الإيمان بالله - الصفحة 6 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الإيمان بالله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-04-04, 18:09   رقم المشاركة : 76
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تسلط الشيطان عليه بالشهوات المحرمة
والشبهات الباطلة !!


السؤال

في رمضان الماضي مارستُ العادة السرية حوالى 4 أيام في نهار رمضان ، وأكلتُ بعدها لتأكدي من فساد صيامي ، والأكثر من ذلك أنني أصبحتُ وفي رمضان الحالي أمارسها بعد الإفطار ، لا أعرف كيف أصبر في نهار رمضان وأفعلها في ليله ، وصرت أسمع الغناء كذلك في رمضان .

كانت تأتيني بعض الوساوس والشبهات التى تدور في ذهني دون أن أسمعها من أحد ، ولكنني أتجاهلها ؛ ليقيني بأن هذا هو الدين الحق ؛ لما قرأت عنه في الإعجاز العلمي , وأحاديث صدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ، بينما لا توجد بشارات أو إعجاز في الأديان الأخرى

ولم نسمع مطلقاً بذلك إلا في الإسلام , ولكن دون جدوى ، أحياناً أسمع حديثاً ما ، وعقلي لايصدقه ، ويرفضه ، كالحديث الذي يخبر أن الجنة تفتح أبوابها كل يوم إثنين وخميس ، فقلت في نفسي كيف ذلك ؟! هناك بعض الدول البعيدة عنا والتى تختلف معنا في الأيام ، فمثلا اليوم عندنا الإثنين ، وفي نيوزيلندا وتلك البلاد قد يكون عندهم الثلاثاء ، أعني عدم توافق الزمن ، وهكذا , عقلي أجده يفكر في أشياء وحده من هذا النوع .

آسف جدّاً على الإطالة ، إفادتي فيما يجب عليَّ فعله ، وجزاكم الله خيراً .


الجواب

الحمد لله

أولاً :

أما حكم العادة السرية : فالصحيح من أقوال أهل العلم أنها محرمة ، وقد بيَّنا ذلك في جواب السؤال رقم ( 329 ) ، لذا فالواجب عليك التوبة والاستغفار من هذه الفعلة ، والكف عنها ، وعدم الرجوع لفعلها .

ثانياً :

قد اتفق الأئمة الأربعة على أن من فعل ذلك فقد بطل صومه ، ووجب عليه القضاء .

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

في رمضان السابق وأنا صائم وقعت في العادة السرية ، فماذا يجب عليَّ ؟ .

فأجاب فضيلته :

عليك أن تتوب إلى الله من هذه العادة ؛ لأنها محرمة على أصح القولين لأهل العلم ؛ لقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذالِكَ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) ؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج

فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الشباب الذين لا يستطيعون الباءة إلى الصوم ، والصوم فيه نوع من المشقة بلا شك ، ولو كانت العادة السرية جائزة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليها ؛ لأنها أهون على الشباب

ولأن فيها شيئاً من المتعة ، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدل عن الأسهل إلى الأشق لو كان الأسهل جائزاً ؛ لأنه كان من عادته صلى الله عليه وسلم أنه ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثماً ، فعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الأيسر في هذه المسألة يدل على أنه ليس بجائز .

أما بالنسبة لعمله إياها وهو صائم في رمضان : فإنه يزداد إثماً ؛ لأنه بذلك أفسد صومه ، فعليه أن يتوب إلى الله توبتين ، توبة من عمل العادة السرية ، وتوبة لإفساد صومه ، وعليه أن يقضي هذا اليوم الذي أفسده .

" فتاوى الشيخ العثيمين " ( 19 / السؤال 191 ) .

ولم يكن لك أن تأكل بعد أن أفسدتَ صيامك بالعادة السرية ، وليس لمن أبطل صومه بفعل مباحٍ في الأصل كالجماع ، أو فعل محرَّم كالاستمناء أن يأكل ويشرب ؛ بل يجب عليه الإمساك بقية يومه ، وإن كان إمساكه لا يعدُّ صياماً ، وإنما الذي يجوز له الأكل والشرب والجماع هو من أفطر برخصة من الشرع ، وبعذر شرعي .

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :

إذا أفطر الإنسان لعذرٍ وزال العذر في نفس النهار فهل يواصل الفطر أم يمسك ؟ .

فأجاب :

الجواب : أنه لا يلزمه الإمساك ؛ لأن هذا الرجل استباح هذا اليوم بدليل من الشرع ، فحرمة هذا اليوم غير ثابتة في حق هذا الرجل ، ولكن عليه أن يقضيه ، وإلزامنا إياه أن يمسك بدون فائدة له شرعاً ، ليس بصحيح ، ومثال ذلك : رجل رأى غريقاً في الماء ، وقال : إن شربت أمكنني إنقاذه ، وإن لم أشرب لم أتمكن من إنقاذه ، فنقول : اشرب وأنقذه ، فإذا شرب وأنقذه فهل يأكل بقية يومه ؟ نعم ، يأكل بقية يومه ؛ لأن هذا الرجل استباح هذا اليوم بمقتضى الشرع ، فلا يلزمه الإمساك .

ولهذا لو كان عندنا إنسان مريض ، هل نقول لهذا المريض : لا تأكل إلا إذا جعت ولا تشرب إلا إذا عطشت ؟ لا ؛ لأن هذا المريض أبيح له الفطر ، فكلُّ مَن أفطر في رمضان بمقتضى دليل شرعي : فإنه لا يلزمه الإمساك ، والعكس بالعكس ، لو أن رجلاً أفطر بدون عذر ، وجاء يستفتينا : أنا أفطرت وفسد صومي هل يلزمني الإمساك أو لا يلزمني ؟ قلنا : يلزمك الإمساك ؛ لأنه لا يحل لك أن تفطر ، فقد انتهكت حرمة اليوم بدون إذن من الشرع ، فنلزمك بالبقاء على الإمساك ، وعليك القضاء ؛ لأنك أفسدت صوماً واجباً شرعت فيه .

" فتاوى ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 57 ) .

ثالثاً :

أما سماعك الغناء : فهو فعل محرَّم

ربعاً :

أما عن الشبهات التي تطرأ على قلبك أخي الفاضل : فاعلم أنها من مكائد الشيطان ، واعلم أن مثل هذه الشبهات لا تطرأ على صاحب العلم واليقين ، فكن من أهلهما ، واحرص على زيادتهما لترى أنه لا مكان للشبهات عند أصحابهما .
واجعل في صحابة نبيك صلى الله عليه وسلم خير أسوة لك ، فعندما أخبرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من كل ليلة – كما جاء في الصحيحين –

هل استشكلوا ذلك ؟ هل قالوا كيف ذلك وهنا ثلث ليل وهناك في أقصى الأرض نهار في الوقت نفسه ؟

لم يكن من ذلك شيء ؛ لما عندهم من علم بالكتاب والسنَّة ، ويقين بصدق نبيهم ، وأن ما قاله وحي من ربه تعالى ، فماذا فعلوا ؟ سارعوا إلى الدعاء والصلاة في ثلث الليل الآخر ، وهذا هو المطلوب من كل مسلم ، أن يسلِّم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم ، ويستجيب لأوامره ، وإلا كان مشابهاً للكفار الذين أنكروا إسراءه لبيت المقدس ، ومعراجه للسماء في جزء من الليل ، ومن كان مصدِّقاً لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم : كان مشابهاً للصدِّيق أبي بكر رضي الله عنه .

وعندما أخبرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم أن الدجال يمكث في الأرض أربعين يوماً ، يوم كسنَة ، ويوم كشهر ، ويوم كأسبوع ، وسائر أيامه كأيامكم – كما رواه مسلم - ، فماذا فعل الصحابة رضي الله عنهم ؟ هل توقفوا ؟

هل استشكلوا ؟ هل ردوا الخبر ؟ كل ذلك لم يكن ، وإنما سألوا عن صلاتهم في اليوم الذي يكون كسنَة !! وهذا هو موقف أهل العلم واليقين من الأخبار الصادقة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وما ذكرته من أن الجنة تفتح أبوابها يوم الاثنين والخميس : هو حديث صحيح ، رواه مسلم وغيره ، فهل علمتَ ماذا حوى من علم وتوجيه للمسلمين ؟ اقرأ الحديث وتمعن فيه جيداً :

روى مسلم في صحيحه (2565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا ، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) .

انظر في الحديث وما حوى من عظم الشرك وخطره ، وانظر إلى عظم القطيعة والشحناء بين المسلمين ، ثم انظر لنفسك تترك ذلك كله لتستشكل ما استشكلت ، وليس الأمر عجزاً عن الرد ، بل هو لتأصيل موقف المسلم من صحيح السنَّة ، وموقفه مما يطرأ على قلبه من الشبهات ، ومعرفة سبب ذلك ، وكيف يدفعه .

واعلم أنك لو تراجع نفسك في اعتقادك بربك تعالى فإنك ستجد نفسك تؤمن بما هو أعظم وأعلى من ذلك بكثير ، فأنت تؤمن أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور لكل خلقه في اللحظة نفسها ، وأنت تؤمن أن الله تعالى يسمع كلام خلقه على اختلاف لغاتهم في اللحظة نفسها ، فأين هذا مما يجيء به الشيطان للمسلم من استعظامه لبعض صفات الرب تعالى ، أو لبعض الأحكام ؟! .

وقد رأينا للإمام ابن القيم كلاماً متيناً حول هذا الموضوع بعينه ، نرجو أن يكون كافياً لكل أحدٍ يقرؤه في قطع كل شبهة ترد على القلب مما ليس أساس من العلم ، وفي كلامه رحمه الله بيان أسباب ورود الشبهات ، وطريقة دفعها .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

وقوله – أي : علي بن أبي طالب رضي الله عنه - " ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة " : هذا لضعف علمه ، وقلة بصيرته ، إذا وردت على قلبه أدنى شبهة : قدحت فيه الشك والريب ، بخلاف الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبَه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه ، ولا قدحت فيه شكّاً لأنه قد رسخ في العلم ، فلا تستفزه الشبهات ، بل إذا وردت عليه : ردها حَرَسُ العلم ، وجيشه ، مغلولةً ، مغلوبةً

والشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له ، فمتى باشر القلب حقيقة العلم : لم تؤثر تلك الشبهة فيه ، بل يقوى علمه ويقينه بردها ومعرفة بطلانها ، ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالحق قلبه : قدحت فيه الشك بأول وهلة ، فإن تداركها وإلا تتابعت على قلبه أمثالها حتى يصير شاكّاً مرتاباً

والقلب يتوارده جيشان من الباطل : جيش شهوات الغي ، وجيش شبهات الباطل ، فأيما قلب صغا إليها ، وركن إليها : تشرَّبها ، وامتلأ بها ، فينضح لسانه وجوارحه بموجبها ، فإن أُشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والإيرادات ، فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه ، وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه .

وقال لي شيخ الاسلام رضي الله عنه

– أي : ابن تيمية - وقد جعلت أُورد عليه إيراداً بعد إيراد - : لا تجعل قلبَك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها ، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها ، فيراها بصفائه ، ويدفعها بصلابته ، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها : صار مقرّاً للشبهات ، أو كما قال ، فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك .

وإنا سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها ؛ فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل ، وأكثر الناس أصحاب حُسن ظاهر ، فينظر الناظر فيما ألبسته من اللباس : فيعتقد صحتها ، وأما صاحب العلم واليقين : فإنه لا يغتر بذلك ، بل يجاوز نظره إلى باطنها ، وماتحت لباسها ، فينكشف له حقيقتها ، ومثال هذا : الدرهم الزائف ، فإنه يغتر به الجاهل بالنقد نظراً إلى ما عليه من لباس الفضة ، والناقد البصير يجاوز نظره إلى ما وراء ذلك ، فيطَّلع على زيفه .

" مفتاح دار السعادة " ( 1 / 139 ، 140 ) .

ونسأل الله تعالى أن يهديك لما يحب ويرضى ، وأن يوفقك لكل خير ، وأن يثبت قلبك على الإيمان ، وأن يزيدك هدى وعلماً وتوفيقاً .

والله أعلم








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 18:12   رقم المشاركة : 77
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: أخفى إسلامه ودُفن في مقابر
الكفار فهل يكون كافراً ؟


السؤال

لنفرض أن هناك نصرانيّاً قد أسلم ولم يخبر أهله ، فبعد فترة توفي ، ولكن أهله لا يعرفون أنه قد أسلم فسيصلون عليه في الكنيسة ويدفنونه على الطريقة النصرانية ، أريد أن أعرف ما حكم هذا ؟

هل يموت على الإسلام أم على الكفر ؟.


الجواب


الحمد لله

اعلم أخي الكريم ـ أولا ـ أن الفقهاء اتفقوا على أنه لا يجوز أن يدفن المسلم في مقابر الكفار ، ولا الكافر في مقابر المسلمين ، إلا لضرورة [ انظر : الموسوعة الفقهية : 21/20 ، أحكام المقابر في الشريعة الإسلامية ، د عبد الله السحيباني ، ص :231-232] .

وإذا مات المسلم في بلاد الكفار ، فإنه يجب على وليه ، أو من علم به من المسلمين ، أن ينقله إلى بلاد المسلمين حتى يدفن فيها .

وهذا النقل والتحويل إلى بلاد الإسلام حسب الاستطاعة ، فإن تعذر نقله فيدفن في بلاد الكفار ، لكن في غير مقابرهم .

[ انظر : أحكام المقابر ص : 225-226] .

قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وهذا آكد من التمييز بينهم حال الحياة ، بلبس الغيار ونحوه ؛ فإن مقابر المسلمين فيها الرحمة ، ومقابر الكفار فيها العذاب " [الاختيارات ص 94] .

ثانيا : الصورة التي سألت عنها ، وهي حالة تتكرر لكثير من المسلمين المستضعفين في بلاد الكفر ، الذين لا يتمكنون من الهجرة إلى بلد يعلنون فيه إسلامهم ، ويأمنون فيه على دينهم وأنفسهم ، ولا يستطيعون ـ أيضا ـ إظهار إسلامهم في البلاد التي يعيشون فيها ، إما خشية على أنفسهم من بطش أقربائهم بهم ، كما هو الحال في سؤالك ، أو لغير ذلك من الأسباب ؛ فهؤلاء يبعثون على نياتهم ، وحكم في الآخرة حكم ما عندهم من الإيمان والعمل الصالح ، وليس حكم الأرض التي ماتوا فيها ، أو القبر الذي دفنوا فيه ؛ عَنْ جَابِر بنِ عَبْدِ الله قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ) رواه مسلم (2878)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلامِ اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ .

رواه أبو داود ( 3201 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمه الله - :

" اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلامِ ) الحياة ذكر معها الإسلام ، وهو الاستسلام الظاهر ، ومع الموت ذكر الإيمان ؛ لأن الإيمان أفضل ، ومحله القلب ، والمدار على ما في القلب عند الموت وفي يوم القيامة "

" شرح رياض الصالحين " ( 2 / 1200 ) .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما يقول بعض الناس : إن لله ملائكة ينقلون من مقابر المسلمين إلى مقابر اليهود والنصارى ، وينقلون من مقابر اليهود والنصارى إلى مقابر المسلمين ؛ ومقصودهم : أن من ختم بشر في علم الله ، وقد مات في الظاهر مسلما ، أو كان كتابيا وختم له بخير ، فمات مسلما في علم الله ، وفي الظاهر مات كافرا ، فهؤلاء ينقلون ؛ فهل ورد في ذلك خبر أم لا ؟ وهل لذلك حجة ؟ أم لا ؟

فقال رحمه الله : أما الأجساد فإنها لا تنقل من القبور ، لكن نعلم أن بعض من يكون ظاهره الإسلام ، ويكون منافقا : إما يهوديا أو نصرانيا أو مرتدا .. ، فمن كان كذلك فإنه يكون يوم القيامة مع نظرائه ، كما قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) أي أشباههم ونظراءهم . وقد يكون بعض من مات ، وظاهره الكفر ، قد آمن بالله قبل أن يغرغر ، ولم يكن عنده مؤمن ، وكتم عن أهله ذلك ؛ إما لأجل ميراث أو لغير ذلك ، فيكون مع المؤمنين ، وإن كان مقبورا مع الكفار .

وأما الأثر في نقل الملائكة فما سمعت في ذلك أثرا . انتهى من الفتاوى الكبرى (3/27) بتصرف يسير .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 18:14   رقم المشاركة : 78
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجواب عن سؤال أهل الإلحاد
" هل يستطيع الله أن يخلق
صخرة لا يمكنه رفعها ؟ "


السؤال

هذا السؤال قد يُطرح من قبل أحد دعاة التنصير : " هل يستطيع الله أن يخلق صخرة لا يمكنه رفعها ؟ " كيف نرد على ذلك ؟.


الجواب

الحمد لله

هذا السؤال – وأمثاله – فيه مغالطة كبيرة ، ويحاول كثير من الملحدين أن يستعمله في حواراته مع المسلمين ، وهم يريدون الإلزام للمجيب فإن قال : لا يستطيع . قالوا : كيف يكون إلها وهو عاجز عن الخلق ؟! وإن قال : يستطيع . قالوا : كيف يكون إلهاً وهو عاجز عن الحمل والرفع لهذه الصخرة ؟!

والجواب :

أن هذا السؤال غير صحيح في الأصل ، فقدرة الله تعالى لا تتعلق بالمستحيلات ؛ فكيف يكون إلهاً وهو عاجز عن رفع " صخرتهم " ومن صفات الله تعالى القدرة ؟! وهل سيوجد في صفات المخلوقات ما هو أعظم من صفات خالقها ؟!

وقد أجاب الأستاذ سعد رستم عن هذا السؤال بجواب علمي رصين ننقله بنصه ، إذ قال :

قدرة الله - التي هي بلا شك مطلقة وغير محدودة - إنما تتعلق بالممكنات العقلية لا بالمستحيلات العقلية ، فالقدرة مهما كانت مطلقة ولا حدود لها تبقى في دائرة ممكنات الوجود ، ولا تتعلق بالمستحيلات ، وليس هذا بتحديد لها ، ولتوضيح هذه النقطة نضرب بعض الأمثلة :

نسأل جميع هؤلاء الأساقفة واللاهوتيين : هل يستطيع الله تعالى أن يخلق إلـهاً آخر مثله ؟ إن قالوا : نعم . قلنا لهم : هذا المخلوق كيف يكون إلـهاً وهو مخلوق ؟ وكيف يكون مثل الله مع أنه حادث في حين أن الله أزلي قديم ؟ في الحقيقة إن عبارة " خلق إله " سفسطة وتناقض عقلي لأن الشيء بمجرد أن يُخلَق فهو ليس بإله ، فسؤالنا هذا بمثابة سؤالنا هل يستطيع الله تعالى أن يخلق " إلـها غير إله " ؟! وبديهي أن الجواب لا بد أن يكون : إن قدرة الله لا تتعلق بذلك ؛ لأن كون الشيء إلـهاً وغير إله تناقض عقلي مستحيل الوجود ، وقدرة الله لا تتعلق بالمستحيلات .

مثال آخر : نسألهم أيضاً : هل يستطيع الله تعالى أن يخرِج أحداً حقيقة من تحت سلطانه ؟

إن أجابوا بالإيجاب حددوا نفوذ الله تعالى وسلطانه ، وإن أجابوا بالنفي - وهو الصحيح - وافقونا بأن قدرة الله المطلقة لا تتعلق بالمستحيلات ؛ لأنه مستحيل عقلاً أن يخرج أي مخلوق من سلطان ونفوذ خالقه وموجِده .

مثال ثالث : سألني مرة أحد الملحدين فقال : " هل يستطيع ربكم أن يخلق صخرة هائلة تكون من الضخامة بحيث يعجز هو نفسه عن تحريكها " ؟ وأضاف متهكِّماً : " إن قلت لي نعم يستطيع : فقد أثبت لربك العجز عن تحريك صخرة ، وهذا دليل على أنه ليس بإلهٍ ، وإن قلت لي : كلا ، لا يستطيع ، اعترفت بأنه لا يقدر على كل شيء ، و بالتالي فهو ليس بإلهٍ " ! .

فأجبت هذا الملحد بكل بساطة : نعم ، لا يدخل ضمن قدرة الله أن يخلق صخرة يعجز عن تحريكها ؛ لأن كل ما يخلقه الله يقدر على تحريكه ، ولكن عدم إمكان تعلق قدرة الله تعالى بخلق مثل هذه الصخرة المفترضة ليس دليلا على عجزه بل - على العكس تماماً - هو دليل على كمال قدرته ! لأن سؤالك هذا بمثابة من يسأل :

هل يستطيع الله تعالى أن يكون عاجزاً عن شيء ممكن عقلا ؟ وبديهي أن الإجابة بالنفي لا تفيد تحديد قدرة الله بل تفيد تأكيد كمال قدرته تعالى وتمامها ؛ لأن عدم العجز عين القدرة وليس عجزاً ، تماماً كما أنه لو قلنا إن الله لا يمكن أن يجهل أو ينسى شيئاً ، لا يكون في قولنا هذا إثباتٌ لعجز فيه تعالى أو نقص ، بل يكون تأكيداً على كماله تعالى وكلية قدرته وعلمه .

" الأناجيل الأربعة ورسائل بولس ويوحنا تنفي ألوهية المسيح كما ينفيها القرآن "

للأستاذ " سعد رستم "

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 18:17   رقم المشاركة : 79
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: الحكمة مِن خَلْق البشر

السؤال

لما خُلق البشر ؟.

الجواب

الحمد لله


أولاً :

من عظيم صفات الله تعالى " الحكمة " ، ومن أعظم أسمائه تعالى " الحكيم " ، وينبغي أن يُعلم أنه ما خلق شيئاً عبثاً ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وإنما يخلق لِحِكَمٍ بالغة عظيمة ، ومصالح راجحة عميمة ، عَلِمَها من عَلِمها ، وجَهِلها من جهلها ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه الكريم ، فبيَّن أنه لم يخلق البشر عبثاً ، ولم يخلق السموات والأرض عبثاً ، فقال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ

. فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) المؤمنون/115،116 ، وقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ) الأنبياء/16 ، وقال عز وجل : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) الدخان/38 ، 39 ، ويقول سبحانه وتعالى : ( حم . تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ) الأحقاف/1 – 3 .

وكما أن ثبوت الحكمة في خلق البشر ثابت من ناحية الشرع , فهو ثابت – أيضاً - من ناحية العقل ، فلا يمكن لعاقل إلا أن يسلِّم أنه قد خلقت الأشياء لحكَمٍ ، والإنسان العاقل ينزه نفسه عن فعل أشياء في حياته دون حكمة ، فكيف بالله تعالى أحكم الحاكمين ؟!

ولذا أثبت المؤمنون العقلاء الحكمة لله تعالى في خلقه ، ونفاها الكفار ، قال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ

السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) آل عمران/190 ، 191 ، وقال تعالى – في بيان موقف الكفار من حكمة خلقه - : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) ص/27 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" يخبر تعالى عن تمام حكمته في خلقه السموات والأرض ، وأنه لم يخلقهما باطلاً ، أي : عبثاً ولعباً ، من غير فائدة ولا مصلحة .

( ذلك ظن الذين كفروا ) بربهم ، حيث ظنوا ما لا يليق بجلاله .

( فويل للذين كفروا من النار ) فإنها التي تأخذ الحق منهم ، وتبلغ منهم كل مبلغ ، وإنما خلق الله السموات والأرض بالحق وللحق ، فخلقهما ليعلم العباد كمال علمه وقدرته ، وسعة سلطانه ، وأنه تعالى وحده المعبود ، دون من لم يخلق مثقال ذرة من السموات والأرض ، وأن البعث حق ، وسيفصل الله بين أهل الخير والشر

ولا يظن الجاهل بحكمة الله ، أن يسوي الله بينهما في حكمه ، ولهذا قال : ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) هذا غير لائق بحِكمَتنا وحُكْمنا " انتهى .

" تفسير السعدي " ( ص 712 ) .

ثانياً :

ولم يخلق الله تعالى الإنسان ليأكل ويشرب ويتكاثر ، فيكون بذلك كالبهائم ، وقد كرَّم الله تعالى الإنسان ، وفضَّله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً ، ولكن أبى أكثر الناس إلا كفوراً فجهلوا أو جحدوا الحكمة الحقيقية من خلقهم ، وصار كل هَمِّهِم التمتع بشهوات الدنيا , وحياة هؤلاء كحياة البهائم , بل هم أضل ، قال تعالى :

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ) محمد/12 ، وقال تعالى : ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) الحجر/3 , وقال تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف/179 .

ومن المعلوم عند عقلاء الناس أن الذي يصنع الشيء هو أدرى بالحكمة منه من غيره ، ولله المثل الأعلى فإنه هو الذي خلق البشر ، وهو أعلم بالحكمة من خلقه للناس ، وهذا لا يجادل فيه أحد في أمور الدنيا ، ثم إن الناس كلهم يجزمون أن أعضاءهم خُلقت لحكمة ، فهذه العين للنظر ، وهذه الأذن للسمع ، وهكذا ، أفيُعقل أن تكون أعضاؤه مخلوقةً لحكمة ، ويكون هو بذاته مخلوقاً عبثاً ؟! أو أنه لا يرضى أن يستجيب لمن خلقه عندما يخبره بالحكمة من خلقه ؟!

ثالثاً :

وقد بيَّن الله تعالى أنه خلق السموات والأرض ، والحياة والموت للابتلاء والاختبار ، ليبتلي الناس , مَنْ يطيعه ليثيبه ، ومَنْ يعصيه ليعاقبه ، قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) هود/ 7 ، وقال عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/ 2 .

وبهذا الابتلاء تظهر آثار أسماء الله تعالى وصفاته ، مثل اسم الله تعالى " الرحمن " ، و " الغفور " و " الحكيم " و " التوَّاب " و " الرحيم " وغيرها من أسمائه الحسنى .

ومن أعظم الأوامر التي خلق الله البشر من أجلها – وهو من أعظم الابتلاءات - : الأمر بتوحيده عز وجل وعبادته وحده لا شريك له ، وقد نصَّ الله تعالى على هذه الحكمة في خلق البشر فقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/56 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : إلا ليعبدون ، أي : إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً ، وهذا اختيار ابن جرير ، وقال ابن جريج : إلا ليعرفون ، وقال الربيع بن أنس : إلا ليعبدون ، أي : إلا للعبادة " انتهى .

" تفسير ابن كثير " ( 4 / 239 ) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ، ومعرفته بأسمائه وصفاته ، وأمرهم بذلك ، فمن انقاد ، وأدى ما أمر به ، فهو من المفلحين ، ومن أعرض عن ذلك ، فأولئك هم الخاسرون ، ولا بد أن يجمعهم في دار ، يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم ، ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء ، فقال : ( ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ) أي : ولئن قلتَ لهؤلاء

وأخبرتهم بالبعث بعد الموت ، لم يصدقوك ، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به ، وقالوا : ( إن هذا إلا سحر مبين ) ألا وهو الحق المبين " انتهى .

" تفسير السعدي " ( ص 333 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 18:22   رقم المشاركة : 80
معلومات العضو
الفتاة السعيدة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الفتاة السعيدة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا.بارك.الله.فيك










رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 18:26   رقم المشاركة : 81
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تحمَّل المسئولية فأصيب بالقلق والاكتئاب

السؤال

أولاً أنا شاب أبلغ من العمر 20 سنة ، أدرس في كلية الطب ، توفي والدي في الفترة الأخيرة ، وأصبح جُلّ المسؤوليات على عاتقي ، علماً بأن لي أخاً أكبر مني لكنه عاجز ، أصبت قبل أيام بحالات اضطراب نفسي ، وأصبحت أخاف من المرض والموت وتأتيني حالات بأني سأموت اليوم وما شابه ذلك من الأفكار الغريبة ، ذهبت إلى دكتور نفسي وقال لي : إنك تعانى من القلق والاكتئاب ، أعطاني دواء ولكن لم آخذه .

التزمت - والحمد لله - والتجأت إلى الله عز وجل ، والحمد لله أنا الآن أحسن بكثير مع قراء ة القرآن والصلاة في المسجد ، سؤالي هو : هل حالتي تتطلب الدواء أو لا ؟ وهل هذا من الشيطان أم مرض عضوي ؟.


الجواب

الحمد لله

لا غنى للمؤمن عن ربه عز وجل ، فهو – عز وجل – الذي يجلب النفع ويدفع الضر ، فلجوؤك إلى الله عز وجل هو الفعل الصحيح .

الموت حق ، وقد كتبه الله تعالى على كل نفسٍ ، كما قال عز وجل : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) آل عمران/185 ، ومهما بذل الإنسان من أسباب فإنها لن تدفع عنه قدر الله عز وجل وقضاءه ومنه الموت .

لا ينبغي للخوف أن يصد العبدَ عن الطاعة بل العكس هو الصواب ، فالخوف هو الذي يقوده للطاعة ويحثه على العبادة ، والخوف – كما يقول ابن قدامة – " سوط الله تعالى يسوق به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل ، لينالوا بهما رتبة القرب من الله تعالى " .

وقد يؤدي الخوف بصاحبه إلى همٍّ وغمٍّ ومرض ، وقد يؤدي به إلى اليأس من رحمة الله تعالى ، وهنا يكون خوفه غير محمود بل مذموم .

وينبغي أن يُعلم أن كثيراً من الهموم والضغوط النفسية سببها عدم الرضا ، فقد لا نحصل على ما نريد ، وحتى لو حصلنا على ما نريد فقد لا يعطينا ذلك الرضا التام الذي كنا نأمله ، فالصورة التي كنا نتخيلها قبل الإنجاز كانت أبهى من الواقع .

وحتى بعد حصولنا على ما نريد فإننا نظل نعاني من قلق وشدة خوفا من زوال النعم ، فلا علاج لهذا إلا بالرضا بقدر الله تعالى والشكر على نعمه والصبر على ما يقدره الله تعالى من الشدائد والمصائب

وقد تكون حالتك بحاجة لطبيب ، لكن لتعلم أن أكثر أمراض الناس ليست أمراضاً عضوية بل هي نفسية تؤثر على الأعضاء .

يقول الدكتور الفاريز : لقد اتضح أن أربعة من كل خمسة مرضى ليس لعلتهم أساس عضوي البتة ، بل مرضهم ناشئ من الخوف ، والقلق ، والبغضاء والأثرة المستحكمة ، وعجز الشخص عن الملاءمة بين نفسه والحياة " .

فانظر كيف أن بكاء يعقوب عليه السلام على ابنه يوسف عليه السلام أفقده بصره ، وكيف أن الغم بلغ مداه بعائشة رضي الله عنه عندما تطاول عليها أهل الإفك فظلت تبكي حتى قالت : " ظننت أن الحزن فالق كبدي " متفق عليه .

قال الدكتور حسَّان شمسي باشا :

وفي حالات القلق يزداد إفراز مادة في الدم تدعى " الأدرينالين " ، فيرتفع ضغط الدم ، ويتسرع القلب ، ويشكو الإنسان من الخفقان ، أو يشعر وكأن شيئا ينسحب إلى الأسفل داخل صدره .

ويظن بقلبه الظنون ، ويهرع من طبيب إلى طبيب ، وما به من علة في قلبه ، ولا مرض في جسده إلا أنه يظل يشكو من ألم في معدته واضطراب في هضمه ، أو انتفاخ في بطنه ، واضطراب في بوله أو صداع في رأسه . اهـ

انتهى

فعليك بالإيمان والتقوى والمحافظة على الأذكار والأوراد الشرعيَّة فهي من أعظم أنواع العلاجات لإزالة ما يتكدر به الخاطر ، وما تحزن من أجله النفوس .

ومن الأدعية النبوية في هذا الباب :

1. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضَلَع الدين وغلبة الرجال " .

رواه البخاري ( 6008 ) .

ضَلع الدَّين : غلبته وثقله .

2. عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أصاب أحداً قط همٌّ ولا حزنٌ فقال : اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي : إلا أذهب الله همَّه وحزنه ، وأبدله مكانه فرجاً .

قال : فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ فقال : بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها .

رواه أحمد ( 3704 ) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 199 ) .

3. عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له .

رواه الترمذي ( 3505 ) .

والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 3383 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 18:30   رقم المشاركة : 82
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى الإيمان بالله

السؤال

قرأت وسمعت كثيراً عن فضائل تحقيق الإيمان بالله تعالى ، وأريد منكم أن تفصلوا لي من معنى الإيمان بالله بما يساعدني على تحقيقه ، وعلى البعد عما يخالف منهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومنهج أصحابه ؟.

الجواب


الحمد لله


الإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه وتعالى ، وربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته .

الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور ، فمن آمن بها فهو المؤمن حقاًّ .

الأول: الإيمان بوجود الله تعالى

ووجود الله تعالى قد دل عليه العقل والفطرة ، فضلاً عن الأدلة الشرعية الكثيرة التي تدل على ذلك.

1 ـ أما دلالة الفطرة على وجوده: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ) رواه البخاري (1358) ومسلم (2658) .

2 ـ وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى؛ فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجِدَ نفسها بنفسها ، ولا يمكن أن توجد صدفة .

فهي لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها لأن الشيء لا يَخلق نفسَه ، لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقاً ؟!

ولا يمكن أن توجد صدفة ، لأن كل حادث لا بد له من محدث ، ولأن وجودها على هذا النظام البديع المحكم ، والتناسق المتآلف ، والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها ، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعاً باتاًّ أن يكون وجودها صدفة ، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده ، فكيف يكون منتظماً حال بقائه ؟!

وإذا لم يمكن أن تُوجِد هذه المخلوقات نفسَها بنفسها، ولا أن توجَد صدفة، تعين أن يكون لها موجِدٌ وهو الله رب العالمين .

وقـد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي في سورة الطور، حيث قال : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) الطور /35 .

يعني أنهم لم يخلقوا من غير خالق ، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فتعين أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى ، ولهذا لما سمع جبير بن مطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون . أم خلقوا السمـوات والأرض بل لا يوقنـون . أم عندهـم خزائن ربك أم هم المسيطرون ) الطور /35-37 . وكان جبير يومئذ مشركاً قال : ( كاد قلبي أن يطير ، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي ) رواه البخاري في عدة مواضع .

ولنضرب مثلاً يوضح ذلك :

فإنه لو حدثك شخص عن قصر مشيد، أحاطت به الحدائق، وجرت بينها الأنهار، وملئ بالفُرُش والأَسِرّة، وزُيِّن بأنواع الزينة من مقوماته ومكملاته ، وقال لك : إن هذا القصر وما فيه من كمال قد أوجد نفسه ، أو وجد هكذا صدفة بدون موجد، لبادرت إلى إنكار ذلك وتكذيبه ، وعددت حديثه سفهاً من القول ، أفيجوز بعد ذلك أن يكون هذا الكون الواسع بأرضه ، وسمائه ، وأفلاكه ، البديعُ الباهرُ ، المحكَم المتقَنُ قد أوجد نفسه ، أو وجد صدفة بدون موجد ؟!

وقد فهم هذا الدليل العقلي أعرابي يعيش في البادية ، وعَبَّر عنها بأسلوبه ، فلما سُئِل : بم عرفت ربك ؟ فقال : البعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ، ألا تدل على السميع البصير ؟!!

ثانياً: الإيمان بربوبيته تعالى

أي: بأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين.

والرب : هو من له الخلق ، والملك ، والتدبير ، فلا خالق إلا الله ، ولا مالك إلا الله، ولا مدبر للأمور إلا الله ، قال الله تعالى : ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ) الأعراف /45 . وقال تعالى : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) يونس/31 . وقال تعالى : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ) السجدة /5 . وقال : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ) فاطر/13 .

وتأمل قول الله تعالى في سورة الفاتحة : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) الفاتحة /4 . وفي قراءة متواترة ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) وإذا جمعت بين القراءتين ظهر معنى بديع ، فالملك أبلغ من المالك في السلطة والسيطرة ، لكن الملك أحياناً يكون ملكاً بالاسم فقط لا بالتصرف ، أي أنه لا يملك شيئاً من الأمر ، وحينئذٍ يكون ملكاً ولكنه غير مالك ، فإذا اجتمع أن الله تعالى ملكٌ ومالكٌ تم بذلك الأمر ، بالملك والتدبير .

الثالث : الإيمان بألوهيته

أي : بأنه الإله الحق لا شريك له .

و(الإله) بمعنى (المألوه) أي : (المعبود) حباًّ وتعظيماً ، وهذا هو معنى (لا إله إلا الله) أي : لا معبودَ حقٌّ إلا الله . قال تعالى : ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) البقرة /163 . وقال تعالى : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران /18 .

وكل ما اتخذ إلهاً مع الله يعبد من دونه فألوهيته باطلة ، قـال الله تعـالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) الحج /62 .

وتسميتها آلهة لا يعطيها حق الألوهية . قال الله تعالى في ( اللات والعزى ومناة ) : ( إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) النجم/23 .

وقال تعالى عن يوسف عليه السلام أنه قال لصاحبي السجن : ( أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ - مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) يوسف /40 .

فلا يستحق أحد أن يعبد ، ويفرد بالعبادة إلا الله عز وجل ، لا يشاركه في هذا الحق أحدٌ ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولهذا كانت دعوة الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم هي الدعوة إلى قول ( لا إله إلا الله ) قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء /35 . وقال : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) النحل/36 .

ولكن أبى ذلك المشركون ، واتخذوا من دون الله آلهة ، يعبدونهم مع الله سبحانه وتعالى ، ويستنصرون بهم ويستغيثون .

الرابع : الإيمان بأسمائه وصفاته

أي : إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ، ولا تمثيل . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأعراف /180 .

فهذه الآية دليل على إثبات الأسماء الحسنى لله تعالى . وقال تعالى : ( وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الروم /27 . وهذه الآية دليل على إثبات صفات الكمال لله تعالى ، لأن ( المثل الأعلى ) أي : الوصف الأكمل . فالآيتان تثبتان الأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى على سبيل العموم . وأما تفصيل ذلك في الكتاب والسنة فكثير .

وهذا الباب من أبواب العلم ، أعني : أسماء الله تعالى وصفاته من أكثر الأبواب التي حصل فيها النـزاع والشقاق بين أفراد الأمة ، فقد اختلفت الأمة في أسماء الله تعالى وصفاته فرقاً شتى .

وموقفنا من هذا الاختلاف هو ما أمر الله به في قوله : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) النساء /59 .

فنحن نرد هذا التنازع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مسترشدين في ذلك بفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهذه الآيات والأحاديث ، فإنهم أعلم الأمة بمراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم . ولقد صدق عبد الله بن مسعود وهو يصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( من كان منكم مستنا ، فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لإقامة دينه ، وصحبة نبيه ، فاعرفوا لهم حقهم ، وتمسكوا بهديهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ) .

وكل من حاد عن طريق السلف في هذا الباب فقد أخطأ وضل واتبع غير سبيل المؤمنين واستحق الوعيد المذكور في قوله تعالى : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء /115 .

والله تعالى قد اشترط للهداية أن يكون الإيمان بمثل ما آمن به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله تعالى : ( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ) البقرة /137 .

فكل من بَعُدَ وحاد عن طريق السلف فقد نقص من هدايته بمقدار بعده عن طريق السلف .

وعلى هذا فالواجب في هذا الباب إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات ، وإجراء نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها ، والإيمان بها كما آمن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم ، الذين هم أفضل هذه الأمة وأعلمها .

ولكن يجب أن يعلم أن هناك أربعة محاذير من وقع في واحد منها لم يحقق الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته كما يجب ، ولا يصح الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته إلا بانتفاء هذه المحاذير الأربعة وهي : التحريف ، والتعطيل ، والتمثيل ، والتكييف .

ولذلك قلنا في معنى الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته هو ( إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ) .

وهذا هو بيان هذه المحاذير الأربعة باختصار :

1- التحريف :

والمراد به تغيير معنى نصوص الكتاب والسنة من المعنى الحق الذي دلت عليه ، والذي هو إثبات الأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى إلى معنى آخر لم يرده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .

مثال ذلك :

تحريفهم معنى صفة اليد الثابتة لله تعالى والواردة في كثير من النصوص بأن معناها النعمة أو القدرة .

2- التعطيل :

والمراد بالتعطيل نفي الأسماء الحسنى والصفات العلى أو بعضها عن الله تعالى .

فكل من نفى عن الله تعالى اسماً من أسمائه أو صفة من صفاته مما ثبت في الكتاب أو السنة فإنه لم يؤمن بأسماء الله تعالى وصفاته إيماناً صحيحاً .

3- التمثيل :

وهو تمثيل صفة الله تعالى بصفة المخلوق ، فيقال مثلاً : إن يد الله مثل يد المخلوق . أو إن الله تعالى يسمع مثل سمع المخلوق . أو إن الله تعالى استوى على العرش مثل استواء الإنسان على الكرسي . . . وهكذا .

ولا شك أن تمثيل صفات الله تعالى بصفات خلقه منكر وباطل ، قال الله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى /11 .

4- التكييف :

وهو تحديد الكيفية والحقيقة التي عليها صفات الله تعالى ، فيحاول الإنسان تقديراً بقلبه ، أو قولاً بلسانه أن يحدد كيفية صفة الله تعالى .

وهذا باطل قطعاً ، ولا يمكن للبشر العلم به ، قال الله تعالى : ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) طـه /110 .

فمن استكمل هذه الأمور الأربعة فقد آمن بالله تعالى إيماناً صحيحاً .

نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان يتوفانا عليه .

والله تعالى أعلم .

انظر : رسالة شرح أصول الإيمان للشيخ ابن عثيمين .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 18:34   رقم المشاركة : 83
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة حزينة مشاهدة المشاركة
شكرا.بارك.الله.فيك
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

اختي الفاضله

تواجدك حافز للمواصله
جعله الله لكِ في موازين حسناتك

بارك الله فيكِ
و في كل من يواصل معي النشر

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-05, 15:36   رقم المشاركة : 84
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



رحمة الله بعباده

السؤال

الله رحيم جداً ، فقد سمعت بأن الله يحبنا أكثر من محبة 70 أم لطفلها ، هل هذا صحيح ؟ أرجو الشرح .

الجواب

الحمد لله


الله سبحانه وتعالى هو الرحمن الرحيم وهو أرحم الراحمين الذي وسعت رحمته كل شيء ، قال تعالى : ( ورحمتي وسعت كل شيء) الأعراف / 156

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله مائة رحمة ، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام ، فبها يتعاطفون ، وبها يتراحمون ، وبها تعطف الوحش على ولدها ، وأخر الله تسعا وتسعين رحمة ، يرحم بها عباده يوم القيامة ) مسلم / 6908 .

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : (قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي ، فإذا امرأة من السبي تبتغي ، إذا وجدت صبيا في السبي ، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ ، قلنا : لا ، والله ! وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لله أرحم بعباده من هذه بولدها ) متفق عليه ، البخاري (5653) ومسلم (ا6912).

ومن رحمة الله بعباده إرسال الرسل وإنزال الكتب والشرائع لتستقيم حياتهم على سنن الرشاد بعيدا عن الضنك والعسر والضيق , قال تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) الأنبياء / 107

ورحمته تعالى هي التي تدخل عباده المؤمنين الجنة يوم القيامة ولن يدخل أحد الجنة بعمله كما قال عليه الصلاة والسلام : ( لن يُدخل أحداً عمله الجنة ) . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ( لا ، ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة ، فسددوا وقاربوا ، ولا يتمنين أحدكم الموت ، : إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً ، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب ) رواه البخاري (5349) ومسلم (7042) .

وعلى المؤمن أن يبقى بين رجاء رحمة الله والخوف من عقابه ، فهو القائل : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ، وأن عذابي هو العذاب الأليم ) الحجر / 49-50.

وأما قولك " بأن الله يحبنا أكثر من محبة سبعين أم لطفلها " فالله أعلم بذلك ، ويكفينا أنّ نعلم بأن رحمة الله وسعت كل شيء ، فاللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-05, 15:42   رقم المشاركة : 85
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تقلقه الوساوس والخطرات
ويريد أن يخشع في صلاته


السؤال

عندما أصلي أو أنوي فعل أمر طيب تخطر لي أفكار شيطانية. عندما أركز في الصلاة وأحاول أن أركز على معاني الكلمات تدخل الأفكار الشيطانية إلى عقلي وتكون لي اقتراحات سيئة عن كل شيء بما في ذلك الله. أشعر بالغضب من أجل ذلك. أعلم أنه لا أحد يقبل التوبة إلا الله وحده، ولكن بسبب أفكاري أشعر

أنه لا يوجد أسوأ من أن يخطر ببالي أفكار سيئة عن الله. أسأل الله المغفرة بعد الصلاة ولكني أشعر بالضيق لأني أريد أن أوقف هذه الأفكار السيئة ولكني لا أستطيع. هذه الأفكار تفقدني التمتع بالصلاة وتشعرني بأني مشؤوم.
أرجو منكم نصحي .

الجواب


الحمد لله

الوساوس السيئة في الصلاة وغيرها من الشيطان ، وهو حريص على إضلال المسلم ، وحرمانه من الخير وإبعاده عنه ، وقد اشتكى أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوسواس في الصلاة

فقال : إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاثًا قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي " رواه مسلم (2203)

والخشوع في الصلاة هو لبها ، فصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح ، وإن مما يعين على الخشوع " شيئان :

الأول : اجتهاد العبد في أن يعقل ما يقوله ويفعله ، وتدبر القراءة والذكر والدعاء ، واستحضار أنه مناجٍ لله تعالى كأنه يراه ، فإن المصلي إذا كان قائماً فإنما يناجي ربه ، والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، ثم كلما ذاق العبد حلاوة الصلاة كان انجذابه إليها أوكد ، وهذا يكون بحسب قوة الإيمان – والأسباب المقوية للإيمان كثيرة – ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة " . وفي حديث آخر أنه قال : " أرحنا يا بلال بالصلاة " ولم يقل أرحنا منها .

الثاني : الاجتهاد في دفع ما يُشغل القلب من تفكر الإنسان فيما لا يعنيه ، وتدبر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة ، وهذا في كل عبدٍ بحسبه ، فإن كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات ، وتعلق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها ، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها " .

انتهى من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (22/605) .

وأما ما ذكرته من أن الوساوس بلغت بك مبلغاً عظيماً بحيث أصبحتَ توسوس في ذات الله بما لا يليق بالله ، فإن هذا من نزغات الشيطان ، وقد قال الله تعالى : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) فصلت /36.
وقد اشتكى بعض الصحابة من الوساوس التي تنغص عليهم ، فجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ " رواه مسلم (132) من حديث أبي هريرة .

قال النووي في شرح هذا الحديث : " قوله صلى الله عليه وسلم : ( ذَلِكَ صَرِيح الإِيمَان ) مَعْنَاهُ اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلام ( بهذه الوساوس ) هُوَ صَرِيح الإِيمَان , فَإِنَّ اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة الْخَوْف مِنْهُ وَمِنْ النُّطْق بِهِ فَضْلا عَنْ اِعْتِقَاده إِنَّمَا يَكُون لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الإِيمَان اِسْتِكْمَالا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَة وَالشُّكُوك .

وَقِيلَ مَعْنَاهُ : أَنَّ الشَّيْطَان إِنَّمَا يُوَسْوِس لِمَنْ أَيِسَ مِنْ إِغْوَائِهِ فَيُنَكِّد عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إِغْوَائِهِ , وَأَمَّا الْكَافِر فَإِنَّهُ يَأْتِيه مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلا يَقْتَصِر فِي حَقّه عَلَى الْوَسْوَسَة بَلْ يَتَلَاعَب بِهِ كَيْف أَرَادَ . فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيث : سَبَب الْوَسْوَسَة مَحْض الإِيمَان , أَوْ الْوَسْوَسَة عَلامَة مَحْض الإِيمَان " انتهى

إذاً " فكراهة ذلك وبغضه ، وفرار القلب منه ، هو صريح الإيمان ... والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره ، لابد له من ذلك ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ، ولا يضجر فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان { إن كيد الشيطان كان ضعيفاً } ، كلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوسواس أمور أُخرى ، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد السير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه ، ولهذا قيل لبعض السلف : إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس ، فقال : صدقوا ، وما يصنع الشيطان بالبيت الخراب "

انتهى من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (22/608)

* العلاج ..

1- إذا شعرت بهذه الوساوس فقل آمنت بالله ورسوله ، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَكَ فَيَقُولُ اللَّهُ فَيَقُولُ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقْرَأْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ عَنْهُ " رواه أحمد (25671) وحسنه الألباني في الصحيحة 116

2- محاولة الإعراض عن التفكير في ذلك بقدر الإمكان والاشتغال بما يلهيك عنه .

وختاماً نوصيك بلزوم اللجوء إلى الله في كل حال ، وطلب العون منه ، والتبتل إليه ، وسؤاله الثبات حتى الممات ، وأن يختم لك بالصالحات ..

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-05, 15:46   رقم المشاركة : 86
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم إطلاق لفظة نحن أبناء الله

السؤال

ما حكم من قال من المسلمين "نحن نؤمن أن كلنا أبناء الله" مستشهداً بالحديث الضعيف " الخلق كلهم عيال الله " . ؟.


الجواب


الحمد لله

فالحديث المذكور رواه البزار وأبو يعلى من حديث أنس ، ولفظه : " الخلق كلهم عيال الله ، فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله". وهو حديث ضعيف جدا كما قال الألباني في ضعيف الجامع ( حديث رقم 2946).

ومن قال من المسلمين : نحن نؤمن بأننا جميعا أبناء الله ، وجب أن يُستفصل عن مراده قبل أن يُحكم عليه :

1- فإن أراد بالبنوة المعنى المجازي ، وهو كون الناس محتاجين مفتقرين إلى الله تعالى ، واستعمل هذه العبارة في غرض مشروع كالرد على النصارى القائلين بأن المسيح ابن الله ، فلا حرج عليه في إلزامه النصارى بهذا لإبطال عقيدتهم - مع عدم التسليم باستعماله مع غيرهم لما يورثه من لبس ومعانٍ باطلة –

وذلك لأن من وسائل إبطال اعتقاد النصارى في عيسى عليه السلام إيقافهم على عبارات وردت في كتابهم المقدس تثبت البنوة لغير عيسى بما يدل بصورة واضحة على أن معنى النبوة في كل نصوص الإنجيل ليس المراد به البنوة الحقيقة التي زعموها لعيسى بما أدخله القسيس بولس لحرفهم عن عقيدة التوحيد ، معتمداً على اللبس الذي توحيه كلمة ( الأب ) و ( الابن ) ومن هذه النصوص التي ترد عليهم ما جاء في إنجيل لوقا (20/36) قال عيسى عن المؤمنين به ( هم مثل الملائكة ، لا يموتون ، وهم أبناء الله لأنهم أبناء القيامة).

وكما في سفر أشعيا (43/6) ( ائت ببني من بعيد وبناتي من أقصى الأرض ) .

وكما في إنجيل يوحنا (1/12) ( وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه ، الذين ولدوا ليس من دم ولا مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله ).

وهكذا ما جاء في وصف الله بالأب ، كما في إنجيل متى (6/1) من كلام المسيح لتلاميذه ( وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات ) .

وفي إنجيل لوقا (11/2) ( متى صليتم فقولوا : أبانا الذي في السموات ).

وفي إنجيل يوحنا (20/17) ( إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ).

فالنصارى لا يقولون بأن الملائكة وبني إسرائيل والحواريين أبناء الله حقيقة، كما لا يقولون بأن الله أب لهؤلاء حقيقة ، وإنما يحملون ذلك على المعنى المجازي ، أي أب لهم في النعمة والإحسان والحفظ والرعاية، وهم أبناؤه في العبادة والحاجة والافتقار .

وبهذا يبطل استدلالهم على بنوة عيسى لله بكونه وصف في الإنجيل بأنه ابن الله .

2- وإن أراد أن الناس جميعا أبناء الله كبنوة المسيح لله ، على نحو ما يعتقده النصارى ، فهذا كفر فوق كفر النصارى .
3- وإن أراد أن الجميع أبناء الله أو عياله فلا فرق بين المسلم والكافر ، وأراد بذلك عدم تكفير اليهود والنصارى وعباد الأوثان ، فهذه ردة منه عن الإسلام ؛ فإن من شك في كفر اليهود والنصارى أو صحح مذهبهم كفر إجماعاً .

4- وإن أراد من ذلك تسويغ إطلاق لفظ " الأخ " على اليهودي والنصراني لأن الجميع عيال الله ، فهذا باطل ، فإنه لا أخوة بين المؤمنين والكافرين ، والحديث لم يصح ، ولو صح لما كان فيه مستند لهذا الإطلاق .

وينبغي الحذر من إطلاق الألفاظ الموهمة ، التي قد توقع الإنسان في المحظور ، وتدعو إلى إساءة الظن به لاسيما ما يتعلق منها بتوحيد الله تعالى ، وإفراده في أسمائه وصفاته إذ حق الله تعالى هو أولى ما يراعى ويجنب ما يخدشه

لاسيما وأن هذه اللفظة قد استعملها اليهود وساقها الله تعالى في القرآن عنهم في سياق الذم ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءاللّه وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِم يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ) المائدة / 18

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-05, 15:50   رقم المشاركة : 87
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الأدلة على وجود الله
والحكمة من خلقه للعباد


السؤال

سألني صديقي وهو على غير الإسلام أن أثبت له وجود الله ، ولماذا وهبنا الحياة ، وما هو المقصود من وراء ذلك . لكن إجابتي لم تقنعه ، فأرجو أن تخبرني بالأمور التي يجب علي إخباره بها

الجواب

الحمد لله

أيها الأخ المسلم .. إنّ ما قمت به من الدعوة إلى الله ومحاولة إيضاح حقيقة وجود الله سبحانه وتعالى وهو أمر يجلب السرور حقاً ، إن معرفة الله تتفق مع الفطر السليمة والعقول المستقيمة ,

وكم هم أولئك الذين إذا ظهرت لهم الحقيقة سرعان ما يسلم أحدهم , فلو أن كل واحد منا قام بواجبه تجاه دينه لحصل خير كثير , فهنيئاً لك

أيها الأخ المسلم أن تقوم بمهمة الأنبياء والمرسلين ، وبشراك بما أنت موعود به من الأجر العظيم الذي جاء على لسان نبيك صلى الله عليه وسلم حيث يقول ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) رواه البخاري3/ 134 ومسلم 4/1872، و( حمر النعم) هي الإبل الحمراء وهي أحسن أنواع الإبل .

ثانياً :

وأما عن أدلة وجود الله فهي واضحة لمن تأملها ولا تحتاج لكثرة بحث وطول نظر ، وعند التأمل نجد أنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع : الأدلة الفطرية ، والأدلة الحسية ، والأدلة الشرعية ، وسوف تتضح لك بإذن الله تعالى .

أولاً :

الأدلة الفطرية :

قال الشيخ ابن عثيمين :

دلالة الفطرة على وجود الله أقوى من كل دليل لمن لم تجتله الشياطين ، ولهذا قال الله تعالى ( فطرت الله التي فطر الناس عليها ) الروم/30 ، بعد قوله : ( فأقم وجهك للدين حنيفاً ) فالفطرة السليمة تشهد بوجود الله ولا يمكن أن يعدل عن هذه الفطرة إلا من اجتالته الشياطين ، ومن اجتالته الشياطين فقد يمنع هذا الدليل . انتهى من شرح السفارينية

فإن كل إنسان يحسّ من تلقاء نفسه أنّ له رباً وخالقاً ويشعر بالحاجة إليه وإذا وقع في ورطة عظيمة اتجهت يداه وعيناه وقلبه إلى السماء يطلب الغوث من ربه .

الأدلة الحسية :

وجود الحوادث الكونية ، وذلك أن العالم من حولنا لابد وأن تحصل فيه حوادث فمن أول تلك الحوادث حادثة الخلق ، خلق الأشياء ، كل الأشياء من شجر وحجر وبشر وأرض وسماء وبحار وأنهار ......

فإن قيل هذه الحوادث وغيرها كثير من الذي أوجدها وقام عليها ؟

فالجواب إما أن تكون وجدت هكذا صدفة من غير سبب يدعو لذلك فيكون حينها لا أحد يعلم كيف وجدت هذه الأشياء هذا احتمال ، وهناك احتمال آخر وهو أن تكون هذه الأشياء أوجدت نفسها وقامت بشؤونها , وهناك احتمال ثالث و هو أن لها موجداً أوجدها وخالقاً خلقها ، وعند النظر في هذه الاحتمالات الثلاث نجد أنه يتعذر

ويستحيل الأول والثاني فإذا تعذر الأول والثاني لزم أن يكون الثالث هو الصحيح الواضح وهو أن لها خالقاً خلقها وهو الله ، وهذا ما جاء ذكره في القرآن الكريم قال الله تعالى: ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون ) الطور/35

ثم هذه المخلوقات العظيمة منذ متى وهي موجودة ؟ كل هذه السنين من الذي كتب لها البقاء في هذه الدنيا وأمدها بأسباب البقاء ؟

الجواب هو الله ، أعطى كل شيء ما يصلحه ويؤمن بقاءه ، ألا ترى ذلك النبات الأخضر الجميل إذا قطع الله عنه الماء هل يمكن أن يعيش ؟ كلا بل يكون حطاماً يابساً وكل شئ إذا تأملته وجدته متعلقاً بالله ، فلولا الله ما بقيت الأشياء .

ثم إصلاح الله لهذه الأشياء ، كل شيء لما يناسبه ؛ فالإبل مثلاً للركوب ، قال الله تعالى : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون (71 ) وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ) يس/72 انظر إلى الإبل كيف خلقها الله قوية مستوية الظهر لكي تكون مهيئة للركوب وتحمل المشاق الصعبة التي لا يتحمله من الحيوانات غيرها .

وهكذا إذا قلبت طرفك في المخلوقات وجدتها متناسبة مع ما خلقت من أجله فسبحان الله تعالى .

ومن أمثلة الأدلة الحسية :

النوازل التي تنزل لأسباب دالة على وجود الخالق مثل دعاء الله ثم استجابة الله للدعاء دليل على وجود الله قال الشيخ ابن عثيمين : لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يغيث الخلق ، قال اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، ثم نشأ السحاب ، وأمطر قبل أن ينزل من المنبر ، هذا يدل على وجود الخالق . انتهى من شرح السفارينية

الأدلة الشرعية :

وجود الشرائع , قال الشيخ ابن عثيمين :

جميع الشرائع دالة على وجود الخالق وعلى كمال علمه وحكمته ورحمته لأن هذه الشرائع لابد لها من مشرع والمشرع هو الله عز وجل . انتهى من شرح السفارينية

وأما سؤالك ، لماذا خلقنا الله ؟

فالجواب من أجل عبادته وشكره وذكره ، والقيام بما أمرنا به سبحانه ، وأنت تعلم أن الخلق فيهم الكافر وفيهم المسلم , وهذا لأن الله أراد أن يختبر العباد ويبتليهم هل يعبدونها من يعبدون غيره ، وذلك بعد أن أوضح الله السبيل لكل أحد ، قال الله تعالى ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) تبارك/2 وقال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات/56

نسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى ، والمزيد المزيد من الدعوة والعمل للدين وصلى الله على النبي صلى الله عليه وسلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-05, 15:54   رقم المشاركة : 88
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القرآن مُنَزَّل من الله تعالى غير مخلوق

السؤال

هل لكم أن تخبرونا عن كتاب بالإنجليزية يتكلم على أن القرآن ليس مخلوقاً وما يجب أن نعتقده كمسلمين ؟.

الجواب

الحمد لله

الذي يجب علينا أن نَعْتَقِده نحن المسلمين ، هو ما جاءنا من الله عز وجل ، وما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد أخْبَرنا الله عز وجل أنه يتكلم قال تعالى : ( ومن أصْدَق من الله حديثا ) النساء/87 وقال تعالى : ( ومن أصْدَق من الله قِيلاً ) النساء /122 .

ففي هاتين الآيتين إثبات أن الله يَتَكَلَّم ، وأنّ كلامَه صِدْقٌ ، وحَقٌ ، ليس فيه كَذِبٌ بِوَجْهٍ من الوجوه .

وقال تعالى : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ) المائدة /166 ففي هذه الآية أن الله يقول ، وأن قوله مَسْمُوع فيكون بصوت ، وأن قوله كَلِمَات وجمل ، والدليل على أنه بحرف قول الله تعالى : ( يا موسى إني أنا ربُّك ) طه/11-12 فإن هذه الكلمات حروف وهي من كلام الله .والدليل على أنه بصوت قوله تعالى : ( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقرَّبناه نجياً ) مريم/52 ، والنداء والمناجاة لا تكون إلا بصوت .

انظر شرح لمعة الاعتقاد لابن عثيمين ص 73 .

ولهذا كانت عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم بكلام حقيقي متى وكيف شاء بما شاء بحرف وصوت لا يُمَاثِلُ أصوات المخلوقين ، والدليل على أنه لا يُمَاثِل أصْوَاتَ المَخْلُوقين ، قوله تعالى : ( ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السَمِيعُ البَصِير ) الشورى/11 ، فَعُرِفَ ابْتِداءً أن هذه العقيدة هي عقيدة أهل السنة والجماعة

وأهل السنة والجماعة يَعْتَقِدون أن القرآن كلام الله ، ومن الأدلة على هذا الاعتقاد قول الله تعالى : ( وإنْ أحَدٌ من المشْرِكين استجارك فأجِرْه حتى يَسْمَع كلام الله ) التوبة /6 والمراد القرآن بالاتفاق ، وأضاف الكلام إلى نفسه فدل على أن القرآن كلامه .

وعقيدة أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود .

والأدلة على أنه منزل ما يأتي :

قول الله عز وجل : ( شَهْرُ رمضان الذي أنزل فيه القُرآن ) البقرة/185 ، وقوله تعالى : ( إنّا أنْزَلناه في ليلة القدر ) القدر /1 ، وقوله : ( وقُرْآناً فَرَقْنَاه لِتَقْرَأَه على الناس على مُكْثٍ ونَزَّلنَاه تَنْزِيلاً ) الإسراء /106

قوله : ( وإذا بَدَّلنا آية مكان آية والله أعلم بما يُنَزِّل قالوا إنما أنت مُفْتَرٍ بل أكثرهم لا يعلمون قل نَزَّله رُوح القُدُسِ من ربك بالحق ليُثَبِّت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين ولقد نعلم أنهم يقولون إنّما يُعَلِّمُه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعْجَمِِي وهذا لسان عربي مبين ) النحل /101-103 . و الذي يبدل آية مكان آية هو الله سبحانه وتعالى .

والأدلة على أنه غير مخلوق قوله تعالى : ( ألا له الخلق والأمر ) فجعل الخلق شيئاً والأمر شيئا آخر

لأن العطف يقتضي المغايرة والقرآن من الأمر بدليل قوله تعالى : ( وكذلك أوْحَيْنَا إليك روحا من أمرنا

ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نَهْدِي به من نَشَاءُ من عبادنا ) الشورى /52 ، فإذا كان القرآن أمراً وهو قسيم للخلق ، صار غير مخلوق ، لأنه لو كان مخلوقاً ما صح التقسيم فهذا هو الدليل من القرآن .

والدليل العقلي أن نقول القرآن كلام الله والكلام ليس عينا قائمة بنفسها حتى يكون بائنا من الله ولو كان عينا قائمة بنفسها بائنة من الله لقلنا إنه مخلوق لكن الكلام صفة للمتكلم فإذا كان صفة للمتكلم به وكان من الله كان غير مخلوق لأن صفات الله عز وجل كلها غير مخلوقة . شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين 1/418-426 - 441

فيجب علينا أن نعتقد ذلك ونوقن به ، ولا نُحَرِّف آيات الله عز وجل عن مرادها ، فإنها صريحة الدلالة على أن القرآن مُنَزَّل من عند الله ، ولذلك قال الإمام الطحاوي رحمه الله : " وإنّ القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولاً ، وأنزله على رسوله وحياً ، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا ، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية

فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر وقد ذَمَّه الله وعَابَهُ وأوعده بسقر حيث قال تعالى : ( سأُصلِيه سَقَر ) المدثر/26 ، فلما أوْعَدَ بِسَقَر لمن قال ( إنْ هذا إلا قول البشر ) المدثر /25 عَلِمْنَا وأيْقَنَّا أنَه قولَ خالقِ البَشَر ولا يُشْبِه قول البشر . أهـ شرح العقيدة الطحاوية 179.

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-05, 15:57   رقم المشاركة : 89
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شروط لا إله إلا الله

السؤال


أرجوا توضيح شروط لا إله إلا الله (العلم واليقين ...الخ) .

الجواب


الحمد لله

قال الشيخ حافظ الحكمي في منظومته سلم الوصول :

العلم واليقين والقبـــــول ***** والانقيـاد فادر ما أقول

والصـدق والإخلاص والمحبة ***** وفقك الله لما أحبــــه

الشرط الأول : (العلم ) بمعناها المراد منها نفياً وإثباتاً المنافي للجهل بذلك ، قال الله تعالى : "فاعلم أنه لاإله إلا الله " وقال تعالى : " إلا من شهد بالحق " أي بلا إله إلا الله " وهم يعلمون " بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم . وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " .

الشرط الثاني ( اليقين ) بأن يكون قائلها مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً ، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، فكيف إذا دخله الشك ، قال الله عز وجل : " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون " فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا ، فأما المرتاب فهو من المنافقين .

وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة " وفي رواية لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيُحجب عن الجنة ". وفيه عنه رضي الله عنه من حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه بنعليه

فقال " من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة " الحديث ، فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقناً بها قلبه غير شاك فيها ، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط .

الشرط الثالث (القبول ) لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، وقد قص الله عز وجل علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قَبِلها وانتقامه ممن ردها وأباها قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ، وقفوهم إنهم مسؤلون) إلى قوله ( إنهم كانوا إذا

قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ) فجعل الله علة تعذيبهم وسببه هو استكبارهم عن قول لا إله إلا الله ، وتكذيبهم من جاء بها ، فلم ينفوا ما نفته ولم يثبتوا ما أثبتته ، بل قالوا إنكاراًً واستكباراً ( أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيءٌ عجاب .

وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على ألهتكم إن هذا لشيءٌ يُراد . ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق ) فكذبهم الله عز وجل ورد ذلك عليهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقال ( بل جاء بالحق وصدق المرسلين ) ... ثم قال في شأن من قبلها ( إلا عباد الله المخلصين . أولئك لهم رزقٌ معلوم .

فواكه وهم مكرمون . في جنات النعيم ) وفي الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير . وأصاب منها طائفة أُخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تُنبت كلأً ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذللك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به " .

الشرط الرابع ( الانقياد ) لما دلت عليه المنافي لترك ذلك ، قال الله عز وجل ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) أي بلا إله إلا الله ( وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) ومعنى يُسلم وجهه أي ينقاد ، وهو محسن موحد ، ومن لم يسلم وجهه إلى الله ولم يك محسناً فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى

وهو المعني بقوله عز وجل بعد ذلك ( ومن كفر فلا يحزنك كفره ، إلينا مرجعهم فننبؤهم بما عملوا ) وفي حديث صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جِئت به" وهذا هو تمام الانقياد وغايته .

والخامس (الصدق ) فيها المنافي للكذب ، وهو أن يقولها صدقاً من قلبه يواطىء قلبه لسانه ، قال الله عز وجل ( الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) وقال في شأن المنافقين الذين قالوها كذباً ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين . يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون . في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )

وفي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي لله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار".

والسادس( الإخلاص) وهوتصفية العمل عن جميع شوائب الشرك قال تبارك وتعالى : ( ألا لله الدين الخالص ) وقال ( قل الله أعبد مخلصاً له ديني ) وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه " ...

والسابع (المحبة ) لهذه الكلمه ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها وبغض ما ناقض ذلك ، قال الله تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله ) فأخبر الله تعالى أن الذين آمنوا أشد حباً لله ؛ وذلك لأنهم لم يشركوا معه في محبته أحدا

كما فعل مدعوا محبته من المشركين الذين اتخذوا من دونه أنداداً يحبونهم كحبه ، وفي الصحيحين من حديث أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " .

والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-05, 16:01   رقم المشاركة : 90
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يعاني من وساوس الشيطان في ذات الله

السؤال

رجل يوسوس له الشيطان بوساوس عظيمة فيما يتعلق بالله - عز وجل - وهو خائف من ذلك جداً فماذا يفعل ؟.

الجواب

الحمد لله

ما ذكر من جهة مشكلة السائل التي يخاف من نتائجها , أقول له : أبشر بأنه لن يكون لها نتائج إلا النتائج الطيبة , لأن هذه وساوس يصول بها الشيطان على المؤمنين, ليزعزع العقيدة السليمة في قلوبهم, ويوقعهم في القلق النفسي والفكري ليكدر عليهم صفو الإيمان , بل صفو الحياة إن كانوا مؤمنين.

وليست حاله بأول حال تعرض لأهل الإيمان, ولا هي آخر حال, بل ستبقى ما دام في الدنيا مؤمن. ولقد كانت هذه الحال تعرض للصحابة رضي الله عنهم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه : إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به ,

فقال : ( أو قد وجدتموه؟). قالوا : نعم , قال : ( ذاك صريح الإيمان) . رواه مسلم وفي الصحيحين عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول من خلق ربك؟! فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال : إني أحدث نفسي بالشيء لأن أكون حممة أحب إلي من أن أتكلم به, فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة ). رواه أبو داود.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الإيمان : والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان بوساوس الكفر التي يضيق بها صدره . كما قالت الصحابة يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به. فقال ( ذاك صريح الإيمان ). وفي رواية ما يتعاظم أن يتكلم به.

قال : ( الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة). أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له, ودفعه عن القلوب هو من صريح الإيمان, كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه, فهذا عظيم الجهاد, إلى أن قال : ( ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعباد من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم,

لأنه (أي الغير) لم يسلك شرع الله ومنهاجه, بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه, وهذا مطلوب الشيطان بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة , فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله تعالى ) أ.هـ المقصود منه ذكره في ص 147 من الطبعة الهندية.

فأقول لهذا السائل : إذا تبين لك أن هذه الوساوس من الشيطان فجاهدها وكابدها , واعلم أنها لن تضرك أبداً مع قيامك بواجب المجاهدة والإعراض عنها, والانتهاء عن الانسياب وراءها, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم ). متفق عليه.

وأنت لو قيل لك : هل تعتقد ما توسوس به ؟ وهل تراه حقاً؟ وهل يمكنك أن تصف الله سبحانه به ؟ لقلت : ما يكون لنا أن نتكلم بهذا , سبحانك هذا بهتان عظيم , ولأنكرت ذلك بقلبك ولسانك, وكنت أبعد الناس نفوراً عنه, إذن فهو مجرد وساوس وخطرات تعرض لقلبك , وشباك شرك من الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم, ليرديك ويلبس عليك دينك .

ولذلك تجد الأشياء التافهة لا يلقي الشيطان في قلبك الشك فيها أو الطعن , فأنت تسمع مثلاً بوجود مدن مهمةٍ كبيرة مملوءة بالسكان والعمران في المشرق والمغرب ولم يخطر ببالك يوماً من الأيام الشك في وجودها أو عيبها بأنها خراب ودمار لا تصلح للسكنى , وليس فيها ساكن ونحو ذلك ,

إذا لا غرض للشيطان في تشكك الإنسان فيها ولكن الشيطان له غرض كبير في إفساد إيمان المؤمن , فهو يسعى بخيله ورجله ليطفئ نور العلم والهداية في قلبه ,

ويوقعه في ظلمة الشك الحيرة , والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا الدواء الناجع الذي فيه الشفاء , وهو قوله : ( فليستعذ بالله ولينته) . فإذا انتهى الإنسان عن ذلك واستمر في عبادة الله طلباً ورغبة فيما عند الله زال ذلك عنه بحول الله , فأعرض عن جميع التقديرات التي ترد على قلبك في هذا الباب وها أنت تعبد الله وتدعوه وتعظمه , ولو سمعت أحداً يصفه بما توسوس به لقتلته إن أمكنك , إذن فما توسوس به ليس حقيقة واقعة بل هو خواطر ووساوس لا أصل لها .

ونصيحة تتلخص فيما يأتي :

1. الاستعاذة بالله والانتهاء بالكلية عن هذه التقديرات كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

2. ذكر الله تعالى وضبط النفس عن الاستمرار في هذه الوساوس .

3. الانهماك الجدي في العبادة والعمل امتثالاً لأمر الله , وابتغاء لمرضاته ، فمتى التفت إلى العبادة التفاتاً كلياً بجدٍّ وواقعية نسيت الاشتغال بهذه الوساوس إن شاء الله .

4. كثرة اللجوء إلى الله والدعاء بمعافاتك من هذا الأمر .

وأسال الله تعالى لك العافية والسلامة من كل سوء ومكروه .

مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 57 - 60 .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ركن من اركان الايمان


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:23

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc