بسم الله الرحمن الرحيم
في سنة 2007 سأل أحدُ الصحفيين الرئيس الفرنسي الأسبق Jacques Chirac
ـ ?Allez-vous briguer un autre mandat Monsieur le Président
- هل تسعى ( للترشح ) لعهدة أخرى سيدي الرئيس؟
فأجابه :
- Je vais servir mon pays autrement.
- أريد أن اخدم بلدي في خلاف ذلك.
وخرج " جاك شيراك " من قصر "الإليزيه " وهو مرفوع الرأس، بعد أن امتنع طواعية عن الترشح لعهدة أخرى.
وهذه ممارسةٌ ديمقراطيةٌ، وسلوكٌ حضاريٌّ راقٍ، والتزامٌ
بمبدأ التداول على السلطة.
وكم تمنّيت أن ينتقلَ هذا الفعل إلى مجتمعاتِنا العربية.. وحاولت أن أستعرضَ في مخيلتي بعض النماذج التي قلّد بها الحكام العرب المنتشرون من المحيط إلى الخليج، النموذج الديمقراطي، فلم أجد واحدًا
فمنذ نشأة أولِ دولةٍ عربية في منتصف القرن العشرين حتى يومنا هذا والدول العربية جميعها دون استثناء، الجمهوريات منها، والمملكات، تعيش على وقع "بركة سيدنا الحاكم الأبدي" الذي لا يجرؤ أيُّ أحدٍ، ولو كان من المقربين منه، على مكالمته في شؤون التنازل عن الحكم.
فالملك يبقى في العرش حتى يصاب بالخرفِ في عقله، ويضعف بصره ويتقوّس ظهره.
والرئيس يبقى في الكرسي حتى يصبح لا يعرفُ عدد السنوات التي قضاها في السلطة ولا يفرق بين مميزات الحكم الملكي والحكم الجمهوري.
وكم من جلالته، وكم من فخامته سيّروا شؤون بلدانهم من كراسٍ متحركةٍ، ومن أسرّة المصحات.
إن الملوكَ في الدول العربية يعيشون ليحكموا، والرؤساء يموتون ليورّثوا أبناءهم.
فهل رياح التغيير سوف تطرأ على المملكات، أو الجمهوريات التي تحوّلت إلى جمهوريات" وراثية"؟
"شيراك "لم يأخذ من وقت مواطنيه سوى عشر دقائق ليقول لهم: "لن أترشح مرة ثالثة للرئاسة".
أما الحكام العرب فيأخذون سنواتٍ طويلةً من زمنِ، ومستقبلِ، ومصيرِ شعوبهم ليقولوا لهم:
"اِحموا وطنكم من مؤامرات الطامعين في الحكم".
لنا في " باي تونس "و" فرعون مصر " و" قَيْل اليمن"و" شيشنق ليبيا " لعبرة ، وكيف هم " تنازلوا " عن الحكم.
بل لنا في "أبي جهل " السعودية، التي جعل منها " مملكة للاستخراء"، لدليل على ما أقول، ولا نذهب بعيدًا "فميت حي" الجزائر حكم الجزائر وهو لا يهش ولا ينش، ولولا هبة فخامة الشعب الجزائري لبقي في الحكم وهو في قبره
تحياتي