طالب العلم بين خوف من الفتوى وكتم للعلم من تراث شيخنا العلامة بن عثيمين رحمه الله تعالى
السؤال:
بعض طلبة العلم يُسْألون، فيتخوَّفون من الإجابة خوفاً من الفتيا بغير علم، ويتخوفون -كذلك- من عدم الإجابة، حذراً من كتم العلم، فما هو الفيصل في ذلك حتى يسْلَموا من كلا الأمرين؟
الجواب:
الفيصل في ذلك أن يتورعوا ويدَعوا الفتيا، إلا إذا كان عن علم؛ لأن الله فصَّل ذلك تماماً، فقال: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء:36]. وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:33]. فهذا هو الفيصل، والنجاة من كتم العلم أن نقول: هم لم يعلموا حتى يكتموا، فلو علموا أن الحكم كذا وكذا وجب عليهم أن يبينوا؛ لكنهم ليس عندهم علم.
السائل:
حتى إذا كان التورُّع في بعض المسائل الظاهرة؟
الشيخ:
أحياناً تكون المسائل الظاهرة عند الناس غير موافقة للحق.
السائل:
يعني: لا يمكن أن تسمى فتوى؟
الشيخ:
مثلاً: لو سئل عن الربا، هل هو حرام أم حلال؟ فنَعم يقول: حرام.
السائل:
أو قضايا في الصلاة أو نحو ذلك؟
الشيخ:
حتى الصلاة هل كل قضاياها معلومة؟
السائل:
يعني: حكم تاركها؟
الشيخ:
لا بأس، الشيء المعلوم معلوم؛ لكن ما دام عندهم إشكال أو تردد يجب عليهم الامتناع، وفي هذه الحال ينبغي لهم أن يطلبوا من الإخوة السائلين كتابة الأسئلة لعرضها على أهل العلم.
السائل:
وإذا نقلوا الفتاوى -أعني: في نفس كلامهم- عن العلماء؟
الشيخ:
إذا نقلوا الفتوى عن العالم، وتأكدوا أن العالم قال هكذا في نفس هذه المسألة جاز لهم ذلك.
السائل:
وينسبونه إلى العالم؟
الشيخ:
إذا نسبوه إلى العالم لا بأس، مثل أن يقول: سمعتُ فلاناً أو الشيخ الفلاني يُسْأل عن هذه المسألة فقال: كذا وكذا.
المصدر: سلسلة لقاءات الباب المفتوح > لقاء الباب المفتوح [3]
العلم والدعوة والاحتساب
القضاء والفتيا