الأنكحة الباطلة - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الأنكحة الباطلة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-08-17, 04:47   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

زنت، ثم تزوجت بمن زنى بها وهي حامل، ثم أسقطا الجنين

السؤال

: أنا أحببت شخصا ، وحدثت بيننا علاقة كاملة وحملت منه ، وجاء ليتزوجني وتزوجنا ، ولكنه طلب مني أن أنزل الطفل ؛ لأن ظروفه لا تسمح بأن يكون له أبناء ، وبعد أن أنزلناه تحسنت ظروفنا المادية ، وحملت مرتين بعد ذلك ،

وطلب مني أن أنزلهم أيضا ؛ وذلك لأنه خائف من تحمل مسئوليتهم في هذا الزمن ، ولا يقدر علي حمايتهم ، فنزلناهما . وسؤالي هو : هل مافعلناه من حب وعلاقة وزواج هو الزنا في الإسلام ؟ وهل يجب أن يقام علينا الحد ؟

أم علينا أن نستغفر الله ليسامحنا ؟

وهل من الممكن أن يغفر لنا الله بعد كل تلك الكبائر ؟ لأنني سمعت أيضا أن إسقاطنا للأجنة بمثابة قتل ، ورفض لعطية الله ، وكان لا يجب علينا أن نخاف عليهم

وأن نحاول أن نتحمل مسئوليتهم ، أنا في أوقات كثيرة أشعر أن ربي لن يسامحني أنا وزوجي علي الخطايا ، وأن زوجي لا يريد مني أطفالا اعتقادا منه أني فرطت له في نفسي ، وعصيت ربي

فهكذا سيكون أبنائي فاسدين مثلي ، وهو لا يريد أن يصارحني بذلك ، أرجو إفادتي عن هذا الذنب ، وإن كان لي توبة أم لا.


الجواب :

الحمد لله

أولا:

لا شك أن الجماع الحاصل بينكما قبل الزواج هو الزنا الذي حرمه الله على عباده ، وهذا من المعلوم لكل مسلم في هذا الزمن، ولا يكاد أحد يجهله.

قال الله تعالى:

( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النساء (25).

فجعل الله تعالى المرأة التي تطاوع كل من يريد الفاحشة معها، والتي لا تفعل الفاحشة إلا مع صديقها فقط، كل واحدة منهما زانية غير محصنة.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقوله: (مُحْصَنَاتٍ) أي: عفائف عن الزنا لا يتعاطينه؛ ولهذا قال: (غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ) وهن الزواني اللاتي لا يمتنعن من أحد أرادهن بالفاحشة.

وقوله: (وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) قال ابن عباس: المسافحات، هن الزواني المعالنات، يعني الزواني اللاتي لا يمنعن أحدا أرادهن بالفاحشة. "وَمُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ" يعني: أخلاء.

وكذا روي عن أبي هريرة، ومجاهد والشعبي، والضحاك، وعطاء الخراساني، ويحيى بن أبي كثير، ومقاتل بن حيان، والسدي، قالوا: أخلاء. وقال الحسن البصري: يعني: الصديق.

وقال الضحاك أيضا: (وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) ذات الخليل الواحد " انتهى، من "تفسير ابن كثير" (2 / 261).

ونفس الحكم بالنسبة للرجل الذي يفعل الفاحشة.

قال الله تعالى:

( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة (5).

فيجب عليكما المسارعة بالتوبة إلى الله تعالى والندم على ما حصل، وملازمة الاستغفار.

لكن لا يجب عليكما أن تخبرا القضاء بما حصل ليقام عليكما الحد، بل الأفضل أن تستترا ولا تفضحا أنفسكما مع ملازمة التوبة الصادقة.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ بَعْدَ أَنْ رَجَمَ الْأَسْلَمِيَّ فَقَالَ: ( اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا، فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، وَلْيُتُبْ إِلَى اللَّهِ

فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِلْنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه الحاكم في "المستدرك" (4 / 244) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 267).

وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" عن رجل أذنب ذنبا يجب عليه حد من الحدود: مثل جلد، أو حصب ثم تاب من ذلك الذنب، وأقلع، واستغفر، ونوى أن لا يعود: فهل يجزئه ذلك؟ أو يحتاج ذلك إلى أن يأتي إلى ولي الأمر ويعرفه بذنبه ليقيم عليه الحد؛ أم لا؟

وهل ستره على نفسه وتوبته أفضل، أم لا؟

فأجاب: إذا تاب توبة صحيحة : تاب الله عليه ، من غير حاجة إلى أن يقر بذنبه حتى يقام عليه الحد، وفي الحديث: ( من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله

فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله )، وفي الأثر أيضا: ( من أذنب سرا فليتب سرا، ومن أذنب علانية فليتب علانية )، وقد قال تعالى: ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ) الآية. "

انتهى، من "مجموع الفتاوى" (34 / 180).

ثانيا:

بالنسبة لإجهاضكما للأجنة، فهذا منكر وذنب عظيم، فعليكما بالمسارعة بالتوبة إلى الله تعالى، والندم على هذا الفعل الشنيع، والعزم على عدم العودة عليه

كما يجب عليك أن تنتبهي إلى أنه لا يجوز لك طاعة الزوج في معصية الله تعالى.

وأما توابع هذا الإجهاض؛ فيجب النظر إلى عمر الجنين وقت إجهاضه:

الحالة الأولى: إن كان الجنين قد بلغ إلى أن تصورت فيه صورة الآدمي؛ فينظر هل بلغ أربعة أشهر أم لا؟

فإن كان تجاوز أربعة أشهر، فهو إنسان.

عن عَبْد اللَّهِ بن مسعود: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ، قَالَ: ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ ) رواه البخاري (3208) ومسلم (2643).

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" لم يختلف العلماء أن نفخ الروح فيه يكون بعد مائة وعشرين يوما، وذلك تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس، كما بيناه بالأحاديث "

انتهى، من "تفسير القرطبي" (14 / 316).

وعلى هذا تجب الدية والكفارة.

فأما الديّة: فمقدارها نصف عشر دية الرجل الكبير.

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (2 / 59):

" اتفق الفقهاء على أن الواجب في الجناية على جنين الحرة : هو غرة. لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وغيره: أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى، فطرحت جنينها، فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة ، عبد أو وليدة.

واتفق فقهاء المذاهب على أن مقدار الغرة في ذلك هو نصف عشر الدية الكاملة، وأن الموجب للغرة كل جناية ترتب عليها انفصال الجنين عن أمه ميتا، سواء أكانت الجناية نتيجة فعل أم قول أم ترك، ولو من الحامل نفسها أو زوجها، عمدا كان أو خطأ " انتهى.

وهذا إذا سقط ميتا .

وأما إذا سقط حيّا، ثم مات، ففيه الديّة كاملة ، مثل دية الشخص الكبير.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" أما إذا انفصل حيا ثم مات : فيجب فيه كمال دية الكبير ، فإن كان ذكرا وجب مائة بعير ، وإن كان أنثى : فخمسون ؛ وهذا مجمع عليه "

انتهى، من "شرح صحيح مسلم" (11 / 176).

وتقسم هذه الدية على ورثته.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" الغرة موروثة عن الجنين، كأنه سقط حيا؛ لأنها دية له، وبدل عنه، فيرثها ورثته، كما لو قُتل بعد الولادة.

وبهذا قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي.

وقال الليث: لا تورث، بل تكون بدله لأمه؛ لأنه كعضو من أعضائها، فأشبه يدها.

ولنا، أنها دية آدمي حر، فوجب أن تكون موروثة عنه، كما لو ولدته حيا ثم مات .

وقوله: إنه عضو من أعضائها. لا يصح؛ لأنه لو كان عضوا لدخل بدله في دية أمه، كيدها، ولَمَا مُنع من القصاص من أمه، وإقامة الحد عليها من أجله، ولما وجبت الكفارة بقتله

ولما صح عتقه دونها، ولا عتقها دونه، ولا تصور حياته بعد موتها، ولأن كل نفس تضمن بالدية تورث، كدية الحي "

انتهى، من "المغني" (12 / 67).

لكن باستثناء الأم والأب لاشتراكهما في القتل كما أشرت في السؤال ، فلا يرثان من الدية .

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" وأجمع العلماء على أن القاتل عمدا : لا يرث شيئا من مال المقتول، ولا من ديته؛ روي عن عمر وعلي : أن القاتل عمدا لا خطأ لا يرث من المال، ولا من الدية شيئا، ولا مخالف لهما من الصحابة "

انتهى، من "التمهيد" (23 / 443).

وأما الكفارة: فهي عتق رقبة مؤمنة، ومادام لا يمكن هذا في عصرنا، فعليكما بصوم شهرين متتابعين عن كل جنين.

سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" عن رجل قال لزوجته: أسقطي ما في بطنك والإثم علي. فإذا فعلت هذا، وسمعت منه: فما يجب عليهما من الكفارة؟

فأجاب:

إن فعلت ذلك فعليهما كفارة ، عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين، وعليهما غرة ، عبد أو أمة ، لوارثه الذي لم يقتله؛ لا للأب ؛ فإن الأب هو الآمر بقتله، فلا يستحق شيئا."

انتهى، من "مجموع الفتاوى" (34 / 159).

الحالة الثانية:

إذا كان الجنين قد ظهرت فيه صورة الآدمي ، إلا أنه لم يبلغ أربعة أشهر، ففيه الديّة فقط دون الكفارة، لأنه لم يبلغ أن يكون نفسا.

ووجوب الدية قال به جمهور أهل العلم ، حتى نقل فيه الإمام النووي الإجماع.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" واتفق العلماء على أن دية الجنين هي الغرة، سواء كان الجنين ذكرا أو أنثى. قال العلماء: وإنما كان كذلك؛ لأنه قد يخفى فيكثر فيه النزاع، فضبطه الشرع بضابط يقطع النزاع

وسواء كان خلقه كامل الأعضاء أم ناقصها، أو كان مضغة تصور فيها خلق آدمي، ففي كل ذلك الغرة ، بالإجماع "

انتهى، من "شرح صحيح مسلم" (11 / 176).

الحالة الثالثة:

إذا أسقط الجنين قبل أن يتصور فيه خلق الآدمي: فلا دية ولا كفارة عليكما، وعليكما بالتوبة والاستغفار.

ثالثا:

المسلم الذي يقع في مثل هذه الكبائر، الأولى به أن يضع جهده وفكره في جلب عفو الله تعالى، ولا تشغلي نفسك بما يفكر به زوجك؛ لأن المخرج من المضائق ليس بالجلوس والحزن على الماضي، بل طريق إصلاح أخطاء الماضي

والخروج من هذا الضيق والهم هو بالمسارعة إلى التوبة وعدم اليأس، من غير تسويف ولا تأخير، والاعتماد في كل ذلك على الله تعالى ، واللجوء إليه.

قال الله تعالى:

( قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ، وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) الزمر (53 - 55).

فبالتوبة الصادقة تزول تبعات الماضي.

قال الله تعالى:

( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ، إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ، وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان (68 – 71)

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) رواه ابن ماجه (4250)، وحسّنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (2 / 83).

كما عليك بملازمة التقوى والمداومة عليها وذلك بفعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، وعدم طاعة الناس -ولو كان الزوج- في معصية الله تعالى، فالتقوى هي المخرج من كل هم وغم.

قال الله تعالى :

( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق (2 – 3) .

والله أعلم.








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-08-17, 04:54   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

زنى بمتزوجة وحملت وتطلقت من زوجها فنكحها في عدتها

السؤال :

هناك امرأة كانت متزوجة من رجل ، ولكن أصبحت حاملا من رجل آخر ، وطلبت الطلاق من زوجها ، فطلقها مع عدم علمه بحملها من رجل آخر، فقامت المرأه والرجل بعمل عقد زواج في بلد غير مسلم

وليس بالطريقة الشرعية ، وقبل إنتهاء العدة. السوال : ماهي فترة عدة هذه المرأة ؟

وما هو حال الطفل هل يعتبر غير شرعي ؟

وفي حال انتهاء العدة ، وقيام الرجل والمرأة بالزواج بالطريقة الإسلامية ، ماهو حال الطفل شرعي أو لا ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا:

الزنا كبيرة من كبائر الذنوب ، ويشتد إثمه وتضاعف عقوبته إذا كانت المرأة متزوجة ، لما في ذلك من تدنيس فراش زوجها

ولهذا كانت عقوبة الزاني البكر الجلد مائة جلدة ، وعقوبة الزاني المحصن الرجم حتى الموت .

قال تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) سورة الإسراء/32.

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله ، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه ، فإن: ( من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) ؛ خصوصا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه .

ووصف الله الزنى وقبحه بأنه ( كَانَ فَاحِشَةً ) أي : إثما يستفحش في الشرع والعقل والفطر ، لتضمنه التجرؤ على الحرمة في حق الله ، وحق المرأة

وحق أهلها أو زوجها ، وإفساد الفراش ، واختلاط الأنساب وغير ذلك من المفاسد .

وقوله: ( وَسَاءَ سَبِيلاً ) أي : بئس السبيل : سبيلُ من تجرأ على هذا الذنب العظيم" .

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" (1/457).

والواجب على من وقع في ذلك: التوبة الصادقة والرجوع إلى الله والبعد عن دواعيه ، ومن تاب تاب الله عليه .

ثانيا:

إذا زنت المرأة المتزوجة، وحملت، فإن المولود ينسب إلى الزوج، ولا ينتفي نسبه منه إلا باللعان، وأما الزاني فلا ينسب الولد له

لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ) رواه البخاري ( 1948 ) ومسلم ( 1457 )

قال ابن عبد البر رحمه الله :

" وأجمعت الجماعة من العلماء : أن الحرَّة فراش بالعقد عليها ، مع إمكان الوطء ، وإمكان الحمل ، فإذا كان عقد النكاح يمكن معه الوطء والحمل :

فالولد لصاحب الفراش لا ينتفي عنه أبداً بدعوى غيره ، ولا بوجه من الوجوه ، إلا باللعان "

انتهى من " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 8 / 183 ).

وينظر في اللعان وكيفيته جواب السؤال رقم ( 178671 ).

وقال ابن قدامة - رحمه الله

-: " وأجمعوا على أنه إذا وُلد على فراشٍ فادَّعاه آخر : أنه لا يلحقه ، وإنما الخلاف فيما إذا وُلد على غير فراش "

انتهى من " المغني " ( 7 / 130 ) .

فلو فرض أن المرأة جازمة بأن الحمل من الزنى، فلا سبيل إلى إلحاقه بالزاني بحال. ولا سبيل إلى نفيه من الزوج إلا باللعان.

ثالثا:

لا يجوز للمسلم أن يفسد امرأة على زوجها ، لما فيه من هدم البيوت وتشتيت الأسرة ، ولو كان بينهما خلاف بلغ أشده ، وقد عده بعض العلماء من كبائر الذنوب

قال صلى الله عليه وسلم: ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا ) . رواه أبو داود ( 2175 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

وروى أبو داود ( 5170 ) – أيضاً - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال الشيخ عبد العظيم آبادي – رحمه الله - :

( مَن خبَّب ) : بتشديد الباء الأولى ... ، أي : خدع وأفسد .

( امرأة على زوجها ) : بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ، أو محاسن أجنبي عندها ".

انتهى من "عون المعبود " ( 6 / 159 ).

وقال : " ( مَنْ خَبَّب زوجة امرئ ) : أي خدعها وأفسدها أو حسن إليها الطلاق ليتزوجها ، أو يزوجها لغيره أو غير ذلك " . انتهى من " عون المعبود "( 14 / 52 ).

وقد جمع هذا الرجل بين جرائم عظيمة: التخبيب، والزنا بالمتزوجة، والنكاح في العدة، والنكاح بغير الطريقة الشرعية، فهو فاجر آثم.

رابعا:

نكاح المعتدة باطل لا يصح، والواجب التفريق بينهما .

ثم على المرأة أن تكمل عدة زوجها الأول ، أولا .

ثم لها أن تتزوج الثاني عند من لا يحرمها على المخبِّب، المفسد لها على زوجها . أو إذا كان الثاني لم يخببها على زوجها، بشرط التوبة من الزنا.

وينظر للفائدة حول نكاح المعتدة وما يترتب عليه: جواب السؤال القادم

وحول نكاح الزانيين: جواب السؤال بعد القادم

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-17, 05:01   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تزوجت قبل انقضاء عدتها من الأول فما الحكم

السؤال:

لقد طلقني زوجي الأول ثلاث مرات ثم تزوجت بأخر و نظرا أنه ليس لي أقارب فقد تزوجته بنفسي

و لكن حدث خطأ في حساب مدة العدة بعشرة أيام و لكن زوجي الثاني لم يلمسني إلا بعد أسبوعين لظروف سفرة فهل زواجي صحيح أولا ماذا أفعل .


الجواب :

الحمد لله


أولا :

عدة المرأة إذا كانت من ذوات الحيض : ثلاث حيضات ، لقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة/228

وإن كانت لا تحيض لكونها صغيرة أو آيسة ، فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن كانت حاملا فعدتها وضع الحمل

لقوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) الطلاق/4 .

وقد اتفق الفقهاء على أن المرأة التي تحيض عدتها ثلاثة قروء ؛ للآية السابقة ، ثم اختلفوا في القرء هل هو الحيض أو الطهر ؟ والذي تدل عليه الأدلة

وهو مذهب الحنفية والحنابلة أن القرء هو الحيض ، فإن انقضت حيضتها الثالثة فقد انتهت عدتها ، وجاز العقد عليها .

وأما على القول بأن القرء هو الطهر ، كما هو مذهب المالكية والشافعية ، فإن عدة المرأة تنتهي برؤية الدم من الحيضة الثالثة إن كان قد طلقها وهي طاهر

أو برؤية الدم من الحيضة الرابعة ، إن كان قد طلقها وهي حائض

. ينظر : المغني (8/81- 84).

ثانيا :

إذا كان عقد النكاح قد وقع بعد انقضاء العدة ، فالنكاح صحيح .

وإن كان وقع قبل انقضائها فالنكاح باطل ، ووجب أن يفرق بينكما ، ثم تكملي عدة الأول ،

جاء في "الموسوعة الفقهية" (29/ 346) :

" اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز للأجنبي نكاح المعتدة أيا كانت عدتها من طلاق أو موت أو فسخ أو شبهة ، وسواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا بينونة صغرى أو كبرى

. وذلك لحفظ الأنساب وصونها من الاختلاط ومراعاة لحق الزوج الأول ، فإن عقد النكاح على المعتدة في عدتها ، فُرّق بينها وبين من عقد عليها

واستدلوا بقوله تعالى : ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله )

والمراد تمام العدة ، والمعنى : لا تعزموا على عقدة النكاح في زمان العدة ، أو لا تعقدوا عقدة النكاح حتى ينقضي ما كتب الله عليها من العدة ...

وفي الموطأ : أن طليحة الأسدية كانت زوجة رشيد الثقفي وطلقها ، فنكحت في عدتها ، فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بخفقةٍ ضربات ، وفرق بينهما

ثم قال عمر : أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول

ثم إن شاء كان خاطبا من الخطاب . وإن كان دخل بها فُرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ، ثم اعتدت من الآخر ، ثم لا ينكحها أبدا " انتهى .

وهذا الأثر عن عمر رضي الله عنه يفيد أن المطلقة إن تزوجت قبل انقضاء عدتها ، فلها حالتان :

الأولى : أن يتم العقد فقط دون الدخول : فيفرق بينهما ، وتكمل عدة الأول ، ثم للثاني أن يتزوج بها بعد ذلك .

الثانية : أن يتم العقد والدخول : فيفرق بينهما ، وتكمل عدة الأول ، ثم تعتد من الثاني ، وتحرم عليه تحريما مؤبدا ، فلا يجوز أن ينكحها بعد ذلك ، وهذا مذهب المالكية وقول عند الحنابلة .

وأما الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة فذهبوا إلى أن الثاني له أن يتزوجها بعد انقضاء العدة .

إلا أن الحنابلة يقولون : لا يتزوجها إلا بعد انقضاء " العدتين " ، عدة الأول ، وعدة الثاني . قال في "مطالب أولي النهى"

: "وللثاني الذي تزوجته في عدتها ووطئها أن ينكحها بعد انقضاء العدتين ، لأنه قبل انقضاء عدة الأول يكون ناكحا في عدة غيره ، وأما انقضا

عدته فلأنها عدة لم تثبت لحقه ؛ لأن نكاحه لا أثر له ، وإنما هي لحق الولد فلم يجز له النكاح فيها كعدة غيره " انتهى .
ينظر : المنتقى للباجي (3/ 317)

مطالب أولي النهى (5/ 97، 577)

أحكام القرآن للجصاص (1/ 580)

فتاوى اللجنة الدائمة (18/ 248) .

ولعل الراجح هو أنها إذا أتممت عدة الأول ، جاز أن يعقد عليك الثاني ، ولا تحتاج إلى عدة منه .

وينظر : الشرح الممتع (13/ 387) .

والحاصل : أنه إذا كان عقد النكاح وقع قبل انتهاء عدة الأول ، فالنكاح باطل ، ويلزمك فراق زوجك الثاني ، وإتمام عدة الأول

ثم للثاني أن يعقد عليك إذا رضيت الزواج منه ، ويجب أن يكون ذلك عن طريق وليك ، في حضور شاهدين عدلين ، ولا يجوز أن تتولى المرأة عقد النكاح بنفسها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-17, 05:06   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا يصح نكاح الزانية والزاني حتى يتوبا

السؤال

هل يجوز الزواج من امرأة كانت تمارس الزنى ؟

الجواب

الحمد لله

لا يصح نكاح الزانية أو الزاني حتى يتوبا ، فإن لم تتب المرأة أو الرجل لم يصح النكاح .

قال الله تعالى : ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/3 .

وقد ورد في سبب نزول الآية ما يزيد الحكم بيانا ، وهو ما رواه أبو داود (2051) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ كَانَ يَحْمِلُ الْأَسَارَى بِمَكَّةَ وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقَالُ لَهَا عَنَاقُ وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ

. قَالَ : جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنْكِحُ عَنَاقَ ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي ، فَنَزَلَتْ (وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) فَدَعَانِي فَقَرَأَهَا عَلَيَّ ، وَقَالَ : لَا تَنْكِحْهَا . صححه الألباني في صحيح أبي داود .

قال في "عون المعبود" :

"فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّج بِمَنْ ظَهَرَ مِنْهَا الزِّنَا , وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ الْآيَة الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث لِأَنَّ فِي آخِرهَا : ( وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) فَإِنَّهُ صَرِيح فِي التَّحْرِيم" انتهى .

قال السعدي رحمه الله في تفسير الآية السابقة :

"هذا بيان لرذيلة الزنا, وأنه يدنس عرض صاحبه , وعرض من قارنه ومازجه , ما لا يفعله بقية الذنوب. فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء, إلا أنثى زانية, تناسب حالُه حالَها, أو مشركةٌ بالله,

لا تؤمن ببعث ولا جزاء, ولا تلتزم أمر الله. والزانية كذلك, لا ينكحها إلا زان أو مشرك (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أي: حرم عليهم أن يُنْكِحوا زانيا, أو يَنْكِحوا زانية.

ومعنى الآية: أن من اتصف بالزنا, من رجل أو امرأة , ولم يتب من ذلك , أن المقدم على نكاحه , مع تحريم الله لذلك , لا يخلو إما أن لا يكون ملتزما لحكم الله ورسوله, فذاك لا يكون إلا مشركا.

وإما أن يكون ملتزما لحكم الله ورسوله, فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه, فإن هذا النكاح زنا, والناكح زان مسافح . فلو كان مؤمنا بالله حقا, لم يقدم على ذلك.

وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية, حتى تتوب, وكذلك نكاح الزاني حتى يتوب

. فإن مقارنة الزوج لزوجته, والزوجة لزوجها, أشد الاقترانات, والازدواجات. وقد قال تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) أي: قرناءهم.

فحرم الله ذلك, لما فيه من الشر العظيم. وفيه من قلة الغيرة, وإلحاق الأولاد, الذين ليسوا من الزوج, وكون الزاني لا يعفها بسبب اشتغاله بغيرها, مما بعضه كاف في التحريم" انتهى.

وبمثل ذلك قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وأن معنى الآية :

أن من اعتقد تحريم نكاح الزانية ومع ذلك نكحها ، فقد عقد عقداً محرماً ، يعتقد أنه حرام ، والعقد الحرام وجوده كعدمه ، فلا يحل له الاستمتاع بالمرأة ، فيكون هذا الرجل زانيا في هذه الحال .

وأما إذا أنكر تحريم نكاح الزانية ، وقال : هو حلال ، فيكون هذا الرجل مشركا في هذه الحال ، لأنه أحل ما حرم الله ، وجعل نفسه مشرعا مع الله . وهكذا نقول لمن زوج ابنته رجلا زانيا .

"فتاوى المرأة المسلمة" جمع أشرف عبد المقصود (2/698) .

وبهذا (أي تحريم نكاح الزانية) أفتى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ، وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله .

انظر : "فتاوى محمد بن إبراهيم" (10/135)

"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/383) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" لما أمر الله تعالى بعقوبة الزانيين حرم مناكحتهما على المؤمنين ، هجرا لهما ، ولما معهما من الذنوب والسيئات . .. فأخبر أنه لا يفعل ذلك إلا زان أو مشرك .

أما المشرك فلا إيمان له يزجره عن الفواحش ومجامعة أهلها .

وأما الزاني ففجوره يدعوه إلى ذلك وإن لم يكن مشركا . . .

والله قد أمر بهجر السوء وأهله ما داموا عليه ، وهذا المعنى موجود في الزاني . . .

والله سبحانه شرط في الرجال أن يكونوا محصنين غير مسافحين فقال : ( وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين ) وهذا المعنى مما لا ينبغي إغفاله ; فإن القرآن قد نصه وبينه بيانا مفروضا .

فأما تحريم نكاح الزانية فقد تكلم فيه الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم وفيه آثار عن السلف وإن كان الفقهاء قد تنازعوا فيه ، وليس مع من أباحه ما يعتمد عليه " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (15/316) .

وقال أيضاً (32/110) :

" نكاح الزانية حرام حتى تتوب ، سواء كان زنى بها هو أو غيره . هذا هو الصواب بلا ريب وهو مذهب طائفة من السلف والخلف : منهم أحمد بن حنبل وغيره . .

وهذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار ; والمشهور في ذلك آية النور قوله تعالى : ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين )

وفي السنن حديث أبي مرثد الغنوي في عناق " انتهى .

وعلى من ابتلي بذلك وعقد النكاح قبل التوبة أن يتوب إلى الله تعالى ويندم على ما فعل ويعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب ، ثم يعيد عقد النكاح مرة أخرى .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-17, 05:10   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ملخّص مهم في أركان النّكاح وشروطه وشروط الوليّ

السؤال

ما هي أركان عقد النكاح ؟

وما شروطه ؟ .


الجواب

الحمد لله

أركان عقد النكاح في الإسلام ثلاثة :

أولا : وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح كالمحرمية من نسب أو رضاع ونحوه وككون الرجل كافرا والمرأة مسلمة إلى غير ذلك .

ثانيا : حصول الإيجاب وهو اللفظ الصّادر من الولي أو من يقوم مقامه بأن يقول للزوج زوجتك فلانة ونحو ذلك .

ثالثا : حصول القبول وهو اللفظ الصّادر من الزوج أو من يقوم مقامه بأن يقول : قبلت ونحو ذلك .

وأمّا شروط صحة النكاح فهي :

أولا : تعيين كل من الزوجين بالإشارة أو التسمية أو الوصف ونحو ذلك .

ثانيا : رضى كلّ من الزوجين بالآخر لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ ( وهي التي فارقت زوجها بموت أو طلاق ) حَتَّى تُسْتَأْمَرَ (

أي يُطلب الأمر منها فلا بدّ من تصريحها ) وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ (

أي حتى توافق بكلام أو سكوت ) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا (

أي لأنها تستحيي ) قَالَ أَنْ تَسْكُتَ رواه البخاري 4741

ثالثا : أن يعقد للمرأة وليّها لأنّ الله خاطب الأولياء بالنكاح فقال : ( وأَنْكِحوا الأيامى منكم ) ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ " رواه الترمذي 1021 وغيره وهو حديث صحيح .

رابعا : الشّهادة على عقد النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بوليّ وشاهدين ) رواه الطبراني وهو في صحيح الجامع 7558

ويتأكّد إعلان النّكاح لقوله صلى الله عليه وسلم : " أَعْلِنُوا النِّكَاحَ .

" رواه الإمام أحمد وحسنه في صحيح الجامع 1072

فأما الولي فيُشترط فيه ما يلي :

1- العقل

2- البلوغ

3- الحريّة

4- اتحاد الدّين فلا ولاية لكافر على مسلم ولا مسلمة وكذلك لا ولاية لمسلم على كافر أو كافرة ، وتثبت للكافر ولاية التزويج على الكافرة ولو اختلف دينهما ، ولا ولاية لمرتدّ على أحد

5- العدالة : المنافية للفسق وهي شرط عند بعض العلماء واكتفى بعضهم بالعدالة الظّاهرة وقال بعضهم يكفي أن يحصل منه النّظر في مصلحة من تولّى أمر تزويجها .

6- الذّكورة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا . " رواه ابن ماجة 1782 وهو في صحيح الجامع 7298

7- الرّشد : وهو القدرة على معرفة الكفؤ ومصالح النكاح .

وللأولياء ترتيب عند الفقهاء فلا يجوز تعدّي الولي الأقرب إلا عند فقده أو فقد شروطه

. ووليّ المرأة أبوها ثمّ وصيّه فيها ثمّ جدّها لأب وإن علا ثمّ ابنها ثم بنوه وإن نزلوا ثمّ أخوها لأبوين ثم أخوها لأب ثمّ بنوهما ثمّ عمّها لأبوين ثمّ عمها لأب ثمّ بنوهما ثمّ الأقرب فالأقرب نسبا من العصبة كالإرث

والسّلطان المسلم ( ومن ينوب عنه كالقاضي ) وليّ من لا وليّ له .

والله تعالى أعلم.

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-17, 06:19   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
نجاة^^
مشرفة منتدى الأسرة و المجتمع
 
الصورة الرمزية نجاة^^
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
موضوعك في القمة اخي عبد الرحمان
زادك الله علما ونفعك به ،بارك الله فيك على النشر ،طويل ولكنه مفيد
متابعة ~










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-17, 10:48   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
ابن الجزائر11
مؤهّل منتديات التّصميم والجرافيكس
 
الصورة الرمزية ابن الجزائر11
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-17, 18:06   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجاة^^ مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
موضوعك في القمة اخي عبد الرحمان
زادك الله علما ونفعك به ،بارك الله فيك على النشر ،طويل ولكنه مفيد
متابعة ~

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

كل هذا الاطراء منبعه كرم اخلاقك

اسعدني تواجدك الطيب مثلك
ادام الله مرورك العطر

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-17, 18:10   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن الجزائر11 مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

ما اجمل من ان اراك دائما
تسلم يا اخي من كل شر

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-19, 18:12   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




نكحت نكاح تحليل وطلقها لكنها تريد أن تستمر مع الزوج الثاني

السؤال :

تزوجت من رجل حتى أتمكن من الرجوع لزوجي ؛ لأنه طلقني ثلاث مرات ، ولذلك تزوجت هذا الرجل ؛ ليطلقني ، حتى أحل لزوجي الأول ، ولكن بعد أن طلقني الزوج الثاني أدركت أني أريد العودة لهذا الزوج الثاني

وليس الزوج الأول ، فهل يجوز لي الرجوع لذمة الزوج الثاني ، حيث إننا نريد الرجوع لبعضنا البعض؟

وهل يعتبر الزوج الثاني محللًا إن عدت إلى ذمته بالرغم من تغيير النية ؟

وهل يبقى الحكم كما هو بعد تغيير نية زواج التحليل؟

وهل نملك الفرصة للتوبة ، وتغيير نيتنا حتى يصبح زواجنا صحيحًا؟

وهل يعتبر الزوج الأول محللًا له طوال حياته إن حدث في يوم من الأيام تزوجت به بالرغم من توبتنا جميعًا ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا:

إذا طلق الرجل امرأته الطلقة الثالثة

فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره

نكاح رغبة لا نكاح تحليل

ثم يموت عنها

أو يطلقها

لقول الله تعالى : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) البقرة/230 .

وروى البخاري (2639) ، ومسلم (1433) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : " جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفاعَةَ الْقُرَظِيِّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ ، فَقَالَ : ( أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ ؟ لَا ، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ ).

وروى مسلم (1433) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، فَأَرَادَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : ( لَا حَتَّى يَذُوقَ الْآخِرُ مِنْ عُسَيْلَتِهَا مَا ذَاقَ الْأَوَّلُ ).

ومعنى " أبتّ طلاقي " : أي : طلقني طلاقا حصل معه قطع عصمتي منه ، وهي الطلقة الثالثة .

وقوله عليه الصلاة والسلام : (حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) : كناية عن الجماع .

قال النووي رحمه الله :

" وفي هذا الحديث أن المطلقة ثلاثا لا تحل لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره ، ويطأها ثم يفارقها , وتنقضي عدتها . فأما مجرد عقده عليها فلا يبيحها للأول ، وبه قال جميع العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم "

انتهى من "شرح مسلم" ( 10 / 3 ) .

ثانيا:

نكاح التحليل : هو أن ينكحها من أجل أن يحلها لزوجها الأول ، ثم يطلقها ، وهو محرم وفاسد في قول عامة أهل العلم ، ولا تحل به المرأة لزوجها الأول .

وسواء في ذلك إذا صرح بقصده عند العقد ، واشترطوا عليه أنه متى أحلها لزوجها طلقها ، أو لم يشترطوا ذلك وإنما نواه في نفسه فقط .

وانظر : "المغني" (7/ 574).

وقد روى أبو داود (2076) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ ) . وصححه الألباني في " صحيح أبي داوود " .

والْمُحَلِّلَ هو من تزوجها ليحلها لزوجها الأول . وَالْمُحَلَّلَ له هو زوجها الأول .

وروى ابن ماجة (1936) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ ؟ )

قَالُوا : بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : ( هُوَ الْمُحَلِّلُ ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) وحسنه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجة " .

وروى عبد الرزاق (6/265) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال وهو يخطب الناس : " والله لا أوتى بمحلٍّ ومحلَّل له إلا رجمتهما " .

ثالثا:

نكاح التحليل فاسد .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" ونكاح المحلل فاسد،, يثبت فيه سائر أحكام العقود الفاسدة ، ولا يحصل به الإحصان ، ولا الإباحة للزوج الأول ، كما لا يثبت في سائر العقود الفاسدة " .

انتهى من "المغني" (7/ 574).

وعليه : فهذا النكاح وجوده كعدمه ، فإذا طلقك الزوج الثاني فإنه لا يملك أن يرجعك إلى ذمته ، لأن الرجعة لا تكون إلا في نكاح صحيح .

لكن إذا رغبت في الزواج من هذا الرجل [ الزوج الثاني ] : فليعقد عليك عقدا صحيحا، نكاحَ رغبة ، لا نكاح تحليل ، ويلزمكما التوبة مما أقدمتما عليه من النكاح المحرم سابقا.

وهذا النكاح الصحيح إن تم : فليس نكاح تحليل .

ولو فرض أن مات عنك الزوج الثاني ، أو طلقك، فإنك تحلين للأول.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-19, 18:37   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

صور نكاح الشغار ، ومتى يكون باطلا ؟

السؤال :

أنا متزوجة من ابن عمي منذ سنة تقريباً ، ولكنني في حيرة من أمري بخصوص صحة زواجي ، فأخت زوجي متزوجة من أخي وقد قرأت على موقعكم أنّ هذا النوع من الزواج يدعى نكاح الشغار وهو مُحرّم في الإسلام

مع العلم أنّ هذا الأمر شائع جداً في باكستان وأفغانستان ويطلق عليه في لغة الباشتو " زواج البدل " وهو يمارس منذ فترة طويلة جداً ، فإذا كان الزواج بهذه الطريقة محرما في الشريعة لماذا لا نجد من يعترض عليه من الأئمة ، ولا نجدهم يمتنعون عن عقد النكاح بتلك الطريقة ؟

لقد بحثت عن معلومات حول نكاح الشغار ولكن لا زلت لا أدري إن كان زواجي يعتبر من هذا النوع أم لا ، حيث وجدت أقولاً مختلفة للعلماء حول هذه المسألة ، فعلى سبيل المثال وجدت أنّ المذهب الحنفي يرى صحة العقد ووجوب المهر ، بينما ترى المذاهب الأخرى خلاف ذلك ، فما هو نكاح الشغار ؟

وهل زواجي يندرج تحت نكاح الشغار ؟

وما هو الحل إذا كان الزوجان سعيدين في حياتهما ولديهما أطفال من هذا الزواج ؟

هل ينبغي عليهما الطلاق مع الأخذ بعين الاعتبار المشاكل التي ستنتج عن ذلك بين العائلات ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

" الشغار " أو ما يسميه الناس بـ " زواج البدل " جاءت الشريعة الاسلامية بتحريمه والنهي عنه ؛ لما فيه من ظلم للمرأة ، وهضم لحقها ، وتلاعب بمسؤولية الولاية .

فعن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ ) رواه مسلم (1415) .

وعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قال : ( نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشِّغَارِ ) رواه مسلم (1417) .

ثانيا :

الزواج على سبيل البدل له ثلاث صور :

الأولى : أن يتزوج كلُّ واحدٍ منهما من قريبة الآخر ومن هي تحت ولايته ، دون اشتراط أن يكون زواج أحدهما مبنياً على زواج الآخر ومتوقفاً عليه ، ومع وجود مهر مقرَّر لكلٍّ منهما .

فهذه الصورة ليست من " نكاح الشغار " ولا حرج فيها .

جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى " ( 18/427 ) :

" أما إن خطب هذا مولية هذا ، وخطب الآخر موليته ، من دون مشارطة ، وتم النكاح بينهما برضى المرأتين مع وجود بقية شروط النكاح : فلا خلاف في ذلك ، ولا يكون حينئذ من نكاح الشغار " انتهى .

الثانية : أن يتم الزواج بشرط أن يزوج كل واحد منهما موليته من الآخر ، مع عدم وجود مهر لهما ، بحيث يكون بُضْعُ كل واحدةٍ منهما فِي مُقابَلة بضْع الأخرَى .

فهذه الصورة من الشغار المنهي عنه في السنة النبوية باتفاق العلماء .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

" فَإِذَا أَنْكَحَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ أَوْ الْمَرْأَةَ يَلِي أَمْرَهَا مَنْ كَانَتْ ، عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ ابْنَتَهُ أَوْ الْمَرْأَةَ يَلِي أَمْرَهَا مَنْ كَانَتْ ، عَلَى أَنَّ صَدَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بُضْعُ الْأُخْرَى ، وَلَمْ يُسَمَّ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقٌ

: فَهَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلاَ يَحِلُّ النِّكَاحُ ، وَهُوَ مَفْسُوخٌ "

انتهى من " الأم " (6/198) .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

" وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي الشَّرِيعَةِ : فَهُوَ أَنْ يُنْكِحَ الرَّجُلُ وَلَيَّتَهُ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ الْآخَرُ وَلَيَّتَهُ ، وَلَا صَدَاقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بُضْعُ هَذِهِ بِبُضْعِ هَذِهِ ، عَلَى مَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ "

انتهى من " الاستذكار " (5/465) .

وقال – أيضاً -

: " وهذا ما لا خلاف بين العلماء فيه أَنَّهُ الشِّغَارُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ "

انتهى من " التمهيد " (14/70) .

وقال ابن رشد رحمه الله :

" فَأَمَّا نِكَاحُ الشِّغَارِ ، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ صِفَتَهُ هُوَ أَنْ يُنْكِحَ الرَّجُلُ وَلِيَّتَهُ رَجُلًا آخَرَ عَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ الْآخَرُ وَلِيَّتَهُ ، وَلَا صَدَاقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بُضْعَ هَذِهِ بِبُضْعِ الْأُخْرَى ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ نِكَاحٌ غَيْرُ جَائِزٍ ؛ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ "

انتهى من " بداية المجتهد " (3/80) .

وهذا الحكم لا يقتصر على البنت أو الأخت ، بل يشمل كل من كانت تحت ولايته .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-19, 18:38   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال النووي رحمه الله :

" وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْبَنَاتِ مِنَ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَالْعَمَّاتِ وَبَنَاتِ الْأَعْمَامِ وَالْإِمَاءِ ، كَالْبَنَاتِ فِي هَذَا "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (9/201) .

وعلماء المذهب الحنفي يوافقون جمهور العلماء على أن هذه الصورة من النكاح ، منهي عنها ولا تجوز ، إلا أنهم يصححون النكاح ، ويوجبون فيه مهر المثل لكل واحدة منهما ، قالوا : وبذلك لا يكون شغارا .

انظر : المبسوط (5/105) ، بدائع الصنائع (2/278) .

الثالثة : أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو من هي تحت ولايته ، بشرط أن يزوجه الآخر ابنته أو موليته ، لكن مع وجود مهرٍ لكلٍّ منهما ، سواء كان متساوياً أو مختلفاً .

فهذه الصورة محل خلاف بين العلماء .

فذهب بعض العلماء إلى أن هذه الصورة تدخل في الشغار المنهي عنه أيضاً ، وأن وجود الشرط كافٍ في جعلها من نكاح الشغار ، وهو قول الظاهرية ، واختاره بعض العلماء من الشافعية والحنابلة .

قال الخرقي – الحنبلي - رحمه الله :

" وإذا زوجه وليته ، على أن يزوجه الآخر وليته : فلا نكاح بينهما ، وإن سموا مع ذلك أيضا صداقا "

انتهى من " مختصر الخرقي " (ص 238 )

وانظر : " المحلى " لابن حزم (9/118) .

واختار هذا القول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ، واللجنة الدائمة للإفتاء ، فجاء في فتواهم :

" إذا زوَّج الرجل موليته لرجل ، على أن يزوجه الآخر موليته : فهذا هو نكاح الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الذي يسميه بعض الناس نكاح " البدل "

وهو نكاح فاسد ، سواء سمِّي فيه مهر أم لا ، وسواء حصل التراضي أم لا "

انتهى " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى " (18/427) .

واحتجوا بما رواه مسلم في صحيحه (1416)

من طريق ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشِّغَارِ

وَالشِّغَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي ، أَوْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ وَأُزَوِّجُكَ أُخْتِي " .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" والصواب أنه يكون شغارا مطلقا ، إذا كان فيه الشرط ؛ لظاهر الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام ؛ لأنه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :

( والشغار أن يقول الرجل : زوجني أختك وأزوجك أختي أو زوجني بنتك وأزوجك بنتي ) ، ولم يقل : وليس بينهما صداق ، بل أطلق "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز" (20/280) .

وقال – أيضاً - رحمه الله :

" نكاح البدل لا يجوز ، ويسمى نكاح الشغار ، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث ، فلا يجوز نكاح البدل بالمشارطة ، يقول هذا : زوجني أختك

وأزوجك أختي ، أو زوجني بنتك وأزوجك بنتي ، هذا هو نكاح البدل ويقال له : نكاح الشغار ، ولو سمى مهرا ، ولو تساوى المهر ، ولو اختلف المهر ، ما دام فيه مشارطة لا يجوز "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن باز (21/26) .

وهذا النكاح يسميه المالكية : " وجه الشغار " ، والحكم فيه عندهم : أنه يفسخ قبل الدخول استحباباً ، وأما بعد الدخول فيحكم بصحته ، مع ثبوت الأكثر من مهر المثل ، أو المهر المسمى لكل منهما .

ففي " التهذيب في اختصار المدونة " (2/132) :

" وإن قال له : زوجني ابنتك بمائة على أن أزوجك ابنتى بمائة ، أو قال : بخمسين ، فلا خير فيه ، وهو من وجه الشغار ، ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده

ويكون لكل واحدة منهما الأكثر من التسمية أو صداق المثل ، وليس هذا بصريح الشغار لدخول الصداق فيه " انتهى .

وإنما سمي " وجه الشغار"

: " لِأَنَّهُ شِغَارٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ ، فَحَيْثُ إنَّهُ سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقًا ، لَيْسَ بِشِغَارٍ ؛ لِعَدَمِ خُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ الصَّدَاقِ ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرْطُ تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى ، فَهُوَ شِغَارٌ "

انتهى من " حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني " (2/52) .

والذي عليه جمهور العلماء : أن هذا النكاح لا يعد من الشغار ، إذا تم تسمية مهرٍ لكلٍّ منهما .

قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ رحمه الله :

" وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ الرَّجُلَ أَوْ الْمَرْأَةَ يَلِي أَمْرَهَا ، عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ ، أَوْ الْمَرْأَةَ يَلِي أَمْرَهَا ، عَلَى أَنَّ صَدَاقَ إحْدَاهُمَا كَذَا ، لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ ، وَصَدَاقَ الْأُخْرَى كَذَا

لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ ، أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ... = فَلَيْسَ هَذَا بِالشِّغَارِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ "

انتهى من " الأم " (5/83) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" فَأَمَّا إنْ سَمَّوْا مَعَ ذَلِكَ صَدَاقًا ، فَقَالَ : زَوَّجْتُك ابْنَتِي ، عَلَى أَنْ تُزَوِّجُنِي ابْنَتَك ، وَمَهْرُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِائَةٌ ، أَوْ مَهْرُ ابْنَتِي مِائَةٌ وَمَهْرُ ابْنَتِك خَمْسُونَ ، أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ ، فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ : صِحَّتُهُ "

انتهى من " المغني" (7/177) .

وقال ابن القيم

: " وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ :

فَقِيلَ : هِيَ جَعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَقْدَيْنِ شَرْطًا فِي الْآخَرِ .

وَقِيلَ : الْعِلَّةُ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ ، وَجَعْلُ بُضْعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرًا لِلْأُخْرَى ، وَهِيَ لَا تَنْتَفِعُ بِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهَا الْمَهْرُ ، بَلْ عَادَ الْمُهْرُ إِلَى الْوَلِيِّ

وَهُوَ مِلْكُهُ لِبُضْعِ زَوْجَتِهِ بِتَمْلِيكِهِ لِبُضْعِ مُوَلِّيَتِهِ ، وَهَذَا ظُلْمٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَرْأَتَيْنِ ، وَإِخْلَاءٌ لِنِكَاحِهِمَا عَنْ مَهْرٍ تَنْتَفِعُ بِهِ .
وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلُغَةِ الْعَرَبِ

فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ : بَلَدٌ شَاغِرٌ مِنْ أَمِيرٍ ، وَدَارٌ شَاغِرَةٌ مِنْ أَهْلِهَا : إِذَا خَلَتْ ، وَشَغَرَ الْكَلْبُ : إِذَا رَفَعَ رِجْلَهُ وَأَخْلَى مَكَانَهَا .

فَإِذَا سَمَّوْا مَهْرًا مَعَ ذَلِكَ زَالَ الْمَحْذُورُ ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اشْتِرَاطُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ شَرْطًا لَا يُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ ، فَهَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ "

انتهى من " زاد المعاد في هدي خير العباد " (5/99) .

ويدل على هذا : ما رواه البخاري (5112) ، ومسلم (1415) من طريق مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ " ،

" وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ " .

قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ رحمه الله :

" لاَ أَدْرِي تَفْسِيرَ الشِّغَارِ فِي الْحَدِيثِ ، أَوْ مِنْ ابْنِ عُمَرَ ، أَوْ نَافِعٍ ، أَوْ مَالِكٌ "

انتهى من " الأم " للشافعي (6/197) .

وقد جاء ما يدل على أن هذا التفسير من نافع رحمه الله تعالى .

ففي صحيح البخاري (6960) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عمر العمَري ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ " .

قُلْتُ لِنَافِعٍ : مَا الشِّغَارُ ؟

قَالَ : " يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ ، وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ " .

وقال الجوهري في " الصحاح " (2/700) :

" والشِغارُ بكسر الشين : نِكاح كان في الجاهلية ، وهو أن يقول الرجل لآخر : زَوِّجْني ابنتك أو أختك على أن أزوِّجك أختي أو ابنتي

على أنَّ صداق كلِّ واحدة منهما بُضْعُ الأخرى ، كأنَّهما رفعا المهر وأخليا البُضْعَ عنه " انتهى .

وأما ما رواه مسلم من طريق ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بن عمر العمري ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

قَالَ : " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشِّغَارِ ، وَالشِّغَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي ، أَوْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ وَأُزَوِّجُكَ أُخْتِي " .

فإن تفسير الشغار فيه ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً ، فقد رواه النسائي (6/112) : وبين فيه أن تفسير الشغار

هو في قول عبيد الله بن عمر العمري - أحد رواة الحديث - ، وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم .

وعلى هذا ، فلا حجة في هذا التفسير ، بل تفسير نافع أولى بالقبول منه .

وما ذهب إليه جمهور العلماء : أقوى وأرجح ، فإذا فُرض لها مهر مثلها ، وكان الزوج كفئا رضيت المرأة به : فليس هذا بنكاح الشغار .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَالصَّوَابُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد فِي عَامَّةِ أَجْوِبَتِهِ ؛ وَعَامَّةُ أَكْثَرِ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ : أَنَّ الْعِلَّةَ فِي إفْسَادِهِ بِشَرْطِ إشْغَارِ النِّكَاحِ عَنْ الْمَهْرِ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (34/126) .

وقد اختار هذا القول سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله ، فإنه سئل عن نكاح البدل إذا كانت كل واحدة من الزوجتين راضية وكان لها مهرها كاملا .

فأجاب : " إذا كان الأمر كما ذكرت من أن لكل واحدة من الزوجين مهر مثلها ، وأن كل واحدة منهما راضية بالزواج من الآخر : فلا بأس بالزواج المذكور ، وليس من الشغار المحرم ، وبالله التوفيق "

انتهى من " فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم " (10/159) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" إذا كان المهر مهر مثلها لم ينقص ، والمرأة قد رضيت بالزوج ، وهو كفء لها ، فإن هذا صحيح ، وهذا هو الصحيح عندنا ، أنه إذا اجتمعت شروط ثلاثة : وهي الكفاءة ، ومهر المثل ، والرضا ،

فإن هذا لا بأس به ؛ لأنه ليس هناك ظلم للزوجات ، فقد أعطين المهر كاملاً ، وليس هناك إكراه ، بل غاية ما هنالك أن كل واحد منهما قد رغب ببنت الآخر ، فشرط عليه أن يزوجه ...
.
فظاهر الأدلة يقتضي أنه إذا وجد مهر العادة ، والرضا ، والكفاءة : فلا مانع "

انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع " (12/174) .

ومع القول بصحة العقد في هذه الصورة ، إلا أنه لا ينبغي سلوك هذه الطريق في الزواج .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في " مجموع فتاويه " (10/158) :

" وينبغي أن يلاحظ في المستقبل : بأن لا يعقد نكاحا فيه مبادلة ، سواء ذكر فيه مهرا أم لا ؛ لقوة القول بفساده ؛ لما فيه من فساد عظيم ؛ لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه

إيثارا لمصلحة الأولياء على مصلحة النساء ، وهذا ، كما لا يخفى : لا يجوز ؛ ولأنه يؤدي أيضا إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن

كما هو الواقع بين غالب الناس المتعاطين لهذا الأمر ، كما أنه يفضي إلى كثير من النزاع والخصومات بعد الزواج " انتهى .

ثالثاً :

إذا وقع نكاح الشغار – يعني : في الصورة التي اتفق العلماء على أنها من الشغار المنهي عنه ، على ما سبق - فهو باطل يجب فسخه عند جمهور العلماء ، وتجديد العقد .

سئل الإمام مالك رحمه الله كما في " المدونة الكبرى " (2/98) :

" أَرَأَيْتَ نِكَاحَ الشِّغَارِ إذَا وَقَعَ ، فَدَخَلَا بِالنِّسَاءِ وَأَقَامَا مَعَهُمَا حَتَّى وَلَدَتَا أَوْلَادًا ؛ أَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا أَمْ يُفْسَخُ ؟
قَالَ : قَالَ مَالِكٌ : يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ " انتهى .

وقال الشافعي :

" فَلاَ يَحِلُّ النِّكَاحُ ، وَهُوَ مَفْسُوخٌ "

انتهى من " الأم " (6/198) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" وَلَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ ، فِي أَنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ فَاسِدٌ "

انتهى من " المغني " (10/42) .

وقال ابن عبد البر رحمه الله المالكي :

" وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ هَذَا النِّكَاحِ ، وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ "

انتهى من " الاستذكار " (16/203) .

وعليه :

فمن تبين له أن زواجه كان على سبيل الشغار ، فيجب عليه فسخ هذا النكاح ، وعقده من جديد مع توفر سائر شروطه ، وأن يفرض للمرأة فيه مهراً يتراضيان عليه

فقد سئل سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله عن نكاح الشغار فقال :

" النكاح فاسد ، ويلزم التفريق بينهما... ثم بعد ذلك هو خاطب من الخطاب إذا رغبته المرأة ودفع لها مهر مثلها : جاز له نكاحها بعقد جديد "

انتهى من " فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ " (10/160) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" فيزوجه وليها من جديد ، بعقد شرعي ومهر شرعي ، وبحضور شاهدين ، ولا حاجة إلى عدة بل في الحال ؛ لأن الماء ماؤه ... أما إذا كان لا يرغب فيها ، وهي لا ترغب فيه

فيطلقها طلقة واحدة ، فإذا اعتدت تزوجها من شاءت "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن باز (21/39) .

ولكن سبق أن علماء المذهب الحنفي يصححون النكاح في هذه الصورة ، ويوجبون مهر المثل لكل امرأة .

فمن قلدهم في هذا القول

أو كان في بلد عامة أهله على المذهب الحنفي ، أو القضاء في محاكمهم عليه : فإنه لا يفسخ نكاحه ، كما هي القاعدة في المسائل الاجتهادية .

قال ابن قدامة رحمه الله ، بعد الكلام على بطلان النكاح من غير ولي ، كما هو مذهب جمهور العلماء ، خلافا للأحناف :
" فَإِنْ حَكَمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ حَاكِمٌ ، أَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي لِعَقْدِهِ حَاكِمًا : لَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ

؛ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ "

انتهى من " المغني " (7/6) .

وقال ابن مفلح رحمه الله :

" وَمَنْ قَلَّدَ فِي صِحَّةِ نِكَاحٍ ، لَمْ يُفَارِقْ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ ؛ كَحُكْمٍ "

انتهى من " الفروع " (11/218) .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن نكاح التحليل

وماذا لو قلد المسلم بعض العلماء الذين أجازوه ؟

فأجاب :

" التَّحْلِيلُ الَّذِي يَتَوَاطَئُونَ فِيهِ مَعَ الزَّوْجِ - لَفْظًا أَوْ عُرْفًا - عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ الْمَرْأَةَ أَوْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ ذَلِكَ : مُحَرَّمٌ ؛ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعِلَهُ فِي أَحَادِيثَ مُتَعَدِّدَةٍ .

.. وَلَا تَحِلُّ لِمُطَلَّقِهَا الْأَوَّلِ بِمِثْلِ هَذَا الْعَقْدِ ، وَلَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْمُحَلِّلِ إمْسَاكُهَا بِهَذَا التَّحْلِيلِ ؛ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِرَاقُهَا .

لَكِنْ إذَا كَانَ قَدْ تَبَيَّنَ بِاجْتِهَادِ ، أَوْ تَقْلِيدٍ : جَوَازُ ذَلِكَ ؛ فَتَحَلَّلَتْ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ : فَالْأَقْوَى : أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِرَاقُهَا ؛ بَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَقَدْ عَفَا اللَّهُ فِي الْمَاضِي عَمَّا سَلَفَ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (32/151-152) .

وبناء على هذا ؛ فنكاحك صحيح

ولكن ينهى الناس عن فعل ذلك في المستقبل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-19, 18:42   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فتاة اختطفها رجل وأكره أهلها على تزويجها له ثم هربت ، فما حكم الزواج والعدة ؟

السؤال :


ماحكم تعليق الزواج على شرط ؟ مثال : خطف رجل فتاة ، واشترط عليهم الزواج مقابل أن يرجعها ، فتم ذلك باعتبار الأهل بمكان يغير فيه القانون والدين ، ولكن الحمد لله استطاع الأهل تخليص الفتاة

والهروب بها عن طريق البحر إلى أوروبا . فهل تعتبر الفتاة بهذه الحالة على ذمة ذلك الرجل ؟ أم تعتبر مطلقة لأن عقد الزواج فاسد ؟ وماحكم العدة في هذه الحالة ؟


الجواب :


الحمد لله

أولاً :

هذه المسألة التي تسأل عنها ليست من باب تعليق الزواج على شرط , بل هي من باب الإكراه على الزواج .

فإذا كان الولي مكرها على هذا الزواج وكذا الفتاة ، وأنهم إنما فعلوا هذا العقد لتخليصها من هذا الرجل المختطف : فإن العقد باطل .

و"الإكراه" هو :" حمل الشخص على ما لا يرضاه من قول أو فعل ، ولا يختار مباشرته لو تُرِكَ ونَفْسَه"

انتهى من " التقرير والتحبير " (2 / 274) .

وجاء في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (4 / 56) :

" وَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى إبْطَالِ نِكَاحِ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرَهَةِ ، وَلَا يَجُوزُ الْمُقَامُ عَلَيْهِ ؛ لأنَّهُ لمْ يَنْعقِد" انتهى.

بل إن كثيرا من أهل العلم يحكم ببطلان النكاح إذا أجبرها وليها عليه ، فكيف إذا كان الإكراه من شخص أجنبي عنها .

ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال :القادم

فإذا ثبت أن هذا العقد باطل ؛ فهذه الفتاة ليست زوجةً لهذا الغاصب .

ثانيا :

أما عن العدة فإن كانت هذه الفتاة هربت قبل أن يدخل بها فلا عدة عليها ، وإن كان دخل بها فالراجح أنها تعتد بحيضة واحدة ؛ لأن النكاح الباطل .

قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (13 / 382):

" وأما العقد الباطل فإنها على القول الصحيح لا تعتد كمطلقة ؛ لأن العقد الباطل وجوده كعدمه ، ولا يؤثر شيئاً ، والفرق بين العقد الباطل والفاسد، أن الباطل ما اتفق العلماء على فساده

والفاسد ما اختلفوا فيه , واختار شيخ الإسلام رحمه الله في هذا كله أنه لا عدة ، وإنما هو استبراء [يعني : حيضة واحدة] ، وهو القول الراجح ؛ لأن الله تعالى إنما أوجب ثلاث حيض على المطلقات من أزواجهن" انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وَقَدْ ثَبَتَ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَصَرِيحِ السُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ: أَنَّ " الْمُخْتَلِعَةَ " لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةِ ؛ لَا عِدَّةٍ كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ

عَنْ أَحْمَد وَقَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عفان وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ فِي آخِرِ قَوْلَيْهِ. وَذَكَرَ مَكِّيٌّ: أَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ

وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ... فَإِذَا كَانَتْ الْمُخْتَلِعَةُ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ مُطَلَّقَةً لَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ بَلْ الِاسْتِبْرَاءُ - وَيُسَمَّى الِاسْتِبْرَاءُ عِدَّةً - فَالْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةِ أَوْلَى ، وَالزَّانِيَةُ أَوْلَى"

انتهى من " مجموع الفتاوى " (32/110-111) .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-19, 18:45   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أكرهها والدها على الزواج ، فهل هذا النكاح صحيح ، وما حكم الجماع في هذه الحال ؟

السؤال:

فتاة تزوجت رجلاً لا ترغب به، وإنما أرغمها والدها على ذلك إرغاماً، فهل هذا النكاح صحيح أم لا؟

وإذا امتنعت هذه الفتاة من أن تمكن هذا الزوج منها، فأرغمها وأجبرها على الجماع إجباراً فما الحكم هنا؟

هل يُعتبر هذا زناً؟


الجواب :

الحمد لله :

أولاً : يحرم على ولي المرأة أن يجبرها على الزواج بمن لا ترغب به ولا ترضاه

لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ ). رواه البخاري (6968) ، ومسلم (1419).

وظاهره العموم في كلِّ بكر ، وفي كلِّ وليٍّ ، لا فرق بين أب ولا غيره ، ولهذا ترجم البخاري رحمه الله على الحديث بقوله : " باب لا يُنكح الأبُ وغيره البكرَ والثَّيِّبَ ، إلا برضاهما".

ويجب على ولي المرأة أن يتقي الله في بناته ، فلا يزوجهن إلا ممن يرضين به من الأكفاء والنظراء ، فإنه إنما يزوجها لمصلحتها لا لمصلحته .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وأمَّا تزويجها مع كراهتها للنكاح ، فهذا مخالف للأصول والعقول ، والله لم يُسوِّغ لوليها أن يُكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها ، ولا على طعام ، أو شراب ، أو لباس ، لا تريده

فكيف يكرهها على مباضعة ومعاشرة من تكره مباضعته ! ، ومعاشرة من تكره معاشرته !.

والله قد جعل بن الزوجين مودةً ورحمة ، فإذا كان لا يحصل إلا مع بغضها له ونفورها عنه ، فأيُّ مودةٍ ورحمةٍ في ذلك !! ".
انتهى من " مجموع الفتاوى" (32/25).

ثانياً : إذا تم عقد النكاح مع الإكراه ، فإن هذا العقد يكون موقوفاً على إجازة المرأة ، فإن أجازته صار عقداً صحيحاً ، وإن لم تجزه فهو عقد فاسد .

عن بُرَيْدَةَ بن الحصيب قال : جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ .

فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا .

فَقَالَتْ : قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي ، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إِلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ.

رواه ابن ماجه (1874) ، وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة (2/102) ، وكذا قال الشيخ مقبل الوادعي : " صحيح على شرط مسلم " ، انتهى من الصحيح المسند صـ 160

وفي حال لم تجز المرأة هذا النكاح ، فإنه يكون فاسداً ، وعليها أن تخبر من عُقد له عليها بذلك ، وليس له أن يجبرها على الجماع والمعاشرة ، وليس لها أن تمكنه من ذلك ما دامت غير راضية بهذا الزواج .

ومع الحكم على هذا الزواج بالفساد ، إلا أن هذا الحكم لا يثبت ولا يتقرر إلا بطلاق الرجل لها أو حكم المحكمة بذلك ، نظراً لوجود خلاف بين العلماء في صحة هذا الزواج ، حيث إن جمعاً كثيرا من أهل العلم يجيزون هذا النكاح.

وعلى هذا فيلزمك رفع أمرك للقاضي الشرعي ليحكم بفسخ هذا النكاح .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : ما حكم الإسلام فيمن زُوجت وهي مكرهة؟

فأجابت : " إذا لم ترض بهذا الزواج ، فترفع أمرها إلى المحكمة ، لتثبيت العقد أو فسخه "

. انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (18/126)
.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" النكاح فاسد في أصح قولي العلماء ، لكن ليس لها أن تتزوج إلا بعد تطليقه لها ، أو فسخ نكاحها منه بواسطة الحاكم الشرعي ؛ خروجاً من خلاف من قال إن النكاح صحيح ".

انتهى " مجموع فتاوى ابن باز" (20/411).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" إذا قلنا : إن النكاح غير صحيح ، فلا بد من فسخه ؛ لأنه لم يصح ، لكن لو فرضنا أن المرأة دخلت على الرجل ، وأعجبها الرجل وأجازت العقد ، فإن ذلك لا بأس به ، ويكون النكاح صحيحاً بناءً على إجازتها ".

انتهى من " اللقاء الشهري" (1/343).

ثالثاً : إذا تم الإجبار على الجماع ، فلا يعد هذا زناً بالمعنى الشرعي ، لأجل الشبهة الحاصلة بعقد النكاح الذي بينهما ، وهو عقد مختلف في صحته ، كما سبق ، وإن كان يحرم على الرجل فعل ذلك .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ولا يحل للزوج أن يدخل عليها وهي مجبرة عليه ؛ لأن النكاح غير صحيح ".

انتهى من " اللقاء الشهري " [1 /343]

وعلى كل الأحوال فليس على المرأة إثم في ذلك ما دامت مجبرة ، وهي بين خيارين : أن تقر هذا الزواج وترضى به ، أو أن تعلن رفضه وتسعى في فسخه عن طريق القاضي الشرعي

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-19, 18:51   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

مسلمة تائبة وزوجها لا يؤمن بالله

السؤال:

أنا مسلمة أقيم في الخارج ، تزوجت بأسبانيا ، والآن لدينا طفلان ، وأنا الآن تبت لله الواحد القهار الغفور الرحيم ، وأنا الآن أصلي أقرأ القرآن كل يوم ، وحفظت العديد من السور .

وقد تكلمت مع زوجي حول الإسلام لعل الله يهديه للإسلام ، ولكن كلما أتحدث معه حول هذا الموضوع ندخل في جدال ، فهو لا يؤمن بأي شيء ، لا بالله ، ولا بالرسول عليه ألف صلاة وسلام ، ولا بيوم البعث .

والآن أفكر في الطلاق ، ولكن مشكلتي هي أنني لا أعمل، وليس عندي في هذا البلد أهل ، وهو يهددني بطردي من المنزل ، وبنزع الأطفال مني. فأنا أفكر في الصبر إلى أن يبلغ أولادي سن البلوغ

فهل هذا الحل ممكن لظروفي ، أو يعتبر كل هذا ذنبا فوق ذنب ؟


الجواب :


الحمد لله

القرارات التي ينبغي على المسلم اتخاذها في وقتها لا يجدي فيها التأجيل ولا التسويف ؛ فالتأجيل في بعض الحالات يعني المزيد من الفواحش والآثام ، والمزيد من سخط الله سبحانه وتعالى .

وغضب الله عز وجل يتقى بالعمر كله ، فكيف يرضى المسلم أن يشتريه على حساب وقته وعمره !!

لذلك ليس لدينا خيار أمام حالتك إلا نصيحتك بما نراه واجبا شرعا أولا ، ونراه أيضا هو الأجدى والأنفع ، وهو قرار ترك هذا الزوج الملحد ، والبدء بعيش حياة مستقلة بعيدة عن ارتباط محرم باطل

فقد قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنّ ) الممتحنة/10.

يقول ابن كثير رحمه الله : " هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين " .

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (8/93) .

ولهذا نقترح عليك البدء في البحث عن العمل المشروع الذي تتمكنين به من الإنفاق على نفسك وأسرتك ، والبدء أيضا في إجراءات التحاكم لأجل طلب الفسخ الرسمي

وإلا فالفسخ الشرعي واقع أصلا إذا كان زوجك ملحدا قبل الزواج ، وفائدة الفسخ الرسمي تحصيل الحقوق المالية إن وجدت ، بحيث تتمكنين من الاستقلال بنفسك وأبنائك ، إلى حين أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

وهو قرار صعب بالتأكيد ، لكن تأخيره إلى حين بلوغ الأولاد لا مبرر له ؛ فالأعمال متيسرة في بلادكم بإذن الله ، والجهات التي يمكن أن تلجئي إليها لطلب المساعدة متوفرة أيضا فيما نظن

كما أن بلوغ الأولاد لن يقدم لقضيتك كثيرا أو قليلا ، لا من الجهة الشرعية ، ولا الواقعية ، فبلوغ الأبناء لا يعني قدرتهم على مساعدتك في النفقة ، كما أن تأخير العلاج قد يؤدي إلى تفاقم الأمور لا قدر الله .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : عن رجل له أخوات تزوجن برجال مشركين ، وعندما اهتدى أراد دعوتهم إلى التوحيد ، فأجبنه أخواته ، ولم يستجب له أزواجهن ، فهل يفصل أخواته عن أزواجهن ، أم ماذا يفعل ؟

فأجاب:

"إذا كن مسلمات فالنكاح باطل ، ويجب عليه فصل أخواته عنهم ، ويلزمه ذلك . وإذا كان في بلاد إسلامية وجب على حاكمها أن يفصلهن من أزواجهن الكفار .

أما إذا كن كافرات معهم مثل يهوديات أو نصرانيات أو وثنيات فنكاحهن صحيح ، فإذا أسلمن حرم عليهن البقاء معهم وهم غير مسلمين ؛ لقوله جل وعلا : ( لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) وعليهن أن ينفصلن عن أزواجهن الكفار

إلا إذا أسلم الزوج في العدة فهي امرأته ، وهكذا بعد العدة على الصحيح إذا كانت ما تزوجت ، له الرجوع إليها

كما رجعت بنت النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها إلى زوجها أبي العاص بن الربيع بعدما أسلم وقد مضت العدة " .

انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (3/ 141) .

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء " (19/ 25) :

" لا يجوز للمرأة المسلمة البقاء في ذمة زوج غير مسلم ، ولا يحل لها معاشرته ؛ لقوله تعالى : ( لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) ، وعلى المرأة المذكورة الالتجاء إلى الله في كشف ضرها

لعل الله أن يفرج عنها ما هي فيه من ضائقة ، إنه سميع قريب ، كما أن عليها أن تعمل ما تستطيع من الأسباب

للتخلص من زوجها وأهلها بالالتجاء إلى أحد المراكز الإسلامية ليقوم بما يلزم من تخليصها من زوجها ، يسر الله أمرها وفرج كربتها " انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – الشيخ عبد الله بن غديان – الشيخ صالح الفوزان – الشيخ عبد العزيز آل الشيخ – الشيخ بكر أبو زيد .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc