شهادات حسن الوطنية - د.نور الدين صلاح - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > قسم الأخبار الوطنية و الأنباء الدولية > أخبار عربية و متفرقات دولية

أخبار عربية و متفرقات دولية يخص مختلف الأخبار العربية و العالمية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شهادات حسن الوطنية - د.نور الدين صلاح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-06-28, 18:41   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
( أهلُ الثورة )
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ( أهلُ الثورة )
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي شهادات حسن الوطنية - د.نور الدين صلاح

من المعلوم أن كثيراً من الجهات التعليمية والتربوية تمنح منتسبيها شهادات حسن سلوك سيما بعد انقضاء مرحلة تعليمية ومن ثم تطالبهم بها بعض الجهات عند الانتساب إليها حتى غذت هذه الشهادة في أغلب الأحيان (روتينية) تمنح للجميع دون استثناء لمن يستحق ولمن لا يستحق ففقدت بذلك قيمتها ولم تعد بذلك تعني شيئاً، وقد كانت في يوم من الأيام شهادة لها قيمتها ولا تمنح إلا لمن يستحقها
وصرنا نسمع اليوم عن شهادات جديدة تسمى (شهادات حسن الوطنية)، كثيراً ما نسمع عن الوطنية والانتماء ويستخدم هذا المصطلح لإقصاء من يراد إقصاؤه وتقريب من يراد تقريبه وتمنح شهادات حسن (الوطنية) لأفراد وتمنع عن آخرين، وتكون مدحاً لقوم وذماً لآخرين، فما هي هذه الوطنية ؟ وما معاييرها ؟ ومن له الحق بإصدار شهاداتها لبعض وحجبها عن آخرين ؟



الوطنية نسبة للوطن، والوطن له ثلاث مركبات : الأرض والشعب والدولة، فالأرض هي الجغرافيا والموارد، والشعب هو الاجتماع والتاريخ، والدولة هي السياسة بشقيها النظم والقوانين ثم مؤسسات الحكم التي تدير شؤون الدولة


حب الوطن بمركبيه الأول (الأرض) والثاني (الشعب) فطري غريزي، بل يشترك فيه كثير من الكائنات الدنيا، وتزداد الكائنات رقياً بالمقياس الاجتماعي، وعلى هذا فلسنا بحاجة إلى تحفيز الناس للوطنية بهذا المفهوم، فكل إنسان سوي يحب بلده ومدينته وقريته بل نجد البدوي يحب أثافي قدره ويقف على أطلال مضاربه ويتغنى حتى بهبوب الرياح من جهتها، وكذلك فالمواطن يحب قومه على اختلاف دوائر الاجتماع (المواطنة، القبيلة أو العشيرة، المدينة أو القرية، الحي أو الحارة، العائلة ثم الأسرة) فابن حلب يحب حلب وأهلها وابن حمص يحب حمص وأهلها وكذلك ابن القامشلي وابن دير الزور وابن درعا، وهكذا سكان كل مدينة أو ناحية أو قرية أو حي أو حارة، فلسنا بحاجة أن نعطي أحداً دروساً في الوطنية بهذا المفهوم، لأن من لم يكن كذلك لا يكون إنساناً سوياً طبيعياً، وعلى هذا إما أن يكون مجرماً حاقداً أو متأزماً يعاني من مرض نفسي ينعكس عزلة وكراهية للناس من حوله
وأما المركب الثالث (الدولة) فشقه الأول القوانين والدساتير والنظم التي تحكم بها البلاد والتي من المفترض أن تعكس رغبة الناس وتطلعاتهم وتلبي طموحاتهم وتتمازج مع ثقافتهم ومقدساتهم، وبمقدار ذلك يكون حب الناس لها، وبالتالي تشكل هذه النظم مرجعية محترمة لدى الجميع حكاماً ومحكومين، بل ويطلب من كل من أراد نيل جنسية هذا الوطن أن يقسم اليمين على الالتزام بها واحترام مفرداتها، والشق الثاني الطبقة الحاكمة والتي تكوّن مؤسسات الحكم ، ويمثلها في الأنظمة الديمقراطية مثلاً مجلس رئاسة ومجلس وزراء و(برلمان) مجلس شعب وأحزاب معارضة ومجالس أخرى تختلف باختلاف النظم الموجودة في العالم، ويكون حب المواطن لهذا الجزء من الوطن بقدر التزام هذه الطبقة الحاكمة بالنظم المقررة، وفي هذا المركب الثالث تكون أزمة الوطنية عند كثير من المجتمعات، فالدساتير وضعت ضمن ظروف خاصة لا تعكس تطلعات الشعب، فكان المقرر لها من أتى بانقلاب عسكري فهو بذلك فاقد الشرعية أساساً، ثم وضعت الدساتير على المقاس تماماً، فعلى سبيل المثال المادة الثامنة في الدستور السوري والتي تنص على أن حزب البعث قائد الدولة والمجتمع، وتعرض على استفتاءات هزلية جبرية مزورة، ثم بعد ذلك تجعل مقياساً للوطنية، ثم الطبقة الحاكمة التي وصلت بانقلاب أو سلسلة انقلابات أو بالتوريث فيما يعرف حديثاً (بالجملوكية) التي ابتدعها وسن سنتها السيئة النظام التقدمي البعثي السوري، ويجعل هذا النظام الذي لم يتقيد بالدستور الذي وضعه هو على النحو الذي ذكرت مقياساً للوطنية، ثم اختزلت الوطنية بالحزب الحاكم فمن كان منتسباً إليه أو محباً له هاتفاً له في كل مناسبة هو وطني بامتياز ومن لم يكن كذلك فلا يستحق هذه الشهادة، ثم اختزلت الوطنية في شخص الرئيس القائد فشعار (سوريا الوطن) لم يعد مسموعاً بل صار (سوريا الأسد) وهذا أحدث مقياس للوطنية وأدق معيار لمنحها


فحب الوطن الذي نسمعه في الأغاني الوطنية والأناشيد الحماسية والألقاب الفخرية صار يعني شيئاً واحداً هو حب الرئيس وصار ثالوث هتافاتهم (الله، سوريا، بشار، وبس) فالله تعالى يحبه الجميع على اختلاف أديانهم، وسوريا (الأرض والشعب) يحبها كل السوريين على اختلاف مناطقهم وأعراقهم، وأما بشار فينبغي أن يكون كذلك له (الحب المطلق) كحب الله و(الحب الفطري) كحب سوريا، ما هذا العسف والفجور، لقد تجاوز هذا النظام الملكية في عصور أوربا الوسطى والتي تدعي الحق الإلهي المقدس، بل تجاوزت الفرعونية منذ آلاف السنين إذ كان فرعون هو محور الدولة والسياسة والولاء والخدمة والرعاية، ولقد صنع لهم السامري عجلاً من ذهب ليعبدوه وصنع لنا النظام إلهاً بشراً له تمثال في كل ساحة، قراراته صائبة ورؤيته استراتيجية وممارسته لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، لم تكن الأصنام معصومة في الجاهلية فبعضها في نظر الجاهلين اقترفت إثماً فمسخت صنماً ، وصنمنا مقدس منزه معصوم، تماثيله وصوره في كل مكان، يهتف له كل يوم، فهو القائد الرمز وقيادته تاريخية، لقد اختزل التاريخ باسمه وأنستنا محاسنه محاسن كل عصورنا، فالتاريخ يبدأ منه ويتوقف عنده، فلا مآثر في تاريخنا إلا له ولأبيه، فالمكتبة الظاهرية نسبة إلى القائد العظيم (الظاهر بيبرس) صارت مكتبة الأسد، وكذلك المتحف والحديقة والقاعة والجامعة والمطار والشارع والمنشأة ومدارس تعليم القرآن ،صار كل شيء ينسب إليه


إن مقاييس الوطنية ينبغي أن تطرح اليوم وسأضرب صوراً واقعية وتطبيقية لهذه المعايير، فمثلاً من انشق عن الجيش وامتنع عن إطلاق النار على المتظاهرين السلميين بعد أن أدرك على الأرض يقيناً كذب رواية الدولة ومتنفذيها وإعلامها فانحاز إلى الشعب وفعل ما يجب عليه شرعاً ووطنية وإنسانية فألقى سلاحه ورفض الأوامر ودفع بعضهم روحه ثمناً لهذا الموقف وآخرون هربوا من الخدمة وآخرون انضموا إلى الثوار وآخرون حاولوا حماية المدنيين السلميين من بطش الصائلين الظالمين، فهل هؤلاء بمقاييس النظام خونة لا يستحقون شهادة حسن (الوطنية) وهم بمعايير الحق والعدل وطنيون شرفاء


وتقسيم المعارضة إلى وطنية شريفة وعميلة متآمرة، ما معياره ؟؟
والحكم على المؤتمرات بأن هذا وطني شريف وهذا متآمر عميل مأجور ؟؟


نسمع كثيراً من أبواق النظام يسم كل من اجتمع بالخارج في مؤتمر أو خرج على فضائية أجنبية أو كتب في صحيفة أجنبية أو أجرى مقابلة أو لقاء فيها بأنه ليأت إلى هنا حتى ينال شهادة (حسن الوطنية) وهو لا يعلم أن رئيسه لا يجري لقاءات صحفية إلا مع صحف أجنبية أو قنوات خارجية ولا يغيب عن باله أن آخر تصريحات لقارون سوريا رامي مخلوف كانت لصحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، وإذا كان معيار المعارضة أن تكون بالداخل حتى تكون وطنية شريفة فليضمنوا لها حرية الحركة والإعلام والاتصال وليطلقوا سراح كل من اعتقلوه من هذه المعارضة التي اعترفوا بوطنيتها وهي داخلية أيضا، وليطلقوا سراح معتقلي المظاهرات ولو كانوا من الداعمين أو المنظمين أو الداعين لها، فالتظاهر لون من ألوان الاحتجاج والمعارضة الشريفة، وليوقفوا تعذيب المعتقلين والمعارضين وليعطوهم شهادات (حسن الوطنية)، فالمكان والزمان لا يصلحان معيارين للوطنية، والمعول في ذلك كله على المضمون، فقد يكون من في النظام لا يمت إلى الوطنية بصلة وقد يكون بعضهم وطنياً وقد تكون المعارضة في الداخل أو في الخارج كذلك، ولا يحق لمن وطنيته على مر التاريخ موضع اتهام أن يطلع علينا اليوم ليحدد لنا ما هي معايير الوطنية ومن ثمّ يوزع شهادات حسن (الوطنية) على الناس
لا يحق لمن حول البلد إلى مزرعة خاصة له ولأسرته وينظر إلى الناس على أنهم رعايا وخدم أن يدعي الوطنية
ولا يحق لمن ضيع (الأرض) وفرط بالجولان ولست بصدد الدخول في الروايات المختلفة وفق نظرية (المؤامرة) كيف ضاعت أو سلمت الجولان لكن من المؤكد أن إعلان سقوط القنيطرة تمّ قبل سقوطها فعلياً، ومن المؤكد أن وزير الدفاع وهو المسؤول الأول عما يعرف (بنكسة حزيران) رفع وكوفئ بعد ثلاث سنين ليصبح رئيس الدولة ضمن معايير الوطنية الخاصة بالحزب الحاكم، إن معايير الوطنية جعلت من الرئيس الراحل ينتقل خلال اثنين وعشرين شهراً من آذار 1963م حتى كانون الأول 1964م من رتبة نقيب إلى لواء


وما أدري ما سبب الصمت المطبق عن لواء اسكندرون وتعديل الخرائط في المناهج الدراسية والخرائط المختلفة وهل هذا من حسن الوطنية
وكذلك الهدوء الطويل على حدود الجولان بحيث غدت هذه الحدود آمن حدود دولة الاحتلال على الإطلاق حتى من تلك الحدود التي وقعت سلاماً معها هذا من معايير حسن الوطنية
وأما التلاعب بالدستور ليكون على المقاس تماماً خلال دقائق هو من معايير الوطنية أيضاً


ومن قرأ تاريخ الحزب الحاكم والتصفيات التي حصلت فيه لمؤسسيه وقادته المدنين والعسكريين كل ذلك من تجليات الوطنية
ومن رأى السوريين في كل أصقاع الأرض بحيث لا تخلو منهم قرية ولا مدينة في العالم، وبعضهم منع من الوثائق الرسمية لأدرك كم هم كثيرون من يحتاجون إلى شهادات حسن الوطنية
ومن نظر إلى القنوات السورية التي تعرض لنا كل يوم نماذج من الإرهابيين والعصابات المسلحة والمتآمرين ومن خوفنا بهم الرئيس في خطابه (أربعة وستون ألفاً من المجرمين الهاربين) لتصور أن سوريا صارت غابة تعج بالخونة والمجرمين وفاقدي الوطنية


وهذه الآلاف المؤلفة التي تكتب في المواقع والصحف والمجلات كلها تحتاج إلى شهادات وطنية
نحن بحاجة في هذا الوقت وأكثر من أي وقت مضى إلى تحديد معايير الوطنية من حيث التصور والسلوك لنجد من سيعطي من شهادات حسن (الوطنية) ؟؟؟
هناك ملامح واضحة يمكن أن تكون كنقاط في ورقة عمل لتكون معايير صالحة لشهادة الوطنية في هذه المرحلة، منها على سبيل المثال:
حدود التدخل الخارجي : ما هي حدود الوطنية في قبوله ورده ؟؟؟
فينبغي التفريق في مفرداته بين القبول بتدخل عسكري سافر مثلاً وبين تدخلات أخرى
فهل القبول بالضغوط الدولية على النظام والسعي للحصول عليها، وكسب المواقف التي تدين النظام في المحافل الدولية واستصدار القرارات التي قد ينشأ عنها حصار اقتصادي يقدح بالوطنية مثلاً ؟؟؟
وما حدود الاتصالات بالدول الأخرى والقوى الدولية في سبيل التخلص من هذا النظام الفاسد ؟؟


ومن ثم لا بد من صياغة جديدة لمفهوم المواطنة للشعب السوري القائمة على أساس الحقوق والواجبات وتداولها باستمرار ليمنع أي طامع أو طامح أو انقلابي ليتسلل في غفلة من طيبة قلب هذا الشعب ليذبحه باسم الوطنية وليهجره باسم الوطنية وليستغله باسم الوطنية وليتاجر به وبدمه باسم الوطنية ثم ليجرده من الوطنية باسم الوطنية


إن الحصانة في المرحلة القادمة تكون بترسيخ هذه المفاهيم وإن كان هذا يحتاج إلى مرحلة زمنية لا بد منها حتى نتخلص من رواسب الاستبداد وثقافته، ولنتحاور بعد ذلك في الهواء الطلق وتحت أشعة الشمس دون أن يطعن أحد منا الآخر بوطنيته، فإذا تحددت هذه المعايير وترسخت هذه المفاهيم فعند ذلك يمكن أن تمنح شهادات حسن (الوطنية)


مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم الثورة السورية
د / نورالدين صلاح
27/6/2011م








 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الدين, الوطنية, د.نور, سلاح, شهادات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc