بإسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
إن أكبر معركة يخوضها الشيطان وأعوانه ضد بني الإنسان من أجل إضلالهم عن الصراط المستقيم هي معركة المصطلحات .
ولأن الله سبحانه قال في كتابه : إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ، فإنه يستطيع أي مريد للحق أن ينجو من كيده وذلك لأن الشيطان وأعوانه وحزبه لا حجة لهم تقوم على منطق سليم ولا فطرة سوية ولا عقل رشيد
ولأن السفيه وحده من يرد مضمونا أو مادة معينة فقط من أجل تغيير إسمها وسنضرب مثالا على ذلك ليتضح المقال .
مثال : قدّم شخص إلى شخص آخر علبة عصير فقبلها ، ثم بدّل إسم العصير من على العلبة وكتب في مكانه خمر فرفضها ، فهذا مثال على السفاهة التي تجعل من الشخص يرد نفس الشيء لمجرّد تغيير إسمه
ونفس الشيء إذا قدمت له قارورة خمر رفضها وإذا غيرت إسم الخمر في القارورة وكتبت عليه عصير قبلها ، فأي حمق وأي سفاهة هذه !!!!!!!
هذا بالضبط ما يجري مع مصطلح أهل السنة و الجماعة الذي صار إسما للتغني به وتجريده عن مضمونه وزاد عليه من قسمه إلى فرق ...............
إن مصطلح أهل السنة والجماعة ما هو إلى تعبير عن شيء معين إذا وُجِِِِِد تواجد معه المصطلح بالضرورة وإذا فقِد فلن يغني الإسم عن صاحبه شيئا .
والأسماء تتغير والمضمون واحد ، فإسم أهل السنة والجماعة مر بتغيرات والبداية كانت عندما حدث الافتراق في الأمة ، وعندما نقول الافتراق نعني به الافتراق في العقيدة وفي منهج التلقي بعدما كان واحدا في عهد الصحابة رضي الله عنهم
قال النبي صلى الله عليه وسلم : افترقتِ اليهودُ على إحدَى وسبعينَ فرقةً , وافترقتِ النصارَى على اثنتَينِ وسبعينَ فرقةً , وستفترقُ هذه الأمةُ على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً كلُّها في النارِ إلا واحدةً، قيل : من هي يا رسولَ اللهِ؟ فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : مَن كان على مِثلِ ما أنا عليه وأصحابِي
الراوي:عبدالله بن عباس المحدث:ابن باز المصدر:مجموع فتاوى ابن باز الجزء أو الصفحة:264/4 حكم المحدث:[ثابت]
وفي رواية أخرى : إنَّ بَني إسرائيلَ افتَرقَت علَى إحدى وسبعينَ فرقةً وإنَّ أمَّتي ستفترقُ علَى ثنتينِ وسبعينَ فرقةً كلُّها في النَّارِ إلَّا واحدةً وَهيَ الجماعةُ
الراوي:أنس بن مالك المحدث:الألباني المصدر:صحيح ابن ماجه الجزء أو الصفحة:3242 حكم المحدث:صحيح
فالجماعة هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم أهل سنة لأنهم كانوا متبعين للنبي صلى الله عليه وسلم وأهل جماعة لأن كلمتهم كانت واحدة ولم يختلفوا في أصول الدين ، فكل من يأت من بعدهم ويعتقد نفس معتقدهم ويسير على نفس منهجهم في التلقي وفي تقديم الكتاب والسنة وإعتبارهما المصدر الوحيد للتشريع وللتصور و يتابعهم في فهمهم للكتاب والسنة فهو ينتمي إلى الجماعة فنقول عنه هو من أهل السنة والجماعة ، أما من خالفهم في أصل واحد أو آخذ الكتاب والسنة بغير فهمهم وخالف طريقتهم فقد ضل سواء السبيل وفارق الجماعة وأهلها وإنتقل من السنة والإتباع إلى الفرقة والإبتداع .
ولأن تسمية أهل السنة و الجماعة لم تظهر إلا بعد تفرق المسلمين وإختلاف مصادرهم في التشريع والتلقي وذلك حينما تم إستوراد علم الكلام وعلم المنطق وعلم الفلاسفة إلى بلاد المسلمين و الذي بدوره أضلّ كثيرا من الخلق بعدما قدموا الأصول الفلسفية على منهج الصحابة ، فوقعوا في أعظم الأبواب وهو باب صفات الله سبحانه ، فمنهم من كفر بها بحجة التنزيه عن مشابهة المخلوقين ومنهم من عطّلها عن معناها المعروف عند العرب فجاؤوا بعقيدة جديدة لم يعرفها الصحابة ولم ينقل عنهم أنهم خاضوا في أشياء مثل الذي خاض فيها المفتونون بالفلسفة .
وبعد هذا الذي حدث إصطلح أئمة الهدى المتبعين لمنهج أصحاب رسول الله المتفقين معهم في الإجتماع على كتاب الله وسنة رسوله على مصطلح : أهل الحديث والأثر وذلك لأن أهل البدع الذين قدموا الأفكار الفلسفية وعلم الكلام على أثار الصحابة رضوان الله عليهم أخرجهم من كونهم أهل الأثر فكان هذا الإسم يميّز بينهم إذ لا بد من تمييز المتمايزين ومن غير المعقول أن نصهر المتخالفين في إسم واحد .
ومع مرور الوقت تغيّر الإسم إلى أهل السنة والجماعة ؛ وربما يعود سبب ذلك أن تسمية أهل الحديث كان يختص بها علماء الحديث مما يورد إشكالا بخصوص الفقهاء أو عامة الناس الذين هم على المنهج السليم
فكان مصطلح أهل السنة والجماعة جامعا لهم ،أي لكل من كان على منهج الجماعة وأصولهم وكما في الأحاديث السابقة ، الجماعة هم الصحابة رضوان الله عليهم .
مع مرور الوقت تم إغتصاب هذا الإسم بالقوة من طرف أهل البدع فشاع عند الناس أن أهل السنة والجماعة ينضوي تحتها فرق ، وهذا غير معقول فأهل السنة والجماعة فرقة واحدة فكل من كان على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه ولم يخالفهم في الأصول المتفق عليها فهو من أهل السنة والجماعة ، فإما يكون أو لا يكون ، فلا يمكن لفرقتين مختلفتين أن يكونوا من أهل السنة والجماعة .
بعد هذا الذي حدث إصطلح أهل العلم على مصطلح السلفية ، وذلك نسبة لسلف الأمة و سلف الأمة يعني أولها وهم الصحابة رضوان الله عليهم ، فكان مصطلح السلفية هو إسم يدل على منهج السلف أي الصحابة رضوان الله عليهم .
فكما نرى أن مصطلحات أهل الحديث والأثر ، وأهل السنة والجماعة ، والسلفية كلها تعني شيئا واحدا وهو منهج وعقيدة الصحابة رضي الله عنهم التي أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بلزومه وأخذها لتجنب الفرقة والضلال والإنحراف عن الصراط المستقيم .
وهذه الأسماء ما هي إلا تعبير عن هذا المضمون الذي ذكرنا بحيث إذا كان هناك شخص على غير منهج الصحابة أو خالفهم في مسألة من مسائل الإعتقاد كافراد الله بالعبادة وإثبات الأسماء والصفات كما وردت في الكتاب والسنة ومسائل القدر ومسائل الإيمان ، ومعاملة الحكام و مسائل اليوم الآخر والإعتقاد في القرآن ..........إلخ
فمن خالف في أحد هذه المسائل فإنه لن ينفعه أن يسمي نفسه بالسلفية أو بأهل السنة والجماعة أو بأهل الأثر .
وإني لأعجب كيف يمكن أن يكون الخلاف بين مثبت لصفات الله وبين من يصف المثبت بالتجسيم خلافا تاريخيا !!!
وإني لأعجب منذ متى كان الخلاف بين عباد الأولياء والمفتونين بالقبور وبين العابدين لله وحده خلافا تاريخيا !!
ولا أدري منذ متى أصبح التاريخ مرجعا للصواب والخطأ ، وهل كل ما فعله المسلمون سابقا هو صواب ويجب الاقتداء به .
وهناك ميزة فريدة في الأسماء المذكورة أعني : أهل الحديث ، وأهل السنة والجماعة والسلفية ، وتتمثل هذه الميزة في نسبة هذه الأسماء .
فأهل الحديث نسبة إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أهل السنة والجماعة نسبة إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه رضوان الله عليهم .
السلفية نسبة إلى السلف الصالح أي نسبة إلى الصحابة .
أما الفرق الأخرى فأسماؤها هي نسبة لمؤسسيها أي لأشخاص مما يعني أنها لم تكن موجودة قبل ذلك الشخص مما يعني أنها ليست من الإسلام في شيء لأن مؤسسها جاء بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والفرقة تنسب إليه .
مثل الجهمية تنسب إلى الجهم بن صفوان .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2019-08-06, 12:54
تلبيس إبليس في مصطلح أهل السنة والجماعة
العرض العادي
