوابه لابنه ، أو يحج به لنفسه، أو عن ابنه ، أو يعطيه لمن يحج به عنه، إلى غير ذلك من التصرفات المستحبة أو المباحة، فالمال ماله، وله التصرف فيه بما يحب.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أموال المرابي: " أما بالنسبة لأولاده : فلا حرج عليهم أن يأكلوا منه في حياة أبيهم ويجيبوا دعوته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة اليهود مع أنهم يأكلون الربا.

وأما إذا ورثوه من بعده فهو لهم حلال؛ لأنهم ورثوه بطريقة شرعية، وإن كان هو حراماً عليه، لكن هم كسبوه بطريق شرعي بالإرث، وإن تبرعوا وتصدقوا به عن أبيهم : فلعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الصدقة تمحو ما قبلها من السيئات "

"لقاء الباب المفتوح" (181/ 19).

ثالثا:

يجوز أن تتصدقي عن أخيك بإعطاء مال لمن يحتاجه ليتمكن من تعلم أو حفظ القرآن الكريم ويكون الثواب لأخيك، كما يجوز أن تشتري بالمال مصاحف تجعلينها وقفا أو صدقة للفقراء، ويكون الثواب لأخيك.

والصدقة عن المتوفى عمل صالح يصله إن شاء الله؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم (1631).

وروى مسلم (1630) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالا وَلَمْ يُوصِ ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ) .

وروى مسلم أيضاً (1004) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها (أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا ( أي : ماتت فجأة ) ، وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ، فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ).

قال النووي رحمه الله

:" وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز الصَّدَقَة عَنْ الْمَيِّت وَاسْتِحْبَابهَا ، وَأَنَّ ثَوَابهَا يَصِلهُ وَيَنْفَعهُ ، وَيَنْفَع الْمُتَصَدِّق أَيْضًا ، وَهَذَا كُلّه أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:18   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

توفي الأب وترك لهم عقارا وبعض الورثة يسكن فيه بإيجار منخفض دون رضى الباقين

السؤال

: مات أب في عام 2002 م ، وترك 3 ذكور و2 بنات ، ومنزل مكون من 3 طوابق ، بـه 3 شقق ، يسكن كل واحد من الذكور في شقة منذ كان الوالد حياً، وعندما طلبت إحدى البنات حقها في ميراث أبيها في المنزل المذكور

قالوا لها : إن معهم عقود إيجار قديمة بنظام المشاهرة بـأجور رمزية 20 ج أو ما شابه مكتوبة من أبيهم لهم ، وأن وجودهم قانوني ، ولا يوجد منه أي مشكلة ، وسوف يدفعون لها جزءً من القيمة الإيجارية بحسب نصيبها، وكانت غير راضية بهذا

وطلبت منهم حقها الشرعي في ثمن العقار ، ولكن إخوتها ظلوا مصرين على هذا الوضع حتى ماتت الأختان ، والآن أبناؤهما يطالبون بحقهم الشرعي في المنزل شاملاً الأرض ، وحق الانتفاع بالشقق طوال الفترة ، ولا يرضون بالوضع الحالي

. والسؤال: ما حكم الشرع في استئجار الإخوة للعقار من أبيهم مع كونهم وارثين منه في نفس العقار ؟

وما هو الواجب فعله شرعاً في ميراث هذا الأب ؟

وكيف يمكن تحديد قيمة الانتفاع بالشقق طوال الفترة ؟

وأخيراً، كان لهؤلاء أخ آخر غائب منذ حوالي 30 عاماً غير معلوم من وقتها أهو حي أم ميت ، ولا يوجد مستند يدل على وجوده على قيد الحياة ، وقد قام الذكور بضمه في إعلام الوراثة الشرعي، فهل يدخل في القسمة أم لا ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

الواجب أن يقسم العقار بين الورثة بالعدل ، فيأخذ كل وارث نصيبه الذي فرضه الله له .

فإن كان العقار صغيرا أو مما لا يمكن أن يقسم قسمة عادلة تستوعب جميع الورثة :

فإما أن يؤجر العقار ، أجرة عدل ، بحسب سعر اليوم ، ويقسم الإيجار على قدر إرثهم ، سواء أجرتموه لغيركم ، أو فرضتم أجرة المثل على من يستأجره من الورثة .

والواجب أن يكون ذلك بالتراضي بين جميع الورثة ، فإن لم يرض بعضهم بالإيجار وطالب بحقه، فإن المنزل يباع ، ويوزع ثمنه على الورثة حسب نصيبهم الشرعي ، ولا مانع من أن يشتريه بعض الورثة ، أو يشتري كل واحد من الذكور شقته ، ويعطي البنات حقهن ، بسعر اليوم.

أما أن يستأثر بعض الورثة بمنفعة العقار ، ويمنع الآخرين حقوقهم ، فهذا ظلم بين .

ثانيا :

اتفق الفقهاء على اشتراط تحديد المدة في الإجارة ، والعقود التي لم تحدد فيها المدة باطلة .

وبناء عليه : فلا يجوز إلزام الورثة بإبقاء العقد القديم .

ولا يجوز إجبار بقية الورثة على إبقاء العقد كما هو ، بل جميع الورثة بالخيار إن شاؤوا أجّروا بالأجرة التي يرضون بها ، وإن شاؤوا لم يؤجروا .

وبناء على ما سبق : فلا يجوز لهؤلاء الإخوة الذكور أن يستأجروا العقار بقيمة لا يرضاها بقية الورثة ؛ لأنه ملك لهم جميعهم ، ولا يجوز أن يستأثر بعضهم بنصيب بعض ، ويجب عليهم أن يدفعوا للورثة الآخرين فرق الأجرة عن السنوات السابقة ؛ لأنها مما أخذ بغير حق ، ومن مات من الأخوات ، فإنه يجب أن يدفع المال إلى ورثتها .

وتقدر تلك الأجرة بالأجرة العادلة خلال تلك المدة ، وهي الأجرة التي يؤجر بها عقار مماثل .

ثالثا :

المفقود لا يحكم بوفاته حتى تمضي مدة يغلب على الظن فيها ، أنه لو كان حيا ، لعثرنا له على خبر .

واختلفوا في تقدير هذه المدة .

والصواب : أنه ليس هناك مدة محددة ، وإنما يجتهد القاضي في كل قضية في تحديد تلك المدة، بما يتناسب مع الحالة التي أمامه .

فإن كان القاضي قد حدد لكم مدة لهذا المفقود ، وانتهت هذه المدة قبل وفاة والدكم ، فلا نصيب له في الميراث .

وإن لم تنته المدة إلا بعد وفاة والدكم ، فالواجب أن يدفع نصيبه إلى ورثته .

وإذا كان الأمر لم يصل إلى القضاء ، فإنه يحكم بحياته ، ويكون له نصيب من الميراث ، لأن المفقود لا يحكم بوفاته إلا بحكم القاضي .

والخلاصة :

أنه يجب على هؤلاء الإخوة أن يلغوا هذا العقد القديم ، وأن يتوبوا إلى الله من اغتصاب أموال أخواتهم ، ويعوّضوا ورثتهن قيمة المثل في المنزل المستأجر ؛ فالحقوق لا تسقط بالتقادم وطول المدة .

ونوصي الجميع بالرضى بالصلح والمسامحة والعفو، والحرص على لم الشمل ، ومن ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه .

والله أعلم .

ملخص الجواب :

يجب على هؤلاء الإخوة أن يلغوا هذا العقد القديم ، وأن يتوبوا إلى الله من اغتصاب أموال أخواتهم ، ويعوّضوا ورثتهن قيمة المثل في المنزل المستأجر ؛ فالحقوق لا تسقط بالتقادم وطول المدة .

ونوصي الجميع بالرضى بالصلح والمسامحة والعفو، والحرص على لم الشمل ، ومن ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:21   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تقسيم الإرث مع وجود عقد الإيجار القديم الدائم

السؤال


: توفي والدي وترك بيتا يتكون من أربع شقق وأخ شقيق لي وزوجة أب وأخت من زوجة أبي أسكن أنا إحدى هذه الشقق ويسكن أخي الشقيق شقة أخرى ويسكن الشقتين الأخريين ساكنان غرباء وكلنا سكنا بعقد الإيجار القديم الدائم وبعد وفاة أبي عرض علينا أحد الساكنين إخلا

شقته مقابل مبلغا من المال أضعاف أضعاف ما دفعه من إيجار طيلة السنوات التي سكن فيها في بيتنا وكانت زوجة أبي وأختي لا يملكان المال فدفعت أنا وأخي مناصفة للساكن المبلغ الذي طلبه واستلمنا منه الشقي وأصبحنا بذلك نعطي لأختي وزوجة أبي نصيبهما من الإيجار الذي كان يدفعه ذلك الساكن لأننا حللنا مكانه فهل هذا هو الحق بيننا أم ماذا وإذا أرادت زوجة أبي وأختي أخذ ثمن نصيبهما من ميراثهما في البيت

ماذا نفعل هل نثمن البيت على ما هو عليه وكأن فيه أربعة سكان غرباء دائمين وأنا وأخي منهم وأنتم تعلمون أن الساكن على نظام الإيجار القديم لن يخرج منه وهو المالك ولكن بعقد إيجار وهذا هو القانون مع الأخذ في الاعتبار أن المشتري سيكون أنا وأخي أم ماذا نفعل؟

وإذا حدث بعد أن أخذت أختي وزوجة أبي نصيبهما من ثمن البيت أن بعت شقتي لصغرها لأشتري شقه أكبر وثمنت الشقة بأعلى كثيرا من ثمنها ضمن البيت ككل لأنها ستباع خاليه فهل لأختي وزوجة أبي حق في هذا السعر الجديد إذا أخذنا في اعتبارنا قول الله عز وجل : (ويل للمطففين) أشيروا علي هداكم الله للخير والرشاد وجزاكم الله كل الخير .


الجواب :

الحمد لله

أولا :

ينبغي أن تعلم أن عقد الإجارة لابد فيه من تحديد المدة ، وإلا كانت الإجارة فاسدة يلزم فسخها .

قال ابن قدامة رحمه الله

: " ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة إجارة العقار , قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم , على أن استئجار المنازل والدواب جائز .

ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة , ولا بد من مشاهدته وتحديده , فإنه لا يصير معلوما إلا بذلك , ولا يجوز إطلاقه [أي : لا يجوز إطلاق العقد بمعنى أنه لا تذكر فيه المدة] , ولا وصفه . وبهذا قال الشافعي . "

انتهى من "المغني" (5/260).

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (10/33) : " اتفق الفقهاء على أن الإجارة لا تصح إلا مؤقتة بمدة معينة , أو بوقوعها على عمل معلوم . فمن الأول : إجارة الأرض أو الدور أو الدواب والأجير الخاص . ومن الثاني : الاستئجار على عمل كخياطة ثوب مثلا , وهو الأجير المشترك " انتهى.

وعليه ؛ فيلزم جميع المستأجرين إنهاء العقد الفاسد ، وجعل الخيار لأصحاب البيت إن شاءوا أجروه لهم أو لغيرهم على أن تكون الإجارة محددة المدة .

ثانيا :

إذا رفض الساكنان الغريبان فسخ الإجارة ، فهذا لا يكون عذرا لك ولأخيك في الاستمرار بالعمل بالعقد القديم الفاسد شرعاً ، بل يلزمكما فسخها ، وتقسيم البيت بين جميع الورثة ، فتقسم الشقتان الخاليتان [التي تقيم فيها أنت وأخوك] ، وتقسم أجرة الشقتين المسكونتين من قبل الغرباء حتى يأذن الله بخروجهما .

ثالثا :

إذا خرج أحد المستأجرين مقابل مال ، فليس لكما أن تحلا مكانه ، بل يشترك جميع الورثة في دفع المال ، وتكون الشقة ملكا لجميع الورثة .

ولكما عند القسمة أن تستردا ما دفعتما من مال لهذا المستأجر عند خروجه .

رابعا :

إذا أرادت زوجة أبيك وأختك من أبيك أخذ نصيبهما ، فإن البيت يثمّن على أن به ثلاث شقق فارغة ، وشقة واحدة مستأجرة ، فيشترك جميع الورثة في إيجار هذه الشقة حتى يخرج مستأجرها ، ويقتسمون الباقي ، وتأخذ أنت وأخوك ما دفعتما للمستأجر الذي خرج .


وأما تثمين البيت على أنه مستأجر إجارة دائمة ، فهذا عين الظلم والباطل ؛ لما تقدم من وجوب إنهاء عقد الإجارة في حقك وحق أخيك ، وما ذكرت من خروج أحد المستأجرين .

فالحذر الحذر من الظلم وأكل مال الورثة بالباطل ، فإنه لا ينبت جسد من سحت إلا كانت النار أولى به ، وإن الظلم ظلمات يوم القيامة .

نسأل الله لنا ولكم العافية .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:23   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ميراث المفقود

السؤال :

طفل اختطفه بعض اللصوص ولم يُعثر عليه ، فهل يرث بعد موت والده ؟

وإذا كان الجواب بالإيجاب ، فما طول المدة التي ينبغي انتظاره فيها ؟


الجواب :

الحمد لله


أولاً :

من انقطع خبره ، فلا يُدرى أحي هو أو ميت ، فهذا يسميه أهل العلم رحمهم الله بـ " المفقود " ، وقد اتفق العلماء على أن المفقود يحكم بوفاته بعد مضي مدة يغلب على الظن فيها أنه لو كان حيا لعثرنا له على خبر ، واختلفوا في تقدير هذه المدة ، والصواب أنه ليس هناك مدة محددة ، وإنما يجتهد القاضي في كل قضية في تحديد تلك المدة بما يتناسب مع الحالة التي أمامه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والصواب أن الرجوع في تقديرها إلى اجتهاد الحاكم ، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والأماكن والحكومات ، فيقدر مدة للبحث عنه بحيث يغلب على الظن تبين حياته لو كان موجوداً ، ثم يحكم بموته بعد انتهائها ، والله أعلم "

انتهى من " تسهيل الفرائض " (ص/126) .

ثانياً :

إذا مات الشخص وفي ورثته مفقود ، فهذا المفقود محكوم بحياته ما دامت المدة التي حددها القاضي لم تنته ، فيحفظ له نصيبه من الميراث ، فإذا انتهت المدة ولم نعثر له على خبر فإنه يحكم بوفاته حين انتهاء المدة ، وحينئذ يقسم نصيبه من التركة الذي كنا احتفظنا له به يقسم على ورثته يوم الحكم بوفاته كأنه مات عنهم .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولنا في المفقود نظران :

أحدهما : في إرثه ، والثاني : في الإرث منه .

فأما إرثه : فإنه متى مات مورثه قبل الحكم بموته ورثه المفقود ، فيوقف له نصيبه كاملاً ويعامل بقية الورثة باليقين ، فمن كان محجوباً لم يعط شيئاً ومن كان ينقصه أعطي الأقل ، ومن كان لا ينقصه أعطي إرثه كاملاً .

فلو هلك عن زوجة وجدة وعم وابن مفقود : أعطينا الزوجة الثمن ؛ لأنه اليقين ، والجدة السدس ؛ لأن المفقود لا ينقصها ، ولم نعط العم شيئاً ؛ لأن المفقود يحجبه ، فنقف الباقي ثم لا يخلو من أربعة أحوال :

إحداها : أن نعلم أنه مات قبل مورثه فنرد الموقوف إلى من يستحقه من ورثة الأول .

الثاني : أن نعلم أنه مات بعده فيكون الموقوف تركة للمفقود ويصرف لورثته .

الثالثة : أن نعلم أنه مات ولا ندري أقبل مورثه أم بعده فجزم في " الإقناع " بأن الموقوف يكون لمن يستحقه من ورثة الأول كالحال الأولى ، وجزم في " المنتهى " بأن الموقوف تركة للمفقود يصرف لورثته وهذا هو المذهب ، وهو الصواب ؛ لأن الأصل بقاء حياته ولا يحكم بموته إلا بعد انقضاء مدة التربص .

الرابعة : أن لا نعلم له حياة ولا موتاً حتى تنقضي المدة ، وحكمها كالثالثة خلافاً ومذهباً .

النظر الثاني : في الإرث منه : فلا يورث ما دامت مدة التربص باقية لأن الأصل بقاء حياته ، فإذا انقضت مدة التربص حكمنا بموته وقسمنا تركته على من كان وارثاً منه حين انقضائها ثم إن استمر جهل حاله فالحكم باق ، وإن تبين أنه مات قبل ذلك أو بعده ، فماله لورثته حين موته وإن تبين أنه حي فماله له .

ومتى تبين أن ورثته حين انقضاء المدة لا يستحقون إرثه رجع عليهم من يستحقه بعينه إن كان باقياً أو بدله إن كان تالفاً من مثل مثلي أو قيمة متقوم ؛ لأنه قد تبين أنهم لا يستحقونه "

انتهى من " تسهيل الفرائض " (ص/126-127) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 17:28   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اختلف الورثة في تقسيم العقار فما الحل الشرعي ؟

السؤال:

توفي أبي وترك لنا عقارا مساحته 21*23، مكون من طابقين ، ونحن ثلاثة ذكور وخمس إناث

الطابق الاول :يشمل محلات تجارية مستأجرة ، وشقة تسكن بها الوالدة ، وجزء آخر عبارة عن مخزن .

الطابق الثاني : أربع شقق يسكن فيها الثلاثة أبناء الذكور شقة في الواجهة ، اثنان في الخلف

والشقة الرابعة غير مشغولة ، وعند التقسم اختلف بعض الأخوة وأصرو أنهم يريدون تقسيم العقار كل طابق مستقل عن الطابق الآخر ؛ بمعني اأن الطابق الواحد يقسم علي الجميع طولي من الواجهة حتي الخلف

أو كل شقة علي حدة ، مما يجعل العقار لا نفع منه . فما العمل في هذة الحالة هل يعرض العقار للبيع ويوزع علي الجميع قيمة العقار ؟

وهل يحق لأحد الأعتراض علي البيع ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

تقسيم التركة في هذه الحالة حسب الأنصبة الشرعية التي حددها الله تعالى كالتالي :

للزوجة (وهي والدتك) الثمن ، لقوله تعالى : (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12 .

والباقي للأولاد ، يقسم عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى : ( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثَيَيْنِ) النساء/11.

فتقسم التركة إلى ثمانية وثمانين (88) جزءا متساوية ، يكون للزوجة منها (11) سهما ، ولكل واحد من الأبناء (14) سهما ، ولكل واحدة من البنات (7) أسهم .

وتقسيم العقار على الورثة بهذه الطريقة سواء قُسم العقار كله ، أو كل طابق بمفرده كما يطالب بعض الورثة ، لا يمكن إلا إذا أخذ بعضهم أكثر من نصيبه من التركة وَعَوَّضَ الآخرين بشيء من المال ، أو بحصول ضرر على بعض الورثة ، والضرر هنا نقص قيمة نصيبه ، كما لو أخذ جزءا من شقة ، فإنه لا يمكن بيعه إلا بنقص في القيمة ، مع عدم إمكانية الانتفاع به أيضا.

والقسمة في هذه الحالة يسميها العلماء "قسمة تراضٍ" لأنها لا يجبر عليها أحد من الورثة ، لأنه سيقع عليه ضرر ، فلا تكون تلك القسمة إلا بتراضي الورثة كلهم .

قال البهوتي رحمه الله
في "الروض المربع" (7/564-567)

: "لا تجوز قسمة الأملاك التي لا تنقسم إلا بضرر ، ولو على بعض الشركاء ، أو لا تنقسم إلا برد عوض من أحدهما على الآخر ، إلا برضا الورثة كلهم ، لحديث : (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وغيره .... ولا يجبر من امتنع من قسمتها " انتهى باختصار .

وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

"كل مشترك بين شخصين فأكثر ، لا ينقسم إلا بضرر ، أو برد عوض : فإنه لا ينفذ إلا برضا الشركاء كلهم ؛ لأنه إذا كان فيها ضرر ، فلا يمكن أن يضار أحد إلا إذا رضي بالضرر على نفسه ، وهو عاقل بالغ رشيد ، ولأنها إذا احتاجت إلى رد عوض صارت بمنزلة البيع ، لأن فيها عوضاً ومعوضاً، والبيع لا بد فيه من التراضي"

انتهى من "الشرح الممتع" (15/369) .

فإذا أردتم قسمة هذا العقار فأمامكم أحد أمرين :

الأول :

إما أن يتراضى الورثة كلهم على القسمة ، كأن يأخذ بعضهم الشقق والبعض الآخر المحلات ، ويتم تعويض من أخذ أقل من نصيبه بالمال وهكذا .

فإن لم يحصل التراضي ، فليس أمامكم إلا الحل الثاني : وهو بيع العقار ويوزع ثمنه عليكم حسب نسبة الميراث .

وقد نص العلماء على أنه إذا طلب أحد الورثة بيع العقار أجيب إلى طلبه ، وأجبر الجميع على البيع .

قال البهوتي رحمه الله : "ومن دعا شريكه فيها إلى بيع : أُجْبِر ، فإن أبى ، باعه الحاكم عليهما ، وقسم الثمن بينهما على قدر حصصهما "

انتهى من " الروض المربع " (7/166) .

والخلاصة :

أنه لا يقسم العقار بأي طريقة إلا برضى الورثة كلهم ، ولا يجبر أحد على هذه القسمة ، فإن رفض بعضهم القسمة ، وطالب ببيع العقار : ألزم الجميع بالبيع ، ثم يقسم الثمن على الورثة .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاملات الإسلامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc