***ما الذي رماك لهذا يا هذا ؟ ***

[المهذب]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أولا الصلاة على الحبيب المصطفى صلوات رب وسلامه عليه عدد ما نرى وعدد الحصى وعدد النجوم وعدد ما في الكون، وعدد ما يقول له المولى سبحانه كن فيكون.
كرم الله بني آدم على جميع الكائنات وأعطاه مكانة فذة في الحياة ، حيث أسدل عليه جميع النعم ، وأكبر نعمة أن جعله خليفته في الأرض .
جعل له وسيلة تخاطب مع من حوله ، حيث أطلق لسانه ليقول كل ما يريد ، خيرا أو شرا ، فإن قال الخير فسيجزي عليه أما إن قال الشر فسيأثم في الدنيا ويعاقب عليه في الآخرة ، وبذلك يقاس الشخص أهو من الخـيرين أم هو من الأشرار، حسب الظاهر من قوله ، لأن القلوب وخفايا النفوس لا يعلمها إلا مولها .
أيها الأحبة : من خلال ما ذكرت نميز بين نوعين من الناس، نتيجة أقوالهم التي تترجمها أفعالهم ، فكثير الكلام من المؤكد أن يفقد الصواب منه ، ثم يكثر خطأه حسب درجة كل واحد ، وقليل الكلام ، المتزن في قوله ، فمن المؤكد أنه سوف لا يقول إلا ماهو مفيد ، ثم تكون نتيجة ذو قيمة ، ونفع عليه وعلى غيره.
أيها الأحبة : هذه ظاهرة غريبة عرفها المجتمع منذ فترة غير بعيدة ، كل يتكلم في كل شيء حتى وإن كان الكلام غير صائب ولا يدر نتيجة تعود بالنفع ، فتجد أحدهم يتكلم في الاقتصاد وهو بعيد كل البعد حتى عن المبادئ الأساسية لذلك، وترى آخر يتكلم في السياسة ، وهو عمره ما قرأ مقالا سياسيا، ولا خالط من هم ذو خبرة ودهاء، وآخر يتكلم في الدين وكأنه شيخ
قدير أو ذو علم وفير ، ونصب نفسه مفت للديار ...الخ والأمثلة كثيرة.
يا سبحان الله لماذا لا يعرف كل واحد قدر نفسه ويتكلم إلا في الشيء الذي يعرفه ويجتهد فيه ، بل قد بحث وأخذ على عاتقه أمانة إيصال علمه وما علمته الحياة إلى غيره لعلها تنفع .
أيها الأحبة: حب المعرفة شيء جميل ، لكن الخوض فيما لا نعلم فهذا عكس الفطرة البشرية والملكة العلمية ، والقدرات العقلية ، فإن التعب سوف ينهك أمخاخ هؤلاء، بل سوف تمرضهم الافتراضات، والتكلف وكثرة التوقعات ، دون احتمال الصحة، وبذلك خاض هذا المتكلف في علم غيره دون علم
وكلف نفسه مالا يطيق ، فما الذي رماك لهذا يا هذا ؟.
اللهم أحفظنا من شر كل متكلف يقول ما لا يعلم ويخفي ما يعلم ساع بين الناس بأقوال الجاهلية لا قوله مفيد ولا عمله مفيد وهو للغيبة والفتنة سريع
وشديد ، اللهم أجعلنا من الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه آمين).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم المهذب.