تربية النفس - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تربية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-04, 17:40   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


5- ومن أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينته الإكثار من ذكر الله ، فإن لذلك تأثيراً عجيباً في انشراح الصدر وطمأنينته ، وزوال همه وغمه

قال تعالى : " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " الرعد/28 فلذكر الله أثرٌ عظيمٌ في حصول هذا المطلوب لخاصيته ، ولما يرجوه العبد من ثوابه وأجره .

6- ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم ، السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم ، وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور ، وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها

ومعرفته أن اشتغال فكره فيه من باب العبث والمحال ، فيُجاهد قلبه عن التفكر فيها ، وكذلك يجاهد قلبه عن قلقه لما يستقبله مما يتوهمه من فقر أو خوف أو غيرهما من المكاره التي يتخيلها في مستقبل حياته

فيعلم أن الأمور المستقبلة مجهولٌ ما يقع فيها من خير وشر ، وآمال وآلام ، وأنها بيد العزيز الحكيم ، ليس بيد العباد منها شيء إلا السعي في تحصيل خيراتها ، ودفع مضراتها

ويعلم العبد أنه إذا صرف فكره عن قلقه من أجل مستقبل أمره ، واتكل على ربه في إصلاحه ، واطمأن إليه في ذلك ، إذا فعل ذلك اطمأن قلبه وصلحت أحواله وزال عنه همه وقلقه .

ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به : " اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري

وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي ، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير ، والموت راحةً لي من كلِّ شر " رواه مسلم (2720) .

وكذلك قوله : " اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كلَّه ، لا إله إلا أنت " رواه أبو داود بإسناد صحيح رقم 5090 وحسنه الألباني في صحيح الكلم الطيب ص 49 .

فإذا لهج العبد بهذا الدعاء الذي فيه صلاح مستقبله الديني والدنيوي بقلب حاضر ، ونيةٍ صادقة ، مع اجتهاده فيما يُحقق ذلك ، حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له ، وانقلب همه فرحاً وسروراً .

7- إذا حصل لإنسان قلق وهموم بسبب النكبات ، فإن من أنفع الأسباب لزوالها أن يسعى في تخفيفها عن نفسه بأن يُقدر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر , ويوطن على ذلك نفسه

فإذا فعل ذلك فليَسْعَ إلى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الإمكان ، فبهذا التوطين وهذا السعي النافع ، تزول همومه وغمومه ، ويكون بدل ذلك السعي في جلب المنافع

وفي رفع المضار الميسورة للعبد ، فإذا حلت به أسباب الخوف , وأسباب الأسقام ، وأسباب الفقر فليتلق ذلك بطمأنينة وتوطين للنفس عليها ، بل على أشد ما يمكن منها ، فإن توطين النفس على احتمال المكاره يهونها ويزيل شدتها

وخصوصاً إذا أشغل نفسه بمدافعتها بحسب مقدوره ، فيجتمع في حقه توطين النفس مع السعي النافع الذي يشغل عن الاهتمام بالمصائب ، ويُجاهد نفسه على تجديد قوته المقاومة للمكاره

مع اعتماده في ذلك على الله ، وحسن الثقة به ، ولا ريب أن لهذه الأمور فائدتها العظمى في حصول السرور وانشراح الصدور مع ما يؤمله العبد من الثواب العاجل والآجل ، وهذا مُشاهد مُجرب ، ووقائعه ممن جربه كثيرة جداً .

8- قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة ؛ لأن الإنسان متى استسلم للخيالات ، وانفعل قلبه للمؤثرات ، من الخوف من الأمراض وغيرها

ومن الغضب والتشوش من الأسباب المؤلمة ، ومن توقع حدوث المكاره وزوال المحاب ، أوقعه ذلك في الهموم والغموم والأمراض القلبية والبدنية ، والانهيار العصبي الذي له آثاره السيئة

التي قد شاهد الناس مضارها الكثيرة ، ومتى اعتمد القلب على الله وتوكل عليه ، ولم يستسلم للأوهام , ولا ملكته الخيالات السيئة ، ووثق بالله

وطمع في فضله ، اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم ، وزالت عنه كثير من الأسقام البدنية والقلبية ، وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه

فكم ملئت المستشفيات من مرضى الأوهام والخيالات الفاسدة ، وكم أثرت هذه الأمور على قلوب كثير من الأقوياء ، فضلاً عن الضعفاء ، وكم أدت إلى الحمق والجنون .

واعلم أن حياتك تبع لأفكارك، فإن كانت أفكارك فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فحياتك طيبة سعيدة. وإلا فالأمر بالعكس.

والمُعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الأسباب النافعة المقوية للقلب ، الدافعة لقلقه ، قال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) الطلاق/3

. أي كافيه جميع ما يُهمه من أمر دينه ودنياه ، فالمتوكل على الله قوي القلب لا تؤثر فيه الأوهام ، ولا تُزعجه الحوادث ، لعلمه أن ذلك من ضعف النفس

ومن الخور والخوف الذي لا حقيقة له ، ويعلم مع ذلك أن الله قد تكفل لمن توكل عليه بالكفاية التامة ، فيثق بالله ويطمئن لوعده ، فيزول همه وقلقه

ويتبدل عُسره يُسرا ، وترحه فرحا ، وخوفه أمنا ، فنسأله تعالى العافية ، وأن يتفضل علينا بقوة القلب وثباته ، وبالتوكل الكامل الذي تكفل الله لأهله بكل خير ، ودفع كل مكروه وضير .

وينبغي أيضاً إذا أصابه مكروه أو خاف منه أن يقارن بين بقية النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية، وبين ما أصابه من مكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم، واضمحلال ما أصابه من المكاره.

انظر كتاب الوسائل المفيدة للحياة السعيدة للشيخ عبد الرحمن بن سعدي .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-04, 17:41   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

* وقد لخص ابن القيم خمسة عشر نوعاً من الدواء يذهب الله بها الهم والحزن وهي :

الأول: توحيد الربوبية.

الثاني: توحيد الإلهية.

الثالث:التوحيد العلمي الاعتقادي (وهو توحيد الأسماء والصفات).

الرابع : تنـزيه الرب تعالى عن أن يظلم عبده ، أو يأخذه بلا سبب من العبد يوجب ذلك .

الخامس: اعتراف العبد بأنه هو الظالم.

السادس : التوسل إلى الرب تعالى بأحب الأشياء ، وهو أسماؤه وصفاته ، ومن أجمعها لمعاني الأسماء والصفات : الحي القيوم.

السابع : الاستعانة به وحده .

الثامن : إقرار العبد له بالرجاء .

التاسع : تحقيق التوكل عليه ، والتفويض إليه ، والاعتراف له بأن ناصيته في يده ، يصرفه كيف يشاء ، وأنه ماض فيه حكمه ، عدل فيه قضاؤه .

العاشر: أن يرتع قلبه في رياض القرآن ، ويتعزى به عن كل مصيبة ، ويستشفي به من أدواء صدره ، فيكون جلاء حزنه ، وشفاء همه وغمه .

الحادي عشر : الاستغفار.

الثاني عشر: التوبة.

الثالث عشر : الجهاد.

الرابع عشر : الصلاة.

الخامس عشر : البراءة من الحول والقوة وتفويضهما إلى من هما بيده.

نسأل الله تعالى أن يعافينا من الهموم وأن يفرج عنا الكروب ويزيل عنا الغموم إنه هو السميع المجيب، وهو الحي القيوم.

والله أعلم

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:11   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



يسأل عن طبيعة النفس وتأثيرها في عمل الإنسان وهل تتأثر وراثياً؟

السؤال :

يعتقد النصارى بعقيدة الخطيئة الأصلية ، وأن البشر ورثوا تلك المعصية كلعنة من الله ، وعليه ورث جميع الرجال والنساء من بني آدم وحواء المعصية

ونحن نؤمن بالنفس والتي هي رغباتنا الطبيعية لارتكاب المعاصي (أظن ذلك) . فمتى وجدت النفس في جسد بني آدم ؟

هل كان ذلك عند نفخ الروح في الجسد أم قبل ذلك أو بعد ذلك ؟

وكيف يختلف أمر النفس عندنا عن الخطيئة الأصلية عند النصارى ؟

هل نرث النفس من آبائنا؟ وما دور النفس في شهر رمضان ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

النفس المدبرة للبدن هي الروح المنفوخة فيه ، فنفس آدم وجدت فيه عند نفخ الروح فيه ، ولكن لفظ " النفس " يطلق باعتبار ، ولفظ " الروح " يطلق باعتبار آخر .

قال شيخ الإسلام رحمه الله ، كما في "مجموع الفتاوى" (9/289) :

"وَالرُّوحُ الْمُدَبِّرَةُ لِلْبَدَنِ ، الَّتِي تُفَارِقُهُ بِالْمَوْتِ : هِيَ الرُّوحُ الْمَنْفُوخَةُ فِيهِ ، وَهِيَ النَّفْسُ الَّتِي تُفَارِقُهُ بِالْمَوْتِ ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَامَ عَنْ الصَّلَاةِ: ( إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا حَيْثُ شَاءَ

وَرَدَّهَا حَيْثُ شَاءَ ) ، وَقَالَ لَهُ بِلَالٌ: ( يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِك ) ، وَقَالَ تَعَالَى: ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: يَقْبِضُهَا قبضين: قَبْضُ الْمَوْتِ ، وَقَبْضُ النَّوْمِ ، ثُمَّ فِي النَّوْمِ يَقْبِضُ الَّتِي تَمُوتُ ، وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، حَتَّى يَأْتِيَ أَجَلُهَا وَقْتَ الْمَوْتِ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إذَا نَامَ : ( بِاسْمِك رَبِّي وَضَعْت جَنْبِي وَبِك أَرْفَعُهُ ، إنْ أَمْسَكْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا وَارْحَمْهَا ، وَإِنْ أَرْسَلْتهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَك الصَّالِحِينَ ) .

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ الشُّهَدَاءَ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ ، تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ ، ثُمَّ تَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ .

وَثَبَتَ أَيْضًا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ: أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قُبِضَتْ رُوحُهُ ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : ( اُخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ، اُخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْك ) .

وَيُقَالُ : ( اُخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ؛ اُخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْك ) .

وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: ( نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ : طَائِرٌ ؛ تَعْلُقُ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ ، ثُمَّ تَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ ) ؛ فَسَمَّاهَا نَسَمَةً.

وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ: أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِبَلَ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ ، وَقِبَلَ شِمَالِهِ أَسْوِدَةٌ ؛ فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ

وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى . وَأَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذِهِ الْأَسْوِدَةُ نَسَمُ بَنِيهِ: عَنْ يَمِينِهِ السُّعَدَاءُ ، وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْقِيَاءُ .

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: ( وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ) .

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ( إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ ) .

فَقَدْ سَمَّى الْمَقْبُوضَ وَقْتَ الْمَوْتِ ، وَوَقْتَ النَّوْمِ : رُوحًا ، وَنَفْسًا.

وَسَمَّى الْمَعْرُوجَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ : رُوحًا ، وَنَفْسًا.

لَكِنْ يُسَمَّى نَفْسًا بِاعْتِبَارِ تَدْبِيرِهِ لِلْبَدَنِ ، وَيُسَمَّى رُوحًا بِاعْتِبَارِ لُطْفِهِ ؛ فَإِنَّ لَفْظَ " الرُّوحِ " يَقْتَضِي اللُّطْفَ ، وَلِهَذَا تُسَمَّى الرِّيحُ : رُوحًا. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الرِّيحُ مِنْ رُوحِ اللَّهِ )

أَيْ مِنْ الرُّوحِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ ؛ فَإِضَافَةُ الرُّوحِ إلَى اللَّهِ : إضَافَةُ مِلْكٍ ، لَا إضَافَةُ وَصْفٍ ؛ إذْ كَلُّ مَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ : إنْ كَانَ عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا ؛ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ

. وَإِنْ كَانَ صِفَةً قَائِمَةً بِغَيْرِهَا ، لَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ تَقُومُ بِهِ : فَهُوَ صِفَةٌ لِلَّهِ." . انتهى .

ثم قال رحمه الله ( 9/294 ) :

" لَفْظُ " النَّفْسِ " : يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ النَّفْسِ الْمُتَّبِعَةِ لِهَوَاهَا ، أَوْ عَنْ اتِّبَاعِهَا الْهَوَى ، بِخِلَافِ لَفْظِ " الرُّوحِ " ؛ فَإِنَّهَا لَا يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ ذَلِكَ ؛ إذْ كَانَ لَفْظُ " الرُّوحِ " لَيْسَ هُوَ بِاعْتِبَارِ تَدْبِيرِهَا لِلْبَدَنِ. وَيُقَالُ النُّفُوسُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:

وَهِيَ " النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ " الَّتِي يَغْلِبُ عَلَيْهَا اتِّبَاعُ هَوَاهَا بِفِعْلِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي. وَ" النَّفْسُ اللَّوَّامَةُ " وَهِيَ الَّتِي تُذْنِبُ وَتَتُوبُ ، فَعَنْهَا خَيْرٌ وَشَرٌّ ؛ لَكِنْ إذَا فَعَلَتْ الشَّرَّ تَابَتْ وَأَنَابَتْ ، فَتُسَمَّى لَوَّامَةً

لِأَنَّهَا تَلُومُ صَاحِبَهَا عَلَى الذُّنُوبِ ، وَلِأَنَّهَا تَتَلَوَّمُ ، أَيْ تَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَ" النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ " ، وَهِيَ الَّتِي تُحِبُّ الْخَيْرَ وَالْحَسَنَاتِ

وَتُرِيدُهُ ، وَتُبْغِضُ الشَّرَّ وَالسَّيِّئَاتِ ، وَتَكْرَهُ ذَلِكَ ، وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ لَهَا خُلُقًا وَعَادَةً وَمَلَكَةً.

فَهَذِهِ صِفَاتٌ وَأَحْوَالٌ لِذَاتٍ وَاحِدَةٍ ؛ وَإِلَّا فَالنَّفْسُ الَّتِي لِكُلِّ إنْسَانٍ : هِيَ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ ، وَهَذَا أَمْرٌ يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ."
.









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:12   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا :

وأما عقيدة الخطيئة الأصلية عند النصارى : فإنهم يعتقدون أن البشرية كلها قد ورثت الخطيئة الأصلية عن آدم وحواء .

وأصل الخطيئة في معتقدهم : هو أن الله تعالى أمر آدم ألا يأكل من أحدى أشجار الجنة, فأكل منها مخالفًا الأمر الإلهي.

وخير تمثيل لهذا المبدأ هو: أن خادما أخطأ، فعاقبه سيده، ونتيجة لخطأ الخادم ، أصبح أبناء الخادم ملوثين بخطئه، ولمحبة السيد لأسرة الخادم

ورحمته بهم، وعدله في أن يوقع العقاب، قام السيد بعقاب ابنه وليس ابن الخادم، وذلك لكي يخلّص أبناء الخادم من الذنب!.

وفي المثال السابق لا نجد عدلا ولا رحمة!، فلا ذنب لأبناء الخادم، ولا ذنب لابن السيد، ثم لا داعي للفداء أصلا ؛ ما دام ممكنا : عقاب الفاعل ، أو العفو عنه ، وينتهي الأمر !!

إن الحل الذي قدمه الإسلام لهذه القضية هو حل بسيط ، مفهوم ، معقول ، ملائم لما تقرر من قدرة الله وحكمته .

فقد قال تعالى : (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ، ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ) طه/121‑122

وقال تعالى :( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة/37 .

وقد جاء في العهد القديم ، والعهد الجديد : أن مغفرة الذنوب تكون بالتوبة ، وليست بالتضحية والفداء.

أ- ففي حزقيال 18: 21-23

" فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها، وحفظ كل فرائضي ، وفعل حقًا وعدلًا : فحياة يحيا، لا يموت، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه، بره الذي عمل : يحيا " .

ب- وفي متى 3: 1

"وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ : جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ. قَائِلًا: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ .. حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ ، وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ

وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنّ … وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ " .
معترفين بخطاياهم وليسوا معترفين بالخطيئة الأصلية.

ج- وفي مرقس 1: 4

" كان يوحنا يعمد في البرية ، ويكرز بمعمودية التوبة ، لمغفرة الخطايا " .

د- وفي لوقا 15: 7

" أقول لكم: إنه هكذا : يكون فرح في السماء ، بخاطئ واحد يتوب " .

وبينت نصوص العهد القديم أن كل إنسان يتحمل ذنبه وإثمه ، ولا يتحمل وزر غيره.

أ- ففي حزقيال 18: 20 - 21

" النفس التي تخطيء : هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار : عليه يكون ، وشر الشرير : عليه يكون " .

ب-وفي التثنية 24: 16

" لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل " .

ج- وفي إرمياء 31: 30

" بل كل واحد يموت بذنبه، كل إنسان يأكل الحِصْرِم : تضرس أسنانه " .

د-وفي أيام 25 : 4

" لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته".

وقد ذكر العهد القديم أن الله تعالى عاقب آدم وحواء نتيجة مخالفتهم أمره, فكان عقاب آدم المشقة التي يعانيها في الدنيا, وعقاب حواء آلام الوضع

واشتياقها لزوجها ، وتسلط الزوج عليها ؛ ولم يذكر أبدًا أن هذه الخطيئة سوف يتوارثها بنو آدم وحواء ، عن أبويهما !!

ففي سفر التكوين 3 : 16-18

" وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: « تَكْثِيرًا ، أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ ؛ بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا ، وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ ، وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».

وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ ، وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا ؛ مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ ، بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ ، وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ " .

ينظر الفصل الخامس من كتاب : " البيان الصحيح لدين المسيح " ، للأستاذ ياسر جبر ، وسلسلة الهدى والنور ، للدكتور منقذ السقار ، جوابا على سؤال : هل افتدانا المسيح على الصليب – ص 219 .

وبناء على ذلك : فمفهوم ميراث الخطايا ، أو الخطيئة الأصلية تحديدا ، فيما يعتقده النصارى : مفهوم باطل ، محدث مبتدع على أيدي من حرفوا التوراة والإنجيل

وهو مخالف لكثير من النصوص الواضحة في العهدين القديم والجديد ، كما سبق بيانه !

وقد أبطل الله تعالى في كتابه هذا المفهوم في غير موضع !

فقال تعالى : ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) الأنعام/164 .

وقال تعالى : ( وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا *

مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء/13-15 .

وقال تعالى : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) فاطر/18 .

هذا فيما يتعلق بوراثة الخطايا ، وانتقال وزرها من الآباء إلى الأبناء .

ثالثا

وأما وراثة الأنفس للطبائع والمفاهيم من الآباء : فهذا ليس حتميا ، ولا لازما ؛ بل قد يكون ، وقد لا يكون.

فالله تعالى يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ..

فيخرج من صلب الكافر ، مؤمنا ، موحدا ؛ وكم حدث هذا في عالم الناس ، في أول البعثة ، وفي توالي الأجيال ...

ويخلق من المؤمن التقي : فاجرا ، كفارا .. وهذا أيضا معلوم ، مشاهد ...

ويكون من البخيل كريما ، ومن الجواد لئيما ، ومن الجبان : شجاعا ، مقداما ، وهكذا .

وإنما كل نفس لها ما كسبت ، وعليها ما اكتسبت ، من الأخلاق ، والأقوال ، والأفعال .

ولو كانت وراثة الصفات ، والأخلاق ، والأحوال ، والأفعال : حتمية ، تنتقل من الأب لبنيه ، ولا يمكن للأبناء أن يتغلبوا على ذلك العامل الوراثي

الجيني ؛ لكان طلب الخير ، وإصلاح النفوس منهم : تكليفا لهما بما لا يطيقون ؛ وقد أخبر الله تعالى أن سنته في عباده غير ذلك .

قال تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) البقرة/286 .

وفي صحيح مسلم (200) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) البقرة/ 284 ، قَالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ،

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا " قَالَ: فَأَلْقَى اللهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)البقرة/ 286 "

قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ " (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) البقرة/ 286 " قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ، (وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا) البقرة/ 286 ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ) .

ولذلك ، جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إنما العلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم ؛ ومن يتحَرَّ الخير : يُعْطَهْ ، ومن يتوق الشر : يُوَقه ) .

أخرجه الخطيب في " تاريخه " (9 / 127) وحسنه الألباني في "الصحيحة" (342).

وأما النفس في رمضان : فلها دور في حال الإنسان ، ولا شك ؛ فالنفس المطمئنة : أسعد الأنفس برمضان ، وما فيه من التعبد والعمل بطاعة الله .

والنفس اللوامة : أقل منها حظا في الانتفاع برمضان ، ولكنها تجد في رمضان بيئة ملائمة للعمل بطاعة الله ، ومقاومة الهوى .

وأما النفس الأمارة بالسوء : فلا تنتفع عادة برمضان ، بل لعلها تخرج منه أسوأ حالا من حالها وقت دخوله ، إلا إذا تابت وأنابت ورجعت إلى الله بالتوبة الصادقة النصوح عند دخول رمضان .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:17   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الوسائل المعينة على غض البصر

السؤال


سؤالي يتعلق بمسألة معقدة..هنا في كندا يوجد نقص في الأخلاق و الناس- خصوصا النساء- كثير منهن لا يرتدين شيئا تقريبا..مشكلتي هي أنني لا أستطيع التوقف عن النظر لهؤلاء النساء ..أعلم أن الزواج فرض عليّ

وأن علي الذهاب لبلد إسلامي ( و هو ما لا أستطيع عمله الآن ) هل تستطيع إعطائي أي نصيحة لتساعدني في التعامل مع هذه المشكلة .


الجواب

الحمد لله

قلنا هنا مراراً إنه لا يحل البقاء في بلاد الكفر لمن ليس بمعذور عذراً شرعيّاً ، وهذه البلاد فيها الكفر والفسوق والعصيان

وفيها الانتكاس عن الفطرة التي خلق الله الناس عليها ، ومن الفواحش المنتشرة في تلك البلدان التبرج الفاحش حتى لا تكاد تلبس المرأة شيئاً يسترها – كما قال السائل - .

وهذا الواقع يؤدي إلى محرمات وكبائر ومنها : المخالطة والمماسة والزنا ، وكل ذلك مبدؤه النظر .

لذا جاءت الشريعة بتحريم الطرق التي تؤدي للفاحشة ومنها : النظر إلى الأجنبية :

أ. قال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } النور / 30 .

قال الإمام ابن كثير :

هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا أبصارهم عما حرم عليهم فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه

وأن يغمضوا أبصارهم عن المحارم فإن اتفق أن وقع بصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً .

تفسير ابن كثير ( 3 / 282 ) .

ب. ويقول تعالى { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن } الأحزاب / 53 .

ج. وعن جرير بن عبد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري .

رواه مسلم ( 2159 ) .

قال النووي :

ومعنى " نظر الفجأة " : أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال فإن صرف في الحال فلا إثم عليه

وإن استدام النظر أثم لهذا الحديث فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصرف بصره مع قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } …

ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها أو شراء الجارية أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما

ونحو ذلك وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد والله أعلم .

" شرح مسلم " ( 14 / 139 ) .

ثانياً :

وهناك وسائل معينة على غض البصر ، نسأل الله أن يعينك على تحقيقها :

1 - استحضار اطلاع الله عليك ، ومراقبة الله لك ، فإنه يراك وهو محيط بك ، فقد تكون نظرة خائنةً ، جارك لا يعلمها ؛ لكنَّ الله يعلمها . قال تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور } غافر / 19 .

2- الاستعانة بالله والانطراح بين يديه ودعائه ، قال تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } غافر / 60 .

3- أن تعلم أن كل نعمة عندك هي من الله تعالى ، وهي تحتاج منك إلى شكر ، فنعمة البصر من شكرها حفظها عما حرم الله ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ قال تعالى : { وما بكم من نعمة فمن الله } النحل / 53 .

4- مجاهدة النفس وتعويدها على غض البصر والصبر على ذلك ، والبعد عن اليأس ، قال تعالى : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } العنكبوت / 69 .

وقال صلى الله عليه وسلم " … ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله … " رواه البخاري ( 1400 ) .

5 – اجتناب الأماكن التي يخشى الإنسان فيها من فتنة النظر إذا كان له عنها مندوحة ، ومن ذلك الذهاب إلى الأسواق والجلوس في الطرقات

… قال – صلى الله عليه وسلم – " إياكم والجلوس في الطرقات ، قالوا : مالنا بدٌّ ، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها ، قال : فإذا أبيتم إلا المجالس

فأعطوا الطريق حقها ، قالوا : وما حق الطريق ، قال : غض البصر ، وكف الأذى … " رواه البخاري ( 2333 ) ومسلم ( 2121 ) .

6 – أن تعلم أنه لا خيار لك في هذا الأمر مهما كانت الظروف والأحوال ، ومهما دعاك داعي السوء ، ومهما تحركت في قلبك العواطف والعواصف

فإن النظر يجب غضه عن الحرام في جميع الأمكنة والأزمنة ، وليس لك أن تحتج مثلاً بفساد الواقع ولا تبرر خطأك بوجود ما يدعو إلى الفتنة

قال تعالى : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً } الأحزاب / 36 .

7- الإكثار من نوافل العبادات ، فإن الإكثار منها مع المحافظة على القيام بالفرائض ، سببٌ في حفظ جوارح العبد ، قال الله تعالى في الحديث القدسي "

… وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها

ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه … " البخاري ( 6137 ) .

8– تذكر شهادة الأرض التي تمارس عليها المعصية ، قال تعالى : { يومئذ تحدث أخبارها } الزلزلة / 4 .

9- تذكر الملائكة الذين يحصون عليك أعمالك ، قال تعالى : { وإن عليكم لحـافظين . كراماً كاتبين . يعلمون ما تفعلون } الانفطار / 10 –12 .

10- استحضار بعض النصوص الناهية عن إطلاق البصر ، مثل قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } النور / 30 .

11– البعد عن فضول النظر ، فلا تنظر إلا إلى ما تحتاج إليه ولا تطلق بصرك يميناً وشمالاً فتقع فيما لا تستطيع سرعة التخلص منه من تأثير النظر إلى ما فيه فتنة .

12– الزواج ، وهو من أنفع العلاج ، قال – صلى الله عليه وسلم – " من استطاع الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أخرجه البخاري ( 1806 ) ومسلم ( 1400 ) .

13– الصوم ، للحديث السابق .

14– أداء المأمورات كما أمر الله ، ومنها : الصلاة قال تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .. } العنكبوت / 45 .

15– تذكر الحور العين ، ليكون حادياً لك على الصبر عن ما حرم الله طلباً لوصال الحور ، قال تعالى { وكواعب أترابا } النبأ / 33 .

وقال – صلى الله عليه وسلم - " … ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت على أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها " رواه البخاري ( 2643 ) .

16– استحضار ما في المنظور إليه من النقص وما يحمله من الأذى والقاذورات في أحشائه …؟!

17– العلو بالهمة إلى معالي الأمور .

18– محاسبة النفس بين الحين والآخر ، ومجاهدتها على غض البصر ، واعلم أن لكل جوادٍ كبوة .

19– تذكر الألم والحسرة التي تعقب هذه النظرة ، وتقدمت آثار إطلاق البصر .

20– معرفة ما لغض البصر من فوائد ، وقد تقدمت .

21– إثارة هذا الموضوع في المجالس والتجمعات ، وتبيين أخطاره .

22- إصلاح الأقارب ، ونصحهم بعدم لبس ما يثير النظر ويظهر المحاسن مثل : طريقة اللبس و الألوان الزاهية و طريقة المشي والتميع في الكلام ونحوه .

23– دفع الخواطر والوساوس قبل أن تصير عزماً ، ثم تنتقل إلى مرحلة الفعل ، فمن غض بصره عند أول نظرةٍ سَلِمَ من آفات لا تحصى ، فإذا كرر النظر فلا يأمن أن يُزرعَ في قلبه زرعٌ يصعبُ قلعه .

25 – الخوف من سوء الخاتمة ، ومن التأسف عند الموت .

26 – صحبة الأخيار ، فإن الطبع يسرق من خصال المخالطين ، والمرء على دين خليله ، والصاحب ساحب .

27 – العلم بأن زنا العين النظر ، وكفى بذلك قبحاً .

رسالة " غض البصر " لبعض طلبة العلم ، بتصرف .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:21   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المعصية وأثرها على صاحبها

السؤال

حججت عن نفسي وبعد الحج بأشهر لم أر علامات القبول من الإقبال على الطاعات بل عملت الكثير من المعاصي وفي العام المنصرم عقدت العزم على الحج عن أمي المتوفاة

سألت أحد المشايخ فأفتاني بالحج عنها كما نويت والكثرة من الاستغفار والتضرع فحججت عن أمي في إحدى الحملات وفي طواف الوداع كان الزحام شديدا فطفنا شوطا وجزء من شوط ثم صعدنا إلى السطح

لشدة الزحام لم نعلم الموقع الذي وقفنا عنده بالضبط في الأسفل ولكن اجتهدنا في بداية الطواف من السطح أن يكون من الموضع الذي انتهينا عنده أسفل وطفنا حتى أتممنا الطواف ..

بعد حجي الأخير إن اتجهت للمعاصي - وقد وقعت في كثير منها - شعرت بقسوة وضيق صدر وإن اتجهت إلى الطاعات أحسست بلذةٍ وأحمل عاطفة صادقة ومتأثرة نحو حال الإسلام وأهله في هذا الزمن ..

وأنا قلق بشأن الحجين وشأن الطواف .. أفتوني مأجورين.


الجواب


الحمد لله

أولاً : ننصحك أيها السائل بالبعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها والحذر كل الحذر منها ؛ فإن للمعصية شؤماً على صاحبها ، فإليك بعض آثارها من كلام ابن القيم رحمه الله :

1- " حرمان العلم ، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ، والمعصية تُطفئ ذلك النور . ولما جلس الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته

وتوقُّد ذكائه ، وكمال فهمه ، فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً ، فلا تُطفئه بظلمة المعصية .

2- حرمان الرزق ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه " رواه ابن ماجه (4022) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .

3- وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه ، وبينه وبين الناس .قال بعض السلف : إني لأعصي الله ، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي .

4- تعسير أموره عليه ، فلا يتوجه لأمرٍ إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه ، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا .

5- أن العاصي يجد ظلمةً في قلبه ، يُحس بها كما يحس بظلمة الليل ، فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره ، فإن الطاعة نور ، والمعصية ظلمة

وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر ، كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده ، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين

ثم تقوى حتى تعلو الوجه، وتصير سواداً يراه كل أحد . قال عبد الله بن عباس : " إن للحسنة ضياءً في الوجه ، ونوراً في القلب ، وسعةً في الرزق ، وقوةً في البدن

ومحبةً في قلوب الخلق ، وإن للسيئة سواداً في الوجه ، وظلمةً في القلب ، ووهناً في البدن , ونقصاً في الرزق ، وبغضةً في قلوب الخلق " .

6- حرمان الطاعة ، فلو لم يكن للذنب عقوبةٌ إلا أن يُصدَّ عن طاعةٍ تكون بدله ، وتقطع طريق طاعة أخرى ، فينقطع عليه بالذنب طريقٌ ثالثة ثم رابعة وهلم جرا ، فينقطع عنه بالذنب طاعات كثيرة

كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها ، وهذا كرجل أكل أكلةً أوجبت له مرضاً طويلا منعه من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان .

7- أن المعاصي تزرع أمثالها ، ويُولِّد بعضها بعضاً ، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها .

8- أن المعاصي تُضعف القلب عن إرادته ، فتقوى إرادة المعصية ، وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية

... فيأتي من الاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيءٍ كثير ، وقلبه معقودٌ بالمعصية ، مُصرٌ عليها ، عازم على مواقعتها متى أمكنه ، وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك .

9- أنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية فتصير له عادة ، لا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ،ولا كلامهم فيه .

وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة ، حتى يفتخر أحدهم بالمعصية ، ويُحدِّث بها من لم يعلم أنه عملها ، فيقول : يا فلان ، عملت كذا وكذا . وهذا الضرب من الناس لا يعافون

ويُسدُّ عليهم طريق التوبة ،وتغلق عنهم أبوابها في الغالب . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرون

وإنَّ من المجاهرة : أن يستر الله العبد ثم يُصبح يفضح نفسه ويقول : يا فلان عملت يوم كذا .. كذا وكذا ، فيهتك نفسه وقد بات يستره ربه " رواه البخاري (5949) ومسلم (2744) .

10- أن الذنوب إذا تكاثرت طُبِعَ على قلب صاحبها ، فكان من الغافلين . كما قال بعض السلف في قوله تعالى : { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } قال : هو الذنب بعد الذنب .

وأصل هذا أن القلب يصدأ من المعصية ، فإذا زادت غلب الصدأ حتى يصير راناً ، ثم يغلب حتى يصير طبعاً وقفلاً وختماً ، فيصير القلب في غشاوة وغلاف

فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة انتكس فصار أعلاه أسفـله ، فحينئذٍ يتولاه الشيطان ويسوقه حيث أراد .

ثانياً : قولك إنك " حججت ولم تر علامات القبول ، بل ازددت من المعاصي " يجاب عليه : بأن القبول إنما هو من الله ، ولا يستطيع أحدٌ أن يجزم لك بأن عملك قد قبل أم لا ؟

فالمؤمن يعمل الأعمال الصالحة وهو لا يعلم هل قبل الله منه أم لا ؟

حتى قال ابن عمر لو علمت بأن الله قبل مني حسنة واحدة لكان الموت أحب غائب إليَّ ؛ لأن الله يقول : " إنما يتقبل الله من المتقين " .

والإنسان مطلوب منه أن يُكثر من العمل الصالح ، وأن يجتهد في العمل بحيث يكون موافقاً لأمر الله ورسوله ، ويكون بذلك قد أبرأ ذمته ، ثم يسأل الله القبول .

فأنت أيها السائل إذا كان حجك صحيحاً خالياً من المحظورات فلا يلزمك إعادته ، وأما وقوعك في المعاصي فليس له تعلق بصحة الحج من عدمه ، ولكنك محاسب عليها،فعليك بالمبادرة بالتوبة منها قبل حلول الأجل .

ثالثاً : قولك بأنك طفت ثم صعدت إلى السطح لشدة الزحام .

هذه مسألة الموالاة في الطواف ، وقد سُئلت اللجنة الدائمة عن سؤالٍ مشابهٍ لمسألتك فأجابت بأنه لا بأس من قطع الطواف وإكماله في الدور الأعلى .انظر فتاوى اللجنة الدائمة (11/230 ، 231، 232) .

وأما بداية الطواف فيكون من الموضع الذي انتهيت إليه ، وبالنسبة لاجتهادك في تحديد الموضع فإنه إذا تعذر اليقين عمل الإنسان بغلبة الظن لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن شك فتردد هل صلى ثلاثاً أم أربعاً قال

: " فليتحرَّ الصواب ، ثم ليُتم عليه – أي يبني على التحري – ثم ليُسلم ثم ليسجد سجدتين بعد أن يُسلم " رواه البخاري (401) ومسلم (572) ، أنظر الشرح الممتع (3/461) .

وبناءً عليه فإكمال الطواف من السطح واجتهادك في البداية من الموضع الذي قطعت طوافك منه لا شيء عليك فيه إن شاء الله

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-08, 14:24   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

الحكمة من إقامة الصلاة بكيفيتها المعروفة

السؤال:

لدي تشكك واحد لا أجد له تفسيرا مناسبا...لماذا نصلي بتلك الكيفية من تكبير وسجود وقيام؟ أفلا يكفي أن نجلس فنقرأ القرآن وندعو الله عوضا عن ذلك ؟

فلماذا صيغ الأمر بتلك الكيفية وبهذا الشكل ؟


الجواب :

الحمد لله


أولاً :

اعلم – هداك الله – أن مبنى ديننا الحنيف على وجوب السمع والطاعة ، وأن لا نقترح على الله ، وكما أننا نثق بكلام الطبيب ولا نعارضه ، بل نسمع ونطيع ، وإذا قال : هذا الدواء بعد العشاء . لم نقل : لم لا يكون قبله ؟

أو قال : سبع قطرات . لم نقل : لم لا تكون خمسا ؟

وإنما نذعن لما يقول ، ولو كان في ذلك ما نكره من مرارة الدواء أو غلاء ثمنه ونحو ذلك ، وهو مع ذلك بشر لا يملك الشفاء ، ويخطئ ويصيب ، وقد يكون خطؤه أكثر من صوابه .

فالواجب علينا أن يكون تسليمنا للشرع أشد ، فإنه تنزيل من حكيم حميد ، عليم خبير ، (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء/23 .

إن الإيمان لا يثبت إلا بالتسليم المطلق لله ولرسوله ، قال الله تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/65 .

وقال تعالى : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) النور/51 .

وقال الله عز وجل : (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة/285 .

قال السعدي :

" هذا التزام من المؤمنين ، عام لجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة ، وأنهم سمعوه سماع قبول وإذعان وانقياد " انتهى .

"تفسير السعدي" (ص 961) .

فمن تأمل هذه الآيات علم أن مبنى الدين على التسليم والخضوع والانقياد لله رب العالمين ، وكيف لا يسلم له سبحانه في كل شيء من أمر دينه ودنياه من آمن به ربا خالقا هاديا رازقا مدبرا ؟!

وكيف لا يسلم لرسوله صلى الله عليه وسلم من آمن به نبيا مرسلا من عند ربه ؟!

ولو أن إنساناً انتهج هذا المنهج في السؤال لم يَبْعُدْ أن ينتهي به الأمر إلى الإلحاد ، لأنك تقول: لماذا لم تكن الصلاة مجرد قراءة للقرآن والدعاء ، فيأتي ثانٍ ويقول : وما الداعي للدعاء أفلا يكفي القرآن؟

ويأتي ثالث ويقول : لماذا الصلاة أصلاً ، أفلا يكفي قول لا إله إلا الله ، وقل مثل ذلك في الزكاة والصيام والحج جميع الأحكام الشرعية . فينتهي الأمر إلى إنكار الأحكام الشرعية والإلحاد.

ثالثاً :

فرضت الصلاة على هذه الصفة التي هي أحسن ما يكون وأكمل ما يكون حتى تتحقق العبودية لله والذل له ، والتلذذ بمناجاته ، فيستقبل الرجل القبلة ، ويقف ذليلاً بين يدي الله مطأطأ الرأس ، ثم يركع لله تذللاً له ، ثم يزيد ذله لله بالسجود .

وانظر وصفاً تفصيلاً لصفة الصلاة من التكبير إلى التسليم مع التدبر في أفعالها وأقوالها بما لا مزيد عليه لابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "الصلاة" .

ونسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ويجعل الصلاة قرة عيوننا .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-10, 15:03   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




ماذا نفعل لمذابح المسلمين في فلسطين والعالم

السؤال


ما هو موقفنا مما يحدث الآن من المذابح للمسلمين في فلسطين وفي أنحاء أخرى في العالم ، من تخريب بيوت وجرف مزارع وقتل أطفال وحبس الجرحى في الشوارع

وقصف البيوت ومنع الناس من شراء ما يحتاجونه من الطعام والشراب من قبل اليهود وغيرهم ، ماذا يمكنني كمسلم أن أفعل ؟

الجواب

الحمد لله

1- عليكم بالدعاء ، ومنه : القنوت في الصلاة . والدعاء من أعظم الأسباب التي ينصر الله بها المؤمنين على عدوهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ) رواه البخاري (2896)

ولفظ النسائي (3178) : (إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا : بِدَعْوَتِهِمْ ، وَصَلَاتِهِمْ ، وَإِخْلَاصِهِمْ) وصححه الألباني في صحيح النسائي .

2- جمع الصدقات وإيصالها عن طريق الثقات .

3- مناصرة المستضعفين بكل الطرق ومنها وسائل الإعلام المتنوعة ، بإيضاح الحقائق وإيقاف العالم على صور الظلم والعدوان التي تمارس ضد أهل فلسطين ، وغيرهم من المسلمين .

4- استثارة واستنهاض همم العلماء والدعاة والخطباء والكُتَّاب لبيان الظلم الواقع ، والتقصير في رفعه ، وتجييش الأمة للدفاع عن المقدسات .

5- محاسبة النفس على التقصير في الغزو ، وفي نيته عند العجز عنه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ ) رواه مسلم (3533) .

6- تربية الأبناء على عداوة اليهود وأعداء الدين ووجوب جهادهم عند القدرة .

7- الأخذ بجميع أسباب إعداد القوة المادية والمعنوية استعداداً لملاقاة العدو ، قال الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) الأنفال/60 .

8- تذكير النفس والناس بفضل الشهادة في سبيل الله والإلمام بأحكام الجهاد ، وترك التعلق بالدنيا .

9- الاستفادة من شبكة الإنترنت في مواجهة اليهود إعلامياً وثقافياً بإنشاء المواقع التي تبين جرائمهم وتكشف زيفهم ، والمشاركة في المواقع الحوارية التي يبثون فيها أفكارهم لدحضها وبيان باطلها

إلى غير ذلك من صور المواجهة .

10- مراسلة الجمعيات الحقوقية العالمية والمنظمات الدولية بأنواعها ، وإيقافهم على الجرائم التي يرتكبها اليهود في فلسطين ، والمطالبة بمحاكمة من يقف وراءها .

11- على المسلمين المقيمين في الدول الغربية أن يطالبوا تلك الحكومات أن يكون لها دور إيجابي تجاه هذه الأزمات ، والضغط عليها نحو العدالة والإنصاف .

12- المطالبة بتفعيل دور المؤسسات والجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي بقوة ، لكي تنشط في إغاثة إخواننا ، وإيصال المساعدات إليهم .

13- على المسلم أن يعمل على تحريك المجتمع من حوله للتفاعل مع الأحداث ، وحث الناس على أن يقدم كل واحد منهم ما يستطيع أن يقدمه .

14- التأكيد على أن القضية قضية إسلامية ، يتحمل مسؤوليتها جميع المسلمين ، حكومات وشعوباً ، ليست قضية الفلسطينيين وحدهم ، ولا العرب ، بل هي قضية المسلمين جميعاً .

15- الحديث عن التطبيع وخطورته ، وبيان أضرار ذلك على الدول التي بدأت به ، لعلهم يتوبون ويرجعون ، ويَحْذَرُ غيرُهم .

16- التواصل مع الإعلاميين الشرفاء ـ من العرب وغيرهم ـ وحثهم على الكتابة وتقديم البرامج التي تدفع الرأي العام والحكومات إلى التعامل مع هذه الأزمات بشيء من العدل ، والوقوف مع المظلوم .

نسأل الله العلي القدير أن ينصر دينه ويعلي كلمته.

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-10, 15:07   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الامتناع عن عمل الخير خوفاً من الرياء

السؤال

ما هي حدود الامتناع عن عمل الخير خوفا من الرياء ؟.

الجواب

الحمد لله

يجب أن يُعلم أن الشيطان حريص على إيقاع المسلم في أحد أمرين : إما أن يجعله يعمل العمل رياءً وسمعة ، ولا يخلص فيه لله ، وإما أن يجعله يترك العمل بالكلية .

والمسلم الصادق في نيته لا يهمه ما يلقيه الشيطان من وساوس في عمله وأنه لغير الله ، ولا يهمه ما يلقيه الشيطان من وساوس ليترك الطاعة تخويفاً له من الرياء

فإن القلب الصادق المطمئن يستوي عند صاحبه العمل في السر والعمل في العلن .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

امرأة تسأل فتقول : إني أخاف من الرياء وأحذره لدرجة أنني لا أستطيع أن أنصح بعض الناس أو أنهاهم عن أمور معينة مثل الغيبة والنميمة ونحو ذلك ، فأخشى أن يكون ذلك رياء مني

وأخشى أن يظن الناس فيّ ذلك ويعدوه رياء فلا أنصحهم بشيء ، كما أني أقول في نفسي : إنهم أناس متعلمون ، وليسوا في حاجة إلى نصح ، فما هو توجيهكم ؟

فأجاب :

" هذا من مكايد الشيطان ، يخذل بها الناس عن الدعوة إلى الله وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن ذلك أن يوهمهم أن هذا من الرياء

أو أن هذا يخشى أن يعده الناس رياء فلا ينبغي لك أيتها الأخت في الله أن تلتفتي إلى هذا

بل الواجب عليك أن تنصحي لأخواتك في الله وإخوانك إذا رأيت منهم التقصير في الواجب أو ارتكاب المحرم كالغيبة والنميمة وعدم التستر عند الرجال ولا تخافي الرياء ، ولكن أخلصي لله واصدقي معه وأبشري بالخير

واتركي خداع الشيطان ووساوسه ، والله يعلم ما في قلبك من القصد والإخلاص لله تعالى والنصح لعباده ، ولا شك أن الرياء شرك ولا يجوز فعله

لكن لا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة أن يدع ما أوجب الله عليه من الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفا من الرياء ، فعليه الحذر من ذلك ، وعليه القيام بالواجب في أوساط الرجال والنساء

والرجل والمرأة في ذلك سواء

وقد بين الله ذلك في كتابه العزيز حيث يقول سبحانه

: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة/71 .

"فتاوى ابن باز" (6/403) .

وعن حصين بن عبد الرحمن قال : كنت عند سعيد بن جبير فقال : أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ قلت : أنا ، ثم قلت : أما إني لم أكن في صلاة ، ولكني لدغت ... .

رواه مسلم (220) .

قال الشيخ ابن عثيمين :

" قال هذا رحمه الله لئلا يظن أنه قائم يصلي فيُحمد بما لم يفعل ، وهذا خلاف ما عليه بعضهم ، يفرح أن الناس يتوهمون أنه يقوم يصلي ، وهذا من نقص التوحيد .

وقول حصين رحمه الله ليس من باب المراءاة ، بل هو من باب الحسنات ، وليس كمن يترك الطاعات خوفاً من الرياء ؛ لأن الشيطان قد يلعب على الإنسان

ويزين له ترك الطاعة خشية الرياء ، بل افعل الطاعة ، ولكن لا يكن في قلبك أنك ترائي الناس .

"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (9/85، 86) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-10, 15:11   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا شعرت سارة بالغيرة مع جلالة قدرها من هاجر ؟

السؤال


هل أحست سارة بالغيرة من " هاجر " عندما ولدت إسماعيل ( عليه السلام ) ؟

إذا كان الجواب بنعم : فلماذا تشعر امرأة رفيعة المنزلة مثل " سارة " بالغيرة ؟

وهل كان شعورها بالغيرة هو السبب الذي من أجله أمِرَ إبراهيم ( عليه السلام ) بإرسال " هاجر " و " إسماعيل " ( عليه السلام ) إلى الصحراء ؟.


الجواب

الحمد لله

غيرة المرأة من ضرائرها أمرٌ جُبلت عليه ، وهو غير مكتسب ، ولذا فإنها لا تؤاخذ عليه إلا أن تتعدى ، وتقع بسبب الغيرة فيما حرم الله عليها من ظلم أختها

فتقع في غيبة أو نميمة أو تؤدي بها غيرتها إلى طلب طلاق ضرتها أو الكيد لها وما شابه ذلك .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

وأصل الغيرة غير مكتسب للنساء ، لكن إذا أفرطت في ذلك بقدر زائد عليه تلام ، وضابط ذلك ما ورد في الحديث عن جابر بن عتيك الأنصاري رفعه : ( إِنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ ) حسنه الشيخ الألباني في "الإرواء" (7/80) -

فالغيرة منهما – أي : من الزوج والزوجة - إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من النساء ، فتعذر فيها

ما لم تتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل ، وعلى هذا يحمل ما جاء من السلف الصالح عن النساء في ذلك . "

فتح الباري " ( 9 / 326 ) .

وقال ابن مفلح رحمه الله :

قال الطبري وغيره من العلماء : الغيرة مسامح للنساء فيها لا عقوبة عليهن فيها لما جُبِلن عليه من ذلك . "

الآداب الشرعية " ( 1 / 248 ) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله شرحاً لحديث كسر عائشة لإناء إحدى ضرائرها :

وقالوا : أي جميع من شرحوا الحديث : فِيهِ إِشَارَة إِلَى عَدَم مُؤَاخَذَة الْغَيْرَاء بِمَا يَصْدُر مِنْهَا ، لأَنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَة يَكُون عَقْلهَا مَحْجُوبًا بِشِدَّةِ الْغَضَب الَّذِي أَثَارَتْهُ الْغَيْرَة .

وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ لا بَأْس بِهِ عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا : ( أَنَّ الْغَيْرَاء لا تُبْصِر أَسْفَل الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ ) . "

فتح الباري " ( 9 / 325 ) .

وما وقع من فضليات النساء من الغيرة إنما هو مما لم يسلم منه أحد ، وهنَّ غير مؤاخذات عليه لأنه ليس في فعلهن تعدٍّ على شرع الله تعالى .

وما حصل من غيرة " سارة " من هاجر هو من هذا الباب ، فطلب الزوجة من زوجها أن لا ترى ضرتها أو أن لا تجاورها أمرٌ غير مستنكر

مع أن الذي ذكره أهل العلم أن إبراهيم عليه السلام هو الذي خرج بهاجر وابنه لا أن سارة زوجه طلبت منه ذلك .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

ويقال : إن سارة اشتدت بها الغيرة فخرج إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة لذلك . "

فتح الباري " ( 6 / 401 ) .

ويدل عليه قول هاجر : " يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟

فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها فقالت له : أالله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا " - رواه البخاري ( 3184 ) - .

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان : خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعهم شنة فيها ماء ... رواه البخاري ( 3185 ) .

قال الحافظ :

قوله – أي : ابن عباس - : " لما كان بين إبراهيم وبين أهله " يعني : سارة " ما كان " يعني : من غيرة سارة لما ولدت هاجر إسماعيل . "

فتح الباري " ( 6 / 407 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-10, 15:13   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يشكو من الانطوائية والعزلة

السؤال


أنا مسلم والحمد لله ، لكن مشكلتي أني أعيش داخل نفسي ، فلا أجد من يفهمني من الناس إلا القليل ولذا أفضل العزلة والسرية في كل أموري . فلا أخبر من هم حولي عن نفسي ولا عن صفات شخصيتي

فأنا أحب أن أكون أنا بنفسي .

على سبيل المثال إن أردت فعل شيء ما فلا أخبر به أي أحد مهما كان قريبًا مني ولو كان من إخواني المؤمنين . وهذا لا ينفي أني حقـًا أحب من يتّبعون القرآن والسنة

. وأحب علماء الإسلام أمثال الإمام البخاري ومسلم والشافعي والألباني ومن على شاكلتهم ، وأود أن أكون يومًا مثلهم. فأرجو منكم نصحي ماذا أفعل لعلاج شخصيتي هذه ؟.


الجواب


الحمد لله


هذه الحالة التي تعاني منها تتعلق بنمط شخصيتك ، وهي لا تعتبر مرضا نفسيا حقيقيا ، والأمر الضروري في علاج مثل هذه الحالات هو تطوير المهارات الاجتماعية

وهذا من الممكن جداً ، ولكن يتطلب المثابرة والصبر والتدريب الاجتماعي المتواصل .

ويتلخص البرنامج التدريبي في :

أولاً : أن تهيئ نفسك من الناحية العقلية والذهنية والجسدية لمخالطة الناس ، والصبر عليهم ، والتجانس معهم قدر الاستطاعة .

ثانيًا : مارس أي نوع من الرياضة الجماعية مثل كرة القدم - مثلاً – حيث يحدث فيها نوع من الاحتكاك والتخاطب الشعوري واللاشعوري

ثالثا : انضم للجمعيات والأعمال الخيرية والتطوعية ، واحضر حلقات التلاوة ومدارسة القرآن الكريم .

رابعا : حاول أن تعرض نفسك على أحد الأطباء النفسيين الثقات ، لكي يرشدك إلى بعض السلوكيات العلاجية المفيدة .

خامسا : تجنب الإحساس بالبعد عن المجتمع ، وحاول نسيان كل ما من سببه أن يقوي هذا الإحساس لديك ، فقد يكون سبب الانطوائية موقفاً تعرضت له ، أو محنة مررت بها ، فاستعن بالله على علاجها ونسيانها .

وبالله التوفيق .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-10, 15:20   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

علاج الغضب

السؤال


كيف يمكن أن يتحكم الإنسان في أعصابه؟

إنني متضايق جداً وحين أغضب أترك المكان وقد تلوت بعض الأذكار وقلت (لا حول ولا قوة إلا بالله) ولكن لا فائدة. فما الحل؟.


الجواب


الحمد لله


الغضب نزغة من نزغات الشيطان ، يقع بسببه من السيئات والمصائب مالا يعلمه إلا الله

ولذلك جاء في الشريعة ذكرُ واسع لهذا الخلق الذميم ، وورد في السنة النبوية علاجات للتخلص من هذا الداء وللحدّ من آثاره ، فمن ذلك :

1- الاستعاذة بالله من الشيطان :

عن سليمان بن صرد قال : كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ورجلان يستبّان ، فأحدهما احمرّ وجهه واتفخت أوداجه ( عروق من العنق ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد

لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد رواه البخاري ، الفتح 6/337 ومسلم/2610 .

وقال صلى الله عليه وسلم : إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله ، سكن غضبه صحيح الجامع الصغير رقم 695 .

2- السكوت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب أحدكم فليسكت ) رواه الإمام أحمد المسند 1/329 وفي صحيح الجامع 693 ، 4027 .

وذلك أن الغضبان يخرج عن طوره وشعوره غالباً فيتلفظ بكلمات قد يكون فيها كفر والعياذ بالله أو لعن أو طلاق يهدم بيته ، أو سب وشتم - يجلب له عداوة الآخرين . فبالجملة : السكوت هو الحل لتلافي كل ذلك .

3- السكون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) .

وراوي هذا الحديث أبو ذر رضي الله عنه ، حدثت له في ذلك قصة : فقد كان يسقي على حوض له فجاء قوم فقال : أيكم يورد على أبي ذر ويحتسب شعرات من رأسه ؟

فقال رجل أنا فجاء الرجل فأورد عليه الحوض فدقّه أي كسره أو حطّمه والمراد أن أبا ذر كان يتوقع من الرجل المساعدة في سقي الإبل من الحوض فإذا بالرجل يسيء ويتسبب في هدم الحوض .

، وكان أبو ذر قائماً فجلس ثم اضطجع فقيل له : يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت ؟

قال فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ....

وذكر الحديث بقصته في مسند أحمد 5/152

وانظر صحيح الجامع رقم 694 .

وفي رواية كان أبو ذر يسقي على حوضٍ فأغضبه رجل فقعد ....

فيض القدير ، المناوي 1/408 .

ومن فوائد هذا التوجيه النبوي منع الغاضب من التصرفات الهوجاء لأنه قد يضرب أو يؤذي بل قد يقتل - كما سيرد بعد قليل - وربما أتلف مالاً ونحوه

ولأجل ذلك إذا قعد كان أبعد عن الهيجان والثوران ، وإذا اضطجع صار أبعد ما يمكن عن التصرفات الطائشة والأفعال المؤذية . قال العلامة الخطابي - رحمه الله - في شرحه على أبي داود :

( القائم متهيء للحركة والبطش والقاعد دونه في هذا المعنى ، والمضطجع ممنوع منهما

فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا يبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد . والله أعلم سنن أبي داود ، ومعه معالم السنن 5/141 .

4- حفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال لا تغضب . فردّد ذلك مراراً ، قال لا تغضب رواه البخاري فتح الباري 10/456 .

وفي رواية قال الرجل : ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله مسند أحمد 5/373 .

5- لا تغضب ولك الجنة حديث صحيح : صحيح الجامع 7374 . وعزاه ابن حجر إلى الطبراني ، انظر الفتح 4/465 .

إن تذكر ما أعد الله للمتقين الذين يتجنبون أسباب الغضب ويجاهدون أنفسهم في كبته ورده لهو من أعظم ما يعين على إطفاء نار الغضب ، ومما ورد من الأجر العظيم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ومن كظم غيظاً

ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة رواه الطبراني 12/453 وهو في صحيح الجامع 176 .

وأجر عظيم آخر في قوله عليه الصلاة والسلام : ( من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ماشاء رواه أبو داود 4777 وغيره

وحسنّه في صحيح الجامع 6518 .

6- معرفة الرتبة العالية والميزة المتقدمة لمن ملك نفسه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) رواه أحمد 2/236 والحديث متفق عليه .

وكلما انفعلت النفس واشتد الأمر كان كظم الغيظ أعلى في الرتبة . قال عليه الصلاة والسلام : ( الصرعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد غضبه ويحمر وجهه

ويقشعر شعره فيصرع غضبه ) رواه الإمام أحمد 5/367 ، وحسنه في صحيح الجامع 3859 .

وينتهز عليه الصلاة والسلام الفرصة في حادثة أمام الصحابة ليوضّح هذا الأمر ، فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقوم يصطرعون ، فقال : ماهذا ؟

قالوا : فلان الصريع ما يصارع أحداً إلا صرعه قال : أفلا أدلكم على من هو أشد منه ، رجلٌ ظلمه رجلٌ فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه رواه البزار قال ابن حجر بإسناد حسن . الفتح 10/519 .

7- التأسي بهديه صلى الله عليه وسلم في الغضب :

وهذه السمة من أخلاقه صلى الله عليه وسلم ، وهو أسوتنا وقدوتنا ، واضحة في أحاديث كثيرة ، ومن أبرزها : عن أنس رضي الله عنه قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة ، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم ( ما بين العنق والكتف )

وقد أثرت بها حاشية البرد ، ثم قال : يا محمد مُر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم فضحك ، ثم أمر له بعطاء متفق عليه فتح الباري 10/375 .

. ومن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم أن نجعل غضبنا لله ، وإذا انتهكت محارم الله ، وهذا هو الغضب المحمود فقد غضب صلى الله عليه وسلم لما أخبروه عن الإمام الذي يُنفر الناس من الصلاة بطول قراءته

وغضب لما رأى في بيت عائشة ستراً فيه صور ذوات أرواح ، وغضب لما كلمه أسامة في شأن المخزومية التي سرقت ، وقال : أتشفع في حد من حدود الله ؟ وغضب لما سُئل عن أشياء كرهها

وغير ذلك . فكان غضبه صلى الله عليه وسلم لله وفي الله .

8- معرفة أن رد الغضب من علامات المتقين :

وهؤلاء الذين مدحهم الله في كتابه ، وأثنى عليهم رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وأعدت لهم جنات عرضها السماوات والأرض

ومن صفاتهم أنهم : { ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين }

وهؤلاء الذين ذكر الله من حسن أخلاقهم وجميل صفاتهم وأفعالهم ، ماتشرئبّ الأعناق وتتطلع النفوس للحوق بهم ، ومن أخلاقهم أنهم : { إذا ما غضبوا هم يغفرون } .

9- التذكر عند التذكير :

الغضب أمر من طبيعة النفس يتفاوت فيه الناس ، وقد يكون من العسير على المرء أن لا يغضب ، لكن الصدّيقين إذا غضبوا فذكروا بالله ذكروا الله ووقفوا عند حدوده ، وهذا مثالهم .

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً استأذن على عمر رضي الله عنه فأذن له ، فقال له : يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل ( العطاء الكثير ) ولا تحكم بيننا بالعدل

فغضب عمر رضي الله عنه حتى همّ أن يوقع به ، فقال الحر بن قيس ، ( وكان من جلساء عمر ) : يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل قال لنبيه ، صلى الله عليه وسلم :

( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) وإن هذا من الجاهلين ، فوالله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاها عليه ، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل رواه البخاري الفتح 4/304 .

فهكذا يكون المسلم ، وليس مثل ذلك المنافق الخبيث الذي لما غضب أخبروه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وقال له أحد الصحابة تعوذ بالله من الشيطان

فقال لمن ذكره : أترى بي بأس أمجنون أنا ؟ اذهب رواه البخاري فتح 1/465 . نعوذ بالله من الخذلان .

10- معرفة مساوئ الغضب :

وهي كثيرة ، مجملها الإضرار بالنفس والآخرين ، فينطلق اللسان بالشتم والسب والفحش وتنطلق اليد بالبطش بغير حساب ، وقد يصل الأمر إلى القتل ، وهذه قصة فيها عبرة :

عن علقمة بن وائل أن أباه رضي الله عنه حدّثه قال : إني لقاعد مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة ( حبل مضفور ) فقال : يا رسول الله هذا قتل أخي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أقتلته ؟

قال : نعم قتلته . قال : كيف قتلته ؟ قال : كنت أنا وهو نختبط ( نضرب الشجر ليسقط ورقه من أجل العلف ) من شجرة ، فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على قرنه ( جانب الرأس ) فقتلته .

.. إلى آخر القصة رواه مسلم في صحيحه 1307 ترتيب عبد الباقي .

وقد يحصل أدنى من هذا فيكسر ويجرح ، فإذا هرب المغضوب عليه عاد الغاضب على نفسه ، فربما مزق ثوبه ، أو لطم خده ، وربما سقط صريعاً أو أغمي عليه ، وكذلك قد يكسر الأواني ويحطم المتاع .

ومن أعظم الأمور السيئة التي تنتج عن الغضب وتسبب الويلات الاجتماعية وانفصام عرى الأسرة وتحطم كيانها ، هو الطلاق . واسأل أكثر الذين يطلقون نساءهم كيف طلقوا ومتى ، فسينبئونك : لقد كانت لحظة غضب .

فينتج عن ذلك تشريد الأولاد ، والندم والخيبة ، والعيش المرّ ، وكله بسبب الغضب . ولو أنهم ذكروا الله ورجعوا إلى أنفسهم

وكظموا غيظهم واستعاذوا بالله من الشيطان ما وقع الذي وقع ولكن مخالفة الشريعة لا تنتج إلا الخسارة .

وما يحدث من الأضرار الجسدية بسبب الغضب أمر عظيم كما يصف الأطباء كتجلّط الدم ، وارتفاع الضغط ، وزيادة ضربات القلب ، وتسارع معدل التنفس ، وهذا قد يؤدي إلى سكته مميتة أو مرض السكري وغيره . نسأل الله العافية .

11- تأمل الغاضب نفسه لحظة الغضب .

لو قدر لغاضب أن ينظر إلى صورته في المرآة حين غضبه لكره نفسه ومنظره ، فلو رأى تغير لونه وشدة رعدته ، وارتجاف أطرافه ، وتغير خلقته ، وانقلاب سحنته

واحمرار وجهه ، وجحوظ عينيه وخروج حركاته عن الترتيب وأنه يتصرف مثل المجانين لأنف من نفسه ، واشمأز من هيئته ومعلوم أن قبح الباطن أعظم من قبح الظاهر

فما أفرح الشيطان بشخص هذا حاله ! نعوذ بالله من الشيطان والخذلان .

الدعاء :

هذا سلاح المؤمن دائماً يطلب من ربه أن يخلصه من الشرور والآفات والأخلاق الرديئة ، ويتعوذ بالله أن يتردى في هاوية الكفر أو الظلم بسبب الغضب ، ولأن من الثلاث المنجيات : العدل في الرضا والغضب صحيح الجامع 3039

وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام : ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي ، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة

وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب ، وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيماً لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء

وأسألك برد العيش بعد الموت ، أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك ، في غير ضراء مضرّ ة ولا فتنة مضلّة الله زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين .

والحمد لله رب العالمين .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-13, 14:09   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




ذبل الإيمان في قلبه فماذا يصنع

السؤال


نعيش في بلاد عربية إسلامية لكنّا عندنا لم نذق طعم الإيمان فنشكو قلّة أهل الخير الذين يذكّرونا بالله ، فجزاكم الله خيراً انصحونا بوصية ننتفع بها.


الجواب

الحمد لله


1- عليك بقراءة القرآن كثيراً ، والإكثار من الاستماع لتلاوته وتدبر معاني ما تقرأ وما تسمع بقدر استطاعتك ، وما أشكل عليك فهمه فاسأل عنه أهل العلم ببلدك أو مكاتبة غيرهم من أهل العلم من علماء السنة .

ويعينك على التدبر قراءة تفسير لما تقرأه من القرآن ، وما أخصر التفاسير وأحسنها تفسير السعدي رحمه الله .

2- وعليك بالإكثار من ذكر الله بما ورد من الأذكار في الأحاديث الصحيحة مثل " لا إله إلا الله " ومثل " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر "

ونحو ذلك ، وارجع في ذلك إلى كتاب " الأذكار النووية " للنووي وأمثالها .

فإن ذكر الله يزداد به الإيمان وتطمئن به القلوب

قال الله تعالى : ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) سورة الرعد/ 28

وحافظ على الصلاة والصيام وسائر أركان الإسلام مع رجاء رحمة الله ، والتوكل عليه في كل أمورك

قال الله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) سورة الأنفال/2-4

واعلم بأن الإيمان يزيد بطاعة الله ، وينقص بمعصيته ، فحافظ على ما أوجب الله من أداء الصلوات في وقتها جماعة في المسجد ، وأداء الزكاة طيبةً بها نفسك طهرة لك من الذنوب ورحمة بالفقراء والمساكين .

وجالس أهل الخير والصلاح ليكونوا عوناً لك على تطبيق الشريعة ، وليرشدوك إلى ما فيه السعادة في الدنيا والآخرة .

وجانب أهل البدع والمعاصي لئلا يفتنوك ويضعفوا عزيمة الخير فيك .

وأكثر من فعل نوافل الخير ، والجأ إلى الله واسأله التوفيق .

إنك إن فعلت ذلك : زادك الله إيماناً ، وأدركت ما فاتك من المعروف ، وزادك الله إحساناً واستقامة على جادة الإسلام .

" اللجنة الدائمة " (3/187) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-13, 14:12   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ماذا يفعل من رأى في نفسه الشر وأن الشر يغلب الخير ؟

السؤال :

ماذا يفعل من رأى في نفسه الشر وأن الشر يغلب الخير ؟

الجواب :

الحمد لله

الإنسان كائن ضعيف ، يتعرض لنوازع الخير والشر ، وقد يضعف وينساق إلى طريق الرذيلة والانحراف ، ويدفعه الشر إلى طريق الظلم والتعدي ، ويزين له الشيطان فعل المنكرات ، ويبرر له كل تصرف منحرف .

لكن عنصر الخير يحرك فيه ضميره ، ويُشعره بالندم ، ويحثه على الرجوع إلى الحق ، والاستجابة لنداء العقل .

وتختلف قدرات الناس ، وقوة إرادتهم ، وصفاء نفوسهم ، وشفافية أرواحهم ، فمنهم من يروض نفسه على السير على طريق الفضائل والمكرمات

ويربيها على المبادئ والأخلاق ، ويقاوم الشهوات ، والميول المنحرفة ، ويلزم نفسه بالاستقامة والإنصاف ، فهذا يستطيع أن يواجه الشر

ويحتمل في سبيل ذلك كل أمر عسير ، ولا يفقد الأمل بتغلب الخير ، واندحار الشر ، وزواله .

ومنهم من ينساق وراء الشهوات ، ويعجز عن إلزام نفسه بالفضائل ، ويتخلى عن كثير من أوامر الله ورسوله ، ويضعف أمام المواجهة ، ويفقد الأمل في تغلب الخير .

فالسرّ في المسألة كلها أن يُجاهد العبد هواه ونفسه الأمّارة بالسوء لينال الهداية من الله قال الله تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلنا ) .

وفيما يلي عبارات جميلة في المجاهدة لابن القيم رحمه الله

" يا أقدام الصبر احملي بقي القليل تذكّر حلاوة ( العبادة ) يَهُن عليك مُرّ المجاهدة " الفوائد

" اخرج إلى مزرعة المجاهدة واجتهد في البذر واسق شجرة الندم بساقية الدمع فإذا عاد العود أخضر فَعُد لما كان . " بدائع الفوائد 3/742

" وقيل : المحبة صدق المجاهدة في أوامر الله وتجريد المتابعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " طريق الهجرتين 1/460

" من ترك المجاهدة بالكلية ضعف فيه باعث الدين وقويَ فيه باعث الشهوة ومتى عود نفسه مخالفة الهوى غلبه متى أراد " عدة الصابرين ص/46

والمؤمن المجاهد يعلم أن الخير باقٍ ، وأن الغلبة له ، مهما اشتدت الظلمة ، وعظمت المصيبة وتحكم الشر واستبد ، وتجاوز كل حد

والله المستعان .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-13, 14:19   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل التنعم في الدنيا ينقص الأجر في الآخرة؟

السؤال :

قرأت أثرًا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه في "مصنف" ابن أبي شيبة : " ما يصيب عبد من الدنيا إلا نقص عند الله وإن كان عنده كريما " وصححه الألباني ، وقد سبب هذا الأثر بعض الحيرة لدي

لأن ظاهره يقول : إن الإنسان في كل مرة يصيب شيئا من الدنيا فإن منزلته عند الله تقل ، ولكني أعلم أن كثيرا من الصحابة كانوا من الأغنياء

ومع ذلك فبعضهم بلغ أعلى الدرجات كأبي بكر ، وعثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، ولم يؤثر ذلك على نصيبهم في الآخرة ، ومن الأمثلة أيضا الإمام مالك ، والليث بن سعد ، وغيرهم الكثير

وأيضا فإن الله سبحانه وتعالى أحل لنا الطيبات ، ونهانا أن نحرمها على أنفسنا ، وقد بلغني أثر آخر عن ابن عباس في تفسير آية من القرآن أنه قال : " كل واشرب ما أخطأتك خصلتان إسراف أو مخيلة"

فهذا دليل أن هذه الطيبات لا تنقص من نصيب العبد في الجنة ، وأنا أعلم أنه لا يجب على المؤمن أن يكون همه التنعم في الدنيا ، والإصابة منها ، وأنه يجب أن يركز على الآخرة

والإكثار من الحسنات ، لكن هذا الأثر أُشكل علي كثيرا حتى إني في كثير من المرات حين أكل طعاما لذيذا أذكره فاحزن ، وأخشى أن أنقص بسبب إصابتي من الطعام الطيب

فهل هذا الأثر اجتهاد من الصحابي الجليل عبد الله بن عمر؟ وأرجو أن توضحوه لي .


الجواب :


الحمد لله

أولا:

لا حرج على المسلم في أن يتنعم بالمباحات والطيبات ، إذا أدى شكرها ، ولم يسرف فيها ، فإن الله تعالى أباح الطيبات للمسلمين في حياتهم الدنيا ، ومن بها عليهم في دار القرار يوم القيامة

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) البقرة/ 172

وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ) المائدة/ 87، 88 .

وقال تعالى : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) الأعراف/32 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى اللهَ ، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى اللهَ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى ، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ) رواه أحمد (23158) ، وصححه الألباني في " الصحيحة " (174) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه : ( يَا عَمْرُو نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ ) رواه أحمد (17096).

وقال : ( لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا ) رواه البخاري (73) ومسلم (816).

وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ) رواه مسلم (2965).

فالغني إذا أدى حق الله تعالى، وحق الناس، ولم يسرف ولم يبذر، وأنفق في سبيل الله، كان غناه نعمة وخيرا له.

ثانيا:

روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عمر رضي الله عنه قال: " لا يصيب أحد من الدنيا إلا نقص من درجاته عند الله تعالى، وإن كان عليه كريما" صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

وهذا يحمل على من يصيب من الدنيا بغير حق، أو من لا يؤدي شكر ما أخذ منها.

وأما الغني الشاكر، فلا ينقص أجره إذا تمتع بما أنعم الله عليه.

ويدل على ذلك ظواهر النصوص التي علقت الفضل على التقوى، ومدحت الغنى ولم تذمه، وما كان عليه حال كثير من الأنبياء والصحابة والصالحين، من الغنى والتمتع بالطيبات .

وقد بحث العلماء في مسألة أيهما أفضل: الغني الشاكر أم الفقير الصابر، فلو كان مجرد الإصابة من الدنيا تنقص أجر الآخرة، كان الفقير أفضل من غير شك. والأمر ليس كذلك بل عند التحقيق هما متساويان، وأفضلهما أتقاهما.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وقد تنازع الناس أيما أفضل: الفقير الصابر أو الغني الشاكر؟

والصحيح: أن أفضلهما أتقاهما؛ فإن استويا في التقوى ، استويا في الدرجة ، كما قد بيناه في غير هذا الموضع .

فإن الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة لأنه لا حساب عليهم.

ثم الأغنياء يحاسبون ؛ فمن كانت حسناته أرجح من حسنات فقير، كانت درجته في الجنة أعلى، وإن تأخر عنه في الدخول. ومن كانت حسناته دون حسناته ، كانت درجته دونه" (11/ 21).

وقال رحمه الله: "قد تنازع كثير من متأخري المسلمين في " الغني الشاكر والفقير الصابر " أيهما أفضل؟

فرجح هذا طائفة من العلماء والعباد ، ورجح هذا طائفة من العلماء والعباد ، وقد حكي في ذلك عن الإمام أحمد روايتان.

وأما الصحابة والتابعون فلم ينقل عنهم تفضيل أحد الصنفين على الآخر.

وقال طائفة ثالثة: ليس لأحدهما على الآخر فضيلة إلا بالتقوى ، فأيهما كان أعظم إيمانا وتقوى، كان أفضل. وإن استويا في ذلك ، استويا في الفضيلة .

وهذا أصح الأقوال؛ لأن الكتاب والسنة إنما تفضل بالإيمان والتقوى. وقد قال الله تعالى: {إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما} .

وقد كان في الأنبياء والسابقين الأولين من الأغنياء من هو أفضل من أكثر الفقراء، وكان فيهم من الفقراء من هو أفضل من أكثر الأغنياء

والكاملون يقومون بالمقامين، فيقومون بالشكر والصبر على التمام. كحال نبينا صلى الله عليه وسلم وحال أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولكن قد يكون الفقر لبعض الناس أنفع من الغنى

والغنى أنفع لآخرين، كما تكون الصحة لبعضهم أنفع، كما في الحديث الذي رواه البغوي وغيره {إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى. ولو أفقرته لأفسده ذلك

. وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر. ولو أغنيته لأفسده ذلك. وإن من عبادي من لا يصلحه إلا السقم. ولو أصححته لأفسده ذلك إني أدبر عبادي إني بهم خبير بصير} .

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم} ، وفي الحديث الآخر {لما علم الفقراء الذكر عقب الصلوات سمع بذلك الأغنياء

فقالوا مثل ما قالوا. فذكر ذلك الفقراء للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} .

فالفقراء متقدمون في دخول الجنة لخفة الحساب عليهم، والأغنياء مؤخرون لأجل الحساب، ثم إذا حوسب أحدهم، فإن كانت حسناته أعظم من حسنات الفقير، كانت درجته في الجنة فوقه

وإن تأخر في الدخول، كما أن السبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، ومنهم عكاشة بن محصن، وقد يدخل الجنة بحساب من يكون أفضل من أحدهم "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/ 119- 121).

وقال رحمه الله:

" والصواب في هذا كله : ما قاله الله تبارك وتعالى حيث قال: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} .

وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: {أي الناس أفضل؟ قال أتقاهم. قيل له: ليس عن هذا نسألك

فقال: يوسف نبي الله ابن يعقوب نبي الله ابن إسحاق نبي الله ابن إبراهيم خليل الله. فقيل له: ليس عن هذا نسألك. فقال: عن معادن العرب تسألوني؟

الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا} .

فدل الكتاب والسنة : أن أكرم الناس عند الله أتقاهم. وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لا فضل لعربي على عجمي

ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أبيض ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى. كلكم لآدم وآدم من تراب} .

وعنه أيضا صلى الله عليه وسلم أنه قال {إن الله تعالى أذهب عنكم عُبِّيَّة الجاهلية ، وفخرها بالآباء ؛ الناس رجلان: مؤمن تقي ، وفاجر شقي} .

فمن كان من هذه الأصناف أتقى لله ، فهو أكرم عند الله. وإذا استويا في التقوى ، استويا في الدرجة"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/ 195).

وينظر: "عدة الصابرين"، لابن القيم ، ص152 .

وقال ابن القيم رحمه الله:

" وأكمل الناس لذة من جمع له بين لذة القلب والروح ، ولذة البدن، فهو يتناول لذاته المباحة ، على وجه لا ينقص حظه من الدار والآخرة، ولا يقطع عليه لذة المعرفة والمحبة والأنس بربه

فهذا ممن قال تعالى فيه: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة).

وأبخسهم حظا من اللذة : من تناولها على وجه يحول بينه وبين لذات الآخرة، فيكون ممن يقال لهم يوم استيفاء اللذات: (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها).

فهؤلاء تمتعوا بالطيبات، وأولئك تمتعوا بالطيبات، وافترقوا في وجه التمتع ؛ فأولئك تمتعوا بها على الوجه الذي أُذِن لهم فيه، فجمع لهم بين لذة الدنيا والآخرة

وهؤلاء تمتعوا بها على الوجه الذي دعاهم إليه الهوى والشهوة، وسواء أذن لهم فيه أم لا، فانقطعت عنهم لذة الدنيا وفاتتهم لذة الآخرة، فلا لذة الدنيا دامت لهم ، ولا لذة الآخرة حصلت لهم.

فمن أحب اللذة ودوامها والعيش الطيب، فليجعل لذة الدنيا موصلا له إلى لذة الآخرة، بأن يستعين بها على فراغ قلبه لله وإرادته وعبادته، فيتناولها بحكم الاستعانة والقوة على طلبه، لا بحكم مجرد الشهوة والهوى"

انتهى من "الفوائد"، ص150

وهذا كله يدل على أن الغنى والإصابة من الدنيا لا ينقص الأجر الأخروي، لمن أخذ المال من حله، وأدى شكره.

لكن ربما اختار بعضهم الفقر، وقلة الغنى لأنه أقرب للسلامة، وليس لأن إصابة متاع الدنيا تنقص الأجر في الآخرة.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

"" والتحقيق عند أهل الحذق : أن لا يُجاب في ذلك بجواب كلي؛ بل يختلف الحال باختلاف الأشخاص والأحوال.

نعم ؛ عند الاستواء من كل جهة ، وفرض رفع العوارض بأسرها : فالفقير أسلم عاقبة في الدار الآخرة، ولا ينبغي أن يُعدل بالسلامة شيء، والله أعلم"

انتهى من "الفتح" (9/ 583).

وأما قوله تعالى: ( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ) الأحقاف/ 20 .

ومن استشهد بهذه الآية من السلف ، إنما كان لخوفه من أن يأخذ الطيبات بغير حقها، أو ألا يؤدي شكرها ، أو من المبالغة في هضم النفس ، وتعظيم مقام الله ، والخوف من لقائه .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc