يوميات شاعر متهالك - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتدى الحياة اليومية > أرشيف منتدى الحياة اليومية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

يوميات شاعر متهالك

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-01-08, 19:35   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(16)

تتقنُ عزلتي تخدير الألم الأهوج ، العابثِ في داخلي كالفيروس القاتل . وتتفنن في إلغاء مجلداته وملفاته المقرؤة منها والمخفية . وتصبح العزلة محركاً للبحث عن اصداراتٍ جديدة لأي مضادٍ لتلك الفيروسات الخطيرة .
وحيداً الا مني ، ومن ابتهالاتي الخافتة ، أمضي متسربلاً جذوة اشتعالاتٍ غامضة لأبقى معتكفاً في لحظةٍ واحدة ، لحظة مدٍ وجزر ، تقدمٍ وانحسار ، تقوقعٍ وانتشار
وأظلُّ بخطوي الضئيل المائل قليلاً عن قرص الشمس ، أسيرُ نحوي بثباتٍ لا تغريه أزمنة التهافت والتهاوي والانقسام .
لا أنفكُّ محاولاً جمع شتات قامتي من بوابات الريح ، سانداً هيكلها المتهالك بجداريات البوح واجباريات الهمس اللذيذ .
أغوص عميقاً في أعماق وحدتي ، لألمس لبَّ ذاتي ، وجوهر الأنا المهمل في تجلياتي الحميمة ، وتوجساتي السقيمة ، وحافزٌ يدفعني للغوص أكثر وأكثر ، حتى انعدام الجاذبية ما بيني وبيني .
وحيداً الا مني ، ومن صلاتي ، ومن بؤرة ضوءٍ وحيدة ، سأمضي ، وأمضي .
يتبع...









 


قديم 2015-01-08, 19:37   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(17)

تتقاذفني هجعة الحلم ونتوءات الأمل الضئيل ، رغم انشطارات الهاجس المستبد المفعم بالقلق ، والموشوم بالجرح العنيد .
ألمحُ العطش الفاجع يمارس غوغائية مذهلة وانفلاتاً عجيب . وتطغى صورة السراب المدهش لتملأ الأفق البعيد ، بل والقريب .
هكذا تبدو الحياة أحيانا ، أضيق من حلم ٍصغير ، وأوسعُ من فاجعةٍ عظيمة .
أنظرُ حولي ، لا أرى الا الفراغ الجامح يحتويني ، ويلصق على جسدي الهش المتآكل صورته العابسة ، ووجهه البائس البغيض .
فراغٌ يتصببُ مساحاتٍ جوفاء ، لا لون لها ولا طعم َ ولا رائحة ، ولا تشبه الماء ، بل تشبه الظمأ الغائص في العروق . مساحاتٌ خالية ٌ رتيبة ٌ مملة ، تعتنقُ الألم الغارق في بحر التعب ، وويلات الوجع الصاخب حد الجنون .
هجعة الحلم لا تكفي لكل هذا العطش الظالم والطاغي على قامةٍ آيلةٍ للسقوط .
رباه ، كم قامةٍ ستسقط ُ في هذا الخريف المخيف ؟ وكم ستنتظرُ الربيع ؟؟ .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:40   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(18)

اسحب ياهذا نصلك من قاع صدري ، لأعود حراً من قيد جراحي ، وأغلال نزفي .
دعني أبدأ لو مرةً مشوار بوحي لوحدي ، دعني أمرق من خلالي لأفتتح المواسم الغائبة عني ، دعني أهمس للسنابل النائمة على كتفي والقي عليها نشيدي الحزين
دعني أخطو في دهاليز روحي كي أجدني ، دعني أفقأ عين هزائمي لأعلن نفسي .
جرجر نصلك هذا من بقايا وجعي ، وبوح تهالكي ، وانشطارات تعبي .
دعني أنظر من نافذتي ، لأختصر المدى ، وأعتصر المسافة الممتدة الى لون وجهي .
من زمن ٍغابر ٍللشوق العابر في دمي ، والعابث في مهجتي ، وأنا أصقلُ لحظة ً واحدة لاحتفالات اللقاء ، وأروضُ وقتي لانبلاج فجر ٍ مختلف ، وأوغلتُ في حمى انتظاراتي حتى أقفل النهارُ وغاب . لم يدع لقامتي ولو لحظة ًيتيمة ً لتخرج من أسر انكساراتها المريرة ، وترقى الى سماء الجبين .
اسحب نصلك هذا ، ودعني ، أبدأ الآن مني ، مني أنا .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:44   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(19)

آن لي نشر أشرعتي على جسد القمر المختبئ خلف هضاب القلب ، وآن لي أن أتوحد في عين المسافة المثقلة بالشوق والمفعمة بالحنين ، وآن لي أن أتواجد دوماً على سطح الماء العامر بابتهاجات المهجة المفتونة بالهجير .
آن لي أن أصعد بابتهالاتي الى سماء الوجع الضارب في أتون اللحظة الهاربة ، وأن أغمد سيف انتصاراتي المزعومة في كبد المساء الحزين .
آن لي أن أبدو أكثر مما أبدو ، أطول قليلاً ، وأكثر ذكاءاً ، وأغزر تجربة ، وأسرع فهماً ، وأوسع انتشاراً ، وأعمق معنىً ، وأعلى قامة ً، وأشدُّ قوة ً ، حتى يتأكد ظليَ المهزومُ من صدق انتصاراتي ، ويعاود التصاقه بي والسير في خطواتي
ويرتاح لو ساعة ً من تعب الهروب المزمن الطويل .
آن لي أن أخلد الى ظلي ، حتى تتزود روحي من فيء ظلاله ، وتبدأ التحليق من جديد .
هكذا ، سنغمر اللحظة المدهشة معاً ، نفتق برهتها ببوحنا معاً ، ونجرح فجرها بضوئنا القليل .
هكذا ..... ، ولكن .
غداً ، ستقول لكنُ هذه ، ستقولُ كل ما لا نريد .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:46   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(20)

لن أسألَ عن مواعيدي التي ذبلت في صيف الانتظار الطويل ، ولن ألحَّ على نيل اعتباراتي المهملة في سلال السنين ، ولن أبحث عن دفتر أحلامي الضائع مني ، ولا عن قلمي المكسور .
سأظل هكذا ، أفقد أشيائي ، شيئاً ، شيئاً ، حلماً ، حلماً ، عاماً ، عمراً ، شارعاً ، مدينة ً ، حبيبة ً ، وطناً ، وطناً ، وطناً ، وطناً . لن أهتم كثيراً حتى لو أدمى مهجتي فراقـُها ، ولن أهتم حتى لو أماتني حزني عليها ، ولن أهتم حتى لو صمت قلبي حسرة ًوكمداً عليها ، لن أهتم ، لن أهتم .
لم يبق فيَّ شيءٌ يهتم ، متناثرٌ ، متهالكٌ ، مُتعبٌ ، متعبٌ ، متعبْ . رباه يا خالقي ماذا بقي ، رباهُ لطفاً ، نحن قومٌ يقرئُنا الموتُ في كل يوم ٍألف مرة .
سأصمتُ الآن ، وأقرأ الفاتحة .
صمتْ .
صمتْ .
صمتْ .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:49   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(21)

غابوا عني ، وبقيتُ وحيداً ، أقرأ بقايا غبارهم في ذاكرة الشوارع ، وشوارع الذاكرة . حملتُ ما تناثر من فتات صورهم ، وهربتُ الى فيء روحي ، يظلني دمعٌ أهوج ، متربعٌ على صدر وجهي ، وحسرة ٌمريرة ، تعبرني كالسهم ، تلون خارطة حزني وألمي .
تقاذفتني أمواج تعبي ، في بحر الغربة المتلاطم ، لتقذفني أخيراً الى شاطئٍ مهجور لأجد نفسي ملقىً على رمل وحدتي ، عابثاً بالطين ، أرسم تارة ًعليه وجهي ، وتارة ًأمحو ، وتارة ً أخرى يلاحقني الموج ، فيغرقُ كل الرمل .
هل سأنزعُ ولو متأخراً جداً فتيل انشطار الحزن الصاخب ، والوجع الذائب في دمي ويعلو وجهي خارجاً من قمقم غياباته ، وأظفرُ بلحظةٍ متقدمةٍ ومتمردةٍ على هاجس هذا الموت البارد ؟ .
هل سألاحق يوماً وجوه الذين قد غابوا ، داعياً بقايا صورهم ، للمشاركة في احتفالات الذاكرة قبل فناءها المترقب كل حين ؟ .
هل سيقدِّرُ أولئك الغائبون حينها نحيب تهالكي ، وجنون بوحي ، ولوثة الحلم الرابض في أوردتي ، وهاجس التعب المثقل بالأنين ؟ .
هل سيمكثون طويلاً ، ليقرءوا عمر انطفاءاتي المديد ؟ .
ليتني كنت أدري ، ليتني . لكنني ، لا أظن .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:51   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(22)

أتجرأ اللحظة على فتنة القلق ، لأفاجئها في غمرة انتشارها المذهل ، بسؤالي الغريب نوعاً ما ؛ من يكون غريق الضوء ، وما علاقتي به ، ومن أين جاء ؟ .
تلك لوحة ٌكنت قد رسمتها ، قبل أن تفاجئني وتفجعني أخبار الصباح . وكنت قبل أن أسلم عيني لهدأة نوم ٍقصيرةٍ جداً ، أتسائلُ قلقاً ، هل سيخطف الضوءُ
أحداً ما ؟ وما علاقة الغريق ، ويده المودعة من خلال الماء ، بذلك الضوء الذي يملأ الأفق ؟ . وما علاقة اللوحة بأخبار الصباح ؟ .
ستلومني الأسئلة الكثيرة التي أغوص فيها ، وهي تحملق في وجهي بحثاً عن إجابة ، أو أدنى رد . ستلومني كثيراً ، وأنا أغرس المزيد منها في كل يوم .
هل هو الموت ، ورهبته المنتشية ، ووقوفه الصامت كالجدار ، تلك الوقفة الرهيبة والمهيبة ، والتي تغري العديد من الأسئلة الباعثة على المزيد من القلق والخوف والترقب والانتظار ؟؟ .
أيكون الموت في رهبة ظله حافزاً للخلق والإبداع والإصرار على الحياة ، ومن ثمَّ وبشكلٍ طردي ومتصاعد ، قد يتولد لدينا نوعٌ متشعبٌ من التماهي في صوره وإشكالياته الى حد الالتصاق المباشر أو غير المباشر فيه . والذي يجعلنا في لحظةٍ لا نملك تفاصيلها ، نصل الى فك غموضه ، والبوح بأسراره ، واكتشاف عالمه القريب البعيد ، والعادي الغريب ، والبسيط المعقد .
أقول ، ربما ، والله أعلم .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:53   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(23)

أحملُ ما تناثر من أوراق أمسياتي الحالمة والمؤلمة ، وما خطته أنامل أيامي على سطح غيبي الذي قد تبدى ، متجاهلاً رعشة الأماني العارية تحت سقف المجهول المختبئ والمتأهب للحظتي القادمة .
لا أملك شيئاً ، سوى أن أهزّ النور المنفلت من وقته الليلكي ، ليسّاقط كالثمار الناضجة على أرض أحلامي ، وأعشاب أمنياتي ، لتعبث به العاصفة المقبلة .
لا أملكُ شيئاً ، سوى أن أختبئ خلف ظلي ، وأنتظر فجأة قدومه ، وعيني على فتات بريق ٍيحطُّ ويعلو كالكرة ، تتقاذفها أقدام انفعالاتي وثوراتي الهادئة .
آآهٍ ، لو أتمدد أكثر ، لأملأ تلك المساحات الجوفاء ، والفراغات العبثية ، ولو أتوحد أكثر ، لأنشر جسدي على سطح النور المنبثق عبر أثير أحلامي التائهة .
آآهٍ ، لو لم أكن متهالكاً الى هذا الحد ، لأشبعتُ الروح مداً يمتد ، وشددتُ بلوعة بوحي ، أنهاراً من حلمي المنهد .
آآهٍ ، لو أملك أكثرَ من هذا الرد .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:57   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(24)

كانت كالشيء العابر . عبرَتْ ، الا مني . وقفتْ تنسجُ خطوتَها ، زمناً في ردهة وجعي ، أحملها قدراً في قدري ، حلماً يأبى أن يعبرني ، درباً يعشق أبوابي .
الا مني ، لم تتجاوزني ، ظلتْ بعضاً من بعضي ، كلاًّ من كلي ، انتحلتني رغماً عني ، سكنتني ، أخلتْ جميع أشيائي واحتلتني ، أرضاً وسماءاً ، قمراً ، شمساً ، ماءاً وهواءاً ، بحراً ، براً ، جسداً وظلاً ، حلتْ بدلاً من كوني المنفي ، وعبرتْ ،
الا مني ، لم تعبر ، لم تخرج من ذاكرتي .
كانت ، الا عندي ، بقيتْ في رحم بقائي ، تحيا بحياتي ، يوماً ، شهراً ، عاماً ، عمراً أزهى من عمري ، أكثر ألقاً ، بل زمناً يتعدى زمني .
كانت كالشيء العابر ، عبرتْ دوني ، تركتني الا منها ، الا مني ، الا من شيءٍ في شيئي ، عبرتْ ، الا من ذكرى ، لا تعبر ، لم تعبر ، لن تعبر .
هناك ، أو هنا ، مازالت ، مازلت ، لها أرتبُ وجهي ، لم أسأل عنها ، ولن أسأل ، يكفيها حزني ، لكن ، لا ، لا يكفي...
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:59   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(25)

أرقبُ وقتاً آخذاً في التصاعد الى غمرة بوحي بانفلاتٍ عجيب . يهوي نحوي بظلاله المفعمة بالسواد ، والمشبعة بالجفاف الرهيب .
ألمح ظله العابث في الزوايا ، متنقلاً على وجوه المرايا ، متسرباً من ثنايا المجهول والمنتظر . في كل مكان ، تعصف رائحته المريرة ، تضع بصمتها الغريبة على ملامح الأشياء ، في انتظار القراءة الأخيرة .
ربما هو هاجسٌ حافلٌ بالقلق ، يغطي أروقة اللحظة المرتقبة ، في ارتباكٍ يفضح النشوة الحاضرة ، وارتعاشٍ واجمٍ لصخب المهجة الحالمة .
بل هو الخريف ، خريف التساقط والانتهاء ، خريف التماهي والتناهي ، بل هو التهالك حتى الإغماء ، والتآكل حتى الغثيان المميت .
لا شيء يساعد على الاختباء ، أو الهروب المقيت ، لا شيء هناك أو هنا ، يعلن الوقفة الصامدة ، بل وهلة ً صامتة ، تسبق لحظة الانفجار .
إنه الخذلان المهين ، والتخاذل الباعث على الهزيمة ، انه الغيب ، يضع حداً لتمادي الغرور ، ويثقب ذاكرة الإنسان . انه النسيان .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 20:03   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(26)

لا تفتنّي أيها الغيم المتستر على خيبتي ، فلن أرتدي خوذة المنتصر ، وقد انتشرت على جسدي ثقوب هزائمي ، وارتدَت روحي بذلة المتقهقر .
لن تغويني شمسٌ تراود جبيني ، ولن تخدعني أنجمٌ تتبنى ثورتي أو أغصان زيتوني . أنا الساعة أبدو مختلف ، أكثر انعتاقاً في تلمس جرحي ، وأشد تمسكاً باعتناق الحلم ، بل إنني قد عزمت أن أقرأ وجهي على مرأى من عيون الحزن .
أنا مختلف ، رغم الرتابة المتمردة والخانقة ، واللحظة الجوفاء الفارغة . سأصدق ذلك ، رغم الزيف المتشدد والمتطرف ، ورغم التعب الإرهابي المتعجرف .
أجل سأصدق ذلك ، نكاية ً بالزمن العاري ، والوقت المتخاذل المتهالك . وقد أزمعتُ التصدي ، لتشابه الوجع المتردي ، وفاجعة الوهم المتخفي ، في موازين الحقيقة .
هكذا ، أمنح وقتاً آخراً لتجدد السنابل ، حتى تصعدَ سقفَ جمجمتي ، وتفتتح الصبوحات النائمة على كتفي ، ولن تفتني بعدُ أيها الغيم ، فأنا الآن أمتشق ظهر تلك العاصفة .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 20:05   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(27)

مقنَّعٌ ، أتخفّى خلف حطامي ، خلف الظلام الذي يهشِّمُ أجزائي ، خلف البقايا من فتافيت أحلامي وأيامي ، خلف انكساراتي ومراراتي وويلاتي .
مقنعٌ ، أندسُّ في عيني ، كي لا أراني ، أو ألمح ظلي . مقنعٌ كلي ، في كل أشيائي قلبي وشارعي ومرآتي .
هكذا أمضي ، مجهولاً ، منزوعاً ، حتى مني ، ومن همي وأحزاني . هكذا أمضي موزعاً ، منقسماً ، مختلفاً بعضي على بعضي .
لا أحد سواي ، يعرفني ويجهلني ، يقبَلني وينكرني ، يوماً ألملمُ أشيائي ، ويوماً أبعثرني ، ويوماً غيري يسكنني .
هكذا أمضي ولا أمضي ، أتأففُ مني ، منشقاً على نفسي ، متمرداً ، أحبني وأكرهني ، أهربُ مني وألحقني .
مقنّعٌ في صباباتي ، حماقاتي ، صواباتي وأخطائي . أتستر على نفسي مني ، أنكر ذنبي وحسناتي ، أتجاهلني ، وأعلمُ أني ولا أني .
مقنّعٌ ، حتى ساعة أبدو مكتملاً ، ألقاني ولا ألقاني .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 20:08   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(28)

أحلامي شابتْ ، ظلتْ دهراً فوق طاولتي ، ترقصُ دون هوادة ، كفتاةٍ غجرية . كلَّتْ ، ملَّتْ ، تعبتْ ، هرمتْ ، حتى أضحتْ كعجوزٍ خرِفتْ ، وانسلتْ الى مخدعها ، وحيدة ، كئيبة ، حزينة ، تعصرها حسرةُ أيامٍ ذهبتْ واندثرتْ .
آهِ يا أحلامي العجوز ، لو جازَ لي أو يجوز ، لقلتُ انتحرَتْ ، تركَت على طاولتي ، نظارتها السميكة ، أقلامها القديمة ، ورقاً أصفراً قاتم اللون ، وعصاها الخشبية ، وانتحرَتْ . آهٍ لها ، من يأبهُ الآن بها ، أو تغريه لحظتها الرمادية ، ووقتها الشاحب المتجعد ؟ .
هكذا أضحتْ أحلامي ، بعد أن تقوَّسَ عودُها ، وتدنَّى جبينها ، وتهالكتْ أيامها ، هكذا أضحت ، بنظرتها المتكسرة ، تحدقُ في الثرى ، فوق الثرى ، تحت الثرى ، تخطُّ بعصاها الرمل ، تحاول رسم ظِلالها ، بما تبقَّى في ذاكرتها المثقوبة .
...........
الآن وحيدة ، خلف نافذتها الوحيدة ، وبابها الوحيد المغلق ، وبنظرةٍ تبدو بعيدة ، ترقبُ المدى المحترقْ .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 20:11   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(29)

شارعٌ رمادي ، ضوءٌ منسكبٌ بآخر الطريق ، بابٌ يشبهُ بابي ، هناك منعطفٌ الى القلب ، لطالما وقفَتْ فيه الذكريات ، وهي تسرّحُ تفاصيلها الصغيرة ، بمشط أيامها ولياليها الغابرات .
لحظةً يا زمن ، أندلقُ فيها كالماء ، أتدلى فيها كالرشاء ، أدخل في ظلام دهاليزها وأقبيتها ، أتلمسُ بعضي كالأرملة العمياء . لحظةً مجوفة ، أقذف فيها طلاسم جسدي المهترئ ، وأرتب وجعي المتنقل والمتغلغل ، وأسرح فيها كالراعي ، أتفقد شياه ذاكرتي ، وعشب أحلامي .
لحظةً يا زمن ، أعود فيها اليَّ مني ، أكبحُ بعضاً من أيامي التي تسبقني ، وأستظلُّ مؤقتاً بوهم حضورها ، وزيف غيابها ، وأقلق هدأتها الأبدية بقامة ظلي، سأغمرها بدفء حزني ، وأطرح في ثناياها بعض تعبي ، سأجرها قهراً الى مرآتي لأقرأها وتقرأني .
لحظةً ، أحتفلُ فيها بسابق عمري ، سألونها ، وأزينها ، وأطيبها بعطري ، سأعانقها وأضمها حتى يسقط دمعي .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 20:13   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(30)

لولا يقيني أنهنَّ بشر ، لقلتُ ملائكة . أصواتهن ، نظراتهن ، وقفاتهنّ الصامدة والصامتة ، تشير الى أكثر وأعلى من إنسان ، وأقل قليلاً من معنى ملَك .
أجل ، كنّ كذلك ، وهنّ يعبرنَ الى عيني ، كالضوء ، كالوهج الباسق ، كالشهب ، كالأنجم الثاقبة ، ويتجاوزنَ الى مهجتي ، كالتسبيح ، كاللحظة الخاشعة .
البارحة ، صعدنَ الى السماء ، حملنَ أنوارهنَّ المتلألئة ، وصعدنْ ، وتركنَ جذوةً للحزن ، تعصف في قلبي ، حبراً ودموع ، فبتُّ ليلي أنشدُ :

( موتٌ هنا / موتٌ هناك / يا للخيارِ الأوحدِ / موتٌ وموتْ .
أحلامهنْ / بيتٌ وشارعْ / ومآذنٌ بين المنازلْ / واللهُ أكبر .
ذاتَ النقابْ / يا خولة َالزمنِ الضريرْ / تلكَ التي قد أقسمَتْ أن لا تعود / وقفَتْ بجوفِ ظلامهمْ / تدعو الإله / يا ربِّ لا ، لا تنجني / كيف النجاة بلا وطن / ولمَا النجاة ) .

هنَّ صعدن ، وهبط العالمُ من عيني ، حتى القاع .
يتبع...










 

الكلمات الدلالية (Tags)
متهالك, حوليات, شاغر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:23

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc